التخطي إلى المحتوى

بارت 33

خرجت غنوة وفريدة من المنزل دون أن يشعر بهما أحد، حيث كان دياب في انتظارهما ليذهبوا معًا إلى منزل عياد.

أما فايزة، فقد وصلت إلى منزلها برفقة نبويه، وبعد قليل، جاء دياب ومعه غنوة وفريدة.

فايزة: “حمدلله على سلامتك يا بتي يا حبيبة الغالي.”

فريدة: “الله يسلمك يا خالة، ويرحم محمد، ويجازي اللي كان السبب.”

نظرت إليها نبويه بأسى: “سامحيني يا ست فريدة.”

فريدة باستغراب: “أسامحك على إيه؟ وبعدين هو أنا أعرفك من أساسه؟”

نبويه: “إنتي متعرفنيش، لكن أنا أعرفك زين جوي.”

فريدة باندهاش: “بس أنا عمري ما شوفتك!”

فايزة: “ده صحيح يا بتي، لكن نبويه عنديها كلام كتير عاوزه تجوله ليكي.”

فريدة: “تحت أمرها.”

نبويه: “إنتي مش جولتي يا فايزة أننا مش هنتحددتو غير لما كل الناس تاجي؟”

دياب: “خلاص دجايج والكل يبجى على وصول.”

فريدة: “أنا مش فاهمة حاجة!”

غنوة: “يا أما، فيه إيه؟”

فايزة: “كل خير، ادخلي يا غنوة اعملي شاي، وزون ما تشربو الشاي، تكون الناس جات.”

غنوة: “حاضر.”

وبالفعل، دخلت غنوة لإعداد الشاي، وبعد قليل، عادت وهي تحمله، وبمجرد دخولها، كان وجيه قد دخل إلى المنزل ومعه صقر.

دياب وهو يحتضن وجيه: “حمدلله على السلامة!”

وجيه: “الله يسلمك يا حبيبي، ده صقر صاحبي.”

نظر دياب إلى صقر بدهشة: “مش إنت صقر الصايغ؟”

صقر: “آه، أنا هو!”

دياب وهو يتفحصه: “طب بصلي كده زين… مافاكرنيش؟”

نظر إليه صقر متفحصًا، ثم هتف: “دياب أبو سويلم! يخرب عقلك يا راجل! عامل إيه وأخبارك إيه؟ وفين أراضيك؟”

ثم وقعت عيناه على غنوة، فسأل: “ديه غنوة؟ خيتك الصغيرة؟ وفين محمد أمال؟”

دياب بحزن: “محمد… تعيش إنت!”

وجيه باستغراب: “استنوا بس، إنتو تعرفوا بعض منين؟”

صقر: “دياب ومحمد … ديتي العشرة الحلوة، صح يا دياب؟” 

دياب : “محمد… الله يرحمه، توفاه الله 

صقر: كيف حصل ديتي ؟

دياب : “ديتي موضوع يطول شرحه.”

صقر وهو يستعيد الذكريات: “الله يرحمه ويحسن إليه، كان أحسن شاب حبيته، كان طيب ونجي من جواه.”

فايزة وقد انهمرت دموعها: “الله يرحمه، اتخطف في عز شبابه!”

صقر : “كلنا ولادك يا أمي!”

وجيه: “أنا عندي فضول أعرف تعرفوا بعض منين؟”

صقر: “أنا هجولك… من فترة كبيرة، لما بيتنا اتحرق، كلفت مهندس يجيب لي رجالة يعمروا البيت، فالمهندس جاب لي اتنين إخوات، أدب وأخلاق، جولت له: ماشي خليهم ياجو… فجاب محمد الله يرحمه، ودياب، وكام راجل تاني معاهم. بس اتنين من الرجالة التانية كانوا بيسرجوا، وغير إنهم كانوا بيعاكسوا حريم البلد، فدياب ومحمد حذروني منهم وكشفوهم جدامي.

