رواية الفتاه التي حلمت ان تكون ذئبه الفصل السادس 6 – بقلم اسماعيل موسى
الفتاة_التى_حلمت_ان_تكون_ذئبة
6
كان واضحًا أن باتريكا لا تريد أن يعرف أحد عن المهمة، وهذا وحده جعل رعد أكثر حذرًا
لكنه لم يسألها المزيد، ليس بعد هناك أشياء تُكتشف في وقتها، وهناك أشياء يفضل المرء ألا يعرفها أبدًا.
حين خرج من القبو، كان الليل قد حلّ، وكانت الرياح تحمل معها رائحة الأرض المبللة، استنشق الهواء بعمق، ثم أخرج الصورة من جيبه وتأملها مجددًا.
لم يكن هناك الكثير ليُرى—مجرد رجل يقف عند زاوية شارع ضيق، وجهه غير واضح، لكن هناك شيئًا في وقفته جعله يبدو مختلفا، لم يكن مجرد شخص عابر، لم يكن يبدو مريحًا في مكانه، وكأنه يعرف أن هناك من يراقبه.
أعاد رعد الصورة إلى جيبه، ثم سار في اتجاه الغابة، خطواته هادئة لكن ذهنه لم يكن كذلك.
إذا كان هذا الرجل مهمًا بما يكفي لتخاطر باتريكا بإشراكه في الأمر، فهذا يعني أنه ليس مجرد بشري عادي
رعد لم يكن ساذجًا ليصدق أن الأمر بسيط،لم تكن باتريكا لتطلب منه إحضار رجل مجهول من أراضي المهجرين، سِرًا، وحيًا، دون أن يكون لهذا أهمية بالغة.
.
بعد يومين، وبينما كان يستعد للتحرك، جاءه نوار بخبر لم يكن يتوقعه.
“الرجل في الصورة ليس بشريًا.”
توقّف رعد عن ترتيب أغراضه وحدّق في نوار.
“ما الذي تقصده؟”
وضع نوار أمامه نسخة أخرى من الصورة، لكنها لم تكن مشوشة مثل تلك التي أعطتها له باتريكا،في هذه النسخة، كان بإمكانه رؤية تفاصيل أكثر، الملامح كانت بشرية… لكن العينين؟
كانتا سوداوين بالكامل، بلا بياض، بلا تعبير.
“ما هذا؟” سأل رعد بهدوء، رغم أن داخله كان ممتلئًا بالأسئلة.
“لا نعرف.” قال نوار، “لكن هناك شائعات في أراضي المهجرين. بعضهم يقول إنه ليس واحدًا منهم، وأنه ظهر هناك قبل أسابيع فقط، بلا تاريخ، بلا ماضٍ.”
نظر رعد إلى الصورة مجددًا.
إذا لم يكن الرجل بشريًا، فماذا يكون ؟ ولماذا تريده باتريكا حيًا؟
همس نوار
تعرف ان أرض المهجرين ملعونه انصحك ان لا تذهب!
لقد اتت على ذكر رفيقتى يا نوار دون خوف منى
قد تكون باتريكا متهوره لكن لا اعتقد ان تكون غبيه لتبرم صفقه كاذبه مع الالفا الذى يحكمها
هناك شيء اخر همس نوار وهو يتوارى بين الظلال كعادته
باتريكا ليست ذئبه عاديه
هل رأيت العلامات على جسدها؟
اى علامات تسأل رعد، علامات التعذيب يا رعد، لقد رأيت شكلها وقرأت عنها قبل ذلك
تلك العلامات كانت فى عصور قديمه ولم ارها ولا مره فى حياتى وانا لست مرتاح لباتريكا
ولا انا.. همس رعد وهو يعانق أخاه، لكن الإمر يستحق صدقنى
#اسماعيل_موسى
_____
كانت الغرفة شبه مظلمة، سوى من ضوء الشمعة التي تتراقص ظلالها على الجدران الحجرية،جلست باتريكا على الكرسي الخشبي القديم، ساق فوق الأخرى، تتلاعب بسيجارة لم تشعلها بعد، وعيناها مثبتتان على صورة الرجل التي وضعتها أمامها على الطاولة.
لم تكن بحاجة إلى النظر مجددًا،كانت تعرف ملامحه عن ظهر قلب.
مرّرت أصابعها فوق وجهه في الصورة، ببطء، كأنها تلمسه.
“كيف عدت؟”
همست بالسؤال لنفسها،( أو له،)( أو للهواء من حولها) م تكن تتوقع أن تراه مجددًا، لم يكن مفترضًا أن يكون هنا، في هذا الزمن، في هذا العالم حتى.
شدّت على السيجارة بين أصابعها، ثم رمتها جانبًا ونهضت، تدور في الغرفة كذئب محاصر.
“إذا كنت حيًا…”
توقفت، زفرت، وحدّقت في صورتِه من جديد.
لم يكن بشرًا ولم يكن ذئبًا
كان شيئًا آخر.
شيئًا قديمًا.
شيئًا لم يكن يجب أن يعود.
عادت باتريكا إلى مكانها، جلست ببطء على الكرسي، عينيها تراقبان الصورة كما لو كانت تبحث عن شيء مختبئ فيها
هناك شيء في وجهه جعلها تشعر بشيء غير مريح،شعور غريب بالانجذاب والتردد، كما لو كانت تقف على حافة شيء ما، شيء عميق ومظلم.
“ماذا كنت تفعل هناك؟” همست، بينما عينها لا تفارق تلك الصورة المشوشة.
كانت تعلم أنه ليس مجرد شخص ضاع في أراضي المهجرين كان جزءًا من شيء أكبر، أقدم، شيء يتحضر للعودة منذ أجيال مضت
كان الرجل، إذا صح القول، حلقة مفقودة في سلسلة لم تكتمل بعد. سلسلة بدأت منذ سنوات بعيدة، قبل أن ينقض العهد
مرت يدها على حواف الطاولة الخشبية، وعينيها ترفضان ترك الصورة، فكرت في المرة الأولى التي رأته فيها، كان في تلك الزاوية الضيقة، يختفي في الظلال، لكنه كان يُراقبها كما لو أنه يعرفها.
لكن ما الذي يربطها به؟
أغمضت عينيها، كأنها تحاول استحضار لحظة تائهة في الذاكرة، لحظة قد تكون مفتاحًا لكل هذا، لكنها لم تستطع.
“هل أنا الوحيدة التي تعرف ما هو؟” قالت بصوت خافت.
ثم تذكرت اللحظة التي التقت فيها مع ذئبٍ قديم، ذئبًا ليس من جنسها، ربما من زمنٍ بعيد، وكان قد همس في أذنها قبل أن يختفي:
“إنه لا يُنسى، باتريكا.”
ارتجفت قليلاً، وفتحت عينيها لتجد نفسها عائدة من التفكير في المجهول، لكنها كانت تعلم أن الرجل، مهما كان، ليس فقط جزءًا من ماضيها… بل جزءًا من مستقبلها أيضًا.
كان مهمًا لأنها كانت تعلم أنه إذا استطاعت أن تعيده، فهي أيضًا ستتمكن من تغيير الكثير. ربما كل شيء.
“لك وحدك، إذا أردت.” قالت بصوت هادئ، لكنها كانت تعني نفسها.
____
صفحة الكاتب على الفيس بوك باسم اسماعيل موسى
كان رعد يعرف ان أرض المهاجرين
ليست أرضًا بالمعنى الذي يألفه الناس، بل شظية منسية من عالم لم يعد يعرف لمن ينتمي
تمتد كرقعة شاسعة من التربة الجافة، مزيج غريب بين الرمال المتحركة والأرض الصلبة التي تعاند خطوات العابرين
الهواء فيها ساكن، لكنه محمل برائحة قديمة، مزيج من الرماد والملح والعرق، كأنها احتفظت بذكرى كل من مروا بها دون أن يتركوا أثرًا
لا طرق ممهدة هنا، فقط مسارات وُلدت من كثرة الأقدام التي مشت فوقها، تتغير مع الزمن كما لو كانت ترفض أن تنتمي لأحد
في النهار، الشمس لا ترحم، تتسرب أشعتها إلى الجلد كإبر حادة، كأنها تريد محو كل ضعف ممن يجرؤون على البقاء.
وفي الليل، تتحول الأرض إلى كائن صامت، بردها قاسٍ كأنه يختبر صلابة العابرين، والسماء فوقها سوداء بلا نجوم، كأنها غطاء منسي فوق عالم لم يعد ينتظر ضوءًا.
كل ما سمعه رعد عن أرض المهاجرين وصله من عمه الهنطاع
الذئب الملكى الذى رفض تولى حكم الذئاب وتركه لوالده
كان الهنطاع ذئب مهيب يرفض الخضوع للقوانين وكان رعد يحبه ويركض اليه كلما عاد من أرض غريبه او رحله
وكان الهنطاع يتحدث معه عن مغامراتة الا تلك المره التى عاد فيها الهنطاع من أرض غريبه لم يصلها غيره
كان صامت لحد بعيد وطويل الشرود حتى انه لم يحكى لرعد عن مغامرته
لقد عاد الهنطاع ذئب اخر واختفى غروره وكان لا يتحدث مع أى ذئب او انسان
داخل القصر كان الهنطاع يصرخ أثناء نومه ويهب مفزوع مرتعب
ثم يتحدث لاطياف غير موجوده حتى فقد الهنطاع عقله وانتحر داخل النهر
كان يظن انها ارض وهميه حتى ظهرت باتريكا
همس رعد اللعنه ثم تحول لذئب ضخم وركض داخل الغابه
كان كلما شعر بالغضب ركض مثل الريح ينفث عن غضبه
عبرته نسمات الريح وهمسات الغابه حتى اشتم رائحتها
كانت تلك الذئبه التى حذرته ان يظهر مره اخرى داخل مناطقها
تخلى رعد عن هيئتة الذئبيه الضخمه لم يرغب فى ارعابها بسهوله
كانت الذئبة تحفر بقدمها داخل الأرض وتضع علامتها
راقبها رعد ذئبه معتده بنفسها ومغروره ثم خرج من بين الأشجار
استدارت الذئبه والتمع شعرها الامع فى اشعة الشمس
انت؟
لوحت الذئبه بسخريه ماذا تفعل هنا؟، لقد حذرتك
كان انفها دقيقه واعتقد رغد ان عمرها ربما الخامسه والعشرين العمر المحبب له
قال رعد من حقى ان اتجول فى الغابه كيفما اشاء
ابتسمت الذئبه ابتعد عن هنا، لا تثير غضبى؟
غرس رعد قدميه فى الأرض وهمس دعينا نرى إلى اى مدى قد يصل بك غضبك
كشرت الذئبه عن انيايها وركضت تجاه رعد الذى تفادها بخفه وصفعها على مؤخرتها بطريقه مبتذله
اغتاظت الذئبه وصرخت، انت ذئب ميت ثم قفزت نحو رعد الذى تلقفها فى الهواء ثم طبع قبله طويله على فمها قبل أن يضعها على الأرض بيسر
ارتعش جسد الذئبة، اشتم رعد انوثتها، سمع الذئبة داخلها تتحرك
اشتبكت الذئبة مع رعد الذى كبل يديها بسهوله واجبرها ان تظل ملتصقه به
حتى ظهرت ماجى بين الاشجار، كانت ماجى ذئبه متمرده زيلها طويل مفرود
تواصلت مع رعد، اعتذر عن مقاطعتك يا زعيم لكن الفتاه البشريه ترغب برؤيتك
ليندا سأل رعد
ايوه ليندا
همس رعد استضيفيها داخل القصر واحسنى ضيافتها
لن أراها الان
لدى مهمه اقوم بها
لم تسأله ماجى إلى أين سيذهب، ولم يكن عليها ذلك، كانت تعرف أن الرحلات التي يقوم بها وحده لا يجب أن يعرف عنها أحد.
“هل أحضرتِ ما طلبته؟” سألها بصوت منخفض.
أومأت ماجي، ثم أشارت إلى الحقيبة الجلدية الثقيلة التي وضعتها على كتفها
ترك رعد الذئبه المصدومه تسقط على الأرض فى لمح البصر وصل ماجى
امسك الحقيقه وفتحها وتفحص محتوياتها:
خريطة قديمة، ليست لأي أرض يعرفها، ولكنها الدليل الوحيد إلى المكان الذي يقصده.
سكين ذو مقبض منحوت، أقدم من أي سلاح آخر يملكه، له قصة لا يرويها لأحد.
قارورة زجاجية صغيرة تحتوي على سائل قاتم، هدية من نوار، لم يسأل عن مكوناته، لكنه يعرف أنه سيحتاجها.
قطعة قماش سوداء كانت تخص رفيقته الراحلة، لا تفيده بشيء مادي، لكنه لم يستطع تركها.
ارتدى رعد معطفه الداكن، ثم ربط الحقيبة حول جسده. كان على وشك المغادرة حين همست ماجي:
“هل ستعود؟”
نظر إليها للحظة، ثم قال دون أن يدير رأسه:
“إذا لم أعد، فأنتِ تعرفين ماذا تفعلين.”
ثم اختفى في الظلام، تاركًا وراءه قصرًا يعرف أنه قد لا يعود إليه كما كان وخادمه تملأئها الشكوك
وذئبه متمرده تحملق بزهول
التعليقات