التخطي إلى المحتوى

الفصل التاسع

 وأسدلت أهدابها 

دلف إلى الغرفة ليشعر أن هناك شخصا 

بالداخل عقد حاجبيه وهو يجول بعينيه 

بالغرفة في الظلام ليشعر بمن جاورته بل 

التصقت به إذا أردنا الدقة لينتفض مبتعدا وهو 

يفتح الإضاءة ليجد كما توقّع زوجة والده 

الأخيرة الأجنبية ليزفر بملل مما يحدث..

لقد بدأ يفكر جديّا بعدم العودة لمنزل والده, 

ربما إذا أراد رؤيته أن يقابله بعيدا عن المنزل.

“اخرجي”

قالها بصرامة لتقترب منه بنظرة مغوية وهي

تقول:”اشتقت لك”

رمقها باستهجان قبل أن يكرر:”اخرجي”

“غتوان, أنا…..”

قاطع حديثها المكرر بأن أمسك بذراعها 

وقذفها تقريبا خارج الغرفة قبل أن يغلق الباب 

بوجهها وهو يشعر بالقرف منها ومن المنزل

 بأكمله أغلق الباب بالمفتاح وهو يشعر 

بالسخرية فحتى منزله غير آمن!

يفكر جديّا بالنزول لمصر ليرى والدته التي 

حرمه منها والده وياليته فعل حبا به بل 

نكاية بوالدته التي لم تحتمل خياناته.

سنوات لم يعرف كيفية الوصول لها حتى دلّه

أحد أصدقاء والده لمكانها بعدما اشتّد عوده 

فبدأ بالتواصل معها ولكنه لم يفكر بالنزول

 لرؤيتها خشية التسبب بمشاكل لها فقد 

تزوّجت من آخر علم أنه مختلف عن والده من

 نبرة الحب التي تظهر بكلام والدته عن زوجها 

وابنه حسام وعلى الرغم من غيرته من هذا

 ال حسام إلا أنه شعر بالحب والاحترام تجاهه 

ووالده لأنهما عوّضا والدته عما رأته من والده 

الخائن.

لم يكن هذا هو السبب الوحيد الذي جعله 

يتردد أن يذهب لرؤية والدته هناك سبب آخر

 لم يرد أن يعترف به حتى لنفسه وهو خوفه أن

 تكون والدته قد استغنت عن وجوده بوجود 

حسام.

حسام الذي سرق منه والدته ثم فأرته ورغم 

ذلك لم يملك إلا أن يحبه لعنايته بهما. 

انتفض بقوة عائدا من ذكرياته حالما لسعه 

البرد على سطح الباخرة ليضم سترته الخفيفة 

لجسده وهو يوبّخ نفسه أنه خرج دون سترة 

تقيه البرد ليلوي شفتيه بابتسامة غير 

مكتملة وهو يفكر أنه لو ظلّ للحظات كان

 سينسى كل ما عاهد نفسه عليه وعاش ليلة 

حب أخرى أكثر قوة من سابقيها.

رؤيتها تنتظره, ترمقه بكل هذه البراءة 

والسحر, تسأله لِمَ ابتعد عنها ولِمَ يهرب منها 

أضعفته وهو لا يحب أن يشعر بهذا الضعف تجاه

أي امرأة أبدا.

(جبان)

همس به قلبه ليزفر بقوة وهو يحاوره:

(ماذا أفعل؟ اقتحمت كل أسواري من النظرة

 الأولى, بل ربما منذ تلك الذكرى التي 

احتفظت بها عنها وأنا بعد مراهق.. ربما لم أثق

 بالنساء مما مررت به مع زوجات والدي 

وتحرشاتهن بي إلا أنها ظلّت بداخلي ذكرى 

جميلة أحاول التمسّك بها.. ذكرى بريئة 

ساطعة بين كل الخداع الذي عشت داخله 

ورؤية هذا العشق بعينيها يجعلني أشعر بالضعف

 تجاهها وبالخوف من أذيتها..

لا أحب شعوري بالضعف أبدا, لا أريد أن أكون

عبدا لشهواتي مثل أبي)

ليهتف قلبه بحدة..

 (أعتذر منكَ لست جبانا بل غبيا..

إنها زوجتك يا رجل, زوجتك وتعشقك

 وأنت …)

(لا, لا أكن لها سوى مودة كشقيقة صغيرة 

فقط)

هتف بها بحدة يسكت صوت قلبه ليضحك

 قلبه ساخرا منه وهو يهتف به..

(شقيقة صغيرة! وما حدث من قبل ماذا كان؟)

(خطأ.. خطأ أعمل على إصلاحه وسأطلّقها 

حالما نعود للبر)

هتف بها متظاهرا بالقوة منهيا الحديث مع قلبه

 لتظهر له صورتها البريئة لتزلزل كيانه نافية 

تفكيره العقيم..

تلك الغمازة التي تظهر كلما ابتسمت, عقدة 

حاجبيها عندما تتمعن بشيء, لمعان عينيها 

عندما ترى شيئا يحوز إعجابها, حركة شفتيها

 كلما ذاقت حلواها المفضلة, ملامحها 

المستمتعة بالطعام الذي يعدّه من أجلها 

خصيصا..

تلك التفاصيل الصغيرة خاصتها والتي 

يلاحظها ويطيل التفكير بها تثير جنونه 

وتبعثر نبضاته..

ما السبب؟! تساءل بحيرة ليصرخ به قلبه بنفاذ

 صبر: (لأنك تعشقها أيها الأبله)

همّ بالحديث ليحاوره قلبه بمكر..

(تعشقها وستتركها لغيرك يتمتع بكل 

تفاصيلها, شعرها الذي تعشق تخلل أصابعك 

بخصلاته, نظراتها العاشقة ستتحول لآخر و…)

(كفى)

“بسم الله الرحمن الرحيم, مالك يا عم 

فزعتني؟”

هتف بها عمرو الذي جاوره منذ لحظات دون أن

يلاحظ كل منهما الآخر حتى نطق غتوان 

بكفى لينتفض عمرو هاتفا بجملته بفزع..

نظر له غتوان باعتذار وهو يقول:

” بعتذر منك كنت بفكر بصوت عالي”

“واضح انها أفكار مش كويسه خالص”

قالها عمرو ضاحكا ليبتسم له غتوان قبل

 أن يضحك عاليا وهو يقول:”مو منيحة عنجد”

رمقه عمرو بتمعّن قبل أن يقول:

“أنت الشيف صح؟”

أومأ غتوان وهو يقول:”غتوان الشاكر من 

بيروت”

صافحه عمرو وهو يقول:

“عمرو الشريف من ام الدنيا”.

*****

“هقتله”

هتفت بها تاج بغضب وهي ترى تجاهله لها 

ولامبالاته أمام طلبها الطلاق فبعدما رفض

 الطلاق ضاحكا ببساطة تجاهلها تماما لتشعر 

بالغيظ و..  الغيرة.

وجود جويرية بكل نعومتها على الباخرة 

ورؤية نظرات عمرو لها جعلها تشتعل غيرة ولم 

تعد تعلم ماذا تفعل! 

تحتاج لنغم في الحال ربما أخبرتها ماذا تفعل 

ولو أنهما كما قال المثل الشهير:

 (اتلم المتعوس على خائب الرجا)

غادرت الغرفة وهي تسير باتجاه غرفة نغم

تشعر بالتردد فربما كان زوجها معها ستشعر 

بالحرج قطعا لو قاطعت شيئا بينهما..

ابتسمت بحنين لمشاعر عاشتها ليومين ربما لن

 يتكررا أبدا, لم تصدق أن عمرو يستطيع أن

يكون رقيقا ومراعيا هكذا خاصة أنه لا 

يحبها!

أغمضت عينيها بقوة وهي تحاول إبعاد مشاعر

 الألم عنها ثم فتحتها لتجد نفسها قريبة من

 غرفة نغم لتتسع عيناها بدهشة وهي تجد 

عمرو واقفا مع غتوان الرجل الذي اصطدمت به 

تلك الليلة وكان لطيفا معها!

ابتسمت بشر قبل أن تقترب منهما عازمة على 

شيء ما.

“غتوان! ازيك عامل ايه؟ صدفه سعيدة اوي”

قالتها تاج بابتسامة خلّابة وهي تتجاهل عمرو 

تماما مما أثار غيظ الأخير خاصة عندما بادلها 

غتوان الابتسام بلطف وهو يقول:

“كيفك تاج؟ شكلوا سطح الباخرة حيكون 

مكان شوفتنا لبعض دايما”

اشتعلت عينا عمرو عندما اتسعت ابتسامة تاج

وهي تهم بالإجابة عليه ليقاطعها قائلا:

“انت تعرف تاج مراتي؟ صدفة حلوة والله”

رمقه غتوان بدهشة قبل أن يلمح شرارة الغيرة

بعينيه والمكر بعيني تاج ليبتسم بداخله 

قبل أن يقول بهدوء:”اه تعرفت عليها من يومين

 تقريبا صدفة بس ما كنت اعرف انها متزوجة 

بهاد الوقت”

رمقها عمرو بغيظ لتقول مدافعة ببعض

 السخرية:”ايه؟ مش همشي اعلّق يافطه اقول 

للناس متجوّزه الباشمهندس عمرو”

ابتسم لهما وقبل أن يعلّق بكلمة على حوارهما 

الطفولي سمع صوتها!

“تاج! كنت لسّه جايالك”

قالتها نغم ببهجة لتلتفت لها تاج بفرحة وهي 

تقول:”انا كمان كنت جايالك بس قابلت

 واحد معرفه”

ليتمتم عمر بحنق جعل غتوان يريد الضحك 

عاليا:”واحد معرفه! وعلى اساس اني ايه كيس 

جوافه؟”

رمقته بلا مبالاة قبل أن تسمع غتوان يقول 

ببعض الغضب:” شو اللي طلعك من الاوضة 

بهاد البرد بدون كنزة؟ جنيتي نغم؟ 

حتمرضي”

رمقته بغضب مماثل وإنما لأسباب مختلفة وهي

 تقول:”مالكش دعوة بيا لما ابقى اتعب 

ماتبقاش تعملّي حاجه”

لتتابع بلوم:”وكده كده انت مشغول يعني مش 

هتاخد بالك اني تعبانه”

رمقتهما تاج بدهشة قبل أن تهتف:

“غتوان هو جوزك؟”

أومأت نغم لترمقه تاج بخيبة وهي تقول:

“حتى انت!”

ثم جذبت ذراع نغم وهي تغادر قائلة دون أن

تنظر لهما:”هنتمشى انا ونغم عن اذنكم”

نظر عمرو لغتوان بدهشة قبل أن ينفجرا 

ضاحكين.

*****

“جويرية! ايه اللي مقعّدك لوحدك في 

البرد ده؟”

قالتها دارين بدهشة فالتفتت لها جويرية وهي 

تقول:”انا زهقانة اوي اي دارين, حاسه اني أذيت 

ناس غصب عني”

“انتي تأذي حد؟ ماصدّقش خالص, ده انتي 

عامله زي الأطفال يابنتي احكيلي بس فيه

 ايه؟”

أجابتها جويرية بألم:”كان فيه واحد معجب 

بيا وعرفت انه اتقدملي كمان وطبعا نضال 

رفض  ووقتها يمكن ده حرّكه اكتر انه 

يتجوزني”

“تمام وبعدين؟”

سألتها دارين بفضول لتتابع جويرية:

“شوفته على الباخرة ووقفت اسلّم عليه بعفويه

بس لقيت معاه واحده وعرفت انها مراته”

“مش فاهمه!”

قالتها دارين بحيرة لتزفر جويرية بقوة قبل أن

تقول:”اول ما شافتني كأنها شافت عفريت بصت 

له بطريقة صعبة اوي ومشيت بسرعة وهو 

مخدش باله إلا وهو بيعرفني عليها مالقهاش.. 

الموضوع كله ماخدش ثواني اصلا ففهمت انها 

عارفه انه كان معجب بيا او اتقدملي قبلها”

أومأت بفهم قبل أن تقول:”وانتي حاسه بالذنب 

بسبب كده صح؟ انك سبب غير مباشر في 

زعلها منه”

“ايوه ومش عارفه أعمل ايه!”

أجابتها جويرية بحزن لتبتسم دارين وهي 

تقول:”طيب انتي حاسه انه لسه معجب

بيكي؟”

“لا خالص بالعكس أنا حسيته اتفاجئ بيا 

الأول بس كان بيعاملني كأنه شاف صديق

 قديم مش أكتر وده ريّحني كتير خاصة لما 

عرفت انه اتجوّز تاج, يمكن انا معرفهاش 

معرفه شخصيه لكن كنت اشوفها من بعيد 

حاجه كده ملكة جمال ما شاء الله مش

 فاهمه غيرانه مني ازاي دي”

همّت دارين بالحديث لتجذب جويرية يدها 

وهي تقول:”هي دي يا دارين اللي واقفه هناك 

دي”.

****

“مالك يا تاج؟ شكلك مش عاجبني”

سألتها نغم لتجيبها تاج:”انا قولت لعمرو عايزه

أطلق”

شهقت نغم قائلة:”يالهوي! انتي هبله يابنتي؟

هو انتي لحقتي تتجوزي لما هتطلقي؟”

“انتي هتعملي زيّه!”

قالتها تاج بغضب لتضحك نغم عاليا قبل أن

تقول:”طب ما الراجل بيفهم اهو, وبعدين 

قالك ايه”

“قالي لا ومشي وسابني”

قالتها تاج بغيظ لتضحك نغم فترمقها تاج 

بحنق ..

“يعني كنتي عايزاه يطلقك فعلا؟”

سألتها نغم وهي ترمقها بتمعن لتشيح بوجهها

وهي تقول:”اه ولا”

“ده ال هو ازاي؟”

سألتها نغم بحيرة لتجيبها تاج:

“لو طلّق كنت هرتاح من العذاب والحيرة دي,

ولو لا كان نفسي يقولي انه متمسك بيا, انه

بيكنلي اي مشاعر حتى لو صداقة”

ابتلعت غصة واقفة بمنتصف حلقها قبل أن 

تقول:”يا تاج انتي مراته دلوقتي مش هي يعني

 من حقك تدافعي عن حبك وجوزك”

“انا مش بحب…”

قاطعتها نغم بمكر:

“يعني مش بتحبيه خلاص بقى سيبيه للتانيه

 زعلانه ليه؟”

“التانيه متجوزة وبعدين….”

صمتت للحظات حائرة قبل أن تقول لها:

“نغم انتي غلسه اوي”

 ضحكت نغم وهي تقول:”عارفه”

“طب يعني اعمل ايه دلوقتي؟”

سألت تاج بحيرة لترمقها نغم بدهشة وهي 

تقول:”انا مش فاهمه ازاي واحدة زيك ممكن 

تغير من حد تاني, المفروض تكوني واثقة 

بنفسك أكتر من كده وتصممي يكون عمرو

ليكي وبس حتى لو غصب عنه”

“انا طول عمري واثقة بنفسي ومش بيهمني رأي

حد حتى لما كنت مخطوبة لشادي ولا عمري

همّني رأيه في أي حاجة ولما سابني ولا فرق 

معايا غير اني كنت تعبانه بس من موت بابا 

وال حصل بعدها, عمرو الوحيد اللي دايما 

كنت بستنى رأيه حتى لو بنظرة منه ودايما 

كان رد فعله لامبالاة”

شرحت تاج بحزن لتقول نغم:”يبقى آن الأوان

هو اللي يستنى منك النظرات والكلمات..

عايزين هجوم ساحق ماحق على الباشمهندس”

ضحكت تاج عاليا وهي تقول:”طيب والشيف 

نظامه ايه؟ هيبقى فيه هجوم برضه؟”

ابتسمت بمرح وهي تقول:”امّال لازم الهجوم 

يبقى من الناحيتين عشان محدش فيهم ينجو, 

ولو اني بيني وبينك خايفه الهجوم يجي فوق 

دماغي انا”

رمقتها بتساؤل قبل أن تفهم من الحمرة التي

لوّنت وجنتيها لتضحك عاليا وهي تقول:

“ايوة يا عم الناس الجامدة”

لتتجمد الضحكة على شفاهها حالما رأت 

جويرية ترافقها فتاة أخرى وتقابلت عيناهما 

مباشرة.

*****

“رتيل..”

ناداها حازم لتزفر بملل وهي تقول:”نعم”

“اعملي حسابك اول ما نرجع من الرحلة 

السودة دي هنتجوز”

“إن شاء الله آآآ….”

قطعت جملتها اللامبالية وهي تتساءل بصدمة:

“نعم؟ انت بتقول ايه؟”

“زي ما سمعتي.. هنتجوز اول ما ترسى الباخرة

السودة دي”

قالها بحزم لتتخصّر وهي تهتف:

“وده من ايه إن شاء الله؟ ومين قال لسيادتك

اني موافقه عليك وال عايزه اتجوزك اصلا؟”

برقت عيناه بقوة وهو يقول:”وماتوافقيش ليه؟

ايه اللي يعيبني يعني؟ وال حاطه عينك على

 حد تاني يا هانم؟”

“حاطه وال مش حاطه حاجة ماتخصّكش”

قالتها وهي تستدير تخفي ضحكتها المرحة

 ليمسك بيدها ربما لأول مرة منذ عرفته وهو 

يهتف بحدة:

“استني هنا لما اكلمك تقفي تكلميني, ايه

اللي مايخصّكش دي؟ انتي كلك على 

بعضك تخصيني”

رمقته بسخرية وهي تنفض ذراعها من يده

 قائلة:”تصدق قشعرت جامد, المفروض دلوقتي 

بقى اتكسف واغمض عيني واقولك حاضر 

يا زومه, عنيا يا روحي! لا يا حازم مش انا اللي 

اعمل كده”

رمقته بجدية وهي تتابع:”انت مالكش دعوه 

بيا واصلا فيه واحد اتقدملي ووافقت عليه 

وكلّم ماما كمان ومستنيين لما نرجع ونتجوز”

أنهت حديثها وغادرت تاركة إياه يغلي غضبا!

****

ضحكات عالية انطلقت من مكان قريب 

ليرمقهم حازم بحنق ليرفع شامل يده لأعلى 

وهو يقول:”انا ماليش دعوه”

“ندل طول عمرك يا صاحبي”

قالها معاذ ضاحكا ليقول أنس:

“والله بنت ب100 راجل دي اللي هتطلع عليك

القديم والجديد”

رمقه حازم بنظرة نارية قبل أن يقول:

“انس نقّطنا بسكاتك الله يكرمك”

أغمض عينيه للحظات قبل أن يفتحها قائلا:

“تبقى توريني بقى هتتجوزه ازاي! والله

 لاخطفها”

غادر تاركا إياهم ينظرون بإثره بذهول قبل أن 

ينفجروا ضاحكين وأنس يقول:

“والله ووقعت يا صاحبي”.

****

كادت تتحدث معها ولكنها رأت نضال فأسرعت

باتجاهه بعدما تركتها دارين قائلة بمرح:

“انا بقول تشوفي جوزك اللي بيدور عليكي

 زي العيل التايه ده وتسيبك من عمرو 

وحكايته وهو قادر انه يحلها بنفسه”

“انتي فين يا جويرية؟ ينفع كده اصحى 

مالقكيش؟”

قالها نضال وهو يقترب منها ضاما إياها لصدره

لتستكين بين ذراعيه وهي تقول:

“كنت زهقانه فخرجت اتمشى مع دارين”

“اصحابك دول اخدوكي مني”

قالها متذمرا لتضحك بمرح وهي تقول:

“محدش يقدر ياخدني منك يا قلب جويرية”

ضمها بقوة أكثر وهو يقول:”انتي قاصدة بقى 

تعملي كده في الطريق العام عشان ماعرفش 

ارد عليكي”

ابتسمت بخجل ليهمس لها:”لا لو احمرّيتي 

كلك على بعضك مش هسيبك برضه”

ضحكت عاليا ليزمجر قائلا:”ياللا بينا من هنا

قبل ما يمسكونا بفعل فاضح على سطح 

الباخرة”

ظلّت ترمقهما وابتسامة حزينة مرتسمة على

شفتيها وبالقرب منها وقف عمرو يراقب ملامحها

الحزينة وهو يتساءل هل تعلم تاج عن إعجابه

الأحمق بجويرية؟!

هل هذا سر تغيرها وطلبها للطلاق؟!

هل هذا سر نظراتها الحزينة؟!

لو كان هذا سرها إذا هي حمقاء فما شعره معها

يتعدى أي مشاعر قد مرّ بها من قبل!

*****

دلف إلى الغرفة بعد غياب طول اليوم تقريبا 

فلم يجدها شعر بالخواء فقط كان يأمل لو رآها 

ولو  للحظات قبل الحفل, اشتاق لطلّتها البريئة,

اشتاق لنظرات عينيها العاشقتين, اشتاق لرؤية 

اللهفة بحركاتها.. زفر بقوة وهو يدخل الحمام 

ليغتسل وهو يسخر من نفسه مفكرا كيف 

أقنع نفسي أنني لا أريد رؤيتها وأنا أبحث عنها 

طوال الوقت؟!

خرج من الحمام ووقف أمام صوان الملابس 

يرتدي ملابسه ليخفق قلبه بعنف حالما سمع 

صوتها وهي تدخل الغرفة.

“غتوان! وأخيرا أفرجوا عنك.. كنت لسه

 بفكر  اجيلك المطبخ”

التفت وهو يحاول كبح لهفته إليها لتتسع 

عيناه بقوة وهو يهتف:”شو هاد اللي لابسيتوا”

رمقته بتساؤل هي تنقل نظرها بينها وبينه قبل

 أن تقول:”ماله الفستان مش عاجبك؟”

أخرج عدة زفرات حارة وهو يتمنى لو يعبر لها

عن إعجابه بالثوب وبصاحبته عمليا فلا يظن

 أن كل كلمات اللغة تكفي ليعبر عن 

مشاعره بهذه اللحظة.

أغمض عينيه للحظات يحاول كبح مشاعره 

فلم يرَ ابتسامتها الماكرة وهي ترى تأثيرها 

عليه على الرغم من احتشام ملابسها قبل أن 

يفتح عينيه وهو يقول:” حلو كتير حلو”

ليكمل بخفوت:”وهاي هي المشكله”

اقتربت منه بدلال ليزفر بحرارة يحاول إشاحة

وجهه بلا جدوى قبل أن تقف أمامه وهي تغلق 

أزرار قميصه الرسمي ببطء تلاحظ تلاحق

 أنفاسه من قربهما ليقرع قلبها بقوة وهي تشعر 

أن السحر سينقلب على الساحر.

“وحشتني اوي”

ارتبك غتوان وهو يشعر بها قريبة كما لم 

تكن يوما..

” حتأخر نغم، جهزتي حالك ولا لا؟”

علمت أنه يهرب ولكنها لن تسمح له ليس 

بعدما وقعت بحبه بل تدلهت بعشقه وقبل أن 

تفكر أكثر كانت تقبله بنعومة قبلة جعلته 

متجمدا مكانه قبل أن تتركه ما إن شعرت أنه 

سيضمها إليه وتهتف وهي تغادر:

“اشوفك في الحفله”

وبهذه اللحظة علم أنه لن يستطيع الابتعاد

 عنها ولو أراد.

****

صفير عالي صدر منه ما إن رآها أمامه..

أجفلت قبل أن تشيح بوجهها عنه ليقترب منها

يهم بتقبيلها وهو يقول:”قمر يا تاج”

“طول عمري”

قالتها بلامبالاة مصطنعة وهي تبتعد عنه 

ليشعر  بالحنق من ابتعادها حتى القبلة لم

 يستطع أخذها..

كادت تنفجر ضاحكة على وجهه الحانق قبل 

أن تفزع بقوة وهو يقترب منها ممسكا بذراعها

مقربا إياها من صدره حتى كادت تلتصق به

وهو يهتف:

“وبعدين معاكي؟ انا سايبك تهدي ولو 

اني مش فاهم اصلا انا عملت ايه؟”

“ولا عمرك هتفهم يا عمرو”

قالتها بهدوء وداخلها يرتعد شوقا وحزنا قبل أن

تنفض ذراعها من يده وهي تخرج من الغرفة 

تاركة إياه يكاد يلكم الجدار.

****

“مالك يابني بوزك مترين كده ليه؟”

سأل عصام شقيقه ليهتف بحنق:”انا مش عارف

تاج مالها بقالها كام يوم هتجنني ومش عارف 

اتعامل  معاها”

رمقه بمتعّن قبل أن يقول:”امم طيب والحالة دي 

بقالها اد ايه معاك؟”

“حالة ايه يا عصام انت بتهزر؟”

هتف عمرو بحنق ليضحك عصام قائلا:

“الصراحة اه, اصلي فرحان فيك اوي وانت

واقع كده ومحدش سمّى عليك”

زفر بحنق وهو يهتف:”تصدق انا غلطان اني

 بتكلم معاك, انا ماشي”

أمسك بيده وهو يضحك قائلا:

“يا عم اقعد بس فيه ايه؟ بس بجد ايه اللي 

حصل؟ انت زعلتها؟”

“ولا عملت حاجة”

قالها ببراءة ليرفع عصام حاجبه غير مصدق

فعضّ على شفتيه وهو يقول:”شوفت جويرية”

“وبعدين؟”

سأل عصام ليجيبه شقيقه:

“ولا حاجه من وقتها وهي قلبت عليا.. دي حتى

 مش مدّياني فرصه اكلمها”

“بتحبها يا عمرو؟”

“لو سألتني السؤال ده من كام يوم كنت 

هقولك لا, هي كويسه ومناسبه وبس.. لكن 

حاليا عرفت ان كل الزعل والضيق من بعدها 

عني والنرفزة من الحزن اللي بشوفه في عينيها 

كل ده دليل اني بعشقها مش بس بحبها”

قال عمرو معترفا ليبتسم عصام قبل أن يقول:

“خلاص اثبت لها ده”

“ازاي؟”

تساءل بحيرة ليجيبه شقيقه:”اسأل قلبك”

****

“وده ايه اللي انتي لابساه ده بالصلاة على

 النبي؟”

هتف بها حازم بحنق لتلوي شفتيها بضجر وهي 

تقول:”يا فتّاح يا عليم يا رزاق يا كريم.. نعم؟”

رمقها بعدم تصديق وهو يقول:”ايه يابنتي ده 

انتي ناقص تقوليلي ياللا من هنا هنرش مايه”

كادت تضحك ولكنها تماسكت وهي تقول:

“عايز حاجه؟”

“ايه اللي انتي لابساه ده؟”

لوت شفتيها قبل أن تقول:”ده دريس”

“ده اللي هو ازاي؟”

سألها بحيرة لتضحك برقة وهي تقول:

“حاجة زي فستان كده يعني مش باين هو

 ايه!”

“باين انك طالعه قمر” 

قالها بعفوية لتبتسم له فيتيه هو في ابتسامتها

 وقلبه ينبض بجنون ليجد ابتسامته تشق 

طريقها لشفتيه دون أي إرادة منه!

****

ظلّ يبحث عنها بعينيه دون جدوى.. لمح 

صديقتها زوجة الشيف تجلس بالقرب من 

المنصة التي تتواجد بها الفرقة الموسيقية 

ثم لمح تاج تتجه للفرقة ثم تميل على

 أحدهم ليبتسم لها بلطف جعله يريد لكمه 

بقوة حتى تختفي أسنانه السعيد بها.. 

ثم تجمّد تماما وهو يراها تنظر له مباشرة 

وهي تمسك بالميكروفون قبل أن يصدح 

صوتها:

لو بصيت قدامك تعرف لو بصيت قدامك

تعرف مين بتحبك مين اللي شايفها في 

احلامك

ليه منتاش عارفني ليه منتاش شايفني

لو فكرت فيا شويه هتحس بهوايا

بيبان من سلامي بيبان من كلامي

بشتاقلك وكل ما فيا بيشتاقلك معايا

الايام يا حبيبي بتجري ولسه انا مستنية

خايفة لا يخلص جنبك عمري ومنتاش حاسس

 بيا

شعر بمن يقف بجواره ليجد غتوان يهمس له:

“شكلوا مو انا لحالي الاهبل اللي ما بعرف 

يتعامل مع الحب”

انتهت الأغنية ليخيم الصمت للحظات قبل أن 

يرتفع دوي هائل والبعض يريد منها أن تغني مرة 

أخرى لتبتسم لهم بلطف وهي تعتذر قبل أن 

تختفي من أمام ناظريه تماما!

نهاية الفصل

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *