التخطي إلى المحتوى

                                    

تجلس ندى على الكرسي بالمكتب الصغير بغرفتها تحمل هاتفها بيد وتراجع بعض الملفات التي وصلتها من الشركة. أدهم يقف بجانب الخزانة، يخلع ربطة عنقه بهدوء، يراقبها بنظرة عميقة.

+

أدهم (بصوت هادئ لكنه حازم):

ــ “ندى، مش وقته دلوقتي… سيبي الشغل ده.”

+

ترفع عينيها من الملف و ترد بنبرة مستاءة:

ــ “ليه؟ لسه عندي شغل كتير لازم أخلصه. الصفقة دي أنا اللي بدأت فيها!”

+

يقترب منها ثم يضع ربطة عنقه على الطاولة:

ــ “لأنك مش راجعة الشركة.. ده قراري، وأرجوكي تفهمي السبب.”

+

تنهض واقفة، تواجهه بعينين مليئتين بالإصرار:

ــ “قرارك؟!.. أدهم دي حياتي! الشغل ده مهم بالنسبالي، وأنا مش هقعد في البيت مكتوفة الإيدين.”

+

يأخذ نفسًا عميقًا، محاولًا تهدئة نفسه ثم يقول بهدوء لكنه يحمل في صوته تحذيرًا:

ــ “أنا مش ضد إنك تشتغلي، بس مش في الشركة، خصوصًا مع وجود مروان.”

+

تزمجر وتخطو خطوة إلى الوراء.

+

ندى:

ــ “مروان؟! هو مال مروان؟ أنا بتعامل معاه بشكل رسمي، وبعدين أنت اللي قلت إنه انتهى من أي تفكير فيا.”

+

أدهم يقترب منها أكثر، صوته يصبح أكثر جدية:

ــ “مروان مشكلته مش هتخلص بسهولة….. وجوده حواليكي مش مريحني.”

+

ندى تنظر إليه بدهشة، كأنها لا تصدق ما تسمع ثم قالت (بغضب):

ــ “يعني علشانه أنا أضحي بشغلي؟ دي حياتي يا أدهم! مش هفضل قاعدة في البيت زي التمثال.”

+

يضع يديه على كتفيها بلطف، يحاول تهدئتها:

ــ “ندى، أنا مش بطلب منك تضحي بحاجة… أنا بطلب منك تفكري في نفسك وفي مستقبلك… ليه ما تكمليش دراستك؟ أنتِ كنتِ بتحلمي من زمان تتخرجي من كلية الصيدلة، وده ممكن يحصل دلوقتي.”

+

ندى تتراجع خطوة للخلف، تصمت للحظة، وكأنها تفكر في كلامه. ثم ترد ببط:

ــ “وأسيب كل اللي بنيته في الشركة؟ كل التعب ده يروح كده؟”

+

أدهم (يبتسم بخفة):

ــ “مش هيضيع، أنا هكمل كل اللي بدأتيه. والنجاح اللي اتحقق في الصفقة هيكون دايمًا باسمك.. لكن أنا مش هقدر أشوفك في مكان مش آمن ليكي.”

+

ندى تخفض نظرها، تفكر بعمق. ثم تجلس على طرف السرير، وعيناها مليئتان بالحيرة ثم تقول (بصوت منخفض):

ــ “الصيدلة…بس انا نسيت كل اللي درسته”

+

أدهم (يجلس بجانبها، يمسك بيدها بلطف):

ــ “الحلم ده لسه موجود، ووقته دلوقتي… وأنا هكون جنبك في كل خطوة…و ان شاء الله هتفتكري كل حاجة واحدة واحدة”

+

ندى تنظر إليه بعينين مترددتين، لكنها ترى صدقه وإصراره ثم تقول(بتنهيدة خفيفة):

ــ “هفكر في كلامك، بس ده مش وعد.”

+

أدهم (يبتسم ويشد على يدها):

ــ “مش مستني وعد، بس عايزك تفكري بعقلك وقلبك. مصلحتك أهم من أي حاجة تانية.”

+

                

[تسدل الستارة على المشهد بينما تجلس ندى بجانبه، تحاول اتخاذ قرار يوازن بين حلمها ومسؤولياتها.]

+

في غرفة الاجتماعات داخل مقر الشركة. 

يجلس أدهم على رأس الطاولة، يحيط به معتصم ومروان. الملفات والمستندات مرتبة أمامهم، بينما الجو مشحون بتوتر خفي. يبدأ أدهم الحديث بنبرة جادة و واثقة.

+

أدهم:

ــ “رغم كل اللي حصل، المشروع لازم يكمل. تم ضخ تمويل كبير جدًا، وإيقافه في المرحلة دي معناه خسارة ضخمة لينا كلنا. وده شيء مرفوض.”

+

ينظر معتصم إلى أدهم، ملوحًا برأسه بالموافقة:

ــ “معاك حق… التوقف في المرحلة دي مش منطقي. العميل مستني النتيجة النهائية، وأي تأخير هيضيع علينا فرص كبيرة.”

+

ينقل أدهم نظره إلى مروان، الذي كان يجلس بصمت، محاولًا تجنب عينيه.

+

أدهم (بنبرة حازمة):

ــ “وأنت يا مروان؟ عندك أي اعتراض؟”

+

مروان (يهز رأسه سريعًا):

ــ “لا.. أكيد لا… المشروع مكمل، وأنا ملتزم بكل مسؤولياتي فيه.”

+

يصمت أدهم للحظة، ثم ينحني قليلاً إلى الأمام، محدقًا بمروان مباشرة.

+

أدهم (نبرة صوته تتغير، تصبح أكثر حدة ومبطنة):

ــ “حلو إنك ملتزم… بس حابب أوضح حاجة بسيطة يا  مروان… أنا مش هآخدك بذنب عمك… اللي فات مات… لكن ده مش معناه إني مش واخد بالي.”

+

يبتلع مروان ريقه، ويبدو أنه فهم التلميح. يحاول التماسك وهو يرد بنبرة مطمئنة:

ــ “ما تقلقش يا أدهم…. أنا نسيت موضوع ألارا من زمان… وندى بالنسبالي أخت مش أكتر.”

+

يبتسم أدهم ببرود، ثم يرد بصوت منخفض ولكنه مليء بالثقة:

ــ “كويس إنك فاهم… لأن مجرد انك تقرب منها أو تفكر فيها بالطريقة الغلط… الموضوع هيكون له تبعات مش هتحبها.”

+

يشعر مروان ببرودة النبرة، ويدرك أن التحذير أكثر من مجرد كلمات. يهز رأسه بتأكيد:

ــ “اطمن… أنا واضح جدًا في موقفي.”

+

يتراجع أدهم في كرسيه، يعود إلى نبرة العمل:

+

ــ “تمام… بخصوص الجزء الخاص بيك في المشروع، أتوقع إنك تتابعه شخصيًا أو توكل حد ينوب عنك لو اضطريت تغيب… لأن ندى مش هتكون موجودة هنا.”

+

تظهر علامة استفهام على وجه معتصم، لكنه لا يتحدث. مروان ينظر باستفسار، بينما أدهم يوضح الأمر:

ــ “ندى هتكمل دراستها في كلية الصيدلة… مكانها مش في الشركه.. مستقبلها أهم من أي حاجة تانية.”

+

معتصم (بابتسامة صغيرة):

ــ “خطوة ذكية… ندى عندها طموح كبير، وأنا متأكد إنها هتنجح.”

+

مروان:

ــ “أكيد… كل التوفيق ليها.”

+

ينهض أدهم من مكانه، ممسكًا بحافظة أوراقه، ثم ينظر إليهما بإيجاز:

ــ “الاجتماع انتهى. خليكم مركزين في شغلكم، ومافيش مجال لأي أخطاء.”

+

        

          

                

يغادر أدهم الغرفة بخطوات واثقة، تاركًا خلفه معتصم ومروان يتبادلان نظرات مليئة بالتساؤلات. ينظر مروان نحو الطاولة، ثم يهمس لنفسه.

+

مروان:

ــ “رسالتك وصلت يا أدهم… أكيد وصلت.”

+

لا يزال معتصم ومروان في غرفة الاجتماعات بعد خروج أدهم. ينظر مروان إلى معتصم باستغراب:

+

ــ “مش غريبة إن أدهم قرر فجأة يبعد ندى عن الشركة؟.. هي كانت ماشية كويس في الصفقة لما كانت… ألارا.”

+

معتصم (بابتسامة هادئة):

ــ “أدهم مش بيعمل حاجة من غير سبب… واضح إنه شايف مستقبلها في مكان تاني.. وده منطقي… بس الصفقة دي تحديدًا… محتاجة متابعة دقيقة.”

+

مروان يهز رأسه مؤيدًا، لكنه يبدو مشوشًا:

ــ “هي كانت تقريبًا خلصت كل التفاصيل مع الشركة الأجنبية… الأوراق كانت جاهزة والتوقيع كان قريب… دلوقتي مين هيتولى المهمة؟”

+

قبل أن يجيب معتصم، يدخل أدهم مجددًا، وكأنه سمع الحديث.

+

أدهم:

ــ “أنا اللي هتابع الصفقة شخصيًا.”

+

ينظر مروان إليه بدهشة:

ــ “لكن الصفقة معقدة، والشركة الأجنبية تعاملها كان مبني على وجود ألارا… قصدي ندى… هيتقبلوا فكرة تغيير المسؤول في اللحظة الأخيرة؟”

+

يجلس أدهم على كرسيه مجددًا، مائلًا إلى الأمام بثقة:

+

ــ “ندى أدت شغل ممتاز وقت ما كانت بتشرف على الصفقة… كل شيء تقريبًا جاهز… المشكلة الوحيدة كانت في النقطة المتعلقة بضمانات الدفع عند تسليم المرحلة الثانية.”

+

معتصم (بلهجة تحليلية):

ــ “ده كان سبب الخلاف الأساسي.. هما طلبوا ضمانات أكبر، وندى قدرت تقنعهم بخطة تقسيط مرنة… بس لسه كان في شوية تفاصيل متعلقة.”

+

أدهم يفتح ملفًا أمامه ويشير إلى نقطة معينة:

+

ــ “دي التفاصيل اللي هنركز عليها دلوقتي. هم وثقوا فينا بسبب شغل ندى، وأنا مش ناوي أخسر الثقة دي. لازم نقدم عرض نهائي يحسم أي شكوك.”

+

يتبادل معتصم ومروان نظرات سريعة، ثم يتحدث مروان:

ــ “طيب، لو احتجنا أي تفاصيل كانت مرتبطة بشغلها، هنتواصل معاها؟”

+

أدهم ينظر إليه بنظرة حادة، ثم يرد بوضوح:

+

ــ “لا… ندى عندها أولويات تانية دلوقتي… كل شيء يخص الصفقة موجود هنا.”

+

يشير إلى الملفات أمامه، ثم يضيف بنبرة قاطعة:

+

ــ “وأي تواصل مع الشركة الأجنبية هيكون عن طريقي مباشرة… الصفقة دي مهمة جدًا ومش هاسمح بأي تجاوزات.”

+

معتصم يرفع يده بإشارة تفيد الموافقة:

+

ــ “مافيش أي اعتراض… بس يا  أدهم إحنا محتاجين نعرف خطتك للمرحلة الأخيرة… هل هتعتمد على نفس استراتيجية ندى؟”

+

        

          

                

يفكر أدهم للحظة قبل أن يجيب:

+

ــ “هعتمد على أساس شغلها، لكن هنضيف تعديلات تضمن إن الضمانات ترضي الطرفين… هجهز العرض النهائي وأعرضه عليكم قبل التوقيع.”

+

ينهض معتصم من كرسيه بابتسامة:

ــ “واضح إنك ماسك الموضوع من كل الزوايا… أنا واثق إننا هنكمل بنجاح.”

+

ينهض مروان بدوره، ويبدو عليه التردد، لكنه في النهاية يبتسم بهدوء:

ــ “طالما الصفقة في إيديك، أكيد هتنجح.”

+

ينهض أدهم بدوره، يجمع الملفات بين يديه، ويتوجه إلى الباب، ثم يتوقف فجأة.

+

أدهم (يلتفت إليهما):

ــ “النجاح مش فردي، هو شغل فريق. كل واحد فينا لازم يكون مركز على دوره، لأن أي خطأ هيأثر على الكل.”

+

يغادر أدهم الغرفة، تاركًا مروان ومعتصم يتبادلان نظرات تعكس خليطًا من الثقة والترقب.

+

معتصم (بهمس):

ــ “أدهم دايمًا عنده خطة… بس المرة دي، واضح إنه مش ناوي يسمح بأي مجال للمفاجآت.”

+

+

في اليوم التالي قام معتصم بمهاتفة أدهم يستأذن منه الخروج مع ريم لشراء فستان عقد القران فوافق أدهم على مضض.. 

+

بعد جولة طويلة بين الأتيليهات و المولات تم اختيار فستان أنيق محتشم يضيق عند الخصر و يتسع نزولا للساقين من اللون الاوف وايت و القماشة مزيج من التل و الستان. 

أصر عليها معتصم على الذهاب الى احدى المقاهي ليستريحا من عناء التسوق قليلا قبل أن يوصلها الى المنزل. 

+

جلس معتصم و ريم في أحد المقاهي الراقية الهادئة، بعيدًا عن الزحام، بعد يوم طويل من شراء فستان ريم الجميل لعقد القران. كانت ريم تحمل فستانها الجديد الذي اختارته بعناية، وكان جمالها يزداد إشراقًا، لكنها كانت تائهة في أفكارها.

+

معتصم (مبتسمًا):

“الفستان ده تمام عليكي…. مش قادر أصدق إننا قربنا نخلص كل حاجة… مش هتصدقيني لو قولتلك اني كنت دايمًا شايفكِ في فستان زي ده من زمان.”

+

ابتسمت ريم في خجل، ولكنها شعرت بشيء ثقيل في قلبها. كانت السعادة التي غمرتها بمناسبة عقد القران كانت محاطة بقلق دفين في صدرها.

+

ريم (بتردد):

“معتصم… في حاجة مش قادره أتخلص منها في بالي.”

+

معتصم (يقترب منها بلطف، يضع يده بجانب يدها):

“قوليلي، إيه اللي في بالك؟.. عارف إنك مخبية حاجة عني.. وأنا معاكي علشان أريحك.”

+

ريم (بتردد شديد، تنظر إلى الأرض، ثم ترفع عينيها إليه بحذر):

“أنا… مش عارفة  أقولك ازاي… بس في حاجة بتقلقني من جوايا… مش قادرة أتخلص منها.”

+

معتصم (ينظر إليها بحنان، يحاول أن يكون مطمئنًا):

“إيه هي؟.. قوليلي مش هقدر أفهمك غير لما تحكي.”

+

        

          

                

أخذت ريم نفسًا عميقًا، وهي تشعر بالخجل الشديد من نفسها، وكأن الكلمات التي ستقولها ستكون ثقيلة على قلبها. كانت تتمنى لو أنها تستطيع أن تجد طريقة أسهل للتعبير عن ما يجول في خاطرها.

+

ريم (بتوتر شديد، تلوح بيدها في الهواء بحرج):

“أنت عارف، لما كنت مع خالد… يعني… كانت في حاجات مش تمام بينا… بس… مش قادرة أشرح لك إزاي… يعني، مش… مش عارفة لو كان ده طبيعي.”

+

معتصم (بدهشة، يحاول أن يستوعب ما تقوله):

“إيه يعني؟.. يعني ايه في حاجة مش تمام؟”

+

ريم (بصوت منخفض، تحاول تجنب النظر إليه):

“كنت… مش قادرة أحس بحاجة تجاهه… مش قادرة أكون… طبيعيّة… في علاقتنا… حسّيت إن فيه حاجة ناقصة.. يعني… مش عارفة إذا كان ده طبيعي ولا لأ. كان… فيه فتور… في الحاجات دي.”

+

أصبح معتصم أكثر قلقًا، لكن بقي صامتًا، محاولًا أن يفهم ما تقوله، كان يراها في تلك اللحظة أشبه بطفلة تخجل من أن تشرح له ما يحدث داخلها، لكن في نفس الوقت كان يريد أن يطمئنها ويجعلها تشعر بالراحة.

+

معتصم (بصوت خفيف، غير متأكد):

“فتور؟.. زي إيه؟.. يعني مش قادر أفهم، إزاي يعني؟”

+

أصبحت ريم أكثر توترًا، ولم تستطع أن تتحمل الصمت أكثر. شعرت أنها بحاجة لأن تشرح له حقيقة مخاوفها، لكنها كانت خجولة للغاية.

+

ريم (وهي تخفض رأسها، تقبض على أطراف يديها بحذر):

“معتصم… أنا مش قادرة أكون معاه .. في اللحظات دي… .. ما كنتش… ما كانش فيه احساس… كنت بحاول، لكن كان في حاجات جوايا مش راضية تتفتح.”

+

عيني معتصم اتسعت قليلاً بعد أن فهم أخيرًا ما كانت تقصده، ثم فجأة اتسعت ابتسامته، لكنه ابتسم بصدق، ليس ازدراءً بل راحة.

+

معتصم (يضحك بصوت منخفض، ثم يهدأ ويركز في عينيها بحب):

“فهمت!.. يعني كنتي مش قادرة تفتحي قلبك لحد تاني غيري…دا مش مرض.. ولا حاجة غلط فيكي.. ده كان بس لأنك ماكنتيش حاسة بالمشاعر دي معاه لأن قلبك كان لسه متعلق بيّا.”

+

ريم (تبتسم بحرج، تغمرها السعادة والراحة بعد أن فُهمت أخيرًا):

“يعني فعلاً مش محتاجة أتعالج!.. كنت مش قادرة أفهم.. وكنت مش قادرة أقولك… بس كنت مرعوبة ان جوازنا يفشل لنفس السبب”

+

معتصم (ينظر إليها بحب وحنان):

“انتي مش محتاجة علاج يا ريم.. ولا كان في حاجة غلط فيكي… ده طبيعي.. وأعتقد إنك لو كنتي معايا من الأول، مكنش حصل اللي حصل… انتي لسه حاسة بحاجة جواكي، و انتي ماكنتيش قادرة تتصالحي مع مشاعرك.”

+

ريم (بدموع فرح، تبتسم):

“أنا فعلاً كنت بهرب من حقيقة إنك دايمًا كنت موجود في قلبي… بس خلاص مفيش هروب تاني”

+

معتصم (يمسك يدها برفق):

“وانتي برضو كنتي جوايا… وإنك هنا معايا دلوقتي معناه ان كل حاجة ماشية صح زي ما كنت دايما بتمنى”

+

        

          

                

وبابتسامة عميقة، معتصم يقترب منها، يهمس في أذنها:

“ما فيش حاجة هتفرقنا، لأننا دايمًا مع بعض. خلينا نبدأ من جديد.”

+

كانت لحظة تحول بينهما، حيث أدركت ريم أخيرًا أن قلبها كان دائمًا متعلقًا بمعتصم، وأن المشاعر التي كانت تعيقها هي فقط الخوف والشك.

+

معتصم (بعيون مليئة بالحب، يقترب منها أكثر):

“ريم، أنا وعدتك من الأول إنك هتعيشي حياة ما تخيّلتِهاش، حياة مليانة بالحب والسعادة.. هخليكي تنسي كل لحظة خوف، وكل فكرة جرحت قلبك… أنا هكون جنبك في كل لحظة، مهما حصل، وهخليكي تعيشي في الأمان… هعيشك أيام محلمتيش بيها، وهنسيكي كل لحظة ألم مرّت في حياتك.”

+

ريم (ترتجف من تأثير كلماته، شعرت بشيء دافئ يغمر قلبها، عينها تتلألأ بالدموع):

“معتصم… أنت بتقول كده بصدق؟”

+

معتصم (بابتسامة مليئة بالثقة والحب):

“أنا مش بس بقول، أنا هعمل كدا.. هعيش معاكي لحظة بلحظة، وهنبني مع بعض حياة هتكون أكبر من أي حلم. هخليكي تنسي كل حاجة تخوفك، هخليكي تحسي إن الدنيا كلها تحت رجليكي… وكل لحظة معايا هتكون أصدق وأجمل من اللي قبلها.”

+

ريم (دموع الفرح تلمع في عينيها، لا تستطيع أن تمنع نفسها من الابتسام، قلبها يدق بشدة):

“معتصم… مش قادرة أصدق إن ده حقيقي..انت كدا ازاي؟.. انت من الناس اللي بتقدر تكون مخلصة، وبتحب من قلبها… وأنا كنت غبية إني ما قدرتش أشوف ده من البداية.”

+

معتصم (يمسك يديها برفق، يضغط عليهما بحب):

“انتي مش غبية يا ريم… كله كان لازم يحصل علشان نكون مع بعض دلوقتي… في النهاية، كل شيء كان علشان نبدأ حياة جديدة سوا. وأنا هخليكي دايمًا تعرفي إنك أهم حاجة في حياتي، وكل لحظة معاكي هتبقى ذكرى حلوة نعيشها سوا.”

+

ريم (تشعر وكأنها تطير من السعادة، تتنهد بارتياح، وتبتسم بسعادة غامرة):

“أنا معاك.. معاك لآخر العمر… أنت الوحيد اللي قدرت تخليني أشوف الدنيا من غير خوف، وبكل الأمل… معاك كل حاجة مستحيلة هتبقى ممكنة.”

+

معتصم (يضحك بحب، ثم يقترب أكثر):

“وعد مني، هخليكي دايمًا مبسوطة، وهخليكي تحسي إنك ملكة في حياتي… انتي تستحقي كل شيء حلو في الدنيا.”

+

تدور الأحاديث بينهما في جو من الحب والطمأنينة، وتعود ريم لتشعر وكأن قلبها قد ولد من جديد. أخيرًا، بعد كل ما مرت به، وجدت في معتصم الأمان والحب الذي كانت تتوق إليه.

+

ريم (بابتسامة دافئة، تشعر بأنها وجدت مبتغاها أخيرًا):

“معتصم، أنا مش قادرة أقولك قد إيه أنا سعيدة… حسيت معاك ان كل الخوف والندم راحوا، وكل حاجة بدأت تبقى حلوة.”

+

معتصم (يلتقط يديها برفق، ثم يهمس في أذنها):

“وهيبقى كده دايما… علشان انتي تستحقي أفضل حياة، وأنتي هتشوفيها، مش بس في كلامي، بس في كل حاجة هعملها.”

+

        

          

                

في تلك اللحظة، بدأ كل شيء يتغير بالنسبة لــ ريم. غمرتها مشاعر الحب الطاهر والصدق من معتصم، الذي أخذها من بين خيوط الخوف والندم إلى عالم مليء بالأمل. كان قلبها أخيرًا في أيدٍ أمينة، كما لو كانت تطير معه إلى مستقبل أجمل.

+

في منزل مودة المزين ببساطة وذوق رفيع، حيث يضج بالمباركات والضحكات. أفراد العائلتين يتجمعون في بهجة، بينما آسر ومودة يجلسان في منتصف القاعة. ترتدي مودة فستانًا بلون الزمرد، بينما يجلس آسر بجانبها مرتديًا بدلة أنيقة.

+

والد مودة، محمد، يجلس بجانب والد آسر، سعيد، يتبادلان حديثًا وديًا.

+

محمد (بابتسامة فخر):

ــ “الحمد لله إننا وصلنا لليوم ده… آسر شاب طيب ومودة بنتي أغلى حاجة عندي… كنت دايمًا أدعي إن ربنا يرزقها بحد يحافظ عليها زي آسر.”

+

سعيد (ممتنًا):

ــ “وأنا والله مش شايف لآسر حد أفضل من مودة… دي زي بنتي تمام، وربنا يجمع بينهم على خير.”

+

ندى وأدهم يقفان في جانب القاعة، يتابعان ما يجري. تنظر ندى إلى مودة وتبتسم، ثم تهمس لأدهم:

ــ “بص لمودة… واضح عليها التوتر. تحس إنها فرحانة بس برضو خايفة.”

+

أدهم (بهدوء):

ــ “ده طبيعي. مودة كانت دايمًا بتحس بمسؤولية اتجاه ميريهان، بس أظن إن آسر هيطمنها ويعرفها إن ده مش تقليل من أي حد… الحب حاجة جديدة ليهم هما الاتنين.”

+

[يقترب أدهم وندى من العروسين. يمد أدهم يده لآسر ويصافحه بحرارة.]

+

أدهم:

ــ “مبروك يا آسر… تستاهل كل خير، وربنا يكتب لكم السعادة.”

+

آسر (بامتنان):

ــ “شكرًا يا أدهم باشا… دعمك ليا كان دايمًا بيشجعني.”

+

[تتقدم ندى نحو مودة، تضع يدها على كتفها بابتسامة مطمئنة.]

+

ندى:

ــ “مبروك يا مودة…. إنتي بتعيشي خطوة جديدة في حياتك، وأنا متأكدة إن آسر هيكون الشخص اللي يستحقك.”

+

[تتأثر مودة بكلمات ندى، تنظر إليها بعينين مليئتين بالدموع.]

+

مودة (بصوت خافت):

ــ “شكراً يا ندى… وجودكم النهاردة فرحني بجد “

+

تدخل والدة مودة، لتضع يدها بحنان على كتف ابنتها:

ــ “إحنا كلنا معاكي يا مودة… وميريهان لو كانت معانا النهارده، كانت هتبقى أسعد واحدة في الدنيا.”

+

تلتقط مودة أنفاسها، تنظر لآسر وهي تكاد تنطق بما يجول في خاطرها، لكنه يسبقها.

+

آسر (بصوت هادئ):

ــ “مودة، مش لازم تخافي أو تحسي إنك بتخوني ذكريات ميريهان. اللي بينا حاجة جديدة، حاجة أنا متأكد إنها هتبني لينا حياة سعيدة.”

+

والد آسر، سعيد، يرفع كأسًا من العصير بابتسامة ودية:

ــ “أحب أقول كلمة صغيرة… إحنا النهارده مش بنحتفل بخطوبة آسر ومودة بس، إحنا بنحتفل بربط عيلتين مع بعض. محمد بيه، بنتك غالية علينا زي ما هي غالية عليك، وربنا يجعلهم سبب للفرحة لكل اللي حواليهم.”

+

        

          

                

يصفق الجميع، بينما تنظر مودة لآسر بابتسامة خجولة. يُطلب من العروسين الوقوف للرقصة الأولى. يمسك آسر بيد مودة بحذر، يهمس لها.

+

آسر:

ــ “مش هطلب منك حاجة غير إنك تثقي فيا… أنا معاكي عشانك، وعشاننا.”

+

تبتسم مودة بخجل وهي تضع يدها في يده، تتحرك مع الموسيقى بهدوء بينما يصفق الحضور بحماس. في الزاوية، تنظر ندى لأدهم:

ــ “شايف؟… الحب الحقيقي دايمًا بيلاقي طريقه.”

+

أدهم (يضحك):

ــ “دايمًا؟… طب قوليلي، الحب بتاعنا إيه موقعه من اللي بتقولي ده؟”

+

ندى (بخجل):

ــ “الحب بتاعنا… قصة لسه في أولها.”

+

يبتسم أدهم، يضع يده على يدها برفق، بينما تستمر الاحتفالات من حولهم.

