رواية وريث آل نصران الجزء الثالث للكاتبة فاطمة عبد المنعم الفصل التاسع والستون
أعرف عيون هي الجمال والحُسن.
وأعرف عيون تاخد القلوب بالحضن.
وعيون مخيفة وقاسية، وعيون كتير.
وبنحس فيهم كلهم بالحزن.
عجبي!
– صلاح چاهين.
منذ أيام لم تر غرفتها أي ضوء، اختارت قسمت الوحدة والصمت، سمعت دقات على باب غرفتها فسمحت للعاملة بالدخول والتي أخبرتها: الأستاذ باسم تحت وعايز يشوفك.
اختارت أن تقابله، نزلت له ورأى هو وجهها الباهت، وعينيها الحزينتين، ابتسم قائلا بمزاح: إيه يا قسمت لا سلام ولا كلام كده، طب طمنيني عليكي حتى.
أنا كويسة.
قالت هذا بنبرة بائسة، جعلته يصحح لها: لا أنتِ مش كويسة، في إيه؟
ووجدت نفسها وكأنها مسلوبة الإرادة تسأل عنه، تفتقده وبشدة: أنت مقابلتش عيسى؟
تنهد بسأم قبل أن يسألها: تاني عيسى!، مش احنا اتكلمنا في الموضوع ده مرة؟
هسألك سؤال يا قسمت وجاوبيني بصراحة
أنصتت له، منتظرة معرفة ما سيطرحه، وبالفعل سمعت قوله: هو لمحلك قبل كده بأي حاجة؟
هزت رأسها تنفي حدوث هذا وردت بعينين داهمتهما العبرات: لا، أنا بس كنت عايزة أقابله، كنت عايزة أقوله كل الكلام اللي عندي، وبعدها كنت هبعد، وهو وعدني إنه هيجي ومجاش، مكانش ليا عنده رصيد يخليه يجي!
قالت قولها الأخير بأسى، وعلق الجالس جوارها بضيق: بس ده غلط يا قسمت، كل الكلام اللي عندك مش هيغير أي حاجة للأسف، ملهوش فايدة.
بس كنت هرتاح لما اتكلم، أنا استاهل إنه يسمعني، وبالذات لو دي اخر مرة، وبعدها هبعد، أنا لحد دلوقتي مش مصدقة إنه مجاش مع إنه وعدني إنه جاي، ده حتى معتذرش، إيه السبب اللي ممكن يخليه يتصرف كده؟
لم يأتها رد من الجالس أمامها بسبب هاتفه الذي علا صوته، لمحت اسم المتصل ندى، ورأت تغير تعابيره، وعدم رده، فحثته: رد على تليفونك.
أبدى عدم رغبته في ذلك بقول: مش عايز.
ولكن ألحت المتصلة مما جعل القلق يساوره ويقرر الرد، ليعلم بعد استجابته أن حاجتها له في هذا التوقيت تخبأ خلفها الكثير، الكثير الذي يريد الآن معرفته وبشدة.
كان عيسى في طريقه للخروج، استوقفه حسن حين ناداه من المرسم، استدار يطالعه بهدوء ولم يدخل، فطالبه: تعالى يا عيسى.
تحرك مجبرًا نحو مرسم شقيقه، وما إن دخل حتى سأله حسن بضيق: هو أنت زعلان مني؟
بدا وكأنه لا يبالي وهو يستفسر: وازعل منك ليه؟
جاوبه وهو يسرد له أفعاله التي تشير لذلك: لا زعلان، كل ما احاول اتكلم معاك تصدني، أنا معملتلكش حاجة يا عيسى، أنا بس مكنتش فاهم الموقف، طبيعي هتضايق لما أحس إن في مشكلة بينك وبين ماما، أو إنك جاي عليها.
ضحك بسخرية، قبل أن يعلق بتهكم: ربنا يخليهالك.
عيسى هزعل منك والله، مبحبش الطريقة دي.
ورد على قول حسن هذا مبديًا ضجره هو الأخر: والله هي دي طريقتي، وأنا معملتلكش حاجة علشان تزعل أصلا.
اقترب منه شقيقه وهو يكرر أسفه برجاء: طب خلاص علشان خاطري، حقك عليا يا عم، أنا اللي غلطان.
وتقبل هو الأسف بقول: خلاص يا حسن، أنا مش زعلان منك والله.
ومازحه حسن وضحكته تزين وجهه: أنت المفروض متزعلش من أي حد خالص، دي بايظة على الكل، ورايقة معاك، جبت عربية جديدة، و ملك رجعت، و.
بتر عبارته قبل أن يكمل، وعلق باستنكار على ما تفوه به: بايظة على الكل، ورايقة معايا أنا!، هقولك إيه يا حسن، تروق نفس الروقة دي إن شاء الله.
يا عم بقى خايف من الحسد والحركات دي.
ضحك عيسى وتوجه ناحية الطاولة، يتأمل ما رسمه شقيقه، لطالما أحب فنه، وقف عند إحداهما بالتحديد، صورة لشاب وفتاة، هي تحتضنه بشدة وكأنه سيتلاشى، وهو يتشبث بها وكأنها رمقه الأخير، أبدى عيسى إعجابه بقول: حلوة أوي دي.
شرح له حسن بحماس: حسيت وأنا شايفاها قدامي إني عايز أرسمها تاني، بس مش عايز تبقى نهاية القصة زي اللوحة الأصلية، الأصلية بتاعة فرانك برنارد ديسكي، لوحة الوداع الأخير لروميو وجولييت، تحب أحكيلك قصتها؟
هز عيسى رأسه مؤكدا، فسرد له حسن: المفروض إن اللوحة تمثيل لليلة فرح روميو وجولييت، واللي المفروض تكون أول بداية لحياتهم الجديدة، ولكن طبعا هما مكانوش يعرفوا إنها أخر ليلة هيشوفوا بعض فيها وبعدها الاتنين هيموتوا.
فتح حسن هاتفه على صورة اللوحة الأصلية وأعطاها له وأكمل: ده وصف للوداع الأخير بينهم، لما روميو قال
تابع بأداء مسرحي ليصف لشقيقه الحالة كاملة: وداعا، وداعا، هي قبلة واحدة وسوف أنزل.
ابتسم عيسى على أسلوب شقيقه، وختم حسن: كانت أخر قبلة في حياتهم.
كان عيسى يطالع الأصلية، والأخرى التي رسمها شقيقه، وهو يسأله: وأنت بقى اللي خلاك ترسمها وتغير عن الأصلية.
عبر حسن عما دفعه لهذا بقول: حسيت إني عايز اتفرج عليها لما فكرة الفراق اللي ظاهرة من الأصلية تختفي، حتى قريت مرة إن ناقد قال إن اللوحة بتدي انطباع إن نهايتهم قريبة، ولكن حبهم هيفضل عايش، لما رسمت اللي رسمتها كنت عايز أشوف إيه هيختلف لما الانطباع ده يختفي، اتفرج إنهم بعد ما أخيرا اتلاقوا هيعيشوا وتكون نهايتهم سعيدة، بس اكتشفت إن النهاية الأصلية أحلى عمرهم ما كانوا هيبقوا أسطورة الناس تتحاكى بيها، لو مكانتش دي نهايتهم، النهايات التقليدية متعملتش للقصص اللي عايزة تتخلد، علشان حبهم يعيش ويبقى رمز بين الناس، كان لازم يروحوا، وتبقى النهاية مأساة، وجعهم خلد ذكراهم، ولا أنت إيه رأيك؟
وكان رأي عيسى مخالف تماما لرأي شقيقه، حيث عبر عن ذلك مدافعًا: مش حبهم بس اللي يستاهل يعيش ويتحكي، هما كمان لازم يعيشوه، مش مهم يبقوا أسطورة الناس تتحاكى بيها، أنا المهم عندي إنهم يكونوا اتنين عايشين في سعادة علشان مع بعض، ولو النهاية المأساوية هي اللي هتخلد قصتهم يبقى مش مهم تتخلد أصلا، إيه الفايدة من إنها تتخلد؟
ورد عليه حسن معددا الفوائد: هيلهموا ناس كتير، شوف أنت كده كام فنان ألهمته نهاية روميو وجولييت، اسمهم هيفضل عايش، و
ولم يجعله يكمل بل قاطعه مؤكدًا: لا، كل ده مش مهم، في حاجات كتير تلهم الفنانين، الطبيعة، الجمال، الحب، حتى المعاناة أنا موافق إنها تلهمهم، لكن إننا نبقى عايزين الناس تعاني علشان الإلهام يحصل ده مفهموش، وعمري ما أشجعه.
لم يجد حسن ما يرد به، فحثه شقيقه: ابعتلي صورة الأصلية.
الله!، ما أنت قولت مبتشجعش المعاناة.
ضحك أمام قول حسن وعلل طلبه للصورة بقول: مانا مبشجعهاش بس بعيشها.
ضحك حسن وقطع حديثهما رؤية عيسى لملك التي لمحها في الخارج، فهتف: أنا خارج لملك، بلا معاناة بلا فن.
علق حسن على قوله ضاحكًا: طبعا ما هو من لقى أحبابه.
اقتربت من حيث المرسم، لوحت لحسن بابتسامة، فضحك هو الاخر وهو يرحب بها بحماس: ده الدنيا نورت والله، أهلا أهلا.
ثم سعى لطرد عيسى قائلا: يلا أنت مش قولت هتخرج، اخرج.
رمقه شقيقه بتهكم، وانتبهت ملك لهاتفها الذي علا صوته، طالعت اسم المتصل فبدا التوتر على وجهها، ثم ابتعدت عنهما معتذرة: هرد على الموبايل.
لحق بها عيسى، وحين وجدته خلفها، زاد ارتباكها خاصة وهو يسألها: إيه يا ملك مين، ومال وشك اتقلب كده ليه؟
لم تجد مفر، فنطقت: ده دكتور نور
ثم تابعت بتوتر: تلاقيه اتصل بالغلط.
رأت تغير تعابيره، وحين علا رنين هاتفها من جديد، سعى لأخذ الهاتف وهو يسأل وقد احتدت نبرته: وهو متعود بقى يتصل بيكي كده عادي، ورقمه عندك ليه أصلا؟
ردت عليه والاستنكار نظراتها ونبرتها: إيه الأسلوب ده يا عيسى، اتكلم معايا بطريقة أحسن، ولا مش هتاخد التليفون.
والمفروض اتكلم ازاي، والحيوان ده موجود في حياتك، قبل كده ألاقيه قاعد معاكي في المطعم، ودلوقتي بيرن عليكي، هو مش المفروض إني قايلك يعني على كلامي معاه اللي كان بيطلعه لثروت.
خرج حسن يطالع شجارهما المحتد، وحاول التخفيف بقول: إيه يا جماعه اهدوا، أنا شكلي حسدتكم.
ولكن هذا لم يخفف بل تضاعف ضجر عيسى وهو يسمعها تهتف مدافعة: هو اتكلم معايا في الموضوع ده، وصدقني أنت محتاج تسمع منه.
مسح على وجهه، يحاول للمرة الألف ضبط أنفاسه، حتى لا يفقد تعقله، رأى شقيقه اقتراب نفاذ صبره، فحثها: طب خلاص يا ملك اطلعي، وسيبيه يهدى، وبعدين تتكلموا.
ولكن قبل أن تتخذ خطوة واحدة كان عيسى قد سحب الهاتف من يدها، فعلقت بانفعال: هو ده أسلوب بجد، هات التليفون.
تجاهلها تماما، وسار بعيد عنهما، وهو يضغط على زر الإجابة، ليأتيه صوت نور من الجهة الأخرى: مساء الخير يا ملك، أنا بعتذر جدا لو أزعجتك، بس معلش أنا محتاج رقم ل عيسى ويكون بيرد عليه ضروري.
طالعت ملك حسن بنظرات غير راضية وهي تسأله: عاجبك العمايل دي؟
حاول تهدئتها وهو يبرر تصرفات شقيقه: معلش غيران، متاخديش عليه أوي، ده أنا لسه كنت برسملكم صورة في خيالي على إنكم روميو وجولييت، بس بعد الخناقة دي أنتوا خلاص بوظتوها وودتونا لمصارعة التيران.
في نفس التوقيت كان يصب هو كامل غضبه على المتصل يذكره بما هدده به من قبل: هو أنا مش قولتلك أخر مره جتلك فيها، ملكش دعوة بملك، ومتحاولش بأي طريقة ولأي سبب تكلمها، مبتتعلمش صح؟ بس هي كانت غلطتي علشان…
قاطعه نور برجاء طلبًا منه في أن يسمعه: عيسى أنا حقيقي من يومها باعد عن ملك تماما، وصدقني أنا متكلمتش إلا لإني عايزك ومش عارف أوصلك، أنا محتاجك، بيريهان حقيقي حالتها صعبة جدا، ومنطقتش غير بحاجة واحدة بس، إنها عايزة تشوفك.
وكل شيء الآن يدعوه لأن يتساءل، ماذا طرأ، والجواب لن يأتي إلا بتنفيذ طلب نور الذي طلب منه مقابلة.
اختفى كل شيء، سكن ضجيج العالم، وبقى ضجيج رأسها فقط، جلست بيريهان في غرفتها في منزل والدها، متمددة فوق الفراش تطالع كل شيء بنظرات خاوية، لا تعرف كيف تحيا حتى هذه اللحظة، كيف نجت، وتساءلت هل نجت حقا، والآن لا يتردد في أذيها سوى صوت عيسى، تستطيع سماع كلماته في إحدى مرات دفاعه عن زوجته وهو يقول: تصدقوا بعض، تكدبوا بعض مليش فيه، كل اللي متأكد منه يا بيريهان إن لو الدنيا كلها كدابة، ملك مش كدابة، أنا عارف أخويا كويس، أخويا مبياخدش واحدة بالغصب، الحركات دي هتعرفي يوم ما تندمي مين اللي بيعملها.
هل تتجرع الندم الآن حقا، لم تعد تدري، فُتِح باب غرفتها دخل والدها برفقة أحدهم، منذ أول أمس يحاول جاهدا في جعلها تتحدث، تنطق بأي شيء، ولكنها لا تستجيب، حتى مقابلة هذا الطبيب ترفضها، وبان الرفض في انهيارها، صراخها وهي تقول: أنا مش هشوف حد، مشيه.
تنطق بكلمات مختصرة، تعبر فيها عن رفضها وانهيارها ثم تعود لصمتها، دخلت لها ابنة عمها، رفيقة دربها التي ابتعدت عنها وكان السبب هو، لم تطالعها حتى، فنطقت ندى بحزن: يا بيري، حتى أنا عايزاني امشي، أنا ندى.
اقتربت ندى أكثر، جلست جوارها على الفراش، احتضنتها، وأخذت تمسد على ظهرها، تطالبها برفق: طيب اتكلمي معايا أنا، قوليلي إيه اللي حصل، مش قادرة أشوفك كده.
كانت ندى تتلهف لأي رد منها، تنتظر أن تسرد ما حل بها، ولكن لم تتلق إلا الصمت، بقت جوارها تحاول بثها السكينة حتى نطقت أخيرا: هو أنا جيت هنا ازاي؟
ارتبكت ندى ولم تعلم بماذا تخبرها، ولكنها وجدت أنه لا مفر فصارحتها: أنتِ وطنط كوثر كنتوا في بيت حد بلغ إن شاكر عايش ومستخبي فيه، البوليس راح وملقهوش، مكانش في حد غير أنتِ وطنط، وكانت حالتك صعبة، فهي اتصلت بعمو ثروت، ونقلناكي المستشفى وبعدين جينا هنا.
شاكر ما إن ذكرت ندى اسمه حتى حاربتها المشاهد التي لم تفارقها لحظة، تتذكر نظراته، تقييده لها، صوته وهو ينعتها بأبشع ما سمعته في حياتها، تطاوله عليها المرفق بقول: بصيلي، مش عايزك تنسي أي حاجة.
توسلاتها له، ورفضه لكل هذا وكأنه مغيب، انتهاكها الذي تم على يديه، وعبارته: علشان تعرفي إن أبوكي مش هيقدر يمنع حاجة تخصني عني.
كانت ترتعد بشدة، خشت ندى وهي ترى هيئتها هذه، ترى انتفاضتها، ثم قولها بصعوبة من بين شهقاتها: كلميلي نور.
بس عمو جايبلك دكتور تاني كويس.
حاولت استمالتها، ولكنها أصرت وهي تكرر بانهيار: بقولك كلميلي نور، قوليله يجيلي يا ندى.
أسرعت تهز رأسها، تعدها بأنها ستستجيب، وهي ترى دموعها، ثم قولها بألم أوشك على الفتك بها: احضنيني، أنا خايفة أوي.
احتضنتها ندى بشدة، وكأنها والدتها وتسعى جاهدة لحمايتها من كل شر، تتمنى لو اقتصت لها، فهي ابنة عمها، وصديقتها المقربة والوحيدة، حتى بعدما أبعدها شاكر عنها.
في نفس التوقيت كانت شهد تجلس برفقة رفيدة في محل والدتها، أعطت شهد الواقفين طلباتهم ثم عادت إلى رفيدة تستكمل حديثها معها: بصي يا رفيدة رغم إن يعني أمك مبتنزليش من زور
توقفت عن الحديث حين رأت ضجر الجالسة فوضحت: لا متبصيليش كده، أنتِ عارفه أنا صريحة.
طب كملي.
هكذا طالبتها رفيدة بتأفف، واستجابت لها شهد متابعة: بس عي كلامها فيه جزء صح، الفقر وحش أوي يا رفيدة، العيشة بتبقى صعبة، وممكن حاجات كتير حلوه تروح بسبب الظروف والحياة، بس أنتِ بتقولي إن الواد جدع وراجل وبيحبك، وأنتِ كمان بتحبيه، ووعدك إنه هيوفرلك عيشة زي اللي أنتِ عايشاها، فطالما هو ابن ناس وبيسعى أنا شايفة إنك تديله فرصة.
قصت عليها بحزن تعليقًا على حديثها: هو زعلان مني أوي يا شهد، أخر مره اتقابلنا شوفت في عينه إن أنا خذلته، مش علشان موافقة أو رفض، بس هو شايف إني محاولتش أفكر، وأخد قرار بتاعي أنا، بس هو المفروض عارف إني بحبه، كل حاجة بتقول كده، كان نفسي يفهم الحيرة اللي أنا فيها.
تناولت شهد إحدى قطع الشوكولاتة من الكيس الذي فتحته للتو فردعتها رفيدة: كفاية بقى أنتِ أكلتي كل اللي في المحل.
فردت عليها تدافع: محلنا، براحتي، تاخدي حتة؟
ضحكت رفيدة ونطقت شهد وهي تلقى بالكيس الفارغ في السلة: أمي لو عرفت هترتكب جريمة، يس يلا محدش هيقولها أصلا
طالعتها رفيدة بمكر مما جعل شهد تحذرها بنظراتها قبل أن تقول متوعدة: طب ابقي اعمليها كده، وهتلاقيني بطلت اسمع مشاكلك العاطفية دي خالص.
ثم عادت إلى نقطتها الرئيسية وهي ترى ضحكة رفيدة وتحدثت: مينفعش تستني منه يفهم حيرتك، علشان حيرتك دي جاية على كرامته يا رفيدة، شكل الست سهام زودت العيار عليه شويتين.
طب اعمل إيه؟
هكذا سألتها بحيرة، وجاوبتها شهد: اتصلي بيه صالحيه لو خدتي قرار وعايزة تكملي.
علقت على هذا بخيبة أمل: مش بيرد عليا، حاولت اعمل كده فعلا.
ناولتها شهد هاتفها تقترح عليها: مش معاكي رقمه، خدي كلميه من عندي.
لم ترض رفيدة عن هذا ورفضت مسرعة: لا بلاش، طاهر لو عرف هيضايق ويزعق.
أصرت عليها أن تهاتفه وهي تخبرها: ملكيش دعوة بطاهر، وبعدين أنا أصلا مش بتكلم معاه.
ليه؟
سألتها رفيدة باستغراب وقصت عليها شهد: كنت معاه في مشوار، وكان بيكلم حد ومشغول أوي، وبسأله على حاجة راح قايلي يا فريدة.
ضحكت رفيدة وحين رأت الغيظ في نظرات شهد أسرعت تقول: ممكن كنتي بتزني فاتلغبط، أصل فريدة طليقته كانت زنانة أوي.
فردت شهد وكأنها لا تبالي به: براحته بقى يتلغبط ولا لا، أنا كده كده أصلا يومها زعقت معاه وقولتله إنه ميستاهلنيش، وعملتله بلوك من كل حته، وبعتلي ورد رميته في الزبالة، وجه هنا وخليت ماما تمشيه، و.
ولم تكمل بسبب رفيدة التي استوقفتها قائلة: شهد هو أنتِ مدركة إنك واحدة مفترية ولا لا؟
أشارت على نفسها باستنكار تسألها: أنا اللي مفترية، وأخوكي يبقى إيه، مش كفاية إني لسه ساكتة على إنه محاولش يعتذرلي بالقدر اللي يليق باللي عمله؟
لم تكد تكمل جملتها حتى سمعت أحدهم يقول من خلفها: محتاج علبتين كبريت.
استدارت مسرعة فوجدته أمامها، عثر عليها الآن بعد أن رفضت كل محاولات صلحه، وأكمل وهو يطالعها متوعدًا: وولاعة، وأي وسيلة ينفع نولع بيها في حد.
وكادت أن ترد عليه، ولكنه جذبها من مرفقها متجها نحو سيارته، اعترضت بشدة، وألقت عليه توبيخها: هو أنت ليك عين.
أصر على أم ترافقه، وغمز إلى شقيقته قائلا بابتسامة بعد أن ساعدته في إتمام مهمته: روحي أنتِ بقى.
وقبل أن تتوعدها شهد كان قد غادر بسيارته، كانت صامتة وتحدث هو محاولًا استدعاء صبره: يا شهد طب أنتِ زعلانة ليه طيب، احنا بنتصالح يومين قصادهم بنتخانق عشرة، فين بقى شهد بتاعة أنا جنبك ومعاك، وارمي عليا.
كادت أن تتحدث فاستوقفها ناطقًا: وبلاش حجج، غلطت واعتذرت، قولتلك قلة تركيز، يبقى تعذريني، أنا بحبك يا شهد، بس أنا بقيت علطول حاسس إنك مستنية أي غلطة، بتستني أي فعل علشان تثبتي لنفسك حاجة أنا مش عارفها، ولو مكنتش متأكد إنك بتحبيني كنت فسرت ده غلط.
لم تعلم بماذا ترد، هي قلقة، خائفة، كلما اقترب زواجهما، تتذكر حياتها السابقة في منزل عمها، تتذكر المعاناة، وتتذكر أنه ليس لها فقط، هناك يزيد، وهناك سهام، وبكل أسف تتذكر تلك المرة التي خذلها بها ولم تستطع حتى الآن نسيانها على الرغم من كل محاولاته لتبديد هذه الذكرى، ومحاولاتها أيضا مع الطبيب النفسي.
حين تلقى صمتها، طرح عليها سؤال جعلها تنظر له: أنتِ خايفة من الحياة بعد ما نبقى مع بعض يا شهد؟
وصارحته بمخاوفها: خايفة حبك لابنك يخليك تظلمني مع إني بحبه أوي، وخايفة من علاقتك بوالدتك، وخايفة تخذلني في مره يا طاهر، غصب عني بفتكر المرة اللي قبل كده، ومهما حاولت برجع افتكرها.
تنهد، وهو يمسح على وجهه بتعب ويسألها: قوليلي اطمنك ازاي وأنا اعمل ده.
وكان الجواب سهلا هي تعلمه، ولكن تخشى أن تفقده يوما ما: متحبنيش بس، علشان الحب لوحده مش كفاية انك متكسرنيش، حبني وطمني، اعتبرني يزيد اللي هتغفرله أي حاجة حتى لو غلط، علشان هو ابنك.
ابتسم بعد قولها، ربت على كتفها، ونظراته تحثها أن تطمئن، وحدثها هو هذه المرة غامزا قبل أن يعود لقيادة سيارته: طيب بما إني هعتبرك يزيد، سيبيلي نفسك النهارده بقى.
لا تدري وجهته، سألته ولم يرد، حتى توقف بها أمام أحد الأماكن، عرفت للتو مقصده حين رأت أثواب الزفاف وقوله: الست هادية قالتلي لما سألتها إنك مرضتيش تنزلي تجيبي الفستان، مع إني قايلك تنزلي تجيبيه، فقولت أكون متطفل ونجيبه سوا.
اتسعت ابتسامتها، هل تخبره أنها أرادت بالفعل أن يحضراه سويًا، دخلا إلى المكان الذي رحبت صاحبته به بحفاوة: أهلا يا كابتن طاهر نورت
ثم انتقلت لها قائلة بابتسامة: أهلا بيكي.
ثم أخبرتها وهي تضحك تشملهما بنظراتها: كابتن طاهر بقالوا اسبوع كل يوم هنا، علشان يستعجلني أخلص اللي ورايا، هو بلغني إن مفيش أي حاجة عجبتك في الموجود، فأنتِ ممكن تقوليلي عايزة إيه وتصورك إيه، ونعمل الفستان.
شد على قبضتها، واتسعت ضحكتها، وهي ترى اهتمامه، طالعته بامتنان، قبل أن تسمع السيدة تقول: قبل بس ما نشتغل على أي حاجة، قوليلي رأيك في ده.
وجهتها ناحية أحد الأثواب، واقترحت: أنتِ ممكن تقيسيه.
أشار لها طاهر بعينيه أن تفعل، واصطحبتها السيدة، بعد أن طلبت من إحدى الفتيات إحضار الثوب، وقف هو في انتظارها، حتى خرجت أخيرا، كان أول ما واجهته عينيه، لترى فيهما كم هي مذهلة، كانت كالفراشة، رقيق الثوب يشبهها، اتسعت ابتسامته، فطالبته: ما تقول رأيك، بتبصلي كده ليه؟
معجب.
هكذا جاوبها فضحكت، وهي تذهب ناحية المرآة في إحدى الجوانب، تطالع الثوب عليها، ذهب ناحيتها، وطالعت صورتهما في المرآة، تناولت كفه تقبض عليه، وبنظرات سحرتها أخبرها هو: أحلى واحده في الدنيا.
كانت تحلق، تشعر في هذه اللحظة أن لا شيء يستطيع إعاقتها عن الحرية في السماء، ولا يرافقها سوى السعادة، السعادة التي تجسدت فيه هو، وتتمنى أن تظل دائما وأبدًا رفيقًا لها.
قرر بعد ذلك الاتصال الذي أتاه من نور الذهاب للقاهرة، كان سيتجاهل طلب نور، أقنع نفسه بأنه سيذهب لزيارة خالته فقط، عرض على ملك اصطحابها معه فوافقت بعد أن طالبتها ميرفت بذلك، ساد الصمت بينهما، هي تفكر في سبب حاله منذ مكالمة نور، وهو يفكر فيما حدث، قطعت الصمت أخيرا بسؤال: هو دكتور نور كان عايز إيه؟
متقوليش دكتور بس.
هكذا رد على سؤالها مستخفًا فتنهدت بضيق، قبل أن تسأل من جديد: طب قالك إيه مشقلب حالك كده؟
لم يرد إقحامها في هذا، لقد وعدها أم يجاهد لعزل حياتهما عن كل ما ينغصها، لذلك رد بابتسامة: متشغليش بالك، بس ياريت أي رقم غريب يعني مترديش.
احتدت نظراتها، وهي تلقي على مسامعه: واحد من شروطي كان إن أي سؤال اسأله يترد عليه بإجابة واضحة، وإن مفيش غموض، وإجابات دبلوماسية من نوع متشغليش بالك، ومحصلش حاجة.
لم يستطع منع ضحكته على هيئتها، وكأنها معلمته وتوبخه في الفصل، وبان هذا في قوله: أنا خايف جدا دلوقتي من نبرة التهديد دي، أتمنى يبقى عقابك حنين شوية.
وأصرت هي على موقفها: يا ترد على السؤال، يا هنزل واسيبك، واروح لوحدي.
أوقف سيارته، ظنت أن هذه بوادر شجار، ولكن نظراته لم تخبر بهذا، ثم أنامله على وجهها وهو يخبرها بالجواب: كان بيقولي إن بيريهان محتاجة تشوفني، وإن…
أصابها التوتر، لم تكن تسمعه، حاولت إبعاد يده عن وجهها وهي تقول: أنت وترتني على فكرة
فسأل وهو يجسد البراءة ببراعة: الله، أنا مبقتش عارف أرضيكي، مش طلبتي أنفذ الشروط، ما أنا بنفذ أهو.
نفذها وإيدك جنبك.
طالبته، فهز رأسه موافقًا، كرر حديثه وهو لا يجعل نظراته تفارقها هذه المرة، أربكها بعينيه، وشتتها من جديد، ثم رفع كفيه يقول باستسلام: شوفتي أنا مؤدب وبسمع الكلام ازاي.
فأملت عليه أوامرها من جديد وهي تجاهد حتى لا تضحك: تسمع الكلام بعد كده، وتخلي إيدك جنبك، وعينك في وشك مش في وش الناس.
ضحك وهو يهز لها رأسه رافضًا مطلبها هذه المرة، عاد لقيادة سيارته، حتى وصل إلى المعرض الخاص به، اصطحبها معه إلى الطابق العلوي، حيث مكتبه، واتسعت ضحكته بمجرد أن رأى بشير، الذي ترك مكانه واحتضنه قائلا: وحشتني يا ندل، أخيرا افتكرت تعبرني.
ثم طالع ملك يبثها شكواه: أنا محتاج اشهدك عليه.
من غير ما تشهدها يا حبيبي هي عارفاني.
قال هذا وهو يتوجه ناحية البراد، يجذب زجاجة من مشروبه المفضل، يضعه له بشير دائما، حتى وهو غائب، يحضره ليجده إذا جاء، وعبر هو عن امتنانه بقول: والله أنت جدع يا بشير.
ضحك صديقه، ثم بارك لهما مازحًا: أنا معرفتش اجيلكم اباركلكم على الرجوع، فألف مبروك دلوقتي بقى، وربنا يعينك.
وجه جملته الأخيرة لملك، التي ابتسمت على مشاكسة كل منهما للأخر، حتى قال لها بشير: بصي يا ملك ده مكانك طبعا، أنا هاخد جوزك مشوار كده، نص ساعه وارجعهولك.
وافقت على هذا، بقت هي بمفردها هنا، أخذت تتفحص المكان، لم تأت إليه منذ وقت طويل، طالعت من الزجاج اسمه الذي علا حائط الصالة السفلية فاتسعت ابتسامتها، واختفت بغتة حين لمحت قسمت في الأسفل، لم يمر سوى دقائق وكانت عندها في الأعلى، أغلقت قسمت الباب خلفها وهي تسمع سؤال ملك بجفاء: خير، في إيه؟
عيسى فين، أكيد ملحقش يمشي هو لسه جاي.
تتحدث، وكأن لها كل الحق به، استدعت ملك الهدوء وهي ترد عليها: راح مشوار، تحبي اطلبلك حاجة تشربيها؟
ثم أكملت وهي تطالعها متصنعة الشفقة: أنتِ شكلك زعلانة أوي، اوعي تكوني زعلانة علشان الميعاد اللي طلبتي منه تتقابلوا فيه ومجاش، معلش اعذريه أصله كان معايا.
صدم قسمت علمها بهذا، وكونه ألغى موعدهما بسببها، بان الغضب في عينيها وهي تسمع ملك تتابع بابتسامة: هو كان عايز يتصل يعتذر، بس أنا قولتله مش مهم يعني هي أكيد هتقدر إنك مشغول.
لم تتحمل قسمت أكثر، أرادت مضايقتها كما تفعل هي، واستخدمت طريقتها وردت: فعلا أنا قدرت إنه مشغول، زي ما أنتِ كده قدرتي إنه كان مشغول في شرم الشيخ الفترة الطويلة دي كلها معايا.
ورغم الضيق الذي داهم ملك إلا أنها لم تجعلها تنجح، تحدثت بثقة: عيسى يتشغل عني أنا؟
ضحكت باستخفاف وأكملت: يتشغل عن الدنيا كلها وميتشغلش عني.
تحركت ناحية حقيبتها وهي تتابع: على فكرة الشغل اللي عمله معاكي حلو أوي، لسه كان بيوريني منه، قالي إن كل حاجة فيها من روحي.
رفعت حجابها عن عنقها لتريها تلك القلادة التي زينتها الزهرة البيضاء من المنتصف، وتعلق: دي أحلى حاجة في ال collection بجد، وبالذات الفكرة بإن يكون مع كل حاجة زي رسالة تعبر عنها، عيسى كان قالي إنكم بتطلعوا العقد ده مع الورقة دي.
وأخرجت الورقة التي كانت متواجدة بعلبة القلادة من حقيبتها، تحت نظرات قسمت التي تفتك بها، طالعت ملك الورقة وقرأت ما فيها وكأنها تتغنى بغنج: كل قطعة قصة، وكل قصة تبدأ من هنا، تبدأ من ملاك وتنتهي بها.
سطعت ضحكتها أكثر، وهي تسأل قسمت: مين اللي مختار الكلام الحلو ده؟
أفقدتها تعقلها، وبان هذا في تصرفها، حين جاهدت لجذب العقد من عنق ملك التي حاولت ردعها وإبعادها، ونتيجة لذلك، هوت حبات العقد على الأرضية، نتيجة لعنفها رأت ملك انفراط حبات العقد البيضاء اللامعة أمام عينيها، وزهرته سقطت، لم تنتبه لألم عنقها، بقدر ما انتبهت لهديته، فطالعتها بنظرات تنذر بالشر إثر فعلتها معها الآن.
كان بشير قبل قليل معه، كان يبثه شكواه، يخبره كم أحبها، متناسيًا كونها شقيقة قاتل أخيه، ولمن سيقص إذا لم يكن له، عبر صراحة وهو جواره في السيارة: لما بتبقى موجودة بنسى كل حاجة حتى بنسى إنها أخت شاكر، أنا حبيتها يا عيسى وحبي ليها بعد ما بقت معايا في بيت واحد زاد مقلش رغم إن الفترة مش طويلة، شوفت إنها حنينة وبريئة وصدقني مش شبههم.
كان يستمعه صامتًا وهو يكمل معبرًا عما بداخله: أنا كل تفصيلة صغيرة بتعملها بتعلقني بيها أكتر، علا مطلبتش مني أي حاجة غير إنها تشوف نظرة حب في عيني، بقيت أرجع البيت ملهوف علشان اشوفها أنا اللي كنت بكره ارجع بيتي، وبدخله على النوم، عرفت اعذرك لما كنت بتسيب الدنيا تضرب تقلب وتعتزل الكل علشان متخانق مع ملك، أنا وصلت لمرحلة صعبة أوي، أنا مبقتش اتطمن غير وريحتها موجودة في المكان.
تنهد قبل أن يطالع عيسى يخبره بصدق: أكتر حاجة بكره اعملها إني ازعلك، أنتِ صاحبي الوحيد، بس أنا حبيتها أوي، وأنت عارف إنه مش بإيدينا، أنت نفسك قولتلي مرة إن حسابات العقل كلها قالت مستحيل ملك، بس قلبك خدك عندها غصب عنك، علشان خاطري متخليش ارتباطي بيها يأثر على صحوبيتنا.
تأثر حقا بحديثه، يعلم أنه ليس بيديه ولكنه يخشى عليه وبشدة: أنا خايف عليك يا بشير، خايف تتوجع منها، هي مهما حصل هتفضل تحب أخوها وأمها، علشان هما أهلها، وأنت عارف أهلها دول عاملين ازاي، خايف عليك منها ومنهم.
وأنا بقيت أخاف على نفسي من غيرها يا عيسى
كان هذا قول بشير والذي رأى فيه عيسى مدى تعلقه بها.
تفرقا بعد نقاشهما المطول هذا، ولا يعلم ما حدث خلال الساعات هذه، لا يعلم عيسى ما أوصله إلى هذه النقطة، إلى أنه أتى إلى أحد الأماكن مهرولا، فوجد علا على الأرضية الدماء تحاوطها، ووالدتها تصرخ، هوى قلبه أرضا، بحث عنه بعينيه، حتى لمحه، استنكر حقيقة أن هذا الممدد على الأرضية هو، هرول ناحيته، عبراته في عينيه تتحدث، وفؤاده يصرخ، وروحه تستجدي ذلك الملقى وكأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة، هرع يعدل من وضعيته يحاول انتشاله من كل هذا، فجمدته الدماء، ونبرته التي خرجت بصعوبة: علا.
سيطر الخوف على عيسى، وكأن كل شيء أقسم أنه سيقضي عليه الآن، هذا صديقه، رفيق عمره، وأيامه الأتعس في هذه الحياة، يراه الآن لا يقدر على شيء، ورغم ذلك يطالبه بنبرة خائفة مهتزة، يكرر عليه جملته التي قالها له قبل قليل: بشير، أنت صاحبي الوحيد.
ولم يستطع بشير أن يقولها ثانيا، ولكنه أشار لصديقه بعينيه عليها، وكل شيء ينذر بأن القادم أسوء، حتى صوت سيارة الإسعاف في الخارج، لم يعط عيسى أي أمل، والدته، شقيقه، كانت صفعات الحياة أقوى منه ويعترف بهذا، ولكنه لم يعد قادرًا على التلقي، لن يحيا إن كانت الخسارة الفاجعة هذه المرة، هي خسارة صديقه أيضًا، خسارة بشير.
التعليقات