التخطي إلى المحتوى

رواية تعافيت بك الجزء الثاني للكاتبة شمس محمد الفصل الثامن والأربعون

سبحانه الوهاب خلق عينيك بكل هذا الجمال، حتى قلبي نحوهما ميال
وقفتُ الآن كما المرء المغلوب، تلاحقني هزائم شتى و أنا قلبي من الآلم يذوب، أقف بلا أملٍ و كأنني ألقى مصرعي و الحزن عليَّ مَكتوب، تَركتُ وطني، و غادرت سُفني، و وقفتُ ألومني على ما فاتني، حتى يأست و من نفسي سئمت، الآن شعرت و كأن حملي بثقل الجبال، فوالله إني ضعيفٌ على حمل الثقال.

خرج من الغرفة ثم توجه نحو باب الشقة يفتحه، فتفاجأ به أمامه، فطالعه بدهشةٍ و هو يقول: أنتَ؟ بتعمل إيه هنا؟
ازدرد لُعابه بتوترٍ بات واضحًا عليه و على قسمات وجهه و هو يقول: ممكن أتكلم معاك ضروري؟

خرجت في تلك اللحظة إيمان من الداخل فتفاجئت ب سمير يقف على أعتاب الشقة مقابلًا لزوجها، لم تحتاج وقتًا طويلًا حتى تتعرف عليه، فيكفي الشبه بينهما، فضمت ذراعيها أمام صدرها و هي تقول بنبرةٍ جامدة و صوتٍ حاد: أنتَ بتعمل إيه هنا! هو أنتَ معندكش دم خالص؟
حرك رأسه جهة ياسر وهو يقول بصوتٍ مهتز رغم هدوئه: ممكن أتكلم معاك؟ اعتبره رجاء مني ليك، ممكن؟

حرك رأسه موافقًا على مضضٍ ثم دلف و هو يشير له حتى يتبعه دلف سمير خلفه فجلس ياسر على المقعد منتظرًا جلوسه، و كل ذلك كانت تتابعه إيمان بحنقٍ رافعةً أحد حاجبيها، حتى جلس سمير مقابلًا له، فتحدث ياسر موجهًا حديثه لزوجته بثباتٍ: اقفلي الباب يا إيمان، و ادخلي اعملي حاجة لسمير بيه يشربها، إحنا بنفهم في الأصول برضه و بنكرم ضيوفنا.

أغلق سمير جفنيه بشدة بينما هي أغلقت الباب بعنفٍ واضحٍ حتى اهتز جسديهما، ثم دلفت للداخل، فتحدث ياسر بتهكمٍ: اتفضل، أنا سامعك ياريت تخلص علشان الوقت مش مناسب و أنا عاوز أنام
تنحنح سمير يُجلي حنجرته ثم قال بهدوء رغم اهتزاز صوته: أنا جاي علشان عاوز أعوضك عن كل اللي فات، جاي علشان أأمن ليك مستقبلك قبل ما أموت.

حرك ياسر رأسه موافقًا بسخريةٍ ارتسمت على ملامح وجهه، فتابع الآخر قوله: و عاوزك تسمع كلامي و توافق عليه علشان تضمن إنك تعيش مرتاح، على الأقل هضمن إن بعد موتي أنتَ هتعيش مبسوط، طالما معرفتش أعمل كدا ليك و أنا عايش
سأله بنفس التهكم و هو يقول: و دا إزاي بقى؟ إيه جايب معاك مصباح علاء الدين؟
حرك رأسه نفيًا ثم قال بثباتٍ يجاهد حتى يتحدث به: عاوزك تتجوز جيسي.

تأهب جسد ياسر في جلسته و خرجت إيمان في تلك اللحظة تمسك في يدها العصير، و عند استماعها لهذه الجُملة، تركت ما بيدها على طاولة السفرة ثم اقتربت من موضعهما و هي تقول بنبرةٍ جامدة: أنتَ بتقول إيه! أنتَ مجنون رسمي و الله، جيسي مين دي!
نظر لها ثم حرك رأسه نحو ياسر و هو يقول: ها يا ياسر إيه رأيك؟
ردت عليه إيمان بضجرٍ: رأيه في إيه؟ مين جيسي دي؟ أنا مراته، أنتَ أكيد مش طبيعي،.

قاطعها ياسر بقوله الحاد: أهدي يا إيمان! فهمني بقى أنتَ عاوز إيه؟ قولي تاني كدا
رد عليه مُفسرًا بتوترٍ: أنا يدوبك كنت وصي عليهم، بعد ما تموا السن القانوني كل حاجة رجعت ليهم علشان دا ورثهم من والدهم، معايا نسبة صغيرة جدًا مش هتعملكم أي حاجة، ممكن تتجوز جيسي و تعيش معاها عمرك اللي جاي و تبدأ صح، أهو تعوض فترة تعبك اللي فاتت في غيابي.

اتسعتا حدقتيهما بعد سماع حديثه الغريب، و في تلك اللحظة طُرق باب الشقة، فتحركت إيمان تفتحه و حينها وجدت أخيها و عامر معه بثياب البيت، فسألها خالد بصوتٍ جامدٍ: سمير هنا صح! أنا شوفته من البلكونة و هو داخل البيت، هو فين؟

حركت رأسها نحو الداخل فدلفا كليهما و هي تتبعهما، فتحدث ياسر موجهًا حديثه لوالده متجاهلًا وجودهما و هو يقول منفعلًا في وجهه: يعني مش بس أنتَ أب قليل الأصل؟ كمان محافظتش على أمانة الست اللي سابتهالك؟ عاوزني أعمل زيك و اتجوز واحدة علشان فلوسها!
رد عليه مُسرعًا: أنا بحافظ عليكم انتم الاتنين، بعوضك عن اللي فات و بأمن جيسي من فادي و تهوره، جيسي تستاهل إنها تكون مع حد زيك، أنا واثق إنك راجل يعتمد عليه.

تدخل عامر يقول بضجرٍ منه: أقسم بالله أنا بقرف منك، مش قادر استوعب ازاي ممكن تكون أبوه، إزاي أصلًا هو و أهله استحملوك؟ أنتَ إيه يا أخي؟
وقف ياسر ثم توجه له يضع ذراعيه على يد المقعد و بذلك يقف كالرادع له و هو يقول بصوتٍ خافتٍ: أنا في حياتي دي كلها مشوفتش زيك، لا على مستوى البشر و لا على مستوى القرف، بقى عاوزني آمن مستقبلي على حساب واحدة ست؟ فاكرني زيك؟

رد عليه بترددٍ: أنا عاوز آمن مستقبلكم أنتم الاتنين، جيسي طيبة و تستاهل إن،
صرخ في وجهه و هو يقول مُقاطعًا استرسال حديثه: بس، أنتَ إيه؟ عاوز تقهرني و خلاص؟ ماشي تحرك في الناس على مزاجك و خلاص؟ سيبتنا و مشيت بمزاجك و اتوجعنا بسببك بدل المرة 100 مرة في اليوم، و حاربت علشان اتجوز اللي بحبها و حاربت الدنيا كلها علشان تكون هي ليا، عاوزني أقهرها و أعمل فيها اللي عملته في أمي؟ أنتَ إيه؟

اقترب منه خالد يدفعه من قربه، ثم أمسك سمير من تلابيبه يوقفه و هو يقول بصوته الهادر المرتفع: اقسم بالله أنا اللي مسكتني عليك هو فرق السن و مرضك دا لو فعلًا أنتَ مريض، بس قسمًا بربي اللي مش هحلف بيه كدب، لو رجلك هوبت تاني ناحية أخواتي أو ميرفت أنا هموتك بإيدي و مش هستخسر عمري فيك و أنا بقضيه في السجن، على الأقل هبقى عملت حاجة تشرف.

أغمض عينيه بألمٍ ثم فتحهما و هو يقول: أنا عاوز أعوضه عن اللي فات، عاوز أموت و أنا سايبله حاجة يتسند عليها، عاوزه يكمل حياته بفلوس تأمنه
بكت إيمان رغمًا عنها و هي تستمع لحديثه، فوجدت عامر يحرك رأسه نحوها و هو يقول بتعجبٍ من حالتها: أنتِ بتعيطي ليه؟ فاكرة إن ياسر ممكن يعمل حاجة زي دي؟

رفعت رأسها له و هي تبكي فاقترب منها ياسر يمسح دموعها ثم ربت على رأسها، بعدها التفت لوالده الذي تركه خالد و هو يرمقه بتحدٍ حتى تحدث ياسر يقول:.

أحب أعرفك بإيمان مراتي، أخت خالد اللي أنا مربيها على إيدي، إيمان اللي استحملتني و استحملت تعبي، و مش بس كدا، دي كانت بتحارب علشان تخليني مبسوط، واحدة تانية غيرها كانت خافت مني و قالتلي هيجي يوم و تعمل زي ما أبوك عمل، بس هي وثقت فيا و حبتني و استنتني، عاوزني اقل بأصلي مع الناس اللي عملوا بأصلهم معايا؟ عاوزني أخدع خالد اللي شال همي طول عمره كأني ابنه و عاش يحميني من الدنيا؟ و لا عاوزني أسيب البنت اللي حلمت بيها؟ و لا تكون عاوزني أعمل زيك و اتجوز واحدة علشان فلوسها؟ أنا معنديش حاجة أقولها ليك غير إن الباب اللي دخلت منه تخرج منه زي الشاطر بنفس الطريقة.

رد عليه بخوفٍ: أنا كدا هبقى قلقان أموت و أسيبك كدا، عاوزك تلاقي حاجة تعتمد عليها، عاوزك تفهمني أنا ليه سيبتكم و أن،.

رد عليه بصراخٍ في وجهه: مش عاوز أسمع منك حاجة! هسمع إيه؟ هتقولي معلش يا حبيبي قهرتك من صغرك؟ هتقولي معلش أنا كنت بمد إيدي عليكم و أنيمكم مجروحين كل يوم؟ هتقولي إيه؟ أنا اللي هقولك، ، هقولك إن أختك اتكلمت على أمي بالباطل و سَبتها في شرفها، هقولك إن الكل بقى بينهش في لحمنا و فاكرنا لقمة طرية، هقولك إن كل راجل ناقص كان بيبص لأمي و فاكرها ست مش مظبوطة بسبب كلام أختك و الناس عنها إن جوزها طفش من أفعالها، هقولك إنها لما جربت تنزل تشتغل واحد عديم النخوة زيك كدا حاول يتهجم عليها و من ساعتها و أنا بشتغل و وصلت معايا لحد 3 شغلانات في اليوم، هقولك إنك سيبت نيرمين الكبيرة عندها مرض نفسي كانت بتفضل تضرب في نفسها و متحسش غير و هي بتجيب دم، هقولك إنك سيبت عيلة زي ندى، بتقولي يا بابا علشان تبقى زي صحابها عندها أب، هقولك إنك سيبت عيل عنده 10 سنين مسئول عن 3 ستات في رقبته و هو اتحكم عليه ينزل يحارب في الدنيا دي، هقولك إني عيشت حياتي كلها بحاول انسى الكابوس اللي ملازمني و برضه مش عارف و لحد دلوقتي مراتي بتصحى بليل مخضوضة من صرختي بليل، هقولك أني اتقهرت و أنا شايف الغريب بياخد حقي و بيشكر فيك علشان إديته عمرك و كبرته و حميته و أنتَ سايب وراك لحمك و دمك قطر الدنيا يدوس عليهم، هتقولي إيه؟ سامحني، و الله ما هتسمعها مني، لا هنا و لا قدام ربنا، و من كل قلبي ربنا لا يسامحك على اللي شوفناه منك.

أخفض سمير رأسه بخزيٌ منهم جميعًا فتحدث ياسر بنبرةٍ أقرب للصراخ: برة! اتفضل برة بالأدب بدل ما أوريك ياسر اللي المفروض يتعامل معاك عامل إزاي؟ برة
صرخ في وجهه فتحرك سمير بقدميه رغمًا عنه و كأن تلك المهمة مستحيلة، فتفاجأ ب عامر يمسك يده و هو يقول: أي أب زيك في الدنيا دي ميستاهلش شفقة و لا يستاهل يكون عنده ابن زي ياسر، حلال فيك تموت بحسرتك عليه، و على إنك بإيدك ضيعت واحد زي دا من إيدك بغبائك.

تحرك من أمامهم نحو باب الشقة و بمجرد فتحه للباب، تفاجأ ب ياسين يقف أمامه و كان على وشك طرق الباب، فرفع ياسين حاجبه له و هو يقول: هو مش أنا قولتلك ملكش دعوة بأخويا تاني؟ و قولنالك كلنا لو سكتك جت على سكته إحنا هنقفلك؟ جيت ليه يا سمير؟
رد عليه بنبرةٍ جامدة: أنا جاي أشوف ابني، أنتَ مين علشان تمنعني؟ تقربله إيه أنتَ.

ابتسم له بتهكمٍ و هو يقول منفعلًا في وجهه: أنا أخوه، و مش بس كدا، أنا ممكن دلوقتي أفرمك في أيدي من غير ذرة احترام لسنك و لا لوضعك، أنا مش فاهم أنتَ جايب الجبروت دا منين؟ أمشي من هنا بدل ما أخليك متعرفش تتحرك تاني، و افتكر إن اللي يسيب نصيبه بمزاجه و يفرط فيه، ملوش حق يجي يطالب بيه.

تحرك سمير بعد جملته تاركًا المجال لهم جميعًا، فدلف ياسين الشقة وجد أخوته يقفون بها، فاقترب مُسرعًا من ياسر و هو يقول بلهفةٍ: أنتَ كويس يا ياسر! عملك حاجة؟ زعلك؟
ابتسم له بوجعٍ و هو يقول بتهكمٍ: و إيه الجديد يا ياسين؟ ماهو طول عمره واجعني، أنا مفيش حاجة في حياتي دي كلها وجعتني قده، أنا حتى إسمه اللي موجود في إسمي واجعني، أنا تعبت منه.

بكى و هو يتحدث فخطفه ياسين بين ذراعيه و هو يربت عليه محاولًا التحكم في دموعه هو الآخر، فاقترب خالد يحتضن شقيقته التي كانت تبكي بقوةٍ، و هو يقول مُهدئًا لها: بس علشان خاطري عندك بطلي عياط، ياسر مش ممكن يسيبك يا إيمان، بتعيطي ليه؟

ردت عليه بوجعٍ ظهر في صوتها: علشان تعبت يا خالد، دمر حياته و هو صغير و مصمم يدمرها و هو كبير، أنا مشوفتش أب كدا في حياتي، مستخسر فيه يفرح؟ مش مكفيه اللي عمله و قهرته ليه؟ أنا عمري ما كرهت حد قده
ربت عليها شقيقها ثم قبل قمة رأسها، بينما ياسر ابتعد عن ياسين يسأله بتعجبٍ من تواجده هنا: أنتَ بتعمل إيه هنا صحيح؟ جيت إزاي و سيبت مراتك لوحدها؟ مش هي تعبانة؟

حرك رأسه موافقًا ثم قال: خالد كان واقف في البلكونة بيكلمني و شاف سمير بيقرب من بيتك و دخل لما عم سعد فتحله، هو جاب عامر و جالك هنا و أنا مقدرتش أمسك نفسي و جيت على هنا اتطمن عليك.

ابتسم له بحبٍ فوجده يقبل رأسه ثم احتضنه و كأنه يحتضن صغيره، فاقترب منه عامر بتأثرٍ ثم ربت على ظهر ياسر و هو يقول بنبرةٍ هادئة يحاول بها إخفاء تأثره: حقك عليا أنا يا ياسر، لو أعرف إنه هيجي و يزعلك كدا كنت وقفت تحت البيت و منعته، أنا أسف و الله
سأله ياسين بمرحٍ بعدما ترك ياسر محاولًا تغيير الأجواء: أنتَ مشاعرك بقت غريبة اليومين دول و كدا أنا قلقت، أنتَ هتعيط يا عامر؟

حرك رأسه موافقًا و الدموع تنزل من عينيه و هو يقول بصوتٍ متهدج: آه هعيط، الرعب اللي عيشت فيه من يومين مخليني خايف، خايف أخسر حد فيكم، خايف الدنيا تبعدنا عن بعض و إحنا ملناش غير بعض في الدنيا، خايف طول عمري ظهور سمير دا يبعد ياسر عننا و يفرق بينه و بين خالد، أنا كنت إمبارح في مشرحة علشان أتعرف على أخويا، فيه أبشع من كدا إحساس؟ فيه أصعب من كدا حاجة ممكن إنسان يمر بيها؟

ترك خالد شقيقته ثم اقترب من عامر يحتضنه و هو يقول مُهدئًا له: خلاص بقى يالا، كل حاجة عدت و خلصت على خير، سمير المبقع دا لو رجله خطت تاني هنا، أنا هخلي يونس ابني ينول شرف إن أبوه رد سجون، دموع واحد فيكم برقبته هو و اللي زيه، و سمير مخلي أغلى أربعة على قلبي في الدنيا يعيطوا، تحبوا أشغل المجد على روحه؟
ردوا عليه جميعًا في آنٍ واحد: ياريت.

ضحكوا جميعًا حتى خالد و هو يقول: آه يا زبالة! عاوزني أضيع نفسي يا جزم؟
مسح ياسر دموعه ثم مرر كفيه على وجهه و هو يقول: يلا بقى منك ليه، شوفوا وراكم إيه علشان أنا منمتش و ورانا شغل كمان شوية، يلا كفاية كدا هنطرد من أكل عيشنا
رد عليه عامر مُسرعًا: معاك حق بصراحة، خصوصًا إني مبروحش بقالي يومين و الدنيا خربت هناك، خلينا نفوق لنفسنا و كأن مفيش حاجة حصلت.

رد عليهم ياسين بقوله: طب أنا هلحق أتحرك قبل ما الفجر يأذن و خديجة تصحى و أنا مش موجود، عمال أقلق فيها و خلاص هي جابت أخرها.

حركوا رأسهم بموافقةٍ ثم تحركوا من المكان و كلًا منهم نحو وجهته الخاصة، بينما ياسر اقترب منها يرفع وجهها بيده و هو يقول بنبرةٍ هادئة: و الله العظيم أنا مش عارف أقولك إيه تاني غير أنا أسف و أني تعبت منه، أنا عارف إنك تعبتي و إنه خوفك بكلامه، بس و الله أنا عمري ما تخيلت إنه يفكر في حاجة زي دي.

ردت عليه هي بصوتٍ مختنق: أنا زي اللي مكتوب عليها تخاف علطول من حاجات مليش دخل فيها، شخص زي دا طول عمره مسببلي قلق، أنا تعبت يا ياسر، كلامه وجعني زي السكاكين اللي قطعت في جسمي، عارفة إنك متعملش كدا أبدًا بس الكلام كان صعب عليا.

مال عليها مُقبلًا قمة رأسها ثم قال بهدوء بعدما طالعها بعينيه: حقك عليا أنا و الله، بس دا نصيبك إن من بين كل رجالة الدنيا تاخدي واحد زيي أبوه زي سمير، جاي يعرض عليا جواز من واحدة المفروض إنها زي بنته
تبدلت معالم وجهها و هي تقول بشرٍ و كأنها أصبحت أخرى: خلاص يا ياسر أنتَ بتقهرني؟ مركز أوي في كلامه أنتَ؟ ما تعدي يومك معايا.

طالعها بدهشةٍ من تغيرها المُفاجيء فتفاجأ بها تقول بنفس الطريقة: عمالة أذوق في الكلام علشان أعديه و أعمل عبيطة و أنتَ بتفكرني؟
تحدث هو ببلاهةٍ و تيهٍ: بسم الله الرحمن الرحيم! أنتِ بتتحولي بجد و الله، فيه إيه يا مجنونة على الصبح؟
ردت عليه هي بضجرٍ: عاوزني أقف ازغرط يا ياسر و أبوك جاي يعرض عليك تتجوز عليا؟ تحب أذوقك بالمرة؟

أثار هو حنقها بقوله: أنتِ إيه مشكلتك؟ في العروسة و لا في المبدأ نفسه؟ يعني لو واحدة غيرها معندكيش أعتراض؟
اقتربت منه و هي تقول بهدوء: يا ياسر بس رخامة، أنا أهم حاجة عندي راحتك و فرحتك، يعني لو راحتك موجودة في إنك تتجوز عليا أنا مش هعترض دا علشان بحبك و كمان أنا بنفسي هجهزك لفرحك
رفع حاجبه لها و هو يقول بتهكمٍ: نعم يا ختي؟ أنتِ اتهبلتي يا إيمان؟ الله يرحمه أبوكي عليان، قال تجهزيني قال.

اقتربت منه ترفع يدها تضعها نحو موضع نبضه و هي تقول بصوتٍ هادئ: يا ياسوري أنا أهم حاجة عندي راحتك، و بما إن محدش مكتوبله يرتاح في الدنيا دي، هبعتك الجنة و أخليك أحلى عريس هناك
اتسعتا حدقتيه بقوةٍ فوجدها تحرك رأسها موافقةً ثم قالت بنفس الهدوء المُرعب: أومال أنتَ فاكر إيه يا ياسوري؟ هجهزك و أرتبك و أخليك عريس في الجنة إن شاء الله، و أنتَ طيب و ربنا هيكرمك بيها إن شاء الله.

ضحك عليها رغمًا عنه حتى قال أخيرًا: أهو كدا صح، هي دي إيمان اللي أنا أعرفها، التانية دي غريبة عليا، يلا خليني اتوضا علشان الفجر و ألحق أريح قبل الشغل، خلينا نرجع زي ما كنا
حركت رأسها موافقةً له و هي تبتسم له باستفزازٍ.

في بيت آل الرشيد وصل ياسين عند أذان الفجر فذهب مع رجال العائلة يقومون بتأدية الصلاة في المسجد ثم عادوا من جديد إلى البيت، حتى دخل هو غرفة خديجة فوجدها جالسةً على المقعد تؤدي الصلاة كما تعلمت من دونه، و بعد انتهاء الصلاة جلست تقرأ أذكارها ثم حركت رأسها للخلف له و هي تبتسم بهدوء، فاقترب منها هو يجلس أمامها ثم قال بهدوء:
ربنا يتقبل منك إن شاء الله، و عقبال ما نصلي في الحرم سوا.

ردت عليه هي بلهفةٍ و هي تقول: ياريت يا ياسين، نفسي أروح عُمرة أوي و ياريت لو ناخد الخطوة دي مع بعض
حرك رأسه موافقًا لها ثم قال: أنا روحتها مع بابا و ماما قبل كدا، و إن شاء الله هنروحها سوا
سألته هي بلهفةٍ: بجد! روحت عُمرة قبل كدا؟ روحتها إمتى؟

رد عليها هو بهدوء: روحتها و أنا في أولى جامعة، و طول عمري بتمنى من ربنا يكرمني ببنت الحلال علشان نروح زيارة هناك مع بعض، ربنا يقومك بالسلامة و إن شاء الله نروح سوا
حركت رأسها موافقةً فوجدته يقول مُعتذرًا لها: معلش أنا سيبتك و نزلت بدري من غير ما أقولك، بس و الله خوفت على ياسر علشان كدا اتحركت من جنبك.

ردت عليه هي بتفهمٍ: أنا مقدرة يا ياسين، بصراحة لما صحيت و ملقتكش موجود قلقت و خوفت، بس قولت أكيد الموضوع يخص ياسر
حرك رأسه موافقًا فوجدها تقول بخجلٍ منه: ياسين أنا عاوزة أقولك حاجة، المفروض كان فيه ميعاد عند الدكتورة إمبارح، بس محدش كان موجود، هي وليد كان واخد عندها استشارة مهمة و أنا ملقتش حد يروح معايا، هتيجي معايا النهاردة؟

سألها هو بنبرةٍ جامدة ممتزجة بضيقه: و مقولتليش ليه يا خديجة؟ عندك ميعاد دكتورة و مقولتيش؟
ردت عليه هي بصوتٍ هادئ: يا ياسين اللي كنتوا فيه كان صعب، خوفكم على ياسر و منظرك امبارح أنتَ و وليد و الخضة اللي سارة قالتلي عليها في التليفون خلتني أعذركم، كل دا غصبٍ عنكم.

تنهد هو بقلة حيلة ثم قال على مضضٍ: معاكي حق يا خديجة، بس و الله كان غصب عني أني أنسى حاجة زي دي، بس اللي كنت فيه كان صعب أوي عليا، أنا كنت المفروض بتعرف على أخويا في المشرحة، أنا شعر راسي شاب و أنا واقف.

حركت كفها السليم ثم تربت على يده تزامنًا مع قولها: عارفة و مقدرة و الله، أنا مش زعلانة، بس الدكتورة كلمتني علشان الميعاد ميروحش عليا و أنا قولتلها هأكد عليها النهاردة، أنا بس بسألك هتعرف تيجي معايا النهاردة؟
رد عليها مؤكدًا: مش محتاجة كلام و لا سؤال، طبعًا هاجي معاكي و نروح مع بعض، عرفيني بس الميعاد إمتى؟
جاوبته بهدوء و هي تقول: الساعة 8 بليل إن شاء الله، هتكون رجعت من شغلك، هننزل على الساعة 7 كدا.

حرك رأسه موافقًا ثم قال بهدوء ممتزج بالندم: معلش والله انشغلت عنك و أنا عارف إنك محتاجاني، بس كل حاجة هتخلص و نفوق من اللي إحنا فيه دا و أنا هعوضك عن كل حاجة، حتى حبتسك هنا في الجبس
حركت رأسها موافقةً بحماسٍ فألمها موضع الجرح من قوة الحركة فتحدثت بألمٍ و هي تقول: آه، ياربي أنا تعبت من غبائي، راسي وجعتني أوي.

ابتسم بيأسٍ منها و هو يقول: مفيش فايدة فيكي يا خديجة، بتشوفي إيه أكتر حاجة تتعبك و تعمليها، راسك يا ست الكل
ردت عليه هي بقلقٍ: أنا خايفة أوي يا ياسين الجرح دا يأثر على وشي، و أبقى بعاهة مستديمة، رعب و الله
انكمش ما بين حاجبيه بحيرةٍ من حديثها فوجدها تقول بنفس نبرة القلق: أنا بقيت بحلم إنها هتفضل تكبر في وشي لحد ما تاخد الوش كله، دا مش هيحصل صح؟ أنا حلمت إنك كمان ضحكت عليا و فضلت اتريق.

رد عليها هو بضجرٍ منها: أنا مش عارف مين الواطي اللي بتحلمي بيه دا؟ دا عيل مترباش يا خديجة، مين الحقير دا؟
ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة: أعمل إيه طيب؟ أنتَ اللي بتبقى غريب في الأحلام يا ياسين، بحس إنك ندل أوي، بقيت بخاف و الله منك في الأحلام
رد عليها هو بسخريةٍ: علشان عقلك الباطن شغال يفكر بطريقة زي الزفت، إنما لو تثقي فيا و تأمنيلي أنا و أنتِ هنرتاح.

ردت عليه هي بتهكمٍ و هي تسخر منه: يعني هي المِشكلة في عقلي الباطن؟
رد عليها هو بنفس الطريقة مُقلدًا لها: أومال يعني فيا كراجل؟
ضحكت رغمًا عنها حينما قلد صوتها و طريقتها فوجدته يقول بهدوء: أنا مش عاوزك تخافي طول ما أنا معاكي، عاوزك تطمني ليا يا خديجة زي ما قبل كدا وثقتي فيا، عاوزك تعرفي إن ياسين رياض الشيخ لقى سكنه من الدنيا فيكي أنتِ، و مفيش حد ممكن يسيب سكنه في الدنيا دي.

ابتسمت له باتساعٍ فوجدته يقول بنبرةٍ هائمة مُتغزلًا بها:
كَيْفَ لِيّ أَلا أُتَيْمُ بِهَذا الوَجهِ الصَبُوحْ؟ فَأنَّا أنْجَذبُ إلى? تِلكَ المَلْامِحِ كَمْا إنْجِذَابْ فَراشَةٌ نَحْوَ زَهْرَةٍ مِنْهَا الرَحِيقُ يَفُوحْ.
ابتسمت هي له ببلاهةٍ بعد تعبيره لها، فأضاف هو بمرحٍ كعادته و هو يغمز لها بطرف عينه قائلًا: خلاص يا ست الكل طالما سكتِ يبقى كدا أتثبتِ.

حركت رأسها موافقةً و هي تضحك بقوةٍ فاقترب منها يقبل قمة رأسها و هو يشعر بالراحة فقط عند رؤية ضحكتها على وجهها.

بعد مرور بعض الوقت و خاصةً عند موعد ذهاب الجميع إلى عملهم، استيقظ حسن متأخرًا بعدما أخبر الشباب بعدم ذهابه معهم، و استيقظت هدير فوجدته ينظر للسقف و هو مسطحٌ على الفِراش، اقتربت منه تضع رأسها على كتفه و هي تقول بصوتٍ متحشرجٍ نتيجة استيقاظها: صباح الخير، مروحتش الشغل ليه يا أبو علي؟ أنتَ اتأخرت و هتاخدها غياب كدا من أول الأسبوع؟

حرك رأسه لها وهو يقول بصوتٍ هاديء من ملامحه المُبتسمة: صباح النور، أنا خدت أجازة علشانك النهاردة، و علشان هنروح بيتنا بليل، كفاية بقى كدا قعدة هنا
سألته هي بحماسٍ: خدت أجازة علشاني؟ ليه؟
رد عليها هو مُسرعًا بسخريةٍ: يعني هو دا اللي شغل بالك؟ بقولك كفاية قعدة هنا و هنروح بيتنا إيه رأيك؟

تنهدت هي بعمقٍ ثم قالت: ماشي يا حسن، مفيش مشاكل، كدا كدا هدى قاعدة مع بابا هنا لحد فرح طارق و وليد، مش هتمشي من هنا دلوقتي، و بابا طالما معاه فارس خلاص يبقى كدا أنا متطمنة عليه، المهم بقى واخد أجازة ليا ليه؟
ابتسم لها بعدما طمئنته بجوابها و هو يقول: عملك مفاجأة يا هدير، أنا قولتلهم أني أجازة النهاردة علشان رايحين نجيب حاجات لبيتنا، المهم بعد صلاة الضُهر جهزي نفسك علشان نخرج سوا.

قبلته على وجنته ثم قالت بحماسٍ: و الله العظيم أنتَ تستاهل بوسة و حضن يا حسن، مش خسارة فيك الفستان اللي أنا جايباه جديد
ابتسم بقلة حيلة عليها فوجدها تقفز من جواره و هي تقول بحماسٍ: أنا هروح أجهز نفسي و لبسي و أبدأ أودعهم هنا، حسن أوعى تكون بتشتغلني! أقسم بالله هتغابى عليك
قذفها بالوسادة الصغيرة من خلفه و هو يقول بضجرٍ: أشتغلك إيه؟ هو أنتِ مصلحة؟ روحي أجهزي لحد ما أفوق نفسي.

ركضت هي من الغرفة بعدما قذفته بالوسادة مرةً أخرى بعدما اصطدمت بها، فابتسم هو رغمًا عنه ثم ارتمى على الفراش و هو يقول بهدوء: صحيح مخها لاسع بس تتحب و اللهِ بنت الرشيد.

في فيلا سمير جلست أمامه جيسي تستمع له بعدما علمت بذهابه إلى ياسر من الحرس الخاص بها بعدما أمره سمير بذلك، قص عليها هو ما حدث بأكمله و عرضه على إبنه حتى انتفضت من جلستها و هي تقول منفعلةً بحنقٍ: أنتَ إزاي تعمل كدا؟ إزاي تعرض عليه حاجة زي دي؟ عاوز تكرر غلطك زمان تاني؟ عاوزه يتقهر ببعده عن حبيبته؟

رد عليها هو مُسرعًا بقلة حيلة: أنا لو موت يا جيسي هبقى خايف عليكي من مشاكل فادي، عاوز حد يقف في صفك يحميكي من تهوره، صحيح هو قدك و توأمك بس، بس تصرفاته أصغر منك و من سنه، كنت عاوز ياسر يكون معاكي و أنا واثق إنه هيحبك.

صرخت في وجهه و هي تقول ببكاءٍ: بس بقى كفاية! هيحبني بإمارة إيه؟ حبه لمراته و إخلاصه ليها؟ و لا بإمارة كرهه ليك و ليا و لينا كلنا؟ طب أمي و غلطت إنها قبلت بوضع زي دا و هي عارفة إنك سايب وراك عيلة، بس هي حبيتك و مقدرتش تسكت قلبها لحد ما سافرت معاك، إنما ياسر دا راجل عظيم، ياسر مستحيل يتقارن بيك أصلًا، زمانه دلوقتي فاكرني أني أنا اللي عملت كدا، حرام عليك بجد، كل ما أحاول أصلح الوضع تيجي أنتَ تبوظه بتهورك.

رد عليها بنبرةٍ باكية: أنا مكانش عندي أي حاجة تخليني أشيل مسئوليتهم و لو كنت فضلت معاهم كان زمان الوضع أسوأ بكتير، افتكرت إن مشكلتهم في الفلوس، مكنتش أعرف إن مشكلتهم في الأمان.

ردت عليه هي بصوتٍ حادٍ: أي أولاد في الدنيا مشكلتهم من أهلهم الأمان، مفيش أولاد بيكونوا عاوزين فلوس، الفلوس دي بس بتاعة الناس الناقصة، لكن دايمًا احتياجهم للحنان و للأمان اللي الدنيا بتدوس عليهم من غيره، الفلوس عمرها ما هتأمن بيت و عمرها ما هتكبر أولاد طول ما المكان خالي من الحب،.

و أنتَ سايب المكان مفيهوش حب و لا أمان، لو كل أب عمل زيك و افتكر إن البيوت محتاجة فلوس و بس يبقى المجتمع دا هيطلع مرضى نفسيين و ناس بتعاني، لو كل واحد عمل زيك و ساب عياله من غير ما يبص وراه و فاكر إن الفلوس هتعمل بيت يبقى حمار، الفلوس مبتديش أمان و مبتعوضش حد عن حنان أهله، الفلوس دي عمرها ما هتعوض ياسر و اللي زيه، ياسر كان محتاج حد في ضهره، أب يكبره و يحميه من الدنيا، بس للأسف اتفاجيء بأب بيرميه في النار، أب بيمشي من غير ذرة ندم لأ و مش بس كدا، راجع بكل سلامة نفس يعرض عليه تخريب حياته بإيديه، أب بدل ما يحاول يصلح اللي بوظه راجع يبوظ أكتر، مراته دلوقتي وضعها إيه؟ طب أمي مفكرتش في وضع مامته، فاكرني أنا هعمل زيها و أوافق أخرب بيت واحد متجوز؟، أنا بجد مُشفقة عليك و عليه و على عيلتك اللي مصيرهم ارتبط بيك.

تركته بعدما رمقته بتقززٍ منه و من أفعاله، ثم تحركت من الغُرفة، بينما هو أرجع رأسه للخلف يبتلع تلك الغِصة المريرة في حلقه بعد حديثها الحانق عليه.

في بيت آل الرشيد خاصةً في صالة شقة طه جلست خديجة أمام التلفاز و فتيات العائلة يلتفن حولها، بعدما قامت هدير بتجميعهن قبل رحيلها، فتحدثت خلود تسألها بتعحبٍ: هتمشي ليه يا هدير؟ ما تخليكي مسلياني، أنا كدا هزهق
ردت عليها هي بسخريةٍ: ليه يا حبيبتي قالولك عليا راوتر ولا إيه؟ مسلياكي إزاي يعني؟

تحدثت تجاوب سؤالها بمنتهى الثبات بقولها: مش هلاقي حد أرخم عليه و بصراحة عبلة حرام تاخد التسلية لوحدها، خليكم كدا مفرحني
رفعت كلتاهما حاجبيها فتحدثت جميلة تسألها بحذرٍ: طب و أنا يا خلود! برضه هترخمي عليا؟
ردت عليها مُسرعةً تنفي حديثها: لأ أنتِ هبلة يا جميلة، كفاية اللي أنا عملاه في أمك، أصل ربنا يعلم هدير و عبلة و عمتو مشيرة غلاوتهم عندي عاملة إزاي.

ضحكوا عليها جميعًا فتحدثت عبلة بضجرٍ: ما تحترمي نفسك يا بت أنتِ، إيه قلة الأدب دي؟ هو أنا ضرتك؟ مالك و مالي ياختي؟
ردت عليها بحنقٍ: بتعصب منك، مش أنتِ مرات أخويا؟ قسمًا بالله هوريكي شغل العمات على حق، أنا عارفة بيحبك على إيه الأهبل دا؟
قذفتها بوسادة الأنتريه و هي تقول بحنقٍ: حبك برص يا بعيدة، غوري، مالك و مالي؟ غيرانة على وليد مني؟

حركت رأسها موافقةً ثم قالت: آه بغير عليه، و رب الكعبة يا عبلة لو وليد بعد عني بسببك بعد الجواز لأجي أعيش معاكي و أكتم على مراوحك طول العمر
طالعتها عبلة بغير تصديق و هي ترمش ببلاهةٍ، فتحدثت خديجة تقول بسخريةٍ: طب ما أحمد أخوكي و سلمى هتبقى مراته إن شاء الله، اشمعنا يعني عبلة؟

ردت عليها مُفسرةً: سلمى دي عبيطة، مش هي في درس دلوقتي؟ عايشة علشان تذاكر و خلاص، عمرها ما بلت ريق الواد بكلمة، لكن عبلة ما شاء الله، لازقة فيه
أمسكتها عبلة من ذراعها ثم قامت بعضه و خلود تصرخ في يدها صرخاتٍ ممتزجة بالضحك، حتى تركتها و هي تقول بضيقٍ منها: المرة الجاية هطلع بالجلد في إيدي، بطلي يا سوسة.

طالعتها خلود بوجهٍ ممتعض و هي تدلك موضع أسنانها حتى سألت من جديد: برضه مقولتليش هتمشي ليه يا هدير؟ ما تخليكي معانا و بجد مش بهزر و الله
ردت عليها بحنقٍ: هروح بيتي يا ستي، هو أنا متجوزة علشان أجي أقعد في بيت أهلي؟ مليش بيت يعني؟
تدخلت عبلة تقول بخبثٍ مرح: اتوقع إنك بتلقحي على خديجة، كل دا يعني علشان من ساعة ما اتجوزت و هي قاعدة هنا؟ لأ يا هدير ملكيش حق.

رفعت خديجة حاجبها و هي تقول بتوعدٍ لهما: و الله العظيم لو عليا فعلًا هتبقى وقعتكم سودا، همسك العكاز الحلو دا و أنزل بيه عليكم
اقتربت منها هدير تجلس جوارها و هي تدفع خلود من موضعها تزامنًا مع قولها: غوري يا بت يا سوسة من هنا خليني اقعد جنبها.

تحركت خلود من موضعها، فجلست الأخرى مكانها و هي تقول بنبرةٍ هادئة: عيب يا خديجة، يعني مثلًا أنا عمري هتريق عليكي؟ عيب مش أخلاقي دي، طمنيني عليكي بس قبل ما أمشي، أنتِ أكيد كويسة؟
طالعتها بتشككٍ و هي تقول: آه كويسة الحمد لله، خير يا رب مش مرتاحة ليكي
ردت عليها ببراءةٍ زائفة: أنا! اخس عليكي يا خديجة، أنا بتطمن عليكي قبل ما أمشي علشان كدا هشوفك الجمعة الجاية لما أجي هنا.

حركت رأسها بتفهمٍ و هي تقول بقلة حيلة: أنا كويسة يا هدير الحمد لله، خير إن شاء الله؟
ابتسمت باتساعٍ و هي تقول: طب بما إنك زي الفل بقى هتعملي الطارة ليا أنا و حسن إمتى؟ عاوزة أديها هدية للواد، جمايله مغرقاني
ضحكت عليها الفتيات بينما خديجة طالعتها بضجرٍ و هي تقول: آه يا واطية؟ مشوفتش في قلة أصلك يا هدير، قليلة الأصل بجد مش هزار
رمقتها بحدةٍ و هي تقول: أيوا يعني برضه هتعمليها إمتى؟ أو علميني حتى.

تدخلت عبلة تقول منفعلةً في وجهها: مينفعش كدا يا هدير! عيب كدا، خديجة تقول علينا إيه؟
ردت عليها خديجة بفخرٍ: حبيبة قلبي يا عبلة، ربنا يخليكي ليا، علطول نصفاني
ردت عليها بهدوء: خديجة يدوبك تعمل ليا أنا و وليد علشان فرحنا قرب و يدوبك أديهاله ليلة فرحنا
تلاشت بسمة خديجة فتحدثت جميلة تقول بسخريةٍ و الأخرتين يضحكن عليهما: ما شاء الله جوز أندال و الله، الاتنين نفس قلة الأصل، ربنا يحميكم من العين يا حبايبي.

فور انتهاء جملتها رفعت خديجة العصا الخاص بها و هي تقول بتوعدٍ لهما: أنا من بدري نفسي أقل أدبي عليكم، يا مهزقين
ركضت كلتاهما قبل أن تطولها العصا و هي تضحك عليها حتى قالت هدير بمرحٍ: أنا نازلة علشان خارجة مع أبو علي، خليكم كدا قاعدين في البيت
ردت عليها خديجة مُسرعةً: طب و فيها إيه؟ ما ياسين هيخرجني النهاردة، عادي مش لوحدك يعني.

سألتها خلود بتعجبٍ: هياخدك إزاي؟ هتعرفي تخرجي و أنتِ تعبانة كدا؟ هتروحوا فين؟
ردت عليها بضجرٍ منها: رايحين للدكتور لازم تستفسري يعني؟ هروح أكشف على المَرمة اللي أنا فيها دي، يمكن أكون محتاجة اتسقي و لا حاجة
سألتها جميلة بتعجبٍ: يلهوي! تتسقي ليه يا خديجة؟
ردت عليها بنفس السخرية: اتسقي أحسن الجبس يشقق ولا حاجة، لو كدا نطلع بالدور التاني.

تحركت هدير و خلفها عبلة و هما يضحكا عليها، بينما جميلة حركت رأسها بيأسٍ منها و معها خلود أيضًا.

في سيارة حسن كانت هدير بجواره تتصفح هاتفها و هو يقوم بالقيادة، حتى أغلقت الهاتف و هي تقول بضجرٍ من صمته: أنتَ ساكت ليه؟ رد عليا يا أبو علي، و رايحين فين دي أهم حاجة؟
تنهد هو بقلة حيلة ثم أشار لها بالتريث و هو يقول: أهدي شوية، بطلي رغي، سيبيني أعرف أخطط إزاي اليوم يمشي حلو، بلاش فرك.

رمقته بغيظٍ ثم عادت تتصفح هاتفها، بينما هو حرك عينيه بخبثٍ يطالعها و هي تتصفح الهاتف حتى وجدها تشهق بقوةٍ ثم قالت بضجرٍ: يا نهارك مش معدي! مين اللي عملالك قلب على صورتك دي؟ رد عليا يا حسن! و كاتبة ليك كومنت بالإنجليزي! فكراني مغفلة؟
رد عليها هو بتيهٍ من طريقتها: مالك يا هدير؟ هي مين دي يا ستي؟
وجعت الهاتف في وجهه و هي تقول بنفس الضيق: أهيه إسمها ديدا، مين دي يا حسن؟ شكلها حلو أوي!

حاول جاهدًا كتم ضحكته عليها و هو يقول بصعوبةٍ: يا هبلة دي بنت أختي، و الصورة دي أنا مغيرها من أسبوعين، بتعملي إيه عندك؟
ردت عليه هي بقلة حيلة: فيه واحد لسه عامل عليها كومنت دلوقتي و الصورة ظهرت تاني، خلاص طلعت براءة
حرك رأسه نفيًا بيأسٍ منها ثم زفر بقوةٍ فسألته هي بتشككٍ: هي بنت أختك بنت أختك؟ و لا زي بنت أختك؟

رد عليها مُسرعًا بانفعالٍ: أقسملك بالله بنت أختي، دي داليا بنت حنان أختي، ريحي نفسك يا ستي بقى
حركت رأسها موافقةً على مضضٍ ثم قالت: ماشي يا حسن، بس قمورة أوي داليا دي، استايلها حلو بس هي ليه مش محجبة؟
حرك كتفيه و هو يقول: أنا مالي، كلمتها كذا مرة و هي مش بتسمع كلامي، معاها أمها و أخوها.

حركت رأسها بتفهمٍ حتى انعطف هو بالسيارة لليسار ثم أوقفها، حركت رأسها تطالع المكان حولها فسألته بتعجبٍ: الله! إيه المكان دا؟ هو إحنا فين يا حسن؟
غمز لها و هو يقول بثقةٍ: صبرك عليا، إن شاء الله هتنبهري، تعالي معايا بس.

نزل من السيارة بعد حديثه و هي خلفه بتعجبٍ من تواجدهما بهذا المكان، فكان أشبه إلى البيوت الكبيرة و يتصل به مزرعة صغيرة تحيطه من كل الجهات، اقتربت منه ثم أمسكت يده بخوفٍ و هي تقول: أنا بخاف من الأماكن دي، الباب الكبير دا بيخوفني، اوعى المكان دا يكون ملبوس يا حسن
حرك رأسه يطالعها و هو يقول بسخريةٍ منها: مينفعش يا حبيبتي أجيبك مكان ملبوس، و دا لانك ملبوسة خِلقة، كدا غلط على الجن.

وكزته في كتفه فراقص لها حاجبيه و هو يضحك عليها مُثيرًا حنقها، حتى خرج له رجلٌ كبيرٌ في السن يرتدي ملابس أشبه بثياب المسابقات و هو يقول: إزيك يا حسن؟ جاي في ميعادك مظبوط، بحب احترامك لمواعيدك
اقترب منه يحتضنه و هو يقول بمرحٍ: عمو شرف حبيبي، وحشتني يا راجل، فين أيامك الحلوة
ابتعد عنه وهو يقول: موجودة، قولي فين التلاتة الهُبل؟ فين طارق كئابة؟

رد عليه بنبرةٍ ضاحكة: خلاص بقى، لقاها و الضحكة نورت وشه الكِشري، و وئام بقى بابا، أما وليد، ف لسه مطلع عين أبونا كلنا، حيطان البيت اشتكت منه
حرك رأسه يطالع هدير التي وقفت بخجلٍ منه ثم نظر له و هو يقول: و مين دي؟ إيه بقينا بنتشاقى يا حسن و لا إيه؟
رد عليه مُسرعًا يقطع استرسال حديثه بقوله: عمو شرف! دي هدير مراتي و بنت عم الهُبل، أبوس رجلك زق اليوم معايا، أنا عريس جديد.

ابتسم له شرف ثم حرك رأسه موافقًا و هو يقول بنبرةٍ ضاحكة: ما أنا عارف ياض، أنا بس عاوز أعصبك
أبتسم له و هو يقول: المهم اللي أنا طلبته منك جاهز؟ زي ما قولت عاوزها حنينة
حرك رأسه موافقًا بثقةٍ و هو يقول: عيب ياض، دا أنا شرف برضه، كل اللي طلبته جاهز.

حرك رأسه بثقةٍ ثم عاد لها يمسك يدها و هو يبتسم لها، أما هي فحركت رأسها باستفسارٍ فوجدته يسير بها للداخل خلف ذلك الرجل و كفيهما متعانقين سويًا، حتى دلفا للداخل في مكانٍ يشبه الإسطبل شهقت هي بقوةٍ مع بسمتها البلهاء التي زينت مُحياها فوجدته يغمز لها بثباتٍ، قفزت هي بحماسٍ و هي تقول:
لأ بجد مش مصدقة، حسن أنتَ بتحب الخيل؟ أنا بحب ركوب الخيل أوي، مش مصدقة الصدف، استنى استنى.

قطعت حديثها من استرساله ثم أضافت تلك الكلمة ثم تابعت بخبثٍ: قبل ما ترد عليا، هقولك أنا، طبعًا يا بنتي هو أنتِ متعرفيش إن أنا لما تميت 7 سنين بدل ما أروح المدرسة، دخلت الاسطبل هنا
ضحك عليها ثم قال بعدما أوقف ضحكاته: لأ مش هقولك كدا، بس هقولك اللي المُتنبي قاله، قال إيه بقى، قال يا ستي: الخَيلُ وَ اللَيلُ وَ البَيداءُ تَعرِفُني
وَالسَيفُ وَالرُمحُ وَالقِرطاسُ وَالقَلَمُ.
و أنا و أنتَ و الناس الحلوة دي.

حركت رأسها للخلف و هي تسأله بتعجبٍ ممتزج بالضيق: بقى المتنبي قال أنا و أنتَ و الناس الحلوة دي؟
رد عليها هو بتشككٍ: مش متأكد بصراحة كان المتنبي و لا اللمبي.

ضحكت هي عليه بيأسٍ فوجدته يضحك معها هو الآخر، ثم أمسك كفها يسير نحو الحصان، بينما هي حاولت اسكات تلك المضخة التي تقفز داخلها بفرحٍ، حتى وجدته يشير لها برأسه للجهة الأخرى، حركت رأسها نحو موضع إشارته و حينها اتسعتا حدقتيها بقوةٍ حينما وقع بصرها على طاولةً مستديرة و فوقها طعام من الواضح أنه عُدد خصيصًا لهما بطريقةً رومانسية، و حوله اوراق الورد الحمراء و على طرفي تلك الطاولة، مكانٌ أشبه بمشتل الورد، حيث الزهور التي زينت طرفيه و قرص الشمس في لونه البرتقالي حيث الغروب، حركت رأسها نحوه بعينيها الدامعتين فوجدته يقول بنبرةٍ هادئة:.

علشان أنتِ مش أي حد و علشان أنتِ مش عادية، لازم كل حاجة ليكي تتعمل حلوة شبهك، أنا على رأي الست أم كلثوم كدا صالحت بيك أيامي سامحت بيك الزمن، نسيتني بيك ألامي و نسيت معاك الشجن،.

أنا صالحت الدنيا بيكي أنتِ، رضيت عنها و حبيتها و أنا و الله عمري ما حبيتها و لا عمري ما طلبت فيها حاجة، بس بوجودك، بقيت غصب عني بدعي ربنا في كل سجدة إنك تفضيلي معايا، بقيت بدعي ليكي قبل حتى ما أدعي لنفسي، عمري ما كان في نيتي الحب، بس غصب عني القلب لأجل عيونك الحلوة دق.

تنفست هي بعمقٍ و هي تبكي على حديثه، فوجدته يبتسم لها ثم رفع كفه يمسح دموعها و هو يقول: حتى و أنتِ بتعيطي بتكوني حلوة يا هدير، سبحان الله خلق فيكي جمال مدفون، مش أي حد يشوفه، بس دلوقتي عرفت الحكمة من كدا، و هو إنك هتكوني ليا، علشان أكون أنا أول واحد يشوف الجمال دا.

ارتمت بين ذراعيه تحتضنه و هي تجهش في البكاء فوجدته يربت عليها ثم قال بنبرةٍ مرحة: تعالي بقى علشان نركب الخيل، دا أنا منقيلك، هوريكي سيكو، الخيل اللي أنا بحبه.

حركت رأسها موافقةً بحماسٍ ثم قالت بصوتٍ مختنق: حسن أنا بحبك أوي و الله، محدش اداني فرصة زيك كدا و لا حد أداني حتى من وقته كدا زيك، حاجات كتير لو كنت معايا فيها مكنتش عملتها، كان زمان غلطات كتير معملتهاش، بس مش مشكلة، أنا هفضل برضه أحاول علشانك أنتَ.

حرك رأسه موافقًا ثم أمسك كفها يتوجه بها نحو الخيل، و على حين غرة بمجرد اقترابهما رفعها على الخيل ثم قفز خلفها و هو يبتسم بمرحٍ فالتفت تطالعه و هي تقول بثقةٍ و فخرٍ به: لأ جامد يا أبو علي، شكلك خيال
رد عليها بثقةٍ: خيال و ل عيونك الحلوة ميال.

ابتسمت وهي تحرك رأسها للأمام فوجدته يتحرك بالخيل مثل الفارس و هي أمامه تضحك بقوةٍ حتى امتزج صهيل الخيل بضحكاتها و هو في الخلف يشعر بسعادة غريبة معها، و هي تصرخ بالفرح أمامه و الخيل يشاركهما تلك الفرحة.

في منتصف اليوم
عاد ياسين من عمله مُبكرًا بعدما علم بتقدم موعد الطبيبة، ثم أخذ زوجته و رحل معها بمفردهما، بعدما ألحت عليه أسرتها بالذهاب معه، لكنه رفض ذلك و قرر الذهاب معها بمفردهما و تحجج بأنه يريدها في عدة مواضيع هامة، و بعدها توجه بها نحو عيادة الطبيبة حتى يتم فحصها، و بعدها جلست الطبيبة أمامها و هي تلقي عليها بعض التعليمات الهامة الخاصة بصحتها ثم أخبرتها بموعد فك ذراعها و قدمها.

رحل ياسين بها من عند الطبيبة ثم ركب السيارة بعدما ركبت بجواره، ثم سألته بتعجبٍ: هو إحنا هنروح فين؟ مش هنروح يا ياسين؟
حرك رأسه نفيًا ثم قال: هنقعد سوا مع بعض يا خديجة، بقالي كام يوم بشوف ضغط عصبي و نفسي يهد حيل جبل، هنروق على أعصابنا و نروح.

حركت رأسها موافقةً ثم ابتسمت له و هي تحرك رأسها تضعها على نافذة السيارة تراقبه و هو يقود السيارة، بينما هو رفع ذراعه يضعه أسفل رأسه و بالذراع الآخر يقود السيارة، فسألته هي بقلة حيلة: مالك بس! أنا ليه حاسة إن الأوضاع اتبدلت؟ شايل الهم ليه.

تنفس بعمقٍ ثم قال بصوتٍ ظهر به التعب: أنا مش عارف مالي، حاسس أني مخنوق و يمكن عاوز أعيط، حاسس أني عاوز أهرب، إحساس غريب جوايا يا خديجة، عمري ما حسيت إن حياتي تقيلة على قلبي كدا، عاوز أسيب كل حاجة و أهرب، بس مش لوحدي و أخدك معايا
ابتسمت له و هي تقول بتوعدٍ له: لحقت نفسك في الآخر، كنت هقلبهالك نكد و الله، طلعت محترم.

حرك رأسه ينظر لها و هو يبتسم بيأسٍ منها، فوجدها تبتسم له و هي تقول بهدوء: أنا كويسة متشغيلش بالك بيا و ياسر هيبقى زي الفل، و كلنا هنكون كويسين لو أنتَ بقيت كويس، دي دنيا يا ياسين، مبتمشيش حلوة علطول و لا بتبقى قفش علطول، طبيعي حياتنا كل فترة يحصل فيها تغيير، و إحنا المفروض نثق في رحمة ربنا علينا و حكمته
ابتسم لها و هو يقول مشاكسًا لها: الكتاكيت كبرت و بقت فراخ مستوية و بتقول كلام عاوزة تتباس عليه.

ضحكت على جملته فوجدته يوقف السيارة عند مكانهما المُفضل، فابتسمت بمرحٍ و هي تقول: لأ! عصير قصب باللبن؟ و الله و حشني
حرك رأسه موافقًا لها ثم قال: هو بعينه، وحشني و وحشتني أيامنا هنا سوا، فاكرة أيام الفرفشة و كتب الكتاب؟
ردت عليه بضجرٍ: قصدك إيه؟ هو أنا نكد يعني؟

حرك رأسه موافقًا عدة مرات فسخرت منه و هي تقلد طريقته بملامحها المتهكمة عليه، ففتح الباب الخاص بالجهة الخاصة به ثم نزل من السيارة و توجه للجهة الخاصة بها يفتح الباب حتى يساندها في الخروج من السيارة، و بعد خروجها أغلق السيارة ثم أقترب بها من المقاعد و هي معه حتى جلست بهدوء و هو مقابلًا لها، و قبل أن يشير للعامل، أقترب منه يرحب به و هو يقول بعدما وضع العصير: أستاذ ياسين هنا! وحشتنا يا أستاذ، ألف سلامة على حضرتك يا مدام، مالك؟

رد عليه ياسين بهدوء: الله يسلمك يا حمادة، دي حادثة بسيطة كدا
سأله بتشككٍ: بجد! أوعى تكون أنتَ يا أستاذ ياسين اللي عملت كدا
ابتسمت عليه خديجة و هي تحاول كتم ضحكتها، بينما ياسين تحدث بضجرٍ و هو يقول منفعلًا: يا دي النيلة عليا و على دماغ أهلي، هو أنا شكلي بلطجي يا جدعان؟ دا شكل واحد يزعل حد، أمشي يا حمادة بدل ما أديك بالكرسي في وشك.

تحرك الشاب من أمامه و هو يضحك عليه بينما ياسين طالعها بغيظٍ و هو يقول: عجبك كدا! شبهتي أمي في كل حتة، مفيش خروج تاني بقى لحد ما تتفكي
ردت عليه بسخريةٍ من كلمته: اتفك! هو أنا جاموسة قصادك؟ ما تحسن ملافظك
رد عليها هو بقلة حيلة: هعمل إيه يعني؟ ربنا يفك كربك على خير يا رب
ردت عليه هي بضجرٍ: فيه إيه يا بني؟ ما تقوم تجيبلي عيش و حلاوة بالمرة، اسكت يا ياسين أحسن.

أبتسم لها و هو يقول: طمنيني يا ستي عليكي، حاسة بوجع و لا إيه الدنيا، كفاية أني مقصر معاكي
تنفست بعمقٍ ثم قالت بهدوء: كويسة الحمد لله، متقلقش عليا يا ياسين، كل حاجة الحمد لله تمام، أنتَ مالك بقى؟

حرك كتفيه ببساطة وهو يقول: خوفت، كنت فاكر أني مبخافش بس فجأة خوفت، خوفت عليكي لما حصلك كل دا، و خوفت على ياسر و بعده عني بأي شكل من الأشكال، مكانش ينفع أخاف كدا، بس أنا عندي حب كبير أوي للي في حياتي، أنا مبعرفش أوزع غير حب بس، أي حاجة تانية مقدرش أديها، و على قد الحب دا بخاف عليكم، بصراحة مش مستعد لخسارة حد بحبه، ممكن ضهري يتقطم بجد.

ردت عليه بتأثرٍ من حديثه: بعد الشر عليك من قطمة الضهر يا ياسين، و ربنا يبارك فيك لينا كلنا، دا أنتَ الخير و البركة برضه
رفع رأسه يطالعها وهو يقول بوجه ممتعض: يعني أنا جايبك هنا قدام الزرع و مقعدك على النيل و موجب معاكي بمشروبي المفضل، و أخرتها الخير و البركة؟ يا ستي أنتِ خارجة مع جدك؟ إيه الهم دا؟

ردت عليه مسرعةً: ياسين أنا مليش في الكلام الحلو، تمام! و لو حصل ببقى تحت التأثير، غير كدا و الله ما هنشوف مني غير دعوة حلوة ليك، حلو يا ياسين؟
حرك رأسه بيأسٍ منها فوجدها تغمز له و هي تقول بمراوغةٍ: بس دا ميمنعش إنك مهلبية
اتسعتا حدقتيه بقوةٍ فوجدها تقول بنبرةٍ ضاحكة: معلش بقى وليد كرف عليا، أصله علطول يقول على أي حاجة تعجبه مهلبية.

أشار برأسه نحو كوب العصير و هو يقول بضجرٍ: اشربي العصير يا خديجة، اشربي بدل ما أشرب من دمك أنتِ و وليد
أمسكت الكوب بيدها الحرة و هو الآخر فعل مثلها و رغمًا عنه ضحك بقوةٍ عليها و على كلمتها الغريبة التي وصفته بها.

في عيادة الطبيبة النفسية انتظر وليد موعد دخوله ثم دلف العيادة للطبيبة بعدما أذنت له المساعدة، دلف و هو يبتسم بخفةٍ فوجدها تقول بمعاتبةٍ: يا أهلًا بالتلميذ الفاشل، كان فيه ميعاد تاني حضرتك مجيتش فيه، ليه؟
جلس على المقعد الخاص بمكتبها ثم قال بهدوء: كان فيه كام ظرف صعب كدا و كان غصب عني، مش بمزاجي و الله.

حركت رأسها موافقةً ثم أشارت له على المقعد الكبير، فحرك رأسه موافقًا و هو يتنهد بعمقٍ، تبعته هي ثم جلست بجانبه و هي تقول بهدوء: طمني بقى يا سيدي، إيه أخر الأخبار؟ حاسس بتحسن و لا لسه عاوز تهرب من نفسك؟

حرك رأسه نفيًا و هو يقول بهدوء: إلى حدٍ ما بقيت أحسن من الأول بكتير، بصي بصراحة مش فاهم فيه إيه، بس فيه واحد قابلته غير تفكيري، بنسبة كبيرة بقيت ببص من وجهة نظر تانية، يعني بقيت متأكد إن حياتي مش بإيدي، و إني أنا اللي عمال أتعب فيها على الفاضي، أحيانًا لو ركزنا على الجانب الديني من النفس هيساعد في العلاج.

ابتسمت هي بحماسٍ و هي تحرك رأسها فسألها هو بتعجبٍ: إيه النظرة الغريبة دي؟ فرحانة بيا و لا فرحانة فيا؟

ردت عليه بهدوء: أي جزء علاج نفسي بيتم لازم يكون فيه جانب ديني، يعني أنا لازم أتكلم عن علاقتك بربنا و عن عباداتك، بس فيه حاجة مهمة، مينفعش ألوم مريض نفسي على تقصيره و أقوله أنتَ السبب و أنتَ اللي من الأول ماشي غلط و أفضل أحسسه بالذنب، الأول بركز على الجانب النفسي و بعدها لازم اتكلم معاه عن العبادات لإن دا بيساعد كتير في خطوات العلاج النفسي، بس كون إنك سمعت لحد زي دا و قدر يريحك تبقى دي خطوة عظيمة في حياتك اللي جاية.

حرك رأسه موافقًا فتحدثت هي بنبرةٍ هادئة: كل الحكاية يا وليد مش أني بعالجك من التراست ايشوز أو من مشكلة الثقة اللي أنتَ فاكرها إنها مشكلتك، أنا بعالجك من وليد القديم اللي عمال يلوم فيك على اللي حصله، هو دا المشكلة الحقيقية.

انكمش ما بين حاجبيه بحيرةٍ بسبب حديثها فوجدها تقول بنبرةٍ عملية: بمعنى، إن وليد القديم لما اختفى منك بسبب اللي حصلك عاوز يرجع تاني و يلومك إنك لو مكنتش أمنت و وثقت من الأول كل دا مكانش هيحصل، و كان زمان قلبك سليم زي ما هو، أكبر عدو الإنسان بيواجهه هو نفسه يا وليد، نفسه القديمة اللي بتبقى زي العدو، بمجرد مقابلتهم سوا بيبقى ضعيف قصادها و دا لإنها هي الأكبر في الحصيلة، هي مليانة أكتر منه، دا بالظبط اللي بيحصل لأي إنسان، يثق في ناس فيخذلوه يرجع يقفل على نفسه يعاني طول فترة وحدته، و في الأخر يبقى الحال، إنه تايه وسط الكل، شخص مذبذب مش قادر يثق في الناس و لا قادر يتحمل نفسه لوحده، بيسيب نفسه لتراكمات كتير تاكل فيه، زي النار اللي مسكت في العفش و جابت أخره في ثانية، التراكمات كدا، زي النار بتنتشر في ثانية و تيجي في الأخر تلاقي روحك محروقة.

تنهد بقلة حيلة فوجدها تشير له و هي تقول: تعالى ورايا عاوزاك أوريك حاجة مهمة و متأكدة إنها هتفرق كتير معانا
حرك رأسه موافقًا ثم تحرك يتبعها نحو الجزء المُرفق بالعيادة الذي يشبه الحديقة و الخاص بالجزء العملي، توقفت هي عند الطاولة الموضوع عليها بعض الادوات المطبخية، قطب جبينه بتعجبٍ و هو يقول بسخريةٍ:
فيه إيه يا دكتورة؟ أنا ليه حاسس أني دخلت للشيف الشربيني؟ مش دي عيادة نفسية لامؤخذة يعني؟

ابتسمت بيأسٍ و هي تقول: اديني فرصتي يا بني، دي عيادة نفسية أيوا بس الحاجات دي ضروري علشان أوضحلك النفوس البشرية، غير كدا الأمر هيبقى معقد
ابتسم ساخرًا منها و هو يقول: و هو أنا أهلي صرفوا عليا و كبروني و ربوني علشان أخرتها ابقى أنا و طبق الكشري دا زي بعض؟
ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة: بس متقولش ربوني لو سمحت! بعاني منك أنا بسبب لسانك.

حمحم هو بقوةٍ ثم قال بسخريةٍ: باعتبار ما سوف يكون يعني، ربوني، اخرتها هبقى شبه شوية مواعين كسلتي تغسليهم؟
حركت رأسها موافقةً و هي تضيف مؤكدةً: آه، لو سبتني أشرح و أفهمك هنرتاح سوا، بس أقول إيه؟ تعبت
تنهد بقلة حيلة ثم قال: اغسلي يا دكتور، ، ق قصدي اشرحي اتفضلي.

رمقته بغيظٍ ثم أمسكت الأشياء من أمامها و هي تقول بهدوء: ركز معايا كدا يا وليد، دول طبقين، واحد فيهم بقاله سنين متغسلش، و بص دا نضيف و بيلمع إزاي؟
حرك رأسه ينظر للطبقين بتمعنٍ حتى وجدها تمسك الطبق المُتسخ و هي تقول: بص كدا على دا، دا مليان تراكمات و طينة ماسكة فيه، صعب إن أنا أقدر انضفه من أول مرة، حتى بص كدا هعمل إيه؟

أمسكت معلقة صبغة طعام تلقيها على ذلك الطبق المليء بالتراب و الطين، فقطب هو جبينه حينها أشارت له ينتبه لها و هي تقول: معلقة اللون دي سايلة يعني المفروض تتمسح بسهولة، بُص كدا و أنا بمسحها
مسحت السائل بعدما وضعته لكنه ترك أثرًا واضحًا على التراب المتراكم، فسألته حينها بتريثٍ: ها بقى! شايف إيه غريب؟
تنهد هو بعمقٍ ثم قال: شايف إنه ساب أثر رغم إنه سائل، يعني هو مقعدش كتير و اتمسح.

حركت رأسها موافقةً ثم قالت: بالظبط كدا، لو ركزنا مع السائل المفروض إنه حاجة عادية متأثرش، خصوصًا إنها حاجة عابرة، بس يا وليد هنا الموضوع مختلف، تفتكر إيه السبب اللي خلاه ساب أثر واضح كدا؟
حرك رأسه ينظر للطبق في يدها ثم قال بهدوء: إنه مثلًا فيه تراكمات كتير قبل دي؟ يعني الطبق مش نضيف مليان طينة ماسكة فيه و لما حطيتي اللون عليه مسك في الطينة دي، لو مش موجودة اظن دا مكانش هيحصل.

حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم بثقةٍ مع قولها: بالظبط، ركز مع الطبق النضيف كدا و شوف أنا هعمل إيه؟

حرك رأسه موافقًا على مضضٍ فأضافت هي اللون و تركته لعدة ثوانٍ على عكس السابق ثم قامت بمسحه تمامًا و على عكس ما فات لم يترك أثرًا، فأضافت هي تفسر له بقولها: الطبق دا خالي من التراكمات يا وليد، علشان كدا لما حطيت اللون مأثرش، مجرد حاجة عابرة زيها زي الأكل اتحط فيه و بمجرد إزالته خلص و مشي، لو قارننا التفوس البشرية بالطبقين دول هنلاقي إنهم شبه بعض جدًا، النفوس البشرية يا وليد مع التراكمات بيبقى صعب إننا نتعامل معاها، لإنه من أقل حاجة هو تلقائيًا بيتأثر زي الطبق دا كدا، مجرد لون سايل طبع فيه و زود التراكمات، إنما التاني متأثرش أصلًا، و كان التعامل معاه طبيعي، ركز بقى معايا في اللي جاي.

حرك رأسه موافقًا فوجدها تجلب كوب ماء مغلي مختلط بسوائل التنظيف ثم ألقته على الطبق المتسخ حتى أصدر صوتًا أشبه بصوت الفوران، قطب جبينه و هو يحرك رأسه باستفسارٍ، حينها قامت هي بتفسير فعلتها بقولها: هنا بقى كان لازم استخدم حاجة قوية علشان اتخلص من التراكمات دي، صحيح هي هتفور و تغلي و تعمل صوت كدا، بس أنا بتخلص من تراكمات بقالها شهور و سنين، لو اتعاملت معاها بمية عادية عمري ما هوصل لنتيجة ترضيني، إنما بكدا أنا بخلص من التراكمات، علشان كدا لما ضغطت على جروحك كنت عاوزة أوصل للنتيجة دي، و هي أني بفتح الصندوق اللي جواك علشان أخليك تخرج كل إحساس ظلمك و أنتَ تجاهلته، ها فهمت مصيبة التراكمات؟

سألته بنبرةٍ عملية فتفاجئت به يصفق بكفيه معًا و هو يقول بسخريةٍ: أنا مبهور، حقيقي مبهور بيكي، إن شاء الله الجلسة الجاية هاجي بإزازة بريل معايا
شهقت هي بقوةٍ ثم قالت بضجرٍ: إزازة بريل؟ أنا كل دا تاعبة نفسي و إخرتها تتريق عليا؟
رد عليها بحنقٍ: يعني أنا بشر من لحم و دم و مشاعر و أخرتها ابقى طبق وسخ فيه شخص معفن أكل و كسل يغسله؟

حركت رأسها نفيًا بيأسٍ فوجدته يقول مُسرعًا لها: خلاص خلاص بهزر و الله العظيم، بس بجد أنا مبسوط بالأمثلة دي، يعني فعلًا بتوضح خطر التراكمات و اللي بتعلمه في حياة الإنسان، على الأقل هفهم إني بعمل حاجات غلط بظلم بيها نفسي و بضغطها و هي متستاهلش كدا
حركت رأسها موافقةً فوجدته يتنهد بعمقٍ ثم قال: طب أنا بستأذن بقى علشان و الله تعبان و مش قادر، كدا خلاص صح؟

حركت رأسها موافقةً و هي تبتسم له فوجدته يتحرك من أمامها ثم عاد لها مرةً أخرى يخرج من جيب بنطاله ورقة مالية يعطيها لها، قطبت جبينها بتعجبٍ و هو تسأله: إيه دي؟ أعمل بيها إيه؟
رد عليها مُفسرًا بثباتٍ: دي 20 جنيه، هاتي بيها إزازة بريل، بدل المواعين اللي مبهدلاكي دي.

عضت على شفتها السفلى بغيظٍ منه فوجدته يأخذها منها مرةً أخرى و هو يقول بمرحٍ مشاكسًا لها: خلاص متتعبيش نفسك، أنا هجبها ليكي و أنا جاي المرة الجاية، سلام عليكم
تحرك من أمامها بعدما خطف الورقة المالية تاركها خلفه على وشك البكاء.
خرج من العيادة فوجدها كالعادة تنتظره، أقترب منها يقول بسخريةٍ: المرة الجاية ابقي هاتيلي معاكي سندوتشات و لا أي حاجة كدا، ام على الفاضي و خلاص؟

قطبت عبلة جبينها و هي تقول بتعجبٍ: سندوتشات! أنا مش فاهمة حاجة، قصدك إيه؟
رد عليها هو بسخريةٍ: مش حضرتك أمي و جاية تاخديني؟ ابقي هاتي أكل معاكي المرة الجاية
ابتسمت عليه فوجدته يمسك يدها و هو يقول بمرحٍ ساخر: تعالي بس من هنا بسرعة لأحسن تيجي ورانا بكيس إريال، ممكن تشوفك دلوقتي على هيئة حَلة
ضحكت مرةً أخرى عليه و هو يتحرك ساحبًا لها خلفه.

في شقة ياسر اجتمع مع خالد و عامر بزوجاتهما بعد العمل، و الجميع يود الاطمئنان عليه، و أبان ذلك كان عامر يلعب مع يونس على الأرض و هو يحمله على كتفه و معه ياسر أيضًا الذي كان يزحف خلفهما و عامر يركض به للأمام، فابتسم خالد و هو يراهم مع بعضهم ثم سأل شقيقته بهدوء: ياسر كويس يا إيمان؟

حركت رأسها موافقةً بهدوء ثم قالت: بيحاول يداري يا خالد، جه من الشغل النهاردة فضل يسألني حاجات كتير مش من عادته يتكلم فيها بس أنا فهمت إنه بيلهي نفسه
حرك رأسه موافقًا على مضضٍ فوجد عامر يقول بنبرةٍ جامدة: يونس! قولت إيه؟ عمو ياسر عيب مينفعش نتف عليه و لا نضربه صح؟
حرك رأسه موافقًا بقوةٍ فأشار له و هو يقول: روح بوس ياسر يلا علشان ميعيطش، ياسر هيعيط، الحق يلا بسرعة.

ركض يونس نحو ياسر الذي جلس على ركبتيه ثم قبله على وجنته و بعدها احتضنه بقوةٍ بذراعيه الصغيرين و هو يربت على ظهره بكفه و أنامله الصغيرة، و كأن ياسر في تلك الحالة يشبهه كثيرًا حتى بكى رغمًا عنه بين ذراعي يونس الذي استكان بين ذراعيه دون أن يلاحظهما سوى عامر الذي حاول إخفاء تأثره و لكن دموعه عصته و نزلت، و في تلك اللحظة صدح صوت جرس الباب فوقف عامر يقول بهدوء: أنا هفتح الباب خليكم أنتم.

أقترب من الباب يفتحه فتفاجأ ب فادي يقف أمامه و هو يطالعه بجمودٍ حينها حرك رأسه للخلف و هو يقول ساخرًا موجهًا حديثه ل يونس: تعالى يا يونس يا حبيبي، فيه خلقة محتجاك تتف عليها للصبح
رفع فادي حاجبه له و في تلك اللحظة خرجت جيسي من المصعد، فتحدث عامر بسخريةٍ يقول: تعالى يا يونس، دا أنتَ هتف لحد ما ريقك ينشف أصل الحبايب هنا.

بعتذر عن الفصل القادم اللي المفروض ينزل يوم التلات علشان إن شاء الله عندي امتحان يوم الاربع، و متشكرة لحضراتكم جدًا و متأسفة مرة تانية على الفصل، دمتم بخير إن شاء الله.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *