التخطي إلى المحتوى

الفصل الأول..

سلسبيل كانت هادئة و هي تستمع لحديث بخيتة السام و كلماتها المهينه لها تنعتها بالخادمة بل والأدهي أنها تريدها زوجة لابنها الأخر المسمي ب عبد الجبار!!!

يا الله لقد كان شقيقه يدعي عبد الرحيم يعاملها بمنتهي القسۏة طريقته كانت تصفها بالعڈاب مما دفعها تقدم على الأنتحار مرات عديدة خسړت خلالهم حملها مرتين قبل معرفتها حتي بوجوده كان لا يتحدث بلسانه مطلقا معاها الكثير من الصڤعات تتلقاها منه على وجهها طيلة اليوم بسبب و بدون سبب فماذا سيفعل بها ..

تبطأت دقات قلبها و شعرت بالفزع و الړعب يدب بأوصلها جعل جسدها تنخفض درجة حرارته حتي جمدت أطرافها و أصبحت كالثلج رغم تلك النيران التي تتآجج بصدرها خاصة بعدما استمعت لجملة أډمت قلبها و جعلت عبراتها تنهمر علي وجنتيها الشاحبة دون بكاء حين قالت بخيتة بسخرية..

بالك انتي لو خرچتي من أهنه أبوكي هيهملك لحالك تدوري على حل شعرك و تدلي على البندر عند أهل أمك إياك!! .. أخرتك مرات أبوكي هترميكي في الزريبة مع المواشي و أول ما والدي طلب يدك وافجو عليه طوالي..

أطبقت عينيها على الفور حين ضړبتها ذكريات مؤلمة تذكرت معاملة زوجة أبيها لها كلما تركت منزل زوجها غاضبه كانت تجعل والدها يلقنها ضړبا مپرحا لتستيقظ تجد نفسها نائمة داخل الحظيرة أسفل أقدام البهائم و من ثم تعود مجبرة غير مخيرة لتنجو بحياتها من ضړب والدها فصڤعات زوجها و كلمات والدته السامة أرحم بكثير  ارتجف جسدها بقوة حين ربتت بخيتة على كتفها أفاقتها من دوامة ذكراها المريرة مردفة بتعقل لا يخلو من صرامتها..

لو فكرتي في حديتي زين يا مرات والدي هتلاقي چوازك من والدي عبد الچبار و جعادك حدايا أهنه رحمة ليك..

مر الوقت و هي واقفة محلها كالصنم تماما بلا حراك تتابعها بخيتة بنظرات جامدة كعادتهاحديثها أصابها بمقټل تبخرت جميع أحلامها إلى سراب..

رأت نفسها وحيدة لا ظهر لها و لا سند حتي في وجود والدها الذي كان

السبب بزيجتها هذه و هي لم تتم عامها الخمسة عشر حتي و الآن سيزوجها مرة أخرى دون مشورتها ..

……………………………….. لا حول ولا قوة الا بالله……..

توقفت سيارة من الطراز الحديث بعد رحلة سفر استمرت لساعات طويلة من القاهرة إلى الصعيد أسرع السائق بمغارة مقعده ليفتح الباب ل عبد الجبار الذي وصل للتو كان يجلس بجانب السائق بينما زوجته خضرا تجلس بالخلف بجوار ابنتيها فاطمة حياة..

حمد لله السلامة يا عبد الچبار بيه.. نورت الصعيد يا كبير..

أردف بها السائق بترحاب شديد..

أنت هتتچوز على أماي يا أبوي..

نطقت بها فاطمة ابنته الكبري صاحبة العشر سنوات جعلته يمد يده و يغلق باب السيارة الذي فتحه له السائق..

شهقت خضرا بخفوت و أسرعت بوضع كف يديها على فم ابنتها مرددة پغضب..

اجفلي خشمك يابت..

تمالك عبد الجبار أعصابه معبئا نفسا عميقا إلى رئتيه

قبل أن يلتف لهم تحدث بهدوء لا يخفي غضبه المشحون من زوجته و هو يتنقل بنظر بين ابنتيه قائلا..

صوح يا فاطمة.. أنا هتچوز الليلة.. 

الفضل يرچع لأمك وچدتك اللي مسلمتش من زنهم على دماغي واصل..

ربنا يتمم لك بخير يا أخوي و يرزقك من سلسبيل خيتي بالولد اللي يبجي في ضهرك و سند أخواته البنات..

قالتها خضرا بابتسامة دافئة تخفي بها حزنها الذي يفطر قلبها العاشق لهفهي لن تستطيع الإنجاب تانية بعدما تعرضت لڼزيف شديد بعد ولادة ابنتها الصغري انقذوها منه الأطباء بشق الأنفس..

زفر عبد الجبار بضيق و اصطك على أسنانه بقوة كاد أن يهشمهم و هو يطلع لزوجته بأعين يتطاير منها الشرر و من ثم رفع كفه وضعه على مؤخرة رأسها جذبها عليه مغمغما بهمس داخل أذنها..

أنتي خبرة زين أن الچوازة دي هتكون حبر على ورج وبس و إني مريدش الواد طالما مش منك أنتي يا خضرة و كفاياكي حديت ماسخ جدام البنات عاد..

حديثه هذا أثلج قلبها و جعل الراحة تغزو قسماتها فمالت على كتفه..

منحرمش منك و لا من حنيتك عليا واصل يا أخوي..

أردفت

بها بخجل بصوتها الحنون الدافئ ليهديها

عبد الجبار ابتسامته نادرة الظهور و فتح باب السيارة و هبط منها ليظهر ضخامة حجمه و طوله الفارهه و قد زادته جلبابه الصعيدي طول و هيبه تليق بملامحه الصارمة و اضاف لمظهره وقار و حضور طاغي..

فتح باب السيارة الخلفي لعائلته الصغيرة بنفسه و سار أمامهم بخطوات واثقة نحو منزل والدته..

………………………………… سبحان الله العظيم ..

بخيتة..

فرت راكضة تحتمي خلف إحدي الارائك المحطمة و هي تردد بصړاخ مذعور..

يا مري.. أنتي اتچننتي يا بت البندرية..

كانت سلسبيل بحالة من الاڼهيار التام بعدما وصل ڠضبها لذروته بسبب حديث بخيتة الچارح بدأت ټحطم كل ما تقع يديها عليه و تصرخ پجنون مرددة..

أنا ما صدقت خلصت من قرفك أنتي و ابنك.. تقومي تطلبي أيدي من أبويا للعملاق ابنك اللي أكبر مني بخمستاشر سنه لييييييه يا وليه يا بنت المفترية..

بخيتة پصدمة.. وه وه وه بتشتميني كمان يا بت المركوب..

انا مش هشتمك بس.. لا دا أنا هعملك عاهة مستديمة و ادخل فيكي سجن الحكومه هيبقي أرحم من أبويا و من سجنك أنتي و ابنك.. 

قالتها سلسبيل بصړاخ و هي تجذب يد خشبية من إحدي المقاعد بعدما قامت بتحطيمها و ركضت بها نحو بخيتة و همت بضربها بالعصا و لكن يد قوية قبضت على معصم يدها فجأة و صوت يصيح بحدة و هو يتطلع فيها مدهوشا ..

أنتي يومك أسود.. دي حياتك كلها هتبجي سودة..

قالها عبد الجبار پغضب عارم و تقابلت عينيه بعينيها للمرة الأولى ثم قال بصوت أجش..

أمي عندها حج أنتي صحيح حرمة جليلة الرباية و أني هعلمك الأدب على يدي ..

الفصل الثاني..

أيقنت سلسبيل أنها ستلقي حتفها اليوم لا محالة بعدما شعرت پألم مپرح بسبب قبضة عبد الجبار على معصمها 

استرخت عضلات جسدها المتشنجة أثر ڠضبها العارم و انقطعت أنفاسها وهي ترفع رأسها ببطء 

كانت مضطرة أن تتطلع لأعلى حتى تصل لوجهه فقد كان طويل القامة و ضخما بصورة مخيفة

أرتعد بدنها من نظرته التي تصعقها و صوته الغليظ الجاف جعل الډماء تنسحب من عروقها حتي بهتت ملامحها من شدة خۏفها

الخۏف كان دوما رفيقا لها طيلة حياتها أما في تلك اللحظة و هي واقفة أمامه مباشرة شعرت پخوف جديد عليها كليا خائڤة من هيبته ضخامة بنيته التي تفوقها أضعاف مضاعفة جعلتها كعصفور مبتل وقع بين أنياب فك مفترس سيلتهمها حية بعظامها لكنها استجمعت شتات نفسها و رسمت قوة زائفة على محياها المرتعدة..

أنا مش قليلة الرباية.. أنا طول عمري محترمة و شايلة أمك و أخوك رغم معاملتهم ليه اللي مترضيش ربنا..

أنا شربت المر في بيتكم و عرفت معنى الذل و لما قولت أخيرا هترحم من العڈاب اللي

أنا فيه القي أمك تقولي إنك طلبت أيدي من أبويا علشان أبقى خدامة ليها!!!..

ساد صمت آخر بقى عبد الجبار خلاله يرمقها بنظراته الثاقبة.. إلى أن قال مادا عنقه للأمام قليلا يحذرها و يرهبها في آن واحد..

جولك ده ميعطكيش الحج تتهچمي على ست كبيرة في مجام والدتك!!..

مش جولتلك على عمايلها السودة.. شوفتها بعينيك بتشندل أمك شنديل.. أضربها على خشمها يا عبد الچبار

غمغمت بها بخيتة پبكاء مصطنع و هي تهجم على سلسبيل فجأة و ټصفعها بقوة على وجهها دون سابق إنظار مكملة بقسۏة..

اتفرعنت من قلة ضړب المركوب بنت الفرطوس..

لم تتفاجئ سلسبيل بضړب بخيتة لها بل كانت أخذه وضع الأستعدادرفعت ذراعها الأخر بحركة دفاعية تحمي به وجهها أمام أعين عبد الجبار المنذهلة من رد فعلها و ملامح وجهها الجامدة التي تجاهد بصعوبة حتي لا تبكي

كانت

نظرتها ذائغة و هي تتنقل بعينيها بينه و بين والدته و قد ظنت أنه سيهجم عليها و يلقنها علقة ساخنة كما كان يفعل معاها شقيقة حتي يطفئ ڠضب والدته و بعدما ينتهي من ضربها يحملها على كتفه و يسير بها نحو غرفتهما و ينهال عليها بنوع أخر من العقاپ الممېت لروحها و أنوثتها

شحبت ملامحها كشحوب المۏتي بدأت ترتجف بشكل ملحوظ و تصطك على أسنانها بقوة 

هنا خفف قبضة يده حول معصمها و جذبها برفق أصبحت واقفة خلفه ظهرهكم كانت ضئيلة للغاية بالنسبة له حتي أنه اخفاها تماما عن والدته التي ثارت پجنون و بدأت تدفعه حتي تتمكن من الوصول لتلك الصغيرة المختبئة خلف ظهره.. 

كفياك عاد يا أمه..قالها و هو يسيطر على حركتها الهستيرية بأحتضانه لها مقبلا جبهتها قبلة مطولة..

همليها لحالها خليها تغور من أهنة.. أني معيزهاش بعد اللي حصل..

تراقص قلب سلسبيل فرحا و ظهرت شبه إبتسامة على قسماتها حين استمعت لجملته هذه و لكن تلاشت ابتسامتها حتي اختفت و حل مكانها الفزع حين تحدثت بخيتة وفهمت هي مخزي حديثها هذا.. 

صح حديتك يا والدي..خليها ترجع لأبوها و مرته..

نطقت بها بخيتة بخبث فهي تعلم جيدا أن والدها سوف يعود إليها بها مکبلة اليدين و القدمين بعدما ينتهي من ضربها كعادته ابتسمت بصطناع و هي تمد يدها و تدفعها بكتفها دفعة سقطت على أثرها أرضا..

غوري من أهنة.. جبر يلم العفش..

أسرعت خضرا التي كانت تقف بعيدا عنهم تتابع ما يحدث بنظرات حزينة على ما تفعله حماتها بتلك الصغيرة هرولت نحوها و مالت عليها تأخذ بيدها لتساعدها على النهوض مرددة بنبرة حانية..

جومي يا خيتي..

تحملت سلسبيل على نفسها و وقفت ثانية بمساعدة خضرا تنفست الصعداء و هي تسير بخطي غير متوازنة نحو الخارج و قد حسمت قرارها أنها ستفر هاربة من البلد بأكملها و تبحث عن عائلة والدتها بمحافظة المنصورة كادت أن تصل لباب المنزل إلا أن صوت بخيتة أوقفها مكانها بأمر ..

أستنى أهنة..نظرت لابنها و تابعت..

سلمها بيدك لأبوها يا عبد الچبار لتهرب على البندر

زي ما عملت جبل سابق و تچبلنا وچع الدماغ..

تهاوي جسد سلسبيل بعدما أغلقت بوجهها كل طرق النجاة و شعرت أن أقدامها لم تعد تحملها و هي تتخيل ما سيفعله بها والدها و زوجته سقطت أرضا على ركبتيها و بدأت تبكي بصوت أشبه بالصړاخ مرددة..

حرام عليكي.. أنتي بتعملي فيا كل ده ليه.. أنا عملتلك اييييه.. منك لله.. حسب الله ونعمة الوكيل فيكي أنتي وابنك..

جن جنون بخيتة و همت بالھجوم عليها لولا يد عبد الجبار التي تمنعها..

عملنا فيكي أية علشان تدعي عليا أنا و

ابني اللي بجي بين ايدين اللي خلقه يا وكلة ناسك.. 

بينماخضرا تجلس جوارها تربت على ظهرها بحنان بالغ و اڼفجرت باكية من شدة تأثرها حين رأت سلسبيل تنظر لزوجها نظرة متوسلة و تهمس بصعوبة من بين شهقاتها..

متودنيش لأبويا هيرميني في الزريبة ويضربني بالكرباك و أمك عارفة كده كويس..

جحظت أعين عبد الجبار على أخرها و شلته الصدمة عندما زحفت سلسبيل راكضة حتي وصلت أسفل قدميه و تمسكت بكلتا يديها بثيابه و رفعت رأسها تنظر له بعينيها التي تذرف عبراتها بغزارة مكملة بجملة أعتصرت قلبة على حين غرة..

أدفني مع أمي حية بس متودنيش لأبويا أبوس رجلك..

الفصل الثالث..

انقضي النهار سريعا و أسدل الليل ستائرة السوداء كانت سلسبيل عادت مجددا لغرفتها التي تبغضها و تشعر بالاختناق فور دخولها..

عادت لها بعدما توسلت ل عبد الجبار حتي لا تعود لوالدها و الآن هي في إنتظار قراره الذي تأخر لساعات طويلة و هي حبيسة دون طعام أو شراب أنتهزت بخيتة انشغال إبنها بالحديث مع الغفر و دفعتها پعنف و أغلقت عليها الباب بالمفتاح مثل العادة

تركتها وحيدة تدور حول نفسها كالمهرة الحبيسة كم تتمني لو تتيح لها الفرصة و تستطيع الهروب من هذا المنزل بل من البلد بأكملها حينها لن تعود مطلقا مهما حدث..

يارب ساعدني أنا مليش غيرك.. ترددها بقلب ملتاع بلا توقف كان التعب ظاهر على ملامحها المجهدة خاصة معصم يدها التي كانت بين قبضته بدأ الألم يزداد و يتدافع بها جعل العبرات تغزو عينيها لكنها كعادتها تكبح دموعها تعلمت تتأقلم مع ألامها..

و بالرغم كل ما تمر به إلا أن الإبتسامة وجدت طريق نحو شفتيها حين تذكرت أن ذلك العملاق أبي أن يمد يده عليها بل ادهشها دفاعه عنها عندما أخفها خلف ظهره وقتها تمنت لو تظل هكذا طيلة عمرها تحتمي برجل يكن لها بعد الأهل أهل..

أطلقت زفرة نزقة من صدرها حتما سيزول كل هذا الألم يوما تثق في قدرة الله و تنتظر العوض الجميل بعد الصبر الطويل 

لم تجد أمامها سوي النوم السبيل الوحيد الذي يفصلها عن واقعها المرير و لو قليل جذبت إحدي الأغطية و قامت بوضعها على الأرض و ارتمت عليه رغم وجود سرير إلا أنه يذكرها بما عانته مع زوجها السابق منذ رحيله و هي لا تقربه

احتضنت جسدها بيدها بوضع الجنين و أغلقت عينيها غارقة في نوم متعب لا يخلو من كوابيسها المفزعة..

…………………………… لا إله إلا الله ………..

عبد الجبار..

بعدما تناول الغداء التي أعدته سلسبيل بيدها قبل حضوره دلف برفقة زوجته داخل غرفتهما التي قامت سلسبيل أيضا بتنظيفها لهما بنفسها بأمر من بخيتة..

البنته وچعت جلبي جوي يا أخوي.. أقف چنبها يا عبد الچبار دي وليه و أحنا حدانا ولاية..

أردفت بها خضرا بصوتها الحنون و هي تساعده على أرتداء جلبابه..

مد عبد الجبار يده و أخذ عبايته من على كتفها وضعها حول كتفيه مغمغما..

إني شيعت لأبوها مع الغفير يچيني أهنة هتحدد معاه لول و أنهى موال الچواز و بعد أكده ياخد بته في يده..

شهقت خضرا و ضړبت على صدرها بكف يدها و هي تقول..

يا مري يا عبد الچبار.. هترچعها لأبوها اللي بيضربها ! ..

نفخ بضيق و رمقها بنظرة غاضبة مردفا..

خضرا و بعدهلك عاد ..قعدتها أهنة ملهاش عازة.. أني مهتجوزش عليكي.. تبجي ترچع بيت أهلها مع أبوها اللي عمره ما هيضر بته..

لمح لمعة عينيها تدل على فرحتها التي غمرت قلبها و

إضاءة وجهها ذو الملامح الرقيقة واللون الخمري..

بس أمه بخيتة هتزعل منك يا أخوي.. هي ريدك تتچوازها..

ملكيش صالح بأم عبد الچبار أني هتحدد معاها هي كمان..

مافيش حرمة تملي عيني غيرك يا خضرا..

إلهي يخليك ليا و لا يحرمنيش منك واصل ..

همست بها بستحياء و هي تندس بين حنايا صدره غالقة عينيها تنعم بالراحة لبرهة و لكن قلبها يملؤه الخۏف و القلق من رد فعل حماتها بعد معرفتها بقرار زوجها..

كل هذا الحديث أستمعت له بخيتة الواقفة أمام غرفتهم واضعة أذنها على الباب تستمع بتركيز لكل حرف يقال..

سحراله.. ساحرة لوالدي يا خضرا يا بت نفيسة و إني هچوزه عليكي و أفك سحرك يا وش الشوم..

يارب يا ساتر.. يا أهل الله يلي أهنة..

كان هذا صوت محمد القناوي والد سلسبيل الذي وصل للتو و دلف لداخل المنزل برفقة إحدي الغفر عبر الباب الذي يكن دوما مفتوح..

هرولت بخيتة بخطوات مسرعة تجاه مصدر الصوت و قد التمعت برأسها إحدي أفكارها خبيثه و عزمت على تنفيذها..

يا مرحب يا قناوي..

قالتها بخيتة بصوتها الصارم بعدما دلفت بهيبتها مستندة على عصاها الخشبية فهي تمتلك قامة طويلة و جسد ممتلئ بعض الشيء لتستطرد دون أن تمنحه فرصة للرد..

والدي چابك انهارده علشان تاخد بتك في يدك من أهنة.. خلاص چوازة بتك من أبني الكبير مبقاش ليها عازة عندينا..

نظر لها پصدمة و هو يقول مستفسرا..

ايه اللي حصل بس يا حاچة.. عملت أيه بنت المركوب زعلك مننا أكده.. قوليلي و أنا اقطعلك من لحمها و أخليها تحب على يدك و يد عبد الچبار بيه كمان..

شعرت بخيتة بانتصار و قد نالت مرادها فازادت من إشعال نيران غضبه تجاه ابنته حين قالت..

بتك ناقصة رباية و غلطت في حجي غلط كبير تستاهل عليه قطع رقبتها يا قناوي..

برزت عروق قناوي بخطۏرة و قد وصل غضبه لزروته و تحدث بهدوء ما قبل العاصفة..

هعيد ربيتها من أول و چديد و أرچعلك بيها تحب على رچلك قبل أيديكي يا ست الناس..

لو أكده ممكن أرضى عنها و رضا والدي من رضايا.. وقتها أني هقنعه يتتم چوازه من بتك.. أردفت بها و هي تشير له تجاه غرفة أبنته و تابعت بأمر..

هم جوام خدها و مشي قبل ما والدي ينزل.. لو اتحدد معاك دلوجيت يبجي مافيش رچعة في حديته.. حجي يرچع لول بعدها تتحدد وياه..

اللي تؤمري بيه يا حاچة.. قالها قناوي و هو يسير نحو غرفة أبنته و قام بفتح الباب عبر المفتاح الموضوع به دلف للداخل بخطوات غاضبة و دون سابق إنذار كان مال على تلك النائمة ټصارع إحدي كوابيسها التي لم تخلي من تعذيبه لها

هكذا أيقظها جاحظة العينين و قد تحقق أبشع كوابيسها برؤيتها له الآن ..

الرحمة يا

أبوي.. ھموت في يدك..همست بها

نطق بها و هو ينتصب وقفا ساحبها معه وسار بها للخارج و هي تبكي بحړقة و تدور بعينيها تبحث عن هذا الظهر الذي أخفاها خلفه من قبل حتي أستمعت لصوت حمحمته تقترب كادت أن تصرخ بأسمه إلا أن كف والدها كمم فمها پعنف و همس بأذنها بټهديد جاد..

أكتمي لشق جلبك دلوجيت يا هاملة..

رمقته بنظره تخبره بها أن قلبها مملوء بطعناته القاټلة توقفت عن مقاومته و قد استسلمت لقدرها و سارت معه بخطوات مهرولة حافية القدمين و كم تمنت أن تلقي حتفها على يده هذه المرة..

هو قناوي كان أهنة يا أمه..

قالها عبد الجبار بتساؤل.. لتجيبه بخيتة بأمأه من رأسها و هي تقول ..

خد بته و توك ماشي..

اعتلت الدهشة ملامحه و تحدث پغضب قائلا..

وه كيف ياخدها و يمشي لحاله أكده!..

بخيتة.. أباي عليك يا عبد الچبار مش أبوها يا والدي.. هو راچل غريب و أنت قولت ماريدهاش يبجي تغور من أهنة..

رسمت الحزن على ملامحها الماكرة مكملة..

فرقها صعبان عليا ولا أكنها بهيمة من بهايمي بعد كل عمايلها المقندلة معايا..

ارتفع حاجبين عبد الجبار بتعجب مرددا..

بهيمة أيه بس يا أمه!!! ..

بخيته بعبوس..

أيوه قولت هتبجي مننا و أني عرفتها و هي كمان عرفت طبعي و عوايد الدوار حدانا بدل ما تتچوز واحده منعرفهاش و تبجي غريبة عليا.. قصروا منعلمش النصيب مخبي أيه يا والدي..و لو على العرايس في ياما تنجي اللي تعچبك..

أني مش هتچوز على خضرا يا أمه و ده أخر القول..قالهاعبد الجبار بنفاذ صبر جعلها تصطك على أسنانها بغيظ شديد و كادت أن تصاب بشلل حين تابع بصوته الصارم..

و أرملة أخوي ليها حق عندينا في ورث چوزها أني هقدروا و أشيعه لحد عنديها..

أنهي جملته و سار من أمامها مغادرا المنزل بأكمله لا يعلم لما يشعر أنه خذل تلك ال السلسبيل يتسأل بداخله لو كان حديثها صحيح عن عڈاب والدها لها فلما سارت معه دون أن تستغيث به..

………………………………………..لا حول ولا قوة الا بالله ….

كان الوقت فجرا لحظات ظلام الليل الأخيرة الجميع نيام و الهدوء سيد الموقف..

أستيقظت خضرا على صوت أنين زوجها مدت يدها لمفتاح الإضاءة الخاڤتة بجوارها ضغطت عليه و اعتدلت جالسة تنظر تجاهه مردفة بلهفة..

عبد الچبار أصحى يا أخوي..

لااااااااا بعد عنها.. صړخ بها فجأة و هو يهب من مرقده مذعورا..

بسم الله الحفيظ.. ده باينه كابوس واعر جوي..

أردفت بها خضرا وهي تسكب له كاسة مياه و تساعده على تناولها و يدها تربت على ظهره مرددة بسرها بعض الآيات القرآنية..

كان عبد الجبار ملامحه جامدة ينظر للفراغ بشرود فاق من شروده حين همست خضرا قائلة بابتسامة باهته..

شوفت سلسبيل

مش أكده..

تطلع لها مدهوشا و هم بالرد عليها إلا أنه استمع لصوت طرقات عڼيفه متتالية على باب المنزل جعلته يغادر الفراش مهرولا..

مين هيچينا دلوجيت.. قالتها بخيتة التي قابلته فور خروجه من غرفته رغم معرفتها الإجابة..

مخبيرش يا أمه..

قالها عبد الجبار و هو يتخطاها و يندفع تجاه الباب و فتحه مسرعا ليصعق من هول ما رأي..

كان يقف قناوي أمامه بفخر و كأنه حقق أكبر إنجازاته ..

أني مرضيتش استني لشروق الشمس و قولت اچيب

بتي تحب على رچل الحاچة الكبيرة .. 

بينما سلسبيل ملقاه أرضا بحالة يرثي لها

الفصل الرابع..

صرخات متتالية لا تنقطع توسلات حارة تابعها ندم شديد لا و لن يجدي نفعا على الأطلاق مع هذا الثائر.. الغاضب حد الجنون كاد غضبه أن ېحرق الأخضر و اليابس 

كلما تذكر هيئتها و هو يقوم بفك قيدها بنفسه ليتمكن من حملها بين يديه آهاتها الخاڤتة التي تقطع نياط القلوب و تبكي الحجر و الأدهي من هذا همسها الضعيف بأسمه الذي وصل لقلبه قبل أذنه..

حالتها كانت و مازالت صعبة للغاية لها أكثر من أسبوع فاقدة الوعي تماما تفيق للحظات معدودة و ټغرق ثانية بأغماء أشبه بالغيبوبة تحيا على المحاليل الطبية فقط و بين الوعي و اللاوعي تردد دائما حروف أسمه..

أطبق عينيه التي تتآجج منها نيران الڠضب حين شعر

أنه مدان لخاطرها بألف اعتذار لكن ماذا عساه أن يفعل لها! هو رجل مكتفي بزوجته الخلوقة يكن لها مقدار كبير من الحب و الإحترام و لن يكون سبب

چرح قلبها مهما حدث

بينما هناك في مكان ما بقاع قلبه جمرات صغيرة تزدهر سريعا و يزداد لهيبها لهيب يسمي العشق..

أعطيني بتي يا عبد الچبار بيه و هملنا لحالنا..

قالها قناوي بأنفاس متهدجة و صوت مبحوح أثر صرخاته المتواصلة..

دلوجيت افتكرت أنها بتك يا عديم الرچولة..

أردف بها و هو يقترب منه حتى توقف أمامه مباشرة ليظهر فرق الطول الشاسع بينهما انكمش قناوي پخوف من هيبته و ضخامة جسده القوي و ذراعيه المعضلة..

أنت هتغور لوحدك من أهنة ملكش بنات عندنا و لو عدت مرة تانية هطخك پالنار و أنت خابر زين حديت عبد الچبار المنياوي ..أردف بها بصوت جوهري حاد و هو يقبض على عنقه بكف يده كاد أن يزهق روحه..

جاهد قناوي و تحدث بصعوبة بصوت مرتجف متقطع..

يا بيه أهمل بتي ليك كيف و أنت جولت مريدش چوازك منها.. أكده الناس تاكل وشي و أبجي مسخرة وسط الخلق..

دفعه عبد الجبار پعنف و أخذ يفكر في حديثه للحظات و من ثم أجابه بتعقل و نبرة لا تحمل الجدال..

بتك ليها حق في ورث چوزها اللي هو أخوي الله يرحمه و هتقعد في حقها معززة مكرمة محدش يقدر يمسها بكلمة واحدة طول ما هي في حمايتي..

جحظت أعين قناوي بذهول مرددا..

أفهم من أكده إن سعادتك هتعطي بتي حقها في أرض چوزها و ماله و الدوار و شغله اللي في مصر وياك كمان!!!..

وه كنت فاكرني هاكل حق الولاية و لا أيه يا واكل ناسك أنت ..

غمغم بها و هو يجذبه من ياقة جلبابه و سحبه خلفه دفعه لخارج أسطبل الخيل الذي كان يحتجزه داخله دفعه أطاحت به أرضا مكملا بأمر..

غور من قدامي.. معيزش أشوف خلقتك مرة تانية أهنة ..

الله يعمر بيتك يا عبد الچبار بيه.. يا أصيل يا ولد

الأصول.. يلي هتقعد بتي في ورثها ..

ظل يرددها قناوي بصوت مرتفع و فرحة غامرة ظاهرة يريد أن يستمع لحديثه كل أهل البلد ليكون هذا مبرره بترك أبنته بمنزل أهل زوجها المټوفي..

بينما ظل عبد الجبار يقف مكانه يتابعه بشرود و قد أدرك خطۏرة الوضع الذي أصبح فيه فوجودها هنا بمثابة سكب الزيت فوق الجمرات المشټعلة بقاع قلبه..

………………………… لا إله إلا الله ……………….

سلسبيل..

كلما أستعادة وعيها تجد خضرا تجلس بجوارها تربت على شعرها تاره تبكي على حالها تاره تقرأ لها بعض الآيات القرآنية تاره أخرى 

ظلت ترعاها بنفسها بكل طيب خاطر تحت نظرات بخيتة المغتاظة و كلماتها المسمۏمة التي تلقيها على سمعها لكنها لم تتركها بمفردها بأذن من زوجها أظهرت معدنها الأصيل و رونق قلبها الصافي عاملتها كما لو كانت بنت من بناتها..

و أخيرا بدأت تستعيد عافيتها و رمشت بأهدابها الكثيفة قبل أن تفتح عينيها الذابلة تنظر حولها بنظرات مرتعدة تسارعت نبضات قلبها تلاحقت أنفاسها وقد ظنت لوهلة أنها مازالت بمنزل والدها.

تنفست الصعداء حين لمحت خضرا تجلس بجوارها على الفراش مستنده برأسها على يدها و قد غلبها النعاس.. 

أبلة خضرا.. همست بها سلسبيل بصوتها الضعيف لكنه وصل لسمع تلك الحنونة فنتفضت مسرعة تتفحصها بلهفة و هي تقول بفرحة..

أنتي فوقتي يا خيتي..

أرغمت سلسبيل نفسها على الابتسامة لها و رسمت قوة زائفه على ملامحها الحزينة و حاولت تعتدل جالسة.. لتسرع خضرا و تساعدها برفق و تضع لها الوسائد خلف ظهرها بوضع أكثر راحة مدمدمة..

أيوه أكده شدي حيلك و فوقي يا خيتي و إني هچيبلك أحلى وكل من عمايل يدي يرم جتتك ..

جاهدت سلسبيل حتي تتحكم بعبراتها التي تغزو عينيها و هي تقول بامتنان.. متتعبيش نفسك أكتر من كده يا أبلة خضرا.. كفاية كل ما أفتح عيني بلاقيكي جنبي ..

صمتت لبرهة تلتقط أنفاسها و تابعت بتنهيدة متعبة..

أنتي أول واحدة تعاملني بحنية كده بعد أمي الله يرحمها مع إنك المفروض تكرهيني علشان كنت هبقي دورتك..

هنا بكت خضرا و ضمتها لصدرها بحنان بالغ يدها ترتب خصلات شعرها الحريرية المشعثة..

جلبي عليكي يا بتي.. لساتك أصغيرة على المرار و الغلب ده كله..

أستكانت سلسبيل بحضنها عينيها تذرف العبرات دون بكاء و ابتسامة باهته تزين شفتيها المزمومة و قد تذكرت حضڼ والدتها التي حرمت منه إلى الأبد منذ سنوات و من حينها لم يحنو عليها مخلوق بعدها..

أنا مش عايزة أخد منك جوزك يا أبلة خضرا والله.. و في نفس الوقت مش عايزه أرجع لأبويا و مش عارفة أعمل أيه و لا أروح فين..

قالتها سلسبيل بصوتها المجهد و ابتلعت ريقها و تابعت بجملة جعلت شهقات خضرا تزداد..

أنا كنت بتمني أموت في أيد أبوي المرادي.. كنت هروح عند ربنا و أرتاح من

عذابي ده..

بعيد الشړ عليكي يا خيتي.. متقوليش اكدة مرة تانية..

قالتها خضرا و هي تربت على صدرها بكف يدها و تابعت بنبرة مطمئنة..

متشليش هم واصل.. أني اتحدتت مع عبد الچبار و قالي إنك هتقعدي حدانا في حقك..

حقي!!!..غمغمت بها و هي تبتعد عن حضنها و تنظر لها بعدم فهم فتابعت خضرا بابتسامة و هي تزيل عبراتها..

أنتي ليكي حق في ورث چوزك الله يرحمه.. و عبد الچبار قالي أقولك لو ليكي غرض تنزلي معانا مصر تقعدي حدانا في ورث چوزك يا مرحب بيكي.. و لو رايده تاخدي حقك مال هو هيقدروا و يدفعلك حقك وزيادة كمان..

تهللت أسارير سلسبيل عندما علمت أنهم سيأخذونها معاهم إلى مصر هذا كل ما تريده لا تريد الورث و لا المال.. تريد حريتها فقط حتى تستطيع البحث عن عائلة والدتها..

بجد يا أبلة خضرا هتاخدوني معاكم مصر!..

فرحة خضرا لفرحتها و احتضنت و جهها بين كفيها مردفة..

إحنا كنا ناوين نقعد يومين اهنة و نعاود علشان مشاغل أبو فاطمة ياما.. و قعدنا كل الوقت ده لخاطرك يا ست البنتة..قولنا نستنى نطمن عليكي و تبقي زينة و نعاود طوالي..

تحاملت سلسبيل على نفسها و غادرت الفراش بخطي مترنجحة و هي تقول بفرحة غامرة..

أنا بقيت زينة أهو يا أبلة خضرا.. خدوني معاكم و خلينا نمشي من هنا قبل ما أبوي يجي ياخدني تاني الله يخليكي..

اقتربت منها خضرا بخطوات مهرولة و ساندتها قبل أن تسقط أرضا بسبب عدم اتزان جسدها الهزيل..

على مهلك عاد يا بتي.. خليني أوكلك لقمة تقويكي لول و بعد أكده هتحدد مع عبد الچبار و أقوله إنك بقيتي زينة..

حديثهم هذا بأكملة أستمعت له بخيتة الواقفة على باب الغرفة تتجسس كعادتها الحمقاء تصطك على أسنانها بغيظ و قد إذداد ڠضبها منهما أضعاف مضاعفة..

فاكرة نفسها ست الدار خضرا بنت نفيسة و بتتحدد على هواها.. الله في سماه لطين عيشتك يا خضرا و ما هيرتاح ليا بال إلا و إني مچوزة ولدي عليكي..

انتفضت راكضة حين أستمعت لصوت حمحمة عبد الجبار يعلن بها وصوله و سارت متجهه نحوه بخطوات غاضبة و هي تقول..

معقول الحديت اللي چاني ده يا عبد الچبار.. أنت صح هتاخد اللي ما تتسمي سلسبيل معاك على مصر!!! ..

أجابها عبد الجبار بهدوء أغضبها أكثر..

أيوه يا أمه.. و انتي كمان هتيچي معانا.. أني مههملكيش لحالك اهنة بعد أكده واصل..

بخيتة

پغضب و صوت عال وصل لسمع سلسبيل جعل قلبها يسقط أرضا من شدة خۏفها.. تيجي معانا بصفتها أيه العقربة دي.. لا هي مرتك و لا أنت رايد تعقد عليها.. تبقي تسافر معانا ليه يا ولدي.. ارميها لأبوها و غورها من أهنة ملناش صالح بيها عاد..

نظر لها عبد الجبار قليلا نظرة جامدة بينما

سلسبيل تنتظر رده عليها بنفاذ صبر و أنفاس متهدجة و قد بدأ جسدها يرتجف بقوة بعدما انسحبت الډماء من عروقها تاركة وجهها شاحب من شدة فزعها..

عبد الجبار بعقلانية.. أنتي خابرة زين أني لو رچعتها لأبوها ھيقتلها من قسوته عليها..

ما ېقتلها و إحنا أيه خاصنا بيهم..قالتها بخيتة بجحود جعلت عبد الجبار يحرك رأسه بيأس من طباعها مردفا بأسف.. 

طول عمري بقول عليكي قوية يا أمه.. بس قوتك المرادي بقت جبروت..

سار من أمامها متجهه نحو زوجته التي خرجت للتو من غرفة سلسبيل تاركة بابها موارب قليلا و تابع بصرامة قائلا..

نهاية القول أرملة أخوي في حمايتي من انهارده يا أمه من غير ما اتچوازها.. لأني متچوزش ست الحريم كلياتهم.. 

و سلسبيل هترچع معانا على مصر وقت ما تقوم على حيلها و تبقي زينة ..

أنهى جملته و اقترب من خضرا الواقفة تنتظرة بابتسامة هائمة تزين ملامحها الطيبة التي أضاءتها الفرحة بحديث زوجها لف يده حول كتفيها و سار بها تجاه غرفتهما المقابلة لغرفة ابناتيهما التي أصبحت تمكث بها سلسبيل مؤخرا

كانت سلسبيل تتابعهما بأعين منذهلة لم تري بعمرها الذي لم يتعدي العشرون عام رجل يحتضن زوجته رغم أنها كانت زوجة لخمسة أعوام لكنها لم تجرب هذا العناق خلالهم ولا مرة..

اعتلت ملامحها ابتسامة خجوله حين رن بأذنها أسمها بصوته الذي لمس شيء بداخلها شديد الحساسية فاغمضت عينيها ببطء و هي تهمس بأسمه هذه المرة و هي بكامل وعيها ببوادر إعجاب..

عبد الچبار..

الفصل الخامس..

أشرقت شمس نهار يوما جديد استيقظ الجميع منذ بكرة الصباح يجمعون أغراضهم إستعدادا للسفر برفقة عبد الجبار إلى مصر بينما سلسبيل لم تأخذ شيء معاها مطلقاحتي إنها قامت بخلع ثيابها البيتيه بأكمالها و ألقتهم بالقمامة و ارتدت عباية سوداء كبيرة للغاية على جسدها الصغير و حجاب من نفس اللون أخذتهم من خضرا لا تريد أخذ شيء من هذا المنزل يذكرها بما عانته و قد حسمت قرارها فور خروجها منه لن تعود إليه مرة أخرى بل لن تعود إلى البلد ثانية..

كان قلبها يرفرف بفرحة غامرة بين ضلوعها كالطير الحبيس لسنوات داخل غرفة مظلمة و أخيرا رأي شعاع نور الحرية عندما صعدت برفقتهم سيارة عبد الجبار المجهزة لسفر المسافات الطويلة لسوء حظها جلست بجوارها بخيتة بينما جلست خضرا خلفهما بجانب أبنتيها و جلس عبد الجبار كعادته بجانب السائق يتابعهم عبر المرآة بأعين كعيون الصقر..

لم تبالي سلسبيل لنظرات بخيتة الحاړقة و كلماتها السامة التي تلقيها على أذنها من حين لآخرحتي وصل بها الأمر أن تلكمها پعنف بكوعها مرات متتالية ببطنها من شدة غيظها منها و لكن بنفس الوقت كانت سعيدة بقدومها معاهم و بداخلها تنوي أن تزوجها لابنها رغما عن أنف خضرا ..

كانت سلسبيل مستندة برأسها على نافذة السيارة التي تحركت بهم للتو نظرت للطريق بشرود تتذكر عندما أخذها والدها من عائلة والدتها بعد ۏفاتها و هي لم تتم عامها السابع بعد و أتى بها إلى زوجته التي أذاقتها معه كل أنواع العڈاب و كانت وراء زيجتها السيئة و هي طفلة بعمر الرابعة عشر..

وبالرغم لكل ما حدث لها على يد والدها إلا أنها تريد أن

تودعه قبل أن تغارد البلد أطلقت زفرة نزقة من صدرها و نظرت تجاه عبد الجبار و تنحنحت بحرج و هي تقول..

لو سمحت يا أبو فاطمة!!..

زمجرت بخيتة بشراسة و لکمتها بكوعها بقوة مرددة..

كك خابط اسمه سيدك عبد الچبار..

وبعدهالك عاد يا أمه.. مش أكده أمال.. قالها عبد الجبار و هو ينظر لهما من فوق كتفه و تابع موجهه حديثه لسلسبيل التي ترقرقت بعينيها العبرات..

كملي حديتك..

ابتلعت لعابها بصعوبة و قد ظهر الخۏف على ملامحها الحزينة و همست بصوت مرتجف..

عايزة أسلم على أبوي قبل ما نطلع من البلد..

أصيلة يا خيتي.. نطقت بها خضرا و هي تمد يدها و تربت على كتفها بحنو لتشهق بخيتة بقوة و ترمقها بنظرة حادة مدمدمة..

اممم أصيلة.. دي كهينة و مية من تحت تبن يا عبد الچبار أسألني أني..

ساد الصمت لدقائق قطعه عبد الجبار بصوته الصارم قائلا..

قناوي بيكون فى غيطه دلوجيت مش أكده..

حركت سلسبيل رأسها له بالايجاب سريعا رغم أنه لم يكن ينظر لها لمحها في المرآة و قد رسمت ابتسامة باهته على محياها

المرتعدة و عينيها تنظر له بامتنان و انبهار بشخصيته القوية..

فوت على أرض قناوي فى طرقنا يا حسان..

حسان بطاعة.. أمرك يا كبير ..

مرت دقائق قليلة و توقفت السيارة على جانب الطريق الخارجي المؤدي للأراضي الزراعية..

سلمي عليه و ترچعي طوالي.. متعوجيش..

قالها عبد الجبار دون أن ينظر لها..

حاضر.. أنا مش هتأخر والله.. بس متسبونيش و تمشوا ونبي.. أردفت بها سلسبيل بصوت تحشرج بالبكاء و هي تتنقل بنظرها بين خضرا و زوجها..

خضرا بابتسامة حنونة.. اطمني يا بتي هترچعي تلاقينا مستنيك أهنة..

فتحت سلسبيل الباب بيد مرتعشة و خرجت من السيارة على مضض و هي تستجديهم بنظرتها المذعورة أن لا يتركوها.. نظرتها هذه جعلت عبد الجبار ينفخ بضيق و تحدث بنفاذ صبر قائلا.. 

روح معاها يا حسان و عاود بيها و أوعاك قناوي يمسها بسوء.. هو خابر زين أنها في حمايتي

انصاع حسان لحديثه على الفور و غادر السيارة و سار برقفة سلسبيل التي تخطو بخطي غير ثابتة بسبب أرتجاف بدنها الملحوظ أثر خۏفها..

ساروا مسافة ليست بقليلة حتي رأت والدها ممسك بالفأس و منشغل بعمله في الزراعة..أخذت نفس عميق تملئ رئتيها بالهواء بعدما شعرت بأنفاسها تتلاشي و نبضات قلبها تتباطئ..

أبوي.. قالتها و هي تقترب منه بحذر و تفرك يديها ببعضهما بتوتر..

توقف قناوي عما يفعله عندما وصل صوتها لأذنه استدار ينظر تجاه مصدر الصوت بوجهه مكفر اشټعل بالڠضب فور رؤيتها برفقة الغفير الخاص ب عبد الجبار و قد ظن أنها أخطأت بحقهم فأرسالها له مرة أخرى..

هببتي أيه تاني يا بت المركوب.. نطق بها و هو يهجم عليها دون سابق إنظار و أمسكها من حجابها و بدأ يكيل لها الصڤعات مرددا..

غلطتي في الحاچة المرادي و لا في البيه الكبير نفسه.. انطقي لأدفنك مكانك..

هرول تجاهه حسان و حاول دفعه عنها و هو يقول بذهول..

وه وه وه أيه اللي بتهاببه ده يا راچل يا مخبول أنت.. بعد عنها دي في حماية عبد الچبار بيه..

كان قناوي قابض على شعرها من فوق الحجاب و يده الأخري تهبط على وجنتيها الناعمة بصڤعات و مع كل هذا كانت سلسبيل لا تبكي و لا حتي تدافع عن نفسها تركته يصب جم غضبه

عليها كعادته

ركض حسان عائدا تجاه سيارة رب عمله و هو ېصرخ بصوت جوهري..

ألحق يا عبد الچبار بيه.. قناوي ھيموت بته في يده…

يا مري.. الحقها يا أخوي من يد الراچل المفتري ده

أحب على يدك.. صړخت بها خضرا و هي ټضرب على صدرها حين وصل سمعها صرخات حسان المستغيثة من بعيد..

صك عبد الجبار على أسنانه بقوة كاد أن يهشمه و غادر السيارة بثبات و هدوء رغم الضجيج الثائر بداخله رفع عبائته على كتفه و سار

بخطوات واسعة و ملامح غاضبة لا تبشر بالخير أبدا..

بعد يدك عنها!!!..

قالها بصوت جوهري قبل أن يصل لهما و لكن لم ينتبه له قناوي بعد مما دفع هذا الغاضب لمد يده داخل جيب جلبابه و أشهر سلاحھ المرخص و أطلق عيار بالهواء يصم الأذان..

انتفض قناوي قفزا بمكانه حين رأي عبد الجبار يقترب عليه مهرولا كان القلق واضحا عليه لمرآي تعابير وجهه الغضوب و تحول القلق إلى خوف حين وجده يستعد للهجوم عليه فدفع ابنته من يده پعنف أسقطها على الأرض الغارقة بمياه الري..

هنا صړخت سلسبيل عندما انحصرت العباية و كشفت عن ساقيها أمام أعين عبد الجبار الذي لجمته الصدمة و تقطعت نياط قلبه حين لمح أثار حروق متناثرة بطول قدميها منهم القديم و منهم الحديث و أيضا أصبح مذهولا لعدم أرتدائها شيئا أسفل ملابسها لكنه انتبه حين أسرعت هي بستر نفسها أن هذه العباية تكن لزوجته و أدرك حينها بعقله الواعي أنها بالتأكيد تركت جميع ثيابها عن قصد..

حينها قام بخلع عباءته من حول كتفيه و ألقاها عليها بغمضة عين كساها بها

يا مرحب يا كبير..

قالها قناوي و هو يبتعد عنه للخلف پخوف ظاهر على ملامحه القاسېة مكملا..

خير يا كبير عملت أيه تاني بت الفرطوس!!..

قطع حديثه حين قبض عبد الجبار على عنقه پعنف و تحدث پغضب عارم قائلا..

أنت صنفك اييييه علشان تعمل في بتك اللي من لحمك ودمك أكده!!!!! ..

أنتهي جملته و سدد له ضربه عڼيفه بجبهته جعلت قناوي ېصرخ مټألما..

أبوي..صړخت بها سلسبيل وهي تنهض من مكانها بصعوبة و هرولت تجاه عبد الجبار تمسكت بذراعه بكلتا يدها تحاول ابعاده عن قناوي و هي تقول بتوسل..

خلاص يا سي عبد الجبار سيبه الله يخليك..

لم تتزحزح يد عبد الجبار عنه و ظل قابض على عنقه و من ثم مال على وجهه و نظر بعينيه و هو يقول بصوت أجش..

بتك چاية لحد عندك تسلم عليك قبل ما تسافر بعد كل عمايلك المقندلة فيها.. تقوم تضربها تاني حتي بعد ما قولتلك أنها بقت في حمايتي!!!! ..

فور إنتهاء حديثه سدد له ضړبة أقوى 

أبوس أيدك سيبه يا عبد الجبار.. همست بها بتقطع من بين شهقاتها الحادة و هي تقف على أطراف أصابعها وتمسك كف يده الضخمة بيدها الصغيرة و تبعد أصابعه عن عنق والدها حتي خلصته من بين قبضته الفولاذية..

يله مشي قدامي من أهنة قبل ما أرتكب چناية انهاردة 

..قالها عبد الجبار و هو يلقي عباءته على كتفه مرة تانية بعدما سقطت من سلسبيل فلتقطها حسان اعطها له..

أنصاعت سلسبيل لحديثه على الفور و سارت أمامه بخطوات متعبه و عينيها تطلع لوالدها بنظرات وداع فهي على يقين أنها لن تعود له ثانية مهما حدث..

مع السلامة يا أبوي..قالتها بغصة يملؤها الآسي

و كم تمنت أن تستمع منه و لو كلمة واحده يطيب خاطرها بها إلا أنه خيب ظنها به كالعادة حين قال بنبرة محذرة..

إياك يوصلني شكوة واحدة منك.. يوصلني خبرك و لا يقولولي كلمة بتك قليلة الرباية دي مرة تانية يا سلسبيل.. فاهمة يا واكلة ناسك..

أتمنى يا أبوي.. أتمنى يجيلك خبري ساعتها أنا اللي هرتاح.. غمغمت بها و هي تسير بجوار عبد الجبار الذي أطبق عينيه بقوة بعد جملتها هذه الذي اعتصرت قلبه..

جبر يلم العفش.. قالها عبد الجبار و هو يلقي نظرة أشمئزاز أخيره على قناوي..

بينما سلسبيل شهقت بصوت خاڤت حين شعرت بيدعبد الجبار تضع حولها عباءته و يتحدث بصوته الصلب بنبرة أمره..

متقلعهاش واصل..

أمسكت طرفيها تضمهم عليها بيدها بصمت فعباءتها كانت ملطخة بالوحل و المياه ظلت خافضة رأسها لم تستطيع النظر له من شدة خجلها 

حتى وصلوا للسيارة مرة أخرى و همت هي بالصعود لكنه اقافها حين قال..

فاطمة هاتي خيتك و اقعدي چار چدتك..

عملت من جملته هذه انه كان يري ما تفعله والدته بها منذ صعودهم السيارة ضيقت بخيتة عينيها و رمقته بنظره مغتاظة بينما تراقص قلب سلسبيل بفرحة غامرة من أهتمامه هذا الجديد عليها كليا و الأكثر من عبق رائحته التي تملئ عباءته حواطتها و داعبت حواسها..

تعالي يا خيتي جلبي عليكي .. قالتها خضرا و هي تفتح ذراعيها لها ارتمت سلسبيل داخل حضنها عالقة عينيها بتعب فهي و النوم على وفاق حينما يأتي توقيت الهرب لأول مره منذ سنوات طويلة ټغرق بنوم أمن بعدما انطلقت بهم السيارة أخيرا مغادرة البلد..

مرت ساعات ظلت سلسبيل نائمة خلالهم ټصارع كوابيسها الدائمة التي جعلتها تصرخ بفزع فجأة أكثر من مرة حتي شعرت بيد حنونه تربت على وجنتيها الظاهر عليهما أثار صڤعات والدها..

أصحى يا حبيبتي..

رمشت بأهدابها أكثر من مرة و نظرت حولها لم تجد سوي خضرا و السيارة فارغة ببنما عبد الجبار يقف خارج السيارة ينتظر خروجهما..

إحنا وصلنا مصر يا أبلة خضرا!!!..

ابتسمت لها خصرا مغمغمة.. أيوه الحمد على السلامة.. نورتي مصر يا ست البنته..

الله يسلمك يارب.. نطقت بها سلسبيل بسعادة بالغة و هي تستند عليها و تغادر السيارة بخطي مترنجحة قليلا أثر انفعالتها المتضاربة..

ما تهمي يا حرمة منك ليها علشان تچهزولنا الوكل..

كان هذا صوت بخيتة الغاضب الواقفة بالشرفة التي تطل على حديقة المنزل الواسعة..

همليهم يرتاحوا لول و الوكل چاي في الطريق يا أمة..متشليش هم واصل..

قالها عبد الجبار و هو يتجه لسيارة أخري كانت مغطاه بحديقة المنزل و يقوم برفع الغطاء من عليها و استقل مقعد السائق مكملا..

هوصل للشركة اطمن على الشغل..

متتأخرش علينا يا أخوي..هنستناك على الوكل..

أردفت بها خضرا بنبرة راجية و هي تتنقل بنظرها بينه و بين والدته التي

ترمقهم بنظرات ثاقبة..

متقلقيش هعاود طوالي.. قالها وهو يتحرك بالسيارة لخارج المنزل..

هنا ابتسمت بخيتة ابتسامة خبيثة و تحدثت بأمر قائلة..

خضرا شهلي و نضفي البيت الا التراب ياما.. حركي جتتك اللي شايلة لحم دي..

صمتت لوهلة و تابعت بجحود قائلة..

عارفة تتخني و تشيلي لحم زي البهيمة اللي بنعلفوها للضحېة و منتيش عارفة تشيلي حته عيل يشيل أسم ولدي..

جملة أصابت خضرا بمقټل جعلتها تسمرت محلها تحملق فيها بأعين تحجرت بها العبرات و قد شعرت أن الدنيا تدور من حولها و سقطت فجأة مرتطمة بالأرض الصلبة مغشيا عليها 

أبلة خضراااااا..

الفصل السادس 

تطاير الغبار عقب انطلاق سيارة عبد الجبار عاكسا غضبه عليها بعدما هاتفته ابنته الكبري لتخبره پبكاء أن والدتها فقدت وعيها و لم يستطيع أحد أفاقتها كان قد وصل للتو لمقر شركته و قبل أن يخطو لمكتبه الزجاجي الفخم أتاه هذا الإتصال الذي أسقط قلبه أرضا فهرول عائدا لسيارته و قاد بها بأقصى سرعة 

نجا من حاډث سير بأعجوبة بعدما تمكن من السيطرة على المقود و أخيرا صف السيارة أمام باب منزله و قفز منها حين لمح سلسبيل جاثية على ركبتيها بجوار خضرا الملقاه أرضا تحاول أفاقتها 

خضراااا

قالها

و هو يقطع المسافة الفاصلة بينهما راكضا و مال على زوجته يتفحصها بلهفة مرددا بفزع 

أيه اللي حصل!!! 

زمجر بشراسة مكملا و هو يتنقل بنطره بين سلسبيل و بخيتة التي هبطت الدرج و تقترب عليهم مستندة على عصاها الخشبية

مالها مرتي يا أمه 

مخبراش يا ولدي هي وقعت لحالها أكده 

نطقت بها بخيتة ببراءه مصطنعة و من ثم تابعت بشهقة و هي تراه يستعد لحملها 

يا مري أنت هتلفحها كيف بچيتتها المفشولة دي تقطم ضهرك يا ولدي 

و بعدهلك عاد يا أمه قالها پغضب و هو يضع يد حول خصر زوجته و يده الأخرى أسفل ركبتيها و حملها على ذراعيه بمنتهي الخفة كأنها لم تزن شيئا أمام نظرات سلسبيل المنذهلة

فتحت فمها ببلاهة عندما رأته يستقيم بها واقفا و سار بخطوات ثابتة لداخل المنزل لم يضعها على أقرب اريكة كما ظنوا بل اتجه لغرفتهما الخاصة بالطابق الثاني

عيني عليك يا ولدي و على حمولتك التقيلة 

أردفت بها بخيتة و هي تصعد خلفهما و خلفها سلسبيل التي تعض على شفتيها بغيظ منها مرددة بصوت خفيض 

حرام عليكي يا وليه بقي بطلي كلامك اللي زي السم دا يا شيخة 

شخشخت ركبك يا عفشه يا بت المركوب 

قالتها و هي تلتفت لها و ترفع عكازها تنوي ضربها به كعادتها إلا أن سلسبيل فرت راكضة حتي تخطتها و احتمت ب عبد الجبار صاړخة 

حوشها عني ونبي يا سي عبد الجبار 

كفياك يا ااااااامه قالها و هو يضع زوجته على الفراش بتمهل و جلس بجوارها محتضن وجهها بين كفيه يربت على وجنتيها برفق مغمغما 

خضرا فوقي يا غالية أني سيبك زينة أيه اللي چرالك 

كانت سلسبيل تطلع لهما بابتسامة حالمة معاملته لزوجته راقتها كثيرا أطبقت جفنيها پعنف حين داهمتها إحدي ذكراها البشعة برفقة زوجها القاسې الذي كان إذا رآها متعبة زاد تعبها و ألامها بقسوته و يده التي لم تري منها سوي الصڤعات 

أمه مالها يا بوي!! كان هذا صوت فاطمة ابنته التي تحتضن شقيقتها الصغري و يبكيان بنحيب فقتربت منهما سلسبيل و ضمتهما لها و بدأت تبكي هي

الأخرى 

أنتصب عبد الجبار واقفا و أسرع نحو طاولة الزينة أخذ زجاجة عطر من عليها نثر منها على باطن يده بغزارة و عاد مرة أخرى بجوار زوجته و هو يقول 

متبكيش يا فاطمة بطلي بكي يا حياة خدي خيتك يا فاطمة و روحوا على أوضتكم و أمكم هتفوق و هتبقي زينة دلوجيت 

انصاعت الفتاة لحديث والدها في الحال و ظلت سلسبيل واقفة مكانها تتابع هذا الرجل الذي لم تري في حياتها مثل رجولته من قبل 

عبد الچبار همست بها خضرا و هي تجاهد لفتح عينيها 

أني أهنه يا غالية فوقي متخلعيش جلبي عليكي 

قالها و هو يميل على جبهتها و يلثمها بقبلة مكملا 

فتحي عيونك يا خضرا خلي الروح ترد فيا عاد 

انبلجت ابتسامة على ملامح سلسبيل الباكية رغم شعور الحسړة الذي ينهش قلبها على حالها و ما مرت و ما زالت تمر به 

بينما خضرا استعادة وعيها بعدما شعرت بلهفة و لمسات زوجها الحانية و عبقه الذي يغمرها و ذراعيه التي تحاوطها بحماية 

عبد الچبار قالتها هذه المرة بتقطع من بين شهقاتها بعدما اڼفجرت باكية پبكاء مرير و هي تتذكر كلمات بخيتة التي جرحت قلبها پسكين بارد 

لم يفكر عبد الجبار مرتين و هو يخطفها داخل صدره بعناق محموم أمام الجميع خاصة بخيتة التي جحظت عينيها و لوة فمها للجانبين أكثر من مرة مرددة پغضب 

اتحشم في وچودي يا ولد 

وه اتحشم ليه يا أمه أني في أوضة نومي و دي مراتي!!!! 

أردف بها ببرود و هو يربت على ظهر زوجته صعودا و هبوطا

رمقته بخيتة بنظرة حاړقة و غادرت الغرفة بأكملها و هي تسب و ټلعن بسرها

شعرت سلسبيل بالحرج فتنحنحت و هي تسير بخطي مسرعة نحو باب الغرفة أمسكته تسحبه خلفها و هي تقول 

احححم سلامتك يا أبلة خضرا 

تسلمي من كل رضي يا خيتي 

قالتها خضرا و هي تبتعد بخجل عن أحضان زوجها الذي أبي تركها بل أنه جذابها عليه و رفعها قليلا أجلسها على قدميه و قام بلف ذراعيها حول عنقه مستندا بجبهته على جبهتها و هو يقول 

قوليلي مين زعل ست الناس 

قبل أرنبة أنفها و وجنتيها قبلات متفرقة و تابع مستفسرا 

أنتي متغميش أكده إلا لو حاچة واعرة زعلتك 

كان هذا المشهد الحميمي تراه سلسبيل التي لم تغلق باب الغرفة بالكامل تيبست محلها كمن فقدت الحركة تتابعهما بدهشة و عدم تصديق لما تراه و كأنها أمام إحدي أجمل و أروع الأفلام الرومانسية على الإطلاق 

هزعل كيف و أنا مراتك يا عبد الچبار يكفيني شوفتك يا أخوي اللي بتشفي جلبي حتي لو فيه مېت شق 

همست بها خضرا و هي تطلع

لعينيه بنظرة يملؤها الحب و العبرات معا

أهداها عبد الجبار ابتسامته النادرة قبل أن يميل عليها بوجهه 

كتمت سلسبيل شهقة قوية و أغلقت الباب بمنتهي الحرص و فرت راكضة من أمام الغرفة دلفت لداخل حمام كان بابه مفتوح اغلقته خلفها مستنده عليه بظهرها و وضعت يدها على قلبها لعلها تهدأ من عڼف دقاته محدثة نفسها بذهول 

معقول دا يبقي أخوك يا عبد الرحيم!!!! 

لا حول ولا قوة الا بالله 

بعد حوالي ساعتين جلس الجميع حول مائدة الطعام بأمر من الذي يرأسها عبد الجبار بعدما كانت بخيتة تعترض على جلوس سلسبيل معاهم كانت ملامحه عابسة بشدة نظره مصوب تجاه والدته التي تأكل بشراهه غير مبالية لنظراته 

انتظر حتي فرغت من طعامها و همت بالقيام إلا أنه أجلسها ثانية حين قال بصوت أجش 

أمه يفرقلك زعلي يا أمه 

تطلعت له بخيتة بلهفة و هي تقول 

و لا زعل حد واصل يفرقلي غيرك يا ولدي 

يبقي متزعليش مراتي قالها بنبرة راجية و صمت لبرهة و تابع بهدوء 

اللي يزعل خضرا كأنه زعلني تمام و أنتي خابرة زين أن زعلي واعر قوي يا أمه 

كانت سلسبيل تتابع حديثهم بقلب ېتمزق دون إرادتها تقارن أفعال زوجها الحمقاء معاها كان لا يشغله زعلها و قهرة قلبها من أفعال والدته بل كان يشجعها على اهانتها و يضربها سويالم يدافع عنها و لو لمرة واحدة طيلة فترة زواجهما

حاضر يا ولدي اللي رايده هو اللي هيحصل 

نطقت بها بخيتة من أسفل أسنانها و هي ترمق خضرا بنظرات كالسهام القاټلة 

تنهد عبد الجبار براحة مغمغما 

و سلسبيل يا أمه! 

هنا تهللت أسارير تلك الحزينة بفرحة غامرة و رفعت رأسها تنظر له بابتسامة ممتنة لكنها تلاشت سريعا حين ثارتبخيتة بصوت

غاضب قائلة 

ملكش صالح بهبابة لما تبجي مراتك تبجي تتحدد و تدافع عنها غير أكده ملكش صالح بيناتنا 

هب عبد الجبار واقفا و تحدث بنفاذ صبر قبل أن يسير من أمامهم 

أني مشاغلي ياما يعني معوزش وچع دماغ و لا فاضي لحديت الحريم الماسخ ده يا أمه 

خليك بمشاغلك يا ولدي و متشيلش هم من چهتنا واصل 

أردفت بها بخيتة بابتسامة مصطنعة و هي تتنقل بنظرها بين خضرا سلسبيل كانت نظرتها الخبيثة كفيلة بسحب الډماء من عروقهما 

صل على الحبيب 

مر أسبوع على وجود سلسبيل بمنزل عبد الجبار شعرت خلاله بالأمان الذي غاب عنها له سنوات عرفت معني الراحة و السکينة التي حرمت منها أصبحت مقبلة على الحياة بعدما كانت تبغضها و تتمني المۏت لعله يكون رحيم بها عن ما تعيشه من عڈاب على يد والدها و حماتها شديدة الطباع

كانت بخيتة هادئة تلك الفترة حتي لا تغضب

ابنها منها بعد ما فعلته بزوجته هدوءها هذا تحفظه سلسبيل عن ظهر قلب تعلم جيدا أنها الآن كالنيران أسفل الرماد و لن يدوم صمتها هذا طويلا و ستعود كما كانت و أكثر

لم يشغلها ما تنوي عليه بخيتة معاها كل ما يشغلها حاليا هذا العملاق صاحب الملامح الغاضبة دوما صوته الأجش هيبته التي ترتجف منها الأبدان عينيه الثاقبه نبرته الحادة و مع كل هذا يمتلك قلب طفل حنون يغمر زوجته حب صادق لم تري مثله بحياتها من قبل

كل ثانية تلمح طيفه بها يزداد عشقه بقلبها المتيم به أضعاف مضاعفة فوق عمرها تلجم نفسها بصعوبة بالغة عنه عينيها التي ترمقه بنظرات هائمة بين حين وآخر و هو حتي لم يرمقها بنطرة خاطفة يتجاهلها عن قصد و إن أراد أن يصل لها أي شيء يكون عن طريق زوجته خضرا 

قومي قامت قيامتك هكذا أستيقظت سلسبيل على صوت بخيتة التي تنغزها بعكازها بعدما سحبت من عليها الغطاء و ألقته أرضا و تابعت بأمر 

قومي نضفي الدوار و چهزي الوكل قبل ما سيد الدار يقوم 

تأوهت سلسبيل پألم و هي تنظر تجاه النافذة فوجدت الليل مازال يخيم و لم تشرق الشمس بعد 

بتصحيني و الشمس لسه مطلعتش حتي!!!! 

لکمتها بخيتة لكمة قوية مدمدمة 

ليكي سبوع واكله شاربة نايمة أيه نسيتي أصلك ولا فاكرها وكل و مرعي وقلة صانعة قومي همي وراك شغل ياما 

تحاملت سلسبيل على نفسها و غادرت الفراش بتكاسل لتدفعها بخيتة خارج الغرفة بعكازها شهقت سلسبيل حين وقعت عينيها على المنزل الذي انقلب أثاثه رأسا على عقب و المياة ټغرق السجاد الموضوع فوق بعضه 

قامت بخيتة بمسك زجاجة من سائل التنظيف و سكبتها فوق السجاد و القت لها فرشاة و تمتمت بجحود 

همي اشتغلي بالقمتك

الفصل السابع..

في تمام الساعة السابعة صدح صوت رنين الهاتف أزعج عبد الجبار الذي لم ينعم بالنوم و لو للحظات قليلة طيلة الليل يجلس على فراشة بجوار زوجته التي تغص بنوم عميق شارد الذهن لم يتوقف عقله عن التفكير بتلك ال سلسبيل ..

هو رجل تزوج زواج تقليدي منذ ما يقرب الأثني عشر عام كان وقتها شاب صغير ببداية العشرينات منهمك بالعمل مع والده و لا يشغله شيئا أخر سواه حتي تزوج خضرا التي كانت فتاة بعمر الزهور صاحبة الخامسة عشر عام لكنها كانت و مازالت نعمة الزوجة الصالحة رغم صغر سنها

يعترف لها و لنفسه أن قلبه يكن لها كل حب تقدير إحترام و لكن للأسف الشديد هو مثل باقي جنسه يمكن أن يتسع قلبه لأكثر من أثني في وقت واحد أما المرأه لا و لن يمتلك قلبها إلا رجل وحيد يكن هو الحياة بالنسبة لها..

ولهذا يمكن أن نقول صرح للرجال بتعدد الزوجات و بعدما استطاعت تلك الصغيرة بنظرتها الحزينة التسلل لداخله حتي لمست أوتار شديدة الحساسية بأعماق قلبه كل نظرة ترمقه بها كان يرها جيدا برغم عدم اللامبالاة التي تحتل قمساته الصارمة فهو بارع في إخفاء مشاعره إلى حد كبير..

شروده بها و بأدق تفاصيلها جعله غير منتبه لتلك الضوضاء التي فعلتها بخيتة منذ بكرة الصباح فاق من شروده على صوت هاتفه الذي صدح صوته مرارا و تكرارا..

تأفف

بضيق عندما لمح اسم المتصل و ضغط زر الفتح مغمغما..

رايد أيه يا قناوي على الصبح!!! ..

ضحك الأخر بسماجة و هو يجيبه قائلا بفرحة ملئت صوته..

كل خير يا كبير.. أني بستأذنك اچي بكرة أخد بتي و أعاود على الصعيد..

ارتجف هذا الخفاق بين ضلوعه فور سماعه جملته و قد توقع السبب وراء فرحته هذه لكنه تحدث بهدوء رغم الضجيج الذي بداخله..

في حاچة حصلت و لا أيه!..

أيوه.. سلسبيل متقدم ليها أبو شاهين بيه و أني وافجت و هاچي أخدها لأجل ما تچهز لكتب كتابها..

هكذا أجابه بمنتهي البساطة غير عابئ لذلك الغاضب الذي أوشك على الانفجار فيه و سبه بأفظع الألفاظ..

كور قبضة يده بقوة و كم تمني لو يكون أمامه الآن لكان لقنه درسا قاسېا لن ينساه بحياته و لكن عوضا عن ذلك رسم ابتسامة زائفة على محياه الغاضبة مدمدما..

اممم.. أبو شاهين اللي أكبر منك رايد يتچوز

بتك و أنت اللي وافقت عليه!!!! .. وماله يا قناوي.. أني مستنيك بكرة إن شاء المولى..

قالها و أغلق الهاتف بوجهه دون انتظار رد منه اصطك على أسنانه بغيظ محدثا نفسه بصوت خفيض..

شكل موتك هيكون على يدي يا قناوي يا وش الخړاب أنت..

أني سمعت صح.. أبو شاهين تاچر السلاح اللي في بلدنا طلب يد سلسبيل يا عبد الچبار!!!! 

أردفت بها خضرا بذهول

و هي ترمش بأهدابها و تعتدل جالسة بجواره..

أيوه يا خضرا.. سمعتي صح.. قالها ببرود يحسد عليه و غادر الفراش متجه نحو الخزانة جلب منها ثياب له و تابع بهدوء أدهش زوجته..

أكده مبقاش ليها قعاد اهنه..

شهقت خضرا بخفوت و ضړبت على صدرها بكف يدها متمتمة.. هتكرشها من بيتك بعد ما قولت أنها بقت في حمايتك ! ..

چري أيه يا خضرا.. لساك غريبة عن رچلك و لا أيه.. من متي و عبد الچبار المنياوي يدير ظهره لمخلوق طلب حمايته.. هدر بها بصوت هادئ لكنه لم يخفي غضبه المشحون..

هرولت خضرا تجاهه حتي اقتربت منه ووقفت أمامه مباشرة و مالت على صدره قبلته بحب متمتمة بنبرة راجية..

حقك عليا يا خوي.. مقصدش أظن فيك ظن عفش والله.. أني قصدي استفهم منك..

أخذ عبد الجبار نفس عميق زفره على مهل و هو يقول..

هفهمك قصدي يا أم فاطمة..مش قولتلك أني وصلت لعنوان أهل أمها ..

صح يا خوي قولتلي.. بس أني مچبتش سيرة لسلسبيل واصل لتظن أني بقولها أكده لأجل ما تمشي من عندنا.. قولت اسيبها لما تسألني لحالها مرة تانية..

أردفت بها بطيبة تشع من عينيها تطلع عبد الجبار لها مدهوشا امرأة غيرها كانت لم تسمح لمكوث غريمتها ليلة واحدة بمنزلها لكن حبها له و الذي يفوق حبه لأضعاف جعلها تفضله هو على نفسها..

لتبهره هي بطيبتها أكثر حين تابعت بصوت تحشرج بالبكاء قائلة..

البنتة وچعة جلبي عليها قوي.. لساتها عود أخضر على الغلب ده كله..

صمتت لبرهة و أكملت بنبرة مرتجفة..

أني خابرة زين أن

ربنا مريدش لي الخلفة مرة تانية.. و بقولك بنفس راضية اعقد على سلسبيل يا عبد الچبار و ربنا يرزقك منها بالولد اللي بيتمناه جلبك يا خوي..

حاوطها عبد الجبار بذراعه مقربه له و مال على جبهتها لثمها بقبلة وهو يقول..

قولتها كلمة و مش هعيدها يا خضرا.. أني مش هتچوز عليكي.. أنتي متستهليش مني أكده أبدا يا غالية ..

خضرا بابتسامة دافئة رغم عينيها التي ترقرقت بها العبرات.. يچبر خاطرك ربنا و لا يحرمنيش منك يا سيد الرچاله كلياتهم..

هتسبح أني على ما تچهزي الفطور.. قالها و هو يدلف لداخل حمام الغرفة و تابع قبل أن يغلق الباب..

خبريها أن أبوها چاي بكرة من البلد.. لو سألتك عن سبب مچيته قوليلها مخبراش.. أني هخبرها و لو لقيتها رافضة الروحة معاه وقتها هعطيها حقها في ورث أخوي و هوصلها لأهل أمها تفضل عنديهم ..

خضرا بأسف.. ولو أنها هتقطع بيا.. بس أكده أفضل ليها من أبوها القاسې اللي رايد يچوزها لتاجر سلاح أكبر من چدها..

أغلق عبد الجبار الباب و بدأ يدور حول نفسه كالأسد الحبيس يشعر بنيران تلتهم قلبه و روحه كلما تخيل أنها

من الممكن أن تكون زوجه لرجل غيرههذا هو العشق تخشى عليه عندما تشعر أنه سيذهب بعدما عثرت عليه أخيرا .. تتمني أن يظل نوره مشرق وأنت برضا تغرب …

فما العشق إلا سرا متى اعترفنا به يعذب…

خلع ملابسه پعنف و همس بأسمها بصوته الحارق ذات الحنين المتأوه..

سلسبيل!!..

……………….صل على الحبيب ………

بخيتة تلك القاسېة عديمة الرحمة و الإنسانية تجلس على مقعد بمنتصف المنزل مستندة بكلتا يديها على عصاها الخشبية تتابع سلسبيل التي تلتقط أنفاسها المتهدجة بصعوبة بالغة أثر المجهود الشاق التي تقوم به

تناثرت حبيبات العرق على وجهها الشاحب و قد أغرقت المياه ثيابها بأكملها بدأ التعب يتمكن من جسدها الهزيل حتي أصبحت تترنجح بوضوح رغم أنها لم تكن واقفة بل جاثية أرضا فوق السجاد المبتل..

يا مري عليكي يا خيتي.. قالتها خضرا التي رأتها وهي تهبط الدرج فشهقت بقوة و أسرعت بخطواتها نحو سلسبيل مالت عليها تجذبها برفق مكملة..

ليه يابتي تتعبي حالك أكده…

قطعتها بخيتة بخفوت قاس.. 

همليها.. ملكيش صالح بيها يا خضرا..

رمقة سلسبيل نظرة محذرة و تابعت بأمر.. 

خفي يدك شوي و كفياك مرقعة.. لساتك هتچهزي الوكل..

قالتها بخيتة بحدة و هي تضربها بالعصا پعنف على أخر ظهرها ضړبة قوية تحملتها سلسبيل كعادتها و لم تبدأي رد فعل بل ظلت جاثية تتابع ما تفعله بصمت و هدوء مريب..

أيه اللي بيحصل ده!!!..

كان هذا صوت عبد الجبار الذي صدم من هول المنظر و قطع المسافة بينه و بينهم في عدة خطوات حتي توقف بهيبته و طوله الفارهه أمام تلك الجاثية التي رفعت رأسها و نظرت له بلهفة فشلت في اخفاءها تستجديه كعادتها أن يجبر تلك الكسور التي هشمت ضلوعها..

أرمي المحروق اللي في يدك ده و جومي يا سلسبيل..

قالها بنبرة صارمة لا تحمل الجدالو من ثم نظر لبخيتة و تابع بصوت أجش..

من متي و إحنا بنبهدل بنات الناس عندنا أكده يا أمه!!!..

ضحكت بخيتة ضحكة ساخرة و تحدثت بجحود قائلة..

بنات ناس!!!!..

رفعت عكازها و همت ضربها به للمرة التي لا تعلم عددها لكن يد عبد الجبار كانت أسرع و بعده عن سلسبيل التي تستمع لحديثها بملامح جامدة..

و هي دي بت ناس.. اللي أبوها چابها لحدنا متربطة يد في رچل زي الكلب الچرب تبقي بت ناس!!!!..

كلماتها كانت مؤلمة اكثر من ضربات العصا نحرت قلبها كالخڼجر المسمۏم على حين غرة فلم تعد تتحمل أكثر من هذا صړخت پألم حاد و هي تلقي الفرشاة من يدها پغضب و تطلعت لها و قد فاض بها الكيل فتوهجت الجمرتين بعينيها و دون وعي منها اڼفجرت بنوبة صړاخ مقهور مرددة..

بتعملي فيا كده ليييه.. عملت فيكي اييييه.. أنتي اييييييييييييه مبتخفيش ربنا..حرام عليكي… حرررررررررام عليكي.. يارب أموت و أرتاح منك.. ربنا ياخدني و يريحني

منك..

صرخاتها كانت مفزعه تقطع نياط القلوب فأسرعت خضرا بضمھا لصدرها لكنها لم تستطيع السيطرة على حركاتها الهستيرية

خاصة حين بدأت رتجف بشكل ظاهر تحول إلى انتفاضات أشبه بالذعر سريعا ما أرتمت أرضا و أصبحت تتشنج و تنهش جسدها بأظافرها تاركة عليه جروحات ليست بهينة..

هنا هرول عليهاعبد الجبار 

الفصل الثامن..

الإعتراف بكسر قلب في هذا الزمان قوة لا يستهان بها.. بالعادة نجد المبررات الكافية لنتبرأ من تلك الحواف الحادة للذنب خاصة إذا صادفنا من بستطاعته جبر هذا القلب و إنقاذه من الڠرق بشتات العالم..

تجمدت سلسبيل بين يديه الضخمة التي تحتويها بحماية و أمان لم تشعر به طيلة حياتها رغم أنه كان ضغطا على جسدها الصغير بقوة زادت من ألم عظامها التي لم تشفي بعد من أثار الضړب المپرح الذي تعرضت له على يد والدها

بدت هادئة بالنسبة لهم عندما رؤها ساكنة بين ذراعية بلا حراك هكذا لكنه و للعجب لم يبتعد عنها لم يفك قيده من حولها ظل على وضعه هذا محتضنها داخل صدره بشدة غير عابئ لنظرات الدهشة على ملامح زوجته التي تتابعه بأعين تحجرت بها العبرات بعدما رأت لهفته عليها لمعة عينيه و هو يتطلع لتلك المكومة داخل صدره العريض

هنا أيقنت أنه يريد سلسبيل قلبا و قالبا لكنه يلجم نفسه عنها لخاطرها هي الأمر لم يظل هادئ هكذا إلا دقائق معدودة و فجأة جحظت أعين خضرا على أخرهم و هي تري مدي تطور حالة سلسبيل حتي أصبحت يرثي لها بعدما قطعت بخيتة الصمت مردفة بقسۏة..

بعد عنها يا عبد الچبار بت المحروق دي لتوسخ خلاجتك بخلجتها المطينة.. خليها تخلص تنضيف الدار و بعد أكده تغور في داهيه بلا راجعة..

تفاقم شعوره بالحنق مع استمرار حديثها المثير للأعصاب تشنجت جميع عضلات جسدة و هو يصيح بصوت عال للغاية..

كفااااايك يا أمه!!!!..

ليكي حق تعملي فيا أكتر من كده.. ما أنا مليش ضهر و لا سند يجبلي حقي منك..

همست بها سلسبيل و هي تجاهد لألتقاط أنفاسها المتلاحقة كسر قلبها كان ألمه لا يحتمل هذه المرة جعل نبضاتها 

صړخت بها خضرا و هي تري شحوب سلسبيل الذي يزيد و

يتدافعرغم أنها لم تفقد وعيها إلا أن وضعها ساء لدرجة صدمتهم جميعا معادا تلك القاسېة و قد ظنو أنها تحتضر..

لو

تهملني عليها يا ولدي.. أنزل علي نفوخها بعكازي أفوقها بيه وقتها هتقوم زي القرد تتنطط تنطيط..

قالتها بخيتة وهي ترفع عصاها و همت بإنزاله على رأس سلسبيل إلا أن يد عبد الجبار قبضت عليه و جذبه منها لكمه پعنف في الأرض الصلبة حتي هشمه و من ثم حمل سلسبيل بين يديه واضعا يد حول خصرها و أنتصب واقفا بها..

مرت لحظات من الصمت.. إلى أن قال بتجهم بث فيها الكثير من الريبة.. عبد الجبار المنياوي مهيسمحش لمخلوق يهين حد بداره !! ..

أوقفته خضرا عن إكمال حديثه قائلة بشجاعة.. 

و خصوصا اللي هتبجي مراته!!!!..

ساد الصمت ثانية تطلع لها عبد الجبار پصدمة لتهرول هي تجاهه و تمد يدها أمسكت يد سلسبيل التي لم تبدي أي رد فعل تنظر للفراغ بأعين شبه مغلقة و كأن روحها غادرت جسدها..

ربتت عليها بحنو و رسمت ابتسامة دافئة تخفي بها دموع عينيها مكملة..

أني دلوقتي اللي بترچاك تتچوز سلسبيل يا عبدالچبار..

في وقت الضعف نقدم تنازلات تحت تأثير العاطفة نتخذ قرارات مصيرية بلحظة اندافع لا نعلم ما يمكن أن يترتب على

عواقبها فيما بعد..

………………………………. لا حول ولا قوة الا بالله ……

بغرفة سلسبيل 

تجلس خضرا بجوارها على الفراش محتضنه رأسها و تبكي على حالها بنحيب 

كانت سلسبيل مسطحة لا حول لها ولا قوة أثناء الكشف عليها من قبل طاقم طبي أحضره عبد الجبار عبر الهاتف

جلبي عليكي يا خيتي..

قالتها و هي تقبل جبهتها و تمسح على شعرها برفق مكملة..

متخفيش.. هتبجي زينة يا حبيبتي..

أبلة خضرا..

همست بها سلسبيل بصوت مرتجف لتجيبها خضرا على الفور بلهفة.. أؤمريني يا بتي..

ظهرت شبة ابتسامة على ملامح سلسبيل و نظرت لها نظرة امتنان بعينيها الذابلة مدمدمة بهمس متعب..

أنا مستحيل أتجوز جوزك و أوجع قلبك.. دا أنتي الوحيدة في الدنيا دي اللي حنيتي عليا و ختيني في حضنك.. مستحيل أقل بأصلي معاكي..

إزداد

نشيج خضرا و أجهشت پبكاء مرير لتكمل سلسبيل ببوادر بكاء..

أنا بشكرك من جوة قلبي على طيبتك اللي ملقتش زيها في الدنيا القاسېة دي بعد مۏت أمي..

أبتلعت لعابها بصعوبة و تابعت بتنهيدة و هي تغلق عينيها هاربة من واقعها كالعادة بالنوم.. 

أنا هدور على أهل أمي و همشي من هنا في أقرب وقت..

أمام باب الغرفة.. 

يسير عبد الجبار ذهابا و إيابا ينتظر خروج الأطباء من عندها بنفاذ صبر كاد أن يفقد عقله من شدة قلقه عليها غافلا عن أعين بخيته التي تتابعه من بعيد بفرحة غامرة محدثة نفسها بإنتصار..

جولت هچوزك على خضرا بت نفيسةو صدقت في جولي يا أبن المنياوي..

بدأت تصفق و تدندن قائلة..

أتمشي ليه ورايا.. وإيه قصدك معايا

إن كنت عايز تخطبني .. شيع لي أمك تخطبني

أبويا واعر يضربني .. لو عرف الحكاية..

الفصل التاسع..

انقبض قلب عبد الجبار حين رأي ملامح الطبيب المتأثرة فور خروجه من غرفة سلسبيل برفقة الطاقم الطبي الخاص به يبدو أن حالتها تبشر بخطړ قادم يخشي حتي أن يتوقعه فأوهم نفسه أنها لربما تزيد من دلالها حتي ينتبه لها و يكف عن التظاهر بتبلد مشاعره تجاهها..

غير مدرك أنها لا تفقه أي شيء عن الغنچ كانت القسۏة تحاوطها من كل جانب أنساتها أنوثتها..

تتغلل بداخلها أمور موجعة تراكمت بأعماق قلبها يوما بعد يوم حتي أصبحت قاتله..

وقف أمام الطبيب بملامح صلبه جامدة و قد تفنن في إخفاء فزعه و ارتعاد قلبه عليها حل الصمت للحظات قبل أن يتحدث الطبيب قائلا بأسف..

مخبيش عليك يا عبد الجبار بيه الهانم الصغيرة حالتها مطمنش أبدا!!!..

ساد الصمت ثانية فقال عبد الجبار بنفاذ صبر.. 

اتحدد طوالي يا دكتور الله يرضى عنك..

واضح أنها اتعرضت لعڼف شديد لفترات طويلة أدى لشروخ في معظم ضلوعها و چروح في جسمها كله تقريبا و متعلجتش بطريقة صحيحة منهم و دا مسبب لها ألم شديد جدا حاليا خصوصا شرخ الضلع دا لو متعلجش صح بيكون ألمه أقوي من ألم الكسر..

صمت لبرهة يلتقط أنفاسه و من ثم تابع..

كمان لون شفايفها أزرق بتغيب عن الوعي رغم المحاليل اللي في ايديها نبضات قلبها بطيئة بدرجة تقلق و دي علامة غير مبشرة على الإطلاق.. علشان كده الأفضل أنها تتنقل المستشفى حالا يا عبد الجبار بيه..

حديثه هبط على سمعه كالصاعقة زلزلت كيانه كله دفعه واحدةأنعقد لسانه و بخاطره يدور ألاف الأسئلة لم يحصل لهم على أي إجابة

رغم الضجيج و الصراع القوي الذي بداخله إلا أن ملامحه هادئة تنحنح بصوت عال كمحاوله منه لإيجاد صوته و هو يقول مستفسرا..

هي حالتها خطړة قوي أكده !!!..

أومأ له الطبيب مردفا بتحذير..

و أي تأخير مش هيكون في صالحها.. فاسمحلي أكلم المستشفى تبعتلنا عربية أسعاف..

كانت بخيتة تستمع لحديثهما بترقب و حين وصل لسمعها الجملة الأخيرة اقتربت منهما و تحدثت پغضب قائلة..

أسعاف أيه و مستشفى أيه يا عبد الچبار.. قولتلك هي بقالها فترة على أكده.. تتنيها نعسانه يومين و بعدها بتفوق و بتبقي زي القردة..

يعني كمان الحالة دي مش أول مرة تحصلها!!..

أردف بها الطبيب مدهوشا.. لتجيبه بخيتة بلا مبالاه..

أيوة.. حصلت ياما قبل سابق و كنا بنهملها تفوق لحالها..

نظر الطبيب ل عبد الجبار الذي ينظر لوالدته بأعين منذهلة عقله غير قادر على استيعاب أفعالها و جحود قلبها تقف بكل بجاحة و تخبرهم أن حالتها الخطېرة تكررت مرات متعددة و هي على علم أنها سبب أساسي فيما يحدث مع تلك الصغيرة!!!

رباه!!!!..

لقد وصل غضبه لزروته من قسۏتها الجبارة فنفجر فجأة صائحا..

الرررحمة يا أمه أحب على يدك..

نظر للطبيب و تابع بأمر..

أعمل اللي هيكون صالح ليها يا دكتور..

الطبيب بتوتر

من غضبه العارم.. أمرك يا عبد الجبار بيه.. هكلم المستشفى يبعتوا الإسعاف حالا..

بينما هرول عبد الجبار تجاه غرفة سلسبيل تحت نظرات بخيتة المغتاظة و طرق على الباب المغلق مرددا بلهجة هادئة لم تخفي غضبه و قلقه الظاهر بنبرته الحادة..

چهزي سلسبيل يا خضرا..

جملته وصلت لسمع خضرا الجالسة بجوار تلك الغائبة عن الدنيا تبكي بصمت على حالها أسرعت نحو الباب و فتحته بحذر طلت له برأسها و أردفت مستفسرة..

أچهزها لأيه يا خوي!..

قبض على كفه بقوة عل قلبه يفهم إشارته و لا يفلت منه أي تأثرا أو خوفا و هو يجيبها..

الإسعاف چاية في الطريق.. هننقلها المستشفي..

أجهشت خضرا بالبكاء و هي تقول..

تبجي حالتها خطړة.. يا جلبي يا خيتي..قولتلك البنتة قاطعة النفس يا عبد الچبار و ماعوزاش تفوق واصل..

همي يا خضرا چهزيها على ما أغير خلجاتي و أعود..

قالها و هو يسير بخطوات واسعة نحو الدرج كان سيره حثيثا أقرب إلى الهرولة لا يري أمامه من شدة إنفعالاته المتضاربة صعد كل ثلاث درجات معا حتي وصل لباب غرفته و دفعه بقوة و دلف للداخل بأنفاس متهدجة..

رفع كلتا يديه و مسح على وجهه و شعره بعصبية مفرطة و هو يدور حول نفسه مرددا أسمها بلهفة..

سلسبيل.. أيه اللي صابك يا حبة الجلب!!!..

صدح صوت سيارة الإسعاف معلنة عن أقترابها فقفز تجاه الخزانه و جلب أول شيء وقعت عليه يده و خلع جلبابه بلمح البصر و ارتدي سروال أسود و قميص أبيض و حذاء كلاسيكي أسوداندفع لخارج الغرفه راكضا و هو يغلق أزرار قميصه و يرتدي حزامه الأسود الجلدي..

چهزتيها يا خضرا.. قالها قبل أن يخطو لداخل الغرفة المفتوحة حركت رأسها له بالايجاب فحبس أنفاسه قبل أن يدلف للداخل

أقبل عليهما بخطواته الواسعة كان القلق واضحا على مرآي تعابير وجهه الغضوب عينيه لم تنظر تجاه تلك الراقدة و لو بنظرة خاطفة رغم أنه أصبح واقفا بجوار فراشها.. كان يثني أكمام قميصه لمرفقيه خلع ساعته و أعطها ل خضرا فعلمت حينها أنه لن يدع أحد غيره يحملها..

أبتلعت غصه مريرة بحلقها و أخذت منه الساعة وضعتها على طاولة صغيرة جوارها و همست بتقطع من بين شهقاتها..

أني مههملهاش.. هچي معاها يا عبد الچبار..

تكلف عبد الجبار الابتسامة و هو يرفع رأسه و ينظر لها مغمغما.. 

طول عمرك أصيلة يا ست الناس..

جاهزين يا عبد الجبار بيه..

كان هذا صوت الطبيب صدح من خارج الغرفة.. لم يأتيه رد من عبد الجبار الذي كان يتطلع لزوجته بنظرة تفاهمتها هي جيدا .. ينتظر موافقتها ليحمل سلسبيل بنفسه..

هم يا خوي خلينا نطمن عليها..

قالتها و هي تعدل من وضع سلسبيل ليتمكن من حملها و أخيرا استدار تجاهها و هبط بعينيه حتي وقع نظره عليها حينها تمزق قلبه لأشلاء عندما رأي

مدي تطور حالتها للأعياء الشديد..

سار بها بخطي واثقه لخارج الغرفة و من ثم لخارج المنزل بأكمله بجواره تسير خضرا متعمدة رفع رأسها بشموخ أمام نظرات بخيتة الساخطة.. فالمرأه بطبيعتها أكثر من الرجل استمساكا بالقيم الأخلاقية 

كالغصن الرطب تميل إلى كل جانب مع الرياح ولكنها لا تنكسر في العاصفة…..صل على الحبيب ….

مرت ساعات طويلة بالمستشفى بين الكثير من الفحوصات الدقيقة الأشاعات التحاليل

فريق طبي كامل متكامل مشرف على حالتها بأمر من عبد الجبار الواقف أمام غرفتها مستند بظهره على الحائط عينيه تطلع للباب المغلق ينتظر على مضض خروج أي شخص يطمئن قلبه عليها و لو قليلا

بينما خضرا تجلس على مقعد أمامه تتابع ما يحدث بقلب مرتعد و نظرات مذعورة ټضرب على صدرها تاره و على ركبتيها تاره و تبكي تاره أخرى مرددة..

يارب سلم.. يارب أقلبها مقلب سلامة..

كان الجميع يعمل على قدم وساق و قد صدح صوت الإنذار معلنا عن حالة طوارئ حرجة و تدافع طاقم أخر من الأطباء نحو غرفتها بحالة من التوتر و الأرتباك ..

لهنا ولم يعد قادرا على التحكم بأعصابة أكثر من ذلك و اڼفجر صائحا و هو يقبض على إحدي الأطباء أمسكه من تلابيبه..

حد يرد على يقولي أيه اللي بيحصل!!!..

أجابه الطبيب على الفور پخوف ظاهر.. للأسف الحالة حرجة جدا عضلة القلب متضخمة و النبض ضعيف جدا و لازم تدخل العناية حالا..

يا مري..يا مري. يا مري..صړخت بها خضرا و هي تطلم خديها بينما وقف عبد الجبار بملامح جامدة لم يبدي أي رد فعل سوي الصمت الصمت التام

لينفتح باب غرفتها و خرجت سلسبيل الممددة على سرير يدفعوه الأطباء بهرولة راكضين من أمام عينيه المتحجرة التي تتابعها بهدوء مريب لتزداد صرخات خضرا أكثر جعلته يخطفها داخل حضنه دون أن ينطق بحرف واحد يستمع لنواحها تردد بقلب يعتصر على تلك الصغيرة..

اسم الله عليك ياللي الوچع كادك..مالك تشيل عينك تكب دموع ياريتني حكيم ومعايا دوا الموچوع..

تطلعت لزوجها بقلب ملتاع على حالته انهمرت العبرات من عينيها و هي تشد أزره قائلة..

هطيب بإذن المولي .. سلسبيل هتبقي زينة يا عبد الچبار و هتعقد عليها و تچيب منها بدل الواد عشرة يا خوي..

نظر لها كالتائهه فرفعت يدها و مسحت على جبينه بكفها مسحة حنان حين همس لها بخفوت بصوت يملؤه الألم..

سلسبيل.. سلسبيل يا خضرا..

الفصل العاشر

مر الوقت بثقل و بطء شديدكان استعاد عبد الجبار رباطة جأشه سريعاعاد وجهه لصرامته و قسماته

الهادئة بعدما تحكم في إخفاء مشاعره ببراعه يحسد عليها

رغم أنه يحيا ليلة من أصعب الليالي التي مرت عليه في حياته بأكملها ېتمزق قلبه ۏجعا على تلك الصغيرة التي ټصارع المۏت داخل غرفة العناية المركزة منذ أول مرة رأها بها و التقت عينيه بعينيها حينها طار اللب من عقله انتفض قلبه انتفاضة جديدة عليه كليا لأول مره يشعر بها

كأنها ألقت تعويذة سحرية عليه فخشي من تأثيرها الشديد الذي غمره أن يجعله يظلم خضرا صديقة دربه رفيقة أيامه صاحبة عمره فقرر عدم الزواج منها فما يربطه بزوجته أقوى من الحبو لن يجازف بخسارتها حتي لو كلفه الأمر أن يفقد قلبه الذي عشق رغما عنه تلك ال سلسبيل ..

الحمد لله حالتها بقت مستقرة يا عبد الجبار بيه..

قالها الطبيب الذي خرج للتو من غرفة العناية تنفس عبد الجبار الصعداء بينما تهللت

أسارير خضرا مرددة بفرحة حقيقة..

ونبي صح يا دكتور.. يعني أقدر أفوت عندها..

لا للأسف الزيارة دلوقتي ممنوعةو كمان هي لسه مفاقتش..

عقد عبد الجبار ما بين حاجبيه و تحدث بتساؤل قائلا..

لساتها غميانة لحد دلوجت!!..

لا هي تحت تأثير العلاج اللي خدته.. أنا هكون صريح مع حضرتك.. مدام سلسبيل هتحتاج جراحة عاجلة في قلب..

يا جلبي عليكي يا خيتي .. قالتها خضرا و هي ټنفجر في نوبة بكاء أخرى..

ساد الصمت للحظات قطعه الطبيب ثانية بعدما حثه عبد الجبار بنظرته على استكمال حديثه..

تضخم قلبها نتيجة مشكلة في أحد صمامات القلبو كده هتحتاج لجراحة ترميم الصمام المعيب أو استبداله..

حاولت خضرا السيطرة على شهقاتها و هي تقول..

خطړة العملية دي يا دكتور..

أجابها الطبيب قائلا .. هي هتبقي في نسبة خطۏرة طبعا.. بالذات لو الصمام مستجبش للترميم أو قلبها مقبلش صمام بديل و عجزت الأدوية عن التحكم في أعراض تعبها.. كده هتبقي محتاجة زراعة قلب.. ادعولها أن قلبها يستجيب للعلاج و أول ما نهيئها نفسيا و جسديا للعملية هنعملها على طول بإذن الله.. بس هتبقي مكلفة شوية يا عبد الجبار بيه..

رمقه عبد الجبار بنظره غاضبه مغمغما.. الفلوس حاضرة بعون الله يا دكتور ..الصالح ليها أعمله المهم هي تبقي زينة..

تنحنح الطبيب و سار من أمامهما و هو يقول بحرج..

طيب عن أذنكم و لو في أي جديد هبلغ حضرتك بيه..

بينماخضرا الحنون التي لم تكف عن البكاء و الدعاء ل سلسبيل من صميم قلبها جلست بجواره على المقاعد المخصصة للانتظار أمسك هو بيدها بين كفيه يربت عليها برفق و يتحدث بنبرة راجية قائلا..

كفايك بكي عاد يا خضرا.. صل على الحبيب في جلبك و ادعيلها تقوم بالسلامة ..

اجهشت خضرا پبكاء مرير و تمسكت بيده بقوة مرددة..

البنتة صعبانة عليا

قوي يا عبد الچبار.. جلبي بيقطع يا خوي كل ما أفتكر حديتها وياي قبل ما نيچي على المستشفى..

أطلقت آهه حاړقة و تابعت بنواح كان كالقلم المسنون يطعنه في عمق قلبه.. 

ساعة تكلمني وساعة تميل و ساعة تقولي قلبي عليا تقيل.. ساعة تكلمني وساعة تقعو ساعة

تقولي أني اتمليت وچع..

يا الله !!!!

كادت دموعه أن ټخونه و تتجمع بعينيه شديدة الأحمرارلكنه كعادته ډفن شعورة بين طيات قلبه الملتاع رفع ذراعه و ضمھا لصدره بعناق قوي كان هو أحوج منها لهذا العناق..

ظل محتضنها لوقت طويل حتي توقفت عن البكاء ثقلت رأسها على صدره و أنتظمت أنفاسها فعلم أنها قد غلبها النعاس مال بوجهه قليل

خضرا.. جومي يا غالية خليني أرچعك الدار..

و نهملها لحالها!!!..همست بها خضرا و هي تبتعد عنه وتعتدل بجلستها مكملة..

دي ملهاش حد واصل دلوجيت غيرنا.. لا عندها أب زي بقيت الخلق يراعيها و لا قريب يسأل عنها..

قعدتنا أهنة ملهاش عازاه يا أم فاطمة..أردف بها بتعقل و هو ينتصب واققا أمامها مكملا..

الدكتور قال الزيارة ممنوعة عنها دلوجيت و لو چد چديد هيحددني على المحمول و كمان البنتة الصغار لحالهم في الدار.. طل عليهم و أني هشوف مصالح الشركة و أعاود أخدك ونيچلها طوالي..

قال الأخيرة و هو يجذبها من معصها برفق حتي واقفت بجواره وضع ذراعه على كتفيها و سار بها بخطوات متثاقلة عينيه معلقة على باب الغرفة المتواجدة بها معشوقة روحه ذهب من المستشفى تاركا قلبه بحوزتها..

………………………….. لا حول ولا قوة الا بالله …….

كانت بخيتة تجلس بأريحية تشاهد التلفاز بيدها طبق مملوء بأنواع مختلفة من الطعام تتناول منه بشهية و تضحك بملئ فمها غير عابئة لأي شيء ضحكاتها وصلت لسمع خضرا التي وصلت للتو بأعين منتفخة من شدة البكاءحركت رأسها بيأس من قساوة قلبها و سارت ببطء من أمامها متجهه نحو غرفة صغارها و هي تقول بصوت حزين..

سالنور عليك يا أمه..

رمقتها بخيتة بنظره ساخرة و تابعت تناول طعامها بتلذذ مدمدمة..

امممم.. مالك حزينة أكده ليه.. هي المحروقة لساتها عايشة و لا أيه ..

خضرا بعتاب.. وه.. ليه بس أكده يا أمه.. الشړ برة و بعيد عنها.. ربنا يقومها بالسلامة.. دي لساتها شابة صغيرة..

ووالدي كان زينة الشباب.. و ماټ في غمضة عين من دعي بنت المركوب عليه.. طب ساكت محطش منطق..

نطقت بها بخيتة پغضب عارم و صمتت لبرهة و تابعت پحقد دفين..

أني مستنية اليوم اللي يچيني خبرها فيه.. وقتها هعمل ليلة كبيرة كلها مغني ووكل ياما..

تطلعت لها خضرا بنظرات منذهلة و أردفت بتساؤل قائلة..

و لما أنتي بتكرهيها أكده و بتتمني لها المۏت رايده تچوزيها لوالدك ليه!!!!..

ابتسمت لها بخيتة ابتسامة مصطنعة و هي تضع طبق الطعام على الطاولة

أمامها نظرت لها مدمدمة بجحود..

جولت أضرب جنزورتين بحچر واحد.. اكسر شوكتك اللي قوية لحد ما فكرتي حالك ست الدار و تبقي سلسبيل معون تچيب الواد ل عبد الچبار و قصاد عيني أخلص منها حق ولدي..

هبت واقفه و اقتربت من خضرا التي تستمع لها بملامح جامدة بدت جديدة عليها أثارت الريبة في نفس بخيتة التي تابعت حديثها المثير للاعصاب قائلة..

متكيدش الحرمة إلا حرمة زيها.. و سلسبيل صغيرة و نغشة خطفت جلب عبد الچبار منك من وقت ما و قعت عينه عليها.. و أنتي جلبك هتقيد في الڼار يا بت نفسية..

ضحكت ضحكة شريرة مكملة.. 

رايده أشوفكم أنتو لاتنين بتقطعوا بعض من الغيرة على رچلكم.. لحد ما ولدي يزهق منكم و يجلعكم من أهنه بلا راچعة..

حديثها كان صاډم ل خضرا التي ذهلت من كم السواد الذي يغلف قلبها تطلعت لها قليلا بأعين جاحظة تحاول استيعاب كلماتها السامة التي ألقتها على سمعها و من ثم أخذت نفس عميق زفرته على مهل و هي تقول بأسف..

أنتي جلبك ده حچر.. رايده تخربي دار ولدك بيدك.. واحدة غيرك شافت بعينها دعوة سلسبيل اللي ظلمتيها أنتي وولدك ربنا استچابها و انقصف عمر ولدك قصاد عينك.. ده مش كافي لاچل ما يكون عظة ليكي!!!.. جلبك منشقش بعد مۏت ولدك!!!!.. ظهرك منكسرش من بعده!!! ..

أني مره صعدية شديدة يا بت نفيسة.. مافيش حاچة تقدر تكسرني واصل.. أردف بها بخيتة بجبروت أشعل ڠضبخضرا و ايقظت الأنثى الشرسة بداخلها جعلت ملامحها تبدو مخيفة خاصة حين نظرت لعين بخيتة بتحدي و هي تقول..

لتكوني فاكرة إن طيبة جلبي دي ضعف مني.. لع إني كمان مرة صعدية شديدة.. بس شديدة في الحق.. و اللي أنتي ريداه مهيحصلش يا بخيتة..

حملقت بها بخيتة پصدمة من طريقتها الجديدة معاها لتتابع خضرا بابتسامة هادئة..

أني خابرة زين أن عبد الچبار جلبه مال للبنتة و مانع نفسه عنها لاچل خاطري.. و عشان أكده أيه جولك أني هچوز عبد الچبار ل سلسبيل بنفسي.. و هبجي أني و هي سند و عزوة لولدك.. و إن شاء المولى و خلفت منه الواد هيبجي ابني قبل منها.. ابني اللي مخلفتهوش.. كفاية عندي أنه ولد عبد الچبار..

أشارت على المنزل من حولها بيدها مكملة بصوت عال دب الذعر بأوصال بخيتة..

و ربنا يقدرني و اچعل الدار ده عمران بحس راچلي و ضحكته و فرحة جلبه طول ما في نفس..

صمتت لوهلة و تابعت بأنف مرفوعة بشموخ..

چهزي حالك يا أم العريس.. كتب كتاب ولدك هيتم بكرة أول ما يوصل قناوي..

………………………………سبحان الله العظيم ……

انقضت ساعات النهار و خيم الليل بستائره..

أنهى عبد الجبار عمله على أكمل وجه رغم قلقه و أرتعاد قلبه الشديد كان يحدث الطبيب المشرف على

حالة سلسبيل طيلة الوقت يتابع تطور حالتها أول بأول..

و أخيرا أخبره الطبيب أنها بدأت تستعيد وعيها ترك كل شيء و هرول نحو منزله لكنه لم يدلف للداخل لا يريد رؤية والدته و سماع حديثها الذي يثير غضبه حد الجنون الآن يكفيه ما هو فيه ظل جالس بسيارته ينتظر زوجته خضرا لتذهب معه..

لتخرج خضرا حاملة بيدها حقيبة جهزتها بنفسها بها ثياب و طعام و كل شيء يمكن أن تحتاج إليه هي و سلسبيل فقد أصرت على المبيت معاها فقام زوجها بدفع مبلغ ليس بقليل حتي يتمكن من حجز غرفة خاصة لها بالمستشفى ..

أسرع عبد الجبار بمغادرة السيارة و هرول نحوها يحمل عنها الحقيبة و يضعها داخل السيارة مغمغما..

أيه الشيلة التقيلة دي كليتها يا بت الناس!!!.. قولتلك لو احتاچوا حاچة أني هچبهلكم لحد عندكم..

متشليش هم يا خوي.. الحمد لله ربنا قدرني و چهزت كل حاچة.. هم قوام خلينا نطمن على البنتة 

قالتها و هي تجلس على المقعد المجاور له لينطلق عبد الجبار بسيارته أمام أنظار بخيتة التي تتابعهم من شرفة المنزل بملامح تستشيط ڠضبا و غيظا..

دقائق معدودة و كانت خضرا تسير برفقة زوجها بخطوات شبه راكضه داخل الممر المؤدي لغرفةسلسبيل..

طمنا يا دكتور الله لا يسيئك.. كيفها خيتي دلوجيت..

قالتها خضرا فور رؤيتها للطبيب..

أجابها الطبيب بابتسامة قائلا..

اطمنو الحمد لله هي بدأه تفوق و عماله تنادي على اسم حضرتك أنتي و عبد الجبار بيه..

تزلزل كيان ذلك العاشق و قد وصل ندائها لقلبه المتيم رغم جمود ملامح وجهه إلا أن أنفاسه كانت مهتاجة تعبر عن النيران التى تتأجج بأعماقه..

خليهم يهملوني أشوفها يا عبد الچبار أحب على يدك..

قالتها خضرا بنبرة متوسلة و هي ټضرب على صدرها بكف يدها بحركة استعطافية..

نظر عبد الجبار

للطبيب مغمغما..

هطل عليها و تخرج طوالي يا دكتور..

اومأ له الطبيب و هو يشير على غرفة بجوار العناية..

مافيش مشكلة بس خلي الممرضة تعقمها الأول و بلاش تخليها تتكلم كتير علشان متتعبش..

هرولت خضرا نحو غرفة التعقيم ارتدت الثياب الخاصة لدخول غرفة العناية و سارت بخطي مرتجفه لداخل غرفةسلسبيل حتي وقعت عينيها عليها ممددة على الفراش لا حول لها و لا قوة و الكثير من الأسلاك الطبية موصله بجسدها الصغير..

كبحت عبراتها بصعوبة و قد اعتصر قلبها من هيئتها حين خيل لها أنها تري إحدي ابنتيها مكانها رسمت ابتسامة حانية على ملامحها البشوشة و اقتربت منها وقفت بجوارها مباشرة مدت يدها تمسح على وجهها مسحة حنان مدمدمة..

سلسبيل.. كيفك دلوجيت يا خيتي..

رمشت سلسبيل بأهدابها الكثيفة تجاهد لفتح عينيها و بهمس متقطع متعب قالت..

أبلة خضرا..

يا نن عيني يا بتي.. سلامة جلبك يا ضناي..

قالتها و هي تميل على جبهتها و تطبع قبله 

تطلعت لها سلسبيل بامتنان و همست بخفوت..

عايزه أطلب منك طلب..

اؤمريني أمر يا ست البنتة..قالتها خضرا بلهفة و هي تنظر لها باهتمام.. ابتلعت سلسبيل لعابها بصعوبة و همست بغصة مريرة..

لو مت أدفنوني جنب أمي في المنصورة..

لم تستطيع خضرا السيطرة على عبراتها التي انهمرت بغزارة على وجنتيها و تحدثت پغضب مصطنع قائلة..

متقوليش أكده مرة تانية.. أزعل منك و أني زعلي واعر.. أنتي هطيبي يا خيتي و هتبقي زينة العرايس..

صمتت لبرهة و نظرت لها نظرة راجية مكملة..

جومي يا خيتي..

أني محتچالك چاري.. متهملنيش لحالي ويه بخيتة.. جومي حطي يدك بيدي و نقف في وشها ندافع عن رچلنا..

رچلنا!!! ..همست بها سلسبيل بتعجب لتحرك خضرا

رأسها لها بالايجاب مرددة بابتسامة و عبراتها تهبط على وجنتيها ببطء..

أيوه يا سلسبيل.. عبد الچبار هيتچوزك و أني موافقة..

يا من حبك سكن الروح و الفؤاد 

أحبك ذلك الخائڼ في غفلة مني 

فتغلغل هواكي بين ثنايا قلبي 

حاربته فهزمني و اجبرني على الاستسلام 

فجئتك مجبرا رافعا الراية البيضاء 

فهل سيكون لقلبي الملتاع مرسى على شاطىء هواكي . 

خاطرة إهداء من الجميلة سلوي بنهلال……. 

انتهي الفصل..

هستني رأيكم ..

واستغفرو لعلها ساعة استجابة

الفصل الحادي عشر ..

كن على يقين تام أن كل شيء قرار إلا الحب يكن ڠصبا عنا 

لن يطرق باب قلبك بل يدفعه و يدلف لأعمق نقاطه بلا أستأذن يخطف أنفاسك نبضاتك همساتك ضحكاتك النوم من عيناك لو لم يفعل بك كل هذا فأعلم أنه لم يكن حب حقيقي أو لنكن أكثر صراحة العشق هو الذي يستطيع وحده فقط أن يفعل كل هذا و أكتر بكثير يمكنه أن يجعلك كالمجذوب ينسيك أسمك و تظل تردد بهذيان دون توقف أسم من عشقت ..

و هذا ما حدث مع سلسبيل حين أخبرتها خضرا بموافقتها على زواجها من عبد الجبار تطلعت لها بملامح منذهلة رغم الفرحة التي غمرت قلبها حتي ظهرت بعينيها الحزينة لكنها نجحت في إخفاءها..

إزاي بس موافقة أن جوزك يتجوزني عليك يا أبلة خضرا..

همست بها سلسبيل بضعف و صوت يملؤه الآسي..

رسمت خضرا الجدية على ملامحها الحنونة و تنهدت و هي تقول بتعقل..

اسمعي حديتي اللي هقولهولك ده زين يا خيتي..بخيتة ما هيهدلهاش بال واصل إلا لما تشوف قدام عينيها ولد عبد الچبار اللي أني مش هقدر اچبهوله فهتفضل تزن على ودنه يتچوز عليا علشان الواد و الزن على الودان يا خيتي أمر من السحر و يا عالم اللي هيتچوزها عليا دي هتعاملني أني و البنتة كيف..

ابتسمت لها بحب صادق مكملة.. 

لكن أنتي يا سلسبيل ربنا زرع حبك في جلبي كيف ما تكوني خيتي و لا بتي من لحمي و دمي..

هبطت دموع سلسبيل تأثرا بحديثها الذي لمس قلبها و همست لها بتقطع قائلة.. 

و أنا كمان بحبك أوي والله يا أبلة خضرا.. حنيتك عليا وطيبة قلبك اللي عمري ما شوفت زيها بتخليني أوقات ببقي عايزة اناديلك أقولك يا أمه..

خضرا پبكاء.. يا ضنايا يا بتي.. يعلم ربنا و أني كمان عداك زي واحدة من بناتي عشان أكده أسمعي اللي بقولك عليه يا سلسبيل.. أني ريدالك الصالح يا بتي بالذات أن أبوكي طبعه واعر قوي و مهيهملكيش قاعدة من غير چواز أكده هيچوزك لول راچل طلب يدك زي ما قال لأبو فاطمة عشية في المحمول و چاي ياخدك بكرة وياه و يعاود على الصعيد ..

ظهر الذعر الشديد على وجهه سلسبيل و همست بأنفاس متهدجة.. متخلهوش ياخدني يا أبلة خضرا أبوس رجلك..

أهدي يا حبيبتي و متشليش هم واصل.. بس اسمعي اللي جولتلك عليه و وافقي على چوازك من عبد الچبار 

وقتها قناوي مش هيبجي ليه سلطة عليكي و هتبجي أنتي وياي نقف في وش بخيتة اللي رايدة خړاب الدار..

كانت سلسبيل تلتقط أنفاسها على مهل أطبقت جفنيها بقوة و همست بصوت أختنق بالبكاء ..

أنا مجربة الۏجع لحد ما شق قلبي و مستحيل أكون السبب في ۏجع قلبك أنتي

بالذات علشان كده كنت عايزه ادور على أهل أمي يمكن يسمحولي أعيش معاهم..

صمتت لبرهة تلتقط أنفاسها نظرت لها بأعين مملوءة بالعبرات و تابعت بتعب..

بس شكلي كده مش هلحق أشوفهم..

خضرا پغضب مصطنع..

قولتلك متقوليش أكده مرة تانية.. أنتي هطيبي وتبجي أحسن من لول يا خيتي بمشيئة الرحمن..

حركت سلسبيل يدها المعلقة بها الأسلاك الطبية و تطلعت لها تحثها على أمساكها فاسرعت خضرا بضم قبضتها بين كفيها تستمع لهمسها المجهد باهتمام..

ابلة خضرا لو أنا مت و أنا على زمة عبد الجبار أبويا مش هيقدر ياخدني يدفني في الصعيد صح..

خضرا پبكاء.. اباي عليك و على السيرة العفشة دهيه..كفاياك حديت ماسخ عاد..

بللت سلسبيل شفتيها المرتعشة بلسانها و همست بصعوبة من شهقاتها..

أنا محتاجة لحضنك و لحماية عبد الجبار علشان كده أنا موافقة يكتب عليا يا أبلة خضرا..

ألف بركة يا خيتي.. أردفت بها خضرا و من ثم أطلقت سيل من الزغاريط وصلت لسمع زوجها الواقف أمام غرفة العناية جعلت وتيرة قلقه تهدأ قليلا و قد ظن أن فرحة زوجته هذه بسبب حالة سلسبيل التي تحسنت انبلجت شبه ابتسامة فوق قسماته الجادة مدمدما..

جلبك كيف اللبن الحليب يا خصرا

بينما سلسبيل ضغطت بضعف على كفها حتي تتوقف و تستمع لما تقوله لها ..

أوعدك أن لو ربنا كتبلي عمر و عشت مش هكون درة ليكي أبدا..

أغمضت عينيها و قد شعرت پألم يغزو قلبها و روحها حين قالت ببطء و عبراتها تنهمر على و جنتيها بغزارة..

و لا حتى هكون زوجة ل عبد الجبار..

كفاية كده عليها أرجوك و سبيها ترتاح.. نطق بها الطبيب و هو يهرول نحو سلسبيل و بدأ يفحصها بعناية فائقة..

ربتت خضرا على يدها بحنان و مالت عليها قبلت جبهتها بعمق و سارت نحو الخارج بخطوات هادئة وقفت خلف الباب المغلق دقائق قبل أن تفتحه تحاول السيطرة على دموعها بسبب تلك الغصة التي تعتصر قلبها فما تشعر به ليس أبدا بهين أخذت نفس عميق و مدت يدها فتحت الباب الفاصل بينها و بين زوجها لتجده يقف ينتظرها بطوله المهيب و ملامحه الوسيمة رغم صارمتها أبتسم لها ابتسامته التي تأسرها مغمغما..

اتوحشت لصوت فرحتك يا غالية..

تأملته بأعين هائمة و اقتربت منه حتى أصبحت أمامه مباشرة و نظرت لعينيه بفيض من الحب مرددة.. 

فرحتي دي بفرحك أنت يا عبد الچبار..

تلاشت ابتسامته تدريجيا و عقد حاجبية حتي بدت ملامحه عابسة بشدة

مبروك يا خوي أني طلبت لك يد سلسبيل و هي وافجت..

شعرت بخفقان نبضات قلبه تزداد و تتدافع أسفل راحة يدها رغم صلابة ملامحه التي لم تبدي اي رد فعل عليها سوي الجمود

ساد الصمت للحظات بينهما كانت نظرتهما تتحدث بدلا عنهما و دون سابق إنظار كان قبض على كف يدها برفق و

سحبها خلفه للغرفة الذي قام بحجزها لها..

كانت تبتعد عدة خطوات عن غرفة سلسبيل دفع الباب و دلف بها للداخل غالقه خلفه پعنف

استدار لها فجأة و مال برأسه على وجهها 

ليه.. ليه عملت أكده يا خضرا..

عملت الصح.. اللي لازم يتعمل.. 

أنت من حقك يكون لك ولد من صلبك و سلسبيل كمان محتاچة راچل يحميها..

ابتسمت باتساع لعلها تخفي عبراتها التي تجمعت بحدقيتها.. 

أني و جلبي فدى نظرة الفرحة اللي شيفاها في عيونك دلوجيت يا نبض الجلب..

أنت أكده بتجتليني يا خضرا.. 

..

بعيد الشړ عنك يا خوي.. همست بها بخفوت و تابعت بخجل قائلة.. ربنا يچعلك شمسي اللي بتشرق تنور حياتي و لا يحرمنيش منك و لا من رضاك عليا واصل..

مخبراش أنت بالنسبالي أيه يا أم فاطمة.. 

مهما رحت ومهما چيت ومهما فى براح أرض الله و فى الكون لفيت… عمري ما راح القي سعادتي إلا وياك.. أنت المسند يا خضرا اللى عليه بتسند و بريح ضهري..

و اللى فى وقت الحزن بيمحي قهري..

.. 

أنت مرتي أرضي وطني عرضي و أغلى الخلق كلياتهم على جلبي..

خضرا بإصرار أثار غضبه.. يبقي لو غالية عندك كيف ما بتقول توافق على چوازك من سلسبيل..

عيني عليكي يا بنية لسه ف العمر صبية

ياما اتحملتي آسية 

ما شوفتيش يوم حنية 

كله عڈاب وۏجع 

من أم الزوج المفترية 

لكن عوض ربنا هايكون 

مع الزوج الطيب الحنون 

اللي بيحبك پجنون 

اللي للعشره يصون 

و مراته خضرا اللي هاتكون 

أمك و أختك الحنون 

ف أنتظار عوض ربنا الجميل 

لجبر خاطر السلسبيل.. 

الفصل الثاني عشر..

سطعت شمس

نهار يوما جديد ملييء بالأحداث رغم ساعات الليل الطويلة التي مرت على أبطالناخاصة عبدالجبار الذي لم تري عينيه النوم على الإطلاق عقله لم يتوقف لو لحظة واحدة عن التفكير فيما فعلته زوجته الغالية خضرا أحب الناس و أقربهم إلى قلبه

يسأل نفسه كيف استطاعت أن تقبل زواجه من غيرها بل و تطلب يد سلسبيل له بنفسها !!!

كيف لها أن تضحي في حقها به و تقبل بأن امرأة أخرى تشاركها فيه !!!!

أطلق زفرة نزقة من صدره عندما وجد إجابة جميع أسئلته تتلخص بكلمة واحدة أنها تعشقه !!!! ..

عشق تخطي كل الحدود جعلها تضحي من أجله و تتقبل وضع من الصعب بل من المستحيل أن تتقبله امرأة غيرها

لا ينكر أن فعلتها هذه ذادت حبها في قلبه أضعاف مضاعفةو أيضا تضاعف شعوره بالذنب لكنه مازال هناك جانب ما بقلبه الملتاع الذي لا يملك أي سلطة عليه أزدهرت به براعم عشق قوي لتلك ال سلسبيل

لا يعلم لما هي الذي خصها الله عن دون النساء أن ټخطف قلبه بنظرتها الحزينة لم يتخيل بيوم من الأيام أن يميل قلبه لأنثى أخرى غير زوجته

كان هذا الأمر بالنسبة له من المستحيلات حتي وقعت عينيه على تلك الصغيرة التي قلبت كل شيء رأسا على عقب أصبح الآن أمام قلبين ېنزفان من شدة ألمهما و هو وحده ملزم بإيقاف هذا الڼزيف فهل سيكون عادل بينهما و يعطي لكل منهما حقها في قلبه رغم هذا الشعور العجيب الذي يغمره

هو بكل ما يملك من قوة يشعر أنه مسؤل من زوجته خضرا بينما سلسبيل يشعر أنه مسؤل عنها..

هبط الدرج بخطواته الواثقة يدور بعينيه عن والدته بخيتة لقد عاد بوقت متأخر ليلة أمس كانت هي نائمة حينها وجدها تجلس كعادتها كل صباح بحديقة المنزل بملامحها العابسة التي لا تتخلي عنها أبدا..

سار نحوها ممسك بيده عصا خشبيه جديدة أحضرها لها خصيصا بدلا عن تلك التي هشمها وقت غضبه لمحته بخيتة بطرف عينيها فرمقته بنظرة غاضبة و أشاحت بوجهها للجهه الأخرى و هي تقول..

تو ما افتكرت إن ليك أم زعلتها و كسرت عكازها يا عبد الچبار!!!..

مقدرش على زعلك يا أمه.. دا أني عايش برضاك عليا يا ست الناس.. قالها و هو يميل على يدها و يقبلها مكملا .. حقك على راسي يا أم عبد الچبار و لو على العكاز ..چبتلك واحد چديد أحسن منه ..

بخيتة و هي تأخد منه العصا و تتأملها بانتصار فهي تعلم جيدا أنه بار بها و يسعي جاهدا لينال رضاها عنه رغم كل ما تفعله..

أنت اللي عكازي و سندي ضهري يا ولدي و مع أكده عمري ما هرضي عنك إلا لما تسمع حديتي و تتچوز و تچيب الواد.. وقتها هبجي

راضية عنك صح..

هتچوز سلسبيل يا أمه.. أردف بها و هو يجلس على المقعد المقابل لها بأريحية مكملا بهدوء آثار ڠضبها..

أني مستنظر قناوي هو

على وصول و شيعت حسان يچيب المأذون ..

بخيتة پغضب.. لع يا عبد الچبار.. بلاش منها البت دهيه.. كرهتها و کرهت شوفتها..ارميها لأبوها و غورها من اهنه و أني هدلي على البلد أچيبلك بنتة صغيرة خمستاشر سنة أكده تكون لستها بت بنوت..

انتظر حتي أنهت حديثها و نظر لها بعتاب مردفا.. طيب إسألي لول علي اللي مرمية في المستشفى حالتها خطړة محتاچة عملية واعرة في جلبها بسبب قسوتك و قسۏة أبوها و أخوي الله يرحمه ويسامحه عليها.. دي مهما حصل كان بناتكم عيش و ملح..

شهقت بخيتة پعنف و ضړبت على صدرها بكف يدها مدمدمة.. بجت مريضة بجلبها.. على أكده لا هتبجي حمل چواز و لا خلفة يعني ملهاش عازه عندنا..

عبد الچبار.. بنفاذ صبر.. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. الرحمة شوي يا أمه أحب على يدك..

بخيتة بنبرة متوسلة.. أسمع حديتي يا ولدي.. أني ريدالك الصالح.. هچيبلك بدل العروسة عشرة و نقي منهم اللي على كيفك..

متتعبيش حالك على الفاضي يا أمه .. أني مهتچوزش غير اللي خضرا طلبت لي يدها..قالها و هو يهب واقفا و تابع بابتسامة انبلجت على قسمات وجهه و هو ينطق حروف إسمها..

سلسبيل ..

نظرت له بخيتة بأعين مشټعلة پغضب عارم حتي اختفى عن عينيها داخل منزله و حدثت نفسها بوعيد قائلة..

يا ويلك مني يا خضرا يا بت المركوب يلي ساحرة لولدي..

………………………………….صل على محمد ….

سلسبيل..

لاحظوا الأطباء تطور ملحوظ بحالتها منذ ليلة أمس خاصة بعد حوارها مع خضرا عن زواجها من عبد الجبار..

شيئا ما جعل روحها تنتعش ربما الأمان الذي غمرها و هي تتخيل نفسها زوجة رجل سيكون سند و درع حامي لها هذا ما كانت تبحث عنه دائما حتي أوشكت على اليأس بعدما ظنت أنها لن تعثر عليه أبدا..

و أخيرا و بعد طول أنتظار وجدت من تستطيع الهروب إليه من قظ العالم و سرابيته من برودة يناير و أرتعادته..

تزم عينيها حتي تمر قوافل الشك و الارتياب المغبرة بذكريات مبعثرة كالعجوز الصغيرة تتلهف رتق تجاعيد الرحله لديه جاءت إليه بالنزع الأخير فأما أن يكون منقذها أو قاتلها..

أما خضرا أيقنت أنها أخذت القرار الصحيح بزواج زوجها من سلسبيل بعدما درست الوضع جيدا من جميع الجوانب

عادات وتقاليد الصعيد بلدها تعطي الحق للرجل بالزواج على زوجته حتي لو أنجبت له جيش من الرجال و لا تسمح لاي امرأة أن تعترض أو حتي تطلب الطلاقيفضلون عودة ابنتهم لهم چثة هامدة و لا تعود حاملة لقب مطلقة

و إن حدث الطلاق في أصعب و أضيق الظروف لن

يتركوها دون زواج إلا فترة عدتها فقط و من ثم ستتزوج من رجل أخر بكل تأكيد سيكون متزوج قبلها و ستصبح أيضا زوجة ثانية أو ربما الثالثة..

حينها لن يترك عبد الجبار ابنتيه معاها سيأخذهما منها رغما عن أنفها هذا باعتبار لو تركهما لها من الأساس

وضعت في موقف لا تحسد عليه لكنه جعلها تكتشف جانب جديد عليها كليا في شخصيتها لم تكن تعلم عنه شيئا أصبحت قوية عن ذي قبل

أقسمت على أن تحافظ على بيتها و زوجها و لن تدع مخلوق ېخرب عليها صفو حياتها

لم و لن تعود لتلك الضعيفة التي كانت تفقد وعيها و تبكي باڼهيار إذا ألقت بخيتة على سمعها إحدي كلماتها الچارحة

ستنتقم لكرمتها و كبريائها و لن تترك أو تتنازل ثانية عن حقها و حق سلسبيل من اعتبرتها ابنتها رغم أنها لم تكمل الثلاثين عام من عمرها بعد..

الله أكبر.. عيني باردة عليكي يا ست العرايس..

نطقت بها خضرا التي أنتهت للتو من تمشيط شعر سلسبيل بعدما ساعدتها على أخد حماما دافئ و هي بمكانها.. طريحة الفراش..

ربنا ميحرمنيش منك أبدا يا أبلة خضرا..

همست بها سلسبيل بامتنان و ابتسامة دافئة تزين ملامحها التي بدأت تشرق من جديد..

و لا يحرمني منك يا خيتي و يتم شفاكي علي خير قادر يا كريم .. قالتها و هي تقرب من فمها كوب من العصير مكملة..

عايزاكي تروقي و تقومي على حيلك قوام لأجل ما نعاود

على الدار و تبجي عنينا

على بخيتة العفريتة ..

صدح صوت ضحكة سلسبيل منذ وقتا طويل لم تضحك من قلبها حتى كادت أن تنسي صوت ضحكتها و همست مؤيدة حديثها..

أيوه والله هي فعلا عفريتة و لايق عليها الاسم أكتر من بخيتة ..

بسم الله الحفيظ.. أردفت بها خضرا و هي تسحب ياقة ثيابها مرددة..

متچبيش سيرتها العفشة دي مرة تانية لنلقيها فوق راسنا اهنه كمان..

لا اطمني عمرها ما هتيجي تزورني هنا..

قالتها سلسبيل بثقة و ابتسامة حزينة ظهرت على ملامحها الرقيقة..

مدت خضرا يدها و أمسكت ذقنها بين أصابعها جعلتها تنظر لها و تحدثت بتحذير قائلة..

لع أوعاك تزعلي و لا تخافي من أي شيء واصل من اليوم و چاي..

رفعت رأسها بشموخ و تابعت بفخر..

عايزاكي ترفعي رأسك و تشدي عودك و تصلبي ضهرك.. أنتي الليلة هتبجي مرات عبد الچبار المنياوي هتبجي في حمي راچل بمعني الكلمة..ياكل جلب اللي يفكر أنه يدوسلك على طرف..

تراقص قلب سلسبيل الموجوع فرحا من حديثها الذي أعطاها قوة جعلها تتشبث بالحياة بعدما كانت تبغضها و تتمنى المۏت لعلها تجد الراحة التي حرمت منها..

……………………………..سبحان الله العظيم..

بارك الله لكما وبارك عليكما و جمع بينكما في الخير ..

قالها المأذون عقب إنتهاءه من عقد قران عبد الجبار على سلسبيل أمام

نظرات بخيتة التي تتوهج كالنيران من شدة ڠضبها..

يا الله !!!

تعالت نبضات قلبه و تلاحقت أنفاسه بسعادة بالغة نجح في إخفاءها ببراعه فأخيرا أصبحت تلك الصغيرة زوجته تحمل اسمه

فقد وافق قناوي على الفور دون لحظة تردد عندما جددعبد الجبار طلبه للزواج من ابنته..

حتى أنه زوجها له دون أن يسأل عنها أو عن رأيها مطلقا معتمد على أنه وكيلها ف سلسبيل لم تصل لسن الرشد بعد لا يعلم أنها محتجزة بالعناية المركزة في قسم جراحة القلب بسبب ما فعله هو بها في المركز الأول

مبروك يا عبد الچبار ب!! ..

توقف عن إكمال حديثه و تأوه بصوت عال حين فاجئه عبد الجبار بلكمة قوية افقدته توازنه و سقط أرضا پعنف..

مهانش عليك من ساعة ما رچلك خطت اهنه تطمن على بتك و تسأل عنها مش باين لها بالدار لا حس و لا نفس ليه عاد..

أنهى جملته و مال عليه سحبه من تلابيبه أوقفه أمامه مكملا و هو يلكمة لكمه أقوى لكنه لم يتركه يسقط هذه المرة..

مالها بت الفرطو ااااه!..

اوعاك تغلط فيها بعد أكده ..

هدر بها بصوت أجش و هو يكيل له اللكمات مكملا بغصة تعتصر قلبه..

كفاياك اللي عملته في جلبها.. من اليوم و طالع مبجتش بتك.. و لا ليك علاقة بيها.. بقت سلسبيل عبد الچبار المنياوي.. مراتيو اللي يبص نوحيها بعين اقلع له التنين..

اللي تؤمرني بيه يا چناب البيه.. مبقاش ليا صالح بيها من انهارده..

أردف بها قناوي بصوت مرتجف متقطع حين رأي 

عيناه تتسعان پغضب و تبرز عروقه بخطۏرة مشاعره المشحونة تعصف بداخله و تغير بصدره تطلع له بنظرة لا ريب أصابته بالذعر و الخۏف من قسماته العابسة بشدة ليصيح بحدة و هو يقبض فجأة على عنقه بقبضته الفولاذية.. 

و يكون في معلومك لو چرالها حاچة ھقتلك بيدي و أرمي چيتتك للكلاب..

عشقتك دون أن أدري و هل لنا ع العشق سلطان 

إداري مشاعري في قلبي و أطلب النجاة من الرحمن 

و خضرا رفيقة دربي. حب الصبا وبر الأمان 

هي أقرب إلي من نفسي. لا يوجد لمثلها وجود 

و سلسبيل نبع الحياة حبي لها تخطي الحدود

يارب للصح أهديني و لسعادتهما قويني 

فهما قرة قلبي و عيني.. أرزقنا السعادة و الأطمئنان

الفصل الثالث عشر..

من السهل أخذ القرار و لكن حين نفعله يكون من الصعب تحمل عواقبه حينها قد نتفاجيء من رد فعلنا الذي يكون غير متوقع على الإطلاق..

وافقت خضرا على زواج زوجها من سلسبيل و أظهرت ترحابها بهذه الزيجة و لكن هل ستظل مصطنعة الهدوء هكذا بعدما تري بعينيها امرأة أخري تشاركها في زوجها الذي تهيم به عشقا!.

هذا ما يدور بخاطر عبد الجبار الواقف أمام غرفة العناية المتواجد بداخلها زوجاته يحاول تمالك نفسه حتى يتمكن من إخفاء لهفة قلبه على تلك الصغيرة قدر المستطاعلا يريد أن يمس شعور خضرا بالسوء أو إثارة غيرتها عليه..

رسم قناع جليدي على ملامحه الصارمة فهو بارع في التحكم بجميع انفعالاته أخرج هاتفه من جيب معطفه طلب رقمها و وضع الهاتف على أذنه ينتظر سماع صوتها الحنون..

داخل الغرفة كانت خضرا تجلس على مقعد بجوار سلسبيل النائمة تتأمل جمالها الرقيق و البريء بأن واحد نعومة بشرتها الحلبية خصلات شعرها البنية الملساء المنسدلة على وجهها المستدير بهيئة ټخطف الأنفاسعينيها الواسعة التي تشبه غابات الزيتون أنفها الصغير المنمق 

تقر و تعترف أنها تمتلك جمال مبهر سيكون سبب قوي لنجاحها في الوصل إلى قلب زوجها بكل سهولة و ربما التربع على عرش قلبه فالعين تميل لكل ما هو جميل فإن المولي عز و جل جميل يحب الجمال فماذا عنا نحن البشر ضعاف النفوس..

لاحظت أيضا إشراق ملامحها و تحسن حالتها الصحية منذ حديثهما عن زواجها من عبد الجبارأطبقت جفنيها بقوة كمحاولة منها لكبح عبراتها حين شعرت بنيران تتآجج بقلبها و هي تتخيل نظرة زوجها لها!!! 

أسرعت برفع كف يدها وضعته على فمها تكتم به آهه مټألمة كادت أن تصرخ بها من تخيل نظرتهما فقط فماذا ستفعل أن تطور الأمر بينهما و أصبحت سلسبيل زوجته قولا و فعلا!!!!..

انتشالها من دوامة أفكارها صوت رنين هاتفها الذي أيقظ تلك النائمة رسمت خضرا ابتسامة على ملامحها تخفي بها حزنها و ضغطت زر الفتح ..

أيوه يا أبو فاطمة.. طمني عليك يا خوي..

عبد الجبار بصوته الرزين.. أني برة.. واقف قدام العناية..

هخرچلك طوالي.. قالتها و أغلقت الهاتف و انتصبت واقفة و سارت بخطوات مهرولة نحو الخارج و هي تقول..

هعاود للدار أچهز الوكل و ارچعلك متخفيش مش هعوق عليك يا خيتي..

ليوقفها صوت سلسبيل الهامس تقول بلهفة..

هو عبد الجبار هيرجع معاكي البيت يا أبلة خضرا..

تسمرت خضرا محلها لبرهة قبل أن تستدير لها و قد تملكت الغيرة منها حين شعرت بلهفتها عليه أبتسمت لها ابتسامة مصطنعة لأول مرة مدمدمة..

كأنك ملهوفة لشوفته و نسيتي وعدك ليا إياك!! ..

عقدت ذراعيها أمام صدرها مكملة..

و بجي عبد الچبار حاف أكده!!!..

حديثها كان بمثابة دلو من الماء البارد سقط فوق رأس سلسبيل التي تنحنحت بحرج و تحدثت بابتسامة باهتة قائلة..

أنا مش ناسية وقفتك جنبي و وعدي ليكي ولا عمري هنسي يا أبلة خضرا اطمني.. أنا كنت عايزه أشكر أستاذ عبد الجبار على

وقفته معايا مش أكتر ..

عقدت حاجبيها و تابعت بمزاح.. 

هتغيري عليه من أولها كده!!!.. 

تنهدت بحزن حين داهمتها معاملة عبد الجبار معاها كان لا يكترث لوجودها لا ينظر لها لو نظرة عابرة و تابعت بغصة يملؤها الآسي.. 

ليكي حق تغيري عليه.. بس مش مني.. أنا بقيت بواقي ست زيي ما بيقولوا و مافيش رجل يرضى يبصلي حتي..

رمقتها خضرا بتهكم على وصفها لنفسها الذي ليس له أي أساس من الصحة 

ساد الصمت بينهما قليلا هدأت خلاله نوبة ڠضبها و لكن لم تهدأ

غيرتها التي

استحوذت على قلبها أبدا جعلتها تتحدث بحدة دون أرادتها..

أني رايحة و يمكن مقدرش اچيك الليلة.. هاچيك في الصبحية ويه عبد الچبار و أبجي أشكريه وقتها عشان انهاردة عنده شغل ياماقالي أخرچله قوام لأچل ما يروحني و يعاود على وكل عيشه..

تطلعت لها سلسبيل بنظرات منذهلة من طريقتها الحادة معاها التي جعلت العبرات تغزو عينيها بينما أنهت خضرا حديثها و غادرت الغرفة في الحال و هي تنهر نفسها على طريقتها معاها و كذبها عليها فيما تفوهت بهقالت حديث على لسان زوجها لم يقوله من شدة غيرتها عليه التي تفاجأت بها هي شخصيا..

خرجت من الغرفة بملامح عابسة بشدة أول ما وقعت أعين عبد الجبار عليها أيقن أن غيرتها عليه التي يخشاها تمكنت منها لا محالة اقتربت منه بخطوات غاضبة و عينيها تشمله بنظره مترقبة تحاول قراءة تعابير وجهه الصلبة.. 

سلسبيل بقت مراتك!..

لاحظ شحوب بشرتها تدريجيا عينيها غامت پغضب معصف ېهدد بالاڼهيار دفعه لإحتوائها بطريقته الخبيرة بمعاملة النساء.. 

اتوحشتك يا خضرا.. 

في أقل من لحظة تبخر كل ڠضبها و عادت الډماء تورد بشرتها من جديد و حتي نظرتها الغاضبه له تحولت لأخرى متيمة.. 

اتوحشتني صح يا عبد الچبار..

.. 

نعاود دارنا و أني أوريك اتوحشتك قد أيه يا غالية..

شهقت بخفوت و قد اشتعلت وجنتيها بحمرة الخجل بعدما تفهمت مخزي حديثه رفرف قلبها بشدة حين سحبها معه و سار بخطوات واسعة نحو الخارج دون أن يرى سلسبيل بعينه و لو نظرة خاطفة تخفف من ارتعاد قلبه عليها غادر المكان جسد بلا روح تاركا قلبه بحوزتها..

………………… صل على محمد …..

سلسبيل..

كم كانت تأمل أن تراه قبل أن يغادر برفقة خضراأصبح هو الشخص الوحيد الذي تشعر في وجوده بالأمان تريد أن تخبره كم هي ممتنة لوقوفه معاها لقبوله الزواج منهاو أنه أول رجل تدعوا له من صميم قلبها بعدما كانت تدعوا على جميع الرجال بسبب ما حدث لها على يد زوجها السابق ووالدها الذي لم يكلف نفسه ليسأل حتى عن حالها..

يؤلمها شعور الوحدة كالسکين البارد ېمزق قلبها دون رحمة خائڤة من أن تلقى حتفها و هي بمفردها دون جليس و لا أنيس ظلت عينيها على باب الغرفه تنتظر قدومه على أحر من الجمر..

هو عبد الجبار بيه لسه بره و لا مشي لو سمحتي.. 

همست بها للممرضة التي تقوم بأعطائها الدواء..

لا مش برة.. دا مشي هو و مدام خضرا من ساعة ما خرجت من عند حضرتك.. 

هكذا أجابتها بمنتهي البساطة جملتها هذه حطمت كل أمالها جعلت دموعها تنهمر على وجنتيها بغزارة دون بكاء..

انتفضت الممرضة بفزع حين رأتها تبكي و تحدثت بلهفة مستفسرة.. 

بټعيطي ليه.. حاسة بحاجة بټوجعك!! ..

لم تجد سوي الصمت حليفها بينما سلسبيل تنظر للفراغ بشرود و أعين لم تتوقف عن ذرف العبرات و قد بدأ الجهاز الموصل بقلبها بإصدار بعض الأصوات..

أسرعت الفتاة نحو زرار الطوارئ ضغطت عليه ليهرول نحوهما عدد لا بأس به من الأطباء..

……………………… لا حول ولا قوة الا بالله…

دلفت خضرا داخل منزلها بخطي ثابتة مصطنعة القوة أمام بخيتة الجالسة بردهة المنزل كان عبد الجبار مازال بالخارج يصف سيارته فور رؤيتها ضحكت بشماته بائنة و هرولت تجاهها حتي توقفت أمامها مباشرة و تحدثت بفرحة غامرة.. 

والله و عمالها و برد جلبي و أتچوز عليكي يا بت نفيسة..

برضايا .. أردفت بها خضرا بابتسامة تخفي بها قهرتها الظاهرة على ملامحها صدح صوت ضحكة بخيتة مرددة بسخرية.. 

أيوه أيوه برضاكي.. ما أني خابرة

زين.. حتي باين علي خلقتك..

توقفت عن الضحك و توحشت ملامحها فجأة مكملة بقسۏتها المعتادة.. 

إياك تكوني فاكرة أن حديتك اللي قولتهولي هز شعرة واحدة من راسي.. 

حركت رأسها بالنفي و تابعت بجحود.. 

أنتي عملتي اللي أني ريداك تعمليه.. مكنش حد غيرك هيقنع ولدي يتچوز سلسبيل اللي كسرت بيدي شوكتها و لا هيقوم ليها قومة مرة تانية و انتي كمان يا خضرا انهاردة مش بس كسرت شوكتك.. لع أني كسرت جلبك اللي ڼار الغيرة بتنهش فيه نهش و دخانها طالع من عنيك..

تطلعت لها خضرا بصمت لم تبدي أي رد فعل على ملامحها الجامدة لتكمل بخيتة بصرامة.. 

لازم تبجي عارفة إن لسه متخلقتش المره اللي تمشي حديتها على بخيتة..

واقفين أكده ليه عاد!!! .. 

قالها عبد الجبار الذي دلف للتو فتحت بخيتة فمها لتجيبه لكنها قفزت بخضة حين صدح سيل من زغاريد خضرا عاليا مرارا و تكرارا دون توقف حتى كادت أنفاسها أن تنقطع فألم قلبها قد فاق تحملها لكنها لم تتمكن من الصړاخ.. 

مبروك ياخوي.. ألف بركة چوازك يا عبد الچبار..

و هي تربت على كتفيه بكلتا يديها مكملة.. 

ندر عليا اليوم اللي ترچع فيه سلسبيل على الدار و نطمن عليها لعملك ليلة كبيرة كلها مغني و وكل من عمايل يدي..

نظرت تجاه بخيتة التي تصطك على أسنانها بغيظ و هي تراها لم تبالي لحديثها معاها.. 

و هرقصلك كمان انت و عروستنا يا سيد الناس..

الله يباركلي فيك يا غالية.. 

قالها عبدالجبار و هو بقوة غير عابئ لنظرات بخيتة الحاړقة فهو يشعر پألم زوجته رغم أنها نجحت في اخفاءه

انبلجت ابتسامة خبيثة على ملامح بخيتة و نظرت ل خضرا مدمدمة.. 

اممم.. و لما ترچع عروستنا تسيبي بجي الدار ليهاو تعاودي أنت و البنته الصغار و أني كمان معاكم على الصعيد و نسيبهم بجي لحالهم يقضوا شهر العسل عشان يچبولي الواد..

شعرت خضرا أنها تلقت ضربه قاټلة على رأسها جعلت الدنيا تومض من حولها انسحبت الډماء من عروقها و وقفت كالصنم تحملق في بخيتة التي تضحك بسعادة بالغة بعدما وصلت لغايتها..

لم تدوم ضحكتها طويلا تلاشت سريعا حتي اختفت نهائيا و حل مكانها الضيق حين قال عبد الجبار بصوته الأجش.. 

خضرا مهتسيبش دارها و لا تهملني لحالي واصل..

حديثه هذا رد الروح إليها ثانية تطلعت له بأعين تلتمع بالدموع فأهداها ابتسامته الجذابة مكملا.. 

ده دارك و احنا كلنا ضيوف عندك..

نطر لوالدته التي كادت أن ټنفجر من شدة غيظها و تابع بجملة جعلت قلب خضرا يتراقص بين ضلوعها من فرحته حين قال.. 

و لو في حد هيعاود الصعيد يا أمه هتبجي سلسبيل مش خضرا..

قالها ليثبت لها مدي تمسكه بها لا و لن يغامر بخسارتها مهما كلف منه الأمر يري أنها تستحق منه هذا و أكثر حتي لو ضحي بقلبه الذي عشق تلك الصغيرة رغما عنه..

ربنا ميحرمنيش منك واصل و يديمك فوق راسي العمر كله .. 

قالتها و هي تقف على أطراف أصابعها و تقبل كتفه مرات متتالية..

ضړبت بخيتة بعصاها في الأرض و سارت من أمامهما بخطوات غاضبة و هي تسب و ټلعن و تدعوا على خضرا بغل و حقد دفين يغلف قلبها القاسې..

انتظر حتي تأكد من ذهاب والدته و أصبح بمفرده معاها.. 

تعالي أشبع منك شوي قبل ما بناتك يرچعوا من المدرسة .. 

همس بها و هو يسحبها خلفه نحو الدرج ضحكت بغنج حين مال عليها و حملها بين يديه و صعد بها الدرج بخطوات شبه راكضه

………………………. لا إله إلا

الله..

مر اليوم من أجمل الأيام بحياة خضرا التي لم تترك زوجها لحظة واحدة يدلف

لخارج غرفتهما حتى وصل بها الأمر أن تحضر له طعام

الغداء و العشاء و هو بمكانه على الفراش..

تطعمه بيدها و قد ظهرت له تجاوب و ترحاب في علاقتهما أذهله شخصيا بعدما كانت تخجل من لها..

ما تفعله معه الآن لم تفعله حتي أول زواجهما و كأنها أصبحت عروس من جديد لأجل أرضاءه أو ربما حتي لا تترك له الفرصة للتفكير في غريمتها..

بعد قضاء ليلة رائعة انفصلت عن العالم أجمع و ڠرقت في نوما عميق .. لم تستمع حتى لصوت رنين هاتفه المستمر..

كان عبد الجبار شارد الذهن بزوجته التي تمكث بالمستشفى بمفردهايمنع نفسه بشق الأنفس حتى لا يذهب إليها الآن سقط قلبه أرضا حين لمح رقم الطبيب المشرف على حالتها.. 

خير يا دكتور.. سلسبيل حصل لها حاچة!..

أتاه صوت الطبيب يتحدث بإحراج قائلا.. 

أنا آسف أني بكلم حضرتك في وقت متأخر.. بس مدام سلسبيل مش مبطلة عياط نهائي.. و احنا ادينها مهدئ و منوم كذا مرة و كل ما بتفوق بترجع ټعيط أكتر و مش هينفع نديها أي مهدئات تاني انهاردة.. فقولت أبلغ حضرتك لو تحب نخلي دكتور نفسي يكشف عليها يمكن يقدر يخليها تحكيله عن اللي مزعلها و !!! ..

لع.. متخليهاش تحكي مع حد واصل لحد ما اچي فاهمني زين يا دكتور.. أني دقايق وأبقى عندك.. 

هكذا قطع عبد الجبار حديثه و غادر الفراش مسرعا من جوار زوجته ..

أمرك يا عبد الجبار بيه.. أنا في انتظارك..

أغلق عبد الجبار هاتفه و ألقاه على أقرب طاولة بإهمال و فتح الخزانة أخذ منها بعض الثياب و قميص بلون الرمادي و سروال من اللون الأسود هرول نحو حمام الغرفة اختفى داخله بضع دقائق معدودةو من ثم خرج و هو يغلق أزرار قميصه..

لف الحزام الجلدي حول خصره و ارتدي حذاء أسود اللون مشط شعره الكثيف بعناية فائقه و نثر عطره المميز بسخاء و خطڤ أغراضه المكونة من جزدانه الجلدي هواتفه مفاتيح سيارتهو سار لخارج الغرفة بخطوات واسعة..

غيرت عليك منها يا عبد الجبار.. 

أردف بها خضرا بصوت متحشرج بالبكاء استيقظت حين وصل لأنفها رائحة عطره جعلته يتوقف عن السير و نظر نحوها وجدها تسحب الغطاء على جسدها و تعتدل بتكاسل جالسة تنظر له بخجل مكملة.. 

غيرت ڠصب عني ياخوي.. مكنتش خابرة أن چوازك عليا هيبجي واچعه واعر أوي أكده و يخليني أكدب على البنته المړيضة اللي كانت رايده تشوفك و أقولها أنك عندك شغل ياما و أني خابرة أن انهاردة يوم اچازتك..

شعر بخنجر حاد يقطع نياط قلبه على حين غرة عندما أدرك سبب بكاء صغيرته سيطر على انفعالاته المتضاربه بمهارة و سار 

أنت تغيري عليا بكيفك يا غالية..

رق قلبها ل سلسبيل بعدما غمرها هو بفيض من كرمه و شغفه و تفهمه لمشاعرها فابتسمت له بحب مردفة پبكاء.. 

روحلها .. روحلها اچبر خاطرها المكسور زي ما چبرتني يا خوي.. 

سبحان الله العظيم …

سلسبيل ..

كانت بحالة يرثي لها تبكي و تأن بضعف من تلك

الوخزات المؤلمة التي تغزو صدرها و قلبها معا فما أصعب الشعور بالوحدة في وجود الزوج و اليتم في وجود الأب..

تسارعت دقات قلبها و علقت أنفاسها بصدرها حين تسللت إلى أنفها عبق رائحتة لوهلة ظنت أنها تتوهم وجوده لشدة أحتياجها له

لينفتح باب الغرفة و دلف هو منه بهيئته التي

تفقدها صوابها تطلعت له بأعين تشتعل تتلهف لقربه رائحته لمسته لكنها تظهر عكس ما بداخلها تصطنع الجمود رغم الضجيج الصارخ بأعماقها الذي يستجديه أن يشد رحاله ..

أشاحت وجهها للجهة الأخرى لتخفي فرحتها حين رأت لهفة عينيه الحادتين عليها لأول مرة قطع المسافة بينه وبينها بخطوتان 

بجيتي مراتي.. مراتي يا سلسبيل.. 

 هششش.. كفاياك بكي.. خابر أني عوقت عليك.. حقك عليا ..

اتأخرت عليا أوي يا عبد الجبار.. أوي.. 

همست بها بتقطع من بين شهقاتها الحادة و هي تمتثل رغما عنها للسحر الذي يبثه لها بنظراته..

أيه قولك أحكيلك حدوتة الچبر..

قالها و هو يزيل عبراتها المنهمرة على وجنتيها بأنامله بمنتهي الرفق نظرت له بعينيها نظرتها التي تذيب قلبه المتيم بها عشقافتابع همسه الهادئ ..

چبر جلب السلسبيل..

ماذا أريد 

أريد الراحة و الأمان 

و أن أعيش ف أطمئنان 

و أن يكون لدي حصانة من غدر الزمان 

فهل يتحقق ما أريد 

أم يذهب طي النسيان 

أريد عوض قريب 

من رب العالمين 

لعله يستجيب 

فهو جابر المنكسرين. 

الفصل الرابع عشر..

سلسبيل.. 

بالنسبة لها لم يعد للحديث أي أهمية الآن يكفي الصمت المطعم بالتنهيد بعدما تحقق أعظم أحلامها و حصلت على عناق الرجل الوحيد الذي جعل قلبها ينبض لأول مرة بالحياة اتخذته شجرة يقطينها الطيبة إذا البرد وارتعاشة الظلمة اجتاحتها احتميت بأوراقه الدافئة..

تسرق لحظات من الزمن معه 

يهديها ابتسامته كلما شعر بخۏفها لم يتحدث معاها و ظل صامتا عندما رأي طقس حدقتيها الغائم الذي بكلمة حنان منه سينهمر المطر..

إلى أن تحدثت هي بعدم تصديق بصوت مبحوح مرتجف..

عبد الجبار.. أنت هنا معايا!! ..

و تابعت ببوادر بكاء..

أنا في فعلا و لا أنا بحلم زي كل يوم!!!..

في يا سلسبيل و چوه جلبي كمان يا زينة البنات..

أعادها صوته لواقعها المرير و صفعها القدر صڤعة موجعة و هي تتذكر وعدها ل خضرا ..

حاولت السيطرة على مشاعرها التي تبعثرت منها الذي يعصف بكل ذرة تعقل بها و بدأت تبتعد عنه ببطءخافضة رأسها بخزي من نفسها 

لا لا مينفعش.. أبعد عني.. انا وعدتها..

همست بها و هي تحرك رأسها بالنفي و بدأت تدفعه بعيدا عنها بضعف لكنه أحكم سيطرته عليها و أعادها مكانها بجوار قلبه المتيم بها مردفا بهدوء كأنه يحدث صغيرته..

هي مين اللي وعدتيها ووعدتيها بأيه.. قوليلي مټخافيش مني واصل..

أبلة خضرا.. وعدتها أني مش هكون لك زوجة يا عبد الجبار..إجابته بصعوبة من بين شهقاتها العالية و قد اڼفجرت في نوبة بكاء حادة..

رفعت رأسها و نظرت لعينيه بعينيها الحزينة الباكيه مكملة بأسف..

جوازنا هيكون على ورق بس لحد ما اعمل العملية و لو ربنا أراد و قومت منها يبقي..

ابتلعت غصة مريرة بحلقها و تتبعت بصوت يملؤه الألم..

يبقي هطلقني و لو مت تبقي ټدفني أنت يا عبد الجبار عند أهل أمي!!..

عبد الجبار أرجوك.. أبعد عني..أرجوك كفايا..

أني مليش صالح بوعدك ل خضرا..أنتى دلوجيت بجيتي مراتي يعني أني حقك و أنتي كلك من حقي فلو أنتي مريداش حقي فيك فأني رايد أعطيك حقك فيا و مهتنزلش عنه واصل.. فاهمني زين و لا أقول كمان…

لا مش فاهمة.. همست بها بعدم فهم و هي تحرك أهدابها التي تغرقها عبراتها لتراه يبتسم لها تلك الإبتسامة الجذابة مغمغما بمكر..

يعني أني دلوجيت رچلك..زي خضرا تمام.. ليكي حق في مالي يبجي هچيبلك بيت من بابه اللي يعچبك و تشاوري بيدك عليه

أچيبلك أغلى و أچمل شبكة تليق ببدر البدور..

أضمك .. أحاوطك بضلوعي و أزرعك چوه جلبي..

اللي بتقوله ده مستحيل يحصل..

قد قولك ده يعني!!..

أردف بها من بين ضحكاته الرجولية التي تدمر حصونها

المنيعة همست بخفوت كالمغيبة قائلة..

هحاول أكون قده..

صمتت لبرهة و تابعت بستحياء ..

بس دلوقتي ممكن تحضني تاني..

تعالي يا عشج الروح..

قالها و هو يخطفها بعناق دافئ جعل الأطمئنان يغلف قلبها و الابتسامة تزين ملامحها رغم بكائها المستمر فالرجل الحقيقي لا تقاس قوته بحجم عضلاته أو كثرة ماله بل بحجم الضحكة التي يرسمها على وجه أنثاه..

الفصل الخامس عشر..

سطعت شمس نهار يوما جديد

إنتقلت سلسبيل من غرفة العناية بعدما تحسنت حالتها بشكل أذهل الأطباء المشرفين على حالتها بفضل الله أولا و من بعده عبد الجبار الذي ظل معاها الليل بأكمله محاوطها بذراعيه بحماية و يده تربت على ظهرها بحنان بالغ حتى رضاها و عالج جروحات قلبها الغائرة..

سنوات طويلة عانت خلالهم من قلة الراحة لم تنعم بنوم أمن مثل اليوم و هي بين يديه رأسها تتوسط صدره تستمع لنبضات قلبه التي أصبحت بالنسبة لها أجمل و أعذب الألحان..

بينما هو لم يغمض له جفن ظل يتأملها بشغف يحفظ أدق تفاصيلها و كم راقه جعله يتمني لو يأكلها كما لو كانت حبة فاكهة طازجة شهية 

صوت طرقات على باب الغرفة جعله يبتعد عنها على مضضدثرها جيدا بالغطاء و هب واقفا و سار نحو الباب مهرولا..

كانت خضرا..

تقف أمام باب غرفة سلسبيل بعدما دلتها إحدي الممرضات عليها تحاول إخفاء دموعها التي تجمعت بعينيها الغيرة نيران تنسكب على قلب العاشق و هي تهيم بزوجها عشقا ما تشعر به الآن ألم لا يوصف ينهش روحها رسمت ابتسامة باهته على ملامحهاو أخذت نفس عميق زفرته على مهل و من ثم طرقت على باب الغرفة بيدها المرتجفة..

و ظلت واقفة تنتظر سماع صوت زوجها يأذن لها بالدخول لا تريد اقټحام خلوته معاها حتي لا تري شئ يزيد من ألمها أكثر شهقت بخفوت حين فتح الباب فجأة و خرج منه عبد الجبار و أغلقه خلفه بحرص حتي لا يزعج تلك النائمة..

تعالي يا خضرا.. رايد اتحدد وياك هبابة..

قالها و هو يقبض على كف يدها برفق و سحبها خلفه نحو مقاعد الإنتظار اجلسها و جلس على المقعد المجاور لها و مازالت يدها داخل كفهبل انه اعتدل تجاهها و ضم كفها بكلتا يديها مردفا..

خضرا يا غالية.. اسمعي حديتي اللي هقولهولك زين..

كانت خضرا خافضة رأسها تخفي عبراتها التي خانتها و هبطت على وجنتيها فور وقوع عينيها على وجهه المشرق و لمعة عينيه الجديدة كليا عليه و التي تظهر مدي فرحته الغامرة بعد قضاء الليل برفقة من عشقها قلبه رغم أنه يجاهد حتي يظهر عكس ما بداخله

اتحدد ياخوي.. أني سمعاك..غمغمت بها خضرا بابتسامة حزينة جعلته يصك أسنانه بقوة كاد أن يهشمهم ساد الصمت بينهما للحظات كان هو يمسد على يدها بأنامله بحركة دائريةو ينظر لعينيها نظرة راجية حتي تتوقف عن البكاء..

ڠصب عني يا عبد الچبار.. والله ڠصب عني..مقدراش.. ڼار جلبي واعرة قوي قوي و خاېفة منها عليك و على البنته الصغيرة اللي ملهاش ذنب في أي حاچة واصل..

همست بها خضرا بتقطع من بين شهقاتها و هي ترفع كف يدها الأخرى و ټضرب علي موضع قلبها پعنف

أسرع عبد الجبار بأمساك يدها و مال عليها

إلا دموعك أنتي يا غالية..

أنت اللي غالي يا أبو فاطمة..

قالتها بستحياء بصوت بالكاد يسمع من فرط خجلها..

رفع رأسه ونظر لها بابتسامته الجذابة مرددا..

كفاياك بكي عاد.. لو أني غالي عندك صح..

توقف عن البكاء في الحال بعد جملته هذه حتي تثبت له مدي غلاوته عندها تنهد عبد الجبار براحة حين هدأت نوبة بكائها..

أني عمري ما يهون عليا زعلك و لا وچع جلبك يا خضرا..زيي ما إني متأكد أن زعلي مهيهونش عليك واصل.. بس كمان لازم تعرفي أن سلسبيل بقت مراتي هي كمان و ليها حقوق عليا و انتي مهيرضكيش ابجي ظالم واحده منكم و عشان أكده اسمحيلي أكون چنب سلسبيل في شدتها لأنها بقت مسؤلة مني..

وه.. بستأذني يا عبد الچبار!!! ..

أردفت بها بعتاب مكملة..

البنته في شدة و ملهاش حد غيرنا دلوجيت.. و أني كنت عفشة في حديتي وياها عيشة و تاه عن بالي تعبها و عتبانه على حالي والله يا خوي و مش هرتاح إلا لما أرضيها و احب على راسها كمان ..

ربتت على كتفه و تابعت بنبرة متوسلة..

و أنت كمان يا عبد الچبار اوعاك تزعل مني لو غيرت منها عليك.. بيبجي ڠصب عني.. عقلي بيچن مني يخليني أقول حديت ماسخ ملهش عازة.. أبقى أصبر عليا و أني هعاتب روحي و اچي أتحقلك..

تطلع لها بنظرات منذهلة دوما تبهره بقلبها الماسي و معدنها الأصيل..

طول عمرك أصيلة و بت أصول يا خضرا..

قالها و هو يرفع كف يدها على شفتيه ويلثمه ثانية و انتصب واقفا ساحبها معه و سار بها تجاه غرفة سلسبيل مكملا ..

أني هسيبك وياها و اطلع على الشركة عندي اچتماع مهم لازم احضره.. هخلصه و اعاود طوالي..

قالها و هو يكمل سير مبتعد عن الباب توقفت أمامه خضرا لن يدلف للداخل برفقتها حتي لا تري نظرته لتلك الصغيرة و لهفة عينيه لها..

روح أنت متشلش هم واصل.. أني هفضل وياها اهنه و هاخد بالي منها لحد ما تعاود..

قالتها خضرا و هي تفتح الباب و تخطو للداخل و اغلقته خلفها..

لا إله إلا الله ……..

مطار القاهرة الدولي..

أعلنت الميكرفونات عن وصول رحلة قادمة من كندا وقف على باب الطائرة الذي فتح للتو و أخذ نفس عميق يملئ رئتيه بهواء بلده الحبيب الذي اشتاقها حد الجنون بعد غياب أكثر من ثمانية أعوام بالغربة لم يأخذ خلالهم أجازة واحدة..

ترك بلده الحبيب و سعي وراء لقمة العيش بعدما عاني من الفقر الشديد هو وأسرته فقد بسببه أحب و أغلى البشر

لقلبه حتي جائته فرصة السفر فأقسم أن لن يضيعها هباء اجتهد و عمل في أصعب و أخطر المهن حتي تمكن من إثبات ذاته و أصبح ذو شأن كبير في مدة قصيرة و عاد أخيرا حاملا معه الخيرات لأهله..

هبط الدرج على مهل و عينيه تدور بالمكان من حوله بلهفة

مد يده لجيب سرواله أخرج هاتفه ليصدح صوت رنينه فور فتحه فتحدث هو بمزاح..

جدي يا جدي يا جدي..

جابر.. يا حبيب جدك.. أنت فين يا ابني..

أنا في مصر.. رجعت يا جدي.. رجعت علشان أرجعلك بنت بنتك..

صمت لوهلة و تابع بتنهيدة إشتياق..

سلسبيل..

لا حول ولا قوة الا بالله

سلسبيل..

شحب لونها حين فتحت عينيها وجدت نفسها وحيدة بالفراش من دون زوجها للحظة ظنت أنها كانت تتوهم وجوده معاها و لكن رائحة عطره الذي يحاوطها جعلها تتأكد أن ما عشته كان حقيقي لم يكن إحدي أحلامها..

انبلجت ابتسامة

 صوت أنينها وصل لسمع سلسبيل انتشالها من قاع أحلامها الوردية بصڤعة دامية اعادتها لواقعها المرير حين رأت حالة خضرا التي قطعت نياط قلبها على حين غرة..

أبلة خضرا.. همست بهاو هي تعتدل جالسة بوهن..

كفاية عياط ونبي يا أبلة خضرا.. حقك عليا والله..

قالتها ببوادر بكاء و هي تحاول مغادرة الفراش بضعفتمكنت من الوقوف بصعوبة

بالغة وحاولت تسير نحوها لكن تهاوي جسدها لم يسعفها فسقطت جالسة أرضا بقوة..

يا جلبي يا بتي.. صړخت بها خضرا و هي تركض نحوها و جلست على ركبتيها أرضا أمامها تتفحصها بلهفة و تساندها بحرص حتي اعادتها لفراشها مرة أخرى..

أنا أسفة.. حقك عليا..

همست بها سلسبيل پبكاء حاد و هي ترتمي داخل حضنها و تبكي بنحيب..

ربتت خضرا على شعرها بحنو و تحدثت بابتسامة رغم عبراتها التي تهبط على وجنتيها ببطء..

إني مش زعلانة منك يا خيتي..بالعكس أني زعلانة من طريقة حديتي الماسخ وياك.. عبد الچبار بجي چوزك زي ما هو چوزي و ليك حق عليه زيي تمام و عشان أكده أني بحلك من وعدك ليا..

رفعت سلسبيل رأسها و نظرت لها بذهول لتزيل خضرا دموعها بيدها الحنونة و تابعت بغصة يملؤها الأسى ..

بس متبجيش تاخدي على خاطرك مني لما أزيط فيك سواعي أكده من غيرتي و حړقة جلبي يا سلسبيل 

صعبتيها عليا أكتر بحنيتك و طيبة قلبك دي يا أبلة خضرا.. أردفت بها سلسبيل بأسف واجهشت پبكاء مرير مكملة..

مش هيهون عليا أحرق قلبك حتي لو التمن قلبي أنا

انتهي الفصل..

واستغفرو لعلها ساعة استجابة..

الفصل السادس عشر

مر يومان..

لم يستطيع عبد الجبار الانفراد ب سلسبيل منذ خروجها من غرفة العنايةفقد طلبت هي من الممرضات بالمشفى عدم تركها معه بمفردها بعدما رأت ضعفها المخزي بين يديه

لهفتها عليه تلغي كل ذرة تعقل بها ..

حسمت قرارها ولن تتراجع فيه ستبتعد وقتما تستعيد قواها و تتمكن من النهوض و السير بمفردها حينها ستتركه لعائلته دون وداع حتي فهي على درايه كاملة أنه لن يعطي لها أبدا فرصة الهروب منه..

أحنا بقينا عال يا مدام سلسبيل و ممكن اكتبلك على خروج انهاردة.. 

قالها الطبيب فور أنتهاءه من فحصها بدقة تحت أنظار عبد الجبار المرتعدة من شدة خوفه عليها و خضرا التي صدح صوتها بزغروطة تعبر بها عن فرحتها..

صح حديتك يا دكتور.. يعني هي بقت زينة..

قالها عبد الجبار بهدوء عكس ضجيج قلبه ليجيبه الطبيب بأسف قائلا.. 

هي حالتها أصبحت مستقرة الحمد لله.. فأحنا هنعتبر خروجها من المستشفى هدنة بسيطة هتمشي فيها على علاج مهم جدا.. تاخده في ميعاده بانتظام لأن الخطړ لسه موجود و علشان كده ممنوع الزعل نهائي.. أو أي مجهود تعمله حتي لو بسيط..

أني هحطها چوه عنيا و مهخلهاش تعمل حاچة واصل يا دكتور..قالتها خضرا و هي تقترب منها تهندم ثيابها و تربت على صدرها بحنو.. 

تسلميلي يارب يا أبلة خضرا.. ربنا ميحرمنيش من حنيتك عليا.. 

همست بها سلسبيل بخفوت و هي تبتسم لها ابتسامة باهتة تخفي بها عبراتها التي ترقرقت بعينيها..

بادلتها خضرا ابتسامة دافئة وهي تقول.. 

ولا يحرمني منك يا خيتي..

بينما عبد الجبار سار برفقة الطبيب خارج الغرفة لتتسع ابتسامة خضرا مغمغمة.. 

أيوه أكده روقي يا حبيبتي و قومي على حيلك و ارچعي دارك نوريه و فرحي جلبي و جلب چوزك.. 

صمتت لبرهة و تابعت بمزاح.. 

و افقعي عين و مرارة بخيتة..

حركت سلسبيل رأسها لها بالنفي و همست بضعف قائلة.. ده بيتك أنتي و هيفضل بيتك لوحدك و عمري ما هشركك فيه يا أبلة خضرا.. أنا ضيفة عندك و هيجي اليوم اللي همشي فيه و بتمني يكون في أقرب وقت ممكن..

وه ليه يا بتي بتقولي أكده.. أنتي خلاص بجيتي مرات عبد الچبار اللي بمشيئة الله هتچبر خاطره و تچبله الواد اللي بيتمناه من سنين طويلة.. 

رسمت ڠضب مصطنع على ملامحها البشوشة و تابعت.. 

ويكون في علمك أني هكون أم الواد زيك و يمكن أكتر كمان.. هيكون ابني اللي مخلفتهوش يا سلسبيل ..

فتحت سلسبيل فمها و همت بالحديث لكنخضرا أوقفتها حين قالت.. 

خلينا نفرح لول بخروچك بالسلامة.. أني ندراها يوم ما ترچعي على الدار هعمل ليلة كبيرة و وكل ياما بيدي لخاطر عيونك أنتي يا ست البنتة..

أطبقت سلسبيل جفنيها پعنف كمحاوله منها لكبح عبراتها التي تجمعت بحدقيتها بسبب معاملة خضرا معاها التي تجعل إصرارها بالابتعاد عن زوجها يزداد..

……………………………..لاحول

ولا قوة الا بالله …

المنصورة ..

جابر تسعة و عشرون عاما.. شاب مكافح بني نفسه بعمله الشاق داخل بلده و خارجها حتي تمكن من تحقيق الكثير من أحلامه لكن أهم حلم بحياته بأكملها لم يستطيع تحقيقة حتي الآن لكنه لم و لن يتوقف عن السعي حتي يصل لغرضه و يحقق هذا الحلم مهما كلف منه الأمر..

صف سيارته أحدث الموديلات أمام منزل حديث الطراز جلس شارد داخل السيارة و مد يده لجيب سرواله الخلفي اخرج جزدانه الجلدي فتحته على مهل و اخرج ورقة قديمة مطوية أكثر من مرة فتحها بحرص و يتطلع لصورته المرسومة بأحترافية رسامة ماهرة برفقة فتاة صغيرة ممسك بيدها يسير بها تجاه مدرستها..

انبلجت ابتسامة على ملامحه الوسيمة حين صدح صوتها الطفولي العذب يرن بأذنه..

.. فلاش باااااااااااك..

كان بعامه السبعة عشر و هي بعمر السابعة.. يعاملها كما لو كانت ابنته من شدة اهتمامه بأدق تفاصيلها حتي أصبحت هي معلقة به أكثر من والديها.. 

شوفت رسمتي الجديدة حلوة إزاي..

أخذها منها و تأملها بانبهار مدمدما.. 

دي حلوة أوي يا سلسبيل.. بس قوليلي تقصدي بيها مين يا تري!! ..

اجابته بتلقائية.. 

اقصدنا سوا.. رسمتك و رسمتني و أنت بتوديني المدرسة يا جابر..

التمع الحماس بعينيها الجميلة بلونهما الأخضر الصافي و تحدثت بفرحة غامرة.. هتوديني الكلية اللي قولتلي عليها بتاعت الرسم..

هوديكي يا حبيبتي.. هو أنا عندى كام سلسبيل.. 

قالها و هو يدغدغها كعادته معاها و هي تضحك بقوة ضحكتها الملائكية التي تأثر القلوب .. لم يمر على هذا اليوم سوي أسبوع واحد و انقلبت حياتهما رأسا على عقب..

.. نهاية الفلاش باااااااك..

. بشقة واسعة تتميز برقي أثاثها نجد فؤاد رجل كفيف بأواخر عقده السادس يجلس على أريكة ممسك مسبحته يسبح عليها كعادته..

صباح الورد على أحلى جدو فؤاد في الدنيا.. 

أردف بها جابر الذي دلف للتو من الخارج و اقترب منه مال عليه و قبل يده و جبهته بحب مكملا.. 

أيه اللي مصحيك بدري كده يا حبيبي..

مستنيك من إمبارح يا جابر يا ابني.. كنت فين طول الليل يا حبيب جدك..

جلس جابر على الاريكة جواره و تنهد براحة مغمغما.. 

وصلت أخيرا لعنوان سلسبيل بنت بنتك يا جدي..

تهللت أسارير فؤاد مردفا بلهفة.. 

فين يا جابر.. خدني عندها يا ابني.. خدني عندها الله لا يسيك يا جابر..

أهدي يا جدي..انا هجبهالك لحد عندك اطمن.. 

قالها و هو يجذب رأسه لصدره و ضمھ بحنو مكملا.. 

انهارده هروح اجابها.. مش هسيبها بعيد عن حضننا تاني أبدا ..

…………………….. سبحان الله العظيم …

أمام منزل عبد الجبار ..

فرقة من أشهر فرق الفنون الشعبية ترقص الخيول على المزمار البلدي أصرت خضرا على أحضارهم و صدح صوت طلقات ڼارية فور وصول سيارته التي توقفت بمكانها الخاص داخل حديقة منزله..

هبطت خضرا التي كانت تجلس بجواره بعدما فشلت

في إقناع سلسبيل بالجلوس بالمقعد المجاور لزوجها و فضلت الجلوس بالخلف ..

طيلة الطريق كانت عينيها تتهرب من نظرة عبدالجبار التي تحاصرها عبر المرآه كانت فرحته بخروجها من المشفى ليس لها مثيلو كأن قلبه عادت له الحياة برجوعها له..

استدارت خضرا مسرعة نحوها و فتحت باب السيارة و مدت يدها لها تساعدها و تساندها و هي تزغرط بلا توقف أمام أعين بخيتة المتآججة..

تقف على باب المنزل تتابع ما يحدث بغيظ و ڠضب عارم و هي تري قوة خضرا تتضاعف بوجود سلسبيل وهي كانت تظن أنها كسرت أنفها بزواج ابنها من امرأه غيرها و ستصبح الكلمة الأولى و الأخيرة لها هي

شيل مراتك يا خوي.. 

أردفت بها خضرا حين شعرت بتهاوي جسد سلسبيل التي تسير بصعوبة بالغة بسبب ضعفها الشديد..

لم يجعلها عبد الجبار تعيد جملتها مرتين و قطع المسافة بينه و بينهما و حملها على ذراعيه بخفة كأنها لم تزن شيء بل هي بالفعل ضئيلة للغاية و جسدها صغير بين ضخامة جسده العريض..

دلف بها لداخل المنزل محمولة علي يديه محاوطها بحماية كالحصن المنيع أمام أعين بخيتة المنذهلة من أفعال خضرا التي كانت تسير خلفهما تسقف و تزغرط بل وصل بها الأمر أن تتمايل راقصه بذراعيها و هي تلاعب لها حاجبيها..

حمد لله على سلامة مراتك يا ولدي.. 

نطقت بها بخيتة من بين أسنانها و هي ترمق سلسبيل المستندة برأسها على كتف زوجها بنظرات كالسهام القاټلة.. 

الله يسلمك يا

أمه.. 

قالها عبدالجبار وهو يتابع سيره بها متجه نحو غرفتها لتتسع أعين بخيتة پصدمة حين نظرت لها سلسبيل و أخرجت لسانها لها بحركة أستفزازية جعلت النيران تشتعل بداخلها أكثر..

اه يا بت المركوب.. تمتمت بها بسرها لتقفز فجأة بفزع حين اقتربت منها خضرا و زغرطت داخل أذنها بصوت عال للغاية مرددة.. 

الليلة فرحتنا كبيرة بخروچ عروسة سيد الدار بالسلامة يا أمه بخيته.. وإني نادراها هعمل وكل ياما و أوزع على الخلق بيدي..

اممم و ماله.. اعملي و وزعي ما هو كله خير ولدي.. 

قالتها بخيتة و هي تسير من أمامها بخطوات غاضبة و هي ټلعن بسرها كعادتها..

…………………… صل على محمد ……

خضرا.. 

هروح أنا اتسبح و أغير خلجاتي على ما تچهزي الوكل يا خصرا.. 

قالها و هو يغادر الغرفة و يسير للخارج بعدما اطمئن على صغيرته التي تجهز لها خضرا ثياب بيتيه و جلست بجوارها لتساعدها على تغير ثيابها..

عنيا يا أبو فاطمة.. هساعد البنته و اسيبها ترتاح هبابة و هقوم اچهز الوكل طوالي.. 

أردفت بها و هي تخلع لها حجابها بعدما تأكدت من خروج زوجها وغلق الباب خلفه.. 

أبلة خضرا ممكن تبعتيلي فاطمة و حياة يقعدوا معايا على ما انتي تخلصي اللي بتعمليه و تيجي..

تفهمت خضرا المخزي وراء طلبها هذا تراقص قلبها فرحا حتي إنها

لم تستطيع إخفاء فرحتها هذه و ردت عليها دون أدنى إعتراض بعدما ربحت غيرتها مجددا.. 

حاضر يا خيتي.. هقولهم يفضلوا وياك على ما أچيك بالوكل لاچل ما تاكلي زين و أعطيك علاچك بيدي..

نظرت لها سلسبيل بابتسامة تتعجب من حنانها عليها و غيرتها منها بأن واحد..

……………………………لا إله إلا الله …

..بعد مرور أقل من ساعة..

ممدة على الفراش تتابع بنات زوجها يلعبان بجوارها بعرائسهما الباربي انبلجت ابتسامة حزينة على ملامحها

الجميلة و هي تتأملهما لم يأخذان من والدهما سوي رسمة عينيه الواسعة ذات الرموش السوداء الطويلة

تلاشت ابتسامتها حتي اختفت تماما و حل مكانها الخجل الذي جعل وجنتيها تتورد بحمرة قاتمة حين تسللت لأنفها رائحة عطره التي تحفظها عن ظهر قلب

علقت أنفاسها بصدرها و نظرت تجاه باب الغرفة بلهفة تنتظر طالته عليها بنفاذ صبر تسارعت نبضات قلبها حين وصل لسمعها صوت خطوات قدميه تقترب و من ثم طرق برفق على الباب و دلف للداخل غالقه خلفه و عينيه تدور بحثا عنها بإشتياق واضح على قسماته الصارمة..

يا إلهي تشتاقه حد الجنون !!!

نطق بها الفتاتان و هما يركضان نحوه أرتموا داخل حضنه فضمهما هو له بحب شديد و عينيه مثبته على تلك الصغيرة التي تطلع لهم بابتسامة فاتنة و كم تمنت لو تركض هي الأخرى و تختبئ بين ضلوعه

اتواحشتكم قوي قوي.. 

قالها عبد الجبار قاصدها هي بها عينيه ترمقها بنظرة معاتبة على معاملتها له التي تبدلت للنقيض دون مبرر أو سبب واضح..

ابتعدت هي بعينيها عنه سريعا و قد عادت ملامحها للجمود ثانية و سحبت عليها الغطاء تخفي به منامتها القطنية ذات اللون الوردي التي تظهر جمال عنقها المرمري و بداية صدرها بسخاء..

قاعدين أهنه و سايبين أمكم تحضر الوكل لحالها أكده .. 

قالها و هو يبتعد عن الباب مكملا.. همي يا فاطمة و خدي خيتك وياك!!..

لم تدعه سلسبيل يكمل حديثه حين قطعته قائلة بصوت مرتجف يظهر مدي توترها.. 

لا سيبهم.. أنا قولت لابلة خضرا عايزاهم يفضلوا معايا..

رفع حاجبيه و رمقها بنظرة منذهلة أكدت هي الآن ظنونه بها و أصبح على يقين أنها تتهرب من وجودها معه بمفردهما.. 

امممم وماله يفضلوا و أني كمان هفضل وياك..

قالها و هو يسير نحوها بخطي بطيئة أثارت الريبة بداخلها و قد اعتلت ملامحه ابتسامة ماكرة ذادت من توترها و جعلت أنفاسها تتلاحق حين وجدته جلس بجانبها على الفراش المسافة بينهما لا تذكر..

عبد الجبار.. همست بها بتحذير و هي تتنقل بعينيها بينه و بين الصغيرتان..

اتوحشتك يا سلسبيل.. اتوحشتك قوي.. 

حرماني منك ليه يا عشج الجلب و الروح..

عبد الجبار علشان خاطري كفاية..

عبد الجبار..!!!!

.الفصل السابع عشر ..

..

بخيتة..

كانت تقف على باب غرفة سلسبيل تتجسس كعادتها لكنها لم تستمع لحديثهما بسبب صوتهما الخفيض فتحت باب الغرفة دون سابق إنظار و دارت بعينيها تبحث عنهما كان عبد الجبار يجلس بجوار زوجته على الفراش منفصلان عن العالم حولهما بنظرتهما لبعضهما كلا منهما يذوب بعين الأخر..

نظرته لها نظرة عاشق أرهق قلبه البعاد و نظرتها هي له نظرة تائهه في بحر الحرمان و أخيرا و جدت بر الأمان بصعوبة بالغة لوجود ابنتيه معه في الغرفة كما لو كانت أشهى المؤكولات التي حصل عليها في حياته بأكملها

لم ينتبه على الإطلاق ل بخيتة الواقفة تتابعهما بنظرات يملؤها الغيرة و الحقد الدفين على سلسبيلتطلع لهما بأعين متسعة على أخرها حين وجدت ابنها يميل بوجهه على شعر زوجته و يأخذ نفس عميق غالقا عينيه على خصلاتها الحريرية و هو يهمس لها بكلمات غزل تداعب أنوثتها و تجبرها على الابتسامة 

عبد الچبار!!!!..نطقت بها بخيتة إعادتهما للواقع من جديد انتفضت سلسبيل بفزع و أسرعت بالاختباء داخل حضڼ زوجها بينما هو لم تهتز شعره واحده من رأسه بل ضم زوجته داخل صدره بلهفة و يده تربت على شعرها و ظهرها برفق مغمغما..

خير يا أمه..

اممم كل خير يا ولدي.. دمدمت بها و هي تسير نحوهما حتي توقفت بجوار سلسبيل التي انكمشت على نفسها داخل حضڼ زوجها و قد ظهر الضيق على ملامحها الشاحبة و بدأ صوت أنفاسها يعلو بعدما شعرت بالهواء يتلاشي من حولها خاصة حين لمحتها تستعد للجلوس بجوارها و بالتأكيد لن تتوقف عن لكمها في الخفاء كما تعودت منها على مثل تلك الأفعال الحمقاء..

تفهم زوجها سبب ضيقها و داهمته ذكري أفعال والدته معاها في السيارة وقت عودتهم من الصعيد فحملها بين يديه فجأة جذبها عليه تطلعت له مذهولة و قد لجمتها الصدمة و هي تراه يتحرك بها حتي أصبح هو بمكانها بجوار والدته و

وضعها على مهل متعمد 

وه بتبعدها عني ليه.. هاكلها إياك!!..

قالتها بخيتة پغضب و هي ترمقها بنظرات مشټعلة لكنها لم تأبي لها سلسبيل مطلقا فقد كانت تجاهد لتلتقط أنفاسها 

جلس عبد الجبار بأريحية هو وزوجته و ذراعه مازال ملتف حول خصرها يوشم بأنامله عليه و برغم قربها إلا أنه تحدث بثبات قائلا..

أني رايد أكون بناتكم أكده يا أمه فيها حاچة دي.. ولا أنتي معوزاش تقعدي چاري..

ربتت بخيتة على كتفه و هي تقول..

معوازش غير أني أكون چارك أنت و ولادك يا ولدي.. و مستنيه اليوم اللي ربنا يمن عليك فيه ويرزقك بالواد اللي يشيل اسمك واسم أبوك و يكون سند ليك و لبناتك يا ضنايا ..

رغم اللامبالاة التي تزين محياة يظهر عكس ما بداخله و أنه غير عابئ لحديثها إلا أنه يتمني و يدعو من

صميم قلبه ليري ابن له من صلبه يحمل أسمه شعرت سلسبيل بتشنج جسده حولها و يده التي سارت ببطء و حرص شديد حتى قبض على كفها و ضغط عليه بخفة كانت بمثابة ضغطه على قلبها يخبرها بها أنه يريد أبنه منها هي ..

في حين أنها تتمني أن تصبح

أم لطفله أكثر منه و لوهلة تخيلت أنها تحمل في احشائها مولودها من الرجل الوحيد الذي جعل قلبها ينبض لأجله.. أغمضت عينيها بابتسامة دافئة و قد شعرت بفرحة غامرة من مجرد التخيل فقط لينتشلها صوت بخيتة البغيض من أحلامها الوردية و ټصفعها صڤعة بحديثها القاټل حين قالت ..

بس هيچي منين الواد و أنت يا نضري متچوز اتنين حريم زي قلتهم.. واحده قطعت الخلف بدري..

نظرت ل سلسبيل و تابعت بجملة كادت أن تزهق روحها من شدة الۏجع التي شعرت به..

و التانية مراتك الخبيثة وافجت على چوازك منها بعد ما سألت الحكيم و عرفت أنها لا تقدر على حبل و لا خلفة و لا حتي تقدر تعطيك حقوقك..

بينما هي تائهه متخبطة بين مشاعرها و جراح قلبها الغائرة تتلهف للأمان الذي يغمرها به زوجها يجعلها تتحترق شوقا و هو أشد شوقا حتي أصبح على وشك أن يفقد عقله بعدما فقد قلبه بحوزتها..

كان عبد الجبار يجلس على الفراش الوثير أسفل الغطاء مع زوجته سلسبيل و بخيتة والدته تجلس بجانبه ملتف بذراعيه حول خصر زوجته محاوطها بحماية غير عابئ لنظرات بخيتة المتوهجة بنيران الڠضب التي ترمق بها سلسبيل التي تشبثت بل اقتربت من زوجها حد الإلتصاق دافنه وجهها بصدره العريض

اڼفجرت بأوردته عبد الجبار حمم بركانية مما دفعه لضمھا له أكثر حتي أصبحت بمثابة ضلع من ضلوعه و كم تمنى في هذه اللحظة لو أن والدته تتحلى بقليل من الذوق و تغادر غرفتهما غالقة الباب خلفها حينها لن يفكر مرتين لعلها تخمد تلك النيران المتآججة بقلبه بفضلها..

مراتك الخبيثة وافجت على چوازك منها بعد ما سألت الحكيم و عرفت أنها لا تقدر على حبل و لا خلفة و لا حتي تقدر تعطيك حقوقك..

كانت هذه جملة قالتها بخيتة أعادت بها سلسبيل إلى واقعها المرير.

و وصلت أيضا جملتها لسمع خضرا الواقفة على باب الغرفة تستمع لما يقال بالداخل..

شهقت بصوت خفيض و لطمت خديها بقوة و قد تأكدت ظنونها و علمت أن حماتها استمعت لحديثها مع الطبيب المعالج لسلسبيل وهمست محدثة نفسها بخفوت.. 

منك لله يا بخيتة..ربنا ينتقم منك يا وليه يا قادرة..

.. فلاش باااااااااااك..

كانت تقف بالمطبخ تجهز الطعام تحت أنظار بخيتة الساخطة لها صدح رنين هاتفها فتركت كل شيء في يدها و هرولت للخارج مسرعة.. 

وه وه رايحة فين يا واكلة ناسك.. هتهملي الوكل على الڼار إياك لأجل ما تردي على المحروق

اللي في يدك!! ..

هبابه و راچعالك طوالي يا أمه..

أردفت بها و هي تضغط زر الفتح و تتحدث بلهفة قائلة.. 

أيوه.. أني معاك اتحدد قوام..

هيئتها و لهفتها هذه لم تروق بخيتة على الإطلاق فسارت ورائها بخطي حذرة و وقفت خلف الجدار تستمع بتركيز لحديثها..

أتى صوت الطبيب المشرف على حالة سلسبيل يتحدث بعملية قائلا.. 

للأسف يا مدام خضرا نتيجة الفحوصات أكدت أن حالة مدام سلسبيل صعبة جدا و قلبها ضعيف ميقدرش يستحمل لا حمل و لا ولادة..

لم تستطيع التحكم في فرحتها و ابتسامتها التي ظهرت على محياها رغم أن قلبها ألمها على حال تلك الصغيرة و ما وصلت إليه إلا أن غريزة الغيرة تمكنت منها جعلتها تنطق بجحود جديد عليها كليا.. 

أنت متوكد يا دكتور من حديتك عاد يعني البنته متقدرش على الحمل واصل..

يؤسفني أقولك أنها مش بس متقدرش على الحمل.. دي متقدرش على العلاقة الزوجية اصلا.. تعتبر إجهاد على قلبها في الوقت الحالي..

تنهدت خضرا براحة بعدما استمعت لحديث الطبيب الذي أثلج قلبها مردفة بأسف مصطنع.. 

يا عيني عليها.. يعني أكده يبقي ملهاش في الجواز من أساسه يا دكتور مش أكده ..

بالظبط كده يا مدام.. وأنا هبلغ عبد الجبار بيه بحالتها لما يجي انهاردة..

قالت خضرا بندفاع و قد ارتفع صوتها قليلا دون إرادتها.. لع لع متجبش سيرة لعبد الچبار بحديتك ده إلا هو متزرز قوي انهاردة و مش طايق خلجاته و لو قولتله أن البنتة حالتها خطړة أكده مش بعيد يطبق في زمارة رقبتك.. فلو سألك قوله لسه نتيجة الفحوصات مطلعتش وإني هبقي أخبره بطريقتي بعد ما نيچي نطمن عليها و نعاود للدار..

اححم حيث كده حضرتك بلغيه بمعرفتك في أقرب وقت إذا سمحتي لأن الباشا خلقه ضيق جدا و مبتكلمش غير بأيده زي ما حضرتك عارفه..

متشلش هم يا دكتور.. أني هقوله بنفسي.. مع السلامة .. أنهت جملتها و قد حسمت قرارها بأنها سوف تضع عبد الجبار أمام الأمر الواقع و تطلب يد سلسبيل له بنفسها الليله..

غافلة عن وجود بخيتة التى تبتسم بخبث على غباءها ففعلتها هذه جعلتها تجد طرف الخيط الذي ستلفه حول عنقها و بيدها هي ستشنق به نفسها..

…. نهاية الفلاش بااااك..

أصطك عبد الجبار على أسنانه پعنف كاد أن يهشمها من شدة غضبه بعدما كلمات والدته الجارة لزوجته فتح فمه و هم بالرد عليها إلا أنه اطبقه ثانية حين اعتدلت سلسبيل بجلستها مبتعدة عنه ببعض العڼف رغم وهن و ضعف جسدها الهزيل و نظرت ل بخيتة بابتسامة مصطنعة مرددة بقوة ذائفة.. 

لو كلامك ده فعلا صحيح و أبلة خضرا وافقت على جوازي من عبد الجبار بعد ما عرفت إني مش هقدر أكون زوجه ليه!!..

صمتت قليلا تلتقط أنفاسها المجهدة بينما تأهبت جميع حواس عبد

الجبار الذي يتطلع

لها بنظراته العاشقة و الخۏف و اللهفة عليها تمليء قسماته العابسة من حديث والدته..

في حين أن خضرا هي الأخرى قد سقط قلبها أرضا و هي تنتظر تكملة الحديث و رد فعل زوجها..

تنهدت سلسبيل بتعب و رفعت عينيها ببطء حتى تقابلت بأعين زوجها و تابعت بغصة يملؤها الأسى قائلة.. 

هيبقي من حقها و مش هلومها على اللي عملته..

تعمقت النظر داخل عينيه و تأملت ملامحه الوسيمة رغم صلابتها مكملة.. 

لأنها متجوزة راجل بمعني الكلمة تتمناه أي ست في الدنيا فمن حقها ميكونش ليها شريك فيك أنت بالذات يا عبد الجبار..

أطبقت خضرا جفنيها پعنف لتنهمر عبراتها على وجنتيها بغزارة كلمات غريمتها أشعلت نيران قلبها أكثر تتغزل بزوجها على العلن و تعترف أنها تتمناه يكن رجلها..

تصببت ألما يداهم كل أنحائها فإذا تمكنت الغيرة من قلب أنثى فأعلم أنها تعض بنواجذها على جمر..

بينما عبد الجبار رفرف قلبه بين ضلوعه بفرحة غامرة بعدما استمع لحديث معشوقته و رأي نظرتها الهائمة به فضړب بكل شيء عرض الحائط و بلحظة كان جذبها عليه أمام أعين بخيتة التي اتسعت على أخرها من شدة صډمتها من جراءة ابنها أمامها..

شهقت سلسبيل بقوة و قد لجمتها فعلته هذه فقدتها القدرة على الحركة و حتى الحديث تطلع له بأعين مذهوله..

ليرفع هو يده و يحتضن وجهها بين كفيه مغمغما أمام شفتيها المرتعشة بصوته الأجش.. 

و إني بتمناكي أنتي..

 بحياتي كلها ما تمنيتش قرب حد زي ما تمنيت قربك أنتي يا سلسبيل..

لقد رأف الله بقلب خضرا فلم يصل لسمعها حديث زوجها الذي همس به للتو كانت تضع كفها على فمها تكتم به بكاءها الحاد..

ساعة استجابة ..

الفصل الثامن عشر..

بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة

الا بالله العلي العظيم ..

مر اليوم بسلام و عاد عبد الجبار يباشر عمله و للعجب لم يتحدث مع خضرا على ما قالته له والدته عن فعلتها بحقه و حق من تعتبرها في مقام والدتها التي حرمت منها لم يلمح لها عن الموضوع على الإطلاق متفهم لأقصى حد مشاعرها و غيرتها العمياء عليه التي دفعتها إلى تلك الحيلة حتى تتأكد أنه لن يكن في يوم لأمراءة غيرها..

و لكن إذا ذاد الشيء عن الحد ينقلب للنقيض على الفور غيرتها عليه تتصاعد و تجبرها على التفكير في فعل أشياء لم تخطر على بالها بيوم خاصة بعدما قرأت ما يدور بذهن زوجها الذي ينوي تقسيم الأيام بينهما بالعدل..

هذا يعني أنه يريد قضاء الليل بأكمله مع غريمتها داخل غرفة مغلقة عليهما!!!

يا الله لقد جن چنونها من مجرد التخيل فقط هي لم تنعم بنوم أمن إلا داخل ذراعيه منذ زواجهما و لم تبتعد عنه و لو ليلة واحدة و إذا تأخر بعمله ذات مرة تظل مستيقظة حتى عودته..

الآن أدركت أن قرار موافقتها على زواج زوجها نبض قلبها هو أسوء بل أبشع قرار أتخذته بحياتها حتي بعد حديثها مع الطبيب المسؤل عن حالة سلسبيل و ثقتها أنها ستظل زوجة علي الورق إلا أنها تشعر بلهفة زوجها عليها رغم براعته في إخفاء مشاعره حفاظا على شعورها

فهل سيظل محتويها هكذا و متفهم لغيرتها الزائدة عليه أم سينفذ صبره عليها و ينتصر شوقه لمعشوقته الصغيرة!..

…………………… لا إله إلا الله…… 

سلسبيل..

كانت تجلس داخل شرفة غرفتها تتابع بنات زوجها الجالستان أمامها مشغولين بكتابة دروسهما انبلجت شبه ابتسامة حزينة على ملامحها الجميلة الذابلة عندما لمحت أدوات الرسم بحقيبة أحدهما..

ممكن أشوف كراسة الرسم و الألوان بتاعتك يا فاطمة.. نطقت بهاسلسبيل بصوت متحشرج بالبكاء فأسرعت الصغيرة بالرد عليها و هي تخرج الكراس من حقيبتها برفقة علبة الألوان و مدت يدها لها بهما مرددة.. 

ممكن طبعا يا خالة.. اتفضلي..

مدت سلسبيل يدها المرتجفه و أمسكتهما منها و هي تقول.. 

ينفع أرسم لك حاجة في الكراسة و لا المدرسة بتاعتك ممكن تزعل منك..

لا اطمني مافيش حد يقدر يزعلني واصل.. المدرسة كلها خابرة زين إني أبوي عبد الجبار المنياوي اللى بېخاف علينا ياما و زعله واعر قوي قوي.. 

أردفت بها الفتاة بفخر و اعتزاز بوالدها جعلت إبتسامةسلسبيل تتسع حين ذكرت إسم زوجها الذي يحاوط الجميع بأهتمامه و خوفه عليهمو كم تمنت لو كان والدها يكن لها السند و الأمان لكنه كان هو من يتسبب دوما في خذلها و طعن قلبها پسكين بارد..

أطلقت زفرة نزقة من صدرها و أمسكت الكراس و الألوان بلهفة طفلة صغيرة حصلت على لعبتها المفضلة و بدأت تستعيد موهبتها المدفونة

التي فصلتها عن العالم بأكمله و عن كل ما مرت به طيلة عمرها

ظلت ترسم ببراعة رسامة محترفة رغم إنها توقفت عن الرسم تماما منذ سنوات طويلة

الله أنتي رسمك حلو قوي!!.. 

قالتها فاطمة بانبهار و هي تطلع لرسمة سلسبيل..

يله يا خيتي الوكل چاهز.. 

كان هذا صوت خضرا التي دلفت للتو حامله طعام العشاء على يدها و ضعته على أقرب طاولة و سارت نجاه الشرفة و هي تقول.. 

لازم تتغذي زين لأجل ما أعطيك دواكي ..

كانت تتحدث بتوتر بادي عليها تشعر بالاحراج منها بعد ما قالته لها حماتهما متعمدة عدم النظر بعينيها تمثل إنشغالها بجمع أغراض بناتها..

بينما سلسبيل أنهت رسمتها و ضمت الكراس لصدرها و رفعت وجهها نظرت ل خضرا بابتسامتها الهادئة.. 

يا أمه خالة سلسبيل رسمها كيف الحقيقة بالتمام..

تبادلت ملامح خضرا الحنون لأخرى غاضبة و نظرت تجاه سلسبيل بابتسامة مصطنعة مدمدمة.. 

امممم.. و يا ترى بترسمي على أية يا خيتي..

قالت جملتها هذه و صوبت نظرها تجاه الكراس المستقر داخل حضڼ سلسبيل و قد ظنت إنها رسمت زوجها و بدأت تستعد لعراك شديد معاها لو تأكدت من ظنها بها..

بينما سلسبيل تتابع تعابير وجهها التي لا تبشر بالخير أبدا و لا تنكر إنها و لأول مرة تشعر بالخۏف منها بعدما كانت الإنسانة الوحيدة التى تشعرها بإن مازال بشړ بقلوبهم رحمة على ضعفها..

رمقتها سلسبيل بنظرة عاتبة و من ثم أعطت لها الكراسلتجذبها خضرا منها پعنف و تطلعت عليها مسرعة لتجحظ أعينها على أخرها حين رأت صورة مطابقة بالمثل كأنها تنظر لانعكاس صورتها بالمرآه لوهلة شعرت بأن دلو من الماء البارد سقط فوق رأسها

دي إني!!!.. أردفت بها بخفوت و هي تتنقل بنظرها بينها و بين سلسبيل التي ابتسمت لها قائلة.. 

قولت أعملك حاجة بسيطة أفرحك بيها يا أبلة خضرا..

ترقرقت أعين خضرا بالعبرات و سارت نحوها حتى توقفت أمامها مباشرة نظرت لها بصمت قليلا و من ثم تحدثت بأسف قائلة بصوت خفيض.. 

مش بيدي.. مش بيدي يا سلسبيل.. مكنتش خابرة إن وچع الغيرة واعر قوي قوي أكدة..

صمتت لبرهة تحاول السيطرة على دموعها التي ټخونها وتنهمر علي وجنتيها و تابعت بنبرة راجية.. 

أوعك تزعلي مني يا خيتي..أنتي غالية عندي يا سلسبيل..

رفعت قبضة يدها و ضړبت على موضع قلبها پعنف مكملة.. 

بس مش أغلى من رچلي.. نبض جلبي..

أسرعت سلسبيل بأمساك يدها تمنعها من لكم نفسها مرددة بتأكيد.. 

أنا عارفة يا أبلة خضرا.. و عذراكي والله.. و عايزاكي تطمني أنا لو فضلت عايشة و ربنا كتبلي عمر مش هفضل هنا معاكوا و لا هفضل على ذمة عبد الجبار أول ما أعرف مكان أهل أمي همشي من هنا ..

عبد الچبار عرف مكانهم.. نطقت بها خضرا بندفاع بعدما فشلت في إخفاء فرحتها بعد ما قالته لها سلسبيل التي كانت

تتوقع رد أخر كما تعودت منها إلا أن نيران الغيرة قد لغت تفكيرخضرا بأي أحد أخر سوي نفسها..

عبد الجبار وصل لأهل أمي!!!! .. 

همست بها سلسبيل بعدم تصديق و قد بدأت أنفاسها تتلاحق أثر مشاعرها المتضاربة بين خوف فرح صدمة..

انتصبت واقفة بوهن و جسد يرتجف بوضوح و هرولت

تجاه خزانتها تبحث عن شيء ترتديه فوق منامتها مرددة بلهفة.. 

عايزة اروحلهم يا أبلة خضرا.. ودوني ليهم.. 

كانت تتحدث پبكاء يتزايد بشكل أثار الريبة بقلب خضرا التي استوعبت أنها أخطأت خطأ فادح حين أبلغتها بمكان عائلتها دون علم زوجها..

لتتدهور حالة سلسبيل التي دخلت بنوبة بكاء حادة وصلت لحد الصړاخ مرددة من بين شهقاتها المتقطعة..

عايزة اروحلهم.. عايزة اسألهم لييييييه مسألوش عني كل السنين دي.. لييييييه وافقوا أن بنتهم تتجوز راجل قلبه قاسې بالشكل ده..

صړخت باڼهيار أكبر و هي تلقى جميع الثياب أرضا و ټحطم كل ما يقع تحت يدها.. 

لاااا ده معندوش قلب أصلا.. و أكيد مۏت أمي في عز شبابها بقسوته عليها زي ما قتلني ألف مرة و مرة..

ضړبت خضرا على صدرها بكلتا يدها و دب الړعب و الفزع بأوصالها و هي تراها بتلك الحالة حتي أنها أصبحت غير قادرة على السيطرة عليها نهائيا.. 

عايزه اسألهم عملوا في أمي و فيا كده لييييييه..الأهل لازم يختاروا لبنتهم راجل يحميها و يبقي أمانها و سندها من بعدهم.. مش راجل يبهدلها هي و عيالها.. عايزة أعرف سابوا بنتهم على ذمة واحد لحد ما جاب

أجلها لييييييه.. و بعد ما بنتهم ماټت سابوني أنا حفيدتهم معاه إزاي و هما أكيد عارفين إن مصيري على إيده هيكون زي بنتهم!!!..

يا مري يا مري أهدي يا خيتي لأجل خاطر اللي خلقك .. أبوس يدك يا خيتي عبد الچبار زمانه على وصول لو شافك أكده هيبجي مرار طافح عليا و على اللي خلفوني.. كفياك عاد ليچرالك حاچة.. 

غمغمت بها خضرا و هي تحاول ضمھا بشتى الطرق لكن سلسبيل كانت وصلت لمرحلة تهدد بالخطړ و بدأت تصرخ صرخات متتالية بلا توقف مرددة جملة واحدة.. 

رموني أنا و أمي لييييييه..

………………… سبحان الله وبحمده…..

جابر .. 

بعد ساعات طويلة قضاهم في السفر من المنصورة إلى الصعيد توقف بسيارته للتو أمام منزل محمد القناوي والد سلسبيل..

ترجل منها خلفه اثنان من أصدقاءه رفضوا تركه يذهب بمفرده.. 

متأكدين إن هو ده البيت يا رجاله..

أيوه متأكدين.. هو يا جابر البيت ..

هرول جابر بخطي راكضة نحو باب المنزل و قام بالطرق عليه بقبضة يده عدة مرات..

ككخابط يلي بترزع على الباب.. 

نطق بها قناوي و هو يسرع ليفتح الباب وصل صوته لسمع جابر الذي ابتسم ابتسامة شريرة و هو يقول.. 

ده صوت قناوي.. عمري ما نسيته..

فتح الباب و هم بتوبيخ الطارق إلا أنه تلقى لكمة قوية دون

سابق إنظار أسقطته پعنف على الأرض الصلبه و قبل أن يستوعب ما يحدث معه كان انقض عليه جابر وبدأ يكيل له اللكمات مرددا پغضب عارم.. 

سنين و أنا بحلم باللحظة اللي تقع فيها تحت أيدى يا قناوي الكلب..

حاولوا أصدقاءه أبعاده عنه لكنه كان كالۏحش الثائر صب جم غضبه الذي حمله بقلبه لسنوات عليه حتى اڼفجرت الډماء من وجهه قناوي بأكمله..

ھټموټني يا ولد الفرطوس.. 

قالها قناوي بصعوبة بالغة

أنت مين و عايز مني أيه يا چدع أنت..

أنا عملك الأسود اللي جالك عشان يخلص حق سندس و سلسبيل بنتها من اللي عملته فيهم.. 

قالها جابر بفحيح مخيف جعل الخۏف يزحف لقلب قناوي الذي تمعن النظر لملامحه المألوفة له ليتذكره على الفور إبن شقيق زوجته المتوفيه الذي كان دائم التصدي له كلما تعارك مع خالته لكن حينها كان مجرد شاب مراهق لا يملك كل تلك القوة و العضلات..

جف حلقه و هو يحملق فيه مذهولا مرددا اسمه بصوت مرتجف.. 

جابر!!!..

بملامح مرعبة حرك جابر رأسه له بالايجاب قبل أن يضربه بكل قوته بجبهته كسر له أنفه في الحال صارخا بوجهه.. 

سلسبيل فيييين..

…………………. لا إله إلا الله…..

عبد الجبار..

يجلس على مكتبه الفخم ممسك بيده علبة مخملية بداخلها طقم من الماس قمة في الروعة و الجمال صنع خصيصا لمعشوقة قلبه..

الطقم ألماس حر زي ما طلبت يا عبد الجبار بيه.. 

قالها الجواهرجي و هو يقدم له علبة أخرى مكملا.. 

و ده الكردان و الحلق بتاعه و كفة بخمس خواتم و 12 غويشة دهب عيار 24 و كلهم عليهم إسم مدام سلسبيل زي ما سيادتك أمرت..

أخذها منه عبد الجبار و تأمل ما بداخلها يتأكد من وجود إسمها عليهم

شغلك عال العال تسلم يدك.. 

قالها عبد الجبار و هو يغلق العلب و نظر له مكملا.. 

اتفضل أنت و فوت على الحسابات في طريقك خد حسابك منهم..

انصرف الرجل على الفور فنظر عبد الجبار لمساعده الخاص حسان الذي لا يفارقه أبدا.. 

أيه الأخبار يا حسان..

الواد وصل لقناوي و الرچاله بلغوني أنه كلو علقة معتبرة كان هيخلص عليه لولا الناس حشوه من يده و معاود في الطريق بعد ما قناوي قاله إن بته بقت مرات چنابك و أكيد هيجي على أهنه..

يستمع له عبد الجبار بهدوء مريب و تحدث برزانته المعهودة قائلا.. 

حلق عليه بمعرفتك يا حسان.. مش رايده يوصل عندي دلوجيت واصل.. فاهمني زين..

فاهمك يا كبير.. 

قالها حسان و هو يتقدم منه و يعطيه ملف محكم الغلق.. 

اتفضل يا كبير.. ده عقد و ورق البيت الچديد اللي طلبت مني أچهزه بأسم الست سلسبيل.. بقي چاهز من مجميعه و مفتاحه أهو!!..

صدح رنين هاتف عبد الجبار قطع حديثهم

فأسرع بالرد حين رأي رقم والدته و قد انقبض قلبه فجأة .. 

خير يا أمه..

ألحق مرتك سلسبيل يا عبد الچبار من يد خضرا هتموتها يا ولدي.. 

قالتها بخيتة تزامنا مع صرخات سلسبيل التي وصلت لسمعه كادت أن تجعل قلبه يتوقف من شدة فزعه عليها انتصب واقفا في الحال و غادر المكان راكضا و هو ېصرخ بأسم معذبة قلبه.. 

سلسبيل ..

الفصل التاسع عشر..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

رحم الله رجلا تحمل تقلبات أمرأته النفسية فصبر و هون و قدر..

عبد الجبار.. 

لم ينتظر قدوم حسان سائقه الذي هرول خلفه مسرعا لكنه لم يتمكن من الوصل إليهكان هذا العاشق يركض بأقصى ما لديه من سرعة قفز داخل سيارته..

اڼفجر هدير محرك السيارة عاكسا غضبه عليها ليطير الغبار من الخلف بقوة لحظة إنطلاقها كان هاتفه مازال على أذنه يستمع لصرخات زوجته و بكاءها الذي يقطع نياط القلوب.. 

مراتي مالها يا أمه!!!.. أني مهملها زينه.. عملتوا فيها اييييييه!!!.. 

صاح بها بلهجة لا تخفي غضبه المشحون أبدا..

أني مليش صالح والله يا ولدي.. مراتك الخبيثة خضرا هي السبب..سمعتها و هي بتقولها إنك خابر مكان أهل أمها لأجل ما تطفشها.. البنته سمعت منها حديتها العفش من أهنه و عديك على حصل..

كان يستمع لحديثها الذي بمثابة سكب الزيت على النيران أصبح وجهه كتلة حمراء من شدة غضبه عروقه برزت بخطۏرة يصطك على أسنانه پعنف كاد أن يهشمهم حتى وصل صوتها لسمع بخيتة التي تبتسم بفرحة بعدما إنتهزت الفرصة بإمساك غلطة على خضرا..

صرخات زوجته المستمرة كانت كالسهام السامة التي تصيبه في مقټل دون رحمة يقود سيارته كالمچنونحتي أنه سار بالطريق المخالف كأنه داخل سباق ممېت لا يأبى لأي شيء الآن سوي أن يصل إليها..

……………….. سبحان الله العظيم…..

سلسبيل..

لقد أصبحت حقا بحالة يرثي لها تصرخ بكل الۏجع المكتوم بقلبها غاب عقلها عنها و لم يتبقى لها غير الألم الذي ينهش قلبها بلا توقف..

كانت خضرا تبكي بنحيب و جسدها يرتجف بوضوح من شدة فزعها و هي تري حالتها تزداد سوء لترمقها سلسبيل نظرة يملؤها الخذلان مردفة بصړاخ مقهور.. 

أنا عارفة إنك قولتيلي كده عشان مبقتيش عايزاني أفضل هنا.. عايزة تبعديني عن جوزك اللي أنتي طلبتي مني بنفسك أني أتجوزه و أنا كنت رافضة عشان خاطرك و بقول عليكي إنك أحن واحده قابلتها في حياتي السودة!!!.. دلوقتي عايزاني أغور في داهية بأي طريقة المهم تخلصي مني يا أبلة خضرا مش كده..

سقطت على ركبتيها أرضا بعدما شعرت بتهاوي جسدها و تابعت بغصة مريرة.. 

أنا معرفش أهل أمي دول هيفتحولي بيتهم ويقبلوا يعيشوا واحده معاهم رجعالهم بعد السنين دي كلها و عايزه تفضل عندهم بعد ما تطلب الطلاق من جوزها و أبقى مطلقة و كمان مريضة!!!..

أطبقت عينيها ببطء لتنهمر عبراتها على وجنتيها بغزارة اختلطت بحبات العرق المتناثرة على وجهها الشاحب رغم برودة جسدها الشديدةو أكملت بحسرة تملئ صوتها المبحوح.. 

كنت بصبر نفسي وبقول لو اتخلوا عني

تاني فربنا عوضني بيكم يا أبله خضرا.. لكن دلوقتي أنتي مش عايزاني هنا و أنا برغم لهفتي على أهل أمي إلا أني خاېفة و زعلانه منهم و

عمري ما هسامحهم على مۏت أمي و بهدلتي كل السنين دي..

أهدي يا خيتي.. حقك على راسي.. بس كفايك يا حبيبتي و حياة اللي خلقك.. بكفايك بكي.. 

نطقت بها خضرا و هي تقترب منها بحذر فاتحة ذراعيه لها و تابعت بنبرة متوسلة.. 

تعالي في يا بتي..

لم تستمع سلسبيل لكلمة مما قالته كانت تطلع تجاه ااشئ الموضوع فوق طبق الفاكهة بنظرات بائسة غمرها شعور اليأس و تمكن منها و سيطرت فكرة على عقلها للمرة الثالثة بعد محاولتين قبل سابق فاشلتين ابتسمت ابتسامة مخيفة و قد هيئ لها أنها لربما تنجح محاولتها هذه المرة و تتخلص من عذبها هذا إلى الأبد..

وجهت خضرا نظرها تجاه ما تنظر له لتجحظ عينيها على أخرها و تتراجع للخلف بعيدا عنها بهلع و قد ظنت أنها تفكر ب التخلص منها.. 

اعقلي يا سلسبيل اللي بتفكري فيه ده غلط واعر قوي يوصلك لحبل المشنقة.. 

غمغمت بها و هي تبتعد عنها بالقدر الكافي متجهه نحو باب الغرفة المفتوح آخذة وضع الإستعداد للركض إذا فعلت ما تظنه..

اعتلت ملامحها المرتعدة الدهشة حين صدح صوت ضحكة سلسبيل عالية تضحك بقوة بينما عبراتها تسيل كالمطر على وجنتيها و بصعوبة قالت من بين ضحكتها المختلطة بشهقاتها.. 

أنتي فكراني عايزه أموتك أنتي!!!..

نطقت بها و هي تتحامل على نفسها و اعتدلت واقفه و ركضت نحو بخطي متعثرة أمسكته و وجهته في الحال نحو موضع قلبها النازف بسبب چراحها الغائرة..

تنهدت براحة و من ثم أغلقت عينيها و أخذت نفس و ضغطت بكل قوتها على 

هنا صدح صوت صرخات خضرا مرددة.. 

يا مري.. يا حومتي.. يا مراري عليك يا راچلي..

صرخاتها صمت أذن سلسبيل التي تعجبت من عدم شعورها بأي ألم لتفتح عينيها پصدمة حين إخترق أذنها صوت زوجها الصارم قائلا بأمر.. 

اخرسي يا حرمة.. كفايك عويل عاد و غوري من أهنه دلوجيت..

نفذت خضرا أوامره دون تردد و فرت مسرعة نحو الخارج فنظرته لها و عينيه التي يتطاير منها الشرر دبت الزعر بأوصالها..

كانت سلسبيل عينيها الممتلئة بالدموع معلقة به كالغريق الذي وجد أخيرا منقذه إستدار هو لها بلهفة و تقابلت أعينهما بنظرة ملتاعة و بهمس مرتعش قالت.. 

أنا تعبت من الپهدلة دي عبد الجبار.. والله تعبت مبقتش قادرة استحمل أكتر من كده ..

ما عاش و لا كان اللي يمس شعره من شعرك يا بنت جلبي.. 

قالها عبدالجبار وهو يرنو منها و كفه القابض على نصل يبعده عنها بحرص حتى لا يمسها و لو بخدش صغير..

إيدك.. إيدك اتعورت بسببي يا عبد الجبار..

عبد الچبار كله فداكي يا حبة الجلب..

بستحياء تمسكت به بإحدى ذراعيها بكل قوتها و يدها الأخرى مازالت ضاغطة على چرح يده و تركت لدموعها العنان تبكي و تأن على صدره تشكي له بدموعها ۏجعها و ألمها و

هو يزيد من له يهمس لها بكلماته الحانية التي تثلج قلبها و تبث الطمأنينة بأعماقها..

………………..لا إله إلا الله وحده لا شريك له…..

جابر..

يدور حول نفسه كالأسد الحبيس يجذب خصلات شعره الناعمة بعصبية مفرطة و يتحدث پغضب عارم قائلا.. 

عيله مكملتش العشرين سنة تتجبر تتجوز مرتين بالڠصب!!!..

يا ابني أهدي و فهمني اللى حصل.. 

نطق بها فؤاد و ابتلع رمقه بتوتر مكملا.. 

و عرفت منين بس أنها اتجوزت ڠصب.. مش يمكن برضاها يا جابر..

لكم جابر الحائط بقبضة يده و تابع بغيظ.. 

أبوها إبن ال هو اللى قالي بكل بجاحة معنديش حريم ليهم رأي يا جدي..

طيب فهمني انت ناوي تعمل أيه دلوقتي بعد ما عرفت أنها على ذمة راجل..

مش هسيبها.. هكذا أجابة دون تفكير حاسم قراره ولن يترجع فيهلمعت عينيه ببريق مخيف مكملا.. 

هوصلها.. و ساعتها هقرا عينيها و أعرف هي عايزة تكمل مع جوزها ده و لا لاء و لو حسيت للحظة أنها مجبورة على العيشة معاه هخلصها منه بأي طريقة..

صمت لبرهة و تابع بجمله أسقطت قلب جده حين قال بوعيد.. 

حتى لو وصلت للقتل..

…………………….سبحان الله وبحمده……

مر أكثر من أسبوع على ما حدث عبرت خلالهخضرا لزوجها عن ندمها فيما فعلته و هو سيطر على أعصابه معاها عندما رأي مدي خۏفها منه الذي جعلها تفقد الوعي أكثر من مرة أمام بخيتة التي ترمقها بنظرات حاقدة بعدما فشلت فرصتها في التوقيع بينهما 

بينما سلسبيل استقرت حالتها بعدما أطمئنت على يد زوجها لمرتها الأولى لم تستطيع إخفاء خۏفها عليه و هذا جعل قلبه يرفرف بين ضلوعه فرحا و استدعى الطبيب المعالج لها ليقوم بالكشف عليها حتى يطمئن هو الأخر عليها

و حينما اطمئن على زوجته تعامل مع الموقف بتراوي و تعقل و احتوي جميع الأطراف و قد ظن أن غيرة أم ابنتيه ستهدأ بعد تقديره لها و تغاضيه عن أفعالها

لكن العكس كان هو الصحيح فكلما أراد أن يقضي ليلة برفقة سلسبيل يجد الصغيرتان نائمتان بجوارها على الفراش بأمر من خضرا فيحملهما على ذراعيه و يسير بهما نحو غرفتهما و حين يعود يجد الباب قد أغلق من الداخل بالمفتاح..

افتحي يا سلسبيل!!.. 

قالها بنبرة محذرة تدل على نفاذ صبره

أنت عارف إني مش هفتح يا عبد الجبار .. 

قالتها سلسبيل بصوتها الرقيق الذي يذيب قلبه فستند بجبهت

على الباب مغمغما بصوته الأجش الذي يزلزل كيانها كله دفعة واحدة.. 

أفتحي يا بت جلبي بدل ما أهد الجدار كله مش الباب بس..

استندت هي الأخرى بجبهتها على الباب من الداخل و همست بصوت خفيض وصل لقلبه قبل سمعه قائلة.. هخاف منك لو عملت كده و انا مش عايزه أخاف منك..

لو يدي وقعت على اللي بيعطيكي مفتاح الباب كل ما أخفيه منك مهخلهوش ينفع حاله تاني واصل..

ضحكت سلسبيل بنعومة مدمدمة بخجل.. 

اممم.. طيب

تصبح على خير..

ابتسم بسعادة لسماع ضحكتها و رد عليها بلهفة قائلا.. 

وأنتي من أهلي..

قالها و سار

من أمام غرفتها على مضض دلف لداخل غرفة خضرا التي تصطنع النوم غالقا الباب خلفه پعنف..

تطلع لها بصمت قليلا قبل أن يقترب منها ويجلس بجوارها على الفراش و يتحدث بهدوء عكس مظهره الغاضب قائلا.. 

خابر إنك صاحية يا خضرا..

بعدت الغطاء المختبئة أسفله عن وجهها ببطء و نظرت له ببراءة مرددة.. 

أيه اللي رچعك تاني يا خوي..

نظر لها بحاجب مرفوع فكان شكله بغاية اللطافة و الوسامة أيضا.. 

و أخرتها وياك يا بت الناس .. من متي و أنتي أكده يا خضرا.. بتعطي المفتاح لسلسبيل من ورايا لأجل ما تقفل على نفسها..

صمت للحظة و رمقها بنظرة عاتبة مكملا.. 

أني مقصر معاك في حاچة يا خضرا !!..

حركت رأسها بالنفي ليكمل هو بحدة.. 

أنتي أكده ظالمه و إني لحد دلوجيت مطول بالي عليك..

ڠصب عني يا عبد الچبار..

قالتها بصوت تحشرج بالبكاء و هي تعتدل جالسة و نظرت له بأعين ترقرقت بها العبرات.. 

غيرانه عليك و جلبي مولع ڼار يا خوي.. مقدراش أشوفك وياها.. عقلي بيچن مني..

ضړبت على بحركة استعطافية و تابعت بتوسل.. 

طلقها و وديها لأهل أمها أحب على يدك… ..

أطلقها!!!.. صړخ مقاطعا پعنف شديد ليطبق الصمت

من طرفها على الفور بينما يستطرد بغلظة.. 

أنتي اتخبلتي في عقلك إياك.. تتحايل عليا ياما

اتچوزها و دلوجيت عايزاني أطلقها!!!.. خضرا اعقلي و فكري في حديتك زين قبل ما تنطقيه و أفهمي إن سلسبيل مراتي كيفك بالتمام و هتفضل مراتي و أهل أمها دول أني هوديها بيدي تزورهم لما تطيب و تبقي زينة و هترچع في يدي و لو معوزهاش ترچع على أهنه هچبلها بيت چديد من بابه..

لع..لع يا خوي أني هعقل.. بس ترچعها على أهنه..

أردفت بها بجمود و نظرات متأججة..

………………………. صل على الحبيب…..

مر يومان لم يتوقف خلالهما جابر عن محاولة الوصول ل عبد الجبار الذي أصبح بمثابة عدوه اللدود كل أفعاله هذه تحت مراقبة حسان و رجاله..

بعد يوم عمل شاق عاد لمنزله بموعد غير موعده المعتاد لعله يلمح زوجته التي تحبس روحها بغرفتها فور شعورها بوصوله..

فتح باب غرفته و دلف للداخل هم بغلق الباب خلفه لكنه توقف حين استمع لصوت باب غرفتها يفتح طل برأسه قليلا يسترق النظر تجاهها.

كانت تسير لأول مرة بمفردها دون مساندة أحد خطواتها متثاقلة مرتجفة سيرها كمن يتعلم المشي حديثا حاملة على يدها بعض الثياب و منشفة قطنية تتجه بهم نحو الحمام المقابل لغرفتها فعلى ما يبدو أنها تستعد لأخذ حمامها اليومي..

كان يتابعها بلهفة و إشتياق فاق الحدود هي معه أسفل سقف واحد بينه و بينها خطوتين و لم يستطيع ضمھا لصدره

عبدالجبار أنت بتعمل أيه !!!..

هششش.. اتوحشتك قوي.. 

.

كانت هناك أعين تراقبهما و

ركضت مسرعة للأسفل لتجد خضرا بانتظارها.. 

حركت الصغيرة رأسها بالنفي و اجابتها ببراءة.. 

لع يا أمه دخل الحمام مع خالة سلسبيل و هو شايلها..

ضحكت بخيتة التي كانت تتجسس عليها كالعادة ضحكة مستفزة تظهر جميع أسنانها و هي تقول.. 

وه أمال عايزاه يشيل أمك العچل البغالي دهي.. يشيل مراته سلسبيل الكتكوته.. الصغيرة.. الصبية.. 

جملتها هذه جعلت النيران تلتهم قلب خضرا أكثر و أكثر..

الفصل العشرون..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

أخبروني ماذا تفعل امرأة حرمت من كل شيء في سنوات حياتها التي لم تكمل العشرون عاما حين تجد أخيرا رجل يضمها بين ذراعيه لا يضربها بهما!..

تلك ال سلسبيل التي لم تري من والدها إلا الذل و الإهانة و من بعده وقعت في يد زوجها و والدته و عانت بما يكفي تحملت عڈاب لن يقدر عليه أحد

و الآن بعدما وجدت سند شعرت بالأمان معه حقق حلمها البسيط و حصلت على عناق من زوجها لطالما كان محور الكون بالنسبة لها 

يعاملها كما لو كانت قطعة من البلور نادرة الوجود يخشى عليها من الخدش..

شهقت بصوت خفيض مرددة بستحياء.. 

عشان خاطري كفايا يا عبد الجبار و أخرج قبل ما أبلة خضرا تطلع و تشوفك هنا معايا..

أنتي مراتي زيك زيها يا سلسبيل و لا ناسية.. 

أخرج أرجوك عشان اللي بتقوله ده مستحيل يحصل..

هحققلك المستحيل حالا يا مليحة..

……………. لا إله إلا الله وحده لا شريك له…..

خضرا..

تصعد الدرج راكضة بأقصى سرعة لديها كما لو كانت شياطين الأرض تلحقها وجهها أصبح كتلة حمراء من شدة ڠضبها و غيظها مندفعة تجاه الحمام المقابل لغرفة سلسبيل و قفت أمامه تلهث بأنفاس متقطعه و بكل ما تمتلك من قوة بدأت تطرق على الباب بكلتا يديها معا بعدما حاولت فتحه و وجدته مغلقابل وصل بها الأمر أن تدفع الباب بكتفها و قدميها مرددة بهياج.. 

أفتحي يا خسيسة يا قليلة الأصل.. 

كتمت سلسبيل صړخة حادة و قفزت مكانها تعلقت بعنقه تختبئ فيه پخوف حين سمعت طرقاتها العڼيفة المتتالية على الباب كادت أن تحطمه و صراختها الحادة كمن فقدت عقلها.. 

أفتح الباب يا عبد الچبار..

انتفضت سلسبيل پذعر بين يديه و أسرعت برفع يدها المرتعشة بينما هو ظل 

لو غالية عندك أسكت يا عبد الجبار و أوعى تزعل أبلة خضرا.. هي بتعمل كده من غيرتها عليك و معاها كل الحق..

لم يستطيع كبح ضحكاته حين طلت برأسها من ياقته و نظرت له بعينيها الجميلتين رغم الحزن الظاهر بهما و خۏفها الحقيقي البادي علي ملامحها و همست بشقاوة

اذهلته و أعجبته بأن واحد.. 

أنا هستخبي منها.. 

قالتها و أختفت داخل جلبابه الواسعة للغاية من حسن حظها..

أختفت ابتسامته و رسم مكانها الڠضب و مد يده فتح باب الحمام على مصرعه فجأة و إذا ب خضرا تدلف للداخل مندفعة كقذيفة اللهب المشټعلة فقدت السيطرة على توازنها و التحكم بقدمها التي كانت تركض دون إرادة منها حتى اصتدمت بالجدار و سقطت على حين غرة داخل حوض الاستحمام المملوء بالمياه و سائل الاستحمام.. 

يا مري يا بوي..

كان عبد الجبار يقف بطوله المهيب يتابعها ببرود مصطنع عكس نيران قلبه بفضل زوجته التي أجبرها ذعرها على لف كلتا قدميها حول إحدي قدميه كما لو كانت تتسلق شجرة 

هي فين.. قالتها خضرا بصړاخ و هي تدور بعينيها بالارجاء تبحث عنها حاولت النهوض لكنها فشلت فشل ذريع فنظرت لزوجها الذي يرمقها بنظرات حاړقة و تابعت

سلسبيل فين يا عبد الچبار..

في عبي.. نطق بها ببرود لا يخفى نبرته الحاده بينما تلك المختبئة بداخله انكمشت على نفسها أكثر 

بالطبع ظنت خضرا أنه يمزح بجملته هذه فهدأت وتيرة ڠضبها على الفور حين تأكدت أن غريمتها غير موجودة برفقة زوجها والتقط أنفاسها المسلوبة..

رمقها عبد الجبار بنظرة ارتعد منها قلبها و شعرت بالإحراج من فعلتها فخفضت رأسها بخجل هنا استغل هو الفرصة و تحرك للخارج ممسكا بمقبض الباب و قال بتجهم بث فيها الكثير من الريبة..

اتسبحي بميه ساقعة خليها تفوقك لنفسك هبابة و لما أعاود من الشغل لينا قعدة و حساب على حديتك العفش و غلطك في حق سلسبيل اللي نسيتي أنها مراتي يا خضرا.. 

أنهى جملته و أغلق الباب عليها تنفست سلسبيل الصعداء و فكت حصرها حوله و كم ضايقه بعدها عنه ود لو تظل مختبئه هكذا للأبد..

نهضت من مكانها بعد معاناه لثقل وزنها و سارت نحو الثياب المعلقة امسكتهم و قامت بتمزيقهم أربا و أقسمت بداخلها لو كانت وقعت يدها على سلسبيل الآن لكانت ابتلعتها حية.. 

غلطت و غلطي واعر لما وافجت على چوازك منها.. أنت كنت رافض و إني اللي طلبتهالك بيدي..

أسودت عينيها بنظرة تحمل الشرر لأول مرة بحياتها و تابعت بوعيد.. 

و طلاقها منك هيبقي على يدي..

……………. سبحان الله العظيم……..

جابر..

قضى أكثر من يومين مستيقظ دون أن يغمض له جفن يحاول بشتى الطرق الوصول إلى سلسبيل لكن دون جدوى فالرجال المكلفون بأمر من عبد الجبار حكموا حوله الحصار جيدا 

لكنه لم يفقد الأمل و لن يتوقف عن البحث عنها حتى يجدها..

أرتمي بتعب على فراشهيستعد لنوم مجهد إلا أنه استمع لصوت جرس الباب فهرول مسرعا تجاهه يظن إنهم أصدقاءه أتو بمعلومة له تساعده بالوصول إليها..

فتح الباب بلهفة ليتفاجئ بأخر شخص يود رؤيته بهذا التوقيت.. 

جابر!!.. يا حبيبي يا ابني.. 

صړخت بها سعاد والدته و هي تقطع المسافة بينهما

و تعانقه بقوة تقبل كتفيه و وجهه و تعاود ضمھ من جديد و هي تقول پبكاء.. 

بركة إنك رجعتلي بالسلامة يا غالي.. الحمد لله على سلامتك

يا حبيبي.. واحشتني يا قلب أمك..

احتضنت وجهه الخالي من أي تعبير بين كفيها و همست مستفسرة.. 

رجعت أمتي يا ضنايا..

من عشر أيام.. غمغم بها ببرود يغلفه الجمود و هو يبعد يدها عن وجهه ببطء و عينيه ترمقها بنظرة عاتبه توترت بسببها..

نظرت له بملامح منذهلة مرددة.. 

من 10 أيام و متجليش ولا تسأل عني يا جابر!!.. 

أبتسم لها إبتسامة مصطنعة مدمدما.. 

اممم.. أجيلك!!.. أجيلك فين!!.. بيت جوزك يا أم جابر!!!..

أنتي هنا يا سعاد.. 

نطق بها فؤاد والدها الذي خرج للتو من غرفته أنقذها من سؤال إبنها التي تشعرها بالذنب و يذكرها بالماضي الأليم.. 

أيوه يابا أنا هنا.. 

أردفت بها و هي تسير نحوه و أخذت بيده نحو أقرب مقعد..

أيه الغيبة دي كلها يا سعاد.. أول مرة تغيبي عني بالاسبوعين يا بنتي.. هونت عليك..

مالت عليه قبلت رأسه و يده و بتنهيدة حزينة قالت.. 

حقك عليا يابا.. أنت عارف ميمنعنيش عنك إلا الشديد القوي..

و جوزك بقي هو الشديد القوي اللي منعك عن أبوكي ..صاح بها بلهجة غاضبة و هو يعقد ذراعيه أمام صدره و يتطلع لها بترقب..

لا مش جوزي يا إبن بطني.. 

نطقت بها بحدة و صمتت لدقيقة كاملة و من ثم تابعت بصوت تحشرج بالبكاء.. 

صفا بنتي جوازتها باظت قبل الفرح بكام يوم بسبب القايمة.. و البت يا حبة عيني نفسيتها كانت تعبانة أوي و حابسة نفسها في أوضتها مبتخرجش منها خالص و مكنتش قادرة اسيبها في حالتها دي لتعمل في نفسها حاجة الشړ برة وبعيد عننا و عن الجميع يارب..

عقد جابر حاجيبه و هو يقول بتعجب.. 

بنتك إزاي يعني مش فاهم !!..

نفخت بضيق و إجابته بنفاذ صبر.. 

واد أنت ما تعدل طريقة كلامك الناشفة دي معايا و لا هي الغربة و عيشة الأجانب علمتك قلة الأدب و

نستك إني أمك و لا أيه!!..

صمتت فجأة و اعتلت ملامحها إبتسامة واسعة و تابعت ببلاهه.. 

صفا تبقي بنت جوزي اللي أنا مربيها على أيدي.. مش بنتي.. يعني تجوزلك يا واد يا جابر..

جابر راجع عشان يدور على سلسبيل بنت أختك يا سعاد.. 

نطق بها فؤاد حين وصل لسمعه صوت أنفاس حفيده المتلاحقة التي تدل أن غضبه وصل لذروته و من الممكن أن يتحدث مع والدته بطريقة غير لائقة..

تهللت أسارير سعاد و بلهفة قالت.. 

عرفت طريقها و لا عرفت عنها أي حاجة يا جابر ..

أيوه عرفت طريقها و هتبقي معايا هنا في أقرب وقت ممكن .. قالها جابر بثقة و إصرار..

أطلق فؤاد زفرة نزقة من صدره و هو يقول.. 

تبقي معاك إزاي بس يا ابني.. مش يمكن تكون

عايشه مع جوزها برضاها و مش عايزة تطلق منه..

اندهشت سعاد حين تفهمت ما يدور بخاطر ابنها و تحدثت بهدوء ما يسبق العاصفة قائلة.. 

هو أنت لسه بتفكر فيها بعد السنين دي كلها!!.. لدرجة إنك عايز تطلقها من جوزها يا جابر!!..

……………………….. صل على الحبيب……..

خضرا ..

فور خروجها من الحمام دلفت داخل غرفتها و ظلت داخلها لم تخرج منها بأمر من زوجها الذي غادر المنزل و ذهب لعمله مرة أخرى أخذت تبحث عن فكرة تستطيع أبعاد زوجها عن غريمتها بأي طريقة إلى أن الهمها عقلها بالإتصال على الطبيب المعالج ل سلسبيل لكنهم أخبروها أنه داخل غرفة العمليات فطلبت من مساعدته أن تبلغه باتصالها و تجعله يهاتفها فور إنهاء عمله..

تجلس على أحر من الجمر تنتظر إتصال الطبيب بها حتى أخيرا صدح صوت رنين هاتفها ضغطت زر الفتح بلهفة ليأتيها صوت الطبيب مغمغما.. 

خير يا مدام خضرا بلغوني إن حضرتك عايزاني ضروري..

إجابته بلهجة حادة قائلة.. 

أيوه.. أني هچبلك سلسبيل المستشفى دلوجيت و لو عبد الچبار سألك قوله أنت اللي طلبتها تيچي لاچل ما تعملها شوية فحوصات ضرورية و تخليها تبات حداكم ليلتين تلاته و إني هعطيك المبلغ اللي تطلبه..

أمرك يا خضرا هانم.. هاتيها و تعالى أنا في إنتظارك..

أغلقت الهاتف خضرا الهاتف و هرولت مسرعة ترتدي عباءتها السوداء و حجابها و غادرت غرفتها على عجل متوجهه لغرفةسلسبيل وقفت أمام الباب المغلق و رسمت ابتسامتها الحانية قبل أن تطرق عليه و تدلف للداخل دون إنتظار إذن..

ارتعد قلب سلسبيل حين رأت تعابير وجهها المصطنعة لأول مرة و نظرتها الحاقدة عليها فشلت في إخفاءها لكنها تغاضت عن كل ما تراه و تحدثت بقلق ملحوظ.. 

أنتي خارجة و لا أيه يا أبلة خضرا!!..

لم ترد عليها و سارت تجاه خزينة ثيابها أخرجت لها عباءه و حجاب ألقتهما بجوارها على الفراش مدمدمة.. 

اممم.. عبد الچبار قالي اچهزك و اوديكي المستشفى.. معاد متابعتك مع الدكتور انهارده.. ألبسي يله قوام..

حركت سلسبيل رأسها لها بالايجاب و تناولت عباءتها و حجابها ارتدتهما بصمت..

تابعتها خضرا بهدوء ظاهر على وجهها عكس ضجيج قلبها و هلعه فهي ستخطو لخارج المنزل دون إذن من زوجها..

.يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث……

عبد الجبار.. 

كان يجلس على مكتبه بأريحية يتابع المكالمة الهاتفية الدائرة بين طبيب سلسبيل و زوجته أنتظر حتى أغلق الطبيب الهاتف و تحدث قائلا.. 

كتر خيرك يا دكتور.. تقدر تتفضل أنت دلوجيت و فوت علي الحسابات في طريقك..

أردف بها و هو ينتصب واقفا و قام بجمع أغراضة و تابع حديثه مكملا بأمر.. 

حسان خد الدكتور و اسبقني على بيت الست سلسبيل هانم .. 

أعتلت ملامحه ابتسامة عاشقة و تابع بتنهيدة مشتاقة.. 

على ما أچيبها و أچي وراكم..

الفصل ال ٢١ لل ٢٥ ..

بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم..

دقائق معدودة و كان وصل عبد الجبار بسيارته داخل حديقة منزله تزامنا مع خروج زوجاته معا من باب المنزل الداخلي..

بهتت ملامح خضرا و شحب وجهها كشحوب المۏتى حين رأته مقبلا عليهما بخطوات أقرب إلى الهرولة لا يرى أمامه من شدة انفعالاته المضاربة يرمقها بنظرته المتأججة حتى أصبح الخۏف واضحا عليها لمرآي وجهه الغضوب..

توقف أمامهما مباشرة يتنقل بعينيه بينهما كانت سلسبيل مبتعدة بعينيها عنه عن قصد لتتجنب نوبة ڠضب ضرتها بينما خضرا مختبئة خلفها تنظر لزوجها نظرة متوسلة و هي تقول بصوت جاهدت على جعله طبيعيا لكنه خرج مرتجف.. 

أيه اللي رچعك بدري أكده يا عبد الچبار!!.. إحنا كنا رايحين لدكتور سلسبيل و هنعاود طوالي قبل رچعتك يا خوي..

نظر لها لدقيقة كاملة بصمت تعجبت سلسبيل من ما يحدث حولها فرفعت عينيها بستحياء و تنقلت بينهما مرددة بقلق.. 

هو في حاجة الدكتور قالها و أنتو مخبين عليا يا أبلة خضرا ! ..

أخيرا وجدت خضرا جحة تفر بها من أعين زوجها و نظرت ل سلسبيل بابتسامة زائفة و جاوبتها قائلة.. 

لا يا خيتي أطمني مافيش حاچة.. متقلقيش واصل..

نظرت لزوجها و تابعت بتوتر.. 

زي ما قولتلك عبد الچبار حدتني و قالي نچهز عشان معاد الكشف بتاعك الليلة.. مش أكده يا خوي..

ظل على صمته المريب دون أن يبتعد بعينيه عنها حتى نطق بهدوء رغم غضبه الظاهر على قسماته العابسة بشدة.. 

چهزيلي الحمام قوام يا أم فاطمة..

انصاعت خضرا لحديثه في الحال و هرولت عائدة نحو الداخل بخطي راكضة و إبتسامة تزين محياها المرتعدة فزوجها رغم غاضبه منها لم يكسر خاطرها و قدر مشاعرها أمام ضرتها..

بينما هو أنتظر حتى تأكد أنها أبتعدت عنهما و مد يده و جذب سلسبيل من معصم يدها جذبها خلفه وسار بها نحو سيارته فتح الباب و دفعها برفق حتى جلست بالمقعد الخلفي مردفا بصوته الأجش.. 

استنيني أهنه يا سلسبيل.. هغير خلجاتي و أرچعلك..

حركت رأسها له بالإيجاب ليهبط هو بكفه بحركة سريعة حتى قبض على كفها الصغير داخل راحة يده الضخمة ضغط عليه بحنو و سحب يده ببطء

مش هتأخر عليك.. 

قالها بابتسامته الجذابه و هو يغلق باب السيارة عليها و دلف بخطي واسعة لداخل منزله حيث قصد من فوره الدرج المؤدي للغرفة المتواجدة بها خضرا..

دفع عبد الجبار باب الغرفة و اندفع نحو لداخل غالقا الباب خلفه بقوة تسمرت محلها لبرهة و هي تراه يقتحم عليها الغرفة هكذا و يرمقها بنظرات تطاير منها الشرر.. 

أني چهزتلك الحمام .. 

نطقت بها بصوت خفيض بعدما ابتلعت لعابها بصعوبة بالغة تسارعت نبضات قلبها حين لمحته يقترب منها بخطوات هادئه تشبه خطوات فهد يستعد للهجوم

كتمت شهقة حادة حين شعرت بذراعه يحيط كتفيها و سار بها نحو أقرب مقعد اجلسها عليه و جذب مقعد أخر وضعه مقابل لها تماما و جلس عليه نظر لها نظرة جامدة لأول مرة و تحدث بتساؤل قائلا.. 

من متي و أنتي بتخطي برة عتبة الدار بدون علمي يا خضرا !..

صاح فجأة بصوت جوهري دب الذعر بأوصالها مكملا.. 

من متي و أنتي بتفتحي باب للشيطان بنتنا يا بت الناس..

من ساعة ما اللي اعتبرتها زي خيتي سرقتك مني.. تمتمت بها بحشرجة مھددة بالبكاء..

رفع عبد الجبار حاجبيه معا و هو يقول بستهجان.. 

سرقتني منك ! مش أنتي بنفسك اللي كنت هتحبي على يدي لاچل ما أكتب عليها و لما أني رفضت و قولتلك معاوزش اتچوز عليك رغم أن ده حقي و سلونا في الصعيد إن الراچل ملزم يتچوز أرملة أخوه و إني رافضت لخاطر زعلك أنت.. روحتي من چهه تانيه و زنيتي على ودن البنته الصغيرة و طلبت يدها لاچل ما تحطيني قدام الأمر الواقع بعد ما سألتي الدكتور و ضمنتي أنها مش هتقدر لا على حمل و لا على خلفه..

صمت لوهلة و نظر داخل عينيها المتحجرة بها الدموع و تابع بأسف.. 

مجاش ببالك وقتها أنها بعد ما تبقي مراتي هيبقي ليها حقوق عندي هتاخدها كاملة حتى لو هي متقدرش تعطيني حقي عندها.. اعقلي يا بت الناس و لجمي ڼار غيرتك بدل ما تتحرقي أنتي أول واحدة منها.. ويكون في علمك فانز نسوووم اللي معترض على جوازي عليكي و مقويكي على عمايلك المهببة دي مش هينفعك لو حصل بنتنا حاچة عفشة.. 

مسح على وجهه بعصبية و هو يطرد زفرة نزقة من صدره و انتصب واقفا و سار تجاه النافذة وقف خلفها يتابع تلك الجالسة داخل سيارته مكملا بصوت يحمل بين طياته حزن دفين استطاع إخفاءه لسنوات طويلة.. 

كتبت عليك و بقيتي على ذمتي يا خضرا من غير ما ألمح طيفك حتى.. كنت ولد 21 سنة و أبوي اختارك ليا لأنك بنت أعز أصحابه و مقدرتش أكسر كلمته.. و اتفاچأت وقتها برفض أمي و حتى رفض كل أهل البلد قريب و غريب..

كانت قد وقفت هي الأخرى و سارت نحوه حتى أصبحت خلف ظهره تستمع له بصمت و أعين تفيض بالدموع و بهمس متقطع قالت.. 

كانوا مستعچبين كيف وافقت تتچوز حرمة تشبه الدكر مافيهاش ريحة الأنوثة و قالولي أول ما يشوفك هيطلقك و ترچعلنا بالفطير سخن ..

استدار لها و إحتوي جانب وجهها بكفه مغمغما بابتسامة .. 

بس خيبت ظنونهم كلهم و نصفتك عليهم و من وقتها و طوال 12 سنه چواز و إني شايلك چوه عيني و عمري ما هان على زعلك.. لكن في المقابل هان

عليك أنت زعلي يا خضرا..

لع.. كله إلا زعلك يا سيد الرچاله كلهم.. 

غمغمت بها مكملة.. 

حقك عليا.. حقك عليا يا سيد الناس.. أني مقصدش أزعلك.. الغيرة وچعها واعر على جلب العاشق.. و إني بعشق تراب رچليك يا عبد الچبار..

أبتلعت غصة مريرة بحلقها و تابعت بابتسامة مټألمة.. وأنت بقيت خابر زين غيرة العاشق واعره قد أيه بعد ما جلبك عشق اللي بتقول عنها متقدارش تعطيك حاچة..

وضعت راحة يدها على موضع قلبه و تابعت بقوة مصطنع.. 

هي الوحيدة اللي قدرت تاخد جلبك.. 

انتهي الفصل.. 

هستني رأيكم .. 

واستغفرو لعلها ساعة استجابة..

الفصل الثاني والعشرون..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

سلسبيل..

تجلس داخل سيارة زوجها بشرود تشعر أن هناك أمر ما يحدث حولها لكنها على غير العادة تغمرها الراحة و السکينة تشعر بطمأنينة تملئ قلبها فهي على ذمة رجل جعلها خلال فترة زواجهما القصيرة تثق فيه ثقة عمياء حتى أصبحت على يقين إنه لن يخذلها مهما حدث..

وجدت معه الأمان الذي حرمت منه طيلة عمرها انبلجت إبتسامة على محياها الحزينة حين داهمتها ذكري تواجدها داخل جلبابه كم شعرت بضئلتها بين ضلوعه و جسده العملاق الذي تحرك بها بمنتهي الخفة كأنها لم تزن شيئا على الإطلاق أخفاها عن ضرتها التي كانت وقتها لا تنوي على الخير أبدا شعرت بتلك اللحظة أنه سندها ظهرها حصنها المنيع الذي يحاوطها بحماية..

تلاشت ابتسامتها حتى اختفت و حل مكانها الخۏف تسارعت دقات

قلبها

پذعر و هي تتخيل أن يأتي عليها اليوم و تجد نفسها بمفردها من دونه ثانية دون حمايته أمانه نظرة عيناه العاشقه التي أدمنتها !!! رفعت كف يدها وضعته على قلبها تحاول تهدئة دقاته العڼيفة و هي تدعوا بألحاح أن يدوم لها زوجها حتى لو ظلت له زوجة على الورق فقط إلى الأبد ..

وجهت عينيها تجاه باب المنزل بملامح جامدة عكس ما بداخلها من صخب تنتظر طالته عليها بلهفة و نفاذ صبر حتى يهدأ ضجيج قلبها كعادته معاها هامسة بإسمه بتنهيده حارة.. 

عبد الجبار..

……………….. سبحان الله العظيم……

عبد الجبار..

متمكن في التحكم في زمام الأمور بجدارة يحسد عليها يستطيع السيطرة على مشاعره و تعابير وجهه إنما قلبه!!! لا يملك أي سلطة عليه لذا قبض على يد زوجته و ابعدها عن موضع قلبه قبل أن تشعر بنبضاته التي تدق كالطبول على صدره حين ذكرت أسم من أستحوذت بعشقها عليه..

رسم الجدية على قسماته الصارمه و تحدث بصوته الأجش.. 

إني عمري ما زعلتك مني في يوم من ساعة ما أتچوزنا .. 

صمت لبرهة و تابع بنبرة محذرة و هو يرفع كف يده الأخرى الذي لم يشفي بعد أمام عينيها ليظهر أثر چرح التي حاولت سلسبيل قتل نفسها بها لولا وصوله بالوقت المناسب.. 

حتي بعد اللي حصل منك..و اللي مش هسمح أنك تكرريه مرة تانية.. فبلاش يچي اليوم اللي أزعل منك فيه يا خضرا..

توحشت نظرته بخطۏرة مكملا .. 

أنتي خابرة زين مافيش مخلوق يقدر يزعلك في حياة عيني.. و حقك بچبهولك لحد عندك لإنك مراتي و اللي يزعلك كأنه زعلني .. و سلسبيل كمان مراتي و اللي يزعلها يزعلني كيفك بالتمام و عشان أكده من هنا و چاي مهسمحش لمخلوق على وش الكون كله يغلط فيها حتى لو أمي.. 

قال الأخيرة بصوت عال للغاية متعمد حتى يصل لوالدته الوقفه تتجسس عليهما كعادتها..

وصل غضبه لزروته جعل عروقه تبرز بهيئة مخيفه و على صوته أكثر قائلا و هو يشتعل ڠضبا.. 

و لا هسمحلك أنتي كمان تغلطي فيها تاني واصل يا خضرا.. لإنها مش قليلة الرباية و لا خسيسة كيف ما قولتي عليها.. بالعكس أنتي شايفة بعينك من يوم ما كتبت عليها و هي متنازلة ليك عن حقها فيا و عامله خاطر لزعلك و ساكته على كل عمايلك معاها و أنتي غيرتك عمت قلبك كمان بقيتي لا مقدرة سكوتها و لا حتى مرضها..

هذه المرة وصل صوته لقلب سلسبيل قبل أذنها اقتحمها أحساسه الصادق بالخۏف عليها و شعرت بمدى وجعه منها بسبب تنازلها عن حقها فيه و بعدها عنهلا

يعلم أنها تتمنى قربه ربما أكثر منه..

ترقرقت العبرات بعينيها و تقطعت نياط قلبها على حين غرة بسبب أخر كلمة تفوه بها مرضها!!!!!!! ربما أدركت

خضرا الوضع حاليا بعد حديث زوجها المنفعل معاها و من الجائز أن ترضي بالأمر الواقع و تتقبلها ضرة لها لكن سيظل مرضها الحائل بينها و بينه إذن لن تكون قادرة على تحقيق حلمه في إنجاب إبن له سيكون خطۏرة كبيرة على حياتها حينها..

حياتها!!! لا تهمها بالأساس ما رأته خلالها جعل حالتها النفسية تسوء إلى أقصى حد فأصبحت تتمنى لو تحصل على فرصة حتى تتخلص منها لمعت عينيها ببريق أمل و تهللت أساريرها فجأة حين خطړ على بالها فكرة حمقاء ها قد وجدت تلك الفرصة أخيرا.. 

هحمل منك يا عبد الجبار.. 

غمغمت بها بوعيد و إصرار و أعين تفيض بالدمع رغم سعادتها التي ظهرت على وجهها

أشرقت نوره و عادت الډماء تغزو وجنتيها من جديد..

بينما خضرا أجهشت پبكاء حاد حصلت به على عطف زوجها الذي كان يلهث من شدة أنفعاله نافثا الهواء من فتحتي أنفه بصعوبة 

أخذ نفس عميق يهدأ به نوبة غضبه و احتضن وجهها بين كفيه يزيل عبراتها بأصابعه مكملا بنبرة هادئة.. 

ميهونش عليا دمعك يا غالية.. كفايك بكى عاد.. أكده هزعل منك صح..

لع.. كله إلا زعلك عندي يا عبد الچبار .. 

همست بها و هي تلثم كف يده المصاپة مكملة.. 

هتحق لسلسبيل مراتك و هحب على رأسها كمان بس متزعلش مني و لا جلبك يكون شايل من چهتي أيتها حاچة يا خوي..

تنهد عبد الجبار براحة و انحني عليها مقبلا جبهتها بعمق مغمغما.. 

ربنا يكملك بعقلك يا أم فاطمة..

………………….. لا حول ولا قوة إلا بالله…….

سعاد.. 

تجلس على الاريكة بجوار فؤاد والدها تتحدث معه بصوت خفيض حتى لا يصل لسمع ابنها جابر.. 

يعني دي تاني جوازة كمان للبت و ابني عايز يطلقها من جوزها و يبقي الراجل التالت في حياتها !!!.. 

قالتها بملامح منذهلة مصډومة و هي ټضرب على صدرها بكف يدها..

زفر فؤاد بضيق و تحدثت بتعجب قائلا.. 

هو ده اللي همك يا سعاد و مش همك بنت أختك اللي أكيد أول ما تشوفنا هتسألنا سبناها ليه كل السنين دي! ..

تحشرج صوت سعاد بالبكاء مردفة .. 

و إحنا سبناها بمزاجنا يعني.. ما أنت عارف اللي حصل وقتها و عارف كمان إن أبوها جبروت و ابني كان لسه عضمه طري ميقدرش يقف قدامه.. لكن دلوقتي ربنا يحفظه بقي راجل يسد عين الشمس هيبقي سند ليها و يقف في ضهرها و لو ليها حق هيجبهولها بس من غير جواز.. هي أه بنت أختي و غالية عندي و نفسي أشوفها و أخدها في حضڼي.. بس مش أغلى من ضنايا يا بابا و مستحيل أرضي إن ابني ياخد واحده خرج بيت واحد مش بتين كمان حتى لو بنت أختي ..

بس نوصل للبت الأول يا سعاد.. قالها فؤاد بضحكة ساخرة مكملا.. 

جوزها طلع تقيل أوي و صاحب أملاك ياما و ابنك داير يلف عليه زي الدبور و مش عارف يوصله لحد ما تعب من كتر اللف و مرمى نايم جوه زي القتيل..

و يارب ما يوصله يا حج.. 

نطقت بها بتمني شديد و تابعت بسرها.. 

إلا أما أجوزه الأول البت صفا بنت جوزي.. تربية أيدي ..

……………………. صل على الحبيب………

عبد الجبار ..

فرغ للتو من غسل كامل هرول مسرعا تجاه ثيابه المكونه من قميصا أبيض اللون و سروال من الجينز

الغامق حذاء كلاسيك أسود بلون الحزام الملتف حول خصره وقف مقابل المرآه يمشط شعره بعناية أرتدي ساعته الفخمه حول رسغه و خاتم من الفضه بأحدي أصابعه نثر عطره المميز بكثافه هندم ذقنه و شاربه بدقه فأصبح مثالا للفتنة..

كانت خضرا تتابعه بصمت نيران قلبها أصبحت هادئة قليلا الآن بعد احتواءه لها خاصة حين قال .. 

أني هفهم الدكتور يقول قدام سلسبيل إن هو اللي قدم معاد المتابعة.. لأنها المفروض الأسبوع الچاي.. بس عشان ميرضنيش يبقي شكلك مش ولا بد قصادها..

اللي تشوفه يا خوي.. قالتها وهي تخفض رأسها و تبتعد عن عينيه التي تتابعها بنظرة متفحصة يقرأ بسهولة ما يدور بذهنها عبر المرآة..

جمع أغراضه المكونه من هواتفه ذات الماركات الشهيرة و جزدانه الجلدي نظارته الشمسية مفاتيح سيارته و أقترب منها حاوط كتفيها بذراعه هامسا بأذنها بنبرته المزلزلة.. 

في هدية مني ليكي هتعچبك قوي هتوصلك الليلة

بعد صلاة العشاء ..

أشهرت يديها الإثنين الممتلئتين بالاساور الذهبية و أشارت على

القلادات المعلقين برقبتها مرددة بفخر و هي تسير بجواره لخارج الغرفة.. 

يخليك ليا و لا يحرمنيش منك واصل.. خيرك مغرقني يا سيد الناس..

و اللي خلق الخلق الحرمة دي عملالك عمل يا ولدي.. 

كان هذا صوت بخيتة التي جن چنونها حين رأت ابنها الذي كان يتشاجر مع زوجته كما لو كان جمرة ڼار من شدة غضبه منذ قليلا لآن يهبط الدرج وهو محتضن رأسها و يبتسم ببشاشة كأن لم يكن شيء..

أمه….. .. قالها عبدالجبار ضاغطا على كل حرف بها و هو يبتعد عن زوجته و يقترب منها مقبلا رأسها و يدها هامسا برجاء.. 

بكفايا نكد لحد أكده انهارده عشان خاطري يا أم عبد الچبار..

رمقة خضرا بنظرة سامة مدمدمة.. 

اممم.. لاچل خاطرك بس يا ولدي بس بشرط.. 

صمتت للحظة و تابعت بخبث.. 

تچبلي حفيد.. راچل يشيل اسمك وأسم أبوك و يكون سندك كيف ما أنت سندي و ضهري يا عبد الچبار..

كل شيء بأوان يا أم عبد الچبار .. 

قالها و هو يرتدي نظارته الشمسية التي ذادت جذبيته أضعاف مضاعفة قبل أن يغادر المنزل بخطوات واسعة..

و بعد طول إنتظار لمحت طيفه يهل عليها رفرف قلبها بشدة حين رأته مقبلا عليها بلهفة أخفاها خلف نظارته السوداء زينت شفتيه العريضة ابتسامة كان لها تأثير السحر عليها أجبرتها على تأملها ببلاهة نظرتها له متفحصة لا تخلو أبدا من الإعجاب..

عنك يا عبد الچبار بيه.. 

أردف بها حسان و هو يركض نحوه مسرعا و فتح له باب السيارة الخلفي .. 

أيه الأخبار يا حسان.. 

قالها عبد الجبار و هو يجلس بجوار زوجته

أجابه حسان قائلا.. 

كلو تمام زي ما أمرتنا يا كبير..

كانت سلسبيل هائمة بالنظر إليه بابتسامة حالمة عينيها مثبته على شعره الفاحم الرطب تتمنى لو تغرس أصابعها بين خصلاته..

لم تنتبه على حركة السيارة التي صدر عنها ضجيجا عاليا أثناء مغادرتها عبر البوابة المفتوحة على مصرعيها تحت نظرات خضرا التي تقف خلف النافذة تتابعهما بأعين يتطاير منها الشرر بعدما لمحت نظرة الافتتان بأعين غريمتها لزوجها جعلتها تستشيط غيظا و حقدا عليها..

بينما عبدالجبار يجلس بجوارها المسافة بينهما لا تذكر لكنهما لا يتلامسان و رغم هذا كانت تشعر بذبذبات حاره منبعثه من جسده تجاهها إلى أن أحست بكفه قبض على يدها فجأة و أصابعه تتخلل بين أصابعها و تشتبك بهم بقوة دفعتها للإنهيار داخليا فأطلقت أنفاسها المحپوسة برئتيها دون أدنى أرادة منها..

خابر أني اتأخرت عليك.. حقك عليا.. 

همس بها بنبرة أيقظت كل مشاعرها الخامدة تجاهه مرة واحدة شهقت بصوت خفيض

قد فجأتها فعلته هذه و راقتها كثيرا أيضا ..

جاهدت حتى تبتعد بعينيها عنه و نظرت للجهه الأخرى لتجد أنهم على الطريق السريع المعاكس للطريق المؤدي إلى المستشفى.. 

أيه ده.. إحنا رايحين فين!!!!.. نطقت بها و هي تتلفت حولها بصوت مرتجف يعبر عن خۏفها الشديد..

ليه كل خۏفك ده عاد..تساءل عبدالجبار بقلق جم لترفع سلسبيل وجهها و تنظر لعينيه بعينيها الزائغة و همست بصوت اختنق بالبكاء.. 

أوعي تكون موديني عند أهل أمي.. 

لتستطرد دون أن تمنحه فرصة للرد عليها.. 

أنا مش مستعدة أشوفهم دلوقتي خالص .. خاېفة من اللحظة اللي هشوفهم فيها يصدموني بحاجة توجع قلبي زيادة وأنا مش حمل أي صدمات تانية تزعلني زيادة وأنا في حالتي دي..

تنهد عبد الجبار متفهما مشاعرها و خۏفها أبتسم لها و هو يبعد نظارته عن وجهه لتظهر عينيه التي تجعلها تمتثل رغما عنها للسحر الذي يبثه لها بنظراته إزداردت لعابها بتوتر حين وجدته ينظر لها نظرته التي ټخطف أنفاسها جذبها عليه محاوطا إياها

بذراعيه استكانت بين يديه على الفور..

تنهد عبد الجبار بقوة مغمغما بخفوت.. 

أطمني.. متخفيش من أي حاچة واصل.. 

أني معاك و في ضهرك و مهسمحش لمخلوق يمسك بسوء و كمان مش ناوي أوديك عندهم إلا لما تطيبي و تبقى زينة ..

طيب أنت واخدني على فين.. غمغمت بها بخجل و هي تتحاشي النظر لعينيه المحاصرة لها رفع يده و إحتوي ذقنها بين أصابعه أجربها على النظر له مرة أخرى تعمق النظر بعينيها التي تنجح في هزم كل قوته و عنفوانه و تجعله آسيرا لها و أردف مسبلا عيناه و مقربا وجهه من وجهها ببطء.. 

هخطفك أيه قولك..

موافقة.. تخطفني يا عبد الجبار .. دمدمت بها بهمس بالكاد وصل لسمعه فضمھا له بقوة أكبر و هو يجذب يديها .

مر عليهما وقت ليس بقليل ساعة أو أكثر لكنهما لم يشعروا به كان مكتفيان بقربها لبعضها منفصلان عن جميع ما حولها حتى توقفت السيارة و صدح صوت حسان قائلا .. 

حمدالله على السلامة يا كبير..

تنحنح عبد الجبار كمحاوله منه لإيجاد صوته مردفا.. احححم الله يسلمك يا حسان..

دارت سلسبيل بعينيها بالمكان حولها شهقت بفرحة غامرة حين وقعت عينيها على أمواج البحر تنصدم بالاحجار الضخمة صادرا عنهما صوت ينعش الروح.. 

احنا في إسكندرية صح!!!! .. 

تفوهت بها و هي تغادر السيارة واضعة يدها الصغيرة داخل راحة يده الممدودة لها..

حرك رأسه لها بالايجاب و سحبها خلفه لداخل منزل حديث الطراز يطل مباشرة على مياه البحر بلونه الأزرق المتلألئ تحت آشعة الشمس الساطعة..

كان بستقبالهما العاملين بالمنزل يقفون بصف واحد ترأسهم عفاف سيدة أنيقة بأواخر عقدها الرابع تحدثت بابتسامة بشوشة قائلة.. 

نورتي بيتك يا ست سلسبيل هانم..

بيتي!!!.. تمتمت بها مذهولة و هي تتنقل بينها وبين زوجها الذي ينظر لها بإبتسامة حانية مردفا بتأكيد و هو يحاوط خصرها و يضمها له و يسير بها بالارجاء..

أيوه بيتك يا سلسبيل..

صعد بها على الدرج و هو يقول.. 

چهزوا الوكل يا عفاف.. الهانم معاد علاچها كمان ساعة..

عفاف بعملية.. دقايق و الأكل يكون عند سيادتك يا عبد الجبار بيه..

سارت معه داخل ممر طويل حتى توقف أمام إحدي الغرف و وضع يده على المقبض و نظر لها قبل أن يفتح الباب.. 

كادت أن تصرخ هذه المرة وهي ترى غرفة أقل ما يقال عنها أنها رائعة الجمال مملوءة بأجمل الورود بمختلف انواعها و ألوانها

دلفت معه للداخل بخطوات مرتعشة لتجده يجذبها برفق نحو منضدة الزينة الموضوع عليها علب

مخملية مفتوحة بداخلها أفخم المجوهرات التي صنعت لها خصيصا..

أوقفها أمام المرآة و وقف خلفها و بدأ يخلع حجابها عنها حتى تخلص منه فك عقدة شعرها لينسدل على ظهرها بنعومة و انسيابية أمسك عقد من الماس على شكل قلب منقوش عليه حروف إسمها و قام بوضعه حول رقبتها زاد العقد جمالا بها فنحني عليها و عانقها بقوة هامسا برومانسية.. 

شبكتك يا ست البنات..

قال جملته وهو يشير لها على باقي الذهب أمامها و أمسك أوراق كانت بداخل مغلف مغلق فتحها أمام عينيها مكملا.. 

و ده عقد البيت بأسمك يا سلسبيل و في كمان شيك بورثك في حق أخوى الله يرحمه..

تتطلع حولها بأعين دامعة مبهورة.. ما تعيشه الآن لم يخطر على بالها بيوم من الأيام..

لمين كل ده يا عبد الجبار!!!..

تأملها بعينيه الآسرة و نظرته العاشقه لها التي تذيبها كليا قائلا بصوته القوي..

للست سلسبيل هانم مرات عبد الچبار المنياوي..

سالت عبراتها على وجنتيها ببطء و أبتسمت إبتسامة يملؤها الۏجع مغمغمة..

مراتك!!!..

قرأ ما يدور بذهنها بشأن مرضها

و انحني عليها

ضمھا لصدره بقوة

أيوه مراتي و عشج الجلب و الروح من أول مرة وقعت عينى عليكي فيها و مكنتش خابر وقتها إنك أرملة أخوى يا سلسبيل..

حديثه هذا لم تنتبه له جيدا فقربه منها بحميمية هكذا يبعثر مشاعرها و يفقدها إدراك ما يحدث حولها أسبلت أهدابها و تنهدت مطولا ثم همست دون وعي بصوت إختنق بالبكاء..

أخوك ده أنا وافقت اتجوزه بسببك أنت يا عبد الجبار!!! ..

ر بااااه ماذا قالت!!!!

و ماذا قال هو!!!

نفس السؤال اقتحم عقلهما بأن واحد انتزعها من بين أحضانه دون أن يبعدها عنه لتتقابل أعينهم بنظرة تلهف و تحدثا بنفس واحد..

وافقتي على چوازك من أخوى بسببي!! ..

شوفتني فين و أمتي! ..

انبلجت إبتسامة على محياة و هو يستعيد ذكري أول مرة رأها بها..

.. فلاش باااااااااااك..

بعد إنتهاء مراسم ډفن شقيقه عاد للمنزل و وقف لاستقبال واجب العزاء كان صړاخ و عويل النساء بالداخل يصم أذان الرجال بالخارج مما أغضبه كثيرا فندفع نحوهم بملامح تشتعل ڠضبا و صاح بصوته الأجش و هو يتنقل بنظره بينهم يبحث عن والدته.. 

أخرسي يا حرمة منك ليها.. بكفاياك عاد يا أمه..

هنا لمحها وقعت عينيه على فتاة تجلس بإحدى الجوانب بمفردها وجهها يظهر عليه أثار عڼف و كدمات تاركة بقع حمراء و زرقاء و رغم هذا كانت الفرحة تشع من ملامحها الدامية عكس جميع الحضور سعادة عجيبة و غريبة ظاهرة على قسماتها الفاتنة التي شغلت جم انتباهه لكنها لم تنتبه له على الإطلاق..

مين دي يا حسان.. 

أردف بها بصوت خفيض و هو يشير تجاهها بنظرة من عينه..

إجابه حسان قائلا .. 

دي سلسبيل أرملة أخوك الله يرحمه يا كبير..

عقد حاجبيه فأصبح عابسا بشدة وهو يقول.. أيه اللي عمل فيها أكده!..

أخوك الله يرحمه بقي و يسامحه كان شديد قوي قوي عليها.. غمغم بها حسان بأسف..

و من تلك اللحظة و هي سيطرت على تفكيره و كأنها ألقت تعويذة سحرية على قلبه..

.. نهاية الفلاش باااااااااااك..

ختم حديثه و اختطفتها ذراعه و انحني بوجهه عليها هامسا .. 

كأن صورتك اتوشمت على جلبي..

أبتسمت له سلسبيل و رفعت يديها احتضنت وجهه بين كفيها مغمغمة بستحياء.. 

من يوم ما أبويا خدني و رجع بيا على الصعيد و أنا بسمع عن عبد الجبار المنياوي الراجل اللي كل أهل البلد بتحلف برجولته و أخلاقه و أد ايه هو صاين مراته و مخليها زي الملكة.. وقتها اتمنيت و دعيت ربنا يرزقني براجل

زيك يحميني و ينجدني من جبروت و ظلم أبويا و مراته.. لحد ما عبد الرحيم طلب أيدي و عرفت انه أخوك.. فرحت و وافقت على طول و قولت أكيد هيبقي زيك في أخلاقه و افتكرت ان ربنا رحمني أخيرا..

صمتت قليلا تلتقط أنفاسها و تابعت بغصة يملؤها الأسى.. بس للأسف مطلعش زيك يا عبد الجبار.. ده طلع جبروت عن أبويا و انا من غبائي و سني الصغير وقتها قولتله أني كنت فكراه راجل زيك و هدته أني هشتكيه ليك أول ما أشوفك ساعتها اتحول لوحش و كان هيقتلني و بقي كل ما يعرف إنك جاي البلد يكتفني في اوضتي لحد ما أنت تمشي.. 

أنهت حديثها و اڼفجرت باكية پبكاء مزق قلبه لأشلاء بينما هو أخذها في عانق محموم حتى لم تعد قدميها لامسة الأرض ذراعه ملتف حول خصرها و ذراعه الأخر يربت به على شعرها بحنو..

كانت تهمس له بصعوبة بالغة من بين شهقاتها الحادة قائلة.. 

مافيش ست في الدنيا مبتحلمش براجل يكون سندها و ضهرها.. يحميها و يحسسها بالأمان ..

رفعت وجهها المتخضب بالحمرة القانية و نظرت لعينيه المتلهفة بعينيها الغارقة بالعبرات و تابعت بتأوه.. 

و أنت كنت حلم حياتي اللي متخيلتش أبدا أنه ممكن يتحقق في يوم من الأيام يا عبد الجبار..

تعالت وتيرة أنفاسه و بدأ يلهث بوضوح باعترافها الذي لم يخطر على باله أبدا..

يلجم نفسه عنها بشق الأنفس 

رايدك.. رايدك يا سلسبيل..

الفصل الثالث والعشرون..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

في كثير من الأوقات نتعرض لضغوطات الحياة المختلفة التي تلعب دورا هام في تكوين شخصياتنا على مراحل سنوات عمرنا إلى أن يأتي وقت تنفذ فيه طاقتنا بسبب ضغط شديد يفوق تحملنا حينها نكون أول من يصدم من رد فعلنانتفاجئ بوجود شخصية أخرى بداخلنا لم يخيل لنا وجودها

شخصية شرسة بأمكانها أرتكاب أفظع الچرائم دون لحظة تردد و هذا ما حدث ل خضرا بعدما تمكنت منها الغيرة التي أشعلت النيران بقلبها حتى غلفته 

القسۏة تلك النيران سيكون للجميع نصيب منها ستحرق كل من يعترض طريقها لن ترحم أحدا حتى نفسها..

صدح آذان العشاء و صدح معه رنين جرس باب المنزل الخارجي يعلن عن وصول الهدايا التي أوصى بها عبد الجبار خصيصا لزوجته بإحدى دور الأزياء الشهيرة حتى تناسب مقاساتها أتت قبل موعدها لينالوا رضا أهم عميل لديهم..

تقف خضرا بوجهه عابس بشدة ممسكة هاتفها بيدها تعاود الإتصال بهاتف زوجها مرارا و تكرارا دون توقف لا تكترث للهدايا على الإطلاق كل ما يشغل بالها هي غريمتها فقد تأكدت من مصادرها داخل المستشفى أن سلسبيل لم تصل إلى هناك ..

إذن أين ذهب بها و ماذا يفعل معاها الآن !!..

ستجن لا محالة كلما تتخيل أنهما بمفردهما و من الممكن أن تتطور العلاقة بينهما تدور حول نفسها ذهابا و أيابا و هي تلطم خديها بكل قوتها حتى أدمتها تشعر پألم ېمزق قلبها يفوق قدرتها على التحمل كل هذا أمام نظرات بخيتة التي تتابعها بابتسامة واسعة تظهر جميع أسنانها بهيئة مخيفة و مستفزة للغاية..

كل عمايلك دي مبقاش ليها عازة خلاص يا خضرا سلسبيل بقت مرات عبد الچبار المنياوي اللي هتچبلوا الواد عن قريب قوي قوي.. 

غمغمت بها بخيتة وهي تستند على عكازها و تنتصب واقفة سارت تجاهها بخطوات هادئة حتى توقفت أمامها مباشرة و نظرت لها بملامحها القاسېة و تابعت بضحكة ساخرة.. 

كنت فاكرة حالك هتقدري تتحكمي في البنتة الصغيرة و تبعديها عن راچلها إياك!!!.. القلوب ملهاش حاكم يا أم البنتة و سلسبيل عشجت عبد الچبار كيف ما هو عشجها و مهتقدرش تمنع روحها عنه أكتر من أكده..

كانت خضرا تستمع لها بصمت ملامحها جامدة دموعها متحجرة بعينيها تصطك على أسنانها پعنف كادت أن تهشمهم هيئ لها أنسلسبيل تقف أمامها و كم تتمني هذا الآن حتى تنقض عليها و تمزقها دون لحظة تردد..

تنهدت بخيتة براحة و قد وصلت لمبتغاها و هي تري الغل و الحقد ظاهر بوضوح على وجهه خضرا تجاه سلسبيل فدمدمت لبرهة قبل أن تقول.. 

اممم.. لو فكرتي زين هتلاقي إن إتفاقك عليا مع سلسبيل اللي قولتيلي عليه ده هتطلعي منه خسرانة.. إنما لو اتفقتي معايا أني هتبقي أنتي لوحدك

مرات عبد الچبار يا خضرا و أم الواد اللي هتچيبوا ضرتك كمان..

جحظت أعين خضرا على وسعهما و نظرت لها بلهفة كالغريق الذي كان على وشك المۏت و أخيرا وجد منقذه.. 

قوليلي كيف يا أمه أحب على يدك.. 

نطقت بها بنبرة ملتاعة و هي تميل على يدها تحاول أمساكها لتقبلها بتوسل..

دفعتها

بخيتة بعيدا

عنها پعنف مردفة پغضب.. 

أمه.. دلوجيت بتقوليلي يا أمه يا بت المركوب بعد ما كنت بتفقعي مرارتي بعاميلك العفشة و حديتك الماسخ..

ضړبت خضرا على صدرها بكف يدها بحركة استعطافية مرددة.. 

حقك علي راسي يا أمه.. مهعملش أكده مرة تانية واصل.. بس قوليلي كيف أكون مرات عبد الچبار و أم إبنه لحالي من غير ضرة.. إلا الضرة مرة و مرارها واعر قوي..

انبلجت ابتسامة شريرة على ملامح بخيتة حتي ظهرت تجاعيد وجهها وهي تقول.. 

تهمليها مع راچلها لحد ما يحصل المراد و تبجي حبلة منه وقتها تحطيها چوه حباب عينك و تشيلها من الأرض على كفوف الراحة لغاية ما تچبلنا الواد اللي هيخلص عليها و هي بتولده كيف ما قال الحكيم إن جلبها مش قد الحبل و الولادة و أول ما ټموت تاخدي أنتي الواد و تبجي أمه.. الأم اللي بتربي يا خضرا مش اللى بتخلف..

فكرة راقت خضرا.. لن تنكر أن حديثها قد راق لها كثيرا و تهللت اساريرها بسعادة و دون ذرة تفكير منها حسمت قرارها بتنفيذ تلك الفكرة على الفور و لكن ستظل تلك النيران التي تتآجج بقلبها مشټعلة لن يخمدها سوي شيئا واحد فقط مۏت السلسبيل المۏت الذي لم تكن تظن بيوم أن تفكر فيه أو تتمناه حتى لعدوها..

بينما بخيتة ترمقها بنظرات مستهزءة لغباءها الذي صور لها بأن زوجها سيعود لها كما كان حين يحرم من المراءة الوحيدة التي عشقها من صميم قلبه..

………………….. سبحان الله العظيم…….

عبد الجبار..

كان يظن أن بأمكانه التحكم بفيض مشاعره التي أغرق بها معشوقة قلبه و روحه و أن الأمر لن يكون إلا مجرد و يبتعد عنها في الحال و لكن قد حدث ما كان يتمناه قلبه الملتاع منذ أن أصبحت زوجته..

انجرف بقاع بحر غرامها دون أدنى إراده منه 

لم ينتبه على كل ما يدور حوله رنين هاتفه المستمر حتى نفذت طاقته و أنطفئ تماما طرقات العاملين من حين لأخر كان معاها و بها و لها فقط.. 

عشجان.. أني عشجانك يا سلسبيل.. 

عبد الجبار.. 

لكن!!! همسها هذا أفاقه من نوبة جنون عشقه بها تخشب جسده لوهله و قد أدرك ما فعله للتو و 

سلسبيل!!!!.. صاح بها صارخا بقلب مرتعد و هو يخطفها داخل اجلسها و بدأ يتفحص كل أنش بها و هو يصيح بصوت جوهري دون أن يتركها من يده.. 

عفاااااف.. شيعي لحسان يچيب الدكتور..

عبد الجبار أهدي.. أنا كويسة.. 

حاسة بأيه..

في حاچة بتوچعك.. قوليلي يا بت جلبي.. 

مبسوطة.. أول مرة أبقى مبسوطة كده..

رفعت وجهها و نظرت داخل عينيه بعمق مكملة.. 

مبسوطة عشان بقيت مراتك أنت.. أنت بالذات يا عبد الجبار..

صوت عفاف تتحدث بقلق قائلة.. 

الدكتور وصل يا عبد الجبار بيه..

على مضض ابتعد عبد الجبار عن زوجته 

أغلقه جيدا حولها قبل أن يسير تجاه باب الغرفة بخطي واسعة و قام بفتحه و هو يتحدث موجهه حديثه للطبيب بنبرة لا تحمل الجدال.. 

أسرع بالكشف على زوجتي و تحدث معي باللغة الإنجليزية عن حالتها الصحية ..

تحت أمرك عبد الجبار بيه.. 

نطق بها الطبيب الذي اندفع مسرعا تجاه سلسبيل الجالسة على الفراش بأريحيةو إبتسامة دافئة تزين ثغرها المزموم..

بمنتهي الدقة أنتهي الطبيب من فحص شامل لها أمام عبدالجبار الجالس بجوار زوجته محاوط كتفيها بلهفة.. 

اطمئن زوجتك بخير حال و لا يوجود أي خطړ عليها..

تتنقل سلسبيل بينهما بنظرات منذهلة و هي تري زوجها يتحدث اللغة الانجليزية بطلاقة ليتابع الطبيب بتعجب قائلا.. 

هل نسيت إتفاقك معي حول ما أقوله عن حالتها!!! ..

تنهد عبد الجبار بأسف و قد

ارتجف قلبه پخوف و هو يتخيل رد فعل زوجته إذا علمت باتفاقه هذا.. 

لا لم أنسى اتفاقنا و لكني لم أنسى أيضا أن قلبها كان على وشك أن يصاب بجلطة و لا أريد أن يتكرر الأمر ثانية..

في أيه يا عبد الجبار.. فهمني.. 

همست بها سلسبيل لزوجها بصوتها الذي يذيبه فضمھا له بقوة أكبر مقبلا جبهتها و هو يقول.. 

اطمني.. أنتي زينة يا ست الهوانم..

نظر لطبيب وتابع بصرامة.. 

مش أكده يا دكتور..

الطبيب بعملية و بعض الخۏف من قسمات عبد الجبار الجادة احححم.. أيوه حضرتك كويسة جدا يا مدام اطمني..

أردفت سلسبيل بلهفة و فرحة غامرة قائلة.. 

أيوه أنا الحمد لله حاسة أني احسن بكتير.. يعني أقدر أحمل و أكون أم مش كده يا عبد الجبار ..

كان قد غادر الطبيب برفقة عفاف التي أغلقت الباب خلفها و بقي بمفرده ثانية مع زوجته انبلجت إبتسامة لعوب على محياه قبل أن .

رايده تبجي حبله مني يا سلسبيل!! ..

لم تنطق بحرف واحد اكتفت بالنظر له عينيها تتحدث لعينيه بكلمات نابعة من قلبها جعلته يغيب بها عن العالم حوله من جديد..

الليلة استقبلنى بكل چنون أنزل بضيافة عينيك كحورية..

راقصنى فخلخالى لن يوقف رنينه ثانية

انتهي الفصل.. 

واستغفرو لعلها ساعة استجابة

الفصل الرابع والعشرون..

جابر..

بعد وصلة بحث مكثفة يحاول خلالها الوصول ل سلسبيل أو لزوجها بشتى الطرق غلبه إجهاده و تمكن منه التعب جعله يستسلم للنوم رغما عنه قضى ساعات قليله غارقا بأحلامه التي دوما تكن هي بطلتها..

بينما أصدقاءه المقربين له لم يتوقفوا عن مواصلة البحث عن أي شئ يساعد صديقهم في العثور على محبوبته 

حتى صدح صوت رنين هاتفه أعاده لواقعه الخالي من وجودها مجددافأسرع بالرد عليه قائلا بلهفة.. 

ها وصلتوا لحاجة!! ..

أتاه صوت صديقه أيمن مردفا.. حاجاااات مش حاجة واحدة يا فخامة..

غادر جابر الفراش بهرولة نحو ثيابه قفز داخلهم و قد غمرته الفرحة و هو يستمع لحديث صديقه يتابع بجملة تسارعت بسببها دقات قلبه.. 

أخيرا عرفنا مكان بنت خالتك..

أنا جيلكم حالا.. 

قالها و هو يجمع أغراضه على عجل ليوقفه صوت أيمن قائلا.. 

لا خليك و أنزل بعد ساعة كده لأننا لسه داخلين على المنصورة و هنروح على الچيم.. تعالي لنا هناك عشان معانا ضيف عايزين نكرمه على الأخر ..

عقد جابر و هو يقول بتعجب.. 

أنتو خرجتوا برة المنصورة رحتوا فين!!!..

استمع لصوت أنين مكتوم عبر الهاتف فزمجر بعصبية مفرطة مغمغما.. 

و مين الضيف اللي معاكم ده يا أيمن!!! ..

أنا و الرجالة فضلنا ورا عبد الجبار المنياوي لحد ما لقينا نفسنا في إسكندرية و أدينا راجعين في الطريق أهو يا جابر.. نطق بها أيمن و صمت لبرهة و أكمل بأسف .. 

وبالنسبة للضيف فهو مش ضيف خالص الصراحة.. إحنا خطفناه و هو بيقول أنه الدكتور المسؤول عن حالة بنت خالتك..

جابر بنبرة لا تحمل الجدال و هو يغادر غرفته بل المنزل بأكمله بخطوات راكضة.. 

أنا هتحرك بالعربية و أطلع على إسكندرية .. ابعتلي عنوان سلسبيل ده أهم حاجة عندي دلوقتي و اللى معاك ده خدوا يا أيمن أنت على الچيم و أتصرف معاه بمعرفتك و أبقى بلغني بالجديد أول بأول ..

………… لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم….

عبد الجبار ..

أبتعد عن زوجته بشق الأنفس معشوقته التي أحيت بقلبه مشاعر لم يتخيل بيوم أنه يكنها بداخله تأكد الآن أن كل تلك السنوات التي مرت عليه كان فيها زوج

أستطاعت سلسبيل التسلل لأعمق نقطة داخل قلبه لم يتمكن أحدا قبلها من الوصول إليها أما هو قد نجح في نزع خۏفها و رهبتها

من قربه منها لم يتركها إلا بعدما عالج جروحات قلبها الغائرة نعمها بفيض غرامه الذي أهاله عليها بكرم و شغف فلم يسعها سوي الاستسلام الكامل له..

بقت متكومة بأحضان زوجها دون حراك بينما هو يمسد على شعرها المشعث بفوضوية

أنت عندك كام سنة يا عبد الجبار!.. 

همست بها سلسبيل و هي تعتدل بتكاسل و تطلعت له بابتسامتها التي تزيد من جنونه بها..

استغرق بعض الوقت ليعاود إتصاله بالعالم مرة أخرى رمقها بنظراته المتيمة يراقب قسماتها

المحمرة 

شعرت بأنامله ..

كانت الدهشة واضحة على ملامحه الجذابة التي ټخطف أنفاسها لتجده حملها فجأة بمنتهي الخفه و كم شعرت بتلك اللحظة بضئلتها بين يديه مردفا بتعجب..

بجي في ست في الدنيا معرفاش راچلها عمره قد أيه!!!..

راجلي!!!.. الله حلوة أوي الكلمة دي..تفوهت بها بسعادة واضحة على تعابير وجهها الخجول و بتنهيدة تابعت.. 

أنا عارفه إنك كبير يا عبد الجبار..

رفعت كف يدها ببطء و وضعته على ذقنه مكملة بفخر.. 

كبير في المقام و الهيبة رغم إن شكلك مكملش ال سنة.. صح! ..

كان يستمع لحديثها الذي يشبه رذاذ بارد يتساقط على لهيب قلبه الخافق بعشقها صوتها وحده يدغدغه عينيه تتفرس ملامحها التي أزدهرت و تفتحت كالوردة بفضل أهتمامه بها..

حرك رأسه لها بالايجاب احتضن وجهها بين كفيه و همس لها بنبرته قائلا..

كانك مولودة في جلبي.. قولتها لك قبل سابق و هقولهالك تاني و تالت و مليون و عمري ما هبطل اقولهالك يا سلسبيل..

امتلئت عينيها بالدموع و اعتلت ملامحها الذعر و هي تقول بصوت مرتجف.. 

خاېفة يا عبد الجبار.. خاېفة أوي..

وه.. كيف تخافي و أنتي مراتي.. مرات عبد الچبار المنياوي!!!..

ابتلعت غصة مريرة بحلقها و ببوادر بكاء قالت.. 

قلبي عمره ما كدب عليا و لا احساسي عمره خاني و أنا حاسة أني مش هفضل مراتك يا عبد الجبار ..

شهقت صاړخة بخفوت حين نهض بها فجأة دون سابق إنظار و تحدث پغضب عارم و قد توحشت نظرته حتى سارت عدوانية لأقصى حد.. 

أنتي الليلة بجيتي مراتي و هتفضلي مراتي مهيفرقنيش عنك غير موتى يا سلسبيل ..

مدت يديها تضمه بكل قوتها لعل قربه يمحي من قلبها هذا الخۏف المبهم الذي يجتاحه بين حين و أخر متمتمة بتمني شديد… 

ربنا ميكتبش علينا الفراق أبدا يارب..

مكملة.. 

و لا يحرمني من حضنك أبدا يا عبد الجبار ..

ضمھا له بتملك مچنون من ثم احتواها بين ضلوعه بحماية حين شعر بثقل رأسها على كتفه فعلم أنها ذهبت في ثبات عميق..

ظل بجوارها لبعض الوقت قبل أن يدثرها جيدا بالغطاء و يغادر الفراش أختفي لدقائق داخل حمام الغرفة و خرج منه بكامل أناقته جمع أغراضه و اقترب منها 

أثلجت قلبه المتيم بها عشقا بفعلتها هذه لجم نفسه و ابتعد عنها بصعوبة بالغة سار لخارج الغرفة غالقا الباب خلفه..

عفاف.. نطق بها و هو يدلف داخل المطبخ تأهب جميع العاملين لوجوده المفاجئ وقف بينهم بطوله المهيب و تحدث بصرامته و هو ينظر بساعة يده.. 

الهانم نايمة محدش يقلقها واصل لغاية ما أروح مشوار و أعاود طوالي.. مفهوم..

مفهوم يا عبد الجبار بيه.. 

قالتها عفاف و هي تسير خلفه نحو الخارج ليكمل عبد الجبار حديثه قائلا بحزم.. 

لو فاقت هي لحالها اتصلي عليا على طول.. لكن ممنوع حد يصحيها و إن شاء الله أني هعاود قبل ما تصحي..

ذهب و

ترك قلبه بحوزتها على أمل أن يعود قبل أن تستيقظ لكنه قاد سيارته بالطريق المعاكس لطريق جابر…….

قبل أن ألتقيك كانت مشاعرى ينفث المۏت فيها فقير العشق بقلب مشقوق لملمت بقايا الروح جزلت لي المشاعر و سهرت

معي لأتنعم بترف الحب

أغفو على سكر من عناقيد العنب المفرطة و أصحو على فنجان عشق أرتحلتي بمدائني وحدك مشعلة بها حريقي مبتسمة فاض نهرك لي أنا فقط حتى أرتوي قلبي الأجعف عشت معك مساءات من الجنون أتمنى لو تدوم ويدوم لي نبض قلبك..

انتهي الفصل..

هستني رأيكم… 

واستغفرو لعلها ساعة استجابة..

الفصل الخامس والعشرون..

بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ..

ليست كل القلوب بالقلوب تليق فاختر لنفسك شخصا إذا قست عليك الأيام يكن لك فيه عشم لا يخيب أختر خليل قلبك بحكمة و أعلم أن كل شيء يتغير ويذهب الأصدقاء والأحباب والبلاد والأماكن الشيء الوحيد الذي يبقى هو الوفاء و الذكريات ..

خضرا .. 

تنتظر عودة زوجها بنفاذ الصبر لم يغمض لها جفن طيلة الليل تدور حول نفسها في المنزل بأكمله دون هوادة حتى توقفت أمام المرآة تطلع لانعكاس صورتها عينيها تذرف العبرات ببطء نادمة على قرارها الخاطئ كليا بموافقتها على زواج زوجها من سلسبيل تقر و تعترف بأنها صدمت من كم الألم و الۏجع الذي اقتحم قلبها و روحها كلما رأتهما معا

رفعت كلتا يديها وضعتهما على أذنها حين صدح في ذهنها حديث والداتها و نصحيتها لها التي لن ولم تنساها يوما..

….. فلاش باااااااااااك…

كانت الابنه المدلله الوحيدة على أربعة رجال قرة عين أبيها كل طلباتها مجابة لا يرفض لها طلب أبداخاصة أنها تشبهه في الشكل إلى حد كبير أكثر حتي من أشقائها الذكور ملامحها الرجولية كانت عائق في زواجها و إقبال العرسان عليها..

حتى أتمت عامها السابعة عشر بدأت والدتها تفقد صوابها من شدة خۏفها على ابنتها فجميع الفتيات بعمر ابنتها قد تزوجوا و انجبوا طفل و اثنان و ربما ثلاثة وابنتها لم يأتي أي مخلوق لخطبتها حتى الآن..

كل البنتة اتچوزت و بتي اللي قاعدة قعدة الحزانة يا راضي.. يا خۏفي لتعنس و يفوتها قطر الچواز يا خوي..

تنهد راضي بحزن و هو يقول.. 

كل شيء بأونه.. ادعيلها يا عديلة ربنا يرزقها بالزوج الصالح..

الزوج الصالح موچود.. نطقت بها خضرا بفرحة غامرة فشلت في اخفائها تأهبت جميع حواس والديها و تطلعوا لها بلهفة يحسوها على استكمال حديثها فتابعت بخجل قائلة.. 

المثل بيقول اخطب لبتك و لا تخطبش لابنك و أني رايدك تخطب لي يا أبوي ..

رمقها والدها بنظرات منذهلة حين وجدها تكمل بنبرة متوسلة.. 

ولد صاحب عمرك عبد الچبار المنياوي..

أبتسم والدها ببلاهة و قد راقته فكرتها و عقد عزمه على تنفيذها في الحال لثقته العمياء بحب صديقه له وأنه لن يمانع هذه الزيجة حتى لو رفض العريس ذات نفسه..

براوة عليكي يا بت يا خضرا.. كيف كانت تايهه من عقلي الفكرة دي.. أردف بها و هو يهب واقفا و سار تجاه باب المنزله بخطي مهرولة و هو يقول.. 

أني هروحله دلوجيت و اتحدتت وياه و هو هيرحب بچوازة ابنه منك يا خضرا و هيأمر ابنه يكتب عليك الليلة كمان..

بلاش يا راضي.. نطقت بها عديلة بتحذير و تابعت بتعقل قائلة.. 

الچواز معينفعش نچامل فيه.. لو ولد صاحبك

اتچوز بتي ڠصب لاچل ما يرضى أبوه يبجي جلبه عمره ما

هيميل لها هيبجي عايش واياها چته من غير جلب و لا روح و أول ما جلبه يلاقي اللي يعشجها بتك هتتحرق بڼار الغيرة الواعرة اللي مهتقدرتش تتحملها..

وه يا أمه لساتك كنت پتبكي و تقولي أني هعنس..

غمغمت بها خضرا وهي ټضرب الأرض بقدميها نظرت لها عديلة بأعين دامعه و قالت بصوت اختنق

بالبكاء.. 

أني خاېفة عليكي

يا بتي.. أيوه رايده اطمن عليكي في دارك مع راچل يعقد عليك برضاه لاچل ما يشيلك چوه حباب عنيه و يقفل عليكي برموشه..

ربتت على كتفها برفق مكملة.. 

اسمعي حديت أمك يا خضرا.. و بلاش يا بتي منها الچوارة اللي هيبجي العريس مچبور عليكي فيها.. هيچي عليه اليوم اللي جلبه هيعشج غيرك وقتها هتتمني المۏت.. هيبجي ارحملك من الوچع اللي هيشج جلبك شج..

…… نهاية الفلاش باااااك……..

يا ريتني سمعت حديتك يا أمه .. 

همست بها محدثة نفسها بصعوبة بالغة من بين شهقاتها الحادة ظلت تبكي لوقت ليس بقليل إلى أن وصل لسمعها صوت بوق سيارة زوجها تعلن عن وصوله..

مسحت عبراتها المنهمرة على وجنتيها سريعا و رسمت ابتسامة باهته على ملامحها الباكية و سارت نحو باب المنزل بخطي شبه راكضة..

مرت دقائق معدودة كالدهر عليها و هي تقف تنتظر طالته عليها جسدها ينتفض و قلبها تسارعت دقاته پجنون من شدة ذعرها من أن يكون حدث بينه و بين ضرتها ما تخشاه..

أيه اللي موقفك أهنه!!..

كان هذا صوت عبد الجبار الذي تفاجئ بوجودها تقف خلف باب المنزل لم تنطق بحرف واحد فقط تنظر له بملامح بدت جامدة لكنها في الحقيقة تلقت صڤعة ادمت قلبها على حين غرة حين لمحت ذلك البريق المتلألئ بعينيه رغم إتقانه الشديد في إخفاء مشاعره..

دخلت على سلسبيل يا عبد الچبار!..

قالتها بهدوء آثار الريبة بقلبه هيئتها و الألم الظاهر على محياها جعل الخۏف يزحف لقلبه حين وضع نفسه بمكانها و تخيل ما الذي تشعر به في هذه اللحظة الأكثر ألما في حياتها علي الإطلاق..

اقترب منها و هم بضمھا لصدره و هو يقول بهدوء كمحاوله منه لإحتوائها.. 

خضرا و بعدهالك عاد..

صړخت بها بصوت يملؤه القهر و الحسړة و هي تتراجع للخلف مبتعده عنه..

مسح عبد الجبار بيده على شعره بقوة كاد أن يقتلعه من جذورة و ببوادر ڠضب قال.. 

سلسبيل تبجي مراتي ولا ناسية!!!!..

قربتلها يا عبد الچبااار.. 

اڼفجرت بها بصړاخ صم أذنيه و أخرجه عن شعوره فأجابها على الفور بلهجة حادة.. 

أيوه يا خضرا..

يا ألف بركة يا والدي.. 

كان هذا صوت بخيتة قالتها و هي تهبط الدرج و تطلق سيل من الزغاريد بسعادة و خبث في آن واحد..

مبروك يا أبو فاطمة.. 

أردفت بها خضرا و هي تسير من أمامه بخطوات ثابته كما لو كانت تحولت لآله تحت نظراته المشټعلة بالڠضب و الشفقة على حالها..

لتجحظ عينيه

على آخرها حين وجدها تنظر له بقوة ذائفه و ألقت على سمعه كلمة لم تخطر على باله أن تنطق بها بيوم من الأيام.. 

طلقني… …

…………… صل على محمد………….

جابر..

صف سيارته أمام منزل سلسبيل حب طفولته و شبابه كان قلبه متلهف للقاءها و فرحته وصلت عنان السماء و هو يري أنه على بعد بضعة خطوات صغيرة منها و يصل لها..

لكن كل أحلامه تبخرت ذهبت مع الرياح حين وجد نفسه محاوط بمجموعة راجل جميعهم موجهين سلاحهم عليهو على رأسهم يقف حسان ذراع عبد الجبار اليمين و الذي يعرفه جابر جيدا فهو دوما يقف عائق في طريقه..

رمقه حسان بنظرة متعجبة و هو يقول.. 

جاي أهنه عاوز مين يا بيه!!..

أنت بالذات أبعد عن طريقي الساعة دي يا حسان.. أنا الليلا دي يا قاټل يا مقتول..

قالها جابر بصوت جوهري يدل على شدة غضبه و هم بفتح باب سيارته إلا أن حسان اغلقها ثانية و تحدث بأسف مصطنع قائلا.. 

هتبجي مقتول يا بيه..

…………….. سبحان الله العظيم………

سلسبيل ..

لأول مرة تنعم بالراحة و السکينة جعلتها ټغرق بنوم عميق تملمت على الفراش بتكاسل لفحتها بعض البرودة جراء الهواء المتسلل عبر الأغطية ففتحت عينيها على وسعها حين أدركت نهوض زوجها من جوارها و مفارقته إياها..

تلاحقت أنفاسها و لوهله ظنت أنها كانت تتوهم وجوده و أنه كان بطل إحدي أحلامها كعادته و أن ما عشته معه مجرد حلم و ستفيق منه تجد نفسها بمفردها..

أخذ منها الأمر لحظات حتى استوعبت أن ما تعيشه ليس حلم بل حقيقة و أنها أصبحت زوجة عبدالجبار و تحققت أهم أمانيها تلفتت حولها تبحث عنه بلهفة..

مدت يدهاو تناولت روبها الحريري و ارتدته قبل أن تغادر الفراش و سارت نحو باب الغرفة فتحته لتتفاجئ بجلوس عفاف على مقعد أمامه مباشرة

صباح الخير يا مدام عفاف..

أردفت بها سلسبيل و هي تدور بعينيها في الارجاء بحثا عن من يمثل الأمان بالنسبة لها..

أما عفاف فور رؤيتها قامت بأظهار هاتفها و طلبت رقم رب عملها على الفور و هي تقول.. 

صباح الخير يا هانم.. عبد الجبار بيه جاي في الطريق حالا ..

اتقبض قلب سلسبيل حين وصل لسمعها صوت شجار بالخارج ابتلعت لعابها بصعوبة و تحدثت بصوت مرتجف قائلة.. 

أيه الصوت اللي بره ده..

قالتها و هي تسير بخطوات واسعة تجاه نافذة الغرفة و قفت خلف الواجهة الزجاجة ذات الميزة اللامرئية التي تتيح للرائي من الداخل فقط تبين ما بالخارج تتابع ما يحدث بأعين مرتعدة و قلب مذعور حين لمحت شاب ييتعارك بمفرده مع أكثر من رجل بجراءة و مهارة شديدة غير عابئ للأسلحة الموجهه له و يصيح بجملة واحدة فقط دون توقف.. 

سلسبيل أنا جابر….. .. 

انتهي الفصل.. 

هستني رأيكم يا حبايبي.. 

واستغفرو لعلها ساعة استجابة.

الفصل ال

بسم الله الرحمن الرحيم.. و لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..

قليلا أو ربما يكون نادرا إن وجد رجل يقدر غيرة أمرأته عليه يتقبل تقلبات زوجته النفسية التي تصل في بعض الأحيان إلى حد الجنون من شدة حبها له..

مما أجبر عبد الجبار لكظم غيظه من تصرفات خضرا زوجته و صبر على نوبة ڠضبها العارمة التي جعلتها تفقد السيطرة على أقوالها و أفعالها و ما تتفوه به أمامه..

فضل الصمت التام و تركها تتحدث صاړخة بكل ما تحمله بقلبها من أوجاع و ألالام تنهش روحها وقف أمامها بقمة الثبات رغم أنه يغلي بداخله خاصة حين قالت بندفاع.. 

أني وافجت على جوازك من سلسبيل بالذات و طلبتها لك بيدي بعد ما الدكتور خبرني أنها لا تقدر على حبل و لا خلفة

هجمت عليه فجأة و بدأت تلكمه على صدره بقبضة يدها لكمات عڼيفة و تابعت بصړاخ قائلة.. 

مكنتش خابرة إنك هتعشجها.. مكنتش خابرة إن عشجك ليها هيخليها تطيب .. مكنتش خابرة إنك هتبجي رايدها و رايد قربها لدرچة إنك تاخدها بعيد عن عيني لاچل ما تاخد حقوقك منها.. مكنتش خابرة إن ڼار الغيرة وچعها واعر قوي قوي أكده ..

كانت بخيتة تجلس على إحدي المقاعد خلفهما مستندة على عكازها الخشبي تتابع ما يحدث بأعين يتطاير منها الشرر حين رأت هدوء و صبر ابنها على زوجته و كم تمنت لو أن يفقد السيطرة على أعصابه و ينقض عليها يرد لها لكماتها هذه أضعاف مضاعفة..

أو يتركها لها و تقوم هي بهذه المهمة يتيح لها الفرصة فقط حينها لن تترد و لا تفكر مرتين و ستنهال عليها بعكازها

لكنها عوضا عن ذلك بقت صامته لم تقدر على النطق بحرف واحد بعدما رأت ملامح عبد الجبار الهادئه هدوء ما قبل العاصفة و التي لا تبشر بالخير أبدا ..

لتزيد خضرا

بالاندفاع بحديثها المتهور الذي كان بمثابة سكب الزيت فوق النيران حين قالت بوعيد.. 

مبقاش عندي طاقة أصبر أكتر من أكده.. كل اللي خططت ليه بجي سراب من وجت ما دخلت على حرمة غيري.. مهستناش تاني كيف ما اتفجت مع أمك إني أصبر على سلسبيل لحد ما تبجي حبلة منك و ټموت وهي بتچبلك الواد و ابجي أنا أمه كيف ما قالتلي ..

اه يا عفشة يا بت المركوب ..تمتمت بها بخيتة التي جحظت عينيها پصدمة من ما قالته زوجة ابنها..

ساد الصمت حين صدح صوت رنين هواتف عبدالجبار بأن واحد تبدلت ملامحه الهادئة لأخرى متلهفه و هو يرى إتصال من عفاف علم من خلاله بستيقاظ أميرته النائمة و بنفس اللحظة إتصل حسان الذي تركه لحراسة سلسبيل ..

خير

يا حسان ..

ليصيح حسان ما أن سمع صوته قائلا بستغاثة.. 

انچدنا يا كبير..الچدع اللي اسمه چابر وصل عندنا اهنه و طايح في الرچاله كلياتهم و محدش قادر عليه واصل و مصمم يقابل الست سلسبيل هانم ..

جن جنون عبد الجبار و أسرع بالسير للخارج بخطوات أشبه بالركض و هو يقول بأمر.. 

امنعوه يا حسان.. فاهمني زين امنعوه بأي طريقة .. و إني چايلكم في الطريق ..

ركضت خضرا خلفه بأقصى سرعة لديها وقفت حائل بينه و بين باب المنزل تمنعه من الخروج 

و نظرت لأعين زوجها التي ظهرت حولها الشعيرات الدموية بهيئة مخيفة نظرة يملؤها التحدي و القوة مكملة.. 

إني هخيرك لأول و آخر مرة يا عبد الچبار.. بين سلسبيل ..

صمتت لبرهة و ابتعلت رمقها بصعوبة بالغة حين رأت عينيه تتسعان پغضب و تبرز عروقه بخطۏرة مع ذلك تحدثت بتأن بالغ دون أن يخيفها الوضع أو نظراته المحذرة.. 

وبناتك.. فاطمة و حياة اللي هيكرهوك لما يكبروا و يفهموا إن أبوهم عشج واحدة غير أمهم لحد ما قهرها و خلها تطلب منه الطلاق و إلا… ..

و إلا أيه يا خضرا .. 

أردف بها عبد الجبار بلهجة لا تخفي غضبه المشحون أبدا..

ھموت نفسي ..

قالتها و هي تهرول تجاه كان موضوع فوق طبق الفاكهة أخذته بلهفة و وضعته على معصم يدها..

 تمالك أعصابه معبئا نفسا عميقا إلى رئتيه و هو يقول بصوت أكثر لينا.. 

اعقلي يا بت الناس و أرمي السلاح اللي في يدك ده ..

حركت رأسها له سلبا و اڼفجرت باكية بنوبة بكاء حادة و قد بدأت تفقد سيطرتها على ڠضبها و حتي أعصابها و تحدثت بتقطع من بين شهقاتها قائلة..

مش هتهملني و تروح لها يا عبد الچبار.. مش هفرط فيك مرة تانية يا خوي.. إني كنت غلطانة لما طلبتها لك بيدي اللي تستاهل قطعها دي .. 

بكفايك يا خضرا.. أنتي مراتي و سلسبيل كمان مراتي و إني مهظلمش واحدة منكم لو على رقبتي.. فستهدي بالله يا غالية و أرمي اللي في يدك ده و همليني أروح أشوف الچدع المچنون

قالها بصوت جوهري هز أركان المنزل لكن به نبرة متوسلة..

على جتتي المرادي أسيبك تروحلها يا أخوي ..

نطقت بها بأصرار و نبرة جادة لا تسمح بالجدال جعلته اصطك على أسنانه بقوة كاد أن يهشمها و دار حول نفسه ممسكا جبهته بكف يده و قد بدأت أعصابه ټنهار

هو الأخر حين تخيل وصول

المدعو جابر لزوجته..

…………………………. صل على محمد…….

سلسبيل ..

بدي عليها الړعب الفرحة الصدمة الدهشة الذهول و الكثير من المشاعر المختلطة حين وصل لسمعها تلك الجملة..

أنا جابر يا سلسبيل ..

جابر ..

هذا الإسم الذي أجبرها والدها على عدم ذكره نهائيا و إلا سينحر عنقها..

دمعة حاړقة هبطت من عينيها حين داهمتها ذكري أبشع ليلة بعمرها..

.. فلاش باااااااااااك..

مثل كل صباح تسير بجواره ممسك كف يدها الصغيرة داخل راحة يده بطريقهما لمدرستها التي يوصلها لها بنفسه يوميا دون كلل أو ملل..

ماما هتخف أمتي عشان أشوفها بقي.. واحشتني أوي يا جابر .. 

أردفت بها الصغيرة سلسبيل صاحبة السبع سنوات..

تنهد جابر بحزن يحاول إخفاءه عنها و اجابها بابتسامة دافئة قائلا… قريب.. هتخف قريب يا حبيبتي .. 

مال عليها و حملها على يده غمر و جنتها الممتلئة بقبلة عميقة مدمدما.. 

اممم.. وبعدين يا آنسة سلسبيل عايزك تركزي في مذاكرتك و تبقي أشطر سلسبيل في الدنيا عشان ماما تبقي فرحانة بيكي ..

و أنت كمان يا جابر هتفرح بيا و تجبلي عروسة و لعب و حاجات حلوة .. قالتها بفرحة طفولية و هي تصفق بحماس بكلتا يدها..

ضمھا لصدره مقبلا جبهتها بحب مغمغما.. 

طبعا فرحان بيكي يا عيون جابر.. و هجبلك كل اللي نفسك فيه و عمري ما هتأخر عليك أبدا و لو حصل في مرة و اتأخرت عليك خليكي واثقة أني هرجعلك.. هرجعلك و مش هسيبك أبدا ..

ختم حديثه بقبلة أخرى على خدها الناعم و انزلها أمام باب مدرستها ركضت هي للداخل مسرعة و وقفت ثانية و استدارت تبحث عنه كان مازال واقفا يتابعها بلهفة و ابتسامته تزين محياه الحزينة..

لوحت له بكفها و ابتسامتها البريئة التي رآها للمرة الأخيرة و ظل مكانه حتى تأكد من وصولها لفصلها و انصرف على أمل العودة لها في موعد خروجها..

كان قناوي يقف على مسافة كافية يتابعهما بأعين كأعين الصقر مشټعلة بالڠضب انتظر حتى تأكد من ذهاب جابر واندفع تجاه المدرسة بسيارة مملوءة بالرجال جميعهم 

أخذ جولة ليست كبيرة داخل المدرسة و خرج منها ساحب خلفه ابنته التي تبكي و تصرخ مرددة پذعر.. 

أنا عايزة جابر ..

حملها من حقيبتها الصغيرة الموضوعة على ظهرها و دفعها لداخل السيارة قبل أن يجذب الحقيبة منها پعنف و ألقاها بمنتصف الطريق أمام أعين ابنته التي تنظر لحقيبتها بحسرة و تبكي بحړقة .. 

شنطتي فيها كتبي.. يا جابر تعالي وديني لماما ..

قبض والدها على بعدما صعد بجوارها و انطلقت السيارة بهما نحو الصعيد جذبها عليه حتى أصبح وجهه ذو الملامح المخفية مقابل وجهها الملائكي و تحدث بصوت كفحيح الأفاعي قائلا.. 

من انهارده مافيش لا مدرسة

و لا جابر و لا حتى أمك ..

اجهشت الصغيرة پبكاء مرير و بتوسل همست بصوت مرتجف من شدة فزعها.. 

ونبي يا عمو وديني عند جابر عشان ياخدني عند ماما ..

عمو ..صفعها بكف يده على وجهها بقسۏة مكملا.. 

بتقولي لابوكي عمو .. و جابر أيه اللي رايداه ياخدك لأمك.. أمك خدها ربنا.. عقبال ما ياخدك انتي كمان و يبقي جبر واحد لم العفش كله ..

ذادت صرخات الصغيرة تنادي علي والدتها و جابر دون توقف.. 

اكتمي يا بت.. اكتمي لخلص عليك بيدي .. 

قالها و هو يهبط بكفه على وجنتيها بصڤعات متتالية و مكملا بوعيد.. 

لو سمعتك بتنطقي اسم چابر ده مرة تانية هوريكي .. فاهماني زين ولا لا ..

ف فاهمة.. مش هنطق اسمه تاني أبدا ..

بينما جابر قد أتاه إتصال من المدرسة أخبروه بما حدث لملاكه الصغير أخذ الطريق بأكمله راكضا و لكنه قد وصل بعد فوات الأوان فور وصوله لمح حقيبتها التي ابتاعها لها خصيصا ملقاه على الطريق أمام مدرستها..

و كأن روحه غادرت جسده سقط على ركبتيه أرضا بجوار حقيبتها و مد يده المرتعشة امسكها و انتصب واقفا و بدأ يبحث عنها و يركض هنا و هناك و هو ېصرخ بأسمها بقلب ملتاع كتب عليه الفراق..

.. نهاية الفلاش باااااااك..

فاقت من شرودها على صوت جابر الذي ينادي عليها بصوت متلهف يملؤه الۏجع مسحت عبراتها التي أغرقت وجهها و دارت بعينيها بأرجاء الغرفة تبحث عن شيئا ترتديه فوق روبها الحرير.. 

أوعى تقولي إنك هتخرجي تقابليه يا بنتي .. 

قالتها عفاف و هي تلحق بها نحو غرفة الثياب..

أيوه هخرجله.. ده يبقى ابن خالتي .. 

أردفت بها سلسبيل و هي تبحث بتوتر بين أغراضها الكثيرة جدا..

لا يا بنتي..اسمحيلي اعتبرك زي بنتي و خليني انصحك لوجه الله.. اللي هتعمليه ده غلط و ميصحش .. 

نطقت بها عفاف بتعقل و صمتت لثوان و تابعت بهدوء.. 

ميصحش تقابلي راجل في بيتك و جوزك مش موجود حتى لو الراجل ده ابن خالتك ..

تنهدت سلسبيل بصوت اختنق بالبكاء قائلة.. 

أمال اسيبو يضرب في رجاله عبد الجبار و هما يضربوا فيه لحد ما واحد منهم يتعور ..

يا بنتي أفهمي جوزك أكيد عنده علم بوجود ابن خالتك ده و هو اللي أمرهم يمنعوه يدخل البيت و بصراحة حقه من لهفة الشاب ده عليكي ..

أطبقت سلسبيل جفنيها تكبح عبراتها من الهبوط ثانية و بقلة حيلة قالت.. 

طيب قوليلي أعمل أيه أنا دلوقتي و فين عبد الجبار ..

أثناء حديثها صدح صوت رنين هاتف عفاف ..

ده عبد الجبار بيه ..

قالتها وهي تضغط زر الفتح ليأتيها صوته في الحال قائلا بصوت يظهر عليه الخۏف و القلق..

عفاف.. خدي سلسبيل و أخرجي بيها من

الباب السري دلوجيت.. في عربية مستنياكم قدام البوابة اركبوا فيها..سمعتي زين اللي قولته ..

سمعته و هنفذه دلوقتي حالا يا عبد الجبار بيه ..

عبد الجبار بلهفة.. 

اعطي التليفون لسلسبيل ..

مدت يدها لها بالهاتف فأخذته منها بأصابع مرتجفه و همست بصوتها الباكي قائلة..

عبد الجبار.. أنت فين.. سبتني لوحدي ليه ..

هششش.. أهدي يا بت جلبي.. أني چارك 

مهسبكيش واصل.. بس اسمعي كلام عفاف و اعملي اللي هتقولك عليه و إني أقل من ساعة هكون وياك ..

أنهي جملته و ألقي الهاتف من يده بعدما سمع صوت عفاف التي اعطتها سلسبيل الهاتف تقول بعملية..

أنا هخرجها من البيت و هفضل معاها اطمن سيادتك ..

دكتور بسرررررعة ..

صاح بها عبد الجبار الذي وصل للتو إلى إستقبال المستشفى بسيارته و هو يحمل خضرا الفاقدة للوعي على يده و دلف بها لداخل غرفة الكشف 

انتهي الفصل..

هستني رأيكم..

واستغفرو لعلها ساعة استجابة..

الفصل ال ٢٧..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

جابر.. 

ترك عنق حسان على مضض بعد عراك دام لوقت ليس بقليل استطاع خلاله التغلب على رجال عبد الجبار بسبب مهاراته العالية في ألعاب القوة كان كالثور الهائج لم يقدر عليه أي أحد منهم يود الوصول لها سلسبيل مهما كلفه الأمر هي هدفه و مقصده و أمنيه حياته أن تتقابل أعينهما ثانية و يلقى حتفه حتي بعدها لا يمانع أبدا وقتها..

يا ولد العم أدخل فتش عنها چوه الدار بنفسك.. 

قالها حسان و هو يلهث پعنف كمحاولة منه لألتقاط أنفاسه التي كادت أن تنقطع على يد ذلك الغاضب الذي رمقه بنظرة متعجبه حين رآه يبتعد من أمامه ليفتح له طريق نحو

باب المنزل الداخلي..

حينها تيقن جابر أن سلسبيل تركت المنزل بأكمله و غادرت الآن من باب أخر أبتسم له إبتسامة زائفة و هو يحرك رأسه له ايجابا و يتحرك بخطي مسرعة تجاه سيارته مرددا بوعيد.. 

هرجعلك يا حسان.. و بلغ اللي مشغلك إني مش هسيبه و هوصله..

أنهى جملته و اڼفجر هدير محرك سيارته ليتطاير الغبار من حولها عاكسا غضبه عليها قاد بأقصى سرعة ممكنة حتى أصبح بالجهة الأخرى للمنزل دار بعينيه بالطريق يبحث عنها و هو لم يرها منذ أن كانت طفلة بالسابعة من عمرها كيف أصبح شكلها حاليا و قد أوشكت على إتمام العشرون العام!!!..

أنتي فين يا سلسبيل.. كفايا فراق لحد كده يا حبيبتي.. 

همس بها محدثا نفسه بقلب ملتاع أهلكه البعاد لا يهم بالنسبة له الآن كيف سيتعرف عليها يثق أن قلبه سيقوده إليها بالتأكيد..

كانت سلسبيل تسير برفقة عفاف نحو السيارة التي تنتظرهما على جانب الطريق فور خروجهما من المنزل هرول السائق بفتح الباب لها كادت أن ترفع إحدي قدميها لتدلف داخل السيارة و إذا فجأة يوقفها صوت متلهف صړخ بأسمها بصوته الحارق و الرياح تصفر من حوله.. 

سلسبيل…..

تسمرت سلسبيل مكانها و أطبقت عينيها بينما اشتعلت عيناه خلفها حتى أصبحت جمرتان من اللهب هل ما يعيشه حقيقي هي أمامه بالفعل أم أنه يتوهم وجودها!!..

فتحت عينيها ببطىء دون أن تستدير بينما نظراته الڼارية تلفح ظهرها فهمست بصوت لا يسمع .. 

جابر…… 

لا تعلم كيف سمع همستها حينها انبعث صوته الخاڤت المزلزل من خلفها صوت قد أصبح أجش عن ذي قبل إلا أنه مازال يرفض النسيان لا يقبله بتاتا.. 

أيوه جابر يا سلسبيل.. 

أردف بها و هو يقترب منها حتى أصبح خلفها مباشرة..

ابتلعت غصة مؤلمة بحلقها و هي تستدير ببطء بدا له و كأنه أعوام بل دهورا فوق سنوات بعدها عنه قبل أن تستقر أمامه مخفضه الوجه تسارعت نبضات قلبه و حبس أنفاسه و هو يتطلع لها بعينيه المتلهفه و صدره ينتفض پعنف..

رفعت وجهها المحمر أخيرا

ثم عينيها فالتقتا بعينيه حينها تزلزل كيانه كله دفعة واحدة هي صغيرته سلسبيل بعينيها الواسعتان الأسرتين و ملامحها الفاتنة البريئة التي زادت جمال فوق جمالها بعدما أصبحت أنثى مكتملة الأنوثة..

أما هو فلم يعد ذلك المراهق ذات السابعة عشر عاما كما تركته لقد إزداد طولا كثيرا حتى أصبح ضعف قامتها القصيرة بمرتين أو ربما ثلاثة مفتول العضلات بهيئة مخيفه بعض الشيء خاصة بظهور عروقه البارزة من شدة انفعالاته المتضاربه و غضبه العارم..

طال بهما الصمت و كأنه يتذوق تلك النظرة بعد سنوات طويلة الجمرتين المشتعلتين بعينيه اشتعلتا الآن كحمم بركانية ما أن التقتا عينيهانظراته لها تغيرت كليا أصبحت نظرة عاشق تملك منه الإشتياق حد الجنون يتلهف لعناقها كما كانت تفعل معه كلما لمحت طيفه من بعيد تركض تجاهه مسرعة و ترتمي داخل صدره و تعانقه بفرحة غامرة ليبادلها هو العناق بكل ما أوتي من قوةولكن دوام الحال من المحال..

فنظرتها له الآن قطعت نياط قلبه على حين غرة عينيها بها حزن دفين ترمقه بنظرات عاتبة تخبره بها أنه قتل شيئا غاليا بداخلها حين تركها لوالدها يعذبها كل هذه السنوات!!..

قتل شغفها تجاهه لهفتها في التحدث إليه أمنيتها في اللقاء به رجائها في وصله قتل كل إحساس صادق كان له وحده لا تنكر أنه مازال يسكنها ولكن حضوره أصبح بقلبها باهتا ولم تعد تنتظره..

يله يا سلسبيل يا بنتي اركبي وقفتنا دي كده غلط 

عبد

الجبار بيه عمال يرن عليا عشان يتأكد أننا ركبنا ..

كان هذا صوت عفاف قطعت الصمت و أفاقته على واقع مرير قد تنساه لثوان معدودة 

لقد حرم عليه معانقتها الآن لم تعد صغيرته و لا يملك أي سلطة عليها فهي على ذمة رجل غيره..

تكلفت سلسبيل الإبتسامة و تحدثت بجمود أدهش جابر قائلة.. 

أعذرني أنا مش هقدر أقف مع حضرتك أكتر من كده و لا حتى هقدر أقولك اتفضل لأن جوزي مش موجود..

تفهم حديثها جيدا و قد ظن أنها تخشي من بطش زوجها فتحدث هو بتنهيدة حزينة قائلا.. 

سلسبيل أنا رجعت عشانك و دورت عليكي في الصعيد لحد ما وصلت لوالدك و عرفت منه أنه جوزك بالڠصب مرتين و مش عايزك تخافي من أي حد و لا اي حاجة بعد كده.. أنا معاكي و في ضهرك و مش أنا بس لا.. ده جدك والد مامتك و خالتك كمان كلنا قلقانين عليك و هيتجننوا و يشفوكي..

جدي و خالتي!!! .. همست بها بداخلها بغصة يملؤها الأسى و الكثير من الأسئلة تدور بذهنها تمنت لو تحصل على إجابتها منه لكنها فضلت الصمت في الوقت الحالي منعا للمشاكل التي ممكن يفعلها زوجها فور علمه بحديثها معه دون علمه و أرادته فأمسكت يد عفاف جذبتها تجاه المنزل مرة أخرى و

هي تقول ببعض الحدة تخفي خلفها ضعفها و رغبتها في البكاء.. 

اللي عايز يشوفني هاته معاك المرة الجاية أنت عرفت البيت بس يكون عبد الجبار هناو قولهم ميقلقوش عليا خالص أنا عايشة مع جوزي برضايا مش ڠصب عني زي ما أبويا فهمك.. عن إذنك..

تركته و عادت لداخل المنزل غالقة الباب خلفها تركته يحملق في أثرها مذهولا من معاملتها الجافة معه ماذا كان ينتظر من امرأة متزوجة مثلها!!! صڤعته الحقيقة و فاجئه واقعه المرير رغم علمه أن معاها كل الحق فما مرت به بعد فراقها عنه ليس أبدا بهين..

بقي مكانه بعض الوقت إلى أن صدح صوت هاتفه برقم أصدقاءه الذين تمكنوا من خطڤ الطبيب المعالج لمعذبته ضغط زر الفتح على الفور مغمغما.. 

أيه الأخبار!!..

أنت فين يا جابر إحنا وصلنا الچيم من بدري و الواد الدكتور ده مش عايز ينطق بحرف واحد مع إننا عملنا معاه الصح ..

عاد جابر لسيارته و أدار المحرك ثانيةو عينيه مازالت على الباب الذي دلفت منه سلسبيل و بنبرة هادئة لا تخفي غضبه المشحون تحدث.. 

سيبوه.. أنا جي له ..

انطلق بسيارته تاركا قلبه بحوزاتها كعادته و قد علم أن طريقه إليها أصبح أكثر تعقيدا بوجود هذا المدعو ب عبد الجبار و مع كل ما مر به إلا أن هناك إبتسامة انبلجت على محياه الجذابة لأنه أخيرا رآها و تأملها ولو حتى دقائق معدودة هدأت ضجيج قلبه قليلا..

……………………… صل على محمد………

عبدالجبار..

أطلق أنفاسه المحپوسه في رئتيه عندما أخبره الطبيب أنهم أستطاعوا إنقاذ زوجته خضرا بعدما تبرع لها بدماءه لإنقاذ حياتها التي كادت أن تخسرها بسبب ڠضبها و غيرتها المتهورة التي افقدتها كل ذرة تعقل بها و دفعتها لانهاء حياتها..

مش عايزك تقلق يا عبد الجبار بيه و أطمن سيادتك المدام كويسة.. 

قالها الطبيب و هو يعطي ل خضرا علاجها عبر الإبرة الطبية المعلقة بيدها..

و لما هي زينة مفقتش لحد دلوجيت ليه!!!.. 

أردف بها عبدالجبار الجالس على مقعد بجوار سريرها و ممسك يدها الأخرى بين كفيه يتحسس نبضاتها بقلق بائن بوضوح على ملامحه المجهدة..

أجابه الطبيب بعملية قائلا.. 

العلاج فيه مهدئات و مسكنات هتنيمها لحد الصبح ..

طبع عبد الجبار قبلة عميقة على رأس زوجته الغارقة في النوم قبل أن ينتصب واقفا و يغادر الغرفة برفقة الطبيب غالقا الباب خلفه و تحدث بأمر قائلا و هو يهرول مسرعا بخطوات شبه راكضة نحو الخارج.. 

عاوز اتنين حريم يفضلوا معاها لحد ما أعاود و لو في أي حاچة چدت اتصل بيا هچيك طوالي..

كان يتحدث و الهاتف على أذنه يعاود الإتصال بعفاف للمرة الذي لا يعلم عددها قفز داخل سيارته أشعل المحرك و هم بقيادتها إلا أنه اطفئ المحرك ثانية حين وصل لسمعه صوت زوجته سلسبيل تتحدث بستحياء و بصوت اختنق بالبكاء قائلة.. 

عبد

الجبار.. أنا رجعت البيت تاني مركبتش العربية و أطمن ابن خالتي مشي خلاص..

أنتي زينة!..

تأوهت بخفوت و هي ترد بهمس مټألم.. 

لا.. مش كويسة.. محتاجلك..تعالي أنا مستنياك يا عبد الجبار.. تعالي عشان خاطري ..

اصطك على أسنانه پعنف كاد أن يهشمها و أطلق زفرة نزقه من صدره و هو يقول بلهفة.. 

أنتي خابرة زين إن خاطرك غالي عندى يا بت جلبي بس عندي شغل مهم لازم يخلص عشان أكده بعتلك السواق بالعربية لاچل ما يچيبك عندي رايدك تبجي چاري يا سلسبيل ..

دمدمت سلسبيل بخجل قائلة.. 

اممم.. يعني الشغل ده مش ممكن يتأجل يوم واحد كمان.. أنا ملحقتش أشبع منك و لا من هوا إسكندرية و لا قعدت قدام البحر معاك و لا حتى اتفرجت على البيت اللي قولت عليه أنه بيتي!!!..

صمتت لبرهة و تابعت بحسرة.. 

وبعدين مش أنا طلع عندي خالة و جدي كمان لسه عايش و شكل ابن خالتي راح يجبهم من المنصورة و يجي علشان يشوفوني زي ما قالي..

أنتي اتحدتي وياه!!! .. صاح بها بحدة لتجيبه هي بضحكة خاڤتة حين استشعرت غيرته عليها و كم راقتها كثيرا.. 

تعالي و أنا احكيلك اللي حصل و بصراحة أنا عايزة اقابلهم يا عبد الجبار بالذات جدي عندي أسأله كتير مافيش حد يقدر يجاوب عليها غيره هو بس عايزاك تكون جنبي و معايا.. مش عايزه اقابلهم لوحدي.. 

قالت الأخيرة بصوت تحشرج بالبكاء بكاءها كان بمثابة قبضة اعتصرت قلبه و اشتعلت نيران غيرته حين تخيل عودة ابن خالتها هذا برفقة عائلتها لا لن يتركها بمفردها معاهم.. 

چايلك.. چايلك يا سلسبيل..

…………………… سبحان الله وبحمده……..

جابر.. 

صب جم غضبه و غيظه و يائسه على الطبيب المعالج ل سلسبيل الذي يتطلع له بأعين زائغة تدل على شدة فزعه و أرتعاد قلبه من هيئته المتوحشة تأكد أنه سيلقي مصرعه الآن على يد ذلك الغاضب لا محالة..

تقطعت أنفاسه و شهق بقوة حين سكب على رأسه زجاجة كاملة من البنزين و هو يصيح بوعيد..

هولع فيك لو منطقتش!!!..

هنطق..هقول..هتكلم..بس أبوس رجلك أطفي الولاعة دي..

صړخ بها بړعب دب في جميع أوصاله و صمت لبرهة و تابع قائلا بصوت مرتجف..

أول ما مدام سلسبيل دخلت المستشفى كانت حالتها خطېرة جدا نفسيا و عضويا و واضح أنها اتعرضت لعڼف و ضړب مپرح و حروق في كل جسمها تقريبا..

كان يستمع له بقلب يعتصر ألما يبكي دما على حال صغيريته و ما حدث لها..

ابتلع الأخر لعابه بصعوبة بالغة مكملا..

جتلي مدام خضرا مرات عبد الجبار بيه و قالتلي أنا عايزاك تعرفلي البنت دي هتقدر تحمل و تخلف ولا لاء.. أنا استغربت من سؤالها ده و قولتلها هرد عليكي لما أعملها كل الفحوصات اللازمة.. و بعد ما مشيت بلغت عبد الجبار بيه بكلامها ده بنفسي

بدل ما يعرف من برة و يعملي مشكلة خصوصا أنه عنده عيون كتير في كل حته.. أول ما قولتله كده لقيته بيقولي بلغها

أنها و لا تقدر على العلاقة الزوجية كمان..

عقد حاجبيه بتعجب و تحدث بتساؤل قائلا..

بمعني! ..

صمت الأخر للحظة و من ثم قال بأسف..

طلب مني أبلغ مراته إن سلسبيل هانم متقدرتش على الحمل و الولاده و لا حتى العلاقة الزوجية!!!.. 

انتهي الفصل.. 

هستني رأيكم يا حبايبي.. 

واستغفرو لعلها ساعة استجابة..

الفصل ال ٢٨..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

عبد الجبار..

قضى النهار بأكمله داخل المستشفى برفقة خضرا لم يذهب إلا بعدما اطمئن أن حالتها الصحية أصبحت مستقرة و أخبره الطبيب أنها تحت تأثير العلاج و المسكنات و لن تفيق قبل الصباح

تركها و ذهب على أمل العودة لها ثانية بأسرع وقت ممكن قاد سيارته بتجاه منزله ليطمئن على ابنتيه و والدته قبل أن يسافر الأسكندرية لزوجته كان التعب و الإجهاد ظاهر على محياه بوضوح خاصة أنه لم يرى النوم منذ ليلة أمس..

صف سيارته داخل حديقة منزله و هبط منها مهرولا حين وصل لأذنه صوت بكاء الصغيرتان.. 

فاطمة.. حياة.. 

نطق بأسمهما بلهفة فور دلوفه من باب المنزل..

أبوي.. 

صړخا بها و هما يركضان نحوه ليستقبلهما هو داخل حضنه بعناق قوي غمرهما بالحماية و الأمان.. 

أمه فين.. مچتش وياك ليه.. أمه چرالها ايه يا أبوي..

بكفياكم بكى عاد.. أمكم زينه يا بتي.. 

قالها و هو يزيل عبراتهم المنهمرة بأنامله و لثم وجنتيهما بقبلاته.. 

و اني هچيبها لكم أصبح..

اممم يعني لحقوها يا عبد الچبار!!!.. 

دمدمت بها بخيتة التي أقبلت عليه هي الأخرى و وقفت بجواره تطلع له بنظرة متفحصة و قلب يتمنى أن تكون خضرا فارقت الحياة و حلت عن سماء وحيدها..

تنهد عبدالجبار براحة و هو يجيب على سؤالها.. 

الحمد لله يا أمه..

طيب مچاتش وياك ليه.. هاتها دلوجيت يا أبوي و إني و حياة هنبجي حواليها و هناخد بالنا منها.. غمغمت بها فاطمة بتقطع من بين شهقاتها كان الخۏف ظاهر على ملامح الصغيرتانفما فعلته والدتهما خطأ فادح بحق ربها و نفسها و بحق أبنتيها..

تنقل عبدالجبار بعينيه بين ابنتيه يتأمل هما بنظراته التي تبث الطمأنينة بقلوبهما الصغيرة المرتعدة و تحدث بهدوء قائلا.. 

حاضر.. من عنيا هچبلكم أمكم بس اطمن عليكم لول و اعشيكم و هروح لها لو لقتها خلصت علاچها هچيبها و اچيلكم طوالي..

سارت بخيتة مستندة على عكازها تجاه غرفة المكتب و مدت يدها فتحت الباب مردفة قبل أن تخطو للداخل.. 

الوكل چاهز على السفرة أني عملته لكم بيدي يا ولدي.. كل و وكل البنته و تعالى رايده اتحدتت وياك هبابه..

حرك رأسه لها بالايجاب و سار برفقة ابنتيه تجاه مائدة الطعام اجلسهما و جلس بجوارها و بدأ يطعمهما بيده لم يتركهما حتى أنهو طعامهما و صعد معاهما لغرفتهما و ظل برفقتهما حتى غلبهما النعاس داخل حضنه.. دثرهما جيدا بالغطاء و قبلهما بحب شديد قبل أن ينتصب واقفا و يغادر الغرفة غالقا الباب خلفه بحرص..

توجهه لغرفته و اختفى داخل الحمام لدقائق و خرج مهرولا نحو ثيابه أرتدي جلبابه الصعيدي الذي يزيده هيبه و وقار و يظهر طول قامته المهيب و ضخامة بنيته الرياضية بهيئة ټخطف الأنفاس أخذ متعلقاته الشخصية بعدما أنتهي من تمشيط خصلات شعره الكثيفه و نثر عطره الخاص بغزارة و غادر الغرفة بخطي واسعة..

عبد الچبار!!! قولتلك رايده اتحدتت وياك .. نطقت بها بخيتة أوقفته قبل أن يعبر باب المنزل الداخلي..

هچيب سلسبيل ولما أعاود نتحدتت يا أمه.. 

قالها و هو يتابع سيره للخارج لتسرع بخيتة خلفه صائحة پغضب.. 

خليك مع عروستك و بكفياك

أكده يا ولدي.. أنت غلطت لما هملتها و چيت بعد ما دخلت عليها .. الأصول تبجي وياها أقل واچب أسبوع.. مافيش واحد يهمل مراته ليلة دخلتهم و يروح لمراته التانية.. أنت قويت شوكة خضرا بعملتك دي.. عطتها حق فوق حقها خلتها اتفرعنت و عملت عملتها المهببة دي لاچل

ما تلوي دراعك و تربطك چارها من غير ولد و لا سند ليك و للبنتة الصغار..

بناتي يا أمه ميهمنيش في الكون كله دلوجيت إلا هما.. بكفايا الخۏف و الړعب اللي عاشوا فيه انهاردة..و لخاطرهم هچيب سلسبيل و أعاود لاچل ما أكون چارهم .. 

صمت لبرهة و تابع و هو يفتح باب سيارته و جلس خلف المقود.. 

و چار أمهم.. ده حقها عليا في تعبها يا أم عبد الچبار..

قالت بخيتة پغضب عارم.. أنت عطيها فوق حقها الطاق عشرة لحد ما طمعت و الطمع عمي عنيها و رايده تاكل حقك و حق سلسبيل مراتك كمان.. إحذر منها يا ولدي..

أنهت حديثها و تركته و عادت للداخل بينما هو هم بقيادة السيارة لكن صوت هاتفه الذي صدح مرات متتالية معلنا عن وصول أكثر من رسالة بوقت واحد جعله يسرع بفتحه و قد زحف القلق لقلبه حين رأي اسم الطبيب المعالج لزوجتهسلسبيل ..

ظهر الڠضب على قسمات و جهه حين استمع محتوي الرسالة الصوتية المرسلة له برفقة مجموعة من الصور للطبيب يظهر بها الضړب المپرح الذي تعرض له على يد جابر..

عبد الجبار بيه في واحد اسمه جابر خطڤني و بهدلني ضړب هو و أصحابه لدرجة أنه كان هيولع فيا و مسبنيش إلا لما قولتله على الإتفاق اللي بيني و بين سيادتك.. أرجوك تعذرني و تسامحني مكنتش أقصد أخون ثقة سيادتك فيا بس هو مچنون و كان هيقتلني يا باشا..

صك عبد الجبار على أسنانه و تمنى لو كان جابر أمامه في هذه اللحظة أقسم بداخله أنه لن يتركه إلا بعدما يلقنه درسا لن ينساه طيلة عمره..

أيقن الآن أن خصيمه لا يستهان به خاصة بعد علمه باتفاقه اللعېن هذا بالتأكيد سيكون أول شيء سيخبر بهسلسبيل فور رؤيتها حتى يؤثر على علاقتها به..

أخذ نفس عميق و زفره على مهل و قاد سيارته بأقصى سرعة ممكنه عاكسا غضبه عليها محدثا نفسه بتعقل و هدوء عكس تعابير وجهه الغضوب..

هصارحك بالحقيقة بنفسي يا سلسبيل.. 

أرتجف قلبه بقوة بين ضلوعه و هو يتخيل رد فعلها بعد معرفتها بأنها ليست مريضة و كل ما حدث لها كان مجرد إتفاق أحمق حتى يجعل زوجته الأولى تطلب يدها له بنفسها و يتم زواجه منها غرضه و مقصده الذي سعي لتحقيقه دون التفكير في عواقبه..

…………… سبحان الله وبحمده……………..

سلسبيل..

جهزت أصناف متعددة من أشهى المؤكولات و الطواجن الصعيدية الشهيرة بكميات كبيرة و الكثير من الحلويات الشرقية بمختلف أنواعها حتى أنها خبزت الخبز بيدها بمهارة طاهية محترفة أمام أعين جميع العاملين بالمنزل الذين يتطلعون لها بذهول و انبهار في أن واحد لسرعتها الشديدة و خفة يدها و قد سأل لعابهم من رائحة الطعام الذكية..

ما شاء الله عليك يا بنتي.. مين علمك الطبيخ الحلو ده يا سلسبيل هانم!!!.. 

أردفت بها عفاف الواقفة بجوارها تتابع ما تفعله بأعين مندهشة..

أبتسمت لها سلسبيل و هي تقول بود.. 

سلسبيل بس يا دادة عفاف.. أنتي لسه كنت بتقوليلي إني زي بنتك..

بادلتها عفاف الإبتسامة و ربتت على ظهرها بحنو مرددة.. 

ربنا يحميكي لشبابك يا سلسبيل..

تنهدت سلسبيل و قد ظهرت بعينيها لمحة حزن و هي تقول.. 

مرات أبويا و حماتي هما اللي علموني الطبيخ.. أصلي كنت شايلة بيت أبويا من كافة شيء قبل ما اتجوز و لما اتجوزت شلت البيت عند حماتي..

رأت عفاف العبرات التي ترقرقت بعينيها و ملامحها المټألمة التي تعكس مدى الۏجع الموجود بأعماق قلبها حين داهمتها ذكري ما مرت به

من ذل و إهانة تذوقتهم على يد كلا من والدها و زوجته و من بعدهما زوجها السابق و والدته حاوطت كتفيها و ضمتها لها بحنان أم فقدته سلسبيل منذ نعومة أظافرها..

طيب يله يا بنتي سيبي اللي في أيدك و كفايا عليكي كده و البنات في المطبخ هيطلعوا الأكل اللي في الفرن لما يستوي و أطلعي أنتي على أوضتك أنا حضرتلك الحمام عشان تجهزي قبل ما جوزك يجي ..

نظرت لها سلسبيل بعدم فهم تسألها بعينيها كيف تتجهز لزوجها!! رغم أنها ظلت على ذمة رجل خمسة سنوات كاملة إلا أنه لم يتيح لها فرصة لتتجمل له ولا مرة واحدة طول فترة زواجها فوجهها كان دوما به صڤعات و شفتيها لم تشفي جرحتها إلا بعد مۏت زوجها و بعدها عن والدها..

تفهمت عفاف نظرتها جيدا فسارت معاها تجاه الدرج المؤدي لغرفتها وهي تقول بحنو.. 

لو تحبي أساعدك و أجهزك بنفسي أنا تحت أمرك..

ياريت يا دادة عفاف أنا مش عارفه المفروض ألبس أيه و لا أعمل شعري و اتزوق إزاي..

همست بها سلسبيل بستحياء لا تخلو من اللهفة تريد أن تظهر جمالها لزوجها الذي هو بالأساس يراها أجمل نساء العالم بنظره حتى في أسوأ حالتها كان يتطلع لها بافتنان يخبرها بنظراته المتيمة أنها أمراءته الفاتنة التي غزت مشاعره بعشقها و انتصرت في أمتلاك قلبه ..

 ضمتها لصدرها بعناق دافئ و يدها تربت على ظهرها برفق وهي تقول.. 

يا حبيبتي يا بنتي.. مين عديم الرحمة اللي قدر يعمل فيك كده..

اللي في جسمي ده من أقرب الناس ليا اللي المفروض يكونوا حمايتي و أماني هما اللي بهدلوني و عذبوني لحد ما كنت ھموت في أيديهم أكتر من مرة و ربنا نجاني و كتبلي عمر جديد..

رفعت يدها و زالت دموع عفاف و تابعت بابتسامة تخفي خلفها ألمها و ۏجعها.. 

متعيطش يا دادة عفاف كل اللي حصل لي ده بقي ماضي بحاول أنساه.. مش عايزه أفتكر أي حاجة غير أني دلوقتي بقيت مرات عبد الجبار المنياوي اللي بيحاول يعوضني عن كل اللي شوفته في حياتي قبله و قالي إن محدش يقدر ېلمس مني شعره واحدة بعد كده..

ربنا يهدي سرك و يفرح قلبك يا سلسبيل يا بنتي .. غمغمت بها عفاف و هي تجفف لها شعرها بعدما إنتهت من تجهيزها بداية منبت شعرها حتى أصابع قدميها كما لو كانت عروس بليلة زفافها..

ساعتها على أرتداء فستان رقيق من اللون الأزرق به نقوش هادئة من اللون الكافيه يظهر قوامها الممشوق حذاء رقيق ذو كعب عال من نفس لون الفستان مشطت لها شعرها و تركته منسدل على ظهرها بنعومة و وضعت لها ميك أب جريء إلى حد ما ظهر جمال عينيها الواسعتين

تطلعت سلسبيل لانعكاس صورتها بالمرآه بأعين منبهرة و فرحة غامرة تعيشها لأول مرة و هي تري نفسها قد أصبحت أنثى كاملة الأنوثة كما ينبغي أن تكون..

شهقت بسعادة بالغة حين استمعت صوت

بوق سيارة زوجها معلنه عن وصوله ركضت نحو النافذة تطل منها بلهفة رفرف قلبها بين ضلوعها حين رأته يهبط من السيارة بعدما قام حسان بفتح بابها له..

أنا هروح

أقول للبنات في المطبخ يجهزوا العشا.. عايزه مني حاجة تانية يا سلسبيل يا بنتي.. 

أردفت بها عفاف و هي تسير لخارج الغرفة لتلحق بها سلسبيل راكضة و تعانقها بقوة مغمغمة بامتنان.. مش عارفة أشكرك إزاي يا دادة.. أنا تعبتك معايا أوي انهاردة..

بدلتها عفاف العناق قبل أن تغادر الغرفة غالقة الباب خلفها وقفت سلسبيل بمنتصف الغرفة عينيها مثبته على بابها تنتظر طلته عليها بنفاذ صبر علقت أنفاسها بصدرها حين اخترقت حواسها رائحة عطره النفاذه..

تسارعت نبضات قلبها پجنون و أصبح صدرها يعلو ويهبط بصورة واضحة حين فتح الباب و رأته مقبلا عليها بلهفة و عينيه تشملها بنظرات متفحصه لا تخلو من الإعجاب حتى توقف أمامها مباشرة المسافة بينهما لا تذكر لكنهما لا يتلامسان..

كلا منهما يتأمل الأخر بصمت نظراتهما المشتاقة تحكي الكثير و الكثير من المشاعر المختلطة التي يصعب وصفها بمجرد كلمات ألقى ما يحمله بيده و دون النطق بحرف واحد مد يده حاوط خصرها و خطڤها داخل صدره بعناق محموم ود به أن يخفيها داخل أعمق نقطه بقلبه..

حاوطها بذراعيه و حملها بمنتهي الخفه حتى أصبحت قدميها مبتعدة عن الأرض بمسافة ليست بقليلة رغم أنها ترتدي حذاء ذو كعب عال..

سار بها تجاه أقرب مقعد جلس و أجلسها دون أن يبعدها عن صدره رفعت سلسبيل رأسها و نظرت له بلهفة حين شعرت بتشنج جسده من حولها.. 

مالك يا عبد الجبار.. في حاجة حصلت!!!.. 

همست بها پخوف ظاهر بنبرة صوتها 

مسد بكف يده على طول ظهرها يهدأها بحركاته هذه و رفع يده الأخرى يزيح شعرها عن وجهها حتى يتمكن من تأمل ملامحها جيدا و تحدث بتوتر فشل في اخفاءه قائلا.. 

سلسبيل رايد اتحدتت وياك في حاچة مهمة.. 

ابتلع لعابه بصعوبة جعل الډماء تنسحب من وجهها و شحب لونها حين رأت مدى قلقه الذي تحول لشبه ذعر و هو يقول بنبرة راجية.. 

بس رايدك توعديني لول إنك تفهميني زين..

أوعدك.. أوعدك يا عبد الجبار.. قولي في ايه قبل ما قلبي يقف من الخۏف.. 

همست بها بأنفاس متلاحقة و هي تتشبث بجلبابه بأصابع يدها و كأنها تستمد منها القوة على الثبات..

وضع كفه على موضع قلبها يستشعر خفقاته المتسارعة أسفل راحة يده مغمغما بهدوء عكس ضجيج قلبه.. 

معوزكيش تخافي من حاچة واصل.. و لو على جلبك فهو عال العال و مش محتاچ حتى للمقويات اللي كاتبها لك الدكتور..

عقدت حاجبيها و تطلعت له بنظرات متعجبة لم تفهم مخزي حديثه و قد ظنت أنه يقول حديثه هذا ليخفف عنها عبئ مرضها أو ربما تفهمت لكنها تستبعد هذا الظن و بداخلها تتمنى أن يكون قلبها بخير حال لعلها تتمكن من الإنجاب.. حلمها و ما تسعي لأجله تريد أن تنجب منه طفل و ټموت بعدها لا تمانع أبدا .. 

مقويات!!!..

حرك رأسه لها بالايحاب و بقوة زائفه قال.. 

أنا كان عندي إستعداد أعمل أي حاچة في الدنيا لاچل ما تبجي مراتي يا سلسبيل ..

حتي لو هتقول إني مريضة و مش هقدر أكون لك زوجة عشان تخلي أبلة خضرا تجوزني ليك بنفسها مش كده يا عبد الجبار !!!.. 

أردفت بها و هي تبكي و تضحك بأن واحد بهتت ملامحه و تطلع لها بأعين جاحظة مرددا بتقطع.. 

عرفتي كيف..

مين اللي قالك!!! ..

قلبي.. هكذا جاوبته بمنتهي البساطة و من ثم اجهشت في البكاء مكملة بنحيب.. 

قلبي كان حاسس بسبب لهفتك عليا و استغلالك لكل فرصة

نبقي فيها لوحدنا عشان تقرب مني فيها.. 

تخضبت وجنتيها بحمرة قانية و تابعت بخجل.. 

لحد ما حصل و بقيت مراتك بجد مش على ورق بس وقتها اتأكدت إني كويسة و مش تعبانه زي ما فهمتوني بالذات لما أنت كلمت الدكتور بالاجنبي عشان مفهمش كلامكم..

صمتت لبرهة و نظرت لعينيه التي تستجديها أن تغفر له فعلته هذه رفعت يدها و وضعت أصابعها الباردة على ذقنه الكثيفه و تابعت بثقة.. 

لو كنت تعبانه فعلا كنت هتخاف عليا 

مال بوجهه ولثم باطن يدها بعمق مغمغما.. 

حقك على جلبي و عيني..أني خابر زين إن اللي عملته ده عاملة عفشة و أنانية مني و يمكن طمع كمان لأني مكنتش رايد أخسر خضرا أم بناتي و لا اتسبب في وچعك و وچعها ..

استند بجبهته على جبهتها و تابع بلهجة أكثر خشونة و كأنه يثبت لها مشاعره و ملكيته إياها وحده.. 

عشقان أني عشقتك و العاشق معلهوش لوم يا بت جلبي أوعاك تزعلي مني يا زينة البنتة لو رچع بيا الزمن تاني هعمل المستحيل لاچل ما تبجي مراتي و تحت حمايتي يا سلسبيل..

ختم حديثه 

تشنجت بين يديه و إرتفع صوت نشيجها أكثر جعلت قلبه يسقط أرضا من شدة فزعه و خوفه عليها و تحدثت بتقطع من بين شهقاتها الحادة قائلة.. 

مش زعلانة منك يا عبد الجبار.. أنا مكنتش عايزه حاجة من الدنيا غير أني أكون في حمايتك أنت وبس..

أثلجت قلبه بجملتها هذه تنهد بارتياح و ضمھا لصدره بكل ما قوته.. قربها يطمئن صخب قلبه النابض بعشقها..

العشا جاهز يا عبد الجبار بيه.. 

كان هذا صوت عفاف صدح عبر باب الغرفة المغلق ابتعدت سلسبيل عن زوجها الذي أبي أن يتركها إلا بعدما مسح عبراتها بأنامله و قبل عينيها بعمق.. 

أنا عملتلك الأكل انهارده بأيدي.. 

همست بها قبل أن تنتصب واقفة و تسير تجاه الباب فتحته و تحدثت ببشاشة و هي تجذب العربة الموضوع عليها الطعام للداخل أمام نظرات زوجها المفتون بعشقها.. 

تسلميلي يا دادة عفاف.. و من فضلك خلي كل اللي في البيت يسيبوا اللي في أيديهم و يقعدوا يتعشوا.. أنا عاملة الأكل بزيادة عشان خاطركم..

…………………….. صل على محمد….

بمنزل متوسط الحال تجلس سعاد برفقة صفا ابنة زوجها صاحبة العشرون عام شابة جمالها رقيق و لكن ملامحها يبدو عليها الحزن الشديد شاردة بعيدا بذهنها فيما حدث لها تعرضت لصفعه خذلان دامية على يد خطيبها السابق الذي تركها قبل زفافها بأسبوع واحد بسبب اعتراضه على إحدي أهم البنود في قائمة منقولاتها لا يريد كتابة مؤخر صداق لها مما دفع والدها لتمسك بحق وحيدته ليقرر الأخر فض الزيجة بأكملها..

موقف لا تحسد عليه إطلاقا أصابها نوبة اكتئاب يحاول والدها و زوجته التي تعتبرها بمثابة ابنه لها إخراجها من تلك الحالة بشتى الطرق.. 

يابنتي عشان خاطر ربنا كلى لقمة صغيره و أشربي حبة عصير لتقعي من طولك..

صدح رنين هاتفها فشهقت بخفوت و هي تقول.. 

يابنتي ابوكي هيتجنن عليكي و كل شوية يتصل بيا و هو سايق و ماشي على طريق عشان يطمن عليكي ويشوفك كلتي و لا لاء..

ردي عليه و قوليله أني كلت يا ماما سعاد.. 

همست بها صفا ببوادر بكاء و تعب واضح على ملامحها الشاحبة..

بقي عايزاني أكدب على فايز يا صفا!!! على أساس أنك مش عارفه أبوكي اللي بيشم ريحة الكدب من على بعد!!!! ..

ربتت على كتفها و تابعت بحنو.. 

يا ضنايا والله اللي حصل ده خير ليكي.. و بكرة ربنا يعوضك براجل يشيلك جوه قلبه و عينه.. 

بدأت صفا تبكي و تأن بصمت كعادتها لتسرععفاف بضمھا بلهفة مرددة برجاء.. 

كفاية يا قلب أمك والله ما يستاهل دمعة واحدة من عينك..

قطعت حديثها حين شعرت بثقل رأسها على صدرها انقبض قلبها هي تعدل وضعها داخل حضنها لتتفاجئ ببرودة بشرتها و ازداد شحوب وجهها.. 

مالك يا صفا.. 

صړخت بها حين رأتها تنظر لها بأعين زائغة و قد تطورت حالتها للاعياء الشديد و أزرقت شفتيها بلحظة قبل أن تغلق عينيها و تستسلم لدوارها الذي داهمها پعنف..

صفاااااا!!!!… 

صړخة بها سعاد صړخة مدوية شقت بها سكون الليل..

كان جابر يصف سيارته على جانب الطريق و هبط منها واضعا هاتفه على أذنه مغمغما.. 

أنا وصلت يا جدي هجيب أمي و أجيلك عشان نسافر لسلسبيل على طول ..

يا ابني خلينا نروحلها بكرة يكون أبو صفا رجع من شغله أنت عارف انه سواق نقل تقيل و بيسافر لأماكن بعيده و مبيرجعش قبل أصبح و أمك مش هترضي تسيب بنته لوحدها و تيجي معانا..

فتح جابر فمه ليرد عليه إلا أن صوت صراخات والدته وصل لسمعه جعله يهرول مسرعا تجاه الصوت.. 

أفتحي يا أمه أنا جابر.. 

قالها و هو يطرق على الباب بقبضة يده كاد أن يحطمه..

جابر الحقني يا ابني.. صړخت بها سعاد و هي تركض نحو الباب و فتحته على عجل مكملة پبكاء و هي تسحبه معاها للداخل.. 

صفا وقعت مني قاطعه النفس و مش راضيه تفوق خالص..

اقترب جابر من تلك الممددة على الأريكه غائبة عن الوعي و حملها على ذراعيه واضعا يد أسفل ركبتيها و الأخرى خلف ظهرها و سار بها لخارج الشقة دون أن ينظر لوجهها حتى و هو يقول.. 

حصليني يا أم جابر خلينا نوديها المستشفى..

…………………………. لا إله إلا الله…………

عجبك أكلي.. 

قالتها سلسبيل بستحياء و هي تطعمه 

أنتي كلك على بعضك و كل حاچة و أي حاچة

منك بتعچبني يا سلسبيل..

عبست بملامحها و بعتاب قالت.. 

طيب ليه مش عايز تكمل أكلك!..

تنهد عبد الجبار و تحدث بأسف قائلا.. 

مش عايز اتقل في الوكل لاچل ما أفوق و انا سايق..

چهزي حالك هنعاود على مصر دلوجيت عندي شغل مهينفعش يستني للصبح و اطمني أني هسيب حسان اهنه عشان لو أهل والدتك وصلوا في أي وقت يچبهم لحد عندك..

حركت رأسها له بالايجاب و هبت واقفه بصمت و سارت نحو غرفة الملابس لتبدل فستانها بعباءه سوداء و اخفت شعرها داخل حجابها الرقيق و وقفت أمام المرآه تزيل زينة وجهها..

كان عبد الجبار يتحاشي النظر تجاهها يجاهد لتلجيم رغبته بها بكافة السبل فعقله منشغل بأبنتيه و زوجته المتواجده بالمستشفى بمفردها 

أنا جاهزة.. 

نطقت بها و هي تقترب منه ببطء و عينيها تغتلس النظر إليه لا تريد مقابلة عينيه حتى لا يري لهفتها عليه..

سار هو نحو باب الغرفة تابعته هي بخطي هادئة و ما أن رفع يده و أمسك مقبض الباب و هم بفتحه وجد يدها وضعت على يده تمنعه شعرت بشيء آثار الريبة بقلبها خوف مبهم سيطر عليها لا تعلم سببه جعل جسدها يرتجف بقوة رفعت وجهها و من ثم عينيها

حتى تقابلت أعينهما بنظرة تملؤها الحب و الشوق دفعتها للإنهيار داخليا و

أطلقت أنفاسها المحپوسة برئتيها..

و تحدثت بهمس بصوت بالكاد يسمع من فرط خجلها.. 

ينفع تاخدني في حضنك شوية قبل ما نمشي!!..

حطمت كل حصونه بجملتها هذه التي تخبره بها أنها تريده و تتلهف لقربه مثله تماما شهقت بخفوت حين وجدته يميل بوجهه على وجهها تطلع لعينيها بعينيه التي ظهرت بهما نيران قائلا بأنفاس متهدجة.. 

تعالي!!! ..

قالها قبل أن يخطفها من خصرها داخل صدره 

يملؤها الحب و السکينة لأول مرة بحياتها ليلة غرام ملحمية لن تنمحي أبدا من ذاكرتها..

انتهي الفصل.. 

هستني رأيكم يا حبايبي.. 

واستغفرو لعلها ساعة استجابة..

الفصل ال ٢٩..

بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

نسي عبد الجبار معاها كل شيء بصورة مؤقتة لينعما معا بلحظات من العشق.. عشق فاق كل الحدود حتى وصل حد الجنون..

مرت عليهما ساعات الليل الطويلة كما لو كانت دقائق معدودة حتى غلبه النعاس و استسلم لنوم مجهد بينما سلسبيل استغلت الفرصة و طلبت من العاملين بالمنزل إحضار أدوات خاصة بالرسم فنصاعوا لها في التو و اللحظة لتتمكن هي من رسم لوحة فريدة لزوجها أثناء نومه

رسمت ملامحه بدقه و إتقان مبهر حتى جسدت هيئته كما لو كانت صورة ملتقطة بأحدث الكاميرات الحديثة و فور انتهاءها أحضرت هاتفها الذي أهداه إليها و ظلت تلتقط برفقته الكثير و الكثير من الصور بأوضاع مختلفة..

و العديد من الفيديوهات القصيرة لهما سويا سعادة بالغة تعيشها الآن برفقة الرجل الوحيد الذي كان بالنسبة لها مجرد أمنية لم يخيل لها بيوم أنها تتحقق و تصبح زوجة عبد الجبار المنياوي..

نعمها بفيض من الغرام أهاله عليها بكرم و شغف فلم يسعها سوي الاستسلام الكامل له حتى رضاها و عالج جروحات قلبها الغائرة تحيا مشاعر جديدة كليا عليها أعادت قلبها ينبض بالحياة جعلت روحها تنتعش اعطتها ثقه بنفسها كانثي و امرأه مرغوبة..

فالمراة تستطيع ان تفارق الرجل الغني وتستطيع ان تفارق الرجل الوسيم ولكنها لا تستطيع أبدا ان تفارق الرجل الذي طيب خاطرها الرجل الذي أشعرها بالامان وانه لا يستطيع ان يستغني عنها الرجل الذي كان سندا لها و مسح دموعها في لحظات ضعفها الرجل الذي حماها من تدخلات اهله وأهلها في حياته وحياتها فالقلوب لا تشترى بالمال ولا بالقوة ولا بالوسامة القلوب تشتري بالمعاملة الطيبة و هو قد نجح بجدارة في شراء و امتلاك قلبها حتى أصبح هواه يجري بداخلها مجري الډماء.. 

و برغم كل هذا إلا أنها تشعر پخوف يجعل قلبها ينقبض من آن إلى آخرشيئا ما تجهله أو ربما تتجاهله يسبب لها ريبة و قلق من القادم..

رفرف قلبها بشدة حين وصل لسمعها همسه الحار بأسمها.. 

حبيبي يا عبد الجبار.. 

جابر..

ظل برفقة والدته داخل المستشفى لم يتركهما حتى استعادة صفا وعيها بعد وقت ليس بقليل فقلة غذائها و حالتها النفسية السيئة عرضوها لضعف شديد أدى إلى فقدانه للوعي بالأخير فور تحسن حالتها سمح لهم الطبيب بالخروج

كانت تسير بصعوبة مستندة على زوجة والدها التي تعتبرها بمثابة أم لها لم تنتبه لوجود جابر على الإطلاق بينما هو اقترب منهما فور خرجهما من غرفة الكشف الخاصة بالنساء و تحدث بهدوء موجهه حديثه لوالدته.. 

سبيها.. أنا هشيلها أوديها العربية.. 

كان يتحدث دون النظر لتلك التي رفعت وجهها و من ثم عينيها و رأته لمرتها الأولى انقطعت أنفاسها لوهلة من هيئته و وسامته الجذابة و شهقت بخفوت حين

رأته مقبلا عليها بعدما أعطى لوالدته أغراضه المكونه من هواتفه و مفاتيح سيارته

و هم بوضع يده حول خصرها و الأخرى أسفل ركبتيها إلا أنها ابتعدت عنه سريعا و هي تقول بخجل .. 

أيه ده يا أستاذ أنت هتعمل أيه!!!!..

متخفيش يا صفا..خليه يشيلك ده مش غريب يا حبيبتي.. ده ابني جابر اللي حكيت لك عنه.. نطقت بها سعاد وهي تدفعها برفق نحو جابر الواقف أمامها بطوله الفارهه حتى اصتدمت بصدره تراجعت صفا للخلف مبتعده عنه على الفور مرددة بخجل .. 

أنا بقيت كويسه يا ماما سعاد الحمد لله وهقدر أمشي لوحدي..

ختمت حديثها و سارت بخطوات بطيئه و جسد يترنجح بوضوح ربتت سعاد على ظهرها متمتمة بحنو.. 

يا بنتي خليه يساعدك أنتي مش قادرة تمشي.. 

نظرت لها صفا برجاء و حركت رأسها بالنفي أكثر من مرة..

قدر جابر حياءها و سار بجوارهما حتى وصلوا للسياره فتح لهما الباب فساعدتها والدته على الصعود و صعدت بجوارهما أما هو جلس خلف المقود و قاد بهما مرة أخرى للمنزل كل هذا و هو لم يرى وجهه صفا إلى الآن عقله و قلبه منشغل بصغيرته سلسبيل لا و لن يستطيع أن يشغل فكره أحدا سواها..

بينما صفا كانت تسترق النظر له عبر المرآه ها هو الشاب الذي كانت تحكي لها عنه والدته قصصا عديدة توصف بها شهامته و رجولته التي ليس لها مثيل من وجهة نظرها و كم تمنت أن تزوجها له و مازالت تتمنى حدوث هذا وتدعو به من صميم قلبها..

أطلقت سعاد زفرة نزقه من صدرها و تحدثت بأسف قائله.. 

أول مرة تشوفوا بعض فيها توديها المستشفى يا جابر.. كان نفسي تتقابلوا في ظروف أحسن من دي..

تفهموا مخزي حديثها و ما تقصده لمحت صفا الڠضب الذي اعتلي ملامح جابر و عينيه التي رمقة والدته بنظره يتطاير منها الشرر فتحدثت بابتسامة تخفي خلفها حزنها قائلة .. 

إن شاء الله تتعوض في فرح أستاذ جابر.. بس متنسوش تعزموني أنا و بابا عليه..

كانت تريد أن تصل له رسالة مباشرة أنها لا تفكر فيه مطلقا يكفيها ما مرت به و التجربه الصعبة التي عدت عليها و لم تفق منها بعد..

هنا رفع جابر عينيه و نظر لها أخيرا عبر المرآه لتتقابل أعينهما في نظره خاطفه أخبروا بعضهما بها أن قلب كل منهما منشغل بشخص أخر..

رمقتها سعاد بنظره عابسة بشدة و هي تقول بعتاب.. 

بقي أنتي و أبوكي عايزين عزومه يا صفا و أنتي اللي هتكوني الع!!!..

هكلمك على الضهر كده عشان لو هتقدري تيجي معايا عند سلسبيل افوت عليكي في طريقي أنا وجدي.. 

هكذا قطع جابر حديثها جعلها تصطك على أسنانها بغيظ من أفعاله التي لا تروقها نهائيا و تحدثت پغضب قائله.. 

أنا مش هعرف أجي معاك

و أسيب بنتي و هي تعبانه كده ..

قالتها قبل أن تغادر السيارة برفقة صفا بعدما توقف جابر أمام منزلهما أبتسم لها جابر ابتسامة مصطنعه و هو يقول بثقه.. 

و سلسبيل كمان زي بنتك و كمان قريب أوي هتبقي مرات ابنك يا أم جابر..

رمقته سعاد بنظرة تحدي مدمدمة..

امممم.. اللي بتقوله ده على چثتي لو حصل يا جابر..

…………………….. لا حول ولا قوة إلا بالله….

كان الوقت فجرا لحظات ظلام الليل الأخيرة ظلت سلسبيل تقاوم رغبتها في النوم كلما غلبها النعاس حتى تظل مستيقظه تملي عينيها برؤيا زوجها و تتشبع من النظر إليه و حفر ملامحه بقلبها و وجدانها

فتح عينيه بتكاسل و رمقها بنظراته المتيمة و 

عبد الجبار!!!.. 

في بادئ الأمر يظن أنه مازال يحلم بها لكن همسها بأسمه أعاده لواقعه تذكر زوجته خضرا المتواجدة بالمستشفى بمفردها أبتعد عنها على مضض و سحبها معه و نهض بجزعه معتدلا بالفراش مد يده و جذب هاتفه ينظر به ليعرف منه الوقت تنهد براحه حين وجد الوقت مازال باكرا على موعد افاقتها لكنه مع ذلك تحدث بإصرار.. 

لازم نعاود مصر دلوجيت..

ليه عايزنا نرجع بالسرعة دي يا عبد الجبار .. 

همست بها بنبرة يملؤها الخۏف 

أنت خطڤني يومين بس مينفعش يبقوا أسبوع!!.. أو سبني هنا مع دادة عفاف لو أنت عندك شغل مهم و لما تخلص شغلك أبقى تعالي..

مينفعش اهملك اهنه لحالك..مش هبقي مطمن عليك و أنتي ريداني أكون وياك وجت ما أهلك يچو صح ..

حركت رأسها له بالايجاب ليكمل هو بلهفة.. 

و عشان أكده أني چيت لاچل ما أخدك و نعاود يا سلسبيل..

صمت لبرهة و كاد أن يخبرها بحالة خضرا الصحية إلا أنه شعر بجسدها يرتجف و قد داهمتها رغبة قوية للبكاء و هي تقول بصوت بالكاد يسمع.. 

أنا خاېفه و قلبي مقبوض يا عبد الجبار..

فضل الصمت و عدم أخبارها الآن بما فعلته خضرا و و هو يتمتم برفق.. 

مش عايزك تخافي من حاچة واصل.. أني افديك بروحي و عمري كله يا حبة الجلب..

رفعت عينيها التي ترقرقت بها العبرات و نظرت له بعينيها نظرتها التي تذيب قلبه المتيم بها عشقا و همست بصوت مرتعش.. 

و أبله خضرا.. أنا كنت وعدتها .. 

أطبقت جفنيها پعنف لتهبط من عينيها دمعة حاړقة و تابعت بحشرجة.. 

وعدتها أني مش هبقي ليك زوجة أبدا و مقدرتش أحافظ على وعدي معاها و بقيت مراتك..

صاح فجأة بعصبية مفرطة.. وعد أيه ده اللي بتقولي عليه.. انتي مراتي..مراتي يا سلسبيل على سنة الله ورسوله قولتيها بخاشمك.. يعني لا عملتي حاچة حرام و لا عيب تخجلي منها و خضرا عارفه أكده زين حتى لو مش قادرة تقبل بيه دلوجيت هيجي عليها الوجت اللي هتقبله و ترضى و تعرف أنك مراتي كيف ما هي

مراتي و اني عمري ما هقصر في حق واحدة منكم..

هدأته ماسحة على وجهه برفق و هي تقول بابتسامة دافئة .. 

أشهد لك أني من ساعة ما بقيت على أسمك و أنت مش مقصر معايا و شيلني جوه قلبك و عينيك.. 

تعلقت عينيها بعينيه أكثر و هي تقول بتسامح أراحهما معا.. 

و ده كفاية عندي والله يا حبيبي.. مش عايزه حاجة من الدنيا تاني غير اني أفضل في حضنك و تحت حمايتك كده عمري كله يا عبد الجبار ..

انبلجت ابتسامة واسعه على قسماته و تراقص قلبه فرحا و قد غمره شعور أكثر من رائع حين رأي عشقها له ظاهر بعينيها و اعترافها له أنه مصدر قوتها و حمايتها و لن تستطيع الإبتعاد عنه و كذلك خضرا التي كادت أن نفسها من شدة حبها له اذدادت ابتسامته اتساع و هو يطمئن نفسه أنها و بكل تأكيد سترضخ و ترضى بوضعهم الحالي لإنها أيضا لن تستطيع الإبتعاد عنه هي الأخرى تملك منه الغرور قليلا جعله يظن أنه سلطان على عرش قلب امراتان ضمن وجودهما في حياته..

الفصل ال 30

.. بسم الله الرحمن الرحيم ولا حول ولا قوة الا بالله..

بالصباح الباكر قبل أن تشرق الشمس بنورها تركت سلسبيل منزلها الجديد التي لم تمكث فيه إلا يومين فقط برفقة زوجها كانوا من أجمل أيام عمرها بأكمله عادت مجبرة معه لمنزله بالقاهرة بعدما وعدها أنهما سيعودان مرة أخرى بأقرب وقت كانت تتمنى أن تظل بمنزلها تنتظره لحين عودته وقت ما ينهي عمله لكنه رفض رفضا قاطع تركها بمفردها..

كان القلق واضح على ملامح وجهها الباهته بل

الخۏف أيضا ظاهر بنظرة عينيها الحزينة خوف من مواجهة خضرا التي عاهدتها بأن عبد الجبار لن يصبح زوجا لها مهما حدث و الآن قد خلفت عهدها معاها و لم تستطيع الصمود أمام فيض الغرام الذي أهاله عليها زوجها بكرم و شغف جعلها تستسلم له و تبادله غرامه هذا بدون أدنى إرادة منها حتى استطاع التسلل لأعماق قلبها و نثر عشقه بداخله.. عشق خالص تعيشه لأول مرة بحياتها..

بينما عبد الجبار كان يجلس بجوارها بأريحية مكتفي بضمھا لصدره كمحاولة منه لبث الطمأنينة بقلبهافهو يشعر بها و يقرأ ما يدور برأسها ..

انتفض جسدها بين يديه پذعر حين توقفت السيارة بهما بحديقة منزل درتها.. 

و بعدهالك عاد يا سلسبيل ..ليه كل خۏفك ده كيف تخافي أكده و أنتي چوه حضڼي!!!..

خاېفة تضيع مني بعد ما لقيتك يا عبد الجبار.. 

همست بها سلسبيل بصوت اختنق بالبكاء و هي تتمسك بثيابه بكلتا يدها لعلها تمدها ببعض القوة..

احتضن وجهها بين كفيه جعلها تنظر لعينيه التي يزينها بريق جديد بفضل عشقه لها و تحدث بابتسامته الجذابة قائلا.. 

معوزكيش تخافي من حاچة واصل.. أنتي مراتي و هتفضلي مراتي لحد أخر يوم في عمري.. مهيفرقنيش عنك إلا مۏتي يا سلسبيل..

بعد الشړ عليك.. متقولش كده تاني.. قالتها بلهفة و هي تسرع بوضع أناملها الصغيرة على فمه تمنعه من استكمال حديثه

لثم أصابعها بعمق مرات متتالية قبل أن يقبض على يدها الصغيرة جدا بين قبضته الضخمة و سحبها عليه واضعا يد حول خصرها و الأخرى أسفل ركبتيها و حملها على ذراعيه بمنتهي الخفة و غادر السيارة بعدما فتح له السائق بابها و سار بها تجاه باب المنزل الداخلي خلفهما دادة عفاف التي كانت تجلس بجوار السائق بعدما أصرت سلسبيل أن تأخذها معاها ..

شهقت سلسبيل بخفوت و جحظت عينيها من فعلته هذه حاولت ابعاده عنها و القفز من فوق يديه إلا إنه حاوطها بحماية و تمكن من السيطرة على حركاتها مغمغما بهدوء..

أهدي أمال أنتي صاحية من عشية و مدروخة من قلة النوم و ممكن تغمي مني.. خليني أوصلك لسريرك لاچل ما ترتاحي هبابه على ما أخلص شغلي و اعاود..

طيب نزلني يا عبد الجبار بالله عليك لحد يشوفنا..

غمغمت بها و هي تتلفت حولها

تتأكد من عدم وجود أحد تنهدت براحة حين وجدت الهدوء يسود أرجاء المكان يدل على أن الجميع نيام 

انكمشت على نفسها داخل حضنه ألقت بثقل رأسها على كتفه و قد بدأ يغلبها النعاس..

دلف بها داخل غرفتها غالقا الباب خلفه و وضعها على الفراش بتمهل و يده تبعد عنها عبائتها و حجابها و حتى حذائها تركها ب منامتها الوردية و عدل وضعها بوضع أكثر راحة..

دثرها جيدا بالغطاء و مال على وجنتيها اقتطف منهما حفنة من القبلات مرددا بصوته الأجش..

نوم العوافي يا جلب عبد الچبار..

همهمت هي بإسمه بين النوم و اليقظة قائلة بنبرة متوسلة..

متتأخرش عليا..

فتحت عينيها بتكاسل تبحث عن دادة عفاف فلم تجدها بانحاء الغرفة فشحب لونها و هي تقول بتساؤل..

هي فين دادة عفاف!..

أنا هنا أهو يا سلسبيل هانم.. قالتها عفاف الواقفة على أمام باب الغرفة..

أدخلي يا دادة.. تعالي يا حبيبتي..

نطقت بها سلسبيل و هي تشير لها بيدها على الفراش بجوارها..

انتصب عبد الجبار واقفا و تحدث و هو يسير لخارج الغرفة قائلا بأمر ..

متهمليش الهانم لوحدها واصل يا عفاف..

أمرك يا عبد الجبار بيه..

قالتها عفاف التي اقتربت من سلسبيل

و فكت عقدة شعرها و رتبت الوسائد خلف ظهرها كانت سلسبيل عينيها معلقة بزوجها الواقف على الباب ممسك مقبضه بيده ألقى لها قبله بالهواء و ابتسم لها إبتسامة يملؤها الحب مغمغما قبل أن يغلق الباب خلفه..

هرچعلك طوالي..

نظرت سلسبيل ل عفاف و تحدث بنبرة راجيه قائلة.. 

دادة عفاف متسبنيش لوحدي خالص .. خليكي جنبي هنا حتى و أنا نايمة.. 

صمتت لبرهة و تابعت بأسف.. 

أنا خاېفة أوي من أبلة خضرا و مش عارفة رد فعلها هيكون أيه لما تشوفني.. 

تجمعت العبرات بعينيها و بتقطع تابعت.. 

أنا حاسة أني خاېنة و خطفت منها جوزها أبو بناتها يا دادة..

ربتت عفاف على شعرها بحنو و تحدثت بتعقل قائلة.. 

يا بنتي متشيليش نفسك فوق طاقتها أنتي معملتيش حاجة غلط و لا حرام جوزها ده بقي جوزك أنتي كمان..

صمتت قليلا و مدت يدها مسحت دموعها مكملة.. 

نامي و ارتاحي دلوقتي و سبيها على الله و أنا هفضل جنبك هنا لحد ما تصحى ..

بينما عبد الجبار فور إغلاقه الباب إختفت ابتسامتهو هرول راكضا نحو سيارته استقلها و قاد بسرعه عالية قاصدا المستشفى التي تمكث بها خضرا زوجته الأولى..

……………………… صل على الحبيب……….

خضرا ..

استعادة وعيها بعدما نجت من المۏت بأعجوبة لتجد نفسها بمفردها داخل المستشفىابتلعت غصة مريرة بحلقها حين أيقنت أن زوجها بكل تأكيد برقفة زوجته الثانية ضحكت ضحكة مستهزءة على غباءها الذي جعلها تقدم على الاڼتحار و التخلص من حياتها لأجل رجل لم يكترث لما فعلته من أجله و تركها بين الحيا و المۏت وكان مع امراءة غيرها..

ندمت على كافة قرارتها الخاطئة بداية من إصرارها

على زواجها منه و زواجه هو عليها و اختيارها ل سلسبيل تكن زوجه له بعدما رأت نظرته و لهفته عليها..

حاولت البكاء و لكن عينيها أبت أن تذرف العبرات كانت نظرتها جامدة اكتسبت جحود بفضل ما تشعر به من ۏجع فاق حدود الوصف لن تستطيع التعبير عنه بمجرد دموع حتى لو بكت دما..

خضرا.. حمد لله على سلامتك يا غالية..

قالها عبد الجبار الذي دلف للتو و اقترب منها جلس على المقعد المجاور لسريرها و مد يده ليمسك يدها لكنها دفعت يده بضعف و رمقته بنظرة حاړقة متمتمة پغضب..

توك ما افتكرت خضرا يا عبد الچبار !!!.. هملتني لحالي و روحت لعروستك الچديدة مش أكده! ..

مش وقت حديتك ده عاد.. المهم دلوجيت نطمن عليكي و تبجي زينة… ..

صړخت بغيظ شديد قطعت حديثه بصرخاتها قائلة.. 

رد لأول.. و إياك تكذب عليا.. صح كنت وهيها ..

حاول السيطرة على أعصابه تقديرا لحالها و تحدث بهدوء قائلا.. 

وبعدهلك يا خضرا.. جولتلك رايد أطمن عليك…. ..

كنت وهيها يا عبد الچبار.. انطق.. قولي أيوه كنت وهيها و مهملك أهنه يا أم البنته من غير أنيس و لا جليس و روحت أخونك مع حرمة تانية.. ..

خضرا اااا.. قالها بصوت جوهري زلزل جدران المستشفىابتلعت خضرا باقي حديثها بعدما رمقها بنظرة محذرة و تحدث بلهجة حادة قائلا.. 

متختبريش صبري عليك.. أني مش خاېن يا خضرا و الحرمة التانية دي تبجي مراتي كيفك بالتمام و اللي كانت قبل منك أهنه بنفس المستشفى مرمية بين الحيا و المۏت و إني كنت وياك في حضنك في بيتنا و لا نسيتي!!! ..

الفصل 31 

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

بالإسكندرية داخل المقر الرئيسي لشركة المنياوي تسود حالة من الفزع الخۏف يملئ القلوب الجميع يعمل على قدم و ساق خاصة رؤساء الأقسام يكثفون جهدهم أضعاف مضاعفة حتى ينهو عملهم على أكمل وجه خوفا من أن يطولهم ڠضب عبد الجبار

بينما يقف هو بطوله الشامخ أمامهم موليهم ظهره ينظر من نافذة مكتبه بأنفاس مهتاجة من شدة إنفعاله يتناول سېجار تلو الأخر و ينفث دخانه كما لو كانت نيران متوهجه تخرج من فتحتي أنفه

رغم جمود و صلابة ملامحه فهو كعادته بارع في إخفاء مشاعره و ما يؤلم قلبه إلا أن عينيه بدت مخيفه و قد اختفت منها بريق العشق الذي كان يزينها مؤخرا..

تبدل حاله للنقيض بعدما تعرض لصڤعة خذلان من أحب و أقرب البشر لقلبه زوجته و طفلته سلسبيل ارتكبت خطأ فادح بحقه جرحت به رجولته چرح ممېت ما يشعر به الآن إحساس لن تستطيع الكلمات وصفه يشعر بخيبة الأمل و ما أصعب هذا الشعور إعتذارات العالم أجمع لن تكفيه لا شيء يستطيع تعويض قلبه الذي خذل من شخصه المفضل..

قلبه!!! أسفا عليه بعد فراقه عن نبع الحياة بالنسبة له أخذت معاها روحه مهجة فؤاده ابتسامته ذلك النابض بأسمها وحدها صدأ كالحديد لا يئن و لا يحن

غلفته قسۏة و جبروت جديد كليا عليه بعدما كان يتميز بالرأفة في معاملته مع العاملين داخل و خارج شركاته

كده ملف القضية مبقاش ليه وجود زي ما سيادتك طلبت يا عبد الجبار باشا.. 

قالها إحدي الجالسين بصوت يملؤه الفخر و كأنه حقق أعظم انتصاراته حين نفذ ما طلبه منه..

أطبق عبد الجبار جفنيه بقوة و اصطك على أسنانه پعنف كاد أن يهشمهم حين تذكر تلك اللحظة التي تمزق بها قلبه لاشلاء..

.. فلاش باااااااااااك..

أرغم نفسه على الإبتسامة حين رأي جابر مقبلا عليه ممسك بيد جده العجوز ظن أنها إحدي زيارتهم لابنتهم التي تكررت أكثر من مرة منذ وصولهم إليها

أصبح جدها يأتي لها باستمرار برفقة ابنته سعاد و إذا جاء برفقة جابر حفيده لابد أن يكون في وجوده..

يا مرحب يا عم الحاج.. نورت الدار.. 

قالها عبد الجبار بترحاب و هو يأخذ بيده الأخرى و سار بجانبه نحو الداخل مكملا.. 

عفاف.. قولي ل سلسبيل هانم إن چدها وصل بالسلامة.. و چهزوا الوكل قوام..

أحنا هنمشي على طول.. مش جاين المرادي نضايف يا عبد الجبار بيه..

قالها فؤاد بأسف و صوت بدي مرتبك للغاية تملك القلق من قلب عبد الجبار خاصة حين تنقل بنظره بينهم ليجد نظرة جابر تتراقص فرحا لأول مرة من وقت ما دلف لمنزله كل مرة يأتي بها كانت نظرته يملؤها الحسړة و الألم..

فتح عبد الجبار فمه و كاد أن يستفسر منه عن مقصده إلا أنه انتفض فجأة كمن لدغه عقرب حين رأي زوجته تهبط الدرج بعباءتها السوداء ساحبه خلفها حقيبة كبيرة و عينيه منتفخة أثر بكاءها الشديد

سقط قلبه أرضا و هو يهرول نحوها بخطوات راكضة..

وقف أمامها ينظر لها بتساؤل و أعين منذهلة بعدما رآها تتهرب بعينيها الدمعة منه و ترسم الجمود على ملامحها التي كساها الحزن ثانية..

لم يسعفه لسانه بالنطق بحرف واحد ظل يحملق فيها منتظر إجابة لهيئتها هذه..

ساد الصمت طويلا إلى أن قطعه فؤاد قائلا.. 

إحنا جاين انهارده عشان ناخد بنتنا معانا من غير مشاكل.. سلسبيل قالتلي أنها مش قادرة تسامحك على لعبك عليها بخصوص مرضها و عايزه تطلق منك..

فياريت يا ابني زي ما دخلنا بالمعروف ننفصل بالمعروف..

ربااااه!!!

ماذا يقول هذا الرجل على لسان زوجته! هي بنفسها أخبرته من قبل عن عفوها عنه و تناست هذا الأمر تماما ضحك فجأة ملئ فمه أمام أعينهم المندهشةفقد أقنع نفسه أنهم يمزحون معه كان الموقف حقا مخيف خاصة حين دلفتبخيتة التي كانت تتجسس على ما يقال كعادتها اقتربت من فؤاد

مستندة على عكازها و تحدثت پغضب عارم قائلة.. 

طلاق أيه اللي بتتحدت عنه.. معندناش حريم تطلب الطلاق..ده راچلها يدفنها حية بيده في جبرها أهون ما تخرچ من داره مطلقة..

أصبح الجميع على يقين أن ما يحدث الآن لا و لن يمر مرور الكرام بعد حديثها هذا الذي كان بمثابة سكب الزيت على النيران جعل جابر كاد أن ينفجر بوجهها هي و ابنها إلا أنه لجم غضبه بشق الأنفس و ظل ملتزم الصمت بأمر من جده..

بينما عبد الجبار كان في حالة من الذهول و عدم الاستيعاب.. 

سلسبيل رايده تطلق مني!!!!.. 

أردف بها و هو يغمز لها في الخفاء تفهمت هي أنه يذكرها أنهما منذ دقائق كانت تعترف له و هي بين حنايا صدره عن مدى عشقها له الذي فاق كل الحدود

أخبرته أنها يمثل لها الدنيا و ما عليها و أن وجودها بجواره هو كل ما تتمناه..

ابتلعت غصة مريرة بحلقها قبل أن تطلع له بقوة زائفة.. 

أيوه أنا عايزه أطلق منك يا عبد الجبار.. أردفت بها بصړاخ مقهور و هي تندفع من أمامه نحو جدها و تابعت بنبرة متوسلة.. 

ياريت تسبني أمشي مع جدي وأنا هتنازل ليك عن كل حقوقي.. حتي شنطة هدومي مش عايزاها.. مش عايزة منك غير ورقة طلاقي و بس..

أنهت جملتها و مدت يدها أمسكت يد جدها و تابعت بأنفاس متقطعة.. 

يله بينا من هنا يا ج!!!..

شهقت بقوة حين لف عبد الجبار ذراعه حول خصرها فجأة سحبها عليه بلهفة حتي أصبحت خلف ظهره لا تعلم كيف و متى قطع المسافة بينه و بينها وقف أمامها كالسد المنيع صائحا بصوته الأجش..

سلسبيل مراتي.. مرات عبد الچبار المنياوي و مافيش قوة على وجه الكون ده كله تقدر تاخدها مني..

بنتنا هناخدها لو مش بمزاجك هيبقي ڠصب عنك.. 

كان هذا صوت جابر الذي كسر كلمة جده و خرج عن صمته أشعل ڠضب عبد الجبار أكثر حتي وصل لزرواته جعله يهجم عليه و يكيل له لكمات متتالية دون سابق إنذار..

كان جابر متوقع رد فعله هذا و مستعد للدفاع عن نفسه باحترافية شديدة بغمضة عين نشبت بينهما معركة دامية لتصدح صرخات سلسبيل و عويل بخيتة و حتي خضرا التي أتت على الصړاخ من داخل المطبخ ..

كفايا يا عبد الجبار بالله عليك.. 

نطقت بها سلسبيل و هي تحاول الوصول إليه لكن يد عفاف التي جذبتها داخل حضنها أوقفتها..

تتبع فؤاد مصدر الصوت و استطاع الوصول لهما أمسك يد حفيده الذي تعرف عليه من رائحة عطره و تحدث بأمر قائلا .. 

بس يا جابر.. أبعد عنه بقولك!!!.. سيبه يا عبد الجبار بيه ميصحش كده إحنا في بيت ك.. 

لم يكمل جملته بسبب لكمة قوية لكمها له عبد الجبار دون قصد منه سقط على أثارها أرضا..

جدددي.. 

صړخت بها و هي تركض تجاهه و جلست بجانبه على ركبتيها تتفحصه بلهفة و أعين تفيض بالدموع..

ليزيد الأمر سوء حين دوى صوت طلق ڼاري صم الأذان رفعت رأسها و نظرت تجاه مصدر الصوت بأعين مذعورة لتجد زوجها مصوب سلاحھ الڼاري على موضع قلب

جابر..

بټضرب ڼار علينا و إحنا في

بيتك.. دي مش أخلاق أهل الصعيد أبدا.. 

قالها فؤاد و هو يستند على حفيدته و انتصب واقفا بضعف..

أنت اللي مخابرش أخلاق رچالة الصعيد زين.. صاح بها عبد الجبار بصوته القوي هز جدران المكان من حوله و تابع بلهجة لا تحمل الجدال.. 

أني بدافع عن سلسبيل.. مراتي.. اللي حفيدك قال هياخدها ڠصب عني.. و ده لو حصل و سلسبيل خرچت من داري الليلة هيبقي على چثة حد مننا..

مش هخرج.. مش هخرج يا عبد الجبار بس نزل السلاح و سبهم هما يمشوا عشان خاطري.. 

قالتها سلسبيل من بين شهقاتها الحادة..

حاولت السيطرة على بكاءها و تابعت حديثها بقلة حيلة.. 

خد جابر و امشي يا جدي.. أنا خلاص هفضل مع جوزي ..

هتفضلي معاه ڠصب عنك!! .. هي دي الرجوله يا عبد الجبار بيه.. تجبر واحدة على العيشة معاك.. 

قالها جابر بمشاعر مشحونه تعصف بقلبه المعذب بحبها..

ليصيح عبد الجبار فيه بلهجته الصلبة قائلا.. 

مش عبد الچبار المنياوي اللي يغصب حرمة على العيشة وياه..أني رايد اتحدد مع مراتي.. أفهم منها أيه السبب الحقيقي اللي زعلاها مني قوي أكده و لو لقيت عندها حق.. هرضيها و أحب على راسها و يدها كمان لحد ما ترضى و تصفي من چهتي..

قال فؤاد بتعقل.. ولو مرضيتش.. و فضلت مصرة على طلاقها منك يا عبد الجبار بيه هتعمل أيه ساعتها! ..

نظر عبد الجبار لزوجته التي توقفت عن البكاء و تنظر له نظرة متوسلة ترجوه بها أن يطلق سراحها لكنه اشاح بعينيه عنها و نظر لخضرا و تحدث بأمر.. 

خدي سلسبيل على أوضتها..

وجهه نظره ل عفاف مكملا.. 

طلعي شنطة الهانم و رچعي حاچتها كيف ما كانت..

تنهد بارتياح حين رأي زوجته تصعد الدرج مرة أخرى فتحدث بثقه قائلا.. متقلقش يا حاچ فؤاد.. أني خابر كيف هراضي مراتي من غير ما حد يدخل بنتنا..

بعد حديثه هذا لم يجد فؤاد أمامه سوا أخذ حفيده بالقوة و عادوا حيث أتو عقب رحيلهم هرول عبد الجبار مسرعا تجاه زوجته دفع باب الغرفة و دلف للداخل

اجهشت بالبكاء و هي تقولبټضرب جدي.. الراجل العجوز العاجز في بيتك يا عبد الجبار!!.. أنا بعد عملتك دي بقيت مصرة أكتر على طلاقي منك.. طلقني يا عبد الجبار أبوس رجلك.. لو مش هطلقني يبقي ټدفني صاحية زي قالت أمه بخيتة و خليني أخلص من العڈاب اللي مش عايز يسبني في حالي ده..

شعر أنه أخطأ في حقها بفعلته المتهورة هذه و لكن الأمر لا يستحق أنها تصر على الطلاق هكذا أسبابها ليست مقنعة على الإطلاق تيقن أن هناك شيئا ما يرغمها على طلب الطلاق منه..

كانت حالتها لا تحتمل أي جدال الآن فضل عدم طرح اسأله عليها بالوقت الحالي و قرر أن يحتويها حتى لا تتدهور حالتها أكثر..فتنهد بقوة مغمغما بخفوت.. 

خابر أن غلطي في حقك واعر ..

قالها بعدما قطع المسافة بينه و بينها جثي على ركبتيه أرضا أمامهاا

بس طلاق لا.. أحب على يدك طلاق لا يا سلسبيل..

أغمضت عينيها ببطء لتنهمر عبراتها على وجنتيها بغزارة تعالت شهقاتها و بصعوبة بالغة همست بغصة مريرة يملؤها الأسى..

مش هينفع.. صدقني مش هينفع أفضل على ذمتك بعد انهاردة..

فتحت عينيها و نظرت لعينيه نظرة أرتعد منها قلبه و تابعت بابتسامة حزينة..

لو فضلت مراتك هموتلك نفسي يا عبد الجبار!!..

موتيني أنا فيك يا بت جلبي..

قالها بصوته المزلزل قبل أن يخطفها ذراعه كالخطاف لداخل صدره يضمها بلهفة

التي تذيب عظامها هدأت نوبة ڠضبها و بدأت تتجاوب معه

 صدح صوت رنين هاتفه فمد يده والتقطه بتكاسل.. 

عقد حاجبيه بتعجب حين لمح أسم شهاب نور الدين من أشهر المحامين..

تنحنح قبل أن يضغط زر الفتح و تحدث بلهجته الصارمة قائلا.. 

خير يا متر.. متتصلش بيا غير في المصاېب!!..

شهاب.. بأسف.. المرادي مش أي نصيبة يا عبد الجبار باشا!!!.. أنا في ايدي توكيل لرفع قضية على جنابك

قضية على أني!..قضية أيه و مين اللي رفعها يا شهاب!!!..

اجابه شهاب بجمله أصابته پصدمة عمره.. 

قضية خلع.. رفعها مراتك مدام سلسبيل هانم..

.. نهاية الفلاش باااااااااااك..

فاق من شروده على صوت المحامي يقول بعمليه.. 

ورث الست سلسبيل هانم من المرحوم أخوك اتحول لحسابها و ورق الطلاق المدام وقعت عليه مش فاضل غير توقيع سيادتك بعدها نقدر نحول لها كل مستحقتها زي ما حضرتك أمرت..

الفصل الثاني وثلاثون..

.بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

بداخل كل أنثى جانب شرس متوحش لا يظهر إلا إذا شعرت بالغيرة على زوجها و صدق من قال أن الغيرة قاټلة تستنزف الروح بلا رحمة تعمي القلب قبل العين تلغي العقل و تجبرنا على أتخاذ قرارات مصيرية بلحظة اندافع تصل أحيانا إلى فعل كوارث لعلها تطفئ تلك النيران المتآججة بقلبها غير عابئة بعواقبها الوخيمة..

.. بمنزل عبد الجبار..

كانت بخيتة تدور حول نفسها تاره و حول خضرا زوجة ابنها تاره أخرى مستندة على عكازها تلكم به الأرض كادت أن تهشمه من شدة غيظها.. 

مافيش غيرك ورا شقلبة حال البنتة الصغيرة يا خضرا..

صاحت بها بخيتة پغضب عارم و هي تنغزها بعكازها في كتفها بضړبة قوية لم تتأثر بها خضرا على الإطلاق بل أنها أثارت ڠضبها أكثر حين نظرت لها بملامح تشع فرحة و تحدث بحزن مصطنع قائلة..

وه و أني مالي عاد.. هي اللى رفعت على ولدك قضية خلع.. يعني مريدهوش بعد كل الهنا و الدلع اللي شفته على يده رايده تخلعه بعد ما وصلت لأهل أمها.. كأنها كانت مڠصوبة على العيشة وياه !!!..

حركت بخيتة رأسها بالنفي و رمقتها بنظرة سامة و هي تقول بثقة ..

سلسبيل عشجت عبد الچبار كيف ما هو عشجها و أنتي خابرة أكده زين و متقدرش تعمل العملة العفشة دي إلا لو حد ابن مركوب لوي دراعها و هددها بحاچة واعرة لو مبعدتش عن چوزها اللي بتتكحل بتراب رچليه و پتخاف عليه أكتر من روحها !!!..

كانت تستمع لها خضرا بملامح بدت جامدة عكس ما بداخلها من قلق تحول إلى خوف جعل الډماء تنسحب من وجهها حتى شحب لونه تماما حين تابعت بخيتة بابتسامة زائفة و نبرة شامته..

يا ويلك من عبد الچبار يا خضرا لو طلعتي أنتي بت المركوب اللي وعت البنتة الصغيرة على قصة الخلع المقندلة دي… لأنك متوكدة أنه يستحيل كان هيطلق سلسبيل مهما حصل..

استطاعت خضرا السيطرة على خۏفها و ضحكت ضحكة ساخرة و هي تقول..

مبقاش في حاچة مستحيل يا حماتي و أهي سلسبيل أطلقت من عبد الچبار ..

صمتت لبرهة و تابعت محدثة نفسها..

هي خابرة زين لو فضلت على ذمته أكتر من أكده.. كانت هتبجي أرملته..

.. فلاش باااااااااااك..

كانت خضرا تحيا أبشع أيام حياتها

بعد خروجها من المستشفى بالتزامن مع نفسيتها السيئة ترى زوجها يعيش قصة حب ملتهبة مع

زوجته الثانية أمام عينيها المتحسرة على حالها و ما وصلت إليه كانت ستنهي حياتها

من شدة حبها و غيرتها عليه لعله يتأثر بفعلتها هذه و يرأف بقلبها و يحقق لها امنياتها بابتعاده عن سلسبيل..

لكنه و للمرة الأولى خذلها حين تمسك بزواجه من غريمتها رغم أنه لم يقصر بحقها و يسعي جاهدا لينال رضاها إلا أنه كلما اختلي بالأخري يجن چنونها كل لحظة يقضيها برفقة سلسبيل تكون

بمثابة طعنات متفرقة تمزق قلبها حتى قتل كل الصفات الحسنة التي كانت تتمتع بها تحولت شخصيتها تحويل جذري و عقدت عزمها على إسترجاع زوجها لها مهما كلف منها الأمر..

انتظرت حتى ذهب زوجها لعمله و هرولت تجاه المطبخ صنعت أشهى الحلويات و وزعت منها على الجميع حتى العاملين بالمنزل فور انتهاءهم من تناولها غرقوا بنوم عميق لم يظل أحد مستيقظ سواها هي و سلسبيل فقط..

أيه اللي بيحصل ده يا أبلة خضرا!!.. 

قالتها سلسبيل و هي تتنقل بعينيها بين حماتها بخيتة و عفاف و حتي ابنتي زوجها جميعهم ناموا فجأة و هم جالسين بمقاعدهم..

أني حطيت لهم منوم.. 

هكذا اجابتها خضرا بهدوء دب الړعب بأوصال سلسبيل التي تطلعت لها بأعين متسعة على أخرها و تحدثت بصوت مرتجف يظهر مدى خۏفها قائلة.. 

ليه عملتي كده بس..

ابتلعت لعابها بصعوبة و تابعت متعجبة.. 

و ليه أنا منمتش زيهم!!..

من ملامح خضرا التي أصبحت متوحشة بعدما كانت تتميز بطيبتها و حنانها هيئتها الآن توحي بأنها على وشك ارتكاب چريمة قتل.. 

مقدراش.. و رب العباد مقدارش أتحمل شوفتك مع راچلي أكتر من أكده..

أطلقت صړخة مقهورة انتفضت على آثارها سلسبيل وبدأت تبكي بنحيب حين تابعت خضرا بصوت مخيف.. 

ڼار.. ڼار واعرة بټحرق جلبي حړق معتش قادرة اتحملها خلتني قطعت شرايين يدي اللى چوزتك بيها لچوزي لاچل ما اخلص من الوچع اللي بينهش في روحي كل ما تبجي في حضنه..

لم تجد سلسبيل شيئا تقوله لها و قد زاد و تضاعف بداخلها شعور الذنب تجاهها الذي يلزمها ظلت تستمع لها و تبكي بصمت..

ببجي نفسي اقطعك باسناني تقطيع بس خابرة زين إني لو عملت فيكي أكده عبد الچبار مهيهملنش على ذمته دقيقة واحدة و أني عندي المۏت أهون من بعادي عنه..

يبقي هبعد أنا يا أبلة خضرا.. هطلب الطلاق و هبعد أنا لو ده هيريحك.. همست بها سلسبيل بتقطع من بين شهقاتها الحادة.. 

اممم..إن چيتي للحق طلاقك هيريحني صح.. بس

هو عبد الچبار هيسيبك تبعدي و لا هيطلقك بسهولة أكده إياك!! .. دمدمت بها خضرا و رمقتها بنظرة تحمل حقد و كرهه عرفوا طريقهم لقلبها الملتاع و تابعت بنبرة ساخرة.. 

و لا أنتي يا كهينة هتقدري على بعاده! ..

اجهشت سلسبيل بالبكاء و حركت رأسها بالنفي تخبرها أنها بالفعل أصبحت غير قادرة علي الإبتعاد عن زوجها مرددة بنبرة راجية.. 

متزعليش مني يا أبلة خضرا أنا ما صدقت لقيت راجل بجد اتحامي فيه و يبقي ضهر وسند ليا في الدنيا القاسېة دي.. أنا والله العظيم مش قصدي أضايقك و لا أخد جوزك منك.. بس جوزك ده بقي جوزي أنا كمان و برضاكي و أنتي اللي جوزتيني ليه بنفسك.. و أنا اه وعدتك أني

مش هكون ليه زوجه بس مكنتش أتخيل أنه هيخليني أحبه بالشكل ده لدرجة أني ھموت لو بعدت عنه..

ساد الصمت طويلا حتى قطعته خضرا التي ربتت على كتف سلسبيل پعنف أبتسمت لها إبتسامة يملؤها الشرر و تحدثت بجملة كاد قلبسلسبيل أن يتوقف بسببها..

لع..مش أنتي اللي ھتموتي لو مبعدتيش عنه..

تلاحقت أنفاس سلسبيل و هي تسألها عن مقصدها مستفسرة.. 

قصدك أيه بكلامك ده!..

خضرا بذهول مصطنع.. وه.. كانك مسمعتيش عن المثل اللي بيقول الوحدة تشوف راچلها في المجبرة و لا إنها تشوفه مع مره..

توحشت نظرتها القاسېة أكتر و تابعت بوعيد..

لو فضلتي على ذمة عبد الچبار هنبجي أرامل أني و أنتي يا سلسبيل..

أنتي بتقولي أيه و بټهدديني بأيه!!.. انتى عايزة تقتلي جوزك أبو بناتك! .. قالتها سلسبيل پصدمة بصوت أشبه بالصړاخ..

أجابتها خضرا بلهجة حادة شديدة الجدية لا تحمل أي جدال قائلة.. 

أيوه عندي أقتله و لا إنك تاخديه مني و اديكي شوفتي بعينك كيف خدرت كل اللي في الدار.. المرة الچاية مش هيبجي منوم.. لع.. هيبجي سم هاري بطيء المفعول.. يموته قصاد عنيكي بالبطئ..

زاد ذعر سلسبيل جعل ارتجاف جسدها يتحول إلى تشنجات حين تخيلت مجرد تخيل أنها فقدت زوجها خۏفها عليه جعلها تقول بلا تردد..

طيب خلاص أنا هبعد.. والله هبعد عنه يا أبلة خضرا.. بس قوليلي هبعد إزاي و أنتي لسه قايله أنه مش هيطلقني بسهولة! ..

تخلعيه .. 

قالتها خضرا ببرود ثلجي و هي تتنهد بارتياح بعدما وصلت لهدفها و بأمر تابعت حديثها.. 

توكلي چدك يرفع لك قضية خلع في أقرب وقت.. وقتها عبد الچبار هو اللي هيطلقك بالتلاتة.. ..

.. نهاية الفلاش بااااااااك..

……………………………. صل على الحبيب………….

كنت مجبرة على إفلات يداك و لكن قلبي مازال بك فإذا تنعمت بلقياك ثانية فلا تتركني أبدا أرجوك أستعمرني بشمسك و دفء أنفاسك إلى الأبد..

يومان فقط قضتهم سلسبيل في منزل جدها و الذي هو بالأساس ملك ل جابر 

لكنها لن تبقي ليوم أخر بعدما استمعت لحديث خالتها التى تريد إرسالها لوالدها حتى تبعدها عن ابنها..

دون ذرة تفكير منها قررت الفرار هاربة خوفا من مجيء والدها أو عودة جابر بأي لحظة الذي بتأكيد لن يتركها تذهب اندفعت فجأة دون سابق إنظار راكضة من غرفتها و من ثم لخارج الشقة بأكملها بأسدالها البيتي أمام أعين خالتها و جدها اللذان لجمتهما الصدمة للحظات و حين استوعبت سعاد ما حدث هرولت خلفها صاړخة بأسمها .. 

سلسبيل.. بتجري رايحة فين كده يا بنتى!!! ..

أجرى وراها الحقيها يا سعاد.. البت أكيد سمعتك وأنتي بتقولي هتكلمي أبوها عشان يجي ياخدها .. 

قالها فؤاد پغضب عارم وهو يضرب كفيه ببعضها تحرك تجاه شرفة المنزل و نادي بصوت عال للغاية لتتمكن من سماعه.. 

يا سلسبيل.. أرجعي يا بنتي متخفيش….

صوته وصل لسمع سلسبيل لكنها لم تعد كملت ركضها بلا توقف تركض بالطرقات بلا هواده لم تستطيع سعاد اللحاق بها كانت كالطائر الحبيس و طلقوا سراحه أخيرا تشعر بالحرية لأول مرة بعمرها

ظلت تركض إلى أن شعرت بأنفاسها تتلاشى كأن روحها تنسحب منها توقفت بجوار شجرة كبيرة تستظل بأوراقها من إشاعة الشمس الحاړقة..

أخذت بضعة دقائق تستعيد أنفاسها المسلوبة و تحدثت عبر الهاتف الذي كان موضوع على أذنها أثناء ركوضها.. 

هربت.. هربت يا دادة عفاف..قوليلي أجيلك إزاي..

عفاف بلهفة.. خدي نفسك الأول يا حبيبتي.. و بعدين شاوري ل تاكسي وقفيه قوليله وصلني إسكندرية و أنا هفضل معاكي على التليفون

لحد ما أقابلك بعربيتي على الطريق..

انصاعت لها سلسبيل على الفور. قامت بالإشارة لأول سيارة أجرة ظهرت أمامها .. 

ممكن توديني إسكندرية من فضلك..

هاخد 500 جنيه و مقدم يا ست.. 

أردف بها السائق قبل أن تصعد سلسبيل السيارة هنا تذكرت أنها تركت كل شيء حتى حقيبة ملابسها و نقودها لم تأخذ معاها إلا الهاتف فشهقت

بخفوت قائلة.. 

أنا مجبتش معايا أي فلوس يا دادة!!..

عفاف..اركبي يا سلسبيل و قوليله هحاسبك لما أوصل..

انطلق السائق بسيارته من أمامها في الحال وهو يسب و يلعن بعدما استمع لجملتها هذه بدأ الخۏف يداهمها من جديد و عادت تختبئ بظلال تلك الشجرة الكبيره تجمعت العبرات بعينيها و بصوت ظهر به الخۏف قالت.. 

السوق مشي قبل ما أركب لما سمعني بقولك مش معايا فل آآآآه ..

قطعت حديثها فجأة و صړخت صړخة مدوية حين مرت من جانبها دراجة بخارية و بلمح البصر خطڤ سائقها الهاتف من يدها بمنتهي القوة أفقدها توازنها فسقطت على وجهها مصطدمة بجبهتها بالأرض الصلبة پعنف ..

كل هذا حدث في غمضة عين و لسوء حظها المعتاد كان الطريق خالي من المارة بسبب أجواء الجو شديد الحرارة..

تحاملت على نفسها و اعتدلت جالسة بوهن تتحسس جبهتها بأصابع مرتعشة شعرت بسائل لازج يهبط على حاجبيها نزولا بعينيها فعلمت أنها أصابت بچرح ليس بهين كلما حاولت النهوض تشعر بدوار شديد بجتاحها بقوة

زحفت بضعف متراجعة للخلف حتى وصلت لجذع الشجرة ارتمت عليه بظهرها مستسلمة لمصيرها مهما كان فهي على يقين أن الله لن يتركها..

بينما عفاف كادت أن تفقد عقلها و سقط قلبها أرضا حين سمعت صړخة سلسبيل.. 

سلسبيل.. مالك يا بنتي.. ردي عليا ايه اللي حصل لك يا ضنايا … 

صړخت بها عفاف لم يأتيها منها رد رغم أن الخط مازال مفتوح ظلت تصرخ بأسمها لعلها تجد رد حتي انغلق الخطحاولت إعادة الإتصال بها مرارا و تكرارا و لكن الهاتف تم غلقه..

لم تفكر مرتين و طلبت رقم الشخص الوحيد الذي بأمكانه هدم الدنيا لأجل سلسبيل ..

………………………. سبحان الله وبحمده……

عبد الجبار..

يجلس داخل سيارته بالمقعد الخلفي ممسك بيده ورقة طلاق سلسبيل الواقفه على توقيعه يتمنى لو يكن ما يعيشه الآن كابوس و سيفوق منه يجدها نائمه على صدره تختبئ بين ضلوعه تبتسم له ابتسامتها التي تنير حياته..

تنقل بعينيه على مكان توقيعها حينها تأكد أن ما يعيشه الآن لم يكن كابوس بل حقيقة.. أسوء حقيقة حدثت له

فضل عدم أمضاء توقيعه إلا بعدما يذهب إليها خصيصا من الإسكندرية إلى منزل جدها بالمنصورة ليسألها للمرة الأخيرة عن سبب مقنع لما فعلته يحاول إيجاد مبرر واحد يدفعها للأبتعاد عنه بهذه الطريقة المهينة لرجولته..

صدح صوت رنين هاتفه جعل قلبه ينقبض دون معرفة السبب حين لمح أسم عفاف ضغط رز الفتح و أجابها بلهفة ظهرت بنبرة صوته الأجش.. 

خير يا عفاف!!..

أتاه صوتها الباكي كاد أن يصيبه بسكته قلبيه من شدة فزعه على معذبته حين سمعها تقول بتقطع.. 

ألحق سلسبيل يا عبد الجبار بيه…….. 

الفصل الثالث وثلاثون..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

لعل في الخفايا أعذارا لا تدري شيئا عنها گ لهفتي عليك و إشتياقي لك فأجعل لي دوما نصيبا من حسن ظنك إن صادف يوما لم تجد فيه عذرا يبرر لك أفعالي التي جرحت فؤادك و تأكد أن روحي كانت ترتجف خوفا من فقدانك يا عزيز قلبي فتركتك مجبرة غير مخيرة حتى لا أرى فيك سوء ېقتلني..

و بعد فراقنا أصبحت بين ليلة وضحاها إمرأة عجوز أهلكها الضعف دون أن تذبل بصيرتي و لا شاب شعري لكنه قلبي تعلوه التجاعيد بغيابك..

أصبحت في أشد لحظات ألمي و حزني لا أصرخ أفكر في أمر واحد فقط هو كيف سأقضي ما تبقى من عمري و أنا سبب كل هذا الخړاب في قلبك! 

أعترف لك أنني آسفة على أعوام مضت ما كنت أعرفك فيها..

……………….. صل على الحبيب….

كانت سلسبيل ممسكة بطرف حجابها تضغط به على چرح جبهتها الذي تدفق منه الډماء بسبب خۏفها الشديد كلما حاولت النهوض تسقط جالسة مكانها ثانية قدميها ترتعش بقوة و جسدها الضعيف يتهاوي يمينا و يسارا لكنها تقاوم بأقصى ما لديها حتى لا تفقد وعيها

جف حلقها تماما و انسحبت روحها منها حين لمحت سيارة توقفت قريبا منها بها مجموعة من الشباب وقعت عينيهم عليها أثناء سيرهم

دب الړعب بأوصالها و إذداد إرتجاف جسدها أكثر حين رأتهم يهبطوا

من سيارتهم و يهرولوا نحوها..

أصبحت لا تعطي الأمان لأحد بعدما سرق منها هاتفها و قد ظنت أن هذه المرة سيسرقوها هي فتراجعت للخلف زاحفة على كلتا يديها مرددة بصړاخ مذعور..

ابعدوا عني.. عايزين مني أيه.. سبوني في حالي حرام عليكم..

أهدي.. متخفيش.. إحنا هنساعدك محدش ھيأذيكي.. نطق بها أحدهم و هو يمد يده لها بزجاجة من المياة و جثي على ركبته أمامها أرضا مكملا برجاء..

خدي نفسك بس و بلاش خۏفك الزايد ده عشان چرحك مينزفش أكتر.. و لو تحبي نوديكي المستشفى!! ..

قطعت سلسبيل حديثه صائحة بصوت متحشرج بالبكاء تقول بصعوبة.. 

لا مش هروح معاكوا أي مكان.. سبوني في حالي و أمشوا في طريقكم.. أنا هفضل هنا..

نظروا لبعضهم بأسف و عادوا النظر لها بشفقة مقدرين حالة الذعر التي تسيطر عليها و معاها كل الحق بعد ما رأته في حياتها من ألم و قسۏة من أقرب الأقربون لها فماذا سيفعل بها الغريب!

طيب لو حافظة رقم تليفون حد من قرايبك قولي لنا عليه و إحنا نتصل بيه يجي لك هنا..

قالها شاب منهم و هو يخرج هاتفه من جيب سرواله

ظهر بريق أمل على وجهها و أعتصرت عقلها المشوش لعلها تتذكر رقم عفاف لكنها لم تتذكر سوي رقم الرجل الذي لا تريد التحدث إليه حتى لا تفتح مجال للعودة بينهما ثانية

عبد الجبار رقمه الوحيد المحفور في ذاكرتها بل هو نفسه موشوم بأعمق نقطة بقلبها..

أبتسمت إبتسامة يملؤها الۏجع تزامنا مع انهمار عبراتها على وجنتيها بغزارة دون بكاء و مدت يدها الصغيرة التي تنتفض بوضوح تجاه الهاتف فأعطاه الشاب لها على الفور بعدما قام بفتحه..

نظرت له بامتنان قبل أن تلتقطه منه و أجهشت پبكاء مرير و هي تضغط على الأرقام مدونة رقم من كان و ما زال دوما منقذها

بكاءها و شهقاتها الحادة كانت تقطع نياط القلوب جاهدت للسيطرة عليها بشق الأنفس حتى أنها كادت أن ټموت خنقا حتى لا يوصل له

لا تريده أن يستمع لإنهيارها هذا بالوقت الحالي أخذت نفس عميق قبل أن ترفع الهاتف على أذنها بعدما ضغطت على زر الإتصال تنتظر بنفاذ صبر سماع صوته الذي اشتاقته حد الجنون..

……………………. سبحان الله وبحمده…….

عبد الجبار..

عقب سماعه لصوت عفاف تصرخ بأسم سلسبيل قفز من مقعدة و جلس مكان سائقه خلف المقود بطرفة عين و قاد بأقصى ما لديه من سرعة قبل حتى أن يستمع لباقي حديثها..

سلسبيل يا عبد الجبار بيه كانت بتكلمني في التليفون و هي ماشية في الطريق و فجأة صړخت و الخط فضل مفتوح لكن هي مبتردش .. فضلت أنا على التليفون عماله أصرخ عليها لحد ما الخط أتقفل.. حاولت اكلمها تاني بس التليفون أتقفل خالص بقاله أكتر من ساعة.. مبقتش عارفه أعمل أيه خت عربيتي و رايحة على المنصورة دلوقتي بس أنا معرفش مكانها فين عشان كده كلمت حضرتك يمكن تقدر توصلني عندها ..

كان يستمع لحديثها الذي أنتزع قلبه

من مكانه نزعا لكم المقود بقبضة يده أكثر من مرة بكل ما أتي من قوة و صاح بصوته الأجش قائلا.. 

كيييف.. كيف چدها هملها تخرچ.. كييييف..

هي خرجت هربانة من جدها و كانت جيالي يا عبد الجبار بيه لأنها سمعتهم بيتكلموا أنهم عايزين يرجعوها لأبوها.. فخاڤت و كلمتني قالتلي ههرب و أجي أعيش معاكي يا دادة عفاف.. قالتها عفاف پبكاء من شدة تأثرها بما يحدث مع سلسبيل ما قالته كان بمثابة سكب الزيت على النيران المتآججة بقلب ذلك العاشق

ربااااه!!!!

كاد أن يصاب قلبه بنوبة توقفه عن الخفقان و هو يتخيل مدى ذعرها من والدها عديم الرحمة الذي رأه هو بعينيه مرات متعددة..

اقفلي.. هوصلها و هحددك أقولك على مكانها يا عفاف .. قالها عبد الجبار بصوت مخيف و ثقة شديدة لا يعلم مصدرها لكنه على يقين أن قلبه سيقوده إلى طريقها..

ليصدح صوت رنين هاتفه المخصص لها هي فقط لا أحد يعلم هذا الرقم غيرها.. 

سلسبيل!!!!.. نطق بها بقلب ملتاع و أنفاس متهدجة كادت أن تنقطع من شدة رعبه عليها..

إذا نطقت إسمه سيشعر بلهفتها عليه فرفعت عينيها الغارقة بالعبرات و مدت يدها لصاحب الهاتف الذي أخذه منها و تحدث هو بدلا عنها قائلا .. 

السلام عليكم.. حضرتك في بنت هنا تقريبا عاملة حاډثة و!!!..

مراتي.. سلسبيل.. حصلها ايييه.. صړخ بها عبد الجبار بهياج و قد فقد عقله في تلك اللحظة حقا..

متخفش حضرتك.. أطمن هي كويسه الحمد لله.. و إحنا حاولنا نساعدها و نوديها المستشفى بس هي رافضة خالص.. فعرضنا عليها تتصل بحد من أهلها فتصلت بيك..

أخيرا ألتقط عبد الجبار أنفاسه المسلوبة حين أخبره من يحدثه أنها بخير و برغم كل ما يحدث هذا إلا أن قلبه تراقص فرحا بعدما تأكد أن سلسبيل مازالت تراه هو كل أهلها.. 

قولي المكان فين بالظبط و إني هكون عندكم في دقايق..

بالفعل أملاه الشاب العنوان بالتفصيل تحت أنظارسلسبيل التي تهللت أساريرها دون أدنى إرادة منها.. 

…………………….. سبحان الله العظيم……

جابر..

كان بطريق العودة لمنزله بعدما أبتاع أغلى و أجمل اللوحات و الألوان المخصصة لمجال الرسم هواية سلسبيل المفضلة

رغم أنه على علم أن قلبها ملك غيره و لن يستطيع أن يجبرها على تقبل عشقة لها لكن كل ما يهمه الآن أن يسعدها و يرى الإبتسامة على ملامحها الحزينة..

و قد عقد عزمه على البقاء بجوارها لن يمل و لن يكل عن محاولة التقرب منها سيضحي بالغالي و النفيس لأجلها..

فهي معه بعد كل تلك السنوات من الفراق جمعهما القدر ثانية و هو لن يضيع الفرصة هذه المرة..

انتبه لصوت رنين هاتفه فأسرع بالرد و قد زحف القلق إلى قلبه دون معرفة السبب.. 

أيوه يا جدي أنا جاي في الطريق.. في حاجة حصلت و لا أيه!..

أتاه صوت فؤاد الباكي يتحدث بصعوبة و تعب ظاهر بوضوح بنبرة صوته.. 

سلسبيل.. سلسبيل هربت يا جابر يا ابني..

صړخ جابر پصدمة قائلا.. 

هربت!!!!! إزاي و لييييييه.. مين اللي خۏفها خلاها تهرب يا جدي!! ..

قال فؤاد پغضب.. مش وقت اسأله دلوقتي.. و ألحق بنت خالتك دي متعرفش حد في البلد هنا ولا معاها فلوس خالص ..

طيب مشيت منين و لا راحت فين و معاها تليفون و!!.. كان يصيح بها جابر لكنه ابتلع باقي حديثه و جحظت عينيه على أخرها حين لمح سيارة عبد الجبار التي مرت من أمامه بسرعة الرياح و كأنه يعلم و جهته و مقصده لم يفكر مرتين و إنطلق خلفه بنفس مستوى السرعة حتى أصبحوا بجانب بعضهما على الطريق..

بعد مرور دقائق قليلة لا تتخطى أصابع اليد الواحدة توقف جابر بسيارته أمام سلسبيل الجالسة أرضا ټصارع دوارها و في نفس اللحظة توقف عبد الجبار أيضا بسيارته بعدما دفع سيارة جابر للخلف حطم وجهتها تماما حتى أصبح هو الواقف أمام زوجته مباشرة يتطلع له من خلف المقود بأعين تقدح شرر..

قفزوا أثناتهما خارج

سيارتهما بنفس اللحظة يهرولان نحو سلسبيل التي زاد فزعها و شحوب وجهها من هيئتهم التي لا تبشر بالخير أبدا..

بعد يدك عنها!!.. كان هذا صوت عبد الجبار الذي قبض على ذراع جابر قبل أن ېلمس سلسبيل و دفعه بلكمة قوية بعيدا عنها پعنف ليأخذ جابر وضع الإستعداد لرد الكمة له التي لن تتوقف إلى هذا الحد بل سينتهي بهما الأمر إلى معركة دامية..

أدركت سلسبيل خطۏرة الوضع أصبحت أمام خيارين أصعب من بعضهما مع من سوف تذهب!..

هي واثقه أن عبد الجبار لن يتركها تذهب برفقة جابر هذه المرة إلا في حالة واحدة فقط ألا و هو چثة هامدة..

تحاملت على نفسها و قررت إنهاء تلك المعركة قبل حتى أن تبدأ انتصبت واقفة بجسد يترنجح بشدة بسبب ضعف بنيتها أخذت نفس عميق و سارت بخطوات متعثرة كادت أن تسقط أرضا على وجهها لكنها ألقت بثقل جسدها على ظهر عبد الجبار ملتفة بكلتا يديها حول خصره تقيد حركته و تمنعه من السير نحو غريمه الذي شلته الصدمة و بقي واقفا مكانه يحملق بها بنظرات يملؤها الألم ..

بينما تسمر عبد الجبار من فعلتها هذه التي أثلجت قلبه المتيم بها عشقا.. 

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل الرابع وثلاثون.

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

أنهمرت عبرات سلسبيل على وجنتيها بغزارة حين رأت نظرة جابر المټألمة دفنت وجهها بظهر عبد الجبار هروبا من نظرته التي تشعرها بذنب لا دخل لها به ف قلوبنا ليست عليها سلطان لو كانت تستطيع التحكم فى زمام الأمور بعقلها بدلا من ذلك النابض بعشق رجل تشاركها فيه امرأة غيرها لكانت إختارت إعطاء فرصة لبدأ حياة جديدة مع جابر..

لكن القدر لعب لعبته معها كعادته و استمعت بأذنها رفض والدته على وجودها بحياته من الأساس و هي لن تخوض أي صراعات أخرى يكفيها ما عشته من قسۏة و عڈاب لم ينتهي بعد..

 ألتفت عبد الجبار لها على الفور و ألتقطها بلهفة محاوطا خصرها بذراعه القوي و مال عليها قليلا واضعا ذراعه الأخر أسفل ركبتيها..

رفعها بمنتهي الخفة بين يديه فأراحت هي رأسها على كتفه غالقة عينيها براحة 

سار بها بخطوات مهرولة تجاه سيارته و أجلسها على المقعد الخلفي بتمهل و صعد بجوارها و هو يقول بأمر لسائقه الذي كان يجلس بالمقعد الأمامي.. 

هم يا حسان على المستشفى قوام..

كل هذا أمام جابر الذي لم يبتعد بعينيه عن سلسبيل إنتبه على حالته و هرول مسرعا نحو سيارته يستعد للسير خلفهم لن يتركها إلا بعدما يطمئن عليها حتى لو كلفه الأمر حياته..

بينما إنتقل حسان من مقعده لمقعد السائق اڼفجر صوت هدير محرك السيارة ليطير الغبار من الخلف بقوة لحظة إنطلاقها..

أغلق عبد الجبار زجاج النوافذ العاتم الذي لا يتيح لمن بالخارج رؤية من بالداخل و مد يده للفتحة

التي بينهم و بين السائق أغلقها أيضا..

و اعتدل بجزعه تجاه سلسبيل يتطلع بعينيها الباكية بإشتياق و عشق فاق كل الحدود كتم أنفاسه و هو يقترب منها و يفك حجابها بكل ما يملك من رفق شعر بقبضة حديديه تعتصر قلبه حين رأي مدى تطور حالتها للأعياء الشديد..

وجهها يزداد شحوبا و قد تناثرت حبيبات العرق على جبهتها تلاحقت أنفاسها و هي تهمس بصعوبة بصوت مجهد.. 

عطشانة أوي يا عبد الجبار..

مد يده لبراد صغير يحتوي على زجاجات مياه و عصائر باردة و تناول زجاجة من

المياه و أخرى من العصير و فتح أحدهما و بدأ يسقيها بتلهف مغمغما.. 

أيه اللي حصل يا سلسبيل.. مين عمل فيك أكده!!!..

وقعت.. وقعت على وشي.. 

همست بها سلسبيل بأنفاس متهدجة

أسقاها هو حتى أرتوت من المياه و أسرع بأعطاءها العصير رغم أعتراضها لكنه لم يتركها إلا بعدما أنهته و بدأت تستعيد قواها رويدا رويدا..

تناول زجاجة مياه ثانية و سكب القليل منها بكف يده

و سار بها على وجهها يزيل عنه آثار الډماء و يتفقد چرح جبهتها بملامح مرتعدة من شدة خوفه عليها..

يرسم ملامحها بأبهامه عيونها الحزينة التي تتحشي النظر له نزولا بوجنتيها التي أشتعلت 

رفعت يدها ببطء و ضعف شديد و أطبقت على معصمه بأصابعها الهشة أزاحت يده عن وجهها و اعتدلت بجلستها بوهن مبتعده عنه حين رأته يميل عليها و قد غلبه شوقه لها فقده كل ذرة تعقل يملكها..

دادة عفاف.. اتصلي بيها.. زمانها قلقانة عليا أوي .. 

قالتها سلسبيل بصوت مبحوح أثر المشاعر المتضاربة التي تعيشها معه..

اجتهد عبد الجبار للسيطرة على نفسه معاها قد إستطاعته لكنه فشل و بكل أسف فشل ذريع لم يقدر على منع نفسه عنها خاصة بعدما كاد أن يفقدها إلى الأبد..

أبعد يا عبد الجبار أنا محرمة عليك.. أنت رميت عليا يمين طلاق.. همست بها سلسبيل بصوت اختنق بالبكاء و هي تكافح بضرواة للتخلص من حصار جسده حولها..

خرج صوته هو بحنين مفعما بالشوق الجارف الدائم إليها وحدها.. 

رديتك.. رديتك على ذمتي يا بنت جلبي..

ابتعد عنها بضعة أنشات ليتمكن من النظر لعينيها 

أشرق وجهه في هذه اللحظة بإبتسامة محملة بمشاعره القوية التي يكنها لها خاصة حين لمح طرف ياقتة جلبابه التي ترتديها سلسبيل أسفل أسدالها و أستطرد .. 

لحظة ڠضب يا سلسبيل و لما فوقت منها قولت إنك أكيد مهتعمليش فيا أكده إلا لو حد هددتك بحاچة واعرة قوي قوي لأچل ما يفرقونا.. مش أكده يا حبة جلب عبد الچبار.. أني متوكد إني مهونش عليك تشقي جلبي شق ..

أنهى جملته و نظر داخل عينيها بعمق بنظراته المتيمة التي ټخطف أنفاسها و تتغلغل بأعماقها تلمس شيئا شديد الحساسية بداخلها.. 

إزدردت لعابها بتوتر و هي تمتثل رغما عنها للسحر الذي يبثه لها بنظراته لكن صوت هاتفه الذي صدح تزامنا مع صوت حسان يقول .. 

وصلنا المستشفى يا عبد الچبار بيه..

كل ما يحدث لم يمنعه من مراده هذا كل ما يريده في الوقت الحالي الآن و يلقى حتفه بعدها..

شهقت سلسبيل بخفوت حين مال عليها 

بينما جابر.. الذي صف سيارته أمام المستشفى الذي تقفت أمامها سيارة غريمة رفع يده و مسح عبراته التي خانته لأول مرة و هبطت على خديه دون بكاء يرى أمام عينيه المرأة التي يذوب في حبها و قلبه معلق بها منذ نعومة أظافره و ما أصعب الوقوع في الحب من طرف واحد

شعور لا يتحمله أحد خاصة إذا كان يمتلك بقلبه عشقا صادق..

رغم علمه أنه يركض وراء سراب يوهم نفسه أن القدر سوف يرأف بقلبه الملتاع و تعود له صغيرته سلسبيل يحيا على أمل الفوز بحبها ذات يوما.. 

يتبع…………….. 

استغفروا لعلها ساعة استجابة..

.الفصل الخامس وثلاثون..

بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

في كثير من الأحيان نتعرض لصدمات تقلب حياتنا رأسا على عقب خاصة إن كانت صدمة قوية حينها يصبح رد الفعل غير متوقع على الإطلاق نكتشف جانب في شخصياتنا لم نكن نعلم أنه موجود بداخلنا مطلقا..

و إذا أتت تلك الصدمة من من نعتبرهم أقرب لنا من أنفسنا و قتها يصبح العقل غير قادر على الإستيعاب أو ربما تمر تلك الصدمة مرور الكرام بعد أن تعطنا درسا قاسېا 

ف لكل منا قدرة على التحمل تختلف قدراتنا بين كل شخص و آخر و في حالة خضرا لم تستطيع تحمل وجود سلسبيل كزوجة في حياة زوجها رغم أن الكثير من النساء يتقبلون وجود زوجة و اثنان و ثلاثة أيضا بحياة أزواجهم و يتعايشون مع الأمر بكل رضي..

بينما هي الآن في حالة نفسية أسوء ما يكون خاصة بعد محاولة الإنتحار التي أقدمت عليها توضح مدى تطور حالتها من سئ لأسواء و كان يجب أن تخضع للعلاج النفسي فترة ليست بقليلة حتى تستعيد توازنها و أدراكها العقلي..

تتصرف بلا أدنى تفكير في أفعالها و ما ينتج عنها من عواقب واخيمة وصل بها الأمر إلى مراقبة زوجها عن طريق حسان الرجل الذي يعتبره عبد الجبار ذراعه اليمين الذي أدهشها بموافقته السريعة على طلبهاحتى وصل بهما الأمر إلى تبادل أرقام هواتفهما سرا و بدأ بالفعل ينقل لها كل تحركات زوجها..

اممم يعني قال إنه ردها لعصمته!..

دمدمت بها خضرا بصوت خفيض و تابعت دون أن تعطيه فرصة للرد عليها..

و هي قالت له أيه لما قالها أكده..

جاوبها حسان الجالس داخل سيارة عبد الجبار الواقفه أمام إحدي المستشفيات الخاصة بالمنصورة..

مرضياش ترچعله واصل.. سمعت صوت رفضها و بكاها يا ست الناس..

انبلجت شبه إبتسامة علي ملامح خضرا التي تبدلت للنقيض بعدما كانت تشع طيبة تحولت لأخرى جامدة و قد انعكس على وجهها ما تحمله بقلبها من چروح نافذة غلفته بقسۏة غريبة عليها كليا..

عينك متغفلش عنهم واصل .. لو حصل ووافجت المحروقة دي ترچع على ذمته!! .. 

صمتت لبرهة و قد توحشت نظرة عينيها و تابعت بلهجة حادة لا تقبل الجدال.. 

وقتها يچيني خبرهم الليلة..تخلص عليهم اتنين فاهمني زين ..

قال حسان بطاعة.. أمرك يا ست الناس..

أغلقت الهاتف بوجهه ليبتسم هو إبتسامة يتطاير منها الشرر و الطمع في الحصول عليها بعدما يتخلص من الرجل الذي أستأمنه على نفسه فعلته هذه تعلمنا أن لا أحد يؤمتن في زمننا المليء بالغدر هذا..

بينما هي تعمدت عدم نطق إسمه ليقينها بأن بخيتة تتجسس عليها كعادتها تفوقت عليها في الجبروت و أصبحت لا تخشى منها و لا حتى من غيرها..

اعتدلت بمقعدها بوضع أكثر راحة تنظر للفراغ بشرود تتذكر حديث زوجها معاها بعد خروجها

من المستشفى..

.. فلاش باااااااااااك..

جذب عبد الجبار مقعد و جلس عليه بجوار الفراش النائمة عليه خضرا تبكي و تأن بوهن مد يده و أمسك يدها بين كفيه يربت عليها برفق و هو يتنهد بقوة مغمغما .. 

ليه كل ده عاد يا خضرا !!.. أيه اللي حصل يا غالية وصلك للحالة العفشة دي.. معقول غيرتك عليا تخليكي ټموتي نفسك و ټحرقي جلب البنتة الصغار وجلب أبو البنتة عليكي!!..

مش الغيرة اللي خلتني أعمل أكده.. 

همست بها بصعوبة بالغة من بين شهقاتها الحادة و رفعت

عينيها الغارقة بالعبرات و نظرت له نظرة طويلة مكملة بابتسامة زائفه أثارت بقلبه الريبة.. 

الخۏف.. الخۏف واعر قوي قوي و أني خۏفت عبد الچبار..

عقد حاجبيه و هو يقول بتساؤل مستفسرا.. 

خۏفتي!!.. من أيه عاد..

أجهشت

بنوبة بكاء مرير دفعته لأحتوائها داخل صدره كمحاولة منه لتهدئتها لتهمس هي بصوت مرتجف قائلة.. 

من حديت مراتك سلسبيل.. قالتلي أنها هتخليك تطلقني و ترچعني على البلد بعد ما تاخد مني بناتي و محدش غيرها هيفضل على ذمتك.. حديتها مخلاش فيا عقل.. المۏت عندي أهون من بعدي عنك أنت و بناتي..

تطلع لها مدهوشا من حديثها الذي لم يدخل عقله مطلقا و حرك رأسه بالنفي مغمغما بثقة.. 

مستحيل.. مستحيل سلسبيل تقول أكده .. متقدرش تنطق بالحديت العفش ده يا خضرا لأنها خابرة زين إني هزعل منها و هي متقدرش على زعلي واصل..

زادت حدة بكائها.. بكاء ېهدد بدخولها إحدي نوبات أنهيارها الذي تكرر في الفترة الأخيرة كثيرا و صاحت پجنون مرددة.. 

كنت خابرة إنك مهتصدقنيش..كنت خابرة إنك هتكدبني لخاطرها.. كيف ما هطلقني برضوا لخاطرها يا عبد الچبار..

 الأيام بنتنا يا عبد الچبار و هيچي اليوم اللي هتوقع فيه سلسبيل بيني و بينك و هتخليك تختار بيني و بينها و أني متوكدة إنك هترميني كيف ما قالتلي لأنك محبتنيش كيف معشقتها..

رفع عبد الجبار يده وأمسك ذقنها جبرها على النظر له و تحدث بنفاذ صبر.. 

بكفياك يا خضرا.. اللي بتقوليه ده مش هيحصل.. مهما حصل هتفضل كفتك أنتي عندي هي اللي رابحة.. مهما حصل و مهما اتقالي عنك أني مهستغناش عنك يا أم الغوالي..

.. نهاية الفلاش باااااااااااك..

تنهدت بارتياح حين شعرت أنها على وشك تحقيق مرادها و ما تسعي إليه جاهدة و هو استرجاع زوجها لها ثانية و إبعاد غريمتها عنهم للأبد..

……………………………..سبحان الله العظيم…….

سلسبيل ..

تهللت أسريرها حين رأت باب الغرفة يفتح و دلفت منه عفاف مقبلة عليها بخطي شبه راكضة و هي تقول بلهفة.. 

سلسبيل.. يا حبيبتي يا بنتي..

دادة عفاف.. نطقت بها سلسبيل

و هي ترتمي داخل حضنها و تبكي بضعف و عينيها عالقة على الباب الذي لم يقفل بعد..

كان بالخارج يقف عبد الجبار مقابل جابر بينهما جميع العاملين بأمن المستشفى الذين قاموا بأبعادهما عن بعض بشق الأنفس بعدما دارت بينهما معركة دامية كانت ستنتهي بمۏت واحد منهما لولا تدخل أفراد الأمن..

أغلقت المرافقة ل سلسبيل الباب على الفور و وقفت أمامه من الخارج تنجنبا لدخول أحدا منهما..

ضمتها عفاف بحب صادق و ربتت على شعرها نزولا لظهرها بحنان و هي تقول بتساؤل .. 

أيه اللي بيحصل برة ده!.. هو عبد الجبار بيه كان پيتخانق مع جابر أبن خالتك ولا أيه!..

حركت سلسبيل رأسها بالايجاب و تحدث بأسف قائلة.. 

كانوا هيموتوا بعض يا دادة عشان جابر عايز يدخل يطمن عليا و عبد الجبار منعه و مش راضي يدخله أبدا..

ضحكت عفاف و هي تحرك رأسها بياس مردفة.. 

عبد الجبار بيه بيغير عليكي من ابن خالتك ده و ليه حق بصراحة.. الواد نظرته ليكي و لهفته عليكي كلها حب.. عايزة يكون رد فعله أيه و هو شايف واحد بياكل مراته أكل بعينيه قدامه! ..

بس أنا خلاص مبقتش مراته يا دادة.. 

همست بها سلسبيل بغصة يملؤها الآسي و صمتت لوهلة ثت تابعت بحزن.. 

رغم أنه قال لي أنه ردني على ذمته تاني.. لكن أنا مش موافقة و مش هوافق..

جلست عفاف بجوارها على الفراش و أخذت نفس عميق و تحدثت بتعقل قائلة.. 

لو عايزه ناصحتي يا بنتي.. خليكي صريحة مع جوزك و قوليله على كل حاجة أنتي حكتهالي.. قوليله على ټهديد ضرتك و عرفيه أنها السبب في القضية اللي وكلتي جدك يرفعها عليه.. عرفيه إن اللي عملتيه ده من خۏفك عليه لتنفذ ټهديدها و تأذيه زي ما قالتلك.. خليكي صريحة معاه و متخفيش من حاجة خصوصا على عبد الجبار بيه لأنه ميتخفش عليه يا سلسبيل..

جمدي قلبك وصرحيه.. الصراحة راحة يابنتي..

نظرت لها سلسبيل بحيرة ظاهرة في عينيها التي تغرقها الدموع لترفع عفاف يدها و تزيل دموعها بحنو.. 

يعني أنتي رأيك أني أقوله يا دادة..

أجابتها عفاف قائلة..ده مش رأيي.. ده العقل بيقول كده.. عشان لو لفت الأيام و عرف هو اللي حصل و اللي قالته ليكي خضرا في يوم ميعتبش عليكي و يغلطك و يقولك معرفتنيش ليه..

ساد الصمت بينهما طويلا قطعته سلسبيل قائلة.. 

نادي عليه من فضلك يا دادة قوليله سلسبيل عايزاك و لما يدخل قولي ل جابر أني كويسة و هخرج له أنا .. 

قبلتها عفاف من جبهتها قبل أن تنتصب واقفة و أبتسمت لها ابتسامتها الدافئة مرددة.. 

أنا هخرج و هبعتهولك و هفضل مستنياكي برة.. اطمني أنا معاكي..

بادلتها سلسبيل ابتسامتها بأخرى باهتة و تابعتها بنظرات زائغة أثناء مغادرتها الغرفة..

فور خروجها دلفت

إحدي الطبيبات تطمئن على المحلول المعلق بيد سلسبيل و تقوم بتعقيم چرح جبهتها بأدوات طبية مخصصة للچروح..

ظهرت علامات الاشمئزاز على ملامح سلسبيل و شحب لونها فجأة و بدت على وشك التقيأ.. 

مالك يا مدام.. أنتي دايخة و لا حاسة بحاجة تعباكي.. 

قالتها الطبيبة حين لاحظت شحوب وجهها و تناثر حبيبات العرق على جبهتها..

إزداردت سلسبيل لعابها بصعوبة و همست بصوت متعب قائلة.. 

ريحة القطن اللي في إيدك ده مضيقاني أوي و حاسة إني عايزه أرجع بسببها..

قالت الطبيبة بتعجب.. 

القطن ملوش ريحة أصلا !!! .. 

صمتت للحظة و تابعت بتكهن.. 

لتكوني حامل!!..

يا الله!!

حامل!!!.. همست بها سلسبيل بأنفاس متلاحقة

تحبي أسحب منك عينة ډم و نحللها.. 

قالتها الطبيبة التي أنتهت للتو من تعقيم جرحها لتحرك سلسبيل رأسها بالنفي سريعا وهي تقول بتوتر.. 

لا لا.. مش عايزه أعمل تحاليل.. أنا مش حامل و لا حاجة..

قالت الطبيبة بعملية.. تمام.. زي ما تحبي.. على العموم أنتي بقيتي كويسة و تقدري تروحي أول ما المحلول يخلص..

………………………………..سبحان الله وبحمده…..

بالخارج..

كانت عفاف تتحدث مع عبد الجبار الذي رمق جابر الواقف بثبات بنظرة ساخرة و أبتسم بأنتصار حين قالت له.. 

عبد الجبار بيه.. مدام سلسبيل عايزه حضرتك ..

هي كويسة يا مدام عفاف.. 

أردف بها جابر بصوته المتلهف الذي يثير جنون عبد الجبار..

أجابته عفاف بقلق من نظرات عبد الجبار الحاړقة.. 

كويسة الحمد لله..

وقف عبد الجبار أمامه مباشرة و تحدث بلهجته الصارمة قائلا.. قالتلك أنها بقت زينة.. تقدر تغور بقي دلوجيت لاچل ما تطمن چدك القلقان عليها و كل هبابه يتصل عليك و عليا ..

تطلع له جابر بشجاعة دون أن يغمض له جفن و تحدث بأسف قائلا.. 

هما اللي منعوني عنك..

قالها و هو يتنقل بعينيه بينه و بين أفراد الأمن الواقفين على أبهى إستعداد لمنعهما إذا اشتبكا ثانية و تابع بوعيد.. 

أعمل حسابك أنا لو لمحتك على طريق قدامي تاني هسويك بالأسفلت..

ضحك عبد الجبار ضحكة مدوية وصلت لسمع زوجته بالداخل خطفت أنفاسها و جعلت دقات قلبها تخفق

كالطبول رفع يده ربت على كتفه پعنف وهو يقول.. 

اللي بيقول مبيعملش.. و بفضل الله لا أنت و لا بلد بحالها تقدر تعمل حاچة مع راچل صعيدي و خصوصا لما يبجي الراچل ده عبد الچبار المنياوي يا ابن البندر..

قالها و هو يسير من جانبه تجاه غرفة سلسبيل طرق على الباب و فتحه دون إنتظار إذن و دلف للداخل غالقه خلفه تاركا جابر يستشيط ڠضبا يكاد أن يدمر الأخضر و اليابس.. 

يتبع………… 

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل السادس وثلاثون 

بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله 

كانت سلسبيل في حيرة شديدة من أمرها لا تعلم من أين تبدأ الحديث كل ما فكرت فيه و جهزته لتخبره به تبخر من عقلها فور رؤيته مقبلا عليها بلهفة هكذا 

قطع عبد الجبار المسافة بينه و بينها بخطوتان لا ثالث لهما و بلمح البصر وجدت نفسها مرفوعة بين ذراعيه بمنتهي الخفة كأنها لا تزن شيئا جلس 

كيفك دلوجيت!

همس بها داخل أذنها بصوته المزلزل الذي يبعثر كيانها كله دفعة واحدة انكمشت على نفسها بين يديه أراحت رأسها على موضع قلبه النابض بعشقها وحدها تنهدت براحة و هي تقول بخفوت

أنا الحمد لله بقيت كويسة أطمن 

مسد على طول ظهرها بكف يده الضخمة يضمها له بقوة مرددا بتساؤل

هتعاوي معاي على الدار مش أكده يا سلسبيل 

أطبقت جفنيها پعنف تكبح عبراتها التي تجمعت بعينيها أخذت نفس عميق قبل أن ترفع وجهها ببطء و من ثم عينيها الحزينة و تطلعت له بابتسامتها التي تذيب قلبه المتيم بها تأملت ملامح وجهه الجذاب رغم صلبته و صرامته و تحدثت بأسف قائلة

مش هينفع مش هينفع أرجع معاك و لا حتى أرجع على ذمتك تاني يا عبد الجبار 

رأت عيناه تتسعان پغضب و تبرز حولها الشعريات الدموية بخطۏرة مع ذلك تحدثت بتأن بالغ دون أن يخيفها الوضع أو تحذيره 

جوازي منك كان بالنسبة ليا طوق النجاة اللي هينقذني من جبروت أبويا اللي مش عارفة أيه سبب قسوته عليا بالشكل ده لحد دلوقتي و جوازك أنت مني كان غلطة و لازم تصلحها و ترجع لمراتك اللي هتجنن من غيرتها عليك و لبناتك و تنساني خالص من حياتك 

صمتت لبرهة تحاول السيطرة على حشرجة صوتها الذي اختنق بالبكاء بسبب نظراته العاشقة لها و تابعت پألم نجحت في إخفاءه

ليها حق أبلة خضرا في غيرتها المچنونة عليك و في ټهديدها ليه لو مبعدتش عنك 

عقد حاجبيه بدهشه مغمغما

ټهديد أيه اللي بتتحدي عنه!!! 

انسحبت الډماء من وجهها و بدي الړعب و الفزع ظاهر على قسماتها و هي تجيبه بصوت مرتجف

أبلة خضرا بتهددني بيك غيرتها عليك عمتها و قست قلبها و بتهددني أنها هتقتلك لو فضلت على ذمتك و لما قولتلها إنك مش هطلقني بسهولة قالتلي أرفع خلع و خلتني عملت لجدي توكيل و طلبت منه يرفع لي قضية خلع عليك عشان خۏفت منها خۏفت تنفذ ټهديدها و تعمل فيك حاجة يا عبد الجبار 

أطبق السكون حولهما فور إنتهاء حديثها بقي عبد الجبار يتطلع لها بصمت أثار بقلبها

الريبة كانت ملامحه المتلهفة تحولت لأخرى جامدة 

اممم يعني أم فاطمة قالتلك إنها هتقتلني لو فضلتي على ذمتي!!! تمتم بإيجاز تغلفه قساوة غريبة حركت سلسبيل رأسها له بالايجاب و قد زحف القلق لقلبها من نظرات العتاب الذي يرمقها بها

حديتك ده يخليني أقل حاچة أعملها إني أرمي اليمين على أم بناتي اللي قوتك على عملتك السودة برفع قضية خلع على رچلك اللي بيتمني لك الرضا و شايلك چوه جلبه قبل عينيه!!

قالها باقتضاب لا يخلو من الجمود و مال عليها بجزعه مستند بكفيه على الفراش من حولها و تابع پألم حاد

ها 

بكت سلسبيل و هي تقول بندم أنا آسفة على اللي عملته أنا غلطت في حقك وأنت متستهلش مني كده بس والله أنا عملت كده من خۏفي عليك يا عبد الجبار 

أخذ نفس عميق و زفره على مهل مردفا بنفاذ صبر

بكفياك بكى عاد و خلينا ننسى كل اللي حصل و هاخدك من أهنه على بيت چديد هيبجي ليك لوحدك و ملكيش صالح بحديت خضرا واصل 

من أجلها تنازل عن كبرياءه و كرمته لأول مرة بعمره حتى لا يخسرها هي لا يريد سوي أن تظل زوجته حتى لو كان ما تقوله عن ټهديد خضرا حقيقة و كلفه الأمر حياته 

كانت تتمنى أن توافقه على حديثه هذا لكن خۏفها عليه كان أكبر من احتياجها له خاصة بعد علمها بأنها ربما تكون حاملة في احشائها منه طفلهم الأول تمكن منها الذعر أكثر و هي تتخيل رد فعل ضرتها على خبر حملها بالتأكيد ستقتلها هي و جنينها في الحال 

وجدت نفسها تحرك رأسها بالنفي مرددة پبكاء

لا لا أنا و هي مش هينفع نبقي على ذمتك يا أنا يا هي يا عبد الجبار لكن إحنا الاتنين مع بعض مش هينفع لازم تختار بنا

ما تفوهت به الآن هي على دراية كاملة ما سيكون إختياره تعلم أنها وضعت نفسها في مقارنة خاسرة بالرغم من عشقه لها لكن ابنتيه يفضلهما دائما عن نفسه و هي على يقين أنه لا و لن يفرط بهما مهما فعلت أمهما 

بتلوي دراعي يا سلسبيل!!! نطق بها

مذهولا من حديثها الذي بدأ يفقده صوابهو قبض على ذراعها بكف يده بقوة ألمتها مكملا پغضب عارم تمكن منه

بتخيريني بينك و بين خضرا !! 

مقدرش أصدق يعني هي كانت على حق و أني كدبتها و دفعت عنك لما قالتلي إنك هتخليني أطلقها بعد كل اللي عملته وياك أخرتها عايزه تخربي بيتها و توقعي بيني وبينها فاكراني شخشيخة في يدك عاد و هچري أنفذ حديتك الماسخ ده و أطلق مراتي أم بناتي!!! 

اڼفجرت سلسبيل في وجهه صاړخة بعدما صدمها حديثه و نظرته لها التي تحولت للنقيض يرمقها بنظرة خذلان يخبرها أنها خذلته و سقطت من نظره بقولها المتهور هذا

و هي عملت ايييه معايا يا عبد الجبار و لا أنت نفسك عملت ايه معايا! أنا كنت لعبة في أيدك أنت و هي اختارتني ليك أنا بالذات عن كل حريم الدنيا لأنك اتفقت مع الدكتور يفهمها إني مريضة و مش هقدر أخلف و لا هعيش أساسا!!! 

استجمعت قوتها و رفعت يدها دفعته بصدره بعيدا عنها بكفها الصغير و تابعت بغصة مريرة يملؤها الآسي 

يا ريتني كنت مت و اترحمت من الپهدلة دي كلها أنا خلاص جبت أخرى من أبويا و مراتك و أمك و منك أنت كمان يا عبد الجبار مش هشوف راحة طول ما أنا و أم بناتك على ذمتك 

و أني مش هطلق خضرا يا سلسبيل قالها عبد الجبار بنبرة جادة لا تحمل الجدال 

أبتسمت سلسبيل إبتسامة تخفي خلفها حزنها و كسرتها مرددة بأسف

يبقي أنت

كده هطلقني أنا 

سبحان الله العظيم 

كانت سعاد تبكي بنجيب و قد تمكن من قلبها الخۏف و هي تتخيل رد فعل جابر إذا علم أنها وراء هروب سلسبيل بعدما استمعت لحديثها تقول أنها ستحدث والدها حتى يأتي ويأخذها 

و أيضا لم تسلم من حديث فؤاد الذي صب جم غضبه عليها و ظل يلقى على سمعاها

كلمات دبت الړعب بأوصالها أكثر

أنتي السبب في اللي حصل لبنت أختك زي ما كنتي السبب في جوازة أمها عشان تسد ديون جوزك للمفتري قناوي اللي خد أختك الصغيرة تخليص حق خدها مۏتها بقسوته عليها و دلوقتي مبتفكريش غير في إبنك و عايزة ترميله بنته عشان ېموتها زي أمها أنتي قلبك ده أيه يا سعاد حجر مبتحسيش!!! 

كفاية يا بابا أبوس إيدك كفاية جلد فيا 

همست بها سعاد بصعوبة من بين شهقاتها و تابعت قائلة

أنا مكنتش أعرف أن قناوي ده هيعمل في أختي كده لو كنت أعرف أنه جبروت بالشكل ده مكنتش وافقت ولا أنا و لا أبو جابر الله يرحمه و لما قولت إني هكلمه يجي ياخد سلسبيل كنت بهوش بس لكن والله

ما كنت هكلمه و خۏفي على ابني ده ڠصب عني مش بخاطري مش هقدر أشوفه الراجل التالت في حياة مراته و هو يا حبيبي مخطبش و لا حتى حب واحدة غيرها معلق نفسه و قلبه بواحدة ياريتها حتى بتبادله مشاعره ناحيتها و كمان بتحب طليقها!! عايزني اعمل أيه و أنا شايفة ابني و حيدي واقع الواقعة السودة دي قولي يا بابا عايزني أقف أتفرج عليه!! 

قطعت حديثها فجأة و إرتفع صوت نشيجها و قد داهمها دوارا عڼيف أفقدها توازنها و أصبحت تترنجح يمينا و يسارا حاولت الاستناد على أي شيء حولها لكنها سقطت أرضا مستندة بظهرها على الحائط 

سعاد مالك يا بنتي قالها فؤاد و هو يهرول مسرعا تجاه مصدر الصوت باحثا عنها كالمچنون و قد سقط قلبه بسقوطها فبدأ يبكي و هو يتحسس بيده المكان من حوله حتى وصل إلي يدها الملقاه بجوارها لينصدم من برودة بشرتها الشديدةو همسها الضعيف تقول بوهن

دوا الضغط و السكر الحقني بدوا يا بابا 

قال فؤاد بصوت مرتجف بل جسده كله أصبح ينتفض پذعر و قد شعر بالندم لأنه قسي عليها

هو فين قوليلي حطاه فين و أنا اجبهولك 

لم تستطيع سعاد الرد عليه و قد بدأت تغيب عن الوعي بعدما داهمها دوارها بقوة أكبر 

شعر فؤاد أنه على حافة الجنون بعدم ردها عليه مما يعني أن حالتها تدهور و هو عاجز عن إسعافها ليرأف الله بحاله و صدح صوت رنين هاتف ابنته فهرول راكضا تجاه الصوت و أسرع بالضغط على زر الفتح مرددا بلهفة ظنا منه أن المتصل حفيده

جابر ألحق أمك يا ابني 

مالها ماما سعاد يا جدو صړخت بها صفا ابنة زوج سعاد 

أجابها فؤاد بصوت باكي يدل على شدة فزعه

وقعت من طولها يا بنتي و قالتلي الحقني بدوا الضغط بس أنا مش عارف مكانه مش عارف الحقها و جابر كمان مش هنا و أنا لوحدي مش عارف أتصرف 

انتفضت صفا من مكانها خطفت اسدالها ارتدته بلمح البصر وركضت بأقصى سرعة تملكها مرددة بأنفاس لاهثة و قد بدأت تبكي هي الأخرى

أنا هجيب العلاج و أجيلك حالا بس أديها أي حاجة مسكرة على ما أوصل 

سبحان الله العظيم 

جابر 

كانت تمنعه عفاف بشق الأنفس حتى لا يقتحم الغرفة على سلسبيل بعدما استمع لصوت صړاخها الباكي 

سيبهم يا ابني يتعاتبوا مع بعض متدخلش بينم عشان المشكلة متكبرش أكتر لأنهم في الأخر واحد ومراته و الداخل بينهم خارج 

أردفت بها عفاف بتعقل و هي تقف أمامه تمنعه من الوصول لباب غرفة سلسبيل 

اصطك جابر على أسنانه كاد أن يهشمها و كور قبضة يده و لكم الحائط بجواره عدت مرات

متتالية ينفس عن غضبه العارم 

ليتوقف پصدمة حين وصل لسمعه صوت عبد الجبار يقول بصوته الأجش

أنتي طالق يا سلسبيل!!!! 

ساد الصمت لدقائق بعد جملته هذه التي أصابت الجميع پصدمة فقدتهم النطق و حتي الحركة لم يقطع هذا الصمت سوي صوت رنين هاتف جابر الذي صدح تزامنا مع فتح باب الغرفة و خروج عبد الجبار كقذيفة نيران متوهجة سار من جانبه دون النظر إليه بنظره عابرة حتى كان سيره حثيثا أقرب إلى الهرولة من شدة انفعالاته المتضاربه 

أيوه يا جدي!! نطق بها جابر بصوت يملؤها الفرحة ليأتيه صوت فؤاد يقول پبكاء

جابر أنت فين يا ابني تعالي ألحق أمك وقعت من طولها 

انقطعت أنفاسه حين استمع لصوت جده الباكي و تباطأت دقات قلبه بعد ما تفوه به و أصبح في حيرة من أمره ايدلف ل سلسبيل التي بدأت تبكي بصوت أشبه بالصړاخ أم يذهب لوالدته!! 

وجهه نظره ل عفاف التي أسرعت بلهفة تجاه غرفة سلسبيل و همس بأسف

أمي وقعت و لازم أروح الحقها 

روح لها أنت يا ابني و أنا هفضل مع سلسبيل متقلقش عليها

قالتها عفاف قبل أن تدلف لداخل الغرفة و تغلق الباب خلفها 

تحرك جابر على مضض راكضا لخارج المستشفى و من ثم نحو سيارته قفز بداخلها و بدأ يقودها بأقصى سرعة ممكنة و هو يقول

أنا جاي حالا يا جدي

غافلا عن أعين عبد الجبار الذي كان مازال يجلس داخل سيارته يلكم المقود بقبضة يده و ېصرخ بهياج بصوت مكتوم من شدة ألم قلبه الملتاع 

بينما بداخل غرفة سلسبيل 

طلقني قولتله الحقيقة كدبني و صدق خضرا و أخترها هي و طلقني رسمي يا دادة

قالتها سلسبيل پبكاء يقطع نياط القلوب و هي تطلع بحسرة لورقة طلاقها الذي وقعها عبد الجبار و ألقاها بوجهها

يتبع

واستغفروا لعلها ساعة استجابة

الفصل السابع وثلاثون.

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

في بعض الأحيان يأتي علينا وقت نكن فيه كالمغيبين نسير وراء ما نريد دون النظر في عواقبه حتى تأتي ضړبة قوية على حين غرة تعيد لنا وعينا ضړبة تكاد تكون قاټلة ولكنها وبكل آسف تركنتا أحياء لنقر و نعترف بأنها أعطتنا درسا قاسېا نخرج منه بقوة لم نكن نظن إننا نمتلكها ذات يوم..

جابر..

يقود سيارته بسرعة الرياح و قد انقبض قلبه قبضة مخيفة عينيه كانت على الطريق بتركيز شديد و على المرآة أيضا في آن واحد ينظر للهدايا القيمة الخاصة بالرسم و الكثير من الورود الرائعة التي أحضرها ل سلسبيل و لم يجد فرصة مناسبة لأعطائهم لها..

وبرغم تركيزه هذا إلا أنه لم ينتبه ل حسان الذي يتابعه منذ خروجه من المستشفى بأمر من عبد الجبار..

دقائق معدودة وكان يصف سيارته أمام منزله تزامنا مع وصول صفا التي قفزت راكضة من سيارة أجرة متوجهه نحو المنزل التي كانت تأتي إليه دوما برفقة زوجة والدها سعاد لزيارة فؤاد التي تعتبره في مقام جدها..

كانت تركض نحو الدرج بهرولة ليلحق بها جابر بخطواته الواسعة و قد زاد خوفه حين لمح ذعرها الظاهر على ملامحها ذات الجمال الهادئ..

تصعد الدرج كل درجتين معا لتفلت إحدي قدميها و كادت أن تسقط على وجهها إلا أن يده التي قبضت على ذراعها منعتها استدارت وتطلعت له بلهفة فقد كانت على يقين أنه هو حين حاوطتها رائحة عطره المميز.. 

جابر.. خد علاج ماما سعاد و أطلع أنت أديها حقنة الأنسولين بسرعة.. 

قالتها بأنفاس مقطوعة و هي تمد يدها له بالحقيبة الخاصة بأدوية سعاد..

أخذهم منها جابر و ركض بهم من أمامها مسرعا دون أن يرد عليها بحرف واحد وصل لشقته في لمح البصر بسبب سرعته الشديدة بينما هي كانت تجاهد بأنفاس متهدجة لتصعد الباقي من الدرج..

فتح الباب بأصابع مرتعشة و أندفع للداخل يبحث عن والدته و جده و هو يصيح بصوت يملؤه الخۏف.. 

يا أمه.. يا جدي!!..

توقف عن الحديث و حجظت عينيه پصدمة حين وجد فؤاد يجلس بجوار والدته الممدة أرضا في حاله يرثي لها فاق من صډمته على صوت جده الباكي يقول بتوسل.. 

ألحق أمك يا جابر..

جثي على ركبتيه بجوارها و قام بغرز تلك الحقنة الرفيعة للغاية بفخذها مرددا بابتسامة يخفي بها ارتعاد قلبه عليها.. 

أيه يا أم جابر.. عايزة توقفي قلبي ولا أيه.. 

قالها و هو يساعد جده على النهوض و من ثم مال عليها و حملها على ذراعيه بمنتهي الخفة لضائلة و ضعف جسدها الهزيل للغاية..

كانت سعاد بين الوعي و اللاوعي تجاهد لتفتح عينيها تهمس له بجملة صغيرة بصعوبة بالغة قائلة.. 

سامحني..سامحني يا ابني..

كان يسير بها لخارج المنزل قاصدا المستشفى بعدما رأي شحوب وجهها

و عينيها الزائغة التي جعلت الړعب يدب بأوصاله.. 

وبعدين معاكي يا أمه.. أنتي بتشوفي غلاوتك عندي بعاميلك دي!!!..

ارتمت سعاد برأسها على صدره و بكت بضعف و هي تقولعطشانة..أسقيني يا جابر..

جملتها هذه جعلت جابر في حيرة من أمره يكمل سيره بها أم يضعها على أقرب أريكة و يجلب لها الماء!..

الميه أهي يا ماما سعاد.. اشربي يا حبيبتي .. 

صدح صوت صفا التي دلفت للتو من باب الشقة المفتوح و ركضت تجاه كوب من المياه كان موضوع على الطاولة أخذته و اقتربت منها تساعدها على الشراب و هي على يد ابنها..

بللت سعاد شفتيها التي أزرقت لونهما و تحدثت بصوت بالكاد يسمع قائلة.. 

قعدني على كرسيي يا جابر.. أنا هبقي كويسة دلوقتي.. مش عايزه أروح مستشفيات.. عايزة اتكلم معاك يا ابني..

حرك جابر رأسه لها بالنفي و تابع سيره بها مرددا.. 

هنروح المستشفى نطمن عليكي بس و نرجع على طول بمشيئة الله يا أم جابر..

ربتت سعاد على صدره بكف يدها الباردة كالثلج وهي تقول بنبرة راجية.. جابر أقف و اسمعيني الأول لو ليا خاطر عندك يا ضنايا..

وقف جابر محله على مضض و نظر لها بعينيه التي لمعت بالدموع و قد تحولت نظرته الآن إلى نظرة طفل صغير لم يتم عامه الخامس مذعور من رؤية والدته ټصارع المۏت أمامه..

تأملت سعاد ملامح وجهه الجذابة بابتسامة دافئة و حب شديد هبطت عبراتها على وجنتيها ببطء و هي تقول بندم.. 

سامحني.. و قول ل سلسبيل هي كمان تسامحني يا جابر و عرفها إن اللي قولته كان كلام وقت ڠضب لكني والله ما كنت هتصل بأبوها ..

اڼفجرت صفا بنوبة بكاء حادة أشبه بالصړاخ ليصطك جابر على أسنانه بقوة كاد أن يهشمها و تابع سيره من جديد بوالدته و لكن هذه المرة كان يركض بها حتى وصل لسيارته فتحت بابها صفا التي لحقت بهما فوضع جابر والدته على المقعد الخلفي و هم بالابتعاد عنها لكن سعاد تمسكت بقميصه جذبته عليها حتى أصبحت أذنه مقابل فمها و همست بأنفاس تتلاشى.. 

خلي بالك من بنت خالتك و حاول تصلح بينها وبين جوزها لأنه بيحبها و هي كمان بتحبه و مش هتحب غيره فمتعلقش قلبك بأمل كذاب يا حبيبي.. و بوصيك على صفا.. صفا يا جابر.. صفا يتيمة أم و!!..

صمتت لبرهة و شهقت بقوة مكملة بحرفين فقط قالتهما بتقطع.. 

أب!!.. 

 لااااااا.. ماما سعاد.. 

صړخت

بها صفا و هي تدفع جابر بعيدا عنها و ترتمي فوق صدرها مرددة بصړاخ يقطع نياط القلوب.. 

متسبنيش بالله عليك.. متعمليش فيا كده.. أنا مليش غيرك.. متسبنيش أعيش في مرارة اليتم تاني أبوس أيدك..

المۏت المفاجيء فاجعة حطت على

رأس جابر دون سابق إنظار فاللهم إنا نعوذ بك من فواجع الأقدار..

…………………………. سبحان الله العظيم……

عبد الجبار ..

كان يستعد للذهاب لكنه ظل مكانه حين رأي جابر غادر المكان مهرولا تاركا سلسبيل برفقة عفاف بمفردهما زحف القلق لقلبه و شعر أن هناك شيئا خطېر أجبره على المغادرة فجأة هكذا..

جلس داخل سيارته ينتظر إتصال حسان الذي أرسله خلفه ليصدح رنين هاتفه أخيرا و لكن برقم أخر كان ينتظره أيضا على أحر من الجمر فصغط زر الفتح بلهفة قائلا.. 

ها أيه الأخبار !..

كان عندك حق يا عبد الجبار باشا.. الواد اللي سرق تليفون سلسبيل هانم كان مزقوق عليها فعلا و لما قرصنا عليه شوية قال إن في واحد كان متفق معاه ېقتلها بس هو خاف و اكتفي بالسړقة لما سأل و عرف أنها مراتك يا باشا..

إسمه أيه اللي أتفق معاه! .. قالها عبد الجبار مستفسرا بصوته الأجشليأتيه الرد الذي كان أكبر صدمة بالنسبة له حين قال الأخر بأسف .. 

إسمه حسان.. دراع سيادتك اليمين ..

حسان!!! .. تمتم بها بعدم تصديق و الكثير من الأمور بدأت توضح أمام عينيه ساد الصمت طويلا حتى قطعه عبد الجبار يقول بأمر.. 

قدامك أقل من ساعة وتشيعلي طقم حرس على العنوان اللي هبعتهولك دلوجيت و هاتلي الواد الحرامي و تليفون الهانم و أسبقني على فرع الشركة في المنصورة.. 

أردف بها و هو يغادر سيارته متوجها لداخل المستشفى ..

أغلق الهاتف بوجهه دون إنتظار رده و أرسل له عنوان المستشفى و رقم غرفة سلسبيل سار بخطواته الواثقه حتى وصل لمكتب الطبيبة المشرفة على حالتها طرق الباب و دلف للداخل دون إنتظار إذن.. 

خير يا عبد الجبار بيه!.. المدام حصلها حاجة! ..

أني اللي چاي أسألك عنها.. كيفها دلوجيت يا دكتورة!..

قالها بهدوء عكس ملامح وجهه الغاضب..

تنحنحت الطبيبة پخوف من قسماته العابسة بشدة قائلة بعملية.. 

هي الحمد لله بقت كويسة و تقدر تروح مع حضرتك أول ما المحلول اللي في ايدها يخلص..

رمقها عبد الجبار بنظرة جعلت قدميها ترتجف من الخۏف فهي تقف أمام رجل الأعمال عبد الجبار المنياوي أشهر من الڼار على علم و تحدث بلهجة حادة لا تقبل الجدال.. 

الهانم معوزهاش تخرج انهارده غير لما أبلغك بنفسي و ممنوع يدخل عندها أي مخلوق غيرك أنتي ..

حركت رأسها له بالايجاب ليصمت هو للحظة و تابع بصوت أكثر لينا بعدما أبتلع لعابه بصعوبة و قد تسارعت دقات قلبه پجنون و هو يقول.. 

و رايدك كمان تعرفيلي إذا كانت الهانم حامل و لا لا و تبلغيني طوالي على الرقم ده .. 

وضع يده بجيبه و أعطاها الكارت الخاص به و سار من أمامها بخطواته الغاضبة عائدا لسيارته ينتظر قدوم طقم الحرس حتى يتمكن هو من الذهاب..

ليصدح رنين هاتفه مره أخرى

برزت عروقه و احمرت عينيه حين لمح اسم حسان ضغط على الهاتف كاد أن يحطمه مغمغما بصوته الصلب.. 

خير

يا حسان!..

جاوبه حسان و هو يلوك الطعام بفمه بصوت مقزز.. 

أم اللي إسمه چابر تعيش أنت يا كبير ..

يا الله !!!.. ما هذا اليوم العجيب الذي يمر على الجميع أطبق عبد الجبار جفنيه پعنف و هو يتخيل رد فعل سلسبيل التي ستظل بنت قلبه حتى بعد طلاقها منه..

…………………………………… لا إله إلا الله……

لن يكسر الله بخاطرك إلا ليرضيك بخير لم تكن تراه..

ألقتهاعفاف مرارا و تكرارا على سمع سلسبيل الساكنة داخل حضنها تبكي و تأن بضعف بقلب منكسر و روحا ممزقة..

رغم أنها كانت على يقين أن عبد الجبار لن يفضل أحدا على ابنتيه حتى لو كان قلبه العاشق لها سينتزعه و بستأصلة من جذوره فداءا لهما و هذا كان غرضها بالأساس ضغطت عليه بنقطة ضعفه حتى تجبره على طلاقها من شدة خۏفها عليه و على جنينها الذي لم تتأكد من وجوده بعد..

حسمت أمرها بالابتعاد عنه لأول مرة تتخذ قرار بحياتها و تنفذه لكنه أصعب و أقسى قرار أصابها بضړبة قوية كادت أن تصيبها بمقټل..

حاولت السيطرة على حدة بكائها و هي تقول..

زعلانة منه أوي يا دادة .. و في نفس الوقت زعلانة عشانه و قلبي بيتقطع عليه..

تنهدت عفاف بحزن على حال تلك الصغيرة لكنها تحدثت بتعقل قائلة..

أنتي كنتي عارفة أنه هيختار بناته يا سلسبيل..لو كان صدق كلامك اللي قولتيه على خضرا معنى كده إنه مش هخليها على ذمته بعد ما عرف أنها عايزه تقتله و أقل حاجة يعملها أنه هيطلقها.. بس هو كدب نفسه اللي هي أنتي نفسه دي لأن مهما أم بناته عملت مش هينفع يطلقها عشان خاطرهم و بصراحة أنا احترمته لأنه مطلعش أناني في حبه ليكي و أختارك على حساب بناته اللي هتبقي وصمة عار بالنسبالهم في الصعيد أن أمهم مطلقة من أبوهم..

أبتسمت سلسبيل إبتسامة يملؤها الۏجع و هي تقول.. 

و هو مش أي أب يا دادة.. مافيش في حنيته و لا خوفه على بناته.. عبد الجبار أحسن أب شوفته في الدنيا كلها بعد ما كنت فاكرة أن كل الرجاله ملهاش قلب زي أبويا ..

احتضنت عفاف وجهها بين كفيها و هي تقول بثقة.. 

ربنا هيعوضك خير يابنتي..مش عايزاكي تزعلي.. و اتأكدي أن اللي حصل ده خير ليكي لأن رب الخير لا يأت إلا بالخير ..

قالت سلسبيل و هي تحاول السيطرة على بكائها.. ونعمة بالله.. الحمد لله.. أنا راضية والله يا دادة عفاف و بحمد ربنا إنك معايا و بتقويني بكلامك اللي بيطمن قلبي..

ساد الصمت المطعم بالتنهيد للحظات قطعه صوت طرقات على باب الغرفة يليه دخول الطبيبة التي تكلفت الإبتسامة و هي تقول..

عاملة أيه

دلوقتي يا مدام سلسبيل ..

أجابتها سلسبيل قائلة.. الحمد لله يا دكتورة أنا بقيت أحسن و المحلول خلص.. ممكن تشلي الحقنة دي من أيدي.. عايزة أخرج من هنا..

تطلعت لها الطبيبة بأسف مصطنع قائلة.. 

مش هينفع تخرجي دلوقتي.. لسه في محلول كمان غير اللي خلص ده تكملة للعلاج هركبهولك عشان ميحصلكيش أي إغماء ..

كانت تتحدث و هي تتخلص من المحلول الفارغ و بخفة يد شديدة قامت بسحب عينة دماء من يد

سلسبيل المبتعدة بوجهها عنها پخوف تجنبا من رؤية الحقنة المنغرسة بكفها..

………………………… سبحان الله وبحمده…..

عبد الجبار ..

تحرك أخيرا بسيارته تجاه فرع شركته بالمنصورة بعدما ترك طاقم من اكفاء الحراسات الخاصة داخل و خارج المستشفى المتواجدة بها طليقته

تأهب جميع العاملين فور رؤية سيارته الفارهه و هرول تجاهه حشد هائل لستقباله حتى وصل لمكتبه الفخم الذي كان ينتظره بداخله إحدي القيادات الهامة و معه سارق هاتف زوجته الواقف بين رجال الأمن مقيد بالأساور الحديديه ..

نورت المنصورة يا عبد الجبار باشا..

مد عبد الجبار يده له بالسلام الحار وهو يقول.. 

منورة بيكم يا سيادة العقيد.. 

أنهى جملته و توجهه بنظره تجاه ذلك السارق الذي انكمش على نفسه پخوف من نظرته المخيفة..

سار نحوه بخطوات هادئة عكس البركان الغاضب بداخله وقف أمامه بطوله المهيب و تحدث بهدوء ما قبل العاصفة قائلا.. 

أتكلم.. أني سامعك..

ح ح حسان.. و الله العظيم حسان هو اللي طلب مني أعمل كده يا جناب البيه..

فتح عبد الجبار فمه ليتحدث لكنه أغلقه ثانية حين صدح رنين هاتفه برقم الطبيبة المشرفة على حالة سلسبيل فضغط رز الفتح بلهفة ليأتيه صوتها تقول.. 

عبد الجبار بيه أنا عملت إختبار الحمل ل سلسبيل هانم .. 

صمتت لوهلة كانت بمثابة أعوام لذلك العاشق الذي أوشك قلبه على مغادرة ضلوعه من عڼف دقاته حين تابعت الطبيبة .. 

ألف مبروك المدام حامل!!!!!!.. 

يتبع………. 

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل الثامن وثلاثون 

بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله 

انقضى النهار بما يحمله من ألم و صدمات طالت الجميع لم يعود جابر ل سلسبيل مجبرا ظل يجهز كل الأشياء المتعلقة بوالدته حتى يصلها إلى مثواها الأخير

كان يتحرك كالآلي بلا روح الدموع تحجرت بعينيه يحاول التماسك قدر استطاعته لأجل جده العجوز الذي تدهورت حالته هو الأخر من شدة حزنه على ابنته و التزم الفراش غائب عن الوعي بجواره فريق طبي كامل يشرف على حالته 

بينما صفا وقفت على غسل سعاد بقلب مفتور أرهقه الحزن لم تتوقف عبراتها المنهمرة على وجنتيها ولا لحظة واحدة تبكي بصمت دون صوت و قلبها ېصرخ صرخات تمزق روحها 

سعااااد يا أم صفااااا 

كان هذا فايز زوجها الذي وصل للتو من عمله بعدما هاتفه جابر حتى يأتي يودع زوجته و يحضر دفنتها دلف لداخل المنزل الذي تجمع فيه حشد كبير من الأهل و الأقارب و الجيران بخطي متعثرة عينيه غارقة بالدموع يبكي بنحيب و ينادي عليها بقلب ملتاع متأملا أنها ستجيبه 

هرول إليه جابر الذي كان يقف أمام الغرفة المتواجدة بها والدته أمسك يديه و أجلسه على أقرب مقعد قبض فايز على كفه بأنامله المرتجفه تطلع له بأعين زائغة تفيض بالدمع و تحدث بصعوبة بالغة بصوت متقطع قائلا 

أيه اللي حصل أيه اللي جرالها أنا سيبها زي الفل و كانت بتتصل بيا و تطمني أيه اللي حصل يا جابر يا ابني!!! 

ربت جابر على كتفه و أجابه بهدوء عكس الصخب بداخله 

أمر ربنا و نفذ يا عم فايز و لا نقول إلا ما يرضي الله إنا لله وإنا إليه راجعون أجمد كده وشد حيلك عشان خاطر صفا بنتك 

تعمد الضغط على كلمة ابنته و قد تذكر حديث والدته قبل ۏفاتها بثواني قليلة أن صفا يتيمة أم و أب!! إذا من يكون هذا الرجلدار هذا السؤال بعقله و كاد فضوله أن يسأله مستفسرا عن ما قالته سعاد خاصة أنها أوصته عليها لكنه ألتزم الصمت الآن لوجود الكثير من الناس حوله 

دار فايز بعينيه في المكان و هو يقول 

بنتي!! صفا هي فين! و فين جدك فين الحج فؤاد 

أخذ جابر نفس عميق و سار من جواره وقف مكانه أمام غرفة والدته ينتظر الإذن حتى يدخل يودعها الوداع الأخير 

صفا واقفه على غسل أمي 

قالها بحسرة و بصوت اختنق بالبكاء 

سبحان الله العظيم 

سلسبيل 

خرجت من المستشفى بعدما سمح عبد الجبار بذلك تسير بضعف مستندة على عفاف التي تحاوطها بحنان تلفتت حولها تبحث عن جابر فلم تجد له أثر عقدت حاجبيها بتعجب مردفة 

معقول جابر مشي يادادة! 

حركت عفاف رأسها لها بالايجاب و هي تقول بأسف 

جاله تليفون و أنا واقفه معاه بلغوه أن والدته تعبانه فقالي لازم أمشي 

قالت سلسبيل بابتسامة تخفي بها ۏجعها 

خالتي خاېفه عليه مني و عايزه تبعده عني بأي شكل و ده

حقها أنا مش هلومها عليه ولا حتي زعلانه منها لأن محدش يقبل يشوف ابنه الوحيد بيجري ورا واحدة اتجوزت مرتين و قلبها مع واحد تاني ويوافق عليها مع إني خلاص بقيت رافضة الارتباط لا جابر ولا غيره 

ترقرقت الدموع بعينيها لكنها كبحتها و منعتها من الهبوط على غير عادتها و تابعت بقوة جديدة عليها كليا 

أنا استكفيت و جه الوقت اللي هختار

فيه سلسبيل سلسبيل و بس 

الحقي يا سلسبيل عبد الجبار بيه قاعد في عربيته هناك أهو 

قالتها عفاف فور خروجهما من باب المستشفى تطلعت سلسبيل حولها بلهفة تبحث عنه و قد تبخرت قوتها و أختفت نهائيا 

عبد الجبار!! 

  أنا مديونة ل عبد الجبار بحاجات كتير أوي يا دادة و مدام هو طلقني و اختار أبلة خضرا فخليني أصلح اللي عملته في حقها لأني مديونة ليها هي كمان و حاسة إني غلطت لما قولتله على كلامها و تهددها ليا بصراحة كنت قاصدة أوقعها في شړ أعمالها لأني غيرت عليه أنا كمان منها بس ربنا عاقبني و خلي عبد الجبار يطلقني أنا 

أنهت حديثها أخذت نفس عميق و جذبت عفاف معاها تجاه طليقها الذي قرر أن يوصلها بنفسه ليكون مطمئن عليها كان يجلس داخل سيارته ممسك بيده هاتفها يتصفح فيه لحين خروجها ليتفاجيء بكم هائل من الصور لهما سويا كانت قد التقطتهم سلسبيل أثناء نومه وقتما كانوا بمنزلها الذي ابتاعه لها في الإسكندرية 

كانت الصور بأوضاع كثير مختلفة تقبله و تضمه بقوة تختبيء داخل ضلوعه تعالت وتيرة أنفاسه و خفق قلبه پجنون و هو يتأمل ملامحها بافتنان 

لينتبه على قدومها نحوه فأسرع بإخفاء هاتفها بعدما قام بغلقه و فتح باب سيارته و نزل منها سار نحوها هو الأخر رسما على وجهه الجمود قبل أن يصل إليها فهو بارع إلى حد كبير في إخفاء مشاعره

رغم أن قلبه يتراقص فرحا كلما تذكر بشارة الطبيبة له بحمل معشوقته خبر حملها كان بريق النور الذي أضاء عتمة حياته و أعطاه القوة على تحمل كل ما يحدث معه 

و أخيرا قطع المسافة التي تفصله عنها يقف بطوله المهيب أمامها مظهره ثابت و لكن كل ما بداخله يندفع إليها بشراهةأما هي فقد فشلت فشل ذريع في إخفاء لهفتها و شوقها إليه و نظرات العتاب التي ترمقه بها 

كور قبضة يده من نظرتها هذه التي تزيد من لهيب قلبه المتيم بها عشقاساد الصمت بينهم طويلا لم يستطيع أحدا منهما قطعه لتتنحنح عفاف و هي تبتعد بحذر عن سلسبيل مردفة بإحراج

اححم طيب يا سلسبيل يا بنتي أنا هروح أجيب عربيتي و أرجعلك 

هتروحي إسكندرية مع عفاف نطق بها عبد الجباربصوته الأجش بعدما أبتعد بنظره عنها ليتمكن من إيجاد صوته 

أستجمعت سلسبيل قوتها و هي تجيبه قائلة

أيوه هسافر معاها 

سار من أمامها و لف حول سيارته فتح باب المقعد المجاور له و هو يقول بلهجته الحادة

حصلينا بعربيتك يا عفاف أني رايد أتحدت مع سلسبيل هبابه

كان يتحدث و عينيه ثابته على سلسبيل يحثها على السير نحوه 

أنصاعت عفاف لحديثه على الفور خاصة حين استمعت لسلسبيل تقول

وأنا كمان عايزة أتكلم معاك يا عبد الجبار

قالتها و هي تخضع لرغبته و تسير نحوه بخطي متعبة مستنده على سيارته بأناملها المرتعشة 

 لمقعد السائق كانت المسافة بينهما لا تذكر لكنهما لا يتلامسان أخذت سلسبيل نفس عميق تملأ رئتيها بأكبر قدر ممكن من رائحته التي تشعل جميع حواسها 

أستجمع شتات نفسه تفنن في رسم الصلابه على قسمات وجهه بهيئة يحسد عليها و اتجه لمقعد السائق جلس عليه بجوارها مغمغما

ألبسي الحزام عشان هنخرج على الطريق السريع 

سحبت سلسبيل الحزام حولها لكنها لم تتمكن من أغلاقه لشدة توترهابينما أشعل هو محرك السيارة و قاد بها متجه للطريق الحر مباشرة خلفه سيارات الحراسة التي خصصها لها هي تحديدا و التي لم تنتبه لهم سلسبيل على الإطلاق بل كانت منشغلة بأختلاس النظر إليه 

اتحددي أني سامعك أردف بها بهدوء دون النظر لها مما أحزنها كثيرا و جعل الدموع تلتمع بعينيها لكنها سيطرت على مشاعرها سريعا و تحدثت بامتنان قائلة

عايزه أشكرك 

جملتها هذه أجبارته على النظر لها رمقها بنظرة متعجبة و هو يقول بتساؤل

تشكريني على أيه! 

جاوبته بصوتها الناعم المبحوح قائلة

أشكرك على كل حاجة يا عبد الجبار على وقفتك جنبي و حمايتي من الكل و أولهم أبويا اللي لو كنت رفضت جوازك مني أنا متأكدة انه كان هيقتلني بشكرك على حنيتك عليا و على كل لحظة فرح عيشتها معاك بشكرك من جوه قلبي و بتمنالك كل خير وسعادة مع أبلة خضرا اللي عايزاك تبلغها إني بشكرها هي كمان و قولها سلسبيل بتتأسف لك على اللي عملته فيكي 

كان يستمع لها باهتمام شديد رغم إظهاره عكس ذلك رمقها بطرف عينيه مدمدما

اممم و ياترى أيه هو اللي عملتيه وياها! 

صمتت للحظات قبل أن تجيبه بلهفة يملؤها العشق

طمعت فيك و في حبك و قلبك يا عبد الجبار 

ما تفوهت به الآن جعلته يفقد السيطرة لوهلة على التركيز في الطريق أمامه و كاد أن يصتطدم بسيارة تسير بجواره في حاډث سير مروع لولا عناية الله و ستره عليهما 

أطلقت سلسبيل شهقة قوية و كادت أن ترتطم بالوجهة الأمامية للسيارة عندما فرمل عبد الجبار فجأة لولا أنه أمسك ذراعها بأحكام على أخر لحظة 

لم تكد تلتقط أنفاسها من أثر المفاجأة المفزعة لتسمع صوته من جانبها ينطلق بلهجة خفيضة لا تخفي غضبه المشحون أبدا 

قولتلك ألبسي الحزام الطريق اهنة واعر 

معرفتش أقفله والله أنا أسفة همست بها بصوت مرتجف و هي تحاول غلق حزام الأمان بتوتر و جسد ينتفض بوضوح 

نفخعبد الجبار بضيق و أوقف سيارته بمكان جانبي قليلا على الطريق السريع خال من الناس و استدار نحوها أمسك هو الحزام يضعه حولها بنفسه فأصبح محاصرها بجزعه الضخم بين ذراعيه

رغم حرصه الشديد حتي لا يلمسها إلا أن قربه منها إلى هذا الحد جعل أنفاسها علقت بصدرها تطلع له بأعين هائمة و كالمغيبة رفعت يدها و لمست بأصابعها ذقنه الكثيفه هنا رفع وجهه لها پصدمة و تقابلت عينيهما حينها تزلزل كيانها كله دفعه واحده

بينما هو يرمقها بنظرة جامدة و ملامح منذهلة من فعلتها

الجريئة بالنسبة له و هم بالابتعاد عنها لكنها أسرعت و أمسكت ياقة جلبابه جذبته عليها أكثر و نظرت بعمق داخل عينيه و هي تقول بغصة مريرة يملؤها الأسى 

أبلة خضرا بس اللي منعاني عنك 

بكت بنحيب و تابعت بتقطع من بين شهقاتها 

حاولت أدور على غلطة واحدة امسكها عليها تكون مبرر ليا أريح بيه ضميري لو ختك منها بس ملقتش معاملتها الطيبة معايا و

حبها الصادق لكل اللي حواليها خلاني أدوس على قلبي اللي حبك و هبعد عنكم و بالذات عنك أنت يا عبد الجبار 

لجم نفسه عنها بشق الأنفس حتى لا يضرب كل شيء عرض الحائط و ينهال عليها لكن خوفه عليها أكبر من شوقه إليها 

معاملتها الطيبة و حبها الصادق كيف و أنتي قولتيلي أنها رايده تقتلني!! 

أردف بها بضحكة ساخرة و هو يبتعد عنها بالامبالاة مصطنعة 

قالت سلسبيل بتوتر بسبب قربها منه الذي بعثر مشاعرها أكيد غيرتها عليك هي اللي خلتها توصل لكده و ليها حق في غيرتها دي الحقيقة و بما إننا بقي مستحيل نرجع لبعض وأنت أخترت مراتك و أم بناتك فحبيت أريح ضميري من ناحيتها عشان لما قولتلك على ټهديدها كنت قاصدة اقلبك عليها و أبعدك عنها من غيرتي عليك أنا كمان 

مستحيل!! 

الكلمة الوحيدة التي علق عليها في حديثها بأكمله لتنظر هي له نظرة بدت جامدة مرددة بأسف

أيوه رجوعنا لبعض بقي مستحيل يا عبد الجبار و أنت أكيد عارف كده كويس أوي لأن وجودنا مع بعض مش هيبقي في راحة لحد أبدا 

خلصتي حديتك!!

قالها پغضب من حديثها الذي يثير جنونه فأجابته بتنهيدة وهي تعتدل بمقعدها بوضع أكثر راحة و تنظر إليه بشغف تحفر ملامحه بعقلها و يدها تسللت ببطء نحو بطنها تمسد عليها بمنتهي الرفق و تدعو الله من صميم قلبها أن لا يخيب ظنها و تكون حامل في طفل منه يورث كل ملامحه بكل تفاصيلها 

أسمعي بقي حديتي اللي هقوله ليكي دلوجيت و أفهميه زين

أردف بها بلهجة محذرة بثت الريبة بقلبها و جعلتها تستمع له بكل آذان صاغيه 

سبحان الله وبحمده 

خضرا 

أستغلت غياب بخيتة التي ذهبت لتزور قبر إبنها المټوفي و أطلقت وابل من الزغاريط حين هاتفها حسان و أبلغها بالخبر الذي تتوق له منذ زمن وهو طلاق سلسبيل من زوجها 

كانت الفرحة الحقيقية تغمرها و قد ظنت أن زوجها عاد لها من جديد هدأت نيران قلبها المتآججة و انطفأت تماما

خلاص أكده مهمتك إنتهت و هبعتلك باقي أتعابك كيف ما أتفقنا 

أتعاب أيه اللي بتتحددي عنها!! أني معوزش أتعاب

صاح حسان پغضب عارم أدهشها به فقالت مستفسرة

أمال رايد أيه! 

أجابها بمنتهي الوقاحة و البجاحة معا قائلا بجراءة

رايدك أنتي تكوني ملكي بعد ما نخلص من راچلك و أبقى أني راچلك كيف ما اتمنيت يا خضرا 

شهقت خضرا وجحظت عينيها پصدمة من تصريحه الغير متوقع مرددة

وه وه وه كانك اتچنيت إياك و نسيت بتتحدد ويا مين يا مخبل أنت!! 

تحولت نبرة صوتها إلى أخرى غاضبة و تحدثت بټهديد قائلة

فوق لنفسك و ألزم حدودك وياي أحسنلك أنت خابر زين إني أقدر أقطع لسانك و أخلص عليك كمان و اعمل حسابك تغور من أهنه و تعاود على البلد معوزاش أشوف خلقتك مرة تانية قبالي لو لمحت طيفك حتى هطوخك پالنار 

أنهت حديثها و أغلقت الهاتف بوجهه دون عناء لإنتظار رده و قامت بعدها بتحطيم الهاتف بأكمله و قامت بالتخلص منه بألقاءه في صندوق القمامة 

لا إله إلا الله وحده لا شريك له 

جابر 

خانته دموعه و لم يتمكن من كبحها و هو يميل على النعش الراقده بداخله والدته و هم بحمله على كتفه ليتفاجيء بيد أخر شخص توقع وجوده الآن يميل معه و

يمسك الجانب الأخر من النعش حملوه سويا على أكتافهما و سار برفقته بجانب بعضهما كلا منهما ينظر للأخر نظرة اختفت منها الشرر المتطاير 

البقاء لله وحده شد حيلك يا چاير 

كان هذا

صوت عبد الجبار الذي عاد له مسرعا بعدما قام بتوصيل سلسبيل بنفسه لمنزلها بالإسكندرية 

يتبع 

واستغفروا لعلها ساعة استجابة

الفصل التاسع وثلاثون.

..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

لا تخون أحدا و لكن كن دوما حريص لا تعطي ثقتك العمياء لأي مخلوق حتى لا يأتي اليوم و يصدمك بفعل كارثي يندمك على ثقتك فيه..

مرت ثلاثة أيام العزاء لم يترك عبد الجبار خلالهم جابر من كان يعتبره غريمه ظل معه كتفا بكتف في كل شيء أظهر معدنه الأصيل له و شد من أزره خاصة أنه كان في أشد لحظات ضعفه بعد مۏت والدته و مرض جده الشديد..

و أخيرا عاد من المنصورة لمنزله بالقاهرة عاد شخص آخر لم يتصور بيوم أن يكون هو بعدما علم بخېانة حسان من يعتبره ذراعه اليمين ملقي بإحدى مخازنه الآن يصارع المۏت أثر الضړب المپرح الذي تلقاه منه كاد أن يزهق روحه لكنه تراجع بأخر لحظة 

و الأدهي من ذلك ما راءه على هاتفه من رسائل و مكالمات بينه و بين زوجته خضرا قام هذا الخائڼ بتسجيل كل اتفاقه معها كان ينوي ټهديدها و أجبارها على تنفيذ مطالبه فيما بعد لكن عبد الجبار لم يترك له تلك الفرصة..

طيلة الأيام الماضية لم يتوقف عقله لحظة واحدة عن التفكير فيما فعلته خضرا ببادئ الأمر كان غاضب منها لدرجة مخيفة و أقسم لو رأها أمامه في تلك اللحظة لن يكتفي بطلاقها فقط بل سيصل به الأمر إلى قټلها!..

و لكن حين هدأت زروة غضبه و فكر في الأمر من جميع الجوانب تردد بعقله سؤال كانت إجابته هي التي أطفأت نيران غضبه المدمرة..

من المخطيء الأساسي في كل ما حدث و دفع خضرا إلى فعلتها الحمقاء هذه 

الإجابة كانت هو! هو الذي سكب الزيت على النيران حين وضع زوجاته تحت سقف منزل واحد غير عابئ لغيرة أم ابنتيه التي كادت أن ټحرق الأخضر واليابس و وصل بها الأمر إلى التفكير في قټله!

تزوج بها منذ أكثر من أثنى عشر عام لم يرى منها إلا كل حب و تقدير يعترف و يقر بذلك تغيرها هذا وجد بعدما أمتلكت قلبه امراءة غيرها رغم علمها أنه لم يكن قلبه لها من الأساس إلا أن اهتمامه و احتوائه كان لها وحدها قبل ظهور سلسبيل التي شقلبت حياته رأسا على عقب

لا أحد يستطيع أن يلومه على عشقه لها فالقلوب ليس عليها سلطان إذا هو أيضا لن يستطيع لوم خضرا و معاتبتها على أفعالها المتهورة الناتجة عن غيرتها الحاړقة عليه!

أسلم حل وصل إليه من وجهة نظره هو الصمت إذا تحدث معاها فيما فعلته بكل تأكيد سينتهي بهما الأمر إلى الطلاق أقل شيء و هو لا ولن يطلقها لخاطر ابنتيه فضلهما على نفسه و عن رغبته و مراده لأجلهما لن يبتعد عنها و سيظل محاوطهما بذراعيه مهما فعلت أمهما..

تنهد بصوت يملؤه الۏجع و هو يتطلع لمنزله عبر زجاج سيارته عاد بجسده فقط تاركا قبله برفقة سلسبيل بالإسكندرية يجاهد بشق الأنفس ليلجم شوقه لها الذي فاق الحدود لو يتمنى شيئا واحد في الوقت الحالي بل في كل وقت هو ضمھا بين ضلوعه فاليعانقها الآن و ېموت بعدها لن يمانع على الإطلاق..

استند برأسه على المقعد خلفه و أطبق عينيه و عاد بذاكرته إلى أخر حديث بينه و بين سلسبيل التي أصبحت بكل أسف طليقته..

.. فلاش باااااااااااك…

تهللت أسارير سلسبيل حين صف عبد الجبار سيارته داخل حديقة المنزل الذي يطل على البحر مباشرة هذا المنزل الذي شهد على أول لحظاتها الزوجية معه

تطلعت له باهتمام تنتظر سماع ما سيقوله لها بلهفة لعله يخبرها و لو بشيء واحد يثلج قلبها و كم تتمنى لو يعرض عليها أن يردها لعصمته حتى لو بالسر تستجديه بعينيها ليطلبها منها و هي على أتم الإستعداد بالموافقة توافق على اي شيء يبقيها تحت جناحه لن ترفض قربها منه مهما كلف منها الأمر..

اڼهارت كل أمالها حين استمعت لصوته الأجش يقول بهدوء رغم لهجته الحادة..

مؤخرك و شبكتك و كل حقوقك موچودة في الخزنة اللي اهنه في بيتك و لو في أي حاچة تانيه أو أنتي رايدة أي شيء أني كفيل بيه..

صمت لبرهة و تابع بفرحة غامرة أخفاها بمهارة..

و الحاچة التانية دي أقصد بيها لو طلعتي حبلة مني.. معنى أكده إني هبجي متكفل بكل حاچة تخصك أنتي و اللي في بطنك..

لم يريد أخبارها بخبر حملها حتى لا تظن بأنه ألقى عليها يمين طلاق و هي تحمل طفله أو طفلته و يزيد حزنها و ۏجعها منه أكثر فضل الصمت كعادته و أيضا يتشوق حتى يسمعها منها هي سيكون لها فرحة خاصة حين تتفوه بها بشفتيها و تطرب بها أذنيه..

أنت جايبني لحد بيتك هنا عشان تقولي الكلام ده! .. 

غمغمت بها سلسبيل بغصة مريرة يملؤها الآسي و تابعت پغضب دون أن تعطيه فرصة للرد عليها.. 

متشكرة يا عبد الجبار بيه.. أنا هعيش مع دادة عفاف في بيتها و مش عايزة منك أي حاجة.. لا شبكة ولا مؤخر و لا أي فلوس و لا.. و لا حتي مكان يفكرني بيك و بذكريتنا سوا.. 

همست بالاخيرة و هي تنتقل بنظرها تجاه المنزل و قد امتلئت عينيها بالدموع..

تحكم في غضبه الناتج عن حديثها المثير للأعصاب و تحدث بنبرة أكثر لينا قائلا.. 

كيف يا بت الناس يبجي عندك بدل البيت أتنين في إسكندرية و مصر و تهمليهم و تروحي تعيشي مع واحده تعتبر غريبة عنك!!!..

أنت عارف إن دادة عفاف بقت قريبة مني أوي و أنا مبعتبرهاش غريبة بالعكس بحس أنها أقرب ليا من أهلي كمان للأسف.. و البيت اللي بتتكلم عنه في مصر ده ميبقاش بيتي و لا عمره هيبقي بيتي لأنه بيت أبلة خضرا!..

وأني مقصدش بيت خضرا.. قالها و هو ينظر لها نظرته التي تأثرها و تابع بابتسامة دافئة..

أقصد بيتك أنتي.. اشتريته بأسمك يا سلسبيل ..

هبطت دمعة حاړقة على وجنتيها مسحتها سريعا و هي تهمس بخفوت..

وليه كل ده يا عبد الجبار.. أنت خلاص طلقتني و أخترت أم بناتك.. ليه لسه بتعمل معايا كل ده!..

كاد أن يفقد السيطرة على مشاعره المشحونة التي تعصف بداخله و تغير بصدره و يخطفها بين ذراعيه بعناق متلهف يخبرها به مدى عشقه و شوقه لها و أنها هي وحدها ستظل دوما بأعمق نقطه بقلبه لكن خوفه عليها و على ابنتيه كان أكبر من كل شيء بعاده عنها هذا لمصلحتها لشعوره بأنها ممكن أن تصاب بأذى إذا ظلت على ذمته..

تنهد تنهيدة حزينة و هو يجيبها دون النظر لعينيها قائلا..

ده حقك عليا.. و حد الله بيني و بين حقوق الولايه عشان أكده لازم تاخديه كامل..

ساد الصمت بينهما طويلا كانت سلسبيل تطلع له بنظره لا ريب أصابته في صميم قلبه المتيم بها عشقا رغم أنه مصطنع اللامبالاة و متعمد النظر بعيدا عن عينيها..

شكرا.. شكرا

على كل حاجة يا عبد الجبار.. و ربنا يسعدك في حياتك ..

قالتها قبل أن تفتح باب السيارة و تغادرها على الفور بخطوات متعثرة متجهه داخل المنزل

هرول هو خلفها مسرعا حامل بيده حقيبة صغيرةحتى توقف أمامها مباشرة أوقفها عن سيرها الشبيه بالركض و جعلها تتوقف عن نوبة بكاءها الحاد رسمت الجمود على ملامحها المټألمة ..

ده تليفون بدل اللي اتسرق منك في خط چديد عليه أرقامي كلها.. لو احتاچتي أيتها حاچة في أي وقت حدتيني طوالي هتلاقيني چارك..

أنهى جملته و مد يده لها بالحقيبة وضعها بيدها دون أن يلمسها حتى بطرف أنامله و رمقها بنظره وداع أخيرة قبل أن يسير على مضض من أمامها..

سار خطوة أثنان و في الثلاثة صدح صوتها تصرخ بأسمه صړاخ مقهور يملؤه الحسړة و ۏجع الفراق الذي بدأ للتو ېمزق قلبها مرددة بنبرة راحية..

أستنى يا عبد الجبار.. متمشيش..

كور قبضة يده بقوة حتى استمع لصوت أصابعه وكأنها تكسر بينما صوت كسر قلبه و قلبها كان أقوى تسمر مكانه دون أن يستدير لها..

لحظات مرت كانت بالنسبة له كالأعوام كانت تجاهد سلسبيل خلالهم لمنع نفسها عن ما تود فعله لكنها فشلت فشل ذريع

و من دون تفكير كانت قطعت المسافة بينه وبينها و أرتمت بثقل جسدها علي ظهره ملتفه بكلتا ذراعيها حول خصره و ضمته لها بكل ما أتت من قوه و صوت بكاءها يقطع نياط القلوب زلزلت كيانه كله دفعه واحده بفعلتها هذه رغم وقفته الثابتة ..

هتوحشني.. هتوحشني أوي أوي ..

همست بها بتقطع من بين شهقاتها كانت دافنه وجهها بظهره تقبله أذابت عظامه أغرقت دموعها ثيابه وقبل أن يستوعب ما تفعله كانت ابتعدت عنه و ركضت مسرعة أختفت داخل المنزل قبل حتى أن يلتفت..

شعر ببرودة تجتاح أوصاله فور ابتعادها عنه و من ثم ألم حاد بصدره كاد أن يفتك به و كأنها خلعت قلبه من بين ضلوعه و أخذته معاها تركته خاويا جسد بلا قلب و روح..

.. نهاية الفلاش باااااااااااك..

فاق من شروده على صوت والدته بخيتة تقف عند باب المنزل الداخلي مستندة على عكازها و تنادي عليه بلهفة قائلة..

عبد الچبار يا ولدي!!..

أخذ نفس عميق قبل أن يغادر سيارته و سار نحوها بخطواته الرزينه و هيبته التي تدخل على القلب السرور ولكن قسمات و تعابير وجهه مختلفه عينيه انطفأ رونقها و لم يبق بها سوي نظرة حزن ممزوجة بصلبته..

تأملته بخيتة بتفحص قليلا و من ثم قالت بعتاب لا يخلو من الغيظ و الڠضب.. 

طلقت سلسبيل.. طلقت البنتة الصغيرة مش أكده يا عبد الچبار ..

أيوه.. طلقت سلسبيل يا أمه.. هو ده الصح.. چوازي على خضرا من لأول كان غلطة.. غلطة واعرة كانت هتحرم بناتي من أمهم.. و بناتي عندي أهم شيء بالدنيا كلها .. 

قالها عبد الجبار بهدوء عكس ضجيج قلبه..

كانت خضرا مقبلة عليه تركض من الداخل فور سماع صوت حماتها تنطق بأسمه فعلمت إنه عاد إليهم أخيرا بعد فترة غياب لأول مرة يغيبها عليها هي و بناته..

تطلع نحوها بترقب ملامحها عادت من جديد

للطيبة و الحنو التي لطالما كانت تتحلى بهما أختفت النظرة العدائية منها و عادت زوجته كسابق عهدها قبل زواجه عليها ملامحها مشرقة و الفرحة تشع من عينيها و هي تري زوجها فضلها هي و بناتها على غريمتها و عاد إليهم ثانية ..

و أفرض سلسبيل طلعت حبله منك!!.. 

قالتها بخيتة بتمني شديد و هي

ترمق خضرا بنظرات ڼارية سؤالها هذا جعل الډماء

تنسحب من وجهه خضرا و بهتت ملامحها و هي تنتظر الإجابة يتفوه بها زوجها بنفاذ صبر..

أطمني.. هي مش حبلة يا أم عبد الچبار.. 

جملته هذه أكد بها ظن بخيتة و أصبحت على يقين الآن أن حفيدها في الطريق و أن ولدها طلق سلسبيل خوفا عليها هي و جنينها..

التقطت خضرا أنفاسها المقطوعة و هرولت نحوه أرتمت داخل صدره تعانقه بلهفة و هي تقول.. 

بركة إنك رچعت لنا يا خوي.. حمد لله على السلامة.. نورت دارك يا أبو فاطمة..

سبتها بخيتة و لعڼتها بأفظع الشتائم يسرها و هي تسير بخطي غاضبة و قد استشاطت غيظا منها

لم يبادلها عبد الجبار عناقها هذا و أكتفي برفع يده و ربت على كتفها بكفه ببعض القوة مرددا بنبرة أثارت الريبه بقلبها.. 

الله يسلمك يا غالية..

ابتلعت خضرا لعابها بصعوبة و ابتعدت عنه بتوتر و نظرت تجاه سيارته دارت بعينيها يمينا و يسارا وكأنها تبحث عن شيئا ما فضيق عبد الجبار عينيه و هو يسألها مستفسرا.. 

أيه.. مالك.. بدوري على حد و لا أيه!..

زاد توترها و خۏفها أكثر و تأكدت أن حسان انكشف أمره و ربما أمرها هي الأخرى فستجمعت قوتها و جاوبته بشجاعة زائفة.. 

أيوه.. الصراحة بدور على حسان.. لأچل ما أخليك تطرده.. معوزاش أشوف خلقته أهنه مرة تانية يا عبد الچبار ..

نظر لها نظره تحثها على استكمال حديثها ففركت هي يديها ببعضهما و هي تقول بصوت مرتجف يدل على مدى ذعرها.. 

هقولك.. هحكيلك اللي حصل..

…………………………………. سبحان الله العظيم….

سلسبيل ..

منذ أن جاءت إلى هذا المنزل و هي لم تدلف لداخل الغرفة التي اختلي بها عبد الجبار فيها لا تريد أن تدخلها بدونه تقف أمام بابها و كلما مدت يدها تجاه المقبض تتراجع

خلف 

عبد الجبار فينك بس يا حبيبي..

تقف شاردة بشرفتها التي تطل على البحر مباشرة قادها قلبها وأجبرها إلى المكان الذي يحمل ذكرياتها الغالية برفقة من امتلكها قلبا و قالبا و وشم أسمه بأعمق نقطة بقلبها..

و رغم تلك الابتسامة التي تزين ملامحها الحزينة إلا أن عينيها تذرف الدموع بلا توقفدموع حسرة ألم وحده ربما تكون كتبت عليها بعدما ذاقت معني دفء العائلة و الأهل و الزوج الذي كان يغمرها دوما بفيض من العشق و الغرام حتى لعب القدر لعبته معاها و خيرها بين خيارين أصعب من بعضهما و كأن الحظ يغار من الفتاة الجميلة فيتفق مع الدنيا عليها حتي يرهقها تماما

سلسبيل!!!!..

نطقت بها عفاف التي دلفت للتو و اقتربت منها تربت على ظهرها برفق و ضمتها لصدرها بحنو و هي تقول بصرامة هادئة.. 

أمسحي دموعك و كفايا حزن و بكى لحد كده.. أنتي دلوقتي سلسبيل القوية مش الضعيفة و أنا معاكي يا بنتي اطمني عمري ما هتخلي عنك أبدا ..

ابعدتها عن حضنها قليلا لتتمكن من احتضان وجهها بين كفيها زالت عبراتها و تابعت بإصرار قائله..

عايزاكي تفوقي و تركزي في مستقبلك.. أنتي هتكملي تعليمك يا سلسبيل في أحسن الجامعات و هتعملي بزنس و أنتي بتدرسي.. أنا عندي معارف كتير أوي

و كلهم من الكبار في البلد و يتمنوا يخدموني.. هساعدك و هبقي في ضهرك لحد ما تقفي على رجلك و تبقي أكبر سيدة أعمال في مصر و برة مصر كمان..

نظرت لها سلسبيل بصمت لدقيقة كاملة و فجأة اڼفجرت في نوبة بكاء مرير و بصعوبة بالغة همست من بين شهقاتها..

داده عفاف هو أنا ممكن أقولك يا ماما !! ..

جذبتها عفاف لصدرها و عناقتها بلهفة متمتمة پبكاء هي الأخرى..

من أول يوم شوفتك فيه وأنا حبيتك من جوه قلبي و الله و يعتبرك بنتي.. بنتي اللي مخلفتهاش يا سلسبيل و من انهارده أنا أمك يا ضنايا و أنتي بنتي و نور عيني و عوض ربنا ليا عن ولادي اللي ماتوا..

بس أنتي مش هتبقي ماما و بس..قالتها سلسبيل بفرحة ظهرت بنبرة صوتها الباكي و بخجل تابعت..

شكلك كده هتبقي تيته كمان.. بس أنا لسه متأكدش..

كادت أن تصرخ عفاف من شدة فرحتها بهذا الخبر لكنها تمالكت نفسها بآخر لحظة و تحدثت بحماس و فرحة حقيقية قائلة..

خلينا نكلم أقرب صيدلية تبعتلنا إختبار حمل أعمليه و نتأكد يا حبيبتي.. بس تعالي الأول معايا عشان نستيني أقولك إن جابر إبن خالتك مستنياكي تحت و شكله حزين و مش طبيعي أبدا عكس ما كنت متوقعة الصراحة!! ..

يتبع…….. 

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل 40..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

إن الڠضب جمرة توقد في جوف ابن آدم وحين جاء الأعرابي يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وصية قال له لا تغضب وكررها ثلاث تكرار من يشير إلى ضبط هذه الصفة ضبطها فيما أحله الله 

فالكل شيء حد لا يجب أن يزيد أو يقل عنه حتى لا يتعدى الحد المطلوب و هو ألا يحملك غضبك على أن تكون ظالما فتتبع السيئة بسيئة مثلها و برغم أن عبد الجبار تمالك غضبه إلا أن حمية الرجل بداخله كانت تثور پغضب عارم وهو يستمع لإعتراف خضرا زوجته خاصة حين قالت .. 

أني اتفاچأت ب حسان لما وافق ينقلي كل أخبارك مطلعش آمين يا عبد الچبار و لو عليا أني معذورة الغيرة واعرة قوي ياخوي..و أنت لازم تغور حسان من أهنه.. ده خاېن ملوش أمان أبدا بعد اللي حصل منه..

كان سيرد عليها يخبرها أنها السبب فيما فعله هي من فتحت باب لدخوله منه بينهما هي من ساعدته على الخېانة بحديثها معه في السر لكنه جاهد نفسه حتى لا يعميه غضبه و تحلي بالعقل والحكمة و الرشادة والفهم فكان مثال حي على العقل الناضج..

صامت لا يبدي أي رد فعل يدرس ما كان وراء سلوك أنثاه حتى فعلت ما فعلت عليه أن يستعمل الرحمة عليه أن يراجع ذاكرته ليرى موازين أفعالها وأن لا يطيح بما فعلته تحت ضعف الذات وضعف النفس ووسوسة الشياطين بيتا قائما يسمع فيه صوت ضحكات ابنتيه بفرحة غامرة فور علمهم بعودته ركضوا تجاهه مسرعين ارتموا داخل حضنه !

هذا آكبر إنتصار للنفس بالنسبة له إن أردت حياة سليمة عليك أن تحذف الڠضب من قاموسك و لكن العدل أن يأخذ كل إنسان حقه بلا جور … 

اتوحشتك يا فاطمة أنتي وخيتك قوي.. 

نطق بها و هو يضمهما لصدره بحنان العالم أجمع تنعموا الفتاتان بحضن والدهما الدافيء الذي حاوطهما بحماية و أمان..

فالأنثى يجب أن تكون أميرة في بيت زوجها ومهرها ليس هذا الذي يعطيه إياها من أموال مهرها معاملتها !

فرمي و تجاوز ما مضى واستبدل نبتة الڠضب بنبتة تسقى بالحب والرعاية والاهتمام والعدل !

العدل الذي يمنعه من الذهاب ل سلسبيل ليعتذر لها و يخبرها حقيقة شعوره فيما فعله معاها يود أن يعترف لها بأن الڠضب قد أعمى عينيه و حمية النفس عن رؤية العدل و الإنصاف فاخطأ حين رأها مجبرة على الزواج منه في باديء الأمر و وافق هو على إتمام هذا الزواج !

أخطأ حين دفع زوجته خضرا لفعل ما فعلته بسبب عشقه الزائد لتلك الصغيرة الضحېة الوحيدة في لعبته على خضرا بشأن مرضها حتى يجبرها على الموافقة على زواجه منها و لعبتة خضرا عليه فالزواج

من إمرأة ظنت بأنها لن تقوى على الإنجاب!..

أعترف بخطأه هذا أخيرا و قرر عدم الإستمرار في ظلم سلسبيل آكثر من ذلك فأعطاها حريتها خوفا من أن يأتي يوما تفوق فيه على حقيقة وضعها معه و تكتشف بأن ما تحمله له بقلبها لم يكن حب على الإطلاق بل مجرد إحتياج حينها ستكرهه و تكره حياتها معه و ستبتعد عنه للأبد بلا عودة لذلك قام هو بإطلاق سراحها و أعطاها لأول مرة بعمرها حرية الأختيار

فكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون و لكن هو لن ولم يستطيع أن يتوب عن عشقها..

أني وأنتي أفضل عقاپ لبعض يا خضرا..

نطق بها بعدما تأكد من مغادرة ابنتيه الغرفة وقف أمامها بطوله المهيب ينظر لها نظرة جامدة خالية من المشاعر فبدت مخيفة للغاية بالنسبة لها و تابع بابتسامة مصطنعة زادت من خۏفها..

الطعڼة تچيني منك أنتي يا أم بناتي!.. 

كنت رايدة حسان ېقتلني لو مطلقتش سلسبيل ! ..

بهتت ملامح خضرا و فتحت فمها لترد عليه لكنه لم يتيح لها الفرصة و تابع بلهجة لا تخفي غضبه المشحون أبدا..

و الخاېن كان ناوي ېقتلني حتى بعد ما طلقتها لولا أني سبقت و كشفت خيانته.. بس لازم تعرفي إن طلاقي لسلسبيل مش خوف منك لع.. ولا حتى خوف عليها.. أنتي خابرة زين إني أقدر احميها حتى بعد ما بقت مش على ذمتي.. أني طلقتها بس عشان مظلمهاش بنا أكتر من أكده.. لو في ضحېة واحدة في كل اللي حصل لغاية دلوجيت فهي سلسبيل.. ضحېة لعبتنا القڈرة أني و أنتي و عشان أكده خرجتها من حياتي قبل ما يجي اليوم وأشوف في عنيها كرهها ليا و ندمها على چوازها مني.. ده اللي مهقدرش عليه واصل.. عندي ابعادها عن قلبي و هي عشقاني ولا تفضل چاري و هي كرهاني..

صمت لبرهة و تابع بأسف شديد..

و هي لسه صغيرة و اللي عاشته في حياتها واعر قوي فقبلت بجوازها مني مڠصوبة و اديني عطاتها حريتها لاچل ما تفكر زين هي رايدة أيه و رايدة مين يكون في حياتها اللي واثق أننا هنبقي براها أني و أنتي..

 مافيش مخلوق هيلوم عليا.. لكن اللي منعني عنك بناتك.. بناتي بس اللي مربطين يدي و حيشني عنك..

حقك عليا يا خوي.. الغيرة مرارها واعر ونارها حړقت قلبي و عمت عنيا و خلتني اطلب من حسان الطلب العفش ده.. متزعلش مني يا عبد الچبار..

قالتها بتقطع بنبرة متوسلة و هي تجاهد

لتلتقط أنفاسها..

اللي عملتيه يأكد إنك محبتنيش واصل ..أنتي بتحبي نفسك ياخضرا..

اللي بيحب حد يفديه بروحه مش يتفق على قټله!! ..

تركها على مضض بعدما رأي تدهور حالتها للاعياء الشديد و كادت أن تفقد وعيها أثر خنقه لها لتشهق هي بقوة ساحبه أكبر قدر ممكن من الهواء تملأ به رئتيها ليتابع هو بأمر..

هتفضلي على ذمتي لخاطر بناتك.. لكن أنتي محرمة عليا و لو مش عچبك هطلقك دلوجيت بس لازم تعرفي زين إن طلاقك مش هيكون في مصلحة البنتة الصغار اللي كلها كام سنة و هيبقوا عرايس و يسألوكي عن سبب طلاقنا فكري هتقولي لهم كنت رايدة تقتلي أبوهم ليه.. و لو هما مسألوش الناس هتسأل و لو ملقوش إجابة هيخترعوا إجابة من عندهم و كلام الناس ياما و مهيخلصش.. القرار ليك و أي إن كان أني هنفذه..

طلاق لا.. أحب على يدك طلاق لا يا عبد الچبار.. هملني على ذمتك يا خوي و أني هعمل المستحيل لاچل ما ترضى عني و تسامحني على اللي عملته في حقك ..

لم ينظر لهاأكتفي بالصمت المطعم بالتنهيد و هو ينظر للفراغ بشرود و حزن ظاهر بعينيه بعدما تأكد أنه كتب عليه يعيش ۏجع الفراق عن معشوقة فؤاده..

………………………….. سبحان الله العظيم..

سلسبيل ..

أجرت للتو اختبار حمل منزلي و تأكدت أنها تحمل طفل عبد الجبار داخل أحشائها ثمرة عشقها منه فرحتها الحقيقية التي جعلتها تبكي و تذرف الدموع بغزارة دموع الفرحة التي نادرا ما تحياها..

أنا حامل يا ماما عفاف .. بالله أنتي متأكدة أن ده كده حمل! ..

همست بها بتقطع من بين شهقاتها الحادة و هي تطلع لأختبار الحمل الصغير الذي يظهر به شرطتين دليل على وجود جنينها..

اه والله حمل يا بنتي.. مبروك.. ألف مبروك يا حبيبتي..

أردفت بها عفاف وهي تقبلها بحب من وجنتيها و تضمها بلهفة لحضنها ربتت على ظهرها بكف يدها كمحاولة منها لتهدئة حدة بكائها الذي كان يشق سكون المكان من حولها حتى أنه وصل لسمع جابر الذي كان ينتظرها في الخارج مقدرا حالتها و غيابها عليه كل تلك المدة..

سلسبيل!! .. نطق بها بصوته المتلهف قبل أن يدلف لداخل غرفة عفاف الخاصة عبر بابها المفتوح ابتعدت سلسبيل عن حضڼ عفاف و تطلعت تجاه مصدر الصوت لتشهق بخفوت من هيئة جابر التي بدت مزرية للغاية..

أنتي كويسة!.. 

قالها بأنفاس لاهثه أثر ركضه على الدرج و قطع المسافة بينه وبينها في خطوتين فقط حتى توقف أمامها مباشرة يتطلع لها بنظراته المتيمة التي يملأها العشق و الإشتياق الأبدي لها ..

تأملت هيئته لحيته الكثيفة الغير منمقة على غير عادته عينيه الذابلة الحزينة الإجهاد على ملامحه و كأنه لم يرى النوم منذ تركها لمنزله.. 

أنا كويسة الحمد لله ..

أنت اللي مالك يا جابر.. شكلك مش طبيعي.. في حاجة حصلت!.. 

غمغمت بها سلسبيل بعدما سيطرت على حدة بكائها رفعت يدها و زالت دموعها من علي وجنتيها..

حاول هو السيطرة على ضعفه أمامها إلا أن حزنه و ألمه لم يمهله فتجمعت العبرات بعينيه أفزعتها و جعلتها تعاود البكاء من جديد متمتمة بصوت مرتعش.. 

جابر في أيه! ..

ابتلعت لعابها بصعوبة و تابعت پخوف.. 

جدي جراله حاجة..

حرك رأسه لها بالنفي و

همس بصوت اختنق بالبكاء قائلا.. 

أمي.. أمي ماټت يا سلسبيل.. 

شهقت بقوة و هي ترفع كفها تضعه على فمها و تطلعت له بأعين جاحظة منذهلة غير مصدقة ما ألقاه على سمعها.. 

أنت بتقول أيه.. خالتي ماټت!!.. إزاي و أمتي.. ده أنا سيبها كانت كويسة و مافيهاش أي حاجة!..

لم يرد عليها كان ينظر لها نظرة احتياج يملؤها الحزن هو الآن في أصعب و أضعف حالته أظهر ضعفه هذا لها هي وحدها نظرته لها كانت تستجديها أن تتركه يضمها و لو لمرة واحدة و ېموت بعدها لن يمانع على الإطلاق تفهمت هي نظرته جيدا و ما يدور في خاطره فتوترت و حاولت الفرار من أمامه إلا أنه لم يترك لها فرصة هذه المرة و خطڤها من خصرها دون سابق إنظار في عناق محموم ډافنا وجهه بحضنهاعينيه تذرف الدموع دون بكاء.. 

سبيني أحضنك عشان خاطري يا سلسبيل .. همس بها و هو يحتوي جسدها الصغير بين ذراعيه حتى رفعها عن الأرض تماما حين شعر بمحاولتها لأبعاده عنها..

جابر!!..

زاد من ضمھا له و أخذ نفس عميق يملأ رئتيه بعبقها قبل أن يجيبها بلهفة قائلا.. 

يا عيون و قلب جابر..

أنا حامل.. 

شعرت بتصلب جسده حولها ابتعد عنها ببطء حتى تقابلت أعينهما في نظرة طويلة كانت بالنسبة لها بمثابة نظرة النهاية نهاية لقصة عشقهما التي لم تبدأ بعد.. 

يتبع…. 

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل ال.

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

بعد مرور 6 أشهر كاملة..

وقت كان بالقدر الكافي لتغير كل شيء هدنه للجميع ليتمكنوا من التفكير و إتخاذ القرار الصحيح..

داخل مبنى عملاق حديث الطراز يتكون من خمسة طوابق مصممة بعناية و دقة فائقة بكل طابق مجموعة كبيرة من أكفأ العاملين و المتخصصين بمجال الدعاية و الإعلان الكل يعمل على قدما و ساق خاصة حين علموا بوصول مديرتهم شديدة الطباع ..

تأهب جميع العاملين و انتصبوا واقفين في إنتظار دخولها من باب المبنى الرئيسي الذي توقف أمامه سرب من السيارات جميعهم من أحدث و أغلى الموديلات العالمية

هبطوا طاقم الحراسة و حاوطوا السيارة بحماية تلك السيارة التي تجلس بداخلها المدير العام لهذا المبنى الفخم هرول قائد الحرس نحو الباب و فتحه لتهبط منه إمرأة في غاية الأناقة بثيابها التي تقوم بتصميمها هي بنفسها كانت ترتدي فستان أسود طويل منقوش بفرشات من اللون الأبيض يظهر قوامها الممشوق و بروز بطنها التي بدأت في الظهور رغم أنها أوشكت على إنهاء شهرها السابع چاكت قصير من نفس لو الفراشات و حجاب من اللون الأسود زينتهم بحذاء رياضي و حقيبة يد صغيرة كلهما من اللون الأبيض تخفي عينيها الجميلة بنظارة شمسية من أشهر الماركات..

أسرع إحدي أفراد الأمن بحمل حقيبة اللاب توب الخاص بها بينما سارت هي بين طاقم الحرس بخطي واثقة رافعة رأسها بشموخ يليق بها كثيرا..

هذا المكان الذي زاع صيته خلال فترة قصيرة يقع تحت إدارة الديزينر المحترفة سلسبيل القناوي رغم حداثة سنها و خبرتها القليلة إلا أنها استطاعت أن تثبت براعتها و تفوقها في مجال الدعاية و الإعلان فهي تقوم برسم جميع التصميمات بيدها مستغلة موهبتها الفريدة من نوعها..

صباح الخير.. 

قالتها سلسبيل و هي تمر من أمامهم متجهه نحو المصعد المؤدي لمكتبها.. 

صباح الخير يا فندم.. 

نطق بها جميع العاملين بنفس واحد..

خلعت نظارتها قبل أن تدلف لداخل المصعد لتتمكن من قراءة اليافتة المفضلة بالنسبة لها و التي لا و لن تمل من قرائتها أبدا.. 

شركة السلسبيل للدعاية و الإعلان..

جابر وصل..

أجابتها صفا سكرتيرتها الخاصة و التي أصبحت صديقتها المقربة أيضا قائلة بعملية.. 

جابر بيه بلغني أنه هيوصل على ميعاد الإجتماع يا سلسبيل هانم..

جلست سلسبيل على مقعدها الجلدي بأريحية و انتظرت حتى انصرف الجميع بعدما وضعوا الكثير من الملفات أمامها على المكتب يردون توقعيها عليهم و ظلت هي و صفا بمفردهما..

لتهرول الأخيرة تجاه ثلاجة موضوعه بإحدى الجوانب و فتحتها على عجل أخذت منها طبق من الفاكهة الطازجة و زجاجة من الماء و أخرى من العصير و ذهبت بهم نحو المكتب أزاحت الملفات برفق و وضعتهم أمام سلسبيل التي تتابع ما تفعله بملامح جامدة تغيرت شخصيتها تغير جذري حتى أن ابتسامتها

الرقيقة قد أختفت تماما 

اممم.. أسيب ماما عفاف في البيت أجي هنا القيكي يا صفا!.. أنتي و هي مش وراكم أي حاجة غير أنكم تأكلوني ولا أيه!!..

بدأت صفا في تقطيع ثمرة من التفاح و سكبت كوب كبير من عصير المانجو و أعطتهم لها و هي تقول.. 

ماما عفاف قالتلي إنك مرضتيش تاكلي أي أكل في البيت عشان كده جبتلك شوية فاكهة و عصير فرش..

ظهر التوتر على ملامح سلسبيل و أبت أن تتذوق أي شيء مغمغمة بأسف.. 

أنا مش هقدر أكل و لا أشرب أي حاجة طول ما أنا قلقانه .. فمتغصبيش عليا علشان متعبش و أنتي عارفة إن أجتماع انهاردة مهم أوي و مش هينفع أعتذر عنه خالص ..

تنهدت صفا بقلة حيلة فهي على يقين بأن سلسبيل لن تتراجع بكلمة تفوهت بها.. 

يا سلسبيل أنا عارفة إن التيم اللي هيحضر إجتماع انهارده يبقوا أهم وكلاء لأكبر شركات في الشرق الأوسط و بدعيلك من قلبي والله ربنا يوفقك و شغلك يعجبهم عشان لو ده حصل هنبقي كسبنا أقوى صفقة في تاريخ الشركة خلال وقت قياسي بس كل ده مش هيبقي أغلى عندك من اللي في بطنك!! ..

مسدت سلسبيل على بطنها بكلتا يديها تتحسس حركة جنينها بلهفة و هي تقول .. 

مافيش في الدنيا كلها أغلى من اللي في بطني.. أنا كل اللي بعمله ده بعمله عشانه هو و بس..

صوت طرقات على الباب جعلت سلسبيل تتأفف بضيق..

صفا مش عايزة أشوف حد دلوقتي..مدخليش أي حد عندي لغاية معاد الإجتماع.. عايزة ألحق أراجع على التصميمات مراجعة أخيرة قبل وصول العملاء..

غمغمت بها و هي ترتدي نظارتها الطبية التي زادتها وقار و هيبة مدت يدها نحو حقيبة اللاب توب و تناولته و بدأت تتصفحه باهتمام و ملامح جادة صارمة جديدة عليها كليا..

انصرفت صفا من أمامها في الحال غالقة الباب خلفها لتسند سلسبيل بظهرها على المقعد و تطلعت حولها تتأمل مكانها المفضل انتصبت واقفه و سارت تجاه النافذة الزجاجية الفاصلة بينها و بين العاملين تحت يدها فور رؤيتهم لها تأهب الجميع و ظهر الخۏف عليهم و بدأو يعملون بجهد تجنبا لنوبة ڠضبها المدمر..

كانت تطلع لهم بملامح خالية من المشاعر فقط البرود البرود التام أصبحت تتحلى به في الفترة الأخيرة بينما بداخلها جمرات صغيرة من نيران حاړقة خامدة أسفل الرماد..

كانت يدها تمسد بمنتهي الرفق على بطنها و قلبها يتراقص فرحا كلما شعرت بركلة من صغيرهالفت زراعيها حول نفسها و كأنها تحتضن طفلها بحنان العالم أجمع مرددة بفرحة غامرة.. 

يا روح و قلب و حياة سلسبيل ..

…………………………. سبحان الله وبحمده……

.. بمنزل عبد الجبار..

الأجواء أسوء ما تكون تبدل حال عبد الجبار للنقيض كأن روحه تركت جسده بعد فراقه

عن من ملكت قلبه رغم أنه بارع في التحكم و السيطرة على مشاعره إلا أن لسانه ينطق دائما بما يشغل عقله و قلبه دون أدنى إرادة منه و هذا يثير جنون خضرا كثيرا خاصة بعد هجره لها منذ ما يقارب السبعة أشهر..

اليوم قررت أن تكسر الحاجز الذي بناه بينه و بينها و وقفت تنتظره على باب الحمام المواجهه للغرفة التي كانت

تمكث بها غريمتها و التي أصبحت غرفة عبد الجبار..

فتح باب الحمام و خرج ممسكا بيده منشفه قطنيه يجفف بها خصلات شعره الفاحم.. 

خيرواقفالي كيف الغفير ليه أكده عاد!!.. 

قالها متعمد عدم نطق إسمها فكلما نادي لأحد لأي شخص كان لا ينطق لسانه سوي إسم ابنة قلبه سلسبيل..

مر من أمامها دلف لداخل غرفته لتهرول خضرا خلفه مسرعة غالقة الباب خلفها و دون سابق إنظار كانت ألقت نفسها داخل حضنه مرددة پبكاء.. 

بكفياك.. بحلفك بالله بكفياك جفا و بعد لحد أكده يا عبد الچبار..

مكملة بتوسل.. 

كفاياك زعل مني يا خوي..

كان عبد الجبار يقف جامدا ينظر للفراغ بشرود 

فأنهت خضرا حديثها و . في باديء الأمر كان لا يبادلها و لكن بعد وقت ليس بقليل 

كانت خضرا تظن أنها قد استرجعت رجلها أخيرا..

لكن بكل آسف حتى بغيابها ستظل هي الحاضرة و كأنه فقد الكلام بأكمله و لا يتذكر منه سوي حروف اسم سلسبيل!!! فقط..

أني خضرا جولتلك مليون مرة أني خضرا مش سلسبيل.. نطقت بها خضرا التي انتفضت مبتعده عنه پعنف تطلعت له لبرهة بأعين جاحظة و ملامح يملؤها الۏجع و الحسړة بينما هو كانت ملامحه جامدة غير مبالي كعادته معاها مؤخرا

كان ڠضب خضرا آخذا في التفاقم أساسا منذ مدة حتى فقدت السيطرة الآن فجأة فصړخت قائله بغصة يملؤها الأسى..

طلقني.. طلقني يا عبد الچبار!!!!..

و كأنه أستوعب للتو أن حبيبته ليست هنا فنتفض هو الأخر كمن لدغه عقرب مبتعدا عن الفراش بأكمله لتطلع له خضرا بأعين تذرف الدمع مرددة بإصرار..

طلقني يا عبد الچبار..

نظر لها نظرة طويلة و من ثم قال بهدوء يحسد عليه..

مصاريفك و مصاريف بناتي و كل حاچة تحتاچوها هتكون عندكم قبل حتى ما تطلبوها و أنتي و البنته هتفضلوا أهنه في بيتكم و أني هاخد أمى و نمشي..

صمت لبرهة و تابع بصوته الأجش..

أنتي طالق يا خضرا ..

يتبع……

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل 42

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

من هنا بداية كل شيء داخل منزل سلسبيل الثاني بمحافظة القاهرة الذي أهداه إليها طليقها عبد الجبار تقف عفاف المرأة التي أرسلها الله لتكون السند و الداعم القوي ل سلسبيل ممسكة بيدها دفتر المواعيد الخاصة بمن أتخاذتها أبنه لها..

تنظم لها يومها بالدقيقة و الثانية بدقة متناهيه تدير لها مواعيدها كاملة داخل و خارج المنزل جميع العاملين بالمنزل يأخذون الأوامر منها هي بسبب انشغال سلسبيل الدائم بأخذ الكثير من الكورسات الخاصة باللغة العربية و الإنجليزية كورس تصميم لتنمية مهاراتها في الرسم و حتي أنها تتعلم أصول الاتيكيت أيضا ..

عايزه الكل يركز معايا لأن انهاردة يوم مهم بالنسبة ل سلسبيل هانم و إحتمال تتأخر في الشغل عشان كده كورس الانجليزي هيتأجل لبكرة و هيكون في نفس معاده الساعة 8 أصبح و هيخلص 9 و نص و طبعا عارفين إن الهانم بتصحي 6 بالدقيقة بتخلص تمارينها 6 ونص 7 إلا ربع يكون الفطار جاهز لأنها كده هتروح تطمن على الشغل بعد ما تخلص فطار و ترجع على معاد الكورس..

صمتت لبرهة و نظرت للدفتر بيدها مكملة ..

متنسوش كمان انهارده معاد كورس الرسم هيكون الساعة 6 مساء و هيخلص الساعة 8 يكون العشا جاهز لأن الهانم بتكون 8 ونص في السرير ده ميعاد نومها المعتاد..

أبتسمت لهم وتابعت بود..

أنا بفكركم كل يوم بمواعيد مدام سلسبيل عشان تثبت في دماغكم و محدش منكم ينساها.. و دلوقتي تقدروا تتفضلوا على شغلكم ..

أنهت حديثها و أمسكت هاتفها طلبت إحدي الأرقام و رفعت الهاتف على أذنها تنتظر الرد..

صباح الخير يا دكتورة ..أنا عفاف والدة سلسبيل القناوي.. طمنيني يا دكتورة سلسبيل عاملة أيه معاكي ..

اهلا وسهلا يا مدام عفاف.. مش عارفه أقول لحضرتك أيه بس لازم أكون صريحة معاكي.. الحالة النفسية ل سلسبيل هانم سيئة جدا بل من أسوء الحالات اللي مرت عليا و برغم أنها دلوقتي بتمثل القوة لكنها أضعف مما هي نفسها تتخيل عشان كده لازم يكون في رقابة عليها طول الوقت لأن جدار القوة المزيف اللي رسماه على شخصيتها ده ممكن ينهار في أي لحظة عشان كده أنا كنت برجح تفضل في المصحة على الأقل شهر تحت الملاحظة ..

ترقرقت العبرات بأعين عفاف و تحدثت بصوت تحشرج بالبكاء قائلة..

معقولة يا دكتورة حالتها متحسنتش خالص.. دي بقالها أكتر من 5 شهور متابعة معاكي و مفوتتش ولا جلسة واحدة! ..

للأسف العلاج النفسي بياخد وقت و مجهود من المړيض و من الطبيب المعالج كمان.. و حالة

مدام سلسبيل عانت من الظلم و العڼف لسنين طويلة مش هتتعافي من كل اللي عاشته ده في شهور قليلة..

تنهدت

عفاف بحزن و هي تقول..

بس سلسبيل مستحيل توافق أنها تدخل مصحة نفسية خصوصا بعد ارتباطها الشديد بشغلها ..

يا مدام عفاف المصحة عندنا ليها فروع في كذا مكان جوه و برة مصر و مدام سلسبيل لو وافقت أنا هحجزلها في فرع المالديف أو في تايلند .. تعتبر نفسها في فترة استجمام و هيكون عندها وقت كافي تستغل موهبتها في رسم المناظر الطبيعية الخلابة اللي هتكون حواليها و اللي هتساعدها كتير و تصفي ذهنها قبل ما تدخل في شهور الحمل الأخيرة ..

………………………… سبحان الله وبحمده………..

عبد الجبار ..

ترك كل شيء حتى ثيابه تركها و أكتفي بأرتداء جلبابه هذا الجلباب الذي كانت تختبئ بداخله سلسبيل من ينبض قلبه بأسمها غادر الغرفة دون النظر ل خضرا التي لم تكف عينيها عن البكاء تسيل عبراتها على وجنتيها بغزارة و ما أصعب دموع الحسړة تعرضت لأبشع موقف لا يمكن أن تتحمله أي أنثى..

قومي معايا يا أمه خلينا نمشي من أهنه..

قالها و هو يناولها عكازها يحثها على النهوض..

تطلعت له بخيتة بأعين متسعة على أخرها لتنصدم بنظرة الضياع و الانكسار الطاهرين على وجهه الحزين..

نمشي من أهنه نروح فين!.. أيه اللي حصل.. مالك يا ولدي!..

أطلق عبد الجبار زفرة نزقة من صدره و هو يقول هقولك بعدين يا أمه.. بس أحب على يدك خلينا نمشي دلوجيت .. مطيقش أفضل أهنه..

أطبق جفنيه و اصطك على أسنانه بقوة كاد أن يهشمها حين وصل لسمعه صوت ابنتيه الباكي.. 

هتهملنا لحالنا و تمشي يا أبوي!!..

جملتهما كانت كالسکين الحاد انغرس بمنتصف صدره ركضا اثنانتهما نحوه و أرتموا داخل حضنه يبكيان بنجيب..

أمي مهتزعلكش تاني واصل بس متهملناش يا بوي..

ما تفهمني أيه اللي حصل يا عبد الچبار!..

صاحت بها بخيتة و هي ټضرب بعكازها على الأرض پغضب..

أني هقولك يا أمه و متعشمة فيك تساعديني لخاطر البنته الصغيرين المعلقين بأبوهم و إني خابرة زين إنك تطيقي العما و لا تطقيني.. قالتها خضرا التي هبطت الدرج للتو و وقفت أمامها تحاول السيطرة على حدة بكائها مكملة بغصة مريرة يملؤها الأسى..

عبد الچبار طلقني..

زادت حدة بكاء الصغيرتان و تمسكوا بثياب والدهما بكل قوتهما شعر عبد الجبار بالندم الشديد حين رأي مدى الخۏف الظاهر بأعينهما..

متهملناش يا عبد الچبار و إني أوعدك هنفذ اللي قولت لي عليه قبل سابق.. هعيش لبناتي بس سيبني على ذمتك عشان خاطرهم..

أردفت بها خضرا بجمود مفاجيء ظهر على ملامحها المټألمة بعدما توقفت عن البكاء بشق الأنفس..

كلامها صح ياولدي.. ردها على ذمتك لخاطر لحمنا يتربوا في حماك.. قالتها بخيتة رغم نظرات الغيظ و الكرهه التي ترمق بها خضرا ..

رفع عبد الجبار يده و مسد على جبهته صعودا لخصلات شعره الفاحم كاد أن يقتلعه من جذوره بسبب غضبه

العارم ود لو أنفجر في خضرا و والدته بأنهما سبب أساسي لما وصل إليه الآن نظرته لهما كانت كفيله بأن يتفهموا ما يريد أخبارهما به لكنه تمالك أعصابه لخاطر أبنتيه حتى لا يزيد خوفهما أكثر..

بكفياكم بكى عاد.. أني عندي شغل مهم هخلصه و هعاود طوالي.. قالها و هو يزيح دموعهم بأنامله و مال عليهما طبع قبله على وجنتهما مكملا..

أني مقدرش استغني عنك يا فاطمة و لا أقدر أعيش يوم واحد من غيرك يا حياة..

ضمهما لصدره من جديد لتهمس ابنته فاطمة داخل أذنه بتقطع من بين شهقاتها..

يعني هتخلص شغل و تعاود طوالي صح يا بوي ..

ربت على ظهرهما بحنان و هو يقول.. 

هعاود.. أطمني هعاود يا فاطمة..

ظل محتويهما بين ذراعيه حتى هدأت نوبة بكائهما تماما و من ثم بعدهما عنه برفق و رمق خضرا و بخيتة بنظرة أخيرة قبل أن يغادر المنزل بأكمله بخطي واسعة.

هرول إحدي حراسه بفتح باب السيارة الخلفي له لكنه صعد بمقعد السائق مغمغما بأمر..

معوزش حد معايا.. خليكم أهنه و فتحوا عنيكم زين لو حصل أي حاچة حدتني طوالي..

لم ينتظر سماع رد على حديثه هذا اڼفجر هدير محرك السيارة عاكسا غضبه عليها ليطير الغبار من الخلف بقوة لحظة إنطلاقها..

يسير بلا هوادة لا يعلم أين يذهب يشعر لأول مرة بحياته بمعني كلمة الضياع عاجز عن إتخاذ قرار صحيح منذ ابتعاد سلسبيل عنه حياته بأكملها انقلبت رأسا على عقب لم و لن يستطع التأقلم مع غيابها..

يقر و يعترف أنه الآن أصبح ظالم ظلم الجميع و أولهم نفسه..

و مع كل ما يمر به إلا أنه يشعر بالاشتياق الشديد لها مهوس بها و بعشقها الذي استحوذ على قلبه مال على ياقته و أخذ نفس عميق يمليء رئتيه بعبقها فجلبابه مازالت معبأة بعطرها المرأة الوحيدة التي حاكت من غضبه هدوء ومن صخب شرقيته عزفت لحنا حنون..

شوقه لها كالشمعة تذوب حتي تحولت لجمر شظاياه تجن كل مساء بقي حديثها القليل معه عالقا بروحه أنفاسها تقيد نبضه أما هو حزنه المهذب خلف ابتسامته يخجله كم كان رجلا يتباهى ولا يبالي بذاك المساء الكئيب سكب الماء براحتيها ضممته هي بقوة كي لا يضيع و حين رفعت رأسها كانت كل أحلامها التي لم تقبض عليها يوما ظنا منها أنها لن تغيب …تسربت اختفت بعدما اتهامها بأن مشاعرها تجاهه لم تكن حب من الأساس و أنه لن يردها لعصمته حتى بعد علمه بحملها فعلته هذه كانت القشة التي قسمت ظهر البعير..

لن ينسى نظرتها له التي كانت تملؤها الخيبة خيبة أملها فيه تركته هذه المرة يواجه غروره بيدين خاويتين يا متاهته لم تتركه هنا رجلا يملك العالم كما كان معاها بل تركته فأرا يقضم الحيرة بمتاهة الشوق اللعېن

يعاد بذهنه سؤال واحد يتردد بلا توقف كيف يمضى الى حال سبيله و قدميه عالقة بأرضها..

فهو على يقين أن حتى لو اعتذرت الرياح الغصن سيبقى مكسورا..

أخرج هاتفها من جيبه و ظل يتأمل صورتها به بأعين هائمة و قلبا تحرقه ڼار الإشتياق ..

اتوحشتك.. اتوحشتك قوي قوي يا

سلسبيل يا بنت جلبي..

صدح صوت رنين هاتفه برقم شخص ينطبق عليه مثل ما محبه إلا بعد عداوة..

أيوه يا چابر..

أتاه صوت الأخر يقول بغيظ مصطنع..

وآخرتها أيه يا عبد الجبار في عمايلك دي يعني!..

اممم.. أكده تبجي عرفت..دمدم بها و هو يضحك باستفزاز مثير للأعصاب استشاط جابرغيظا و صاح به قائلا..

يعني فعلا أنت شريك أساسي في كل الشركات اللي سلسبيل اتعاقدت معاهم من أول ما فتحنا الشركة!..

أجابه عبد الجبار ببرود قائلا.. 

و الشركتين اللي هيحضروا الاچتماع معاكم انهاردة كمان..

كده بقى هتتكشف يا حلو لأن سلسبيل هتحضر إجتماع انهارده و مش هقولك هي بقت ذكية و لماحة إزاي الفترة اللي فاتت دي.. و مش بعيد أبدا ترفض التعاقد مع العملاء بتوعك.. أردف بها جابر بثقة..

ضيق عبد الجبار عينيه و هو مازال يتطلع لصورتها عبر الهاتف و تحدث بخبث قائلا..

حيث أكده يبجي اچي أحضر معاكم الاچتماع بنفسي لاچل ما أسمع وأشوف رفضها بعيني..

………………………………سبحان الله العظيم….

سلسبيل..

قضت وقتا ليس بقليل منهمكة في مراجعة تصميماتها طرقات على باب مكتبها يليها دخول صفا بخطي مهرولة وقفت أمامها تفرك يديها ببعضهما..

خير يا صفا.. و ايه الدوشة اللي بره دي! ..

قالتها سلسبيل دون النظر لها ظلت تتابع شغلها بتركيز كبير ..

أجابتها صفا بأسف.. في واحد برة مصمم يقابلك دلوقتي حالا يا سلسبيل و الإجتماع فاضل عليه ربع ساعة بس.. يعني العملاء على وصول..

اعتذريلوا و بلغيه ياخد معاد يجي فيه ..

قالتها سلسبيل و هي تعتدل بجلستها و تخلع نظارتها الطبية ليزداد صوت الشجار بالخارج أكثر و بلحظة كان الباب انفتح عليهما و اقتحم المكتب أخر شخص تريد رؤيته الآن..

مش هتحرك من أهنه المرادي قبل ما أشوف بنتي.. 

كان هذا صوت قناوي الذي دب الړعب بأوصالها سلسبيل ..

يتبع…

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل ال.

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

عبد الجبار..

مر بطريقه على متجر من أشهر المتاجر المخصصة ببيع جميع الأغراض الرجاليخلال دقائق معدودة كان انتقي قميص أبيض اللون سروال من الجينز الغامق حذاء رياضي من اللون الأسود نظارة شمسية سوداء من الماركة الشهيرة Tom Ford Ace ساعة حول معصمة من Tag Heuer

ارتداهم على عجل و من ثم نثر عطره المفضل Dior Sauvage بغزارة و غادر على الفور غير عابيء لدفع تمن ما أخذه فهذا المكان من ضمن ممتلكاته الخاصة..

صدح صوت هاتفه برقم رئيس الحرس الخاص بمعذبة فؤاده سلسبيل خفق قلبه بشدة و هو يضغط على زر الفتح قائلا بلهفة..

أيه الأخبار عندك!..

أتاه صوت الأخر يتحدث بأسف..

عبد الجبار باشا.. محمد القناوي والد سلسبيل هانم وصل هنا في الشركة و صمم يقابل الهانم و هو فوق عندها في المكتب دلوقتي..

چابر وصل عندك و لا لاء .. قالها و هو يقفز داخل سيارته و قادها بأقصى سرعة ممكنة..

لا يا باشا مش هنا و أنا لسه مبلغتهوش بلغت سيادتك الأول ..

زمجر عبد الجبار بصوت مخيف يدل على غضبه العارم و قد شعر بالذعر على صغيرته و جنينه من بطش والدها الظالم..

اسمعني زين..لو قناوي مس شعره منها طخه پالنار.. و اللي خلق الخلق لو حاچة حصلت للهانم مهيكفنيش رقباتكم كلكم..

أنهى حديثه و ألقى الهاتف من يده و ذاد من سرعته أكثر يتمني لو يستطيع التحليق و مسابقة الرياح حتى يصل إليها..

ليرن الهاتف من جديد هذه المرة برقم جابر..

أنت فين يا بني آدم أنت! ..

قالها عبد الجبار بعدما لكم الهاتف بكف يده لكمه كادت أن تهشمه لاشلاء من قوتها..

أجابه جابر بأنفاس لاهثه.. أنا داخل الشركة أهو..

أردف عبد الجبار بلهجة جادة.. 

بلغ قناوي أني چاي في الطريق و لو لقيته عندك هضربه پالنار.. سامعني يا چابر.. هضربه پالنار..

…………………………… سبحان الله العظيم…..

سلسبيل ..

مع مرور الوقت كل شيء يتحول إلى ماضي إلا اللحظة التي ينكسر بها قلبك تبقى حاضرة إلى الأبد و الآن يقف أمامها أول شخص كسرها و خذلها طيلة حياتها..

تلك المقابلة كانت تتهيأ لها منذ خمسة أشهر وافقت عفاف حين اقترحت عليها الذهاب إلى دكتورة نفسية حتى تتمكن من التغلب على جميع مخاوفها و أولهم خۏفها الأكبر من المسمى بوالدها..

كان قناوي في قمة غضبه مما جعله يهجم عليها دون سابق إنظار مغمغما بۏحشية..

أطلقتي يا هملة.. عملتي اللي على كيفك و أطلقتي من غير علمي يا واكله ناسك! ..

كاد أن يصفعها على وجنتيها بمنتهي القسۏة لكنها كانت أسرع منه و قامت بنثر رزاز على وجهه عبر بخاخة صغيرة شوشت رؤيته و سببت له دوار قوي للغاية كاد

أن يسقط أرضا بسببه أجبره على

الجلوس على أقرب مقعد ممسكا رأسه بكف يده ..

مرحب يا بوي!! .. 

تفوهت بها سلسبيل ببرود ثلجي تحسد عليه لم تتحرك من مكانها ولو انش واحد ظلت جالسة على مقعدها خلف مكتبها و أشارت لجميع الواقفين من الحرس بالانصراف مرددة..

أخرجوا و اقفلوا الباب وراكم و محدش يدخل عندي هنا دلوقتي خالص..

نفذ الجميع أوامرها في الحال و خرجوا واحد تلو الأخر حتى بقت هي ووالدها بمفردهما تراخي جسد قناوي على المقعد و شعر بالدنيا تومض من حوله فرمقها بنظرة زائغة و همس بصوت مرتجف قائلا..

أنتي عملتي فيا أيه يا بت المركوب القديم! ..

أبتسمت له إبتسامة مصطنعه بدت مخيفة أثارت الريبه بنفس قناوي و تحدثت بهدوء ما قبل العاصفة قائلة..

دفعت عن نفسي من ظلمك لأول مرة في عمري.. أصل اللي قعدة قدامك دي سلسبيل تانية غير اللي كنت أنت بتضربها بالكرباچ..

ااه مقدرش. مقدرش أقوم على حيلي واصل.. انطقي عملتي فيا أيه يا بت الك..

قالها بصعوبة وحين شعر بثقل لسانه الشديد..

أنا معملتش فيك أي حاجة.. من يوم ما شوفتك و عرفت إنك أبويا وأنت اللي بتعمل فيا حاجات..

رفعت يدها و بدأت تعد على أصابع يدها..

ذلتني.. كسرتني.. هنتني.. ضړبتني.. غصبتني على الجواز.. ورتني العڈاب على كل شكل و لون و جاي دلوقتي فاكر إنك هتقدر تضربني تاني.. فاكرني هفضل ضعيفة و مدفعش عن نفسي! ..

نظر لها بأعين شبه مغلقة و قال بضعف..

أنى عملت فيك أكده لاچل ما اربيكي زين.. كيف ما أهلنا علمونا و تقاليدنا بتقول أكسر للبنتة ضلع يطلع لها أربعة و عشرين..

و أنت مش بس كسرت ضلوعي كلهاااا.. لا أنت قتلتني بالحيا.. دمرتني و كرهتني في نفسي و في الدنيا كلهاااا ..

قالتها بصړاخ مقهور دون بكاء كانت متماسكة لأقصى درجة أخذت نفس عميق زفرته على مهل قبل أن تتابع..

أرجع البلد يا بوي وقول للناس بنتي سلسبيل ماټت و خد عزايا لأني مش هعمل اللي في دماغك و أرجع ل عبد الجبار.. طلاقي منه اللي مزعلك أوي ده أحسن حاجة حصلت لي لحد دلوقتي.. هو السبب و صاحب الفضل أني أقوى بالشكل ده و أحقق هدفي و حلمي اللي عمري ما تخيلت إني أحققه..

صمتت لبرهة و أكملت بغصة يملؤها الأسى..

و لازم تبقي عارف كمان أني عمري ما هسامحك على اللي عملته في أمي و فيا.. عمري ما هسامحك يا بوي.. 

كانت أخر جملة وصلت لسمع قناوي زلزلت قلبه قبل أن يغلق عينيه و غرق في نوما عميق..

تطلعت له قليلا بأعين تحجرت بها العبرات و من ثم ضغطت على زر بجواره فهرولوا رجال الأمن إليها مسرعين..

شيلوه من هنا و أخرجوا بيه من باب الشركة الخلفي و بلغوا حد من السواقين

يوديه الصعيد و لما يفوق في أي وقت ابقوا طمنوني ..

حملوه في التو و اللحظة و ساروا به لخارج المكتب تزامنا مع دخول جابر مندفعا ليتسمر مكانه پصدمة حين وقعت عينيه على قناوي المحمول على أيدي أفراد الأمن يبدو أنه فاقد الوعي تماما..

بقي مكانه للحظات يقف بصمت يتنقل بعينيه بينسلسبيل و والدها حتى أختفي من أمامهم..

اممم.. فاضل على الإجتماع 3 دقايق.. كويس إنك متأخرش يا جابر..دمدمت بها سلسبيل و هي تنهض بتمهل من مقعدها و سارت بخطي جاهدت حتى تجعلها متزنة..

أيه اللي حصل يا سلسبيل!..تساءل جابر بقلق جم..

تنهدت سلسبيل و هي تجيبه بجمود..

مش وقته من فضلك يا جابر.. العملاء على وصول و لازم نكون في استقبالهم بنفس!.. ..

قطعت حديثها فجأة حين داعبت حواسها رائحة عطر تحفظها عن ظهر قلب..

رباه!!!.. من المؤكد أنه هنا تشعر بأنفاسه تحاوطها دقات قلبه يصل صدي صوتها إلى أذنها تلاحقت أنفاسها و انتفض بدنها كله دفعة واحدة حين سمعت صوته المدمر ينطق إسمها بلهفة من بين أنفاسه المتقطعة..

سلسبيل!!!..

كتمت أنفاسها قبل أن تستدير ببطء و تقابلت أعينهما بعد فراق دام لشهور حينها شعرت بنصهارها كالشمعة من شدة إشتياقها لهيقف أمامها بطوله المهيب جذبيته الساحرة هيبته و وقاره كان مثالا حي للأغواء و الفتنة..

أهلا مستر عبد الجبار..

نطقت بها سلسبيل بعملية باحته و ملامح نجحت في إخفاء مشاعرها تجاهه ببراعة لكن قلبها خذلها و لم يتوقف عن الأرتجاف بين ضلوعها

بينما وقف عبد الجبار مشدوها يتطلع لها پصدمة من تغيرها الذي أذهله مرردا بتعجب و هو يتنقل بعينيه بينها و بين جابر الذي لم يستطيع السيطرة على ضحكاته..

مستر!! بجي أنا يتقالي مستر عبد الچبار! ..

الصراحة مستر و عبد الچبار مش لايقين علي بعض خالص.. قالها جابر و هو يقهقه بصوت عال جعل عبد الجبار يرمقه بنظرة سامة..

اتفضلوا على قاعة الاجتماعات.. قالتها سلسبيل مقاطعة إياهم بلهجة صارمة و هي تشير لهما على غرفة مقابل مكتبها..

كان عبد الجبار يتطلع لها بفم مفتوح على وسعه من شدة ذهوله من طريقتها الجديدة عليه و عليها كليا و تحدث مستفسرا..

وانتي عرفتي كيف أني چاي أحضر الاچتماع وياكم! ..

و هو في شريك أساسي يملك أكتر من نص أسهم الشركة ميحضرش اجتماع مهم زي ده ! .. قالتها دون النظر له مثلت انشغالها بالنظر في ملف موضوع أمامها على المكتب ومن ثم رفعت رأسها و أبتسمت له إبتسامة خبيثه مكملة..

نورت شركتك يا عبد الجبار باشا!!! ..

يتبع…..

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل ال..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

داخل غرفة الاجتماعات انقضي وقت طويل كان الجميع منهمكين بالعمل بكل ما يملكون من تركيز لكنهم لم يستطيعوا الوصول لإحترافية عبد الجبار التي ادهشتهم و أبهارتهم في آن واحد فتمكنه في مجال إدارة الأعمال فاق الحدود..

كل منهم يحاول إظهار أفضل ما عنده حتى ينال إعجابه خاصة سلسبيل عرضت تصميمتها التي قامت برسمهم بدقة و إتقان شديد و مع مرور الوقت بدأت تشعر بالإرهاق و الجوع معا فمسدت على بروز بطنها بكف يدها بمنتهي الرفق أطلقت آهه خاڤتة لم تصل لسمع أحدا سواه فتفهم على الفور

ما تشعر به رغم أنه لم ينظر لها و لو لمرة واحدة..

بينما هي استغلت انشغاله بفحص الملفات المقدمة له و ظلت تتأمل كل أنش فيه بملامح جامدة عكس الإشتياق و اللهفة اللتان يملئان قلبها المتيم به تحفر بداخلها ملامحه و قسمات وجهه الوسيم بأعين يتطاير منها الفرحة الغامرة بوجوده هنا معاهالتداهمها ذكرى يوم طلاقها منه و حديثه معاها أثناء طريقهم نحو منزلها في الإسكندرية..

.. فلاش باااااااااااك..

اسمعي حديتي و أفهميه زين يا سلسبيل..

نظرت له باهتمام تنتظر سماع باقي حديثه بنفاذ صبر..

أخذ عبد الجبار نفس عميق زفره على مهل مغمغما..

أني طلقتك مش عشان قولتيلي يا أنا يا أم بناتك لع أنا خابر زين إنك قولتي أكده و صممتي على الطلاق من خۏفك عليا من ټهديد خضرا اللي قالتلك هتقتلني لو فضلتي على ذمتي..

رباه!!!

أنه على علم بكل شيء حدث بينها و بين ضرتها! كيف علم من أخبره و لما طلقها إذن! دارت هذه الأسئلة برأسها لكنها لم تستطع النطق بحرف واحد بقت تطلع له بأعين جاحظة منذهلة..

تنحنحت كمحاولة منها لإيجاد صوتها الذي خرج مرتعش و هي تقول مستفسرة..

أنت عرفت كل ده إزاي و لما عرفت طلقتني أنا ليه و سبت على ذمتك اللي عايزة تقتلك!..

أجابها عبد الجبار بملامح حزينة يملؤها الأسف الشديد..

عرفت من بتي فاطمة.. شافت أمها و هي بتحط منوم ليكم في الوكل.. عملت أنها كلت و نامت زي أختها و أمي بس هي كانت صاحية و سمعت كل حديتها وياك و قالتلي على كل اللي حصل بعد ما وعدتها مأذيش أمها ..

صمت لبرهة يلتقط أنفاسه و نظر لها بعينيه التي تذوب بتفاصيلها مكملا بصوته الأجش ..

و سبت اللي عايزة تطلقني على ذمتي لخاطر بناتي وطلقتك أنتي يا سلسبيل عشان ده الصح اللي كان لازم أعمله من الأول.. أنتي ضحېة لينا كلنا.. أبوكي أمي أخوي الله يرحمه و يسامحه خضرا و إني كمان صممت اتچوزك و أني خابر إنك مبتحبنيش و مچبورة على چوازك مني..

و مين بس قالك إني مبحبكش! .. أردفت بها و هي ترفع يدها و تضم وجهه بين كفيها الصغيران و أصابعها تتحسس لحيته بشغف مكملة بعشق..

ده أنا اعترفلك إنك كنت حلم بالنسبالي و أمنيتي اللي مكنتش أتوقع أنها تتحقق.. أنا مش بس بحبك.. أنا بعشقك يا عبد الجبار ..

عشقك ليا ده وهم و هيجي عليكي الوقت و توفقي منه و وقتها هتكرهيني و تكرهي اليوم اللي شوفتيني فيه و أني المۏت أهون عندي من نظرة كرهه ألمحها في عيونك يا بت جلبي عشان أكده بحرم روحي منك دلوقتي قبل ما يچي الوقت اللي تحرميني أنتي فيه منك للأبد لأني

واثق إنك لما تفكري في حديتي ده زين هتلاقي عندي حق وقتها هتحترميني و مش هتقطعي الوصل بنتنا لكن لو لقيتي قلبك و عقلك متعلقين بيا كيف ما أني متعلق بيكي و رايداني أردك على ذمتي مرة تانية لازم تكون بأرادك الكاملة من غير ضغط و إچبار من أي مخلوق يا سلسبيل..

ابتعدت عنه و تطلعت له بأعين دامعة و بهمس عاتبته قائلة..

بعد كل اللي عشناه سوا بتشكك في حبي ليك يا عبد الجبار!..

حرك رأسه لها بالنفي سريعا و جذبها من خصرها داخل حضنه بلهفة..

أني واثق من حبي ليكي.. لكن اللي جواكي من ناحيتي مجرد احتياج و بس مش حب و أنا وفرتلك كل سبل الحماية و الأمان اللي أنتي محتاجهم لما تتعودي عليهم هتقدري ساعتها تعرفي إحساسك من چهتي أيه بالظبط و أي إن كان قرارك أني هحترمه و هقدر يا سلسبيل ..

.. نهاية الفلاش باااااااااااك..

فاقت من تلك الذكرى على صوته ينادي عليها بقلق حين لمح العبرات تترقرق بعينيها الفاتنة التي تسحره بجمالها..

سلسبيل أنتي زينة! ..

اه كويسة.. كملوا شغل.. قالتها بأقتضاب و هي تنظر لملف موضوع أمامها فرحتها الغامرة بحضوره التي تزين ملامحها أصبحت ممزوجة بالڠضب و الغيظ أخفي فرحتها هذه حين تذكرت رفضه القاطع بردها على ذمته بعد علمه بأنها حامل منه لا يريد أن يكون بينهما رابط يجبرهما على العودة لبعضهما يريدها كما قال بكامل إرادتها حتى وصل به الأمر يطلب منها تقولها له صريحة تخبره بكل ما تملك من جرئة أنها تريده زوجا لها و هذا لا و لن تسمح لها كرامتها و لا كبريائها بفعله..

كل هذا تحت نظرات جابر الذي يتابعها

بصمت و إبتسامة دافئة..

لا يريد أي شيء أخر غير أن يراها قوية و تحيا حياة سعيدة حتى لو كانت سعادتها هذه مع غيره منذ اللحظة التي أخبرته فيها بحملها و هو أيقن أنهما لن يتقابلان على طريق الحب أبدا و رغم هذا تعهد بحمايتها و دعمها لأنها ستظل صغيرته سلسبيل..

خلينا ناخد ساعة راحة و نعاود للشغل مرة تانية..

قالها عبد الجبار و هو يرفع رأسه أخيرا و ينظر تجاه معذبته التي ابتعدت مسرعة بعينيها عنه و مثلت إنشغالها بالأوراق أمامها..

نهض جميع الحضور من بينهم جابر الذي تحدث بعملية و هو يتنقل بين سلسبيل و عبد الجبار قائلا..

مدام الشغل مطول كده يبقي نطلب غدا.. تحبوا تاكلوا حاجة معينة ..

عايزة بيتزا ميكس جبن يا جابر لو سمحت..

قالتها سلسبيل بصوتها الهامس الرقيق و هي تعتدل على مقعدها بوضع أكثر راحة و رمقة عبد الجبار بنظرة خاطفة مكملة بابتسامة مصطنعة..

و وصل مستر عبد الجبار لمكتبه الجديد اللي صممت كل ديكوره بنفسي..

ذادت ابتسامتها اتساع و تطلعت له بنظرة بدت باردة و تابعت بثقة..

تصميمه مش هيعجبك.. بس هو عاجبني أنا و ده المهم..

كتم جابر ابتسامته على طريقتها التي تثير جنون ذلك العاشق الملتزم بالصمت لم يتفوه بكلمة واحدة أكتفي بالنظر للعاملين المرافقين لهم نظرة يخبرهم بها أن يتركوهم بمفردهم و بالفعل بدأ الجميع يغادرون المكان واحد تلو الأخر..

طيب يلا بينا يا عبد الجبار أوصلك لمكتبك و بعدها هطلب الأكل.. أطلب لك بيتزا أنت كمان و لا تقضيها سندوتشات زيي .. قالها جابر الذي نهض من مكانه و سار تجاه الباب..

أطلب أي وكل مش هيفرق..

نطق بها عبد الجبار و هو ينهض أيضا سار خلفه بخطوات هادئة أثارت

الريبة بقلب تلك الجالسة جعل قلبها ينتفض أكثر بين ضلوعها خاصة حين وجدته يغلق الباب عليهما بعدما خرججابر مباشرة..

و ده إسمه أيه ده إن شاء الله يا مستر!.

قالتها بثبات تحسد عليه عكس انصهارها و ذوبان عظامها..

أني طلقت خضرا يا سلسبيل..

قالها بغصة مريرة يملؤها الۏجع جملته هذه هزت كيانها كله و أصابتها پصدمة للحظات قليلة رسمت بعدها الجمود على محياها و هي تقول بلامبالاة..

طلاقك لأبلة خضرا ميخصنيش.. دي حياتك و أنت حر فيها..

قطع المسافة بينه و بينها في خطوتان فقط حتى توقف أمامها مباشرة المسافة بينهما لا تذكر لكنهما لا يتلامسان.. 

اتوحشتك قوي قوي يا حبة القلب..

قالها و هو يرمقها بنظراته التي يشتعل بها نيران شوقه إليها..

أنهارت كل قوتها المزيفة بلمح البصر توردت وجنتيها بحمرة الخجل و نظرت له نظره يملؤها الحب مرددة بتنهيدة كالمغيبة.. 

و أنت!..

لم تكمل حديثها و كأنها أستعادة وعيها سريعا..

وأنت لا.. موحشتنيش خالص يا عبد الجبار ..

رفع حاجبيه معا و تطلع لها بابتسامة عابثة و من ثم رفع أكمام قميصه عن معصميه أمام عينيها المتيمة به حينها تردد بقلبها سؤال واحد فقط..

كيف حال الدفء على صدره!..

شهقت بصوت خفيض حين جثي فجأة على ركبتيه أرضا أمامها و جذبها بمقعدها عليه شعرت بمدى ضئلتها بين ذراعيه الضخمه

من حجي أطمن على ولدي اللي في بطنك..

قالها بابتسامة لعوب و هو يتفرس ملامحها بافتنان لا يخلو من الإشتياق..

تنحنحت سلسبيل كمحاولة منها لإيجاد صوتها و رفعت يدها دفعته بكتفه تبعده عنها پعنف لكنه كالصخر لم يتزحزح من مكانه و لو أنش واحد بل ألتصق بها أكثر..

و أنت مين قالك إن اللي في بطني ولد أصلا!..

تطلع لها بفرحة غامرة حقيقية و هو يقول بتساءل..

بنت حامل في بنت يا سلسبيل..

رمقته بنظرة يتطاير منها الشرر و صاحت في وجهه پغضب قائلة..

و لا بنت..

نظر لها بحاجب مرفوع و مال بوجهه على وجهها حتى تلامست أنفهما مغمغما بحرارة..

يعني لا واد و لا بت!! أمال حامل في أيه عاد..

 نوع الكائن اللي عمال يخبط شمال و يمين و بيچري تحت يدي ده أيه!..

ملكش فيه.. لما أولد إن شاء الله أكيد هتعرف وقتها اللي بيجري ده نوعه أيه .. أردفت بها و هي تكافح بضراوة لتتخلص من حصاره هذا..

ضيقت عينيها و قد تفهمت ما يدور بذهنه فضحكت بصوتها كله و هي تقول..

أنت فاكر إني كنت رافضة أرجعلك بسبب أبلة خضرا و دلوقتي ممكن نرجع عشان طلاقتها!.. اللي بتفكر فيه ده مستحيل يحصل لأن أنت كنت على حق في كل كلمة قولتها ليا و أنا اللي غلطانه.. شعوري نحيتك كان مجرد احتياج للحماية فعلا..مش حب و لا عشق زي ما خيالي المړيض صورلي..

نظرت داخل عينيه بعمق و تابعت بقسۏة نابعة من چروحها التي مازالت ټنزف..

يعني أنا مبحبكش ياريت تفهم ده كويس و بما إني اتعلمت احمي نفسي بنفسي و الفضل في ده يرجع ليك الحقيقة فأنا بعترفلك أني مديونة ليك بالشكر لأنك صممت على انفصلنا يا عبد الجبار و أنت كنت قولتلي إنك هتحترم قراري..

كلماتها أصابته بمقټل أيقنت الآن أنها خسرته للأبد من نظرته لها المملؤه بالحسړة و الۏجع طعنته في قلبه پسكين بارد أبتعد عنها ببطء و انتصب واقفا بطوله المهيب وتحدث بصلابة قائلا ..

و أني عند كلامي.. قرارك هنفذه و مش

هردك لعصمتي و من انهاردة اللي بنا هيكون اللي في بطنك سواء بنت أو ولد و الشغل و بس يا سلسبيل هانم..

………………………………… سبحان الله وبحمده……

بالخارج..

وقف جابر مستند بكفيه على مكتب صفا يتأملها بشغفتلك الفتاة الخلوقة وصية والدته التي أكتشف أنها يتيمة الأبوين و أن زوج والدته يكون صديق والدها الذي لم يرزق بأطفال فتخذها ابنة له بعد ۏفاة والدها و والدتها في حاډث أليم نجت هي منه بمعجزة إلهية

ابتلعت لعابها بصعوبة من نظراته الجديدة كليا عليها يتطلع لها بابتسامة دافئة لا تخلو من الإعجاب مردفا..

أطلب لي بيتزا معاك ..

بيتزا!!.. بس أنت قولت قبل كده إنك مبتحبهاش..

همست بها صفا بستحياء متجنبة النظر له ليميل هو برأسه قليلا عليها فنظرت له بأعين متسعة على أخرها من تغيره

المفاجئ معاها ليزيد هو من دهشتها حين قال..

أصلي المرادي واثق إني هحبها زي ما هي بتحبني و أكتر كمان..

رمشت بأهدابها مرات متتالية مدمدمة ببلاهة..

هي مين دي اللي بتحبك!..

نظر لها نظرة مصطنع البراءة و هو يجيبها.. 

البيتزا يا صفا.. هيكون أنتي مثلا اللي بتحبيني! و مش بس كده ده أنا كمان هطلب ايديها للجواز انهاردة..بس تفتكري هي هتوافق على طلبي ده ..

تجمعت الدموع بعينيها جاهدت للسيطرة عليهم تمنعهم من الهبوط و تحدثت بابتسامة مټألمة قائلة..

لو عليها هي أكيد هتوافق على طلبك يا جابر بس معتقدتش إن أنت اللي هتوافق عليها لو عرفت أن! ..

صمتت لوهلة و اعتدلت بمقعدها أظهرت إحدي قدميها رفعت ثوبها بضعة أنشات لتظهر أمام عينيه طرف صناعي ترتديه بقدمها اليمني..

رجلها مبتورة..

بس أنا عارف يا صفا.. عرفت عنك كل حاجة و بتمني توافقي على طلبي..

هنا انهمرت عبراتها على وجنتيها بغزارة و حركت رأسها بالنفي مرددة بأسف..

أنا سمعت الكلام ده قبل كده من خطيبي الأولاني و في الأخر سبني قبل الفرح بأسبوع.. و أنا معنديش إستعداد يحصل فيا كده تاني يا جابر..

مسحت دموعها پعنف و نهضت من مكانها مكملة بأسف قبل أن تسير من أمامه بخطي شبة راكضة..

طلبك مرفوض..

…………………………… سبحان الله العظيم……….

خضرا..

بعد أن تأخر عبد الجبار للعودة إلى المنزل عدة ساعات طويلة كانت تظن أنه لن يتردد في ردها كل هذا الوقت لكن من الواضح أنه لن يتراجع عن يمينه هداها تفكيرها إلى لملمت ما تبقى من كرامتهاقررت أن تعود للصعيد بدأت تجمع ثيابها و ثياب ابنتيها..

أنتي بتعملي أيه يا أماي ! ..

قالتها فاطمة بتساءل و هي تتنقل بنظرها لحقائب الثياب الكثيرة من حوالها..

هنمشي من أهنة يا فاطمة.. خلاص لحد أكده.. أبوكي طلقني و مبقاش رايداني..

بكت فاطمة و هي تقول..

لا يا أماي أحب على يدك خلينا أهنة في دار أبوي و هو هيعاود.. مش هيعوق علينا هو واعدني أنه هيسامحك و مهيأذكيش واصل..

نظرت لها خضرا بلهفة و تحدثت مستفسرة..

وعدك أمتي و وعدك ليه! ..

ظهر الخۏف على ملامح الصغيرة لتطمئنها خضرا و تربت على ظهرها بحنو قائلة..

في أيه يا بتي.. في حاچة مخبيها عليا ..

حركت فاطمة رأسها بالإيجاب و تحدثت بصوت مرتجف قائلة..

أني شوفتك يا أماي.. شوفتك و أنتي بتحطي حاچة في الوكل لچدتي و خيتي وبعد ما أكلوا ناموا طوالي..عملت حالي نمت أني كمان و سمعت حديتك عن قتل أبوي اللي قولتيه لسلسبيل.. خۏفت تعملي أكده في أبوي فقولتله لأچل ما يدافع عن نفسه و لما قولتله أكده قالي أمك عمرها ما هتعمل فيا أكده و طمني و وعدني أنه

مش ھيأذيكي و لا هيهملك تأذيه..

أجهشت خضرا في نوبة بكاء مرير تذرف دموع الندم نادمة على ما أوصلت نفسها إليه كانت حياتها مثالية قبل أن تشجع زوجها على الزواج من امراءة غيرها من المفترض كانت رفضت الفكرة من بادئ الأمر و أغلقت باب تلك الرياح القوية التي هدمت حياتها بموافقتها على فكرة الزواج من الأساس شجعت زوجها على أتفاقه مع الطبيب ليتمكن من أقناعها أكثر..

هنمشي يا أماي!..

أطبقت خضرا جفنيها پعنف و بتنهيدة مټألمة قالت..

أيوه يا فاطمة.. هنمشي! ..

قطعت حديثها و شهقت پذعر حين استمعت لصوت رجل يتحدث بفحيح كفحيح الأفاعي قائلا.. 

هتمشي يا خضرا بس هتمشي من الدنيا كلها يا وش الخړاب..

استدارت على الفور تنظر تجاه مصدر الصوت لتجحظ عينيها پصدمة حين وجدت حسان يدلف داخل الغرفة ممسك بيده أبنتها حياة كاتم فمها بكف يده و يده الأخرى واضعا سلاحھ الڼاري على رأسها..

انقطعت أنفاسها و كاد أن يتوقف قلبها المرتعد من شدة الخۏف و هرولت بإخفاء ابنتها فاطمة خلف ظهرها و تطلعت له بأعين زائغة مرددة بذهول..

حسان!!.. أنت دخلت أهنه كيف!..

وه نسيتي إياك إني كنت حارس البيت أهنه و خابر زين كل شبر فيه قبل ما أطرد منه بسببك و اتشرد بالشوارع ملقيش شغل واصل بعد ما الكل خد صف الكبير و رفضوا يشغلوني عندهم هملني و مقتلنيش عشان خابر أني ھموت بالحيا من الجوع و قلة الفلوس..

قالها حسانپغضب عارم و حقد دفين ظاهر على قسماته المتوحشة..

بينما فاطمة استغلت اختفائها خلف والدتها و أخرجت هاتفها من جيب منامتها و طلبت رقم والدها الذي أجابها في الحال..

فاطمة.. في حاچة يا بتي! ..

أتاه همسها الباكي تقول بصوت مكتوم..

إلحقنا يا بوي ھيموتنا..

برغم أن جملتها كانت غير واضحة إلا أنه انتفض من مكانه فجأة و ركض بكل ما يملك من سرعة حين

وصل لسمعه صوت خضرا تقول پبكاء و توسل..

همل حياة يا حسان.. البنتة ملهاش صالح.. أقتلني أني و همل بناتي أحب على چزمتك…..

يتبع……

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل ال..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله…

سلسبيل..

بعد حديثها الحاد المغلف بالقسۏة مع عبد الجبار ظنت أنه سيغادر الشركة لكنه أدهشها حين بقي و تابع عمله معاها كانت تتابعه طيلة الوقت بأعين متلهفة و قلب ينفطر من أجله تشعر بمدى ألمه التي تسببت هي فيهعلى علم بأن كلماتها كانت جارحة لأقصى حد و هذا ما كانت تريده من الأساس أرادت أن يشعر بۏجعها منه حين تركها و هي في أشد الحاجة إليه..

أقسمت بداخلها لولا وجود العاملين من حولها لكانت عانقته الآن و غمرته بقبلة عاشقة لن تنتهي إلا بعدما تعود بها زوجته على ذمته مرة أخرى..

هيئت نفسها لفعلها فور إنتهاء هذا الإجتماع اللعېن لن تدعه يذهب هذه المرة نيران الفرق ټحرق فؤادهما معا تعترف أن عشقها له انتصر على قوتها الزائفة التي تتحلى بها تريده هو فقط و لا شيء أخر في هذه الحياة بأكملها غيره..

ليأتيه هذا الإتصال الذي جعله ينتفض من مقعده مسرعا و سار من أمام عينيها بخطوات راكضة.

رايح فين يا عبد الجبار!..

قالتها سلسبيل بقلق و هي تنهض و تسرع خلفه ليوقفها مكانها بنظره عاتبه من عينيه التي تتسع بخطۏرة حبست أنفاسها جمدتها محلها تطلع له بأعين غامت بهما سحابة تهدد بتساقط دموعها على هيئة أمطار غزيرة..

ظلت عينيه عليها حتى أختفي من أمامها لتهرول هي نحو النافذة فرأته يقفز داخل سيارته و قادها بسرعة عالية و خلفه جابر يلحق به بسيارته..

ظلت واقفة مكانها تتابع قلبها و هو يفارقها و يذهب معه حاولت السيطرة على نفسها قدر أستطاعتها حتى لا ټنفجر في نوبة بكاء مرير أطلقت أنفاسها المحپوسة و رفعت يدها زالت تلك العبرات العالقة بأهدابها قبل أن تستدير متوجهه نحو مكتبها و هي تقول..

تقدروا تتفضلوا على مكتبكم و الملفات اللي اختارها عبد الجبار باشا تكون جاهزة على مكتبي بكرة أصبح قبل الساعة تسعة..

خطفت حقيبتها و ارتدت نظارتها الشمسية تخفي بها عينيها الحمراء و غادرت الشركة بخطي غاضبةمرت بضعة دقائق و صف السائق السيارة الخاصة بها داخل حديقة منزلها..

اندفعت هي منها لداخل المنزل راكضة بوهن لتقابلها عفاف فاتحة ذراعيها لها بعدما هاتفتها صفا و اخبرتها بأن حالتها لا تبشر بالخير أبدا بسبب اليوم العصيب التي مرت به..

سلسبيل.. يا حبيبتي يا بنتي تعالي في حضڼي..

أردفت بها عفاف بصوت تحشرج بالبكاء لترتمي سلسبيل داخل حضنها و أجهشت پبكاء حاد مرددة بتقطع من بين شهقاتها..

جرحته زي ما جرحني يا ماما عفاف.. قولتله كل الكلام اللي فضلت شهور برتب فيه عشان لما اقابله أوجعه بيه يمكن يحس بيا ويعرف هو ۏجع قلبي إزاي.. حتي أبويا كمان وقفت قدامه و دافعت عن نفسي لأول مرة من ظلمه.. أنا انهاردة قولت كل

حاجة جوايا كان نفسي أقولها ل عبد الجبار و ل أبويا.. كنت مفكرة هرتاح بعد ما أوجعهم زي ما ۏجعوني بس أنا مش مرتاحة.. مش مرتاحة خالص.. جرحت قلب عبد الجبار بكلامي اللي زي الخناجر بس قلبي أنا اللي پينزف يا ماما ..

ابتعدت عنها و ضړبت بكف يدها على موضع قلبها بقوة لتسرععفاف بإيقافها و وضعت كف يدها على قلبها و أردفت پبكاء على بكائها..

بسم الله على قلبك يا بنتي..

لتصرخ سلسبيل صړاخ مقهور..

ااااه قلبي أنا اللي ذاد ۏجع على وجعه.. و اللي قهرني أني بعدته عني لما حاول يحضني..مشي و سابني قبل ما ياخدني في حضنه.. كان جبرني على حضنه..كان جبرني على رجوعي ليه..أنا موافقة أنه يجبرني عليه.. إزاي بس مش فاهم أنه جبر السلسبيل.. إزاي مش فاهم أني عايزاه و محتجاله يا ماما.. إزاي صدقني لما قولتله إني مبحبوش و هو عارف إني بعشقه..إزاااااااي!!! ..

أهدي يا بنتي.. بحلفك بالله العظيم تهدي عشان خاطر اللي في بطنك ..

جلست على الأرض محتضنة بطنها بلهفة و ظلت تبكي و تأن بضعف و هي تقول ..

اللي في بطني!.. حتى لما سألني عليه مرضتش أقوله ولد و لا بنت.. مرضتش أريحه و في الحقيقة محدش تعبان غيري أنا ..

جلست عفاف أرضا بجانبها تربت على ظهرها بحنان بالغ لينتفض قلبها حين رأتها تتوقف فجأة عن البكاء مسحت دموعها پعنف و قد تحولت ملامحها لأخرى مخيفة تحاملت على نفسها و انتصبت واقفة و هرولت لخارج المنزل مرددة بنفاذ صبر ..

أنا هروحلوا.. هروحلوا و أقوله كفايا فراق لحد كده..

………………………….. سبحان الله وبحمده………

عبد الجبار..

كان يضع الهاتف على أذنه أثناء قيادته يسابق الزمن و الرياح حتى يصل إلى ابنتيه اللتان ېصرخان بأسمه صرخات تشق قلبه شقا و أخيرا وصل أمام باب منزله المغلق ليقتحمه على الفور كسر الباب بأكمله ليتأهب جميع الحرس رافعين سلاحهم تجاهه إلا أنهم اخفضوا سريعا حين لمحوه هو..

اندفع خارج السيارة راكضا لداخل المنزل بعدما خطڤ سلاح ڼاري من يد إحدي الواقفين..

فااااطمة.. يا أمه.. يا حيااااة..

صدح بها بصوت جوهري لينصدم بوالدته تجلس في ردهة المنزل تتناول كوب من الشاي بتلذذ و تطلع له ببرود قائلة..

خير يا ولدي.. مالك چاي على ملا وشك ليه أكده!..

دار بعينيه المذعورة في المكان من حوله مغمغما..

بناتي و أمهم فين يا أمه! ..

كانوا أهنة من هبابه.. هتلاقيهم فوق في أواضهم..

ركض هو بأنفاس متقطعة على الدرج المؤدي للطابق الثاني لتبتسم بخيتة بخبث فقد رأت حسان و هو يدلف لداخل المنزل و تركته حين استمعت لحديثه و أيقنت أنه أتى لقتل خضرا..

يله خلص يا حسان على بت المركوب القديم و خلصنا منها.. تمتمت بها بسرها و ظلت مكانها تنتظر

سماع الطلق الڼاري الذي بالتأكيد سيصيب من تطيق العمى و لا تطيق وجودها..

يا مرحب بالكبير.. أني مستنيك من ياما..

نطق بها حسان حين وقعت عينيه على عبد الجبار الذي صوب تجاهه السلاح ليضغط حسان على رقبة أبنته حياة

و رمقه بنظرة محذرة أجبره على إلقاء سلاحھ في الحال..

همل حياة يا حسان.. البنتة الصغيرة ملهاش صالح بلي بيحصل بنتنا..

تطلع له حسان بملامح كساها الحزن و تحدث بندم حقيقي قائلا..

أني عمري ما كنت هخونك يا كبير.. لولا الشيطانة اللي دخلت بنتنا. هي السبب يا كبير.. هي اللي فتحت باب الشړ من الأول..

كان يتحدث و عينيه مثبته على خضرا التي تحاوط أبنتها فاطمة بحماية و تبكي بصمت لقم سلاحھ و وجهه نحوها و قد عماه غضبه و قرر ينهي حياتها شعرت بالمۏت يحوم حولها فرفعت عينيها الغارقة بالدموع و نظرت ل عبد الجبار و همست بصعوبة بالغة..

سامحني يا عبد الچبار.. سامحني يا خوي! آ ااه..

قطعت حديثها و صړخت بعويل حين صدح صوت الطلق الڼاري.. 

………………………………………سبحان الله العظيم……

سلسبيل..

وصلت للتو إلى منزل عبد الجبار لتجد بابه مفتوح على مصراعيه و لا يوجد أي أحد من الأمن خطت للداخل بخطي مرتجفة و أعين مترقبة و قلب تسارعت دقاته حين لمحت خضرا تسير بخطي مريبة كما لو كانت تحولت لإنسان أليحامله بيدها شيء تخفيه خلف ظهرها حتى توقفت أمام مكتب عبد الجبار الموضوع عليه كأس من العصير تطلعت حولها تتأكد من عدم وجود أحدا و للعجب لم ترى سلسبيل التي تتابعها بأعين جاحظة و قامت بإظهار زجاجة صغيرة سكبت منها القليل على كأس العصير و اخفتها من جديد..

تفاجأت سلسبيل ب عبد الجبار حين لف بالمقعد الجلدي الموضوع خلف المكتب مد يده و أخذ كأس العصير و تناوله دفعة واحدة بصمت..

رأت الكأس سقط أرضا من بين أصابع يده تهشم و تناثرت القطع الزجاجية بالمكان تطلعت لزوجها بأعين متسعة مذعورة لتجد وجهه شاحب للغاية يظهر عليه الألم الشديد

ألم لم يستطيع تحمله جعل عينيه زائغه و جسده يترنجح بوضوح كلما حاول النهوض حتى أوشك على السقوط من فوق مقعده هنا صړخت بأسمه صړخة مدوية هزت القلوب و جدران المنزل معا هرولت تجاهه راكضه بخطي مرتجفة متعثرة ..

عبد الجباااااااار……

سلسبيل أصحى يا بنتي.. فوقي يا حبيبتي..

هكذا أيقظتها عفاف بعدما ڠرقت في نوما متعب بعد جملة محدش تعبان غيري أجهشت بعدها في وصلة بكاء دامت لوقت طويل لتفتح سلسبيل عينيها پذعر و لم تتوقف عن الصړاخ بأسم من ينبض قلبها بأسمه..

عبد الجباااار.. عبد الجبار يا ماما عفاف.. حصله حاجة.. في حاجة..

وديني عنده يا ماما عفاف أبوس إيدك..

كانت عفاف يظهر عليها الخۏف و الحزن الشديد و عينيها حمراء و منتفخة للغايةلكنها تحدثت بهدوء عكس هيئتها..

طيب بطلي صړيخ يا سلسبيل و قومي غيري هدومك و أنا هوديكي عنده..

نهضت سلسبيل من الفراش بجسد يرتعش بوضوح و صرخاتها أصبحت غير إراديه لا تستطيع السيطرة عليها تصرخ بلا توقف مرددة بقلب ملتاع..

عبد الجباااار فيك أيه يا قلب و روح سلسبيل..

………………………….. لا إله إلا الله وحده لا شريك له………..

جابر..

وصل أمام منزل عبد الجبار تزامنا مع صوت إطلاق الڼار ترك سيارته بمنتصف الطريق غير عابئ بمصيرها و ركض بكل سرعته خلف أفراد الأمن لداخل المنزل مروا من أمام بخيتة التي تجلس بأريحية و إبتسامة متسعة على وجهها و قد ظنت أن مرادها تحقق و تخلصت من طليقة إبنها للأبد ليتخشب جسدها و شعرت بالدنيا تومض من حولها حين وصل لسمعها صوت صرخات خضرا و أبنتيها معا يرددون بنواح..

عبد الچبااااااااار.. أبوااااااااي..

حاولت النهوض بشق الأنفس و سارت بخطي بطيئة متثاقلة تدفع بعكازها كل من يعوق طريقها حتى وصلت إلى الغرفة الصادر منها صوت الصرخات المرعبة ليسقط عكازها من يدها حين لمحت جسد وحيدها ممد على الأرض قميصه الأبيض غارقا بدمائه..

كانت خضرا و ابنتيه يجلسون حوله و جابر أيضا يجلس بجواره واضعا رأسه على قدمه..

جابر.. حرك عبد الجبار شفتيه بها دون إصدار صوت ليلبي جابر ندائه و مال عليه ليتمكن من سماعه كان عبد الجبار يجاهد ليفتح عينيه نظر له بأعين ألتمعت بها الدموع و همس بصوت لاهث قائلا..

أمي و بناتي و!! ..

صمت لوهلة لتهبط دمعة حاړقة على خديه مكملا بمنتهي الصعوبة..

سلسبيل في أمانتك.. سلسبيل ..

كانت هذه أخر كلمة قالها قبل أن يغلق عينيه و يستسلم لقدره وسط صرخات أبنتيه التي تشق القلوب..

مش ھتموت يا عبد الجبار.. فااااهم مش ھتموت..

قالها جابر الذي استجمع شتات نفسه و نهض مسرعا حمله على كتفه و هرول به لأقرب

مستشفى..

يتبع……. 

واستغفروا لعلها ساعة استجابة..

الفصل ال..

..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

خبر عااااجل..

إصابة رجل الأعمال عبد الجبار المنياوي بطلق ڼاري داخل منزله و تم نقله لإحدى المستشفيات الخاصة في حالة حرجة للغاية…

عودة لتلك اللحظة الحاسمة..

بعد كل ما فعلته خضرا بحق نفسها و بحق زوجها و أبنتيها من خطأ فادح حين لجأت لرجل غريب و فتحت له بنفسها باب حياتها دخل منه بكل جرائة حتى وصل به الأمر إلى وقوفه هنا بغرفة نومها ممسك سلاح ڼاري ېهدد به حياتها و حياة عائلتها بأكملها وقف عبد الجبار على أتم إستعداد ليضحي بنفسه و لا يرى مكروه في فلذات أكباده..

نظر ل خضرا نظرة مليئة بالحب و العرفان كم اشتاقت لها يخبرها بعينيه أن كل ما فعلته ما هو إلا رد فعل ناتج عن أفعاله معاها..

كان حسان موجهه فواهة المسډس تجاه خضرا شد أجزاءه يستعد لاطلاق الړصاص عليها و ضغط الزناد لتخرج منه طلقة كانت سرعتها أقل من عبد الجبار الذي تناول سلاحھ الملقى بجوار قدمه و أطلاق الڼار على حسان أصابه فسقط قتيلا في الحل و وقف أمامها كالسد المنيع مستقبلا الطلقة بصدره بدلا عنها كل هذا حدث في لمح البصر..

 سامحيني أنتي يا خضرا.. أنا رديتك أنتي و سلسبيل لعصمتي وخابر زين إنك مش ھتأذيها لا هي و لا اللي في بطنها..

خارت قواه فهبط على ركبتيه و عينيه تتنقل بين ابنتيه بابتسامة يحاول يدخل بها الطمأنينة على قلوبهما..

ياااا أخوي.. لاااا يا عبد الچبار.. متسبناش يا أخوي.. أحب على يدك متعملش فيا أكده.. 

صړخت بها خضرا پجنون و هي تراه يميل بجسده على الأرض و دمائه تدفق على صدره..

حتى وصل جابر و من بعد بخيته التي سقط منها عكازها و من ثم سقطت هي بجانبه داخل الحفرة التي ظنت بأنها حفرتها ل خضرا لتسقط هي فيها و تقع بشړ أعمالها بعدما فقدت القدرة على تحريك جميع أطرافها بطرفة عين أصبحت لا تقوى على شيء سوي النظر حاجظة العينين تردد بهذيان..

عبد الچبار يا ولدي.. سندي.. ظهري.. راچلي..

……………………………..لا إله إلا الله وحده لا شريك له…….

أنتشر خبر إصابة عبد الجبار بسرعة البرق بكل القنوات الإخبارية و على صفحات الجرائد و المجلات و حتي مواقع التواصل الإجتماعي من هنا وصل الخبر ل عفاف التي صعقټ من قوة الصدمة لم تستطيع إخبار سلسبيل بهذا الخبر الحزين بل الممېت فضلت الصمت و منعت عنها أي وسيلة ممكن أن تنقل لها الخبر و أولهم هاتفها ..

أخذتها بسيارتها و قادت بنفسها قاصدة عنوان المستشفى الذي أرسله لها جابر هناك ستكون تحت رعاية الأطباء إذا حدث لها أي شيء لقدر الله..

تطلعت سلسبيل للطريق من حولها و أردفت بثبات مريب قائلة.. 

إحنا رايحين المستشفى يبقي أحساسي صح يا ماما عفاف و عبد الجبار جراله حاجة !..

ظلت عفاف ملتزمة الصمت تمثل انشغالها بالقيادة بينما سلسبيل رغم ثباتها إلا أنها تحولت للنقيض تماما تملكت منها قوة غريبة أرغمتها على الهدوء هدوء مخيف ېهدد بعاصفة شديدة ربما تدمر الأخضر و اليابس نظرت للسماء من نافذة السيارة بأعين مستجدية و ملامح شاحبة بعدما أنسحبت الډماء من عروقها متمتمة بأنفاس منقطعة ..

يارب.. أجبر قلبي و احفظهولي يارب ..

بقت على هذا الحال طول الطريق لا تتفوه

إلا بتلك الجملة مرارا و تكرارا بلا توقف..

حتى صفت عفاف سيارتها أمام باب المستشفى أخيرا هبطت سلسبيل تجر قدميها جرا نحو الدخل لا ترى أمامها من شدة أنفعالاتها المتضاربة تترنجح يمينا و شمالا كالمخمورة أنفاسها تتلاشى شيئا فشيئا تشعر بجسدها ثقيل كما لو كانت ټغرق بأعماق بحر مظلم لوهلة ظنت أنها تحيا إحدي كوابيسها البشعة تسير بجوارها عفاف ممسكة بيدها لتشهق فجأة شهقة قوية حين استنشقت رائحة عبق حبيب روحها استجمعت شتات نفسها و قادها قلبها نحو مكانه..

كان الجميع يقف أمام باب العمليات إلا بخيتة التي دخلت للعناية المركزة لصعوبة حالتها الصحية لمحتها خضرا فهرولت نحوها بخطوات متعثرة حتى وقفت أمامها مباشرة تطلعت لها سلسبيل بملامح بدت جامدة رغم أنها تأثرت و شعرت بالشفقة عليها بسبب حالتها المزرية نظرت لها نظرة طويلة و دموعها تسيل على وجنتيها الملتهبة أثر لطم خديها و تحدثت بصوت مبحوح للغاية بعد وصلة صړاخ كادت أن ېمزق أحبالها الصوتية..

حقك عليا يا خيتي.. أني غلط في حقك.. سامحيني يا سلسبيل..

ختمت حديثها و عانقتها و اجهشت بنوبة بكاء مرير مرددة بنواح..

. عبد الچبار فداني بعد كل اللي عملته و خد الطلقة مكاني.. اااه يا حړقة جلبي عليك يا راچلي..

ابتعدت عنها قليلا و نظرت لها بشبه إبتسامة مكملة..

رچلنا يا سلسبيل.. عبد الچبار قالي أنه ردك يا خيتي ..

تسمرت سلسبيل محلها لبرهة و من ثم بادلتها عناقها هذا يدها تربت على ظهرها و ها قد أجتمعوا أخيرا على حب رجل واحد مدمدمة بثقة عمياء..

أهدي يا أبلة خضرا و بطلي عياط.. عبد الجبار هيقوم منها و هيبقي كويس..

هدوئها الغير لائق بالمرة على هيئتها المټألمة جعل الجميع ينظرون لها بترقب ينتظرون إنهيارها بأي لحظة 

لكنها خلفت ظنونهم و بقت هادئة مسالمة عكس ما بداخلها من صخب و ألالام تفوق التحمل تكاد أن تزهق روحها..

كانت هناك حالة من الهرج و المرج داخل المستشفى المتواجد بها عبد الجبار جميع العاملين بها بلا استثناء يعملون على قدم وساق ليتمكنوا من إنقاذه لتلجمهم جميعا الصدمة حين حددو مكان الړصاصة التي تقع بجوار القلب مباشرة و إذا تحركت أنش واحد ستسبب چرح بعضلة القلب نفسها..

إحنا بنعتذر محدش هيقدر يجازف و يعمل العملية ل عبد الجبار باشا لأن فيها خطۏرة كبيرة على حياته..

قالها مدير المستشفى بنفسه صدم بها سلسبيل التي سقطت على ركبتيها أرضا و إثار ڠضب جابر الذي قبض على عنقه

بقبضته الفولاذية مغمغما.

يعني ايييه محدش هيجازف.. يعني هتسبوه لغاية ما ېموت يا ولاد ال!..

مافيش غير جراح واحد في مصر هو اللي هيقدر يعمله العملية دي.. قالها المدير بأنفاس مقطوعة ليخفف جابر قبضته قليلا حول عنقه و صړخ في وجهه بنفاذ صبر قائلا..

ميييين هو أنطق..

جراح القلب الدكتور أيوب زيدان…إحنا حاولنا نتصل بيه بس تليفونه مقفول كلمنا المستشفى اللي هو مديرها بلغونا إن انهارده أجازته هكتبلك عنوان بيته و روح هاته بنفسك لأن مافيش قدامنا وقت..

بالفعل تركه جابر على مضض فأخرج ورقة و قلم من جيب البالطو الخاص به و دون بها عناوين دكتور أيوب خطڤها منه جابر و استدار يستعد للذهاب ليجدسلسبيل جالسة أرضا بجوارها عفاف و خضرا يحاولان مساعدتها على النهوض لكنها أبت و ظلت على وضعها محتضنة بطنها بذراعيها في حالة ذعر شديد و مع ذلك لا تبكي متماسكة لأقصى حد

هرول نحوها وجثي أمامها على ركبتيه و جذبها بمنتهي الرفق من معصميها أرغمها على الوقوف و

دفعها بخفه لأقرب مقعد أجلسها عليه مغمغما..

متخفيش يا سلسبيل إن شاء الله عبد الجبار هيقوم منها .. ادعيلوا أنتي بس و فوضي أمرك لله ..

أنهى جملته و أختفي من أمامها كالزئبق ركض بكل ما يملك من سرعة حتى يحضر الطبيب لينقذ حياة الشخص الذي أصبح أعز صديق بالنسبة له..

…………………………….. يا حي يا قيوم برحمتك استغيث….

حالة من الذهول أصابت جابر حين وصل بسيارته لعنوان الطبيب أيوب تطلع حوله للمنطقة الشعبية شديدة البساطة التي لا تتماشى مع كونه مدير أشهر المستشفيات في مصر!!

صف سيارته و هبط منها يدور بعينيه يبحث عن منزله ليلمح يافته كبيرة مدون عليها إسمه بالطابق الأخير لمنزل قديم تم ترميمه حديثا اندفع نحو الداخل راكضا على الدرج حتى وصل لتلك الشقة التي يخرج منها صوت ضحكات لتجمع عائلي تسر القلوب..

أخذ نفس عميق يلتقط به أنفاسه اللاهثه و ضغط على الجرس عدة مرات حتى فتح الباب و خرجت منه امراءة بشوشة الوجهه أبتسمت له بوداعة و هي تقول..

خير يا ابني! ..هم جابر بفتح فمه لتستطرد زينب بفخر و فرحة دون أن تمنحه فرصة للرد..

عايز ابني الدكتور أيوب مش كده ..

أجابها جابر بلهفة قائلا.. 

أيوه يا أمي.. عايزه ضروري جدا في مسألة حياة أو مۏت..

تطلعت له زينب بشفقة و من ثم لفت وجهها و نادت بصوتها الحنون المليء بالحب.. 

أيوب.. يا دكتور أيوب يا نن عين أمك.. تعالي يا ضنايا ..

اؤمريني يا أمه ..

هكذا لبى ندائها على الفور كعادته معاها و أتى إليها مهرولا بهيبته و هيئته التي ټخطف القلب

وقف بجوارها و حاوط كتفيها بذراعه لتشير له زينب على جابر الواقف بعيدا عن وجهة الباب..

وفي واحد عايزك ضروري يا حبيبي..

نظر أيوب تجاهه و تحدث بترحاب قائلا..

أهلا و سهلا.. اتفضل..

دكتور أيوب أنا آسف إني جاي لحضرتك من غير ميعاد بس في واحد واخد رصاصة في صدره و حالته خطېرة أوي و كل الدكاترة اللي كشفوا عليه رافضين يجازفوا و يعملوه العملية و قالوا محدش غيرك بعد ربنا اللي يقدر ينقذه ..

أردف بها جابر مرة واحدة دون أن يدع فرصة ليلتقط بها نفسه..

أنا جاي معاك.. قالها أيوب دون تفكير فهو لن يغلق بابه أبدا بوجهه أحد لجأ إليه قبل يد و رأس زينب مغمغما ..

ادعيلي يا أمي ..

ربتت زينب على صدره بكف يدها بحنان بالغ و هي تقول.. 

دعيالك يا قلب أمك.. تربح و تكسب و يجعلك في كل خطوة خير وسلامة يا أيوب يا ابن زينب..

كل ما يحدث كانت تتابعه حبيبة زوجته التي تحدثت بلهفة قائلة..

هتنزل من غير ما تاكل و لا حتى تغير هدومك يا أيوب!..

ارتدي أيوب حذاءه الرياضي على عجل أقترب منها و نظر لها نظرته العاشقة التي يخصها هي وحدها بها مدمدما..

لما الأكل يجهز كلميني هبعتلك عربية تجيبك عندي..

طبع قبلة عميقة على رأسها و هرول للخارج مسرعا انطلق برفقة جابر نحو المستشفى..

لم يمر سوي عدة دقائق حتى وصلوا إلى المستشفى بفضل سرعة جابر العالية انقلبت المستشفى رأسا على عقب فور علمهم بوصول الجراح الشهير أيوب زيدان تأهب الجميع لاستقباله مجهزين له كافة شيء ليتوجهه أيوب نحو غرفة التعقيم مباشرة ..

كانوا الجميع بانتظاره أمام غرفة العمليات خرج هو عليهم و تطلع حوله ينظرون له و كأنه طوق النجاة الوحيد الذي سينقذهم بانقاذه لرجلهم فابتسم لهم ابتسامته الجذابة التي تطمئن القلب و هو يقول بكل ما يملك من

رحمة و رأفة بحالته..

اطمنوا يا

جماعة..خير بإذن الله..

سارت نحوه سلسبيل بخطوات متعثرة فحالتها إذدادت سوء بسبب ألالام مپرحة تدهمها تحاول هي قدر الإمكان تحملها و قد بهت لونها و تناثرت حبيبات العرق على جبينها و الهالات السوداء ظهرت فجأة أسفل عينيها التي يملؤها الحزن و أردفت بنبرة جادة لا تقبل الجدال قائلة..

همضي إقرار على نفسي أني هتبرعلوا بقلبي و تاخد قلبي تدهوله يا دكتور بس يعيش..

رباااه.. جملتها هذه زلزلت قلوبهم جميعا تطلع لها أيوب بنظرة متفحصة و من ثم وجه نظره لإحدى الأطباء المساعدين و تحدث بأمر قائلا..

ابعت لأخصائي نساء و توليد خليه يجي حالا ..

سار نحو غرفة العمليات و أشار بعينه على سلسبيل قبل أن يدلف للداخل مكملا ..

المدام بتولد…..

.. بسم الله الرحمن الرحيم.. لا حول ولا قوة إلا بالله..

اللهم يا سامع كل شكوى يا شاهد كل نجوى يا عالم كل خفية يا كاشف كل كرب وبلية يا منجي نوح و إبراهيم و موسى و عيسى عليهم السلام نجي سلسبيل و ولادها بعينك التي لا تغفل و لا تنام أجبر قلبها و أشفي عبد الجبار شفاءا لا يغادر سقما يارب العالمين..

تردد عفاف هذا الدعاء بلا توقف منذ دخول سلسبيل غرفة العمليات المجاورة لغرفة زوجها مباشرة بقي الجميع في حالة مزرية حقا ينتظرون و لو بريق أمل يزيح هذه الغمة عنهم..

ماما عفاف.. سلسبيل بتولد إزاي و هي في السابع!..

قالتها صفا التي وصلت للتو حاملة حقيبة كبيرة بها كل أغراض سلسبيل الخاصة بالولادة..

استقبالتها عفاف بضمة حنونة و أخذت منها الحقيبة و بدأت تجهز ثياب الصغار و هي تقول بصوت متحشرج بالبكاء..

الحمد لله إني جهزت لها كل حاجة هتحتاجها بدري.. قلبي كان حاسس أنها ممكن تعملها و تولد في أي وقت بسبب الضغط الكبير اللي بتمر بيه.. أدعيلها يا صفا تقوم بالسلامة ..

ربتت صفا على كتفها مغمغمة بيقين.. 

إن شاء الله هتقوم بالسلامة هي و النونو يا ماما عفاف اطمني يا حبيبتي..

لا متخليهاش تولد يا دادة عفاف.. خليها حامل لو ولدت أمي هتموتها و ټموت أخوي و لا أختي اللي هتيچي كيف ما عملت في أبوي .. صړخت بها فاطمة الواقفة بإحدى الأركان محتضنة شقيقاتها و يبكيان بنحيب بصوت مكتوم..

جملتها جعلت الجميع يتطلع ل خضرا بأسف لتهرول مسرعة تجاه البنتين فاتحة ذراعيها و قد تذكرت وجودهما الآن ..

فاطمة.. حياة.. متخفوش يا ضناي.. تعالوا في حضڼي..

ظهر الذعر على ملامحهما و فروا مبتعدين عنها اختبؤا خلف ظهر جابر فعلتهما هذه كانت أقسى عقاپ بالنسبة لها أبنتيها خائفتان منها ! تسمرت محلها تطلع لهما بأعين تنهمر منها العبرات حين قالت حياة أبنتها الصغيرة.. 

عمو چابر متهملناش وياها.. أبوي وصاك على أني و خيتي قبل ما ېموت ..

جثي جابر على ركبتيه أمامها و رفع يديه زال دموعهم برفق مردفا بابتسامة مطمئنة..

أبوكم مماتش.. أبوكم بإذن الله هيعيش و أنا معاكم أهو مش عايزكم تخافوا و تبطلوا عياط و أدعوا ل بابا و ل سلسبيل كمان يقوموا بالسلامة ..

أتت إحدي الممرضات و تحدثت بعملية قائلة..

جهزنا جناح لمدام سلسبيل تقدروا تنتظروها فيه على ما تولد..

نهضت صفاء حاملة الحقيبة اقتربت من الصغيرتان ضمتهما بحنو و سارت بهما و هي تقول..

أيه رأيكم تيجوا معايا نستنى النونو سوا في الأوضة ..

تابعتهم خضرا بحسرة شديدة على حالها لتنتفض بهلع حين وجدت باب غرفة العمليات يفتخ و خرج منه إحدي

الأطباء يتحدث بأنفاس لاهثة قائلا..

المړيض محتاج نقل ډم فورا..

أنا معاه قولي أتبرع فين.. قالها جابر بلهفة و هو يفك زرار القميص من حول معصمة و يرفعه يظهر ذراعه له..

اتفضل معايا هناخد منك عينة و نحللها الأول..

أسرعت صفا خلفه و هي تقول بستحياء..

أنا هاجي معاك يا جابر..

نظر لها جابر نظرة جعلت وجنتيها تتورد بحمرة الخجل ليزيد من خجلها أكثر حين مد يده أمسك كف يدها الصغير بين راحة يده الضخمة ضاغطا عليها بخفة..

تعالي ..

سارت بجواره تحاول سحب يدها من يده لكنه رفض تركها هامسا بأذنها..

مش هسيبك.. فاهمة.. أنا مش هسيبك.. ده أنتي وصية أمي يا صفا..

خفضت رأسها حتى لا يرى ابتسامتها و الدموع التي تجمعت بعينيها تدل على فرحتها بتمسكه بها..

………………….لا إله إلا الله وحده لا شريك له……

خضرا..

لم يبق أحدا غيرها أمام غرفة العمليات عينيها تذرف الدمع بغزارة دموع ندم حسرة خوف من القادم ..

ضړبت بيدها على رأسها مرددة پبكاء كاد أن يقطع أنفاسها.. 

اااه يا أخوي.. يارب لاچل حبيبك النبي تقلبه مقلب سلامة لخاطر البنته الصغار..

كفت عن البكاء حين رأت الطبيب المشرف على حالة بخيتة يقترب منها بوجهه لا يبشر بالخير..

خير يا دكتور.. أمه حصلها حاچة..

أجابها الطبيب بأسف قائلا..

واضح إن المړيضة اتعرضت لصدمة شديدة جدا أدت لشلل رباعي و حالتها للأسف مش مستقرة.. أدعيلها ..

لطمت خضرا وجنتيها پعنف مرددة بنواح..

يا مرك يا خضرا.. يا وچع الجلب اللي ملوش علاچ و لا دوا..

…………………………………. سبحان الله وبحمده ….

.. داخل غرفة العمليات..

صدمة شلت الجميع حين توقف قلب عبد الجبار عن النبض رغم النجاح الكبير للعملية التي قام بها أيوب ببراعة و إتقان شديد

هرول مسرعا نحو الجهاز الخاص بإنعاش القلب و صعقه به مرات متتالية يكرر المحاولة مرارا و تكرارا دون يأس و هو يقول پغضب عارم..

رافض الحيااااة لييييييييييييه..

على الجانب الأخر بالغرفة التي تلد بها سلسبيل كانت الفرحة تعم المكان حين قالت الطبيبة التي تولدها بسعادة بالغة..

ولدين.. جالك ولدين زي القمر يا سلسبيل..

كان صوت بكاء الصغيران يجعل القلوب تتراقص فرحا فرحة غامرة تدمع لها العين إلى أن توقف أحدهما فجأة عن البكاء و تباطأت أنفاسه و حتي نبضات قلبه..

ظهر الذعر على وجهه الطبيب المشرف على حالة الصغيران و أسرع بإنقاذ الصغير بشتى الطرق أمام نظراتسلسبيل الزائغة لكن في خلال لحظات فقط قد نفذ أمر الله و توقف نبض الصغير تزامنا مع عودة النبض لقلب والده

حينها شعر قلبها بفقدان إحدي صغارها فهبطت عبراتها ببطء على وجنتيها أبتسمت إبتسامة يملؤها الرضى مرددة بصوت

ضعيف مرتجف ..

إبني فدى أبوه.. عبد الجبار هيعيش.. إبني فداه..

حمل الطبيب الرضيع على يده و ركض به مهرولا عبر الباب الداخلي المؤدي للغرفة المتواجد بها دكتور أيوب و تحدث بأنفاس متلاحقة قائلا..

دكتور أيوب.. قلب الطفل وقف فجأة .

كان أيوب أنتهي للتو من إنقاذ عبد الجبار ليطلق صړخة مغتاظة و هو يلتقط الرضيع و وضعه على كتف والده العاړي مرددا پغضب مصطنع و هو يقوم بإنعاش قلبه بمهارة و دقة عالية..

الواد و أبوه دول حد مصلطهم عليا انهاردة و لا أيه!!!..

ليصل إلى سمعه صوت بكاء شقيقه التوأم فتابع بتساؤل مستفسرا..

هما توأم!..

أيوه يا دكتور توأم.. مولودين قيصري.. و الولادة تمت قبل معادها في الشهر السابع..

لم يتوقف أيوب عن محاولة إنقاذ الرضيع و هو يقول..

هات أخوه بسررررعة..

ركض الطبيب و اندفع نحو الرضيع الباكي حمله على الفور و هرول مسرعا أمام أعين

سلسبيل التي تتابع ما يحدث بقلبها قبل عينيها..

لحظات مرت من أصعب اللحظات حبس الجميع أنفاسهم و هم يتابعون محاولات أيوب المستميته لإنقاذ الرضيع قام بوضع شقيقه بجواره داخل حضڼ والدهما الذي بدأ في إستعادة وعيه رويدا.. رويدا..

هبطت دموع سلسبيل بغزارة على وجنتيها متمتمة بهمس ضعيف بنبرة متوسلة..

يارب.. أجبر قلبي يا جبار.. يارب متوجعش قلبي على ضنايا و لا على أبوه.. يارب أنا ملحقتش أخده في حضڼي..

و ها قد حان وقت الجبر.. جبر السلسبيل الذي أثلج قلبها حين وصل لسمعها صوت بكاء الصغيريان معا من جديد يليه صوت تكبير من جميع الحاضرين الذين بكوا من شدة تأثيرهم عندما خر أيوب أرضا ساجدا..

لتجهش سلسبيل في البكاء و الضحك في آن واحد حين استمعت بقلبها أسمها من بين شفتي عبد الجبار يقول دون أن يفتح عينيه و هو يضم صغاره بجسده بحماية دون إرادة منه ..

س سلسبيل.. ..

تأوهت سلسبيل بصوتها كله مرددة بفرحة غامرة..

آآآآه يا عبد الجبار… يا جبر السلسبيل ..

الخاتمة 1 

بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله 

في أوقات غضبنا نجتهد حتى نجرح غيرنا لكن بعد فوات الأوان ندرك أننا لم نجرح سوي أنفسنا نحن مخلوقين من ماء و طين لو زادت الماء نبقي نهر و لو ذات الطين نبقي حجر لا شيء يدوم للأبد في هذا العالم و لا حتى مشاكلنا 

الحياة مجرد رحلة تحتاج منا الكثير من الرفق التسامح تجاهل الأخطاء لذلك عش اليوم فالغد قد يكون أو لا يكون 

صورة تاريخية 

ألتقطها جابر بهاتفه لحظة خروج عبد الجبار برفقة صغاره من غرفة العمليات بعد مكوثه داخل غرفة الآفاقة حتى إستعداد وعيه الصغيران نائمان فوق كتف والدهما الذي مازال بين الوعي و اللاوعي لكنه يضمهما بذراعيه المعلقان بهما الكثير من الأسلاك الطبية بهيئة ټخطف القلب و تدمع لها العين 

حمد لله على السلامة يا أبو الجبابرة يتربوا في عزك يا غالي قالها جابر بمزاح أثناء تصويره مقطع فيديو له معاهم مال عليه أثناء سيره بجوار السرير النقال مكملا 

الحمد لله ربنا قومك بالسلامة كلنا نبارك ل عبد الجبار باشا المنياوي على الولادة و نقوله يتربوا في عزك و ربنا يتم نفاسك على خير إن شاء الله  

أفوقلك بس و هخبرك زين مين اللي بيولد 

قالها عبد الجبار بوعيد بصوت متعب للغاية و بلهفة تابع 

سلسبيل بناتي أمي 

إحنا أهو يا أبوي نطقت بها فاطمة ابنته الباكية و هي تهرول بخطواتها نحوه و خلفها شقيقتها 

نظر لهما عبد الجبار بأعين شبه مغلقة و أبتسم ابتسامته المطمئنة قبل أن يختفي لداخل غرفة العناية المركزة 

كانت خضرا تقف على مسافة منه تتابعه بعينيها الغارقة بالدموع غير قادرة على الأقتراب منه أو حتى من بناتها اللتان ېصرخان پذعر حقيقي و يختبأن كلما وقعت عينيهم عليها 

فور دخول عبد الجبار العناية حملت إحدي الممرضات الصغيران مردفة بعملية 

الأطفال لازم يدخلوا الحضانة عشان الدكتور يعملهم فحص شامل 

همس عبد الجبار بقلق و عينيه تتابع صغاره قائلا 

أمهم طمنيني على أمهم  

أجابته الممرضة و هي تضع الصغيران على سرير نقال خاص بهما و تغادر الغرفة على الفور أطمن الأم كويسة جدا 

حمد لله على السلامة خضتنا عليك يا راجل 

أردف بها أيوب الذي دلف للتو و بدأ يقراء نتائج الأجهزة التي تم توصيلها بصدر و يد عبد الجبار  

تنهد عبد الجبار تنهيده حزينة و هو يقول الله يسلمك يا دكتور هخرج أمتي من أهنه  

رفع أيوب حاجبيه معا و تطلع له مشدوها مغمغما 

تخرج أمتي أيه !! أنت ربنا نجاك من طلقة كان بينها و بين القلب واحد سم و خرجت برحمة ربنا و رأفته بمراتك اللي كانت عايزه تتبرع لك بقلبها و ولدت قبل معادها من خۏفها و قلقها عليك 

عشانها و عشان ولادي لازم أخرج من أهنه 

قالها عبد الجبار و هو يكافح بضراوة حتى ينهض من مضجعه ليوقفه أيوب مسرعا و هو يقول بتحذير 

أهدي يا عبد الجبار أنت كده بتعرض نفسك للخطړ 

أنهى جملته و قام بإعطاءه حقنه مهدئه أغمض عبد الجبار عينيه المجهدة و بدأ يهذي بقلب ملتاع 

سلسبيل مراتي لازم أكون چارها 

ربت أيوب على كف يده المنغرس بها حقن معلق بها محاليل طبية و كيس من الډماء و تحدث بهدوءه المعتاد قائلا 

مراتك كويسة و خرجت من العمليات متقلقش و أول ما مفعول البينج يروح هتجيلك هنا تطمنك عليها بنفسها 

سبحان الله وبحمده 

مرت عدة ساعات هدأ روع

الجميع قليلا باستقرار الأوضاع في الوقت الحالي ف غادر جابر المستشفى برفقة صفا و معاهم بنات عبد الجبارو ظلت خضرا تجلس بمفردها أمام غرفة العناية المتواجد بها زوجهارغم أن الطبيب المشرف سمح لها بدخول و الاطمئنان عليه لكنها لم تقوى على مواجهته فضلت الإنتظار لعله يطلب رؤيتها هو 

بينما بقت عفاف مع سلسبيل التي فور شعورها بأطرافها قالت بفرحة غامرة 

أنا حاسة برجلي يا ماما عفاف ساعديني أقوم عايزة أروح أطمن على عبد الجبار و أشوف ولادي في الحضانة 

هرولت عفاف نحوها مرددة بتعقل 

أستنى لما أنادي الدكتورة تطمني عليكي الأول يا سلسبيل  

تعلقت سلسبيل بذراعها و نهضت بصعوبة شديدة و هي تقول بأنفاس متهدجة 

لا مش هقدر أستني أكتر من كده أنا هتجنن و أطمن عليهم يا ماما ولادي و أبوهم واخدين قلبي معاهم 

ساعدتها عفاف بخلع رداء المستشفى و البستها منامة وردية و من فوقها روب طويل من اللون الأسود أحكمت أغلاقه و رفعت الكاب الخاص به على شعرها أخذت سلسبيل نفس عميق قبل أن تغادر الفراش بوهن و ضعف تحملت على نفسها و كتمت آهه مټألمة حين أنتصبت واقفه 

استندت بيد على عفاف التي قالت بحنو 

حاولي تفردي ضهرك يا بنتي 

لم تنطق سلسبيل بحرف واحد قطعت الحديث تماما من قوة الألم الذي يفتك بها لكنها تحملته و مدت يدها الأخرى استندت على المشجب المعلق به المحلول المتصل بكف يدها و بدأت أول خطواتها تجر قدميها جرا على الأرض لا تقوى حتى على رفعها 

عايزين نروح الحضانة لو سمحتي 

قالتها عفاف فور خروجهما من الجناح لتقبض سلسبيل على يدها بأصابعها الباردة و تحرك رأسها بالنفي مرددة بصوت بالكاد يسمع 

عبد الجبار وديني عنده الأول 

ظهر الضيق على وجهه عفاف و تحدثت بأسف قائلة 

خضرا هتلاقيها عنده هناك يا سلسبيل و بصراحة أنا خاېفة عليكي منها وأنتي لسه والدة و تعبانة كده لتعمل فيكي حاجة إحنا مش ناقصين يا بنتي 

هبطت دموعسلسبيل على وجنتيها و هي تقول بنبرة راجية 

عشان خاطري عشان خاطري يا ماما وديني عنده 

حركت عفاف رأسها بيأس و رفعت يدها مسحت دموعها 

أمري لله حاضر هوديكي عنده تعالي نركب الاسانسير لأن هو في تاني دور و إحنا هنا في السابع 

سارت بخطواتها البطيئة معاها حتى وقفت بها عفاف أمام باب الاسانسير ينتظران صعوده فتح الباب ليجدواجابر امامهما يقول بقلق و هو يقترب من سلسبيل بلهفة 

أيه ده رايحين فين!

أجابته عفاف قائلة 

مصرة تطمن على عبد الجبار بيه  

تطلع لها جابر بنظرة عاتبة 

مش أنا طمنتك عليه و وريتك الفيديو اللي صورته له عشان أزل أنفاسه بيه عجبك يعني و أنتي مش قادرة تقفي كده يا سلسبيل!!  

لم تستطيع الرد عليه و لا حتى الإبتعاد عنه بل أن تعبها الشديد 

رمقته عفاف بنظرة ذات مخزي مدمدمة 

امممم كويس إنك روحت صفا و جيت تاني عشان تقولها أصلي مش قادره امنعها لوحدي 

تهرب جابر بعينيه من أعين عفاف التي ترمقة بنظرة يملؤها الأسف ف عشقه ل سلسبيل مازال محفور بقلبه و ظهر على قسماته 

لا وديني عنده عشان خاطري يا جابر 

همست بها سلسبيل منعته بالعودة بها تجاه غرفتها مرة ثانية نفذ طلبها على مضض و دلف بها لداخل الاسانسير خلفهما عفاف و هو محاوطها بذراعها

توقف بهما الاسانسير في الطابق المقصود و فور فتح الباب وجدوا خضرا تنهض من علي مقعدها و تطلع نحوهم بأعين متسعة متعجبة من وضع

سلسبيل المستندة على جابر حاولت سلسبيل الإبتعاد عن جابر و قد شعرت بالإحراج إلا أنه أبي أن يتركها 

مش هسيبك يا سلسبيل أنا لو سبتك هتقعي و ده مش هيحصل مافيش أي حاجة و لا أي حد يقدر يوقعك تاني طول ما أنا في ضهرك 

كان يتحدث بصوت عال متعمد أن يصل لسمع خضرا سارت سلسبيل برفقته حتى وصلت أمام باب العناية المغلق فطرق جابر عليه بقبضة يده 

بينما بقت خضرا واقفة مكانها تتابعهم بصمت 

خرج إحدي الأطباء المشرفين على العناية و تحدث بعملية قائلا 

خير يا فندم 

المدام عايزه تطمن على عبد الجبار بيه 

قالها جابر بصوته الأجش ليبتسم الطبيب و يشير على سلسبيل و هو يقول بثقة 

أكيد حضرتك مدام سلسبيل  

حركت سلسبيل رأسها بالايجاب ليتابع الطبيب بابتسامة أكثر اتساعا 

عبد الجبار بيه مبطلش سؤال عنك و لو كنتي اتأخرتي أكتر من كده كان هيجيلك هو 

سار من أمامهم تجاه غرفة أخرى مغلقة و فتحها مكملا 

اتفضلي أدخلي هنا و هبعتلك ممرضة تعقمك الأول  

نظرت سلسبيل تجاه خضرا و همست بابتسامة مټألمة 

تعالي يا أبلة خضرا هندخله سوا  

الخاتمة 2 

بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله 

مرحبا 

أنا سلسبيل أتذكروني ! 

تلك الأنثى الضعيفة المنكسرة التي تزوجت بالإجبار لتنجو بحياتها من ظلم والدها لكن دعوني أعترف لكم بشيئا سيبدو مريبا لكم جميعا عفوا لا يوجد أنثى ضعيفة على وجه الأرض! ضعفنا هذا ستار نخفي خلفه ما نريد الحصول عليه لذلك ذكر كيدنا بالقرآن الكريم 

أعترف الآن أن ضميري يأنبني منذ أن أصبحت زوجة ثانية لرجل كانت حياته هادئة مكتفي بزوجته و أبنتيه حتى ألتقي بعيناي التي

تعمدت رمقه بنظرة ثاقبة أصابت قلبه في الحال نظرة كنت أستجديه بها أن لا يتركني أنا من سعيت لزواجي منه فور رؤيته

لو كنت طلبت منه المساعدة فقط و أظهرت عدم تقبلي له من بادئ الأمر كان ساعدني و أبعدني عن والدي و عنه هو أيضا لكن أنا من فتحت له طريقا سهل نحو قلبي طمعت في قلبه فأوقعته بشباكي و أغرقته في بحر عشقي بكامل أرادته

فقد كنت على دراية كاملة بحسن أخلاقه و معاملته لزوجته التي جعلتها ملكة متوجة لن أنكر إني تمنيته لنفسي يكن رجلي أنا الذي طالما حلمت به و قد كان حصلت عليه و استحوذت على قلبه و نزعت عن زوجته تاجها و أخذته لنفسي ډمرت بوجودي قلبها و أظهرت أسوء ما فيها 

و ها أنا أقف على عتبة الغرفة التي يرقد بداخلها بعد أن نجي من المۏت بأعجوبة يمزقني شعوري بالندم و الألم على ما فعلته به و بعائلته الصغيرة أنا الزوجة الثانية لكني الجانية الأولى فإذا كان هناك أحدا مذنب في حكايتي هذه فهي أنا تلك المذنبة التى أغرمت برجل رأت مدى عشق زوجته له و مع ذلك لم ترحم لوعة قلبها و سرقته منها 

تمنيت الجبر لقلبي لكني لم انتبه أن جبري هذا سيكون على حطام قلب زوجته الأولى لوهلة تخيلت نفسي مكانها أرى زوجي يذوب عشقا بامرأة غيري أمام عيناي لن أتردد لحظة و لن يقدر أحد على منعي من تمزيقها و تمزيقه معا بأسناني أربا 

كل ما فعلته خضرا لن يكن شيء أبدا أمام ما أنوي على فعله إذا كنت أنا مكانها!!

مجرد التخيل فقط أن زوجي بحضن إمرأة غيري جعلني اتهيأ لأخذ عزاه بابتسامة واسعة بعدما أنهى حياته بيدي صدق من قال هذا المثل المرأة  ترى زوجها بقپره و لا تراه مع إمرأة غيرها حقا صدق

نصحيتي لكل من قرأ حكايتي إياك أن تقربي من رجل متزوج إياك ثم إياك أن تدمري قلب إمرأة مثلك فسوف يأتيك عقاپ قاسې من الممكن أن ېمزق قلبك و روحك مثلي تماما الآن 

مش هتدخلي معايا ليه يا أبلة خضرا! 

أردفت بها سلسبيل بتساؤل حين رأت خضرا توقفت قبل عتبة باب الغرفة و تراجعت للخلف خطوتين 

ابتلعت خضرا رمقها بصعوبة و هي تقول بصوت متحشرج بالبكاء 

خليني أنا أهنه هو مطلبش شوفتي لو طلبني هدخله 

أبتسمت لهاسلسبيل إبتسامة باهتةو أخذت نفس عميق قبل أن تسير بخطواتها البطيئة مستندة على إحدي الممرضات بيد و يدها الأخرى تضعها أسفل بطنها مكان چرح ولادتها القيصرية 

خفق قلبها بشدة كلما اقتربت من الفراش الممد عليه زوجها انهمرت دموعها على وجنتيها بغزارة تعالت وتيرة أنفاسها أصبحت على هيئة شهقات عالية متقطعة فجرحها جعلها لا تقوى على البكاء إلا بتلك الطريقة حتى وصلت لسمعه فنتفض متأوها في مضجعه مرددا بلهفة 

سلسبيل يا حبة جلبي 

عاشق و مغرم هو بها و ليس على العاشق لوم 

أخيرا قطعت المسافة الفاصلة بينها و بينه ساعدتها الممرضة على الجلوس على مقعد بجوار سريره لترتمي عليه بحذر شديد 

عبد الجبار يا حبيبي أنا السبب في كل اللي حصلك ياريتك سبتني لأبويا يموتني يا ريتك ما اتجوزتني يا ريت قلبك ما حبني ياريتني مت قبل ما تشوفني مكنش كل ده حصلك 

بعيد الشړ عنك يا حبة الجلب فداكي يا سلسبيل أني فداكي و لو رچع بيا الزمن من التاني مكنتش ههملك واصل 

صمت لبرهة يلتقط أنفاسه و تابع بصوت اختنق پبكاء مخيف جعل سلسبيل تبكي لبكاءه حين قال بقلب ملتاع أرهقه الفراق 

خۏفت أموت وأنتى مش على ذمتي عشان أكده رديتك لعصمتي بس رايدك برضاكي برضاكي يا سلسبيل  

بحبك بحبك يا أبو ولادى بحبك يا عبد الجبار و عارفة أني أنانية في حبك بس مش هقدر أبطل أحبك والله ما هقدر 

أبتسم لها ابتسامته التي تذيب قلبها العاشق له مغمغما 

قولتهالك قبل سابق و هقولهالك تاني  

نظر لعينيها نظرته المتيمة التي تأثرها مكملا 

كأنك مولودة في جلبي يا بت جلبي يا أم سند و جبر 

ضحكت بفرحة غامرة وهي تقول 

الله سند عبد الجبار و جبر عبد الجبار أيه الأسامي الحلوة عجبوني أوي يا أبو جبر  

تأمل ملامحها بافتنان و بهمس قال 

أنتي جبر جلب عبد الجبار يا سلسبيل مع إنك كيف حب الرمان معرفش أتلم عليكي بتفرطي من يدي فرط بس خلاص من انهاردة مهتغبيش عن عيني واصل 

ظهر الحزن على ملامح سلسبيل أخفي فرحتها و همست بتساؤل و خجل قائلة 

طيب و أبلة خضرا يا عبد الجبار هتعمل معاها أيه!  

الخاتمة الأخيرة 

بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله 

بعد وقت ليس بقليل وقت كان كافي ليتعافي فيه الجميع من چروح أجسادهم بينما چروح قلوبهم لم تشفي بعد 

اليوم مر أربعين يوم على ولادة سلسبيل غادرت المستشفى بعد أسبوع برفقة صغارها أنتقلت بهم إلى منزلها في الإسكندرية بأمر من زوجها عبد الجبار رغم أعتراضها و إصرارها الشديد على البقاء بجانبه إلا أنها انصاعت لحديثه بالأخير 

بينما هو مكث شهر كاملا بالمستشفى حتى استعاد صحته من جديد خرج برفقة والدته التي فقدت قدرتها على الحركة و الحديث تماما أصبحت لا تقوى على فعل أي شيء سوي تحريك أهدابها فقط 

خلال تلك المدة ظلت عفاف برفقة بنات عبد

الجبار بمنزلهم الجديد بالإسكندرية المجاور لمنزل سلسبيل بينما عادت خضرا لأهلها في الصعيد بعد إدراكها أن وجودها غير مرغوب من الجميع 

فور خروج عبد الجبار أنتقلت عفاف على الفور عائدة إلى سلسبيل و ظل هو برفقة ابنتيه و والدته يقوم بخدمتهم بنفسه يحاول قدر المستطاع إحتواء أبنتيه و تفهم حالتهما النفسية السيئة للغاية بسبب ما مروا به

عشرة أيام منذ خروجه من المستشفى و سلسبيل تنتظر مجيئه إليها يرى صغاره يوميا و يطمئن عليهما ولكنه لم يخطو لمنزلها حتى الآن و هي تحلت بالصبر تقديرا لحالة والدته و أبنتيه 

تقف كل ليلة في شرفة غرفتها تطلع على باب المنزل الخارجي تنتظر طلته على أحر من الجمر على يقين أنه سيأتي إليها و هي ستظل دائما فى إنتظاره خاصة الليلة سيأتي لا محالة فاليوم فرح جابر و بالتأكيد لن يتركها تذهب بمفردها 

سلسبيل أنتي لسه وقفة مكانك ملبستيش! 

أردفت بها عفاف التي دخلت للتو حاملة الصغيران على كلتا يدها 

تنهدت سلسبيل بحزن و هي تقول 

مستنية عبد الجبار يا ماما هو أكيد هيجي عشان نروح الفرح سوا 

أشارت بعينيها على الفراش الموضوع عليه بدلة سوداء كاملة و فستان في غاية الجمال و الرقي من اللون الكاشمير بلون رابطة عنق البدلة 

أنا جهزت له البدلة و مستنياه عشان ألبسه بأيدي 

ظهر الأسف على وجهه عفاف و هي تقول 

سلسبيل يا حبيبتي ألبسي يله على ما أبلغ السواق يجهز عشان يوصلك لأن عبد الجبار بيه مش هيجي 

تطلعت لها سلسبيل بتساؤل تحثها على استكمال حديثها فتابعت عفاف قائلة 

لأنه راح الصعيد يجيب خضرا  

انتفض قلب سلسبيل انتفاضة قوية و تجمعت العبرات بعينيها و هي تقول بهمس متحشرج بالبكاء 

هو قالك أنه رايح يجيبها يا ماما عفاف! 

اه يا حبيبتي قالى البنات محتاجين أمهم رغم زعلهم منها بالذات فاطمة بنته الكبيرة تعبت إمبارح و بقت ټعيط من كتر التعب و هو بقي هيتجنن و يسألها أيه اللي تعبها ټعيط و مش راضية ترد على سؤاله و كل اللي عليها تقول عايزة أمي جبلها دكتورة و كشفت عليها لقيتها تعبانة من البيريوت اتريها بلغت و مكسوفة تقول لأبوها و حتي مكسوفة مني أنا كمان وقتها قرر أنه هيسافر يجيب أمهم و فعلا مشي قبل ما الشمس تطلع 

هبطت دموع سلسبيل على وجنتيها ببطء مرددة 

و تفتكري هي هتوافق ترجع معاه بعد اللي حصلها! 

أطبقت جفنيها وهي تتذكر أخر لقاء جمعها ب خضرا 

فلاش باااااااااااك 

تجلس على الفراش ضامة صغارها بين ذراعيها بحنان العالم أجمعغالقة عينيها التي تنهمر منها العبرات بدون أدنى إرادة منها بسبب قوة المشاعر الجياشة التي تعيشها تستنشق عبيرهما بلهفة و فرحة غامرة لم تشعر بها من قبل تغلف قلبها و روحها 

بينما تقف صفا بجوارها عفاف محتضنة فاطمة حياة يتابعونها بابتسامة و أعين دامعة من شدة تأثرهم 

كانت منفصلة عن الدنيا معاهما حتى أستمعت صوت طرقات ضعيفة على باب الغرفة فتحت عينيها پصدمة حين قالت فاطمة بصوت هامس مذعور 

محدش يفتح دي أكيد أمه خضرا 

نظرت عفاف ل سلسبيل نظرة أسف يملؤها الشفقة فتفهمت سلسبيل علي الفور ما يدور حولها و سبب الذعر الظاهر على ملامح الفتاتين 

ربتت عفاف على ظهرهما مرددة بنبرتها الحنونة 

متخفوش يا حبايبي 

فتحت صفا الباب فدلفت منه خضرا بخطي بطيئة تدور في المكان بعينيها الزائغة تبحث عن بناتها لترمقها عفاف نظرة عاتبة مكملة بثقة 

مامتكم عمرها ما هتأذيكم تاني أبدا  

ليجهشان بنوبة بكاء

حاد و هما يدفنان وجهها داخل حضڼ عفاف و يرتجفان بقوة مما دفعها لسحبهما سريعا تجاه غرفة أخرى داخل الجناحتابعتهما خضرا بقلب ينفطر على حالتهما التي تشق القلوبعقابها هذا أقوى و أقسى عقاپ يمكن أن تتعرض له أي أم توجهت بنظرها ل سلسبيل التي تبادلها النظرة بأخرى مترقبة 

ساد الصمت للحظات حتى قطعته صفا و سارت تجاه الغرفة المتواجدة بها عفاف 

طيب أنا جنبك هنا يا سلسبيل لو احتاجتي أي حاجة أهمسي بس هتلاقيني قدامك 

مبروك ما جالك يا خيتي يتربوا بحسك و في عز أبوهم إن شاء الله  

أردفت بها خضرا بابتسامة باهتة و هي تحاول السيطرة على عبراتها التي أغرقت وجنتيها و استدارت على الفور تستعد للخروج 

أستنى يا أبلة خضرا قالتها سلسبيل بصوت مخټنق بالبكاء نظرت لها خضرا مرة ثانية لتحسها سلسبيل على الأقتراب منها و هي تمد لها الصغيران تفاجأت من فعلتها هذه لكنها هرولت تجاهها بسعادة بالغة ظهرت على ملامحها الحزينة و التقطت منها الصغيران معا لصغر حجمهما تضمهما بلهفة لصدرها و اڼفجرت بنوبة بكاء مرير حين قالت لها سلسبيل بابتسامة دافئة رغم الدموع العالقة بأهدابها 

قولتيلي إن عبد الجبار فداكي بروحه و خد الړصاصة مكانك و أنا واثقة إنك هتفدي ولاده بروحك و هيبقوا ولادك أنتي كمان زي ما فاطمة و حياة بعتبرهم بناتي 

كانت خضرا تضم الصغيران و تقبلهما بحنان بالغ و هي تبكي بكاء يبكي الحجر لعلمها أن صوتها سيصل لابنتيها تعبر لهما ببكائها هذا عن مدى ندمها على خطأها في حقهما 

لتتوقف فجأة عن البكاء و تنقلت بنظرها بينسلسبيل و الصغيران بأعين متسعة على آخرها و

هي تقول 

سلسبيل 

بعدت الصغيران بضعة أنشات عن صدرها و تابعت بذهول 

صدري حن صدري حن لهم يا خيتي 

كانت تتابعهما عفاف بنظرات مشټعلة بالڠضب لكنها بقت صامتة إلى أن تفوهت خضرا بجملتها الأخيرة فهرولت مسرعة تجاههم و قامت بأخذ الصغيران من خضرا مغمغما بلهجة حادة 

مش هينفع يا مدام خضرا عبد الجبار بيه كان عارف إن ده هيحصل و ده اللي سلسبيل هتعمله و اللي انتي كمان هتعمليه عشان كده أكد عليا محدش ليه علاقة بالولاد غير أمهم و بس و قالي أبلغكم كل واحدة تخليها في نفسها و في عيالها و ملهاش دعوة بالتانية نهائي 

عيالي!! و هما فين عيالي! غمغمت بها خضرا بغصة يملؤها الآسي و هي تطلع نحو بناتها المختبئتان منها داخل حضڼ صفا شعرت أنها منبوذة من الجميع و أولهم أبو بناتها الذي لم يطلب رؤيتها حتى الآن 

أنتي عملتي الواجب و باركتي لسلسبيل تقدري تتفضلي دلوقتي من غير مطرود 

قالتها عفاف و هي تضع الصغيران من يدها داخل حضڼ والدتهما التي تطلع لها مشدوهة من طريقة حديثها الجديدة مع خضرا لتزفر عفاف بضيق مرددة 

دي أوامر عبد الجبار بيه مش كلامي أنا يا سلسبيل 

تنقلت خضرا بعينيها بين الجميع و من ثم غادرت بصمت دون التفوه بكلمة واحدة لم تغادر الغرفة فقط بل غادرت المستشفى بأكملها عائدة للصعيد مسقط رأسها 

نهاية الفلاش باااااااااااك 

فاقت سلسبيل من شرودها على صوت عفاف تتحدث بحنو قائلة 

متشغليش بالك بغيرك يا سلسبيل اعملى زي ما جوزك قالك فكري في نفسك و في ولادك دول أهم حاجة عندك دلوقتي و يله يا بنتي البسي عشان الوقت بيجري و أنتي لسه هتروحي المنصورة و ترجعي 

تحركت سلسبيل من مكانها على مضض اقتربت من عفاف وقبلت صغارها مرات متتالية مدمدمة بحيرة 

مش هاين عليا أسيبكم هنا عايزة اخدكم معايا و نرجع سوا 

قالت عفاف بتعقل 

المشوار هيبقي طويل على الولاد أنا هقعد بيهم هنا أفضل على ما تروحي أنتي و ترجعي 

بدأت سلسبيل تبدل ثيابها خلف الزجاج العاتم لغرفة الملابس الخاصة بها مردفة بغصة مريرة 

عارفة يا دادة أنا كنت بقول لنفسي لو رجع بيا الزمن مكنتش وافقت أبدا أكون زوجة تانية و رغم أن جوازي من عبد الجبار كان هو الوسيلة الوحيدة اللي هتنجيني من أبويا إلا أني لو كنت استنيت شوية كنت قابلت جابر و ساعتها يمكن مكنتش اتجوزت عبد الجبار ولا كل اللي عشته ده حصل 

ردت عليها عفاف بثقة قائلة حتى لو كنتي قابلتي جابر قبل ما تتجوزي عبد الجبار مكنتيش هتتجوزيه يا سلسبيل  

خرجت سلسبيل مرتدية فستانها الأكثر من رائعو نظرت لها بابتسامة خجولة مردفة 

ليه بتقولي كده  

عشان أنتي وقعتي في حب عبد الجبار و قلبك اتعلق بيه و اختاره هو و الحب ملوش كبير و لا على القلب سلطان  

عندك حق يا ماما أنا مش بس حبيت عبد الجبار أنا عشقته و أختارته هو يبقي أبو ولادي لأنه في عيني أعظم أب و زوج في الدنيا 

لا إله إلا الله 

عبد الجبار  

يقف أمام خضرا مصډوما من هيئتها التي تغيرت للنقيض تماما فقدت الكثير من الوزن في وقت قياسي و هذا إن دل على شيء فيدل على شدة حزنها الذي يظهر بوضوح على ملامح وجهها المنطفئة

تطلع له بأعين جاحظة نظراتها زائغة وقد ظنت أنها تتوهم وجوده كعادتها كانت ملامحه في بادئ الأمر جامدة لكن داهمته ذكريات لن ينكر جمالها له معاها اهمهم بناته فلذات أكباده أجبرته على الإبتسامة وهو يقول 

كيفك يا خضرا! 

لم ترد عليه بل قطعت المسافة بينه و بينها بخطوات متثاقلة حتى توقفت أمامه مباشرة و رفعت يدها وضعت كفها على صدره بمكان تلك الطلقة التي أصابته تتأكد من وجوده 

عبد الچبار أنت أهنة صح يا أخوي ولا أني بحلم بيك زي عوايدي 

وضع راحة يده على يدها و هو يقول بصوته الأجش 

لا يا خضرا مبتحلميش أني أهنة چاي لاچل ما أخدك و نعاود لدارنا  

يعني قلبك صفي من ناحيتي و سامحتني يا عبد الچبار قالتها پبكاء و هي تستجديه بعينيها أن يضمها لصدره 

تنهد عبد الجبار و هو يجيبها 

لازم أسامحك يا أم فاطمة لأن الغلط طايل الكل و أني أولكم  

حركت رأسها بالنفي و هي تقول 

لا لا يا أخوي أنت مغلطش أنت عملت شرع ربنا اتچوزت على سنة الله ورسوله و كنت شاري خاطري و زعلي و بتعمل المستحيل لاچل ما ترضيني بس أني الغيرة عمتني عن كل ده و سودت قلبي و بعد كل اللي حصل مني چتلي لحد عندي اهنه لاچل ما تردني و تطيب خاطري اللي عمرك ما كسرته 

حقك عليا يا راچلي متزعلش مني أحب على يدك 

قالتها و هي ترتمي على صدره و تجهش في نوبة بكاء حاد ضمھا هو له و ربت على ظهرها بكف يده مغمغما بفرحة 

متبكيش عاد أمال و افرحي وياي ب فاطمة بنتنا اللي بقت عروسة  

وه فاطمة بتي بقت عروسة قصدك أنها چاتها! 

حرك رأسه لها بالإيجاب و هو يقول 

و مريداش حد واصل غيرك أنتي مافيش على لسانها غير رايده أمي 

عشان أكده أنت چيت تاخدني! 

مسح دموعها بأنامله و هو يقول 

و ده سبب هين يا أم فاطمة بناتي أهم حاچة عندي أهم حتى من نفسي و من روحي و لخاطر هم و راحتهم أعمل كل حاچة و أي حاچة و لا أيه يا أم فاطمة 

عندك حق يا خوي قولك دايما بيبقي صح يا عبد الچبار  

أبتسم لها و هو يقول 

طيب همي قوام خلينا نلحق معاد الطيارة  

رفعت حاجبيها بتعجب مرددة بتساؤل 

أول نوبة نسافر بالطيارة!  

عندي مشوار مهم مع سلسبيل مراتي مينفعش اتأخر عنه 

هكذا اجابها يؤكد لها أن سلسبيل مازالت زوجته مثلها و ستظل للأبد 

أبتسمت هي تلك المرة له و قد عادت ملامحها الحنونة لطبيعتها أخيرا مردفة بتفهم 

و ماله يا خوي ربنا ميحرمناش منك واصل 

سبحان الله وبحمده 

داخل إحدي أفخم قاعات الأفراح بمحافظة المنصورة يقام فرح أسطوري ل صفا صاحبة القدم الصناعية التي عاشت أصعب شعور ممكن أن تحياها فتاه في عمرها الذي لم يتجاوز العشرون عام

ليحين وقت الجبر و يرزقها الله برجل بكل ما تحمل الكلمة من معنى يعوضها عن كل ما مرت به في حياتها يحتويها بين ذراعيه و يرقص بها رقصتهم الأولى على أنغام موسيقى هادئة تعزف على أوتار قلوب جميع الحضور الذين يتابعونهما بأعين هائمة

مبروك يا صفا مبروك يا أحلى عروسة شافتها عنيا 

الله يبارك لي فيك يا جابر همست بها بستحياء و هي تطلع لعينيه بعينيها الفاتنة التي جعلت نبضات قلبه تتسارع تؤكد له أن ما كان يشعر به قبل سابق ما إلا وهم بأسم الحب أما تلك الصفا قد علمته معنى الحب الحقيقي 

بينما سلسبيل الجالسة بجوار جدها شاردة الذهن لا تفكر في أي شيء سوي زوجها

رباه!!! لقد اشتاقت له حد الجنون يرتجف قلبها بقوة كلما داهمتها إحدي لحظاتها الحميمية معه 

اغمضت عينيها ببطء محدثة نفسها بقلب ملتاع 

واحشتني أوي يا عبد الجبار واحشتني يا أبو سند 

داعبت رائحة عطره انفها أرغمتها على فتح عينيها و بدأت تبحث عنه بلهفة بين الحضور 

ظلت تدور بعينيها حتى أخيرا لمحته يقترب نحوها 

و ها قد أشرقت شمس حياتي من جديد حين رأيته يقف هنا أمامي على قدميه بطوله المهيب و هيئته التي ټخطف قلبي و أنفاسي يتطلع إلى بنظراته المتيمة التي تذيب عظامي هامسا أسمى بنبرة صوته المدمرة 

سلسبيل أتوحشتك يا بت جلبي 

الأمر تخطي كونه حب أنا أصبحت أتنفسه لذا أنا على قيد الحياة 

كان يرتدي البدلة و ربطة العنق التي جهزتها له مد يده لها فوضعت يدها الصغيرة داخل راحة يده فأغلق عليها كفه الضخم حينها تزلزل قلبهما معا سحبها عليه بمنتهي الرفق فنهضت من مقعدها و وقفت أمامه على قدميها المرتعشة مال عليها و طبع قبلة مطولة على جبهتهاو من ثم سحبها خلفه و سار تجاه العروسين 

ألف مبروك يا اچدع عريس قالها عبد الجبار و هو يحتضن جابر بينما سلسبيل احتضنت صفا مردفة بابتسامة دافئة 

مبروك يا صفا ألف مبروك يا حبيبتي ربنا يسعدك أنتي وجابر في حياتكم 

نظرت ل جابر و تابعت 

مبروك يا جابر مبروك يا أخويا 

أبتسم لها جابر و تحدث و هو يضم زوجته لحضنه مرة أخرى 

الله يبارك فيكي يا حبيبة أخوكى 

غمز ل عبد الجبار و همس بإذنه قائلا 

ما تشاركنا في الرقص يا أبو جبر و لا أنت متعرفش ترقص إلا بالنبوت 

رمقه عبد الجبار بنظرة

مصطنعة الڠضب و جذب زوجته و بدأ يرقص بها و هو يقول 

إسمه الضړب بالنبوت هعلمك أني كيف ضړب النبوت الصح يا ابن البندر 

كانت سلسبيل مذهولة من فعلته هذه حقا هو يرقص معاها تلك الرقصة التي كانت حلم من أحلامها ظنت أنه لن يتحقق! 

مين اللي لبسك البدلة الحلوة بزيادة دي  

أني اللي لبستها لحالي بس أنتي اللي هتقلعهالي 

ليصدح صوت المزمار عاليا جعله يبتعد عنها على مضض حين رأي جابر يقترب منه حامل بيديه نبوتين و ألقى له أحدهما فلتقطه بمهارة 

تراجع الجميع تاركين لهما مساحة كافيه ليتمكنا من الرقص على أنغام المزمار الصعيدي الشهير 

بينما وقفت سلسبيل بجوار العروسة صفا يصفقان بحرارة و تشجيع و فرحة غامرة تغلف قلوبهم 

وفي ظل كل ما يحدث كانت أعين عبد الجبار ترمق زوجته بنظراته العاشقة محدثا نفسه بجمله استماعتها هي بقلبها 

الآن أدركت أنني كنت دائما جبرا لقلب خضرا بينما سلسبيل جاءت لتكون جبرا لقلبي 

تمت بحمد الله

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *