رواية نافذة العمر الفصل الثالث 3 بقلم دعاء الحادي وعلا السعدني
كانت حديقتا المنزلين مقابلين لبعضهم فهى رأته يدندن وهو يسقى الورود الخاصة بحديقته، تجمدت الدماء في عروقها وهي تنظر له بذهول فاغرة فمها وهى لا تصدق!
ذاك الشاب! هو نفسه ذلك الشاب الذى رأته فى المرآة بالأمس لقد رأته فقد كانت تنوى نسيان ما حدث بالأمس لكن كيف؟ كيف؟ هى رأته الآن مرة أخرى أمام عينيها! ظنت للحظات أنها تهذي فلاحظ هو أن أحدهم ينظر إليه فطالعها ووجد معالم الرعب تكثو ملامح وجهها فعقد حاجبيه بدون فهم بينما ظلت هى تعود للخلف حتى كادت أن تتعثر من ثم ركضت إلى داخل المنزل .. عدل هو من هندامه ومرر يده فى خصلات شعره ليطمئن على مظهره
-هى شافت عفريت ولا ايه ؟!! طب ده انا حتى زى القمر
قالها (هشام) مزهوا بنفسه ثم قطب حاجبيها وهو يقول
-البيت ده بقاله سنين محدش دخله .. جت منين
دى ؟!!
ثم هز كتفاه بلا مبالاة كأنه لا يعنيه الأمر ..
*************
أسرعت تركض لمنزل لتحتمي به، دلفت لمنزلها واضعة يدها على قلبها لتلتقط أنفاسها التي تتلاحق وكل ما يدور فى بالها من هذا الشخص؟ وكيف رأته هل هى تحلم ام تهذى ام جميعهم؟ ..جلست بأقرب مقعد وهى تفكر فى الأمر ولكنها قررت الدلوف لغرفة تلك المرآة كى تعرف ما بها هل تتوهم ام لا ..
دلفت للداخل وقامت بفتحه باب الغرفة وهى ترتعش فتحت الباب ودلفت للداخل فوجدت كل شيء فى الغرفة مرتب كما كان ونظرت للمرآة وهى تقترب منها رويدا رويدا لم تجد شيء أخذت تتنفس تنفس عميق ثم جلست أمام تلك المرآة المعلقة على الحائط وهى سعيدة لترى إن كانت تتوهم وفجاءة وجدت صور آخرى تعرض أمامها وكأنه عرض تمثيلى على التلفاز وجدت (جمال) زوجها يتقدم منها وهو يقول
-حقك عليا يا (رهف) .. مكنش قصدى . مكنش قصدى اجرحك .. أنا بحبك وأنتى عارفة كده كويس .. اللى حصل ده مجرد نزوة وأنتى لازم تسامحينى
وضعت يدها فى أذنيها واغمضت عينيها آبية أن تسمع أو ترى ما يحدث داخل تلك المرآة اللعينة وهى تصرخ قائلة:
-لا لا مش عاوزة اسمع .. مش عاوزة اسمع
ثم نهضت وأخذت هاتفها وأرسلت رسالة إلى (جمال)
(انت لازم تخلص إجراءات الطلاق بأسرع وقت وإلا هقول لطنط ع كل حاجة .. وانت عارف لو طنط أو عمى عرفوا حاجة زى كده هيسحبوا منك كل حاجة )
على الجهة الآخرى وصلت الرسالة إلى (جمال) قام بإلتقاط هاتفه ليقرأ ما بها فزفر بضيق وهو يقول
– ماشى يا (رهف) هتروحى منى فين .. مانا مش هسيبك لكن هديكي وقت تهدى فيه
*******************
بالغردقة
فى صباح اليوم التالى استيقظت نسمة وهى تشعر بسعادة بالغة استمعت إلى صوت الهاتف بجانبها فوجدت أن المتصل شقيقها ابتسمت بشدة ثم أجابت ع الفور
-اتش حبيبى … وحشتنى اووووى
-يا قلب اتش انتى .. انتى كمان وحشتينى يا (نسمة) .. ايه الاخبار معاكى ؟
-الحمد لله.. حاسة انى بحقق شيء أنا بحبه، الغطس ده جميل جدااا .. لو تشوف الكابتن وهو بيشرحلنا كنت هتحب الموضوع ده جداا
-انا ذنبى ايه بس ياربى .. خطيبتى مهوسة بالطاقة.. وأختي مهوسة بالغطس .. أنا محاط بمجموعة من المعاتيه
ضحكت (نسمة) ثم قالت
-اخص عليك يا اتش .. عموما يلا متعطلنيش أنا هقوم أخد شاور عشان انزل المحاضرة
-أمشى يا ستى ..
اخذت حماما دافئا ثم ارتدت ملابسها ومشطت شعرها الحريري وارتدت حجابها الذي زاد وجهها إشراقة ثم ذهبت إلى حيث المحاضرة ..
حين وصلت إلى هناك وجدت العديد من الطلبة الذين سيشاركونها المحاضرة …اقترب منها شاب وفتاة يبدو ودودين للغاية كانت الفتاة اول من تحدث وقالت:
-انا أسمى (لارا) .. وده (سامر) .. من المحاضرة اللى فاتت وانتى قعدة لوحدك فحبينا نيجى نتعرف عليكي
ابتسمت (نسمة) ومدت يدها لمصافحتهم وهى تقول
-وأنا (نسمة) أنا بس من القاهرة ومعرفش حد هنا .. حتى اصحابى مش مهتمين بالغطس
ابتسم لها كلا من (لارا) و(سامر) وقال (سامر)
-خلاص اعتبرينا هنا اصحابك
ابتسمت وشعرت بالألفة معهم وظلا يتحدثان مع بعضهم البعض فى أمور شتى حتى دلف (فهد) إلى الداخل ليصمت الجميع، بحث بعينه عنها تلك الفتاة التى من الواضح أنها استحوذت على عقله وحين وجدها تتحدث مع ذلك الشاب وتبتسم له أضيقت عيناه ولكنه لم يظهر إهتماما وبدء بإلقاء المحاضرة قائلا:
-مساء الخير .. النهاردة هنشرح الضغط وتأثيره على الجسم وكيفية التعامل مع الضغوط المختلفة..
ثم بدء بالشرح وكان كلما يسنح له الفرصة يختطف نظرة من تلك الشقية …
********************
اتصل بها أكثر من مرة لكنها لم تجب عليه فقد كانت غاضبة للغاية منذ أن أخذ كلامها على نحو من الهزل وهى لا تستطيع تقبل ذلك ابداا ..
زفر بضيق وهو يعلم أنها لن تجيبه هو يعشقها ولكنه يرى أن ما تفكر به تفاهات وليس بأمر حقيقى .. قرر أن يذهب إليها فى عملها حيث أنها مدربة العاب فى صالة رياضية استقل سيارته وذهب إليها وجدها تقوم بالتمرينات مع بعض الفتيات ظل يراقبها خلف الجدار الزجاجى وهو يبتسم وبعد أن انتهت من تلك الجلسة وما أن ذهبت الفتيات حتى دخل إلى داخل تلك الغرفة وجدها ممسكة بمنشفة تمسح بيها عرقها فقال على استحياء
-انا اسف يا (سارة)
استمعت إلى صوته وشعرت بسعادة بالغة جاهدت فى أن تخفيها ثم قالت وهى تنظر فى عينيه
-وبعدين معاك يا (هشام) .. أنت بجد جرحتني لأني مبحبش انك تقلل من موضوع الطاقة ده عشان ده مهم فى حياتى جداا
-طب حقك عليا ..
ابتسمت له ثم قالت
-خلاص يا اتش ..
ثم رفعت اصبع سبابتها وقالت محذرة إياه
-بس لو اتكرر تانى الموضوع ده.. أنا ممكن افسخ الخطوبة
شعر بغصة فى قلبه فهاهى تقول انها ستفسخ الخطوبة دون الشعور بألم وكأن أمره لا يعنيها فقال
-خلاص يا (سارة) اووعدك انى مش هتريق تانى ع الطاقة
ابتسمت بسعادة ثم قالت
-حبيبى يا اتش
****************
قررت (رهف) بالبحث عن فيديوهات كيفية إعادة الحياة للزرع من أجل تلك الحديقة الخاصة بمنزلها فقد ذبل كل شيء بالحديقة نظرت حولها وشعرت بالأسف ولكنها كان لديها بعض المعلومات عن كيفية تهذيب الأشجار فقررت أن تهذب الشجرتان التى بالحديقة ذهبت للداخل لتحضر سلم واحضرته وذهبت به حيث الشجرة بالحديقة كان ثقيل عليها للغاية ولكنها تحملت ذلك العناء وصعدت على السلم ثم قامت بقص أطراف الشجرة الاولى ..
فى ذلك الوقت كان (هشام) عائدا وهو سعيد لأنه قام بمصالحة (سارة) أخيرا ولكنه لاحظ تلك الواقفة على السلم الخشبى لتهذب الشجرة وشعر بأن السلم يهتز وأنها على وشك السقوط أسرع نحوها كى لا تسقط لكنه لم يلحقها وسقطت فوقه فوقع كليهما على الأرض نظرت له فوجدته ذلك الشاب فابتلعت ريقها بينما نظر هو فى عينيها الفيروزية وشعر بشيء ما لا يعرف ماهو وقفت هى على الفور وهى تنفض ملابسها وتقول
-انت ايه اللى جابك هنا ؟!!
نهض هو الآخر من على الأرضية ونفض ملابسه وهو يقول.
-شوفتك هتقعى .. قولت الحقك
-شكراا
-انتى لسه جاية هنا جديد ولا ايه ؟! البيت ده من زمان جدا محدش دخله
-اهااا .. أنا كنت عايشة مع … مع عمى وهو استقر فى البلد وانا شغلى هنا وده بيت جدتي كانت كاتباه باسمى
-اهااا .. معرفتكيش بنفسى (هشام عبد الله السيوطى)
قالها وهو يمد يده لها فترددت وشردت فى اسمه قليلا ايعقل أن يكون هو ؟! ام انها مجرد مصادفة ولكنها قامت بمصافحته قائلة
-اسمى (رهف)
-انا جارك فى البيت اللى قصادك ع طول .. لو احتاجتى حاجة .. أنا موجود فى اى وقت
-شكراا
-طيب مع السلامة
-مع السلامة
قام بتوديعها ثم عاد إلى منزله وهو يحدث نفسه بصوت خافت
-هو ازاى عمها سايب الكريم كراميل دى تعيش لوحدها
********************
فى المساء شعرت (نسمة) بالجوع فقررت النزول بالأسفل من أجل أن تتناول الطعام ارتدت فستان لونه احمر طويل وحجاب لونه ابيض نظرت لنفسها بالمرآة وشعرت بالرضا عن نفسها ثم ذهبت للأسفل كانت الأجواء هادئة كما أن عزف الموسيقى كان رائعا شعرت بالراحة فبالفعل الرحلة رائعة للغاية وبالرغم من أنها وحيدة فى ذلك المكان إلا أنها تعتبر رحلة استجمام مع النفس جلست على إحدى الطاولات وطلبت الطعام وماهى الا دقائق حتى كان طلبها قد أتى ..
نظرت إلى الطعام واشتمت رائحته الذكية بدئت فى تناول الطعام كانت تشعر بجوع شديد لذا طلبت طبق اخر .. وكان يتابعها (فهد) من بعيد وقد ارتفع حاجبه بدهشة وهو يقول بصوت خافت
-الاكل ده كله بيروح فين ولا يبان عليها
حتى اقتربت فتاة بالقرب منه وتحدثت بالإنجليزية معه
-ماذا تفعل ؟!! …. اتحدث نفسك
ضحك (فهد) ثم قال
-ابدااا عزيزتى .. كيف حالك؟
-انا بخير .. تبدو شاردا بعض الشيء
فنظر أمامه لتتلاقى عينيها مع (نسمة) ثم قال
-الطقس جميل اليوم
-ماذا ؟!!
ابتسم هو ثم قال
-لا عليك
بينما ظلت (نسمة) تنظر له بغضب وهى تتمتم قائلة
– على طول قاعد مع بنات اجانب
********************
كانت جالسة بغرفتها هى تشعر بضجر وملل حتى استمعت إلى هاتفها ينبئها بوصول رسالة أمسكت الهاتف لترى انها المجموعة الخاصة لصديقتها على محادثة الواتساب ابتسمت وشعرت بالسعادة فهى بحاجة الآن إلى اصدقائها أكثر من اى وقت مضى فتحت الرسالة لتجد
(يا بنات عاوزين تظبط يوم نخرج فيه)
(أنا شايفة بكرة مناسب بعد شغل (رهف) تيجى معانا)
(أيوة يا (رهف) يا ندلة من ساعة عيد ميلادك جوزك وانتى منفضلنا ولا بتردى)
شعرت بالضيق فهى ستصدمهم بالغد من خبر طلاقها ذاك لكنها أجابت عليهم
(خلاص يا بنات بعد الشغل هنتقابل)
ثم تركت الهاتف وانسابت دمعة من عيونها وهى تتذكر كيف كان يتودد إليها (جمال) بعد أن تقابلا تحت المطر
(كانت هى جالسة على مكتبها الخاص بالشركة منهمكة فى العمل على الحاسوب لا تشعر بوجود أحد بجوارها كان يجلس على المقعد المقابل لمكتبها وهو يضع يده أسفل وجنته ناظرا لها بهيام شعرت بإن شخص ما يراقبها فرفعت رأسها لتجد صاحب المظلة أمامها ناظرا لها بهيام رمشت عينيها عدة مرات ثم قالت وهى تقف وتفتح خزانة خاص بها فى المكتب واحضرت المظلة من داخلها وهى تقول
-من ساعتها وهى هنا .. شلتها ليك قلت لما تيجى لمستر (ادهم) ادهالك
ثم قامت بمد يدها لتعطيه المظلة فمد يده ليأخذها منها وتلامست أيديهم فشعرت هى بالخجل ليقول هو
-كنتى خليها ذكرى
ابتسمت وقالت
-كفاية أن حضرتك روحت من غيرها يومها .. خفت لتاخد برد
ابتسم وقال بمكر
-خفتى عليا بجد
تنحنحت هى قائلة
-يعنى اكون انا السبب ولا حاجة
-انتى تعملى اللى انتى عاوزه
شعرت بخجل ووضعت شعرها البنى المائل للصفرة خلف أذنيها وهى تقول
-برده مكنتش هسامح نفسى
-يا ستى أنا واقف قدامك زى الفل اهو
ابتسمت ثم قالت وهى تنظر فى ساعة يدها
-يا خبر اتأخرت ولازم اروح
-تحبى اوصلك ؟!
-لا مش هينفع عمى راجل شديد ولو عرف انى معاك مش هيحصل كويس
-طب هشوفك تانى
-ربنا يسهل
قالتها وهى تأخذ حقيبتها واسرعت نحو الخارج حتى لا تتأخر وعمها يمنعها من العمل فعلى الرغم من أنها تعيش مع ابنة عمها وزوجها إلا أن عمها يتصل هل يوميا ليتأكد من أنها وصلت البيت فى موعدها )
نزلت دمعه من عيونها عند تذكرها تلك الذكرى وشعرت بالضيق من نفسها لما أحبته كل ذلك الحب
********************
فى عصر اليوم التالى ذهبت إلى النادى حيث ستقابل اصدقائها وجدتهم متجمعين حول إحدى الطاولات وما أن رأت اصدقائها اقتربت منها واحتضنتهم ثلاثتهم من ثم اخذت تبكى بشدة فقالت إحدى الفتيات و هى تجد انها منهارة هكذا
-مالك يا بنتى ؟!!
-انا اتطلقت يا (اسماء)
نظرت لها (اسماء) بعدم تصديق ونظر الجميع إلى بعضهم البعض وهم لا يصدقون أن (رهف) و (جمال) قد انتهت قصتهم.. ظلت (رهف) تقص عليهم ما حدث وكيف أن ذلك الوغد قد خانها وأنها ذهبت لتعيش ببيت جدتها فقالت إحدى الفتيات
-اهاا الواطى الجبان .. صحيح الراجل ميملاش عينه غير التراب بقى واحدة بجمالك تتخان
ثم قالت الثالثة
-طب وعمك هتعملى معاه ايه ده لو عرف مش بعيد يرجعك البلد .. معقول يرضى تعيشى لوحدك ده كان عملك حظر تجول
-انا مبقتش صغيرة عشان يخاف عليا يا (اسراء) .. وبعدين حياتى كلها هنا
قالتها (رهف) ثم تابعت قائلة بتلعثم
-فى حاجة كمان حصلت عاوزة احكيلكوا عليها
وظلت تقص لهم عن تلك المرآة التى ترى بها اشياء غريبة وقد رأت شاب وأصبح ذلك الشاب جارها فقالت (اسراء)
-يخرب بيتك لتكون المرايا دى مسكونة
التعليقات