رواية سلانديرا الفصل الرابع 4 – بقلم اسماعيل موسى
٤
تنهد خاطر انه فى مسرحيه يحركه مخرج قذر ولا يعرف دوره فيها
هو حضرتك بتسخرى منى؟
اسخر منك؟ همست المديره باندهاش، لكنها تمالكت نفسها
انت بتقول كده ليه؟
تعرفين اننى لست واجهه، وأن مظهرى يعنى على قد الحال
لقد تحملت الكثير من سخرية زملائى من بدلتى القديمه وحذائى ولم أكن اتوقع ان اجد السخريه هنا أيضآ فى مكتب مديرة الشركه
تنهدت المديره الشابه، عاينت خاطر أكثر من مره وتحلت بالصبر
اذا كنت اقول ذلك من أجل أن امدح أناقتك وذوقك فى الملابس يوؤسفنى ان أخبرك ان ذلك لن يحدث، واضح انك انسان نرجسى مريض ، اتفضل ارجع شغلك، اعتبر العرض ملغى.
خرج خاطر من مكتب المديره وهو يشعر بعدم الاتزان،
اذا كان ما يقولونه حقيقى عليه ان يتأكد قبل أن يجن
مر على مكتب زميلته الشابه ولوح لها
ابتسمت روزينا وردت التحيه أشار خاطر بخجل إلى ساعته ورسم رقم اربعه بيده ثم غادر الشركه
وقصد مقهى شعبى
جلس خاطر على المقعد الخشبي المهترئ، يراقب النادل وهو يمسح الطاولة أمامه بحرص مبالغ فيه، كأنه يمهد لمقدم شخصية مرموقة. صب له القهوة بحذر، ثم تراجع خطوة إلى الوراء، وكأنه يتعامل مع أحد أقطاب المجتمع الراقي.
— تحت أمرك يا باشا، لو محتاج أي حاجة تانية قول لي.
كاد خاطر ينفجر، لكنه تماسَك، رفع عينيه إلى المرآة المعلقة على الجدار أمامه. كان يتوقع أن يرى شخصًا أنيقًا، كما يراه الجميع… لكنه لم يرَ إلا ذاته الحقيقية.
ثيابه البالية، شعره غير المرتب، بدلته التي فقدت رونقها منذ سنوات، حذاؤه المتآكل.
— باشا إيه؟ همس لنفسه، وأخذ رشفة من القهوة، لكن طعمها لم يكن كما توقع.
كانت أفخم قهوة شربها في حياته.
ترك الفنجان بسرعة، وكأنه يحاول الهروب من هذا العبث، ثم وضع يده على معصمه، يلمس الساعة التي لا يراها إلا الآخرون.
— لازم أعرف الحقيقة.
نهض فجأة، ألقى ورقة نقدية على الطاولة، لكن النادل رفض أخذها، ابتسم باحترام وقال:
— حسابك مدفوع، يا بيه.
شعر خاطر أن أنفاسه تضيق، خرج من المقهى وهو يكاد يترنح، الهواء البارد ضرب وجهه، لكنه لم يشعر بأي انتعاش. خطواته كانت تقوده إلى مكان واحد فقط…
منزل جده.
دخل المنزل القديم وهو يلهث، مر بجدرانه المتشققة، رائحة الخشب العتيق والكتب القديمة كانت تحيط به. سار حتى وصل إلى غرفة جده، المكان الذي لم يدخله منذ سنوات.
وقف عند الباب لحظة، ثم دفعه ببطء، الغرفة كانت كما تركها الجد، مرتبة بدقة، وكأن الزمن توقف عندها.
اقترب من الخزانة العتيق التى وجد فيها البدله القديمه ، فتحها بيد مرتجفة، ووجدها فارغة تقريبًا… باستثناء صندوق خشبي صغير.
رفعه بحذر، وضعه على الطاولة، ثم فتحه.
في الداخل، كان هناك شيء واحد فقط.
مرآة صغيرة.
لكنها لم تكن مجرد مرآة. كان إطارها فضيًا محفورًا بنقوش غريبة، زجاجها لم يكن عاديًا، بل بدا وكأنه يعكس شيئًا أكثر من مجرد الوجوه.
رفعها ببطء، نظر إلى انعكاسه… وتوقف قلبه.
ما رآه لم يكن نفسه.
كان رجلاً آخر، بملامح أكثر نضجًا، بملابس فاخرة، بعينين تشعان بالقوة. كان يرتدي ساعة Patek Philippe، وكان يبدو… كما يراه الجميع.
سقطت المرآة من يده، لكنها لم تتحطم. انعكاسه فيها ظل كما هو.
شعر خاطر بقشعريرة تسري في جسده.
من يكون هذا الشخص؟ ولماذا يراه الجميع إلا هو؟
….
•تابع الفصل التالي “رواية سلانديرا” اضغط على اسم الرواية
التعليقات