التخطي إلى المحتوى

 رواية انا والغامض كاملة بقلم ندى خالد عبر مدونة الشروق للروايات 

-أنا مش حذرت أكتر من مرة إن الأوضة دي متتفتحش؟

-أنا.. بس كنت…

-قولت ولا مقولتش؟

صرخ هو بتلك الجملة فأنتفضت على أثرها وهي تخشى النظر له وحاولت جمع أي كلمة لتواجهه بها فـ لم تستطع فـ هدر هو بعصبية شديدة وعروقه تكاد تنفـ.جر

-إياك ألمح طيفك هنا تاني، صدقيني هيكون آخر يوم في عمرك، هخلي اللي بيحصل جوا الأوضة دي كوابيـس بالنسبالك وهعمل معاكِ الأبشع منها وحطي ده حلقة في ودنك ده لو بتفهمي، إنتِ سامعة؟

قالت بصعوبة والدموع تهطل من عينيها بغزارة

-حاضر

هربت من أمامه على الفور ونزلت إلي أسفل ودخلت حجرتها وأوصدتها عليها جيدًا وجلست على الفراش وهي تنتفض بخوف وتتذكر حديثه وتضمّ جسدها إليها جيدًا لتشعره ببعض الأمان حتى وجدت هاتفها يرن فأمسكت به بيد مرتجفة وردت على الفور وظهر وجه أختها مريم التي تصغرها بعام واحد والتي نظرت إلي هيئتها بقلق وقالت

-مالك يا بت فيكِ إيه؟ إنتِ شوفتي عفريت؟

-والله عفريت كان هيكون أهون، ده دراكولا بنفسه كان هنا

-إيه اللي حصلك يا ندى؟

-كنت خلاص بيني وبين حلمي خطوة وكنت هفتح الأوضة خلاص، بس إزاي؟ لازم يظهر قدامي زي القدر مستعجل

-ياللهوي إنتِ طلعتي للأوضة اللي قالك متدخليهاش؟ يخربيتك، طب وشوفتي فيها إيه بسرعة قولي؟

-هو أنا لحقت يختي، ما أستاذ دراكولا جه وقعد يجلجل بصوته وكان هيبلعني ويقولي لو أتكررت تاني هيعمل ويسوي وخلاني هعملها على نفسي وطلعت أجري زي الكتكوت المبلول

ضحكت أختها عليها بشدة وقالت

-تستاهلي عشان إنتِ قولتيلي إنه حذرك كذا مرة متدخليش الأوضة دي بالذات

-يعني إنتِ بالله عليكِ معندكيش فضول تعرفي إيه جوا؟

-عندي طبعاً بس مضيعش نفسي، وبعدين آدم جوزك ده اللي بتحكيه عنه غير اللي بنشوفه خالص، على طول ساكت وفي حاله ولا بيطلعله صوت

-أنا نفسي كنت مفكراه أخرس في الأول بس اقسم بالله زي ما بحكيلك ده كان هيبلـعني لما لقاني واقفة على باب الأوضة

-يمكن حاطط فيها ثروته؟

-ثروته؟! وهيطلع يقعد قدامها كل يوم بالساعات؟ لأ وكمان ثروته بتصـرخ وأقعد أسمع صريـ.خ حد يقطـ.ع في القلب كده؟ فيه حاجة في الأوضة مش طبيعيه

-يمكن اللهم أحفظنا تبع العفاريت والأرواح والكلام ده، لأ يا نادو أنا لسه محتجالك أبعدي خالص ملكيش دعوه بيه حتى لو صبح عليكِ مترديش عليه أحسن ياخدك في مرة ولا حاجة وأحنا مش ناقصين يا حبيبتي

-يا أختي أتوكسي، مين ده اللي يصبح عليا؟ ده أنا لو لمحته في البيت بيكون صدفة ويقعد على الكنبة من غير ولا كلمة ويدخل أوضته ينام، متعرفيش ده بياكل إيه ولا أمتى، هو دراكولا بعينه صدقيني

-لا حول ولا قوه الا بالله اللهم أحفظنا يارب

-أنا بس اللي واجع قلبي إنه لو حابس حد فوق وبيعذبه، حاسة بتأنيب ضمير طول ما أنا مش بتكلم كده ولا بساعد اللي جوا

-خليكِ في حالك يا ندى الله يهديكِ، إنتِ عارفة ظروف جوازتكم الهباب دي كانت عاملة ازاي وأبوكِ ما صدقنا إنه بقا قابل يسمع صوتك تاني مش عاوزين اللي أسمه آدم ده يقلب عليكِ ويطلقك اقسم بالله أبوكِ يطب ساكت فيها

تنهدت ندى بحزن وهي تتذكر ما حدث وكيف وثقت بـ حبها الأول وتحدت كل عائلتها لتتزوج به ورغم اعتراض الجميع عليه إلا أنها وقفت في وجوههم وصرّحت بحبها له وتمت خطبتهم بالفعل وبعد شهر من ذلك كانت تسهر هي وهو في إحدى الأماكن دون علم أهلها وقام بوضع شئ ما في مشروبها فـ غابت عن الوعي وعندما فاقت وجدت نفسها في المشفي وأمها تلطم على خدها بحسرة وأبيها يضربها بقسوة والأطباء يحاولون إبعاده بكل الطرق وهي تحاول استيعاب أي شئ ولا تقدر وتشعر وكأن قطار قد مر على كامل جسدها وعرفت فيما بعد أن من كانت تحبه هو من أعتدى عليها بشدة وقام برميها أمام المستشفى وهرب بعد ذلك ولم تراه منذ ذلك اليوم، وكأن روحها تأبى المكوث داخل تلك الحطام

كانت أختها هي من ترأفت بحالها وتجلس لتواسيها وأمها تبكي وتنوح لضياع مستقبل فتاتها طوال الوقت أما الأب فـ كأن جبل قد وُضع على ظهره وأخبر صديقه الوحيد بما حدث فـ عرض عليه صديقه أن يزوجها بإبنه فوافق أبيها على الفور وتم عقد القران بمنتهى السرعة حتى بدون أن تراه وكانت تنفذ أوامرهم بلا كلمة

كان هادئ لا يتحدث كثيرًا وإذا تحدث تكون كلمات مقتضبة ووجهه واجم دائمًا، أخبرها أبيها أنه يعلم بما حدث ولكن آدم لم يتحدث معها في أي شئ ولم يعتبر يوماً أنها موجودة معه في البيت وذلك أفادها كثيرًا

-سرحتِ في إيه نادو؟

-ولا حاجة خلاص وإنتِ متقلقيش عليا

-مقلقش إيه بس ده إنتِ بتشمي بس ريحة المصايب فين وبتجري وراها

-حتى لو لقيت مصيبة هكلم باباه على طول هو راجل محترم هيعرف يتصرف مع إبنه مش هتدخل أنا

-ماشي بس خدي بالك من نفسك

جلست في غرفتها طوال اليوم تخشى مواجهته وفي الليل عندما تأكدت من دخوله غرفته ذهبت إلي المطبخ لتأكل أي شئ وجلست على المنضدة في المطبخ وهي تأكل بإستمتاع

-يا خسارتك يا نادو في دراكولا اللي إنتِ متجوزاه مش مقدّر النعمة اللي في إيده

سمعت شئ غريب فـ ظنت في البداية أنها تتوهم ثم تكرر الصوت بالإضافة إلى ارتطام شئ فوقفت برعب تنظر حولها، ثم سمعت صوت صراخ وأنين ضعيف فـ علمت أنه من الغرفة في الأعلى ووجدت باب غرفته يُفتح بسرعة ويجري وهو يسابق الريح ليصعد لـ أعلى ولم ينتبه لوجودها في المطبخ

استمر صوت الأنين وهي تعلم أن الغرفة بالأعلى المقابل لها بالأسفل هو المطبخ فأحضرت السلم ووقفت عليه وهي تحاول أن ترفع نفسها إلى السقف حتى تسمع أي صوت غير ذلك الأنين ولكن بلا جدوى، جلست على السلم لوقف طويل حتى هدأ الأنين تماماً وهي تنهدت بملل وقالت

-استفدت أنا إيه بالتعليقة اللي عملتها في نفسي دي ولا فهمت أي حاجه

-إنتِ بتعملي إيه؟

انتفضت بذعر على أثر صوته وفلتت قدمها ووقعت من على السلم في أقل من ثانية وصرخت بألم وهو اقترب منها وقال بقلق وهو يرفع جسدها عن الأرض

-إنتِ كويسة؟ حصلك حاجة؟ إيه اللي بيوجعك؟

كانت تبكي بألم وهي تمسك قدمها فذهب إلى الثلاجة بعصبية وأحضر زجاجة مياه باردة وجلس أمامها مرة أخرى ونزع قدمها من بين يديها ووضعهم على قدمه وهو يدلكها لها وقال بغضب

-إيه الجنان وشغل الأطفال ده؟ ممكن أفهم كنتِ جايبة السلم في وقت زي ده وبتعملي إيه في السقف؟ معندكيش عقل خالص؟ أفرضي مكنتش موجود وكان حصلك حاجة وحشة مثلاً من الوقعة كنتِ هتتصرفي إزاي؟

كانت تشعر بالحرج الشديد من كلامه وقربه منها وتدليكه لـ قدمها بهذا الشكل فـ حاولت إبعاد نفسها فأمسك قدمها بإحكام وقال

-بطلي فرك متتحركيش لحد ما أخلص عشان متورمش

قالت هي بحرج وهي تتحاشى النظر له

-أنا هعملها

-ملكيش دعوة أنا بعملها، ممكن أفهم كنتِ واقفة في السقف بتعملي إيه الفجر كده؟

-ها؟ أه تقريباً اللمبة كانت معلقة فـ كنت بشوف مالها

ترك قدمها وقال وهو يساعدها على النهوض وابتسم بـ مكر

-اللمبة؟! تمام، تاني مرة لو حاجة زي كده تقوليلي أو تستني للصبح وأنا أعملهالك

حاولت أن تبتسم وقالت

-تمام، شكرًا

-حاولي تتحركي كده شوفي قادرة ولا لأ

وقفت على قدمها وقد خف الألم فقالت بإبتسامة

-أنا كويسة الحمدلله، شكرًا جدًا

ذهب من أمامها وهو يبتسم بـ مكر ويقول

-أبقي خدي بالك من نفسك ومتاكليش كتير عشان تعرفي تنامي

توسعت عينيها وهي تنظر على أثره بذعر وقالت لنفسها

-شافني ياللهوي شافني وهيبلعني

ثم تذكرت وهو يقوم بتدليك قدمها منذ قليل فابتسمت وقالت

-بس ده ميمنعش إن دراكولا طلع فيه بذرة طيبة وخاف عليا

وقامت بإعادة كل شئ إلى مكانه وذهبت إلى غرفتها ونامت بهدوء

_____

في اليوم التالي

استيقظت على صوت الصراخ فقامت مفزوعة وجلست على السرير وهي تنظر لأعلى

-ما ده وضع ميتسكتش عليه يا عالم

نهضت بكسل وهي تُحضر ملابسها من الدولاب لتذهب إلي الحمام وهي تقول بتذمر

-اقسم بالله يا دراكولا الهباب أنت لو طلعت بتعـ.ذب بني آدمين فوق لـ هكون مسلماك للبوليس بإيدي

كان المنزل فارغ فأخذت حمامها وعندما خرجت كان الصراخ مازال مستمرًا وسمعت أصوات تكسـ.ير فـ كانت تقف في صالة البيت وتشعر بالضيق لـ عجزها عن فعل أي شئ

سمعت صوت الباب بالأعلى يُغلق فـ وقفت خلف باب الشقة لـ تسترق السمع فـ سمعت خطواته تنزل سريعاً فـ علمت بخروجه والصراخ مازال مستمر ففتحت الباب وقلبها ينبض برعب وهي تنظر لأعلى ثم صعدت الدرجات مسرعة قبل أن يأتي وقلبها يثب برعب قبلها حتى وصلت إلى باب الشقة وحاولت أن تتمالك نفسها وهي تتنفس ببطء وقامت بفتح الباب وهي تنظر خلفها حتى تتأكد من عدم وجود آدم، ودخلت الشقة وأغلقت الباب من خلفها وهي تنظر للغرفة المغلقة بـ قلب مضطرب والصـ.راخ مازال يخرج منها بصوت تتقـ.طع له الأبدان ولاحظت أنه نسى المفتاح في الباب، فـ أخرجت هاتفها من جيبيها وبعثت برسالة إلى أختها محتواها “مريم أنا هدخل الأوضة المقفولة رني عليا بعد ساعة بالكتير أتأكدي إني عايشه لو مردتش عليكِ أطلبي البوليس” ووضعت هاتفها في جيبها مرة أخرى واقتربت من الباب بحذر وقلبها يقفز رعبًا، حاولت أن تستجمع شجاعتها وهي تحاول تنظيم أنفاسها وتقول لـ نفسها

-إيه يا نادو؟ هتخافي دلوقتي؟ فين أيام ما كنتِ بتتمني المـ.وت خلاص كل ده بلح دلوقتي؟، إنتِ ماشية صح وأياً كان مين اللي جوا فإنتِ لازم تنقذيه من ظلم دراكولا، متخافيش وجمدي قلبك، إنتِ مبتعمليش حاجة غلط

قامت بفتح الباب ونظرت أمامها برعب لما تراه..

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *