التخطي إلى المحتوى

 رواية وفاز الحب الجزء الثاني من رواية (ثأر الحب ) الفصل الثالث والاربعون والرابع  والاربعون بقلم زينب سعيد القاضي 


رواية وفاز الحب الجزء الثاني من رواية (ثأر الحب ) الفصل الثالث والاربعون والرابع  والاربعون بقلم زينب سعيد القاضي 

الفصل الثالث والأربعون 

ليس كل سقوط يعد نهاية 

               فدائمًا سقوط المطر يعد بداية

رمقته بحقد وصاحت بغل يسترسل في صوتها:

-أخرس يا حيوان أنت ايه إلي جيبك هنا أصلا ؟ بتعمل أيه هنا ؟ ولا جاي تطمئن هو عايش ولا مات صحيح علي رأي المثل “تقتل القتيل وتمشي في جنازته”.

مسح علي جبينه عدة مرات وتسأل:

-هو أنتي أيه بالظبط يا ست أنتي نفسي افهم مخلوقة من أيه بجد ؟ هو أنتي دم ولحم زينا ؟ ولا كتلة نار وسم مش فاهم الصراحة ؟

تدخل يوسف بتعقل وقال:

-اهدي يا عاصم دي مهما كان هي أم أخواتك دي حاجة وكمان لا ده مكانه ولا زمانه.

أشار عليها بغيظ وقال:

-يعني أنت مش شايف مش بتتهد مش عارف أنا ايه ده.

تحدثت مستهزئة:

-وأنت بقي يا يوسف بيه جاي تهديه بعد أيه بعد ما شعللتها أنت سبب كل المصايب إلي أحنا فيها دي كلها أصلا.

طالعها يوسف بصدمة وأشار علي نفسه وقال:

-نعم أنت سبب المصايب كلها هو نطقت أصلا من الأساس من وقت ما جيت ولا أنتي حابة ترمي بلاكي علي أي حد سبب المصايب دي كلها هو انتي وإبنك وتريبتك الغلط عارفة مستغرب عامر جايب الشر ده كله منين لكن طلع مش هيجيبه من بره .

ألتفت إلي علي واسترسل موضحاً:

-علي همشي انا وعاصم وجودنا هنا غير مرحب به لو احتاجت حاجة كلمني سلام عليكم.

اومئ علي بإيجاب واتجه إلي إحدي المقاعد وجلس فوقها متجاهلا والدته.

بينما غادر عاصم ويوسف تاركين وراءهم بركان خامل علي وشك الإنفجار في التو والحال.

❈-❈-❈ 

استند علي ظهره مقعده وأغمض عينه بشرود ألتفت له يوسف بإشفاق وتسأل:

-أنت كويس يا عاصم ؟

فتح عاصم عينيه وتحدث بنبرة ذات معني:

-كويس أوي مش شايف حالتي.

تنهد يوسف بأسف وعقب:

-حقك عليا يا عاصم فترة وتعدي.

إبتسم عاصم ساخراً وتحدث:

-حقك عليه ليه أنت ذنب أيه بل بالعكس أنت إلي حقك عليا في بهدلتك دي معايا أما بقي في موضوع فترة وتعدي دي أنا بقي عندي شك فيها هتعدي امتي بقي بقالي سنين فيها أجمل سنين عمري ضاعت علي مفيش يا يوسف علي مفيش عشت كول عمري غريب وسط أهلي ممبوذ من الكل حتي لما افتكرت الدنيا بدأت تضحك ليا كانت مع الأسف بداية جديدة عشان اتعذب فيها بشكل أكبر .

رمقه يوسف معاتبا وعقب:

-ايه إلي بتقوله ده يا عاصم إستغفر ربنا حرام عليك انت بتعرض كده علي قضاء ربنا يا صاحبي .

تنهد عاصم بأسي وقال:

-استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم غصب عني بس بجد مش قادر.

ربت يوسف علي فخذه بحنان وقال:

-خير أن شاء الله الفجر خلاص هيأذن أيه رأيك أقف عند أقرب جامع نتوضي ونصلي ركعتين عقبال ما الفجر يأذن وبعدين نصلي الفجر وبعدها نطلع علي أقرب عربية فول وفلافل نفطر فيها زي زمان أيه رايك في الفكرة دي ؟ نعيد امجادنا من تاني.

ابتسم عاصم بحنين وقال:

-ياه أنت لسه فاكر ؟

ابتسم يوسف بثقة وقال:

-وهي دي ايام تتنسي يا صاحبي .

ابتسم عاصم بحماس:

-يلا بينا تفتكر عمك خيري لسه موجود ؟

اومئ يوسف مؤكدا:

-لسه موجود يا صاحبي وفاكرك كمان كل لما أروح يسأل عنك بس بقالي سنة مروحتش ليه.

صمت يوسف قليلاً وأكمل بحذر:

-ايه رأيك بعد لما نفطر نطلع علي القصر.

إستدار عاصم متسائلاً بعدم فهم:

-ليه ؟

❈-❈-❈ 

تنهد يوسف وقال:

-عشان نرتاح وعشان تشوف ولادك.

ابتسم عاصم بمرارة وتسأل:

-وهنقول لأولادي انا مين هيقولوا ليا يا عمو ؟ تفتكر هقدر اسمعها منهم بعد السنين دي كلها ؟

رد يوسف باختصار:

-لأ هنقول ليهم انك أبوهم يا عاصم ولادك اطفال يا صاحبي وسهل يستوعبوا ده.

