التخطي إلى المحتوى

رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل الحادي عشر

ذهبت عايدة إلى الساحل الشمالي، اتصلت بزهرة وبطريقة غير مباشرة علمت اسم الفندق الذي يقيمان فيه، وببجاحة فاقت كل الحدود ذهبت إليهما، وما أن رآها خالد حتى أنهى حجزه بالفندق وانتقل إلى فندق آخر، وطلب من زهرة إغلاق هاتفها المحمول كما فعل هو.
زهرة: أخص عليك يا خالد، يعني طنط عايدة جاية على حسنا وما تعرفش حد هنا نقوم نسيبها ونمشى.

د. خالد: يا زهرة مش عايز حد يشغلك عنى، مرات عمك لو هتاخد من وقتنا نص ساعة إحنا أولى بيه، أنا لو كان عليا عايز أقفل باب أوضتنا علينا لا نشوف حد ولا حد يشوفنا.
زهرة: وكنا جايين هنا ليه؟
د. خالد: لو تطاوعينى تعالي نرجع.
زهرة: زى ما تحب يا حبيبي.
د. خالد: يعني مش هتزعلى؟
زهرة: أنا مبسوطة في أى مكان أنت فيه.
د. خالد: يا حبيبتي، وعشان الكلام الحلو ده هنفضل هنا أسبوع كمان.
زهرة: مش كتير عشان شغلك؟

د. خالد: ما أنا ياما أشتغلت، وبعدين حد يسيب القمر ده ويروح أى مكان.
ظنت عايدة أن دكتور خالد سيقضى أسبوعا كما علمت من زهرة، قررت أن تتحمله حتى ينتهى، عادت إلى القاهرة، وهي تمنى نفسها بقرب لقائه، وفي اليوم التالي لعودتها ذهبت إلى شقة خالد، ظلت تطرق الباب فلم تجد إجابة، وفي خطوة جريئة تحسد عليها، فتحت الشقة بالمفتاح الذي أعطاه لها خالد، دخلت على أطراف أصابعها لكنها لم تجدهما، فعادت تجر أذيال الخيبة.

وبعد ثلاثة أيام فقط عاد دكتور خالد وزهرة وفور عودتها اتصلت زهرة بعمها لتطمئنه عليها.
زهرة: آلو، أزيك يا عمو، وقبل أن يجيب خطفت عايدة الهاتف منه وردت هى.
عايدة: زهرة؟ أنتوا رجعتوا ششإمتى؟
زهرة: لسة راجعين امبارح بالليل.
عايدة: أخص عليكي وما تتصليش إلا دلوقتى؟
زهرة: معلش يا دودو أنا بجد كنت تعبانة قوى، وكمان أنتى ما كنتيش هتعرفى تيجى بالليل.
عايدة: عاملة إيه يا حبيبتى؟ وخالد عامل إيه معاكى؟

زهرة: أنا طايرة يا دودو، مش قادرة أوصف لك خالد بيعاملنى إزاى، وبيحبنى قد إيه.
كادت عايدة أن تنفجر لكنها كظمت غيظها وقالت: ربنا يسعدك يا حبيبتي.
زهرة: ادينى عمى أطمن عليه؟
عايدة: طب إحنا هنجى لكوا إن شاء على العصر كدة.
زهرة: تنورى في أى وقت.

طلبت زهرة من دكتور خالد أن يحضر بعض الجاتوهات والحلوى لضيوفهما، فوجدها فرصة للخروج والاتصال بعايدة التي قامت بالاتصال به أكثر من عشر مرات منذ أن علمت برجوعه، حتى اضطر لجعل التليفون في الوضع الصامت، رغم أنه سجل رقمها باسم دكتور على مدير المستشفى التي يعمل بها، كان باستطاعته عمل حظر لها، لكنه تركها خوفا من رد فعلها المتهور.
خالد: عايزة إيه منى يا عايدة؟ انسينى عشان مش هأقدر أقابلك تانى.

عايدة: نعم؟! بتقول إيه يا خالد؟
د. خالد: كلامى واضح.
عايدة: ده أنا أطربق الدنيا على دماغك، وأقول لزهرة كل حاجة.
د. خالد: عشنا وشوفنا الخاينة بدل ما تخاف جوزها يعرف هي اللى بتهدد، طب عرفى زهرة لو تقدري، بس برضو مش راجع لك.
عايدة: بلاش تتحدانى يا خالد، أنا ما تهمنيش زهرة ولا يهمنى عبد الرحمن، ما يهمنيش غيرك في الدنيا.

د. خالد: وأنا مش عايز أشوف وشك تانى، ولا عايز أعرفك، بتفكرينى بوساختى، وأنا عايز أنضف، يا ريت تنضفى أنتى كمان وكفاية عليكى كدة.
لم يكن دكتور خالد يريد أن يتطهر كما قال، لكنه مل من عايدة وأصبح يخاف أن تكشف زهرة علاقته بها.

اتصلت زهرة بكل صديقاتها تخبرهم بعودتها، لم يستطعن الاتفاق على موعد لزيارتها وقررن الذهاب منفردات، كل واحدة حسب ظروفها، بالطبع كانت صفية أسبقهن لكونها تسكن القاهرة، كما أنها لم تحضر حفل الزفاف لظروف خاصة، فقررت الذهاب فور عودتهماً حتى تعتذر لزهرة، وبعد انتهاء الزيارة وفور خروجها من الشقة تقابلت مع دكتور خالد، وما أن رآها حتى قال: أنتى إيه اللي جايبك هنا؟
صفية: وأنت مالك أنا كنت بأزور صاحبتى؟

د. خالد: زهرة؟
صفية: أيوه، أنت كنت بتطلع المفتاح هتفتح الباب، أنت جوز زهرة؟
د. خالد: أيوه.
صفية: أما أنا غبية بشكل، إزاى ما ربطتش بين الكلام وبعضه.
د. خالد: اسمعى دى آخر مرة تيجى فيها هنا، مش عايز زهرة يكون لها علاقة بواحدة شمال زيك.
صفية: اسم الله عليك يا شيخ.
د. خالد: تقدري تيجى لى العيادة لو وحشتك، لكن لو جيتى هنا هأفضحك.
صفية: ولا هنا ولا في أى مكان تانى.

عاد عبد الرحمن وعايدة من زيارة زهرة، وجلسا يتناولان الطعام.
عايدة: شايف زهرة مبسوطة إزاى مع خالد؟ يعنى خوفك ما كانش له داعى.
عبد الرحمن: خوفى عليها مش من دلوقتى، أنا خايف عليها من بعدين.
عايدة: هو إحنا غصبناها؟ مش هي اللى بتحبه وكات هتموت عليه.
عبد الرحمن: ربنا يستر.

أمسك دكتور خالد وردة حمراء ووقف بجوار سرير زهرة يداعب خدها بالوردة محاولا إيقاظها، ظلت زهرة تتقلب في فراشها وتحاول إخفاء وجهها هربا من مداعباته لها.
د. خالد: مش معقول الكسل اللى أنتى فيه ده؟ كل يوم تدوخينى كدة على ما تصحى ولا العيال الصغيرة اللى مش عايزين يروحوا المدرسة.
زهرة: سيبنى شوية والنبى يا خالد.
د. خالد: مش حرام عليكى تفضلى نايمة كدة وحرمانى منك!

زهرة: ما تنام أنت كمان، لسة على ميعاد شغلك ساعتين.
د. خالد: أتعودت أصحى بدرى.
زهرة: وأنا خلاص ما صدقت خلصت من الكلية والدراسة والصحيان بدرى.
د. خالد: قومى افطرى واقعدى معايا شوية لحد ما اخرج وارجعى نامى.
زهرة: وأنت اللى هتخلينى أنام! ده أنت كل عشر دقايق تتصل بيا.
د. خالد: أعمل أيه؟ بتوحشينى يا حياتى، بأبقى عايز أسمع صوتك كل دقيقة.

اضطرت زهرة للاستيقاظ، جلست في فراشها فألقى خالد بالوردة على الأرض وطوقها بيده، أمطرها خالد بسيل من القبلات.
زهرة: أما أقوم أفطر وأمرى لله، طيرت النوم من عيني، بس والله لما تخرج لأقفل الموبايل وأنام.
د. خالد: طب اعملى كدة وأنا أسيب شغلى وأجى لك.
ارتدت زهرة روبها ولملمت شعرها الثائر بتوكة، خرجت مع خالد من الحجرة وهو محتضنها، الغريب أنه داس الزهرة بقدميه وهو خارج، كما سيدوس زهرة فيما بعد.

جلس خالد وزهرة على السفرة وأمامهما طعام الافطار، جاءت زينب الخادمة.
زينب: أى أوامر تانية يا هانم؟
زهرة: لا روحى أنتى افطرى.
خالد: يا سلام على حنيتك يا حبيبتي.

حاولت عايدة بكل الطرق إعادة علاقتها بخالد لكنها فشلت، عندما يبلغ الانسان الأربعين عليه أن يقف مع نفسه، يراجع علاقته مع الله، مضى أكثر من نصف العمر على اعتبار أن متوسط عمر الانسان ما بين الستين والسبعين، غير أن الموت قد يأتى بغتة دون سابق إنذار، حتى بقايا الضمير عند عايدة ماتت للأبد، وأصبحت عبدة لشهواتها.

ذهب دكتور خالد لعمله، لم يتوقف عن التحرش بكل من تطاوعه من العاملات معه، لا يفرق بين طبيبة أو ممرضة أو حتى عاملة نظافة، توقف قليلا عن علاقته الإثمة بهن، لكنه لم يستطع أن يتوقف عن أفعال المراهقين التي يفعلها، رغم حبه الشديد لزهرة، ربما حاول وفشل، فمن اعتاد على القذارة يصعب عليه تركها، لم يقلل هذا من اهتمامه بزهرة، التي كان يتصل بها في اليوم الواحد أكثر من مرة.

زهرة: يا خالد أنت لسة قافل معايا من خمس دقايق لحقت أوحشك.
د. خالد: انتى بتوحشينى كل دقيقة، بتوحشيني وأنتى معايا وقدام عينى.
زهرة: طب اقفل بقى وشوف شغلك.
د. خالد: طب هاتى بوسة.
زهرة: طب والله إنك مجنون.
د. خالد: أتجننت بحبك وجمالك يا حبيبتى.
زهرة: طب اقفل بقى.
د. خالد: طب والله لو ما جيبتى بوسة لهتلاقينى قدامك.
د. خالد: وعلى إيه! أمري لله.
زهرة: على فكره عمى عازمنا عنده على الغدا يوم الجمعة.

د. خالد: ووافقتى؟
زهرة: إيه في مشكلة؟ أنا قولت إنك أكيد مش هترفض.
د. خالد: ما فيش مشكلة، لو أنى كان نفسي أقضى اليوم ده معاكي.
زهرة: الأيام جاية كتير يا حبيبي.
د. خالد: كدة حسابك تقل، والبوسة بقت عشرة وإلا مش رايح.
اجتمع الجميع على مائدة السفرة.
عايدة: ما تاكل يا دكتور خالد وإلا أكلى مش عاجبك؟
د. خالد: الأكل جميل جدا تسلم إيديكى، بس أنا لو طاوعت نفسى مش هاقدر أروح العيادة.

عايدة: طب كلى أنتى يا زهرة، وإلا عشان جوزك خلص أكل مش هتاكلى انتى كمان؟
زهرة: أنا خلاص بقيت عالآخر.
نرمين: أحم أحم، نحن هنا.
عمر: إحنا قدمنا بقى دكتور خالد وزهرة لسة عرسان.

انتهى الجميع من تناول الطعام، وقامت عايدة لعمل الشاى، وذهب عبد الرحمن ليتوضأ استعدادا لصلاة العصر، وانصرف عمر لقضاء بعض مشاويره، ودخلت زهرة ونرمين حجرتهما، جاءت عايدة وهي تحمل الشاى، وضعته أمام دكتور خالد وقالت بصوت هامس: عايزة أشوفك ضروري.
د. خالد: خلى عندك دم جوزك هياخد باله.
عايدة: ماشى يا خالد، بس أنا مش هأستنى كتير.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *