التخطي إلى المحتوى

رواية غوى بعصيانه قلبي الجزء الثاني للكاتبة نهال مصطفى الفصل الثامن

-من كتاب خُلق القلب عصيًا: ظننت يومًا أن رسائلي وقصة حُبي المجيدة ستكون تراثًا أدبيًا للعشاق، طاقة نور لكل اثنين اختلفا، افترقا! أردت أن تكون كلماتي حبل الوصل المنعقد بقلوبهم مهما ابتعدا.
ظننت أن سلاح حُبي سيُنافس رسائل حب غادة السمان ومى زيادة.

كل هذا تدفق من قلبي لأني عشت حبًا بمذاق التوت، وأردت أن أوزعه على الجميع بعدي. أن أعري قلبي وأصرخ بأعلى صوت لدي وأعلنها صراحة أن الحب هو جنة الله على الأرض.
واليوم وأنا أقف أمام محرقة أيامي وذكرياتي. ويعلن الدخان المتصاعد خيبة قصتي الزائفة معك، سقطت الدنيا من بين يدي وبتُ أحذر الجميع من نار الحب بعدما خُدعت بجنته المؤقتة،
رسيل.

-هل أنا استاهل ده كله؟
اعتدل لينام على جنبه ناحية الجهة المُطلة عليها وسألها باهتمام: -أنا مش فاهم حاجة، مين ده وأيه حكايته؟ أنتِ افتكرتي حاجة؟
هزت رأسها بالموافقة، ف تلهف لسماع ما تذكرته: -احكي، افتكرتي أيه؟
-هحكيلك…

كانت كلمتها خافتة مترددة، صمتت بعدها طويلًا تُراجع قرارها المفاجئ، كيف ستروي إليه جرحًا غائرًا كهذا؟ من سيكون لتعري قلبها أمامه، ولماذا؟ انتفضت من نومتها وهربت منه ومن المأزق الذي أوقعت نفسها بجوفه. تمتمت بعجل: -مفيش حاجة.
وثب خلفها إثر نهوضها المفاجئ وقلقها الملحوظ: -استنى! هتروحي فين.
تحججت: -الحمام.
لمع الكذب ف عيونها التي اخفضتهم سريعًا، كشف أكذوبتها قائلًا بثقة: -حياة!

كادت أن تخطو خطوة للأمام ولكنه عاق خُطاها قائلًا بنبرة أكثر حدة: -هروبك مش حل!
-ولا أني أحكي لك حل.؟
رد بحسم: -لا حل، مفيش مخلوق ممكن يساعدك في اللي أنتِ فيه ده غيري.
-بصفتك مين؟
رفع حاجبه قائلًا بشك: -جوزك مثلًا.
زفرت بوجهه باختناق ودفعته بإصرار مغادرة المكان الذي يجمعهم سويا، منفردة بجروحها العميقة دون السماح لمخلوق آخر أن ينبش بهما.

مرت دقائق قليلة وقف فيها حائرًا كيف يكتسب ثقتها، حسم قراره وغادر الغرفة متبعًا خُطاها حتى وقعت عيناه على شعرها الأسود الذي يغطي ظهرها واقفة أمام الشرفة الزجاجية.
اقترب منها ببطء وهو يقول بهدوء: -بلاش بصفتي جوزك، بس ماينفعش أكون معاكي من بداية الحدوتة، وتنهيها لوحدك من غيري. أحنا الاتنين في مركب واحدة لحد ما توصلنا لدار الأمان سوا أو نغرق سوا.
-أنت عايز أيه.؟
-عايز أعرف حالتك وصلت لفين؟ وافتكرتي أيه!

طالعته بصمت مريب ما بين حيرتها في الكتمان أم الإفصاح، حتى يأس عاصي من جوابها قائلًا: -طيب بلاش أنا، تيجي نروح للدكتورة بتاعتك؟
شردت لدقائق ثم أخذت نفسًا عميقًا وغاصت في تلك التفاصيل القليلة التي تذكرتها عن الماضي، زغللت أنظارها في العتمة المرصعة بالأنواع الصناعية أمامها وقالت بخفوت: -واضح أن ذكريات الماضي كلها ضلمة. ضلمة ما تختلفش عن الحاضر.

ثم طالعته بعيونها الذابلة: -طلع النسيان للي زيي هدية، مش عقاب!

لم يقطع خلوتها مع قلبها الذي شرعت في فتحه، عقد ذراعيه أمام صدرته منصتًا باهتمام، فأكملت: -كُنت واقفة قدام المراية بختار أحلى فستان عندي، كنت بلم شعري لأنه مش بيحبه مفرود، افتكر يومها رفضت أحط ميك أب على ملامحي لانها كانت منورة من غير حاجة. كان الوقت بدري، الشمس لسه مضحكتش للكون بس قلبي أنا اللي ضحك للعالم وقتها. نزلت أجرى من البيت عشان أقابله خصوصا لما عرفت أنه لغى سفره عشاني…

لمعت عيناها بدموع الحسرة وابتلعت ما بجوفها من أكاذيب هواها الزائف، دنى منها خطوة سُحلفية باهتمام: -كملي.

تقطرت دمعة من عينيها وقالت: -معرفش أيه اللي حصل، فجاة وقعت على الشط، كنت حاسة بكل حاجة بس مش قادرة أقاوم ولا أقف على رجليا، كان كابوس، كابوس مش بشوف فيه غير غدر وخيانة وعجز وحسرة. حسيت فيه بأبشع أحساس ممكن أي حد يتخيله. أخد مني كل حاجة بدون وجه حق، روحي وحبي وضحكتي ومستقبلي، طبع ختم أنانيته على كل حتة فيا، أخد كل ده بمنتهى الوحشية ومن غير ذرة رحمة، شعور بشع، فجأة كل المشاعر الجميلة اللي جوايا اتحولت لكره وغضب ونفور.

تظنه ضمادًا هو الذي جاء كجرح إضافي لا أكثر
هذا ما تجول في خاطرها وهي تسرد بشاعة الحدث، تغلفت كلماتها بالبكاء المكتوم وهي تطالع ملامحه بعتب:.

-نفس الموقف عشته مرتين، كل حاجة حصلت ما بينا كانت مش مفهومة بالنسبة لي، صورته كانت بتطاردني في كُل لحظة وأنا معاك، مكنتش عارفة أنا مع حبيب ولا عدو. أنا فين وأيه اللي بيحصل فيا؟ طيب أنا كنت معاك حياة اللي أنقذتها وأمنت على نفسها معاك، ولا رسيل اللي نبشت في مقبرة جروح الماضي وبقيت الأشباح تطاردها هنا وهناك!

انهمرت عبراتها وقالت بعجز: -دماغي وقفت عند الموقف ده، أنا مش قادرة افتكر حاجة تاني، حاسه أن الموقف ده هو البير الغويط اللي أنا وقعت فيه وضاع فيه أيديا الحاضر والمستقبل.
ثم قفلت جفونها بهدوء وتساءلت بتيهٍ: -أنا مين. وليه بيحصل معايا كل ده.؟ وليه بحكي لك أنت بالذات؟
-حياة.

ابتلع بقية سؤاله عن حقيقة الاعتداء على روحها، وتقاسمت حمرة الغضب معالم وجهة وهو يحاول نفي كل ما أدركه من مغزى كلماتها، أخذ يدق الأرض بمشط قدمه، ساد الصمت بينهم طويلًا حتى تفوه متسائلًا ومحاولًا تمالك أعصابه قدر الإمكان: -مين هو؟
ترددت قبل أن تُجيبه، تراجعت خطوة للخلف وهي تحدجه بعيونها الحائرة، حتى فاض صبره وتفجر غضبه صارخًا مع صوت تحطيم الزجاج الفازة التي طاحت بها يده: -بقول لك مين هو؟

انتفضت من مكانها بذعرٍ وبللت حلقها الذي جف، تحركت ببطء نحو هاتفه المتروك على المنضدة ومسكته بكفها المرتعش وقالت بتوجس: -افتحه…
فتح هاتفه على الفور فكانت صورة قاسم أمامه، أخذ يعاين الصورة وشرعت هي الأخرى في سرد ما يدور بخاطرها:.

-لما شفته في الفندق اتخنقت حسيت أني عايزة أهرب من المكان اللي هو فيه، بس لما نداني باسمي رسيل ، قولت ده يعرفني، ووقتها كنت تايهه عايزة أعرف الحقيقة وبس. عشان كده روحت له الأوضة بتاعته ووو للأسف…
التقت أعينهم التائهة للحظات أشار لها بحاجبه أن تُكمل، فأطرقت بخفوت: -حاول يكرر غلطه و يعتدي عليا تاني وو.

بعدما تأمل الصورة وتحولت ظنونه ليقين هتف بغلٍ وهو يتوعد أمامه صورته: -يا ابن ال، وديني ما هرحمك ولو كنت في بؤ السبع.
اقتربت منه بخوف: -هتعمل ايه؟
لزم الصمت لبرهة ثم قال وهو متأهب للذهاب: -هتشوفي.
توقفت أمامه بترجي: -استنى، هتروح فين؟
جهر بغضب: -هروح أجيبه من تحت الأرض.

وقفت أمامه راجيه بدموعها: -خليك هنا، متروحش مكان، أنا جوايا خوف وإحباط هيقتلوني، مش عايزة أبقى لوحدي، شكل الحيطان مرعب، أنا بترعب لوحدي، خليك هنا.
صمت للحظات ثم قال بعدما حسم قراره: -ادخلي غيري لبسك، هننزل.
-هنروح فين؟
-هتعرفي. يلا البسي لحد ما هعمل تليفون.

في قصر دويدار
أصبحت تتقلب بجواره على طرف السرير بقلق، منكمش في لحافها بتوجس في الغُرفة المظلمة التي لم يشع منها ألا نور شاشة التابلت الخاص بتميم، لاحظ قلقها وتقلبها، قفل الحاسوب وقال بهدوء:
-بدل القلق ده كُله ممكن نتكلم.
لم تتحرك من نومتها وقالت بفتور: -هنقول أيه؟

-هنقول أن اللي عملتيه غلط يا شمس، وأنا ما رضتش اعتابك وأنت متعصبة لأنك للاسف على حق، وبتحاولي تظهرلي الحق للنور في مكان ماشافش غير الظُلم!

أخذت تستمع إليه باهتمام، تنهد تميم بوجع وأكمل: -أيام احتلال اليهود لأحد الدول الأجنبية في القرون القديمة، كانت الحرب على أخرها، والجماعة دول أضعف ما عندهم المواجهة، كل الرجالة راحت تحارب عدوها الصهيوني، وسابت بيوتها وستاتهم ومشيوا، وقتها اليهود استغلوا ده وبدل ما يروحوا على ساحة المعركة، هجموا على القرية دي بكل قوتهم وقاموا بالاعتداء على جميع السيدات.

اعتدلت شمس في نومتها لتستريح على ظهرها وهي تستمع إليه باهتمام حتى أكمل: -طبعا العار والخزى خيم على وجه الستات، كلهم اتعرضوا للأغتصاب الجماعي من عدوهم إلا ست واحدة كانت خارجة من بيتها وماسكة في أيدها رأس الجندي اللي حاول يقربها، وفضلت تصرخ بكل فخر وهي بتقول يا أما يقتلني يا أقتله . تعرفي حصل أيه بعد كده؟
حان منها صوت الأنين منصتة إليه: -أيه؟

-كل الستات هجموا عليها وقتلوها، عشان يقتلوا معاها صوت الحق، عشان لما أزواجهم يرجعوا من الحرب، مش يلوموا عليهم، وليه مدافعوش عن نفسهم زي الست دي. اتكاتر صوت الشر على الحق لحد ما دفنوه، دفنوه عشان محدش يعايرهم ولا يكون أحسن منهم.
ثم تنهد بحرقة: -أهو أحنا بقينا عايشين في الزمن ده، وبالأخص في القصر ده، أن الحقيقة اختفت كل ده ومظهرتش للنور معناه أن سيف الشر بيقطع لسان كُل واحد بيحاول يقول الحق.

نهضت شمس من نومتها معاتبة: -أنت كُنت عايزني اسكت لها بعد اللي عملته معاك ومع حياة ومع جدتي؟ دي ست القتل بيجري في دمها، أنا مش هعرف اسكت لها بعد النهاردة؟
-هل مواجهتك ليها حل؟ بالعكس دي فتحت أبواب شرها في وشنا. عبله المحلاوي مستعدة تعمل أي حاجة عشان تحافظ على مكانتها.

أعلنت شمس بتحدٍ: -وأنا وراها، شوفت الحكاية اللي أنت لسه قايلها! أنا بقا الست دي، يا أقتلها يا تقتلني؟ أنا مش هسمح لها تاخد مني تاني حد يخصني.؟
لاحظت ابتسامته المحياه على وجهه التي جاءت منافية لمغزى الحديث، رمقته باستغراب: -أنت بتبتسم ليه؟

جُملتها العفوية تُشبه إنبعاث الضوء من زاوية صغيرة في جوفه الذي ظلّ مظلمًا لسنين طويلة، أطال النظر إليها وقال بأمل يتدفق في مقلتيه: -اعتبره اعتراف صريح بأني حد مهم في حياتك مش عايزة تخسريه؟
تضاربت رغباتها مع قناعتها وهي تسترجع ما قالته بعفوية، انتفضت مقلتيها هنا وهناك حرصًا منها ألا تلتقي بعيونه الكاشفة وقالت هاربة من حصار نظراته: -أنا هنام، تصبح على خير.

تكومت تحت غطاءها وهي تعاتب نفسها عما أفصحت به بتلقائيتها، بدأ سؤاله يخربش على جدار عقلها تارة وجدار قلبها طورًا، حتى غاصت في أعماق الحيرة واستسلمت للنوم الذي اتخذته كهدنة من تلك الحرب الشرسة التي اندلعت بها.

