رواية هل الضربة قاضية الفصل العشرون 20 بقلم نهال عبدالواحد
رواية هل الضربة قاضية البارت العشرون
رواية هل الضربة قاضية الجزء العشرون
رواية هل الضربة قاضية الحلقة العشرون
أغلقت حبيبة الخط ولا زالت ضربات قلبها متلاحقة فجأة وكأنها لم تعد قادرة على التنفس رغم جلوسها في الشرفة!
يا لكِ من حمقاء! ما هذا الذي تفوّهتِ به؟! أرى الكلام بات يُسكب منكِ سكبًا! تُرى ماذا يقول عنكِ الآن؟ وماذا يظن بكِ؟! ألم أخبرك بالحقيقة أيتها الغبية! هذه القصة لن تكتمل بأي حال، فابتعدي أفضل لجميع الأطراف… حتى ولو تألمتِ بعض الوقت، فحتمًا كل شيء سينتهي؛ لا أحد يموت بابتعاده عن شخص مهما كانت قرابته ومكانته، عودي لطريقك الذي رسمتيه واسمعي صوت عقلك حتى لا تخسري، فلم يتبقى لك المزيد لتخسريه.
هكذا تحدّث نفسها وتحثها.
أما رياض فبعد أن أنهت حبيبة الاتصال مسرعة، ظل واجمًا ناظرًا للشاشة إلى صورتها الموجودة أمامه، صورة حسابها، وقد انتابته رجفة وإحساس بات ملازمًا له منذ فترة قريبة.
دلّك جبهته بإصبعيه وهو مغمض عينيه ثم زفر الهواء فجأة، أغلق حاسوبه وعاد بظهره للخلف واضعًا يديه خلف ظهره مغمضًا عينيه من جديد.
ليفاجأه إيهاب الذي جلس أمامه على فراشه ثم قال: وبعدين!
فانتفض رياض فجأة وتلاقط أنفاسه بسرعة، فرفع إيهاب أحد حاجبيه وخبط كفًا بكف ثم قال بتعجب: طبعًا اتفاجئت بوجودي معاك في نفس الأوضة! يا سبحان الله ولا قوة إلا بالله!
فأجابه رياض منزعجًا: فجعتني يا أخي! قطعت خلفي!
فضحك إيهاب بسخرية وأكمل كلامه بتهكم: أجبلِك طاسة الغضة يا بيضة! كوتي كوتي!
وبعدين خلف إيه اللي بتدور عليه يا عاشق العزوبية إنت!
فجز رياض على أسنانه وقال بغضب: شكلك هتتروق دلوقتي.
وسحب إحدي الوسادات وظل يضربه بها ويصيح إيهاب بمبالغة، ثم قذف رياض الوسادة وعاد متكئًا كما كان.
وكان إيهاب يقهقه ضاحكًا ثم اعتدل جالسًا أمامه مرة أخرى ثم قال له: أظن كده هديت!
فقال رياض بتأفف: يا أخي إنت عايز مني إيه بس!
– إنت هتعمل زي العيال الصغيرة ولا إيه!
فقال رياض بفرغ صبر: عايز مني إيه! ما عندك سريرك روح إترمي عليه وسيبني ف حالي.
فتابع إيهاب بجدية: طب ممكن نتكلم بالعقل.
فنظر له رياض ولم يعقّب، فأكمل إيهاب: إنت ليه آفش كده؟! دي البت نطقت وإنت البعيد لوح، طب ده لو كان لوح كان نطق!
فقال رياض: بت إيه اللي نطقت! هي الكلمة طلعت غصب عنها عفوية كده عشان صعبت عليها، بتحوّر ليه دلوقت؟!
فرفع حاجبيه بدهشة وقال: أنا اللي بحوّر برضه! هي صحيح قالتها عفوية، لكن تأثير الكلمة عليكم إنتو الاتنين مش عفوي أبدًا، قولي بس فيها إيه مش عجبك؟! وحشة مثلًا!
فأجاب: إنت عبيط! دي وحشة دي! ده أنا ما شوفتش جمال في حياتي كده.
قال الأخيرة بتنهيدة حارة فصفق إيهاب بكفين مفتوحين فرمقه رياض فتوقف، ثم تابع حديثه: يبقى دمها تقيل!
فأجابه: إطلاقًا…
-طب أخلاقها…
فقاطعه بغضب: إخرس ولا كلمة!
– طب بالراحة عليّ، طب تبقى مسترجلة بالبوكس اللي بتلعبه؟
– إخرس.
فإغتاظ منه وجز على أسنانه هو الآخر وأكمل قوله: طب إيه! إيه اللي مش عجبك فيها؟!
– هو لازم يكون فيها عيب يعني!
– واحدة ومافيهاش عيب وواقع فيها يبقى إيه!
– دي تهيؤات في دماغك وبس.
– يارب صبرني! يا بني إنت عندك عرق عته ولا سِنّة تخلف عقلي؟!
– لا وإنت الصادق هديك بوكس يتففك سنانك!
– طب نتفاهم بالعقل، إقنعني طيب.
– إنت عارف رأيي كويس ف الموضوع ده، ومش عايز نقاش فيه.
– رأيك ده كان الأول، لكن دلوقتي الوضع إتغير.
– طب ما تنصح نفسك وتخطب بدل ما انت مستلمني كده، وأهو أرتاح من زنّك.
– إنت فاهم إني معترض! أينعم الحرية حلوة مفيش كلام، لكن الأحلى إنك تلاقي حد بيشاركك كل تفاصيل حياتك وقريب ليك فوق ما تتصور، ما نفسكش تروح بعد يوم تعب وشقا تلاقي حضن دافي بيستقبلك وإيد حنينة بتطبطب عليك وبتمسح وجعك.
– نادية ف البيت ربنا يطول في عمرها.
فصاح فيه: ولاا! ما تجننيش! مش حضن الأم يا روح أمك!
فقال له متوعدًا: وأنا شكلي هطلّع روحك وأخلص من قلبة الدماغ دي.
فنظر إيهاب إلى سقف الغرفة وقال: ربنا يسامحك يا طنط نادية باللي بليتينا بيه ده.
فأمسك رياض بالوسادة من جديد يهدده بها وهو يقول: فز بأه ياض يا ابن ال…
فقاطعه إيهاب: إشتم عمك إشتم، و أنا هخصمك ومش هلعب معاك تاني، ماما قالتلي ما تلعبش مع العيال الرخمة…
قال الأخيرة بطريقة طفولية ثم أنهى كلامه مخرجًا لسانه له وأشار له بأصغر أصابعه مثل الأطفال أي قد خاصمه، فتجاهله رياض متمددًا بجسده على الفراش وأعطاه ظهره لكنه لم ينام.
وهذا هو الفارق بين حبيبة ورياض؛ حبيبة قد أيقنت بسقوطها في شباك هواه وإن كانت تحاول محاولات فاشلة في الابتعاد، لكن رياض حتى الآن لم يعترف بإحساسه ولا حتى بينه وبين نفسه ولا زال يخترع حججًا واهية رغم كل أحاسيسه التي تعصف به!
مرت عدة أيام وانتهى أخيرًا رياض وإيهاب من عملهما في الصين وقاما بشحن الملابس وأخبرا طارق بتفاصيل الشحنة عبر الفاكس.
طار رياض وإيهاب بعدها إلى إسطمبول في تركيا ليكملا شراء البضائع، فعليهما تجميع طلبات الموسم الشتوي ليبدؤا بعرضه في محلاتهم بعد افتتاح المحل الجديد، وها هو الموسم الصيفي على وشك الانتهاء.
كانت حبيبة منذ تلك المرة ولم تعيد كَرّة الحديث معه مجددًا وأصرت على تنفيذ خطتها في وأد إحساسها به و عليها الانتباه فقط لتدريباتها ومبارياتها وهاهي ستصعد إلى المباريات النهائية.
لكن يتكرر نفس الموقف مرة أخرى، لتكون جالسة ذات ليلة تعاني من الأرق والملل وأيضًا نوم هاجر الباكر لتجلس متأففة تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي فتجد منشورًا فتعلّق عليه دون أن تنتبه أنه هو صاحب المنشور فتجده فجأة يتصل بها ويتكرر نفس الخطأ لتكون مكالمة فيديو.
كان رياض من هيئته يبدو جالسًا في إحدى المقاهي، أما حبيبة فكانت جالسة في الشرفة فالطقس الليلة رائع!
كانت تتلاقط أنفاسها بسرعة تحاول تنظيمها وضعت يدها على قلبها ربما يهدأ من ذلك الدق الشديد، شعرت بحنينٍ جارف إليه الآن لم تنكره على الإطلاق ولا حتى نجحت في إخفاءه تلك المرة، ولا هو مهما عاند ونفى مشاعره المتجهة بكل اندفاعها وقوتها إلى تلك الجميلة ذات القبضتين القويتين.
لتقول بصوت ناعم للغاية وابتسامة تزين ثغرها: إزيك يا رياض!
فابتسم هو الآخر وردّ بنفس درجة الحنان: لازم أكون كويس دلوقتي، خلاص داخلة عل نهائيات؟
فأومأت برأسها بنفس ابتسامتها الساحرة: إدعيلي يا رياض.
فأجابها بنفس حالته الهائمة: مش محتاجة تقولي، إنتِ دايمًا ف بالي وبدعيلك من نفسي.
فرفع إيهاب حاجبيه من حالة ابن عمه، من قوله وطريقته المتيمة سائلًا نفسه ألتلك الدرجة قد وصلت بلاهتك؟! لم تعد تشعر أو تميز وها هو إحساسك يفر منك رغمًا عنك!
قالت حبيبة بهدوء: وشك أحسن م المرة اللي فاتت.
فضحك قائلًا: آه، ما أنا سيبت الصين وجيت تركيا من كام يوم.
– بتعمل شغل برضو!
– لا بشتري من هنا، في زي سوق جملة بجيب شغل حريمي ورجالي، بس الحياة هنا عادية وباكل عادي وعايش حياتي عادي، ده حتى الفندق لاقيت فيه صالة جيم روحت اتمرنت حسيت إن روحي ردتلي تاني.
فأجابته: طب جميل، شكلكم برة.
فأومأ: أيوة دي منطقة تكسيم في محلات وكافيهات هنا في شارع الاستقلال والدنيا مفتوحة زي أوروبا بالظبط.
فأومأت: طب كويس، تغيير برضو.
فضحك وقال: التغيير اللي بجد لما روحنا الإسبا أنا وإيهاب وعملنا حمام ومساج إمبارح.
فرفعت حاجبيها قائلة بدهشة ونبرة مختلفة: مساج!
فيجيئها صوت إيهاب مداخلًا للحوار: هو ده مساج ده إحنا روحنا مقتولين.
فوجهت له كلامها بسرعة خاطفة: إزيك يا إيهاب؟!
فأجابها: تمام الحمد لله.
فأكملت موجهة كلامها بنبرة يشوبها الإتهام: و يا ترى المساج ده كان شكله إيه!
فأجاب رياض باندهاش: شكله!
فتابعت بنبرة اتهام واضحة ممزوجة بشيءٍ آخر: آه، شكله ولا شكلها! مش في بنات بتعمل المساج برضو!
فأجابها رياض ببعض المكر وقد اتضحت حقيقة نبرتها له: في كل حاجة وكل واحد حسب رغبته.
فتابعت بقوة: يعني رغبتك دي شكلها إيه!
كانت نبرتها أشبه بنبرة زوجة مصرية تجادل زوجها، وقد وصل ذلك الشعور تفصيليًا لرياض فابتسم واتسعت ابتسامته، وكلما اتسعت ابتسامته ازداد ضيقها وغضبها الواضح له، فقال: إطمني، دول كانوا راجلين ووضبونا تمام.
فكررت: راجلين!
ليأتيها صوت إيهاب: وهم دول راجلين! دول دولابين حيطتين وهاتك يا هبد ويا رزع لما إدغدغنا.
فأعادت تساؤلها لرياض: فعلًا!
فأجابها بابتسامته المتسعة وقلبه يتراقص فرحًا من هيئتها: فعلًا.
وفجأة رأت حبيبة عبر الشاشة فتاتين تحومان حولهما وترتديان ملابس فاضحة وتتصرفان بدلالٍ مفرط، وإن كان رياض يمركز كل تركيزه في حديثه مع حبيبة لكنها سألته بنبرة أشد: ودول مين دول كمان؟!
فأجابها: دول بنتين.
فقالت بغضب: لا والله! على أساس مش باينين يعني؟! ما هو باين إنهم هبابتين هو أنا بسألك عن نوعهم؟! ولّا يكون عندهم ديل فاختلطوا عليّ وحسبتهم معزتين!
كان رياض يقهقه بشدة ويتمايل من شدة الضحك من كلامها وطريقتها التي لم يعهدها على الإطلاق، لكنها قد أعجبته على أية حال.
فقال لها بتبلد مصطنع: هو أنا ليه حاسس إنك بتحققي معايا؟!
فصاحت بغضب: ما تقولي مين دول؟!
فأجابها محاولًا السيطرة على ضحكه: دول شغالين هنا.
لتسرع متسائلة: شغالين إيه بأه! جرسونات مثلًا!
– مش بالظبط كده، مش لازم تفاصيل ممكن تحاولي تفهميها وهي طايرة.
فصاحت بغضب وعيناها تطلق شررًا: إتفضل رد عليّ!
– يا بنتي إهدي شوية هيطألك عرق، مش حلو علشانك ألّاه.
قال الأخيرة بطريقة الفنان محمد صبحي.
ولما وجد غضبها يتزايد بشكل مبالغ فيه، بدأ يتحدث ببعض الجدية: تقدري تقولي ممكن يقدموا خدمات خاصة للزباين.
وغمز لها قائلًا: سهراية مثلًا.
فصاحت بغضب شديد: خبر اسود! بنات ليل!
فأومأ برأسه مؤيدًا، فتابعت ثورتها قائلة: وإنت تروح أماكن كده ليه؟!
فأجابها بهدوء: يا بنتي هنا زي أوروبا، يعني حاجة عادية.
فقالت بنبرة فيها بعض الانكسار: حاجة عادية! ماشي يا رياض، ماشي، ما تكلمنيش تاني، مش عايزة أعرفك.
فابتسم بسعادة شديدة وقال: يا هبلة إنت إستني هقولك أنا م..
وقطعت الاتصال فوجم قليلًا ثم اتسعت ابتسامته ونظر ناحية إيهاب المتابع لحوارهما فعقد حاجبيه بتساؤل، فأجابه إيهاب قائلًا: أيوة بتغير عليك يا خروف…
يتبع…..
لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا
لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية هل الضربة قاضية)
التعليقات