رواية عفريتة المساء الفصل الثاني 2 بقلم سامية السيد
رواية عفريتة المساء البارت الثاني
رواية عفريتة المساء الجزء الثاني
رواية عفريتة المساء الحلقة الثانية
«لا داعي للخوف… أقولها لكم، وأنا أرتجف أكثر منكم!»
تراجعتُ خطوة إلى الوراء، لكن قدمي كانت ترتعش بشدة. نظرتُ إليها بعينين متسعتين، وحلقي جاف، ثم همستُ بصوت مرتجف بالكاد يُسمع:
“ا-انتي… مين؟”
لم تُجب فورًا، بل مالت برأسها قليلًا، وابتسامة غريبة تتسع على وجهها. عيناها لم تكن كعيني البشر… كان الدم يتدفق منهما، وكأنه دموع ساخنة تتساقط ببطء. ثم، بصوت مخيف، أجابت:
“أنا هوداء…”
تجمدتُ في مكاني، ولم أستطع حتى أن أتنفس. تابعت بصوت كريه، كأن صدى أرواح معذبة يهمس خلف كلماتها:
“أكره البشر… أنتم مزعجون! تخيفوننا تزعجننا، فتكون عقوبتكم أن أخفيكم… من أرضكم إلى أرضنا!”
صرختُ من الرعب، وركضتُ بكل ما أملك من قوة، رددتُ بصوت متحشرج:
“الله لا إله إلا هو الحي القيوم لاتاخذه سنة ولانوم!”
قدماي بالكاد تلامسان الأرض، حتى أنني لم أشعر عندما سقط حذائي، ولم أتوقف لأستعيده. ظللتُ أجري كالمجنون، الهواء يصفع وجهي، حتى وجدتُ نفسي خارج المقابر. لم ألتفت أبدًا، لم أكن أجرؤ على ذلك!
وصلتُ المنزل أخيرًا، وقبل أن أستعيد أنفاسي، كنت أطرق الباب بجنون.
فتحت أمي الباب وهي تنظر إليّ باندهاش:
“إيه اللي جرى لك يا كريم؟ جاي تجري ليه؟! وبعدين… إيه ده؟! حافي؟!”
نظرتُ إلى قدمي، ولم أجد سوى التراب يلطخها. رفعتُ رأسي إليها وقلتُ وأنا أرتجف:
“ماما… روحي صلّي، احمدي ربنا إني جيت، العفريتة كانت هتخفيني يا ماما!”
عقدت حاجبيها ثم ابتسمت بسخرية:
“العفريتة؟! يا حبيبي، دي لو شافت همك كانت جريت هي!”
لم أصدق ردها، فصرخت بانفعال:
“أنا مش بهزر، شُفتها بعيني! والله العظيم كانت هتاخدني!”
لكنها اكتفت بهز رأسها، وقالت وهي تمشي:
“ماشي يا كريم، هاتنام بقى ولا لسه عندك حواديت تانية يابو خمسه وعشرين سنه؟”
نظرتُ إليها بيأس، ثم سرتُ ببطء إلى غرفتي. جلستُ على سريري، وضغطتُ على رأسي بيديّ… كيف سأتمكن من النوم الآن؟!
بعد لحظات، قفزتُ من مكاني، وركضتُ نحو الصالة، حيث كان أخي الصغير كرم نائمًا. حملته رغمًا عنه وعدتُ به إلى غرفتي، رغم أنه في العادة كان يتوسل لينام معي وكنت أرفض دائمًا!
وضعته على السرير، وحاولتُ إيقاظه:
“كرم… كرم… اصحى!”
فتح عينيه نصف فتحة، وتمتم بنعاس:
“إيه يا كريم؟”
بلعتُ ريقي، ثم همستُ بصوت ضعيف:
“أنا مش قادر أنام…”
نظر إليّ بملل وقال:
“وأنا مالي؟! وبعدين… إنت ليه جبتني هنا؟!”
لم أجب، فقد بدأ صوت خبط عنيف يملأ الغرفة… الأنوار تومض بسرعة، تنطفئ وتعود مرة أخرى. أمسكتُ بكرم وهززته بعنف:
“كرم! بالله عليك، قوم! النور بيقطع… مش سامع الخبط؟!”
فجأة، انفتح باب البلكونة وحده!
نظرتُ إلى جانبي… كرم لم يكن هناك!
تسمرتُ مكاني، وشعرتُ بأن الدماء تجمدت في عروقي. التفتُ ببطء نحو البلكونة، وهناك… وسط الظلام، سمعتُ الصوت نفسه، لكنه كان أقرب هذه المرة:
“أنا هوداء…”
ارتجفتُ، وتراجعتُ إلى الوراء حتى اصطدمت بالحائط. كانت تقترب، وجهها المشوه يزداد وضوحًا في الظلام، وعيناها النازفتان تحدقان بي مباشرة. حاولتُ أن أستجمع أي آية من القرآن، لكن رأسي كان فارغًا… وكأن عقلي توقف عن العمل تمامًا!
إنها تقترب… تقترب مني أكثر …
يتبع….
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية عفريتة المساء)
التعليقات