بعد الثانية عشر من متتصف الليل
خرجت نوران من الغرفة تتسلل كاللصوص وتخطو بحرصٍ كي لا يراها أحد حتى وصلت إلى الحديقة الخلفية بالقصر وانفجر خوفها وحرصها الشديد بوجه كريم الذي لم يكف عن الاتصال بها، فهتفت معاتبة بجزع: -تصدق انا غلطانة اني اديتك رقمي، اقولك على حاجة انا هغيره خالص.
كريم بحيرة: -ممكن تهدي،؟
-اف؟ هديت أهو، ايه المهم اللي ينزلني اقابلك في الساعة دي؟

تجولت عيني كريم بالحديقة حولهم للحظة ثم زفر متنهدًا: -انا كنت عند مراد من شوية، وحالته كانت صعبة اوي.
جهرت نوران بصوت عالٍ باعتراض واضعة يديها على خصرها: -وأنت جاي تقول الكلام ده بعد ما أخوك جرجرها وبهدل البنت، بصراحة يستاهل، دانا نفسي اشوفه عشان أكسر دماغه بنفسي.
حدجها كريم معارضًا: -وبالنسبة للي عمله عاصي في هدير؟ ده عادي بالنسبة لك؟
-عاصي قال قدامنا انه مش قصده يوقعها، اختك اللي وقعت لوحدها.

تفوه كريم باصرار: -قصده ولا مش قصده متنكريش انه السبب في اللي حصل لهدير.
وبخته باعتراض: -وانا مالي بكل ده، هو أنا اللي وقعتها، روح حل مشكلتك مع ابنك خالتك الغريب ده اللي عمري ما استريحت له.
-مش موضوعنا، وهدير وعاصي سيبك منهم، المهم عايزك تساعديني نرجع مراد لعالية.
ضحكت باستهزاء: -انت بتحلم! أخوك الهمجي ده يروح يتعالج مش يتجوز.

-يا نوران افهميني، أنتِ الوحيدة اللي قاعدة مع عالية طول الوقت، وهتعرفي تاخدي وتدي معاها فالكلام، عايزك تفهمي منها لو فعلا بتحب مراد وفي سوء فهم حصل ما بينهم، نحاول نصلحه سوا ونجمعهم.

ثم اقترب منها متوسلًا: -مراد بيصفي حساباته وهيسيب البلد كلها ويسافر، أنا مش عايز اخسر أخويا، أنا اتربيت بعيد عنه، جيه الوقت اللي اقف جمبه، مراد طول عمره وحيد وبعيد عننا وانا مش عارف ازاي الحياة كانت وخداني كده عنه، ممكن يا نوران تساعديني؟
فكرت قليلًا ثم قالت: -طيب سيبني أفكر الاول وأعرف عالية عايزة أيه!
ثم تراجعت سريعًا: -بس ده مايغيرش رأيي بردو أن أخوك يستاهل كل ده. أوعى تكون أنت كمان غبي كده زيه!

تبسم كريم بطيف ابتسامة وهو يقول بفخر: -أنا مفيش أطيب ولا أحن مني، والأيام هتثبت لك ده.
حدجته بإنكار: -وتثبت لي ليه؟ الكويس كويس لنفسه. تصبح على خير يا هندسة.
-استنى بس.
تأفف بضيق: -في أيه تاني؟
-متغيريش رقمك والكلام الأهبل ده عشان المرة الجايه هتلاقيني جيت لك من الشباك، ومش بعيد عليا وأنتِ عارفة.
تبسمت بتحدٍ: -بلاش، عشان أنت اللي مش عارف أنا ممكن أعمل فيك أيه لو كررتها.

مجرد ما أردفت جملتها ولت ظهرها مغادرة لتضب حقائب قلبها التي فُتحت أمامه على مصرعيها بدون رقابة منها. وهي تلوم نفسها: -أيه الهبل ده! مش ناقصه غير سي كريم كمان!

صباحًا
صف عاصي سيارته أمام قريته السياحية بالغردقة، وفك حزام الأمان ثم ولى إليها يتأمل ملامحها النائمة بحب ممررًا ظهر كفه على وجنتها الناعمة مناديًا باسمها الذي أطلقه عليها: -حياه،!
فتحت جفونها ببطء: -أحنا فين؟
ثم تفحصت المكان حولها وكررت سؤالها: -أحنا هنا بنعمل أيه؟
-أهدي ممكن، انزلي يلا نرتاح ساعتين عشان عايزك فايقة النهاردة.

حاولت استيعاب كلماته ولكنها كررت حيرتها متسائلة: -بردو أحنا جينا هنا ليه؟
-عشان تعرفي كل حاجة. ممكن تنزلي بقا.
حررها من حزام الأمان وقال بهدوء: -انزلي يلا مش عايز أسئلة كتير.
هبط من سيارته وأشار للسائس كي يصف السيارة بمكانها، نزلت حياة خلفه وانتظرته قليلاً حتى جاء وغلغل أصابعه بكفها المرتجف وقال بهمس: -مفيش داعي للخوف ده على فكرة، أنتِ معايا في أمان.

أومأت بخفوت وتابعت خُطاه بصمت حتى وصل إلى جناحه الخاص، قفل الباب عليهم بعدما طلب لها الإفطار، رمقته بتردد حتى قطعه بحزم: -ارتاحي شوية لحد الأكل ما يجي.

جلست على طرف السرير بتوجس وهي تراقبه يجري العديد من الاتصالات الهاتفية بشرفة الجناح الذي يفصل الزجاج بينهم فلم تفهم منها إلا أن عصبيته فاقت الحد، امتدت عيونها وأذانها محاولة منها أن تسمع شيئًا ولكن بدون فائدة، نهضت إثر صوت الباب لتفتحه، إذًا بالندال يجر أمامه طاولة الطعام، شكرته بخفوت حتى انصرف، جاء عاصي في هذه اللحظة مغيرًا جلده تمامًا راسمًا على وجهه ابتسامة طفيفة وقال: -يلا عشان نفطر.

-ماليش نفس.
حدجها بحدة: -اسمعي الكلام من غير مقاوحة، لو سمحتي اتفضلي عشان تاكل وتنامي.
-انا مش هنام ولا أعمل أي حاجة غير لما تقول لي جينا هنا ليه؟
قفل جفونه للحظة كي يتمالك أعصابه ثم قال: -طيب اقعدي ناكل وهقولك بعدها عشان ماينفعش ننزل وأنت مأكلتيش حاجة من امبارح. يلا اقعدي.

جلست مرغمة لأوامره واكتفت بالقليل من الخضراوات ولكنه لم يجبرها أكثر على تناول المزيد، انهى الثنائي إفطارهم الذي ختمه عاصي قائلًا: -ترتاحي شويه ولا نقوم ننزل.
-هنروح فين الأول؟
مسك كفها بحنو ثم قال: -هنتعرف سوا على رسيل قنديل المصري.
بدهشة: -أيه؟
هز رأسه متسائلًا: -يلا؟
تحمست بمزيج من الخوف والقلق: -تمام…

عودة إلى القصر
-صاحية بدري ليه يا عالية؟
لمست أقدام عالية أخر درجة من السُلم فتوقفت إثر سؤال عبلة الأخير، فأجابت بضيق: -عندي جامعة والامتحانات قريب وكفاية لحد كده اهمال.
هللت عبلة بفرحة: -برافو عليكي، أيوة كده أنا عايزاكي قوية، كل اللي فات ده ارميه تحت رجيلكي.
أومات بخفوت وتأهبت للمغادرة: -تمام. بعد أذنك.
-استنى يا عالية، طنط يسرية من أول ما عرفت باللي حصل لك وهي متأثرة وعايزة تقعد معاكي شوية.

ثم مالت على أذانها بهمس: -وشكلها كده عايزة تخطبك لابنها وليد، حقا يا عالية لو حصل هيبقى عوض ربنا بحق، أصلك متعرفيش ابنها شغال في الخارجية وباباه سفير، أنا مش عارفة ازاي كنت بأجل الموضوع ده من زمان.
أحست عالية بالاختناق ثم قالت بضيق: -مامي عندي جامعة، ومش وقته الكلام ده.
جاء كريم من أعلى وألقى تحية الصباح: -صباح الخير.
التوى وجه عبلة بضيق: -أنت هنا يا كريم؟

-ااه يا خالتو، جيت أخد حاجات لهدير والوقت اتاخر فنمت.
أردفت عبلة بضجر: -بصراحة كده يا كريم من وقت اللي عمله أخوك في بنتي وأنا.
قاطعتها عالية بحزم: -مامي، كريم ملهوش دخل بكل اللي حصل.
غير كريم مجرى الحديث قائلًا: -تعالى أوصلك في سكتي.
أومات عالية بالايجاب، فسبق كريم خُطاها، تأهبت أن تلحق به فأوقفتها عبلة: -كلامنا ما خلصش يا عالية.

تجاهلتها عالية وهربت من أسر ولعنة أمها متبعة خطاوي كريم، أما عن عبلة فأخذت حقيبتها ومفاتيحها وغادرت البيت هي الأخرى…
بالطابق العلوي
انتهت شمس من أداء صلاة الصبح، ما أن فرغت من صلاتها سبقها تميم بحب: -تقبل الله.
-منا ومنكم.
ثم قامت من فوق سجادتها واقتربت منه: -تحب تفطر أيه؟
-سيبك مني، أنتِ مش بتروحي جامعتك ليه؟ على فكرة أنا مش بحب الإهمال ده.

أجابت بتردد: -معاك حق والله، أنا فعلًا مقصرة وكنت بفكر اسيب السنة دي كلها…
-تفتكري ده حل؟
-مش عارفة يا تميم، حياتي كلها اتشقلبت أنا مابقتش فاهمة بيحصل أيه ولا عارفة اتأقلم، أنا متلخبطة أوي.
-عشان كده حجزت لنا كلنا نغير جو وفرصة عشان ترتبي أولوياتك.
ثم صمتت للحظات وسألها بتخابث: -نمتي كويس النهاردة؟
أومات بخفوت ثم ردت عليه: -اااه نمت، وأنتَ؟
-بصراحة لا، منمتش خالص.
-ليه كده.؟

اقترب منها بمقعده المتحرك ثم قال: -البركة فيكي!
-أنا؟ ليه بس؟
ابتسم بمكرٍ: -هربتي قبل ما تجاوبي على سؤالي، وسبتي دماغي تودي وتجيب لوش الصبح.
-هااه؟ أي سؤال؟ أنا مش فاكرة!

أنكرت فهمها لمغزى كلماته، كي لا تقع في فخه مرة ثانية حتى قال معترفًا وهو يحتوى كفها: -بعد اللي حصل إمبارح وأنت بقيتي حد مهم أوي في حياتي يا شمس، حد مش حابب أخسره باقي عمري، مش هقول كلام لسه بدري عليه، بس أنا من أول وقت شفتك فيه اطمنت، يمكن شعور الأمان هو اللي جابني لحد عتبة بيتك.

أؤمن أن العلاقات بين البشر لا تُقاس بالحب بقدر ما تقاس بالأمان، الحب يتوهج ويخبو أحيانًا أما الأمان فهو شعور دائم متصل، أن أستأمنك على عيوبي وزلاتي، على تلك الأشياء التي أخاف قولها لنفسي مع يقيني التام بإنك لن ترمي يومًا ما استأمنتك عليهِ في وجهي…
زاغت عينيها بتوتر حتى تفوهت بحيرة تمتمت بخفوت: -يعني أيه، تميم.

ضغط على كفها المرتجف ثم قال بهدوء: -الموضوع مش مستاهل الخوف ده كله، أنا حسيت بحاجة فحبيت أعبر عنها، وعلى فكرة أنا مش مستعجل خالص، خدي وقتك على أقل من مهلك.
تسارعت ضربات قلبها وتعالت أنفاسها المضطربة وغمغمت: -أنا، أنا م. ش فاهمة، وقتي في أيه؟
-أيه يا دكتورة! كنت فاكرك أذكى من كده؟
ردت بشرود: -أنا مقدرة مشاعرك وو.

ثم تنفست بصوت مرتفع وضحكت بتوتر انعكس بحُمرة ملامحها وأخذ تلوح بيسارها كي تخلق المزيد من الهواء: -تميم، أنا جعانة وأنت؟
غمز بطرف عينه: -شوفي هتفطرينا أيه وياريت في السريع عشان في مشوار مهم ورانا.
وثبت بحماس كي تهرب منه ومن عيناه القاتلة وقالت بتنهيدة عالية: -حالًا. هجهز الفطار وأجي…

-طبعًا مكنتش متخيل أن الأيام تجمعنا تاني؟
أردفت عبلة جُملتها الأخيرة على أذان العم حسين الذي باغتته بزيارتها الغير متوقعة، أجابها تحت غلاف صدمته:
-نورتي يا هانم، تعالى اتفضلي.
ردت بحدة: -أنا مش جاية اضايف، هما كلمتين ملهمش تالت.
-تحت أمرك يا عبلة هانم؟
-قول لي تعرف أيه، أيه السر اللي عندك عشان تميم دويدار يجيلك لحد هنا؟

تأوه العم بمرارة مستندًا على عكازه: -اااه! هو نفس السر اللي جابك هنا عشان تتأكدي منه.
تلون وجه الحرباء وقالت بغضب: -بس أنت عاقل وما قولتش حاجة لتميم؟
-قولت له اللي يخليه يحط رجله على اول سلمة للحقيقة، بس مسيره هيوصل، سواء دلوقت او بعدين.
اقتربت عبلة بنيرانها التي كادت أن تحرقه: -ما تلعبش بالنار وعيش الكام يوم اللي باقيين لك في سلام، وزي ما سكتت زمان، اسكت دلوقتي!

تبسم بغرابة: -وأروح فين من ربنا؟ مش كفاية سكوت لحد كده والحق ترجعيه لصحابه!
-أنت عرفت أزاي أن عاصي مش ابني؟
نور ضوء الحق بوجهه: -منك، لسه قايلة بعضمة لسانك أهو!
وقعت عبلة في فخ شرها، تراجعت للخلف خطوة ثم عادت إليه بقوة: -اسمعني يا راجل أنت، عشان أنا عارفة طريقة التعامل مع أشكالك بتكون أزاي. تاخد كام؟
-نص نصيب عاصي بيه دويدار.
-دا انت بترسم على تقيل بقا؟
أومىء بمكرٍ: -ونص نصيب الهانم الصغير.
-كمان؟

-ماهي كمان مش بنتك، ولا أيه؟
بدا الارتباك يقاسم معالم وجهها فتفوهت بحرقة: -أنت بتقول أيه يا جدع أنت؟ انت اتجننت! انا ممكن امحيك من على وش الدنيا. وبعدين أنت فاكر حد هيصدق الجنان بتاعك ده؟
رد باستسلام: -قادرة وتعمليها يا هانم. عموما أنا مش بقول كلام، أنا معايا الدليل كمان.
سقط قلب عبلة بين كفيها وقالت بقلق: -دليل أيه؟

حسم العم حسين المقابلة وقال: -المقابلة انتهت يا عبلة هانم. ااه ومش أنا اللي ابيع ضميري بشوية ورق ملون زيك، بس صوت الحق هيجيله يوم ويظهر.
حدجته عبلة بغلٍ: -كل كلمة قولتها هتتحاسب عليها…
ثم تركته مسرعة وانصرفت تهرول من أمامه، مجرد ما صعدت سيارتها هاتفت فريد بلهفة: -فريد، أنا عايزة مساعدتك ضروري.

-هنا بقى يا ستي بيت قنديل المصري . أبوكي.
قال عاصي جملته الأخيرة وهو يشاور بسبابته على أحد المنازل العريقة التي تتسم بالأصالة والفخامة، فتحت رسيل الباب ودلفت من السيارة تتفقد أنحاء المنزل بعيونها الشاردة، نزل عاصي وراءها ووقف بجوارها:
-ماينفعش حد يشوفك دلوقتي.
-ليه؟
-عشان مش وقته، دلوقتي أنا عايز رسيل تفتكر وترجع لنفسها وتسترجع قوتها، عشان في حرب كبيرة مستنياكي.

دارت إليه بذهولٍ: -حرب أيه؟ ومع مين؟
نصب قامته وشرع في رواية ما توصل إليه: -الحادث اللي حصل لكم في البحر، أدى لوفاة والدك، وطبعا أنتِ مفقودة، وأخواتك كمان اختفوا من الوسط كله، يقال أنهم هربوا، وناس بتقول طلعوا رحلة صيد وغرقوا. لسه التحريات شغالة.
أغرورقت عيونها بالدموع وهي ترتجف: -يعني أنا لوحدي! هفضل أدور ورا أمل باهت؟

ثم أجهشت بالبكاء وهي تتمسك برأسها: -أنا عايزة أهرب من هنا. أنا مش عايزة افتكر حاجة، أنا راضية بالنسيان.
ربت على كتفها: -أهدي ممكن! بقولك لسه التحريات شغالة.
-طيب أنا ينفع ادخل البيت؟
-ماينفعش دلوقتِ مش عايزين نلفت النظر، خاصة أن ابن عمك بعد ما استولى على ورثكم كله مش هيسيبك لو عرف أنك لسه عايشة. واحدة واحدة وأنا معاكي ومش هسيبك.

ألقت نظرة أخيرة على البيت المقفول على ذكرياتها وقالت بنبرة مرتجفة: -يلا بينا، أنا مش عايزة اقعد هنا.
مسك كفها بقوة وطالع عيونها بإصرارٍ: -أنا معاكي ومش هسيبك، مش عايزك تشيلي هم حاجة. يلا أركبي…

-وبعدين فيك، أنا عندي مذاكرة، هتفضل كل شوية ترن عليا كده مش هينفع!
اردفت نوران جملتها بفظاظة وضيق من رنين كريم المتواصل، صعد كريم سيارته وقال:
-أحنا مش بينا اتفاقيات ولا لا؟ وارد تلاقيني بكلمك كل شوية!
-وانا مش فاضية لصداعك ده؟
ضحك كريم بصوت هدر ثم قال: -أنا لقيت حتة فكرة جهنمية هترجع علاقة عالية ومراد.
-وانا قولت لك مش موافقة ولسه معرفش دماغ عالية فيها أيه؟

دور كريم سيارته متأهبًا للمغادرة: -ما ده اللي مكلمك عشان تعرفيه النهاردة من عالية، أنا بصراحة حاولت أقررها النهاردة، بس هي رفضت الكلام في الموضوع خالص. المهم هعتمد عليكِ!
اصدرت إيماءة خافتة: -هحاول بس مش وعد، أما نشوغ اخرتها معاك أنت واخوك ده أيه!
ضحك كريم بصوت مسموع: -اخرتها تبات ونبات ونخلف صبيان وبنات.
-أيه الخفة دي؟

قالت جملتها باستنكار توارت خلفه ضحكتها، طوى كريم الأمر مغيرًا مجرى الحديث: -طول عمري، أنا هروح اطمن على هدير دلوقتِ وبعدين هرجع عشان اجيب عالية من الجامعة، مش عايزة حاجة!
-أنت هتقول لي خط سيرك! يلا يا بابا من هنا أنت هتصاحبني ولا أيه؟
رفع حاجبه متعجبًا: -كمان! يلا لولا بس المصلحة كنت هرد عليكي رد تاني.
-ولا تقدر.

كانت كلمتها بتحدٍ حيث انهت المكالمة بعدها على الفور وهي تقول بعناد: -هو مفكرني واحدة من البنات الفرافير اللي يعرفهم ولا أيه!

عودة إلى الغردقة
علي الياخت الخاص بعاصي دويدار وفي منتصف البحر تقف حياة شاردة متأملة الموج وهدوءه حولها، تفكر فيما أخبرها به وكيف ستواجه تلك المآسي بمفردها، تأملت السماء المُلبدة بالغيوم فوقها فأحست بصقيع الكون حولها وهي تقف بمفردها بوجه هذه العاصفة القوية.
طوق خصرها من الخلف وضمها إليه بنعومة ورفق وهمس إليها: -الحيوان اللي عمل فيكي كده هجيبه راكع تحت رجليكي.

وحقك وحق اخواتك هرجعه كله، أنا معاكِ لنهاية الطريق.
جاءها بالوقت المناسب، الوقت الذي تشكو فيه من الوحدة ومرها، ساند ظهرها لتتكئ عليه وترمي فوقه جميع همومها، تمتمت بحزن:
-وايه اللي يخليك تورط نفسك في كل ده مع واحدة حياتها بالشكل ده؟
ضمها أكثر إليه وهو يستنشق عبير شعرها المتطاير وقال: -عشان أنتِ عندي مش أي واحدة، أنتِ الواحدة اللي ماينفعش يجي بعدها حد تاني!

كان لكلماته صدى يدوي بجدار عنقها حتى تحولت أنفاسه لقُبلات خفيفة منه تتدلل فوقه، أغمضت جفونها وعاشت معه تلك اللحظة التي روت فؤادها العطش والثائر مع هدوء ثورتها وأنفاسها.
تمتم قلبها بميثاق الاعتراف عن شعوره بقربه: -يبدو أن الغيوم والسَماء والبحر يأخذوني إليك. بينما يعجزُ الطريقُ الوعر الساكن بظُلمتي عن ذلك!
تملصت من أسره بالملدوغة وقالت بتوتر ورجفة: -من فضلك.

تفهم الأمر سريعًا وحاول أن يمتص غضبها قائلًا: -أسف عارف أعصابك تعبانة، بس حبيت أقولك أني في ضهرك ومعاكي وأني عمري ما هسيبك.
بد الارتباك يجتاح جسدها: -تمام تمام، ولحد ما ده يحصل متضغطش عليا، أنا مش حابة أي تقارب بينا، واللي حصل، أنا اعتبرته حلم وانتهى ومش عايزة افتكره تاني، ياريت كل واحد فينا يلزم حدوده.

اقترب منها سابحًا في سماء عينيها وقال: -بالنسبة لي اللي حصل بينا كان أجمل حلم وواقع أنا عشته، مهما حاولنا نهرب منه أحنا الاتنين. أنتِ سكنتي في روحي على سهوه مني.
انبسقت دمعة من طرف عينيها: -أنا مش مراتك ولا حبيبتك وبلاش توهم نفسك بحاجة مش موجودة.
قطب حاجبيه مُعارضًا: -أنت اللي بتحاولي تصدقي حاجة مش مقتنعة بيها.
-لو سمحت ما تحكمش عليا، أنت تعرفني منين أصلا عشان تحلل شخصيتي!

مسك كفها وسحبها خلفه إلى غرفته الخاصة بالمركب، فتح حقيبته الجلدية وأخرج منها كتابها خُلق القلب عصيًا
قلب في صفحاتها حتى عثر على الصفحة التي يُريدها وقرأ ما كتبته:
المشاعر أول وثيقة تبدأ بين قلبين، رجل وإمراة ذابا في بعضهما كما يذوب السُكر بالماء، على من يقع اللوم يا ترى! على السكر الذي لا يقاوم الماء أم على الماء التي ذوبت السكر بها!
خدعونا فقالوا: -أن الحب الحقيقي يبدأ بعد الزواج!

والزواج ما هو إلا وثيقة ختامية لنيران المشاعر التي توقدت بالقلب، اعتراف صريح بأن سُكري يحن إلى ماءك باستمرار، الحب الحقيقي هو مفتاح الزواج، غير ذلك لا تُصدق أكذوبتهم.
فارقت عينيه الكتاب وانتقلت إليها: -ده كلامك على فكرة.
أخذت الكتاب من يده وغرقت في كلماته بشغفٍ حتى سألها حائرًا: -من رأيك اللوم على السكر ولا الماء!
رفعت جفونها بحيرة: -أنت قرأت الكتاب ده!

-مش كله، بس حابب نقراه سوا، كل كلمة متكوبة في الرواية دي من قلبك وروحك، وأنا حابب أقرأك مع أني مش بهوى الكتابه، بس هويتك أنتِ.
ارتعش الكتاب بيدها حتى سقط منها بجوف الحقيبة مرة آخرى من حدة كلماته التي رجت قلبها، مالت لتأخذه فوقعت عيناها على تلك اللؤلؤة النادرة التي أرسلها فريد مع عبلة لتُريها لعاصي، مسكت اللؤلؤة بذهول وقالت شاردة:
-أنا حاسة أني شوفتها قبل كده!

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *