رواية نافذة العمر الفصل الرابع 4 بقلم دعاء الحادي وعلا السعدني
-فى حاجة كمان حصلت عاوزة احكيلكوا عليها
قالتها رهف ثم أخذت تقص عليهم ما حدث مع تلك المرآة التى ترى من خلالها أشياء غريبة وحدثتهم عن ذلك الشاب الذي اكتشفت أنه جارها
كان الذهول سيد الموقف وكانت (اسراء) هي أول من تحدثت فقالت:
-يخربيتك لتكون المرايا دى مسكونة
قاطعتها (داليا) قائلا بلهجة قوية :
– مراية ايه وهبل ايه اللي انتوا فيه …. انتي عبيطة يا (رهف) انتي ازاي مكسرتيش دماغهم وفضحتي الدنيا، ازاي عديتي الموضوع بهدوء كده
ردت عليها (إسراء) بحكمتها المعهودة قائلة:
– انتي متخلفة يا بنتي كانت هتفضحهم عشان تحط نفسها في موقف بايخ، هي اتصرفت صح وبعدين كنتي عايزاها تعمل ايه يعني، دي وحدة تحت تأثير الصدمة ومش اي صدمة
قالت (رهف) مؤكدة على كلام (إسراء):
– هو أنا كان فيا دماغ لحاجة ولا عندي أعصاب اصرخ وافضح الدنيا أنا أصلا مش عارفة روحت على بيت تيتا إزاي
قالت (داليا) بغضب :
– كنتى كلمتيني وأنا كنت قومت بالواجب ولا أقولك وحياتك لاروح عنده الشغل وافضح الدنيا او افتح دماغه وهو وحظه بقى
حاولت (أسماء) تهدئة (داليا) وقالت ممازحة لتخفف من حدة الموقف:
-اهدى يا معلم عارفين انك زعيم العصابة وفتوة المنطقة …. اهدي البنت مش ناقصة
قالتها ثم وجهت كلامها إلى (رهف) :
– سيبك منها بقى وخلينا في موضوع المراية ده
الموضوع ده ميتسكتش عليه لازم نعرف القصة
أيدتها (إسراء) وهي تقول:
– كلام (أسماء) مظبوط هو ده الأهم دلوقتي وخصوصا إنها عايشة هنا في البيت ده دلوقتي لازم نعرف قصة المراية دي ونعرف قصة الشخص ده
وجهت (داليا) كلامها ل (رهف) وهي تسألها :
– قوليلي هو الشخص ده مش قال انه جارك
اومأت (رهف) برأسها قائلة :
– أيوة قال كده
واصلت (داليا) كلامها قائلة :
– يبقى نتأكد الأول من كلامه هل هو فعلا جارك وبني ادم زينا ولا هيطلع بسم الله الرحمن الرحيم عفريت
قالت (إسراء) في غموض:
– في كلا الحالتين الموضوع مريب و محتاج حد يكون بيفهم الأمور دي بس الاول نعمل زي ما (داليا) قالت ونتأكد
قالت (أسماء) بسخرية:
– طب ونتأكد ازاي يا مخ انتى … يا برطمان العبقرية
ردت عليها (إسراء) بسخرية مماثلة:
– طب عشان خفة دمك دي هنروح كلنا بيت (رهف) دلوقتى وانا و (داليا) اللى هنسأل
قالتها ثم نظرت ل (داليا) قائلة :
– يالا يا (داليا)
***********************
وصلوا إلى منزل (رهف) وبعد ذلك ..
نزلت كلا من (داليا) و (اسراء) من منزل رهف متوجهين نحو منزل (هشام) سألوا البواب عن أصحاب البيت فأخبرهما
أن هذا المنزل عريق وأصحابه يسكنون فيه منذ عقود
وهم أسرة ثرية ذات سمعة طيبة جدا مكونة من أستاذ هشام وأخته ووالدتهما فقد توفي والدهما المهندس عبدالله السيوطي منذ عام
جاء كلام البواب موافقا للمعلومات التي قالتها (رهف) معنى هذا أن الشخص الذي رأته حقيقي
وأن هذه المرآة تحوي سرا خطيرا
– معنى كده إنه إنسان حقيقي مش أرواح ولا عفاريت
قالتها (رهف) في اطمئنان وتأكدت أنه هو جارها القديم فالأمر سيان بالنسبة لها أن كان جارها القديم أو جار جديد
قالت (إسراء) في سخرية :
– متفرحيش اوي كده ياختي انتي في مصيبة اكبر
سألتها (أسماء) قائلة :
– مصيبة ايه بقى ان شاء الله ما الراجل طلع بني آدم اهو في ايه يخوف مش فاهمة
نظرت لها (داليا) في عدم تصديق ثم قالت :
– في إن المراية دي مسحورة دي خليتها تشوف شخص وقابلته في الحقيقة في نفس المكان اللي كان في المراية
اطرقت (إسراء) مفكرة ثم قالت بحكمتها المعهودة:
– عايزين نفكر بشكل منطقي ونفكنا بقى من جو ألف ليلة وليلة ده ونبطل نربط كل حاجة بالسحر والجن والعفاريت، المراية دي وراها سر ولازم نعرفه
سألتها (رهف) :
– تقصدي ايه ؟!
ردت (إسراء) قائلة :
– لازم ندور على تاريخ المراية دي جدتك جابتها امتى ومنين وازاي
ردت (رهف) قائلة:
– ايوة بس كل المعلومات دي عند عمي وانا مستحيل اكلمه انتوا عارفين هو قد ايه صعب وممكن يعمل ايه لو عرف اني أطلقت، يعني ده غير انه ممكن يضغط عليا أرجع ل(جمال) عشان مصلحته انتم عارفين إن ليه استثمارات مع (جمال) بملايين
ردت (إسراء) قائلة :
– انا كنت نسيت الموضوع ده أصلا كده من المؤكد ان (جمال) هو اللي هيبلغه عشان يضغط عليكي
انتبهت (رهف) لهذه الحقيقة وقالت باكية :
– أكيد هيعمل كده طب وبعدين يعني كده خلاص ملهاش حل
ردت (داليا) قائلة :
– ومين هيسمحله يعمل كده معاكي
قالت (أسماء) بتوتر:
– بتفكري في ايه طالما قولتي كده يبقى عندك خطة
قول يا كوماندا
قالت (داليا) بلهجة توحي بخطورة ما ستقول:
– اسمعوا يا بنات اللي اسمه (جمال) ده طالما طلع زباله كده أكيد هو زباله في كل حاجة
ردت (أسماء) قائلة:
– ايوة يعني ده هيفدنا في ايه ومش شرط يعنى أنه يطلع زبالة فى كله
واصلت (داليا) حديثها قائلة :
_ هيفدنا كتير أكيد لو دورنا وراه في شغله هيطلع وراه بلاوي ومش هنخسر حاجة لما نجرب وقتها نقدر نساومة عشان يطلقها ويسيبها في حالها عموما سيبوا الموضوع ده عليا انا ابن خالي شغال في مصلحة الضرايب هخليه يدور وراه
قالت (أسماء) في انبهار:
– يا بنت الايه كل ده يطلع منك
ردت (داليا) في ثقة قائلة بمزح :
– اومال انتي فاكرة ايه يا بنتي هو لقب الكوماندا ده واخداه على الجاهز كده
تدخلت (إسراء) قائلة:
– ايوة دماغ صاحية متنمش دي عندها استعداد تبقى زعيمة مافيا بس مش لاقية اللي يوجهها
ردت (داليا) قائلة :
– طب خافي مني بقى
ضحكت (أسماء) قائلة :
– يا ساتر علينا لما نحط حد في دماغنا يبقى الله يكون في عونه
ابتسمت (رهف) لمزاحهم لكن قلبها كان يتمزق ولسان حالها يقول :
– أرأيت إلى أين وصلتنا أرأيت يا من كنت حبيبي
************************************
ودعت أشعة الشمس البحر فحل الظلام بينما كان (نسمة) تجلس على البحر وحدها تطالع كتاب وتختلس النظر ل(فهد) الذي كان يقف بعيدا ومعه تلك السائحة الروسية التي كانت ترقص معه من قبل
كانوا يتحدثون ويتبادلون المزاح فقلبت (نسمة) شفتيها في اشمئزاز فهي لا يعجبها الشخص المتاح للجميع
قررت التركيز فيما تقرأ وترك مالا يعنيها فأخذت تقرأ بنهم قبل أن يقطع تفكيرها صوته من جانبها وهو يقول :
– اممم وكمان بتحبي القراءة ده كده صعب حد ينافسك في تعدد المواهب
ردت قائلة بجدية:
– أنا أصلا مش بحب المنافسة
ابتسم قائلا :
– اعتبر دي ثقة بالنفس
قالت ببساطة وبنفس اللهجة الرسمية :
– لا حضرتك مش محتاج تعتبر حاجة يعني ده رأيي الشخصي، عموما شكرا يا كاتبن على المناقشة دي و أستأذنك عشان عندي شغل لازم أخلصه
قالتها وهمت بالرحيل نظر لها (فهد) واضيقت حدقتاه ثم استوقفها قائلا:
– استني شوية يا آنسه (نسمة) لسه الحفلة هتبدأ والجروب كله هيتجمع بعد شوية عشان هوزع عليكم تعليمات بخصوص محاضرة بكرة لأنها هتبقى المحاضرة النظري الاخيرة بعدها هنبدأ عملي
ارتسمت ملامح الضيق على وجهها فأضاف هو قائلا:
– من فضلك استنى
قالها بلهجة مترجية وكأنه يحدث حبيبته لذا شعرت (نسمة) بالغرابة
كان (فهد) يريد بقائها وليس لديه فكرة عن تلك التعليمات التي حدثها عنها ، كان يريد أن يجد ذريعة ليجعلها بقربه هو يعلم أنها شخصية مختلفة عن كل البنات الاتي يتعامل معهن وهذا ما شده تجاهها ويعلم انه مادام لايوجد سبب لبقائها سترحل وهو يريد لها البقاء لذا قرر أن يخترع الأسباب ليس هذا فحسب فقد قرر أن يمد مدة الدورة ليعرفها أكثر
بعد فترة وجيزة اجتمع كل المتدربين على الشاطيء
واخذ (فهد) يكرر عليهم التعليمات التي قد قالها لهم من قبل فهمست فتاة كانت تقف بجانب (نسمة) قائلة تحدث نفسها :
– ماهو قالنا الكلام ده قبل كده، حد قاله ان عندنا زهايمر
انتبهت (نسمة) لكلام الفتاة وأدركت أن هناك شيء غامض في هذا الشخص ومر على ذهنها صورته وهو يقول لها :
– من فضلك استني
نظرت له وهو يتحدث وجدته مركز بصره عليها فازداد شعورها بصدق احساسها
فسحبت نفسها وانصرفت بهدوء فهي في قرارة نفسها تعلم ان من هم على شاكلة (فهد) كل هدفهم هو المرح والتسلية وهي لن تسمح له أن يجعلها في هذا الموضع
فأخلاقها وتربيتها سيقفون أمامه كحائط ردع
لاحظها (فهد) وهي تنسحب من بين الجموع وترحل فانهي كلامه قائلا:
– أعتقد بكده أكون كررت عليكم التعليمات انا عارف اني قولتها قبل كده لكن حبيت اعيدها عشان ميكونش في نسبة خطأ تقدروا تفضلوا، استمتعوا بوقتكم
قالها وأسرع يلحقها لكنه لم يجدها فقال محدثا نفسه:
– وبعدين مع البنت دي، هي مشيت ليه؟
****************************
صف (هشام) سيارته وترجل حيث منزل (سارة) خطيبته وبيده باقة ورد فتحت له الخادمة الباب لكنها لم تسمح له بالدخول قائلة :
– سوري مستر (هشام) آنسه (سارة) أمرتني إني مستقبلش أي ضيوف عشان هي لسه عاملة تنضيف لطاقة المكان ومش عايزة أي طاقة دخيلة تلخبط الطاقة دي
زفر (هشام) في ضيق وقال لها آمرا :
– روحي نادي آنسة (سارة)
ردت الخادمة في خجل :
– مش عارفة اقولك ايه يا مستر (هشام) بس أصل آنسه (سارة) عاملة خلوة في اوضتها عشان بتعمل تأمل وهددتني اني لو دخلت عليها او قربت من اوضتها هتطردني وتقطع عيشي وحضرتك عارف ده لو حصل هيتقطع عيشى ارجوك سامحني
زفر (هشام) في ضيق قائلا بنفاذ صبر :
-استغفر الله العظيم لا الموضوع ده كده زاد عن حده جدا لازم حد يعقلها بقولك ايه روحي نادي طنط ام سارة
تفاجأ (هشام) بحماته جاءت وسمعته فنظرت له في استنكار حينما سمعته يلقبها بطنط أم سارة فتدارك هو الموقف قائلا :
– يالهوي نوجا القمر ايه ده خسيتي جدا لا لازم تقوليلي عملتي ايه
ابتسمت حماته في سعادة مبالغة وهي تقول :
– بجد خسيت طول عمري بقول انك بتفهم يا اتش
ابتلع (هشام) ريقه فقد مرقت عليها خدعته ثم قال مجاملا:
– أكيد بفهم مش اخترت بنتك (سارة)
ثم غير نبرة صوته وقال ممازحا :
– طب ايه هتفضلوا رميني على الباب كده مفيش اتفضل يا اتش
قالت حماته وهي تأخذه من يده ليجلس معها في الحديقة :
– طبعا اتفضل يا اجمل اتش تعالى نقعد في الجنينة عشان بنتي المجنونة مانعة حد يدخل البيت لحد شروق شمس بكرة وعلينا خير
رد (هشام) بضيق قائلا:
– وبعدين معاها بقى يا نوجا بنتك بقت مزوداها قوي وانا تعبت ومش عارف الموضوع ده هيطور معاها لحد فين انا تقريبا مش عارف اكلمها
قالت حماته في لا مبالاة:
– وايه يعني لما تتحملها انت مش بتحبها ولا ايه وبعدين هي بتحبك وكل واحد فينا عنده عيوب ولما بنكون بنحب لازم نتحمل عيوب اللي بنحبه
شعر (هشام) بالضيق لكنه لم يظهر ذلك وابتسم مجاملا قبل أن يودعها ويرحل
************************
عاد (هشام) لمنزله حزينا فقد شعر أن الفجوة بينه وبين (سارة) تزداد يوما بعد يوم ، لم يرغب في أن تراه والدته بهذه الحالة وهي المعتادة على مرحه وضحكاته
هكذا هو (هشام) يمنح الجميع سعادته ويخبيء لنفسه حزنه وسلامه
توجه (هشام) للحديقة وقرر أن يجلس بها حتى يهدأ
وجلس على مقعده لكن فجأة لمحها
تلك الفتاة المجنونة! التى رأها في الحديقة
كانت تقف في شرفة منزلها وقد اكتسى الحزن على وجهها وملأت الدموع عينيها
فغمغم قائلا:
– طلعتلنا منين دى .. ويا ترى بتعيط كده ليه
نادى (هشام) على حارس منزله وسأله قائلا :
– عم بيومي مين البنت دي، هو مش البيت ده مقفول بقاله سنين هما أصحابه باعوه ولا ايه
رد عم بيومي قائلا:
– لا يا بيه دي الست رهف الهانم الصغيرة حفيدة الهانم الكبيرة ست (رقية) الله يرحمها بس هو فيه ايه يا بيه؟
فكر (هشام) قليلا فى تلك الفتاة ربما تكون حفيدة آخرى غير تلك الصغيرة لكنه سرعان ما انتبه لسؤال البواب
– في ايه يا عم بيومي ؟
– أبدا أصلا صحبات الست (رهف) جولي النهاردة وسألوني عليك
نظر (هشام) ل (رهف) فوجدها مازالت واقفة في شرفة منزلها وقال محدثا نفسه بصوت غير مسموع:
– هو الجميل معجب ولا ايه
– عايز مني حاجة تاني يابيه
– لا روح انت يا عم بيومي
****************************
مسحت (رهف) دموعها ودلفت إلى غرفتها لكنها لم تغلق الشرفة ولم تلاحظ وجود (هشام) الذي كان يتأملها من حديقته حتى اختفت عن انظاره
وقفت أمام المرآه لتسرح شعرها أو لتكتشف إن كانت ستشاهد من خلالها شيء جديد
وبالفعل سرعان ما اهتزت المرآة وبدأت في التحول!
التعليقات