أخذ يوسف نفس عميق وعقب:

-الولاد اه صغيرين لكن بيفهموا وعارفين كل إلي بيدور حواليهم كمان تخيل مبقوش يسألوا عن عامر أصلا وبقوا خايفين منه من وقت إلي حصل الطفل بينجذب للحنية يا عاصم ومش أنا إلي هقولك كده يا أبو يزن.

تنهد عاصم وقال:

-معلش يا يوسف أجلها شوية لو سمحت.

تسأل يوسف بعدم فهم:

-نأجلها ليه ولإمتي أنت مش نفسك تشوف ولادك مش وحشوك ولا ايه ؟

ابتسم عاصم بمرارة وأجاب:

-موحشونيش الله يسامحك يا صاحبي وما يكتب عليك مرارة بعدك عن ضناك بس مش حابب عامر يمسك اي غلط وحابب أن والدتهم تمهد ليهم أني ابوهم مش عامر.

صمت يوسف قليلاً وقال:

-تمام القضية بعد أسبوع بإذن الله نخلص من الموضوع ده وترجع معانا البيت تشوفهم .

أومئ عاصم بتفهم:

-تمام بس تفتكر عامر هيظهر ورقه ولا لا ؟

ابتسم يوسف بثقة وقال:

-لأ مش هيظهر حاجة ولا هيعرف يتنفس كمان رجوعك دلوقتي بوظ كل خطته هو دلوقتي تايه ومعتقدش أنه هيجازف يفضح نفسه قدامي أنا وعلي فهمت.

تنهد عاصم بأسي وقال:

-فهمت.

تحدث يوسف متسائلاً:

-طيب أيه أنت هتروح فين محتاج تنام وترتاح هترجع شقة على ؟

حرك رأسه نافياً وقال:

-هروح شقتي مش هقدر ادخل هناك وهو مش موجود فيه.

اتسعت عين يوسف وتسأل:

-شقتك بس دي مقفولة من ساعتها محتاجة تتنضف ما تروح فندق علي الأقل.

هز رأسه نافياً وقال:

-أنت عارف مش بحب الفنادق ويا سيدي هبقي أشوف حد ينضفها ليا بإذن الله لما نوصل.

تنهد يوسف بقلة حيلة وقال:

-علي راحتك يا صاحبي.

❈-❈-❈ 

بعد ساعة ونصف توقف يوسف بسيارته أمام كورنيش النيل وهبط منها هو وعاصم مظهرهم وغناهم كان ظاهر للعيان وملفت أيضا لكن لم يعطوا بالا لنظرات من حولهم واتجهوا صوب عربة فول متواضعة يقف عليها بعض البسطاء الذين يتناولون افطارهم قبل أن يبدأو رحلة البحث والكد عن قوط يومهم.

ما أن رآهم صاحب العربة حتي تحرك صوبهم بترحاب شديد:

-أهلا أهلا بيكم يا ولاد فينكم من زمن ولا خلاص نسيتوا طبق الفول بالزيت الحار من إيدي.

ابتسم يوسف بدعابة وهو يتجه له يضمه بحب وقال:

-وده يتنسي بردوا ده جبني علي ملا وشي.

ابتعد عنه وأشار إلى عاصم واسترسل مازحاً:

-وشوف جاب مين كمان معايا من بلاد الفرنجة ؟

ابتسم الرجل بفرحة واتجه إلي عاصم بصمه بحب:

-حمد الله علي السلامة يا أبني كده بردوا تسافر وتقطع بيا من غير سلام ؟ ولا أنا مش قد المقام عشان تفتكرني وتيجي تودعني بقي ؟

ابتعد عنه عاصم بأسف وقال:

– لا طبعاً يا راجل يا طيب يعلم ربنا وقتها مودعتش حد من الأساس بس أهو آول يوم اجي فيه مصر أول أكل هيدخل بطني من إيدك.

استرسل مازحاً:

-عايز بقي طبق فول وصاية من ايدك وطعمية بالسم وبصل اخضر وبتنجان مخلل.

ابتسم العجوز بفرحة وأشار علي عينه وقال:

-بس كده من عيوني وبيض مدحرج بالسمن البلدي كمان هو أنا عندي اعز منكم أقعدوا اقعدوا .

ابتسم الشابين وذهب هو ليعد الطعام لهم بينما جلسوا هم علي طاولة بلاستيكية متواضعة وهم يتاملوا المكان من حولهم متنعمين بنسمات الهواء الباردة.

قطع يوسف هذا الاندماج ممازحا:

-أظن مفيش بقي دلع أكتر من كده يا صاحبي أول يوم ليك في مصر فطار علي النيل أهو عد الجمايل.

ابتسم عاصم بخفة:

-ماشي يا سيدي تسلم.

صقف يوسف بحماس وقال:

-عارف ناقص أيه ؟

رد عاصم موكدا:

-كوبيتين عصير قصب من فخفخينا .

ضحك يوسف بخفة وعقب:

-لسه فاكر ؟

أومئ عاصم بوهن:

-في حد ينسي الحاجات البسيطة إلي كانت السبب في فرحته.

بعد ساعة ونصف وضع يوسف يده على بطنه بشبع متمما برضا:

-مش قادر بقالي كتير مأكلتش كده.

تحدث عاصم بشبع:

-تحفة نفس الطعم بتاع زمان الحمد لله.

اقترب منهم العجوز مبتسماً:

-الأكل عجبكم يا ولاد ؟

رد يوسف ضاحكاً:

-بزمتك ده سؤال بس الأطباق أتمسحت.

ابتسم العجوز مازحاً:

-ألف هنا علي قلوبكم تحبوا أجيب تاني ؟

حرك يوسف رأسه نافياً وسرعان ما لمعت فكرة في ذهنه:

-بص عايز شوية سندوتشات وصاية بس متكترش الشطة.

أشار الرجل علي عينيه بتأكيد:

-عنيا يا أبني.

غادر الرجل وتسأل عاصم :

-هتعمل أيه بالأكل ده ؟

رد يوسف موضحا:

-الأكل لمراتي وعليا والولاد.

غمغم عاصم بقلق:

-الولاد الأكل ده يبقي تقيل عليهم.

ضحك يوسف بخفة وعقب:

-لا أطمئن هما متعودين على كده.

تنهد عاصم براحة وعقب:

-تمام.

اقترب الرجل منهم وهو يحمل حقيبتين بلاستيكتين ووضعهم علي الطاولة مغمغما بإبتسامة:

-ألف هنا علي قلوبهم.

ابتسم يوسف بإمتنان :

-تسلم يا راجل يا طيب.

وضع يوسف يده في جيبه وأخرج عدة أوراق من فئة المائتي جنيه ووضعهم بيد الرجل.

حاول الرجل أخذهم معاتبا:

– عيب كده حاجة بسيطة.

ابتسم يوسف بثقة:

-تسلم يا راجل يا طيب دي حاجة بسيطة للولاد.

نهض يوسف هو وعاصم الذي تحدث بتساؤل:

-محتاج حاجة يا راجل يا طيب ؟

ابتسم الرجل بإمتنان ورد:

-تسلموا يارب متقطعوش بيا .

ربت يوسف علي كتفه بحنان وقال:

-حاضر يا راجل يا طيب عنيا ليك يلا سلام عليكم.

❈-❈-❈ 

تحركوا سويا وركبوا السيارة وقاد يوسف متجهاً إلي وجهتهم الثانية و توقفوا أمام محل شعبي مخصص لبيع عصير القصب تطلعوا إلي بعضهم بإبتسامة وهبطوا من السيارة وتناولوا عصير القصب المحبب إلي قلبهم وبعدها ركبوا السيارة مرة أخري وقاد يوسف مرة آخري حتي وصل يوسف أمام العمارة التي كان يقطن بها عاصم وعليا سابقاً.

توقف يوسف وتحدث بحذر:

-لسه مصمم علي رأيك ؟ هتقدر تطلع؟

تنهد عاصم بأسي وعقب :

-أيوة يا يوسف هقدر.

تسأل يوسف بقلق:

-أطلع معاك ؟

حرك عاصم رأسه نافياً:

-لأ أطمئن أنا بخير.

تنهد يوسف بقلة حيلة وقال:

-المفتاح معاك ولا هتجيب مفتاح من البواب ؟

أومئ عاصم بإيجاب:

-أه معايا نسخة  يلا أنا هنزل محتاج حاجه ؟

حرك يوسف رأسه نافياً:

-لأ يا حبيبي خد بالك من نفسك.

أومئ عاصم بإيجاب وهبط من السيارات متجها إلى داخل العمارة أسفل نظرات يوسف الذي تابعه بنظراته وبعدها غادر متجها هو الآخر إلي المنزل كي ينعم ببعض الراحة .

❈-❈-❈ 

فتح باب الجناح برفق كي لا تستيقظ زوجته فزعة لكن تفاجئ بخلو الجناح والفراش مرتب كما هو كأن لم يلمسه جسد ، جعد جبينه بحيرة وهبط إلي الأسفل مرة آخري يبحث عنها في المطبخ لم يجدها سأل عنها الخدم لم يروها صعد مرة آخري إلي أعلي متجهاً إلي غرفة عليا ليسألها عنها طرق الباب برفق ودلف تنهد براحة عندما وجدها غافية جوارهم.

اغلق الباب برفق وتحرك تجاهها وأنحني بجزعه يداعب أنفها بأصبعه.

تململت هي بإنزعاج وفتحت عيناها بنوم وجدت وجه زوجها المحبب يطالعها رمقته بعتاب وأغمضت عيناها مرة آخري.

رفع حاجبيه مستنكراً واقترب منها وحملها تذمرت بضيق لكن أشار لها أن تصمت من أجل الأطفال.

وصل يوسف إلي جناحهم ووضعها علي الفراش برفق بعد أن أغلق الباب خلفه بقدمه ووقف أمامها واضعاً يده بجيبه وتسأل:

-ممكن أعرف مالك زعلانة ليه ؟

تململت بضيق:

-اتاخرت أوي وكمان بيت بره البيت هو ده شوق ليا وتعويضك بعد غياب ؟

ابتسم يوسف ساخراً وعقب:

-والله علي أساس أن ده بمزاجي ؟ نورسيل حبيبتي أنتي عايشة معانا علي نفس الكوكب ولا عايشة في كوكب تاني مش واخدة بالك من كل المصايب إلي نازلة علي دماغنا ترف وما خفي كان اعظم.

زفرت بحنق وتسألت:

-أنا مش فاهمة حاجة بصراحة ؟ هو في أيه بالظبط أنا مش فاهمة حاجة يا يوسف موضوع عليا وعاصم ده أنا مش فاهمة عارفة انك مش حابب تتكلم يا حبيبي وانا محترمة ده بس متقلقنيش عليك طمني علي الاقل في أيه ؟ أنا خايفة عليك يا يوسف مش هقدر استحمل اي حاجة تحصلك ممكن أروح فيها لو حاجة حصلت ليك.

ابتسم بحب وجلس جوارها وآخذها داخل أحضانه مربتا عليها برفق واسترسل بحنان:

-أسمعيني يا قلب حبيبك أطمني أنا ماشي في طريق الحق وإلي ماشي في الحق ربنا معاه وهيكرمه بإذن الله مش عايزك تخافي عليا تاني ممكن ؟ كل إلي أنا عايزه من نوري حبيبة قلب يوسف تاخد بالها من نفسها ومن قلب بابا الصغنن إلي في بطنهم لأن لو حصل ليكي أو ليه أنا إلي ممكن يحصل ليا حاجة لأن لو أنا ليا نقطة ضعف هتبقوا انتوا يا نورسيل بلاش الضربة تيجي منكم أنتم يا عمري.

❈-❈-❈ 

ابتعدت عنه بفزع وقالت بلهفة:

-بعد الشر عنك يا حبيبي من أي أزي أطمن يا حبيبي أنا بخير والله ما تقلقش وبودي كمان بخير المهم أنت تبقي بخير.

قبل جبينها بحب:

-وانا بخير.

ضرب علي جبينه بخفة ونهض مما آثار تساؤلها استرسل مازحاً:

-نستيني يا قلب يوسف يلا نروح نصحي عليا والأولاد أنا جايب لكم سندوتشات غول وفلافل انما ايه حكاية من أقدم عربية فول علي الكورنيش.

قطبت جبينها بعدم فهم وتسألت:

-وأنت مش هتفطر معانا ؟

هز رأسه بلا وعقب:

-لأ يا قلبي فطرت مع عاصم يلا بقي قومي الاكل هيبرد.

نهضت مبتسمة:

-يلا بينا.

❈-❈-❈ 

وضعت الطعام بعناية وهي تنظر له برضا اقترب منها زوجها مطلقاً صفيرا بإعجاب:

-تحفة أيه الجمال ده ؟

إستدارت له وتسألت:

-بجد الأكل حلو؟

ابتسم بدعابة وقال:

-هو فطار يا قلبي بس الصراحة يفتح النفس.

قبل يدها بحب واسترسل بعشق:

-تسلم ايديك يا قلبي.

إبتسمت بحب وقالت:

-تسلم يا حبيبي هما قربوا يوصلوا ولا لسه ؟

أومئ بإيجاب وعقب:

-علي وصول.

ما أن انهي جملته حتي ارتفع رنين الباب تحدث شادي بإيجاز:

-وصلوا روحي البسي أنتي ومودي.

حركت رأسها بإيجاب وردت:

-حاضر يا حبيبي .

أتجه إلي الباب وقام بفتحه وجد والديه وشقيقه وزوجته ابتسم بفرحة عارمة وقال:

-يا مراحب يا مراحب اتفضلوا اتفضلوا نورتوا بيتكم ومترحكم.

اقتربت منه والدته بفرحة:

-ولدي اتوحشتك يا جلب امك.

اخذها في أحضانه مقبلا جبينها بحب:

-وأني كومان اتوحشتك يا ست الكل.

ابتعد عن والدته واحتضن والده باحترام:

-كيفك يا أبوي ؟

ربت سالم علي ظهره بحنان وقال:

-زين يا اخوي جول ما انتم بخير.

ابتعد عن والده وسلم على شقيقه بحرارة:

-كيفك يا خي .

ربت شريف علي كتفه بحنان وقال:

-زين يا ولد أبوي طول ما أنت بخير.

اكتفي بالترحاب بزوجة أخيه بكلمات بسيطة:

-نورتي يا مرت اخوي.

-اتفضلوا اتفضلوا نورتوا داركم .

جلس الجميع وبعد قليل حضرت عهد وهي تحمل رضيعها نهضت وصفية سريعاً وآخذته منه تغرقه بوابل من القبلات بعد أن سلمت علي عهد بحرارة.

تبادلت عهد السلام علي الجميع والترحيب بهم وأشارت لهم إلي السفرة.

نهض الجميع يتناول الافطار في جو يسوده الألفة والمحبة ابتسم شادي براحة وهو يري النفوس أصبحت صافية يعلم جيد ان ما مر لن يكن هين ولكن ما خفي هو الأعظم يخشي علي والديه أن يعلموا حقيقة شهاب لكن مؤكد مهما طال الوقت ستنكشف الحقيقة لا محالة فاق من شردوه علي صوت زوجته تحسه علي تناول طعامه ابتسم بهدوء وبدأ هو الآخر يتناول طعامه برفقتهم وعلي وجهه ابتسامة عريضة.

يتبع….

الفصل الرابع والاربعون 

كشراع المركب نحن تسيرنا الرياح كما تهوي

وتمر بنا الأيام كأنما لم تمر

لا شئ يتغير الزمن يمضي 

والعمر يفني ونظل كما نحن 

جلس يتأمل زوجته وشقيقته والأطفال وهما يتناولون طعامهم بنهم شديد .

تسأل يزن ببراءة:

-مش بتأكل معانا ليه يا خالو؟

ابتسم يوسف بحب وقال:

-فطرت يا حبيبي أيه بقي رأيك الأكل عجبك ؟

حرك الطفل رأسه بطفولة:

-حلو أوي هات لينا منه كل يوم.

ابتسم بخفة واسترسل ساخراً:

-أنت عايز نانا صفاء تقيم علينا الحد ولا أيه ؟

تسأل الطفل ببراءة:

-يعني نانا هتعقبك زي مامي لما تعرف بالأكل ده.

ضحك يوسف بصوت مرتفع وتبعه الجميع تمالك نفسه اخيرا وتحدث بدعابة:

-لأ ما تيتة مش هنا ومش هتعرف ولا أنا أنت بقي هتفتن علي خالو حبيبك؟

حرك الصغير رأسه نافياً وهتف ببراءة:

-لأ بس هتجبلي تاني ماشي ؟

صمت يوسف قليلاً وتحدث ساخراً:

-بتسومني يا شبر ونص ماش يا سيدي هجبلك.

تسألت نورسيل بلهفة:

-هنروح لنايا ؟

حرك رأسه نافياً وعقب:

-هما راجعين بعد الضهر.

اومأت بتفهم وقالت:

-تمام.

صاح الصغير ببراءة:

-هيجي معاهم النونو الصغير ؟

ابتسم يوسف بحب وقال:

-أيوة يا حبيبي.

صقف الصغير بحماس وتسأل:

-هو إسمه أيه يا خالو ؟

رد يوسف ضاحكاً:

-خالو عدي سماه يوسف.

تسأل الطفل ببراءة:

-ايه ده ازاي مش أنت يوسف هو كمان يوسف كده عندنا أتنين يوسف ونتلخبط ما بينهم .

ابتسمت عليا وتحدثت موضحة:

-لأ لأن ده خالو يوسف هو هنقول ليه يا يوسف بس.

ابتسم يوسف إلي الطفل الآخر “يزن” وجد أنه يتناول طعامه بصمت ألتفت إلي شقيقته تسأل:

-هو يزن ساكت ليه نلاحظ أنه هادي بقاله فتره ؟

❈-❈-❈ 

داعبت شعر طفلها بحزن شديد وأخبرته موضحة:

-مع الأسف من وقت ما شاف إلي حصل وهو كده.

امتعض وجه يوسف وسب في عقله وتنهد بسأم وقال:

-طيب وهنعمل أيه ؟ هيفضل كده الولد محتاج دكتور نفسي.

انخلع قلب عليا وهتفت بتبرير:

-لأ أن شاء الله مش يحتاج حاجة شوية ويبقي كويس ده لسه صغير مش فاهم حاجة يا يوسف.

تنهد يوسف وقال:

-هو لسه صغير بس فاهم ومدرك كويس كل إلي بيدور حواليه يا عليا.

تدخلت نورسيل في الحديث مؤيدة:

-يوسف معاه حق يا عليا خلينا نطمن علي يزن وهو صغير افضل لقدر الله ممكن يأثر علي نفسيته لما يكبر .

تطلعت لطفلها بحزن وأجابت:

-حاضر يا حبيبي.

داعب يوسف لحيته الحليقة وتحدث بعملية:

-طيب بعد الفطار ممكن يا نورسيل تطلعي تجهزيهم.

تسألت عليا بعدم فهم:

-تجهزهم ليه ؟

رد يوسف بإختصار:

-هخرجهم شوية يغيروا جو.

ردت نورسيل مبتسمة:

-حاضر يا حبيبي.

تحدثت عليا بلطف:

-لأ يا قلبي متتعبيش نفسك أنا هجزهم.

رد يوسف بحزم:

-لأ نورسيل محتاج أتكلم أنا وأنتي يا عليا.

ابتلعت عليا ريقها بمرارة وأجابت:

-حاضر يا يوسف.

نهضت نورسيل وأخذت الطفلين واستأذنت منهم وغادرت تتبعهم يوسف وعليا بنظراتهم وبعدها استدار يوسف إلي عليا متسائلاً:

-خلصتي فطار ؟ عجبك ؟

أماءت مبتسمة:

-اه يا حبيبي تسلم ايدك.

ابتسم يوسف وقال:

-الف هنا علي قلبك ممكن بقي فنجان قهوة من إيدك الحلوة وتحصليني علي المكتب ؟ محتاج نتكلم سوا يا عليا لازم نقفل الدفاتر القديمة قبل ما نفتح الجديد ولا ايه ؟

ردت عليا بإيجاب:

-حاضر يا يوسف إلي تشوفه.

❈-❈-❈ 

مع كل تكة يصدرها المفتاح يتأجج معها مشاعر كثيرة داخل قلبه هنا عاش أسعد أيام عمره هنا كانت أول لياليه مع محبوبته هنا أرتوي من عشقها واستمع لصرخة طفله وصياحته الطفولية سعادته تكمن في هذا المكان كما تكمن تعاسته فتح باب الشقة أخيراً وقابله الظلام رغم أن الظلام يحيط كل شئ لكن يقسم أنه يريد كل معالم الشقة بعينه الأن آخذ نفس عميق ملئ به رئتيه محاولا تهدئة أنفاسه الثائرة ودقات قلبه المتعالية.

تحرك بخطي بطيئة وضغط علي مكبس الكهرباء مما جعل الإنارة تشتعل وتضئ الشقة بأكملها أغلق باب الشقة بقدمه واستند بظهره علي الباب يتأملها بأسي يتذكر حل شئ يشعر بأنفاس زوجته وطفله هنا رغم مرور الزمن لكن الشقة كما هي نفس المعالم حتي بعد أنا ملاها الغبار فبعد أن كانت منبع الدفئ والراحة أصبحت منبع الجفاء والبرودة.

تحرك بصعوبة يتأمل كل ركن بها هنا كان يتمدد علي الأريكة وزوجته جواره تطعمه الفواكه في فمه وهما يشاهداه التلفاز وهنا كان يجلس أرضاً يلاعب طفله الصغير.

صار بخطوات واهنة يتأمل المطبخ وكل ركن به يتذكر ومضات طريفة مرت عليهما هنا وهما يتشاكسان في تحضير الطعام عليا أه منها عليا بعد أن كانت سعادته تلخص بها إنتهي كل شئ وأصبحت هي سبب تعاسته الأبدية .

أخذته قداماه إلي غرفة النوم ظل يتأمل الفراش غرفة الملابس طاولة الزينة كل شئ بها تحرك قليلاً وتوقف أمام المرآة ينظر لإنعكاس صورته وجه متجهم عين حمراء كالجمر يشعر كأن بركان ناري يعصف داخل رأسه الأن تأمل طاولة الزينة وجد قنينة زجاجية تحوي علي عطر فواح كان تفضله عليا لأنه من إختيار والأن هو هنا طاولة الزينة فارغة من كل شئ إلا هو مد يده وعلي شفتيه إبتسامة مستهزئة فيبدوا أنها تركت كل شئ يذكرها به.

❈-❈-❈ 

تراجع إلي الخلف وقام بقذف الزجاجة في منتصف المراءة فتهشم الزجاج إلي أشلاء صغيرة وتناثر أرضاً لم يعبئ بها وأكمل سيره إلي غرفة الملابس وكما توقع ملابسها مازالت هنا لم يدري بنفسه سوي وهو يغادر الغرفة متجها إلي المطبخ مخرجا سكين حاد وعاد به إلي الغرفة مرة أخرى وجلس أرضا بعد أن ألقي جميع الملابس أرضا وبدأ بتمذيقها بجنون ولم يكتفي عند هذا الحد اتجه إلي الفراش وبدأ بطعن المراتب وتمزيق الفرش .

ألقي السكين أرضاً واتجه إلي الغرفة الاخري والقي بثقل جسده علي فراش صغيره محاولا أن يشتم عبيره فسابقا حان يغفي هنا علي هذا الفراش وصغيره داخل أحضانه.

❈-❈-❈ 

طرقت باب المكتب وادرات المقبض ودلفت الغرفة وعلي شفتيها إبتسامة عذبة وضعتها أمامه وتحدثت مداعبة:

-لأ أشوف بقي قهوتي إلي تكسب ولا قهوة نورسيل.

ابتسم يوسف وقال:

-الأتنين حلوين اقعدي يا عليا خلينا نتكلم.

جلست بحزن وتسألت:

-أنا فعلاً لسه مرات عاصم ؟

هز رأسه بإيجاب عدة مرات متتالية وغمغم موكدا:

-لسه علي ذمته طالما تم الإجبار علي الطلاق وده إلي هيتم في المحكمة هيتثبت إنك لسه مراته انتي بقي ناوية علي أيه ؟

تسألت بعدم فهم:

-ناوية علي أيه في أيه ؟

أرخي يوسف ظهره علي ظهر المقعد وتحدث بنبرة ذات معني:

-يعني ناوية تكملي مع عاصم ؟ اولا عاصم برئ وده هثبته ليكي الفترة الجاية ولا أنتي ناوية تطلقي ؟

ابتلعت ريقها بصمت ولم ترد.

تنهد يوسف وقال:

-أسمعيني يا عليا هخليني صريح معاكي أنتي وعاصم حصل شرخ كبير أوي ما بينكم الشرخ ممكن يتصلح لكن هيفضل ليه أثر بمعني حبك أنتي وعاصم قادر يتغلب علي إلي حصل لكن دايما هيبقي فيه نقطة سودة في حياتكم دي حاجة الحاجة التانية أن عاصم مبقاش عاصم بتاع زمان لا الزمن غيره قوي تقدري تقولي من كتر ما اتوجع بقي إنسان بارد وفاتر وكمان رفض يقدم إستقالته بره يعني الموضوع هنا هيخلص وهيرجع تاني هناك أنتي هتتقبلي تسافري معاه أنا كده وضحت ليكي الصورة كاملة ومش عايز رد منك يا حبيبتي دلوقتي معاكي أسبوع تكوني فكرتي فيه كويس وقررتي أنتي هتعملي أيه نيجي بقي للمهم يزيد ويزن.

تسألت بعدم فهم:

-مالهم ؟

تحدث يوسف مفسرا:

-مش أن الأوان يعرفوا مين أبوهم ؟ ولادك دلوقتي مشتتين وأنا شايف أنهم بدأوا يتخطوا عامر خلاص لازم نعرفهم أن عاصم يبقي ابوهم كل لما يعرفوا بدري هيكون أفضل ليهم وغير كده عاصم هيبقي معاهم وقريب منهم قادر يساعدهم يتخطوا ده .

❈-❈-❈ 

تنهدت بأسي علي طفليها وقالت:

-مش عارفة يا يوسف أعمل ايه في الموضوع ده ولا عارفه حتي أقول لهم أزاي.

اومأ بتفهم وعقب:

-عارف أن الموضوع صعب ومعقد بس كل لما كان تسرع كل ما كان افضل.

تنهدت بقلة حيلة وقالت:

-إلي ربنا عايزه هيكون يا يوسف.

رد يوسف موضحا:

-ونعم بالله علي فكرة أنا واخد الولاد ورايح لعاصم يخرجهم معايا.

اتسعت عيناها مرددة بعدم إستيعاب:

-نعم واخد مين لفين لا طبعاً يا يوسف لسه معرفوش وكمان عاصم هيتعامل معاهم إزاي لا يوسف بلاش.

قطب يوسف جبينه متسائلاً:

-أنتي خايفة علي ولادك من عاصم ؟

نظرت إلي الأسفل بصمت كرر سؤاله مرة آخري بحدة أكبر:

-ساكته ليه ؟ ردي عليا ؟

ردت بصوت خافت:

-أيوة يا يوسف عاصم ممكن يفكر ياخد ولادي مني أو يأذيهم عشان يوجعني.

رفع إحدي حاجبيه متهكما وتسأل:

-يأذيهم أنتي أتجننتي يا عليا ولا ايه في آب يأذي عياله؟

تحدثت بتبرير:

-أنت نفسك بتقول عاصم اتغير وعاصم إلي أنا شوفته امبارح واحد تاني غير عاصم إلي كنت متجوازه.

إبتسم بعدم إستيعاب وتسأل:

-أنتي بجد بتهزري أنا مش مصدق عاصم طبيعي ده يكون رد فعله ولازم تبقي عارفة أن ده شخص تاني غير عاصم جوزك بتاع زمان أنتي متعرفيش هو مر بأيه ولا حصل معاه أيه عشان تحكمي عليه أنا بقي ولاده فهو أب يا عليا أب يعني يخاف عليهم أكتر مني ومنك اهدي كده وبطلي هبل.

تحدثت بعصبية:

-لأ يا يوسف هو اه أبوهم لكن بالاسم بس مفيش كشاعر أبوه جايز يزيد اه لكن يزن عمره ما شافه من الأساس.

صمتت قليلاً واكملت بغيرة:

-وبعدين اكيد اتجوز وخلف وعنده أطفال تانين وولادي مش مهمين عنده.

هز رأسه بيأس من غريبة الأطوار التي أمامه وتحدث بنفاذ صبر:

-مشاعر الأبوة فطرية يا ست عليا دي حاجة وثانيا بقي يا هبلة عاصم ولا اتجوز ولا خلف .

لمعت عيناها وتسألت:

-هو إلي قالك ؟

رد متهكما:

-لأ مقلش حاجة لأني مسألتوش أصلاً بقولك ايه قومي شوفي نورسيل عملت ايه مع الولاد يلا عشان ألحق أرجع قبل ما عدي يرجع بالجماعة.

نهضت عليا وهتفت برجاء:

-يوسف خد بالك منهم اوعي تسيبهم معاه لوحدهم.

هز رأسه بيأس من هذه المعتوها وتحدث بنفاذ صبر منهيا الجدل:

-حاضر يا عليا حاضر روحي يلا ربنا يهديكي.

غادرت عليا وضرب هو مف بكف مرددا بسخرية:

-عليه العوض ومنه العوض يا يوسف في حريم العيلة يعني نورسيل وهبلة وكمان عليا أتهبلت علي اخر الزمن.

❈-❈-❈ 

اغلق الهاتف واقترب من عائلته مبتسما:

-الخير علي جدوم الواردين نايا ولدت.

تسألت عهد بلهفة:

-بجد ولدت إمتي ؟

رد شادي مبتسماً:

-إمبارح.

ابتسم سالم وقال:

-ما شاء الله خير خير اللهم بارك.

تسألت وصفية بحنان:

-چابت أيه يا ولدي ؟

رد شادي مبتسماً:

-يوسف.

صقفت عهد بحماس شديد وتسألت:

-بجد اول مرة اعرف أنهم هيسموا يوسف حبيب عمتو الصغنن ده هنروح ليهم أمتي ؟

ألتفت إلي عائلته متسائلاً:

-هنروحوا ميتي يا أبوي ؟

تحدث سالم بإبتسامة:

-وجت ما تحب يا ولدي.

تحدث شريف مبتسما:

-مبارك عليهم.

ابتسمت حنين من أسفل نقابها وقالت:

-مبارك يا عهد.

ردت عهد مبتسمة:

-الله يبارك فيكي يا حنين عقبالك.

ربتت حنين علي أحشائها بحب وقالت:

-هانت أهو بإذن الله.

رد شادي بإيضاح:

-ايه رأيكم نروح لهم بالليل تكون رجعت البيت وبقت كويسة.

اومأت عهد مبتسمة:

-تمام يا حبيبي هقوم أنا حضر الغداء.

نهضت حنين بوهن وقالت:

-هاجي أساعدك .

هزت عهد رأسها سريعاً بلا:

-لأ خليكي مرتاحة أنا مجهزة كل حاجة.

غمغمت حنين بإصرار:

-لأ هاجي أساعدك.

تنهدت عهد بقلة حيلة وعقبت:

-علي راحتك يا حبيبتي.

نهض شريف وهو يطالع شقيقه غامزا:

-بجولك يا أخوي ما تاچي نشوف مشورانا.

أومأ شادي بإيجاب وقال:

-ماشي يلا يا أخوي محتاچين حاچة من تحت ؟

ردت عهد نافية:

-لأ يا حبيبي سلامتك.

❈-❈-❈ 

فتح عينه بضعف وحاول اغلاقها مرة آخري لكن رنين جرس الباب المتواصل جعله يتحامل علي حاله وينهض ليري من الطارق لكن مؤكد سيكون يوسف لا محالة فلا أحد يعلم أنه هنا سواه.

أتجه إلي الباب وقام بفتحه بهون وأعين مغلقة وسرعان ما اتسعت عيناه وأغلقها وفتحها عظة مرات يتأكد مما يراه هل شوقه لهم جعله يتوهم رؤيتهم أم هم أمامه بالفعل.

آفاقه من حالته تلك يوسف الذي تحدث ممازحا:

-أيه يا صاحبي هتفضل واقفين علي الباب كده الكتاكيت دول مش متعودين علي كده.

تراجع إلي الخلف ومازالت الصدمة مؤثرة عليه حتي الأن دخل يوسف وهو يصطحب الصغيرين بيده اتجه يوسف إلي اقرب أريكة وأجلسهم عليها بحنان واستدار إلي عاصم الذي لا يزال يقف كما هو.

تنهد يوسف بأسي علي حاله وتحدث بنبرة ذات معني:

-أيه يا عاصم هتفضل واقف كده تعالي سلم يلا.

اغلق عاصم الباب وهو يطالع يوسف معاتبا اقترب من الصغار وجلس علي ركبتيه أمامها.

تمسك الصغار بخالهم بخوف مما جعل الأخر يتألم يكاد يشعر بسكين حاد تمزق قلبه .

ربت يوسف علي الصغار بحنان وقال:

-متخافوش يا حبايبي أيه يا يزيد مش كنت بتسأل ماما أنا ليه أسمي يزيد عاصم ؟

هز الصغير راسه بطفولة:

-اه.

رد يوسف مبتسماً:

-ده بقي عاصم يبقي بابا.

طالعه الصغير بعدم إستيعاب:

-وبابا عامر يبقي أيه ؟

ليتك لم تتفوه يا صغيري كم ود أن يكون أصم الأن ولم يتسمع لهذا ، رمق يوسف معاتبا وهو يحدثه بنظراته لما فعال بي هذا يا رفيقي لما استعجلت في ذبحي هكذا.

رد يوسف بتريث:

-بص يا يزيد ده بابا عاصم مش محمد ابن خالتو عهد اسمه محمد شادي وباباه اسمه شادي أنت ويزن إسم بابكم عاصم بس هو كان مسافر وعشان أنتوا متزعلوش عشان مش معاكم بابا عمو عامر اخو بابا بقي بابكم لغاية ما بابا عاصم يرجع وخلاص بابا عاصم رجع وبابا عامر بقي عمو عامر من تاني.

❈-❈-❈ 

همهمات الصغير يزن هي من جعلت قلبي يرفرف من جديد وهو يردد ببراءة:

-بابا بابا.

ألتفت له يوسف مبتسماً وقال:

-أيوة يا يزن بابا.

أشار عاصم بعينه لصغيره وهو يستطرد مداعبا:

-أيه بابا مش هتشيل يزن وتديله بوسة وحضن كبير .

كأن كلمة يوسف هي الإشارة الحمراء لعاصم الذي ألتقف الصغير بين أحضانه بفرحة شديد مقبلاً كل انشئ يقابله به ودموعه تسيل بغزارة.

ظل يتأمل شقيقه وهو في أحضان من يدعي والده هذا بغيرة شديدة ويقارن بعقله الطفولي ما يفعله والده الجديدة ومعاملته تلك ومعاملة والدهم عامر لهم سابقاً.

ضغط علي يد خاله وتحدث ببراءة:

-خالو عايز اروح.

إستدار له يوسف معاتبا وقال:

-طيب مش هتسلم علي بابا ؟

رد الصغير بعند:

-عايز ماما.

ابتعد عاصم عن يزن وتطلع إلي طفله الآخر بحزن وبعدها تطلع إلي يوسف وقال:

-روحه يا يوسف زي ما هو عايز كفاية كده عليه المرة دي.

تنهد يوسف بقلة حيلة وقال:

-حاضر يا صاحبي مع أني كنت حابب أننا نخرجهم أيه رايك يا يزيد أنا وبابي ناخدكم الملاهي ؟

وقف الصغير ودب علي الأرض بطفولة وقال:

-أنا عايز ماما .

قطع حديثهم رنين جرس تبادل يوسف وعاصم النظرات المتعجبة ونهض عاصم وفتح باب الشقة وتفاجئ ب …….

يتبع…….

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *