التخطي إلى المحتوى

 

رواية الفتاه التى حلمت ان تكون ذئبه الفصل الواحد وعشرون 21بقلم اسماعيل موسي (حصرية في مدونة الشروق للروايات)


رواية الفتاه التى حلمت ان تكون ذئبه الفصل الواحد وعشرون 21بقلم اسماعيل موسي (حصرية في مدونة الشروق للروايات)

#الفتاة_التى_حلمت_ان_تكون_ذئبة

         ٢١

كان الهواء مثقلًا بالموت، وكل نفس يسحبه رعد كان محمّلًا برائحة الدم والرماد، المخلوقات التي أطلقتها باتريكا لم تكن مجرد وحوش، بل كانت كوابيس من لحم وعظام، كل منها صُنع ليحطم إرادتهم.

آدم كان يحارب بجنون، سيفه يشتعل بآخر ما تبقى من قوته، يقطع رأس مخلوق برأسين قبل أن يشعر ببرودة مريعة في صدره. نظر إلى الأسفل… حيث انغرس رمح أسود، مغطى بسحر قاتم، داخل قلبه ارتجف جسده، سقط على ركبتيه، وعيناه الواسعتان بالكاد استوعبتا ما يحدث رعد صرخ باسمه، لكن الصوت لم يصل إليه.

نوار كان محاصرًا، يدافع عن نفسه بصعوبة وهو يواجه ظلًا يتحرك بلا ملامح ضربة واحدة، قوية، جعلته يسقط أرضًا وهو يلهث، عاجزًا عن النهوض.

ماجي قاتلت حتى تمزق جلد يديها، لكنها عرفت أن النهاية قادمة عندما سقط آدم أمامها شهقت وهي تراه يتهاوى، نظراته تخبو، الدماء تنساب من شفتيه، ثم… توقف عن الحركة.

ادم مات 

قبل أن تستوعب ماجي هول الكارثة، كانت يدان مخلبيتان قد أمسكتا بـ لينا، سحبتاها إلى الخلف بينما صرخت الأخيرة بصوت ممزق، تحاول أن تتخلص منهما، رعد حاول الوصول إليها، لكنه تأخر  التعاويذ السوداء لُفت حولها كأفاعٍ، خنقتها، جرتها نحو العرش.

باتريكا ضحكت. كان صوتها لحنًا سامًا.

“لن أقتلكِ،” قالت وهي تلمس ذقن لينا بأطراف أصابعها الطويلة. “بل سأجعلكِ شيئًا… آخر.”

على قمة جدار مُنهدِم، راقبتها بصمت.

لم تكن جزءًا من هذه الحرب، لكنها كانت تعرف أنها جزء من القدر.

كانت فتاة بشرية، ليست من القطيع، وليست ساحرة، لكنها لم تكن “بلا شيء.” كانت صيادة، ابنة الليل والغابة، تمتلك هدوء قاتل محترف، وعيونًا لا تخطئ هدفها.

شعرها الطويل، بلون الليل، كان مجدولًا بإحكام، وعيناها الواسعتان تتوهجان بلونٍ فضيّ باهت. بشرتها كانت شاحبة، مغطاة بأثار جروح قديمة، ويدها لم ترتجف وهي تسحب القوس من ظهرها.

بصمت، رفعت قوسها، وسحبت سهمًا واحدًا.

ليس سهمًا عاديًا.

كان مصنوعًا من خشب مقدّس، منقوعًا في دم تنين قديم، ورأسه كان يحمل قطعة من ضوء الشمس المصفّى، لم يكن موجهًا نحو قلب باتريكا، بل نحو شيء آخر… عينها الثالثة.

في اللحظة التي أوشكت فيها باتريكا على تنفيذ تعويذتها، انطلق السهم، كأنه شهاب ممزِّق للسماء.

—وصَدَم عينها الثالثة مباشرة.

صرخة الساحرة ملأت القاعة، ليست مجرد صرخة ألم، بل صرخة تمزّق شيء غير منظور، انكسار لعنة قديمة.

الأرض اهتزت، الجدران تشققت، المخلوقات أصدرت عواءً ممزقًا. 

رعد رفع رأسه، رأى الفتاة أخيرًا.

القت الفتاه سلم من الحبال بعد أن أحكمت ربطه فى شجره أعلى الكهف، ثم صرخت تسلقو سأوفر لكم الحمايه

حلت الفوضى بين المخلوقات التى بدأت تهجم بلا خطه

وكانت باتريكا تصرخ من الألم

ثم صرخت فى احد الاقزام احضر لى عشبة فارتيوخ قبل أن العنك

دفع رعد لينا لتتسلق اولا ثم ماجى ثم نوار

وعندما هم بالتسلق كانت الساحره قد إستعادة قوتها

وقطعت السلم بسحرها

صرخ رعد اهربو انا لا احتاج سلم

صوبت سهام الاقزام تجاه رعد الذى تحول لذئب ضخم

وكان رعد يركض ويناور ثم فجأة بكل قوته قفز

قفزة هائله اوصلته فوق صخور الكهف ثم انطلق راكضآ خلف الفتاه ورفاقه

كان نوار مصاب ولم يتمكن من الركض أكثر عندما وصل رعد وجد نوار مستلقى على الأرض ينزف دم

كانت أصابه بليغه وماجى تحاول إسعافه بلا فائده

وسط الصمت قالت الفتاه استطيع علاجه

انقلوة داخل كهفى

داخل الكهف العتيق، حيث لا يصل ضوء النهار إلا بخجل، حملت الفتاة نوار على كتفيها إلى معقلى شبيه بملاذٍ سريّ؛ جدرانه محفورة بنقوشٍ قديمة تروي حكايات من زمن بعيد، وأركانه تخبئ أسرار الطبيعة وماضيها المظلم،هناك، بين أعواد الخشب المتصدئة وأوعية خزفية صغيرة منتشرة على حجر الأرض، بدأت تستجمع أعشابها النادرة التي تعلمت فنونها في رحلاتها الطويلة عبر الغابات والجبال.

رفعت يديها برشاقة، وأخرجت من حقيبتها الصغيرة ثلاث أعشاب أساسية:

عشبة الفارتيوخ: ذات الأوراق الخضراء الداكنة ولمعة فضية على محاورها، وهي عشبة معروفة بقدرتها على تجديد الخلايا وشفاء الجروح العميقة.

زهرة الليل: زهرة نادرة تتفتح فقط عند خيوط القمر، وتنبعث منها رائحة عطرة ممزوجة بالغموض، يُقال إنها تعيد للنفس شجاعتها وتخفف الألم.

أوراق سماع الظلام: أوراق داكنة بلون السواد، تحتوي على مركبات سحرية تخفف الالتهابات وتعيد النشاط للجسد المنهك.

بدأت الفتاة بطحن هذه الأعشاب في هرس خشبي قديم، تحركت بأصابعها الرقيقة وكأنها تلحن لحن شفاء خاص بها، تستحضر من خلاله ذكريات من ماضيها؛ ماضٍ كانت فيه جزءاً من عشيرة البدو السحريين الذين علموها أسرار الطبيعة والشفاء بطرق لا يفهمها إلا من عاشوا تلك التجارب المرة. كانت همساتها هادئة، تندمج مع صدى قطرات الماء القادمة من بئر صغير داخل الكهف، لتخلق سمفونية علاجية تعبق برائحة التراب والرطوبة.

وضعت المزيج على جروح نوار بيدين خافتين، مستخدمة قماشاً قديماً ليلف به جراحه، وبدأت تهمس بأدعيةٍ عتيقة، نغماتها مماثلة لصوت الرياح المتسللة عبر أوراق الأشجار في ليالي الشتاء الباردة. شيئًا فشيئًا، بدأ لون وجه نوار يتحول؛ من شحوبٍ قاتم إلى دفء الحياة، وبدأ الدم يعاود تدفقه الطبيعي كأنه يستجيب لصوت تلك الطقوس السحرية.

كان الكهف نفسه شاهدًا على هذه اللحظات؛ جدرانه الملتوية التي تحكي قصص بطولات ماضية، وآثار طقوس قديمة محفورة بين الصخور، بدا وكأنها تهمس بسرٍ من أسرار الطبيعة. ذلك المكان كان ملاذها؛ ملاذ تعلمت فيه كيف تتعايش مع الألم وتستمد القوة من الوحدة مع الأرض. فقد كانت الفتاة تعيش على هامش العالم، بين الظل والنور، تحمل على عاتقها ذكريات معارك ضارية، وجرحاً لا يُشفى بسهولة، ولكنها وجدت في الطبيعة مداواة لروحها المتعبة.

وبينما كانت الأعشاب—عشبة الفارتيوخ وزهرة الليل وأوراق سماع الظلام—تعمل سراً في عروق نوار، وقفت الفتاة تراقب بصمتٍ يقظة، عيناها الفضيتان تشعان بعزمٍ لا يلين 

ليلى 

لم تكن ليلى سوى فتاة صغيرة عندما بيعت لأول مرة، حين اختُطفت من قريتها النائية على أطراف الغابة، كانت ابنة صياد بسيط، لم يكن لديها ما يميزها سوى عينيها الفضيّتين اللتين اعتبرهما السحرة علامةً على هبةٍ نادرة أو لعنةٍ قديمة.

بأيديٍ خشنة وقبضاتٍ لا تعرف الرحمة، جُرَّت ليلى عبر الكثبان والوديان، حتى وصلت إلى كهفٍ معزول، حيث لا نور يتسلل، ولا أصوات سوى قطرات الماء التي تتساقط برتابة كأنها تحصي الأيام.

كانت الليالي داخل الكهف سلسلة من العذاب، حيث كان الجلادون يجردونها من قوتها، ليس فقط بالسياط التي مزقت جسدها، ولكن أيضًا بالتعاويذ التي جردتها من أي شعورٍ بالزمن. كل ليلة، كانت تُجلب إلى دائرة من الأحجار المسحورة، حيث يقف الساحر الأول الذي أسرها – رجل يُدعى أركان الساحر الرمادي – وهو يدوّن ملاحظاته حول مقاومتها.

“إنها لا تزال تتحمل… عيناها لا تفقد بريقهما بعد”، قال ذات مرة بينما كان يراقبها وهي تزحف بعد ليلةٍ أخرى من الجَلد.

لم يكن الألم مجرد عقوبة، بل كان جزءًا من تجربةٍ سحرية، اختبارًا لقوة تحملها، وانتظارًا للحظة التي قد تنكسر فيها وتصبح وعاءً مفرغًا يمكن إعادة تشكيله. لكن ليلى لم تنكسر.

ا

بعد شهورٍ من التعذيب والاعتداء ، قرر أركان أن يبيعها. لم يكن بحاجة إليها بعد الآن، لكن سحرةً آخرين قد يرون فيها قيمةً أكبر. هكذا بدأت مزادها الأول.

في ليلةٍ مُقمرة، في سوقٍ مخفيٍّ داخل أطلال مدينةٍ قديمة، وُضعت ليلى على منصة حجرية، مكبلة اليدين والقدمين، فيما تجمع حولها سحرةٌ يرتدون عباءات داكنة، يتفحصونها كما يتفحص التجار بضائعهم.

“عيناها نادرة، دمها قوي”، قال أركان وهو يعرضها للمزايدة.

“أعطيك ثلاث زجاجاتٍ من دم العرافة الحمراء”، نطق صوتٌ خشن من الظلام. كان الساحر الأسود كُليداس، رجلٌ يُقال إنه استبدل قلبه بحجرٍ مسحور ليبقى خالدًا.

وهكذا، مقابل زجاجاتٍ تحتوي على سائلٍ أحمر متوهج، انتقلت ليلى من يدٍ إلى أخرى، كأنها قطعة أثرية وليست إنسانة.

كُليداس لم يكن مهتمًا بتعذيبها بنفس الطريقة، بل كان لديه غرضٌ آخر. كان يريد روحها، أراد تحويلها إلى تعويذةٍ تُمدّه بالقوة. لكنه لم يكن خبيرًا بما يكفي، لذا باعها بدوره إلى ساحر العظام، زهير الملعون، الذي كان يجمع أطفالًا مثلها لاستخدامهم في طقوسه.

داخل قفص ساحر العظام

في قلعته المتهالكة، كانت ليلى تُحبس في قفصٍ معدني، مع آخرين مثلها، كل واحدٍ منهم كان ينتظر دوره ليُستهلك في إحدى طقوس زهير. كان الأطفال الآخرون يتهامسون عن مصيرهم، لكن ليلى لم تتكلم كثيرًا. كانت تحدّق في قضبان القفص.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *