رواية في حي السيدة للكاتبة هاجر خالد الفصل الثاني والعشرون
عائشة!
صرخ بها مروان بفزع وهو يرى جسد أخته يتهاوى أرضًا، اقترب منها بسرعة حاملًا إياها من ثم توجه نحو غرفتها، أراد رائف الذهاب وراءه لكن سفيان وقف أمامه بالمرصاد ممسكًا بياقة قيصه، نعم، رايح فين؟
قال سفيان ببرود وعينيه تقدح شرارًا ولا يعلم كيف يستطيع السيطرة على غضبه الأهوج وعدم قتل رائف، ملكش فيه. وخاف على نفسك مني.
خاطبه رائف بغضب جحيمي ولم يستطع تحرير نفسه من قبضة سفيان، ابتسم سفيان بسخرية وهو يربت على وجهه
يا بيضة بتعرف تنطح أوي، لا مؤاخذة مبخفش من النسوان إللي زيك.
أراد أحد رجال رائف التدخل لكن فرغلي جذبه بقوة من خصلات شعره قائلًا
يا بني كِن بقا، إنتَ مش شايفهم بيتكلموا. حاشر نفسك ليه بقا؟
أشار رائف لرجاله بالخروج، ثم قام سفيان بتركه نافضًا يده بتقزز، عالعموم هسامحك يا سيفو، أصلي وعدت عيوش إني هحاول أسيطر على نفسي التلات أيام دول، وبعد الفرح هوريك النجوم في عز الضهر، وعد مني ده
قال رائف فضحك سفيان مخفيًا ألمه من ذكر سيرتها وأنها وافقت أن تكون لغيره، في أحلامها إذا حدث هذا؟
رائف، خلي بالك من نفسك إنتَ، مش فاكر كلامهم عني زمان، كانوا بيقولوا سفيان لدغته والقبر حاسب بقا ماشي، قال سفيان وهو يربت على صدره بحنان مصطنع كأنه ينفض التراب من عليه.
نظر له رائف بقرف ثم أولاه ظهره ناظرًا لأصدقائه بغضب فبعث صالح له قبله وهو يطرقع شفتيه بصوت جعل من غضبه يثور فضحك أدهم محتضنًا إياه بينما فرغلي ظل ينظر له ببرود…
خرج سفيان من البيت بغضب وهو يشعر بالإختناق يسيطر على روحه.
ثلاث أيام، ستصبح عائشة ملك لرائف بعد ثلاث أيام، هذا إذا تركها أصلًا…
سفيان إهدى لو سمحت…
قال أدهم وهو يركض وراءه ليلاحق خطواته الغاضبة.
محدش يكلمني، متقوليش أهدى وأبعد عني دلوقتي…
قال سفيان بشراسة وهو يناظره بطرف عينيه، لأ، وأقف كده بعد أذنك.
قال أدهم بغضب ثم سحب أخاه بقوة وهو يسند جسده على الحائط، فوق. وفكر هتعمل إيه، قال أدهم بقوة رامقًا إياه، ولكن تداعت قوته حينما رفع سفيان عيناه الباكية نحو السماء.
أنا مستنيها بقالي عشر سنين، بدور عليها من ساعة ما خرجت من السجن، ومعرفتش أوصلها، ولما لقيتها تاني ضاعت، ضاعت في غمضة عين، قال سفيان بألم شديد وقد فاضت عيناه بيأس لينظر به أدهم بحزن من حالته، مش هقدر يا رب، أرجوك مش تبليني بخسارتها…
حين سمع أدهم جملة أخيه المتألمة أحتضنه مطمئنًا إياه بشراسة لا تليق إلا بهم…
فوق، متنساش إنتَ مين، عائشة مجبورة عالجوازة دي، فكر هتعمل إيه، من غير ما تضيع نفسك ولا تضيعها منك…
فجاة لمعت أعين سفيان بحماس ثم نظر لأخاه مخاطبًا إياه بنبرة خطرة، تلك النبرة التي لا تخرج إلا قبل حدوث كارثة من قبلهم
في دماغي حاجة، بس خطيرة شوية، ومحتاجك جنبي، قال سفيان فغمزه أدهم بمشاكسه.
أفكارك بتسببلنا مشاكل دائمًا، وأنا من صغري بتاع مشاكل، إحتضن سفيان أخيه بإمتنان ليمسعوا صوت صفير ساخر تبعتها نبرة باردة، يظهر كده إننا ملناش لازمة، قال فرغلي ببرود وهو يستند بجسده الضخم على الحائط من خلفه، أما صالح فكتف يديه قائلًا بنبرة شخص تعرض للخيانة، مكنش العشم يا سفيان، بتخوني! ومع مين مع صاحبي، ليه يا دنيا بترشي على جرحي كلونيا، أطلق سفيان ضحكة عالية بينما أدهم ضربه بمشاكسة معتاد عليها معه، أخذ فرغلي نفسًا عميقًا ثم خاطب سفيان بنبرة جادة، بص يا عم الناس، أنا معاك من هنا لحد آخر الدنيا، شوف هتعمل إيه واعرف إننا دائمًا في ضهرك، نظر له سفيان بامتنان ثم فجاة نظر للفراغ ببرود كأنه يتأكد من الشيء الذي يريد تنفيذه، تنهد سفيان بهدوء ثم نظر لأدهم سائلًا إياه، معاك رقم داوود؟
توسعت أعينهم بدهشة، بينما صالح وضع يداه على رأسه سائلًا بهلع، داوود مين؟ ابن عمك؟ داوود الباشا؟
هز سفيان رأسه بالإيجاب فابتسم فرغلي بتلاعب وهو يشمر كم قميصه بحماس أما أدهم أخذ نفسًا عميقًا وخاطب أخاه قائلًا، أنت واثق من إللي هتعمله؟
هز سفيان رأسه مرة أخرى ليلطم صالح بفزع زائف، سفيان فوق كده باللّه عليك، داوود آخر مرّة جه فيها هنا ولع في سبع محلات وعربيتين وكان هيقتل عمك حمادة صاحب القهوة، قال صالح محاولًا إثناؤه عن رأيه ولكن لم يدرك أنه زاد من حماس سفيان، أدهم، كلمه وقوله سفيان عايزك في طلعة، طلعة كبيرة المرادي، كبيرة أووي.
قال سفيان بحماس شرس وهو يضرب الحائط المجاور له بأصابعه دقات طفيفة برتم واحد، ابتلع أدهم وصالح ريقهم ناظرين لبعض بتوتر من القادم، داوود الباشا إذا جاء سيأتي الجحيم معه، وستكون الأيام القادمة مقلقة للغاية، لا أحد يستطيع السيطرة على هذا الرجل، وإشراكه معهم يعني الدمار حقًا، ابتسم فرغلي وسفيان بحماس ناظرين لبعضهم بنظرة خطرة يعرفونها سويًا، لقد عادت الأيام الحماسية مجددًا، ليستعد أهل الحارة لما ستراه أعينهم…
تنهد أدهم وتحرك مبتعدًا ليخرج هاتفه لكي يهاتف داوود بحرية، أما صالح فوقف مذبهلًا قليلًا، هو لا يخشى على نفسه ولكن هو لا يحب تجمعهم أبدًا، سفيان، فرغلي، وداوود كان يطلق عليهم اسم عصابة حي السيدة لكثرة شقاوتهم، وكانوا آنذاك شباب طائش، يبلغ سفيان وهو أصغرهم السادس عشر من عمره، أما فرغلي كان آنذاك فالعشرين من عمره، وداوود وهو أكبرهم اثنان وعشرون عامًا، وكان القائد لهذا التجمع.
كان كبيرًا على المشاكل التي كان يفتعلها، صاحب القهوة سب والدته فدمر القهوة خاصته، صاحب السيارة نظره له بقرف فدمر إيطارات السيارة وكسر زجاجها كله، رجل صاحب سلسلة مطاعم هنا تحرش بهايدي ذهبوا ثلاثتهم وأحرقوا محلاته كلها، ولولا ستر اللّه وعدم ظهورهم فالكاميرات لكانوا ذهبوا للسجن، وهذه نبذة بسيطة عما فعلوه
تعب العم أمجد من تجمعهم فأرسل داوود للبلدة مجددًا ليسيطر عليه والده.
كان مجنونًا بالمشاكل فلم يهدأ هناك في الصعيد وكبر وتولى مسؤلية العائلة ولأنه الحفيد الأكبر فتولى أيضًا مسؤلية البلدة هناك، عرف بصرامته وعدله أيضًا وبعد ما حدث مع سفيان أنعدل حالهم جميعًا وقلّت مشاكلهم، ولكن هذا لا يعني إنتهاءهم، مكالمة أدهم ستكون الشرارة التي ستشعل الفتيل، وسيجتمع الثلاثي مجددًا لهدف معين، وهو إبادة رائف، نظر سفيان للسماء بتنهيدة متألمة، الحمقاء تريد الزواج من غيره لتحميهم، ستعطي نفسها كبش فداء للشيطان لتنقذ حياتهم، ليسخطه اللّه قردًا إن تركها تفعل هذا، عائشة تحتاج فقط لصفعة على خدها الجميل لتتوقف عن لوم نفسها ثم سيحتضنها ليطمئنها أن كل شيء سيكون بخير، أظن بأن سفيان أصبح مجنونًا بسببها، الوحش لن يترك الجميلة، وسيحارب العالم كله للحصول عليها، وهو سيثبت لها هذا.
تآوهت عائشة بألم وهي تنهض من على السرير، مرّ يومان على ما حدث، قاطعها مروان تمامًا ولكن رهف لم تستطع ولكنها تعاتبها بعيناها، لم يستطع أحد تفهم فعلتها، سليم بين يدي رائف، لقد بعث لها بصورته كأنه يخبرها بأن الدور أصبح عليه، فأخبرته أنها ستفعل أي شيء فقط يترك عائلتها وشأنها، وقد كان الزواج طلبه، فوافقت مجبرة لإنقاذهم، روحٌ واحدة بدلًا من أرواحهم جميعًا، عائش.
قالت رهف وهي تدفع الباب بعكازها، تلك الفتاة الصامدة تبهر الناس بقوتها فقدت قدم واحدة ولكنها لم تيأس أو تترك نفسها للغرق في أحزانها، روحها.
قالت عائشة بإبتسامة حنونة وهي تمد يدها لتسندها، أنا خايفة، أرجوكِ قولي لمروان إنك مش عايزة تتجوزيه، مروان زعلان لما إنتِ ناطحتي معاه وقولتيله إن دي حياتك وقراراتك، كلنا عارفين إنك مجبورة عالجوازة دي، أرجوك مترميش نفسك للهلاك، قالت رهف بألم وهي تتحسس خد أختها فسقطت دموع عائشة بهدوء ثم ابتسمت بسخرية، وبعدين يا رهف، هارفض، هيعمل إيه رائف، هيقتل سليم، وبعد كده مروان، وإنت، وسفيان وعيلته وكل الناس إللي بحبهم وبعد كده هيتجوزني، ده أفضل حل، بس، بس مش تنسوني باللّه عليكوا، مش تنسوا إني كنت أختكم في يوم من الأيام، وكنت بحبكوا أووي، و، وأنا هحاول أتواصل معاكوا، بس لو معرفتش سامحوني، ولما ربنا يكرمك وتتجوزي وتجيبي بنوتة شبهك كده، قوليلها إنك كان عندك أخت اسمها عائشة، وعرفيها إني لو كنت موجودة كنت هحبها…
انهت عائشة جملتها الباكية فانهارت رهف معها هيا الأخرى واحتضنتها بألم، أرجوك يا رب متخلينيش أخسرها، علشان خاطري يا رب…
قالت رهف بهمس باكي وهي تتضرع لربها في لحظتها، ومن خارج الغرفة كان مروان يستمع لحديثها كله كاتمًا صرخته المتألمة بقبضته ويجلس بجانب الباب بيأس يحتل قلبه، اللعين أحاط منزلهم برجاله، وسد كل ثغر قد يمكنه من إنقاذ أخته، تذكر مكالمته الهاتفية قبل يومان وهو يخبره بأنه سيتركها عنده ثلاثة أيام لكي يشبع منها ثم في اليوم الرابع سيأتي لأخذها في زفة كبيرة، سيأتي لأخذها من عنده، من بيته ومن أحضانه، اللعين يريد كسره وكأنه يخبره لقد حصلت عليها أمام عينيك وأنت لم تستطع فعل أي شيء، مروان…
قالت ماريا بحزن على حالته، رفع مروان أنظاره إليها فنظرت لعينه بألم، عينيه الحمراء تحكي سوء ما يمر به، أنا لن أتركها له ماريا، على جثتي إن أخذها مني، سأحميها وسأفديها بروحي إن تطلب الأمر، قال مروان بشراسة وهو يضرب الأرض بقبضته، ثم نهض من على الأرض، أين سلاحك؟
سألها مروان فنظرت له باستغراب، برر مروان موقفه قائلًا، غدًا حينما يأتي الوغد اللعين سأقتله قبل أن يتزوح بها، سأريح العالم من شره وستعيش عائشة بسلام ما تبقى من حياتها، اتسعت أعين ماريا بهلع، أجننت؟!، مروان أصدمت رأسك أم ماذا؟، تريد قتله على مرأى من رجاله وتعتقد أنهم سيتركونك وشأنك، قالت ماريا بصدمة فهز مروان رأسه بهستيريا شديدة قائلًا بألم، ومن قال بأنني أريد الحياة، هذه الدنيا اللعينة لا أريدها أبدًا، جذبته ماريا من ياقة قميصه بألم سائلة إياه، وماذا عن إخوتك، هم في حاجتك، وماذا عن، وماذا عني أنا؟
ابتعد مروان عنها ثم نظر لها بابتسامة متألمة، ستعيشين معهم، ماريا أخوتي لطاف جدًا سيحبونك وسيعاملونك لو أنكِ أختهم الثالثة.
حين استمعت لجملته هزت رأسها بهستيرية شديدة وصرخت به بنبرة مبحوحة، لا أريد، أنظر مروان أقسم بأنني لن أسمح لك أبدًا حتى لو كان هذا يعني تقييدك في هذا السرير، أنت دائمًا تقول سيحلها اللّه، فقط ثق بربك هذه المرّة، هذه المرّة فقط أنا أرجوك.
انهارت ماريا أرضًا وهي تبكي دافنة وجهها بين كفيها أما مروان فجلس على السرير منحنيًا على نفسه وقد تمكن اليأس كليًا من قلبه…
يا رب يا ساتر
قال صوتٌ آجش رجولي به غلظة مخيفة وهو يدلف لمنزل فرغلي، نهض سفيان مبتسمًا ليستقبله وكذلك باقي الرجال كانوا حاضرين، ابتسم المعني بهدوء حين احتضنه سفيان وبادله الحضن بخشونة وهو يربت على ظهره بقوة، داوود باشا، ده القاهرة نورت يا جدع، قال صالح بابتسامة وهو يمد يده بالسلام، صافحه الآخر ثم احتضنه سائلًا إياه، إيه يا باشا، مين خرشمك كده وعلّم عليك؟
انطفئت ابتسامة صالح فورًا فعلم داوود أن لمس وترًا حساسًا عنده، أعتذر له بنظراته فربّت صالح على كتفه، أما داوود فاقترب من أذنه قائلًا له بتوعد، أشوف سفيان عايز إيه وساعتها هفوقلك، لو مقولتش مين عمل فيك كده، استحمل إللي هيجرالك، حقك هجبهولك غصب عنك فاهم؟
قهقه صالح من شراسته المعهودة وضربه على كتفه بمزاح، أهلًا بسيد المعلمين، قال فرغلي الذي جاء من الداخل حاملًا أكواب القهوة للضيوف كي لا تخرج زوجته أمام أصدقائه، احتضنه فرغلي هو الآخر وبعد عدّة دقائق جلسوا سويًا يرتشفون القهوة، إلا فين الواد أدهم…
قال داوود بهدوء وهو يخرج سيجارة ليشربها بعدما استئذن من فرغلي، آه لو سمعك بتقول عليه كده.
قال صالح بمرح فأبتسم داوود على جملته، بيمهد الموضوع لأبويا…
قال سفيان بنفس النبرة، فهز داوود رأسه بتفهم، وبد إنتهائهم من شرب القهوة اعتدلوا في جلستهم فجأة لينتفض صالح في مكانه، يا رب أستر يا رب، حاسس إني قاعد في تجمع شياطين والعياذ بالله، قال صالح بهمس ثم أمسك قميصه تافلًا فيه عدة مرات وهو يستعيذ باللّه، نظروا له بتستغراب ليبتسم ابتسامة واسعة وهو يرفع يده ليربت على كتف داوود، منور يا كبير.
قال صالح بابتسامة فنظر له داوود ببرود، ثم تنهد بقلة حيلة ونظر لسفيان.
عايز الموضوع من طأطأ لسلامو عليكوا، فاهم؟
قال داوود ببرود وهو يضع قدم فوق أختها وفرد ذراعيه على طول الأريكة الجالس عليها، تنهد سفيان بهدوء ومن ثم بدأ يقص عليه كل ما حدث معه، بالتفصيل الممل، ومحكيتش ليه ده كله من الأول؟
تساءل داوود بغضب وشراسة وهو يضرب الطاولة بقبضته، معرفش، مكنتش عايز أحكي.
قال سفيان بسماجة وهو يستند بظهره للوراء، ضحك صالح فجأة فنظر له داوود بغل ليكتم صالح قهقهته ولكن لم يستطع…
ماشي يا باشا، حسابك معايا مش دلوقتي، حسابك بعدين بعد ما نربي الكلب ده.
قال داوود بتوعد وهو يقلص المسافة بين حاجبيه حتى كادا يلتصقا، فنظر له سفيان بسخرية وكأنه يقول له أعلى ما في خيلك أركبه.
اتسع فم داوود في قهقهة شرسة ثم نهض من مكانه بغل لاكمًا سفيان، معلش مقدرتش أمسك نفسي عنك، انتفض صالح وفرغلي من مكانهم بفزع ليطمئنوا على سفيان، سفيان إنتَ كويس، بقك لسه في مكانه، قال صالح بقلق فنظر له فرغلي بسخط ليبتسم بخوف، أرجع داوود خصلات شعره السوداء الحالكة للوراء ثم نظر له قائلًا، المطلوب دلوقتي إيه؟ نربي الكلب؟ ولا تتجوز السنيورة؟
نهض سفيان من مكانه بغضب محذرًا إياه من التفوه عنها بكلمة فابتسم داوود ببرود وجلس مرّة أخرى، أما فرغلي فوقف متربصًا لهم، كي يستطيع اللاحاق بهم إذا أرادوا الشجار، زوجته نظفت البيت اليوم ومسحته، إذا أرادوا الشجار فليتشاجروا في الخارج.
جابر، جهز الرجالة وروح للعنوان ده، هتلاقي شزية رعاع كده واقفين حوالين البيت ده، لموهم وودوهم على المخزن بتاعنا في القاهرة، قال داوود بهدوء وهو يهاتف مساعده فنهض سفيان من مكانه قائلًا، مش قدامنا وقت كتير، عايزك تعرف إننا هنتعامل مع واحد ممكن تشوفه، طز
قال داوود ببرود فابتسم فرغلي وصالح أكا سفيان فشمر قميصه قائلًا جملته المعتادة قبل المصيبة التي يفعلها، أستعنا عالشقا باللّه، …
دق باب المنزل ببطء ففتح مروان الباب بإستغراب، الرجال لا يسمحون بالزوار بالدخول لهم، نظر للماثل أمامه وتحولت نظراته للقلق، سفيان وأصدقائه ومعهم وجه جديد، ومخيف
أتفضلوا
قال مروان فدخلوا للمنزل ببطء وجلسوا في الصالة، أنا هتجوز عائشة…
قال سفيان فجاة دون مقدمات فشرق صالح في كوب الماء الذي كان يشربه، وابتسم داوود بتسلية أما فرغلي فضرب جبينه بقلة حيلة، أفندم؟!
قال مروان بغضب وهو ينهض من مكانه، مهو أنا مش هسيبها ليه، وعلى جثتي حد تاني ياخدها، خاطبه سفيان بغضب هو الآخر، فلكمه مروان بغل صارخًا به، إنتَ بتتكلم عن أختي يا حيوان…
نهض داوود بتثاقل ثم فصل بينهم ممسكًا بسفيان بين يديه لكي لا يفقد نفسه ويتهور، إهدى يا باشا، إحنا جايين في خير، قال داوود بتحذير ولكن مروان لم يهتم لهم وجلس مكانه مرة أخرى، ناظرًا للأمام بتوتر كأنه لا يعلم ماذا يفعل، أنا عارف إنك خايف، بس أنا آخر واحد تخاف عليها منه، أنا مستعد أفديها بحياتي، مروان لو سمحت واللّه العظيم أنا اتغيرت، جربني طيب، لو جاتلك واشتكت منك اسحب سلاحك وموتني في ساعته أعمل فيا ما بدالك بس جوزهالي.
قال سفيان بقوة وهو يتخطى داوود ليواجه مروان، ابتسم أصدقائه له بفخر، بينما مروان نظر له بتيه، عائشة هتضيع مننا يا سفيان.
قال مروان ليسحبه سفيان بقوة هازًا إياه بغضب ليفيق، لو سكتنا هتضيع، بس إحنا مش هنسكت، هنجيب حق مامتك وباباك وحقك وحقي من الزفت ده، بس فوق متيأسش، قال سفيان بقوة، فرفع مروان عينيه له وقد غاصت بالبكاء فاحتضنه سفيان بقوة خافيًا إياه عن أعينهم، إنتَ عمرك وثقت في ربنا وخذلك؟، أبدًا صح، ثق في ربنا المرة دي كمان…
قال سفيان بقوة فهز مروان رأسه بقوة هو الآخر كأنه اكتسب الحماس منه، مش هسمحله ياخدها، على جثتي إن عمل كده، قال مروان بغضب مشتعل فابتسم سفيان له مؤكدًا كلامه، صفر داوود بتسلية لينظروا له، رن عالمأذون يا حبيبي، وهات أبوك وأمك ليخلوا حياتك جحيم، قال داوود فنظر له سفيان بقرف، أما مروان فطمئن نفسه أنه يفعل الصح وأن هذا يصب في صالح أخته، هو أنا حاسس إن في مشكلة صغيرة قد كده، قال فرغلي فجأة فنظروا له باستغراب، العروسة ممكن متوافقش، أو أكيد يعني، أجاب فرغلي فتنهد مروان وسفيان، ونظر صالح لداوود حينما لاحظ ابتسامته، في إيه؟
قال صالح بتساؤل ليبتسم داوود أكثر وأخبره أن يهاتف أدهم ليحضر المأذون، أبويا زمان لما يعوز يجبرني على حاجة كان بيفاجئني بيها، يعني درس كان يجيب المدرس ويكتفني علشان أقعد معاه وهكذا.
قال داوود بهدوء فنظر سفيان لمروان ليومئ له الآخر، إن كان هذا سيجعلها لن تتزوج من رائف فسيجبرها…
نهضت عائشة من على السرير ببطء بعدما سمعت ضجة خفيفة خارج غرفتها، إرتدت إسدال الصلاة خاصتها حيث ظنت بأن رائف قادم لأخذها، ثم تحركت بإتجاه الباب لفتحه، مروان، سفيان، في حاجة؟
قالت عائشة اسماءهم بهمس ثم سألتهم باستغراب، ابتلع مروان رمقه وصمت عن الحديث، لا يعلم ماذا يخبرها أساسًا، سأزوجكِ هذا الشخص كي لا تتزوجي من ذاكَ الشخص؟
نكز سفيان مروان في كتفه كي يتحدث، لينظر له مروان بسخط، ليته لم يأخذه معه لإقناعها، بصي، يعني هو، سفيان طلب إيدك وأنا موافق، قال مروان بسرعة وهو يراقب رد فعلها، توسعت أعينها بصدمة، نعم، قصدك إيه بالظبط؟
قالت عائشة بتساؤل ليبتسم سفيان بسماجة قائلًا، قصده بيقولك إن كتب كتابنا دلوقتي يا عيوشة، مُبارك يا حبيبتي، ضربه مروان بغضب ليعتذر سفيان متجاهلين عائشة التي تسحبت للداخل وحين أرادت إغلاق الباب، لاحظها سفيان فوضع قدمه ليعيقها ثم دفع الباب هو ومراون ودخلوا وراءها، لأ، لأ مش موافقة، مش ينفع صدقوني، رائف هيموتنا كلنا، وأنا مش هسامح نفسي لو عمل فيكوا حاجة، قالت عائشة ببكاء فسحبها مروان من خصرها ليحملها للخارج قائلًا بغضب، مش هسمحلك ترمي نفسك في الهلاك فاهمة، تلوت عائشة بين يديه للهروب وعلى صوت صراخها استيقظت رهف وخرجت ماريا من غرفتها، فزعوا من حالتهم ولحقوا بمروان وهم يسألونه عمّا يحدث، أختك هتتجوز…
قال مروان بابتسامة بعدما التفت لهم فنظرت له رهف بصدمة، ماله سعيد هكذا وأخته ستتزوج من عدوه اللدود؟
أختك هتتجوز مني.
قال سفيان الذي خرج من الغرفة الآن بعدما طلب منه مروان أن يحضر بطاقتها، منك؟!
قالت رهف بصدمة فهز سفيان رأسه بسعادة ثم ركض لاحقًا بمروان، نزلني، مش هسمحلكوا تبوظوا خطتي، وسع يا مروان…
قالت عائشة بغضب وهي تحاول التخلص من قبضته، ويا ترى إيه خطة الآنسة الجميلة؟ اشجيني لو سمحتِ مانت خلاص معدش ليكِ كبير، قال مروان بسخط وهو يضعها ببطء على الأريكة، متتريقش على خطتي، أنا خلاص ظبطت كل حاجة…
قالت عائشة بغضب، نظر لها مروان بترقب ثم جذبها من رقبتها ناظرًا لها بغضب، إحكي…
قال مروان بأمر لتنفي عائشة بخوف ولكنه نظر لها شرزًا فخافت منه وأخبرته بخطتها الناجحة من وجهة نظرها هي فقط؟
هموته، بعد ما نتجوز هموته وبعدين نعيش براحتنا بقا…
توسعت أعين مروان بصدمة ثم ضحك بهستيرية، يا روحي، ونعيش في تبات ونبات، ونخلف صبيان وبنات صح، إنتِ هبلة ولا بتستهبلي؟
طب والجريمة والسجن، والإعدام…
قال مروان بغضب فتوسعت أعينها باستدراك، مفكرتش فيهم…
ضرب مروان الأريكة بغضب، هتفكري فيهم إزاي وإنتِ مخك هيألك إنك هتعرفي تموتيه، يا رب اشفي الهبل والمجانين، وعائشة أختي، قال مروان فبكت عايشة بضعف ليحتضنها الآخر مطمئنًا إياها.
هيموتنا…
قالت عائشة بضعف، قل لن يصيبنا إلا ما كتبَ اللّه لنا…
قال مروان بتأكيد، نظر لهم سفيان بهدوء وأخبرهم أن المأذون في الخارج…
وفجأة، باركَ اللّه لكما، وباركَ عليكما وجمع بينكما في خير.
حين نطق بها المأذون، شعر سفيان وكأن الربيع آتى مبكرًا.
لقد أضحت حبيبته ملكًا له…
اصبحت الجميلة ملك الوحش…
هنأهم الجميع بالخير والسعادة، أبيه وجدته وأخته، وامه كذلك مع معارضتها للسرعة التي أحاطت بالموضوع، لكنها سكتت حين لمحت سعادة ابنها.
سفيان…
نادى داوود ببطء فاقترب منه سفيان بتساؤل، نعم.
اجابه سفيان، عمي أمجد والعايلة هتحرك دلوقتي عالصعيد وكذلك البنات دول، وبكرة الصبح هندق أو مسمار في نعش رائف الشافعي…
التعليقات