رواية زواج في الظل الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم ياسمين عطيه
رواية زواج في الظل الجزء الثالث والعشرون
رواية زواج في الظل البارت الثالث والعشرون
رواية زواج في الظل الحلقة الثالثة والعشرون
مروان كان بيقرب أكتر، تقريبًا حشرها في الحيطة اللي وراها، حاصرها بين دراعاته وميل جسمه عليها، عينه فيها شهوة واضحة، وصوته طلع واطي لكنه مليان تهديد: “مالك؟ خايفة؟”
ليلى ابتلعت ريقها بصعوبة، لكن ملامحها كانت مصممة إنها متبينش ضعفها، رفعت عينها ليه بحدة، ورغم الخوف اللي جوها، حاولت تخلي صوتها ثابت: “ابعد عني، أنا محبش القرف ده!”
مروان ضحك ضحكة قصيرة، صوته كان كله استهزاء: “القرف؟ طب ما هو جوزك أكيد مش بيقرب منك وإنتي كده، هو شايفك خدامة برضه؟”
الغضب لف ليلى، بس كانت عارفة إن أي تصرف غلط ممكن يضيع كل حاجة، فقررت تلعب على وتر تاني، استجمعت قوتها وبصت له باشمئزاز وعينيها مليانة تحدي رغم الخوف اللى حاسه بيه: “أنت عارف الفرق بينك وبين جوزي؟ إنه راجل… وأنت أنت مجرد واحد تافه.. فاكر إن الفلوس تقدر تخلي أي حد تحت رجلك!”
مروان ضيق عينه، واتنرفز من ردها، قرب أكتر وهمس بصوت مليان تهديد:
“هتشوفي أنا ممكن أعمل إيه، وهعرفك مقامك كويس أوي!”
حدفها ليلى على السرير بعنف، وقبل ما تقدر تتحرك، كان هاجم عليها بكل وحشية.
ليلى بعزم اللي تقدر عليه رفعت إيدها وخربشته في وشه بكل قوتها، سابت علامة واضحة نزفت فورًا.
مروان اتجنن، عيونه ولعت بالغضب، ورفع إيده ونزل على وشها بالقلم بكل قوته، وبعده واحد تاني، لحد ما وشها التوى من الألم.
قرب منها وهمس جنب ودنها بصوت مليان خبث وتهديد:
“إديكي شوفتي أنا ممكن أعمل إيه… بس متقلقيش، أنا هسيبك دلوقتي، بس ده معناه إني مش هاخد اللي عايزه قريب جداً.”
فتح الباب وخرج، سايبها مرمية على السرير، ووشها كله وجع، بس اللي كان بيوجعها أكتر هو إحساسها بالقهر والضعف…
ليلى كانت حاسه إن جسمها كله بيرتعش، بس كان لازم تسكت، كان لازم تلم نفسها عشان ما تبوزش كل حاجة أركان بيعملها.
بسرعة خرجت من الفيلا، قلبها بيدق بجنون، ودموعها بتحرق عينيها، لكنها كانت بتقاوم. كل اللي كانت عايزاه توصل أوضتها وتقفل على نفسها.
أول ما فتحت الباب، لقت أركان واقف قدامها، عيونه سريعة الالتقاط، لاحظ الارتباك في ملامحها، النفس المتلاحق، وإيدها اللي كانت بتترعش وهي بتشد طرحتها.
بس قبل ما ينطق أو يسأل، ليلى طلعت تجري ناحية الحمام وقفلت الباب وراها بسرعة.
سندت على الحيط، حطت إيدها على بؤها عشان تكتم شهقاتها، مش عايزة تنهار، مش عايزة تبين ضعفها، بس الدموع خانتها ونزلت غصب عنها.
وأركان كان واقف بره، حاسس إن في حاجة غلط… حاجة كبيرة جداً.
ليلى حطت إيدها على بؤها عشان تكتم شهقتها، قلبها كان بيدق بسرعة، مش عايزة تنهار قدامه، مش عايزة تبين ضعفها.
لكن صوت أركان جالها من بره، كان واضح إنه حاسس إن في حاجة غلط:
– “افتحي الباب، اطلعي… إيه اللي حصل؟”
حاولت تظبط صوتها، تخليه طبيعي، بس كان باين فيه الارتباك والتعب:
– “مافيش…”
بس صوتها خانها، نبرتها المرتعشة فضحتها، وده كان كفاية يخلي أركان يتجنن. زاد خبطه على الباب بعصبية:
– “افتحي الزفت بدل ما أكسره!”
ليلى عرفت إنه مش هيسيبها، إنه مش هيقتنع بسكوتها، وإنه لو فضل بره أكتر من كده ممكن يشك، والمهمة كلها تضيع.
سحبت نفس عميق، حاولت تثبت نفسها، ومسحت دموعها بسرعة قبل ما تمد إيدها وتفتح الباب…
أول ما خرجت، أركان كان واقف مستنيها، عينه بتفحص كل تفصيلة فيها. نظراته كانت حادة، مش بيفوت حاجة.
أول ما عينُه وقعت على خدودها، وشه اتغير، ملامحه شدّت، ونبرته كانت مليانة غضب وهو بيقرب منها بخطوات سريعة:
– “مين ضربك بالقلم؟”
ليلى حاولت تداري توترها، رفعت إيدها بسرعة ولمست خدها كأنها مستغربة، وابتسمت ابتسامة باهتة وهي بتتكلم بمرح مزيف:
– “دي خدودي احمرت من الوقفة قدام البوتاجاز.”
أركان بغضب جحيمي، صوته كان وهو بيقرب أكتر، عيونه كانت بتقدح شرار:
– “إنتي شايفاني عيل صغير؟ هتضحكي عليَّ بالكلمتين دول وأصدقك؟ صح؟”
ليلى بتوتر، حاولت تبعد عنه خطوتين، عيونها بتزوغ وهي بترد بسرعة:
– “لا… أنا بقول الحقيقة!”
أركان، بعصبية وهو بيشد نفسه عشان ما ينفجرش أكتر، صوته كان أخشن وهو بيرد:
– “إنتي لو مقولتيش الحقيقة دلوقتي، أنا هروح أسألهم وهعرف بنفسي… وساعتها محدش هيوقفني!”
ليلى اتسمرت مكانها، عارفة إن لو أركان تحرك، كل حاجة هتبوظ… بس في نفس الوقت، مكنتش قادرة تنطق بالحقيقة!
ليلى مقدرتش تمسك نفسها، وترامت في حضنه وهي بتترجف، دموعها كانت بتنزل بدون توقف، كأنها بتفضي كل الرعب اللي عاشته في اللحظات اللي فاتت.
بصوت متكسر وسط شهقاتها، قالت:
– “وحياة اللي في بطني، متعملش حاجة… أنا خدت حقي وسكت، عشان مضيعش كل اللي إحنا عملناه… والصبر اللي استحملناه… مخلتوش يلمسني، هو كان عايز يقرب مني بس أنا قط*عت وشه بضوافري… عشان كده هو اتجنن وضربني بالقلم…”
أركان كان واقف جامد، كل كلمة بتقولها كانت زي نار بتغلي في دمه، إيديه كانت مقبوضة لدرجة إن عروقه بقت بارزة، وعيونه كانت مليانة ظلام مخيف. حس إن كل كلمة بتقولها كانت زي سكينة بتتغرس في قلبه، عيونه كانت حمراء من الغضب، عضلاته مشدودة، وإيده بتتحرك لا إرادياً، كأنه مستعد يهد الدنيا على دماغ اللي لمسها حس إنه مش قادر يسيب الموضوع يعدي، مش قادر يبلع الغضب اللي بيحرقه من جوه.
صوته كان هادي، بس تحته كان فيه زلزال مستني ينفجر:
– “إنتي فاكرة إنك لما سكتي كنتِ بتحميني؟ لا يا ليلى… إنتي بس أديتيه فرصة يفتكر إنه يقدر يفلت بعملته… وأنا عمري ما بسيب حقي، ولا حقك.”
ليلى رفعت وشها ليه، عيونها كلها خوف وتوسل، وهي تهز رأسها بضعف:
– “أركان… أرجوك… بلاش تتهور، إحنا قربنا نخلص… لو عملت حاجه دلوقتي هضيع كل حاجه ”
أركان حس إن الدنيا اسودت قدامه، الدم في عروقه بقى نار، والوحش اللي جواه صحى وبيصرخ عشان يخرج…
أركان خرج بسرعة، عيونه كانت مشتعلة بنار الغضب، كل خطوة كان بيخدها كانت تقربه أكتر من الانفجار.
ليلى شهقت وهي تشوفه بيبعد، قلبها كان هينخلع، كانت هتجري وراه من غير تفكير، بس قبل حتى ما تخطو خطوة، لفّ ليها بحدة، وصوته خرج زي الزئير:
– “أقسم بالله… لو رجلك طلعت برا الأوضة دي، لتشوفي أسوأ وش مني… أسوأ حتى من اللي هوريه للحيوان ده!”
نبرة صوته كانت قاطعة، مخيفة، خليتها تتجمد في مكانها، ماقدرتش حتى تنطق. عيونه كانت سودا، مليانة بعاصفة غضب مشافتش زيها قبل كده. كان واضح إنه خلاص فقد السيطرة، وإن مروان هيشوف جحيم أركان على وش الأرض.
فضلت واقفة مكانها، مش قادرة تتحرك، قلبها كان بيدق بجنون، وهي مش عارفة اللي جاي ممكن يكون عامل إزاي… بس اللي كانت متأكدة منه إن الليلة دي مش هتعدي على خير!
أركان كان عاصفة غضب ماشية على رجلين، النار كانت مشتعلة في عروقه، ووشه كان ملامحه متحجرة من الغيظ. دخل وسطهم زي الإعصار، عيونه مثبتة على مروان، مفيش حد في القعدة كان يقدر يوقفه.
بإيد قوية، سحب مروان من كتفه فجأة، شده من وسط ولاد عمه وأخوه، وكأن وزنه ولا حاجة. مروان حتى ملحقش يستوعب اللي بيحصل، وأول ما لفّ ليه، لقى قبضة أركان نازلة على وشه بكل القوة اللي في الدنيا.
أركان بصوت مليان غضب وجحيم:
– “إزاي تفكر تلمسها؟! إزاي عينك تيجي عليها؟! إزاي إيدك تتجرأ تلمسها؟! وكمان تمد إيدك وتضربها؟!”
كل كلمة كان بيقولها كانت مصحوبة بضربة، كل لكمة كانت بتنزل على مروان كانت كأنها بتفرغ البركان اللي جواه.
مروان حاول يرفع إيده يدافع عن نفسه، بس مفيش فرصة، أركان كان فاقد السيطرة، نازل فيه ضرب من غير رحمة، وهو بيصرخ بغضب:
– “كنت فكراني مين يا ابن الكلب؟ كنت فاكر إنك هتلمسها واسكت”
الدم بدأ يظهر على وش مروان، أنفاسه كانت متقطعة، وقع على الأرض، لكن أركان مكنش ناوي يسيبه. رفعه تاني، وكأنه مجرد دُمية في إيده، عينيه كانت سودة من الغضب، وإيده مش بتتوقف عن الضرب. المكان كله كان متجمد، محدش كان عارف يتدخل.
مروان كان بيحاول يتكلم، يتوسل، بس أركان سابه يقع على الأرض وهو بيتنفس بصعوبة، صوته كان قاطع زي السكين:
– “دي كانت آخر مرة تمد إيدك على مراتي… وآخر مرة تفكر حتى تبص لها!”
وفجأة، صوت حد صرخ في المكان، الكل لفّ بسرعة، وأركان لف برضه، صدره بيطلع وينزل من الغضب، عيونه لسه مشعة بالنار…
كان المكان مليان بالدم، مروان مرمي على الأرض، بيحاول يرفع نفسه بالعافية، ووشه متبهدل بالكدمات والدم بينزل من مناخيره وشفته المتورمة. الناس واقفين في حالة صدمة، محدش قادر يتدخل،كل حاجه حصلت بسرعه وكانوا شايفين وحش قدامهم اقوي منهم ميت مره سريع سرعه غير طبيعية كل اللى حصل دا مكملش ثواني.
صباح صرخت بصوت عالي وهي بتقرب من ابنها:
– “إنتوا سايبين البواب يضربه قدامكم كلكم وانتوا واقفين؟!”
أركان رفع عينه ليها، والغضب لسه ماليه، وقال ببرود قاتل:
– “ابنك مترباش… وأنا بربيه ليكي!”
صباح بصوت مليان غضب ووعيد:
– “إنت مش هيطلع عليك نهار… لا إنت ولا مراتك!”
لكن فجأة، سمعوا صوت جه من بعيد… صوت تقيل وقوي سكت الكل في لحظة.كأن اللحظة دي هي اللي هتحدد المصير
بصلاح بيتكلم بصوت حازم قطع أي فرصة للكلام:
– “ابنك غلط… وحاول يتهجم على مراته… وهو راجل عنده نخوة، مقدرش يستحمل، وابنك يستاهل اللي حصل له، هو اللي جابه لنفسه.”
صباح لفت تبص لصلاح، كأنها مش مصدقة إنه مش واقف في صف ابنها، لكن نظراته كانت قاطعة، مفيش أي فرصة للمناقشة.
صباح كانت واقفة مصدومة، ملامحها ما بين الغضب والخوف، عينيها راحت على مروان اللي كان مرمي على الأرض، ووشه متبهدل بالدم والكدمات. حاولت تتكلم، لكن صوت صلاح قاطع أي محاولة منها.
صلاح بنبرة حازمة وهو بيبص لمروان باشمئزاز:
– “ابنك غلط… واللي عمله لو كان مع حد تاني، مكانش هيطلع منها عايش، هو اللي جاب ده لنفسه.”
صباح بصت لأركان بكره، كانت عايزة تتكلم، تعترض، بس شافت نظرة صلاح ليها، نظرة معناها إن مفيش كلام هيغير اللي حصل. سكتت، بس نظرتها لأركان كانت مليانة تهديد.
أركان مسح إيده من الدم اللي عليها، وقرب من مروان اللي كان بيحاول يرفع نفسه بالعافية، قرب منه وهمس بصوت منخفض، بس كل اللي حوالين سمعوه:
– “أنا سبتك عايش النهارده عشان جدك … بس أقسم بالله لو قربت منها تاني، هتشوف مني وش مشفتهوش قبل كده.”
بص لمروان نظرة احتقار أخيرة، اللي كان مرمي على الأرض زي الكلب،.وبعدها لف ومشي وهو بيتمالك نفسه بالعافية. كان كل عضلة في جسمه مشدودة، غضبه كان لسه مشتعِل، لكن الحاجة الوحيدة اللي كانت في دماغه دلوقتي… إنه لازم يرجع لليلى.
الرجالة تبادلوا نظرات متوترة، محدش قدر ينطق بكلمة، الكل كان فاهم إن صلاح كلمته هنا فوق كلمة الكل.
شالوا مروان بصعوبة وطلعوه لفوق، كان تعبان ووشه مليان جروح، لكنه رغم الألم، الغل كان واضح في عيونه.
سليم بحرج وهو بيبص لمروان:
– “هو إنت عملت إيه لمراته بالظبط؟”
مروان بصعوبة وهو بيتنفس بتعب:
– “معملتش حاجة!”
عادل بصدمه وهو بيهز رأسه بعدم تصديق:
– “كل ده ومعملتش حاجة؟! أمال لو كنت اختص*بتها كان عمل إيه؟!”
طاهر بحدة وهو بيتكلم بعقلانية:
– “إنتوا عبط؟! يا جماعة مروان غلط، إحنا كلنا لينا علاقات بستات… آه، ماشي! لكن تقرب لواحدة متجوزة… وحامل؟! وده غير إن جوزها واضح إنه بيحبها وهي كمان بتحبه!”
مروان بغل وكره، عيونه مليانة حقد:
– “أنا…هقت*له”
طاهر قطعه وهو بيهز رأسه باستنكار:
– “يبقى إنت الى هت*موت يا غبي! ، إنت مشوفتش نفسك، دا إحنا التلاتة معرفناش نرفعه من عليك وهو بدراع واحد!”
سليم وهو بيحاول يخفف الجو لكن صوته فيه تحذير:
– “طاهر عنده حق… بلاش البت دي، مروان.”
مروان بعناد وابتسامة شريرة:
– “عجبتني… ولما بعوز حاجة، باخدها!”
عادل وهو بيبصله ببرود:
– “يبقى إنت اللي هتجيبوا لنفسك، ومحدش هيقدر ينقذك ساعتها.”
المشهد ينتهي على نظرات مروان المليانة حقد وانتقام، بينما الباقيين عارفين إن الموضوع لسه مخلصش… وإن اللي جاي هيكون أسوأ.
ـــــــــــ&ـــــــ
في مكتب الحاج صلاح
عبد الحق باستغراب: “أنا عندي سؤال يا حاج، مقدرش أدخل في قرارك، بس انت طول عمرك ما بتخليش الهوى يلمس حد من أحفادك… إزاي سبت سعيد يضرب مروان؟”
الحاج صلاح ببرود وهو بيحط سبحته على الطاولة: “الواد مروان دماغه ناشفة وعايزها تتفشفش… وغير كده، غبي! يوم ما يقرر يعمل كده، يعمله في الأوضة بتاعتي أنا؟ وعلى سريري؟!”
اتنهد وهو بيبص لعبد الحق بنظرة كلها معنى: “فدا كان عقاب ليه!”
الحاج صلاح وهو بيعدل جلسته: “وبعدين الواد سعيد لقَطها… وأنا عايز دماغه في الفترة الجاية، فمش هضيّعه من إيدي. لو كانت الخبطتين دول هما اللي هيطفوا ناره، فأنا سبته بمزاجي!”
سكت لحظة وهو بيبص لعبد الحق بحدة: “بس هقرص ودنه بردك الصبح… عشان ما يفكرش يعمل كده تاني!”
ـــــــــــ
أركان دخل الأوضة وهو بيشد أنفاسه، لسه غضبه مولّع، ووشه كله شرار.
ليلى كانت قاعدة على طرف السرير، أول ما شافته بصت لدراعه اللي بينزف، دموعها نزلت غصب عنها وهي تهمس بصوت مختنق:
– “اركان دراعك بينزف ؟! بردك عملت اللي في دماغك…”
أركان رفع عينه عليها، شاف الدموع في نظرتها، حس إن قلبه اتقبض، لكنه ما بيّنهاش، كأنه مش حاسس بأي وجع.
بص لدراعه اللي بينزف، كأنه لسه أول مرة ياخد باله، ومسح الدم بظهر كفه بلا مبالاة وهو يقول بحدة:
– “أومال كنتي عايزاني أسيبه؟!”
ليلى قامت بسرعة واتجهت نحوه، مسكت دراعه بإيدين مرتعشين وهي بتحاول توقف النزيف، صوتها كان مليان قلق ودموعها لسه في عيونها:
– “كنت عايزاك تفكر في نفسك… في المهمه ما تخاطرش بكل حاجه انت عملتها عشاني !”
أركان بصّ لها للحظة، حس بالوجع اللي في كلامها، لكنه قال ببرود وهو بيشد دراعه منها بلطف:
– “أنا كويس، المهم إنتي… متخافيش، محدش هيقربلك تاني.”
ليلى عضّت شفايفها وهي بتحاول تكتم شهقتها، حست لأول مرة قد إيه هو فعلاً بيحميها، وقد إيه كانت مرعوبة إنه يتأذى بسببها.
لكن أركان، حتى لو موجوع، حتى لو بيموت… مستحيل يبين ضعفه.
ليلى مسكت إيده السليمة وسحبته للسرير، قاسته بنظرة مليانة حنان وحزم في نفس الوقت وهي تهمس:
– “استنى… هغيرلك على الجرح.”
قعد قدامها وهو ساكت، لكن عيونه كانت مثبتة على خدها، مكان بصمة الإهانة اللي لسه محفورة، والنار جواه بتزيد. كان نفسه يقوم يضربه تاني، يخلص عليه، بس مسك نفسه بالعافية.
مدّ إيده السليمة، حطها على خدها بحذر، كأنها حاجة هتتكسر تحت لمسته، وسأل بصوت خافت، لكن مليان غضب مكبوت:
– “وجعك؟”
ليلى بلعت ريقها، بصّت له بثبات، رغم إن عيونها كان فيها بقايا دموع، وهزّت رأسها وهي تهمس:
– “صدقني… لا.”
لكن أركان ما كانش مصدقها، كان شايف الحقيقة في عيونها، الحزن، القهر، الغضب اللي بتحاول تدفنه.
شد نفسه بعيد عنها شوية، صوته كان مليان تحذير وهو بيقول بعصبية جانبية:
– “بعد كده، ابقي صوتي ميهمكيش أنا… ولا المهمة… ولا أي حاجة. متسكتيش لحيوان زي دا وتسمحي يتهجم عليكي!”
ليلى رفعت عيونها له بثقة، كانت حقيقية المرة دي، وهي تهمس بكل يقين:
– “محدش يقدر يقرب لي.”
أركان بصّ لها لحظة، حس إنها بتتكلم عن أكتر من مجرد اللي حصل… كانت بتتكلم عنه هو كمان، عن حمايته، عن الثقة اللي بينها وبينه… واللي من غير ما يحس، بقت أهم من أي حاجة تانية في حياته.
ليلى خرجت من الحمام بعد ما أخدت شور، آثار الضربة لسه واضحة على خدها، خمسة صوابع معلمين عليه كأنهم محفورين. أركان كان كل ما يبص لها يحس بالغضب بيغلي في دمه، كان عايز يولع في الدنيا تاني، بس كتم غضبه بالعافية. المهم دلوقتي إن الموضوع عدى.
مشيت ناحية السرير، ولأول مرة، من غير تفكير، رمت نفسها في حضنه. ماكانتش بتدور على حاجة غير الأمان، مجرد إحساس واحد بس يطمنها إنها مش لوحدها.
ليلى (بهمس): ممكن تخليني هنا؟
أركان سكت. كان المفروض يرفض، يحط حدود بينهم زي ما قال هيعمل دايماً، بس دلوقتي… ماقدرش.
كانت بتتمسح في حضنه زي قطة صغيرة، وده جننه. بس فجأة، حس بجسمها بيرتعش… دموعها نزلت وسابت علامتها على هدومه.
أركان قرب وشه منها، صوته كان أهدى بس فيه قلق واضح:
– مالك؟ في حاجة وجعاكي؟
ليلى شهقت بين دموعها، صوتها كان ضعيف بس مليان وجع:
– تعبت… تعبت من الحياة دي، أمي وحشتني أوي. كنت عايشة عادي، بضحك وبلعب وباتخانق. عارف… لو كنت في أي مكان غير هنا، كنت كلت مروان دا حي، ماكنتش هسيبه حتى يفكر يقرب مني!
اتنهدت بصوت عالي، كأنها بتحاول تخرج كل اللي جواها دفعة واحدة:
– أنا خوفت… خوفت مش عشاني، خوفت عشان اللي في بطني، خوفت يلمسني، ينتهك حرمتي!
أركان حس الدنيا بتسود قدامه، فكرة إن حد قرب منها بس جننته. بسرعة حط إيده على بُقها، مش عشان يسكتها، لكن عشان الفكرة دي ماتخرجش بره عقلها تاني.
– محدش هيقدر يقربلك، فاهمة؟
مسح دموعها بإيده، عنيه كانت مليانة غضب مش ليها… غضب على نفسه، على العالم اللي خلاها تحس بالخوف ده. ليلى بصت له، ابتسامة ضعيفة وسط الدموع. كانت شايفة فيه حاجة مختلفة…
مكانش مجرد ظابط، ولا هي كانت مجرد مهمة. لما قال لمامتها “ليلى في أمان”، كان فعلاً الأمان بتاعها. حماها وحمى كرامتها،وحميها وهيفضل يحميها طول الوقت.
مش بيحبها… بس إيتقي ربنا فيها، يكون معاها بشكل مختلف. كان حنين بطريقة مكنتش مستوعباها، وكانت محتاجة الحنية دي أكتر من أي وقت فات.
ابتسامتها الصغيرة مالت وشها، كانت بتبص له بطريقة غريبة… فيها حاجة جديدة. كانت تتمنى يكون جوزها بجد، تنتمي لعالمه اللي هي غريبة عنه… بس حضنه؟ حضنه مكانش غريب عنها أبدًا.
أركان كان بيتأملها، مركز في كل تفصيلة… في سرحانها، في الابتسامة اللي ماقدرتش تخبيها. قلبه كان بيدق بسرعة، مش عارف ده خوف ولا حاجة تانية…
وفجأة، لقيها بتقرب.
من غير أي مقدمات، من غير ما تفكر، لمست شفايفها شفايفه في قبلة طويلة، خطفتها… وخطفته من الدنيا كلها.
بعدت عنه بسرعة، قلبها بيدق بعنف، مش مصدقة اللي عملته.
لكن هو؟
مكانش عايز يبعد، ولا حتى قادر. اللحظات اللي قربته منها جننته… حاجة جواه اتكسرت، وحاجة تانية اتبنت مكانها، حاجة أقوى وأخطر.
بص لها بعينين مش مفهومة، عينين مليانة مشاعر مكبوتة، حاجات كتير كان بيحاول يقنع نفسه إنها مش موجودة… لكنها كانت، وبقوة.
أول ما بعدت، نامت… كأنها ما عملتش حاجة، كأنها ما ولّعتش النار اللي سايباه مولّعه لوحدها.
أركان فضل، ماسك نفسه بصعوبة، كل اللي اتعلمه في الثبات الانفعالي كان بيطبقه دلوقتي، بس الحقيقة؟ دي أصعب لحظة عدّت عليه في حياته.
شايفها قدامه، قريبة، ملمسها لسه محفور في جلده، ريحتها حوالينه، بس… مينفعش.
مينفعش يقرب. مينفعش يستسلم. دا الصح. دا اللي لازم يعمله.
لكن ليه أول مرة في حياته يحس إن الصح… عكس اللي هو عايزه؟
في الصباح، أركان قام من جنب ليلى بهدوء، عينه كانت مثبتة عليها، ملامحها الهادية وهي نايمة، تنفسها المنتظم… كل تفصيلة فيها بقت نقطة ضعف بالنسباله.
غمض عينيه للحظة وكأنه بيحاول يطرد الإحساس اللي مسيطر عليه، بس الحقيقة كانت واضحة قدامه.
“بقيتي خطر يا ليلى… بقيتِ خطر عليا أنا شخصيًا.”
اتنهد بعمق وهو بيبعد نظره عنها، كأنه بيهرب من حقيقة مش عايز يواجهها.
“بقى أنا أبقى ضعيف للدرجة دي قدامك؟! بقى أنا مقدرش أتحكم في نفسي معاكي؟!”
شد كفوفه بعصبية وهو بيتمتم بصوت واطي:
“لازم أبعد… لازم أرجّع كل حاجة زي الأول، لازم كل حاجة تمشي زي ما مخطط ليها.”
بص ليها للمرة الأخيرة قبل ما يخرج، وهو حاسس إن الخط الفاصل بينه وبينها بدأ يختفي… وده أكتر شيء كان مرعب بالنسباله
ــــــــــ&ـــــــ
ليلى قامت على صوت التليفون، بصّت في الشاشة، قلبها دق بسرعة…
“أميرة”
الابتسامة شقت وشها تلقائي، ردّت بسرعة وهي بتحاول تداري اشتياقها:
– صباح الخير يا أميرة، وحشتيني قوي!
بس أول ما سمعت صوت أميرة، ابتسامتها اتهزت…
صوت مليان دموع، مليان وجع:
– ورحمة أبوكي يا ليلى لو بعتي نفسك للراجل اللي جيه اتجوزك دا، لتقوليلي… انتي مخبّية حاجة، وأنا لازم أعرف!
الدموع شقت عينيها…
حاولت تتحكم في نفسها، تتكلم بثبات، لكنها حسّت صوتها بيرتعش:
– بعت إيه يا أميرة؟ ما الراجل جيه واتجوزني قدامكم!
لكن أميرة كان صوتها مليان غضب، وشك، ووجع:
– أمال الـ100 ألف مين دفعهم؟ مش انتي؟ دفعتيهم إزاي وليه؟ وإيجار الخمس شهور المتأخر بتاع أمك… مين سدده؟
ليلى بلعت ريقها، ما ردّتش، بس أميرة كملت بصوت بيعلي وحدة وحدة:
– الفلوس اللي بتيجي لي ولي ماما كل أول شهر دي… فلوس تكفينا ٣ أو ٥ شهور قدام، مش شهر واحد! والأرض بتاعتي وبتاعة ماما، اللي فجأة خلاص إتسدد ثمنها، وبتتبني كمان! منين الفلوس دي كلها يا ليلى؟!
أميرة سكتت لحظة، لكن صوتها كان مليان قهر:
– انطقي! أنا مش راضية ألعب في دماغ ماما وهي أصلاً لوحدها، باين عليها إنها تعبانة ومبتفكرش في حاجة غير فيكي!
ليلى كانت بتحاول تتماسك، لكنها فشلت…
الدموع نزلت، صوتها خرج مكسور، ضعيف، بس حقيقي:
– أنا مبعتش نفسي يا أميرة…
أميرة بدموع، بصوت مليان وجع وقلق:
– أمال اللي بيحصل ده إيه يا ليلى؟! أمال إحنا مش عارفين نشوفك ليه من يوم ما اتجوزتي؟ حتى لما بقيتي حامل… مينفعش برده نشوفك؟
ليلى حسّت بقلبها بيتقبض، دموعها كانت على حافة عينيها، لكنها حاولت تحافظ على صوتها ثابت:
– عشان خطر عليا… وعلى جوزي… وعليكم. لما يجي الوقت المناسب، هحكي لك كل حاجة، بس اللي عايزاكي تعرفيه وتقوليه لماما…
سكتت لحظة، خدت نفس عميق، ثم بصوت متهدج:
– أركان آخر حد ممكن يئذيني، بالعكس… ده طول الوقت بيحميني. وأنا بحبه، بجد بحبه!
أميرة حسّت قلبها بيطمن، دموعها هدأت شوية، وقالت بحنية دافية:
– فاكرة ماما سَمَّتك ليلى ليه؟
ليلى ابتسمت وسط دموعها، صوتها طالع مليان مشاعر:
– عشان انتي اسمك أميرة…
أميرة بابتسامة حزينة:
– عشان نبقى الأميرة ليلى… انتي أميرة يا ليلى! أميرة أمك، وأميرة أميرة… بنت أمك، وبنتي أنا الأولى والصغيرة.
سكتت لحظة، ثم كملت بصوت هادي، لكنه مليان حب وخوف:
– اوعي تشيلي شيلة تقيلة لوحدك، وتقسّمي ضهرك بالحمل… لما يشيله اتنين، يخف! يا روح الروح، يا بنت دمي…
ليلى بدموع واشتياق، قلبها كان بيصرخ من جوه:
– أنا بحبكم أوي، وبحب حبكم ليا…
دموعها زادت، وهي تبكمل بصوت متقطع:
– وحشتوني… وحشني لمتنا، وضحكنا… وحشني الواد أسر، ابنك.
أميرة بضحك بين دموعها، صوتها مليان حنين:
– بيطنط زي الفولة من يوم ما عرف إنك حامل! وبيقول: “ليلى هتجوزني بنتها”، زي ما كنتِ وعدتِه… اوعي تخيّبي ظنه وتكسري قلبه!
ليلى ضحكت من بين دموعها، لمعة حزن وفرح في نفس الوقت:
– أنا أقدر؟ ليلى، وبنت ليلى، تحت أمر القمر اللي وحشني أوي…
أميرة بابتسامة دافئة، بصوت كله شوق:
– وانتي وحشتيه أوي… ووحشتينا كلنا!
ليلى وهي بتبص بعيد، حزنها مالي عينيها، صوتها طالع هادي بس مليان وجع:
– خلاص هانت يا أميرة… قريب كل حاجة هترجع زي ما كانت.
أميرة بحنية ودعاء من قلبها:
– يارب يا بنتي… احكي لي، عاملة إيه في الحمل؟
ليلى زفرت نفس طويل، عينها نزلت للأرض وهي بتقول بتعب واضح:
– تعبني أوي يا أميرة… مش ببطل أكل، ونوم، وترجيع… وغير بقى إني شوية فرحانة، وشوية زعلانة، لحد ما هتجنن!
أميرة ضحكت وسط دموعها، تحاول تخفف عنها:
– محدش بياكلها بالساهل! ربنا يكمل لك على خير يا حبيبتي، ويقومك لينا بالسلامة. خلي بالك من نفسك، وطمنيني عليكي دايماً.
ليلى حاولت ترسم ابتسامة رغم الغصة اللي في قلبها، ردت بصوت هادي:
– إن شاء الله… وسلميلي على ماما وأسر.
أول ما قفلت التليفون، دموعها خانتها… فضلت تعيط بصمت، تحاول تكتم شهقاتها، بس وجع الغربة والوحده كان تقيل أوي على قلبها.
كانت ماسكة نفسها بالعافية قدام أميرة، بس أول ما الخط اتقفل، كل اللي جواها انفجر.
وحشتهم… وحشتها أمها، وحشتها لمتهم، وحشتها حياتها البسيطة اللي فجأة قلبت ١٨٠ درجة.
حطت إيدها على بطنها وهي بتهمس لنفسها:
“هانت يا ليلى… كلها شوية وهترجعي لحضنهم تاني.”
بس… هل فعلاً تقدر ترجع؟
بتبص لنفسها، بس مش شايفة غير روحها التايهة. فكرة الفراق كانت بتخنقها، بتحس إنها بتكتم أنفاسها. هل تقدر تبعد؟ هل تقدر تنسى أركان؟
حتى لو مشي بعيد، حتى لو سابها، هو خد حاجة منها مش هتعرف ترجعها… خد قلبها. وإزاي الواحد يعيش من غير قلبه؟
حطت إيديها على صدرها، كأنها بتحاول تطمن نفسها، بس مفيش حاجة كانت بتهدي الرعب اللي جوها. أركان مش مجرد حد عدى في حياتها… ده بقى جزء منها، جزء مش هتعرف تتخلى عنه حتى لو حاولت.
مسحت دموعها بسرعة، لازم تبقى قوية، مش عشانها بس، عشان البني آدم اللي قرر يحميها، وعشان الطفل اللي جواها مستنيها تبقى أم صلبة قد الدنيا. عشان البني آدم اللي ضحى بنفسه عشانها. مش هتضيع تعبه، ولا كل اللي عمله، ولا كل اللي استحمله. هتكمل الطريق للآخر.
وقفت قدام المراية، خدت نفس عميق، وبعدته ببطء. لازم تواجه اللي جاي، مش هينفع تهرب. قامت تلبس، وقررت ترجع الشغل، رغم إن قلبها كان مقبوض، مش عارفة رد فعل أركان هيكون إيه. خايفة من المواجهة، خايفة من أي كلمة ممكن تهزها، بس الأغرب إن رد فعله كان… الصمت.
قرر يتجنبها، كان مش عايز يدخل في أي حاجة تخصها، مش عايز حتى يخوض في أي جدال معاها، لأنه عارف إن حتى لو كسب الجدال… هيخسر قلبه ليها أكتر.
ليلى استغربت هدوءه، بس في نفس الوقت استريحت إنه متكلمش. كانت عارفة إن لو فتحوا الكلام، مكنش هينتهي بسهولة وخصوصا وهو… شايفها داخلة الفيلا بعد اللي حصل، ومكنش عندها طاقة لجدال جديد.
ــــــ&ـــــ
أم سعاد بكسوف وحزن وذنب : ” يقطعني يا بنتي، ياريتني ما كنت طلبت منك حاجة في الساعة دي…”
ليلى بابتسامة هادية تحاول تطمّنها: “إنتي ذنبك إيه يا أم سعاد؟ دا نصيب…”
أم سعاد وهي بتبص على خدود ليلى اللي كان لسه باين عليها آثار الاحمرار: “طب انتي كويسة يا بنتي؟ واللي في بطنك؟”
ليلى بابتسامة خفيفة، تحاول تبعد أي قلق عنها: “الحمدلله، ربنا ستر، مفيش حاجة.”
محروس وهو بيبص لليلى بقلق، صوته فيه حنية: “والنونو كويس؟”
ليلى بابتسامة أوسع، بتحاول تديهم إحساس بالأمان: “آه، كويس.”
أسماء بعياط وهي داخله تجري على ليلي وبتخدها في حضنها: يعني اليوم اللي مكنتش موجودة فيه يحصل كل ده؟! لو كنت أعرف، مكنتش رحت عند ماما وبابا.
ليلى بابتسامة: والله يا بنتي محصلش حاجة.
أسماء وهي بتمسح دموعها بغضب: بس أنا مبسوطة باللي عمله سعيد! في وشه.. أنا شوفته لما جيت، افتكرته عفريت!
ليلى وهي تضحك: يالهوي عليكي!
أسماء بجدية: والله لو شفتي وشه، تقولي عربية داست عليه!
كملت بغضب: متشوفيش وحش بعيد عنك! عارفة لو كنت هنا كنت…
ليلى مقاطعة بابتسامة: أنا عارفة، كنتي قطعتيه!
أسماء بحزم: آه والله! يفكر بس يقربلك تاني، كده بس…!
ـــــ&ــــ
في الصالون
صباح بعصبية وغيظ، صوتها عالي ومليان غضب: “البجحة! دخلت الفيلا بعد اللي جوزها عمله؟! عايزة أدخل آكلها بسناني!”
رغد بهدوء، لكن كلامها كان واضح: “ابنك يستاهل، وجوزها راجل.”
صباح بعصبية أكتر، صوتها بيعلى: “إنتي بتوقفي مع اللي ضرب أخوكي؟!”
رغد بنبرة حادة، مش خايفة من غضب أمها: “ابنك غلطان! وانتي بتسندي ليه؟! دا عمل مصيبة! مش عارفة إمتى هتعترفي إنك ما عرفتيش تربي عيالك؟!”
صباح عنيها ولعت، رفعت إيدها تهدد: “كلمة كمان وهضربك! انتي اللي عايزة تربية! في عيالي كلهم!”
نسرين كانت واقفة وسطهم، النار بتاكلها من جوه، من امبارح وهي مش عارفة تنام.
مش زعلانة على أخوها، زعلانة إنه عمل كل ده، وإنه كان مستعد يهد الدنيا عشان “حتة الخدامة” دي!
بس هي… يقول لها:
“إنتي خسارة فيكي البصة.”
نسرين عينيها لمعت بغضب، الشر كان بيجري في دمها وهي بتفكر…
“مش هسيبها ليها… طالما أنا مش موجودة، يبقى الخدامة دي كمان مش موجودة!
مش هسيبه يفرح بيها ولا باللي في بطنها… لو افتكر إنه كسب، يبقى مايعرفش نسرين كويس!”
ابتسمت ابتسامة صغيرة، لكنها كانت أخطر من أي تهديد واضح…
ـــــــــ&ـــــــــــ
في مكتب الحاج صلاح
الحاج صلاح كان قاعد في مكتبه، وركان واقف قدامه بثبات، عنيه مفيهاش خوف ولا تردد. صلاح بص له بنظرة طويلة قبل ما يتكلم بصوته التقيل:
“أحب الراجل الحمش، بس محبّش الغبي… وأظن إنك مش غبي. أنا سبتك امبارح تعمل اللي انت عايزه، مش أنت صح، عشان أنا كنت عايز كده. الواد عندي، وكنت محتاج أقرص ودنه… غير كده، مستحيل حد يلمس شعرة من رأس أحفادي، واللي يفكر… بطير راسه.”
سكت لحظة، وبص لركان بحدة أكتر:
“دي أول وآخر مرة ترفع عينك في أحفادي! وحاجة تانية، أنا مبحبّش الراجل اللي عنده نقطة ضعف، نقطة ضعفك دي… هتخرجك من اللعبة قبل ما تبدأ، أو توقفك في النص، لأن دايماً هيبقى في حد ماسك منها.”
ركان شد جسمه أكتر، وقال بنبرة واثقة، عنيه مفيهاش أي تردد:
“أنا ماليش نقطة ضعف… أنا زيك بالضبط، مبحبّش حد يقرب من اللي يخصني.”
صلاح ابتسم ابتسامة خفيفة، فيها رضا واضح:
“عجبني ردّك وثقتك في نفسك… شايف فيك نفسي وأنا صغير، كنت زيّك كده… نفس الدماغ، نفس العِناد.”
ركان رفع حاجبه بخفة وقال:
“ياه… بجد؟! ياريت ييجي اليوم وأبقى زيّك.”
صلاح ضحك ضحكة قصيرة، فيها قوة:
“صعب شوية… بس انت الوحيد اللي أقدر أقول له مش مستحيل! عارف ليه؟ عشان عندك كنز… وكنزك هو دماغك اللي عجباني.”
صلاح سحب نفس عميق وقال بنبرة جدية:
“ندخل على المهم قدامك أول اختبار حقيقي… عندي صفقة سلاح كبيرة داخلة البلد، وعايزها توصل من غير ما الحكومة تشم ريحتها. الناس اللي بيشيلوا الشحنة دي مالهمش أمان، ولازم تتنفذ العملية بأقل خسائر.”
أركان حافظ على ثباته، عينه مافارقتش عين صلاح، وسأله بصوت هادي لكن وراه تفكير سريع:
“مين اللي ماسك التوصيل؟ وأي نقطة ضعف عندهم ممكن نستغلها؟”
صلاح ابتسم بخفة، كأنه متوقع السؤال ده، واتكأ بظهره على الكرسي:
“اللي ماسك التوصيل مجموعة مرتزقة، بيشتغلوا بأعلى سعر، يعني النهارده معانا، بكرة علينا. نقطة ضعفهم؟ الفلوس… بس أنا مش ناوي أدفع مليم زيادة، ولازم الشحنة توصل من غير مشاكل.”
أركان فكر لثواني، ملامحه ما تغيّرتش وهو بيرد بثقة:
“يبقى الحل إننا نأمن الطريق بخط بديل، ونبقى متحكمين فيهم مش العكس. هعرف مين أقرب ناس ليهم، ولو في حد يقدر يخونهم عشان مصلحته، وساعتها مش بس هنأمن الشحنة… هنضمن كمان إن محدش فيهم يفتح بقه بعد العملية.”
صلاح ابتسم ابتسامة رضا، وهو بيهز رأسه ببطء:
“عجبني تفكيرك… شوف هتعمل إيه، بس خلي بالك، دي مش لعبة، أي غلط صغير ممكن يكلّفنا كتير.”
أركان ثبت نظره عليه وقال بثقة:
“وأنا عمري ما بغلط… الشحنة هتوصل، والكل هيفضل فاكر إنها اختفت في الهوا.”
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية زواج في الظل)
التعليقات