رواية دموع مؤجلة واحتضان اخير الفصل الثالث والعشرون 23 بقلم شمس حسين
وإحنا راجعين كان الوقت أتأخر، الجو ليل، و الزحمة خنقتنا، العربية كانت واقفة زي تمثال، كانت ماشية خطوة خطوة، لحد ما وصلنا في طريقنا جنب الكرونيش، كان الطريق لسة زحمة، العربية وقفت، أول ما بصيت من الشباك، لقيت منظر النيل قدامي، كان النور منعكس على المياة، وصوت خفيف من بعيد لطيور بتحلق كأنه بيحاول يسرقك من أي قلق، سرحت في المشهد، لحد ما حسيت بحركة جنب العربية، كان ولد صغير، شكله ميعديش عشر سنين، ماسك في إيده ورود حمرا بتلمع تحت نور الشارع، قرب مني ومد لي الوردة من شباك العربية، عيونه كانت واسعة وكأنها شايلة كل الحكايات اللي الشارع ممكن يحكيها، وقال وهو بيبتسم إبتسامة بريئه خطفت قلبي: “خديها يا آنسة، وردة حلوة زيك”، إبتسمت له تلقائيًا وطلعت فلوس من شنطتي، إديته وهو اخدها بكل امتنان، بس لما حاول يمد لي الوردة، قلت له بهدوء: “لا، دي ليك أنت”، وقف مذهول للحظة، وبعدين ضحك ضحكة طفولية دافية وقال: “أنا عمري ما شفت حد بيشتري ورد ومش بياخده، شكراً يا آنسة!”، مشي وانا لسه مبتسمة لكني حسيت بنظرات من على يميني، رفعت عيني ولقيت عمو فكري وأحمد بيراقبوا المشهد، عمو فكري ابتسم بخفة، لكن أحمد كأنه حجر، ولا كلمة ولا حتى حركة تعبر عن رأيه، وبعد دقائق الطريق بدأ يتحرك، في الوقت ده ماما اتصلت بيا رديت بسرعة: “أيوة يا ماما، لسه فاضلي شوية و أوصل، الطريق كان زحمة بس شوية، متقلقيش أنا بخير”، و كالعادة سألتها: “المهم بس دلوقتي عاملة أكل إيه؟”، في اللحظة دي عمو فكري ضحك وقال: “لو جعانة يا بنتي نقف عند اي سوبر ماركت نجيب اي حاجه؟ انتي طول اليوم شغالة ومأكلتيش اي حاجه”، قفلت مع ماما وبعدين ضحكت وأنا فعلاً حاسة بهبوط، وقلت: “لا يا عمو شكراً، أنا هستني لما اروح علشان بحب أكل مع ماما”، ولما قربنا من الشركة، عمو فكري فجأة سألني: “قوليلنا، بيتك فين يا بنتي؟ علشان اوصلك”، أنا بسرعة رديت: “لا يا عمو، خالو جاي ياخدني، مفيش داعي تتعب نفسك”، أحمد كان ساكت، لكن نظراته كانت عليا، معرفش إيه اللي بيدور في دماغه، لكنه فضل صامت كالعادة، وأخيرًا وصلنا قدام الشركة، نزلت بسرعة، و ودعت عمو فكري بإشارة خفيفة، وخالو وصل بعد دقايق، وركبت معاه، وطول الطريق كنت بفكر في اللي حصل طول اليوم.
لمتابعة باقي الرواية زوروا قناتنا على التليجرام من هنا
جاري كتابة الفصل الجديد للرواية حصرية لعالم الشروق للروايات
التعليقات