رواية الفتاه التى حلمت ان تكون ذئبه الفصل الثامن وعشرون والتاسع وعشرون بقلم اسماعيل موسي (حصرية في مدونة الشروق للروايات)
رواية الفتاه التى حلمت ان تكون ذئبه الفصل الثامن وعشرون والتاسع وعشرون بقلم اسماعيل موسي (حصرية في مدونة الشروق للروايات)
#الفتاة_التى_حلمت_ان_تكون_ذئبة
٢٨
في اللحظة التي التقت فيها عينا الملكة بعيني رعد، كان العالم كله يبدو وكأنه توقف للحظة.
الموسيقى ما زالت تعوي في القاعة، الأقدام ما زالت تضرب الأرض بجنون، المشاعل ترقص بلهبها الأخضر، لكن بالنسبة لهما، كان هناك سكون غريب، شيء ثقيل وغير مرئي مرّ بينهما، كأنهما يختبران شيئًا لا يراه أحد غيرهما.
رعد لم يرمش.
لم يكن قادرًا على ذلك، لم يكن يستطيع أن يشيح بنظره بعيدًا عن تلك العيون التي بدت كأنها تعرفه، تعرفه أكثر مما يعرف هو نفسه.
عيناها لم تكونا بلون واحد، بل مزيج من الذهب السائل والزمرد، عميقتين كأنهما تريان ما تحت جلده، ما تحت عظامه، إلى جوهره نفسه.
والابتسامة على شفتيها—تلك الابتسامة الرقيقة—لم تكن عادية. كانت وعدًا. تهديدًا. سرًا يُكشف ببطء.
لكن قبل أن يستطيع أن يفهم، قبل أن يدرك ما كان يحدث، صدح صوتٌ حاد عبر القاعة.
“اقترب.”
الأمر لم يكن موجهًا له وحده، بل لكل الخدم المسحورين في القاعة. وفي لحظة، كأن تعويذة خفية قد سُحبت من الهواء، بدأوا جميعًا بالتحرك—رعد من بينهم—بخطوات ثابتة، خالية من التردد، كأن شيئًا ما يسحبهم من الداخل.
اقتربوا من العرش حيث جلست الملكة، شعرها المتشابك مثل خيوط ضوء القمر ينسدل حول كتفيها، فستانها الداكن مزين بأوراق ذهبية كأنها نمت عليه بشكل طبيعي.
حولها وقف الجان، بجلودهم الشاحبة، بآذانهم المدببة، بتلك الجمال القاتل الذي لا ينتمي لعالم البشر.
رفعت الملكة يدها، وبإشارة واحدة منها، تجمد الجميع في أماكنهم.
ثم نظرت إلى رعد مجددًا. هذه المرة، لم يكن مجرد نظرة عابرة، بل تمحيص، فحص، تقييم.
ثم قالت بصوت ناعم لكنه محمل بالقوة:
“أنت… لست مثل الآخرين.”
كانت جملة بسيطة. لكنها أيقظت في داخله شيئًا ظل خامدًا طوال الوقت الذي قضاه هنا. شيئًا كاد ينساه وسط التعويذة التي قيّدته، وسط الأوامر التي أجبر على طاعتها.
شيئًا كان دائمًا في داخله.
الغضب.
لأول مرة منذ زمن لم يستطع قياسه، شعر بشيء يكسر القيود غير المرئية التي حاصرته. شعر بنبضه يعود، شعر بالهواء في رئتيه كما لو أنه يتنفس لأول مرة.
وعين الملكة، ما زالت عليه، مبتسمة، كأنها كانت تنتظر هذه اللحظة بالذات.
في اللحظة التي شعر فيها رعد بشيء يتكسر داخله، تسلل صمت غريب إلى القاعة. لم يكن صمتًا حقيقيًا—فالموسيقى ما زالت تعوي، والجان ما زالوا يدورون في رقصاتهم المسعورة، والأقداح تُرفع وتُسقط—لكنه كان صمتًا في رأسه، فجوة بين ما كان عليه قبل لحظات وما أصبح عليه الآن.
شيء ما تغير.
أحسّ أنفاسه تتباطأ، وشيئًا ما يُنتزع من داخله، كما لو أن قوة لم يعد بوسعه تجاهلها كانت تستيقظ. لأول مرة منذ أن وطأت قدمه أرض الجان، لم يشعر بأنه مجرد خادم مسحور.
كان هو.
لم يكن يعرف إن كان هذا بسبب نظرة الملكة، أو كلماتها، أو شيء أعمق من ذلك—شيء كان ينتظره منذ اللحظة التي دخل فيها هذا العالم الغريب. لكنه أدرك أمرًا واحدًا: كان يرى بوضوح.
والملكة لاحظت ذلك.
“مثلك لا يُخضع بالسحر بسهولة،” همست، ابتسامتها لا تزال مكانها، لكنها هذه المرة، كانت مختلفة—لم تكن مجرد ابتسامة جنيّة متعالية، بل كانت اعترافًا.
اعترفٌ بأنه كسر شيئًا لا يُكسر عادةً.
أنه تحداها دون أن ينطق بكلمة.
رعد لم يرد. لكنه لم يخفض رأسه أيضًا، كما كان يفعل كل الخدم المسحورين حوله. لم يطرق بصره إلى الأرض كما كان يُفترض به أن يفعل. ظل يحدّق فيها، تمامًا كما تحدّق فيه.
كانت تلك لحظة قصيرة. لكنها كانت طويلة بما يكفي ليشعر الجان من حولهم بتوتر غريب يتسلل إلى القاعة.
في هذه اللحظة، تغيّرت الموسيقى.
لم تعد مجرد أنغام جنونية تملأ المكان، بل أصبحت إيقاعًا أبطأ، أثقل، كما لو أن الحفل بأكمله تغيّر.
“أنت لست مجرد بشري.”
قالت الملكة ذلك كأنها تقرأ شيئًا مكتوبًا على جلده، محفورًا في عظامه. كأنها لم تكن تتحدث عن شخص أمامها، بل عن لغز حاولت حله منذ زمن.
أمسكت بكأسها، أدارت السائل الذهبي داخله، ثم رفعت عينيها إليه مجددًا وقالت ببطء:
“أخبرني، لمن ترفع سيفك؟”
كان سؤالًا غير متوقع. لكن الأغرب منه هو الطريقة التي قيل بها—وكأنها تعرف الإجابة مسبقًا، وكأنها لا تنتظر سماع كلماته، بل سماع كيف سيقولها.
رعد لم يُجب فورًا. بل راقبها كما تراقبه، وكأن هذه اللحظة بينهما ليست مجرد حديث عابر، بل بداية شيء أكبر.
وبينما كان يبحث عن الكلمات، أدرك شيئًا واحدًا.
أنه مهما كانت هذه الملكة، ومهما كانت نواياها—فإن مواجهتها ستكون أخطر مما توقّع.
ضربه عفريت طويل بأذنى ماعز ضربة قويه جعلت جسده كاد يطير فى الهواء
وصرخه اجب الملكه يا بشرى يا لعين
اجبرت الضربه رعد ان ينحنى وكان عيون الجان مصوبه نحوه
رفع العفريت يده الضخمه مره اخرى ونزل بها على عنق رعد امام عيون الملكه المتربصه
فى تلك اللحظه امسك رعد يد العفريت القويه تلاقت العضلات مع بعضها
كان ماسيك أقوى عفاريت الجان، الحارس الشخصي للملكه
ولم يستطع جان طول حياته ان يقف امامه
ضربته مثل الصخره لكن ماسيك كان الان يعانى ليحنى يد رعد البشرى
سرعان ما تحولت قاعة الاحتفالات لحلبة الجان يتراقصون ويضحكون بجنون
توقفت يد ماسيك فى الهواء بدت القوتين متعادلتين لا غالب ولا مغلوب
استشاط ماسيك غضبآ، القى ردائه على الأرض وسحب سيفه
القى جنى قزم سيف تجاه رعد وارتفع التصفيق
بشرى يتحدى ماسيك
جلست الملكه تحتسى خمرها وتتابع باستمتاع
سحب رعد سيفه ووضعه خلف ظهره وارعش معطفه الطويل
لمعت عينيه الزرقاء ونفض شعره الطويل
كان ماسيك أطول واقوى لكن رعد اسرع، دماء الآلفا تسرى فى عروقة عندما التقا السيفان ارتج عرش الملكه ولمعت نجمه فى سماء مملكة باسيف
نجمه مظلمه تظهر كل الف عام مذكوره فى كتب علماء الجان ومشعوذيها، هاج البحر وففزت الأسماك بين الأمواج
كان الحكيم العجوز الذى يجلس خلف عرش الملكه مغمض العينين منذ بداية الحفل، فتح عينيه الان ونظر إلى الملكه
#الفتاة_التى_حلمت_ان_تكون_ذئبة
29
في تلك اللحظة، كأن وميضًا خافتًا عبر عينيها، مثل نصل يلمع للحظة قبل أن يغوص في الظلام.
شعر رعد بجسده مشدودًا، ليس بفعل السحر هذه المرة، بل بشيء آخر… شيء غير مرئي، لكنه حقيقي.
رأت ليلى ملامحه تتغير، عينيه تضيئان بتحدٍّ صامت،لم يكن ينحني بعد الآن، لم يكن مجرد خادم مسحور مثل الآخرين. ارتفع قلبها بقلق، لكن قبل أن تتحرك، وضعت الملكة إصبعًا واحدًا على شفتيها، وكأنها تأمر الجميع بالصمت.
ثم قالت، بنبرة هادئة لكن مليئة بالإغراء: “اقترب أكثر، أيها الذئب.”
ذئب ؟
سرت همهمه بين الجان، الذئب الوحيد الذى يعرفونه كان قائد جيش والد الملكه والذى اختفى فجأه خلال مهمه سريه بعثه إليها الملك جونغان للبحث عن ساحره عظيمه تسكن أرض البشر
كأن الكلمات اخترقت جلده، وصلت إلى شيء مدفون داخله. للحظة، تردد… لكنه تحرك. خطوة، ثم أخرى، حتى أصبح أمام العرش مباشرة.
رفعت الملكة يدها، وببطء، مررت أصابعها الرشيقة على جانب وجهه، كما لو كانت تستشعر شيئًا غير مرئي.
“دمك يحمل أكثر مما تدرك…” همست، ثم ابتسمت، قبل أن تضيف بصوت بالكاد يسمع: “وأنا… أريد أن أراه ينزف.”
وفجأة، شعرت ليلى بشيء يتغير، لم يكن واضحًا بعد، لكنه كان بداية شيء لن يستطيع أحد إيقافه.
“مثلك لا يُخضع بالسحر بسهولة.”
همست الملكة بتلك الكلمات، لكن صداها كان أقوى من مجرد همس. لم يكن صوتها مجرد نغمة عابرة، بل كان كأنه يغوص في عمق كيانه، يلامس شيئًا لم يكن رعد يدرك وجوده.
أحس بحرارة غريبة تتسلل إلى عروقه، كأن دمه اشتعل للحظة. جفونه ارتعشت، أصابعه قبضت على السيف الذى يحمله حتى كاد يحطمه. كان هناك شيء يتفكك داخله، شيء كان مثبتًا عليه كالأغلال.
شعر بالتعويذة تهتز. لم تختفِ بالكامل، لكنه شعر بها لأول مرة، كأنها قيد أصبح مرئيًا له، خيط رفيع لكنه ليس غير قابل للكسر.
ثم، بابتسامة بالكاد تُرى، أضافت الملكة: “لكننا نعرف كيف نجعلك تنحني.”
في اللحظة ذاتها، أحس بألم مفاجئ في صدره، كأن شيئًا غير مرئي اخترقه. الهواء اختفى من رئتيه للحظة، وانحنت ركبتاه رغماً عنه. لم يكن الألم جسديًا تمامًا، بل كان شيئًا أعمق—كأن روحه نفسها تعرضت لضربة.
رأى انعكاس نفسه في الأرضية المصقولة، لكنه لم يرَ وجهه فقط. خلفه، كظل ممتد، كان هناك شيء آخر—شيء لم يكن قد رآه من قبل.
كانت هناك أعين أخرى تحدق إليه. ليست عيون الملكة، ولا عيون الجان حولها، بل شيء أقدم، أعمق، شيء من الماضي أو ربما من المستقبل.
سمع صدى صوت، لم يكن واضحًا، لكنه لم يكن بحاجة لسماع الكلمات ليفهم معناها.
“استيقظ… أو اخضع.”
الملكة انحنت قليلاً للأمام، كأنها تراقب ما يحدث داخله، لكنها لم تتدخل. كانت تنتظر.
ورعد…
كان على وشك أن يقرر.
إما أن يكسر القيد بالكامل، أو أن يسمح له بأن يلتف حوله مرة أخرى.
في تلك اللحظة، سُمع صرخة في القاعة.
لم تكن صرخة ألم، بل كانت أشبه بصدى بعيد، كأن الرياح ذاتها نطقت. الجميع التفتوا، حتى الملكة، وعيناها الذهبية ضاقتا للحظة.
في مدخل القاعة، وقف شخص لم يكن أحد يتوقعه.
ليلى.
لكنها لم تكن كما كانت من قبل.
كان شعرها يتطاير كأن عاصفة تحيط بها، وعيناها—توهجتا بشيء لم يكن بشريًا بالكامل. في يدها، أمسكت بشيء صغير، شيء كأنه قطعة من العظم القديم، لكنه كان ينبض بطاقة غير طبيعية.
“لن يكون هناك خضوع اليوم.” قالت، وصوتها لم يكن صوت فتاة عادية.
رعد، رغم الألم الذي لا يزال يمزقه، شعر بشيء آخر.
شعر بأن الصراع لم يعد صامتًا بعد الآن.
لقد بدأ.
ساد الصمت للحظة، لكنه لم يكن صمتًا حقيقيًا، بل كان ممتلئًا بتوتر يكاد يقطر في الهواء. عينا الملكة ثبتتا على ليلى، لم يبدُ على وجهها أي انفعال، لكن الجان حولها تبادلوا نظرات قلقة. لم يكن ظهور ليلى متوقعًا، ولا القوة التي تلبستها.
رعد، رغم الألم، أجبر نفسه على الوقوف. كان لا يزال يشعر بقبضة التعويذة، لكنها لم تعد مُحكمة كما كانت قبل لحظات. كأنه، بوجود ليلى، انفتح شرخ في شيء لم يكن يدرك حتى أنه كان مغلقًا بإحكام.
قالت الملكة بهدوء مخيف: “يبدو أنكِ أخطأتِ الحسابات، يا صغيرة.”
ليلى لم ترد، لكن اليد التي تحمل القطعة العظمية انغلقت عليها بقوة. شعرت أن الكيان الذي استدعت أثره عبر تلك القطعة لا يزال معها، لا يزال ينظر من خلالها، يتابع المشهد كما لو كان ينتظر اللحظة المناسبة للتدخل.
“أنتِ لا تنتمين إلى هنا.” تابعت الملكة، ثم التفتت ببطء نحو رعد. “وأنتَ… بدأتَ تدرك أنك أيضًا لا تنتمي.”
كان في كلماتها إشارة خفية، لكنها لم تمنحه وقتًا للتفكير. في لحظة، رفعت يدها، ولمحت ليلى التوهج الذهبي في أطراف أصابعها قبل أن تندفع موجة من الطاقة نحوها.
رعد تحرك قبل أن يفكر—أو ربما شيء آخر تحرك فيه. لم يكن سريعًا بما يكفي لإيقاف الهجوم، لكنه كان كافيًا ليقف أمامه.
الطاقة اصطدمت به مباشرة.
لم يكن الألم كما توقع. لم تكن نارًا ولا صاعقة، بل كان كأنه يُسحب إلى هاوية باردة، كأن جزءًا من كيانه يُمحى ببطء. للحظة، رأى نفسه مرة أخرى في الانعكاس على الأرضية—لكن هذه المرة لم يرَ شخصًا واحدًا.
رأى وجهًا آخر يتداخل مع وجهه.
وجه لم يكن يعرفه، لكنه شعر به مألوفًا حد الرعب.
ثم، في ومضة، انكسرت الموجة من حوله، وكأن شيئًا آخر تصدى لها من الداخل. هوى رعد على ركبتيه، لكنه لم يسقط بالكامل. في عينيه كان هناك وعي جديد، شيء لم يكن موجودًا قبل لحظات.
الملكة لم تتحرك، لكنها ضيّقت عينيها قليلاً، كأنها أدركت أن ما حدث لم يكن طبيعيًا.
أما ليلى، فقد ابتسمت.
لم تكن ابتسامة تحدٍ، بل ابتسامة شخص رأى للتو أول شرارة لحريق عظيم قادم.
“لم أخطئ الحسابات،” همست، ثم فتحت يدها، وتركت القطعة العظمية تسقط على الأرض.
وعند ملامستها للأرض، اهتزت القاعة بأكملها.
تكملة الرواية بعد قليل
التعليقات