+

بعد عودتهم من حفل الخطبة… 

في غرفة المعيشة في منزل أدهم

+

ندى جالسة على الأريكة، تنظر إلى نافذة تطل على الحديقة. أدهم يدخل الغرفة حاملًا صينية عليها كوبان من الشاي.

+

يضع الصينية أمامها ويجلس بجانبها: 

ــ “كنت فاكر إنك بتحبي القهوة أكتر من الشاي، بس واضح إن ذوقك ممكن يتغير مع الوقت.”

+

ندى (تبتسم بخجل وهي تمسك بالكوب):

ــ “يمكن… أو يمكن أنا نسيت أصلاً كنت بحب إيه.”

+

[يصمت أدهم لثوانٍ، ينظر إليها وكأنه يحاول فك شيفرة تعابيرها.]

+

أدهم (بصوت هادئ):

ــ “مش مهم إيه اللي نسيتِه… المهم إني معاكي عشان أفكرك بكل حاجة.”

+

تنظر إليه ندى، تبحث في عينيه عن إجابة لسؤال لا تعرف حتى كيف تصيغه:

ــ “مش عارفة إزاي بتفضل صبور كدا… و مستحمل كل اللي انا فيه و المسافة الكبيرة اللي بينا؟! “

+

يبتسم أدهم بخفة، يضع يده على الكوب أمامه، ويجيب بنبرة جادة تحمل دفء المشاعر:

ــ “لأنك مش مجرد زوجة بالنسبالي يا ندى… إنتي قصتي كلها… وكل صفحة فيها ليها وقتها، وأنا مستعد أستنى لحد ما نكتب النهاية مع بعض.”

+

تخفض ندى نظرها نحو الكوب بين يديها، تتردد قبل أن تهمس:

ــ “أدهم… لو فضل جزء مني ضايع، إيه اللي يخليك متأكد إنك عايزني زي ما أنا؟”

+

يميل نحوها، يمسك يدها برفق، صوته يمتلئ بالثقة:

ــ “لأن اللي ضاع هو الذكريات، مش ندى… وأنا بحبك إنتي… مش اللي كنتي فاكرة نفسك عليه.”

+

ترتجف يدها بين يديه، لكنها لا تسحبها. تشعر بشيء يتحرك داخلها، كأن كلماته لمست جزءًا لم تدرك وجوده. 

+

ندى(بنبرة مترددة):

ــ “أنا خايفة… خايفة إنك تتعب معايا أكتر، وإنك في يوم تندم.”

+

يضغط أدهم على يدها بلطف، نبرته تتحول إلى الجدية الممزوجة بالعاطفة:

ــ “ندى، الخوف طبيعي… لكن إنتي مش لوحدك.. أنا معاكي، وهفضل معاكي.. مش بس عشانك، لكن عشان إحنا الاثنين نستحق النهاية اللي كنتي بتحلمي بيها.”

+

        

          

                

ترفع ندى نظرها إليه، تتردد للحظة ثم تقول بصوت خافت:

ــ “كنت بحلم بفرح حقيقي… واحد زي اللي كنت بشوفه في الأفلام.”

+

يضحك أدهم بخفة، ثم يميل برأسه قليلاً نحوها:

ــ “ما حدش قال إن الأحلام بتخلص لما نفقد الذاكرة… استعدي يا مدام أدهم، لأننا هنعمل حفل زفاف أسطوري.”

+

لا تستطيع منع نفسها من الابتسام:

ــ “مش عارفة أقول إيه… بس حاسة اني مش جاهزة للحفلات الكبيرة دي.”

+

أدهم (بثقة):

ــ “مش مهم تكوني جاهزة، المهم تكوني معايا.”

+

يلف الصمت المكان للحظة، ثم تبتسم ندى بخفة وتشعر أن شيئًا جديدًا بدأ يتشكل في قلبها. بينما يجلسان معًا، تبدأ ملامح السكينة بالعودة تدريجيًا إلى ملامحها.

+

يوم جديد تبدأ فيه جلسة علاج جديدة لندى في رحلتها نحو استعادة الذاكرة… 

+

داخل غرفة العلاج النفسي، تجلس على الأريكة المريحة، وأمامها طبيبها، بينما أدهم يجلس بجانبها، يراقبها بعينيه بحرص، محاولًا أن يمنحها شعورًا بالراحة والأمان. الطبيب يمسك بمفكرة ويركز نظره عليها وهو يتحدث.

+

الطبيب (بصوت هادئ):

ــ “أهلاً يا ندى، في الجلسة اللي فاتت ركزنا على مشاعرك المرتبطة بالحادثة. النهاردة هنحاول نسترجع ذكريات أقدم، يمكن تفتح لنا أبواب جديدة… مستعدة؟”

+

ندى (بتردد، تعصر يديها بلطف):

ــ “مش عارفة… مش متأكدة إذا كنت هقدر… بس هجرب.”

+

الطبيب:

ــ “تمام، مش لازم تتذكري كل حاجة مرة واحدة. المهم إننا نبدأ ونفتح مساحات جديدة في ذهنك. هسألك شوية أسئلة بسيطة، والهدف إنك تجاوبيني باللي تحسي بيه… بدون ضغط.”

+

ندى (تومئ برأسها موافقة، تنظر للأرض بتوتر):

ــ “موافقه.”

+

الطبيب:

ــ “لو قلت لك كلمة ‘بيت’، إيه أول حاجة بتيجي في بالك؟”

+

ندى (تغمض عينيها محاولة التذكر، تتنهد):

ــ “بيت كبير… حديقة… وأصوات ضحك… بس الصوت ده… كان مختلف… كنت أسمعه كتير.”

+

الطبيب (بابتسامة هادئة، يشجعها):

ــ “ممتاز، وأصوات الضحك دي… تفتكري مين أصحابها؟”

+

ندى (تتوقف للحظة، تغلق عينيها بتركيز، ثم تفتح عينيها بنظرة شاردة):

ــ “مش متأكدة… لكن في صوت… صوت واحد مميز… كان دايمًا ينادي عليَّا… يمكن صوت..با…بابا؟!.”

+

الطبيب (ممتدحًا):

ــ “رائع..فاكرة  أي تفاصيل تانية مرتبطة بالصوت دا؟”

+

ندى (تتردد، لكن مع لحظة صمت تتنفس بعمق):

ــ “صوت رجولي… دافي… كان دايما بيطمني، وكان بيحاول يخلي الأمور أفضل… وكان دايمًا معايا لما كنت محتاجة لأمان… لكن مش عارفة ليه… مش قادره أفتكر تفاصيل تانية.”

+

الطبيب (بهدوء، يلاحظ التوتر في صوتها):

ــ “انتي بتتقدمي تقدم رائع…. هل الصوت ده كان في مواقف معينة؟ فاكرة اللي كان بيحصل وقتها؟”

+

        

          

                

ندى (ببطء، تحاول التركيز، ثم تقول بصوت منخفض):

ــ “أيوه… الصوت ده كنت أسمعه في لحظات صعبة… كنت دايمًا في حاجة لوجوده… وكان بيطمني، يمكن هو الوحيد اللي كنت حاسة إنه قادر يحميني.”

+

[أدهم ينظر إليها بتأثر، عينيه مليئة بالحنان، لكنّه يظل صامتًا حتى لا يؤثر على استرجاعها.]

+

الطبيب (بحذر، مع توجيه دقيق):

ــ “هل فاكرة في أي وقت كان بيحصل دا؟ هل كان في حاجة معينة بتخليكي محتاجة لمساعدته؟”

+

ندى (تفتح عينيها ببطء، تتنهد بعمق وكأنها تكتشف جزءًا جديدًا في ذاكرتها):

ــ “أيوه… كنت دايما حاسة بالخوف… وكأن شيء مريب كان بيحصل في حياتنا… مش فاكرة إذا كان في حاجة معينة حصلت في الوقت ده، بس أنا كنت دايمًا حاسة بأمان لما أكون معاه.”

+

الطبيب (بابتسامة خفيفة، دون أن يضغط عليها):

ــ “دي بداية جيدة يا ندى. هنكمل على النقطة دي في الجلسة الجاية، ولكن دلوقتي، أنا سعيد جدًا بالتقدم اللي حققتيه.”

+

ندى (بتوتر، تنظر إلى أدهم بعيون ممتلئة بالتساؤلات):

ــ “بس… مش قادرة أفتكر كل حاجة، مش قادرة أفتكر تفاصيل دقيقة.”

+

الطبيب (بابتسامة مطمئنة، يحاول تهدئتها):

ــ “مش مهم إنك تفتكري كل حاجة دلوقتي. إحنا ماشيين خطوة بخطوة، وكل خطوة بتقربنا أكتر من الحقيقة. كل ذكرة صغيرة هي جزء من الصورة الكبيرة.”

+

[أدهم يتدخل أخيرًا، بصوت دافئ ومشجع.]

+

أدهم:

ــ “ندى… اللي عملتيه النهاردة إنجاز كبير. مش لازم تضغطي على نفسك. المهم إنك بتتحركي لقدام، وكل حاجة هتيجي في وقتها.”

+

ندى (بابتسامة خفيفة، تُشعره بتقديرها):

ــ “شكرًا يا أدهم… لوجودك جنبي.”

+

 تنتهي الجلسة بخروج ندى و أدهم من العيادة، أدهم يضع يده على كتفها بحنان، ويهمس لها بكلمات تشجيعية، بينما تشعر هي بشيء من الراحة والأمل، مع ذكريات والدها تتناثر في ذهنها بشكل غير واضح، لكن محاولاتها لاسترجاع تلك اللحظات تزداد.

+

بعد عودتهما من الحلسة.. 

داخل غرفة المعيشة تجلس ندى على الأريكة، تمسك بكتاب صغير بين يديها. الجو هادئ، والوقت يمر بصوت عقارب الساعة التي تكسر السكون. يدخل أدهم الغرفة بهدوء، تفوح منه رائحة عطره التي كان قد تخلى عنه منذ اختفائها لانعدام شغفه في البحث عنه عبر الانترنت..

و لكن بعدما استقرت أموره معها أصر على استعادة كل ما تحب..فطلبه من دبي عبر الموقع الخاص به و بدأ في استخدامه للمرة الأولى منذ فترة طويلة…

+

حين استنشقته تجمدت يدها للحظة، وشعرت بشيء مألوف يلامس أعماقها.

+

ندى (تهمس لنفسها، بصوت منخفض):

ــ “البرفيوم ده… ليه حاسه إني عارفاه؟”

+

أدهم يقترب منها، يضع كوبًا من الشاي أمامها، ثم يجلس بجوارها، مائلًا قليلاً نحوها.

+

أدهم (بابتسامة هادئة):

ــ “كنتي غرقانة في الكتاب لدرجة ما حسيتيش إني دخلت.”

+

        

          

                

رفعت عينيها إليه ببطء، كأنها تكتشفه من جديد. حاولت التحدث، لكن أنفاسها خانتها للحظة، وعادت تشم العطر الذي يلف المكان.

+

ندى (بصوت متردد):

ــ “البرفيوم ده… ريحته غريبة، بس مألوفة بشكل مش مفهوم.”

+

لمعت عينا أدهم، شعر بارتباكها الواضح. تركها بذهولها و ذهب الى غرفته أمسك بزجاجة العطر الموضوعة على الطاولة ثم عاد اليها ورفعها أمامها.

+

أدهم:

ــ “ده البرفيوم المفضل بتاعي… دايمًا كنتي بتحبيه.”

+

ندى (تسأله بفضول، صوتها يكاد يهمس):

ــ “يعني كنت أعرفه قبل كده؟”

+

أدهم يقترب منها قليلاً، نبرته تصبح أكثر دفئًا.

ــ “مش بس تعرفيه، كنتي بتقولي إنه أكتر حاجة بتحسيها بتعبر عن شخصيتي… حتى كنتي دايما تقوليلي انه اتعمل عشانك مخصوص.'”

+

تشعر ندى بموجة من المشاعر تغمرها، دون أن تعرف السبب. وضعت الكتاب جانبًا ونظرت إليه بتمعن، ثم فجأة تذكرت شيئًا.

+

ندى (بصوت منخفض، وكأن الذكريات تستيقظ في عقلها):

ــ “دخون روز… ده كان اسمه، صح؟”

+

أدهم يتراجع قليلاً، عينيه تلمعان لحظة تذكره، لكنه يظل هادئًا:

ــ “أيوه، دخون روز… كنتي دايمًا تسألينني عنه في البداية، لما كنتي بتحاولي تفهمي كل حاجة عني… كنتي بتحبي ريحته… كنت دايمًا تحبي تدخلي القوضة في غيابي و تشميه، كأنك كنتي عايشة فيه.”

+

ندى تغمض عينيها لحظة، وكأن الصورة تتضح أمامها. شعرت بمزيج من الحنين والارتباك، تتذكر ومضات من تلك اللحظات عندما كانت تدخل غرفته في غيابه، وتستنشق العطر بثمالة.

+

ندى (بهمس، تغلق عينيها وتتنهد):

ــ “كنت بحس إن البرفيوم ده بيوصلني لمكان بعيد….. وكأنك معايا حتى وأنت مش موجود.”

+

أدهم يبتسم، لكنه لا يعلق على كلماتها، بل يرفع يده برفق ويشير إلى معصمها:

ــ “عايز أجرب حاجة؟”

+

ندى (بنبرة حذرة، تكاد تكون غير قادرة على التحكم في مشاعرها):

ــ “إيه هي؟”

+

فتح زجاجة العطر ورش نقطة صغيرة على معصمها. أمسك بيدها برفق وأقرب المعصم لأنفها.

+

أدهم (بهمس، وكأن الكلمات لا تكفي لوصف اللحظة):

ــ “يمكن الذاكرة تخونك، بس حواسك عمرها ما بتكذب.”

+

ندى تستنشق العطر بعمق، وفجأة تشعر بارتباك وحرارة في قلبها، كأن العطر يوقظ ذكريات دفينة. تغمض عينيها للحظة، ثم تفتحها على نظراته.

+

ندى (بصوت منخفض، وكأن العطر يثير موجة من المشاعر المدفونة):

ــ “البرفيوم ده… فيه حاجة… كأنه بيناديني من بعيد.”

+

أدهم يقترب أكثر، عينيه تلتقيان بعينيها مباشرة:

ــ “يمكن عشان دايمًا كان بيجمعنا.”

+

لحظة صمت طويلة تمر بينهما، مليئة بالمشاعر المعقدة. ندى تبتعد قليلاً، تحاول السيطرة على ما تشعر به:

ــ “ممكن… ممكن تحكيلي أكتر عنه؟ يعني ليه اخترته، وليه كنت فاكر إنه يعجبني؟”

+

[أدهم يتنهد قليلًا، ثم يبتسم دافئًا.]

+

أدهم:

ــ “اخترته عشان كنت بحب فكرة إنه برفيوم بسيط لكن مميز…كنت بحبه و بستخدمه من قبل ما اعرفك حتى.”

+

ندى تشعر بدمعة تخونها، لكنها تتظاهر بعدم رؤيتها. تنظر إليه وتحاول التحدث، لكن الكلمات تتعثر: 

ـــ مش مصدقه اني قدرت افتكر حاجة و لو بسيطة.. لما شميت ريحتك حسيت بأمان غريب. 

+

أدهم يمسك يدها برفق ويبتسم:

ــ “طول ما أنا موجود، الأمان ده عمره ما هيروح.”

+

تنسدل ستارة المشهد على ندى وهي تنظر إلى العطر مرة أخرى، وداخلها خليط من الحنين والتساؤلات.

+

+

يتبع… 

+

عايزة انوه لحاجة 

مش معنى ان الاحداث اوشكت على الانتهاء ان خلاص الرواية بقت مملة و احداثها باردة

بالعكس الحلقات الجاية لسة فيها أكشن و إثارة 

لسة حفلة معتصم و ريم و اللي انا واثقة ان شاء الله ان عنيكم هتدمع من جماله. 

تفتكروا يعني المافيا لما تعرف ان ندى رجعت و هتكشف سرهم هيسيبوها؟! 

من هنا هتبدأ اثارة جديدة و تحديات مستنية ابطالنا 

متنسوش كمان فرح أدهم و ندى التاني و دا بقى اللي هيكون من أقوى مشاهد الرواية عشان يكون ختامها مسك ان شاء الله

هستنى رأيكم لأنه بيفرق معايا جداً 

مع تحياتي/دعاء فؤاد 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *