رواية انا والغامض الفصل الثاني 2 – بقلم ندى خالد
قامت بفتح الباب ونظرت أمامها برعب لما تراه
كانت سيدة تبدو في الخمسين من عمرها مُكبلة من يديها وقدميها في الفراش بحبال غليظة وشعرها أشعث وجسدها هزيل ويوجد محلول معلق في يديها وأدوية كثيرة في أنحاء الغرفة، كانت السيدة جسدها بأكمله ينتفض لأعلى وتصـ.رخ بكل قوتها
كانت ندى تقف مصدومة من المنظر بلا حركة حتى تداركت نفسها وذهبت على الفور ونزعت المحلول من يد السيدة بصعوبة لكثرة حركتها حتى نجحت وجلست أمامها وهي تحاول فك الحبال وتقول بفزع
-ممكن حضرتك تهدي وأنا هخرجك من هنا متقلقيش، أهدي وكله هيبقى تمام
لاحظت أن السيدة لم تلتفت إليها من الأساس وكأنها لم تلاحظ وجودها وتركز بصرها في نقطة فارغة في الغرفة وتصـ.رخ بألم وكأنها لا تشعر بأي شئ من حولها سوى الألم الذي بداخلها
لم تستطع ندى فك الحبال ولكن قفزت إلي عقلها فكرة فجلست خلف تلك السيدة على الفراش وبمجرد جلوسها خلفها كان آدم يدخل الغرفة وهو يتصبب عرقاً والقلق بادي على وجهه ونظر إلى ندى بصدمة وقال
-إنتِ بتعملي إيه هنا ودخلتي إزاي؟
لاحظت ندى الأشياء في يده كانت عقاقير طبية، لاحظ هو نظراتها فـ صـ.رخ بها بغضب
-إنتِ إيه اللي دخلك هنا؟ غوري في داهية أنا مش ناقصك
قالت وهي تحاول تثبيت جسد السيدة بين يديها
-آدم أنت عارف إني بالأساس ممرضة وبالحاجات اللي في إيدك دي واضح إنك مهتم إنها تكون بخير، فـ صدقني أنا هقدر أساعدك في إنها تهدي بس ساعدني
نظر لها بشك ثم أقترب منها بقلق وقال
-عوزاني أعمل إيه؟
-أقفل الباب الأول وسيب الحاجة اللي في إيدك وفك الحبال اللي في رجليها واحدة واحدة وساعدني عشان أقدر أتحكم في جسمها كله بين إيدي
-إنتِ متأكدة؟
-أعمل اللي بقولك عليه بسرعة
فعل كما أمرت هي وبدأ بفك حبال القدمين وكانت السيدة تنتفض وندى تتمسك بها بكل قوتها وآدم يساعدها على ضمّ قدمها إلى يديها حتى نجحا هما الإثنان بصعوبة، كانت ندى تستلقي خلف السيدة وهي تضم جسدها بين يديها وتتحكم به وأشارت لـ آدم بحبال اليدين وجلست تقول في أذن السيدة
-أهدي متقلقيش أنا جمبك والله مش هسيبك أبدًا
أخدت تلتفت السيدة يميناً ويسارًا وكأنها أدركت للتو أن هناك صوت يأتي من بعيد فـ أكملت ندى عندما شعرت بإستجابتها
-أنا هنا عشانك، عشان عاوزة إنك تكوني كويسة، وإنتِ قوية وهتساعديني، أنا واثقة فيكِ
توقف صـ.راخ السيدة وكان آدم انتهي من فك وثاق يديها وهو ينظر بصدمة للهدوء الذي حل بالمرأة ورأسها الذي يتلفت يبحث عن مصدر الصوت فـ أكملت ندى
-أنا عارفة إنك سمعاني وحاسة بيكِ وأوعدك مش هسيبك غير أما تكوني بخير، خليكِ متأكده إن أنا هنا عشانك، عشان إنتِ تستاهلي تكوني بخير
كانت دموع السيدة تتساقط بهدوء وهي ترفع يديها لـ تلمس يد ندى لـ تشعر بها وما إن أمسكت بيدها بقوة حتى انخرطت في بكاء مرير وجسدها يأن بألم، كان بكائها كـ السـ.كـاكين التي تنغـ.رز في قلب ندى ولكنها سعدت كثيرًا بإستجابة يدها لها وزادت من ضمّها بقوة أكبر وقالت لها بصوت مختنق بالبكاء معها
-كل حاجة هتكون بخير، إنتِ لسه حية وبتتنفسي وعندك فرصة ناس كتير أتحرموا منها، هتكوني كويسة أوعدك
ظلًا هكذا لـ فترة لا تعلم مدتها وندى لم تتحرك وتحدثها في أذنها بكلمات تشجيعية وآدم ينظر لهم وللحظة يُخيل إليها أنها رأت دموعه ولكنها لم تعقب
عندما توقف انتفاض جسد السيدة قامت ندى بفك الحصار الذي كانت تحاصرها به ووقفت من خلفها وجلست أمامها وكانت السيدة تنظر إليها وعينيها معلقة بها، فـ مسحت ندى على وجهها وشعرها بحنان وهي تبتسم لها وقالت
-حاسة بإيه؟
نطقت السيدة بصوت مبحوح لـ كثرة الصراخ
-عاوزة أنام ومش عارفه، متسيبنيش
-مش هيحصل متخافيش أنا هفضل جنبك
نظرت ندى إلى آدم وقالت
-فيه من ضمن الأدوية هنا منوم؟
وقف آدم سريعاً وهو يبحث في الأدوية وأحضر عدة علب وهو يقول بقلق
-فيه كذا نوع، شوفي إنتِ عاوزة إيه، ولو عاوزة نوع معين قوليلي وأنا أنزل أجيبه
أمسكت أحدهم وقلت
-ده كويس خلاص
وجهزت محلولاً آخر واقتربت من السيدة التى ما إن رأتها تمسك بالإبر قامت بفزع وهي تنظر للحبال وتقول وهي تشير بيديها
-لا لا لا
فـ تركت ندى ما بيدها بسرعة واقتربت منها وقالت
-مفيش حبال متخافيش، أنا هنا وطول ما أنا موجوده مش هيكون فيه حبال خالص
وأشارت ندى إلى آدم بأمر وقالت
-آدم لو سمحت طلع الحبال دي برا الأوضة
فأمتثل آدم لـ أمرها على الفور والسيدة تتابعه بعينها بخوف وأمسكت ندى بالإبر ثانيةً وقالت بحنان
-ودول عشان تقدري تنامي وأما تصحي تكوني قادرة تقومي، صدقيني عمري ما هعمل حاجه تإذيكِ، تمام؟
نظرت لها السيدة وهي تدور بعينيها في الغرفة بخوف ثم أومأت برأسها موافقة واستلقت على الفراش مرة أخرى وبدأت ندى بإعطائها وتركيب كل شئ والسيدة تنظر لها بهدوء وندى جلست إلى جوارها بعدما انتهت وهي تمسح على شعرها بحنان حتى سمعت السيدة تهمس وهي مغلقة عينيها
-شكرًا
وهدئت أنفاسها فتأكدت ندى من نومها وقامت من جانبها بهدوء وأشارت لـ آدم وقالت
-لازم نشيل كل الأدوية والإبر وأي حاجة من الأوضة عشان لو صحيت واحنا نايمين عشان مينفعش نربطها
-إنتِ اتجننتي؟ إزاي مش هنربطها؟
-صدقني ده هيأذيها أكتر وأنت شوفت بعينك أما سمعت كلامي هديت ازاي فأرجوك ثق فيا
بدأ يجمع الأشياء ويخرجها وهي تساعده وعندما انتهيا خرجا فـ رن هاتفها فقال بضجر
-أقفلي الزفت ده مش وقته
نظرت ندى إلى المتصل فوجدته أختها فقالت
-أوعدك إني لو قفلته هتلاقي البوليس على باب الشقة
نظر لها بترقب وقال
-يعني إيه؟ إنتِ قولتي لحد؟
-متقلقش أنا مقولتش حاجة بس قولت لأختي إني هدخل الأوضة وإنها لو معرفتش توصلي تبلغ البوليس
فتحت ندى الهاتف فصرخت أختها بقلق وقالت
-ندى اقسم بالله قلبي كان هيقف طمنيني إنتِ كويسة؟ حصلك حاجة؟ دراكولا شافك أو ضايقك في حاجة؟ طمنيني بالله عليكِ
كان آدم أمسك الهاتف منها وأشغل مكبر الصوت ونظر لـ ندى بترقب فقالت ندى
-أهدي يا بنتي أنا بخير الحمدلله مفيش حاجه
-أومال الرعب اللي عملتيه فيا ده إيه؟ عرفتي تدخلي ولا دراكولا قفشك كالعادة؟
-دخلت وطلع فضول على الفاضي ده فيها شوية كراكيب وحاجات قديمة ليه عشان كده مش عاوزني أأقرب
-كل الرعب ده عشان شوية كراكيب؟ ده طلع دراكولا أسم بس وبعدين مش كنتِ بتقولي بتسمعي صريـ.خ؟
-أه ده طلع تليفزيون قديم في الأوضة معلق على قناة قديمة كل شويه يشتغل لوحده عشان كده هو ده اللي عامل الصوت
-يخربيت الهبل بجد، والله جوزك ده عبيط
نظرت ندى بحرج إليه وهو لم يتحرك ساكن ومازال ينظر إليها بترقب فأكملت أختها
-إنتِ متأكدة إنك كويسة بجد؟
-أه والله بخير وأسفة على اللي عملته فيكِ، هبقى أكلمك بعدين عشان عاوزة أنام أوي دلوقتي، يالا سلام
وأغلقت الهاتف ونظرت له وقالت
-أكيد مكنتش هقولها حاجة متقلقش
نظر لها يتفحصها ثم همّ بالذهاب من أمامها ولكنها أمسكت بيده ونظرت إلي عينيه بتصميم وقالت
-أظن من حقي أفهم إيه ده؟، ومين دي؟ وليه حالتها كده؟ وليه حابسها بالشكل ده ومفيش دكتور مشرف على حالتها؟ أنت لازم تجاوبني على كل ده
نظر لها بلا مبالاة
-ملكيش دعوة ومتدخليش في اللي ملكيش فيه
صـ.رخت فيه وهي تضـ.ربه في صدره بقبضتها وقالت
-أنت مجنون، الست حرفياً كانت هتمـ.وت وإنت تقولي ملكيش دعوة، إنت بنى آدم معندكش لا دم ولا رحمة
نظر لها ولم يُعقب فأكملت هي بعصبية وهي تمسك بهاتفها
-أنا هكلم والدك عمو كمال الراجل المحترم هو اللي يجي ويتصرف معاك ويشوف ابنه بيعمل إيه ومخب….
لم تُكمل جملتها حتى أمسك هاتفها منها بعصبية شديدة وقام برميه في الحائط فـ تهشم الهاتف إلى قطع عديدة وندى تنظر له بصدمة وقام بإمساكها وخنـ.قها من عنقها وهو يدفعها إلى الحائط بغضب ويقول
-غبية وهتفضلي طول عمرك غبية وبتثقي في الناس الغلط وعمرك ما بتتعلمي من أخطائك، شايفه أبويا الراجل المحترم اللي بتقولي عاوزة تكلميه عشان يلحق اللي جوا؟ هو اللي عامل فيها كده ومش هي بس ده عامل في ألف زيها، أبويا اللي إنتِ شيفاه ملاك رحمة وشيفاني أنا الشرير، هو السبب في أي مصـ.يبة لأي حد في الحياة واللي لو عرف إن الست اللي جوا دي عايشه هيجي ويدفـ.نها ويدفـ.ني ويدفـ.نك وبدم بارد كمان وولا هيتهزله جفن
أبعد يده عن عنقها عندما شعر بحاجتها الشديدة للهواء وهو يمسح على رأسه بعصبية وهو تحاول أن تستنشق أكبر قدر من الهواء وتُعيد كلماته في عقلها وجلست على الأرض جسدها بأكمله ينتفض برعب وهي تبكي وتضم قدمها إلى صدرها، فـ ذهب هو إلي المطبخ وأحضر كوب ماء وأقترب منها وجلس أمامها على الأرض وهي أبعدت وجهها في خوف فوضع بعض الماء في يده وهو يقربها منها ويمسح على وجهها ويقول
-أنا أسف متخافيش خلاص حقك عليا أنا أسف أتعصبت غصب عني
كانت تنظر له بخوف حقيقي فوضع الكوب أمام فمها وهو يقول
-أشربي هتكوني أحسن حقك عليا خلاص أنا أسف
فأمسكت الكوب من يده ويديها تنتفض بخوف وهو قام بمساعدتها وقام بوضع الماء على وجهها ثانيه حتى شعر بتوقف ارتجافها قليلاً فقال بقلق حقيقي
-حاسة إنك أحسن؟
أومأت له برأسها فـ قام بإمساك يديها ليدفئها وهو يتحاشى النظر لها
-أنا أسف بس أنا سيرته بتتعب أعصابي وبتخليني أتصرف تصرفات مش محسوبة، مكنش قصدي أعمل فيكِ كده
حاولت أن تتحدث فقالت بصوت مبحوح
-هو والدك اللي عمل فيها كده بجد؟
أومأ برأسه وهو يتحاشى عينها وهي سألت بتوجس
-هي مين الست دي؟ تقربلك حاجة؟
خرج صوته مختنقاً وهو يقول
-دي تبقى والدتي
شهقت برعب وهي تسحب يدها من بين يديه وهو جالس مطأطئ الرأس وهي قالت بتوجس
-اللي أعرفه إن والدتك متوفيه من زمان؟
-تعالي نقعد على الكنبة عشان هتاخدي برد من الأرض وهحكيلك بس الأول توعديني إن كل الكلام ده بيني أنا وإنتِ بس مينفعش مخلوق في الدنيا يعرفه ولا حتى تقوليه بينك وبين نفسك عشان ميحصلش مشاكل إحنا مش قدها، هتوعديني؟
-أوعدك
قامت معه وجلسا على الأريكة وهي تنظر له بترقب وهو يفرك يديه بحزن وهو يستعيد ما حدث
-أمي قبل ما تتجوز أبويا كانت بتحب واحد أوي كان جارهم أسمه عم سيد، وهو كمان كان بيحبها وكانوا بيخطفوا نظرات لبعض ويبعتلها جواب أو وردة لحد ما أبوها لاحظ ودخل عطاها علـ.قة مـ.وت
قاطعته هي وقالت
-طب ليه جدك مجوزهمش لبعض مدام بيحبوا بعض؟
-عشان عيلة أمي كانت مستواهم كويس وعيلة عم سيد كانوا على قد حالهم خالص فـ جدي رفض ده رفض تام وقعد أمي من التعليم وحبـ.سها في البيت عشان متشوفش سيد تاني، اللي استغل الوضع ده طبعاً مين؟
-أكيد والدك
-بالظبط، هو كان جارهم كمان في المنطقة وأبوه يبقى صاحب جدي وشريكه في الشغل وكل حاجة ومن نفس الطبقة وكان عارف باللي حصل وساعة ما جدي ضـ.رب أمي كانت المنطقة كلها سمعت صريـ.خها ومحدش كان يجرؤ يتدخل وأبويا استغل ده بالحنية بعدها وراح أتقدملها، جدي طبعاً شافه عريس لقطه وجاله في وقت هو في أمس الحاجة ليه وأمي مكنش ليها حرية الأختيار جدي طالما وافق فـ رأيها ملوش لازمة وأتجوزوا فعلاً، بعدها بحاجة بسيطة أمي حملت فيا وجيت أنا، مكنش حد في عيلة أبويا كلهم بيطقها وشايفنها دايمًا خاينة فـ مرات عمي قعدت تلعب في ودان أبويا إن ممكن أنا مكونش ابنه وأبويا عشان عارف بحبها القديم لـ عم سيد زائد إن أمي كانت بتكرهه أبويا وكانت مغصوبة على كل حاجة فـ الفار بدأ يلعب فيه وصدق فعلاً، فكرك هيعمل إيه؟
نظرت له ندى بخوف ولم تنطق
-شوفي يا ندى مهما عقلك يصورلك البشاعة اللي شفتها إنتِ عمرك ما هتتخيلي، إزاي يوقفني طفل عنده خمس سنين لا يفقه أي شئ عن الدنيا ولسه عينه بتبدأ تفتح ووقف قدامي عم سيد وبدأ يسـ.لخ في جلده على الحي ويقولي عشان تشوف عمايل أمك وهو متهزش ليه جفن واحد حرفياً
شهقت ندى بفزع وهي تضع يدها على فمها برعب وهو أكمل بصوت مختنق
-لحد النهاردة بحلم بيه وصورته وصريـ.خه مش بيروح من دماغي وأمي كان مقعدها على كرسي جنبي ومربطها فيه ومخليها تتفرج، صوت صريـ.خها لسه في ودني لحد النهاردة، مع إنه عمل تحليل DNA ليا أكتر من مره وكل مرة بطلع ابنه بس كان مقتنع مليون في الميه إن التحليل مزور
ابتسم آدم بألم وأكمل
-هو أصلاً حابـ.سها من يوم جوازهم وأكيد كان هيعرف لو هي مش بنت بس هو من جواه كان رافض فكرة إن ازاي مبتحبهوش هو، من بعد اليوم ده وهو كان بيضـ.ربها يومياً، ذل كل عيلتها وخلى بابها خسر كل فلوسه لحد ما مات بحسرته، فاكر أمي يوم ما باباها مات وهي واقفة ومش عارفه تعيط وكانت واقفة في العزا وشها وارم من الضـ.رب ومبتتحركش، هو أتحول بعدها لوحـ.ش أكتر ومرات عمي وعمي كانوا بيبخوا سمهم كل شوية أكتر، حاولت تهرب أكتر من مرة وكل مرة كان بيجيبها كان يدخل الأوضة ويجـ.لدها بالحزام ويوقفني مربـ.وط أتفرج ويقولي أتعلم عشان تبقى راجل وأنا صوتي مكنش بيرضى يخرج، كنت عامل زي العاجز والدموع نازلة من عيني مش أكتر كان مستني مني بس رد فعل واحد وكان هيقـ.تلني حرفياً، أخد كل فلوسها ودهبها وحـ.رقهم قدامها، لحد ما جت الكبيرة ومرات عمي لعبت لعبتها وقالت إن أمي بتحاول تلف على عمي وبتدلع عليه كل شوية أبويا طبعاً مكدبش خبر وأخد أمي اليوم ده وخرج وقبلها كان حابـ.سني في أوضتي بعدها بشوية لقيت ابن عمي بيفتحلي من ورا أهله وقالي إن عارف هو أخد والدتي فين، أما وصلت شفته
توقف آدم عن الكلام وعينيه ممتلئة بالدموع وهو يتذكر ما حدث فأمسكت ندى بيده مشجعه وقالت
-شفت إيه؟
-كان بيدفـ.نها حيّه، كنت ساعتها في العشرين تقريباً، مكنش بيتهزله جفن كالعادة وكأنه متعود على ده وبعد ما خلص قام ونفض إيده ومشي بالعربية وكأن شيئاً لم يكن، روحت بسرعة وطلعتها بس حرفياً كانت زي الجـ.ثة في إيدي قعدت أضغط على صدرها كتير وأنا جسمي كله بيتنفض، أصعب دقايق عدوا عليا في عمري كله وحرفياً لو مكنتش صحيت كنت هدفن نفسي جنبها لحد ما أتحركت أخيرًا وطلعت بيها على المستشفى ودخلت في غيبوبة، أبويا أما رجع ومش لقاني قلق فبعدها بيوم رجع وحفر تاني وملقاش جـ.ثتها وأمر ناس يدوروا عليها في كل مكان وأنا طلعتها من المستشفى بسرعة وخبيتها في مكان وجهزته بكل حاجه هي هتحتاجها وسيبت معاها دكتور ياخد باله منها وروحت لـ أبويا وأخدت علـ.قة مـ.وت وقعدت أحلفله إني معرفش حاجه عنها ومن يوميها وأنا قررت آخد حقها بس بطريقتي وهو بقا بيتعامل معايا بحذر عشان حتى الآن مش قادر يوصلها، وفاقت من الغيبوبة بعد فترة طويلة وبقت زي ما إنتِ شفتِ كده، عقلها بيفصل كتير وتقعد تصرخ جامد ومش بتفتكرني غير نادرًا ومكنش ينفع أدخلها أي مستشفى عشان هيوصلها
-طب مفيش دكاترة بتقعد معاها؟
-من بعد اللي حصل أبويا بقا بيتعامل معايا بحذر زي ما قولتلك وحط كذا حد يراقبني وكل قرش لازم يعرف طالع منين ورايح فين فكان الموضوع بصعوبة جدًا وبعدين والدي معروف ولو حد شم حاجة عن الموضوع بيخاف يقرب وبيوصفلي كام دوا ويهرب عشان ميشتركش في حاجة
-طب ووالدك وثق فيك إزاي؟
-ده أخد وقت طويل، كنت بنفذ كل حاجة يقولها بحذافيرها، اسمع كلامه وأكون تحت جناحه وآخر حاجة لما أمرني إني أتجوزك وساعة ما وافقت كان شكه قل كتير من ناحيتي بس لاحظ إني بغيب برا البيت كتير فعشان كده جبت أمي هنا عشان ميشكش في حاجة
-طب وفين عمك ومراته اللي أنت حكيت عنهم دول أنا مشفتهمش خالص؟
-لأ دول بح من زمان خلاص
شهقت ندى بفزع وهي تضع يدها على فمها
-قتـ.لتـهم؟
نظر لها بعمق وقال
-ندى أنا مش هو
-لعبت معاهم نفس لعبتهم بس من تحت لتحت ومن غير ما حد يحس بوجودي، ومصنعهم بالبضاعة اللي فيه أتحـ.رقت وبخيت شوية سم بنفس طريقتهم في ودن ابنهم فسـ.رق فلوس أبوه كلها وهرب من البلد وعمي متحملش الصدمة فـ رمي نفسه من فوق عمارة ومراته بلعت سم
كانت ندى تنظر له بصدمة وألم وهو مطأطئ رأسه ويتحاشى النظر لها حتى قالت أخيرًا
-طب ليه مقولتليش لما جبت والدتك هنا عشان أهتم بيها وفضلت حابسها في أوضة وتتعبها أكتر بكم المهدئات اللي بتديهالها؟
-عشان مش بثق فيكِ
نظرت له بصدمة فأكمل هو
-متستغربيش، أنا أصلاً مش بثق في نفسي وأنا معرفكيش فعلاً عشان أثق فيكِ
-طب وليه حكيتلي دلوقتي؟
-يمكن لما شفتك ازاي قدرتي تتعاملي معاها اتطمنت، فـ أنا فعلاً محتاج مساعدتك
نظرت له بمكر وقالت
-عشان مصلحتك يعني؟
-ندى بجد لو مش عاوزة تدخلي في حاجة ممكن تنزلي أوضتك وتقفلي على نفسك وتعملي كأنك مسمعتيش حاجة ولا تعرفي حاجة ومش هلوم عليكِ واحد في المية غير كده الكلام ده مينفعش نهائي يخرج برا
-أنا هفضل جنبها وهساعدها عشان أنا وعدتها وعشان هي تستاهل تعيش بعيد عن المجتمع المريض ده وعشان أنا أكتر واحدة هتحس بيها
نظر لها نظرة ذات مغزى ولم يُعقب فأكملت هي بإبتسامة مؤلمة
-إزاي واحدة شافت كل الألم ده في حياتها وكل ده عشان ذنبها إنها حبت واحد!
ووقفت وقالت بتشجيع لنفسها قبل أن يكون له
-أوعدك إنها هترجع بخير من جديد وده وعد من نادو
لاحظت شبح إبتسامة على وجهه فقالت بصدمة
-إيه ده أنت بتبتسم زي البني ادمين وكده؟
فوقف وهو يبتسم وضربها بخفة على رأسها وقال
-مش عاوز عبط
رفعت سبابتها وقالت بجدية
-نحترم نفسنا عشان أنا هبقى المشرفة هنا خلاص وأنت المفروض تنفذ مش أكتر
رفع إحدى حاجبيه ونظر لها بتهكم فألتقطت أنفاسها وقالت
-أول هام المفروض نعمل دوريات، يعني لازم كل شويه حد يكون معاها في الأوضة مينفعش نسيبها لوحدها، عشان مفيش حبال مرة تانية عشان باللي إنت حكيته فـ هي ذكرياتها مع الحبال مش أحسن حاجه ده غير إنها أما بتصحي وبتلاقيها بتقعد تتحرك كتير بشكل عشوائي فالإبر بتغرز في جلدها أكتر وده سبب الجروح الكتير اللي في دراعها، هي بعد المنوم ده مش هتصحى قبل الفجر فلازم نكون موجودين جنبها ومنتكلمش معاها في أي حاجة تخص الماضي أنا عوزاها في الأول تتقبل الحاضر وبعدين كل حاجة هتيجي، وتسيبني أنا أتعامل أنا بقولك أهو، وأي أوض في البيت تديني مفاتيحها عشان أعرف أتصرف لو إنت مش موجود
أخرج مفاتيحه من جيبه وأخرج منها مفاتيح المنزل وأعطاها لها وقال بملل
-حاجة تانية؟
-أيوا، لازم قبل ما تنزل تروح شغلك تفطر كويس الأول عشان شكلك مرهق وتعبان وأنا عوزاك بصحة كويسة عشان تساعدني مع والدتك، فـ أستني عشر دقايق هجهز فطار لينا سوا نفطر وأنزل براحتك
همّ أن يذهب وهو يقول
-أنا مش جعان كلي إنتِ
أمسكت بيديه مسرعة وقالت برجاء
-عشان خاطري أرجوك
نظر لها وإلي يديها المتمسكة به فـ شعرت هي بالحرج وسحبت يدها على الفور وهو مازال ينظر إليها يتأملهاحتى قال
-أنا اللي شاكلي تعبان؟ شوفي إنتِ اللي وشك أصفر وجسمك أكيد وجعك من المجهود اللي عملتيه معاها جوا وكمان رجلك لسه باين عليها تعبانة
نظرت له بحرج ولم تعقب فقال وهو يذهب
-هنزل أجيب فطار ليا وليكِ وإنتِ أستريحي شوية لحد ما أرجع
وخرج وأغلق الباب من خلفه وهي ابتسمت على أثره وقالت
-كنت مفكره هيعورك بس طلع بسكوتايه خالص أبو ضحكة جميلة مخبيها ورا قناع دراكولا
ضربت على رأسها بخفة وهي تتذكر ابتسامته فتبتسم على أثرها وأكملت
-يا هلا بالفتى اللي أبوه مكنش بيحضنه وهو صغير
ذهبت إلى غرفة والدته وقامت بفتحها فوجدتها مستغرقة في النوم فأطمئنت وأغلقتها ثانيه وذهبت إلى المطبخ لتُعد كأسين من الشاي حتى يعود
عاد وأحضر الكثير من السندويتشات معه فقالت بصدمة
-أنت هتخلي الشارع كله يفطر معانا يا آدم؟
قال هو بتوتر
-ما أنا مش عارف إنتِ بتحبي إيه فجبت من كل حاجة نوع
-طب أقعد أقعد يالا قبل ما الحاجة تبرد
وجلسا يفطران سوياً في جو لا يخلو من مزاح ندى وهو يبتسم بين الحين والآخر حتى انتهيا وخرج هو إلى العمل
____
عندما عاد في الليل كان الوقت تخطى منتصف الليل وجد الطعام على المنضدة ومرفق بجانبه ورقة كُتب بها “لازم تاكل أي حاجه قبل ما تنام” ابتسم وذهب إلى غرفتها وطرق بابها بخفة فلم يتلق رد فقام بفتح الباب برفق فوجد الغرفة خالية، بحث عنها في أرجاء المنزل ولم يجدها، صعد للأعلى ودخل غرفة والدته التي كانت مازالت مستغرقة في النوم على أثر المنوم وبجانب الفراش كانت ندى مستلقية بطريقة عشوائية على كرسي وهي ممسكة بيد والدته وتغط في نوم عميق فابتسم على هيئتها وتقدم منها وهو يحركها برفق ويقول
-ندى قومي كده رقبتك هتتعبك
تحركت بإنزعاج وهي تبعد يده بعصبية وتضم يد والدته وتقول
-أبعدي عني يا مريم عاوزة أنام
ضحك بخفه وقال
-قومي يا بنتي الله يهديكِ أنا آدم، كده هتتعبي
-سيبيني بالله عليكِ يا مريم فيه حبة نوم في عيني، هخطف حلم على السريع وأجيلك أحكيلك اللي حصل
أشفق عليها وكان الإرهاق ظاهر على وجهها فـ لثم جبينها بـ قبلة رقيقة وتركها ونزل إلى أسفل وأخذ حمامًا دافئاً وأكل بعض اللقيمات وأعاد الصحون إلى الثلاجة ثانية ثم ذهب في ثباتٍ عميق
_____
استيقظ مفزوعًا على أثر أحلامه التي لا تنتهي وهو يتصبب عرقاً ونظر إلى الساعة فوجدها السادسه والنصف صباحا فقام مسرعاً وهو يصعد إلى أعلى وفتح غرفة والدته فوجدها خالية ولا يسمع لهم أي صوت، نظر حوله بقلق حتى سمع صوت ضحكة ندى فذهب على الصوت وكان باب الحمام مغلق فقام بالطرق عليه، ردت ندى وقالت
-إياك تدخل يا آدم، لو عاوز حمام ضروري أنزل الحمام اللي تحت وأحنا خمس دقايق وطالعين
وقف يتطلع إلى الحمام باستغراب وجلس على إحدى الكراسي ينتظرهم وبعد وقت قليل خرجت ندى من الحمام وهي تجفف شعر والدته وتسندها وتغني وتقول
-طلع الزين من الحمام طلع الزين من الحمام الله وأسم الله عليه
كان آدم يقف وهو فارغ فاهه وينظر لوالدته بصدمة وهي تبتسم وابتسم هو تلقائياً عندما شاهد هذا المشهد الذي كان يبدو له كالتحفة الفنية حتى لاحظت ندى وجوده وقالت
-إنت لسه هنا يا آدم مش قولتلك أنزل الحمام اللي تحت؟
لاحظت والدته وجوده ونظرت له برعب ووقفت خلف ندى وهي تمسك بظهرها ولاحظ هو رد فعلها فآلامه قلبه لذلك فقالت ندى وهي تسحب كفها لتقف بجوارها
-مش أحنا اتفقنا مفيش خوف؟ أنا معاكِ أهو خايفة من إيه؟
قامت والدته بالإشارة عليه وهي ترتجف وقالت
-الولد ده بيربطني بالحبل وبيديني إبر كتير بتوجعني وبيفضل قافل عليا الباب، هو مش بيحبني
طأطأ هو رأسه بحزن وندى أمسكت بيدها وهي تسحبها تجاهه حتى وقفت أمامه وأمسكت بيده وقالت بإبتسامة
-ده مش بيحبك؟! يا ستي قولي كلام غير كده، ده عايش عشانك أصلاً
أمسكته من خدوده وقالت
-ده آدم ده سُكر خالص أنتو بس اللي مكنتوش عارفين تتعاملوا سوا
نظر لها آدم نظرة أرعبتها فسحبت ندى يدها على الفور وقالت والدته وهي تنظر له بعمق
-أسمه آدم؟! أسمك حلو أوي
فقالت ندى
-هو طيب جدًا صدقيني مش عاوزين خوف منه وأنا خلاص أتفقت معاه مفيش حبال تاني ولو فيه إبر أنا اللي هديهالك مش هي موجعتكيش امبارح؟
قامت السيدة بهز رأسها فقالت ندى بمرح
-خلاص كده صافي يا لبن سلموا على بعض
مدت والدته يدها إليه وهو قام بضمّ يدها بين يديه وعيناه مغروقة بالدموع وقال بصوت مبحوح
-إنتِ مش متخيلة أنا مبسوط إزاي وأنا شايفك واقفة على رجلك وبتضحكي، أنا أسف على اللي عملته معاكِ أكيد مكنش قصدي
هربت دمعة من عينيه فمسحها بسرعة فقامت والدته بوضع يدها على خده بتردد وقالت له بإبتسامة
-أنا مش زعلانة منك خلاص
شعر بالإختناق وكان يود لو يرتمي بأحضانها ويبكي بشدة في تلك اللحظة فـ شعرت ندى به ووضعت يدها على كتفه وقالت والعبرات تتلألأ في عينيها
-روح أنت أغسل وشك لحد ما أنا وروح حبيبة قلبي أسرح لها شعرها
ابتسم آدم لها وقال
-هي قالتلك أسمها؟
رفعت ندى لياقة منامتها بفخر
-إنتِ بتقل مني يا ولد أنت ولا إيه؟
وأخذت يد والدته وهي تذهب لأحد الغرف وهي تقول
-يالا يا روح يا حبيبتي نبعد عن عيون الحاقدين
ابتسم آدم ووقف على الباب وهو ينظر لهم ولـ مرح ندى مع والدته في تجفيف شعرها وهي تصنع لها كحكة رائعة وتقوم بتزيين وجهها ببعض مستحضرات التجميل ووالدته تجلس مستسلمة لها تمامًا وتبتسم بسعادة حتى انتهت ندى وصفقت بحماس وهي تصفر وقالت
-اقسم بالله مزة المزز وهتغطي على البلد كلها بجمالك ومش هنعرف نلاحق بالعرسان عليكِ
ضحكت والدته بشدة حتى هو ضحك فلاحظت ندى وجوده وكان يقف يستند على الباب فنظرت له ندى بغضب مصطنع ووضعت يدها في خصرها وقالت
-مش عيب كده يا ولد ياللي المفروض إنك مؤدب تتجسس على بنات في أوضتهم كده من غير لا إحم ولا دستور؟
-أنا واقف على الباب مؤدب أهو مبعملش حاجة وبعدين مش شايف أسمكم على الأوضة يعني؟
نظرت له وهي تضيق عينيها ثم نظرت لوالدته وقالت
-إيه رأيك نسامحه؟
فأومأت والدته برأسها فقالت ندى بجدية
-خلاص هنسامحك لأجل إنك قمور النهاردة مش أكتر
وأكملت بحسرة
-هروح فين من العيلة اللي كلها ناس قمورة دي ياربي؟
فـ ضحك هو ووالدته بشدة فذهبت هي تجاهه وقالت بتذمر
-وسع كده من قدام الباب أما أحضرلنا الفطار عشان أنتو القعده معاكم خطر
وقف أمامها منع خروجها وقال بإبتسامة مشاكسة
-هنجهز الفطار كلنا سوا، أنزلي إنتِ بس غيري هدومك الأول
وقفت أمام المرآة وهي تقول
-مالها هدوم…ياللهوي، إيه المنظر ده؟
كانت ثيابها مبتلة وتلتصق على جسدها وشعرها أشعث وغير مهندم بالمرة
خرجت من الغرفة وهي تهرول مسرعة وخجلة منه ونزلت إلى أسفل وأخذت حمامًا دافئاً ولبست بيچامه مريحة وعقدت شعرها لأعلى ونظرت لنفسها برضا في المرآة ثم صعدت لهم وكانوا يجلسون على الأريكة بلا أي كلمة فوقفت ندى أمامهم بإستغراب وقالت
-أنتو مالكم ساكتين ومش بتعملوا حاجة كده ليه؟
نظر الفتى وأمه إلى بعضهم البعض بحرج وبعض التوتر فقالت ندى بتشجيع
-هنفضل نبص لبعض كتير؟ يالا أنا جعانة تعالوا نعمل الفطار كلنا سوا وننزل في الشقة اللي تحت عشان حاسة الجو في الشقة دي كئيب وبيجيبلي ضيق تنفس والمطبخ تحت كبير قبل ما تمشي يا آدم بالله عليك
قال آدم بهدوء وهو يفرك يديه
-أنا إجازة من الشغل النهاردة وقاعد معاكم
صفقت ندى بحماس وقالت
-حلو ده، يالا ننزل تحت ونعمل الفطار كلنا
نظرت لهم السيدة بحرج وقالت
-أنا مش هقدر أنزل على السلالم أنا رجلي تعباني عشان متحركتش تقريباً بقالي كتير مش فاكرة فأنزلوا أنتو
اقتربت ندى منها وهي تضمّها وقالت بحنان
-أنا مش هتحرك غير ورجلك قبل رجلي هو إيه اللي أنزلوا أنتو، وأنا بقول الجو هنا مش حلو عشانك، تحت في أوضة أحلى من اللي هنا جهزتهالك هتكون بتاعتك وجنب أوضتي على طول وبعدين الواد آدم هنا متشيليش هم خالص
نظر لها آدم بعدم فهم وقال
-يعني إيه؟
فضحكت ندى بخبث وهي تبتعد عن السيدة وقالت وهي تغمز له
-يعني شيل يا طويل العمر شيل
فأشارت السيدة برفض وقالت
-لأ لأ لأ طبعاً مينفع…
ثم شهقت بفزع وآدم يرفعها بين يديه وندى ابتسمت بسعادة وقالت
-يختي أسم الله عليك الله أكبر يالا تعالو ورايا
وتقدمت ندى وهي تفتح الباب والسيدة تقول بتذمر
-نزلني يا ابني مينفعش كده أنا تقيلة عليك
قالت ندى وهي تنزل الدرجات
-متقوليش كده يا روح يا حبيبتي ده إنتِ زي الريشة ومحتاجة تتغذي ومتشيليش إنتِ هم أومال الرجالة موجودة ليه؟ ما عشان يشيلوا
سبقتهم ندى إلى المطبخ وهي تجهز الكرسي لها لتجلس عليه
فوضعها آدم عليه برفق فقالت السيدة بأسف
-أنا أسفة يا ابني لو تعبتك
أمسك آدم يدها بحنان وهو ينظر لـ ندى بتردد فأومأت له ندى رأسها بإبتسامة فـ قبّل يد والدته وقال وهو مازال ممسك بها
-متتأسفيش مفيش تعب ولا حاجة ده أنا أشيلك العمر كله
نظرت له السيدة بتوجس بعدم فهم فقالت ندى بحماس
-يالا يا شباب عشان نجهز الفطار وأنتو الاتنين هتساعدوني
وبدأت تملي عليهم أدوارهم وكان الجميع يساعد وانقضى اليوم بأكمله في مرح ندى وتلطيفها لأجواء البيت وكانت السيدة تبتسم من قلبها معها وآدم يكاد قلبه يخرج من سعادته لرؤية والدته هكذا
في الليل
وضعت ندى روح في فراشها ودثرتها جيدًا بالغطاء بعدما أعطتها أدويتها وذهبت في سبات عميق على الفور
كان آدم يجلس على أريكة بجانب الفراش وقال لـ ندى بصوت منخفض
-روحي إنتِ نامي في أوضتك عشان شكلك تعبان أوي ومنمتيش غير حاجة بسيطة امبارح وأنا هفضل هنا معاها
-تمام لو احتجت حاجه أو حصل أي حاجه على طول صحيني
وخرجت من الغرفة وذهبت إلى غرفته وأحضرت غطائه وذهبت به إليه وهو ينظر لها بإستغراب فقالت
-استغطى كويس الدنيا بتكون تلج بالليل
وتركته وذهبت إلى حجرتها فوجدت علبة على فراشها وفوقها جواب فأمسكت الجواب بدهشة وهي تفتحته وكان محتواه ” ده تليفون هدية بدل اللي أتكسر امبارح عشان تعرفي تكلمي أختك تطمنيها عليكِ بدل ما تطلبلنا البوليس” ابتسمت بسعادة واستلقت على الفراش بتعب وهي تقوم بتشغيل الهاتف
_____
أخذت تمر الأيام بجو هادئ والسيدة أصبحت تستجيب للعلاج وندى لا تتركها وآدم يذهب إلى عمله ويعود ليجلس معهم ثم يغط الجميع في النوم حتى جاءت رحلة عمل إلى آدم خارج المدينة وطمأنته ندى أنها لن تترك والدته وألا يقلق وتركهم بالفعل لمدة أسبوعين كانت ندى تقربت من روح كثيرًا
عندما عاد دخل يبحث عنهم فوجدهم في المطبخ وعندما رأته ندى صرخت بسعادة
-آدم، أنت رجعت
اقترب آدم من روح بإبتسامة وهي قالت له بفرح
-حمدلله على السلامه يا ابني
قبّلها من رأسها وهو يقول
-الله يسلمك طمنيني عليكِ إنتِ؟
-تسلم من كل شر يارب أنا بخير
كانت روح تشير إلى ندى وندى تنظر لها بعدم فهم حتى فطنت على مرادها وقالت له بحرج
-حمدلله على سلامتك
ألتفت لها آدم بإبتسامة وقال
-الله يسلمك، هدخل أنا أغير هدومي وهاخد دوش
-تمام، هجهزلك حاجة تاكلها عقبال ما تكون الكيكة اللي في الفرن طلعت وأجيبلك تدوقها
خرج هو من المطبخ فقالت لها روح بلوم
-ليه مسلمتيش على جوزك؟ ده راجع من سفر
-ما أنا قولتله حمد الله على السلامه أهو
-والله؟ هو ده ينفع يعني؟ مش تاخديه في حضنك كده وتقوليله وحشتني ولا أي حاجه، هو أنا اللي هقولك يعني
التفتت ندى إلى الأطباق تمسحها وهي تقول بحرج
-آدم مبيحبش الحاجات دي
-إنتِ اتهبلتي يا ندى يا بنتي؟ فيه راجل في الدنيا مش هيحب إنه يحس إنه مرغوب من أهل بيته كده وإن غيابه فارق
-المرة الجاية إن شاء الله
-روحي ورا جوزك شوفيه يمكن محتاج غيار ولا حاجة وطيبي خاطره بأي كلمة أحسن يزعل
قالت ندى بنفاذ صبر وهي تترك ما بيدها
-حاضر
ذهبت من أمامها وتوجهت إلى غرفته وكان الباب موارب قليلاً وكان يتحدث إلى الهاتف فسمعته يقول بغضب وصوت منخفض بعض الشئ
-إنت سمعت أنا قولت إيه؟ تحـ.رق المخزن زي ما بقولك يعني تنفذ من غير ولا حرف
-……
-ملكش دعوة إيه اللي جوا، هي دي فرصتنا الوحيدة، الكاميرات كلها عطلتها وأنا متأكد من ده بنفسي بس أنا وشي مكشوف في المنطقة لازم تروح أنت ومتضيعيش وقت وتنفذ اللي اتفقنا عليه
-……
-ما أنا عارف إن فيه زفت بضاعة بملايين جوا ما ده الغرض إن أحـ.رق قلب كمال عليها وأشوفه وهو قاعد محسور، متتصلش بيا غير أما تخلص، إنت سامعني؟ وإياك حد يلمحك
أنهى المكالمة وندى تنظر له برعب من هيئته وهو لاحظ وجودها في الخارج وعندما نظر إليها كانت تنوي الهرب من أمامه ولكن قدماها خانتها ولم تقوى على الرحيل وهو أمسكها من رسغها بقوة وغضب وهو يسحبها للداخل ويغلق الباب…
- يتبع الفصل التالي اضغط على ( رواية انا والغامض) اسم الرواية
التعليقات