رواية عاصفة الهوي الفصل السادس والستون 66 بقلم الشيماء محمد
همس قامت من نومها بحماس فظيع،خصوصًا ان سيف وافق يطلع الرحلة وسبيدو وآية طمنوها ان كل حاجة تمام ، قامت بهمة اتأكدت إن كل حاجة جاهزة، وبعدت عن سيف علشان ما تصحيهوش بدري، قررت تستعد بسرعة. كمان اطمأنت إن آية وهوليا صاحيين. بصت لساعتها ولقت إنه الوقت المناسب تصحي سيف. راحت لعنده في السرير، لقيته غرقان في النوم، قعدت جنبه وباست خده كذا مرة، فتحرك: “صاحية ليه بدري؟”
باسته تاني بعنف علشان يفوق، فـفتح عينيه بالعافية: “عايزة إيه طيب؟”
ابتسمت: “اصحى يلا، كلنا جاهزين وإنت نايم كويس؟ قوم.”
بص لساعته بنص عين، وبصلها، كانت بالفعل جاهزة: “إنتِ لابسة بجد؟”
اتعدلت بحماس: “آه، لابسة. شفت بحبك إزاي؟ وسيبتك نايم لآخر لحظة!”
بصلها شوية، بعدها علق: “ولنفترض إني عايز حاجة قبل ما ألبس وأخرج، إيه العمل سيادتك؟”
بصتله بذهول لأنها ما فكرتش في حاجة زي كده: “ما هو إحنا بالليل كنا…” (كشرت مرة واحدة) “بقولك إيه، مش وقته. قوم اتفضل. هو أصحيك مش نافع، أسيبك نايم مش نافع؟ إيه هو ده؟ أنا نازلة أشوف الفطار.”
سيف اتعدل بسرعة وحاول يمسكها: “بت!”
جريت بسرعة وقفلت الباب وراها. هو فضل في السرير بيفكر: هل وقته يطلع رحلة زي دي ولا ده أكبر استعباط ممكن يعمله في حياته؟
قام بتكاسل، لاحظ إنها مجهزة كل حاجة، فدخل يستعد زيها. شوية، وموبايله رن، كان سبيدو. بعد ما سلم عليه: “إنت واثق إن الخطوة دي صح؟ نمشي كلنا بالشكل ده؟”
سيف بحيرة: “والله ما عارف، بس ربنا يسترها. وبعدين ممكن آخر الليل نرجع أو الصبح، مش شرط نكمل للآخر معاهم. خلينا نعدي النهارده ونشوف الدنيا إيه.”
نزل واتفاجئ إن الكل جاهز ومستعد، فطروا بسرعة علشان يتحركوا، وآية ماسكة موبايلها. علق: “ما تتصليش بسبيدو، قولتله يقابلنا عند الجامعة، وإنتِ هتيجي معايا.”
آية اتضايقت وما علقتش، لكن همس علقت: “تصدق إنك رخم؟ ما كان جه خدها، هو اشتكالك؟”
سيف بصلها بتحذير: “ما تسكتي إيه رأيك؟ بعدين إحنا رايحين نفس المكان، واليوم كله هنفضل مع بعض، لازمتها إيه يجي هنا يعني؟”
ركبوا معاه واتحركوا للجامعة. همس نزلت قابلت أصحابها وعرفتهم على آية اللي كانوا عارفينها من الرحلة اللي فاتت.
سيف شاف منظم الرحلة والمشرفين، وكلهم رحبوا بيه وبعيلته. شوية ووصل سبيدو، خطف الأنظار بدخلته وعربيته ، وخصوصًا إنه دخل بسرعة ناحية سيف اللي كان مديله ظهره وبيتكلم مع الناس. الكل بعد، لكن سيف التفت بهدوء وفضل مكانه. سبيدو وقف قدامه بأقل من متر، وبصله من شباك عربيته: “ولو خبطتك يعني؟”
سيف بتهكم: “ده يبقى عيب على اسمك حتى.”
سبيدو ابتسم واتحرك بعربيته، ركنها ونزل يسلم عليه: “ما تقوليش هنركب أتوبيس مع الطلبة؟ فين عربيتك اللامبو؟”
سيف نفخ بضيق: “في البيت، وبعدين همس بتحب الأتوبيس وعايزة الكل مع بعض.”
بدر قرب بعربيته، فسبيدو علق: “وأختها الحامل دي مش هتتعب في الأتوبيس؟”
سيف بحيرة: “والله ما عارف، بس أخوها موجود معانا، زمانه على وصول.”
راح يستقبل بدر، وسبيدو راح لآية يسلم عليها. سلم على هوليا، وبعدها بص لهمس: “إزيك يا هندسة.”
همس سلمت عليه، وبعدها حضن آية: “يا هلا يا قمر.”
بتلقائية بصت ناحية أخوها اللي كان بيسلم على بدر وهند وأنس.
سبيدو حذرها: “ما تبصيش لأخوكِ وأنا معاكِ، إنتِ مراتي.”
آية بحرج: “لسه ما اتعودتش، معلش.”
ملك ونادر وصلوا ومعاهم خاطر وفاتن اللي كانت رافضة تيجي، لكن همس أصرت عليهم. مروان كمان وصل، وكلهم وقفوا مع بعض.
سيف اقترح: “إيه رأيكم؟ هتركبوا الأتوبيس ولا نتحرك بعربياتنا؟”
هوليا علقت: “رحلة يعني جمعة يعني أتوبيس، مش كل واحد لوحده.”
همس بعتتلها بوسة في الهوا: “حبيبي اللي بيفهم ده.”
سيف بص لها، وبعدها بص لبدر: “وبالنسبة لهند؟ إيه؟”
هند ردت: “مالي؟ أنا تمام معاكم.”
سيف لنادر: “مش أفضل تركب عربية ولا إيه؟ لتتعب؟”
نادر بص لأخته: “لو أمورها تمام فعادي، مش هيفرق أتوبيس من عربية.”
سيف باستسلام: “أوك، اركبوا يلا الأتوبيس براحتكم.”
الكل بدأ يركب، وهوليا قعدت هي وأنس جنب بعض، وكل واحد جنبه مراته. شلة همس كلها ركبت، واتفاجئت بمايا ومعاها نانيس وهايدي وشلتها كلها، لكن همس ما اهتمتش بيهم.
بصت لسيف تحت كان واقف مع محمود السمري ومعاه مراته منى. راحت تسلم عليهم، وبعدها انضم لهم مهندس حامد اللي بيديهم مادة سيف في السيكشن. همس أخذت منى وطلعت الأتوبيس وسابت سيف معاهم.
الاتوبيسات بدأت تتحرك وسيف لسه مركبش، فسبيدو قام وقف على الباب يشوفه: “ما يلا يا عم الصياد؟”
سيف جه بسرعة، وسبيدو مد إيده شده ودخلوا مع بعض.
همس كانت قاعدة أول صف وقصادها هوليا وأنس. سيف بص لسبيدو: “إنت قاعد فين ياض؟”
سبيدو بضحك: “الصف اللي قبل الأخير.”
سيف بص له بذهول، وسبيدو ضحك جامد: “يا عم خلاص، بهزر، وراك بصف أهو.”
سيف بغلاسة: “طيب ما تبدل مع هوليا وأنس؟”
سبيدو بص لهم، وبعدها بص لسيف: “أنا عارف إنه يوم مش هيفوت.” ربت على كتف سيف: “ما تقعد جنب مراتك وتخليك في حالك، إيه رأيك؟ إنت قولت مش طالع مشرف، صح؟ خليك في حالك وكل عيش.”
سيف ضحك: “إنت بتقولي أنا آكل عيش؟ ده بجد؟”
سبيدو: “شوفت بقى؟ أنا أصلًا قولتلها نروح بعربيتي، قالت لا نركب معاهم.”
سيف بضحك: “فيها الخير والله.”
الاتوبيس اتحرك، وشوية والكل بدأ يهيص ويرقص على الأغاني اللي اشتغلت.
همس كانت منتظرة سيف يتحرك ويشارك الناس، لكنه كان قاعد مكانه، علقت: “ما تقوم نهيص مع الناس دي؟”
بصلها بنبرة هادئة: “قومي، هو أنا مانعك؟”
بصتله باستغراب: “مالك؟”
رد بنبرة عادية: “مفيش، عايزة تقومي تهيصي معاهم، قومي.”
همس حاولت تخفف الأجواء: “مصُدع وعايز مسكن؟ أجيبلك؟”
نفى: “لا، مش مصدع، بس مش طالبة معايا قومان، روحي انضمي ليهم إنتِ.”
إحساسها قال لها إن في حاجة مش طبيعية، لكنها مش قادرة تحددها، فقعدت وربعت إيديها: “خلينا قاعدين، إيدينا على خدنا.”
شوية وآية هجمت عليهم: “أوعى تقولي مصُدع. المرة اللي فاتت كنت بتتحجج عشان تقعد جنبها، والمرادي؟”
ابتسم بخفة: “بقولها تقوم، هي اللي مش راضية، أعملها إيه؟ أشيلها غصب؟”
همس بصتله بذهول: “أنا برضه اللي مش راضية؟ ولا إنت اللي عايزنا نقعد كده؟”
بهدوء قال: “ما تقومي، طيب. أنا مسكتك؟ قومي يا همس براحتك.”
آية استشعرت التوتر: “تعالي يا همس، سيبيه. شوية وهو هيحصلنا. تعالي.”
همس كانت هترفض، لكن آية شدتها تقوم معاها، فقامت وهو دخل مكانها لجوه .
آية، وهي ماشية معاها: “في إيه؟ هو مالُه؟ شديتوا ليه؟”
همس بحيرة: “معرفش ماله. مرة واحدة قاعد زي ما إنتِ شايفاه، مش عايز ينطق ولا يتكلم ولا يقوم. وبيقولي: قومي انتِ براحتك. بذمتك إنتِ شايفاه طبيعي؟”
آية بنبرة متفهمة: “لأ، بس سيبيه شوية، هيفك ويقوم. ولو في حاجة هيقولك. تعالي، الجو هيعجبك والهزار على آخره.”
همس مسكت دراعها بتردد: “شلة مايا ونانيس، مش بحبهم.”
آية استغربت: “ليه؟ دول غيرانين منك.”
بذهول وضحت: “يا بنتي، مش هم اللي رفعوا علينا قضية أنا وسيف وخلونا اتحولنا للتحقيق؟ ولا نسيتي؟ مايا ونانيس وهايدي.”
آية تذكرت: “آه، نسيت والله. إيه الغباء ده؟ بس إحنا مش بنتكلم معاهم أصلًا. إحنا كده أصحابك وبس. هم واقفين على جنب، بيرقصوا مع نفسهم.”
هوليا قررت تتدخل، راحت قعدت جنب سيف: “مزعل همستك ليه؟”
رد باستغراب: “مزعلها ليه؟ هي زعلانة؟ هو يا أقوم أهيص مع الناس يا أبقى مزعلها أو زعلان؟”
هوليا بنبرة تأكيد: “يعني مش زعلان ولا مزعلها؟ قاعد بس كده؟”
ابتسم: “بالظبط كده. قومي انضمي ليهم يلا.”
قامت انضمت لهم، وسبيدو جه قعد جنب سيف، لكن قبل ما يتكلم، سيف حذره: “لو قولت زعلان ليه، هضربك.”
سبيدو قفل بقه على طول وغير الموضوع: “لا يا عم، ما تزعل ولا تتصالح. المهم…”
بصله سيف باستفسار: “إيه المهم؟”
سبيدو بحذر: “مايا وشلتها نظراتهم مش لذيذة، وبيحاولوا يتكلموا مع آية. أمنعها ولا أسيبها؟”
سيف سأله: “هي مش عارفة حكايتهم؟”
رد بتردد: “معرفش.”
سيف نصحه: “طيب عرفها وخليها تحترس منهم.”
وصلوا لاستراحة، والكل نزل على الكافيتيريا. سيف طلب قهوة له ولـهوليا، وكل واحد طلب حاجة مختلفة. قعدوا على تربيزة كبيرة، وشوية وانضموا البنات اللي دخلوا الحمام يظبطوا نفسهم.
همس قعدت جنب سيف: “أطلبلك إيه تشربيه؟”
بصت لعينيه: “إنت بتشرب إيه؟”
جاوبها : قهوة ، اطلبلك إيه إنتِ؟
ردت: “ولا حاجة، شكرًا.”
الاتوبيس زمّر، والكل قام يرجع مكانه. سيف استنى لحد ما الكل ركب، وهمس كانت واقفة جنبه ساكتة لحد ما الاتوبيس اتحرك. وهي بتطلع، مسك دراعها: “أنا مفيش حاجة مضايقاني عشان تضايقي نفسك ولا تقعدي جنبي ولا تبعتيلي حد كل شوية. الموضوع ببساطة مش طالبة معايا هزار ورقص وسط الطلبة، فشوية وهفك. ما تقلبيش وشك وتعملي حوارات وأفلام في دماغك من لا شيء.”
بصتله كتير بشك، بعدها ردت: “براحتك طبعًا.”
طلعت، وهو وراها. قعدوا مكانهم، والمرادي هي ما اتحركتش من جنبه، بالعكس، غرقت في النوم وهو ريح راسها على كتفه.
آية راحت لهمس لقتها نايمة جنب سيف، فبصت لأخوها بملامح مستغربة: “تصدق إنك رخم؟”
بصلها من غير ما يرد، فقررت تكمل: “نومتها وارتحت؟ قال إيه الستات نكدية!”
رد عليها بغيظ: “ما تروحي تشوفي جوزك، نكدي عليه طيب.”
آية حست بالاستفزاز بس ردت بتحدي: “لا، هروح أدلعه مش أنكد عليه. خليلك إنت النكد.”
نظرته لها كانت كافية تخليها تتراجع بخوف، فبعدت عنه وراحت لسبيدو مكشرة.
سبيدو شافها وضحك: “إيه؟”
ردت بضيق: “غاظني! بقوله قال الستات نكدية، قالي روحي نكدي على جوزك، فقولتله هروح أدلعه خليلك أنت النكد. حسيته هيضربني.”
سبيدو ما قدرش يمسك ضحكته: “وما ضربكيش بجد؟”
ضحكت معه: “همس نايمة على دراعه، معرفش يقوم.”
سبيدو ضحك أكتر، بعدها قعد مكانه وقال بهزار: “طيب ما تعملي زيها، تعالي على دراعي.”
آية ضيقت عينيها وبصت له باستغراب: “هو حد قالك إني جاية الرحلة دي أنام؟ ده تلاقيه قهرها، علشان كده نامت المسكينة. البت بتجهز للرحلة من إمتى، وآخرتها تنام؟”
سبيدو شدها تقعد جنبه: “اقعدي بقى بدل ما إنتِ واقفة فوق راسي كده.”
قعدت جنبه بغيظ، وبعد شوية علقت بتهكم: “المفروض يعني أحط راسي على كتفك وأنام بقى، ولا إيه؟”
بصلها سبيدو وفتح بوقه كأنه هيرد، لكنه غير رأيه وبص قدامه بدون ما ينطق. آية ابتسمت، وبعد لحظات، سندت على كتفه وهو ابتسم بهدوء من غير ما يعلق.
سيف كان قاعد وهمس نايمة على كتفه، طلع موبيله وفتح الواتساب. يقرأ الرسالة تاني للمرة اللي مش عارف عددها :
“بلاش المحاكمة، وقفنا قصاد بعض بما فيه الكفاية. إنت جرحتني بخيانتك. مكنتش عارفة بمخططات بابا كلها، ولما عرفتها كان بعد ما عرفت بوجود حبيبتك وخيانتك ليا. وأوعى تقول إنها مش خيانة، لأنها خيانة. طالما حطيت خاتم في إيدي وروحت تحب غيري دي اسمها خيانة، حتى لو تعرفها قبلي. أنا ولا ضربتك على إيدك ولا جبرتك تيجي تخطبني. جرحتني وحاولت أنتقم منك، آه ممكن أكون تماديت، بس إنت كمان ما سكتش. بلاش نفضح بعض قدام المحكمة والصحافة. لو عايز تظهر فيديوهات بابا، اظهرها. أنا وماما أصلًا فصلنا نفسنا عنه. هتفضحني وهفضحك، فخلينا نوفر الفضايح دي. براحتك، بس مستعدة للمحاكمة.”
بعدها وصلته رسالة تانية: “تذكرة بسيطة لزمان.”
معاها كذا رسالة عبارة عن صور ليهم مع بعض من أيام زمان، الصور اللي لما شافتها همس قبل كده زعلت منه.
سيف قفل الموبايل وهو مضغوط، وعقله بيراجع كل اللي حصل السنة اللي فاتت.
الاتوبيس وصل، وسيف قرر يصحي همس. حركها بهدوء، وهي اتعدلت بتفرك رقبتها من التعب.
سألته وهو بيدلك رقبتها: “فكيت ولا لسه؟”
ابتسم في وشها: “أنا مش عارف ليه مصرة اني قافل؟ انا عادي يا روحي؟”
اتنهدت باإحباط، لكنها قررت تستسلم: “براحتك يا سيف، براحتك.”
نزلوا وبدأ التسكين، وكل واحد راح الشاليه بتاعه. سيف وصل همس للشاليه بتاعهم، وبعدها خرج يطمن على أخته ويتأكد إن الكل دخل أوضته واستقر. وهو واقف بره شافه سبيدو، وقفه: “إيه؟ هتفك إمتى؟”
سيف رد ببرود: “فاكك أهو.”
سبيدو مط شفايفه: “If you say so. أنا هروح أشوف البونية غيرت هدومها ولا… ” وقفه قبل ما يمشي: “أوعي تكون أختك بتلبس بكيني والليلة الحمضانة دي؟”
سيف ضحك: “بقولك إيه، مش بقت مراتك؟ تعامل إنت.”
سبيدو بغيظ: “والله لو…”
قاطعه سيف: “إياك تحلف عليها، فاهم؟”
سبيدو باستنكار: “ده مش حلفان عليها. (كمل بهزار) ده توعد.” ضحكوا الاتنين، وبعدها سبيدو بجدية: “مش هتقول مالك بقى؟ بقى الشبر ونص دي مزعلاك للدرجة دي؟ ده حتى الرحلة دي كلها وجرتنا كلنا علشانك، إيه بقى؟”
سيف نفخ بضيق: “الشبر ونص ملهاش دعوة.” بصله بشوية استغراب: “بعدين إيه شبر ونص دي؟”
سكتوا شوية، وبعدها سيف طلع موبيله وفتح الرسالة، وإداها لسبيدو. سبيدو قرأها وبصله: “إيه يعني؟ مش فاهم؟ حنيت لها يعني ولا إيه؟”
سيف باستنكار: “حنيت إيه يا فصيح إنت؟”
سبيدو: “ما هو مش فاهم! طيب مالك؟ مالها الرسالة؟ خايفة وبتستعطفك، فإيه بقى؟”
سيف سكت شوية وبعدها اتكلم: “أنا فعلًا خنتها. مش يمكن كل اللي حصل ده أنا اللي اتسببت فيه؟ كانت دكتورة وناجحة، شوف دلوقتي وصلت لإيه.”
سبيدو باستغراب: “هو إنت اللي قولت لأبوها تعال اعرض بنتك ؟إنت اللي قولتله اطمع في شركة غيرك؟ إنت اللي قولتله حط بنتك وسط خططك القذرة واعرضها للبيع؟ إيه يا سيف؟ وبعدين يا سيدي حتى لو خنتها، هو كل واحد بيخون واحدة بتروح تقتل؟ سيف، إنت ظروفك كانت كده، ما تعمدتش تخونها ولا تعمدت تخبي عليها. كل دي أمور كانت خارجة عن إرادتنا كلنا، مش إنت لوحدك. بعدين مش هي كانت معجبة بنادر أخو همس؟ ولا دي نسيتها؟ وبعدها اتخانقت معاه لما خطب ملك؟ طيب محاولتها لقتل همس؟ وبعدها الفيديو اللي صورته يوم فرحك؟ إيه؟ عايز حد يفكرك بكل مصايبها؟”
سيف كان بالفعل مفكر في جانب واحد، ونسي كل الباقي. كان محتاج حد يفكره بكل المصايب دي.
سبيدو كمل: “شذى مش مظلومة يا سيف. هي ظلمت نفسها، وأبوها قبلها ظلمها، مش إنت. عارف تبقى ظلمتها إمتى؟ لو كنت قولتلها بحبك ومش هقدر أعيش من غيرك وأوهمتها إنك بتحبها وعايز تتجوزها بجد. ده إنت حتى ما روحتش مرة واحدة بيتها تزورها إلا وإنت مجبر، ولا أخدتها مرة عزمتها على عشا، ولا جبتلها هدية واحدة. وبالرغم من كل ده هي كانت مكملة. شيل من دماغك قصة ظلمتها، وحط في دماغك البونية اللي فوق دي، اللي مجرد إنك سكتت دنيتها كلها ظلمت في وشها. دي أولى تسعدها.”
سيف ابتسم بتقدير لصاحبه: “أنا أصلًا مش عارف إزاي وافقتها نيجي الرحلة دي كلنا كده. ربنا يسترها.”
سبيدو: “أنا هروح أشوف البونية دي، لتلبسلي مايوه. أقسم…”
سيف بصله بتحذير، فقطع سبيدو كلامه: “من غير حلفان! هطلع أشوفها وأجيبلها بدلة غطس حلوة تلعب بيها.”
سيف: “الله معك.”
سبيدو خبط على باب أوضة آية، فتحتله هوليا بابتسامة: “آية هتنزل ولا لسه يا لولي؟”
فتح الباب بتردد ولحظة وطلعت آية لابسة مايوه قصير بحمالات وظهره مكشوف. اتصدم في الأول لكنه بسرعة تمالك نفسه وعلق بابتسامة: “مش هتلبسي ولا إيه؟ هتنزلي كده ولا هنفضل هنا؟”
آية استغربت وشكله خلاها مش فاهمة هو بيستعبط ولا مش فاهم، فحطت طرحة خفيفة فوقه وتحدته: “أنا جاهزة كده.”
بصلها لفترة قبل ما يرد بهدوء: “ادخلي البسي حاجة علشان ننزل، انجزي.”
آية بعناد: “ما أنا لابسة.”
بلهجة صارمة: “ياريت تخلصي بسرعة. عارف سيف كويس، عمره ما هيقبل إنك تنزلي كده.”
حست بغضب واضح إنها مش عارفة تضحك عليه، فربعت إيديها بغيظ: “ما تسيبني أضحك عليك! إيه الرخامة دي؟”
سبيدو ضحك وقرب منها، رفع وشها: “حبيبتي الغضبانة دي. أضحكي عليا في حاجة تتصدق شوية، مش دي. وبعدين، أنا لسه هعرفك امبارح؟ يا بنتي، أخوكِ صاحبي من سنين. عارفه، وعارف طباعه، وعارف يقبل إيه ويرفض إيه. أضحكي عليا في حاجة تانية. يلا، ادخلي جهزي نفسك.”
سيف دخل الشاليه واستغرب إنه فاضي. دور عليها، ملقاش حد، لكن لمح ورقة على التسريحة مكتوب فيها: (نزلت البحر مع هند وملك).
غير هدومه ونزل يدور عليها. الطلبة اتلموا عليه عايزينه يلعب معاهم بس وقفهم : الأقي همس الاول وبعدها نشوف حكاية اللعب والمسابقات دي .
شاف هالة وسألها: “شوفتيها؟”
هالة بصت حواليها: “كانت ماشية على البحر من شوية.”
بص ناحية البحر واتحرك يشوفها فين ، سأل هند و ملك اللي قاعدين مع خاطر وفاتن بس محدش كان عارف مكانها بالتحديد. مايا شافته بيدور: “هربت منك ولا إيه يا دكتور؟”
تجاهلها، لكنها علت صوتها: “كانت قاعدة على آخر الجسر الخشب ده تحت المظلة. شوفت بقى أنا بحبك إزاي؟ ما بيهونش عليا تدوخ وإنت بتدور عليها.”
بصلها بتهكم: “لا، فيكِ الخير.”
راح ناحية الجسر، وكان في حد قاعد آخره. لما قرب شافها قاعدة على السلم ووشها للبحر. قعد جنبها: “عارفة بقالي قد إيه بدور عليكِ؟”
ردت بدون ما تبصله: “عارف بقالي قد إيه منتظراك؟ فعادي يعني.”
احترم صمتها شوية وبعدين سألها بهدوء: “مالك؟ قفلتي ليه كده؟”
صمتت فترة وبعدين علقّت: “إيه؟ دلوقتي فتحت وعايز تتكلم؟”
باس كتفها بمحبة: “همستي، ما تقفليش يا روحي. أنا بس مكنتش طالبة معايا.”
قاطعت كلامه بحدة: “وأنا كمان مش طالبة معايا.”
استغرب: “مش طالبة معاكِ إيه بالضبط؟”
بصت له بعناد: “نفس اللي مكنش طالب معاك من شوية. مكنتش عايز تتكلم؟ عايز تبقى لوحدك؟ مش طايق حد؟ الكوكتيل ده بالظبط مسيطر عليا دلوقتي.”
قرب منها وحط دراعه حواليها، ضمها لحضنه رغم مقاومتها. كل محاولتها إنها تبعده انتهت لما دفنت وشها أكتر في حضنه. بحب علق: “أنا آسف لو كنت غبي معاكِ شوية. حقك عليا. مكنتش متعمد أضايقك، بس غصب عني. اتنرفزت وقفلت شوية. بس روحي، أنا ما تأخرتش. كنت بطمن على الكل إنهم استقروا في أوضهم.”
رفعت وشها وبنبرة جدية: “ينفع تقولي إيه اللي مضايقك؟ ولا ده سر من أسرارك الكتير اللي هتفضل تأجلها؟”
حيرته كانت واضحة. شذى والرسائل اللي وصلته مش عارف يقولها ولا يبطل يفكر فيهم. همس لاحظت حيرته، فبعدت نفسها عنه: “ما تقولش خلاص. مش محتاجة كل الحيرة دي.”
بصلها بحب: “ليه مش فاهمة إني لو بخبي حاجة، فده علشانك انتِ؟ مش عايز أضايقك بأمور ملهاش لازمة. مش عايزك تزعلي ولا تشيلي هموم معايا. مشاكل الشغل والبيت والأعداء حوالينا مش عايزك تدخلي فيها. كفاية أوي اللي اتحملتيه معايا من يوم ما عرفتك.”
بصتله بحدة، مستنكرة تفكيره: “إيه نوع الزواج اللي فيه الزوج يشيل كل الهموم والمشاكل ويبعد مراته عنها؟ أنا مراتك يا سيف، شريكتك، الشريك حتى في البيزنس بيشارك في الخسارة والمكسب. عمري ما شفت شراكة في المكسب بس، وإلا يبقى استغلال. مراتك يعني معاك في الحلوة والمرة. كلامك وتفكيرك دول ما ينفعوش. ما ينفعش تشاركني الضحك والحب والرحلات وتجنبني مشاكلك كلها. كده مبقتش زوجة، كده بقيت حاجة تانية، وأقل وصف لها إني عشيقة. العشيقة الراجل بيهرب لها شوية يقضي معاها وقت حلو بعيد عن مشاكله، وأنا مش عايزة أكون كده.”
استغرب من كلامها: “يعني علشان عايز أسعدك ومش عايز أشيلك هم أبقى غلطان يا همس؟”
أكدت بسرعة: “طبعًا غلطان. تخيل لو عندي مشاكل في الجامعة أو متخانقة مع أصحابي ومخنوقة، وأرجع البيت وأقولك مفيش حاجة، وسيبني لحد ما أروق وبعدها أقولك إن مشاكلي ملكش دعوة بيها. هيكون إحساسك إيه؟”
حاول يوضح: “مش هينفع، لأن أنا المسؤول يا همس، سواء عن بيتنا أو حياتنا، دي مسؤوليتي.”
رفضت منطقه بإصرار: “أنا رافضة التفكير ده. لو مش هشاركك في مشاكلك وحياتك كلها، فمش عارفة صراحة إيه الحل. بس اللي عرفاه إني عايزة حياة كاملة معاك، كاملة بكل ما فيها. مش عايزة نص حياة. برفض النص حياة. الحياة فرح يوم وهم عشرة، مش عايزة اليوم ده لو هخسر قصاده عشرة.”
سكتت، محبتش تضيف حاجة، وبعد لحظات من الصمت، حسّت إنها مخنوقة وقررت تقوم تقعد مع أصحابها أو إخواتها. بس قبل ما تتحرك، مسك دراعها ومنعها: “شذى بعتتلي رسالة ضايقتني. عايزاني أتنازل عن القضية، وبتقول كفاية فضايح. ده اللي ضايقني. واتهمتني إني خاين.”
بصتله بحدة: “خاين لمين؟ وخاين إزاي؟ إنت محبتهاش ولا ضحكت عليها.”
بضيق رد: “بس خبيت عنها إني بحب غيرها. خطبتها وفي واحدة غيرها في قلبي. خطبت واحدة وأنا بحب غيرها. لو ده مش تعريف الخيانة، يبقى مش عارف هو إيه؟”
سكتت مش عارفة تقول إيه، مش قادرة تنكر إنها شايفة وجهة نظره، ولا عايزة تأيد. الصمت كان سيد الموقف. لاحظ صمتها وحيرتها، فعلق: “شوفتي ليه مكنتش حابب أقولك؟ هتتضايقي وتتخنقي من موضوع أنا أوريدي تخطيته. يعني أنا اتضايقت طول الطريق وحللت الموضوع، ودلوقتي فوقت منه. إنتِ لسه هتبدئي فيه. علشان كده مش بحب أقولك كل حاجة. مش خوفًا منك تعرفي، لكن خوفًا عليكِ. وده فرق كبير يا همس.”
حاولت تعترض، بس عرفت إن عنده حق في كلامه. بهدوء علقت: “لو عايز تتنازل، أنا معنديش مانع ومش هيفرق معايا.”
بصلها باستنكار: “لا طبعًا مش هتنازل. التفكير مضايقني، بس هي عملت كتير، ولازم تتعاقب. همس، إحنا ممكن نقعد نتكلم عن شذى كتير، وممكن نقوم نتبسط. ده قرار مطلوب مننا ناخده حاليًا. جبتينا الساحل هنا، البحر قدامنا، وشكل المية فوق الرائع. فهل هننبسط ولا هنسمح لشذى تضيع اليوم اللي طالعينه؟ قرري يا روحي، هنعمل إيه؟”
أنس بيتلفت بعينيه، فبدر سأله: “بتدور على مين يا أنس؟”
رد عليه بأنظاره الطايرة: “عمو سيف.”
بدر وقف جنبه: “إنت محتاج حاجة منه؟”
أنس هز رأسه: “لا، بس عايز اتسابق معاه. المرة اللي فاتت ما اتحسبتش، اللي اسمها شذى دي قطعت السباق علينا.”
بدر مسك دراع إبنه وخلاه يواجهه: “إنت عارف سيف مشغول إزاي يا أنس، صح؟ طبيعي حبيبي لو عنده يوم إجازة يكون محتاج يقضيه مع مراته، زي ما هي كمان محتاجة جوزها معاها. طالما اختفوا وبعدوا عن الأنظار، فده لأنهم عايزين يكونوا لوحدهم، وما ينفعش أي حد يتطفل عليهم. سيف عمره ما هيكسفك أو يضايقك بكلمة، بس إنت لازم تبقى حساس في الأمور دي. هو هيجي وهيلعب وهينزل المية وسطنا كلنا، ساعتها اعمل اللي إنت عايزه، لكن طالما هو واخد جنب يبقى نسمحله بشوية من الخصوصية اللي هو عايزها.”
أنس بتفهم: “تمام، أنا مفكرتش كده صراحة. حاضر يا بابا، مش هدور عليه. ينفع ألعب في الأكوا لحد ما يظهر؟”
بدر ابتسم لتفهمه: “براحتك يا حبيبي.”
أنس بحماس: “كنت هقولك تعال معايا، بس أكيد إنت وهند محتاجين شوية من الخصوصية دي، خدها واتمشوا شوية لوحدكم.”
فاتن علقت وهي تضحك: “أيوه، قومي اتمشي. المشي حلو ليكِ.”
هند ردت: “هند مش قادرة لا تتمشى ولا تتكلم. خلوني قاعدة هنا باسترخاء، وإنت خد أبوك واقطع نفسه في الزحليقة العالية دي.”
بدر ابتسم: “ما تيجي تتزحلقي معانا طيب؟”
هند ضحكت: “هتلاقيني نازلة في حتة والبيبي في حتة. ده اللي عايزه يعني؟”
باس إيدها بحنية: “بعد الشر عليكم إنتو الاتنين.”
أنس بفضول: “هو ممكن الألعاب دي تضرك يا هند بجد؟”
هند بصت ناحية الألعاب: “أعتقد آه يا أنس، حتى هتلاقي مكتوب عليها تحذيرات للحوامل. خد بابا والعبوا براحتكم.”
وصل عندهم نادر وملك، بيتناقروا على حاجة. ملك قعدت جنب هند: “روح مع أنس، طريقك أخضر.”
هند بصتلها باستغراب: “يروح فين مع أنس؟”
ملك شاورت على الزحليقة: “عايز نطلع نتزحلق، بقوله لا سني ولا لياقتي يسمحولي.”
هند ضحكت وبصت لأخوها: “روح مع بدر وأنس، يلا طريقكم أخضر.”
أنس بص لنادر: “عمو نادر، هو فعلًا الزحليقة دي غلط على هنود وهي حامل؟”
نادر بتأكيد: “طبعًا غلط وممكن تضرها هي أو البيبي. (بص لملك) بس اللي مش حوامل مش غلط عليهم. دي هتنشط الدورة الدموية وهتعلي الأدرينالين عندهم.”
ملك بتريقة: “روح علي الأدرينالين بتاعك براحتك. أدريناليني عاجبني زي ما هو.”
وصل سيف وهمس، وأنس أول ما شاف همس ناداها: “هي هموس البطلة!”
همس أكدت بابتسامة: “أنا بطلة فعلًا، ده لا شك فيه. بس في إيه يا أنوس؟”
نادر شاور على الزحليقة: “تيجي تطلعي معانا الزحليقة دي؟”
همس بصتله بمنتهى السخرية: “طبعًا، ممكن أطلع، وأكيد في يوم من الأيام هطلع. بس حاليًا أنا شايفة الشيزلونج قدامي وبفكر هطلع عليه إزاي من كتر الإرهاق.”
ملك شدت شيزلونج جنبها: “تعالي يا بنتي، مددي. سيبك منهم.”
همس قعدت على الشيزلونج: “أنا واحدة خارجة من امتحانات، مش عايزة غير إني أستجم وآكل وبس.”
أنس بص لسيف: “ما تقول حاجة يا عمو سيف، إنت هتسيبها بجد تفضل قاعدة كده؟”
سيف حط إيده على كتف أنس: “همس يا حبيبي تاخد المرتبة الأولى في الكسل، تعال نروح نجربها، يلا.”
همس رفعت النظارة بتاعتها: “إنت هتروح تجربها بجد؟”
سيف بتأكيد: “آه، تيجي؟”
همس بصت للسلم بتردد: “هتشيلني السلم ده كله لفوق؟ دول يجي تلات أدوار؟”
سيف بص للسلم وبعدها بصلها بابتسامة: “أنا بقول الراحة حلوة ليكِ يا روحي. ارتاحي جنب هند، مش حلو تسيبيها لوحدها.”
نادر علق: “ما تقومي يا ملك. طيب هند وحامل، وهمس خارجة من امتحانات عايزة تستجم، قومي بقى معايا إنتِ.”
همس بصتلها بضحكة: “قومي مع جوزك يا بنتي، ده إنتِ لسه عروسة. ما تبصيش لينا، إحنا قدمنا خلاص.”
سيف بتهكم: “مين دول بالظبط اللي قدموا، هاه؟ هند أختك اللي متجوزة من يجي ستة ولا سبعة شهور؟ ولا إحنا اللي من شهرين تلاتة؟ مين بالظبط؟ حددي.”
همس ردت بثقة: “طالما خلص شهر العسل فخرجنا من حيز العرسان.”
سيف بص لأنس: “يلا، علشان بس الضغط عندي بيعلى اليومين دول بسرعة.”
قاطعه صوت آية من وراه: “يلا فين؟ معاكم؟”
سيف ابتسم وهو بيشاور: “على الزحليقة العالية دي.”
آية تراجعت بسرعة: “الله معكم، هشجع من تحت. سبيدو يطلع معاكم، قلبه ميت.
سبيدو بص لها من تحت نظارته: “مين ده اللي قلبه ميت؟إنتِ عايزاني أطلع أتزحلق وأصوت زي اللي بيصوتوا دول؟”
كلهم ضحكوا وهمس اتعدلت بحماس: “آه، تصدق؟ أنا هصوركم، يلا اطلعوا وأنا هوثق تلك اللحظات في ذاكرة التاريخ.”
سيف بتهكم: “مش كنتِ هلكانة ومفرهدة وعايزة تستجمي وبس؟ خليكِ مستجمة.”
همس قامت: “وأسيب تسجيل تلك اللحظات النادرة؟ قدامي يلا، منك له لها له. قومي يا بنت يا ملك، إحنا هنسيب هند علشان معاها حجتها.”
فاتن اقترحت: “طيب،إنتِ اطلعي مع جوزك وأنا هوثق تلك اللحظات النهارده.”
همس كشرت شوية، بس بعدها ابتسمت: “ست الكل، مش عايزين نتعبك.”
اتحركوا، ونزل أول واحد أنس وبدر، وهمس صورتهم وهما بيصوتوا الاتنين.
فوق، آية وسبيدو وملك ونادر بيتعازموا على بعض مين ينزل الأول. أخيرًا نزلت آية وسبيدو، وبرضه اتصوروا وهما نازلين، خصوصًا إن آية ما بطلتش صويت ولو لحظة. وقعوا في المية الاتنين، وسبيدو بيشدها يعدلها وطلعوا بيضحكوا.
همس ضحكت: “صورتكم وإنتو بتصوتوا.”
سبيدو اتكلم بضحك: “أنا طبلة ودني باظت خلاص، إيه يا بنتي الصوت ده؟”
آية ردت عليه: “اسكت بقى علشان انت ما صوّتش معايا.”
سبيدو بضحك أكتر: “يعني كنت هصوت بس ضحكت عليكِ، أعمل إيه؟ المهم تعالي نطلع تاني، عجبتني.”
آية باستنكار: “لا يمكن، نشوف حاجة هادية.”
همس شاورتلهم: “ملك ونادر أهم.”
كلهم راقبوهم وهما بيصوتوا لحد ما اتقلبوا في المية، والكل بيضحك عليهم.
سيف كان بيشد همس، لكنها رافضة تمامًا. كذا حد من الطلبة اتلموا عليهم، وبنت قربت: “دكتور، أنا ممكن أطلع معاك لو همس مش راضية؟”
سيف بص لها بذهول، وهمس نفس الشيء، بس قبل ما يرد، بنت تانية اتكلمت: “أنا يا دكتور!”
كذا واحدة اتكلمت، وكل واحدة تقول “أنا”، وهمس عندها ذهول.
سبيدو من ورا سيف: “لو مكانك آخد مع كل واحدة لفة.”
همس بصتله بغيظ، وبعدها بصت لآية: “ما تلمي جوزك يا حجة إنتِ.”
آية قربت باستغراب: “هو قال إيه جوزي ده؟”
همس بغيظ أكتر: “بيشجعه على الرذيلة.”
سيف رد بهدوء: “الرذيلة مرة واحدة؟ بعدين، ما هو عنده حق، طالما شريكي مش عايز يبقى شريكي. ده إنتِ لسه من فنتو ثانية قولتي بوق حلو وشركا في المرة قبل الحلوة. تيجي تبيعيني على الزحليقة؟ سيبيني أقلب رزقي بقى.”
بص للبنات بابتسامة: “مين قلبها جامد و…”
همس قاطعته بغضب: “قسمًا بالله ما يحصل. اطلع قدامي يلا.”
سيف ضحك وحط دراعه حواليها: “يلا يا روحي، تعالي.”
همس ادت موبيلها لآية تصورهم وهي طلعت مع سيف: “لو موتت، إياك تختار واحدة من بنات الدفعة.”
سيف ضحك جامد وهو بيعلق: “بعد الشر عليكِ يا روحي، إن شالله كل بنات الدفعة، إنتِ لأ.”
ابتسمت بخجل، بس بصت له بخوف: “هو ممكن أقع من الطوق ده؟”
سيف طمنها: “شوفتي حد وقع منه؟”
همس بتهكم: “ما هو هتيجي على قرمط الغلبان.”
سيف بضحك: “لا يا ستي، مش هتيجي على قرمط الغلبان ولا حاجة. يلا، بطلي جبن بقى.”
همس بتأكيد: “حبيبي، قالوا الجبن سيد الأخلاق.”
شدها من دراعها وطلعها معاه لفوق. وهي بصت لفوق، حسّت الدنيا كلها بتلف بيها: “سيف، هموت لو نزلت.”
سيف أصر، وهي ركبت مرعوبة، ماسكة بإيديها الاتنين وبتصرخ من قلبها وهي مغمضة عنيها، لحد ما وصلوا للمية واتقلبوا فيها.
سيف شدها من المية، فاتعلقت في رقبته وطالع بيها. حاول يوقفها، بس مسكت في رقبته جامد، فسبيدو شد منه الطوق وهو شالها. دفنت وشها في رقبته، وطلع بيها من المية وهي بين إيديه وشها مخبياه.
نادر قرب منها: “همس، إنتِ كويسة؟”
همس اتكلمت بصوت مخنوق بحيث سيف بس يسمعها: “طمنهم وخدني بعيد.”
سيف بص لهم: “هي كويسة يا جماعة، هتستريح بس شوية.”
شاور لسبيدو يبعد، وآية شاورت بالموبايل فطلب منها تخليه معاها. أخدها وقعد بيها بعيد شوية، وسط أنظار كتير عليهم. حاول يكلمها، لكنها كانت ماسكة فيه جامد، ومش عايزة ترفع وشها من رقبته.
البنت اللي قالتله تطلع معاه ومعاها كذا واحدة: @”يا بختها، بنت المحظوظة.”
@”دي تلاقيها حركة عملتها علشان يحضنها ويبعد بيها.”
@ “على أساس إنها من غير الحركة مش هيحضنها؟ يا أختي دي مراته.”
@”ياه لو أدخل مكانها، آخد الحضن ده بس لو مرة ويموتوني بعدها.”
@ “أنا بقى نفسي في ليلة معاه، أخدره وأخدرها وأدخل مكانها أستمتع بيه ليلة كاملة.”
@”أهو الطمع ده وحش، يا أختي كفاية حضن، أنا راضية بحضن
@ “إشمعنى هي حبها يعني؟ بجد ليه؟ هي حلوة ماشي بس مش للدرجة اللي تسحر، معقول علشان شاطرة بس حبها؟”
@”شاطرة إيه؟ هو في حد بيحب حد علشان شاطر؟ هو بيحبها وبس، الحب مش بيتقاله ليه، يعني بالرغم من إني ممكن أدفع عمري كله وآخد حضن منه بس بحب حبهم، زي ما بتتفرجي على فيلم رومانسي وتبقي عايزة البطل والبطلة مع بعض.”
@ “بصي رقته وهو بيمسح على شعرها، عايزة ترفع وشها وتكلمه؟ عنيه عليها هي وبس، عمركم شفتوه بيبص لوحدة تانية غيرها؟ ولا لما يشرح وهي تعاكسه؟ بيبقى هاين عليا أقوم أشوف موبايله بعتتله إيه خلته يبتسم كده ويبقى مش عارف يجمع كلمتين على بعض.”
سبيدو واقف لوحده منتظر آية تروح تسيب موبايل همس عند هند، كان متابعها بعنيه بس نوعًا ما سرحان شوية، قاطعه صوت: “أول مرة أشوفك مع شلة سيف؟”
سبيدو بص لها: “سيف كده؟ بعدين هو إنتِ تعرفي أصحابه كلهم يعني؟”
قربت أكتر منه: “يعني، أعرف إن ده دكتور نادر أخو همس، أعرف أختها وجوزها، بس إنت وجه جديد، أسمع عنك بس.”
سبيدو بفضول: “تسمعي عني؟ سمعتي إيه؟”
اتكلمت بدلع: “سمعت عن دارك ويب وسباقات غير مشروعة، إنت دراع الصياد لأعماله المشبوهة، صح كده؟”
سبيدو بص لها وابتسم بخبث: “برافو عليكِ، أيوه أنا. أنا اللي جبتله فيديوهاتك المشبوهة مع حازم، ومش بس كده، أنا اللي جبتله خالك الحرامي وأنا اللي أخدته عندي في ضيافتي وأنا اللي سلمته بإيدي للسجن. تحبي تعرفي حاجة تانية ولا ده كفاية يا… مايا بكري؟”
دمها اتحرق بس ابتسمت: “إنت بقى اللي صورتلي الفيديو ده؟ بس يا ترى بتعمل ده كله ليه؟ إيه مصلحتك مع واحد زي سيف؟ مش يمكن تكسب أكتر عند حد غيره؟”
سبيدو ضحك: “أكسب أكتر؟ عند مين مثلًا؟ Uncle Dany مثلاً؟ ما تطلعي برا الليلة دي وتعيشي سنك، إيه رأيك؟ إنتِ مش قد الناس دي، ولا إنتِ تبعهم، ولا إنتِ فاهمة أي حاجة في أي حاجة. ما تستمعي بكونك طالبة وتعيشي حياتك وتلعبي مع اللي في سنك؟”
مايا ضحكت: “ما أنا بلعب أهو، مش شرط ألعب مع اللي في سني، المهم ألعب. تحب تلعب معايا شوية؟”
سبيدو بص لها من فوق لتحت باستهزاء: “للأسف، إنتِ مش نوعي المفضل.”
مايا شهقت وقبل ما تتكلم قاطعهم وصول آية اللي حطت دراعها حوالين سبيدو وبصتله بحب: “اتأخرت عليك حبيبي؟”
ابتسم ونفى فسألته: “مين دي؟”
سبيدو لف دراعه حواليها: “حد مش مهم، هيتاخد في الرجلين وخلاص.”
مايا بغضب: “والله لو حد هيتاخد في الرجلين، فأكيد مش أنا، اللي بيتاخد في الرجلين هو الصديق المغفل اللي بيقوم بالأعمال القذرة لغيره.”
آية رفعت نظارتها: “إيه ده؟ تطلع مين دي كمان؟ إيه المصايب دي؟ ما تروحي يا شاطرة تشوفي حد قدك تلعبي معاه؟ مفيش حد هنا ينفع تصطاديه، العبي بعيد، هش.”
مايا بصت لها: “وإنتِ بقى مين؟ نوعه المفضل؟ ولا علشان أخت الصياد بس؟”
آية كانت هتهجم عليها بس سبيدو مسكها: “حبيبتي، سيبك منها، دي عيلة بيتلعب بيها شطرنج ومش فاهمة ولا مستوعبة حاجة، خالها حسام كان ماسك المصنع، فطبيعي يكون ده رد فعلها بعد ما حبسنا خالها، فكك منها.”
آية بصتله بغيظ وبعدين قالت: “طيب، يلا نتمشى شوية؟”
أخدها ومشيوا وهي راقبتهم بغيظ وراحت لأصحابها.
سيف واخد همس في حضنه ومستنيها تفوق وتتكلم معاه. شوية شوية عدلت نفسها بس من غير ما تقوم من حضنه: “ينفع ما تخلينش ألعب حاجات تانية؟ إنت قوم العب معاهم، أنا مش عايزة.”
ابتسم بأسف: “سوري يا روحي، بس ركبنا ألعاب أخطر من دي بمراحل في شهر العسل، وكنتِ مستمتعة بكل لعبة، ليه المرادي؟”
همس بصتله: “مش عارفة، بس مش متحمسة ومش عايزة. قولتلك عايزة أسترخي وبس، تعال ننزل المية الزرقة دي، تعال نتمشى على البحر، تعال نعمل أي حاجة غير ألعاب الأكوا، إيه رأيك؟”
وقف بيها: “تعالي ننزل المية، دي موافق عليها.”
ضحكت ونزلت، وراحوا ينزلوا المية مع بعض. عاموا شوية وابتعدوا عن الشط، بعدها هي استرخت بين إيديه، ولفت إيديها حواليه باسترخاء تام في المية.
سبيدو وآية دخلوا في سباق وسط البحر لحد ما وصلوا لقعدة صغيرة جنبها مرجيحة. آية بحماس: “عايزة أتمرجح يا سبيدو.”
سبيدو: “هو في حد يعمل مرجيحة وسط المية؟”
كانت بتحاول تركبها ومش عارفة لأن مفيش حاجة تمسك فيها ولا حاجة تطلع عليها.
سبيدو مسك المرجيحة: “تعالي أطلعي، همسكهالك.”
آية: “ماهو هطلع على إيه؟ مش ماسكة حاجة.”
سبيدو اقترح: “تعالي، هشيلك.”
حاول يشيلها يرفعها بس الموضوع كان صعب وسط المية، فوقعت فوقه. فجأة مسكها من وسطها: “ما تسيبك من أم المرجيحة دي، واستمتعي بجمال المكان اللي إحنا فيه؟”
بصت لعينيه ودي كانت غلطتها، لأن فجأة هرب الكلام منها، ولقت نفسها ساكتة تمامًا، وأنفاسها اتوترت، وخصوصًا لما همسلها: “وحشتيني.”
قرب من شفايفها وباسها برقة مرة بعد مرة، وكل مرة الرقة كانت بتختفي وبتتحول لنهم ورغبة ملهاش نهاية.
بعد شوية، شدها للمكان المخصص للقعدة وشالها بسهولة. استغربت: “يعني عرفت تشيلني هنا؟ ولا كنت بتستعبط علشان أفضل في حضنك؟”
ضحك: “أعتذرلك يعني علشان أخدتك في حضني؟”
آية كشرت: “كنت عايزة أتمرجح.”
ابتسم: “همرجحك وحياتك إنتِ، بس خلينا قاعدين شوية.”
قعد جنبها، بتردد. هي قطعته لما شدت دراعه علشان تعرف تريح راسها عليه، فلف دراعه حواليها باسترخاء.
ملك ونادر لفوا على كل الألعاب مع بدر وأنس اللي كان مبسوط ومتحمس لكل لعبة جديدة. رجعوا عند هند وخاطر وقعدوا بتهالك. فاتن كانت بتراقب ملك أو ده إحساسها، فاعتذرت: “أنا هقوم أغير هدومي.”
نادر وقف معاها: “أنا كمان، يلا.”
فاتن بتهكم: “هي قامت، إنت لازم تقوم يعني؟ ما تقعد معانا شوية؟”
نادر وضح: “هغير هدومي وآخد شاور وأنزل.”
فاتن كانت هتتكلم بس خاطر وقفها: “روح يا إبني براحتك، عايز تنزل تعال، عايز تريح براحتك، سيبك مننا كلنا.”
نادر ابتسم لوالده وأخد مراته وطلعوا أوضتهم.
سيف طلع من المية مع همس ورجعوا لتربيزتهم. كل واحد قعد على شيزلونج. همس لاحظت أنظار البنات على جوزها فاتعدلت وأخدت تيشرت سيف وادتهوله. بصلها باستغراب: “مش عايز ألبس تيشرتات دلوقتي، اهدي يا همستي.”
قعدت وعنيها على كل واحدة بتبص ناحيته، وهي بتتخيلهم بيتكلموا عنه. لما اتعدل بيتلفت حواليه، سألته بضيق: “بتدور على حد؟”
جاوبها: “آية وسبيدو، مش شايفهم في أي مكان.”
ردت بغيظ: “واحد ومراته بتدور عليهم ليه؟ تلاقيهم قاعدين في أي مكان هادي بعيد عن العيون المتطفلة.”
بصلها لأنه لاحظ نبرة الغضب في صوتها، وقرب منها وقعد على طرف الشيزلونج بتاعها. لما سحبت رجليها سألها: “إيه مضايقك يا همس؟ مش قادر أفهمك.”
بصت لعينيه شوية وبعدها بصت بعيد: “مفيش حاجة مضايقاني، خليك إنت فرحان بعضلاتك اللي بتعرضها دي.”
ضحك لما فهم سر ضيقها وقرب أكتر: “روح قلبي الغيران ده، حبيبتي عيني ما بتشوفش غيرك إنتِ بس، مهتمة باللي حواليكِ ليه؟”
ردت بغيظ: “بص في كام بنت عنيها هتطلع عليك؟ تخيل للحظة إن دول رجالة بيعاكسوني أنا؟”
بص حواليه وفعلًا لاحظ كمية البنات اللي عنيهم عليه. لما تخيلهم رجالة حس بالضيق وشد التيشرت ولبسه: “كده مبسوطة يا روحي؟ هل كده هيمشوا؟”
همس: “يمشوا أو ما يمشوش براحتهم، بس ما اديهمش سبب يقعدوا يتفرجوا عليك.”
سيف شدها قعدها بحيث يبقوا وشهم في وش بعض: “ما تيجي نديهم حاجة تانية يتفرجوا عليها طالما عضلاتي مضايقاكِ أوي كده؟”
بصتله باستغراب: “قصدك إيه؟”
ابتسم بخبث: “قصدي كده.”
باسها بوسة طويلة لحد ما نفسها اتقطع. بعدت عنه تاخد نفسها: “إنت مجنون على فكرة.”
كانت مبتسمة بفرحة، فقال: “ما بيفرقش معايا حد، مش حكاية جنان. تعالي نطلع أوضتنا بقى، الشمس سخنة أوي دلوقتي.”
همس بتلميح: “الشمس سخنة ولا ليك أغراض أخرى؟”
ضحك وهو بيقوم وشدها معاه: “ليا أغراض أخرى، عندك مانع؟”
ضحكت وحضنت دراعه بفرحة. وقفهم مروان وهالة، فسألت هالة همس: “مش هتيجي في مسابقة هتتعمل؟”
همس بصت لسيف اللي رد: “أناعن نفسي هطلع ، إنتِ عايزة تروحي لأصحابك، روحي.”
مروان بص لهالة: “ما تفكك من المسابقة وتعالي نقعد في أي جنب هادي؟”
هالة بتوضيح: “طيب هم متجوزين يقعدوا في أي جنب هادي براحتهم، إنت ايه؟”
مروان بغيظ: “طيب نقعد على تربيزة لوحدنا، بلاش جنب هادي؟”
هالة باصرار: “ما هو من ساعة ما جينا وقاعدين لوحدنا، ننضم للجماعة بقى.”
سيف بتأكيد: “أيوه، انضموا للجماعة، الله معكم.”
أخد همس وطلعوا أوضتهم.
سيف قاعد على الكنبة بإيديه ورا راسه، بيتفرج على همس وهي قاعدة على الأرض قدامه بتلم هدومهم وترصها . بصلها بنظرة فيها خبث وضحكة خفيفة على طرف شفايفه: فاكرة لما رقصتي في فرح أخوكي؟
همس بتقف فجأة وهي متفاجئة: قصدك يوم ما كنت عامل فيها سي السيد ومنعتني أكمل.
سيف بيضحك : أيوة، يومها كنت هتجنن، إزاي ترقصي قدام الناس كده؟
همس بتذكر للموقف وبتحاول تبرر : أنا كنت فرحانة، وبعدين كل البنات كانت بترقص، إيه المشكلة؟
سيف بيشدها من إيدها تقعد جنبه: المشكلة إني مكنتش عايز حد يشوفك غيري.
همس بتحاول تخبي ابتسامتها: وبعدين؟
سيف بيقرب منها شوية هو كمان، عينه متعلقة بعينيها: عايز أشوف الرقصة براحتي من غير ما حد يشاركني فيها.
همس بتضحك وتقوم تقف قصاده، تحط إيدها على وسطها بنظرة كلها تحدي و بنبرة لعوب : يعني دلوقتي حضرتك عايزني ارقصلك ؟
سيف نظراته كلها بتطلب منها ده : اه عايزك ترقصيلي ، وريني المواهب المدفونة .
همس بتضحك، شغلت اغنية نغزة لأحمد سعد ويسرا وبدئت تتحرك مع الإيقاع، وتدلع مع نغماتها ،وسطها بيلف بانسيابية ، وحركاتها واثقة ومثيرة، مش بتتهرب، بالعكس، هي مستمتعة بنظرة سيف اللي بقى قاعد قدامها وهو مائل شوية لقدام، دراعه مستند على ركبته، وعيونه مش بتفارقها.
(الموسيقى بتعلو، وهمس بتزيد في حركاتها، تميل بجسمها بمرونة، شعرها بيتحرك مع كل لفة، وتفضل ترقص قدامه وكأنها بتختبر أعصابه.
سيف بيراقبها وهو مستغرب من احترافها ، عمره ما تخيل ابدا انها محترفة بالشكل ده .
سيف بعد دقيقة، بصوت مبحوح وهو بيتكلم من غير ما يشيل عينه عنها: كفاية كده…
همس بضحكة لعوب وهي بتقرب منه: إيه ده؟ مش كنت عايز تشوف الرقصة؟
سيف وهو بيشدها فجأة من وسطها تخبط في صدره: شفتها… بس لو فضلت مكملّة، غالبًا الرقصة هتنتهي بشكل مختلف تمامًا عن اللي في بالك.
همس بتضحك وهي بتسيب نفسها بين إيديه، وسيف بيطفي المزيكا وهو بيبصلها بنظرة فيها ألف معنى .
سيف صحي من نومه مستغرب هو إزاي نام وفين همس وليه مش في حضنه. نادى عليها، بس مفيش رد. اتعدل، بص لبره، الدنيا بتليل. دور على موبيله ورن عليها، فردت: “أيوه يا حبيبي.”
سألها: “إنتِ. فين يا همس؟ وليه سيبتيني نايم؟”
“صحيت من شوية وطلعت لقيت البنات، قعدت معاهم، أنا وآية وملك وهند وهالة مع بعض، تحب أسيبهم واجيلك؟”
حس إنها في جو مبسوطة فيه، فنفى بسرعة: “لا يا روحي، أنا هقوم أفوق كده، آخد دش وأنزل أشوف الدنيا إيه، وأكلمك.”
قفل وبعد نص ساعة خرج ونزل لتحت، بس مكنش في أي حد من أصحابه، ولا بدر، ولا سبيدو، ولا نادر، ولا مروان. الطلبة وقفوه يهزروا معاه شوية، بس برضه محدش فيهم شاف حد منهم.
شوية وظهر مروان، قرب من سيف: “إنت فين يا إبني؟”
رد بتريقة: “أنا اللي فين؟”
ابتسم: “تعال طيب، عايزك في مشوار.”
سيف: “مشوار إيه؟ البنات فين؟ والرجالة فين؟”
مروان: “البنات كلهم في أوضة هند، طلعت ترتاح وكلهم طلعوا معاها. المهم عايزك معايا في مشوار، ينفع ولا إيه؟”
سيف بغيظ: “مشوار إيه؟”
“عايز أجيب ورد لهالة، وأي حاجة تانية ممكن. تيجي معايا؟ هي لسه زعلانة مني من فسخ الخطوبة وبرضه مش مسمحاني، عايز حاجة أخليها تسامحني، قولي أعمل إيه؟”
سيف اتحرك معاه: “معرفش، هي دخلتها إيه؟ أنا عندي ساندوتش شاورما ممكن يحل أي مشكلة. إنت عندك إيه دخلتها؟ لازم تعرف تدخلها منين علشان تحل أي مشكلة.”
مروان فكر: “معرفش لسه، فكرت في الورد. كل البنات بيحبوا الورد، صح؟”
سيف بحيرة: “ممكن. المهم هتخرج بإيه؟ ولا تاكسي؟”
مروان طلع مفاتيح: “طلبت عربية.”
ركبوا، واتصل سيف بهمس بلغها إنه خارج مع مروان. راحوا يشتروا هدية، وإختار معاه بوكيه ورد وسلسلة فيها قلب في النص جواه حرف الـM شكلها رقيق.
بعدها ركبوا العربية وسيف لاحظ إنهم مش في طريقهم للفندق: “يا إبني، رايحين فين تاني؟”
مروان ابتسم: “اصبر، هتعرف حالًا.”
وقف مرة واحدة وخرج عن الطريق، فسيف باستغراب: “وبعدين يا مروان؟ بتلعب؟”
ضحك: “ما تصبر وتبطل أسئلة.”
سيف ربع إيديه بغيظ وانتظر لحد ما وقف: “عطلت ولا إيه؟ كمل لحد ما تغزر بينا في أي مكان في أم الصحرا دي.”
مروان ضحك: “انزل يا عم الصياد.”
بص حواليه، بس ظلمة ومفيش أي حاجة: “انزل فين؟ إحنا وسط اللاشيء.”
نزل مروان، فسيف اضطر يفك حزامه وينزل معاه: “إيه؟ جايين نتأمل النجوم في عز الصحرا؟ يلا يا إبني، مش طالبة هبل على المسا.”
مروان ابتسم: “ما تهدى وتقول هديت؟”
سيف بغيظ: “انت محتاج للحظة تأملية يعني؟ هندرس فيها النجوم والقمر؟ بس محتاج أقولك إن القعدة التأملية دي تقعدها مع خطيبتك، مش معايا. أنا في أماكن تانية أفضل أكون فيها غير هنا.”
مروان بتريقة: “فين يعني؟ وسط الطلبة بتوعك؟ وحشوك طلبتك أوي؟”
سيف اتنهد: “آه، عندك مانع؟ طالبة واحدة وسط طلبتي أفضل أقعد معاها.”
مروان بضحك: “طيب نادي عليها، مش يمكن ترد عليك؟”
سيف بصله، وحس بسخافة. قدامه ظلام تام فكشر، هل ممكن يكون مروان بيحضر لحاجة أصلًا؟ جايبه هنا ليه؟
مروان باصرار: “نادي على حبيبتك، قول يا همس.”
سيف ساكت ومربع إيديه، بعدها اتفاجئ بصوت همس من وسط الظلمة بتتكلم بغيظ: “ما تنجز وتقول يا همس؟ هنقعد الليل كله نستناك تنطق ولا إيه؟”
سيف ضحك: “لا، وإنتِ الصادقة منتظرك إنتِ اللي تنطقي، علشان عارف معندكيش صبر.”
بص لمروان: “أوعى يكون المفروض أمشي ورا صوتها في أم الظلمة دي وأدور عليها؟”
مروان رفع إيده، وهمس ردت: “ولو قولتلك آه، تعال دور عليا وامشي ورا صوتي؟”
سيف طلع خطوة لقدام، بيحاول يستنبط مكانها وسط الظلام، بس مش شايف حاجة.
سمع صوت سبيدو بيتذمر: “لا، ماهو مش هنقعد أم الليل كله في النحنحة دي، نور يا إبني الأنوار دي.”
الأنوار كلها نورت مرة واحدة بسطوع شديد لدرجة الكل غمض عينه لوهلة علشان عنيهم تتعود على النور. اتفاجئ بكمية الناس اللي قدامه اللي نطقوا كلمة “surprise”.
بص لكمية الناس، ميز منهم أهمهم همس اللي شايلة تورته على شكل قلب كبيرة شوية وغنت “Happy Birthday to You”. كررتها مرتين وبعدها بصت لسبيدو: “لا تقيلة ، مش قادرة أكمل.”
الكل ضحك، سبيدو أخدها منها، وهمس قربت من سيف: “كل سنة وإنت طيب، حبيبي.”
سيف شال همس بحب وباسها بخفة كذا مرة: “علشان كده كنتِ مصرة كلنا نطلع الرحلة دي؟”
ابتسمت وهي حاطة إيدها على خده: “كنت حابة أعمل حاجة مميزة لحبيبي.”
رد وهمسلها بابتسامة: “وجودك لوحده كفاية في حضني.”
بص حواليه لكل الموجودين ولكل حاجة بانبهار تام، بعدها ركز على سبيدو: “عرفتي تستعيني بمين، هو الوحيد اللي يقدر ينظم حاجة زي دي بالسرعة دي. استعنتي بحد، صح؟”
همس بهزار: “كويس إنه أخد الخطوة بتاعته بسرعة، لو مكنش خدها مكنتش هعرف اتعامل.”
سبيدو بصلها بذهول، وسيف ضحك وباس همس بحب: “برافو عليكِ بجد.”
سبيدو ما قدرش يسكت: “تصدق إنكم لايقين على بعض، سبحان الله نفس الغتاتة.” قلدهم: “كويس إنه أخد الخطوة… برافو عليك.ِ.”
بعدها علق بغيظ: “إيه البرود ده؟ وبعدين أنا اللي عملت ده كله! بتحضنها هي؟ طيب أنا؟ أنا اللي عملت كل ده!”
سيف ضحك: “أحضنك إنت يعني؟ ولا أبوسك؟”
سبيدو بص له لوهلة، بعدها ابتسم: “لا يا سيدي، ولا تحضني ولا تبوسني، كفاية عليا أختك، أحضنها وأبوسها مش عايز منك حاجة.
الكل ضحك جامد، وسيف بص لهمس: “عرفتي بقى ليه مكنتش عايز أجوز أختي لحد من أصحابي؟ وخصوصًا لواحد لسانه متبري منه؟”
آية قربت منه وهي بتضحك: “سيبك منه، كل سنة وإنت طيب يا حبيبي.”
حضنته جامد وباست خده، وسبيدو قرب عايده هو كمان، بعدها شد آية جنبه. سيف مسك دراعها: “خليكِ جنبي هنا يا روحي.”
سبيدو بص له: “هو إيه ده؟ ما تركز يا عم على اللي في الحتة الشمال، بلاش الطمع هاه؟”
سيف ابتسم بمشاكسه: “أنا طماع فعلًا، أول مرة تعرف عني ده؟”
سبيدو بص لهمس: “ما تشوفي جوزك يا بتاعت خليكِ مسيطرة، ولا السيطرة حلوة على الغير؟ لاحسن ألغي باقي الليلة دي.”
همس بذهول: “إنت بتهددني؟ ده بجد؟ طيب وريني هتلغي باقي الليلة إزاي؟”
سبيدو بص لسيف بدهشة، وسيف ضحك، فبصلها بتحذير: “تحبي تجربي ألغيها بجد؟”
سيف انتظر يسمع رد همس الأول، فقالت بثقة: “إنت مش واخد بالك من حاجة مهمة أوي؟”
سبيدو بفضول: “اللي هي إيه؟ نوريني.”
همس بابتسامة ساحرة لسيف: “إن سيف موجود خلاص. مفيش حاجة تانية تفرق، ومحدش يقدر يعمل حاجة وهو موجود.”
سبيدو بص حواليه بهزار: “واحد كمانجة هنا لو سمحت، وشوية عصافير.”
سيف بصله بضحك: “امشي بقى علشان شكلك وحش أوي، كفاية لحد كده.”
سبيدو مسك دراع آية: “تعالي يا بنتي، أوريكِ القمر اللي مش عارف هو فين.”
سيف كان هيعلق، بس هوليا مسكت دراعه: “سيبهم في حالهم شوية، كل سنة وإنت طيب حبيبي.”
حضنها بحب: “روح قلبي.”
اتكلمت معاه شوية وهو عينه راحت لآية اللي بتضحك جامد على حاجة سبيدو قالها، فابتسم.
هوليا لاحظت وعلقت: “هو حد كويس. بعدين فيها إيه لما يقول تعالي أوريكِ القمر في ليلة مفيهاش قمر؟ عادي يعني.”
سيف ضحك وبص لفوق: “تصدقي فعلًا مفيش قمر ولا نجوم حتى.”
هوليا ضحكت: “إنت مش جوزتهالو خلاص؟ سيبه بقى يسعدها بالطريقة اللي يشوفها مناسبة.”
همس دخلت بينهم: “قوليله، لاحسن ده طابق على رقبيهم بطريقة أوفر.”
أنس جه يسلم على سيف ويعايده هو وبدر، وبتلقائية سألوه عن هند. بدر بص حواليه: “أعتقد راحت عند البوفيه.”
همس بتحذير: “قصدك إنها بتاكل كتير؟ مش بتاكل لنفسها ولإبنك؟ ولا هو…”
بدر قاطعها بسرعة: “هو أنا اعترضت؟ نطقت؟ قلت كلمة؟”
همس ضحكت: “بحسب.”
بدر بص لسيف وبتنهيدة: “قصيرة بس داهية.”
سيف ضحك: “لا تعليق.”
همس بتحدي: “لا، علق. لو عايز تعلق علق.”
سيف مسكها من دراعها وشدها عليه: “ما تهدي شوية؟ إنتِ عاملة زي الفتوة اللي طايح في الكل ليه؟ اهدي وارجعي للكيوته اللي كانت من شوية ومكنتش قادرة تشيل التورتة.”
همس عملت حركات بعنيها وكأنها طفلة بريئة، فأنس علق: “هو في حاجة دخلت في عينك يا هموس؟”
الكل ضحك وسيف رد عنها: “لا يا حبيبي، دي حالة هتروح لوحدها إن شاء الله.”
خاطر قرب من سيف وسلم عليه هو وفاتن، وبعدها ملك ونادر قربوا وعايدوا سيف وهمس.عز وسلوى كمان وصلوا، وكانوا فرحانين بفكرة همس جدًا، وسيف فرح بوجودهم. الطلبة كلها بدأت تقرب على مراحل وبيعايدوا سيف.
الدي جي اشتغل، والكل بيرقص ويتبسط في جو صاخب.
سبيدو شاور لبتاع الدي جي يوقف الموسيقى شوية، وبص لسيف: “دلوقتي ميعادنا نستضيف نجم حفل الليلة، اللي واثق إنه هيفرق معاك وجوده وخصوصًا للي مخططله بعد كده… خمن مين؟”
سيف بص له بترقب ورد: “الدخيلي؟ ده اللي ممكن يفرق معايا وجوده صراحة.”
سبيدو ابتسم وشاور بايده، فالإضاءة ركزت على حد نازل من عربية. كان مؤمن، وسيف راح لعنده وسلموا على بعض وفرح بوجوده.
سبيدو علق: “دلوقتي بما إن الكل موجود، تعالوا نتجنن أكتر.” طلع جنب الدي جي ومسك المايك: “معرفش تعرفوني ولا لأ، بس العبد لله كان أكبر منظم سباقات عربيات وهمية في الشرق الأوسط.”
شاور بيده فصوت عربية عالي قرب منهم، وسيف اتفاجئ إنها عربيته اللامبرجيني. نزل منها واحد من رجالة سبيدو وراح لسيف واداه المفاتيح.
سيف بص لسبيدو باستغراب: “إنت عارف إن محدش مسموح له يركب عربيتي دي ولا يحركها من مكانها؟”
سبيدو شاور على همس: “مراتك اللي جابت المفاتيح، ملناش فيه.”
سيف بص لهمس بعتاب، فهي علقت بدفاع: “كان لازم نجيب علاء الدين أمال هتتسابق بإيه؟”
سيف بصدمه: “هتسابق؟ مين قال إني هتسابق؟”
سبيدو رد عليه: “إنت ومؤمن وأنا، معملناهاش قبل كده، ومعاكم كمان ثلاثة من المحترفين: مارسيليو، ماكس، وبيتر. طلبتهم يشاركوا في سباق ودي، وما تأخروش.”
سيف بتحذير: “السباق برعاية مين يا سبيدو؟ وهيتذاع فين؟”
سبيدو بدفاع: “برعايتي الخاصة، وسباق ودي جدًا، ومش هيتذاع في أي مكان غير هنا.”
سيف بص لمؤمن، فمؤمن وضح: “هو قال فور فن بينا، مش أكتر. معرفش إن في حد من بره جاي يشارك فيه.
سبيدو نزل وانضم لهم: “دول أصحاب، والسباق ودي جدًا.”
همس دخلت في الحوار: “سيف، أنا اللي طلبت منه السباق ده. إنت بتحب ده، فقولت إنت وأصحابك المقربين وسطنا… مش سباق بجد، فيها إيه؟ قلقان من إيه؟”
سيف رد بجدية: “قلقان من الطلبة بتوعي اللي ممكن، أو مش ممكن… أكيد ألاقي بكرة السوشيال ميديا كلها بتتكلم عن السباق الغير مشروع اللي عملناه.”
سبيدو حاول يطمنه: “هيتكلموا عن عيد الميلاد اللي في الصحرا، مش السباق. وبعدين شلة أصحاب اتسابقوا، إيه اللي مش مشروع؟ ده مجرد فن، مش أكتر.”
مؤمن سأل سبيدو: “جبت الأجهزة اللي قلتلك عليها؟”
سبيدو أكد: “طبعًا جبتها.”
مؤمن شرح لسيف: “أجهزة شوشرة، مش هتخلي أي حد في نطاق 2 كيلو يقدر يصور أي حاجة. هنشغلها، فبالتالي كله هيكون مجرد كلام.”
سيف وافق: “تمام، خلاص، أوك، يلا بينا.”
سبيدو أخدهم لباقي المتسابقين، لكن سيف تأخر عنهم لأن همس مسكت دراعه، فهم سبقوه، وهو وقف معاها: “لو مش مرتاح لخطوة السباق، بلاها. أنا قلت دي حاجة هتسعدك.”
ابتسم وحط إيده على خدها بحب: “حبيبة قلبي وروحي وعمري كله، الليلة وهم… كل ما فيها حلو.” أضاف بتردد: “هي فيها عيب واحد بس.”
همس باهتمام: “إيه هو؟”
سيف قرب وهمس لها: “إني مش عارف أقولك بحبك بطريقة تليق بالليلة دي.”
باس خدها برقة، وهي ابتسمت، لكن قبل ما يبعد مسكت دراعه وهمست بخفة: “في هدية خاصة جدًا آخر الليل بيني وبينك، هتاخدها لو فوزت في السباق ده.”
ابتسم وبصلها بحماس: “طيب قوليلي إيه هي؟”
ضحكت برقة: “هتعرفها آخر الليل وإحنا لوحدنا.”
سيف بص حواليه لكل الناس الموجودة: “لوحدنا؟ إنتِ بتتكلمي في ساعات كتير أوي. همس، قولي.”
ضحكت: “إنت عمرك ما كنت فضولي. اصبر على رزقك، روح للناس منتظرينك يلا.”
باس خدها وبعدها راح لصحابه، بس عينه كانت عليها طول الوقت. سبيدو كان بيشرح خط السباق، ولاحظ إن سيف مش مركز فزعق: “عم الحبيب، مش عايز تفوز في السباق ولا إيه؟ ما تركز هنا.”
سيف بص لمؤمن: “الواد ده بيرغي في إيه من ربع ساعة؟”
مؤمن شاور على الخريطة باختصار: “هنمشي على الخط ده لحد ما نرجع، بس كده.”
سيف رد بهدوء: “سهلة أهي.”
سبيدو بغيظ: “أنا غلطان لاهلك، امشي على الخط ده زي ما قالك مؤمن.”
سيف، وهو بيتحرك، رجع لسبيدو وسأله: “هو مش ده خط السباق؟ مؤمن بيشتغلني علشان يفوز؟”
سبيدو رفع كتافه: “إنت مش بتثق فيه؟ بسيطة، روح اتكل على الله.”
سيف بص لمؤمن وبص للمتسابقين الثلاثة وسألهم عن خط السباق. الكل ضحك، حتى مؤمن، فعلق سيف: “والله أبدع لما أطلق عليك لقب الواطي.”
مؤمن بضحك: “هتوصل في الآخر لهنا، صح ولا غلط؟”
سيف بص لسبيدو بغيظ: “هتنطق ولا أخلي الحج عز وهو مروح آخر الليل ياخد باقي العيلة معاه؟”
سبيدو بذهول: “هو إحنا فينا من كده؟”
سيف بتأكيد: “ده أبو كده وأم كده وكده بذاته.”
سبيدو شد الخريطة وشرح خط السباق بالتفصيل، وسيف ركز معاه لحد ما خلص.
كل واحد راح لعربيته، وكل واحد بيهيص مع وقوف العربيات على خط البداية. فجأة، عربية سبيدو وقفت جنبهم، وحدف بوسة لسيف فابتسم وردها.
سبيدو بصوت عالي: “نتراهن؟”
سيف بص لاخته، وبعدها لسبيدو: “لأ، بس يكفيك شرف المحاولة.”
سبيدو: “ولو فوزت عليك؟”
سيف ابتسم وما ردش، ومستعد للسباق. مع سماع صفارة البداية، العربيات كلها انطلقت بسرعة.
همس عينها على عربية سيف، وعقلها بيرجع لها ذكريات بتحاول تكبتها لأنها مش وقتها، لكن غصب عنها، لامت نفسها: إزاي فكرت في فكرة غبية زي دي؟ السباق كان ممكن ياخده منها. توترت وهند قربت منها، مسكت إيدها تطمنها: “مالك يا همس؟”
همس أخدت نفس طويل: “السباق فكرته غبية، صح؟”
هند، وهي بتحاول تهديها، مسكت وشها: “ده مجرد سباق بين أصحاب، مش مخطط له. العربيات كل واحد في عربيته، مفيش حاجة تخوف. ده معاه سبيدو ومؤمن، مش حد غريب.”
همس بتوتر: “والثلاثة التانيين؟”
هند: “مش سبيدو قال إنهم أصحابه؟ مفيش حاجة تقلق يا همس.”
آية قربت منهم بهزار: “طيب، أنا دلوقتي أدعي لأخويا ولا لجوزي؟”
هند ضحكت: “قولي ربنا يوفقهم وخلاص. مش لازم تاخدي جنب. اتعودي تكوني حيادية بينهم، وبجد أوعي تختاري صف لأنك هتخسري الثاني.”
آية بجدية: “حتى لو ميالة لجانب واحد فيهم؟”
هند بجدية : “طبعًا ، لو نصرتي جوزك على اخوكِ فهتخسري اخوكِ ولو العكس هتزعلي جوزك فخليكِ ذكية وافضلي على طول بينهم حياديه واوعي تسمحي لحد فيهم يخليكِ تختاري صف ، من البداية وحطي خطوط وارسمي طريق بينهم بحيث ما يحطوكيش في النص بينهم ، خليهم دايمًا يبعدوكِ عن حواراتهم ويعملولك إنتِ حساب مش العكس ، اخوكِ يخاف يخسرك وجوزك يخاف يخسرك ، الموضوع محتاج بس شوية ذكاء منك في التعامل ، جوزك يحس انه الكون بما فيه واخوكِ يحس انه الكون بما فيه لكن الحقيقة إنتِ اللي مسيطرة وبتحطي شروطك وهما الاتنين بيمشوا عليها . “
آية ابتسمت وبصت لهمس: “بحسدك إن عندك أخت أكبر منك. ربنا يخليكم لبعض.”
همس بابتسامة: “هند دي أجمل حاجة في حياة أي حد.”
هند بحرج: “هتحرجوني والله.”
هوليا قربت ومعاها طبق فيه جاتوه وحلويات: “هند، سرقتلك دول تتسلي فيهم لحد السباق ما يخلص ونتعشى.”
هند بفرحة: “الله! أنا بحب ده أوي.”
همس ضحكت وبصت لهوليا بحب.
في السباق الكل كان بيتحرك بجنون وسرعة غير طبيعية، لكن سيف لاحظ إن مؤمن وقف على جنب، فاتصل بيه: “مؤمن، في إيه؟”
مؤمن رد بهدوء: “مفيش يا سيف، كمل. كاوتش عربيتي فرقع مش أكتر، مش هكمل السباق.”
سيف مش مصدق: “أرجعلك؟ أو أوقف السباق؟”
مؤمن بإصرار: “يا إبني لأ، مش هكمل. هغير الكاوتش وأحصلكم. سلام، ركز في سباقك.”
قفل الخط وسيف استغرب لأن عربيته ما حصلش فيها أي انحراف أو مشكلة تدل إن كاوتش فرقع، وده معناه إنه إختار يوقف وما يكملش.
موبيله رن، كان سبيدو: “مؤمن ماله؟ اتصلت بيه كنسل.”
سيف رد: “بيقول كاوتشه فرقع.”
سبيدو: “محصلش، كاوتشاته سليمة. هو وقف.”
سيف: “عارف، بس طلب مني نكمل.”
سبيدو: “طيب نوقف ونرجعله ولا نكمل؟”
سيف فكر لحظات: “نكمل، ولو ما جاش نرجعله.”
سبيدو: “تمام. تحب أسيبلك السباق تفوز فيه علشان طلبتك ومراتك اللي عملتلك الليلة دي؟”
سيف بذهول: “نعم؟ إنت تسيبلي السباق؟ هات آخر ما عندك يا عم الخِطر. قال يسيبلي السباق قال.”
الكل كان بيهيص لما شاف العربيات بتقرب. عربية سبيدو وسيف تقريبًا ماشين في خط واحد بسرعة جنونية، ووراهم الثلاث عربيات، كلهم جنب بعض بفاصل صغير جدًا. اللحظات الجاية كانت هتحدد مين اللي هيعدي خط النهاية الأول
في لحظة، الخمس عربيات عدوا خط النهاية لدرجة إن صمت تام سيطر على الكل، لأن مش واضح مين اللي فاز. العربيات كلها تقريبًا وصلت مع بعض.
خرجوا من العربيات ورجعوا للأضواء، سيف راح عند همس اللي رمت نفسها في حضنه، وحس إنها مرعوبة. استغرب وضمها: “مالك؟ في حاجة حصلت؟”
نفت بهزة من راسها وهي حضناه جامد.
سبيدو شغل الشاشة علشان يحددوا مين اللي فاز. شغل الكاميرات اللي عند خط النهاية تحديدًا، وبالتصوير البطيء الكل كان مترقب.
التصوير البطيء وضّح أول عربية لمست خط النهاية، وكان الفرق بينها وبين العربية الثانية يمكن ٣ ثواني فقط.
ونكمل بكرة
باسته تاني بعنف علشان يفوق، فـفتح عينيه بالعافية: “عايزة إيه طيب؟”
ابتسمت: “اصحى يلا، كلنا جاهزين وإنت نايم كويس؟ قوم.”
بص لساعته بنص عين، وبصلها، كانت بالفعل جاهزة: “إنتِ لابسة بجد؟”
اتعدلت بحماس: “آه، لابسة. شفت بحبك إزاي؟ وسيبتك نايم لآخر لحظة!”
بصلها شوية، بعدها علق: “ولنفترض إني عايز حاجة قبل ما ألبس وأخرج، إيه العمل سيادتك؟”
بصتله بذهول لأنها ما فكرتش في حاجة زي كده: “ما هو إحنا بالليل كنا…” (كشرت مرة واحدة) “بقولك إيه، مش وقته. قوم اتفضل. هو أصحيك مش نافع، أسيبك نايم مش نافع؟ إيه هو ده؟ أنا نازلة أشوف الفطار.”
سيف اتعدل بسرعة وحاول يمسكها: “بت!”
جريت بسرعة وقفلت الباب وراها. هو فضل في السرير بيفكر: هل وقته يطلع رحلة زي دي ولا ده أكبر استعباط ممكن يعمله في حياته؟
قام بتكاسل، لاحظ إنها مجهزة كل حاجة، فدخل يستعد زيها. شوية، وموبايله رن، كان سبيدو. بعد ما سلم عليه: “إنت واثق إن الخطوة دي صح؟ نمشي كلنا بالشكل ده؟”
سيف بحيرة: “والله ما عارف، بس ربنا يسترها. وبعدين ممكن آخر الليل نرجع أو الصبح، مش شرط نكمل للآخر معاهم. خلينا نعدي النهارده ونشوف الدنيا إيه.”
نزل واتفاجئ إن الكل جاهز ومستعد، فطروا بسرعة علشان يتحركوا، وآية ماسكة موبايلها. علق: “ما تتصليش بسبيدو، قولتله يقابلنا عند الجامعة، وإنتِ هتيجي معايا.”
آية اتضايقت وما علقتش، لكن همس علقت: “تصدق إنك رخم؟ ما كان جه خدها، هو اشتكالك؟”
سيف بصلها بتحذير: “ما تسكتي إيه رأيك؟ بعدين إحنا رايحين نفس المكان، واليوم كله هنفضل مع بعض، لازمتها إيه يجي هنا يعني؟”
ركبوا معاه واتحركوا للجامعة. همس نزلت قابلت أصحابها وعرفتهم على آية اللي كانوا عارفينها من الرحلة اللي فاتت.
سيف شاف منظم الرحلة والمشرفين، وكلهم رحبوا بيه وبعيلته. شوية ووصل سبيدو، خطف الأنظار بدخلته وعربيته ، وخصوصًا إنه دخل بسرعة ناحية سيف اللي كان مديله ظهره وبيتكلم مع الناس. الكل بعد، لكن سيف التفت بهدوء وفضل مكانه. سبيدو وقف قدامه بأقل من متر، وبصله من شباك عربيته: “ولو خبطتك يعني؟”
سيف بتهكم: “ده يبقى عيب على اسمك حتى.”
سبيدو ابتسم واتحرك بعربيته، ركنها ونزل يسلم عليه: “ما تقوليش هنركب أتوبيس مع الطلبة؟ فين عربيتك اللامبو؟”
سيف نفخ بضيق: “في البيت، وبعدين همس بتحب الأتوبيس وعايزة الكل مع بعض.”
بدر قرب بعربيته، فسبيدو علق: “وأختها الحامل دي مش هتتعب في الأتوبيس؟”
سيف بحيرة: “والله ما عارف، بس أخوها موجود معانا، زمانه على وصول.”
راح يستقبل بدر، وسبيدو راح لآية يسلم عليها. سلم على هوليا، وبعدها بص لهمس: “إزيك يا هندسة.”
همس سلمت عليه، وبعدها حضن آية: “يا هلا يا قمر.”
بتلقائية بصت ناحية أخوها اللي كان بيسلم على بدر وهند وأنس.
سبيدو حذرها: “ما تبصيش لأخوكِ وأنا معاكِ، إنتِ مراتي.”
آية بحرج: “لسه ما اتعودتش، معلش.”
ملك ونادر وصلوا ومعاهم خاطر وفاتن اللي كانت رافضة تيجي، لكن همس أصرت عليهم. مروان كمان وصل، وكلهم وقفوا مع بعض.
سيف اقترح: “إيه رأيكم؟ هتركبوا الأتوبيس ولا نتحرك بعربياتنا؟”
هوليا علقت: “رحلة يعني جمعة يعني أتوبيس، مش كل واحد لوحده.”
همس بعتتلها بوسة في الهوا: “حبيبي اللي بيفهم ده.”
سيف بص لها، وبعدها بص لبدر: “وبالنسبة لهند؟ إيه؟”
هند ردت: “مالي؟ أنا تمام معاكم.”
سيف لنادر: “مش أفضل تركب عربية ولا إيه؟ لتتعب؟”
نادر بص لأخته: “لو أمورها تمام فعادي، مش هيفرق أتوبيس من عربية.”
سيف باستسلام: “أوك، اركبوا يلا الأتوبيس براحتكم.”
الكل بدأ يركب، وهوليا قعدت هي وأنس جنب بعض، وكل واحد جنبه مراته. شلة همس كلها ركبت، واتفاجئت بمايا ومعاها نانيس وهايدي وشلتها كلها، لكن همس ما اهتمتش بيهم.
بصت لسيف تحت كان واقف مع محمود السمري ومعاه مراته منى. راحت تسلم عليهم، وبعدها انضم لهم مهندس حامد اللي بيديهم مادة سيف في السيكشن. همس أخذت منى وطلعت الأتوبيس وسابت سيف معاهم.
الاتوبيسات بدأت تتحرك وسيف لسه مركبش، فسبيدو قام وقف على الباب يشوفه: “ما يلا يا عم الصياد؟”
سيف جه بسرعة، وسبيدو مد إيده شده ودخلوا مع بعض.
همس كانت قاعدة أول صف وقصادها هوليا وأنس. سيف بص لسبيدو: “إنت قاعد فين ياض؟”
سبيدو بضحك: “الصف اللي قبل الأخير.”
سيف بص له بذهول، وسبيدو ضحك جامد: “يا عم خلاص، بهزر، وراك بصف أهو.”
سيف بغلاسة: “طيب ما تبدل مع هوليا وأنس؟”
سبيدو بص لهم، وبعدها بص لسيف: “أنا عارف إنه يوم مش هيفوت.” ربت على كتف سيف: “ما تقعد جنب مراتك وتخليك في حالك، إيه رأيك؟ إنت قولت مش طالع مشرف، صح؟ خليك في حالك وكل عيش.”
سيف ضحك: “إنت بتقولي أنا آكل عيش؟ ده بجد؟”
سبيدو: “شوفت بقى؟ أنا أصلًا قولتلها نروح بعربيتي، قالت لا نركب معاهم.”
سيف بضحك: “فيها الخير والله.”
الاتوبيس اتحرك، وشوية والكل بدأ يهيص ويرقص على الأغاني اللي اشتغلت.
همس كانت منتظرة سيف يتحرك ويشارك الناس، لكنه كان قاعد مكانه، علقت: “ما تقوم نهيص مع الناس دي؟”
بصلها بنبرة هادئة: “قومي، هو أنا مانعك؟”
بصتله باستغراب: “مالك؟”
رد بنبرة عادية: “مفيش، عايزة تقومي تهيصي معاهم، قومي.”
همس حاولت تخفف الأجواء: “مصُدع وعايز مسكن؟ أجيبلك؟”
نفى: “لا، مش مصدع، بس مش طالبة معايا قومان، روحي انضمي ليهم إنتِ.”
إحساسها قال لها إن في حاجة مش طبيعية، لكنها مش قادرة تحددها، فقعدت وربعت إيديها: “خلينا قاعدين، إيدينا على خدنا.”
شوية وآية هجمت عليهم: “أوعى تقولي مصُدع. المرة اللي فاتت كنت بتتحجج عشان تقعد جنبها، والمرادي؟”
ابتسم بخفة: “بقولها تقوم، هي اللي مش راضية، أعملها إيه؟ أشيلها غصب؟”
همس بصتله بذهول: “أنا برضه اللي مش راضية؟ ولا إنت اللي عايزنا نقعد كده؟”
بهدوء قال: “ما تقومي، طيب. أنا مسكتك؟ قومي يا همس براحتك.”
آية استشعرت التوتر: “تعالي يا همس، سيبيه. شوية وهو هيحصلنا. تعالي.”
همس كانت هترفض، لكن آية شدتها تقوم معاها، فقامت وهو دخل مكانها لجوه .
آية، وهي ماشية معاها: “في إيه؟ هو مالُه؟ شديتوا ليه؟”
همس بحيرة: “معرفش ماله. مرة واحدة قاعد زي ما إنتِ شايفاه، مش عايز ينطق ولا يتكلم ولا يقوم. وبيقولي: قومي انتِ براحتك. بذمتك إنتِ شايفاه طبيعي؟”
آية بنبرة متفهمة: “لأ، بس سيبيه شوية، هيفك ويقوم. ولو في حاجة هيقولك. تعالي، الجو هيعجبك والهزار على آخره.”
همس مسكت دراعها بتردد: “شلة مايا ونانيس، مش بحبهم.”
آية استغربت: “ليه؟ دول غيرانين منك.”
بذهول وضحت: “يا بنتي، مش هم اللي رفعوا علينا قضية أنا وسيف وخلونا اتحولنا للتحقيق؟ ولا نسيتي؟ مايا ونانيس وهايدي.”
آية تذكرت: “آه، نسيت والله. إيه الغباء ده؟ بس إحنا مش بنتكلم معاهم أصلًا. إحنا كده أصحابك وبس. هم واقفين على جنب، بيرقصوا مع نفسهم.”
هوليا قررت تتدخل، راحت قعدت جنب سيف: “مزعل همستك ليه؟”
رد باستغراب: “مزعلها ليه؟ هي زعلانة؟ هو يا أقوم أهيص مع الناس يا أبقى مزعلها أو زعلان؟”
هوليا بنبرة تأكيد: “يعني مش زعلان ولا مزعلها؟ قاعد بس كده؟”
ابتسم: “بالظبط كده. قومي انضمي ليهم يلا.”
قامت انضمت لهم، وسبيدو جه قعد جنب سيف، لكن قبل ما يتكلم، سيف حذره: “لو قولت زعلان ليه، هضربك.”
سبيدو قفل بقه على طول وغير الموضوع: “لا يا عم، ما تزعل ولا تتصالح. المهم…”
بصله سيف باستفسار: “إيه المهم؟”
سبيدو بحذر: “مايا وشلتها نظراتهم مش لذيذة، وبيحاولوا يتكلموا مع آية. أمنعها ولا أسيبها؟”
سيف سأله: “هي مش عارفة حكايتهم؟”
رد بتردد: “معرفش.”
سيف نصحه: “طيب عرفها وخليها تحترس منهم.”
وصلوا لاستراحة، والكل نزل على الكافيتيريا. سيف طلب قهوة له ولـهوليا، وكل واحد طلب حاجة مختلفة. قعدوا على تربيزة كبيرة، وشوية وانضموا البنات اللي دخلوا الحمام يظبطوا نفسهم.
همس قعدت جنب سيف: “أطلبلك إيه تشربيه؟”
بصت لعينيه: “إنت بتشرب إيه؟”
جاوبها : قهوة ، اطلبلك إيه إنتِ؟
ردت: “ولا حاجة، شكرًا.”
الاتوبيس زمّر، والكل قام يرجع مكانه. سيف استنى لحد ما الكل ركب، وهمس كانت واقفة جنبه ساكتة لحد ما الاتوبيس اتحرك. وهي بتطلع، مسك دراعها: “أنا مفيش حاجة مضايقاني عشان تضايقي نفسك ولا تقعدي جنبي ولا تبعتيلي حد كل شوية. الموضوع ببساطة مش طالبة معايا هزار ورقص وسط الطلبة، فشوية وهفك. ما تقلبيش وشك وتعملي حوارات وأفلام في دماغك من لا شيء.”
بصتله كتير بشك، بعدها ردت: “براحتك طبعًا.”
طلعت، وهو وراها. قعدوا مكانهم، والمرادي هي ما اتحركتش من جنبه، بالعكس، غرقت في النوم وهو ريح راسها على كتفه.
آية راحت لهمس لقتها نايمة جنب سيف، فبصت لأخوها بملامح مستغربة: “تصدق إنك رخم؟”
بصلها من غير ما يرد، فقررت تكمل: “نومتها وارتحت؟ قال إيه الستات نكدية!”
رد عليها بغيظ: “ما تروحي تشوفي جوزك، نكدي عليه طيب.”
آية حست بالاستفزاز بس ردت بتحدي: “لا، هروح أدلعه مش أنكد عليه. خليلك إنت النكد.”
نظرته لها كانت كافية تخليها تتراجع بخوف، فبعدت عنه وراحت لسبيدو مكشرة.
سبيدو شافها وضحك: “إيه؟”
ردت بضيق: “غاظني! بقوله قال الستات نكدية، قالي روحي نكدي على جوزك، فقولتله هروح أدلعه خليلك أنت النكد. حسيته هيضربني.”
سبيدو ما قدرش يمسك ضحكته: “وما ضربكيش بجد؟”
ضحكت معه: “همس نايمة على دراعه، معرفش يقوم.”
سبيدو ضحك أكتر، بعدها قعد مكانه وقال بهزار: “طيب ما تعملي زيها، تعالي على دراعي.”
آية ضيقت عينيها وبصت له باستغراب: “هو حد قالك إني جاية الرحلة دي أنام؟ ده تلاقيه قهرها، علشان كده نامت المسكينة. البت بتجهز للرحلة من إمتى، وآخرتها تنام؟”
سبيدو شدها تقعد جنبه: “اقعدي بقى بدل ما إنتِ واقفة فوق راسي كده.”
قعدت جنبه بغيظ، وبعد شوية علقت بتهكم: “المفروض يعني أحط راسي على كتفك وأنام بقى، ولا إيه؟”
بصلها سبيدو وفتح بوقه كأنه هيرد، لكنه غير رأيه وبص قدامه بدون ما ينطق. آية ابتسمت، وبعد لحظات، سندت على كتفه وهو ابتسم بهدوء من غير ما يعلق.
سيف كان قاعد وهمس نايمة على كتفه، طلع موبيله وفتح الواتساب. يقرأ الرسالة تاني للمرة اللي مش عارف عددها :
“بلاش المحاكمة، وقفنا قصاد بعض بما فيه الكفاية. إنت جرحتني بخيانتك. مكنتش عارفة بمخططات بابا كلها، ولما عرفتها كان بعد ما عرفت بوجود حبيبتك وخيانتك ليا. وأوعى تقول إنها مش خيانة، لأنها خيانة. طالما حطيت خاتم في إيدي وروحت تحب غيري دي اسمها خيانة، حتى لو تعرفها قبلي. أنا ولا ضربتك على إيدك ولا جبرتك تيجي تخطبني. جرحتني وحاولت أنتقم منك، آه ممكن أكون تماديت، بس إنت كمان ما سكتش. بلاش نفضح بعض قدام المحكمة والصحافة. لو عايز تظهر فيديوهات بابا، اظهرها. أنا وماما أصلًا فصلنا نفسنا عنه. هتفضحني وهفضحك، فخلينا نوفر الفضايح دي. براحتك، بس مستعدة للمحاكمة.”
بعدها وصلته رسالة تانية: “تذكرة بسيطة لزمان.”
معاها كذا رسالة عبارة عن صور ليهم مع بعض من أيام زمان، الصور اللي لما شافتها همس قبل كده زعلت منه.
سيف قفل الموبايل وهو مضغوط، وعقله بيراجع كل اللي حصل السنة اللي فاتت.
الاتوبيس وصل، وسيف قرر يصحي همس. حركها بهدوء، وهي اتعدلت بتفرك رقبتها من التعب.
سألته وهو بيدلك رقبتها: “فكيت ولا لسه؟”
ابتسم في وشها: “أنا مش عارف ليه مصرة اني قافل؟ انا عادي يا روحي؟”
اتنهدت باإحباط، لكنها قررت تستسلم: “براحتك يا سيف، براحتك.”
نزلوا وبدأ التسكين، وكل واحد راح الشاليه بتاعه. سيف وصل همس للشاليه بتاعهم، وبعدها خرج يطمن على أخته ويتأكد إن الكل دخل أوضته واستقر. وهو واقف بره شافه سبيدو، وقفه: “إيه؟ هتفك إمتى؟”
سيف رد ببرود: “فاكك أهو.”
سبيدو مط شفايفه: “If you say so. أنا هروح أشوف البونية غيرت هدومها ولا… ” وقفه قبل ما يمشي: “أوعي تكون أختك بتلبس بكيني والليلة الحمضانة دي؟”
سيف ضحك: “بقولك إيه، مش بقت مراتك؟ تعامل إنت.”
سبيدو بغيظ: “والله لو…”
قاطعه سيف: “إياك تحلف عليها، فاهم؟”
سبيدو باستنكار: “ده مش حلفان عليها. (كمل بهزار) ده توعد.” ضحكوا الاتنين، وبعدها سبيدو بجدية: “مش هتقول مالك بقى؟ بقى الشبر ونص دي مزعلاك للدرجة دي؟ ده حتى الرحلة دي كلها وجرتنا كلنا علشانك، إيه بقى؟”
سيف نفخ بضيق: “الشبر ونص ملهاش دعوة.” بصله بشوية استغراب: “بعدين إيه شبر ونص دي؟”
سكتوا شوية، وبعدها سيف طلع موبيله وفتح الرسالة، وإداها لسبيدو. سبيدو قرأها وبصله: “إيه يعني؟ مش فاهم؟ حنيت لها يعني ولا إيه؟”
سيف باستنكار: “حنيت إيه يا فصيح إنت؟”
سبيدو: “ما هو مش فاهم! طيب مالك؟ مالها الرسالة؟ خايفة وبتستعطفك، فإيه بقى؟”
سيف سكت شوية وبعدها اتكلم: “أنا فعلًا خنتها. مش يمكن كل اللي حصل ده أنا اللي اتسببت فيه؟ كانت دكتورة وناجحة، شوف دلوقتي وصلت لإيه.”
سبيدو باستغراب: “هو إنت اللي قولت لأبوها تعال اعرض بنتك ؟إنت اللي قولتله اطمع في شركة غيرك؟ إنت اللي قولتله حط بنتك وسط خططك القذرة واعرضها للبيع؟ إيه يا سيف؟ وبعدين يا سيدي حتى لو خنتها، هو كل واحد بيخون واحدة بتروح تقتل؟ سيف، إنت ظروفك كانت كده، ما تعمدتش تخونها ولا تعمدت تخبي عليها. كل دي أمور كانت خارجة عن إرادتنا كلنا، مش إنت لوحدك. بعدين مش هي كانت معجبة بنادر أخو همس؟ ولا دي نسيتها؟ وبعدها اتخانقت معاه لما خطب ملك؟ طيب محاولتها لقتل همس؟ وبعدها الفيديو اللي صورته يوم فرحك؟ إيه؟ عايز حد يفكرك بكل مصايبها؟”
سيف كان بالفعل مفكر في جانب واحد، ونسي كل الباقي. كان محتاج حد يفكره بكل المصايب دي.
سبيدو كمل: “شذى مش مظلومة يا سيف. هي ظلمت نفسها، وأبوها قبلها ظلمها، مش إنت. عارف تبقى ظلمتها إمتى؟ لو كنت قولتلها بحبك ومش هقدر أعيش من غيرك وأوهمتها إنك بتحبها وعايز تتجوزها بجد. ده إنت حتى ما روحتش مرة واحدة بيتها تزورها إلا وإنت مجبر، ولا أخدتها مرة عزمتها على عشا، ولا جبتلها هدية واحدة. وبالرغم من كل ده هي كانت مكملة. شيل من دماغك قصة ظلمتها، وحط في دماغك البونية اللي فوق دي، اللي مجرد إنك سكتت دنيتها كلها ظلمت في وشها. دي أولى تسعدها.”
سيف ابتسم بتقدير لصاحبه: “أنا أصلًا مش عارف إزاي وافقتها نيجي الرحلة دي كلنا كده. ربنا يسترها.”
سبيدو: “أنا هروح أشوف البونية دي، لتلبسلي مايوه. أقسم…”
سيف بصله بتحذير، فقطع سبيدو كلامه: “من غير حلفان! هطلع أشوفها وأجيبلها بدلة غطس حلوة تلعب بيها.”
سيف: “الله معك.”
سبيدو خبط على باب أوضة آية، فتحتله هوليا بابتسامة: “آية هتنزل ولا لسه يا لولي؟”
فتح الباب بتردد ولحظة وطلعت آية لابسة مايوه قصير بحمالات وظهره مكشوف. اتصدم في الأول لكنه بسرعة تمالك نفسه وعلق بابتسامة: “مش هتلبسي ولا إيه؟ هتنزلي كده ولا هنفضل هنا؟”
آية استغربت وشكله خلاها مش فاهمة هو بيستعبط ولا مش فاهم، فحطت طرحة خفيفة فوقه وتحدته: “أنا جاهزة كده.”
بصلها لفترة قبل ما يرد بهدوء: “ادخلي البسي حاجة علشان ننزل، انجزي.”
آية بعناد: “ما أنا لابسة.”
بلهجة صارمة: “ياريت تخلصي بسرعة. عارف سيف كويس، عمره ما هيقبل إنك تنزلي كده.”
حست بغضب واضح إنها مش عارفة تضحك عليه، فربعت إيديها بغيظ: “ما تسيبني أضحك عليك! إيه الرخامة دي؟”
سبيدو ضحك وقرب منها، رفع وشها: “حبيبتي الغضبانة دي. أضحكي عليا في حاجة تتصدق شوية، مش دي. وبعدين، أنا لسه هعرفك امبارح؟ يا بنتي، أخوكِ صاحبي من سنين. عارفه، وعارف طباعه، وعارف يقبل إيه ويرفض إيه. أضحكي عليا في حاجة تانية. يلا، ادخلي جهزي نفسك.”
سيف دخل الشاليه واستغرب إنه فاضي. دور عليها، ملقاش حد، لكن لمح ورقة على التسريحة مكتوب فيها: (نزلت البحر مع هند وملك).
غير هدومه ونزل يدور عليها. الطلبة اتلموا عليه عايزينه يلعب معاهم بس وقفهم : الأقي همس الاول وبعدها نشوف حكاية اللعب والمسابقات دي .
شاف هالة وسألها: “شوفتيها؟”
هالة بصت حواليها: “كانت ماشية على البحر من شوية.”
بص ناحية البحر واتحرك يشوفها فين ، سأل هند و ملك اللي قاعدين مع خاطر وفاتن بس محدش كان عارف مكانها بالتحديد. مايا شافته بيدور: “هربت منك ولا إيه يا دكتور؟”
تجاهلها، لكنها علت صوتها: “كانت قاعدة على آخر الجسر الخشب ده تحت المظلة. شوفت بقى أنا بحبك إزاي؟ ما بيهونش عليا تدوخ وإنت بتدور عليها.”
بصلها بتهكم: “لا، فيكِ الخير.”
راح ناحية الجسر، وكان في حد قاعد آخره. لما قرب شافها قاعدة على السلم ووشها للبحر. قعد جنبها: “عارفة بقالي قد إيه بدور عليكِ؟”
ردت بدون ما تبصله: “عارف بقالي قد إيه منتظراك؟ فعادي يعني.”
احترم صمتها شوية وبعدين سألها بهدوء: “مالك؟ قفلتي ليه كده؟”
صمتت فترة وبعدين علقّت: “إيه؟ دلوقتي فتحت وعايز تتكلم؟”
باس كتفها بمحبة: “همستي، ما تقفليش يا روحي. أنا بس مكنتش طالبة معايا.”
قاطعت كلامه بحدة: “وأنا كمان مش طالبة معايا.”
استغرب: “مش طالبة معاكِ إيه بالضبط؟”
بصت له بعناد: “نفس اللي مكنش طالب معاك من شوية. مكنتش عايز تتكلم؟ عايز تبقى لوحدك؟ مش طايق حد؟ الكوكتيل ده بالظبط مسيطر عليا دلوقتي.”
قرب منها وحط دراعه حواليها، ضمها لحضنه رغم مقاومتها. كل محاولتها إنها تبعده انتهت لما دفنت وشها أكتر في حضنه. بحب علق: “أنا آسف لو كنت غبي معاكِ شوية. حقك عليا. مكنتش متعمد أضايقك، بس غصب عني. اتنرفزت وقفلت شوية. بس روحي، أنا ما تأخرتش. كنت بطمن على الكل إنهم استقروا في أوضهم.”
رفعت وشها وبنبرة جدية: “ينفع تقولي إيه اللي مضايقك؟ ولا ده سر من أسرارك الكتير اللي هتفضل تأجلها؟”
حيرته كانت واضحة. شذى والرسائل اللي وصلته مش عارف يقولها ولا يبطل يفكر فيهم. همس لاحظت حيرته، فبعدت نفسها عنه: “ما تقولش خلاص. مش محتاجة كل الحيرة دي.”
بصلها بحب: “ليه مش فاهمة إني لو بخبي حاجة، فده علشانك انتِ؟ مش عايز أضايقك بأمور ملهاش لازمة. مش عايزك تزعلي ولا تشيلي هموم معايا. مشاكل الشغل والبيت والأعداء حوالينا مش عايزك تدخلي فيها. كفاية أوي اللي اتحملتيه معايا من يوم ما عرفتك.”
بصتله بحدة، مستنكرة تفكيره: “إيه نوع الزواج اللي فيه الزوج يشيل كل الهموم والمشاكل ويبعد مراته عنها؟ أنا مراتك يا سيف، شريكتك، الشريك حتى في البيزنس بيشارك في الخسارة والمكسب. عمري ما شفت شراكة في المكسب بس، وإلا يبقى استغلال. مراتك يعني معاك في الحلوة والمرة. كلامك وتفكيرك دول ما ينفعوش. ما ينفعش تشاركني الضحك والحب والرحلات وتجنبني مشاكلك كلها. كده مبقتش زوجة، كده بقيت حاجة تانية، وأقل وصف لها إني عشيقة. العشيقة الراجل بيهرب لها شوية يقضي معاها وقت حلو بعيد عن مشاكله، وأنا مش عايزة أكون كده.”
استغرب من كلامها: “يعني علشان عايز أسعدك ومش عايز أشيلك هم أبقى غلطان يا همس؟”
أكدت بسرعة: “طبعًا غلطان. تخيل لو عندي مشاكل في الجامعة أو متخانقة مع أصحابي ومخنوقة، وأرجع البيت وأقولك مفيش حاجة، وسيبني لحد ما أروق وبعدها أقولك إن مشاكلي ملكش دعوة بيها. هيكون إحساسك إيه؟”
حاول يوضح: “مش هينفع، لأن أنا المسؤول يا همس، سواء عن بيتنا أو حياتنا، دي مسؤوليتي.”
رفضت منطقه بإصرار: “أنا رافضة التفكير ده. لو مش هشاركك في مشاكلك وحياتك كلها، فمش عارفة صراحة إيه الحل. بس اللي عرفاه إني عايزة حياة كاملة معاك، كاملة بكل ما فيها. مش عايزة نص حياة. برفض النص حياة. الحياة فرح يوم وهم عشرة، مش عايزة اليوم ده لو هخسر قصاده عشرة.”
سكتت، محبتش تضيف حاجة، وبعد لحظات من الصمت، حسّت إنها مخنوقة وقررت تقوم تقعد مع أصحابها أو إخواتها. بس قبل ما تتحرك، مسك دراعها ومنعها: “شذى بعتتلي رسالة ضايقتني. عايزاني أتنازل عن القضية، وبتقول كفاية فضايح. ده اللي ضايقني. واتهمتني إني خاين.”
بصتله بحدة: “خاين لمين؟ وخاين إزاي؟ إنت محبتهاش ولا ضحكت عليها.”
بضيق رد: “بس خبيت عنها إني بحب غيرها. خطبتها وفي واحدة غيرها في قلبي. خطبت واحدة وأنا بحب غيرها. لو ده مش تعريف الخيانة، يبقى مش عارف هو إيه؟”
سكتت مش عارفة تقول إيه، مش قادرة تنكر إنها شايفة وجهة نظره، ولا عايزة تأيد. الصمت كان سيد الموقف. لاحظ صمتها وحيرتها، فعلق: “شوفتي ليه مكنتش حابب أقولك؟ هتتضايقي وتتخنقي من موضوع أنا أوريدي تخطيته. يعني أنا اتضايقت طول الطريق وحللت الموضوع، ودلوقتي فوقت منه. إنتِ لسه هتبدئي فيه. علشان كده مش بحب أقولك كل حاجة. مش خوفًا منك تعرفي، لكن خوفًا عليكِ. وده فرق كبير يا همس.”
حاولت تعترض، بس عرفت إن عنده حق في كلامه. بهدوء علقت: “لو عايز تتنازل، أنا معنديش مانع ومش هيفرق معايا.”
بصلها باستنكار: “لا طبعًا مش هتنازل. التفكير مضايقني، بس هي عملت كتير، ولازم تتعاقب. همس، إحنا ممكن نقعد نتكلم عن شذى كتير، وممكن نقوم نتبسط. ده قرار مطلوب مننا ناخده حاليًا. جبتينا الساحل هنا، البحر قدامنا، وشكل المية فوق الرائع. فهل هننبسط ولا هنسمح لشذى تضيع اليوم اللي طالعينه؟ قرري يا روحي، هنعمل إيه؟”
أنس بيتلفت بعينيه، فبدر سأله: “بتدور على مين يا أنس؟”
رد عليه بأنظاره الطايرة: “عمو سيف.”
بدر وقف جنبه: “إنت محتاج حاجة منه؟”
أنس هز رأسه: “لا، بس عايز اتسابق معاه. المرة اللي فاتت ما اتحسبتش، اللي اسمها شذى دي قطعت السباق علينا.”
بدر مسك دراع إبنه وخلاه يواجهه: “إنت عارف سيف مشغول إزاي يا أنس، صح؟ طبيعي حبيبي لو عنده يوم إجازة يكون محتاج يقضيه مع مراته، زي ما هي كمان محتاجة جوزها معاها. طالما اختفوا وبعدوا عن الأنظار، فده لأنهم عايزين يكونوا لوحدهم، وما ينفعش أي حد يتطفل عليهم. سيف عمره ما هيكسفك أو يضايقك بكلمة، بس إنت لازم تبقى حساس في الأمور دي. هو هيجي وهيلعب وهينزل المية وسطنا كلنا، ساعتها اعمل اللي إنت عايزه، لكن طالما هو واخد جنب يبقى نسمحله بشوية من الخصوصية اللي هو عايزها.”
أنس بتفهم: “تمام، أنا مفكرتش كده صراحة. حاضر يا بابا، مش هدور عليه. ينفع ألعب في الأكوا لحد ما يظهر؟”
بدر ابتسم لتفهمه: “براحتك يا حبيبي.”
أنس بحماس: “كنت هقولك تعال معايا، بس أكيد إنت وهند محتاجين شوية من الخصوصية دي، خدها واتمشوا شوية لوحدكم.”
فاتن علقت وهي تضحك: “أيوه، قومي اتمشي. المشي حلو ليكِ.”
هند ردت: “هند مش قادرة لا تتمشى ولا تتكلم. خلوني قاعدة هنا باسترخاء، وإنت خد أبوك واقطع نفسه في الزحليقة العالية دي.”
بدر ابتسم: “ما تيجي تتزحلقي معانا طيب؟”
هند ضحكت: “هتلاقيني نازلة في حتة والبيبي في حتة. ده اللي عايزه يعني؟”
باس إيدها بحنية: “بعد الشر عليكم إنتو الاتنين.”
أنس بفضول: “هو ممكن الألعاب دي تضرك يا هند بجد؟”
هند بصت ناحية الألعاب: “أعتقد آه يا أنس، حتى هتلاقي مكتوب عليها تحذيرات للحوامل. خد بابا والعبوا براحتكم.”
وصل عندهم نادر وملك، بيتناقروا على حاجة. ملك قعدت جنب هند: “روح مع أنس، طريقك أخضر.”
هند بصتلها باستغراب: “يروح فين مع أنس؟”
ملك شاورت على الزحليقة: “عايز نطلع نتزحلق، بقوله لا سني ولا لياقتي يسمحولي.”
هند ضحكت وبصت لأخوها: “روح مع بدر وأنس، يلا طريقكم أخضر.”
أنس بص لنادر: “عمو نادر، هو فعلًا الزحليقة دي غلط على هنود وهي حامل؟”
نادر بتأكيد: “طبعًا غلط وممكن تضرها هي أو البيبي. (بص لملك) بس اللي مش حوامل مش غلط عليهم. دي هتنشط الدورة الدموية وهتعلي الأدرينالين عندهم.”
ملك بتريقة: “روح علي الأدرينالين بتاعك براحتك. أدريناليني عاجبني زي ما هو.”
وصل سيف وهمس، وأنس أول ما شاف همس ناداها: “هي هموس البطلة!”
همس أكدت بابتسامة: “أنا بطلة فعلًا، ده لا شك فيه. بس في إيه يا أنوس؟”
نادر شاور على الزحليقة: “تيجي تطلعي معانا الزحليقة دي؟”
همس بصتله بمنتهى السخرية: “طبعًا، ممكن أطلع، وأكيد في يوم من الأيام هطلع. بس حاليًا أنا شايفة الشيزلونج قدامي وبفكر هطلع عليه إزاي من كتر الإرهاق.”
ملك شدت شيزلونج جنبها: “تعالي يا بنتي، مددي. سيبك منهم.”
همس قعدت على الشيزلونج: “أنا واحدة خارجة من امتحانات، مش عايزة غير إني أستجم وآكل وبس.”
أنس بص لسيف: “ما تقول حاجة يا عمو سيف، إنت هتسيبها بجد تفضل قاعدة كده؟”
سيف حط إيده على كتف أنس: “همس يا حبيبي تاخد المرتبة الأولى في الكسل، تعال نروح نجربها، يلا.”
همس رفعت النظارة بتاعتها: “إنت هتروح تجربها بجد؟”
سيف بتأكيد: “آه، تيجي؟”
همس بصت للسلم بتردد: “هتشيلني السلم ده كله لفوق؟ دول يجي تلات أدوار؟”
سيف بص للسلم وبعدها بصلها بابتسامة: “أنا بقول الراحة حلوة ليكِ يا روحي. ارتاحي جنب هند، مش حلو تسيبيها لوحدها.”
نادر علق: “ما تقومي يا ملك. طيب هند وحامل، وهمس خارجة من امتحانات عايزة تستجم، قومي بقى معايا إنتِ.”
همس بصتلها بضحكة: “قومي مع جوزك يا بنتي، ده إنتِ لسه عروسة. ما تبصيش لينا، إحنا قدمنا خلاص.”
سيف بتهكم: “مين دول بالظبط اللي قدموا، هاه؟ هند أختك اللي متجوزة من يجي ستة ولا سبعة شهور؟ ولا إحنا اللي من شهرين تلاتة؟ مين بالظبط؟ حددي.”
همس ردت بثقة: “طالما خلص شهر العسل فخرجنا من حيز العرسان.”
سيف بص لأنس: “يلا، علشان بس الضغط عندي بيعلى اليومين دول بسرعة.”
قاطعه صوت آية من وراه: “يلا فين؟ معاكم؟”
سيف ابتسم وهو بيشاور: “على الزحليقة العالية دي.”
آية تراجعت بسرعة: “الله معكم، هشجع من تحت. سبيدو يطلع معاكم، قلبه ميت.
سبيدو بص لها من تحت نظارته: “مين ده اللي قلبه ميت؟إنتِ عايزاني أطلع أتزحلق وأصوت زي اللي بيصوتوا دول؟”
كلهم ضحكوا وهمس اتعدلت بحماس: “آه، تصدق؟ أنا هصوركم، يلا اطلعوا وأنا هوثق تلك اللحظات في ذاكرة التاريخ.”
سيف بتهكم: “مش كنتِ هلكانة ومفرهدة وعايزة تستجمي وبس؟ خليكِ مستجمة.”
همس قامت: “وأسيب تسجيل تلك اللحظات النادرة؟ قدامي يلا، منك له لها له. قومي يا بنت يا ملك، إحنا هنسيب هند علشان معاها حجتها.”
فاتن اقترحت: “طيب،إنتِ اطلعي مع جوزك وأنا هوثق تلك اللحظات النهارده.”
همس كشرت شوية، بس بعدها ابتسمت: “ست الكل، مش عايزين نتعبك.”
اتحركوا، ونزل أول واحد أنس وبدر، وهمس صورتهم وهما بيصوتوا الاتنين.
فوق، آية وسبيدو وملك ونادر بيتعازموا على بعض مين ينزل الأول. أخيرًا نزلت آية وسبيدو، وبرضه اتصوروا وهما نازلين، خصوصًا إن آية ما بطلتش صويت ولو لحظة. وقعوا في المية الاتنين، وسبيدو بيشدها يعدلها وطلعوا بيضحكوا.
همس ضحكت: “صورتكم وإنتو بتصوتوا.”
سبيدو اتكلم بضحك: “أنا طبلة ودني باظت خلاص، إيه يا بنتي الصوت ده؟”
آية ردت عليه: “اسكت بقى علشان انت ما صوّتش معايا.”
سبيدو بضحك أكتر: “يعني كنت هصوت بس ضحكت عليكِ، أعمل إيه؟ المهم تعالي نطلع تاني، عجبتني.”
آية باستنكار: “لا يمكن، نشوف حاجة هادية.”
همس شاورتلهم: “ملك ونادر أهم.”
كلهم راقبوهم وهما بيصوتوا لحد ما اتقلبوا في المية، والكل بيضحك عليهم.
سيف كان بيشد همس، لكنها رافضة تمامًا. كذا حد من الطلبة اتلموا عليهم، وبنت قربت: “دكتور، أنا ممكن أطلع معاك لو همس مش راضية؟”
سيف بص لها بذهول، وهمس نفس الشيء، بس قبل ما يرد، بنت تانية اتكلمت: “أنا يا دكتور!”
كذا واحدة اتكلمت، وكل واحدة تقول “أنا”، وهمس عندها ذهول.
سبيدو من ورا سيف: “لو مكانك آخد مع كل واحدة لفة.”
همس بصتله بغيظ، وبعدها بصت لآية: “ما تلمي جوزك يا حجة إنتِ.”
آية قربت باستغراب: “هو قال إيه جوزي ده؟”
همس بغيظ أكتر: “بيشجعه على الرذيلة.”
سيف رد بهدوء: “الرذيلة مرة واحدة؟ بعدين، ما هو عنده حق، طالما شريكي مش عايز يبقى شريكي. ده إنتِ لسه من فنتو ثانية قولتي بوق حلو وشركا في المرة قبل الحلوة. تيجي تبيعيني على الزحليقة؟ سيبيني أقلب رزقي بقى.”
بص للبنات بابتسامة: “مين قلبها جامد و…”
همس قاطعته بغضب: “قسمًا بالله ما يحصل. اطلع قدامي يلا.”
سيف ضحك وحط دراعه حواليها: “يلا يا روحي، تعالي.”
همس ادت موبيلها لآية تصورهم وهي طلعت مع سيف: “لو موتت، إياك تختار واحدة من بنات الدفعة.”
سيف ضحك جامد وهو بيعلق: “بعد الشر عليكِ يا روحي، إن شالله كل بنات الدفعة، إنتِ لأ.”
ابتسمت بخجل، بس بصت له بخوف: “هو ممكن أقع من الطوق ده؟”
سيف طمنها: “شوفتي حد وقع منه؟”
همس بتهكم: “ما هو هتيجي على قرمط الغلبان.”
سيف بضحك: “لا يا ستي، مش هتيجي على قرمط الغلبان ولا حاجة. يلا، بطلي جبن بقى.”
همس بتأكيد: “حبيبي، قالوا الجبن سيد الأخلاق.”
شدها من دراعها وطلعها معاه لفوق. وهي بصت لفوق، حسّت الدنيا كلها بتلف بيها: “سيف، هموت لو نزلت.”
سيف أصر، وهي ركبت مرعوبة، ماسكة بإيديها الاتنين وبتصرخ من قلبها وهي مغمضة عنيها، لحد ما وصلوا للمية واتقلبوا فيها.
سيف شدها من المية، فاتعلقت في رقبته وطالع بيها. حاول يوقفها، بس مسكت في رقبته جامد، فسبيدو شد منه الطوق وهو شالها. دفنت وشها في رقبته، وطلع بيها من المية وهي بين إيديه وشها مخبياه.
نادر قرب منها: “همس، إنتِ كويسة؟”
همس اتكلمت بصوت مخنوق بحيث سيف بس يسمعها: “طمنهم وخدني بعيد.”
سيف بص لهم: “هي كويسة يا جماعة، هتستريح بس شوية.”
شاور لسبيدو يبعد، وآية شاورت بالموبايل فطلب منها تخليه معاها. أخدها وقعد بيها بعيد شوية، وسط أنظار كتير عليهم. حاول يكلمها، لكنها كانت ماسكة فيه جامد، ومش عايزة ترفع وشها من رقبته.
البنت اللي قالتله تطلع معاه ومعاها كذا واحدة: @”يا بختها، بنت المحظوظة.”
@”دي تلاقيها حركة عملتها علشان يحضنها ويبعد بيها.”
@ “على أساس إنها من غير الحركة مش هيحضنها؟ يا أختي دي مراته.”
@”ياه لو أدخل مكانها، آخد الحضن ده بس لو مرة ويموتوني بعدها.”
@ “أنا بقى نفسي في ليلة معاه، أخدره وأخدرها وأدخل مكانها أستمتع بيه ليلة كاملة.”
@”أهو الطمع ده وحش، يا أختي كفاية حضن، أنا راضية بحضن
@ “إشمعنى هي حبها يعني؟ بجد ليه؟ هي حلوة ماشي بس مش للدرجة اللي تسحر، معقول علشان شاطرة بس حبها؟”
@”شاطرة إيه؟ هو في حد بيحب حد علشان شاطر؟ هو بيحبها وبس، الحب مش بيتقاله ليه، يعني بالرغم من إني ممكن أدفع عمري كله وآخد حضن منه بس بحب حبهم، زي ما بتتفرجي على فيلم رومانسي وتبقي عايزة البطل والبطلة مع بعض.”
@ “بصي رقته وهو بيمسح على شعرها، عايزة ترفع وشها وتكلمه؟ عنيه عليها هي وبس، عمركم شفتوه بيبص لوحدة تانية غيرها؟ ولا لما يشرح وهي تعاكسه؟ بيبقى هاين عليا أقوم أشوف موبايله بعتتله إيه خلته يبتسم كده ويبقى مش عارف يجمع كلمتين على بعض.”
سبيدو واقف لوحده منتظر آية تروح تسيب موبايل همس عند هند، كان متابعها بعنيه بس نوعًا ما سرحان شوية، قاطعه صوت: “أول مرة أشوفك مع شلة سيف؟”
سبيدو بص لها: “سيف كده؟ بعدين هو إنتِ تعرفي أصحابه كلهم يعني؟”
قربت أكتر منه: “يعني، أعرف إن ده دكتور نادر أخو همس، أعرف أختها وجوزها، بس إنت وجه جديد، أسمع عنك بس.”
سبيدو بفضول: “تسمعي عني؟ سمعتي إيه؟”
اتكلمت بدلع: “سمعت عن دارك ويب وسباقات غير مشروعة، إنت دراع الصياد لأعماله المشبوهة، صح كده؟”
سبيدو بص لها وابتسم بخبث: “برافو عليكِ، أيوه أنا. أنا اللي جبتله فيديوهاتك المشبوهة مع حازم، ومش بس كده، أنا اللي جبتله خالك الحرامي وأنا اللي أخدته عندي في ضيافتي وأنا اللي سلمته بإيدي للسجن. تحبي تعرفي حاجة تانية ولا ده كفاية يا… مايا بكري؟”
دمها اتحرق بس ابتسمت: “إنت بقى اللي صورتلي الفيديو ده؟ بس يا ترى بتعمل ده كله ليه؟ إيه مصلحتك مع واحد زي سيف؟ مش يمكن تكسب أكتر عند حد غيره؟”
سبيدو ضحك: “أكسب أكتر؟ عند مين مثلًا؟ Uncle Dany مثلاً؟ ما تطلعي برا الليلة دي وتعيشي سنك، إيه رأيك؟ إنتِ مش قد الناس دي، ولا إنتِ تبعهم، ولا إنتِ فاهمة أي حاجة في أي حاجة. ما تستمعي بكونك طالبة وتعيشي حياتك وتلعبي مع اللي في سنك؟”
مايا ضحكت: “ما أنا بلعب أهو، مش شرط ألعب مع اللي في سني، المهم ألعب. تحب تلعب معايا شوية؟”
سبيدو بص لها من فوق لتحت باستهزاء: “للأسف، إنتِ مش نوعي المفضل.”
مايا شهقت وقبل ما تتكلم قاطعهم وصول آية اللي حطت دراعها حوالين سبيدو وبصتله بحب: “اتأخرت عليك حبيبي؟”
ابتسم ونفى فسألته: “مين دي؟”
سبيدو لف دراعه حواليها: “حد مش مهم، هيتاخد في الرجلين وخلاص.”
مايا بغضب: “والله لو حد هيتاخد في الرجلين، فأكيد مش أنا، اللي بيتاخد في الرجلين هو الصديق المغفل اللي بيقوم بالأعمال القذرة لغيره.”
آية رفعت نظارتها: “إيه ده؟ تطلع مين دي كمان؟ إيه المصايب دي؟ ما تروحي يا شاطرة تشوفي حد قدك تلعبي معاه؟ مفيش حد هنا ينفع تصطاديه، العبي بعيد، هش.”
مايا بصت لها: “وإنتِ بقى مين؟ نوعه المفضل؟ ولا علشان أخت الصياد بس؟”
آية كانت هتهجم عليها بس سبيدو مسكها: “حبيبتي، سيبك منها، دي عيلة بيتلعب بيها شطرنج ومش فاهمة ولا مستوعبة حاجة، خالها حسام كان ماسك المصنع، فطبيعي يكون ده رد فعلها بعد ما حبسنا خالها، فكك منها.”
آية بصتله بغيظ وبعدين قالت: “طيب، يلا نتمشى شوية؟”
أخدها ومشيوا وهي راقبتهم بغيظ وراحت لأصحابها.
سيف واخد همس في حضنه ومستنيها تفوق وتتكلم معاه. شوية شوية عدلت نفسها بس من غير ما تقوم من حضنه: “ينفع ما تخلينش ألعب حاجات تانية؟ إنت قوم العب معاهم، أنا مش عايزة.”
ابتسم بأسف: “سوري يا روحي، بس ركبنا ألعاب أخطر من دي بمراحل في شهر العسل، وكنتِ مستمتعة بكل لعبة، ليه المرادي؟”
همس بصتله: “مش عارفة، بس مش متحمسة ومش عايزة. قولتلك عايزة أسترخي وبس، تعال ننزل المية الزرقة دي، تعال نتمشى على البحر، تعال نعمل أي حاجة غير ألعاب الأكوا، إيه رأيك؟”
وقف بيها: “تعالي ننزل المية، دي موافق عليها.”
ضحكت ونزلت، وراحوا ينزلوا المية مع بعض. عاموا شوية وابتعدوا عن الشط، بعدها هي استرخت بين إيديه، ولفت إيديها حواليه باسترخاء تام في المية.
سبيدو وآية دخلوا في سباق وسط البحر لحد ما وصلوا لقعدة صغيرة جنبها مرجيحة. آية بحماس: “عايزة أتمرجح يا سبيدو.”
سبيدو: “هو في حد يعمل مرجيحة وسط المية؟”
كانت بتحاول تركبها ومش عارفة لأن مفيش حاجة تمسك فيها ولا حاجة تطلع عليها.
سبيدو مسك المرجيحة: “تعالي أطلعي، همسكهالك.”
آية: “ماهو هطلع على إيه؟ مش ماسكة حاجة.”
سبيدو اقترح: “تعالي، هشيلك.”
حاول يشيلها يرفعها بس الموضوع كان صعب وسط المية، فوقعت فوقه. فجأة مسكها من وسطها: “ما تسيبك من أم المرجيحة دي، واستمتعي بجمال المكان اللي إحنا فيه؟”
بصت لعينيه ودي كانت غلطتها، لأن فجأة هرب الكلام منها، ولقت نفسها ساكتة تمامًا، وأنفاسها اتوترت، وخصوصًا لما همسلها: “وحشتيني.”
قرب من شفايفها وباسها برقة مرة بعد مرة، وكل مرة الرقة كانت بتختفي وبتتحول لنهم ورغبة ملهاش نهاية.
بعد شوية، شدها للمكان المخصص للقعدة وشالها بسهولة. استغربت: “يعني عرفت تشيلني هنا؟ ولا كنت بتستعبط علشان أفضل في حضنك؟”
ضحك: “أعتذرلك يعني علشان أخدتك في حضني؟”
آية كشرت: “كنت عايزة أتمرجح.”
ابتسم: “همرجحك وحياتك إنتِ، بس خلينا قاعدين شوية.”
قعد جنبها، بتردد. هي قطعته لما شدت دراعه علشان تعرف تريح راسها عليه، فلف دراعه حواليها باسترخاء.
ملك ونادر لفوا على كل الألعاب مع بدر وأنس اللي كان مبسوط ومتحمس لكل لعبة جديدة. رجعوا عند هند وخاطر وقعدوا بتهالك. فاتن كانت بتراقب ملك أو ده إحساسها، فاعتذرت: “أنا هقوم أغير هدومي.”
نادر وقف معاها: “أنا كمان، يلا.”
فاتن بتهكم: “هي قامت، إنت لازم تقوم يعني؟ ما تقعد معانا شوية؟”
نادر وضح: “هغير هدومي وآخد شاور وأنزل.”
فاتن كانت هتتكلم بس خاطر وقفها: “روح يا إبني براحتك، عايز تنزل تعال، عايز تريح براحتك، سيبك مننا كلنا.”
نادر ابتسم لوالده وأخد مراته وطلعوا أوضتهم.
سيف طلع من المية مع همس ورجعوا لتربيزتهم. كل واحد قعد على شيزلونج. همس لاحظت أنظار البنات على جوزها فاتعدلت وأخدت تيشرت سيف وادتهوله. بصلها باستغراب: “مش عايز ألبس تيشرتات دلوقتي، اهدي يا همستي.”
قعدت وعنيها على كل واحدة بتبص ناحيته، وهي بتتخيلهم بيتكلموا عنه. لما اتعدل بيتلفت حواليه، سألته بضيق: “بتدور على حد؟”
جاوبها: “آية وسبيدو، مش شايفهم في أي مكان.”
ردت بغيظ: “واحد ومراته بتدور عليهم ليه؟ تلاقيهم قاعدين في أي مكان هادي بعيد عن العيون المتطفلة.”
بصلها لأنه لاحظ نبرة الغضب في صوتها، وقرب منها وقعد على طرف الشيزلونج بتاعها. لما سحبت رجليها سألها: “إيه مضايقك يا همس؟ مش قادر أفهمك.”
بصت لعينيه شوية وبعدها بصت بعيد: “مفيش حاجة مضايقاني، خليك إنت فرحان بعضلاتك اللي بتعرضها دي.”
ضحك لما فهم سر ضيقها وقرب أكتر: “روح قلبي الغيران ده، حبيبتي عيني ما بتشوفش غيرك إنتِ بس، مهتمة باللي حواليكِ ليه؟”
ردت بغيظ: “بص في كام بنت عنيها هتطلع عليك؟ تخيل للحظة إن دول رجالة بيعاكسوني أنا؟”
بص حواليه وفعلًا لاحظ كمية البنات اللي عنيهم عليه. لما تخيلهم رجالة حس بالضيق وشد التيشرت ولبسه: “كده مبسوطة يا روحي؟ هل كده هيمشوا؟”
همس: “يمشوا أو ما يمشوش براحتهم، بس ما اديهمش سبب يقعدوا يتفرجوا عليك.”
سيف شدها قعدها بحيث يبقوا وشهم في وش بعض: “ما تيجي نديهم حاجة تانية يتفرجوا عليها طالما عضلاتي مضايقاكِ أوي كده؟”
بصتله باستغراب: “قصدك إيه؟”
ابتسم بخبث: “قصدي كده.”
باسها بوسة طويلة لحد ما نفسها اتقطع. بعدت عنه تاخد نفسها: “إنت مجنون على فكرة.”
كانت مبتسمة بفرحة، فقال: “ما بيفرقش معايا حد، مش حكاية جنان. تعالي نطلع أوضتنا بقى، الشمس سخنة أوي دلوقتي.”
همس بتلميح: “الشمس سخنة ولا ليك أغراض أخرى؟”
ضحك وهو بيقوم وشدها معاه: “ليا أغراض أخرى، عندك مانع؟”
ضحكت وحضنت دراعه بفرحة. وقفهم مروان وهالة، فسألت هالة همس: “مش هتيجي في مسابقة هتتعمل؟”
همس بصت لسيف اللي رد: “أناعن نفسي هطلع ، إنتِ عايزة تروحي لأصحابك، روحي.”
مروان بص لهالة: “ما تفكك من المسابقة وتعالي نقعد في أي جنب هادي؟”
هالة بتوضيح: “طيب هم متجوزين يقعدوا في أي جنب هادي براحتهم، إنت ايه؟”
مروان بغيظ: “طيب نقعد على تربيزة لوحدنا، بلاش جنب هادي؟”
هالة باصرار: “ما هو من ساعة ما جينا وقاعدين لوحدنا، ننضم للجماعة بقى.”
سيف بتأكيد: “أيوه، انضموا للجماعة، الله معكم.”
أخد همس وطلعوا أوضتهم.
سيف قاعد على الكنبة بإيديه ورا راسه، بيتفرج على همس وهي قاعدة على الأرض قدامه بتلم هدومهم وترصها . بصلها بنظرة فيها خبث وضحكة خفيفة على طرف شفايفه: فاكرة لما رقصتي في فرح أخوكي؟
همس بتقف فجأة وهي متفاجئة: قصدك يوم ما كنت عامل فيها سي السيد ومنعتني أكمل.
سيف بيضحك : أيوة، يومها كنت هتجنن، إزاي ترقصي قدام الناس كده؟
همس بتذكر للموقف وبتحاول تبرر : أنا كنت فرحانة، وبعدين كل البنات كانت بترقص، إيه المشكلة؟
سيف بيشدها من إيدها تقعد جنبه: المشكلة إني مكنتش عايز حد يشوفك غيري.
همس بتحاول تخبي ابتسامتها: وبعدين؟
سيف بيقرب منها شوية هو كمان، عينه متعلقة بعينيها: عايز أشوف الرقصة براحتي من غير ما حد يشاركني فيها.
همس بتضحك وتقوم تقف قصاده، تحط إيدها على وسطها بنظرة كلها تحدي و بنبرة لعوب : يعني دلوقتي حضرتك عايزني ارقصلك ؟
سيف نظراته كلها بتطلب منها ده : اه عايزك ترقصيلي ، وريني المواهب المدفونة .
همس بتضحك، شغلت اغنية نغزة لأحمد سعد ويسرا وبدئت تتحرك مع الإيقاع، وتدلع مع نغماتها ،وسطها بيلف بانسيابية ، وحركاتها واثقة ومثيرة، مش بتتهرب، بالعكس، هي مستمتعة بنظرة سيف اللي بقى قاعد قدامها وهو مائل شوية لقدام، دراعه مستند على ركبته، وعيونه مش بتفارقها.
(الموسيقى بتعلو، وهمس بتزيد في حركاتها، تميل بجسمها بمرونة، شعرها بيتحرك مع كل لفة، وتفضل ترقص قدامه وكأنها بتختبر أعصابه.
سيف بيراقبها وهو مستغرب من احترافها ، عمره ما تخيل ابدا انها محترفة بالشكل ده .
سيف بعد دقيقة، بصوت مبحوح وهو بيتكلم من غير ما يشيل عينه عنها: كفاية كده…
همس بضحكة لعوب وهي بتقرب منه: إيه ده؟ مش كنت عايز تشوف الرقصة؟
سيف وهو بيشدها فجأة من وسطها تخبط في صدره: شفتها… بس لو فضلت مكملّة، غالبًا الرقصة هتنتهي بشكل مختلف تمامًا عن اللي في بالك.
همس بتضحك وهي بتسيب نفسها بين إيديه، وسيف بيطفي المزيكا وهو بيبصلها بنظرة فيها ألف معنى .
سيف صحي من نومه مستغرب هو إزاي نام وفين همس وليه مش في حضنه. نادى عليها، بس مفيش رد. اتعدل، بص لبره، الدنيا بتليل. دور على موبيله ورن عليها، فردت: “أيوه يا حبيبي.”
سألها: “إنتِ. فين يا همس؟ وليه سيبتيني نايم؟”
“صحيت من شوية وطلعت لقيت البنات، قعدت معاهم، أنا وآية وملك وهند وهالة مع بعض، تحب أسيبهم واجيلك؟”
حس إنها في جو مبسوطة فيه، فنفى بسرعة: “لا يا روحي، أنا هقوم أفوق كده، آخد دش وأنزل أشوف الدنيا إيه، وأكلمك.”
قفل وبعد نص ساعة خرج ونزل لتحت، بس مكنش في أي حد من أصحابه، ولا بدر، ولا سبيدو، ولا نادر، ولا مروان. الطلبة وقفوه يهزروا معاه شوية، بس برضه محدش فيهم شاف حد منهم.
شوية وظهر مروان، قرب من سيف: “إنت فين يا إبني؟”
رد بتريقة: “أنا اللي فين؟”
ابتسم: “تعال طيب، عايزك في مشوار.”
سيف: “مشوار إيه؟ البنات فين؟ والرجالة فين؟”
مروان: “البنات كلهم في أوضة هند، طلعت ترتاح وكلهم طلعوا معاها. المهم عايزك معايا في مشوار، ينفع ولا إيه؟”
سيف بغيظ: “مشوار إيه؟”
“عايز أجيب ورد لهالة، وأي حاجة تانية ممكن. تيجي معايا؟ هي لسه زعلانة مني من فسخ الخطوبة وبرضه مش مسمحاني، عايز حاجة أخليها تسامحني، قولي أعمل إيه؟”
سيف اتحرك معاه: “معرفش، هي دخلتها إيه؟ أنا عندي ساندوتش شاورما ممكن يحل أي مشكلة. إنت عندك إيه دخلتها؟ لازم تعرف تدخلها منين علشان تحل أي مشكلة.”
مروان فكر: “معرفش لسه، فكرت في الورد. كل البنات بيحبوا الورد، صح؟”
سيف بحيرة: “ممكن. المهم هتخرج بإيه؟ ولا تاكسي؟”
مروان طلع مفاتيح: “طلبت عربية.”
ركبوا، واتصل سيف بهمس بلغها إنه خارج مع مروان. راحوا يشتروا هدية، وإختار معاه بوكيه ورد وسلسلة فيها قلب في النص جواه حرف الـM شكلها رقيق.
بعدها ركبوا العربية وسيف لاحظ إنهم مش في طريقهم للفندق: “يا إبني، رايحين فين تاني؟”
مروان ابتسم: “اصبر، هتعرف حالًا.”
وقف مرة واحدة وخرج عن الطريق، فسيف باستغراب: “وبعدين يا مروان؟ بتلعب؟”
ضحك: “ما تصبر وتبطل أسئلة.”
سيف ربع إيديه بغيظ وانتظر لحد ما وقف: “عطلت ولا إيه؟ كمل لحد ما تغزر بينا في أي مكان في أم الصحرا دي.”
مروان ضحك: “انزل يا عم الصياد.”
بص حواليه، بس ظلمة ومفيش أي حاجة: “انزل فين؟ إحنا وسط اللاشيء.”
نزل مروان، فسيف اضطر يفك حزامه وينزل معاه: “إيه؟ جايين نتأمل النجوم في عز الصحرا؟ يلا يا إبني، مش طالبة هبل على المسا.”
مروان ابتسم: “ما تهدى وتقول هديت؟”
سيف بغيظ: “انت محتاج للحظة تأملية يعني؟ هندرس فيها النجوم والقمر؟ بس محتاج أقولك إن القعدة التأملية دي تقعدها مع خطيبتك، مش معايا. أنا في أماكن تانية أفضل أكون فيها غير هنا.”
مروان بتريقة: “فين يعني؟ وسط الطلبة بتوعك؟ وحشوك طلبتك أوي؟”
سيف اتنهد: “آه، عندك مانع؟ طالبة واحدة وسط طلبتي أفضل أقعد معاها.”
مروان بضحك: “طيب نادي عليها، مش يمكن ترد عليك؟”
سيف بصله، وحس بسخافة. قدامه ظلام تام فكشر، هل ممكن يكون مروان بيحضر لحاجة أصلًا؟ جايبه هنا ليه؟
مروان باصرار: “نادي على حبيبتك، قول يا همس.”
سيف ساكت ومربع إيديه، بعدها اتفاجئ بصوت همس من وسط الظلمة بتتكلم بغيظ: “ما تنجز وتقول يا همس؟ هنقعد الليل كله نستناك تنطق ولا إيه؟”
سيف ضحك: “لا، وإنتِ الصادقة منتظرك إنتِ اللي تنطقي، علشان عارف معندكيش صبر.”
بص لمروان: “أوعى يكون المفروض أمشي ورا صوتها في أم الظلمة دي وأدور عليها؟”
مروان رفع إيده، وهمس ردت: “ولو قولتلك آه، تعال دور عليا وامشي ورا صوتي؟”
سيف طلع خطوة لقدام، بيحاول يستنبط مكانها وسط الظلام، بس مش شايف حاجة.
سمع صوت سبيدو بيتذمر: “لا، ماهو مش هنقعد أم الليل كله في النحنحة دي، نور يا إبني الأنوار دي.”
الأنوار كلها نورت مرة واحدة بسطوع شديد لدرجة الكل غمض عينه لوهلة علشان عنيهم تتعود على النور. اتفاجئ بكمية الناس اللي قدامه اللي نطقوا كلمة “surprise”.
بص لكمية الناس، ميز منهم أهمهم همس اللي شايلة تورته على شكل قلب كبيرة شوية وغنت “Happy Birthday to You”. كررتها مرتين وبعدها بصت لسبيدو: “لا تقيلة ، مش قادرة أكمل.”
الكل ضحك، سبيدو أخدها منها، وهمس قربت من سيف: “كل سنة وإنت طيب، حبيبي.”
سيف شال همس بحب وباسها بخفة كذا مرة: “علشان كده كنتِ مصرة كلنا نطلع الرحلة دي؟”
ابتسمت وهي حاطة إيدها على خده: “كنت حابة أعمل حاجة مميزة لحبيبي.”
رد وهمسلها بابتسامة: “وجودك لوحده كفاية في حضني.”
بص حواليه لكل الموجودين ولكل حاجة بانبهار تام، بعدها ركز على سبيدو: “عرفتي تستعيني بمين، هو الوحيد اللي يقدر ينظم حاجة زي دي بالسرعة دي. استعنتي بحد، صح؟”
همس بهزار: “كويس إنه أخد الخطوة بتاعته بسرعة، لو مكنش خدها مكنتش هعرف اتعامل.”
سبيدو بصلها بذهول، وسيف ضحك وباس همس بحب: “برافو عليكِ بجد.”
سبيدو ما قدرش يسكت: “تصدق إنكم لايقين على بعض، سبحان الله نفس الغتاتة.” قلدهم: “كويس إنه أخد الخطوة… برافو عليك.ِ.”
بعدها علق بغيظ: “إيه البرود ده؟ وبعدين أنا اللي عملت ده كله! بتحضنها هي؟ طيب أنا؟ أنا اللي عملت كل ده!”
سيف ضحك: “أحضنك إنت يعني؟ ولا أبوسك؟”
سبيدو بص له لوهلة، بعدها ابتسم: “لا يا سيدي، ولا تحضني ولا تبوسني، كفاية عليا أختك، أحضنها وأبوسها مش عايز منك حاجة.
الكل ضحك جامد، وسيف بص لهمس: “عرفتي بقى ليه مكنتش عايز أجوز أختي لحد من أصحابي؟ وخصوصًا لواحد لسانه متبري منه؟”
آية قربت منه وهي بتضحك: “سيبك منه، كل سنة وإنت طيب يا حبيبي.”
حضنته جامد وباست خده، وسبيدو قرب عايده هو كمان، بعدها شد آية جنبه. سيف مسك دراعها: “خليكِ جنبي هنا يا روحي.”
سبيدو بص له: “هو إيه ده؟ ما تركز يا عم على اللي في الحتة الشمال، بلاش الطمع هاه؟”
سيف ابتسم بمشاكسه: “أنا طماع فعلًا، أول مرة تعرف عني ده؟”
سبيدو بص لهمس: “ما تشوفي جوزك يا بتاعت خليكِ مسيطرة، ولا السيطرة حلوة على الغير؟ لاحسن ألغي باقي الليلة دي.”
همس بذهول: “إنت بتهددني؟ ده بجد؟ طيب وريني هتلغي باقي الليلة إزاي؟”
سبيدو بص لسيف بدهشة، وسيف ضحك، فبصلها بتحذير: “تحبي تجربي ألغيها بجد؟”
سيف انتظر يسمع رد همس الأول، فقالت بثقة: “إنت مش واخد بالك من حاجة مهمة أوي؟”
سبيدو بفضول: “اللي هي إيه؟ نوريني.”
همس بابتسامة ساحرة لسيف: “إن سيف موجود خلاص. مفيش حاجة تانية تفرق، ومحدش يقدر يعمل حاجة وهو موجود.”
سبيدو بص حواليه بهزار: “واحد كمانجة هنا لو سمحت، وشوية عصافير.”
سيف بصله بضحك: “امشي بقى علشان شكلك وحش أوي، كفاية لحد كده.”
سبيدو مسك دراع آية: “تعالي يا بنتي، أوريكِ القمر اللي مش عارف هو فين.”
سيف كان هيعلق، بس هوليا مسكت دراعه: “سيبهم في حالهم شوية، كل سنة وإنت طيب حبيبي.”
حضنها بحب: “روح قلبي.”
اتكلمت معاه شوية وهو عينه راحت لآية اللي بتضحك جامد على حاجة سبيدو قالها، فابتسم.
هوليا لاحظت وعلقت: “هو حد كويس. بعدين فيها إيه لما يقول تعالي أوريكِ القمر في ليلة مفيهاش قمر؟ عادي يعني.”
سيف ضحك وبص لفوق: “تصدقي فعلًا مفيش قمر ولا نجوم حتى.”
هوليا ضحكت: “إنت مش جوزتهالو خلاص؟ سيبه بقى يسعدها بالطريقة اللي يشوفها مناسبة.”
همس دخلت بينهم: “قوليله، لاحسن ده طابق على رقبيهم بطريقة أوفر.”
أنس جه يسلم على سيف ويعايده هو وبدر، وبتلقائية سألوه عن هند. بدر بص حواليه: “أعتقد راحت عند البوفيه.”
همس بتحذير: “قصدك إنها بتاكل كتير؟ مش بتاكل لنفسها ولإبنك؟ ولا هو…”
بدر قاطعها بسرعة: “هو أنا اعترضت؟ نطقت؟ قلت كلمة؟”
همس ضحكت: “بحسب.”
بدر بص لسيف وبتنهيدة: “قصيرة بس داهية.”
سيف ضحك: “لا تعليق.”
همس بتحدي: “لا، علق. لو عايز تعلق علق.”
سيف مسكها من دراعها وشدها عليه: “ما تهدي شوية؟ إنتِ عاملة زي الفتوة اللي طايح في الكل ليه؟ اهدي وارجعي للكيوته اللي كانت من شوية ومكنتش قادرة تشيل التورتة.”
همس عملت حركات بعنيها وكأنها طفلة بريئة، فأنس علق: “هو في حاجة دخلت في عينك يا هموس؟”
الكل ضحك وسيف رد عنها: “لا يا حبيبي، دي حالة هتروح لوحدها إن شاء الله.”
خاطر قرب من سيف وسلم عليه هو وفاتن، وبعدها ملك ونادر قربوا وعايدوا سيف وهمس.عز وسلوى كمان وصلوا، وكانوا فرحانين بفكرة همس جدًا، وسيف فرح بوجودهم. الطلبة كلها بدأت تقرب على مراحل وبيعايدوا سيف.
الدي جي اشتغل، والكل بيرقص ويتبسط في جو صاخب.
سبيدو شاور لبتاع الدي جي يوقف الموسيقى شوية، وبص لسيف: “دلوقتي ميعادنا نستضيف نجم حفل الليلة، اللي واثق إنه هيفرق معاك وجوده وخصوصًا للي مخططله بعد كده… خمن مين؟”
سيف بص له بترقب ورد: “الدخيلي؟ ده اللي ممكن يفرق معايا وجوده صراحة.”
سبيدو ابتسم وشاور بايده، فالإضاءة ركزت على حد نازل من عربية. كان مؤمن، وسيف راح لعنده وسلموا على بعض وفرح بوجوده.
سبيدو علق: “دلوقتي بما إن الكل موجود، تعالوا نتجنن أكتر.” طلع جنب الدي جي ومسك المايك: “معرفش تعرفوني ولا لأ، بس العبد لله كان أكبر منظم سباقات عربيات وهمية في الشرق الأوسط.”
شاور بيده فصوت عربية عالي قرب منهم، وسيف اتفاجئ إنها عربيته اللامبرجيني. نزل منها واحد من رجالة سبيدو وراح لسيف واداه المفاتيح.
سيف بص لسبيدو باستغراب: “إنت عارف إن محدش مسموح له يركب عربيتي دي ولا يحركها من مكانها؟”
سبيدو شاور على همس: “مراتك اللي جابت المفاتيح، ملناش فيه.”
سيف بص لهمس بعتاب، فهي علقت بدفاع: “كان لازم نجيب علاء الدين أمال هتتسابق بإيه؟”
سيف بصدمه: “هتسابق؟ مين قال إني هتسابق؟”
سبيدو رد عليه: “إنت ومؤمن وأنا، معملناهاش قبل كده، ومعاكم كمان ثلاثة من المحترفين: مارسيليو، ماكس، وبيتر. طلبتهم يشاركوا في سباق ودي، وما تأخروش.”
سيف بتحذير: “السباق برعاية مين يا سبيدو؟ وهيتذاع فين؟”
سبيدو بدفاع: “برعايتي الخاصة، وسباق ودي جدًا، ومش هيتذاع في أي مكان غير هنا.”
سيف بص لمؤمن، فمؤمن وضح: “هو قال فور فن بينا، مش أكتر. معرفش إن في حد من بره جاي يشارك فيه.
سبيدو نزل وانضم لهم: “دول أصحاب، والسباق ودي جدًا.”
همس دخلت في الحوار: “سيف، أنا اللي طلبت منه السباق ده. إنت بتحب ده، فقولت إنت وأصحابك المقربين وسطنا… مش سباق بجد، فيها إيه؟ قلقان من إيه؟”
سيف رد بجدية: “قلقان من الطلبة بتوعي اللي ممكن، أو مش ممكن… أكيد ألاقي بكرة السوشيال ميديا كلها بتتكلم عن السباق الغير مشروع اللي عملناه.”
سبيدو حاول يطمنه: “هيتكلموا عن عيد الميلاد اللي في الصحرا، مش السباق. وبعدين شلة أصحاب اتسابقوا، إيه اللي مش مشروع؟ ده مجرد فن، مش أكتر.”
مؤمن سأل سبيدو: “جبت الأجهزة اللي قلتلك عليها؟”
سبيدو أكد: “طبعًا جبتها.”
مؤمن شرح لسيف: “أجهزة شوشرة، مش هتخلي أي حد في نطاق 2 كيلو يقدر يصور أي حاجة. هنشغلها، فبالتالي كله هيكون مجرد كلام.”
سيف وافق: “تمام، خلاص، أوك، يلا بينا.”
سبيدو أخدهم لباقي المتسابقين، لكن سيف تأخر عنهم لأن همس مسكت دراعه، فهم سبقوه، وهو وقف معاها: “لو مش مرتاح لخطوة السباق، بلاها. أنا قلت دي حاجة هتسعدك.”
ابتسم وحط إيده على خدها بحب: “حبيبة قلبي وروحي وعمري كله، الليلة وهم… كل ما فيها حلو.” أضاف بتردد: “هي فيها عيب واحد بس.”
همس باهتمام: “إيه هو؟”
سيف قرب وهمس لها: “إني مش عارف أقولك بحبك بطريقة تليق بالليلة دي.”
باس خدها برقة، وهي ابتسمت، لكن قبل ما يبعد مسكت دراعه وهمست بخفة: “في هدية خاصة جدًا آخر الليل بيني وبينك، هتاخدها لو فوزت في السباق ده.”
ابتسم وبصلها بحماس: “طيب قوليلي إيه هي؟”
ضحكت برقة: “هتعرفها آخر الليل وإحنا لوحدنا.”
سيف بص حواليه لكل الناس الموجودة: “لوحدنا؟ إنتِ بتتكلمي في ساعات كتير أوي. همس، قولي.”
ضحكت: “إنت عمرك ما كنت فضولي. اصبر على رزقك، روح للناس منتظرينك يلا.”
باس خدها وبعدها راح لصحابه، بس عينه كانت عليها طول الوقت. سبيدو كان بيشرح خط السباق، ولاحظ إن سيف مش مركز فزعق: “عم الحبيب، مش عايز تفوز في السباق ولا إيه؟ ما تركز هنا.”
سيف بص لمؤمن: “الواد ده بيرغي في إيه من ربع ساعة؟”
مؤمن شاور على الخريطة باختصار: “هنمشي على الخط ده لحد ما نرجع، بس كده.”
سيف رد بهدوء: “سهلة أهي.”
سبيدو بغيظ: “أنا غلطان لاهلك، امشي على الخط ده زي ما قالك مؤمن.”
سيف، وهو بيتحرك، رجع لسبيدو وسأله: “هو مش ده خط السباق؟ مؤمن بيشتغلني علشان يفوز؟”
سبيدو رفع كتافه: “إنت مش بتثق فيه؟ بسيطة، روح اتكل على الله.”
سيف بص لمؤمن وبص للمتسابقين الثلاثة وسألهم عن خط السباق. الكل ضحك، حتى مؤمن، فعلق سيف: “والله أبدع لما أطلق عليك لقب الواطي.”
مؤمن بضحك: “هتوصل في الآخر لهنا، صح ولا غلط؟”
سيف بص لسبيدو بغيظ: “هتنطق ولا أخلي الحج عز وهو مروح آخر الليل ياخد باقي العيلة معاه؟”
سبيدو بذهول: “هو إحنا فينا من كده؟”
سيف بتأكيد: “ده أبو كده وأم كده وكده بذاته.”
سبيدو شد الخريطة وشرح خط السباق بالتفصيل، وسيف ركز معاه لحد ما خلص.
كل واحد راح لعربيته، وكل واحد بيهيص مع وقوف العربيات على خط البداية. فجأة، عربية سبيدو وقفت جنبهم، وحدف بوسة لسيف فابتسم وردها.
سبيدو بصوت عالي: “نتراهن؟”
سيف بص لاخته، وبعدها لسبيدو: “لأ، بس يكفيك شرف المحاولة.”
سبيدو: “ولو فوزت عليك؟”
سيف ابتسم وما ردش، ومستعد للسباق. مع سماع صفارة البداية، العربيات كلها انطلقت بسرعة.
همس عينها على عربية سيف، وعقلها بيرجع لها ذكريات بتحاول تكبتها لأنها مش وقتها، لكن غصب عنها، لامت نفسها: إزاي فكرت في فكرة غبية زي دي؟ السباق كان ممكن ياخده منها. توترت وهند قربت منها، مسكت إيدها تطمنها: “مالك يا همس؟”
همس أخدت نفس طويل: “السباق فكرته غبية، صح؟”
هند، وهي بتحاول تهديها، مسكت وشها: “ده مجرد سباق بين أصحاب، مش مخطط له. العربيات كل واحد في عربيته، مفيش حاجة تخوف. ده معاه سبيدو ومؤمن، مش حد غريب.”
همس بتوتر: “والثلاثة التانيين؟”
هند: “مش سبيدو قال إنهم أصحابه؟ مفيش حاجة تقلق يا همس.”
آية قربت منهم بهزار: “طيب، أنا دلوقتي أدعي لأخويا ولا لجوزي؟”
هند ضحكت: “قولي ربنا يوفقهم وخلاص. مش لازم تاخدي جنب. اتعودي تكوني حيادية بينهم، وبجد أوعي تختاري صف لأنك هتخسري الثاني.”
آية بجدية: “حتى لو ميالة لجانب واحد فيهم؟”
هند بجدية : “طبعًا ، لو نصرتي جوزك على اخوكِ فهتخسري اخوكِ ولو العكس هتزعلي جوزك فخليكِ ذكية وافضلي على طول بينهم حياديه واوعي تسمحي لحد فيهم يخليكِ تختاري صف ، من البداية وحطي خطوط وارسمي طريق بينهم بحيث ما يحطوكيش في النص بينهم ، خليهم دايمًا يبعدوكِ عن حواراتهم ويعملولك إنتِ حساب مش العكس ، اخوكِ يخاف يخسرك وجوزك يخاف يخسرك ، الموضوع محتاج بس شوية ذكاء منك في التعامل ، جوزك يحس انه الكون بما فيه واخوكِ يحس انه الكون بما فيه لكن الحقيقة إنتِ اللي مسيطرة وبتحطي شروطك وهما الاتنين بيمشوا عليها . “
آية ابتسمت وبصت لهمس: “بحسدك إن عندك أخت أكبر منك. ربنا يخليكم لبعض.”
همس بابتسامة: “هند دي أجمل حاجة في حياة أي حد.”
هند بحرج: “هتحرجوني والله.”
هوليا قربت ومعاها طبق فيه جاتوه وحلويات: “هند، سرقتلك دول تتسلي فيهم لحد السباق ما يخلص ونتعشى.”
هند بفرحة: “الله! أنا بحب ده أوي.”
همس ضحكت وبصت لهوليا بحب.
في السباق الكل كان بيتحرك بجنون وسرعة غير طبيعية، لكن سيف لاحظ إن مؤمن وقف على جنب، فاتصل بيه: “مؤمن، في إيه؟”
مؤمن رد بهدوء: “مفيش يا سيف، كمل. كاوتش عربيتي فرقع مش أكتر، مش هكمل السباق.”
سيف مش مصدق: “أرجعلك؟ أو أوقف السباق؟”
مؤمن بإصرار: “يا إبني لأ، مش هكمل. هغير الكاوتش وأحصلكم. سلام، ركز في سباقك.”
قفل الخط وسيف استغرب لأن عربيته ما حصلش فيها أي انحراف أو مشكلة تدل إن كاوتش فرقع، وده معناه إنه إختار يوقف وما يكملش.
موبيله رن، كان سبيدو: “مؤمن ماله؟ اتصلت بيه كنسل.”
سيف رد: “بيقول كاوتشه فرقع.”
سبيدو: “محصلش، كاوتشاته سليمة. هو وقف.”
سيف: “عارف، بس طلب مني نكمل.”
سبيدو: “طيب نوقف ونرجعله ولا نكمل؟”
سيف فكر لحظات: “نكمل، ولو ما جاش نرجعله.”
سبيدو: “تمام. تحب أسيبلك السباق تفوز فيه علشان طلبتك ومراتك اللي عملتلك الليلة دي؟”
سيف بذهول: “نعم؟ إنت تسيبلي السباق؟ هات آخر ما عندك يا عم الخِطر. قال يسيبلي السباق قال.”
الكل كان بيهيص لما شاف العربيات بتقرب. عربية سبيدو وسيف تقريبًا ماشين في خط واحد بسرعة جنونية، ووراهم الثلاث عربيات، كلهم جنب بعض بفاصل صغير جدًا. اللحظات الجاية كانت هتحدد مين اللي هيعدي خط النهاية الأول
في لحظة، الخمس عربيات عدوا خط النهاية لدرجة إن صمت تام سيطر على الكل، لأن مش واضح مين اللي فاز. العربيات كلها تقريبًا وصلت مع بعض.
خرجوا من العربيات ورجعوا للأضواء، سيف راح عند همس اللي رمت نفسها في حضنه، وحس إنها مرعوبة. استغرب وضمها: “مالك؟ في حاجة حصلت؟”
نفت بهزة من راسها وهي حضناه جامد.
سبيدو شغل الشاشة علشان يحددوا مين اللي فاز. شغل الكاميرات اللي عند خط النهاية تحديدًا، وبالتصوير البطيء الكل كان مترقب.
التصوير البطيء وضّح أول عربية لمست خط النهاية، وكان الفرق بينها وبين العربية الثانية يمكن ٣ ثواني فقط.
ونكمل بكرة
السابع والستون من هنا
التعليقات