رواية “حزن بين احضان الفرح” – الحلقه الثانيه
استيقظت صفاء ، لتجد نفسها مازالت ترتدي نفس البدله الرياضيه التي كانت ترتديها بالأمس
ونظرت حولها تتفقد المكان ، لتكتشف انها قضت ليلتها على فراش روسيا ، في غرفة نومه ، داخل ذلك القصر الفخم ، الذي يقع في قلب قلعته الحصينه !!!
يا نهاااار اسود ومنيل بستين نيله
روسياااااا
انت فين يا روسياااا
لم تتلقى اي رد ، فهبت من مكانها ، وخرجت تبحث عن روسيا فلم تجده بالقصر
وفجأه ظهرت الحاجه “انتصار” ، ام روسيا ، وقالت بصوت حاد :
اسمه الباشمهندس احمد
وبطلي زعيق
احمد خرج من بدري
هرولت صفاء باتجاه انتصار ، والتقطت يدها وقبلتها بكل خضوع ، وقالت بارتباك :
انا اسفه يا حاجه
انا بس معرفش جيت هنا ازاي
ردت الحاجه صفيه :
هو قالي انك تعبتي واغمى عليكي
فجابك هنا
وخدي تليفونك اهوه
واتصلي بيه
هو مأكد عليا انك اول ما تصحي تكلميه
تناولت صفاء هاتفها ، وابتعدت بضع خطوات عن الحاجه انتصار ، ثم اتصلت بروسيا ، وقالت بصوت خفيض :
الوووو
انت فين يا روسيا
وخرجت ليه النهارده
وضهرك متشرح كده
وايه اللي حصل امبارح
مين البت اللي كانت في المطعم
وعملت فيها ايه
رد روسيا بكل ضجر :
ايه كل الاسئله دي
اهدي يا صفاء
انا بقيت كويس
وموضوع امبارح ده تنسيه خالص
انا عالجت الموضوع
وقتللللت البت ودفنثها خلاص
ومفيش داعي نتكلم في القصه دي تاني ابدا
ردت صفاء بتوتر :
حاضر يا روسيا
بس ابويا لو عرف اني كنت بايته عندك
هيقتللللني ويقتللللك
احنا ما صدقنا المشاكل اللي بينكم تخلص
مش عاوزين الهدنه اللي بينكم دي تنتهي
رد روسيا بكل ثقه :
“صابر علوان” عايش لحد دلوقتي
لاني انا سامح بده
بس لو فكر يقرب مني
انا هامسحه من على وش الارض
وانتي عارفه كويس انا ممكن اعمل فيه ايه
انا سايبه بس عشانك انتي
ردت صفاء باستهزاء :
بالراحه على نفسك شويه يا روسيا
انت بتتكلم على “صابر علوان”
اكبر تاجر سلاح في مصر
وانت بكل هيلمانك ده
لما بتطلع بره قلعتك دي
وبدون حمايه الجيش بتاعك
بتبقى مجرد راجل عادي
طلقه واحده تنهي حياتك
رد روسيا بكل هدوء :
طب يا صفاء
انا فعلا مش فاضي للرغي بتاعك ده دلوقتي
عندي اجتماع مهم
ثم اغلق الهاتف في وجه صفاء بكل استهتار ، وتحامل على نفسه ليخفي الم ظهره
ثم ارتدى قبعه للراس ، ونظاره شمسيه سوداء ، ليخفي ورائهم معظم ملامح وجهه
وكان روسيا قد وصل في تلك اللحظه ، الى احد الساحات الفسيحه المحاطه بتلال عاليه من القمامه والمخلفات ، والتي تقع داخل احدى منطقه نفوذه في وسط الصحراء
ليجد رجلان بانتظاره ، تبدو عليهم علامات الثراء الفاحش ، ومن خلف كل منهنا بضعة رجال مدججين بالسلاح الناري
وما ان ترجل من سيارته ، حتى صاح باقتطاب في كلا الرجلين :
يا جماعه انا قلت لكل واحد فيكم
ييجي لوحده
ممكن افهم بقا ايه الحفله اللي انتوا عاملينها دي
رد احدهم بتوتر :
معلش يا روسيا بيه
دي اول مره نتعامل مع حضرتك
انا الحاج “بهجت”
وده الحاج “شاهين”
احنا شاغلين في ….
قاطعه روسيا بكل حزم :
اهلا وسهلا بيكم
بس واضح يا حاج بهجت انكم مش عارفين
القوانين بتاعتي
وواضح كمان انكم
اول مره تتعاملوا مع بعض
وانكم قلقانين من بعض
عشان كده جيتولي
رد الحاج شاهين :
بصراحه يا روسيا بيه
احنا جايين لك بسبب سمعتك الحلوه في السوق
الكل بيحلف بيك
انك راجل امين وكلمتك واحده
بس ما تأخذنيش في الكلمه
انت يعني بعتلنا لوكيشن في حته مقطوعه
مفيهاش سريخ ابن يومين
ايه اللي يضمنك اننا مش هنغدر بيك
ونقتللللك هنا !!!
رد روسيا وهو مبتسم :
وتقتلوني ليه بس يا حاج شاهين
هتستفيدوا ايه من قتللللي
تدخل الحاج بهجت ملطفا الاجواء :
الحاج شاهين ما يقصدش طبعا
هو بس مستغرب الشجاعه اللي انت فيها دي
واعذرني في الكلمه
زي ما احنا عارفين انك راجل دوغري
عارفين برضوا ان ليك اعداء كتير
يتمنوا موووتك
ارتفعت ضحكه روسيا في عنان السماء الفسيحه ، وانتقل صداها بين تلال المخلفات المحيطه بالساحه ، ثم رد بكل ثقه :
بص يا حاج
انا مش تلميذ يعني
عشان اجيبكوا مكان مقطوع زي ده
واجيلك لوحدي كده
لو اي حد من الرجاله بتوعكم دول
فكر بس يسحب سلاحه
هيلاقي عشرين رصاصه في صدره
وانهى روسيا جملته ، فإذا باكثر من خمسين فوهة بندقيه آليه تنبثق من بين قمم تلال المخلفات المحيطه بالساحه !!!
وبدا المشهد مهيبا ومباغتا ، للرجلين وكل من خلفهم من المسلحين ، وقد ظهر رجال روسيا من العدم ، واحاطوا بهم من كل جانب !!!
فرفع روسيا يده للاعلى ، فانسحبت كل البنادق الاليه ، وكأنها تبخرت مجددا ، ثم استطرد بكل زهو :
ممكن بعد اذنكم بقا
الرجاله دي كلها تمشي
عشان نبدا الاجتماع بتاعنا
وبالفعل … قام الحاج بهجت والحاج شاهين في صرف رجالهم ، وبدا بالاستماع لروسيا وهو يشرح قوانينه الصارمه ، حيث قال :
اول شيء لازم نتفق عليه
اني مش عاوز اعرف اي تفاصيل عنكم
او عن نوع التجاره اللي بينكم
ثانيا
انا مجرد وسيط
هاستلم من الحاج شاهين البضاعه
اللي انتوا متفقين عليها
واستلم من الحاج بهجت ثمن البضاعه دي
وهيشرفني هنا يتاكد ان بضاعته تمام
وياخدها بالف سلامه
وانا هاوصل للحاج بهجت فلوسه
مخصوم منها نسبه ١٠% عمولتي
وبكده نمنع ان اي حد فيكم يغدر بالتاني
رد بهجت :
طب ولو البضاعه ما طلعتش زي ما اتفقنا
رد روسيا :
ما تقلقش يا حاج
اللي بيحاول يخدع روسيا
بيدفع حياته ثمن خيانته
سادت لحظه من الصمت للحظات ، قبل ان يتصافح الجميع ، وقد تم الاتفاق فيما بينهم على كل تفاصيل تلك الصفقه !!!
وفي المساء من نفس اليوم
ولكن من داخل المطعم
كانت جوري قد نجحت في ايهام الجميع بأنها قد قضت ليلتها خارج المطعم
وبدات عملها المعتاد في المطبخ ، برفقه صديقتها فاتن ، وقد قصت عليها تفاصيل ما حدث بالامس مع ذلك الشاب المسكين … احمد !!!
فقالت فاتن بكل خبث :
ربنا يعوض عليكي في البالطو بتاعك
الواد ده مش هتشوفي وشه تاني
فبلاش تتعشمي اوي كده
قطبت جوري حاجبيها وقالت بحزن واضح :
ينحرق البالطو
انا بس قلقانه عالشاب
يكون جرا معه شيء مو منيح
بسبب هالمجنونه البشعه
ردت فاتن وهي تضحك :
قلبك الحنين ده
هو اللي موديكي في داهيه
عموما اللي رايده ربك هيكون
انتي بس ادعي انه يظهر تاني
وانتهى ذلك الحوار وقد ظلت جوري تدعوا في اعماقها ان ترى روسيا مره اخرى
واسدل الليل ستائره ، وانتهى العمل بالمطعم ، وغادر الجميع ، وظلت جوري جالسه خلف احدى النوافذ ، تترصد السيارات العابره امامها
وكلما دنت سياره اجرة من المطعم ، زادت ضجيج دقات قلبها ، لكنه سرعان ما يخفت مره اخرى بعد ان تتأكد انها ليست سيارة احمد !!!
وظلت على ذلك الحال حتى هزمها النعاس ، ونامت في مكانها دون حراك !!!
اما فاتن فقد عادت الى منزلها ، لتجد عبد العزيز ابنها يجلس وحيدا ، وقد اخبرها ان اباه قد تلقى اتصالا هاتفيا ، فخرج على اثره مسرعا
فحضرت وجبة عشاء شهيه ، وجلست مع ابنها حتى نام
ثم ارتدت بعض الملابس المثيره ، وتزينت وصففت شعرها بعنايه ، وجلست بكل دلال تنتظر عودت منير ، على امل ان يبادر ذلك الاحمق ، ويعتذر لها عن سوء تصرفه معها بالامس
الا ان ما حدث ، كان عكس ذلك تماما !!!
فقد دخل منير الى المنزل مثل الثور الهااائج ، وقفز على جسد فاتن ، وظل يكيل لها الصفعااات واللكمااات وهو يقول بغضب عارم :
يا واااااطيه
يا حقييييره
يا خااااااينه
بعتي شرفك بكام يا زباااااله ؟؟؟
كانت صدمة وذهول فاتن قد الجمتها عن النطق ، وظلت تصرررخ بشده ، وقد انفجرت دموعها بغزاره من شدة الالم :
انا ما عملتش حاجه !!!
وربنا ما عملت حاجه !!!
وظل منير يبطش بها حتى خارت قواه وجلس يبكي ، ثم اخرج هاتفه من جيبه ، وفتح احدى مقاطع الفيديو ، ووضعه في وجه فاتن ، وهو ينتحب بشده :
بعتي الفيديو ده لمين
انطقي بدل ما اطلع روحك
في ايدي دلوقتي
تطلعت فاتن للفيديو ، وكانت صدمه قاسيه لها !!!
فبداخل هذا المقطع تظهر فاتن شبه عاريه وقد خلعت كل ملابسها ، حيث تقوم بتجربه بعض الملابس الجديده !!!
تجمد فاتن للحظات ، ثم صرخت وهي تبكي بحرقه :
يا فضيحتك يا فاتن
يا دي المصيبه السوده
ورحمة ابويا يا منير
ما بعت الفيديو ده لحد
ولا حتى صورته من الاساس
ده انا كنت في محل بجرب كام فستان
مين الحيوان اللي بعتلك الفيديو ده
قولي على اسمه
وانا وعهد الله هاحبسه
رد منير وهو يبكي :
الفيديو ده واحد جارنا بعتهولي
وقالي مش دي مراتك
انا اتفضحت بسببك يا جذمه
من النهارده مالكيش قعاد في البيت ده
انتي طالق !!!
طااالق !!!
طااالق !!!
تلمي هدومك وتغوري في اي داهيه
ومشوفش خلقتك دي تاني
حاولت فاتن استرضاء منير ، وقالت وهي تنتحب بشده :
انا في عرضك يا منير
انا ماليش ذنب
انت عارف اني بريئه
ما تخربش بيتنا
ابوس ايدك
انتزعها منير من مكانها ، واجبرها على ان تلملم ملابسها واغراضها ثم طردها بكل قسوه ، دون حتى ان تودع طفلها
وخرجت فاتن مكسوره ، تجر حقيبتها وهي تبكي ، فلم تجد مكان تذهب اليه سوا المطعم
اما منير …
فقد ظل يحتضن ابنه ويبكي ، فهو يعلم ان زوجته بريئه ، وانها كانت ضحيه للتصوير بداخل غرفه ملابس احد المحلات
الا ان خوفه من الفضيحه ، جعله يلجأ الى هذا الحل القاسي !!!
وصلت فاتن الى المطعم ، وارتمت في حضن صديقتها جوري ، وقصت عليها مصيبتها ، فما كان من جوري الا ان هبت واقفه ، وقالت بكل غضب :
شو هالنذل الجبان زوجك
كيف يظلمك بهالوحشيه
الله يلعنه
قومي معي
نعمل محضر بالشرطه
حتى يوقفوا هالفيديو
ويجيبوا الكلب اللي صورك
وبالفعل … ذهبت الفتاتان لقسم الشرطه ، والتقوا بالرائد “فاروق الرفاعي” ، وقصوا عليه الواقعه كامله ، وقد دار بينهما الحوار التالي …
الرائد فاروق :
للاسف يا استاذه فاتن
موضوع التصوير المخفي ده
انتشر الايام دي بشكل فظيع
وكل يوم بيجلنا بلاغات كتير
عن بنات اتصورا عريانين بدون علمهم
في غرف الملابس وحمامات السباحه
وكل اللي هاقدر اوعدك بيه
اننا هنحاول في اسرع وقت
نوقف عرض الفيديو في مصر
لكن حضرتك فاكره الواقعه دي حصلت فين ؟
ردت فاتن بكل اسى :
للاسف مش فاكره المحل
لان الكلام ده حصل من سنه تقريبا
بس هو اكيد في وسط البلد
رد فاروق :
انا عاوز حضرتك تعصري دماغك
وتحاولي تفتكري اي تفاصيل
تساعدنا نعرف نجيب الحيوان
اللي عمل كده
هنا تدخلت جوري بالحوار وقالت بانفعال :
يا حضرت الضابط
اهم شيء الان نوقف الفيديو
بالله عليك اعمل اتصالاتك
وحاول توقفه هلأ
لان الفيديو عم تجيه مشاهدات
وبتزيد كل دقيقه
تعاطف الرائد مع فاتن ، وقام بالاتصال فورا بالاجهزه المختصه بشؤون جرايم الانترنت ، واخطرهم بالواقعه
ثم انتهى اللقاء بان وعد فاتن بأن الجاني سوف ينال عقوبته ، وانصرف الفتاتان ، متوجهين الى المطعم
وفي الساعات الاولى من صباح اليوم التالي …
استيقظت فاتن وجوري على صوت طرقات متقطعه على باب المطعم
فاندفعت جوري نحو الباب وهي تقول بفرحه عارمه :
هذا اكيد احمد
وبالفعل … كان روسيا يقف على الباب وفي يده معطف جوري
قالت جوري بكل لهفه وعتاب :
والله كتير قلقت عليك احمد
وزعلانه منك
لانه توقعت تمر عليا امس
حتى تطمني عنك
ليش ما جيت امس
رد روسيا بابتسامه حانيه :
معلش بقا سامحيني
كنت فعلا تعبان
وعبال ما غسلت البالطو ونشف وكويته
ردت جوري بغضب :
يا عيب الشوم
انت تغسل تيابي
ما بيصير
اعمل حسابك من اليوم بتجيب
اواعيك وانا بغسلها لك
قاطعتها فاتن وهي تقول :
مين عالباب يا جوري
حد من قسم البوليس ؟؟؟
ردت جوري :
خيلك بمطرحك يا فاتن
هادا احمد
الشاب اللي حكيت لك عنه
تدخل روسيا بالحوار وقال بانزعاج واضح :
قسم ايه اللي صحبتك بتتكلم عنه
انتوا مستنيين حد من القسم ؟؟؟
هنا بدات جوري في سرد مأساة فاتن على مسامع روسيا !!!
لم تكن جوري تعلم ، انها بالصدفه قد انقذت صديقتها من تلك الورطه
فهي تقف الان امام الشخص الوحيد القادر على انتشال فاتن من تلك الفضيحه !!!
التعليقات