رواية زواج في الظل الفصل العاشر 10 بقلم ياسمين عطيه
رواية زواج في الظل الجزء العاشر
رواية زواج في الظل البارت العاشر
رواية زواج في الظل الحلقة العاشرة
مروان ركب عربيتو ومشي ورا عربية ليلى
محروس كان واقف مكانه، متوتر، بيخبط على راسه وبيقول: “أنا غبي، أنا غبي”، وبعدين راح عند أركان وقف قدامه، مستمر في مشيه رايح جاي بحركه تردد ، وكان واضح عليه الزعل والندم.
أركان بص له واستغراب، ثم قام واتجه ناحيته، حط إيده على كتفه بحنية وقال له: “مالك يا محروس، عايز حاجة؟ أنت فطرت؟ ليلى كانت عاملة فطار، أجيب لك؟”
محروس كان عيونه مليانة دموع، أشار على البوابة وقال له: “هنيه … الحقها.”
أركان قلبه تقبض، وقال له بسرعة: “هنيه مالها ؟”
محروس رجع نظره لأركان وقال بسرعة، وبصوت متوتر: “مروان خوفني وهو اللي طلب مني أقول لها تروح الشقة .”
أركان انفجر بغضب، وقال بعصبية: “هي فين الشقة دي؟ إنطق بسرعه!”
محروس ارتبك شوية وقال: “في المعادي، عمارة 12، شقة ٣.”
ـــــــــــــــــــ&ـــــــــــــــ
العربية وقفت، وليلى نزلت منها بخطوات مترددة، رفعت راسها وبصت للعمارة، حسّت بضيق غريب في قلبها، كأن المكان بيدّيها إنذار، لكن حاولت تهدي نفسها وهي بتاخد نفس عميق وتبدأ تطلع السلالم.
وصلت عند الشقة، وفتحتها بالمفتاح اللي اداه لها محروس
قفلت الباب وبدأت تتحرك جوه وهي بتجهز نفسها للشغل. لسه بتاخد نفس عميق، سمعت خبط خفيف على الباب.
اتجهت ناحيته وفتحته، لقت بنت واقفة مبتسمة، شكلها لطيف وما يوحيش بأي حاجة غريبه وكانت شايلة صينية عليها كوبيتين عصير.
نرمين بابتسامة: “طنط صباح هنا !”
ليلى استغربت شويه، لكنها ردت بهدوء: “لا، أنا شغالة عندها في الفيلا، جايه أنضف بس… هتيجي بُكره أو النهاردة، ممكن.”
نرمين بحزن مصطنع وهي بتاخد نفس: “ياه… دا أنا افتكرتها جت، هي كانت قايلة هتيجي النهاردة. طنط صباح دي تعتبر زي أمي، وحشتني قوي.”
ليلى ردت بلطف: “متزعليش، ممكن تيجي شوية كده .”
نرمين ابتسمت : “أنا كنت عاملة عصير، أشربه مع طنط صباح، بس مافيش نصيب… ممكن أشربه معاكي؟”
ليلى بصت للصينية اللي في إيدها، وبعدين رفعت عينها لنرمين، حست أنها متحمسة قوي، بس في حاجة مش مريحة في الطريقة اللي بتتصرف بيها…
ليلى باحراج: “لا، متشكرة، عايزة أبدأ تنظيف على طول عشان ألحق أرجع، لازم أعمل العشا لجوزي، هو ما بيحبش ياكل غير من إيدي.” قالت الجملة وهي بتحس بكسوف بسيط، بس في نفس الوقت كان عندها إحساس دافي ناحية الكلام ده.
نرمين وهي بتقرب منها بكوباية عصير وبتستعطفها “طب على الأقل اشربي العصير ده، عشان متتعبيش وبعدين الجو حر وإنتي بتشتغلي طول اليوم.”
.”
ليلى اترددت لحظة، بعدين ابتسمت وهي بتزيح الباب شوية: “طب اتفضلي اقعدي، طالما جبتي العصير يبقى نشربه مع بعض.”
نرمين دخلت بخطوات هادية، حطت الكوباية قدامها وهي بتبتسم: “أكيد، مفيش أحلى من العصير في الحر ده.”
ليلي أخدت الكوباية، شربت منها جرعة صغيرة، وبعدين كملت وهي بتسمع نرمين بتتكلم عن أي حاجة وأي موضوع، البنت كانت بتلهيها تمامًا.
نرمين بفضول: “إحنا قعدنا نتكلم كل ده وما قلتليش اسمك إيه؟”
ليلى حست إن دماغها بتلف، الصور حواليها بقت مشوشة، الكلمات مش مترابطة، رفعت الكوباية الفاضية من العصير وهي بتضحك بتوهان: “أنا… أنا اسمي لي… هنيه، خدمتك هنيه، بس خدامة لهلوبة!”
ضحكت ضحكة غريبة، بس ضحكتها اتكسرت لما الباب اتفتح فجأة، ودخل منه مروان.
اللى شاور لنرمين لها بإشارة بمعني تخرج، كأنهم متفقين على كل حاجة، البنت طلعت بسرعة وسابتهم لوحدهم.
مروان قفل الباب ولف ناحيتها، وقف قدامها، عينه بتلمع بنظرة مش مريحة، ابتسم ابتسامة خبيثة وهو بيفك أول زرار في قميصه.
مروان بصوت منخفض، فيه شهوة واضحة: “مش عارف فيكي إيه، بس عجباني، وأنا ما ينفعش تبقى حاجة عجباني… وما أذوقهاش.”
ليلى حست إن جسمها تقيل، عقلها بيحاول يقاوم، بس الصورة في عنيها بقت ضبابية، حركت شفايفها بصعوبة، صوتها طلع مهزوز: “انت… مين؟”
مروان خلع القميص وهو بيقرب أكتر، ليلى حاولت تتحرك، لكن الدنيا كانت بتدوّر بيها، والمكان بقى أضيق، والهواء بقى تقيل…
نرمين كانت لسه بتقفل الباب في اللحظة دي، كان اركان وقف وراء نرمين
حط ايده على بقها ومسدس في جنبها، بيهمس بصوت منخفض وقاسي: “لو مش عايزة تموتي، اطلعي اجري وانت ساكته.” البنت كانت في حالة صدمة، لكنها لملمت نفسها وجرت بسرعة، بتاخذ السلالم كلها في سلمة واحدة.
بينما كانت نرمين تجري، اركان دخل الشقة بسرعة. شاف مروان اللي كان لسه بيخلع قميصه وبيتحرك تجاه ليلى. قبل ما مروان يقدر يلمس ليلى، اركان ضربه من الخلف بكل قوته على رأسه بمؤخرة المسدس. مروان سقط على الأرض، فاقدًا للوعي، بينما كانت ليلى واقفة في حالة صدمة، مش مصدقة اللي شافت.
اركان جري بسرعة ناحية ليلى وامسكها من إيديها وبيطمن عليها، وهو بيبص على مروان اللي ملقى على الأرض في حالة غياب تام. “الحيوان ده عمل لك حاجة؟” سألها بصوت قاسي، مش قادر يستوعب كل اللي كان ممكن يحصل لها.
ليلى كانت مشوشة، مش عارفة إزاي تجاوب على أسئلته، وكانت بتكمل كلامها بصوت هادي، وكأنها مش فاهمة اللي بيحصل حواليها. “ده كانت بنت اللي هنا… شربتني عصير بالمانجا… وأنا بحب عصير المانجا. كنت هروح أعمل لك عشاء بعد ما أنظف الشقة.”
اركان لاحظ إن ملامح ليلى مش طبيعية، . نظر ناحية كوب العصير اللي كانت شاورت عليه وقال بصوت متردد: “فيه حاجة غريبة في الكوباية دي…” وبص بتركيز على السائل الأبيض اللي كان في آخر الكوب. مسك الكوباية بسرعة، شمها، وعينيه ضاقت وهو بيستوعب المادة اللي خدتها كانت بتخليها تفقد تركيزها تمامًا، جسدها مسترخي وعقلها مشوش، كأنها فقدت السيطرة على نفسها.”
أركان وهو يبص على ليلى اللي كانت في حالة غير طبيعية. شافها وهي بتحط وجهه بين إيديها، وصوتها العذب الانثوي بيقول له “أركان أنت جميل قوي”. شعر بشيء غريب في داخله، وابتدت مشاعره تتلخبط .
في لحظة غير متوقعة، رفعها من على الأرض، وهي تشبك ذراعيها حول رقبته وتتشعلق فيه زي الطفلة. كانت تدفن رأسها في رقبته وتقبله بطريقة مغرية
أركان حس بشيء يثير فيه رغباته، جسمه كله بدأ يتصلب، وكان مش قادر يسيطر على تصرفاته. شعر وكأن جسمه كله كأن ما كانش ملكه، وفي لحظة ضعف غير متوقعة، شعر بتوتر داخلي. كان عارف إنه مش هينفع يرجع بيها للفيلا في الوضع ده.
قرر فجأة إنه يخرج من الموقف الغريب ده، ويسحبها بحذر ويأخذها لشقته اللي قريبه من المعادي، ويشوف هيعمل إيه معاها، خصوصًا وهي في الحالة دي.
اركان كان بيمسك المقود بكل قوته لكنه ما كانش قادر يركز في القياده ليلي كانت مش قادره تبعد عنه مش سيباه لحظه واحده كانت بتبوس في رقبته بلا توقف كل قبله كانت تترك اثر لدرجه ان رقبته تغطت بعلامات حمراء صغيره من قوة تقبليها المستمره كان جسمه كله متوتر وكل حركه كانت تزيد من صعوبه التركيز على الطريق
“ظل أركان وهو يقود السيارة في حالة من الارتباك، كلما حاول الابتعاد عن ليلى كانت هي تقترب منه أكثر، مش قادرة تبعد عن رقبته. لما وصلوا أمام شقته، كان قلبه مش قادر يتوقف عن الخفقان. دخلوا الأسنساير وابتدى يحاول يبعد عنها، لكن كان بيشعر بتوتر شديد، مش قادر يسيطر على الموقف. دخلوا الشقة وهو بيحدفها على الأنتريه بسرعة، حاول يخلي نفسه هادي، لكن مش قادر يتحكم في مشاعره، شعر بالارتباك يزداد. ليلى كانت مشغولة بفك طرحتها، سمع لأول مرة صوت أنثوي رقيق جدا بيدخل قلبه. الجو حر يا اركان ، وهو مش عارف يتصرف. كان عقل أركان مشوش، وكل محاولات التحكم في الموقف بتفشل.
“ما كانش ينفع يتصل على والده، ولو اتصل هيقول له إيه؟ الموضوع بالنسبة له محرج جدًا، جت له فكرة ثانية، أمسك تليفونه وحاول يبحث عن أي حاجة تقدر تبطل مفعول اللي هي شربته. بَصَّ في جيبه، ملقاش غير تليفونه العادي، اللي ما فيهوش أي وسائل مساعدة. أركان كان عايز يكسره رماه على الترابيزة وهو بيقول لنفسه بعدها، جت له فكرة تانية: يحطها تحت ميه باردة.’إيه الطريق الغبي ده اللي بفكر فيه؟ هي مغمى عليها،
أركان كان بيحاول يسيطر على نفسه، عقله بيصرخ إنه لازم يبعدها، لكن جسمه كان متشنج، متصلب في مكانه وهو شايفها قدامه بالطريقة دي. خلعت ملابسها ووقفه قدامه بهوت شورت فقط
أركان اتصمر في مكانه.
عمره ما شافها كده قبل كده، طول الوقت كانت متغلفة بالحجاب والهدوم الواسعة، ملامحها عادية، لكنه دلوقتي شايف حاجة تانية.. حاجة ما كانش متوقعها. شعرها الطويل نازل على ضهرها، وجسمها الممتلئ بان بوضوح مع الهوت شورت والتوب اللي كان أقصر بكتير مما لازم. التفاصيل دي ما كانتش ملفتة ليه لو شاف اي بنت بالمنظر ده، لكنه ليلي شايفها بعين مختلفة، شايف حاجة جديدة، حاجة مش لازم يشوفها .. مش لازم يحس بيها. بلع ريقه وهو يحاول يحوّل عينه بعيد، بس ليلى كانت بتقرب، وكانت عيونها فيها حاجة ما شافهاش قبل كده.. حاجة مش طبيعية.
حركت خطوتين ناحيته، رفعت إيديها ولفتها حوالين رقبته، عيونها كانت مليانة رغبة وتوهان، وكأنها مش في وعيها تمامًا. همست بصوت ناعم ومترجي:”أركان… أنا بحبك.”
قبل ما يقدر يستوعب كلامها، لقاها بتقرب أكتر، أنفاسها الدافئة بتلامس بشرته، وشفتاها بتدنو من شفايفه. في اللحظة دي، حس بكهربا بتجري في كل جسمه، عقله بيحذره لكنه مش قادر يتحرك…
أركان شد نفسه للخلف بغريزة الدفاع، لكن ليلى كانت أسرع، قربت أكتر، وشفايفها لمست شفايفه بخفة، لمسة صغيرة، لكنها كانت كفيلة تخليه يحس بحرارة غير طبيعية في جسمه.
“ليلى، فوقي!” قالها بصوت متحشرج، صوته فيه ارتجافة مش من خوف، لكن من إحساس غريب لأول مرة يحسه.
لكنها ما ردتش، كانت عينيها نص مغمضة، والكسوف اللي كان دايمًا بيظهر عليها، اختفى تمامًا. حركت إيديها على خده، همست بصوت مترنح:
“ليه بتبعدني؟ مش عجباك؟”
الكلام كان كأنه صفعة، أركان عمره ما تخيل يسمع منها حاجة زي دي، عمره ما فكر فيها بالطريقة دي أصلًا. لكنه دلوقتي مش شايف قدامه غير واحدة جميلة، مستسلمة تمامًا، وكأنها بتناديه من غير ما تتكلم.
حاول يبعدها تاني، لكن المرة دي، ليلى شدت تيشيرته، خلت المسافة بينه وبينها معدومة.
” عايزة أبقى جنبك.”
أركان حس بجسمه بينفض، دماغه بتصرخ إنه لازم يوقفها، لكنه كان عارف إنه خلاص، لو فضل معاها دقيقة واحدة كمان بالشكل ده، مش هيقدر يسيطر على نفسه.
فجأة، بإرادة أخيرة، مسك كتفيها بقوة، وبعدها عنه بسرعة، وراح ناحية الحمام.
“أركان…”
ما بصّش لها، كان لازم يبعد قبل ما يعمل حاجة يندم عليها. دخل الحمام وقف قدام الحوض، فتح الميه على وشه، وهو بيحاول يسيطر على أنفاسه، وعلى جسده اللي مش قادر يهدى.
أخذ نفسًا عميقًا، وغمغم لنفسه:
“أنا مش هكون زي مروان… مش هسمح لنفسي أكون زيه.”
لكنه عارف إن الليلة دي مش هتعدي بسهولة، وإنه لسه عنده اختبار أصعب… وهي موجودة برة، مستنياه.
أركان فضل واقف قدام الحوض، المية بتجري وهو مش قادر يهدى. قلبه بيدق بسرعة، ودماغه بتلح عليه يرجع ليها، لكنها كانت آخر حاجة المفروض يفكر فيها دلوقتي.
خرج من الحمام بعد دقايق، وهو متأكد إنه لازم يسيطر على الوضع، لازم يلاقي حل. لكن أول ما رفع عينه، لقاها قاعدة على السرير، رافعة راسها له، وابتسامة صغيرة مرسومة على شفايفها.
“أركان… تعالى جنبي.”
صوته بحزم وهو بيرد: “نامي يا ليلى.”
“مش عايزة أنام، عايزة أكون معاك…”
حركة بسيطة منها، رفعت إيدها ومدتها ناحيته، كأنها بتطلب منه يجي، كأنها بتغريه من غير ما تقصد.
أركان شد نفسه، وأخد خطوة لورا: “أنا مش هسمحلك تعملي كده، فاهمة؟ أنتِ مش في وعيك، وأنا مش هستغل ده.”
لكن ليلى كانت خلاص برة حدود المنطق، قامت من مكانها وراحت له، وقبل ما يقدر يمنعها، لفت دراعها حواليه وحطت راسها على صدره.
“أنت بتبعدني ليه؟” همست بصوت ناعم، أقرب للطفلة اللي بتدور على أمانها.
أركان حس بجسمه بيتوتر أكتر، كان لازم يخلص من الليلة دي بأي طريقة.
“اسمعيني، أنا مش هسمح بحاجة تحصل بينا وإنتِ في الحالة دي. هتنامي دلوقتي، وبكرة نبقى نشوف هنعمل إيه.”
“طب نام جنبي…”
جملتها دي لوحدها كانت كفيلة تخليه ينهار، لكنه أجبر نفسه على السيطرة. قرب منها، وبعدها بلطف، وهو يقول بصرامة:
“نامي، يا ليلى.”
شاورت له على السرير، بعينيها اللي بقت مغيمة أكتر: “طب هتقعد جنبي لحد ما أنام؟”
أخد نفسًا عميقًا، عارف إنها مش هتهدى غير لما يحسسها بالأمان. قعد جنبها على طرف السرير، وبمجرد ما حسّت بوجوده، ابتسمت، وقربت أكتر، وبعد دقايق صوت أنفاسها بقى أهدى.
أركان فضل مكانه، متوتر، عارف إن الليلة دي غيرت حاجة جواه… وعارف إن اللي جاي مش هيكون سهل.
أركان قعد على طرف السرير، عينيه مثبتة على ليلى وهي نايمة. أنفاسها كانت هادية، وملامحها بريئة بشكل غريب، عكس اللي كان بيحصل من شوية. قلبه كان بيدق بسرعة، بس مش من رغبة، من حاجة تانية… حاجة مخيفة أكتر.
مد إيده وشال خصلة من شعرها عن وشها، وهو بيتنهد. “إنتِ مصيبة،… مصيبة كبيرة.”
قام بهدوء، خد نفس عميق، وقرر ينام على الكنبة اللي في الصالة. مقدرش يبقى قريب منها أكتر من كده، وإلا هيخسر نفسه. بس وهو بيقفل باب الأوضة، لمّحها بتحرك شفايفها بكلام غير مفهوم، كأنها بتحلم.
“أركان… أنا بحبك.”
الكلمات خرجت منها بهمس، بس كانت كأنها طلعت من السماعات مباشرة على قلبه.
أركان وقف لحظة، عينه ثبتت عليها، وكل حاجة جواه اتشقلبت. كان عارف إنها مش في وعيها، وإن الكلمة دي طالعة بسبب اللي شربته، بس… ليلى بتحبه؟
هز راسه بقوة، كأنه بيطرد الفكرة، وسحب الباب وقفله وراه.
رمى نفسه على الكنبة، حط دراعه على عينه، وحاول ينام… بس كان عارف إن النوم مستحيل الليلة دي.
الحكاية دي مش هتعدي بسهولة.
بعد كام ساعه
ليلى فتحت عينيها ببطء، الدنيا كانت ضبابية، حسّت بجسمها تقيل وكأنها كانت غرقانة في نوم عميق. أول ما فاقت بالكامل، اكتشفت إنها مش في اوضتها.. ده مش مكانها!
عقدت حواجبها وحاولت تستوعب، بس أول ما عينيها وقعت على أركان، حسّت بحرارة غريبة في وشها، الحرارة دي كانت جاية من جوّا، من إحساس ما فهمتوش. كان واقف بعيد، ضهره ليها، وإيده متشابكة قدامه كأنه بيحاول يسيطر على حاجة جواه.
ليلى صوتها كان مهزوز وهي بتقول:
– أنا… أنا فين؟
أركان لفّ ببطء، عيونه كانت تقيلة عليها، كأنه مش قادر يبصلها عادي زي كل مرة. كان في حاجة مختلفة.. حاجة غريبة.
قال بصوت هادي بس مش مفهوم فيه إيه:
– فقتِ أخيرًا؟
ليلى بدأت تستوعب أكتر، بصت على نفسها، وشها احمر بشكل فظيع، كأن الدم كله تجمع في خدودها، قلبها بيدق بسرعة، وعيونها نطّت على أركان تاني، بعدها فورًا نزلت رأسها للأرض، مش قادرة تواجهه.
حاولت تتكلم، بس مفيش صوت طالع، إحساس بالكسوف ضربها لدرجة إنها لو كان ينفع تدخل جوه الأرض، كانت عملتها من غير تفكير.
أركان لاحظ الارتباك اللي هي فيه، زفر بهدوء وقال:
– ما تقلقيش.. مفيش حاجة حصلت.
ليلى رفعت عيونها بسرعة، نظرتها كانت مليانة أسئلة، مليانة خوف، مليانة حاجة تانية مش قادرة تعبر عنها. بصت ليه، حاولت تشوف في عينيه أي حاجة تفهمها، بس هو كان متحفظ.. واقف كأنه حاجز بينه وبين نفسه.
قالت بصوت واطي جدًا، كأنها بتتكلم مع نفسها:
– بس أنا… أنا كنت…
أركان قاطعها بحزم، مش عايزها تكمل الجملة اللي في بالها:
– كنتِ مش في وعيك.
كلمته نزلت عليها تقيلة، حسّت إن عيونها بتلمع، مش عارفة ليه دموعها قرّبت تنزل.. من الكسوف؟ من الإحساس الغريب اللي جواها؟ من حاجة مش مفهومة؟
إحنا لازم نمشي.
كلماته كانت واضحة ومباشرة، زي ما هو دايمًا، لكنها حملت معاها حاجة غريبة، حاجة مش عارفة توصفها. قعدت في السرير، وشّها لسه فيه أثر النعاس، بس عقلها بدأ يشتغل بسرعة.
– دلوقتي؟
أركان لف يبصلها، عينه كانت ثابتة، بس مفيهاش حدّة، كأنه مستني استيعابها.
– مش هينفع نغيب أكتر من كده، لازم نرجع الفيلا. المهمة والشغل مستنيين، مش هنقدر نختفي كأننا مش موجودين.
ليلى بلعت ريقها، حسّت إن الكلام منطقي، بس في نفس الوقت مش قادرة تتعامل مع فكرة إنها ترجع تعيش الدور اللي كانت عايزة تهرب منه للحظات.
لف وراح ناحية الكرسي اللي مرمي عليه هدومها، مسك العباية والطرحه، وراح ناحيتها بخطوات هادية.
– البسي.
صوته كان تقيل، مفيهوش أي انفعال، بس برضه كان فيه حاجة مش طبيعية، كأنه بيحاول يخلّي الأمور تمشي عادي، كأن اللي حصل كان مجرد لحظة وعدّت.
ليلى مدت إيدها وخدت الهدوم بسرعة، صوابعها كانت بترتعش وهي بتضمهم على صدرها. كان قلبها بيدق بسرعة، ومش عارفة إذا كان من الحرج ولا من حاجة تانية أعمق.
أركان وقف مكانه لحظة، شافها بتقوم بسرعة وتلف جسمها بالعباية قبل ما تمشي ناحية الحمام، وكأنها بتجري من وجوده، من نفسها، من كل حاجة.
بعد دقايق ليلى خرجت من الشقة بسرعة، قلبها بيدق بجنون، مش عارفة تهرب من مشاعرها ولا من نظرات أركان اللي لسه محفورة في عقلها. كانت حاسة إنها تايهة، مش عارفة إزاي هتواجهه بعد اللي حصل. بس الحقيقة اللي صدمتها أكتر إنها لازم ترجع لحياتها معاه.. ترجع للمهمة، وكأن اللي حصل متحسبش، وكأنها لازم تلبس القناع تاني.
أركان طلع وراها، لقاها واقفة قدام العربية، وشها محمر وعيونها متعلقة بالأرض. بدون أي كلام، فتح باب العربية وقال بهدوء:
– اركبي.
صوت عقله كان بيقول إنه لازم يتعامل مع كل حاجة عادي، بس جسمه كان متوتر، عقله لسه متعلق باللحظات اللي حصلت من شوية، باللي حسّه.. باللي كان ممكن يحصل.
ليلى طلعت العربية، حطت إيديها في حجرها، ما اتكلمتش، وأركان برضه ما قالش ولا كلمة. بس الصمت بينهم كان تقيل، تقيل أوي. العربية اتحركت، وكل واحد فيهم غرق في أفكاره.
بعد شوية، أركان بص لها وقال بصوت هادي:
– هنرجع الفيلا .. لازم نرجع للمهمة.
ليلى حسّت بقلبها يقع، رجوعهم للمهمة معناه إنهم هيعيشوا سوا تاني، قدام الناس هما متجوزين، بس جوّاها عارفة إن العلاقة بينهم دلوقتي بقت أعقد من الأول.
بلعت ريقها بصعوبة وقالت بصوت واطي:
– هنتعامل كأن مفيش حاجة حصلت؟
أركان بص قدامه، ملامحه جامدة، وكأنه بيقنع نفسه بالإجابة اللي قالها:
– أيوه.
ليلى عضّت شفايفها، قلبها وجعها من الرد، بس سكتت. ما كانش قدامها غير إنها تكمّل الدور.. تكمل حياتها وكأن الليلة دي كانت مجرد غلطة.. أو حلم.
بس الحقيقة إن اللي حصل مش هيتنسي، ولا هو ولا هي قادرين يتجاهلوه، واللي جاي.. ممكن يكون أصعب.
فضلت ليلى ساكتة، عينها معلقة بالشارع اللي بيجري قدامها، بس عقلها كان محبوس جوا اللحظات اللي حصلت من شوية. قلبها كان لسه بيدق بسرعة، مش قادرة تحدد إذا كان من التوتر ولا من الحاجة اللي حستها لما أركان كان قريب منها بالشكل ده.
أركان فضل ساكت، ماسك الدريكسيون بقوة، عينيه سابحة في الطريق، لكن تفكيره كان في اللي حصل جوه الشقة. كان بيقنع نفسه إنه قدر يسيطر، إنه ما سمحش لحاجة تحصل، لكنه عارف كويس إن مجرد وجودها بالشكل ده قدامه كان كفاية عشان يقلب كيانه كله.
بعد فترة، ليلى تنحنحت، صوتها كان واطي ومهزوز:
– أنا.. أنا أسفة.
أركان عقد حواجبه، بص لها بنظرة جانبية، ملامحه كانت هادية لكنها مش سهلة التفسير:
– أسفة على إيه؟
ليلى عضت شفايفها، حست إن الكلمة اللي قالتها مالهاش معنى، هي نفسها مش عارفة ليه قالتها، بس كل اللي حسته وقتها إنها مش قادرة تستوعب الموقف.
أركان زفر بهدوء، رجع يبص قدامه وهو بيقول بجفاف:
– اللي حصل مش بإيدك، ولا بإيدي، فبلاش نفتح الموضوع تاني.
كلماته كان فيها حسم، لكنه كان عارف إن الكذبة اللي بيحاول يقنع نفسه بيها مش هتمشي بسهولة. المشكلة مش في اللي حصل، المشكلة في اللي حاسه.. في اللي لسه مش فاهمه جواه.
وصلوا للفيلا أركان ركن العربية، وقبل ما يفتح الباب، التفت لها، صوته كان أخف حدة لكنه ثابت:
– هنرجع كل حاجة زي ما كانت، مفهوم؟
ليلى بصت له، ملامحها كانت مزيج بين الاستسلام والألم، لكنها هزت راسها بالموافقة.
نزلت من العربية، ورغم إنهم كانوا واقفين في نفس المكان، كل واحد فيهم كان حاسس إنه بعيد عن التاني.. بعيد أوي.
لكن الحقيقة اللي الاتنين كانوا بيهربوا منها، إن المسافة اللي بينهم كانت بتقل، وإنه مهما حاولوا يتعاملوا كأن اللي حصل ما حصلش.. الليلة دي كانت نقطة فاصلة، وكل حاجة بعدها مش هتبقى زي الأول.
أول ما دخلوا من باب الفيلا، قابلهم عبد الحق اللي كان واقف عند المدخل، ملامحه فيها قلق واضح.
عبد الحق وهو بيبص لهم بريبة: “الحمد لله إنكم كويسين… بس إيه اللي حصل؟ واحد جه وقال لنا إنك كنت طالع تجري بتلحق مراتك عشان عربية خبطتها!”
أركان شد حواجبه، استغرب الكلام، بس أخفى تعبيره بسرعة: ” الحمد لله ربنا ستر.”
عبد الحق لف بنظره على ليلى، كانت واقفة جنب أركان، شكلها متوتر، ملامحها شاحبة، وحتى كلامها مش طالع. قرب منها وسألها: “إنتِ كويسة يا هنية؟”
ليلى ما قدرتش ترد، بس هزت راسها بسرعة بمعنى “آه”، رغم إن صوتها كان مخنوق جواها.
عبد الحق ضيق عينيه وهو بيبص بينهم: “طب إنتوا كنتوا فين كل ده؟”
أركان رد بسرعة، بنبرة هادية بس حاسمة: “كنا في المستشفى، ليلى كانت تعبانة شوية، بس خلاص كويسة دلوقتي.”
عبد الحق لاحظ إن أركان قالها بثقة، كأنه مش مستني أسئلة زيادة، فهز راسه باقتناع نسبي وقال: “تمام، المهم إنكم بخير.”
أركان شد كفه على إيد ليلى بخفة وهو بيجرّها معاه للداخل: “هندخل نرتاح شوية.”
عبد الحق وقف مكانه وهو بيتابعهم بنظرات مترقبة، حاسس إن في حاجة مش مفهومة، بس قرر ما يضغطش عليهم أكتر.
أول ما دخل أركان الأوضة، التليفون رن في جيبه، طلع الموبايل وبص في الشاشة… “بابا”.
فتح الخط وهو بيقرب من الشباك، خد نفس عميق وقال: “أيوه يا بابا؟”
صوت والده جه هادي، بس فيه قلق واضح: “إنت كويس؟”
أركان رفع حاجبه، حس إن عدلي عارف
: “وأنت عارف كل حاجة، مش كده؟”
عدلي بابتسامة خفيفة، لكن نبرته فيها جدية: “ما أنا أكيد مش هسيبك في المهمة دي لوحدك، كنت متابعك، بس بصراحة، ما كنتش فاهم كل التفاصيل، فحاولت أتصرف على قد اللي شفته… المهم، أنتم كويسين؟”
أركان بص لليلى اللي كانت قاعدة على طرف السرير، ساكتة، راسها محنية شوية، واضح إنها لسه مش مستوعبة كل اللي حصل.
رد وهو بيحاول يبان عادي: “آه، كويسين… الحمد لله.”
عدلي سكت لحظة، وبعدين بصوت فيه عتاب: “طب ليه ما بعتليش ولا حتى اتصلت بيا؟ كنت محتاج مساعدة، كنت ساعدتك.”
أركان حرك كفه في شعره، نبرته بقت محرج شوية: “ما كانش في حاجة تعرف تساعدني فيها، أنا حاولت أحتوي الموقف… الحمد لله الموضوع عدى. وبشكر سيادتك على الخدمة اللي قدمتها.”
عدلي بصوت ثابت لكنه دافي: “إنت ابني يا أركان… ما تقولش كده.”
أركان خد نفس عميق، نزل عينه للأرض وهو بيرد بهدوء: “عارف.”
قطع المكالمة قبل ما يدخل في كلام عاطفي أكتر، ورجع يبص لليلى… كان عارف إن اللي جاي مش سهل، وإنه مهما حاول يهرب من اللي حصل، هي هتفضل متعلقة في ذهنه.
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زواج في الظل)
التعليقات