رواية وفاز الحب الجزء الثاني من رواية (ثأر الحب ) الفصل الأربعون والواحد والاربعون والثانى والاربعون بقلم زينب سعيد القاضي كامله
رواية وفاز الحب الجزء الثاني من رواية (ثأر الحب ) الفصل الأربعون والواحد والاربعون والثانى والاربعون بقلم زينب سعيد القاضي كامله
الفصل الأربعون
وقفت فوق الفراش بجسد هزيل من قلة الطعام والشراب وضعت يدها فوق أحشائها بكسرة :
-سامحني يا قلب ماما سامحني مقدرش أجيب في الدنيا وليك أب زي ده أتمني أموت معاك ونبقي مع بعض في الجنة سامحني.
قفزت آول مرة من فوق الفراش الي الأسفل بعنف وأنحنت بجسدها أرضا ولم تقدر علي النهوض مرة آخري من كثرة الآلم في ظهرها وبطنها لم تجد سوي أن تتمدد علي الأرض تأن بآلم .
حتي شعرت بسائل لازج يسيل بين قدميها رفعت رأسها تري ما هذا تفاجأت بسيل من الدم ينزل منها بغزارة أغمضت عيناها وهي تضم أحشائها بإنكسار حتي وقعت في غيمة سوداء…
❈-❈-❈
إبتلع شادي ريقه بصعوبة وقال:
-ممكن أعرف نتيجة التحاليل ؟
تحدث الموظف :
-أكيد طبعا آخذ الموظف التحاليل وفتحها وقال بإبتسامة التحاليل مظبوطة يا أفندم إيجابية.
تطلع له شادي بصدمة وردد بعدم إستيعاب:
-أنت بتقول أيه إجابية أزاي؟
هتف الموظف بحيرة :
-إيجابية يعني حضرتك تقدر تخلف .
رمقه شادي بصدمة هو يعلم هذا لكن كيف هو قام بعمل التحاليل هنا في السابق وأثبتت أنه لا يمكنه الإنجاب من الأساس لعيب خلقي منذ الولادة.
أخذ التقارير الطبية وغادر سريعا متجها لإحدي اطباء الذكورة والعقم يجب أن يتأكد من صحة هذا الحديث فلو حديثه صحيح فهذا يعني خسارته عهد للأبد وطفله الذي ينبت بأحشاءها كم جميلة كلمة طفله ظن أنه لم ينطقها بحياته لكن ها قد نطقها.
وصل بسيارته أمام المركز الطبي وهبط منه سريعا متجها لأعلي دفع أموال كثيرة كي يستطيع أن يدلف الي الطبيب.
في غرفة الطبيب.
ردد الطبيب بعملية :
-خير يا أستاذ شادي ايه مشكلة حضرتك ؟
تحدث شادي بالم :
-من سنتين عملت تحاليل إنجاب أثبتت أني عقيم لعيب خلقي ناشئ عن الولادة وحاليا عدت التحاليل طالع طبيعي.
الدكتور أخذ منه التقارير وبدأ يتفحصها بعملية وقال:
-التحاليل طبيعية جدا فعلا تقدر تخلف في أي وقت طيب ليه عملت التحاليل كنت ماشي علي علاج مثلا ؟
هز رأسه نافيا :
-لأ أنا مكنتش متابع مع دكتور أصلا.
تحدث الطبيب بحيرة :
-طيب حضرتك كنت بتشتكي من أيه وعلي أساسها عملت التحاليل ؟ في مشاكل في حياتك الزوجية مثلا؟
رد شادي بتوضيح:
-لا هي مراتي لما فضلنا سنة من غير حمل اقترحت نعمل تحاليل.
حك الطبيب جبينه بحيرة:
-طيب فين تحاليل المدام ؟
تنهد شادي وقال :
-هي معملتش تحاليل لان أن كان ليا تواءم وبعدها أنفصلنا بعدها بس انا أتجوزت بعدها وبردوا محصلش حمل وإنفصلنا وحاليا متجوز ومراتي حامل.
أومئ الطبيب بتفهم:
-عدت التحاليل عشان شاكك أن الطفل مش إبنك صح كده ؟
هز رأسه بإيجاب :
-أيوة.
تحدث الطبيب بمهنية:
-بص يا أستاذ شادي التحاليل دي إيجابية مية في المية والمعمل ده ثقة فعلا نتايجه بثق فيها يعني حضرتك تقدر تخلف في أي وقت ثانيا بها والأهم حضرتك عشان تعمل التحاليل دي تكونوا روحتوا لدكتور نساء وتوليد ويطلب منكم أنتوا الأتنين تعملوا التحاليل دي وقتها بتتعمل.
ردد بعدم فهم :
-قصد أن التحاليل بتاعتي كان غلط ؟
أومئ الطبيب بعملية وقال:
-الموضوع في حاجة غلط ولغز تقدر توصله عن طريق طليقتك طيب زوجتك التانية كانت عارفة إنك مش بتخلف ؟
هز رأسه مؤكدا :
-أيوة لأنها كانت صاحبتها وأحنا كنا متجوزين في السر.
ضحك الطبيب بخفة :
-طيب كده الرؤية بانت طالما متجوزين في السر اكيد مش هتبقي حابة يحصل حمل عشان ميتفضحش أمرها بالنسبة ليا حضرتك تقدر تخلف روح أفرح بإبنك وأحمد ربنا وحاول توصل لحل .
إبتسم شادي براحة من حديثه هذا الطبيب نهض وردد بعرفان:
-شكرا لحضرتك بجد وعلي كلامك .
إبتسم الطبيب بخفة:
-ولا شكرا ولا حاجة روح شوف مراتك يلا وافرح .
إبتسم بفرحة وغادر .
قاد سيارته متجها الي مكان ما كي يقطع الشك باليقين….
❈-❈-❈
تجلس علي الأريكة تتابع زوجها الذي يتابع عمله علي المكتب نهضت وإتجهت إليه ووقفت جواره .
ألتفت لها بإبتسامة وقال:
-أيه حبيبي زهق ولا أيه ؟
غمغمت نافية :
-لأ يا حبيبي جيت أفترج عليك.
ضحك بخفة:
-تتفرجي عليا طيب أقعدي طيب إرتاحي .
هزت رأسها بلا وقالت:
-لا مش هعرف أشوف.
تراجع بمقعده الي الخلف وأجلسها فوق قدمه شهقت بخجل من فعلته:
-أنت عملت أيه سبني ممكن حد يدخل ويشوفنا !
هتف بعبث :
-أطمني يا قلب عدي محدش هيدخل المكتب من غير إذني ممكن بقي تسبيني أركز يوسف رجع خلاص ومفيش غلطة .
ضحكت ورددت مازحة :
-تحب أساعدك في حاجة ؟
أجاب بصدق:
-قربك مني كفاية يا قلبي نايا أنا مش بحبك بس أنا بعشقك يا عمري .
لمعت عيناه بحب وقالت :
-وأنا بحبك يا فرحة قلبي عارف يا عدي طول عمري واخدة الحزن من إسمي مكنتش أعرف أن هيجي اليوم وأخد الفرح واعيش في سعادة كده أنا معاك أتخلقت من جديد.
وضع يده علي قلبه مرددا بمرح:
-قلب عدي والله هيقف منك حاي تقولي الكلام ده هنا في الشركة لا وأنتي في حضني كمان عايزانا نتمسك بفعل فاضح يا قلبي !
ضحكت بخجل وهتفت بدلال وهي تلعب في خصلات شعره:
– الله مش بعبر يا دودي ؟
ضحك بحسرة وقال:
-عبري يا قلبي بس مش هنا خليني أخلص شغلي صحيح أنتي جعانة ؟
إمتعض وجهها وقالت بعدم شهية:
-لأ مليش نفس دلوقتي.
أومى بتفهم ورد :
-تمام آول لما تجوعي قولي ليا أوك ؟
ردت بإبتسامة :
-أوك.
تابع عمله وهي تجلس في أحضانه تشاغبه من حين لآخر.
❈-❈-❈
تقف في المطبخ تعد الطعام وعلي وجهها بإبتسامة مرحة فهي تعشق تلك المأكولات.
دلفت صفاء الي المطبخ وتحدثت بتساؤل :
-أيه نورسيل خرجت الخدم ليه ؟
ردت بإبتسامة:
-مفيش حاجة يا ماما بس حابة أشتغل لوحدي.
عقبت صفاء بتوضيح :
-بس كده شغل كتير عليكي يا بنتي الحرس والخدم بيأكلوا من نفس الأكل هتقدري تعملي لده كله ؟
أومئت نورسيل بحماس :
-أيوة يا ماما أطمني أنا خلاص جهزت الشاورما للكريب وحشيت الحواوشي وبعت أجيب عيش الكريب فاضل أتبل الكفتة وأصبعها وأتبل الفواخ عشان تتشوي وهعمل كمان بسبوسة ليوسف حابة أعمل كل حاجة النهاردة بنفسي.
إبتسمت صفاء بحنان :
-ماشي يا حبيبتي طيب متنسيش سلطة بابا غنوج عشان يوسف بيحبها.
تحدثت نورسيل بإبتسامة :
-تمام روحي حضرتك إرتاحي ولما أخلص هاجي أقعد معاكي.
صاحت صفاء معترضة :
-لأ تطلعي تاخدي شور وتلبسي حاجة حلوة وتستني جوزك لما يرجع وأكملت بنبرة ذات معنى و اديكي شايفة إيمي بتلبس أيه .
عضت علي شفتيها بغيظ:
-بصراحة بنت أختك دي مستفزة أوي يا ماما.
ضحكت بخفة :
-بس أنا فرحانة أنها جت كفاية خلتني أسمع كلمة ماما الحلوة دي منك.
خجلت نورسيل وضمت حماتها بحب:
-حقك عليا يا ماما متزعليش مني.
ربتت صفاء علي ظهرها بحنان:
-مش زعلانة منك يا قلب ماما يلا أسيبك بقي تخلصي .
غادرت صفاء وتنهدت نورسيل براحة وهي تحمد الله علي كم السعادة التي تشعر بها الأن ندمت علي غبائها وتسرعها في السابق فهي الأن تشعر بأدميتها لا تنكر مدي حبها ليوسف ومدي حبه وحنيته هو عليها كذلك وكيف كانت تعامله هي في السابق قررت أن تنسي الماضي فالماضي قد حدث وإنتهي ويجب أن تتعلم منه بدلا من أن تظل تحيا به.
❈-❈-❈
أرجع ظهره الي الخلف بآلم وهو يشعر بالالام في صدره وكتفه هو إستعجل بالفعل بعودته الي عمله لكن كان يجب أنو يعود إلي العمل عدي لن يستطيع الصمود بمفرده فاق علي طرق الباب.
آذن لمن بالخارج بالدخول.
دلفت إيمي وتحدثت بدلع:
-نعم يا يوسف طلبتني.
هز رأسه بإيجاب :
-أيوة أتفضلي اقعدي.
جلست بثقة واضعة ساق فوق ساق تحدث هو بعملية :
-إستلمتي تدريبك ؟
أومئت بإيجاب :
-أيوه.
تنهد يوسف وقال:
-بصي يا إيمي أنتي زي عهد وعليا بالنسبة ليا وهتفضلي زيهم دلوقتي أنا أتجوزت وبقي عندي حياتي دلوقتي أظن كل الخيوط بينا تكون إنتهت أنتي بالنسبة ليا أختي وعمرك ما هتكوني غير كده أنا عمري ما حبيتك ولا هحبك غيرأختي.
رددت بحزن:
-بس أنا بحبك .
رد نافيا:
-بتحبيني كأخ مبهورة بيه يا إيمي مش كحبيب أتمني بقي تفوقي لنفسك وتشوفي حياتك يا بنت الناس.
هزت رأسها بيأس:
-يعني مفيش أمل ؟
إبتسم بهدوء:
-أظن قبل ما اتجوز ما كنش فيه امل عشان بعد ما اتجوز واحب مراتي يبقي فيه أمل.
نهضت بإنكسار وهي تحافظ علي ما بقي من ماء وجهها :
-تمام يا يوسف رسالتك وصلت وهحجز وأرجع عند اهلي أنا حيت عشان أطمئن عليك وبس يا أخويا .
تحدث يوسف بإبتسامة:
-ماشي يا إيمي وتأكدي أني جنبك في اي وقت تحتاجي ليا فيه.
تحركت من أمامه بحزن:
-تمام بعد اذنك.
غادرت إيمي وتنهد يوسف براحة فما فعله هو الصواب يجب أن تفيق من وهم الحب هذا حتي لو لم يكن تزوج نورسيل فستبقي شقيقته لا أكثر.
❈-❈-❈
وصل بسيارته الي إحدي العمارات السكنية وهبط من سيارته متجها الي أعلي وقف أمام اخدي الشقق وقام برن الجرس.
دقائق وفتح الباب وظهرت نهي التي تحدثت بفرحة:
-شادي حبيبي أتفضل.
دلف بضيق وهو ينظر لها بإستحقارأغلقت البا وإقتربت منه بدلال ووضعت يدها علي كتفه:
-وحشتك أخيرا
إبتعد عنها كالملوسع مرددا إشمئزاز:
-إيدك متقربش مني تاني فاهمة.
وضعت يدها بخصرها متهكمة:
-نعم طالما مقربش جايلي ليه ؟
إقترب منها وقام بلوي ذراعه أسفل ظهرها مما جعلها تشهق بآلم همس بفحيح في أذنها :
-صحبتك كانت عايزة تطلق مني صح وعشان كده لعبت في تحاليلي صح ؟
رددت بإربتاك :
-تحاليل أيه مش فاهمة ؟
شدد علي يدها وصاح بعنف:
-لا يا روح أمك أنطقي لأقسم بربي أدفنك هنا أنطقي.
رددت بآلم :
-والله ما ليا دعوة أخوك السبب.
إبتعد عنها مرددا بعدم فهم:
-أخويا أيه ؟ شهاب كل الي عمله أنه أتجوزها بعد ما أنفصلنا.
هزت رأسها نافية :
-لأ تحاليلك كانت سليمة هو راح نفس المعمل وودي عينه تانية علي أنه أنت ولما أطلقت منك أتجوزت أخوك لأنه وقتها لعب في دماغها أن أهلك مش هيوافقوا علي جوازكم وأن والدك اصلا طردك من البلد ومش تملك غير مكتبك بس ولعب عليها لغاية ما سمعت كلامه وعملوا اللعبة دي عشان تطلق منك ولما أتجوزته وعاملها أسوأ معاملة عرفت حقيقته انه هو الي مش بيخلف حاولت ترجع تقولك لكن كان مصور ليهم فيدوهات سوي وهددها أنه هيفضحها طلقها وهربت منه وسافرت عند والدها بره وعشان كان عارف أني ميالة ليك جالي وعرض عليا ألعب عليك لغاية ما أتجوزك مقابل ربع مليون جنيه .
رمقها بصدمة:
-أنتي تبهزري صح أنتي كدابة طيب ازاي يخليكي تتجوزيني وارد ان كان يحصل حمل وإكتشف كل حاجة ؟
تحدثت بإنكسار:
-أنا جالي كانسر بعد ما خلفة أبني وشيلت الرحم وده كان سبب طلاقي الحقيقي والي اكيد عرفه من فريدة.
تطلع لها بصدمة وصقف بيده ساخرا :
-بجد هايل فيلم هايل أنتوا عصابة بقي وأنتي كل شوية تكسريني وتعايريني مش هلوم عليكي لأن أخويا الي كسرني من البداية نصيحة مني أبعدي عن طريقي يا نهي لاني لو شوفتك قدامي في اي مكان أو الزبالة التانية ظهرت في حياتي هدبحكم بإيدي أنهي جملته وغادر سريعا وهو يركض ويسابق الريح كي يعود الي حبيبة عمره يستسمحها ويقبل يدها آن تطلب الأمر كي تفصح عنه.
بينما أنهارت نهي أيضا تبكي بحسرة علي غبائها وما ألت إليه حياتها البائسة.
❈-❈-❈
في الصعيد في إحدي المشافي وتحديدا في غرفة الطبيبة الخاصة بالنساء والتوليد.
تتمدد حنين علي الفراش ونقابها يغطي وجهها والطبيبة تقوم بفحصها.
بينما شريف يقف جوارها وينظر الي الشاشة بتلهف .
تحدثت الطبيبة بعملية :
-زين حوي الچنين عمره أربعين يوم.
رد شريف بلهفة :
-هو فين يا داكتورة رايد أشوفه ؟
ردت الطبيبة بمهنية :
-لسه بدري علي إجده دولك تسمعوا نبضه لو تحبه.
ردت حنين بلهفة:
-ياريت يا دكتورة.
أسمعتهم الطبيبة نبضه ومع كل نبضة يشعر معها شريف أن قلبه يراقص فرحا.
أما حنين فكم أطربها نبضات قلبه وضعت يدها علي أحشائها كأنها تتحسس روحه داخلها.
أغلقت الطبيبة الجهاز مما جعلهم يفيقوا من حالتهم ونهضت مرددة :
-اكده خلصنا تجدري تجومي.
نهضت حنين وأعدلت ملابسها وذهبت برفقة شريف وجلسوا أمام الطبيبة التي دونت لهم العلاج وبعدها أستأذنوا وغادروا.
في سيارة شريف.
يقود سيارته بسعادة ألتفت لها مردد بفرحة:
-نفسك في حاچة يا أم الغالي ؟
تطلعت له بحيرة من هذا اللقب :
-أم الغالي ؟
هز رأسه بإيجاب:
-أيوة الغالية وأم الغالي كومان تعرفي يا حنين أنتي فرحة جلبي.
أتسعت عين الآخري غير مصدقة ما يتفوه به فآخر ما كانت تتخيله أن يقول شريف كلام معسول كهذا.
عقب بحيرة:
-باه مالك يا واكلة ناسك شاردة في ايه ؟
ضحكت ساخرة ها قد عاد الي طبيعته التي إعتادت عليها تحدثت ساخرة:
-مكنتش مصدقة إنك شريف الصراحة.
رمقها ساخرا :
-واه أمال شريفة إياك.
زفرت بحنق وردت بتوضيح:
-قصدي كلامك الحلو إستغربت إنك تقوله.
ردد هو بحالمية :
-آخد بس تاري من ولد المغربي وأفوج ليكي ولوالدي يا غالية.
إبتلعت ريقها بحذر:
-أنت لسه مصر علي التار انتوا خلاص بقيتوا أهل خلاص.
أوقف السيارة بعنف وقال:
-لاه إلي بنتنا دم وبس سامعة ولا لأه.
حركت رأسها سريعا بإيجاب:
-فاهمة إهدي.
تنهد بضيق وقال:
-زين ياريت خاشمك مينطجش بسيرة ولاد المركوب دول تاني من أساسه.
❈-❈-❈
وصل بسيارته أسفل العمارة التي يقطن بها صف سيارته وهبط سريعا متجها الي أعلي لزوجته الحبيبة يصلح ما هدمه هو بغبائه.
فتح باب الشقة سريعا ودلف وأغلق الباب خلفه إتجه الي غرفة النوم سريعا وقام بفتح الباب بوجه متلهف وجدها تتمدد أرضا وجهها شاحب إنقبض قلبه وركض تجاها لكن تراجع الي الخلف بصدمة ما أن راي الدماء التي تسيل منها هز رأسه بعدم إستيعاب هلي سيحرم من طفله ؟ هل سيعاقبه الله علي ما فعله بتلك البريئة.
جلس أرضا جوارها بلهفة يضرب علي وجهها برفق:
-عهد حبيبتي فوقي سمعاني.
جاهدت وفتحت عيناها بضعف وتمتمت بتقطع :
-قولتك..وقت ما هتتأكد أنه آبنك هتخسره وهتخسرني أنا كمان……
يُتبع..
الفصل الواحد والاربعون
مع كل صرخة طفل رضيع
ينطلق معها انطلاقة لحياة جديدة
فكل طفل يولد
تولد معه الحياة والأمل الجديد بالغد
لم يدوم التوتر كثير فانطلقت صرخة الصغير معلنا عن وصوله إلي الحياة ومعها توقف صراخ والدته فقد زال الآلم وانتهت رحلة وهن علي وهن وحل معها حياة جديدة ملخصة في نبتة صغيرة تشكلت داخل رحمها تمتلك خصال والديه ليكون جزء منهم.
توقف عدي بفرحة وهو يتطلع إلي والدته واشقائه نهضت والدته سريعاً وأخذته في أحضانها وهو يتمتم بفرحة غير مصدقا:
-ماما نايا ولدت أنا خلاص بقيت اب ؟
ربتت علي ظهره بحنان ودموعها تنساب بغزارة أكبر متمتة بحمد:
الحمد لله يا حبيبي ربنا يبارك ليك فيهم.
ابتعد عن زوجه واتجه إلي شقيقه واخرجه من أحضان والدته وآخذه بأحضانه هو مربتا علي ظهره بحنان واسترسل ضاحكاً:
-مبارك يا دودوي بقيت اب قبلي اهو.
ابتسم عدي علي مزحة شقيقه وإبتعد عنه مقبلاً رأسه بحب وفخر واستطرد قائلاً:
-ده ابنك قبل ما يبقي أبني يا أبو يوسف.
قطب يوسف جبينه متسائلاً فأكمل عدي مؤكدا:
-يوسف عدي عبد الرحمن يوسف المغربي.
ابتسم يوسف بفرحة وضم شقيقه بحب واعين دامعة وسط فرحة والدتهم بهم وهي تدعي الله أن تدوم فرحتهم ويظلون يد واحدة.
اقتربت عليا منهم مازحة وهي تصقف بيدها بخفة:
-أيه يا شباب كفاية كده عايزة أبارك أنا كمان.
ابتعدوا عن بعضهم وأحتضنها يوسف مقبلاً جبينها بحب وكذلك فعل عدي المثل.
بينما ظلت هي جالسة علي وضعها تتأملهم راسمة إبتسامة علي وجهها وداخل قلبها مكسور كم تمنت أن يكون لها أخ يكون سنداً وعونا لها هكذا لكن ليس كل ما يتمناه المرء يحدث.
ابتعدوا عن بعضهم واقترب عدي منها مشاكسا:
-أيه يا نورسيل مش هتباركيلي ولا ايه ؟ ده أنتي حتي هتبقي خالتوا وعمتوا.
طالعته بعدم فهم فاسترسل موضحاً:
-خالتو عشان نايا أختك أكيد وعمتو عشان أنا أخوكي ولا أنا مش أخوكي الكبير ولا أيه ؟
إبتسمت بفرحة وقالت:
-لأ طبعاً اخويا مبارك عليكم اللهم انبته نباتاً حسن.
رد عدي مبتسماً:
-تسلمي يارب.
❈-❈-❈
فتح باب غرفة العمليات وخرجت الممرضة وهي تحمل الرضيع وعلي شفتيها إبتسامة عذبة واقتربت من عدي ومدت يدها إليه ظل ينظر إليه بمشاعر مختلطة فرحة وسعادة حزن خوف.
حسته والدته أن يحمله:
-شيل إبنك يا حبيبي يلا.
ألتفت إلي والدته بإرتباك وقال:
-ده صغير اوي أنا خايف اشيله.
إبتسمت صفاء بخفة وعقبت:
-لأ متخفش شيله يلا وكبر في أذنه يلا متخافش.
حمله بخفة واقترب من أذنه اليمني مكبرا بها والأذن اليسرى أقام بها ملقيا في النهاية إسمه.
اقترب يوسف منه وحمله هو الآخر وفعل المثل بينما اقتربت نورسيل وعليا منهم يتأملون الصغير بفرحة.
إستدار عدي إلي الممرضة متسائلاً بلهفة:
-نايا كويسة ؟
أومئت الممرضة بإيجاب:
-بخير عشر دقايق وتقدرزا تدخلوا ليها بس بعد اذنكم الولد لازم نوديه لدكتور الاطفال.
انتفض الجميع وتسأل يوسف بقلق:
-دكتور ليه الولد ماله ؟
تحدثت الممرضة مهدئة:
-بخير يا فندم والله بس لازم يتعرض علي دكتور الأطفال يفحصوا.
تنهد الجميع براحة وتسأل عدي:
-طيب وهتجبيه تاني ؟
ردت الممرضة مبتسمة:
-أكيد طبعاً هجيبه لغرفة والدته .
مدت يدها وآخذت الطفل بحرص شديد وتحركت به إلي الطبيب كي يفحصه.
❈-❈-❈
فتح الباب كالإعصار ودخل المنزل وهو يتحرك بسرعة ويأكل الأرض بخطواته أكلا كما تأكل النيران الأخضر واليابس انتفض والديه من حالته تلك وتسأل عوني بلهفة:
-خير يا عامر أيه إلي حصل مالك في أيه ؟
استرسلت والدته باستعلام:
-المحكمة حكمت لعليا .
جلس علي الأريكة واضعاً يده علي أذنه مما أصار قلقهم وفزعهم مما جعل عوني يصيح بعصبية:
-انطق يا أبني أيه إلي حصل هناك ؟
رفع رأسه وتحدث بصوت حاد كما لو كان خرج من أعماق الجحيم:
-كل حاجة ضاعت كل حاجة ضاعت وأولادك السبب .
تبادل والديه النظرات وتسألت والدته بعدم فهم:
-ولاد مين ؟
صمت قليلاً وامتعض وجهها واستطردت قائلة:
-هو الزفت عاصم رجع ولا ايه هبب أيه مش بيجي من وراه غير كل شر.
رمقها عوني بغيظ وقال:
-هو كل مصيبة تقولي عاصم ما هو ساب البلد كلها ومشي عايزة أيه منه تاني هو أنتي ولا بترحمي ولا تسيبي رحمة ربنا تنزل يا شيخة.
ابتسم الآخر ساخرا وتحدث بتوعد:
-ما هو رجع خلاص رجع يا بابا رجع وبيفتح في القديم.
إستدار له عوني سريعا وتسأل:
-عاصم رجع امتي وأزاي ؟
رد عامر بغل:
-رجع إمتي رجع النهاردة وأزاي بمساعدة البيه ابنك التاني والزفت يوسف .
اتسعت عين والدته بصدمة وتسألت بعدم إستيعاب:
-أنت بتقول ايه علي ساعده ازاي ؟
رد عامر بغل:
-إبنك وقف مع الحقير ده ضدي يا ماما وقف مع الحقير ده ضدي.
صاح عوني مستنكراً:
-ايه إلي انت بتقوله ده الحقير ده يبقي أخوك الكبير بمزاجك أو غضب عنك.
انتفض عامر من مكانه وتحدث بفحيح:
-مش أخويا ولا عمره هيكون أخويا ومش هرحمه سامع مش هرحمه مش هينفع كل إلي عملته يتهد سامعين حتي لو تطلب الأمر أبعته فيه للجحيم هو والكلب التاني.
ألقي جملته وغادر تاركاً المنزل بعصبية شديدة كما جاء تاركاً وراءه والديه بحالة غير الحالة والدته قلبها يشتعل ونيران قلبها تزاداد بعد علمها بعودة إبن غريمتها من جديد ووالده بقلب ملتاع وفرحة لعودة إبنه الغائب من جديد فشتان ما بين حال الاب والام.
❈-❈-❈
فتح باب الشقة وأشار له بالدخول ولج إلي الشقة وهو يخفض بصره وجلس علي أقرب مقعد قابله.
اغلق علي الباب ودلف خلفه وجلس علي المقعد المقابل له مغمغما بإبتسامة عذبة:
-نورت البيت يا عاصم.
ابتسم عاصم باقتضاب وقال:
-البيت منور بأهله يا علي.
ربت علي علي فخذه بحنان معقبا:
-وأنت من اهله يا عاصم.
نهض علي قائلا بحماس:
-ها تحب تشرب أيه عقبال ما اطلب الغداء؟
حرك عاصم رأسه نافياً وعقب:
-ولا أي حاجة مليش نفس.
امتعض وجه علي وتسأل بحزن:
-مالك بس يا عاصم أنت مش عاجبني المفروض تكون فرحان.
ابتسم عاصم ساخراً وعقب:
-افرح علي أيه ؟ أني كلها شوية وهنسجن ؟ولا علي ولادي إلي مش قادر أشوفهم واحدهم في حضني؟ ولا طلقني إلي مازالت مراتي ولولا ستر ربنا يمكن كانت خلفت من عامر في الحرام ؟ وولادي إلي فاكيرن ان عامر ابوهم يا تري هيقبولني ؟ أو هيعرفوني من الاساس؟ هقدر اتحمل نظراتهم الغريبة ليا ؟ أسكت يا علي اسكت أنت مش عارف حاجه ولا حاسس بيا أنا جوايا نار لو نزلت علي جبل الجليد هتسيحه أنا تعبان بجد ومخنوق نفسي اغمض عيني وأفتح يكون ده كله كابوس وإنتهي مش قادر كل ده كتير عليا أوي أنت مش عارف حالي بره كان ازاي وأنا بكلم المحامي الغريب عشان اعرف ولادي أخبارهم أيه واطمئن عليهم وعليها بعد كل إلي عملته فيا.
تسأل علي بإنتباه:
-هو أنت ليه محكتش المحامي يمكن كان وقتها ساعدك أو فهمك علي الأقل أن عليا مراتك لسه ؟ يمكن وقتها مكنش يحصل ده كله ؟
ابتسم عاصم بآلم وعقب:
-أقول أيه ؟ بس أقعد ساكت يا علي أقول الغريب حتي لو قولت ليه هيساعدني ويقف جنبي قصاد ولي نعمته اسكت لأن السكوت احسن.
تنهد علي بوجع وقال :
-معلش يا عاصم أكيد ربنا ليه حكمة في كده إهدي أنت كده وأن شاء الله خير.
أومئ عاصم بألم:
-ونعم بالله إلي ربنا عايزه هيكون .
جلست تحرك ساقيها بعصبية شديدة ظنت أنها قد إرتاحت من هذا العاصم للأبد ليعود الأن من جديد وكأن شئ لم يكن إنتبهت علي صوت خطوات علي الدرج رفعت رأسها لتتفاجئ بزوجها يهبط الدرج مرتديا حلته انتفضت من جلستها واقتربت منه ووجها لا يبشر بالخير ووقفت في مواجهته مسترسلة بحقد:
-ممكن أفهم لابس ورايح فين دلوقتي ؟
زفر بملل ووضع يديه في جيبيه متمتما بنفاذ صبر:
-خارج ولا مش واخدة بالك ولا يكون عندك مانع مثلاً؟
رمقته بغيظ وقالت:
-عوني أطلع من دول وبلاش لوم الفلاحين ده رايح تشوفه صح؟
زفر بحنق وعقب:
-الفلاحين إلي مش عاجبينك أظن إنك متمرنغة في غيرهم أهو يا ست هانم وأه رايح أشوفه عندك مانع ؟
ردت بضيق:
-هتروح تشوفه بدل ما تطمئن علي إبنك يا كبدي عليه وعلي إلي حصله.
تنهد بضيق شديد وقال:
-وده كمان أبني إلي بقالي سنين ولا شوفته ولا سمعت صوته.
إبتسمت باستخفاف واسترسلت متهكمة:
-بجد طيب هو مجاش هو يشوفك ليه ولا يسمع صوته حد منعه.
ضغط على اسنانه بغيظ وقال:
-أه حد منعه يا ست هانم وأنتي عارفة كويس أن ده آخر مكان ممكن يفكر يخطيه من الأساس والفضل ليكي خليتي أبني يحرم مالي علي حياة عيني أنا ماشي لكن الكلام معاكي ولا هيقدم ولا هيأخر .
غادر تاركاً إياه تتأكل غيظاً حتي لو كانت غريمتها وافتها المنية منذ زمن ولم تراه قط لكنها علي يقيقن أنها كانت ولا زالت تحتل مكان كبير داخل قلبه ومن بعدها إبنها وإذا لم تستطيع إبعاده عنه بالماضي لكن الأن مستحوذ علي قلب أبيه وأمواله من جديد وكان أولادها هم المهمشين ولكن لم ولن تسمح أن يحدث هذا من جديد سيعود إلي حيث أتي لن تسمح له بأذية أولادها أو آخذ مكان أحدهم حتي لو تطلب الأمر حياته أو حياتها هي .
❈-❈-❈
في المشفي بعد ما يقارب الربع ساعة إنتقلت نايا إلي غرفة عادية والتف الجميع حول نايا بينما هي تجلس علي الفراش وتحمل رضيعها وإلي جوارها يجلس عدي يداعب طفله.
ابتسم يوسف وقال:
-مش يلا يا عليا أنتي ونورسيل عشان تروحوا.
غمغمت نورسيل بإعتراض:
-لأ أنا هبات مع نايا يوسف مش هقدر اسبها.
هتفت نايا بوهن:
-لأ يا حبيبتي روحي أنتي تعبانة ولازم ترتاحي.
دبت قدمها علي الارض بطفولة:
-لأ مليش دعوة عايزة أفضل جنبك قدر إحتاجتي حاجة هتعملي ايه وكمان مين هيشيل يوسف الصغير بقي؟
ضحك الجميع وتحدثت صفاء بحنان:
-يا حبيبتي أنا هنا معاها وكمان عدي هنا لازم تروحي عشان ترتاحي وكمان عليا تشوف ولادها .
تنهدت بضيق وقالت :
-ماشي بس اعمل حسابك هاجي بكرة تاني.
تسأل يوسف بإنتباه:
-صحيح مش هنزل لعهد هي فين صحيح ؟
رد عدي موضحاً:
-في شقتهم أهل شادي جايين بكره هيقعدوا معاهم كام يوم.
أومئ بإيجاب وعقب:
-تمام خلاص مفيش داعي كده كده نايا هتخرج بكره بإذن الله محتاجين حاجة؟
هز عدي رأسه نافياً وعقب:
-لأ يا حبيبي تسلم.
هتفت صفاء بحنو:
-روح بقي يا حبيبي نام وأرتاح.
مسح جبته بإرهاق وعقب:
-لأ أرتاح أيه هروحهم وورايا مشوار أخلصه.
تخصرت نورسيل وتحدثت بتهكم:
-نعم يا أخويا لا يا حبيبي مش هتروح هتفضل قاعد معايا لتسبني هنا.
رفع يوسف حاجبه بإستهجان وتسأل:
-نعم أنتي هبلة ولا أظبطي كده يا نورسيل وقدامي علي البيت يلا أنجزي.
دبت علي الأرض بغيظ شديد وتحركت بعصبية شديدة إلي الخارج وخلفها عليا التي تحاول كتم ضحكاتها بصعوبة كي لا تثير غضب الآخري.
بينما يوسف هز رأسه بيأس من هذه المجنونة يكاد يقسم أنه سيصاب بأزمة قلبية عن قريب علي يدها تحرك خلفهم وهو يتنفس الصعداء ببطئ شديد محاولة في تهدئة نفسه فهو علي يقين من أن زوبعة ضارية في الطريق إليه تحضرها تلك النورسيل لا محالة فهي لن تمرر اليوم مرور الكرام ويجب أن يكون صبور معها حتي لا يفقد عقله ويحدث ما لا يحمد عقباه.
ضحك عدي وصفاء ونايا علي هذين الثنائي فشتان بين هدوء ورزانة شادي وبين جنون وطفولة نورسيل.
❈-❈-❈
غفت عينيه أثناء جلوسه علي الأريكة دون أن يدري استيقظ بفزع علي صوت جرس الباب إعتدل بوهن وهو يدلك رقبته تطلع حوله تذكر أين هو أنه بشقة شقيقه رنين الجرس مرة آخري جعله ينهض بتكاسل ليفتح الباب فعلي غادر لشراء بعض المأكولات ومن المؤكد أن يوسف قد جاء مثلما قال رغم أنه تأخر كثيراً وظنوا أنه لن يأتي من الأساس.
فتح باب الشقة ليتفاجئ بآخر شخص يتوقع رؤيته من الأساس إمتعض وجهه وتراجع إلي الخلف عدة خطوات.
بينما الآخر يقف بالخارج يتطلع إلي بإشتياق وحنين مهما بعدت المسافات وطال الفراق ولكنه سيظه إبنه وليس أي إبن بل إبنه البكر آول فرحته يعلم أنه أسي عليه وظلما كثيراً لكنه أب فيجب أن يسامحه هذا ما كان يدور بعقل عوني.
طال صمت مما جعله يترك الباب مفتوح ويتجه إلي الداخل ويجلس علي الأريكة كما كان بصمت تام دمعة شاردة هبطت من عينه مسحها سريعاً قبل أن يدلف الملقب بوالده نعم ملقب بوالده فهو لا يمس الأبوة بصلة من الأساس لا يربطهم سوا ربط الدم والإسم في خانة الهوية الشخصية لا غير.
آخذ نفس عميق ودخل الشقة وأغلق الباب خلفه بحث عنه بعينه وتحرك تجاهه وجلس علي الأريكة التي يجلس عليها الأخر بصمت لا يدري ماذا يقول ولا كيف يبدأ الحديث وما الذي من المفترض أن يقوله من الأساس! هو لا يريد شئ لا يريد سوي أن يأخذ إبنه بأحضانه يتنعم بقربه .
ظل الصمت هو اللغة السائدة حتي مر ما يقارب الساعة لا يسمع سوي صوت أنفاسهم لا غير حتي قرر هوني أن يقطع هذا الصمت مسترسلا بكلمة واحدة:
-وحشتني.
ظن الآخر انه يتوهم أنه استمع إلي هذه الكلمة أو أن والده تحدث من الأساس.
لكن أكد له عوني صدق سمعه وأنه تحدث عندما قرر كلامه مرة آخري:
-وحشتني يا أبني أبوك ما وحشكش ؟
إستمع إلي الجملة جيداً وظل يكررها داخل عقله لدقائق حتي انفجر ضاحكاً وسط تعجب عوني من حالته تلك ما سر هذا الضحك أو ماذا قال ليضحك هكذا من الأساس.
توقف أخيراً وردد جملة والده بإستهزاء:
-وحشتني يا أبني أبوك ما وحشكش ؟
نهض عاصم ووقف أمامه متسائلاً:
-إبنك مين ؟ ومين إلي وحشك ؟ وأبويا مين ؟ أنت بتضحك على نفسك ولا عليا عشان مش فاهم الصراحة بس أنت مش أبويا ولا أنا إبنك ولادك عامر وعلي وبس إنما عاصم لا مش إبنك ولا عمره هيكون إبنك من الأساس .
نهض الآخري بلهفة وشوق وقال:
-لأ أنت أبني بمزاجك أو غصب عنك أنت أبني ده حقيقة متقدرش تغيرها.
ابتسم عاصم ساخراً وعقب:
-فعلا دي حقيقة مقدرش أنكرها بس أقدر أتناسها زب ما أنت تناستها من زمان الابوه مش بالإسم ولا بالدم الأب إلي ربي واظن أنا وأنت عارفين كويس مين إلي ربنا عبد الرحمن المغربي فاكر ؟ لما أخدتني وأنا طفل عندي ٦ سنين وودتني لأخوك قولتله خده يا عبد الرحمن ربي مع عيالك قالك ليه يا عوني قولتله أصل مراتي مضايقة من وجوده ومش حابة يفضل جنب ولادها لو واحد غير أخوك ومراته وقلبهم الطيب أقل واجب كانوا قالوا ليك أرميه في أي ملجأ أو مدرسة داخلية مش ده إلي مراتك كانت عايزاه صح ؟ مش مراتك قالت ليك وديه مدرسة داخلية ونخلص منه ؟ لو انت ناسي أنا فاكر كويس أوي يا عوني وبيه ولو جاي هنا عشان تشوف علي فهو مش موجود تقدر تستناه أما بقي لو أنت موجود هنا عشاني فوجودك مش مرحب فيه وياريت تتفضل لأني تعبان وعايز أرتاح.
تطلع له عوني بندم وتحرك بخزي وهو يجر أذيال الخيبة والندم علي ما أوصل ولده له.
يتبع……
الفصل الثاني والأربعين.
الفراق ليس بالهين إذا كان دون إرادة ما بنا
فما بالك إذا كان الفراق بإردتنا وبناء على رغبتنا
هل وقتها نستطيع أن نسامح
ونعطي فرصة جديدة نبدأ بها من آول الطريق
أم نتركها للأيام تداويها كما تشاء.
❈-❈-❈
لم يستطيع تحريك قدماه وتوقف فجأة واضعاً يده علي قلبه بآلم شديد حاول تحريك قدماه أكثر من مرة ليمضي خارجاً لكنه لم يستطيع يشعر بخدر بقدماه ومأنه فقد السيطرة بهم كما أن آلم قلبه أصبح يزداد عن قدر تحمله يشعر بنصل حاد إخترق جدران قلبه.
كان يلاحظ حركته البطيئة وتوقفه المفاجئ لكن حاول تجاهل الأمر لكن عندما طال الأمر لم يستطيع أن يظل ساكناً هذا فهو لن ولم يكون إبن عاق وحتي لو لم يكن هكذا فهو طبيب قد حلف القسم قبل كل شئ وأحبه كطبيب يحركه كي يذهب له كي يطمئن عليه فهو الأن مريض وليس والده.
مسح علي جبينه عدة مرات وتحرك تجاهه ووقف أمامه متسائلاً:
-مالك في أيه ؟ وقفت كده ليه حاجة تعباك ؟
لم يقدر أن يتفوه بحرف واحد لكن رفع وجهه لينقبض قلب الآخر قلبه أزرق بشدة شاحب كشحوب المكتب يوجد أعوجاج في فمه.
مما جعله يهتف سريعاً به:
-حاسس بأيه فيه وجع في قلبك عشان كده حاطتيت إيدك؟ رد عليا بأي حركة إشارة أنا هفهم سامعني رد عليا.
هز الأخر رأسه بصعوبة تزامناً مع فتح باب الشقة ودخول علي الذي هاله منظر والده الذي يغني عن أي حديث أسقط الحقائب من يده وركض إليه بفزع.
أشار له عاصم أن يتوقف بأمر:
-علي مش وقته تعالي سندوا معايا بسرعة ننقله أقرب مستشفي.
إنقبض قلب علي واسترسل بخوف:
-ليه يا عاصم بابا ماله ؟ أيه إلي حصل ؟ وايه إلي جابه هنا من الأساس أنا مش فاهم حاجة!
اغمض عينيه بألم وقال:
-مش وقته يا علي كل الكلام ده بعدين لازم يتنقل فوراً.
هز علي راسه سريعاً بإيجاب وأسند والده من جهة والجهة الآخري أسنده عاصم متجهين به إلي اقرب مشفي.
❈-❈-❈
جلست علي الفراش تهز قدمها بعصبية شديدة بينما وقف هو أمامها يطالعها بنفاذ صبر سيصاب بجنون لا محالة الآن.
مسح علي وجهه عدة مرات وتحدث برفق:
-ممكن أفهم مالك في أيه ؟ متعصبة ليه كده غلط عليكي وعلي النونو.
رمقتها بضيق ولم تتحدث واستدارت بوجهها إلي الجهة الآخري مما آثار حفيظته.
آخذ نفس عميق وتحدث بصلابة:
-ما هو لتتعدلي وتقولي في أيه لا إلا هسيبك وأمشي وأخبطي دماغك في الحيط بقي أنا تعبت.
اتسعت عيناها وهتفت غير مصدقة:
-أخبط دماغي في الحيط هي حصلت يا يوسف اهون عليك؟
رمقها معاتبا وعقب:
-زي ما أنا تعبان ومش قادر ولا فارق معاكي يا نورسيل صح ولا غلط ؟
نهضت من مكانها ووقفت امامه واضعة يدها بخصرها مما آثار غيظه أكثر وأنزل يدها بقوة من علي خصرها وتحدث بفحيح:
-حسك عينك تحطي إيدك في وسطك كده تاني سامعة ولا لأ ؟ أعديها تعمليها ما بينا أحنا الاتنين مش الهانم في اي موقف تعملها قدام الناس وتستعرض نفسها.
دمعت عيناها من حديثه وجلست لي الفراش تبكي بعد أن رنقته بعتاب علي ما تفوه به.
أستغفر في سره وجلس جوارها وآخذها داخل أحضانه مربتا علي ظهرها بحنان يحاول تهدأتها معقبا بأسف:
-يعني أنتي إلي غلطانة وكمان زعلانة يا نورسيل أنتي تعرفي أنا فيا ايه ولا ورايا أيه ؟ أنتي فاكرة بالساهل بعد السفر والرجوع والمحكمة وختمت بولادة نايا وده كله ما أرتحتش لحظة سهل عليا اني أخرج وأنا كده ؟ أو أقدر أبعد عنك وعن حضنك من الأساس بس غصب عني لازم اخرج يا نورسيل مش بإيدي وحضرتك بدل ما تهونيها عليا بتزوديها أكتر يا قلبي ده ينفع ؟ أحنا مش قولنا تعقل كده وتبقي حلوين أنتي كلها كان شهر وتبقي مامي وبعدين أنتي عايزة عبد الرحمن يبقي عصبي ولا أيه بقي ؟
توقفت عن البكاء فجأة واسترسلت متسائلة:
-أنت جدك إسمه يوسف؟
❈-❈-❈
جعد جبينه بعدم فهم وتسأل:
-أيوة مستغربة ليه ؟
إبتسمت مازحة وقالت:
-الصراحة كنت مستغربة يعني أخواتك وولاد عمك كلهم بحرف العين ما عدا أنت دلوقتي عرفت السبب.
حرك رأسه بيأس من هذه المجنونة وتحدث متهكما:
-تصدقي بالله أنتي عيلة تافهة وفصيلة كمان وعلي فكرة هي جت صدفة أسامي أخواتي مش قاصدين يبقوا نفس الحرف بس ماما كانت بتحب إسم عليا عشان كده سموها عليا وأنا اخترت اسم عدي أما عهد بقي بابا قال نسميها هي كمان بحرف العين فسمناها عهد .
“ممممم عارفة الميزة أيه ؟ الميزة أن حبيبي مختلف ومميز في كل حاجة فريد من نوعه”
قالتها بدلال منا جعله يضحك بصوت مرتفع ولا يحاول تمالك نفسه.
توقف عن الضحك بصعوبة وعقب ساخراً:
-تصدقي بالله أنتي دماغك في التراوة خالص يا شيخة أنتي مش محتاجة دكتور نفسي أنتي محتاجة السرايا الصفراء يا قلبي.
ضربته بخفة في صدره ضمها هو بحب مقبلاً رأسها قائلا:
-ربنا يبارك ليا فيكي يا قلب يوسف من جوه .
قطع حديثهم رنين هاتف يوسف أخرجه من جيبه وجد أن المتصل علي قرر أن يعتذر عن الذهاب لهم اليوم فتح الهاتف وتفاجئ ببكاء علي وما يقوله.
انتفض بفزع وقال:
-طيب إهدي اهدي يا علي مسافة السكة وأكون عندكم اهدي أنت بس سلام .
اغلق الهاتف ونهضت نورسيل بقلق وتسألت:
-في ايه يا يوسف حاجة حصلت ؟
حرك رأسه بإيجاب واجاب سريعاً:
-يعني عوني تعب ونقلوه المستشفي لازم أروح ليهم خدي بالك من نفسك وأرتاحي ماشي.
حركت رأسها بإيجاب وقبل هو جبينها وغادر سريعاً.
❈-❈-❈
كانت تصعد الدرج تحمل بعض المأكولات لصغيريها تفاجات بهبوط يوسف الدرج سريعاً إنقبض قلبها وتسألت بلهفة:
-في ايه يا يوسف مالك حاجة حصلت ؟
ألتفت لها سريعاً وأجاب:
-عمك عوني تعب ونقلوه المستشفي لازم أروح ليهم خدي بالك من نفسك ومن نورسيل والولاد سلام.
رددت بشرود:
-سلام شكل الليلة دي طويلة اوي ومش ناوية تخلص .
تنهدت بقلة حيلة وأكملت صعود الدرج ولكن اعدلت وجهتها واتجهت إلي جناح شقيقها وطرقت الباب.
فتحت نورسيل سريعاً ظنا منها أنه يوسف قد عاد لكن خاب أملها عندما وجدت عليا.
تحدثت عليا بحنان:
-يوسف قابلني وقالي تعالي أقعدي معايا أنا والاولاد وناكل سوا أنتي مأكلتيش من الصبح.
حركت نورسيل رأسها نافية وقالت:
-لأ مليش نفس تسلمي يا عليا.
هتفت عليا بإصرار:
-لأ يلا الأكل جاهز لو مش عشانك يبقي عشان إلي في بطنك ولا حابة تقعي من طولك بقي اظن يوسف فيه إلي مكفيه مش هيقدر يستحمل حاجة يحصلك يلا بقي يا ستي كلي حاجة خفيفة.
تنهدت بقلة حيلة وقالت:
-ماشي.
غادرت معها فالأفضل أن تجلس برفقتها وتشغل عقلها قليلا بدلاً من أن يصور لها عقلها شئ.
❈-❈-❈
وصل إلي الطابق المنشود وجد علي يجلس علي إحدي المقاعد المعدنية بمفرده ركض تجاهه وتسأل بلهفة:
-أيه إلي حصل يا علي ؟
رفع علي رأسه وتحدث بدموع:
-مش عارف يا يوسف مش عارف أنا كنت تحت بجيب طلبات للبيت رجعت لقيت بابا بالوضع ده.
جلس يوسف جواره واستطرد قائلاً:
-يعني عمي كان عندك في شقة ؟
رد علي بإختصار:
-أيوة.
أومئ يوسف بتفهم وقال:
-معني انه جه يبقي أكيد عرف إلي حصل من عامر وأكيد ضغطه علي شوية متقلقش خير أن شاء الله.
ردد علي يتمني:
-يارب يا علي يارب الوضع كان صعب أوي.
ربت يوسف علي ظهره بحنان واسترسل:
-متقلقش.
صمت قليلاً وتسأل:
-كلمت والدتك ؟
حرك رأسه نافياً وعقب:
-لأ مش عارف أقولها أيه مش حابب أقلقها .
امتعض وجهه وأكمل بإستياء:
-مش عارف الزفت عامر قال ليهم أيه بالظبط لكن بوضع بابا مش خير مش خير أبدا .
سب يوسف بسره وتمتم بوعيد:
-عامر حسابه تقل أوي أوي بس الصبر حلو كل لما حسابه بيتقل .
ألتفت علي إلي يوسف وتحدث بخوف:
-يوسف أنا خايف بابا يحصله حاجة بسببي وقتها مش هقدر اسامح نفسي .
رمقه يوسف بضيق وعقب:
-يحصله أيه بسببك ؟ إستهدي بالله كده ؟ أنت غلط في حاجة ؟ شايف أن وقفتك مع عاصم غلط ؟ أو إنك كده ظالم حد ؟
هز علي رأسه نافياً وعقب:
-لأ طبعاً أنا واقف مع الحق.
إبتسم يوسف بنبرة ذات معني وعقب:
-وطالما واقف مع الحق خايف ليه بقي ؟ سيبها علي الله.
تطلع حوله وتسأل بإنتباه:
-هو عاصم فين مشي مش هو جه معاك ؟
اومئ بإيجاب واسترسل موضحاً:
-جه معايا بس دخل معاه من وقت ما جينا ولسه معاه مخرجش.
تحدث يوسف مفسرا:
-أكيد بيفهم الحالة أطمئن متقلقش دلوقتي يخرج يطمنا .
تطلع علي للاعلي متمتما:
-يارب يا يوسف يارب حاسس ان قلبي هيقف أصلاً .
❈-❈-❈
غفي الصغيرين بينما ظلت نورسيل وعليا مستيقظين يتأملوهم حتي عاجلتها نورسيل بسؤال:
-ينفع أسألك سؤال يا عليا ولا لأ ؟
انتبهت لها عليا وتسألت:
-تسالي سؤال اه طبعاً يا قلبي ينفع أسالي إلي عايزة تسأليه .
أخذت نورسيل نفس عميق وتسألت:
-أنتي مش هتقولي للولاد أن عامر مش باباهم ؟
تنهدت عليا بآلم وقالت:
-مش عارفة يا نورسيل مش عارفة.
قطبت نورسيل جبينها بحيرة وتسألت:
-يعني أيه مش عارفه هما المفروض يعرفوا مفيش إختيار قدامك أصلا من حقهم يعرفوا مين ابوهم وكمان عشان تقفلي صفحة عامر للأبد.
أغمضت عليا عيناها بألم وقالت:
-عارف أن ده إلي لازم يحصل وأن ده الصح بس أنا خايفة علي ولادي خايفة عليهم هما اكتر حد هيتأثر ويتأذوا.
شجعتها نورسيل بحماس:
-لأ بالعكس طبعاً يا عليا متقلقيش الاولاد سنهم صغير وكل لما يكون سنهم صغير ده أفضل ليهم ولنفسيتهم.
اومئت عليا بتفهم وقالت:
-عندك حق ربنا ييسر في إلي جاي.
ردت نورسيل مبتسمة:
-خير ما تقلقيش يلا هسيبك واروح أنام.
أكملت مازحة:
-رغم أني ابغي أنام جنبكم الصراحة بدل الوحدة دي
إبتسمت عليا بخفة وعقبت:
-يا ستي أحنا فيها حد مانعك نامي.
غمغمت نورسيل بإحراج:
-عشان مزعجكمش ولا أضايقكم.
رمقتها عليا معاتبة وقالت:
-بطلي هبل يا بت انتي أختي الصغيرة نامي نامي بس أوعي تكوني بتتقلبي تفعصي العيال.
ضحكت نورسيل بخفة وقالت:
-لا أطمني مش هتحسي بيا فراشة علي السرير.
ضحك الإثنيتن وبعدها أغلقت عليا النور وغفت كل منهم بجهة علي الفراش والصغيرين بالمنتصف.
❈-❈-❈
مر قرابة الساعة ونصف ولم يخرج عاصم ولا الطبيب من الغرفة مما أثار قلق يوسف هو الآخر لكن لم يظهر ذلك حتي لا يقلق علي هو الأخر.
فتح الباب أخيراً وخرج عاصم نهض علي سريعاً وخلفه يوسف تسأل علي يترقب:
-بابا كويس يا عاصم صح ؟
اومئ عاصم بإيجاب.
تنهيدة راحة خرجت من صدر علي اخيرا وكان الروح ردت إليه من جديد.
تسأل يوسف بحذر:
-هو عنده أيه يا عاصم ؟
رد عاصم بإختصار:
-ذبحة صدرية.
شهقت علي بصدمة كبيرة مرددا بعدم إستيعاب:
-ذبحة صدرية طيب ايه السبب ؟
تدخل يوسف بتعقل:
-مش مهم أيه السبب المهم حالته أيه ؟ يا عاصم أحسن فاق ؟
تحدث عاصم بعملية:
-ال٤٨ ساعة دول لو عدوا علي خير يبقي عدة مرحلة الخطر أطمئن يا علي أحنا لحقناه في وقتها.
تنهد علي براحة وتسأل:
-طيب ماما ابلغها أقولها أيه دي ممكن تروح فيها .
إبتسم عاصم ساخراً وتحدث بصوت خفيض لم يسمعه سوي يوسف:
-تروح فيها دي زي القطط بسبع ارواح مش بعيد تقعد تحسب الورث.
كتم يوسف ضحكته بصعوبة بينما تسأل علي بعدم فهم:
-بتقول حاجة يا عاصم ؟
ابتسم عاصم بمرارة:
-لأ.
رمقه يوسف بحزن وقال:
-طيب كلم مامتك يا علي وأنا وعاصم هتنزل نشرب فنجان قهوه محتاج حاجه نجيبها ليك معانا ؟
حرك رأسه نافياً وقال:
-لأ شكرا.
❈-❈-❈
يحتسي فنجان القهوه بشرود تام بينما يوسف يطالعه بأسي لا يدري أيواسيه ام ماذا لكن قرر إخراجه من هذه الحالة:
-مش عارف ايه اليوم الغريب ده أنا نسيت أقولكم مرات عدي ولدت.
انتبه له عاصم باستفهام:
-ولدت امتي ؟
رد يوسف باختصار:
-بعد ما رجعت البيت.
أومئ عاصم بتفهم:
-مبارك يا يوسف عقبال عوضك.
ابتسم يوسف وقال:
-تسلم يا حبيبي مسالتش جابت أيه ؟
ابتسم عاصم بمرارة وأجاب:
-إلي يجيبه ربنا كويس هو حد طايل ضفر عيل.
تنهد يوسف وقال:
-هطولهم وهتاخدهم في حضنك كمان علي العموم هي جابت يوسف يا سيدي.
ابتسم عاصم وعقب:
-ما شاء الله كده بقي فيه ٣ يوسف في العيلة صح.
ضحك يوسف بخفة وعقب:
-اه يا سيدي عندك مانع ؟
رفع عاصم يديه بإستسلام وقال:
-لأ يا حبيبي ولا أي مانع ربنا يزيد ويبارك.
انتبه عاصم وتسأل:
-هي عهد اتجوزت صح ؟
أومئ بإيجاب واسترسل موضحاً:
-اه معاها محمد.
تسأل عاصم بإستفهام:
-بدل عشان التار صح ؟
حرك يوسف رأسه بإيجاب:
-اه يبقي توأم شهاب وابن عم مراتي أنا وعدي .
اومئ عاصم بتفهم:
-ممم فهمت.
نهض يوسف وقال:
-مش يلا نطلع نشوف علي ولا ايه ؟
تنهد عاصم بضجر وصمت.
تسأل يوسف بعدم فهم:
-مش عايز تطلع؟
هز عاصم رأسه بلا وعقب:
-لأ بس مش حابب أشوف ام أربعة وأربعين أكيد زمانها علي وصول.
ابتسم يوسف بدعاية وعقب:
-متقلقش أنا معاك يا وحش سيبك منها يا أبني صحيح هو عمي كان جاي يتخانق معاك ؟
هز رأسه نافياً.
تسأل يوسف بعدم فهم:
-أمال كان جايلك ليه ؟
تنهد عاصم بأسي وعقب:
-كان جاي يشوفني عشان وحشته.
أومئ يوسف بتفهم وقال:
-ومالك بتقولها كده أنت ابنه أكيد عايز يقرب منك.
رمقه عاصم باستخفاف وعقب:
-بعد السنين دي كلها لسه جاي دلوقتي يفكر يقرب مني اسكت يا يوسف اسكت.
نهض بصمت تام وتحرك برفقة يوسف متجهين الي أعلى.
❈-❈-❈
صفعة مدوية سقطت على وجه علي من والدته وسط صدمته وعدم استيعابه ما فعلته بعد.
وضع يده مكان الصفعة وتسأل بعدم إستيعاب:
-ماما أنتي بتضربيني بتمديد ايديك عليا وانا في العمر ده ؟
صاحت الأخري بجنون:
-عامر هو أنت عملت حساب العمر بقي تقف مع العدو ضدنا ومستني مني أسقف ليك وفي الآخر تكلمني بابا في المستشفى أيه قاعد جنبه ليه وألبسه التاني لبسك المصيبة وهرب.
“وأهرب ليه يا مرات أبويا عامل عاملة ولا خايف من حاجة”
قالها عاصم باستخفاف.
إستدارت له وتحدثت بحقد:
-أنت أيه يا أخي عايز مننا أيه رجعت تاني ليه مش كنت غورت في ستين داهية رجعت تاني ليه عشان تدمر حياتنا ؟
ضحك عاصم بإستهزاء وعقب:
-أدمر حياتك أنتي يا شيخة اتقي الله أنتي ما شاء الله عليكي تهربي حياة بلد كاملة يا شيخة اتقي الله بقي وفوقي لنفسك ده انتي رجلك والقبر يا شيخة .
التفت إلي ابنها وتحدثت بإستخفاف:
-سامع يا بيه بيغلط في أمك وقاعد ساكت بدل ما تدافع عني يا خسارة يا الف خسارة معرفتش اربي.
“والله كويس انك معرفتيش تربي عامر كان زمانه نسخة مصغرة منك ومن عامر وانتوا ما شاء الله نسخة حصرية لا تكرر متخيل إبليس قاعد يتفرج عليكم وهو بيضرب ابنه علي قفاه عشان يتعلم منكم الصراحة “
يتبع……
تكملة الرواية من هنااااا
التعليقات