ولما حبيت أديهم مكافأة، مرضيوش أبدًا، وجالوا: ديتي أمانة. وقعدوا معانا حبة حلوين، ويشهد ربنا أنهم كانت دايمًا عيونهم في الأرض، ولا عمرهم اطلعوا على حريمنا. وكانوا دايمًا يتكلموا على غنوة، خيتهم، وقد إيه بيحبوها، وأنها جلوعه العيلة كلها.

ولما اتجوزت، دياب ومحمد جابوا غنوة وجم باركولي ونجطوني كماني!”

وجيه باندهاش: “هما دول بقا يا سيدي أصحاب الحق اللي هنرجعه؟”

صقر بحزم: “ده أوجف معاهم بدمي والله!”

ثم التفت إلى غنوة مبتسمًا: “تعرفي يا غنوة، أن جمرية، مراتي، لساها من وقت جريب كانت بتتحدد عليكي، وعلى غناويكي، لما جيتي البلد وحسك الجميل؟”

غنوة بابتسامة خجولة: “الله يكرم أصلك يا أستاذ صقر!”

صقر: “مش جولنا جبل سابج، خيك صقر؟”

فايزة وهي تنظر إلى السماء: “يا سبحان الله، ربنا ده كريم وحنين جوي يا ولاد… محمد راح، وربنا عوضني عنه بولدين تاني، صح؟ مخلفتهمش، لكن والله حبيتهم كيف ولادي!”

وجيه: “ربنا يديم المعروف! فين قهوتك الحلوة بقى يا غنوة؟”

غنوة: “حاضر، من عيوني!”

ثم نظرت إلى دياب وسألته: “الجماعة جايين إمتى؟”

دياب: “خلاص، خمس دجايج ويكونوا هنا.”

وجيه: “على خيرة الله.”

فريدة وقد بدأ التوتر يتملكها: “يا جماعة… حد يفهمني فيه إيه؟!”

دياب: هتعرفي كل حاجة دلوقتي بس أرجوكي امسكي أعصابك، الموضوع مش سهل.

فريدة: يعني هيكون أكتر من اللي جرالي ده كله؟

دياب: آه، أكتر بكتير.

(يأتيه اتصال)

دياب: حضرتك وصلت ومعاك المدام؟ أنا هوقف قدام الباب أستناكم.

(يخرج دياب وبعد بضعة دقائق يدخل ومعه رجل وقور وسيدة وقورة لكن الحزن مرسوم على وجوههم)

دياب: ديتي يا جماعة المهندس وليد الشامي، وديه المدام بتاعته.

الجميع: أهلا وسهلا.

وليد: خير يا أستاذ دياب؟ حضرتك كلمتني وقلتلي إنك محتاجني ضروري جدًا وإن عندك حالة عاوزنا نتكفل بعلاجها، فأنا تحت أمر حضرتك. مدام عزة مراتي هي اللي ماسكة ملفات الحالات في المؤسسة بتاعتنا، احنا بناخد الأوراق الخاصة بالحالة وبنعرضها على الأطباء المختصين وأي تكاليف احنا إن شاء الله بنتحملها.

وجيه: اسمحلي أسألك سؤال يا وليد بيه.

وليد: وليد بس يا ابني.

وجيه: حضرتك مش كبير قوي على “ابني” دي؟

وليد: أنا بعتبر كل الناس ولادي.

وجيه: كنت هسألك سؤال، ليه عملت المؤسسات ديه؟ أنا سمعت إن عندك مؤسسة لرعاية الأطفال الأيتام غير مؤسسات العلاج، هل ده عشان معندكش أولاد؟

(تدمع عينا وليد وزوجته عزة)

عزة: أنا هجاوبك. من حوالي تمنتاشر سنة كده، احنا كنا هنا في الأقصر في نفس القرية ديه. وليد كان مهندس زراعي وكنا متجوزين من خمس سنين وماكانش لسه ربنا أكرمنا ورزقنا بأولاد. وفجأة، ربنا أكرمنا وحصل حمل وكنا في منتهى السعادة. عدت شهور الحمل وجيه ميعاد الولادة. وليد كان في مصر بيجيب مبيدات زراعية ونباتات، وروحت المستشفى…

(ثم تنظر إلى نبوية)

عزة: إيه، أنا فاكرة كويس زي ما يكون النهارده. الست ديه كانت ممرضة في المستشفى، ولما ولدت بعد عذاب تلت ساعات، جبت بنوتة زي القمر، لكن ربنا ما أرادش إنها تعيش. جات الست ديه، واسمها نبوية، آه نبوية، وقالتلي “البقية في حياتك، بنتك ماتت”.

قولتلها: إزاي؟ قالتلي: “لما الدكتور خدها يكشف عليها، قال محتاجة تدخل الحضانة، وبعدها بساعات توفت. واحنا رأفنا بحالتك ودفناها عشان كنتِ لوحدك”.

وعلى ما وليد وصل وعرف، طبعًا حصلنا انهيار، لكن استعوضنا ربنا واحتسبناها عنده، وكرسنا حياتنا كلها لفعل الخير.

فايزة: عشان كده ربنا جازاكم بالخير اللي عملتوه واللي بتعملوه. تعالي يا فريدة، بتكم اهيه، مماتتش ولا حاجة!

عزة: إيه؟ إزاي؟

فايزة: والله بتكم.

(نبوية تبكي)

نبوية: سامحوني، كان غصب عني. منها لله دهبية، أدتني فلوس وهددتني بقتل ولدي وبنتي اللي اتحملت وشيلت ذنب كبير عشانهم. وفي الآخر اتجوزوا وحتى مبيسألوش عليّ.

عزة: إيه التمثيلية الرخيصة ديه؟ تقصدوا منها إيه؟

نبوية: والله العظيم أبدًا، الست فريدة بتكم، وعندي الدليل على كده.

وليد (بأمل كبير): إيه الدليل؟

نبوية: لمؤاخذة يا ست فريدة، خديها وخشوا جوه يا غنوة ومعاكم الست الهانم.

(بعد دقائق)

عزة: حضرتك عارفة العلامة اللي اتولدت بيها بنتك في ضهرها؟

عزة: آه، بنتي فيها في كتفها عنقود عنب اتولدت بيه.

فريدة (تبكي): انتي متأكدة؟

عزة: آه، أنا شفتها أول ما اتولدت وفضلت في حضني نص ساعة.

فريدة: يعني انتي أمي، وده أبويا؟!

عزة: أنا مش فاهمة حاجة.

فريدة: عنقود العنب موجود في كتفي فعلًا!

(ينظر إليها وليد)

وليد: بصي للون عينيها، نفس لون عينيَّ بالظبط!

عزة: تعالي ندخل جوه، أنا فعلًا جوايا إحساس من ناحيتك جميل جدًا، بس خايفة أتعلق بأمل…

وجيه: اسمحولي يا جماعة نعمل تحليل DNA.

وليد: أنا متأكد إنها بنتي. فاكرة يا عزة، أنا شوفت رؤية امبارح، معناها رجوع أعز الناس على قلبي.

عزة: خايفة أفرح وبعد كده…

فريدة: إزاي؟ إزاي كده؟ ولو كنت بنتكم، ليه يحصل لي كده؟!

(ثم تنظر إلى نبوية)

فريدة: عارفة؟ لو أنا طلعت بنتهم، مش مسامحاكي، وربنا ينتقم منك!

غنوة: تعالي نخش جوه يا فريدة، تعالي يا مدام عزة.

(وبالفعل يدخلون الغرفة، وبعد دقائق تخرج غنوة)

غنوة: الحقوا، الست عزة غمي عليها جوه لما شافت عنقود العنب!

وجيه: هات دكتور يا دياب بسرعة!

وليد: ألف حمد وشكر ليك يارب!

(يدخل الغرفة ليجد فريدة تبكي بجانب عزة وممسكة بيدها. يخرج حبة من شنطة عزة ليضعها تحت لسانها لتفيق)

عزة (بدموع الفرح): بنتنا… بنتنا يا وليد… مريم بنتنا!

وليد: اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك!

دياب: وانتي كنتِ تعرفي يا أمي؟

فايزة بحزن: آه يا ولدي، أبوك عرف وجالي، “

عزة :حرام عليكم، ليه حرمتوني من بنتي؟ كل ده؟”

عياد: أنا سكت، بس اعذروني، خوفت على عيالي، أنتوا متعرفوش إجرام الناس دول، كان ممكن يقتلوا حد من العيال، وعشت طول عمري في حالي وماشي جنب الحيط، لكن برضه الشر طال محمد وقتله مندوح الفاجر.

فريدة: والله كأنه حلم، وأنا اللي طول عمري محسّاش ناحيتهم بأي حاجة حلوة. حجاش بس يونس هو اللي حنين عليا .

فايزة: يونس طالع حنين للمرحومة أمه والمرحوم أبوه.

فريدة: دول شياطين، وبعدين ماتوا ميتى ما، أهم قاعدين بشرهم.

فايزة: لا يا بنتي، يونس ميبقاش ولدهم. يونس يبقى ولد فاطنة وعبد الرحمن، الله يرحمهم.

وجيه: لا كده يبقى جنان رسمي!

فايزة: مش جنان، دي الحقيقة، وحياة ولادي، والله يونس يبقى أخو صدفة ومماتش في الحادثة.

قبل الحادثة بأسبوعين، دهبية ولدت ولد ونزل ميت، وخبت على يعقوب وجالت له “لسه معاد الولادة مجاش”، وبعد ما عملوا الحادثة، كان يونس عنده شهر، خبّته وعملت حالها ولدته وخدته وربّته. نبويه متنطجي يا نبويه؟

نبويه بحزن: أجول إيه؟ كل كلامك صح.

فايزة: يونس طالع نسخة من خاله حكيم أبو رسلان. فريدة معاكي صورة ليونس؟

فريدة: آه، معايا صورة، حسابه على الفيس.

وجيه: ممكن أشوفها؟

فريدة: آه، أهيه.

وجيه: مش معقول، ده كأنه حكيم، الله يرحمه.

فايزة: ياريت تسامحوني كلكم.

وجيه: عذركم خوفكم على ولادكم، وطبعا يعقوب ميعرفش إن فريدة مش بنته.

فايزة: هو كده.

دياب: والعمل دلوقتي؟ يونس لازم يعرف.

غنوة بخوف على يونس :لو عرف هيدمّر.

صقر: لأ، خلي يونس دلوقتي.

وجيه: إزاي بس هبص في وشه بعد ما دمرتله شغله وحياته؟

دياب: انت عملت الصالح، طهرته من الفلوس الحرام.

غنوة: طيب هنعمل إيه؟

وجيه: بعد إذن مدام عزة ووليد، فريدة هترجع البيت تاني وكأن شيء لم يكن.

عزة: مستحيل طبعا.

فريدة: لازم أعاود، عشان أنتقم منهم.

وليد: تنتقمي؟

فريدة: آه، أنتقم لمحمد، حبيبي اللي قتلوه غدر.

دياب: آن الأوان، أنا كمان أجول السر.

فريدة: كفاية أسرار بقى.

دياب: أنتي بالذات هتفرحي جوي لما أجول السر ديت.

دياب: فاكرين لما عيسى عرف إن مراته حبلى؟

غنوة: آه، حتى محمد راح يساعده.

دياب:  راح ورجع لما مندوح كسر نفسه وجاله “أنت شحات وجاي عشان تاخد اللحم”، ورجع نفسه مكسورة.

يوميها عيسى ويونس جم راضوه وخدوه وراحوا على بيتهم، وبعدها جم الفاتحة بتاعتي على المحروجة رُجية ونجّطوني، وعيسى جال “الشوار كله عليه”.

عياد: آه فاكر يا ولدي، إيه السر في كده؟

دياب: مندوح الملعون يوميها سرج محمد وضربه جلمين، وكان هيكتفه، لولا يونس شاله من تحت إيده، قام مندوح حلف ليقتل محمد.

فايزة: وفعلا قتله الملعون.

دياب: ما هي دي المفاجأة.

غنوة: متجول بقى.

دياب يخرج تليفونه: تعالي يا غالي.

فايزة: مين جاي يا ولدي؟

غنوة: تلجى يونس؟

دياب يضحك: اصبروا بس هبابة صغيرة.

وبعد بضع دقائق والجميع في قلق، يدخل عليهم شخص ملثم.

غنوة: مين اللي وشه مخباي ديت؟

ليخلع الشخص الشال من على وجهه.

فايزة: مش معقول، محمد! محمد ولدي، صح؟ أنت محمد؟

غنوة: محمد أخوي! محمد الغالي!

عياد: مين أنت يا ولدي؟

محمد: أنا محمد يا أبوي.

فايزة: كيف محمد؟ كيف؟

فريدة: محمد حبيبي الغالي! أنا كنت حاسة إنك عايش، والله قلبي كان محدتني. استني، استني! يعني لما جيتني الأوضة بتاعتي مكانش حلم؟

محمد: آه، مكانش حلم، كنت أنا، كان لازم أطمن عليكي بعد اللي حصل.

صقر: نفهم بقى، أنا كده مخي هيطق، ده حديت كيف الصح؟

غنوة: متنطج يا دياب! عملتوا كده ليه؟

دياب: أنا هجولكم، احنا عملنا كده عشان ننتقم، ومحمد كان متخبي عند عم شعيب، وهو اللي ساعدني في كل حاجة.

عياد: حرام عليكم، توجعوا قلوبنا كده على الغالي ليه بس كده؟

فايزة: هان عليكم أمكم وأبوكم تحرقوا قلوبهم كده؟

دياب: الفكرة كلها فكرتي أنا يا أمي، أنا هجولكم على كل حاجة.

مندوح كان ناوي يلفّج لي تهمة إني بتاجر في المخدرات، عشان يتجوز الملعونة رجية، وكمان عشان عرفت إنه تاجر مخدرات كبير.

في الأول، مصدّجتش عم شعيب لما جالي إنه شاف رجية مع مندوح، ولما خليت حد يراقبهم، عرفت إن عم شعيب كل كلامه صح.

وكمان عسران جالي إنه سمع مندوح بيتفق مع واحد من رجّالته إنه يحط لي مخدرات عشان أتحبس واتأبد.

فايزة: ومندوح يكرهك جوي كده ليه؟ عشان رجية؟

دياب: لا يا أمي، غير موضوع رجية والمخدرات، مندوح كان في مرة حاول يعتدي على شيماء بنت عم شعيب، وأنا شوفته في الأرض بيحاول يعتدي عليها، قمت خلصتها منه، وضربته بالطورية على رأسه.

وجت عم شعيب شالها، جميلة لي أن ربنا قدرني وسترت عرضه.

وبعدها لما مندوح روح، جالهم إنه اتعور عويرة بسيطة، وعسران سمعه بيتفق على إنه يا يلفّج لي تهمة، يا يقتلني.

قام عسران جالي، “أنا هسحب واطلع شقته أغير الطلق من الطبنجة”، وكل اللي حصل عند الملعونة رجية كان باتفاق بيني وبين محمد، وأنا اللي جلت لمحمد يفز مندوح، وحطينا كيس دم لمحمد.

عياد: عشان كده جلت إنك هتدفنه لحالك؟

دياب: أنا أديت لمحمد حباية منوّم، ودفنته بالعاني، وبعد ما مشينا، عم شعيب راح طلعه هو وولده الصغير، وخبناه عنده.

غنوة: آه يا أولاد الجزمة القديمة! سايبينّا نعدّده وننوح على محمد، وانتو عاملين علينا ملعوب؟

عياد: حسابكم معايا بعدين على اللي عملتوه فينا ديتي!

ليضحك محمد: خلاص، قلبك أبيض بقى يا أبوي.

ليحتضن عياد وفايزة محمد وهم يبكون.

فريدة: كده بردك يا حمادة؟

محمد بتنهيدة: وحشتني جوي، حمادة منيكي يا فريدة، قلبي.

فريدة: احم احم، أنت عارف مين دول؟

محمد: سامحوني يا جماعة.

صقر: له عادي يا جن.

محمد: صجر، صح؟

صقر: أنت اللي كنت بتجولي “يا جن”؟

محمد: أمال مين بقى الناس النضاف دول؟

فريدة: مش انت بس اللي بتاع مفاجآت، والله.

فايزة: خلاص، والله فيه.

لينظر إلى دياب.

دياب: سر واحد بس، هو إني حبيت شيماء بنت عم شعيب، وعاوز أتجوزها.

فايزة: ده يوم المنى، هي دي اللي تستاهلك صح يا ولدي.

عزة (وهي تحتضن فريدة): ممكن أفهم بقى؟ إيه حكايتك إنتي ومحمد يا ست فري؟

فريدة (بابتسامة): محمد ديتي قلب قلبي وعشقي…

محمد (يبتسم): بس يا بت مش قدام الناس.

وليد: والله يا ابني أنا متمناش لبنتي حد أحسن منك، باين عليك بتحبها أوي، بدليل إنك في عز اللي حصل ده كله غامرت وروحت تطمن عليها.

محمد (بصوت صادق): مش هكدب لو قلتلك إن فريدة ديتي روحي وحلم حياتي.

غنوة (مازحة): نحن هنا 

محمد : بس إنتي يا غنيوة؟

وجيه (بعد كل المفاجآت): دياب هياخد فريدة ويروح البيت هناك، ويطردهم كلهم بالعقود اللي معاه، عشان انتقامنا يكمل.

وليد (بدهشة): اسمحلي يعني يا وجيه بيه، حضرتك أكبر وأهم رجل أعمال في الشرق الأوسط، إيه اللي دخلك في الموضوع ده؟

وجيه (بجدية): الموضوع ده يهمني أوي.

فريدة: تعرفوا؟ هموت ونفسي أطمن على…

محمد (مبتسمًا): عليا طبعًا؟

فريدة (تنظر له بحدة): بطل هزار، نفسي أطمن على صدفة، جوي قلبي بيتقطع عليها.

وجيه (بخبث): ده أنا سمعت كده إنها واحدة متخلفة وإنك بتكرهيها؟

فريدة (بغضب): لا، أنا مسمحلكش! صدفة ست الكل، وحبيبتي، وصاحبتي، وأكتر من أختي، كفاية حنيتها وطيبتها وقلبها الأبيض، والله لا أنتقم لها منهم مهما حصل.

وجيه (ينظر إليها مطولًا): وليد، سألتني إيه دخلي في الموضوع صح؟ أنا يا سيدي أختي تبقى مرات خال صدفة، وصدفة وأولادها عندنا معززين مكرمين.

صقر : وكمان وجيه بيحبها وغرقان لشوشته في حبها.

وجيه (محرجًا): إنت لازم تحرجني يعني؟ بصراحة، في الأول صعبت عليا، فقررت أساعدها، بس بعد كده… حبيتها، وبقيت مغرم بيها، بجنانها، وخفة دمها، وعفويتها.

فريدة (ضاحكة): أمال لو عاشرتها تعمل إيه؟

وجيه (ساخرًا): هتجنن طبعًا!

عزة (بقلق): بس أنا خايفة عليكي منهم يا فريدة، دول عيلة مجرمة، وحسب كلامكم يعني… ما خلوش حاجة حرام ما عملوهاش! إيه ده؟ قتل واغتصاب وتجارة مخدرات! في حد كده؟

فريدة (بحزم): سامحيني يا أمي، لازم أنتقم منهم.

عزة (تنظر إلى وليد): خلاص يا بنتي، أنا مطمنة عليكي، ما دُمتِ في حمى ربنا ودياب.

_________________________________________

في المستشفى

كان ممدوح قد خرج من غرفة العمليات بدون رجلين، وأصبح بنصف جسد فقط، وذراعاه مجبستان. حينما رآه يونس بكى من الحزن على حال أخيه كما كان يعتقد.

الطبيب: ملوش داعي وجود حضرتك، ممكن تيجي بكرة يكون عدى مرحلة الخطر.

يونس (بحزن): مش عارف لما يفوق ويعرف هيجراله إيه… هات العواقب سليمة يا رب.

الطبيب: خلاص يا ابني، اللي حصل حصل.

يونس (متنهدا): الحمد لله على كل حال.

ليترك يونس المستشفى وهو يشعر بثقل في قلبه، ثم يهمس لنفسه: “أنا مش عاوز أروح البيت… أروح فين بس يا ربي؟”

ثم يقرر: “هروح أقعد في الجامع، أصلي، وأدعي ربنا يشيل عننا الغُمة دي”.

______________________________________

في بيت الدجال

ذهبت إنعام إلى الدجال وهي تحمل في قلبها نية لا يعلمها أحد غيرها.

إنعام: عاوز إيه؟

الدجال: انتي اللي عاوزة.

إنعام: طيب، اعمل لنا شاي عشان الكلام هيحلو.

الدجال: فين الفلوس؟

إنعام: نص ساعة وأمي هتيجي بمبلغ كبير جوي.

فرح الدجال بسماع هذا الكلام، وذهب لتحضير الشاي وهو مطمئن، لكن لم يكن يعلم أن لحظاته الأخيرة قد اقتربت. انتهزت إنعام الفرصة، وأخرجت سكينة من ملابسها، ثم انهالت عليه بالطعنات حتى سقط جثة هامدة يلفظ أنفاسه الأخيرة. نظرت إليه للحظة ببرود، ثم خرجت وكأن شيئًا لم يكن.

__________________________________________

في منزل يعقوب

وصل دياب ومعه فريدة، وبدأ يصيح بصوت عالٍ:

دياب: يا أهل البيت! يا اللي هنيه!

دخل عيسى بعد أن تعب من البحث عن عفاف، وبعده دخلت إنعام وعيناها زائغتان، تبدو عليها ملامح الخوف والتوتر.

عيسى: فيه إيه يا دياب بتزعج كده ليه؟ البيوت ليها حرمة يا أخي!

دياب: أبوك وأمك فين؟

نزلت دهبية وهي في حالة يُرثى لها، وجهها يحمل آثار الضرب، وشعرها مشعث.

عيسى: إيه اللي شنّدلك حالك كده يا أماه؟

دهبية (بغضب وحزن): المغدورة! مرات أبوك وبِتها!

نظرت إلى فريدة بدهشة وقالت:

دهبية: إيه اللي نزلك من فوج يا بِت؟

دياب (بحزم): حدّدتيني أنا! فين يعقوب؟

عيسى: يعقوب كده من غير حجّ؟

دياب (ينادي بصوت عالٍ): يا أم سامية! يعقوب فين؟

أم سامية: فوج عند الست خيرية يا ولدي.

دياب: بعد إذنك، روحي نادي لهم، ونادي كمان على رُقيّة.

أم سامية: حاضر.

صعدت أم سامية لتنادي على يعقوب وخيرية ورقية، ثم قالت لهم:

أم سامية: سِي دياب عاوزكم ضروري جوي.

يعقوب: عاوز إيه الواد المحروج ديتي؟

خيرية: تعالى نشوفوه، ونتسلّى عليه شوية.

ذهبت أم سامية أيضًا لتنادي رُقيّة، وأخبرتها أن دياب يريدها. بعد لحظات، نزل الجميع.

خيرية (بتعجرف): عاوز إيه يا واد؟ وإزاي تجلّج أسيادك كده؟

دياب (بحدة): أخرسي يا عجربة! جطع لسانك!

رُقيّة (بغرور): جطع لسانك إنت دلوك يجِي ممدوح ويأدّبك، ويُلبّسك طرحة كيف الحريم!

دياب (يضحك بسخرية): ممدوح؟ لا والله، ضحكتيني! ممدوح مرمي ف المستشفى، وجطعوا له نص جسمه! يعني بجى من غير رجلين خالص، ومبجاش ليه أي عازة!

رُقيّة (بصدمة): إنت اجنيت؟!

دياب: ليه؟ متسأليهم.

نظرت رُقيّة إلى الجميع بذهول، ثم التفتت إلى عيسى.

عيسى (بحزن): كلامه صحيح، يا رُقيّة، ممدوح أخوي انتهى خلاص!

دياب (بحسم): طيب، تقدروا تكملوا كلامكم برا بيتي. يلا غوروا! معايزش أنجاس ف بيتي!

يعقوب (غاضبًا): أخرس يا واد! إنت أحسن أضربك بالنار وتلحق أخوك!

دياب: جُلت برا!

عيسى (بدهشة): حديث إيه ديتي؟

دياب (يضحك بسخرية): آه، ما إنتو متعرفوش! البيت والأراضي بجيو ملكي، ومتسجلين ف الشهر العقاري!

دهبية (بتألم وهي تكاد تفقد وعيها): بتخرف! إنت بتجول إيه يا دياب؟ موت أخوك لحس مخك؟

دياب (بحزم): من غير غلط، انتي ولية كبيرة، معايزش أغلط فيكي.

عيسى (بغضب): متتكلم زين يا واد انت!

دياب: هو ده ديتي اللي عندي.

في هذه اللحظة، دخل يونس بعد أن سمع أصواتهم العالية.

يونس (بقلق): إيه اللي عمل فيكي كده يا أما؟ وبتزعج ليه يا دياب؟

عيسى: الواد ديتي أجن، وجاي يجول حاجات غريبة!

يونس (بتعب وضيق): حاجات إيه؟ الله يرضى عليكم، أنا خلاص تعبت! مبقيتش حمل أي حاجة!

فريدة (بتمثيل واستعطاف): خلاص يا دياب، أحب على يدك!

دياب (باحتقار): بس يا بت المركوب! انتي كمان؟ مش كفاية رضيت بيكي واستحملت عارك!

رُقيّة (بتحدي): مالك يا واد انت؟ حدش جادر عليك ولا إيه؟

دياب (بحدة): أخرسي انتي يا عجربة!

خيرية (بسخرية): إيه؟ مش جادرين عليه؟ ده عاوزه مركوبين على خشمه! الكلب ديتي .

دياب (بغضب وانفعال): وأنا واجع راسي معاكم ليه؟ أنا هاجيب جوه من الجسم، تطلعكم من البيت، ترميكم برا!

يونس (بصدمة): كلام إيه ده يا دياب؟

مد دياب يده وأخرج ورقة من جيبه، ثم ناولها لـ يونس.

دياب (بغرور): خُد! اجرا الورجه ديتي، وعليه ختم أبوك!

يونس (يأخذ الورقة وهو مرتبك): ورق إيه ده؟

دياب (بابتسامة انتصار): ده تنازل من أبوك عن كل حاجة يملكها ليا!

يونس (بدهشة):  ميتي؟ وكيف حصل الكلام ديتي؟!

نظر يونس في الورقة جيدًا، وفجأة تغيرت ملامحه، فقد كان كل شيء حقيقي. رفع عينيه إلى يعقوب وسأله بغضب مكبوت:

يونس: إنت صوح كتبت كل حاجة لدياب يا أبوي؟

يعقوب : ده واد كداب! وأنا هأنادِم الغَفر يعرفوه مجامه!

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *