التخطي إلى المحتوى

رواية زواج في الظل الفصل الثامن 8 بقلم ياسمين عطيه

رواية زواج في الظل الجزء الثامن

رواية زواج في الظل البارت الثامن

زواج في الظل

رواية زواج في الظل الحلقة الثامنة

في المطبخ – بعد نص ساعة
ليلى دخلت المطبخ الصغير وهي بتحاول تهدي نفسها، لكن بطنها كانت بتقول كلام تاني… جعانة! راحت بسرعة شغلت النار وبدأت تحضر صينيه بطاطس باللحمة مع رز وسلطة، بس طول الوقت كانت حاسة كأن فيه عينين راقباها.
وفعلًا… بعد شوية، سمعت صوت خطوات تقيلة.
رفعت راسها، لقت أركان واقف عند باب المطبخ، ملامحه مفيهاش أي تعبير، لكنه كان مركز معاها.
أركان (بصوت هادي): إنتِ بتعرفي تطبخي؟
ليلى ابتسمت تلقائيًا وهي بتحاول تخفي توترها.
ليلى (بمرح): ده أنا لهلوبة في الأكل! بيسموني الشيف شربيني، لولا الملامة كنت فتحت مطبخ!
أركان رفع حاجبه وهو بيقرب أكتر، بص للأكل اللي قدامها بطريقة مش واضحة، قبل ما يسأل بهدوء.
أركان: عاوزاني أجرب؟
ليلى (بحماس): طبعًا! ده يفوتك نص عمرك لو ما كلتش من إيدي.
ما قالش حاجة، سحب كرسي وقعد، مسك المعلقة وداق لقمة ببطء. ليلى فضلت مستنياه يقول أي حاجة، لكن ملامحه فضلت هادية.
ليلى (بتحاول تستعجله): ها؟
أركان (ببرود وهو بيرجع المعلقة للطبق): مش وحش.
ليلى (بتفتح بقها بصدمة): مش وحش؟! دي اطعم صنية بطاطس باللحمة في مصر!طب عارف أنا لو فتحت مطعم، الشيفات الكبار نفسهم هييجوا يتعلموا مني!
ابتسامة خفيفة جدًا عدت على طرف شفايفه، قبل ما ياخد لقمة جديدة.
أركان (بهدوء): هاتِ السلطة.
ليلى قامت بسرعة تجيبها، بعدين ابتسمت بانتصار وهي بتقوم تجيبها… عارفة كويس إنه عجبوا الأكل، حتى لو مش هيعترف.
أركان خد لقمة جديدة بهدوء، لا بيعلق ولا بيظهر أي رد فعل، لكن طريقة أكله كانت كافية تقول إنه الأكل عجبُه. ليلى كانت قاعدة قصاده، بتراقبه بعينين واسعة، مستنية أي كلمة مدح، لكنه فضل محتفظ ببروده المعتاد.
وهي لسه مش مستوعبة إن ده مدح بطريقته الباردة، بس الأهم إنه بيأكل! لكن فجأة سمعته بيتكلم.
أركان (بهدوء كأنه بيقرر حاجة): بعد كده، إنتِ اللي تعملي الأكل.
ليلى بصت له باندهاش، وهي بتحاول تفهم إذا كان بيهزر ولا بيتكلم بجد.
ليلى (بتضحك بخفة): هو إنتَ ياعني مش عاجبك أكل الفيلا؟ دا الشيف عم صابر اللي بيعمله
أركان (ببرود): لا.
ردّه السريع خلاها تتوتر شوية، لكنها حاولت تخفي ده وهي بتكمل الأكل. الحقيقة، رغم إنه كان ساكت معظم الوقت، بس مجرد إنه قرر إنها اللي تعمل الأكل بعد كده كان شيء غريب، خاصةً إنهم هنا في مهمة ومش أكتر… ليه فجأة مهتم يأكل من إيديها؟
ليلى (بخفة): طيب يا سيدي، طالما الأكل بتاعي مش وحش، يبقى اتفقنا. بس ماشي، هزودلك شطة عشان أشوف هتفضل تقل كده ولا لا.
أركان ما ردش، لكن الابتسامة الخفيفة اللي عدى بيها وهو بيشرب من كباية المية قالت لها إنه سامع… وإنه قبل الاتفاق.
بينما هما مشغولين في الأكل وكل واحد فيهم مشغول بأفكاره. لكن الجو كان هادئ، والضوء الخفيف في المكان كان بيضيف لمسة من الراحة. ليلى كانت بتحس إن الجو بقى أكثر راحة بعد ما ارتاحت شوية.
فجأة، الباب خبط. أركان نظر ناحيته ثم قام بهدوء، بينما ليلى فضلت قاعدة مستنية.
أركان فتح الباب بهدوء
أسماء اول ما شافته انبهرت من جماله و مش قادرة تخفي دهشتها بس بعد لحظة، رجعت شوية وابتعدت نظرها، وحست بالخجل فابتسمت في توتر.
أسماء (بتردد): ممكن تنديلي هنيه؟
في اللحظة دي، ليلى خرجت من الغرفة، وأسماء مسكت يدها فوراً وأخذتها بعيد عن أركان. كانت عيون أسماء مش مصدقة، وكانت بتبص في دهشة،وقالت بسرعة:
أسماء (بتنهد بحماس): القمر دا جوزك؟ يا بختك! يا بختك! البصة الواحدة في وشه ترد الروح!
ليلى اتكسفت وفضلت ساكتة، كانت شايفة إن أسماء عندها حق فعلاً، أركان جميل جدًا وفي غاية الوسامة. هي ذات نفسها ما كانتش قادرة تتحكم في مشاعرها، وجماله هو اللي جابها وراء.
أسماء كملت بشغف:
أسماء: مالك؟ مش عارفة تردي؟ انا لو مكانك هبقى خرسه فعلا! إزاي اتجوزتيه؟
ليلى وهي بتحاول تداري توترها وتبان مكسوفه: سعيد؟ يبقى ابن عمي.
أسماء (بصدمة): أنا غلطانة! إزاي ما عنديش ابن عمي جميل كده؟ رايحة أتجوز مروان… مروان! اللي بصه في وشه ترد الروح للي خلقها! بني آدم ما يتقعدش مع ثانية، مش عارفة هاعيش معاه طول العمر إزاي.
ليلى (بضحكة): لا اسمعي، إنتِ دمك خفيف قوي!
أسماء (بضحك): لو ما فضلتش أضحك كده هفرقع من جنابي الاثنين.
ليلى (بابتسامة خفيفة): هو انتِ مغصوبه على الجواز دي؟
أسماء (بتنهد): ده أنا اتضربت علشان الجوازة دي! أصلاً ما كنتش عايزة أتجوز خالص. يا ريتني اتجوزت أي حد غير مروان!
ليلى (بتعاطف): النصيب محدش بيقدر يقوله “يا ريت”.
أسماء: بقولك إنتِ بالذات ما تتكلميش عن النصيب ده! إنتِ خدتِ حظ البنات كلها.
ليلى ابتسمت، واتكسفت بشكل واضح، وهي مش قادرة ترد على الكلام ده.
أسماء (بفرح): ما تيجي نقعد في أوضتي شويه؟
ليلى كانت خايفة من مروان، ما كانش ينفع تقول لأسماء، فابتسمت وقالت:
ليلى: خلينا قاعدين في الجنينة شويه، عشان جوزي ما يقلقش. وأنا برده بنام بدري علشان الشغل وكده… وبعدين يا بنتي، إنتِ عروسة جديدة، دا أول يوم جواز ليكي!
أسماء (بضحكة): جوزي خد فريق الكورة ورح يخوني!
ليلى (بصدمة): إزاي يعني؟! حتي سليم وعادل! دول باين عليهم بيحبوا رغده وصفيه
أسماء (بتنهيد): والله زي بقولك كده كلهم راحوا الشقة اللي عايز يتولع فيها. أنا سايباهم جوه بيموتوا في بعض الحرب العالمية الثالثة قايمه في الفيلا! عشان كده أنا سبتهم وخرجت!
أسماء (بتنهد بشدة): صباح عمال تقول لهم: “إنتوا السبب، إن جوزك يزهق منك من أول يوم ويروح يخونك” يعني مش السبب في كده إن أولادهم متربوش، لأ! عشان إحنا المقصرين! ناس غريبة عجيبة! والله قولت لامي، دول مش طبعين!
ليلى كانت بتحاول تواسي أسماء وقالت لها: “ما تزعلِيش نفسك”.
أسماء ردت بسرعة: “أنا مش زعلانه، مش فارق معايا أصلاً. أنا أمي قالت لي كل حاجة من يوم ما تزوجت، قالت لي: كبري دماغك، ما توجعيش قلبك مع حد، وبالذات مروان ده، قالت لي: ده ما فيش منه فايدة. الطفل بيفتح عينه على مصاصة، ده فتح عينه على ستات.”
ليلى ما قدرتش تمسك نفسها من الضحك، وضحكت بشدة، لدرجة إنها وقعت من الضحك.
أسماء بجدية قالت: “والله زي ما بقولك كده. أصله طالع زي أبوه. فؤاد ده بردك كده لحد دلوقتي. أمي قالت لي: صباح دي عملت المستحيلات عشان يبطل كانت بتراقبه وتراقب الستات اللي يعرفهم، كانت بتتخانق معاهم وتهددهم، وكلمة امه لما كانت عايشة. وأبوه، صلاح، هددوا عشان يبطل، وبردك ما بطلش. كان بيعمل اللي هو عايزه من وراهم، لحد ما اتعودوا وبقي يعملوا في العلن عادي. وزود ، وعاند، وبدل ما تبقى ست في اليوم، بقي ٦ و١٠ ستات في اليوم. فمن شبه أباه، ما ظلم بقي”.
ليلى مكنتش عارفة ترد تقول إيه، بس قالت: “ربنا يهديه.”
أسماء بضحك : “أو ياخدوا أيهم أقرب.”
ليلى ضحكت وقالت: “والله أنتِ حكاية!” وكملت بكسوف وقالت: “والله يا أسماء، أنا لولا المكان ضيق، كنت دخلت تقعدي معايا جوه، بس أنا يعتبر قعدة في أوضة، مافيش صالة، يدوبك السرير والحمام ومطبخ صغير.”
أسماء ردت: “بس يابت، ما أنا عارفة. وبعدين كفاية كده، أنا بقالي كتير قعدة، هروح أقعد على الفيس، وأصيح وأشتم الرجالة.”
ليلى ضحكت وقالت لها: “أنا والله مش بقولك كده عشان تقومي وتمشي.”
أسماء قالت: “وأنا بقولك كده عشان تقومي لجوزك الحليوة اللي جوه ده. يلا، تصبحي على خير.”
ليلى ابتسمت وقالت: “وانتِ من أهل الخير.”
ليلى لو مره حست إنها مستريحة من أول ما جت البيت هنا، حسّت إنها لقيت حد تتكلم معاه وتضحك، وطلّع جزء من اللي جوّاها، كانت حاسة براحة لأول مرة من زمان. وكل كلمة مع أسماء كانت بتخلّيها تحس إنها مش لوحدها، وإن في حد ممكن يفهمها ويضحك معاها.
أما أسماء، كانت فرحانة هي كمان، حست إنها لقت صحبة بعد وقت طويل، عشان محدش في البيت شبها. قريبها، بس عمرها ما حبتهم ولا ارتاحت معاهم. هي كانت دايمًا بتتجنب زيارتهم، مش عارفة إزاي دلوقتي بقت مفروض عليها تعيش معاهم وتشوفهم كل يوم.
ليلى دخلت الأوضة، ولأول مرة، أركان لاحظ ملامحها، كانت باينة على ملامحها الراحه والسعادة، وكان في عيونها بريق من السعادة.
نظرت ليلى له وقالت بكسوف: “هو انت لسه ما نمتش؟” عيونها ضايعة بينه وبين نفسها، وهي تحاول تخلّي الموقف طبيعي قد ما تقدر.
أركان، على الرغم من إنه كان مستغرب من نفسه لعدم قدرته على النوم وهي مش جنبه، إلا إنه حاول يظهر البرود وقال بصوت هادي: “كانت عايزة منك إيه؟” وكان صوته محايد ووجهه مش بيظهر أي تعبير حقيقي.
ليلى، وهي ماشيه ناحية السرير، : “كنا بنتكلم كصحاب عادي، مش حاجة مهمة، تبع الشغل بتاعنا ياعني.”
أركان رفع حاجبه قال بنبرة جافة: “صحاب؟ احنا مش جاين نعمل صحاب. ابعدي عنها ومتنسيش هي مرت مين.” عينيه كانت مركزة عليها،
ليلى ردت بثقة، مع ابتسامة غير ظاهرة على وشها: “هي مش شبه جوزها، ومش شبه اللى في البيت كلهم أصلاً. وبعدين متقلقش، مش هبوز لكم شغل. أنا فاهمة أنا بعمل إيه، كويس. وبعدين… وسّع كده، عايزة أنام.”
نامت ليلى على جنبها، كانت محتاجة فترة قبل ما تقدر تروح في النوم. اول ما راحت في النوم راحت لمكانها المعتاد، حضنه الدافئ المريح. بحركة تلقائية منها، أول ما دخلت حضنه، خدت نفس عميق كأنها كانت تعبانه، وساعتها حسّت وكأنها ارتاحت أخيرًا.
أركان حس بيها، ابتسم بحذر، وكان في عينيه شيء غريب، وكأن لأول مرة يحس إن فيه شيء بيخليه يشعر بالراحة. وبحركة بطيئة، وأول مرة، حوطها بذراعه برفق، كأنها ما كانتش بس جزء من الشغل أو المهمة، ولكن حاجة أهم بكتير. ابتسم وارتاح، ولأول مرة حس إنه مكنش قادر ينام غير وهي في حضنه
الصبح جاء على الجميع، وأشعة الشمس بدأت تتسرب من خلال الستائر الخفيفة. في غرفة أركان وليلى، فتحت ليلى عينيها ببطء، لكن أول حاجة لاحظتها كانت أنها لسه في حضن أركان. المرة دي كانت مختلفة عن كل مرة قبل كده. المرة دي كانت محوطة بذراعه بشكل أعمق، وأيديها كانت مستريحة على صدره، وكأنها عايشة في لحظة خاصة جدًا.
مش قادرة تصدق انوا حضنها ، حسّت بحب وراحة غير عادية، واللحظة كانت أقوى من أي حاجة. كانت مش عايزة تقوم من حضنه، كان الدفء اللي فيه كفاية عشان تبقى مبسوطة.هي بس فكرت في لحظه عايزة تعيشها وكانت عايزه تستغلها وقررت انها ما تقومش من حضنه ، وتحس بالراحة القصوى، وتحس إنها في مكان آمن.
أركان حس بيها كان عارف انها صحيت وكان عارف ان المفروض يبعدها ويقوم، بس كان فيه حاجة جواه بتمنعه من يبعدها، لأول مرة يحس إنه في موقف ما يعرفش يتعامل معاه.
لكن ليلى كانت مشغولة بأفكارها، وكانت بتواجه مشاعرها بهدوء شديد،وقالت لنفسها: “هو إيه اللي انتِ بتعمليه؟ ده بيحب واحدة تانية.” حتى لو كانت هتوجع نفسها عشان تبعد عنه، هي هتعمل كده. مش مستعدة لوجع القلب اللي هيحصل بعد ما المهمة دي تخلص، وهو يرجع لحياته زي ما هي. وهي هتكون اللي هتقف في النص، مش هتكون قادرة تكمل. فقررت تقوم بهدوء، تسيب المكان، وخرجت من حضنه.
دخلت الحمام، غسلت وشها ولبست هدومها، وكانت خلاص هتخرج من الغرفة، لكن صوت أركان فجأة قطع عليها أفكارها: “حضري لي الفطار، أنا عايز أفطر هنا في الأوضة.” ليلى وقفت مكانها لحظة، حست بشوية تردد، لكن بعد كده قفلت الباب بهدوء ودخلت المطبخ بسرعة عشان تحضر له الفطار.
وأثناء ما هي منتظرة الأكل على البوتاجاز، بصّت لنفسها وابتسمت وقالت: “ما فيش فايدة، الحب ماحدش يقدر يتحكم فيه بكلمة واحدة.” طلعت جري بسرعة، عشان تعمل اللي هو عايزه”
ليلى حطت الأكل على الطاولة وكانت خلاص هتمشي، لكن أركان قال لها بهدوء: “قعدي معايا، خلينا نفطر مع بعض.” لقت نفسها فعلاً قعدة ، وده كان غريب عليها. كانت مش قادرة تستوعب اللي بيحصل، ازاي بكلمة واحدة وبإشارة بسيطة منه، كانت بتعمل اللي هو عايزه بدون ما تفكر هي اللي كانت دايماً تعمل اللي هي عايزاه ومحدش يقدر يمشي عليها ولا يطلب منها حاجه، لكن معاه، كل حاجة بتتغير. وكأن كلمة منه أو حتى لمحة في عينه كانت كافية عشان تسيطر على تصرفاتها. “هو ليه بيحصل كده؟” الصوت اللي جواها بيصرخ “غبية أوي، واضح عشان بتحبيه!” لكن على الفور، حاولت تزيح الفكرة من دماغها، وقالت لنفسها: “بحبه؟ بحبه؟ أكيد لا.” كانت الكلمات دي بتدور في ذهنها بسرعة، وهي مش قادرة تركز في حاجة غيرها.
رفعت رأسها وبصت على أركان، وهو كان واقف قدامها، عينه في عينها، لكن هي كانت في عالم تاني خالص. كل تفكيرها كان مشغول بسؤال واحد: “هل فعلاً بحبه؟” وكانت مش قادرة تجيب لنفسها إجابة. هو كان واخد باله إنها مش معاه في اللحظة دي، وأنها مش بس بتاكل، لكن عقلاً وفكرها كانو في مكان تاني، وتساءل في نفسه: “هي مش في وعيها ولا في حاجة مش فاهمها؟” بس ما قدرش يعرف هي كانت بتفكر في إيه.
ليلى قامت بسرعة من على الأكل وقالت له: “سلام، أنا رايحة ورايا شغل كتير واتأخرت.” وبصت ليه وهي بتغمز وقالت: “ما تقلقش، هبقى أعمل لك الغداء بإيدي.” وأجيبه لك، وهيبقى مش وحش قوي.”
أركان في نفسه : “مجنونة والله، بس ده ما يمنعش إن أكلها جميل جدًا.” كان مستغرب من تصرفاتها، مش عارف إذا كانت بتخبئ حاجة ولا هي فعلاً مش عايزة تتعامل معاه أكثر من كده، لكن ما قدرش ينكر إن كل حاجة بتعملها كانت ليها تأثير عليه، وخصوصًا الأكل اللي كانت بتحضره نومها في حضنه ولما وصل للنقطه دي كرر يبطل تفكير وقام من مكانه وطلع للشغل ”
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسماء صحيت من النوم بسرعة، دخلت الحمام وغيرت هدومها ونزلت لتلاقي صباح في الصالة.
اسماء في سرها: “ياربي هو انا كل يوم هصطبح على الخلقة دي؟”
صباح شافت اسماء وهي نازلة وقالت بابتسامة خفيفة:
صباح الخير يا سماسيمو.
اسماء بابتسامة سمجه:صباح الخير يا صباح.
صباح بعصبيه :بنت عيب انا في مقام ماما
اسماء بسخرية:
ماما في البيت، نايمة دلوقتي. يا صبوحة يا عسل، إنتِ.
صباح، بعصبية:
أنا اللي جبته لنفسي، مش أنا اللي اخترتك لابني.
اسماء، مش عارفة تمسك نفسها:
أديكِ إنتِ قلتيها، اخترني ليه بقى؟
صباح بتحذير :
طب ما تخلينيش أندم بسرعة بقى.
اسماء، وهي في سرها: “أبوس إيديك، اندمي وخلصينا بقى.”
صباح:مروان فين؟
اسماء، بتريقة: نايم زي الشوال فوق.
صباح، بعصبية:يا بنت عيب!
اسماء، وهي بتسيبها وماشيه ناحيه المطبخ:
وأنا عيلة صغيرة، كل شوية “يا بنت عيب يا بنت عيب.” العيب اللي ابنك بيعمله!
في غرفة سليم ورغدة
رغدة فتحت عينيها ببطء، كانت تحس بجفاف حلقها وعينيها منتفختين من قلة النوم. قلبها انقبض فور ما شافته نايم جنبها وكأن ما فيش حاجة حصلت، كأن الليلة اللي فاتت كانت مجرد حلم سيئ. جواها غليان، إحساس بالخذلان مخلوط بمرارة ما عاشتوش قبل كده.
زحزحته بإيدها المرتعشة، صوتها كان حاد وهي تقول:
“قوم، عايزين نتكلم.”
سليم تمطّى بكسل، وسحب المخدة فوق راسه بنبرة متضايقة:
“أنا مش عايز أتكلم دلوقتي… وبعدين، إحنا مش هنتكلم، إحنا هنتخانق.”
رغدة شهقت بغضب، دمها غلى أكتر، قلبها كان بيدق بسرعة وهي بتضغط صوابعها في الفرش عشان تهدي رجفة إيديها:
“طب كويس إنك عارف إننا هنتخانق! إزاي تعمل كده؟! إزاي تبقى امبارح نايم في حضني، ولسه عرسان جداد، وتقوم تسيبني وتروح تخوني؟! إنت ما بتحسش؟! ولا عندك قلب؟!”
ماردش، صمته قتلها أكتر من الكلام، رغدة حسّت بجسمها بيتشنج من الغضب، عينيها كانت مليانة دموع بس هي رفضت تنهار قدامه. زقّته تاني بكفّها وهي تعلي صوتها أكتر:
“قوم بقولك! كلمني زي ما بكلمك، ردّ عليا يا سليم!”
سليم اتحرك فجأة، بعنف، كأنه وحش استفزّته، قفز من السرير بعصبية، عيونه اسودّت ورفع إيده عليها، رفع إيده في الهواء كأنه هينزلها على وشها، لكنها، بغريزة الخوف، رفعت إيديها الاثنين تحمي وشها.
وقف، عيونه فيها شرّ بارد، وصوته كان منخفض بس مخيف:
“ده تحذير… اللي ممكن يحصل لك لو فكرتي تعلي صوتك تاني، أو تقولي لي أعمل إيه وما أعملش ايه.”
رغدة شافت الشر في عيونه، جسمها ارتعش، إحساس رهيب من الخوف والخذلان سيطر عليها. الدموع نزلت بدون ما تقدر توقفها، أنفاسها كانت مقطوعة وهي بتحاول تهدي شهقاتها، لكنها فشلت. سليم بص لها نظرة أخيرة، دخل الحمام وسابها هناك، محطمة.
في غرفة عادل وصفية
عادل فتح عيونه على صوت نهنهة خافتة. لفّ وشه ناحية صفية، لقاها قاعدة في نفس المكان اللي سابها فيه امبارح، دموعها نشّفت على خدودها، لكن عيونها لسه حمرا.
قال بصوت مبحوح من النوم:
“إنتِ ما بطلتيش عياط من امبارح؟”
صفية رفعت عيونها له، صوتها كان متكسر وهي تقول:
“هو فارق معاك أصلًا؟ ما إنت سبتني وخرجت… رحت لحضن واحدة تانية، وأنا لسه عروسة!”
عادل لفّ عيونه بملل، نبرته كانت باردة وهو يقول:
“بقولك إيه، بلاش دراما كوين. إنتِ متجوزاني وأنا كده، وعارفاني كويس. ما تجيش دلوقتي وتفتكري إنك هتغيري حاجة.”
صفية شهقت وهي تهزّ راسها:
“طب ليه؟! هو أنا ناقصني حاجة؟! أي حاجة وحشة فيَّ، قول لي العيب عشان أغيرها!”
عادل بص لها بنظرة نفاد صبر، صوته علي وهو يقول:
“أهو ده الكلام اللي أنا ما بحبوش! الستات دول مزاج زي الأكل، لو قدامك أنواع كتير، هتاكلي نوع واحد؟ ولا هتاكلي من كله؟”
صفية رفعت عيونها له، نظرتها كانت مليانة انكسار، صوتها هادي لكن فيه وجع قاتل:
“بس لو في أكل واحد بتحبه بجد، عمرك ما هتبص على غيره… نفس المبدأ بالظبط، بس إنت ما بتحبش… إنت ما عندكش قلب.”
عادل نزل من على السرير، وقف قدامها، ملامحه كانت متوترة والغضب بدأ يتملك منه:
“أنا لحد دلوقتي بتعامل معاكي بالحب، بس لو فكرِتِ تتكلمي تاني بالأسلوب ده، هتشوفي وش تاني مني.”
صفية وقفت مكانها، أنفاسها كانت سريعة، نظرتها كلها ألم وخيبة أمل، وبصوت متقطع من الدموع قالت:
“هو إنت خليت فيها حب أصلًا؟! كل حاجة انتهت قبل حتى ما تبدأ… دا انا ما لحقتش اكمل كلمة ممكن يتغير قومت اثبت ليا أنه مستحيل ”
عادل لفّ ظهره وخرج من الأوضة، وسابها هناك، مكسورة، بتقاوم الانهيار.
ــــــــــــ
داخل غرفة صفية
صفية كانت قاعدة على الأرض جنب السرير، حضنت ركبتيها لصدرها، دموعها بتنزل بصمت، ووشها مدفون في كفوف إيديها المرتعشة. لسه لابسة فستان النوم بتاعها، لكن شكله بقى مكركب، وكأنها كانت بتحاول تمسح دموعها فيه طول الليل.
الباب اتفتح فجأة، ورغدة دخلت وهي بتتنفس بسرعة، كانت لسه خارجة من أوضتها، بعد المواجهة اللي كسرتها من جواها. أول ما عينيها وقعت على شكل صفية، قلبها وجعها أكتر… ده بالضبط اللي هي حاسة بيه، بس مضروب في اتنين. بقيت شريكة وجعها وأسرارها .
رغدة بصوت مخنوق: “ياااااه يا صفية… إحنا بقينا كده؟!”
صفية رفعت راسها ببطء، عينيها كانت حمرا ومنتفخة، شفطت أنفاسها وهي بتضحك ضحكة مكسورة مليانة سخرية:”إحنا عمرنا ما كنا غير كده… بس كنا مغفلين، فاكرين نفسنا في قصة حب، والحقيقة إننا كنا في لعبة… هم اللي حطوا قوانينها، ولعبونا بيها زي ما هم عايزين!”
رغدة مشيت بسرعة وقعدت على الأرض قدامها،بصتلها، عنيها مليانة وجع، صوتها كان متكسر وهي بتقول:
“رفع إيده عليا يا صفية… كان هيضربني! سليم… اللي كان بيقولي إنه عمري، إنه مش هيأذيني… اللي أنا فتحت عيني وقلبي عليه… اللي كنت بحلم بيه وأنا نايمة وبصحى عليه… اللي ما تمنيتش غيره، كان هينزل إيده على وشي إزاي؟ هنت عليه؟!”
صفيةخدت نفس طويل وبعدها همست:
“إحنا هُنا عليهم من زمان يا رغدة… احنا بس كنا عايشين في وهم، مغمضين عنينا… بس هم أثبتوا لنا الحقيقة أول يوم في جوازنا… لما خانونا بدون حتى ما يفكروا!”
رغدة غمضت عنيها بقوة، حست بحرقة في قلبها، ومسحت دموعها بعصبية:
“هنعمل إيه بقى مع قلوبنا الغبية اللي اختارت تحبهم؟”
صفية بصتلها بنظرة كلها خيبة أمل، وابتسمت بسخرية وهي تمسح دموعها بإيدها المرتعشة:
“هو إنتِ فاكرة إن في حاجة في إيدينا؟ جدك… مستحيل يسمح لينا نطلق أو نسيبهم… إحنا هنكمل عمرنا كله مع الرجالة دي، سواء برضانا أو بالغصب.”
رغدة شهقت وهي تهزّ راسها، رفضة الفكرة تمامًا:
“أنا مش هقدر… مش هقدر أبص في وشه تاني، ولا أعيش معاه، ولا حتى أنام معه وهو مع واحدة تانية!”
صفية حطت إيديها على وشها، شهقت بحرقة، وبصوت مخنوق من الدموع قالت:
“عارفة عادل قال لي إيه؟ قال لي أنا لسه بتعامل معاكي بالحب! الحب بتاعه إنه يسيبني طول الليل بعيط… الحب بتاعه إنه يخوني من أول يوم جواز… الحب بتاعه إنه يخليني أحس إني ولا حاجة!”
رغدة مسكت إيدها، ضغطت عليها بقوة، وهزت راسها وهي بتحاول تثبت نفسها وتثبت صاحبتها معاها:
“إحنا لازم نكون أقوى، حتى لو محدش معانا… حتى لو هم ما رحموناش، إحنا مش هنكسر يا صفية!”
لكن في الحقيقة… الاتنين كانوا بيتكلموا وكأنهم بيحاولوا يقنعوا نفسهم، مش بعض.
صفية بصوت واطي بس مبحوح من كتر العياط: “هنعمل إيه يا رغدة؟ أدي الله وأدي حكمته، وأدي العيشة اللي انكتب علينا نعيشها… الظاهر كده إننا هنطلع زي أمك وأمي، هنتعايش مع رجالة إحنا عارفين ومتأكدين إنهم بيخونوا، وإحنا لازم نسكت وما نفتحش بقنا.”
رغدة وهي ماسكة كفوف إيديها بتعصرهم بقهر: “بس إحنا غيرهم، إحنا اللي حبيناهم بقلوبنا، إحنا اللي كنا بنحلم بحياة معاهم… ليه؟! ليه ما اكتفوش بينا؟!”
صفية: “عارفة ليه مكتفوش بينا؟ ليه عادل سابني في ليلتي الأولى ورح لغيري؟…” (اتكتمت شوية كأنها مش قادرة تنطق الجملة، وبعدها قالتها بمرارة أكتر) “عشان هو شايف الستات مزاج! شايفنا زي الأكل، قالها لي بكل بجاحة… لو قدامك أصناف كتير، هتاكلي صنف واحد بس؟!”
رغدة، اللي كانت قاعدة ما بقاش عندها طاقة تدمع أكتر، فجأة ضربت بإيديها على السرير بعصبية، صوتها طلع عالي وهي بتقول بانفعال:
رغدة: “ازي ده يبقى اسمه حيوان! دي مش رجولة… دي شراهة! ده بني آدم ما عندوش قلب ولا ضمير، عاملنا كأننا مجرد حاجة بتتأكل وتتساب لما يشبع!”
صفية بصوت مبحوح من كتر القهر: “عارفة إيه اللي وجعني أكتر؟ مش إنه خانني… أنا كنت عارفة إنه بيخون حتى قبل الجواز، بس كنت بغبي نفسي… بس وجعني إنه مش شايف حاجة غلط في اللي عمله، مش حاسس حتى إنه جرحني، ولا كأن في حاجة تستاهل أزعل عليها…”
رغدة قامت بسرعة وهي بتلف حوالين نفسها كأنها بتدور على حاجة تفش غلها فيها، مسكت الكرسي اللي جنبها وهزته بعصبية قبل ما ترميه بعيد وهي بتصرخ:
رغدة: “إحنا ليه كده؟ ليه بنعيش في الوهم؟ ليه بنحبهم وهما عمرهم ما حبونا؟!”
صفية بصوت واطي بس حاسم، وهي بتبص لرغدة بعيون مليانة وجع: “لأننا كنا أغبياء، يا رغدة… بس خلاص، أنا مش هبقى غبية تاني.”
الدق على الباب قطع لحظة الألم اللي بينهم، وصوت بطه، جه من بره بصوت عالي شوية:
“مدام رغدة! مدام صفية! الفطار جاهز والكل مستنيكم تحت!”
رغدة بصت لصفية بعينين بتلمع من الدموع، وكأنها بتسألها بصمت: هننزل؟!
صفية بمسحة قهر على وشها، قامت وهي بتقول بصوت واطي: “هننزل… عشان ده اللي لازم نعمله.”
داخل قاعة الطعام
رغدة وصفية قاموا من أماكنهم كأنهم ماشين بجسد من غير روح، خطواتهم بطيئة، ووشوشهم باهتة، العيون محمرة ومنتفخة، وتحتها هالات سودا تحكي عن ليالي بكاملها من العياط والقهر.

يتبع…..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زواج في الظل)

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *