رواية الهجينة الجزء الثاني للكاتبة ماهي أحمد الفصل الخامس والثلاثون
أنهت نطق حروف أسمه لتجده يغرز أظافره برقبة والدها الحبيب لترى دمائه تتساقط منه أمام عيناها تفارق روحه الجسد ليتركه هو يخر أرضاً ناظراً له نظرة رضا عما فعله
فما اصعب من ان ترى الروح تخرج من جسد من احببت تقف عاجزٍ أمامه لا حول لك ولا قوه.
كان الصمت حليفها في هذا التوقيت تقف الكلمات كالحجاره من ثقلها على شفتيها لم تستطع اخراج الكلمات من فمها فقدت النطق والشعور بمن حولها تلألأت الدموع في عيناها شعرت برعشه في جسدها لم تتحمل الوقوف فجلست بجانب جثه والدها الحبيب تلامس خصلات شعره ودماؤه تملىء كفها.
هبط «عز» الدرج مسرعاً ليجد «غرام» بانتظاره أمام السياره الأجره ممسكه بهاتف «هدير» لتخبره قائله: عز هدير نسيت تليفونها استناني انا هطلع ادهولها
رفع كف يده وأوقفها عما تريد فعله قائلاً: هاتي التليفون خليكي انتي أنا هطلعهولها
اخرجت «ولاء» رأسها من نافذه السياره وهي تتأفف فقد تغلل العرق بجسدها وعلى وجهها محاوله الحصول على بعضٍ من الهواء النقي.
بسرعه ونبي ياعز عشان خلاص طلعت كتكوتين حمر وانا قاعده
نظر «شريف» خلفه فقد كان يجلس بجانب السائق ليقول: من حلف بغير الله فقد اشرك
الله يفتح عليك ياشيخ شريف ربنا يكتر من ايمانك
انهت «ولاء» جملتها وهو ينظر إليها من المرآه التي أمامه نظره سخريه ثم أردف
اسمها يكتر من امثالك مش من أيمانك، وبعدين أنا مش شيخ بس دي حاجات الملحد يعرفها عادي
نظرت لهما «غرام» متأففه:.
ممكن تسكتوا انتوا الاتنين
ثم نظرت أمامها ل«عز» ممسكه بالهاتف المحمول لتعطيه له:
خد ياعز بس بالله ما تتأخرش بسرعه أنتَ شايف الحر هنا عامل ازاي
أخذ منها الهاتف يسرع في خطوته قائلاً:
ماتقلقيش هنزل على طول
عاد« عز» أدراجه يقوم بغلق باب المصعد خلفه ليسمع «حسام» خطوات أقدامه متجهه الى الباب ليقبض بقوه بكف يده خصلات من شعر «هدير» ويجلس بجانبها هامساً بأذنها:.
لو عايزه «عز» يعيش ومدبحهوش قدامك اوعي تنطقي بحرف واحد
انهمرت الدموع منها بغير إدارتها محاوله جاهده مسح دموعها من على وجنتيها لتسمع جرس الباب يرن، ينظر لها «حسام» يطالعها بجديه ثم يقوم بتحويل لون عيونه الى اللون الأسود، تشاهد أنيابه تخرج من شفتيه استعداداً لذبح « عز» هو الأخر، فتسمع صوت« عز» مره أخرى قائلاً:.
هدير، انا عز نسيتي تليفونك مع «غرام» تحت جيت ادهولك
دب القلق بقلب «عز» من عدم إستجابتها فقد استغرقت وقتٍ أطول من المعتاد لفتح الباب شعر بشيئاً خاطىء نظر يميناً ويساراً ليرى إذا كان يوجد أحداً بالجوار ثم أخرج سلاحه الخاص به من الجيب الخلفي لسرواله قائلاً:
هدير لو مافتحتيش دلوقتي هكسر الباب.
لم يجد اي رد منها استعد «عز» وعاد خطوات بظهره للخلف لكي يحطم الباب المصفح الذي أمامه يرفع سلاحه يوجهه الى القفل وفي اللحظه الأخيره تقوم «هدير» بفتح الباب واضعه المنشفه الخاصه بالاستحمام أعلى رأسها مرتديه روب أبيض
تحاول تصنع الابتسامه
اي ياعز حصل حاجه؟
تلعثم بكلماته عندما رأها بهذا المنظر مرتديه روب الاستحمام مد كف يده ينظر بجانبه يتجنب النظر إليها:.
أنا افتكرت أن حصلك حاجه قلقت عليكي
ابتلعت ريقها تحاول باجتهاد أن تخرج كلماتها بتلقائيه:
أنا بس كنت بستحمى أنتَ عارف الجو حر أوي هنا جيت على طول اخدت دش
مد لها كف يده وهو ينظر بجانبه يتفادى النظر إليها:
تمام ده تليفونك عشان اكيد داغر هيتصل بيكي.
نظرت بطرف عيناها بجانبها ل«حسام» الواقف خلف الباب مباشرةً شاور لها برأسه بالموافقه لكي تأخذ الهاتف من يده مدت كف يدها لتأخذ الهاتف منه فأزاح «حسام» يدها لينزلق منها الهاتف على الأرض بقوه ليتحطم نصفين نظر «عز» الى الهاتف الملقى أمامه:
مش تخلي بالك ياهدير.
ابتلعت ريقها وكانت تعلو أنفاسها أكثر فشعر «عز» بأنه احرجها أخذ نفس عميق يصاحبه ابتسامه وانحنى لكى يلتقط الهاتف من على الأرضيه ليجده محطم، وضعه بجيبه قائلاً:
الظاهر انه جاب شاشه هحاول اصلحهولك النهارده خدي تليفوني دلوقتي علشان لو داغر حب يتصل بيكي
ردت سريعاً:
لا لاء مالوش لزوم أنا معايا تليفون بابا بس لو داغر اتصل بيك قوله ان تليفوني بايظ عشان مايقلقش عليا
اشار برأسه موافقاً:.
تمام اللي تشوفيه
هبط «عز» مره أخرى تاركاً «هدير» لمصيرها المحتوم أغلقت الباب خلفه وقبل أن يرمش لها طرف عين وقف «حسام» أمامها أخذ يطالعها بنظرات خبيثه وابتسامه صفراء تظهر بجانب شفتيه قائلاً:
شاطره، هدير بنت عمي طلعت شطوره وبتسمع كلامي
وضع يده على بطنها وأغلق عيناه وهو ينصت لدقات قلب الجنين مبتسماً ابتسامه تملىء وجهُ:
ياه ابني اخيراً هشوف ابني.
انكمش حاجبها وتعالت نبضات قلبها نبضه تلو الأخرى وهي تنظر له باستغراب ثم أكمل هو حديثه
ايه، مستغربه إني بقولك أنه ابني، بس هو ابني ياهدير وانتي مراتي انتي من وقت ما تولدتي وكان دايماً عمى بيوعدني انك هتبقي ليا عشان كده انتي واللي في بطنك هتبقوا ملكي
ضغط على أسنانه وأمسك بها من خصلات شعرها ليضرب رأسها بعرض الحائط فاقده لوعيها تماماً.
هما الان في السياره تسير نحو طريق الجيزه حيث تقع الفيلا الخاصه ب «عز» كانت تجلس «ولاء» بجوار النافذه تخرج يدها منها كأنها تحاول أن تمسك الهواء حيث كانت نسمات الهواء تداعب وجهها الصغير وتجعل خصلات شعرها تطاير وتغلق عيناها مستمتعه بنسمات الهواء البسيطه ينظر «شريف» إليها عبر مرآة السياره الخارجيه، يبتسم على حركاتها الطفوليه وكأنها عصفور صغير يحاول تعلم الطيران، يشرد «شريف» قليلاً وهو يطالعها ليفوق من انخراطه على صوت «غرام» قائله:.
اطلع على امبابه لو سمحت
توجهت جميع الأعين عليها باستغراب كل منهم يريد سؤالها لماذا تريد التوجه الى امبابه حتى أردف «عز» سائلاً:
عايزه تروحي امبابه ليه ياغرام؟
لتنطق هي قائله:
معلش ياعز خليني ارجع شقتي القديمه لحد ماتجيبلنا شقه جديده
لترد «ولاء» مسرعه:
بس الشقه اللي كنا قاعدين فيها أنا وانتي صاحبها أجرها وانا لا يمكن أرجع أعيش مع ابويا ومرات ابويا مره تانيه ياغرام.
نظرت بجانبها محاوله تهدأتها تطبطب على كتفها برفق:
ماتقلقيش ياروح غرام أنا اتصلت بصاحب الشقه قبل ما نرجع وعرفت انها ما تأجرتش ومستنينا نستلمها منه
وضع «عز» كف يده على جبينه لم يستطع أن يستوعب ما تفعله «غرام» بهِ وبالرغم من ذلك لم يتفوه بكلمه واحده نظر «شريف» له ليجد الحزن يظهر على ملامحه فلم ينطق بكلمه واحده ونظر أمامه وبداخله ألف سؤال يحتاج لأجابه.
ربما مرور الساعات سريع، فهذه الساعه هي ساعه الغروب، أتي الغروب وقدم معه لفحات الهواء البارده الذي حرك الأشجار المحيطه بالمزرعه
كانت نسمات الهواء بارده على عكس صباح هذا اليوم كانت الشمس حارقه، تجلس «شمس» على الأرجوحه تتمايل بها هنا وهناك شارده بتفكيرها في صدمتها مما أخبرتها بهِ.
« مارال» حتى التقطت ريحته تأتي من خلفها هذه الرائحه تعلمها جيداً تنهدت بعمق ساحبه لنفس جاهدت في سحبه ضاغطه على أسنانها تبتلع ريقها قائله:
أرجوك يا «ياسين» فأنا بمزاج سىء اليوم وفي هذه اللحظه تحديداً
أتي من خلفها وجلس بجوارها واضعاً بجانبه المشروب الخاص به اخذ يتمايل بالأرجوحه هنا وهناك بقوه دفع أكبر نظر اليها بجانبه وهو يحرك الأرجوحه بشده:.
مالك مكشره لدرجه ان وشك بقى شبه مشط رجلك ليه
قبضت بيديها الأثنتين على الحديده الخاصه بالأرجوحه خائفه من الوقوع منها قائله بضجر:
اوقف هذه الأرجوحه فمن الممكن أن نقع أرضاً
ابتسم «ياسين» من خوفها لمجرد الوقوع فأسند بقدمه على الأرض ليخفف من شده حركتها:
ها. وقفتها مش هتقوليلي بقى مالك؟
وقفت واستقامت تستعد للرحيل والأبتعاد عنه فقبض بيده على كف يدها:
اقعدي ياشمس.
تنهدت ونظرت لقبضه يده المحكمه على معصم يدها ليعتلي الغضب ملامح وجهها نظر «ياسين» لها وترك يدها على الفور رافعاً يداه الأثنان على مستوي صدره:
سيبتك، اقعدي بقى بدل ما اديكي كف يعدلك سقف وشك ده
نظرت له بتهكم تنهد قائلاً بابتسامه بسيطه:
اسف ياست البنات، اقعدي ووعد مش هسألك حتى انتي زعلانه ليه، اتفقنا.
تنهدت شمس تنهيده بسيطه وجلست بجواره ارجعت برأسها للخلف واضعه شعرها على مسند الأرجوحه مغلقه عيناها تاركه أشعه الشمس البرتقاليه في هذا التوقيت تنعكس على بشرتها الصافيه نظر لها « ياسين» بأعجاب شديد حتى أردف:
شايفه القمر ياشمس
بدأت بفتح عينيها ببطىء وارتسمت الابتسامه على وجهها قائله:
كيف لي أن ارى القمر، فالشمس مازالت بمنتصف السماء.
في دي عندك حق القمر والشمس مابيجتمعوش سوا وبعدين ازاي اسأل على القمر والشمس اللي بتنور الدنيا قاعده جنبي
أخذت تمرر أصابعها بين خصلاتها المموجه مضجره من حديثه
نظر بجانبه ليلتقط المشروب الذي أصبح حديثاً مقرباً لقلبه يمد كف يده ممسك به «لشمس»
خدي اشربي، طري على قلبك في الحر ده
انكمش حاجبيها باستغراب تنظر للمشروب بتعجب
ماهذا؟
رد عليها قائلاً:.
ده الواد رعد بيقول انه اسمه «شيري كولا» مشروب جامد جداً من وقت ما جربته وانا مش عارف ابطله
مدت كف يدها لتأخذه منها متردده قامت بسؤاله للتأكد:
أهو من المنكرات
ابتسم« ياسين» ابتسامه بجانب شفايفه رافعاً حاجبه
تؤ تؤ مش المنكرات
مدت هي يدها لتأخذ المشروب منه رافعه أياه على فمها لتشرب منه القليل ليردف «ياسين» قائلاً
بس من المحرمات.
لتبصق هي ما بفمها جرعه واحده ليضحك هو عليها قائلاً:
أنتِ صدقتي والله مافيها حاجه دي مجرد كولا عاديه عليها حاجه كده بالكريز مش عارف الواد رعد قالى اسمها ايه بيديها طعم مش أكتر
تمسح بيدها على فمها ثم تطالعه من جديد
حسناّ، هذا يكفي فلا أريد ان أتذوقها من جديد
يأخذ هو رشفه من الزجاجه قائلاً:
تيجي نلعب لعبه
نظرت له باهتمام سائله:
وما هذه اللعبه؟
هقولك نفترض إن قدامنا جني ومعاكي إنك تطلبي أمنيه واحده بس هتطلبي ايه؟
نظرت أمامها بتمعن تفكر قليلاً ثم سألته:
حسناً، فلتجب أنت أولاً
ارتشف رشفه من الزجاجه الخاصه بهِ ووضعها بجانبه واعتدل بجلسته ينظر لها وشرد بعيونها التي لطالما أحبها ثم قال بحنان
هقوله إني أتمنى إنك تبقى مراتي ولو لمده24 ساعه بس
نظرت أمامها تتجنب عيناه وهو ينظر لها باهتمام وأعاد سؤاله من جديد:
ها. وانتي هتطلبي من الجني ايه؟
الطلاق.
أنهت كلمتها بعدما نطقتها سريعاً دون تردد
ابتسم «ياسين» وارتفع صوت ضحكاته عالياً لتنظر له هي بإبتسامه لطف فهذه هي المره الأولى التي ترى فيها ابتسامته العريضه سرحت قليلاً بابتسامته حتى توقف هو عن الضحك
ليخبرها:
هي بقت كده. ها، بس تعرفي اني لما بصتلك دلوقتي اكتشفت إني بحب كل تفاصيلك الصغيره
انمحت الابتسامه من على وجهها ببطىء شارده قليلاً قائله:
حتى غبائي!
لا بصراحه غبائك ده تفاصيل كبيره.
ابتسمت ابتسامه تعلو وجهها ليشرد قليلاً
ضحكتك حلوه اوي ياشمس ماتسمحيش لحد أنه يمحي ضحكتك من على ملامحك في يوم حتى لو الحد ده كان أنا
كانت تنظر له بثبات وأنفاسها تعلو تدريجياً ليتمعن بنظراته داخل عينيها التي كساها الخجل والتوتر قائلاً:
يخربيتك ياست الكل ده انا حبيتك
تهز رأسها يميناً ويساراً لتقول:
لا فائده منك لن تتغير أبداً ستظل كما أنت.
«شمس» انتي ليه مش قادره تفهمي انا وانتي زي جوز الجزم فرده واحده ماتمشيش ده انا من غيرك مش قادر أعيش
ضربت بكف يدها على جبينها قائله:
أهذا مفهومك عن الحب، ماذا تقول أنت، ومن أين أتيت بهذه الجمله
وقفت واستقامت لتعطيه ظهرها راحله فأوقفتها جملته قائلاً:
طب بلاش جوز الجزم، جميلةً أنتِ كأبتسامه راعى غنم وجد معزته الضاله منه منذ شهور
استدارت لتنظر له بعدم فهم تحدق بعيناها له ُ قائله:.
اتنعتني بالمعزه
يعني سايبه ابتسامه راعي الغنم وماسكه في المعزه بصي على المغزى من الجمله ماتركزيش مع المعزه
أنهى جملته وهو يغمز لها بطرف أعينه بابتسامته الجميله،
حاولت اخفاء ابتسامتها والتحدث بجديه:
ياسين. يكفي هذا
انتِ ولا عاجبك جوز الجزم ولا المعزه انا احترت معاكي بصراحه
رفعت «شمس» يديها بأستسلام:
حسناً لقد استسلمت
أخذت تخطو للأمام وكان هو يسير بجانبها قائلاً:
شمس تيجي نتكلم جد شويه.
نظرت له لتجد ملامحه تعتليها الجديه اشارت بعيناها سائله:
ماذا بك يا «ياسين» اهناك خطبٍ ما؟
تنهد وهو يسترسل حديثه
في حاجات بتحصلي غريبه والمشكله اني مش عايز احكي غير ليكي هو عادي اني احكيلك
ردت مسرعه:
بالطبع.
تنهد بعمق ثم أغلق عيناه ببطىء ملامسه رموشه الكثيفه بعضهما البعض ثم افتح عيناه مره أخرى لتجد عيناه تحولت الى اللون الأحمر ولكن ليس باللون الأحمر المعتاد بل أحمر قاتم أشد أحمراراً كلون الدماء طالعته جيدا ًفي بادىء الأمر تتفحص لون عيناه مبتسمه وكأنها تعلم بأن هذا ما سيحدث أستغرب «ياسين» كثيراً من فعلها هذا قائلاً:
غريبه!
وما هو الغريب في ذلك؟
انا عنيا أتغيرت مابقيتش باللون الاسود ياشمس أنتِ عارفه ده معناه أيه والمشكله اني حاسس انك عارفه وماستغربتيش
قبض كف يده نظر بجانبه ثم طالعها من جديد:
أنتي عارفه حاجه انا مش عارفها صح
نفت ما قاله للتو قائله:
لا، لم أكن أعلم شيئاً بالمره فقط كنت متوقعه حدوث ذلگ من حديث «خاله حكيمه» فأصبح لدينا اثنان من الالفا الأن
بتر حديثها قائلاً:.
انتي بتقولي أيه انا لايمكن أكون ألفا، اي اللي يخلي واحد زيي يبقى ألفا وليه واثقه أني ممكن اكون ألفا
ترددت بحديثها والارتباك يعلو نبرة صوتها:
لا أعلم ولكن كل ما أعلمه أنك مستذئب قوي يا «ياسين» ولكن لا تعلم مدى قوتك بعد، واذا كنت تريد الفوز بهذه المعركه فيجب عليك وضع يدك بيد عمار يجب عليكما أن تكونا يداً واحده حتى نتخلص من العربي نهائياً هذه المره فهذه المره هي الفرصه الأخيره لنا.
وضعت يدها على كف يده تنظر له بعيون راجيه، نظر هو للأسفل ينظر ليدها المتشبثه بكف يده ابتسم ابتسامه رضا يطالعها من جديد لتقول هي:
أريد منك وعد بأن تفعل كل ما بجهدك لكي تضع يدك بيد عمار
نظر لها وكأنه يرتوي من ملامحها فبالرغم من كرهه ل«عمار» فقد وعدها بما تريد، لم يكن يستطع الرفض أمام نظرات أعينها الراجيه ولكن أشترط شرط صغير سائله هي أياه عن شرطه ليخبرها:.
أنا عارف انك مابتحبنيش، مش قصدي بس كحبيب أنا عارف إنك مابتحبنيش من أساسه، ومش هلومك، اللي حصل مني طول السنين اللي فاتت حتى لو كان غصب عني ومش بأرادتي فأكيد هيسبب أثر جوه قلبك المشروخ مهما حاولت سنين أصلح فيه اللي أتكسر مابيتصلحش عشان كده عايزك تسامحيني أوعديني إنك تسامحيني ياشمس انسيلي كل اللي فات بس المره دي تبقى من قلبك بجد ممكن دي أخر مره نقعد فيها مع بعض ومانتكلمش تاني، المعركه فاضل عليها اقل من أيام والعربي مش سهل والمره دي أنا مش ناوي أسيبه المره دي المعركه هتبقى حاسمه بموتي أو بموته بس عايز اعرفك شىء لو فيها موتي يابنت المهدي مش هخليه يمس شعره منك، يدوس على قبري قبل مايدوسلك على طرف.
وضعت هي يدها على فمه مسرعه بلهفه حتى لا يستكمل حديثه فعند سماعها سيرة موته لم تستطع التحمل واضعه يدها على فمه، أنكمش حاجبه باستغراب ينظر ليدها المرتعشه التي ما زالت على شفتاه يرى الخوف في أعينها، استغربت هي مما فعلته للتو انزلت يدها من على فمه سريعاً استدارت لتعطيهِ ظهرها، تفرك بأصابعها، تضغط على شفتاها بأسنانها بقوه، تتمنى أن تنشق الارض لكي تبتلعها يقف هو خلفها هامساً في أذنها بحنان:.
خوفتي عليا ياشمس
أخذت نفساً عميقاً وكأنها تستجمع شتات نفسها من خلال تنفسها قائله:
بالطبع لا، ولكني أكره سيرة الموت فالموت شىء بشع حتى لو كان موتك أنت الذي لطالما تمنيته طوال عمرى
انقبض حاجبه وكلماتها تنزل عليه كالصاعقه تخترق قلبه
انا مش فاهمك انتي بتتمنيلي الموت ولا خايفه عليا منه
استدارت تنظر له لتجيب سؤاله:
كنت أتمنى لك الموت يوماً ولكن الان لا اتمناه لك ولا لغيرك وأرجوك دعنا ننهي هذا النقاش السخيف.
رحلت «شمس» وتركته خلفها رحلت وكأنها تهرب من شيئاً ما، شيئاً لطالما ظنته مستحيلاً فهذه هي المره الأولى التي تشعر فيها بالخوف على «ياسين» فانقبض قلبها لذلك.
كان «داغر» يجلس هو وباقي اسرته في الغرفه الخاصه بها يشتم رائحه فراشها يريد التقاط رائحه جدته مره أخرى يحاول جاهداً مراراً وتكراراً ولكن دون جدوى ينظر كلاً من ميرا وغدير الى برواز قديم مزخرف من الأطراف موجود أعلى الحائط بداخله صوره لجدتهما تبتلع «ميرا» ريقها ثم تنظر بجانبها لتجد دموع« غدير» تنهمر على وجنتيها لتضمها داخل صدرها لتهون عليها ولكن من يهون عليها هي.
تترك« غدير» خلفها لتقترب من البرواز خطوه تتمعن النظر فقد افتقدت جدتها كثيراً كاد اشتياقها لجدتها ينهش قلبها لتجد من يشبك اصابعه ويتشبث بها تنظر بجانبها لتجده «رعد» يحتضن كف يدها بيده أشار لها بعيناه قائلاً:
هي في مكان أحسن كتير دلوقتي ياميرا
طالعته باهتمام قائله:
وده اللي مهون عليا يارعد أني متأكده انها في مكان أحسن
وقف «داغر» بجوارهما قائلاً:
اوصفهالي ياميرا.
كانت شبه خالتو حسناء اوي ياداغر كانت شبه مامتك أوي
ابتسم داغر قائلاً:
كنت حاسس ان والدتي تشبهلها
مسحت «غدير» وجنتيها قائله:
طبعاً مش مامتها اكيد ماما هتطلع لتيته ايه الذكاء ده
ترك رعد يد ميرا حاملاً الطفله بين ذراعيه:
وانتي بقى طالعه شبههم اوي تعرفي ده
قالت والسعاده تغمرها:
بجد
قرص «رعد» بيديه على وجنتيها بحنيه:
اكيد
نظر «داغر» بجانبه الى ميرا:.
ميرا اتصليلي بهدير اكيد زمانها وصلت دلوقتي
حاضر ياداغر
امسكت ميرا الهاتف المحمول الخاص بها محاوله الاتصال بها لتجده مغلق
داغر فونها مقفول
انقبض قلبه عند سماع جملتها قائلاً: طيب اتصليلي بعز بسرعه
هاتفته سريعاً وعند سماعه صوته ألتقط الهاتف من يد «ميرا» مسرعاً:
تليفون هدير مقفول ليه ياعز
أخبره عز بما حدث وأن هاتفها معه الان حتى يصلحه لها.
اغلق الاتصال معه وشعر بالقلق بالرغم ما قاله له عز ولكن شعوره أجبره على عدم الارتياح شرد قليلاً حتى أفاقه «رعد» من شروده:
مالك ياداغر ماقالك ان الفون اتكسر غصب عنها وهو هيصلحه
ليرد عليه قائلاً:
مش عارف حاسس بحاجه غريبه، اتصليلي بعمى بسرعه ياميرا
ردت غدير قائله:
ايوه اتصل ب «بابا» هدير
هزت رأسها بالنفي:
بس انا مش معايا رقم أنكل منشاوي ياداغر.
نظر له« رعد» وجد القلق ينحت ملامحه حاول أن يبث الطمأنينه بقلبه قائلاً:
أطمن أكيد تعبانه من السفر ونايمه دلوقتي ماتنساش انها حامل لو محاولتش تتصل بيك على بالليل هانروحلها كلنا.
كان الليل قد حل بنسماته المنعشه والأجواء المعتدله يجلس هو وحيد يبحث عنها بكل مكان بالمزرعه حتى التقط رائحتها، رائحتها مميزه بالنسبه له يستطيع تمييز رائحتها من بين نساء الأرض جميعاً وقف أمامها مباشرهً أخذ يطالعها من جديد وجدها تحاول التهرب من عيناه تتجنب النظر اليه بشتى الطرق تتحرك خطوه يساراً يتحرك خطوه معها تتحرك جهه اليمين يتحرك معها تأففت هي ثم أردفت:
ماذا تريد ياعمار
أريدك
ولكني لا أريدك.
بتكذبي انتي عايزاني زي ما انا عايزك بالظبط
تأففت قائله: من منا الكاذب هنا أذا كان بيننا كاذب فهو أنت لست أنا
مرر أصابعه بين خصلات شعره بضجر:
أنا فاهم تقصدي أيه ياشمس بس انا مكذبتش عليكي
انت لم تصارحني بديانتك فأنت مسيحي وأنا مسلمه كيف لك ذلك لقد طلبت يدي للزواج وأنت مسيحي أين عقلك ياعمار
رد عليها مسرعاً دون تردد:
مش موجود، عقلي مكانش موجود أو، أو كان موجود وانتي جيتي طيرتيه.
أغمضت عيناها متأففه وتركته خلفها ليأتي بلحظه يقف امامها من جديد:
ماتمشيش وانا بكلمك ياشمس اسمعيني على الأقل
اديني فرصه اشرحلك خلينا نسوي أي خلافات ما بينا النهارده
رفع معصم يده وأشار بعينيه لها أن تنظر اليه:
بصي. بصي على معصم أيدي مش هتلاقي صليب،
انا اسمي عمار مافيش مسيحي اسمه عمار امي وانا صغير مكانتش بترضى تاخدني معاها الكنيسه على عكس اخويا واختي.
مارال قالتلي انها قبل ما تيجي كانت أمي اسلمت وفي الاخر عرفت انها مش أمي من أساسه دول مش اهلي انا عمري ماروحت كنيسه في يوم وده مش بأرادتي ده كان غصب عني مكانش حد من أهلي بيوافق، كل دي حاجات تدل على إني مسلم عمري ما حسيت في يوم انى مسيحي بس في نفس الوقت مش هكذب عليكي عمري ما دخلت جامع ولا صليت ولا قرأت قران كنت مشتت، أو كنت خايف، مش عارف بس اللي اعرفه ومتأكد منه أن ديانتي عمرها ما كانت هتبقى عائق لحبي ليكي ياشمس لأني كنت على أتم استعداد اني اضحي بأي حاجه في سبيل إني أكون معاكي.
تنهد وتحولت نظراته لها لنظرات حب بها ما يكفي لأهل الأرض جميعاً ثم اردف:
انا عندي استعداد اضحي بأي حاجه وكل حاجه في سبيل اني أكون جنبك وليكي وتبقي ليا، عايز اقولك حاجه اخيره وبعدها قرري واللي هتقرريه انا موافق بي
أنتبهت لحديثه باهتمام زائد:.
عايزك تعرفي أن غيرتي عليكي مش شك فيكي أو عدم ثقه غيرتي عليكي تعرفك انك تخصيني انتي خط احمر بالنسبالي ياشمس أنا عايز ابدأ معاكي صفحه جديده خاليه من المشاكل مش عايز المشاكل تعرفلنا طريق تاني اديني فرصه واوعدك هتغير عشانك المره دي
عم الصمت الأرجاء ينتظر ردها على ما قاله منذ قليل فأردفت قائله:
حسناً، اذا كنت تريد لعلاقتنا فرصه ثانيه أصلح علاقتك ب«ياسين»
ضغط على أسنانه وتمكن الغضب منه بثواني:.
تاني، تاني ياشمس قوليلي ليه؟ ليه عايزاني اقرب منه،
أمسكت بكف يده بعيون دامعه تملؤها الرجاء:
كنت تخبرني منذ لحظات إنك على أتم الاستعداد أن تفعل أي شىء لأجلي فقط أفعل ما أخبرك بهِ دون اسئله ثق بي مثلما وثقت بك ارجوك ياعمار فهذا ما أريده منك الآن دعنا ننهي خلافتنا جميعاً ضع يدك بيده لكي نفوز بالمعركه وأما عن اسلامك فدع هذه المسأله لي القرار قرارك الأن.
ضعط بأسنانه على شفته السفليه أخذ يفكر وهو يمرر أصابعه بين خصلات شعره يضع ياسين أمامه فهو يمقته وبعد تفكير وافق لأجلها أن يتعاونوا معاً
موافق ياشمس، موافق عشان خاطرك
وافق عمار أخيراً بعد معاناه طويله أن يضع يده بيد ألد اعداءه وبنفس اللحظه هو أقرب أليه من نفسه ولكن لا يعلم بذلك.
التعليقات