رواية أنشودة الأقدار الجزء الثالث للكاتبة نورهان العشري الفصل التاسع والثلاثون
طوال سنوات عمري الماضية و أنا أظُن بأن تِلك الجُدران التي تُحاوطني هي بيتي. إلى أن أتت عيناكِ فإذا بي أستكين إلى جوارها و أحيا آمنًا بين دفء سلامها ل أُدرك حينها ان عيناكِ هي البيت، و الموطن، و الحياة بأكملها.
نورهان العشري.
بكل ما أوتيت من عشق أتمنى لو أنني لم ألتقِ بك أبدًا.
المؤلم في الأمر أنني قد اعتدت على الخوف طوال حياتي حتى بات صديقًا لا يُبارحني و رفيقًا لا يخذلني. إلى أن جئت أنت ل تجعلني أتذوق معنى الطُمأنينة التي لم أجرؤ على تمنيها يومًا، و لكن الآن عادت سفينتي مرة أخرى تتأرجح في مياة الخوف و الحيرة المُرفقة بآلام يصعُب وصفها، وأصبحتُ أنا في مأزق كوني لا أستطيع تجاوز ذلك الشعور الرائع الذي اختبرته معك، ولا أستطيع التأقلم على خوفي مرة أخرى، فياليتك ظللت بعيدًا، وياليت قلبي لم يتمرد على لأجلك، و ياليت الزمن يعود للوراء ف سأتجاوز كل طريق قد يجمعني بك ل أنجو.
نورهان العشري.
استقرت جملته في منتصف قلبها ل تجعلها تستند على الحائط فقد اجتاح جسدها موجة وهن قوية بينما عقلها يتردد بداخله استفهام مؤلم لم تستطِع الإجابة عليه كيف و تلك الإجابة تعني هلاكها.
لماذا انتشلتني من الجحيم إن كنت تنوي أن تُعيدني إليه مرة أخرى؟
لم تحتمل أن تسمع كلمة واحدة ل تتسند على الحائط كي تعود إلى غرفتها بأقدام مُرتعِشة و خطوات مُتعثرة ل يتكالب عليها كل شيء و يتعاظم الألم بصدرها حين شاهدت آثر برائتها التي جاهدت و حاربت للحفاظ عليها وقد كلفها ذلك الكثير من الويلات لتُهديها على طبق من ذهب إلى هذا الخائن!
تسطحت على مخدعها بهدوء يُخفي الكثير خلفه ل تتدثر بالأغطية حتى تحجب عنها رؤية آثار ليلة قضتها بالجنة التي كانت بوابة عبورها للجحيم مرة أخرى.
انتفضت كل خلية بها حين سمعت صوت خطواته تقترب فإذا به يتوقف أمامها لتشعُر بأنفاسه الساخنة تقترب منها ليُلثِم جبينها بتمهُل أكثر من مُرهِق على قلبها الذي كممت صرخاته بشق الأنفُس و قد مرت الثواني ثقيله إلى أن اعتدل ليتوجه إلى خزانة الملابس وهو يُدندن لحنًا عاطفيًا فما زادها ذلك إلا ألمًا لم تستطِع تجاوزه فبكت بصمت كعادتها منذ أن كانت طفلة، و لكنها سُرعان ما محت عبراتها حين سمعت كلماته العابثة.
سوستي. بطلي استعباط انا عارف انك صاحية.
حاولت أن تكُن طبيعية فاعتدلت في نومتها لتجلس نصف جلسة وهي تقول بنبرة مُتحشرجة
صباح الخير.
اقترب منها و عينيه تُحيطها بشُعاع من الحُب جعل قلبها ينتفض مُتلهفًا لأي شيء قد يمحي ذلك الوجع اللعين من صدرها الى أن وصل أمامها قائلاً بلهجة شغوفة
قولي صباح الورد. صباح الحب. صباح كل حاجه حلوة على أحلى حاجه في حياتي.
أيُعقل أن يكُن كاذب؟
هكذا ردد عقلها و هي صامته تناظره بعيني بهما توسل خافت لم يفهمه و خاصةوانه كان مشغول بنثر عشقه فوق كتفها العاري ليرفع رأسه أخيرًا وهو يقول بصوتًا أجش
حاسة بأيه؟
لم تعرف بماذا تُجيبه ولم تفلح في إخماد الحرائق بقلبها لذا جاءت لهجتها جافة حين قالت
مصدعة شوية.
توسعت عينيه من فرط الصدمة التي تحولت إلى حزن تجلى في نبرته حين قال
أنتِ ندمانه عاللي حصل بينا؟
تود إطلاق العِنان ل صرخاتها لإستفهاماتها لوجهها ولكنها قررت أن تصُم أذنها عن لوعة قلبها حتى تصل إلى الحقيقة فقالت باستهلال
يمكن نكون اتسرعنا شويه.
اظلم عالمه الوردي لحظة نطقت بتلك الجملة فاقترب يضع قبلة سطحية فوق جبتها ثم تراجع ليقول بنبرة جامدة
اتسرعنا أو لا اللي حصل خلاص حصل.
وثب قائمًا ليُتابع ارتدائه لملابسه فلم تستطِع منع تدفق الحروف من بين شفتيها
أنت رايح فين؟
«عُدي» بجمود.
مشوار مُهم. مش هتأخر.
التفت اليها بنبرة يشوبها العتب
بس لو عايزاني اتأخر مفيش مشكلة.
اشتبكا معًا في مُحادثه صامتة فق كانت العيون في حديث شائك لم تفلح الكلمات في وصفه و لكن قطعه «عُدي» وهو يتوجه للخارج قائلًا
لو احتاجتي حاجه كلميني.
مر بعض الوقت قبل أن يُغادر المنزل و فجأة انتابها شعور قوي بنفض كل ذلك الألم وقطع الشك باليقين فهذا الألم أن انصاعت له سيُجهِز عليها. لذا بسرعة البرق بدلت ملابسها و هرولت للخارج لا تعرف إن كانت ستلحق به أم لا؟ و لكنها لم تستطِع البقاء أكثر، و من حسن حظها كان ينتظر أحد السيارات التي طلبها عن طريق أحد تطبيقات الهاتف لتندفع هي الأخرى و تستقل أحد سيارات الأجرة بعد أن أخبرت السائق أن يسير خلف سيارته.
مر وقت ليس بكثير إلى أن وصل إلى المكان المنشود لتتوجه خلفه ولكن على بعد كافي لكي لا يراها و هنا جاءت الصدمة قاسية حد الفاجعة التي ضربتها حين شاهدت تلك الفتاة الرائعة الجمال التي ما أن رأته حتى تعلقت بعنقه بطريقة توحي بأنها حبيبته.
كانت كلمة قاسية بل مُريعة على قلب عاشق حد الألم غاضب حد الوجع الذي تسرب إلى سائر جسدها فلم تعُد قادرة على الصمود أكثر لذا جرت أقدامها و توجهت لسيارة الأجر التي لازالت بانتظارها فتجاهلت كلمات السائق الممتعضة
اي يا ست؟ ما تديني حسابي عايز اروح اشوف شغلي.
اكتفت بجملة بسيطة جاءت بنبرة جافة مُتحشرجة
روحني بيتي و هديك اللي انت عايزه.
السائق باستفهام
اوديكِ المكان اللي جبتك منه؟
صرخت بلهفة
لا. دا مش بيتي.
تساقطت عبراتها وهي تُملي عليه عنوان بيت والدها فقد ضاقت بها الأرض و لم تعُد تعرف إلى أين تذهب؟ فوجدت نفسها في طريقها إليهم بأقدام مُثقلة بالخيبة و أكتاف مُتهدلة من فرط الوجع فقد عادت مرة أخرى بحال أصعب بكثير من ذلك الذي غادرت به و كأن الألم كُتِب على جبينها ابد الدهر.
دقت جرس الباب بايدًا مُرتعِشة لتمضي عدة ثوان قبل أن تفتح «منال» الباب لتتفاجأ بها تقف بتلك الهيئة المُزرية تنتفض كطفل صغير ضائع يبحث عن مأوى
لو قولتلك اني معنديش اي مكان اروحلة غير هنا هتشمتي فيا و تقوليلي أنتِ اللي مشيتي؟
اخترقت كلماتها قلب «منال» التي انتفضت حتى تدفق الدمع من مآقيها و هتفت بلهفة
يا نور عيني يا بنتي. مين دي اللي تشمت فيكِ؟ دا أنتِ حتة من قلبي يا ساندي.
كانت جملتها القشة التي قصمت ظهر البعير فأطلقت العنان ل عبرات غزيرة فاضت بها عينيها فصرخت بقهر قبل أن ترتمي بين ذراعيها
انا بموت يا ماما. احضنيني.
مرت ليلة طويلة كسابقتها رفيقها القلق و الحيرة و لكن تلك المرة كان الأمر مُختلف فقد قضى الليل يُفكِر كلمات تلك المرأة التي حتمًا لن تكذِب وهي على فراش الموت
عودة لليلة السابقة
أنتِ بتقولي ايه؟ سهام مالها؟
أخذت الحروف على شفتيها اللتان كانت حروفهم مُريعة
ه. هي. س. سهام. مو. موتها.
«سالم» باستفهام
سهام هي اللي حاولت تموت فرح؟
أغمضت عينيها بألم و هزت رأسها هزة بسيطة فتابع« سالم» يحاول استخراج الحقيقة منها بأي طريقة
طب بلاش تتعبي نفسك انا هسأل وأنتِ بس حركي ايدك حركي راسك اللي يريحك ب أه أو لا.
إيماءة بسيطة من رأسها جعلته يندفِع قائلًا
سهام في خطر؟
نجيبة بخفوت
ك. كا. كانت.
«سالم» بجفاء
يعني ايه كانت؟ ناجي عايز يقتلها؟
اومأت برأسها بمعنى لا و حين أوشك على الحديث سمع صوت صفير الإنذار الذي يوحي بأن القلب توقف عن العمل وهنا تدخل الطبيب والممرضات لمحاولة إنعاشها بينما خرج« سالم» وهو يُطلِق زفير قوي يُعبِر عن مدى غضبه لعدم استطاعته معرفة الكثير منها ليخرُج الطبيب بعد وقت قصير ليقول بوجه جامد
للأسف توفت.
زفر «سالم» قبل أن يقول بخشونة
انا لله و انا اليه راجعون.
عودة للوقت الحالي
حبيبي صباح الورد.
اخترقت نبرتها الحانية ضجيج افكاره ل يشعر بشيء من السكينة تجتاح عالمه فالتفت ليتطلع إلى هيئتها الجميلة و ضحكتها الرائعة فمد يده ل يجذبها حتى تجلس بجانبه قائلًا بنبرة خشنة
صباح الفرح.
مازحته قائلة
بالوش الخشب دا معتقدش.
ابتسم على مُزاحها فهتفت بمرح
ايوه اهو كدا ممكن. اضحك للدنيا تضحكلك يا باشا.
كلماتها و مُزاحها كالمِصباح الذي أنار عالمه و أعطاه دفعة قوية من الأمل ليقول بنبرة خشنة.
الباشا حياته بتنور بوجودك.
«فرح» بحنو
ما قولنا على قلبك العمر كله، ولا انت بقيت تنسى اليومين دول؟ شكلك بتحب جديد ولا ايه؟
قالت جملتها الأخير بمُزاح فأجابها بتهكُم
لا يا حبيبتي دا مش من الحُب دا من الكوارث اللي عماله تهل علينا.
شددت من احتواء كفوفه بين يديها وهي تقول بمؤازرة
أنت قدها، و أن شاء الله كل حاجه هتتحل. ربنا مش هينسانا أبدًا.
أومأ برأسه قائلًا بخشونة.
أن شاء الله. إلا قوليلي يا فرح. هو حصل ايه في اليوم دا؟
لم يذكُر ذلك اليوم السيء من فرط ما يحمله من أذى لقلبه وقد تفهمت هذا ذلك فقالت بنبرة هادئة
أبدًا والله كان يوم جميل من أوله و مكنش في أي حاجه. انا بس كنت حاسة بشوية تعب كدا، و مكنتش باكل حلو بقالي يومين، ف ماما أمينة و سهام أصروا اني اعوض قلة أكلي باللبن و العصاير، و اليوم دا تحديدًا مفيش حاجه كانت ثابتة في بطني لحد ما ماما جابتلي كوباية لبن.
صمتت لثوان قبل أن تهتف قائلة
و على فكرة عملنا زي ما انت قولت. سهام راحت المطبخ طلبت منهم كوباية لبن ليها هي مقالتش لفرح خالص و حد من الخدامين جابها لماما أمينة و أصرت اني اشربها و شربتها و طلعت فوق اوضتي، و بعدها جت دادا نعمة و جابتلي عصير شربت منه بق واحد و نمت صحيت على وجع صعب اوي، و مش فاكرة حصل ايه بعدها.
إذن ف«سهام» من طلبت الحليب من أجلها وهذا يزيد من احتمالية إدانتها لذا زفر «سالم» بقوة قبل أن يقول باستفهام
فرح أنتِ عارفه اني بثق في رأيك و في حكمك على الناس. ممكن اعرف ايه انطباعك عن شخصية سهام؟
نبش القلق دواخلها فقالت باستفهام
عنيك بتقول كلام كتير يا سالم و سؤالك دا وراه كتير ممكن افهم في ايه؟
قص عليها ما حدث مع «نجيبة» ثم اختتم حديثه قائلًا بجفاء.
الموضوع حساس بسبب صفوت. بس ميمنعش اني لازم هعرفه احنا في وقت خطير. الغلطة فيه هتكلفنا كتير.
«فرح» باستفهام
سالم انت بجد مصدق أن سهام ممكن تكون بتساعد ناجي لا و تحاول تسممني؟
«سالم» بفظاظة
الموضوع مالوش علاقة بالمشاعر يا فرح. على الرغم اني من جوايا مستبعد الفكرة اصلًا بس لازم نحط كل الاحتمالات، و بعدين الست دي مش هتكذب وهي بتموت.
«فرح» في محاولة للتخفيف عنه.
طيب تعالى نحسبها واحدة واحدة. انت ليه مستبعد أن سهام ممكن تساعد ناجي؟ بدل الموضوع مش موضوع مشاعر يبقى اكيد عندك أسباب قوية
أجابها باختصار
ساعدته قبل كدا، و شافت عواقب غلطها، فاستحالة تكرره.
«فرح» بلهفة
ضيف عليهم أن سهام حامل.
«سالم» باندهاش
ايه؟ حامل!
«فرح» بتأكيد
حامل، و محدش يعرف لسه حتى صفوت. قالتلي الموضوع دا في اليوم اللي ولدت فيه.
«سالم» بتفكير.
و دا سبب تاني يخليني استبعدها. بس هيحط احتمال تاني قدامي. أن ممكن تكون هي المقصودة بالقتل مش أنتِ.
تصدق ممكن، و خصوصًا أنها قالت إن اللبن ليها. يعني اللي حط السم كان قاصد يأذيها هي.
«سالم» بفظاظة
انا كدا لازم اتكلم مع صفوت، و نشوف هنعمل ايه؟
و صفوت جالك اهو بنفسه.
هكذا أتاهم صوت «صفوت» من الخلف فالتفت الثنائي لرؤيته فألقى عليهم تحية الصباح قبل أن يقول بمُزاح.
شكل في مصايب عالصبح اشجيني.
ابتسامة سخرية ارتسمت على ملامح «سالم» قبل أن يقول بتهكم
و مالك بتقولها و انت مُبتسم كدا؟
«صفوت» بسخرية
خلاص خدت مناعة من المصايب. ماهي مرفقاني من اول حياتي. اللي عنده أخ بالشكل دا لازم المصايب تبقى جزء من يومه!
استأذنت «فرح» بحرج لتتوجه إلى الداخل فقال «سالم» بخشونة.
طب بمناسبة المصايب فاحتمال كبير اوي أن نجيبة كانت قاصدة تقتل سهام بالسم دا مش فرح.
«صفوت» بصدمة
ايه؟
قص عليه «سالم» ماحدث مؤخرًا من أحداث ليثور «صفوت» غاضبًا
الحقيرة بنت ال…
قاطعه «سالم» بفظاظة
بقولك ماتت يا صفوت. خلاص. ربنا اللي هيحاسبها. خلينا في موضوعنا.
«صفوت» بحنق
انت متعرفش الكلبة دي عملت ايه؟
«سالم» باستفهام
عملت ايه؟
«صفوت» باشمئزاز
دي عرضت نفسها عليا.
نعم!
«صفوت» بحنق.
ايوا. أول يوم جينا فيه اسماعيليه سهام قالتلها أنهم هينزلوا و أن مفيش في القصر غيري. على أساس تتحرج و تخرج معاهم عشان نعرف نركب الكاميرات في اوضتها لكن الهانم رفضت و بعد ما نزلوا اتفاجئت بيها جيالي وانا في المكتب، و قعدت ترغي بكلام معجبنيش و طريقتها كلها كانت مكشوفة بس انا عملت عبيط عشان نقدر نكمل خطتنا. لكن متوقعتش أنها توصل بيها الحقارة لدرجة أنها تقتل سهام.
«سالم» بسخط.
دي مجرد تخمينات. الإجابة الأكيدة عند جوهرة، و عشان كدا هنروح النهاردة لازم نبدأ نتحرك.
كانت نائمة فوق غيمة وردية تحملها و تطوف بها في سماء الحب الذي أخذ ينثره فوق قسمات وجهها الصبوح وهو لا يُصدِق أنها بجانبه بل بين يديه.
اشتاق ل سماءها اللامعة و لنجومها الامعة فأخذ ينفخ بتؤدة على وجهها يُشاكسها لتستفيق فأخذت تتململ في نومتها وهي تشعُر بهواء ساخن يُداعب ملامحها إلى أن فتحت عينيها بتثاقُل لتصطدم بعينيه التان يعكسان مدى العشق الذي يجيش بصدره تجاهها
أخيرًا فتحتي عنيكِ.
ايقظها صوته من غفلتها و شهقت بصدمة
سليم انت صحيت؟ انت كويس؟ طمني عليك.
قاطعها حين بتر حديثها ليستمتع بمذاق الحروف من بين شفاهها فدام التحامهم لوقت قصير ليفصله وهو يُناظرها بعشق تجلى في نبرته حين قال
اتأكدتي أن انا صحيت؟
أضرمت فعلته نيران الخجل في وجنتيها ل تتلون بحمرة قانية ضاعفت فتنتها ليتضخم صدره من فرط التأثُر والإعجاب الذي تبلور في عينيه لتدفن رأسها بصدره وهي تقول بخفوت
سليم. ايه اللي بتعمله دا؟
تهكم قائلًا
سليم مش فيه نفس يعمل حاجه يا جنة ارفعي راسك يا حبيبتي أنتِ في امان.
ضحكة رائعة خرجت من بين شفاهها قبل أن تقول بمُزاح
قليل الأدب حتى وانت تعبان.
«سليم» بنبرة موقدة
طب اعمل ايه في قلبي اللي مش بيرتوي غير و أنتِ في حضني. بتوحشيني اوي يا جنتي.
لم تكد تُجيبه حتى سمعوا صوت طرق على باب الغرفة ف اعتدلت «جنة» لتصبح جالسة فجاءهم صوت «مروان» الذي قال بمُزاح.
سلومنتي الغالي…
صُدِم حين وجد «جنة» تجلس بجانبه فقال باندهاش
أنتِ يا بنتي ايه اللي جايبك هنا من النجمة كدا؟ دا عم بلال بتاع اللبن لسه نايم. يخربيتك هلاقيها منك ولا من اختك مش عارف اتلم على ولاد عمي منكوا؟
ناظرته «جنة» باستخفاف تجلى في نبرتها حين قالت
والله يا مارو مش عايزة احرجك و اقولك أن ولاد عمك لو طايلين يتبروا منك هيعملوها.
ابتسم «سليم» على حديثها فاقترب «مروان» قائلًا بمكر
بتضحكي يا بيضا؟ عاجبك الزرافة اللي بتدلدق منها. عقلة الأصبع طلعلها لسان و بقت تتكلم.
«جنة» بانفعال
عقلة أصبع في عينك. على أساس انك طويل اوي!
«مروان» بسخرية
أكيد. اي حد بالنسبالك طويل يا جنة. أنتِ ازاي مش واخدة بالك.
لم يستطع «سليم» أن يقمع ضحكة اكثر فصاح «مروان» قائلًا بامتعاض.
مانت زي القرد و بتضحك اهو. اومال مشحططنا معاك ليه و مقعدنا في المستشفى ياراجل دا احنا عفننا هنا.
تعالت ضحكات كُلًا من «جنة» و «سليم» الذي قال بمُزاح
واد انت عينك مدورة و هي اللي جابتني الأرض. ارحمني مش ناقصك.
«مروان» بتهكم
ياخويا اتنيل انت هتتحسد على ايه يا حزين! دا كفاية انك متجوز جنة. دا في حد ذاته يخلي أمة لا اله الا الله تشفق عليك.
مالها جنة أن شاء الله يا سي مُرة؟
هكذا صاحت «جنة» بانفعال قابلة «مروان» بالبرود حين قال
خلقة ربنا كلها كريمة يا جنة هنعترض.
تدخل «سليم» لينهره
بس ياد انت. هو في زي جنتي؟
«مروان» بتهكم
يا شيخ قول الحمد لله هي البشرية ناقصة كوارث.
اخذوا يتجاذبون أطراف الحديث إلى أن خرجت «جنة» لترى شقيقتها فاستغل «سليم» الأمر و تحدث إلى «مروان» قائلًا بقلق
بقولك ايه يا مروان. انا عايز اشوف الدكتور. دراعي تاعبني اوي، و في زي تنميل كدا
حاول «مروان» تخفيف الأمر قائلًا
متقلقش دي شويه ذنوب و بتكفر عنها و هتبقى زي القرد.
«سليم» باستفهام
تقصد ايه؟ هو الدكتور قالكوا ايه؟
اقترب «مروان» يحتضن كتفه قائلًا بحزن كبير
سليم انت راجل مؤمن و عارف ان المؤمن مُبتلى. عايزك تكون جامد و متعترضش على قضاء ربنا.
هوى قلب «سليم» بين ضلوعه فقال بأنفاس متقطعة
في ايه يا مروان؟ قولي متكذبش عليا.
«مروان» بأسف
للأسف يا سليم انت مش هتقدر تمشي على دراعك تاني!
صُدِم «سليم» من حديثه و قال بشفاة مُرتجفة.
بتقول ايه يا مروان؟ يعني أنا اتشليت! لحظة واحدة بتقول ايه؟
لحظة توقف عن الحديث و قد وصل الى رأسه مُزاح ذلك الوغد فبرقت عينيه و صاح بغضب
امشي على رجلي ايه يا حيوان! شايفني ايه قدامك؟
«مروان» ساخرًا
فصيلة نادرة و قبيحة من القرود.
زفر «سليم» حانقًا فاقترب منه «مروان» يحاول تخفيف الأمر قائلًا بنبرة مُتزنة.
خلاص هكلمك بجد. متقلقش الدكتور قال حصل قطع جزئي في العصب و دا له علاج و أن شاء الله بعد العلاج تبقى أحسن من الأول. احمد ربنا انت اتكتبلك عمر جديد
«سليم» بعد أن اطمئن قليلًا
الحمد لله على كل حاجه. طمني كلكوا بخير.
«مروان» بأسى
الكل بخير يا حبيبي زي القرود انا اللي مش بخير يا ابن عمي.
«سليم» بامتعاض
أحسن. يارب تولع.
هتغاضى عن كلامك دا عشان انت حاليًا مش قدي ممكن اديلك بوكس اغيرلك ديكورات وشك وانت مش ناقص تشويه في منظرك.
«سليم» بحنق
اطلع ياد بره.
تجاهل «مروان» حديثه قائلًا بحماس
طب حيث كدا فسح بقى أما اقعد جنبك واحكيلك على معاناتي مع عمتك و عيالها اللي يجيبوا المرض.
صباح الخير.
هكذا تحدث «ياسين» الى« حلا» التي كانت تخرج من المرحاض بوجه شاحب قليلاً فأجابته بفتور
صباح النور.
عاملة ايه دلوقتي؟
تحدث بلهفة كي يحثها على الحديث فهي تتعامل معاه بفتور يُزعِجه خاصةً منذ أن أصر ذلك اليوم أن تأتي معه إلى مزرعتهم لكي ترتاح و تطمئن عليهم عن طريق الهاتف و قد كان صادقًا فهو بالفعل يخشى عليها من كل تلك العراقيل و الأزمات التي تمُر بها عائلتها و ياليتها تفهم ذلك.
الحمد لله بخير. ياريت تقول للسواق يستناني على ما اجهز عشان اروح ازور ماما.
برودها معه و لهجتها الفاترة و طريقتها في التعامل طوال الأسبوع المُنصرِم كل تلك الأشياء جعلت أبخرة الغضب تتصاعد إلى رأسه فزمجر غاضبًا
و بالنسبة لكلام الدكتور و تحذيراته! مش فارقين مع سيادتك في حاجه؟
«حلا» في محاولة منها لإخماد الحريق قبل اشتعاله.
أظن انا بقالي اسبوع نايمة في البيت و بسمع كلام الدكتور و الحمد لله حاسة اني بقيت أحسن، و عايزة اطمن على أهلي و اقف جنبهم في الظروف اللي هما فيها، و اظن انا مش بروح هناك اتبهدل ولا حاجه عشان تخاف عليا. انا بتشال عالراس وانت اكتر واحد عارف كدا.
اغتاظ من حديثها ليقطع الخطوات الفاصلة بينهم وهو يُمسِك بذراعيها يُشدِد عليهما وقد أظلمت عينيه و احتدت لهجته حين قال
هناك بتتشالي عالراس وانا هنا بقى ببهدلك؟!
حاولت تجاهل غضبه و غضبها قدر الإمكان لتقول بلهجة هادئة
مقولتش كدا. قولت اني هناك الناس بتشيلني على راسها لا حد بيضايقني ولا بيزعلني
قاطعها حانقًا
و احنا هنا اللي بنضايقك!
ضاقت ذرعًا من طريقته فقالت بنفاذ صبر
بحاول اطمنك يا ياسين، و مقولتش لا بتضايقني ولا بتبهدلني ولا انك بتعمل الاتنين بس انا صابرة و ساكته لحد ما اشوف آخرتها!
تركها بغتة بعد أن صدمه حديثها فهتف باستنكار
انا بضايقك و ببهدلك يا حلا!
وصل الأمر إلى ذروته فهتفت غاضبة مُتألمة
هو لما تطلع عيني عشان اروح اشوف اهلي ولا اكنك اشترتني دي مش بهدله! لما كل مرة اجيبلك سيرتهم نتخانق و تحسسني انك هترميني في النار دا مش هيضايقني! لما أول مرة اروح بيت اهلي بعد جوازي اروح لوحدي من غير جوزي دي مش قلة قيمة!
صمتت لثوان قبل أن تُتابِع بنبرة محرورة.
لما أمي تبقى بين الحيا والموت و اخويا يقولك عايزين حلا تيجي تشوف والدتها و ترفض وانا اكبرك قدامه و احط كلمتك فوق كلمته واقوله مش هينفع اجي دلوقتي و تيجي بعد دا كله تذلني عشان اشوف أهلي يبقى دي مش بهدله و حرقة دم و أعصاب!
بهتت ملامحه من حديثها و تلك النبرة المُتألمة التي تشق قلبه إلى نصفين فلم يكد يتحدث حتى باغتته حين محت تلك الدمعة الهاربة من عينيها وهي تقول بلهجة جافة جديدة كُليًا عليها.
في كل خلاف بينا كنت بحاول على قد ما اقدر احتويك و افهمك و اتجنب اي مشكلة بينا عشان زعلك غالي اوي عليا بس انت في المقابل زعلي و خاطري تحت رجليك.
حلا.
لم تُفسِح له المجال للحديث حين أردفت بجفاء.
أنا أشتريتك كتير اوي يا ابن الناس بس انا زي ما بدي لازم هاخد. زي ما عليا واجبات بحاول على قد ما اقدر ماقصرش فيها أنا ليا حقوق و مش متنازله عنها، و اول الحقوق دي اني اروح اشوف اهلي في أي وقت. لو كان كلامي عاجبك يبقى تمام لو كلامي مش عاجبك يبقى تشوف أخواتي و كل واحد مننا يروح لحاله.
حتى بأحلامه لم يتخيل أن حبيبته الرقيقة الجميلة ذات العينين الزمُرُدية أن تتحول لإمرأة قوية شرسة تتحدث و تُدافع عن حقوقها بل و تُخيره أما أن يقبل أو تُفارقه و قد جعله هذا الأمر يستشيط غضبًا فهتف بنبرة جافة حانقة
بقى بتملي شروطك عليا يا حلا و بتخيريني كمان يا اقبل بيها يا كل واحد فينا يروح لحاله!
«حلا» بجمود.
انا مش بملي شروطي. انا بتكلم في حقوقي يا ياسين، و أظن أن كل إنسان في الدنيا له حقوق على شريك حياته.
«ياسين» بجفاء
و لو الحقوق دي متناسبنيش؟ و مش عجباني؟
هاله ثباتها حين قالت بلهجة جافة
فكر كويس يا ياسين عشان الخطوة اللي هتاخدها مفهاش رجوع. انا هروح عند أهلي، ولو موافق على كلامي هستناك تيجي تاخدني. اما لو لسه على رأيك ف أنت عارف هتتصرف ازاي؟
تجاوز الأمر حدود المسموح به بالنسبة إليه فما أوشكت على الإلتفات حتى أحكم قبضته الغير رحيمة على رسغها ليُديرها إليه وهو يُزمجِر بشراسة
هو انا تقريبًا اللي دلعتك زياده عشان لسانك يطول كدا! بس لا يا حلا هانم احنا لسه فيها، و زي ما عوجتك هعدلك. عايزة تروحي عند أهلك؟ روحي، و اقعديلك هناك سنة أو حتى عشرين بس ابقى شوفي مين هيسأل عنك!
لامس حديثه كبريائها حتى تأذى و خاصةً حين تركها بغتة وهو يفتح باب الغرفة ويصرُخ على أحد الخدم ل تهرول إليه فقال بنبرة جافة
خلي شعبان السواق يجهز العربية و يطلع ياخد شنط الهانم. اصلها مطولة بره.
لم تكُن تُريد ان يصِل الأمر إلى هذه الدرجة معه ولكنه تجاوز كل خطوطها الحمراء و نال من كبريائها بطريقة مؤلمه لذا تنحى كل شيء جانباً حتى ذلك العشق الضاري الذي تحمله بقلبها له لا تعلم بأن مقبرة دفنته لتصرخ بالخادمة بنبرة جافة قوية ثابتة
عبير. استني.
رقص قلبه فرحًا حين سمع ندائها إلى الخادمة و قد ظن بأنها تراجعت عن قرارها بالرحيل ولكن أبى أن يُظهِر ذلك لتُفجِر لغمًا قاسيًا بقلبه مرورًا بكبريائه حين قالت
متتعبيش عم شعبان. بنت الوزان هتيجي بدل العربية ألف توديها عند أهلها.
برقت عينيه حين سمع حديثها فتابعت بقوة
انا بقول متتعبش نفسك. أهلي هييجوا ياخدوني. احنا بردو بنعرف نعزز بناتنا يا دكتور ياسين.
أنهت جملتها و تركته يتخبط ما بين الغضب والندم يناطحهم كبرياء أهوج أجبره على مغادرة المكان بأكمله و كأن مسٍ من الجنون طاله.
عاملة ايه دلوقتي؟
هكذا تحدث «هارون» إلى «همت» التي ما أن رأته حتى تورد وجهها و شعرت بالحياة تعود لقلبها من جديد فقالت بلهفة
بقيت كويسة بعد ما شوفتك.
اقترب منها ليتربع بجانبها على السرير و يقوم بإمساك كفها ليقبلها باحترام وحب تجلى في نبرته حين قال
أن شاء الله تخفي و تقومي بالسلامة.
«همت» بحب
بعد ما ربنا ردك ليا خلاص انا مبقتش عايزة حاجه من الدنيا يا حبيبي.
اندفعت الكلمات من فمه بتوسل و لهفة
بس انا عايز. عايز اعوض كل لحظة احتجتك فيها و مكنتيش موجودة. عايز أحس ان عندي أم بتحبني و تخاف عليا و تاخدني في حضنها. انا اتحرمت من كل حاجه حلوة وأنتِ مش جنبي.
رغمًا عنه تساقطت عبراته فوق خديه وقد خلع عباءة الكبرياء جانبًا و عرى روحه أمام والدته و من غيرها يستطيع الإنسان أن يأمن بوجوده.
و هو كان عايز يحرمني منك الباقي من عمري. أصعب لحظة مرت عليا في حياتي لما قالي انك رمتيني.
امتدت يديها تعانقه ليرسو بثقله فوق مرفآ صدرها الآمن وهي تقول بلهفة
محصلش. والله ما حصل. دانا افديك بروحي يا هارون.
بكى قلبه قبل عينيه ليقول باحتياج و توسل
احضنيني اوي. انا ياما حلمت بالحضن دا، و ياما اتمنيته.
شددت من احتضانه بقوة وقد اختلطت مياة عينيها بمياة عينيه في نوبة انهيار قوية ذرف فيها الإثنان كل تلك المشاعر التي ظلت حبيسة في قلوبهم لسنوات إلى أن جاء ذلك الطرق على الباب ليجعل «هارون» يتراجع للخلف وهو يُكفكِف عبراته لتدخل« سما» وهي تقول بحبور
ايوا بقى مستفردين ببعض و مطنشينا خالص.
بلاش اشبع من ابني حبيبي شويه.
هكذا تحدثت« همت» ثم «هارون» الذي قال بمُزاح
و فين خطيبك المجنون؟
في المستشفى. كنتوا بتقولوا ايه بقى؟
«هارون» بمُزاح
أسرار.
«سما» بلهفة
أسرار بجد. بتخبي عليا يا همت! لا انا زعلانه بجد.
هنا دخلت «شيرين» التي كانت ملامحها شاحبة و عينيها و كأنها كانت تبكي بينما يديها تحتضن هاتفها و تضمه إلى صدرها فناظرها «هارون» بريبة لتقول بنبرة مهتزة.
ها. هارون. ينفع تيجي ثواني؟
ابتسم «هارون» بهدوء قبل أن يستأذن من «همت» و «سما» ليخرج معها و يوصد الباب خلفه وحين أوشكت على الحديث أشار لها بالصمت ليقودها إلى غرفته ثم أغلق الباب خلفه ليقول آمرًا
هاتي تليفونك.
«شيرين» بصدمة
هارون.
«هارون» بلهجة آمرة
هاتي تليفونك؟
اعطته الهاتف ليأتي إتصالًا هاتفيًا تولى هو إجابته
معاك يا ناجي يا وزان!
أخيرًا لقيتك لوحدك؟
هكذا تحدث «سالم» الى« سليم» المُستلقي على السرير يحاول أن يستريح قليلًا فقد جعله ذلك المجنون يشعُر و كأن رأسه سينفجر من كثرة ثرثرته
تعالى يا عم. فينك من زمان؟ كنت تعالى انجدني.
دلف إلى الداخل وهو يقول ساخرًا
كدا يبقى مروان قام بالواجب.
«سليم» بتهكم
قام بالواجب و زيادة. جابلي صداع نصفي، و شويه و كان هيشلني.
بعد الشر عنك.
هكذا تحدث« سالم» بنبرة بها لمحة حنان إضافة إلى نظراته المُمتنة و التي تحمل مشاعر عميقة تجاة شقيقة الذي اعتدل في جلسته وقال بهدوء
سليم الصغير عامل ايه؟
«سالم» بأمتنان
سليم الصغير و أبوه و أمة بخير بسببك.
كلماته العذبة كان لها وقعًا خاص على صدر« سليم» الذي قال بحب
يارب دايمًا تكونوا بخير.
مش عارف اقولك ايه؟ أو اشكرك ازاي؟ احنا عمرنا ما كان بينا كدا. بس اللي عملته عشان ابني…
قاطعه« سليم» بنبرة قوية
سليم دا ابني. اوعى تفكر أنه ابنك لوحدك! وانا معملتش حاجة، و بعدين ما احنا طول عمرنا عايشين على حسك و تحت جناحك و عمر ما حد فينا شكرك ولا حاجه.
«سالم» بنبرة يملؤها الحنان
انتوا كلكوا ولادي يا سليم.
«سليم» بصدق
و انت طول عمرك ونعم الأب يا سالم.
اقترب «سالم» يعانقه بقوة بادله «سليم» إياها ليقول «سالم» بحبور
حمد لله على سلامتك.
الله يسلمك.
قاطع عناقهم صوت رنين هاتف «سالم» تزامناً مع دخول «جنة» فتراجع «سالم» إلى الخارج وهو يقول بلهجة ودودة
سليم في أمانتك.
«جنة» بمُزاح
في إيد أمينة.
ما أن خرج حتى أجاب على هاتفه بحبور
الحلوة اللي راحت و قالت عدولي.
ما أن سمعت صوت شقيقها حتى انتابتها رغبة قوية في البكاء فجاءت نبرتها مُتحشرجة حين قالت
وحشتني اوي يا سالم.
شعر بأن هناك خطب ما لذا قال باستفهام
حلا أنتِ كويسة؟
حاولت أن تبدو طبيعية لذا قالت بمُزاح
كويسة والله انا داخله عالخامس يعني في شهور الدلع خفوا قلق شويه.
لا يعلم لما هذا الشعور بالقلق عليها ولكنه تجاهله وقال بخشونة
عندنا اغلى منك عشان نقلق عليه؟
تحاول جاهدًه ألا تبكي فقالت بنبرة خافتة ممتنه.
ربنا ما يحرمني منكوا. طمني عليكوا؟
كلنا بخير. أنتِ عامله ايه؟
«حلا» بنبرة مُهتزة
بخير يا أبيه.
صمتت لثوان قبل أن تقول بحرج
ابيه انا عارفه انك مشغول بس ينفع تبعت حد ييجي ياخدني؟ حتى لو كان السواق.
صدق ظنه هناك خطب ما يحدُث معها لذا قال بحزم
أنا بنفسي هاجي اخدك. جهزي نفسك نص ساعه وهكون عندك.
شعرت بقلبها يتضخم حين أخبرها بأنه سيأتي لأخذها فقد كانت تحتاج لعناقه و لحنانه و لتفهمه تُريد البُكاء بقوة بين أحضان شقيقها و أبيها الغالي وقد كانت تؤجل انهيارها لحين تغادر هذا المنزل فستخرج مرفوعة الرأس حتى يعلم مع من قد عبث!
توجه «سالم» إلى داخل غرفة «سليم» وقال على عُجالة
سليم جهز نفسك هروح مشوار صغير وهرجع نمشي على طول.
مشوار ايه؟
هكذا تحدثت «فرح» فتابع موجهًا حديثه لكُلًا من« سليم» و «جنة»
ساعديه و متخليهوش يجهد نفسه ولا يحمل على دراعه.
أنهى جملته و توجه جاذبًا «فرح» من ذراعها وهو يقول بخشونة
علي ما تجهزي حاجتك أنتِ و سليم هروح أجيب حلا.
علي وجيب قلبها حين ذكر اسم «حلا» فقالت بلهفة
هو في حاجه ولا ايه؟
«سالم» بجفاء
لسه معرفتش بس يا ويله ابن عمك لو كان مزعلها.
«فرح» بتهكم
واحد و مراته حرين مع بعض نتدخل بينهم ليه؟
«سالم» بفظاظة
عشان من سوء حظه أن مراته تبقى اختي. يعني ممنوع يفكر بس يضايقها.
طب ماهو ممكن يعمل معاك كدا بردو لما تزعلني!
هكذا تحدثت لتستفزه فباغتها قائلًا
هو فاضل قد ايه و تتمي الأربعين يوم؟
فرح بغباء
تقريبًا شهر. ليه؟
أجابها بعبث
عشان اعلمك الأدب من أول و جديد.
لم تستطع قمع ضحكتها و لا منع ذلك الخجل الذي تفشى في سائر جسدها حتى انطبعت آثاره فوق وجنتيها فبدت شهية حد الالتهام فعانقتها نظراته العاشقة قبل أن يقول بخشونة
متجهديش نفسك الممرضات هيساعدوكي، و الحرس بره لو احتاجتي حاجه. انا مش هتأخر.
هبت باندفاع
طب ينفع اجي معاك؟
كان يتوجه بها إلى غرفتها قبل أن يقول بحزم
لا، و مش عايز جدال هو أنا هعمل زفة!
«فرح» بحنق
سخيف. طيب ياريت متتأخرش.
اومأ بصمت قبل أن يذهب إلى وجهته فما هي إلا دقائق حتى وجدت باب الغرفة يُدق فظنت بأنه قد عاد لأمرًا ما فتوجهت لتفتح باب الغرفة فإذا بها تتجمد حين رأت…
التعليقات