رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل الثالث والعشرون
أردت التأكد ما إن كان مقلبا ومزحة ثقيلة فحاولت الإبتعاد ولكنني تسمرت في مكاني بعين متسعة وانا اشعر بشيء حاد اسفل ذقني وصوته يهمس في اذني بتحذير ماكر: لا تتحركي ولا تصعبي الأمر على نفسك.
هذا الشيء الحاد! هل هو سكين؟!
تصلب جسدي دون حراك ولم أعلي ما على فعله! بالرغم من تصلبه بشدة فأنا أكاد اسمع صوت طقطقة عظامي من شدة ارتجافي أيضاً!
أشعر بعدم القدرة على التفكير! من هذا بحق السماء؟ لا يبدو بأنه يمزح فهذه السكين حادة على عنقي وشعرت بشيء من الإنزعاج منها مما يعني انها تركت جرحا رفيعاً!
أجبرني على ان اتحرك معه بحركة عكسية للوراء ويده لا تزال على فمي وتمنعني من الحراك بقوة! عندما تحركنا استطعت رؤية انعكاسنا على إحدى الصور الداكنة المعلقة والتي كانت مقابل الباب الزجاجي مما كان سهلا لي لأرى أي شخص هذا الذي يمسكني!
اتسعت عيناي بذهول وانا ارى انعكاسا لرجلاً طويل القامة ذو لحية طويلة وكأنه لم يحلق ذقنه منذ دهر! بل وشعره طويل بعض الشيء وفوضوي. وبالنسبة لملامحه فلم تكن واضحة.
من هذا؟ أيعقل بأنه يخطط لأخذي خارج المنزل! س. سيختطفني؟
مستحيل!
شعرت بالرعب لتلك الفكرة وحاولت التملص منه متجاهلة الألم في عنقي، بل وحاولت الصراخ لألفت انتباه كريس على الأقل ولكنه ظل يمنعني ويديه تزداد قوة على ثغري وشعرت لوهلة أنه سيحطم عظام فكي!
اهدئي. اللعنة عليك أيتها السافلة الصغيرة قلت اهدئي!
حينها سمعت صوتاً على الدرج فعلمت فوراً أن كريس قادم! وهذا ما دفعني لمحاولة جاهدة في التخلص منه او محاولة عض يده ليبتعد ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل.
بل انه قام بسحبي وعلى عكس ما ظننت لم نتجه للباب بل نحو مكتبة الكتب بعيدا عن أعين كريس حين ينزل على الدرج! سحقا لهذا المجرم ما الذي يجول في رأسه!؟ زاوية المكتبة بعيدة عن النظر لأنها على طرف المطبخ!
وقفنا عند المكتبة وحينها رأيت كريس قد نزل وعيناه على هاتفه وكم أدهشتني التقطيبة بين حاجبيه والنظرة القلقة!
سمعت الرجل يهمس في اذني بصوت خشن خافت: أرأيتِ؟ تلقى بسرعة خبر هروبي من السجن. هذه هي فائدة الثراء. تصلك الأخبار قبل ان تلتقطها الصحافة ووسائل الإعلام.
ه. هرب من السجن! هذا اللعين المجرم ما الذي ينوي عليه! من الواضح انه يعرف كريس! هل يريد ايذاءه؟! مستحيل!
الفكرة اصابتني بالذعر واقسمت بأنه لن يمسه بسوء وهذا ما دفعني لمحاولة اصدار صوت ولكن يبدو انه قرأ افكاري وغرس رأس السكين في عنقي مما جعلني أغمض عيناي الدامعة بقوة لأتألم بصمت.
رأيت كريس ينظر للأمام ويمينه ثم لغرفة الجلوس ويبدو انه يبحث عني، ثم أسرع ينظر للباب متجها إليه ويبدو انه ظن بأنني خرجت!
فتح الباب ينظر خارجاً فهمس الرجل بخبث: من تكونين؟ أرى المنزل في حالة فوضى. هل كنتما تتشاجران؟
ظل يتساءل وهو قريب جداً فشعرت بالاشمئزاز والتقزز!
حينها لم أحتمل أكثر ودفعته بقوة ولكنني لم أكن أقوى منه، إلا أنني اجبرته على التراجع للوراء وهذا ما كنت اخطط له لأمد يدي نحو احد الكتب والقيه نحو الباب الزجاجي بقوة.
أيتها الحقيرة.
همس بغضب وزاد من قوة إمساكي، رأيت كريس ينظر باستنكار للكتاب ويدخل وحينها.
وأخيراً! استطاع رؤيتي لتعتري الدهشة ملامحه!
في هذه اللحظة تنهد الرجل بلا حيلة وقال بصوت عالي: مرحبا سيد كريستوبال.
شعرت بشيء يسيل إلى صدري فأدركت ان عنقي المجروح تسيل الدماء منه بل وأدركت أن السكين التي يحملها قد لا أجدها إلا عند أكثر الطهاة حرفة وبراعة لتقطيع أنحف شرائح لحم في العالم.
انتفضت بفزع رغما عني عندما صرخ كريس بحزم: ما الذي تفعله بحق الجحيم!
اجابه هذا المجرم بصوت عال ساخر: كما ترى سيد كريس! هربت من السجن ولم اكتم شوقي إليك!
لا يهمني من أي جحيم أتيت، ابعد سكينك عنها.
قالها وهو يقترب نحونا بخطوات ساخطة ولكنه سرعان ما توقف بدهشة وكذلك شهقت وانا اشعر بالذي غُرس في عنقي أكثر!
ارتجفت يداي وشفتاي بألم شديد فلقد غرس سكينه في الجرح ذاته وهذا ما جعل عيناي تعجزان عن التوقف عن ذرف الدموع المتألمة رغماً عني ليقول كريس بعين قد ضاقت بوعيد وتحذير: اللعنة عليك لا شأن لها بأي شيء دعها تذهب وإلا ت.
لستُ هنا لأسمع تهديداتك. بالمناسبة لا شيء أخسره! هربت من السجن وسيتم البحث عني عاجلا ام آجلاً ولكنني أريد الثأر لنفسي قبل ان اموت بين قضبان السجن الذي القيتني فيه انت ووالدك أيها المدلل الحقير.
صدقني سأقتلك بنفسي قبل ان يُقبض عليك. لا تجبرني على تكرار ما أقوله وابتعد عنها!
اخيرا ابعد يده عن فمي وقال بحدة: ولازلت تجرؤ على التهديد! قلت لك لا يوجد ما أخسره وفي المقابل لستُ خائفا من أي شيء!
من هذا الرجل! من يكون تحديداً؟
زمجر كريس بحدة: ما الذي تريده؟
لا أريد شيئاً. سوى امر واحد فقط. فأنا حقاً غاضب بسبب زوجتك السابقة اللعينة، لم أكن لأصدق أنها ستغدر بي وتتركني طوال هذه السنوات. بل وانني وثقت بها وانتظرتها على أمل ان تخرجني من السجن ولكنها تعشق تنفس المال أكثر مني!
أليست الطيور على أشكالها تقع.
همستُ بتلك الجملة بغيض وحنق لم استطع كبته فصرخ في اذني بحزم: اخرسي انتِ.
تأوهت بسبب قبضته التي شعرت بها تكاد تخنقني لأسمع صوت كريس الساخط: دعنا نتفاهم واتركها، قلت لك لا يوجد ما تفعله معها لذا لا يجب اقحامها في الأمر.
شعرت به ينفي برأسه بقوة: بلى يوجد سيد كريس. يوجد
اضاف بخبث: لست مغفلا لأتركها تذهب. من هذه على اي حال؟ عاهرتك؟
شهقت بدهشة وشعرت بالغضب الممزوج بالخوف، مقابل عينا كريس العسليتان التي لمعت بجمود: مجرد دمية لقتل الوقت. ولكن هذه الدمية من المفترض ان تخرج من بيتي بأمان.
لماذا تهتم بسلامتها إن كانت مجرد دمية عاهرة؟
لماذا على أن أتورط بسببها؟!
اتسعت عيناي احدق إلى كريس بعدم تصديق!
بربه ما الذي يقوله عني؟ اعلم ان الوقت ليس مناسبا ولكن كيف بوسعي ألا أشعر بالخيبة حتى وهو يجحدني امام هذا الدنيء!
زميت شفتاي بقوة انظر إليه بجمود، ولكنني سرعان ما ارتجفت وانا اشعر بأنفاس ذلك الوغد على رقبتي.
بل وانني صرخت بدهشة حين شعرت بيده الأخرى التي احاطها بخصري وهو يقربني إليه لأعترض بذعر: ما الذي تفعله أيها النتن المقرف أبعد يدك عني!
لماذا يستطيع السيد العبث معكِ بينما أنا لا؟ أتدركين متى كانت أخر مرة رأيت فيها امرأة أيتها الصغيرة؟
حينها انفجرت لأصرخ معترضة بازدراء وحدة: انا لست رخيصة! انا زوجته أيها الحقير!
سمعت كريس يلعن ويهمس بسخط محكماً قبضته بقوة: تباً لغبائكِِ أيتها المغفلة!
اتى صوت المجرم مندهشاً: زوجته؟!
تدخل كريس بحزم ساخر: كفاك هراءً! لستُ منكباً ومتفرغا لأفكر بأمور كالزواج.
عقدت حاجباي وقد بدأت ادرك للتو رغبته في اخفاء كوني زوجته عن ذلك الرجل!
ولا سيما حين رص على أسنانه وهو يشتمني بكلتا عينيه متمالكاً نفسه! ولو كانت العيون تقتل لخرجت روحي منذ ان حدق إلى بتلك النظرات المرعبة!
يا لحماقتي! لقد هولت الموضوع وجعلته أكثر تعقيداً!
وعلمت ان الأوان قد فات لأن ذلك الرجل قد جرني معه ممسكاً بشعري بقوة كادت تمزق فروة رأسي وتفصلها عن جسدي مما جعلني اصرخ بألم! ولكنني أسرعت أصمت وانا اشعر بيده الأخرى تضع تلك السكينة أسفل ذقني بقوة أكبر.
ما الذي تفعله؟
تساءل كريس بحذر وحدة فضحك الرجل بخفوت: على اخذ الحيطة والحذر طالما انها زوجتك اليس كذلك؟
قلتُ لكِ هي ليست زو.
يكفي، انا اعلم بأنه لا مهرب لدي وسيُلقى القبض على في جميع الأحوال. لذا دعنا نتحدث بسرعة وباختصار من فضلك، أريدك ان تخبرني ا. لآن وحالاً عما يمكنك تقديمه لي مقابل مكوثي في السجن طيلة تلك الفترة.
لوى كريس شفته بإشمئزاز وقال بجفاء: انتَ من جلب ذلك لنفسك عندما كنت كلباً مسعوراً للمال وصدقت تلك الجشعة.
ولكن تلك الجشعة كانت ذكية بالإيقاع بك اليس كذلك؟
تماماً كما نجحت في الغدر بك.
أيها ال. آه! أنت بالفعل رائع سيد كريس وتجيد ضبط أعصابك واستفزازي ببراعة صحيح؟
زفر كريس بنفاذ صبر ومرر يده في شعره وقال بجفاء: ما كان اسمك!؟ براد. لا تكن جباناً وتختبئ خلف فتاة و واجهني رجلاً لرجل. لقد دخلت السجن في قضية احتيال ولكنك لا تتمنى الدخول بقضية اختطاف، يوجد فرصة على الأغلب ولكنك ستخسرها بحماقتك.
من قال بأنني أخطط لاختطافها! انا لن أمانع قتلها.
ارتجفت في مكاني مفكرة في مدى جديته! هل حقا سيجرؤ على التفكير بقتلي؟! لقد سُجن بتهمة الإحتيال فلماذا سيجعل من نفسه مجرما من الدرجة الأولى!
علي التصرف انا ايضاً! على فعل شيء. فكري يا شارلوت. فكري بتأني ولا تتهوري كما فعلتِ قبل قليل!
رأيت كريس ينظر للأرض لثواني قبل ان يعاود النظر للمدعو براد ويقول بهدوء: لقد وردني اتصال انك هربت، والشرطة ستباشر بالبحث في الأماكن المحتملة وهذا المنزل لن يكون مستبعداً. يمكنني السماح لك بالهرب مقابل تركها وشأنها.
هل تظنني مغفلاً!
أردف بنبرة مخيفة كالمخبول: أخبرتك بأنه لا يوجد لدي ما أخسره. أريد فقط الاستمتاع مؤقتا برؤيتك ذليلا أسفل قدماي سيد كريس. اطربني بسماع اعتذاراتك وتوسلاتك دعني أشعر بنشوة الانتصار!
لماذا لا تفهم؟ قضيتك لم تكن بتلك الخطورة وكنت ستمكث في السجن بضعة سنوات أخرى فقط حتى يتم الإفراج عنك أيها الغبي! لا تقم بتهويل الموضوع وتضع نفسك في مأزق لا مخرج منه!
لا سيد كريس. لا زلتَ صغيرا على إدراك كم تكون الحياة صعبة لطلب لقمة العيش وكم تجبر المرء على تجاوز الخطوط الحمراء، شخص ولد ثريا وسيموت ثريا لن يفهم ذلك أبداً. يوجد ما يخسره الأثرياء دائما. أموالهم، أملاكهم، أراضيهم وثرواتهم ومناصبهم! لكن الأشخاص امثالنا لا يوجد ما قد يفقدوه كما تظن.
أضاف بسخط أفزعنا كلانا: لقد كنت مجتهدا في العمل طوال حياتي! عملتُ بكل طاقتي لأجل لقمة العيش ولكنني لم اعد احتمل الظلم الذي تعرضت له! ذلك الموظف إيثان تم تعيينه بعدي بسنوات عديدة! ولكنه وبكل بساطة حصل على منصب مدير الحسابات بل واصبح شخصا مهماً بينما اقوم انا بتنفيذ الأوامر والعمل ثم العمل والعمل! لماذا كان على أن أعيش في ذلك الظلم! لقد كنتُ الأكبر سناً من بين جميع موظفي القسم. ثم يأتي ذلك الصعلوك وينتزع مني كل آمالي و.
مستحيل. حاولت الصمت ولكنني لا أقدر على التحمل أكثر!
هذا المجنون عليه أن يخرس! إيثان تورط بسبب فعلته الجشعة ظلما وخرج من العمل بسببه! وبكل وقاحة يقوم بتسويغ أفعاله!
صرختُ بنفاذ صبر: أيها المحتال لقد كنتَ السبب في توريط أخي وتجرؤ الآن على لومه بحماقة اقترفتها بنفسك! إيثان كان أكثر الناس سعادة عندما حظي بتلك الوظيفة المشؤومة! انظر إلى حالتك المثيرة للشفقة. لا تتحدث عن الظلم لأن دافعك كان الحقد والغيرة أيها الكاذب!
تدخل كريس بنبرة حاول جعلها محذرة: أطبقِ فمكِ أيتها الثرثارة!
ولكنني تجاهلته وأكملتُ بغيض: إنه الآن يعمل في مدينة بعيدة عنا ولا أراه سوى في فترات متراوحة والفضل يعود إليك، هل لديك فكرة كم ننتظر عودته كل مرة ونقلق في حين مغادرته! ولا زلت تلقي اللوم على أخي؟! هل تحدثت عن لقمة العيش؟ الفقر بريء من أشكالك أيها النهم.
عندما انهيت جملتي وانا الهث بغضب ذهلت لصراخ كريس على بحنق: كوني سعيدة الآن! أخبرتك ان تطبقي فمك إلى أي مدى تعشقين اللغو أيتها الحمقاء!
سمعت همسا متفاجئا ومرتجفاً: أنتِ شقيقته!
عاود كريس يصرخ على بغيض شديد: لا بد وأنكِ سعيدة الآن.
ارتجفت شفتاي للحظة وأدركت المصيبة التي اوقعت نفسي فيها.
للمرة الثانية اتصرف بحماقة واتسرع! لم يكن على ان اكشف علاقتي بإيثان! ولكنني لم أستطع كبت غضبي وهو يتحدث عنه بهذه الطريقة!
تأوهت أغمض عيناي حين شد شعري يجر رأسي ويهزها بعنف وصاح بدهشة مزجت بالحقد: أنتِ شقيقة ذلك الحقير؟! ذلك الذي لو لم يظهر في حياتي لكان كل شيء الآن بخير! كنت سأحصل على الترقية وانعم بحياة هانئة مستقرة! ولكنه. ولكنه أفسد كل شيء! هل تعلمين معنى ان يعيش المرء بين قضبان السجن بسبب محاولة فاشلة في استرداد حقوقه!
مجرم مثلك لا يجب ان يتحدث عن الحقوق. كونك محتالاً لا يشتم سوى رائحة المال فهي مشكلتك وحدك ولا تقحم أخي فيها.
أنتِ حقا سليطة اللسان!
قالها بغيض وانفجر ليصرخ منفعلاً: هذا يكفي أريدكِ أن تخرسي. أما أنتَ سيد كريس فعلي استعارتها لأصفي حساباتي لا أظن بأنك تمانع. هي لا تبدو شيء قيم بالنسبة لك على أي حال.
تمتم بجملته الأخيرة وهو يتعمد تمرير يده على كتفي فارتجف جسدي وانا اهمس بإشمئزاز: ستندم على لمسي أيها المسعور.
رأيت كريس يقترب بخطوات غاضبة حتى صاح براد بحدة: مكانك وإلا تدحرج رأسها الصغير أسفل قدميك.
اتسعت عيناي بتوتر بينما وقف كريس في مكانه يحدق إليه بوعيد وقال بصوت أجش: مشكلتك مع أخيها لا شأن لها هي! إنها تنزف لذا اتركها وإلا م.
قاطعه بسخرية: أعلم بأن مشكلتي معه ولكنني سأكون قادرا على لوي ذراعه بطريقة أسهل وأسرع تفشي غلي وغضبي، أنا لن أسامحه أبداً لا هو ولا كلارا. ولا حتى أنت سيد كريس.
لا أستبعد ان أهشم رأسك لو سنحت لي الفرصة لذا ارحل بهدوء ولا تستفزني أكثر! انتَ لست نداً لي حتى لو تمكنت من الهرب فأقسم بأنني سأتولاك بنفسي حينها.
هل من الطبيعي كشف نواياك هكذا؟
لقد نفذ صبري صدقني الأمر ليس لصالحك الآن. سأطلب منك للمرة الأخيرة أن تبعد يديك القذرة عنها.
ظل هذا التجادل مستمراً، أما أنا فكنت بين ألم عنقي وشعوري بالخوف الذي لا أدري كيف اخفيته حتى الآن! كيف لا أخاف وانا اشعر بهذا المجنون قادرا بالفعل على إيذائي!
علي ان اتصرف ولكن لا أدري كيف، أريد ان اصنع فرصة لكريس ليتدخل على أن أساعده! كلما حاول الإقتراب قام هذا بدوره بغرس السكين أكثر. لو استمر هكذا فسيفصل رأسي عن جسدي بلا شك! بل أن حدة السكين تتسبب بجروح رفيعة، وانا ادرك جيداً كم تكون الجروح الرفيعة أكثر إيلاما من تلك الواسعة والعميقة.
في وسط صراخهما لم أجد سوى ان اخفض رأسي بحركة سريعة لأنقض على ذراعه التي تمسك بي وأعضها بأقوى ما لدي!
شعرت بأن أسناني ستخترق جلده لولا أنه صرخ بقوة وبردة فعل غاضبة دفعني بقوة على الأرض ليرتطم جسدي بعنف! لا وقت للتأوه والدهشة، وقفتُ بسرعة وقبل ان أحاول التحرك وجدت يد كريس التي جذبتني نحوه واجبرني على الوقوف خلفه!
تمسكت بقميصه وارحت جبيني لاهثة على ظهره، يده اليسار كانت لا تزال تحرص على ان ابقي خلفه، يا الهي أشعر بالأمان! تبدد ذلك الخوف بنسبة كبيرة.
عليكِ اللعنة أيتها الفاسقة الصغيرة.
نظرت إليه لأجد رجلا طويل القامة ممتلئ بعض الشيء، عريض المنكبين ومن الواضح أنه في منتصف الأربعين من عمره.
ملامحه كانت تظهر الخشونة وعيناه الزرقاوان قاسية حادة لا تعرف الرحمة! لا سيما وهو ينظر إلى ذراعه بحقد لأفاجئ بالأثر الأزرق المحمر الذي تركته أسناني بهذه السرعة، بل أرى قطرات دماء صغيرة حول عضتي وعلمت كم كانت مؤلمة.
علي الأقل كنت ذا فائدة وتخلصت منه.!
نظرت إلى ذلك الرجل أخيراً! ليقول كريس بجفاء: لا يوجد من تحتمي خلفه الآن، ما الذي تنوي فعله؟
نظر براد بعينيه الشرستين إلى يد كريس اليسرى التي لازالت تمنعني من الظهور في الساحة وابتسم بسخرية: ولكن يوجد من تحتمي خلفك. وضعك بات أسوأ بكثير مما كنتُ أنا عليه. هل أخطأت التقدير؟ أهي بهذه الأهمية؟ دعني أسألك بدافع الفضول كيف تزوجت؟
أضاف بعين ضيقة خبيثة: اتُراها كانت مجرد وسيلة ترفيه وتورطت معها لتتزوجها كما تزوجت تلك الخائنة كلارا؟ هل هي مجرد تسلية؟! هل أُجبرت مجدداً على الزواج بها؟ لا تخبرني بأنك لا تتعلم دروسك من الحياة! ما الذي ستخطط لفعله مع هذه الصغيرة؟
رفعت رأسي أنظر إلى كريس بوهن. لم يقل شيئاً، ولم يتحرك حتى!
خشيت أن أتقدم فبقيت خلفه دون أن أعلق وفضلت عدم التدخل وان التزم الصمت حتى لا أتسبب في تفاقم الأمر.
لقد طفح الكيل.
همس كريس بها وقبل أن أستوعب تفاجأت به يبعدني بعد ان دفعني للوراء وتقدم نحو ذلك الرجل فصرخت بذعر: كريس توقف!
قلتها بهلع وأنا أنظر للسكين التي كانت مصوبة نحوه ولكنه بطريقة ما أمسك بيد براد وسحبها ليحنيها بطريقة عكسية واوقعه أرضاً بشراسة!
لكمه مراراً وتكرارا بسخط وهو يصرخ بإنفعال ويلقي بسيل من الشتائم.
م. ما الذي على فعله؟
ارتجفت في مكاني ولا سيما عندما خرجت مني شهقة نتيجة اللكمة التي وجهها براد لكريس، انعكس الحال وانحنى فوقه ولكم كريس بقوة جعلتني انتفض!
كانت الرؤية صعبة بسبب دموعي ولكنني لم أبقى في مكاني وأنا أرى كريس هكذا!
اقتربت محاولة ابعاده وأنا اسحبه من قميصه حتى تفاجأت بيده التي تطير بجسدي بكل بساطة للوراء بقوة.
عاود يلكم كريس الذي دفع صدره وأوقعه بعيدا قليلا فنظرا لبعضهما وبحركة سريعة عاود كل منهما يهجم على الآخر وقد وقعت السكين بعيداً عن متناول يد براد وبدأ الشجار من جديد!
ه. هذا يكفي! كريس مصاب في وجهه بسبب إيثان!
ولكمات هذا الرجل قوية جداً! هذا بالفعل يكفي! عقدت حاجباي بقلق وحاولت ابعاده عنه مجدداً وعندما بدى في نظري هو المسيطر على الوضع قفزت فوق ظهره وانا احيط بعنقه بكلتا ذراعي فحاول ابعادي عنه وهو يصرخ: ابتعدي ايتها القردة! قلت ابتعدي.
نجح في امساك احدى خصل شعري الطويل الذي انسدل بسببه وشدها بقوة فصرخت متأوهة!
رأيت كريس يعتدل على الأرض ممررا يده على صدره بألم شديد وعندما نظر إلى اسرع يقف ليلكمه بقوة.
أصدر براد أنين خافت وابتعدت عنه عندما رأيت كريس مستمراً في لكمه. تحركا نحو الطاولة وبسبب هذا الشجار العنيف وقع كل ما فوق الطاولة وتكسر!
شهقت بذهول حين التقط بيده طبقاً مكسوراً وحاول توجيهه نحو كريس فجف حلقي برعب ولكنني سرعان ما شعرت بالراحة وانا اراه يتفادى يده، وقع كريس فوقه على الأرض واستمرت تلك الضربات التي جعلتني أقف في مكاني متسمرة بلا حيلة!
وعندما تفاجأت ببراد ينزف من أنفه وفمه بل ويبصق بعض من أسنانه قلت بتلعثم وريبة: ك. كريس!
ولكنه لم يكن يستمع إلى حتى. بل وقف وركله بقدمه في وجهه فانتفضت بذعر وصحت برجاء: يكفي! كريس اتركه، انظر إليه. سيموت أيها المتهور دعه!
رمقني بطرف عينه بغضب: هل تمازحينني؟! بعد ما فعله بك! أنظري إلى نفسك! أنت تنزفين.
ولكن لا يجب ان نتمادى هكذا! ماذا لو مات بالفعل!
وغد مثله لا يجب ان يبقى على قيد الحياة.
عاود ينظر لبراد الذي بالكاد يفتح عينيه المتورمة وسحبه من ياقة قميصه: انهض. قلتُ انهض.
اوقفه بالفعل ودفعه نحو الحائط ليصطدم ظهره به بقوة فعقدت حاجباي عندما استمر في ضربه!
لا. لا! هذا كثير جدا هذا الرجل سيموت بين يديه!
صرخت مقتربة: كريس أرجوك توقف! هو لم يعد قادراً على الوقوف حتى.
صرخ في جهي: ابتعدي.
ولكنه حين نظر إلى وأرخى دفاعه تفاجئ ببراد يدفعه بقوة ليطرحه أرضاً وقبل ان يهجم عليه ابتعد كريس عن البقعة التي وقع فيها فابتعدت عنهما بقلق مفكرة بما على فعله!
صرخت بخوف وتوتر شديد عندما ضُرب كريس بلوح الخشب المخصص لتقطيع الخضار على رأسه مما جعله يتصلب في مكانه بألم وكأن دوار قد انتابه، انحنى براد فوق كريس ورفع رأسه من شعره بقوة ليصرخ بحقد: سأقتلك.
تقدمت فورا دون تفكير وانا احاول سحبه عنه وعندما لم أستطع اخذت غطاء قدر كبير لأضربه به مرارا وتكرارا على ظهره فابتعد عنه قليلاً، تلك المسافة التي صنعها كانت كفيلة بان ينعكس الحال ويكون كريس من ينحني فوقه ويهمس بحنق: سأهشم رأسك وليحدث ما يحدث.
تفاجأت به ينتزع اللوح الخشبي ليضربه به ويصرخ: كيف هو شعورك الآن؟ هاه؟ أخبرني! هل تتمنى لو لم تهرب من وكرك؟ هل ندمت على نعتك لها بالعاهرة!
أضاف بكره مقربا وجهه منه: حين تقوم بإيذائها وجعلها تنزف. فهذه حفرة حفرتها بنفسك ونهايتك ستكون فيها.
لم يكن براد يجيبه وانما يغمض عينيه بتعب ووهن واضح وانفه ينزف أكثر!
وضعت يداي على كتف كريس وقلت برجاء: لقد فقد وعيه. هيا ابتعد هذا يكفي. انظر إليك أيضا يا كريس حالتك يرثى لها!
ابعدني عنه وعاود يصرخ بحزم: أصمتِ أنتِ. أنتْ أيها الوغد أفق. لم ننتهي بعد.
تدخلت بقلق وجدية: لا هذا كثير جداً! هل فقدت عقلك! ستصبح مجرماً بحق الإله؟
نظر إلى بغيض: ألم أقل أصمتِ؟! سأفقد عقلي لو لم أقتله بيدي لذا اغربي عن وجهي وت.
ه. هاه!
ما هذا؟ ما الذي حدث الآن؟
أنا. أتخيل صحيح؟ نعم أتخيل لأنه هذا مستحيل. ربما بسبب توتري وإنفلات أعصابي بدأت أتخيل وأهلوس! أو ربما لأنني ما زلت متعبة. نعم.
ولكن عندما شعرت بحرارة دموعي على وجنتي أدركت انني لا أتخيل.
متى؟ وكيف لم أنتبه!
وقف براد بصعوبة وهو يدفع كريس مزمجراً بحقد وتوتر: تستحق هذا أيها اللعين.
أضاف بحزم وهو يعود للوراء مرتبكا و مترنحاً: أ. أنت من قادني لهذا! أنت من اختار مصيره. ولكنني سأعود لأقضي عليك تماماً. أقسم بأنكما ستندمان.
خرج بسرعة وهو يسعل بألم ويبصق الدماء تاركا الباب مفتوحا.
وأنا لا أزال أقف بصدمة وعدم استيعاب محدقة إلى كريس بترقب على أمل أنني في حلم!
ولكن الدماء التي سالت من بطنه صفعتني على وجهي بقوة لأنتفض وقد اعتراني البرد والرعب!
تقدمت إليه بقدم مرتجفة لا تقوى على التوازن وجثيت بجانبه وحرارة دموعي لا تتوقف عن بث المزيد من شعور الرعب والقلق وتقسو على لتخبرني أن كل هذا واقع!
نظرت إليه وهو يغمض عينيه بقوة متألماً واضعا يده على بطنه الذي ينزف وهمستُ بعدم تصديق: أنت تمزح! كريس؟ أ. أنتَ بخير اليس كذلك! اليس كذلك؟
ولكنه تحرك ليستلقي على جانبه الأيسر لاهثا بصعوبة، نظرت إلى وجهه بعين متسعة ثم نحو بطنه وهمست ببكاء: هذا غير صحيح. هو لم يطعنك إنه كابوس فقط! كابوس وسأستيقظ منه حالاً.
ولكن الكابوس كان مزيفاً! إنها الحقيقة. براد طعن كريس بشكل مفاجئ! لقد فر هاربا وتركني هنا وحدي اشعر بالضياع والخوف!
شعور قوي بالذعر يخبرني وبكل وضوح أنها المرة الأولى التي اشعر فيها بالمعنى الصريح بالخوف! وكأنني لم أشعر به طوال حياتي كلها. سيطر على كياني وجوارحي واجبرني على التحدث وانا امرر يدي في شعري كالمخبولة: على أن أوقف النزيف! الأمر بسيط سأوقف النزيف فقط، أنتَ بخير أنا واثقة من ذلك. الهاتف. أين هو؟! على أن أتصل بالطوارئ. أين الهاتف!
قلتها وانفجرت ابكي بهستيرية باحثة بعيناي عن الهاتف فلمحت ابتسامة هادئة تميل للسخرية على ثغره وحدقت إليه بصدمة، فتح عينيه العسليتان وقال: أنتِ تبكين. لقد خسرتِ التحدي بيننا! بكاؤك يعني خسارتك.
اعترضت بصوت مبحوح واهن: اخرس يا كريس وليذهب هذا التحدي إلى الجحيم. على أن أوقف النزيف بسرعة!
وضعت كلتا يداي على الجرح محاولة الضغط على المكان فتأوه يعقد حاجبيه ويغمض عينيه بقوة.
كانت يداي المرتجفتان ودموعي التي لا تتوقف سبباً في زيادة توتري وارتباكي، ومع ذلك بحثت عن قطعة قماش ولم أجد سوى أقرب مساعدة من وشاحه الذي سقط على الأرض مسبقاً.
ابتعدت عنه لثواني معدودة قبل ان اعود وأضع الوشاح على الجرح بكلتا يداي وامسح دموعي عن طريق كتفي.
ليس وكأنني سأموت من جرح كهذا، أخبريني هل كان عليكِ أن تكوني بذلك الغباء! هل كنتِ تحاولين الإنتحار!
نظرت إلى وجهه باكية بصمت ففتح عينيه ببطء ولمعت ببريقها العسلي الذي لم أقاوم التعب والوهن فيهما! ليردف بصوت هازئ ضعيف: لقد كنتُ غاضبا منكِ أكثر من غضبي عليه. لا أصدق كيف توقعين نفسك بالمصائب وتهولينها.
تجاهلت ثرثرته وانا اقف بحركات متوجسة باحثة عن الهاتف، وجدته واسرعت أعود إليه لأجلس على الأرض امامه وقبل ان اتصل بالطوارئ تفاجأت به يرن، رأيت اسم جوش على الشاشة واسرعت اجيب ليسبقني صوته الحازم: كريس علينا ان نلتقي لنرى ما علينا فعله بشأن هروب براد. أين أنت الآن؟ ألا زلت في منزلك؟ اخرج من هناك أنا مع تيا وسنتقابل ف.
قاطعته انفجر باكية منهارة: سيد جوش كريس جريح! إ. إنه ينزف. لا أعلم كيف سأصف العنوان للطوارئ أرجوك تصرف بسرعة.
لحظة صمت لم تخلو من صوت بكائي وتنفس كريس المتسارع، حتى اتى صوت جوش مرتجفا: ماذا! تمزحين يا شارلوت. أنتِ تمزحين!
وكأنني سأمزح في أمر كهذا! اتصل بالطوارئ أرجوك لا يجب ان ينزف أكثر.
سمعت صوتٌ قلق بجانبه ولم تكن سوى تيا: ما الأمر سيد جوش؟ هل من خطب ما!
أسرع جوش يقول بتوتر: خمسة دقائق على الأقل وسأكون عندكما لن أتأخر، سنصحبه إلى المشفى لذا. أ.
بدأ يتلعثم ويرتبك أكثر حتى تمالك نفسه: كوني حذرة واعتني به وبنفسك.
أغلق الخط فوراً فمسحت دموعي والقيت بالهاتف وسرعان ما رأيته يحاول التحرك بألم فصحت به بخوف: لا تتحرك! عليك ان تتمدد على ظهرك حتى لا تتقلص عضلات بطنك وتنزف أكثر لذا إياك وان تتحرك!
قلتها وانا اضع يداي على كتفيه احاول جعله يستلقي حتى همس مبتسماً بشحوب: لن أتحرك. أريد فقط النوم على حجرك.
اتسعت عيناي الخضراوان بدهشة وفغرت فاهيي! النوم على حجري؟
م. ما هذه الإبتسامة! ما الذي يظن نفسه فاعل وهو يبتسم بحالته هذه! لا يمكن أنه يصنع أجواءً درامية ويعتقد بأنه الوداع مثلاً!
أغضبتني الفكرة وجعلني أفقد أعصابي لأصرخ: توقف عن التصرف بهذه الطريقة ولا تفقدني عقلي! ل. لا تبتسم هكذا وإلا.
ولكن الكلمات تبخرت تماما عندما انفجرت باكية فجأة! لمجرد التفكير انني قد أفقده فأنا اشعر بالشلل التام في عقلي وجسدي! لن أسمح له. لن أسمح له بأن يكون ضعيفا هكذا!
في النهاية اقتربت أكثر أرفع رأسه لتستقر في حجري، وحينها رفع عينيه نحوي يحدق إلى بصمت.
كانت نظراته شاردة متأملة وكأنه يرى وجهي للمرة الأولى، بادلته النظرات بحزن وضعف حتى رفع يده الرطبة بدمائه ليضعها على وجنتي.
بطريقة تلقائية رفعت يدي انا ايضا لأضعها على يده بقوة وهمستُ بصوت أبح: سيأتي جوش وتيا الآن وسنذهب للمشفى، كل شيء سيكون على ما يرام. ستكون بخير ولا داعي للقلق.
كنت أقولها وفي الحقيقة أهدئ نفسي بدلا من تهدئته، كنت أواسي نفسي وأقنع نفسي بصعوبة.
وجهه شاحب جداً وهذا ما يخيفني، هذا. يعني أن الدماء التي يفقدها س.
منعت نفسي من التفكير وانا اغمض عيناي بقوة حتى سمعت صوته: لا تغمضيهما.
نظرت إليه بقلق مُزج بالحيرة فابتسم بهدوء: استمري بالنظر إلي. وداعبي شعري.
م. ما الذي تقوله في وقت كهذا! اداعب شعرك الآن! انا لا يمكنني تحريك يدي الأخرى على ان اضغط بها على جرحك ل.
داعبي شعري.
بدت نظراته مترجية وكأنها القت تعويذة سحرية على لترتفع يدي على رأسه وأداعب شعره وقلت محاولة تمالك نفسي: تحدث معي، قل أي شيء، لا يجب أن تظل صامتا ولا تغلق عينيك إطلاقا، لا يجب أن تفقد وعيك بسبب النزيف حتى لا ي.
حتى لا يطول نومي لشهور عديدة؟
تقوست شفتاي محاولة تمالك نفسي، ولكنني حدقت به بقلة حيلة وقلق، فأنا أعلم جيداً أنه على جوش الإسراع وإلا آلت الأمور إلى ما هو أسوأ كدخول كريس بغيبوبة وانا لا أريد حدوث هذا!
كنت مستمرة في التحديق إليه حتى قلتُ بحزن: انا عاجزة عن فعل أي شيء و اشعر بعدم القدرة على الحركة. التوتر تملكني لا يمكنني التفكير في أي شيء!
لا يهم.
أضاف بإنهاك: ولكنني أعرف شعور أن يموت شخص ما أمامك ويلفظ أخر أنفاسه لقاء عينيك، وأعرف بأنني حتى لو كنت لا أعني لكِ شيئاً فذلك لن يُمحى من عقلك.
هل تتحدث عن والدتك!
قلتها بيأس وحيرة فخرجت منه تنهيدة بدت وكأنها خارجة من أعماقه! وكأنه كان يحتجزها لوقت طويل جداً!
ضاقت عينيه وبدت ناعستان فقلت بحزم وقلق: افتح عينيك!
نظر إلى فأضفت: ولا تفكر فيما حدث لوالدتك! اترك الماضي وشأنه أرجوك! أنت لست في موقف يسمح لك بالتفكير بشخص آخر.
أنزل يده عن وجنتي بإرهاق فأرحتها على صدره وانا لا أزال ممسكة بها، في حين تمتم بشحوب: هل تظنين بأنني أشعر بالألم أو الحزن كلما تذكرت حادثة وفاتها؟
ارتفع حاجباي بإستنكار وعدم فهم فأعقب: لا. لم أشعر بالألم يوما، ربما الندم فقط.
ن. ندم!
تساءلت ازيد من قوة امساك يده: لماذا! أنت لم تفعل أي شيء سيء لها، أنت من كان يُساء إليه على حسب علمي.
أضفت بعدم استيعاب وحيرة: لماذا نادم إذا!
يظنونها انتحرت.
قالها بنبرة غريبة غير متزنة فأدركت بأنه بدأ يهلوس! لقد دخل في مرحلة سيئة! و. ولكن لا يمكنني إسكاته فهذا سيكون أخطر بكثير!
يا الهي. قلبي يؤلمني كثيرا ويكاد ينفجر من شدة القلق!
أكمل بنبرته الغير واعية: إنهم لا يعلمون بما حدث في ذلك اليوم. أمي لم تكن ترغب في الانتحار فقط، لقد كنت في ذلك اليوم جالسا في المكتب وأحاول إنهاء متطلبات الجامعة وفي الوقت آنه أرتب ملفات الشركة أندب حظي الذي يمنعني من استنشاق الهواء كباقي الطلاب، لأجدها تدخل و أغلقت الباب خلفها وهجمت على بشكل هستيري دون مبرر.
أضاف بسخرية مرهقة: لقد كانت ممسكة بقطعة زجاج حادة محاولة إيذائي، وعندما لم تتمكن مني بدأت بجرح نفسها بقوة في كل مكان في جسدها حتى قطعت شريان يدها.
شهقت بدهشة وريبة ليكمل: لم تكن تريد الإنتحار منذ البداية، أنا من كان عليه أن يموت! ربما كان من الأفضل أن أسمح لها بالتخلص مني. أو. حسنا هي كانت تنوي الإنتحار فلم يكن إنقاذها ممكنناً في النهاية بعد ان ابتلعت أدوية منوعة بجرعات كبيرة. ما الذي كانت تفكر به وهي تضع خطة محكمة كهذه! ربما أرادت التخلص مني وأن نموت معاً نحن الإثنان اليس كذلك؟ صحيح. تناولت تلك الحبوب ثم اتت لتتخلص مني.
نفيت لأعاود البكاء دون شعور: توقف عن قول هذا!
ولكنني. ما زلت لا أستطيع لوم نفسي، إنني متناقض جدا! لم أشعر منذ صغري بحنانها ومع ذلك كنت أشفق عليها! لم تكن تهتم بي، بل كانت تواصل إيذائي بطرق مختلفة، وعندما كبرت وأصبحت يافعا كانت تتصرف بطريقة مريبة قائلة أحيانا بأنني لست ابنها، بل ابن ستيفاني. وبعدها أخبرتني بقصة زفافها تلك. لا تملكين أدنى فكرة كم اشعر بالحقد تجاه والديكِ وماكس. بينما كلٌ منهم حقق مبتغاه بقيت أنا الضحية الوحيدة لقصص حبهم الفارغة.
كريس أرجوك. تذكر أمور أفضل بدلا من هذه.
الأمر لا يقتصر على انتحارها أمامي، فلقد حدث الأسوأ من الأمور التي مررت بها. وكأنني خُلقت لأعاني فقط.
أكمل بعين شاردة وباهتة: مازال صوت صراخها في أذني، عندما كانت تستنجد بي لأساعدها. لم أستطع تقديم يد العون عندما كانت تُغتَصب أمام عيناي. لم يكن بوسعي فعل أي شيء لأنني كنت ما زلت لم أتجاوز السابعة من عمري وعندما حاولت مرارا وتكرارا حمايتها، ضربني الرجل ضربا مبرحاَ حتى افقت ووجدت نفسي بالمشفى.! كان رجلاً يعرف العائلة معرفة سطحية، وعندما أنهى فعلته هرب ثم قٌبض عليه. واحتفظ ماكس وأولين وعمتي بالأمر سراً عن الجميع. هي كانتْ تعيش بدور المرأة العاطفية وأجبرتني على خوض مئات المواقف التي لن تمحى من ذاكرتي. لا أدري ما الذي سيحدث بعد اعترافي هذا ولكنني لم أحبها يوماً. كنت متعب ومرهق من الكذب على نفسي طوال تلك السنوات.
التعليقات