التخطي إلى المحتوى

رواية زهرة في مستنقع الرذيلة للكاتبة جيهان عيد الفصل التاسع والثلاثون

بدون موعد سابق حضرت سناء لزهرة تستنجد بها.
سناء: الحقينى يا زهرة، زين بيهددنى لو ما حولتش له خمسين ألف دولار هيفضحنى ويبعت محادثاتى معاها لجوزى.
زهرة: أنتى خايفة ليه؟ أنتى مش كنتي بتغطى وشك؟
سناء: في علامة مميزة في كتفى، وحمة باينة في الفيديو، لو مختار جوزى شافها هيعرفنى، ده غير إن في قمصان مختار كان شاريهالى بنفسه كنت بألبسها وأنا معاه.
زهرة: وهو إيه اللي وصله لجوزك؟

سناء: ما أنا كنت حاكية له عن كل حاجة في حياتى، ومعرفاه جوزى شغال فين، هو راح يشتغل هناك وبقاله أربع شهور مش لاقى شغل، وبعت لى أحول له فلوس وأنا بصراحة حولت له كذا مرة، بس لما الموضوع زاد عن حده وقفت ومن ساعتها وهو بيهددنى.
زهرة: مش ده اللي قولتي صديقي وعارفاه من سنين؟
سناء: ما بقاش حد مضمون يا زهرة، إذا كان اللى تعرفيه من سنين ومعاشراه ومعاشرك ممكن يستغلك، يبقى الغريب مش هيعمل كدة.

زهرة: ما قولتيش لنفسك ليه؟
سناء: مش وقت الحساب يا زهرة، أنا في مصيبة، دبرينى أعمل إيه؟
زهرة: ما هو لو في مصر كنت قولت لك نبلغ وهيوصلوا له، لكن في دولة تانية، ما أعرفش هنتصرف إزاى.
سناء: بيتى هيتخرب.
زهرة: خلاص تعالى نروح لناهد زميلتى، دى محامية وأكيد عندها حل.
ناهد: معاكى بيانات حسابه؟
سناء: ما أعرفش إلا إن اسمه زين مهدى، وبعدين هو قافل حسابه على الفيس وكنا بنتكلم ماسنجر.
ناهد: معاكى صورة له؟

سناء: أنا بأحذف أى محادثات بينا أول بأول.
ناهد: لما كان بيبقى معاكى كان بيغطى وشه هو كمان؟
سناء: لا، كان بيظهر.
ناهد: طب كويس، لما طلب فلوس آخر مرة رفضتى واتخانقتى معاه؟
سناء: آه طبعا ورفضت، عشان كدة هددنى.

ناهد: اتواصلي معاه، وقولى له إنك هتبعتى له فلوس، لكن مش كل المبلغ اللى قال عليه، وإنك هتساعديه يلاقى شغل، وإن المهم عندك إنه يستمر معاكى، حاولى تستدرجيه بأى طريقه إنه يرجع يعمل علاقة معاكى ويظهر بوشه.

نفذت سناء ما طلبته منها ناهد، وفور ظهوره بوجهه اعتذرت سناء عن إكمال المحادثة وتعللت بحضور شقيقها، تم تسجيل المحادثة، وعلى الفور توجهت ناهد إلى السفارة المصرية وقدمت بلاغا تتهمه بالابتزاز الالكترونى، فتم مخاطبة سفارة الكويت التي تحركت بسرعة، وعندما شعر زين بالخطر قرر العودة لبلده، لكنه لم يستطع إنهاء إجراءات مغادرته بالسرعة المطلوبة، وعندما شعر بقرب سقوطه أرسل كل ما بحوزته من فديوهات مسجلة له مع سناء لزوجها، تم القبض على زين في أقل من ثلاثة أيام، وقام مختار بتطليق سناء التي لم تحافظ على عرضه وتحفظ غيبته.

لم تستطع صافى التغلب على شيطانها رغم ندمها الشديد على ما كان منها، فكانت من آن لآخر تجد نفسها في أحضان رجل أعجبها، كانت تقاوم أحيانا وتهرب، وتكمل أحيانا أخرى وتندم، الحق أن هذا قل كثيرا، لكنه ظل يحدث.

كان حسام يتابع العمود الخاص بزهرة وردودها على مشاكل القراء، ومن باريس أرسل لها مشكلته بدون أن يفصح عن هويته، فنصحته باستعادة الطفلة فورا وضمها إليه، لكنه لم يستطع بسبب معارضة والدته التي اتهمته بالجنون وهددت بمقاطعته إن فعلها وكذلك رفض صديقه رياض.

نانا أيضا شعرت بالقرف من نفسها ومما تفعله، وفي لحظة حاسمة قررت إصلاح ما أفسدته، عليها الاختيار كما قالت زهرة، إما دكتور مراد وأمواله وانشغاله عنها، أو مجدى وشبابه وفقره، حسمت أمرها واختارت مجدى، لم يعد بريق المال يغريها، حتى حبها لدكتور مراد فتر وانتهى منذ أن استباحت شرفه وعرضه،
ذهبت إلى مجدى تزف له البشرى.

نانا: عندى ليك مفاجأة.
مجدى: خير؟
نانا: هنفضل مع بعض على طول، هأطلب الطلاق من جوزى وأتجوزك أول ما تخلص عدتى.
مجدى: ما إحنا كويسين كدة، أنا مش هأقدر أعيشك في نفس المستوى اللى أنتى عايشة فيه.
نانا: مين قال لك إنى عايزة أعيش في المستوى اللى أنا عايشة فيه؟ أنا زهقت من عيشتى وعايزة أرجع أعيش ببساطة زى زمان.
مجدى: بصراحة إحنا ما بقناش ننفع لبعض.
نانا: بتقول إيه؟ والحب اللى كنت بتحبهولى راح فين؟

مجدى: موجود، بس الحب حاجة والجواز حاجة تانية، بصراحة أهلى مش هيرضوا إنى أتجوز واحدة كانت متجوزة قبلى، حتى لو كانت بنت خالتى، ده غير إن والدى بيلح عليا إنى أتجوز بنت عمى، وأنا فكرت ولقيتها أنسب واحدة ليا، بنت ما اتجوزتش قبل كدة وبتحبنى من زمان ومستنيانى بقالها سنين.
نانا: قول إنك مش عايز تتجوز واحدة خانت جوزها معاك.
مجدى: خليكى عاقلة يا نانا، أنتى عايزة تتجوزينى ليه؟

نانا: عندك حق ما أنت بتاخد منى اللى أنت عايزه من غير جواز، من حقك تعمل أكتر من كدة، ما أنا اللى رخصت نفسى.

شعرت نانا بالندم الشديد على ما آل إليه حالها، تذكرت حبها لدكتور مراد، وانتظارها له سنوات، تعجبت من أمرها، كيف هان عليها أن تخونه بعد كل هذا الحب؟ كيف طاوعت شيطانها وباعت جسدها لغيره؟ ألم يكن من المفترض أن يحصنها الحب من السقوط في بئر الخيانة السحيقة؟ شعرت بحاجتها الشديدة لدكتور مراد، تمنت أن يعود وترتمى في أحضانه، أن تتطهر فيها مما علق بها من آثام ذلك الحب الوهمي، هي لم تحبه، ما دفعه إليه الرغبة، الجسد المتعطش الذي طالما تمرد على صاحبه وأوقعه في الخطيئة، لن تتطهر حتى يسامحها، انتظرته حين عاد، وكعادته كلما فتحت معه الحديث في أى موضوع أنهاه.

نانا: عايزة أتكلم معاك.
د. مراد: لو عايزة فلوس الفيز كلها عندك وأنتى عارفة كلمة السر، لو هاتشتكى من الولاد أنا ما عنديش وقت ومصدع وعايز أنام.
نانا: هو ده كل اللى بينا؟ الفلوس؟
د. مراد: أفتكر أنا ما خدعتكيش، أنا قولت لك إنى مشغول ومش فاضى، وارتباطنا ظلم لكى قولتى أنا بأحبك وقابلة كل ظروفك، قولت لك أنا طول اليوم برة قولتى هأقعد أستناك.

نانا: ما قولت ليش إنى لما أقعد أستناك هتيجي يادوب تاكل وتكمل شغلك وتنام، ما قولت ليش إنى هاشحت منك الاهتمام وحقى كزوجة، على فكرة الحاجات دي مش رفاهيات، أنت مش متخيل الدنيا برة عاملة إزاى، مش متخيل الإغراءات اللى بتتعرض لها أى ست جوزها بيهملها، والرجل كمان، عشان كدة لازم نحمى بعض، لازم أعفك وتعفنى، يا مراد الدنيا مش شغل بس، هتعيش أمتى؟ وهأعيش أمتى؟

د. مراد: ممكن تأجلى كل الكلام ده ليوم الجمعة، أنا دلوقتي لازم أنام.
نانا: الكلام ده أنا أجلته ألف مرة من يوم ما أتجوزنا.
د. مراد: إن شاء الله مش خارج وهنقعد سوى طول النهار.

نامت نانا غاضبة، هي تعلم أن دكتور مراد لن يفى بوعده، لكنها ولأول مرة تشعر براحه الضمير،
كانت تشعر أنها تغوص في بحر ملئ بالقاذورات، وكلما حاولت الخروج منه غاصت قدماها، لكنها أخيرا استطاعت النجاة منه، بل والتطهر من نجاسته، نامت أخيرا بلا كوابيس، رغم ابتعاد دكتور مراد عنها.

أما هو فقد جلس قريبا منها يتأمل ملامحها الجميلة ويفكر في كلامها، متى سيعيش؟ ماذا سيفعل بالنقود؟ النقود يستطيع تعويضها، أما العمر فلن يستطيع شرائه بكنوز الدنيا، كفى ما ضاع من عمره وعمرها، اقترب من نانا، احتضنها ونام بجوارها في رسالة طمأنة لها.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *