رواية قلب اخضر الجزء الثاني الفصل الأول والثاني بقلم رباب عبدالصمد (حصريه وجديده في مدونة الشروق للروايات)
رواية قلب اخضر الجزء الثاني الفصل الأول والثاني بقلم رباب عبدالصمد (حصريه وجديده في مدونة الشروق للروايات)
روايه القلب اخضر الجزء الثاني
بقلم
رباب عبد الصمد
البارت الاول
كل منا يرسم فى خيالاته منذ نعومه اظافره صفات نصفه الاخر وتظل تلك الصفات تتعد وكلما تقدمنا فى العمر يوم فاما ان نزيد على تلك الصفات صفة او نزيل منها صفة حتى نجد نفسنا فجاة خفق قلبنا لشخص دون سابق انذار منا وللوهلة الاولى نجد اننا قد تخلينا عما كنا نتمناه من صفات وسرنا خلف دقات قلوبنا
الحب شىء جميل ولكنه لا ياتى بالاجبار فليس معنى اننا قد عشقنا شخص انه لزاما عليه ان يعشقنا فان كنا نملك قلوبنا بين اضلعنا لكننا لا نملك نبضها
من الخطا ان يعتقد الفرد منا ان الحب عطاء فقط فيخرج الحب عن معناه الحقيقى انما الحب تبادل بين اخذ وعطاء
من الخطا ان نبدا الحب باقصى ما لدينا من طاقة ومن مشاعر ومن عطاء الى اخر ذلك من مكونات الحب ذلك لان الحب ذاته يحتاج الى مجاهدة فما الحال ان استنفذناها فى اوله فسنعيش بعد ذلك على استنفاذ ما لدينا من انفاس او كرامة والادهى ان الطرف الاخر قد ينفر منا ان وجد منا التريث فى المشاعر لانه تعود ان يجد منا الاقصى فلم يعد يقبل بالادنى
الشخص الذى لم يشعر بقيمة ما تعطيه وهو اقصى ما عندك عليك على الفور ان تنسحب من حياته لانه لن يشعر بك ان طاقتك نفذت
اهم ما فى الحب هو حب النفس وصونها فيجب على كل انسان ان يحب نفسه اولا لانها هى الاولى بالحب ولا يجب ان احط عليها لارضاء الطرف الاخر لانها ستأن اجلا ام عاجلا ووقتها قد ينتهى الحب وتدمر النفس فتكون النتيجة اننا لم نفز بالحب ولا صونا النفس
ليس من المحمود ان اغير من نفسى لاجل شخص بل المحمود ان اغير الف شخص لاجل نفسى فالاشخاص كثيرون ولكن نفسى واحدة
يجب علينا ان شعرنا ان الطرف الاخر غير جدير بحبنا وجب علينا على الفور ان ننسحب بدلا من ان نتكلف فى الحب حتى لا يتحول الى تبلد ووقتها ايضا سينتهى فالانسحاب فى البداية اكرم لنا من الترك اجبارا بكسرة
قد نرى ان الحياة كلها تجمعت بين يدى شخص بعينه فنتشبث به لنكتشف ان فناء الحياة هو الذى كان بين يديه فعلينا اذن ان ننظر بعينين عين داخل اعماق الشخص وعين خارجه لنعرف كيف نميز الحياة بين يديه
لا نلعن الدنيا التى اوقعتنا بين يدى من لا يحبنا فقد يكون هو اول الطريق لمن يحبنا
ما اجمل الحب ان تبادلناه مع من يفهم صمتنا وما اجمله عندما نشعر بدفأه بمجرد همسات من عشقناه
جميلة هى مواثيق الحب بين العاشقان فهى مجرد ختم على قلوبهم الا يفترقا نادامت هناك حياة
ما اجمل الحب اذا جاء بعد التمنى والدعاء
ما اجمل الحب الذى يبعث فينا القوة فما الحب الا قوة ( قوة مشاعر . قوة حنان 0قوة نبضات قلب . قوة ترابط . حتى وان اتى الفراق فيكون الفراق ايضا بقوة )
ما اجمل ان تشعر الانثى وهى بين يدى رجلها انها جمعت كل صفات الانوثه بين يديه فصارت ابنته وامه وزوجته واخته وما اجمل ان ترى فى رجلها كل صفات الرجل فهو وحده يغنيها عمن سواه فيكون هو ابيها واخيها وصديقها وحبيبها وزوجها
ما اجمل الحب حين لاترى العين الا من عشقه القلب وكان الدنيا خلت الا منه
ما اجما الحب ان اكتفا العاشقان ببعضهما فلا يهم من الدنيا الا كلاهما وكفى
ساشطب اسمك حتما من دواوينى
ما عدت اهواك لا ما عدت تعنينى
سابدل الحب كرها لست تعرفه
واقفل الباب اذ تاتى رياحكم
ولوتهب لن تلقى عناوينى
اذا عاندنى شعرى ساقتله
يا من اذا مر طيف منه يزعجنى
فقيد طيوفك فبعض الطيف يضنينى
انتهينا فى الجزء الاول على المشهد التالى
ليلى وهى تمسح دموعها / لابد ان اتعود على العيش بدونك وعلى ان ابدا حياتى من جديد وسابحث عن نصفى الاخر الحقيقى فانت كنت لى وهم ولكن قبل ان ابحث عنه لابد ان اتاكد من اكتمالى حتى لا اظلمه كما ظلمتنى فكل شىء يتعلمه الانسان فى الحياة بنفسه الا القسوة لابد ان يعلمها لك شخص اخر وانت كنت هذا الشخص ولكنى لا اريد ان اكون انا هذا الشخص فى حياة غيرى
غار وهو يسمع منها تلك الكلمات فتحول فى لحظة لوحش كاسر فبالنسبة له من هو ذاك الذى فى مقدوره ان ينافسه على حبها فامسكها من معصمها واخذ يهزها بعنف وقال / لن اتركك ترحلين بعيد عنى وساجعلك تندمين على ما قولتيه فكيف لطاووس النساء ان يتوسل الى امراة وترفضه فلم تخلق على وجه الارض تلك من ترفضنى انتى زوجتى وستظلين ذلك واقترب منها واخذ يقبلها بعنف ولكنها تململت فى يديه واخذت تبكى وتصرخ وقالت له ساخرة قاصدة ان تبعده عنها / اين كرامتك يا طاووس النساء وانت تقبل امراة ترفضك بكل كبرياء فهل يعقل ان يكون هذا هو طاووس النساء ؟
وقد كانت سخريتها فى محلها فقد استفزته كلماتها فابتعد عنها ولكن قد نال الغيظ والكره محله منه واخذ يضربها ضربا مبرحا فقد جرحت كرامته
ولكن اين جرح كرامته من جرح كرامتها وطعنها فى شرفها فقد كانت محقة عندما قالت له ان الحب ليس انتقام ولا اجبار ولا تملك
اخيرا نطقها وقال انتى طالق ولن اعترف بمن هو فى بطنك وعليكى ان تتحملين ما سيحدث فى البلدة
سقطت جالسة ارضا وهى منهارة فقد كسر فيها كل شىء
تركها وهو فى قمة عصبيته وخرج
بينما هى استكانت مكانها للحظات ثم قررت الهروب قبل ان يعود فتصبح اسيرته مرة اخرى
بينما هو خرج متالما فقد كره ما فعله بها وجلس فى مكان هادىء يعيد حساباته واخذ ينهر نفسه على فقدها فالان هو يعترف صراحة بحبها ولكن قد فات الاوان
عاد بسرعة لها وفى نيته ان يداوى ما فعله ويحاول جاهدا ان يعيدها اليه وما ان دلف لشقته الا ووجد انها قد هربت منه فصدم واخذ يبحث عنها فى كل مكان فكيف لها السفر وهى فى حالتها تلك شعر ان العالم توقف من حوله فقد اضاع من يده انسانه من المستحيل تعويضها فخرج بسرعة وركب سيارته واخذ يجوب فى الشوارع بحثا عنها وكلماتها كانت لها صدى رنان فى اذنيه
خذلتنى بعد الوفاء وبعتنى
بكاس الغدر والخيانة اسكرتنى
ما عدت ساذج بالحب علمتنى
اخطو كما الصبى وبالغدر كبلتنى
يا ساكن الروح هانت عليك عشرتى
كنت اياما كالوردة سقيتنى وبيدك قطعتنى
وفى ليل دامس قهرتنى وظلمتنى
بينما هى كانت تجرى وهى واضعة يدها على بطنها من شدة الالم ودموعها قد اغرقت وجهها ولا تعرف اين ستذهب ولكن ما يهما ان تبتعد بقدر الامكان عن كان بيته وكان هناك من رآها وهى بتلك الحالة المزرية وكادت ان تعدو الطريق ولكنها لم تنظر لتلك السيارة التى كانت ستصدمها الا وشعرت بيد حديدية فجاة امسكت بها وابعدتها عن الطريق لتصطدم بصدره فجاة وتصرخ صرخة عالية
………………
صرخ فيها باللغة الاجنبية ظنا منه انها ليست عربية / اين عيناك لكى تمرين هكذا امام السيارة اجننتى ؟
نظرت له ولم تسمع اى حرف مما قاله ولكنها تمتمت بكلمات عربية قائلة / لما انقذتنى لما لم تتركنى للموت فهو ارحم الناس بى ولكنها لم تكمل كلماتها اذ انها سقطت مغشيا عليها بين يديه
صدم هو مما حدث ولم يعرف ماذا يفعل وقد اخذ يلعن زمانه الذى جاء به فى هذا الوقت ولعن نفسه ايضا انه انقذها ولكنه تذكر وكانه اول ما تنبه انها تمتمت بالعربية فقال لنفسه يا الهى انها عربية
اخذت تفتح عينيها ببطء متثاقل ولكنها لم ترى الا ضباب يكسو الرؤية امامها ولم تتبين ايا من الاشخاص امامها ولكنها سالت بتثاقل اين انا
اجابها بصوت هادىء / انتى فى المستشفى حمدا لله على سلامتك
بدات توجه وجهها لمصدر الصوت واخذت تحاول جاهدة ان تتبين معالمه وقالت / من انت ؟ ولما انقذتنى ؟
ابتسم لها بتسامة عذبة وقال انا من اوقعنى زمانى قدرا فى طريقك لانقذك ولتضيعى عنى ميعاد هام
اعتذرت بصوت خافت واغرورقت عيناها بالدموع وقبل ان تتكلم دخل الطبيب وقال باللهجة الاجنبية / لولا دمك الذى تبرعت لها به لما استطعنا ان ننقذها على الفور ولكنى احذرك ان مثل هذا النزيف سيحدث لها اكثر من مرة لعدة اسباب اولا لانها ضعيفة وتحتاج لنقل دماء من حين لاخر والامر الثانى وهو الاخطر اننا بالاشعة اكتشفنا وجود ورم اسفل الجنين وكلما تقدم عمر الجنين وحجمه فانها ستنزف اكثر وانا من رايى ان تتخلص منهذا الجنين ونستاصل الورم وبعدها يكون بمقدوركم الانجاب مرة اخرى ظانا ان هذا هو زوجها
صرخت فجاة فيه وامسكت بطنها وقالت لا . لا . لا اريد ان اتخلص منه فمعه برائتى وعفتى ومدت يدها وامسكت بالشخص الذى انقذها وقالت ارجوك انا اريد ان احتفظ به
تعجب على حالها فكيف تقول لما لم تتركى للموت وكيف هى الان تتشبث كل التشبث بجنينها ولكن حالتها جعلته يرثى لها فطمانها وقال / لا تخافى لن نفعل الا ما يرضيكى وانا معكى لا تخافى على جنينك
ما ان تفوة بتلك الكلمات الا وكانه قد اعطاها حقنة مهداة فسكنت وتركت يده وساد الصمت للحظة ليس اكثر ثم قال هو مخاطبا الطبيب / نحن سنحتفظ بالجنين ولكن السؤال الان متى تستطيع الخروج من هنا
الطبيب / الان اذا اردت ولكن لا ترهقها كثيرا فى اى اعمال منزلية اذ انها معرضة للنزيف من اقل حركة
اوما هو بنعم وخرج مع الطبيب ودفع الحساب وانهى اجراءات خروجها وعاد اليها
واخذها وخرج وما ان خرجوا خارج المستشفى الا وسالها الى اين تودين الذهاب ؟
نظرت له ووجهها شاحب وقد زاده سؤاله تجهما فهى لا تعرف الى اين تذهب وليس معها نقود للسفر حتى ان كان معها فاين ستذهب لحين ميعاد سفرها
اخذت تفكر بينما هو اخذ ينظر الى ساعته فقد فاته ميعاد امس وفيما يبدوا ان ميعاد اليوم ايضا على وشك ان يفوته ولكنه نظر اليها ولاحظ تشتتها فاعاد عليها السؤال مرة اخرى ولكنه صدم عندما بكت بحرقة وقالت / لا اعرف الى اين اذهب فهذا اول يوم لى هنا ولا اعرف احد وفقدت محفظة نقودى
هو فى نفسه / يا الهى ما كل تلك المعوقات التى تواجهك ثم سالها بصوت مسموع / من اى دولة عربية انتى ؟
ليلى / مصر
رفع حاجبيه من الدهشة فها هى بنت بلده ومن شيمه المشهود له بها ان يساعد الغرباء فما باله بتلك
صمت للحظة ثم قال لها / هل تودين الرجوع الى مصر
اومات براسها بنعم
قال / هذا امر ميسور ولكنك لن تعودى قبل ثلاث اشهر من الان فما رايك ؟
كادت ان تساله ما العلة فى انها لن تعود قبل ثلاث اشهر واين ستمكث طوال تلك المدة ولكنه قال لها فكرى لدقائق وساجرى مكالمة مهمة ثم اعود اليكى
ابتعد قليلا عنها وطلب اخيه وقال / معذرة يا طارق لم استطع الحضور اليك فانت تعلم انه لم يكن لدى الا ساعات قليلة كنت ساقضيها معك ولكن حدث شىء اعاقنى من الحضور اليك والان على ان اعود للسفينه
لم يكن المنقذ لليلى والمتحدث لطارق سوى الفهد الثائر ايوب اخيه
ايوب مكملا كلامه مع طارق / لا عليك انا فى احسن حال فلا داعى للقلق المهم الان بالنسبة لشركة ايسترن انهى معهم التعاقد فهم غير جادين فى تنفيذ بنود العقد بيننا وبينهم اما بالنسبة لشركة داسانى فتمم معهم العقد فانا قد تواصلت مع البرت رئيسها واتفقت معه على كل شىء يخص الشحن لدينا
اخبره طارق ان زوجته معه ظانا منه ان والده قد اخبره انفا فاكد له هو المعلومه حتى لا يبادره هو بالسؤال عليها ففرح له ايوب ووصاه عليها
انهى مع اخيه المكالمة ثم عاد اليها ليجدها مستندة على جدار حائط من الارهاق
ابتسم لها واعتذر وسالها هل فكرتى فى العرض ؟
البارت الثانى من رواية القلب اخضر
ان كانت ليلى تعلم ان هذا لم يكن سوى ايوب شقيق زوجها ما كانت وافقت ابدا ولكن القدر اراد الا تعرف الان حتى توافق الذهاب معه
اومات براسها وقالت انا موافقة ولكن هل لى ان اعرف لما لن استطيع الرجوع الا بعد ثلاث اشهر واين سامكث كل تلك الفترة
ابتسم واعتذر مرة اخرى وقال / اعتذر لكى لانى لم اوضح لكى اولا ولكنى كنت متعجل لاجراء المكالمة فقد كان موعدى مع صاحبها امس ولكن هناك انثى ما حاولت الانتحار فحاولت ان انقذها لاجد نفسى فى المستشفى بها فجاة وضاع منى ميعاد امس وميعاد اليوم
احمر وجهها خجلا واعتذرت بهدوء فابتسم هو لها وقال لا عليكى انا اضحك معكى
اخذ نفس ثم قال / انا ربان سفينه وسوف اخذك معى ضيفة فى سفينتى والرحلة التى اقودها ليست رحلة تجارية بل هى رحلة سياحة ترفيهية تستغرق حوالى اربعة اشهر فى البحرين والمحيط وندور حول اكثر من ثلاثين دولة وهنا كانت اول ترانزيت لنا ليجمعنى القدر بكى
ابتسمت نصف ابتسامة ولم ترد
اشار لها بيده لتتقدم الى جواره وبدا يستوقف سيارة اجرة لتقلهم لمرسى السفينة
وقفت ناظرة الى السفينة والى علوها الشاهق وهى مندهشة فهى لم تتخيل ن تراها على طبيعتها تلك فى يوم من الايام
لاحظ هو نظراتها على السفينة فمد يده لها لتتكىء عليه وقال / هل هذه اول مرة ترى فيها سفينه على الحقيقة
بدات تصعد سلمها وهى متكاة عليه وقالت نعم ولكنى لم اكن اتخيلها بهذ الحجم وبهذا الجمال
ابتسم هو وقال / ولكن هناك من هو اكثر منها حجما فالسفن انواع
ليلى / انواع ؟
ايوب / نعم فهناك السفن التجارية التى تفوق هذه فى الحجم الافقى وقد تقل عنهفى الحجم الراسى وهناك سفن رحلات مسافرين عادية وهناك سفن حربية واساطيل وهناك من السفن السياحية مثل تلك ولكنها قد تكبر او تصغر حجما عنها
كانوا قد انتهوا من صعود السلالم وما ان صعدوا الا واخذها لاقرب ترابيزة واجلسها وكانت تشاهد الركاب وهم يتوافدون بينما اكمل هو كلامه قائلا / السفينة كالمدينة المتكاملة فيها كل ما تتخيلينه ففيها صالات لكل الالعاب الرياضية وفيها اكثر من مسبح وفيها صالة للرقص وبار لشرب الخمور فهى اتفاقيات دولية بل تعد تلك الصالات والبارات من شروط النجوم المعطاة للسفينة وفيها ايضا مكتبة كبيرة لمحبى القراءة وفيها جلسات خاصة لمحبى العزلة والاستجمام حتى اننا نقدم خدمة جليسات الاطفال للاسر التى معها اطفال وتود ان تستمتع بنزهتها بدون ازعاج اطفالهم
اندهشت ليلى حتى انها كانت فارغة فاها من الدهشة ولم تنتبه لذلك
ضحك عليها حتى انها لاحظت وضاءة وجهه الاسمر من سعادة ضحكته ولكنها لم تساله عن سببها ولكنههو من قال / لعلكى تتعجبين على وانا اضحك هكذا ولا اتعجب من دهشتك فانا نفسى اتعجب فانا قليل الضحك ولكن دهشتك وتعابير وجهك هم من اضحكونى
احمر وجهها واعتذرت
قال هو ولا تزال البسمة تضىء وجهه / عما تعتذرى هل لانكى اضحكتينى ام لانى اندهشتى ؟
توترت ولم تعرف بما تجيب ففضلت الصمت
ايوب / يبدوا اننى وجدت من هو اكثر منى صمتا
اكتفت هى بابتسامة بسيطة وقالت بصوت هادىء / فى الحقيقة انا اود شكرك كثيرا ولكن من كرمك على ورجولتك عجز لسانى ان يفصح عما يريد
ايوب / انا لا اريد اى شكر ولكن هذا ما فعلته كان سيفعله غيرى وبالاخض ان كان عربى فهذه شيمتنا اهل العرب
قام من مكانه وقال اعتذر لكى الان فيجب على ان ابدل ملابسى بالملابس الرسمية وان اتمم على الركاب واختم لهم الجوازات وبعدها سنبدا فى الاقلاع وما عليكى الا ان تنتظرينى هن حتى اعود اليكى
جلست هى تراقب ذلك الرجل فوجدته اصبح اكثر جاذبية بحلته الرسمية ومع هذا وجدته قد تحول من رجل وضاء الوجه من مجرد ابتسامة الى رجل تعلو قسمات وجهه القوة والحزم وهو ينبه على الركاب انه سيقلع حتى وان كان هناك احد تاخر عنهم وبدا ينظم العمل وبعدها سمعته يصيح فى احد الركاب تسترجيه ان رفيقها عاد ليحضر لها شىء كانت قد نسيته فى احدى المولات وانه سياتى حالا
رد عليها بطريقة مهذبة ولكنها صارمة وقال / ان لم يحترم هو مواعيده فلست مجبرا انا ان انتظره ثم ان هناك من الركاب من هم اولى بدقيقة للاقلاع فى الميعاد وكان عليه ان يحضر على وجه السرعة او ان اردتى انتى العودة اليه واشار لمختص بشد الاحبل ان يبدا فى تحريك البكرة وبدا يامر الاخر بفك السفينة من القارب الموجود فى الميناء ولكنه سمع الراكب المتاخر قد عاد وهو يهرول يسترجاه للانتظار واخذ يقفز بسرعة حتى وصل اليهم وشكر ايوب وهو خائف من رد فعله اذ قابله ايوب بنظرة حادة من عينيه زادت سمرة وجهه سمرة صرامة
وسمعت ذاك الراكب يصيح فى رفيقته موبخا اياها قائلا بصوت مسموع / الم اقل لكى عن طباع هذا الفهد الثائر وانه لم ينتظر صديقى قبل ذلك ومع ذلك لم تهتمى ونسيتى اشياءك
بدات السفينة فى الاقلاع واطلقت صافرتها وبدات الركاب فى الانتشار منهم من دخل يمارس هواية ومنهم من جلس بجوار سور السفينه ينظر للبحر ومنهم من دخل غرفته ليستريح بينما غاب ايوب عن نظر ليلى ودخل غرفة القيادة
بينما شردت ليلى فى حالها وقد تذكرت طارق فدمعت عيناها وتنغص قلبها فقد شعرت ان بها بقايا حب وان كانت فاقت من حبه الا انها تحمل بقايا حب طاهر بقلب اخضر ليس من المشروط ان يكون لطارق ولكنه الحب الطاهر الذى سكن قلبها
ظننت البعد ينسينى هواكا فلا والله قلبى ما سلاكا
ولو انى فتحت اليك صدرى لما الفيت فى صدرى سواكا
بعيد انت عن لفتات عينى وهل انساك كونى لا اراكا
اراك على مدار اليوم عندى وعن بعد اشم انا شذاكا
ارى عينيك فى عينى دوما وابصر دون كل الناس فاكا
خيالك لا يفارقنى وانى لاسمع قلما اغفو خطاكا
بدات تشعر بدوار البحر وشعرت ان هناك هبوط بدا يجتاحها وبدات تسمع اسمه يتردد بين الركاب الفهد الثائر فمنهم من يمدح اخلاقه ومنهم من يشيد بقوة قيادته وسيطرته على من هم تحت منه فى الوظيفة وحتى على الركاب ومنهم من يمدح فى وسامته وسمار وجهه الذى اكتسبه من كثره وجوده فى البحر
اخذت تتذكر طارق وتتذكر وتتذكر وتتاسف على حالها وبدا الهبوط يزداد عليها وبدا دوار البحر يغشى عينيها وشعرت انها اصيب بحمى زادت ارهاقها ارهاقا فاستسلمت للاغماء دون ان يشعر بها احد
………..
بينما اخذ طارق يبحث عنها كثيرا واخذ يجول فى الشوارع وكان يود ان يخبر اخيه عما حدث لعله يساعده فى العثور عليها فهو اكثر دراية منه بالمكان واكثر تعقلا فى مثل تلك الظروف ولكنه خشى ان اخبره فيثور عليه ولن يتركه الا اذا عرف الحقيقة كاملة ولن يستطيع ان يكذب عليه فى شىء لانه سوف يكشفه لا محال فعقله ثاقب للامورولن يستطيع ان يعترف له انه من البداية كان يكذب عليه
ولكن عندما ياس من العثور عليها واشتد ندمه على فقدها وفقد قلبها الاخضر فكر ان يتصل بوالده ليخبره ولكنه خاف ايضا ولم يعد يعرف ما يجب عليه فعله
………..
نظر ايوب فى ساعته فوجد ان يعمل منذ خمس ساعات متواصلة لم يرتاح فيهم ولو لدقيقة بينما اراح الربابنه مساعديه وفجاة تذكر انه ترك تلك المجهوله بالنسبة له بمفردها ولم يهتم بها فهو لم يعتاد ان يكون هناك رفيقة له مسئول عنها فصدم وقام من مكانه يبحث عنها فى مكانها الذى تركها فيه ولكنه لم يجدها ثم بدا يبحث عنها فى كل طابق ولكن دون جدوى وخطرت بباله ان ينادى عليها عبر مكبر الصوت ولكنه تذكر انه لاول مرة يفطن بجهله لاسمها حتى الان فضرب جبهته بكف يده على غباءه فكيف لم يسالها عن اسمه ولم يقل لها حتى عن اسمه ظل يجول بنظره واخيرا عاد الى غرفة القيادة واخذ يبظر عبر الكاميرات ويقرب الصور لتوضيح كل مكان فى السفينة فاذا به راى شاب منزوى فى مكان بعيد بالقرب من السور ويحاول ان يفيق فتاة جالسة فى الكرسى منكمشة على نفسها فراى انها منكمشة على نفسها حتى انه بحث فى مكانها هذا ولكنه لم يلاحظها فبسرعة خرج من غرفة القيادة وذهب اليها وما ان راه الشاب الا وقال / يبدوا انها محمومة فحرارتها مرتفعة جدا وترتعد اوصالها وحاولت ان افيقها ولكن دون جدوى
شكره ايوب على عجله مع انه يبدوا انه لم يشعر باى حرف مما قاله الشاب وبسرعة مد يده وحملها وذهب بها لغرفته واستدعى طبيب السفينه
ما هى الا دقائق وحضر الطبيب ونجح فى افاقتها واعطاءها حقنه وقال لايوب انها حامل
ايوب / اعلم ذلك
الطبيب / حملها خطر عليها فهناك ورم …
ايوب مقاطعا / اعلم كل هذا المهم طمنى على حالتها الان
الطبيب / انها محمومة ويجب عمل كمادات ونقل دم و..
ايوب مادا ذراعه له وقال / خذ ما شئت لها منى
الطبيب وهو يتعجب / الى متى ستدفع حياتك للاخرين
حدق فيه ايوب وبعصبية قال / وهل هذا مجال لمثل ذاك السؤال الان وهناك انسانه فى خطر
مرت وقت طويل حتى بدات شمس اليوم الثانى تشرق وكان هو قد تبرع لها بدمه وسهر ليلته بجوارها يكمد جبينها حتى عادت حرارتها لطبيعتها وبدات هى تفيق من حالتها وبدات تفتح عينيها لتستكشف المكان حولها فوجدت انها فى غرفة كاملة الاساس كالغرف الفندقية الفاخرة ووجدته ممدا جوارها على كرسى ويدوا عليه الارهاق
بدات تحاول جاهدة ان تتكلم فوجدته شعر بها وانتبه وقام واقترب منها وهو يبتسم ابتسامة عذبة ويقول / مهما قدمت من اعتذار ساظل مقصرا فى حقك
نظرت ليدها ووجدت كيس الدم معلقا بها فابتسمت هى وقالت ان وجب الاعتذار فهو واجب على فانا اخذ من صحتك لنفسى وان وجب الشكر فهو ايضا واجب على ايها الفهد الثائر لانك ساعدتنى وتفضلت بكرمك على
ثم نظرت له ولبشرته السمراء ولم تكمل كلامها لان ملامحه تجهمت وقال لها لما تحاولين ان تجرحينى باعتذاراتك المتكررة فسبق وقلت لكى ان راكى غيرى لفعل ما فعلت وانا لا احب الشكر فانا عندى ابنة فى مثل عمرك
دققت فى ملامحه اكثر فهو ان كان يكبرها حقا ولكن ليس من المعقول ان ابنته فى مثل عمرها
نظر للدم المعلق بها فوجده على وشك الانتهاء فاستاذن وقال ساعود حالا ولن اتاتخر عليكى
وحقا خرج وعاد وهو يحمل معه صينيه فيها طعام وفاكهة وبعض حبوب الفيتامينات
ما ان راته يدخل ومعه الصينية الا وبدات تعتدل جالسة بينما هو اسرع فى وضع الصينية على المنضدة المقابلة لها ومد يده وساعدها على الجلوس ثم رفع الصينية اليها وقدم لها الطعام وبدا يحثها على اكله فطورها كاملا
بالفعل اخذت تاكل لقيمات بسيطة وبعدها اعطاها الحبوب ثم قال لها / ما رايك ان تتركى فراش المرض هذا وتنهضى معى فى جولة على سطح السفينة ؟
اومات موافقة فمد له يدها وساعدها على القيام
مد لها ذراعه فتوكات عليه وبدات تمشى جواره واخذت تستنشق نسيم الهواء الصافى فاشار لها على ترابيزة تحاوطا الشمس وقال هنا لن تتاذى من اشعة الشمس حيث ان اتجاه الحواء يعكس حرارتها عنكى
جلست وجلس جوارها ثم نظر لها مليا مما اخجلها وسالها على حين غرة لقد عرفتى اسمى وناديتينى به ولكنى الى الان اجهل اسمك
توترت وترددت للحظة ثم اجابته وقالت / ليلى
ابتسم لها وقال / اممم ليلى وهل حان الان ان اتعرف على ليلتى ؟
ارتعدت اثر كلمته ولم تعرف بما تجيب فضحك هو وقال اتعجبتى من كلمة ليلتى ؟ ولما هذا العجب وقد كنت امشى ذات ليلة فوجدت من تسقط بين يدى فجاة مغشيا عليها فانقذها واذهب بها الى المستشفى فى نفس الليلة ثم فى الليلة التالية اجدها تائهة فاعرض عليها السفر معى وفى نفس الليلة انساها فيغشى عليها مرة اخرى فاسهر جوارها اليس من العجيب ان يحدث كل هذا بسبب ليلة يا ليلى ؟
ابتسمت ولم تعرف بما ترد فقال هو مناغشا لها اذن فانتى تستحقين لقب ليلتى
ساد الصمت لبرهة ثم اعاد عليها السؤال مرة اخرى فازداد توترها ولم تعرف بما تجيبه ولكنها ردت عليه الاجابة بسؤال وقالت / هل ان تعرفنى بنفسك اولا حتى اعرف من هو الذى بت معه ليلتى امس
ضحك عاليا وقال / يبدو ان الليلة ستكون ليلتى وليلتك
تنبهت هى ايضا فضحكت لاول مرة من قلبها وقالت / يبدوا هذا
فهم انها راوغته بسؤالها وانها من الاساس لم تود ان تكون هى البادئة بالكلام عن نفسها ومن الجائز الا تود للنهاية الحديث عن نفسها ويجوز ان تحدثت ان تراوغه عن حقيقتها ومع ذلك رضخ لها وبدا يسترسل فى الحديث عن نفسه ويعرفها اياه وقال كل شىء بصراحة ولكن دون ان يتطرق لاسم ابيه او اشقاءه بل اكتفى بان قال لى عدد اشقاء كذا ولم يذكر اسمه الحقيقى ظنا منه انها عرفته كما عرفت لقبه
بادرته بسؤال اخر وهى معتقدة ان اسمه الحقيقى فهد فقالت / ولما سميت بالثائر
ايوب / تقصدين الفهد الثائر
اومات براسها بنعم
استطرد هو موضحا / لقد اطلقوه على لانى دوما ما اثور بسرعة ولكنى لا اثور الا للحق ولقبونى بالفهد لسرعتى فى العمل وانجازى للمهمات الصعبة التى تعضلهم هم ثم لانى احب العزلة جدا واحيط نفسى بشىء من الصمت البعيد حتى ان احدا لا يجروء على تعدى حدوده معى مثل الفهد ثم انى على النقيض ايضا من العزلة فانا اكثر المشاركين لهم فى جميع احداثهم واولهم مساندة لهم كما انه من صفات الفهد انه فى غالب الاحيان يترك فريسته لغيره دون ان ينازعه وانا ايضا كذلك فانا دوما ما افضل الاخرين على نفسى وسمونى الصياد لانهم يعتقدون انى اتصيد الاخطاء بسرعة تعجزهم ان حاولوا الكذب قط على فهم يرون ان لى نظرة ثاقبة فى الامور واقرا ما خلف الاحداث بما يجعلهم دوما منكشفين امامى
بدات تتوتر من وصفه لنفسه اذن فهى ان كذبت عليه سيكتشفها
عادت ولما انت مجموعه من الصفات ومتناقضتها فى آن واحد
ايوب / ابدا انا لست هكذا فمن يقترب منى يجد انى ابسط من البساطة ولكن من لم بحاول ان يتوغلنى لوجدنى اغرب من الغرابة
ليلى / ولكن الرجل الذى يحب العزلة هو رجل بلا ضمير او بلا قلب
ايوب ولم تزول الابتسامة الصافية عن وجهه سالها / وهل ترينى من هؤلاء
اجابته بسرعة / اطلاقا بل على العكس اراك اكثر الناس ضميرا ولا اراك الا رقيق القلب
اتسعت ابتسامته وقال / هذه شهادة اعتز بها من ليلتى ثم صمت لبرهة وقال جاء دورك
صمتت هى الاخرى وكانها تستجمع قةاها وتحاول ان تفكر من اين ستبدا فهى لا تود ان تخبره عن اسم بلدتها حتى لا يفتضح امرها
بينماهو ظل محدقا فيها محاولا التغلغل باعماقها وبدات تسترسل فى الحديث
مرت حوالى ساعة كانت ليلى وحدها هى المتحدثة ولم يحاول ايوب ان يقاطعها قط
ما ان انتهت الا وبدات دموعها تاخذ طريقها على وجنتيها فلم يمنعها ايضا وتركها لعل هذا يريحها
ساد الصمت بينهم لفترة وظل كلاهما ناظرا للمياه امامه ثم بدا هو الحديث قائلا / انكى اخطاتى حين عشقتى بقلبك الاخضر ويؤسفنى ان اقول انكى كنتى مثله فقد عشقتى اول ما عشقتى الماديات فيه فانتى لم تكونى تعرفيه ومع ذلك عشقتى جماله وهيبته ولم تقتنعى بكلام من حولك انه لا يعرف للحب طريق
تحول الحديث بينهم لحديث ارتجالى فقال / ولكن اقوى وانقى حب هو الحب الاول وهو كان لى الاول والاخير
هو / لقد اخطاتى الوصف فى الاول والاخر فمادام بداخلك قلب ينبض فاذن هو جاهز للحب فى كل وقت فالقلب خلق للحب ولم يحدد له وقت ولهذا نجد الانثى تحب فى سن المراهقة ثم فى سن النضج ثم تحب ابنها فى ثم تحب احفادها ومثلها فى ذلك الرجل فالحب ليس محدد بوقت او بسن او بنوع ثم ان الحياة فى مجملها خلقت لنحب فتجدى نفسك تحبى وانتى طفلة بريئة ثم تفشلى وتحبى فى سن المراهقة ثم تفشلى ثم تحبى وتفشلى حتى تصلين للنضج فتحبى دون الفشل فليس من المهم ان من عشقتيه كان اول حب وانما لزاما ان يكون هو افضل حب
اخذت تنصت اليه فقد استصاغت تفسيره لمعنى الحب وشعرت انه محقا عندما فسر انها هى ايضا عشقت الماديات
صمتت وصمت
ليلى / انت محق ولكن حبى هذا زاد بالزواج لانى وجدت ان احلامى قد تحققت وبذلت قصارى جهدى لاسعاده حتى انى تكلفت فى تصنع اشياء لم اكن أألفها من قبل لارضيه
ظل صامتا وناظرا للمياة بينما ظلت هى ناظره له وهى تنتظر تحليله
يا ترى هيقولها ايه تانى وهل هتقتنع بكلامه
استنونى
التعليقات