التخطي إلى المحتوى

رواية نافذة العمر الفصل العاشر 10 بقلم دعاء الحادي وعلا السعدني

لفصل العاشر

كانت تشعر بالحزن لأنها لم تجده طوال النهار حتى أنها لم تأكل شيء طوال يومها لأنها تشعر بالقلق عليها قررت النزول إلى ساحة الفندق والبحث عنه مرة آخرى ووجدته جالس على إحدى الطاولات وعلى مظهره يبدو الحزن والتعب والاجهاد شعرت بالحزن من أجله لكنها قررت أن تقترب منه وتتحدث معه فبالتأكيد هو بحاجة للحديث مع شخص ما
– البقاء لله يا فهد ربنا يرحمه ويصبرك
اخترق جملتها مسامع قلبه وشعر برغبة عارمة في إلقاء حزنه وضعفه بين يديها فتساقطت دموعه وهو يقول بحزن وذهول حقيقي:
– مش عارف مشي ازاي وليه ده كان كويس ومش بيشتكي من حاجة إنسان مليان طاقة وأحلام وطموحات فجأة كده يختفي في لحظة ويبقى ذكرى
شعرت نسمة بالحزن لأجله فقالت لتواسيه :
– كلنا هنموت يا فهد محدش هيخلد في الدنيا ربنا خلقنا وكتب لكل إنسان ميعاده قول إنا لله وإنا إليه راجعون عارف معناها ايه يعني محدش ليه في نفسه حاجة كلنا لله وملكه وكلنا مصيرنا إليه وهنرجعله المهم يكون عملنا كويس عشان لما نقابله سبحانه ونقف قدامه
كان فهد يستمع إليها بإمعان فقد لامس كلامها قلبه
فلم يعلق بل كان يريد أن يسمع المزيد فواصلت هي قائلة:
– الموت مش بيستأذن حد يا فهد الموت بيجي في لحظة عشان كده الإنسان لازم يكون مستعد للحظة دي
قال فهد بأسى :
– ده كان لسه معايا
ثم تابع في حزن قائلا:
– انا تعبان قوي يا نسمة روحي تعبانة وقلبي موجوع
نظرت له نسمة بعطف وقالت بحزن وكأنها تتذكر حدث موجع وقد ترقرت الدموع على وجنتيها :
– لما بابا مات كنت في حالة شبه حالتك دي بل وأصعب كان أصحابي حواليا وأهلى علطول معايا بس كنت حاسة اني لوحدي مكنش في حاجة بتريح قلبي
انتبه فهد لكلامها واولاها كل اهتمامه فبرغم حزنه لكن دموعها مزق قلبه وكان يود لو يمسح دموعها لكنه بات يعرف حدودها ويحترمها بل ويحب تلك الحدود التي جعلتها مختلفة عن غيرها فقال بلهجة حنون:
– وعملتي ايه وقتها
واصلت نسمة قائلة:
– عملت كل حاجة تساعدني لكن مفيش غير حاجة واحدة بس هي اللي ريحت قلبي بل كمان حولت حزني لرضا تام وتسليم بقضاء ربنا
سألها فهد في فضول:
– ايه هي الحاجة دي
– الصلاة بجد هي الحاجة الوحيدة اللي داوت قلبي انتظامي في الصلاة غير حياتي وكأني ركبت قلب جديد وخصوصا قيام الليل عارف كنت بعد الساعة ١٢ اشغل إضاءة خفيفة في اوضتي وافرد المصليه بيكون البيوت كله نايم والدنيا سكون افضل اصلي وادعي
ابتسم في حزن وهو يقول بأسى :
– معقول ربنا يقبلني وانا عايش حياتي بعيد عنه
– اوعي تيأس من رحمة ربنا هو الغفور الرحيم ربنا عارف إننا بنغلط وعشان كده برحمته جعلنا التوبة وسمى نفسه التواب الرحيم يا فهد مينفعش تيأس من رحمه ربنا لان دي اكتر حاجة تزعله منك
قال بصدق:
– عارفة يا نسمة كلامك ده رد فيا روحي من جديد
– ده مش أنا يا فهد، ربنا سبحانه وتعالى هو اللي سخرني ليك عشان هو بيحبك وعايزك تفوق من اللي انت فيه وعايزك ترجعله واهي فرصة ليك
كان ممكن يسيبك لحد ما تقابله وهو غضبان عليك لكن ربنا بيحبك وعايزك تتوب إليه وموت صحبك وجعك عشان هو درس ليك ورسالة من ربنا يفوقك
فكر فهد في كلامها ثم قال بصدق :
– عندك حق يا نسمة عندك حق فعلا العمر ممكن يخلص في لحظة ومفيش حاجة تستاهل أنا بس
سألته نسمة قائلة :
– أنت ايه يا فهد
– عايزة الصراحة
– قول في ايه
– بقالي فترة طويلة مش بصلي وناسي الوضوء
– كل حاجة دلوقتي موجودة على يوتيوب متقلقش
– معلش يا نسمة أنا معنديش دماغ ابحث وكده ممكن تبعتيلي انتي فيديوهات تعليم الوضوء والصلاة على واتساب
شعرت نسمة بالاحراج فهي لا تريد أن تعطيه رقم هاتفها وفي نفس الوقت تريد أن تأخد رقمه لتطمأن عليه فقالت مازحة لتخرجه من حالته الحزينة وتخفف عنه :
– حتى وانت زعلان مش بتضيع وقت
ابتسم رغما عنه وقال :
– انتي ظالمة علفكرة الموضوع مش كده بس بجد معنديش طاقة ادور وبعدين انتي اكيد احسن مني في الحجات دي وهتبعتيلي حد موثوق فيه لان انتي عارفة ان فيه ناس كتير بتقول معلومات غلط
– ماشي يا سيدي المرة دي بس عشان ظروفك بس انت عارف
– حاضر والله مش هضايقك ولا هتصل من غير إذنك
اقولك على حاجة هغمض عيني لما توصلني رسايلك ومش هرد عليها
ضحكت نسمة رغما عنها وسرعان ما شعرت بالخجل فقامت وهي تقول :
– انا كده اطمنت عليك عن إذنك يا فهد أن شاء الله لما تصلي وتقرأ قرآن كده قلبك يهدا وروحك تطمن
ابتسم فهد وهو يقول بامتنان حقيقي:
– شكرا يا نسمة بجد شكرا من كل قلبي هونتي عليا كتير
– العفو انا معملتش حاجة عند إذنك
قالتها ورحلت فقال هو محدثا نفسه:
– انتي نسمة طيبة مرت على قلبي يا نسمة
******************************************
دقت الساعة معلنة منتصف الليل وقفت داليا في شرفة منزل رهف فقد أبلغت والدتها بأنها سوف تنام عند صديقتها هذه الليلة وأطرقت تفكر بهذا الغريب الذي اخترق ظلامها فقد أخذت داليا قرار منذ أمد بعيد
بأنها لن ترتبط ولن تفتح للحب باب قلبها إلا لمن يستحق لمن يجد نفسه أهل لها لمن لا يهابها او يخشى قوتها فهي ليست بحاجة أحد وليست ناقصة ليكمل وجودها أحد
فهي كاملة بذاتها بنجاحها بقوتها
حتى الآن لم يقدر على قلبها أحد، لم يتمكن من قلبها أحد لكن ذلك الغريب لم يكن شخصا عاديا فقد أغرمت بشخصيته القوية وأسرتها ثقته بنفسه فهو الوحيد الذي لم يعير قوتها أي اعتبار على عكس الآخرون
أنا هو فقد أثار فضولها
قالت بصوت مسموع وهي تخبط على خدها قائلة:
– لا فوقي يا كوماندا لسه متخلقش اللي يشغلني ده بعيد عن شنبه فوقي كده وارجعي لنفسك تاني انتي بس اتخطفتي من جرأته مش أكتر
قاطعتها رهف التي خرجت لتوها الي الشرفة حيث تقف داليا وقالت باستغراب:
– في ايه يا بنتي انتي اتهبلتي ولا ايه انت بتكلم نفسك يا كوماندا ولا ايه
– بكلم نفسي ايه انتي عبيطة انا كنت بتكلم في التليفون
نظرت رهف ليد داليا فوجدتها فارغة فقالت :
– لا حول ولا قوة إلا بالله فين يا بنتي التليفون ده انتي اتجننتي يا داليا
– بقولك ايه يا رهف انا مش ناقصاكي انا داخلة انام
قالتها ورحلت فضحكت رهف لحالة صديقتها فهي تعرفها جيدا وتعلم أن حالتها هذه بسبب انها معجبة بمؤمن لكنها ستنكر وستقاوم شعورها هذا لأنه ستشعر أن قوتها وسطوتها في خطر فقال محدثة نفسها :
– هنشوف قوتك هتصدم لحد امتى يا كومندا يارب بس يطلع يستاهلك وميطلعش زي جمال
– جمال إنت ايه اللي جابك هنا
سمعت رهف اسمه فانقبض قلبها وشعرت بخوف وخرجت لترى ما يحدث فوجدته على الباب وداليا تمنعه من الدخول فقالت رهف بصرامة:
– ايه اللي جابك هنا مش خلاص خلصنا
رد قائلا بلهجته الكريهة التي لم تظهر إلا بعدما سقط عنه القناع:
– جيب اقولك اني مش هسيبك فاهمة مش هسيبك
صرخت فيه قائلة:
– ده على أي أساس قول يا جمال قولي فهمني ده حب مثلا ولا حب ايه هو فيه حد يكون بيحب ويخون انت نزعت بأيدك أي حاجة حلوة كانت في قلبي ليك
صدقني حتى مش زعلانة عليك
تدخلت داليا قائلة بلهجة مستفزة :
– ده احنا حتى كنا بنحتفل النهاردة أنها خلصت منك وهي اللي عملت الكيك بنفسها
جن جنون جمال وهجم على رهف فصفعها على وجهها بقوة جعلتها تصرخ قائلة :
– بكرهك اخرج بره بيتي مش عايزة اشوف وشك تاني
أمسك رسغها بعنف فتدخلت داليا لتخلصها منه فحدفها بعيدا فسقطت أرضا وقد نزف رأسها فأثناء سقوطها قد سقطت على سن الطاولة ففتحت رأسها
فأخذت رهف تصرخ بقوة وفجأة وبدون سابق إنذار وجدت رهف جمال يطير في الهواء ليرتطم بقوة في الأرض بعيدا عنها ليظهر من خلفه هشام الذي نفض يديه ثم قال وهو يخلع ساعته ويعطيها لرهف وقد غمز لها بإحدى عينيه :
– خدي الساعة دي خليها معاكي بس ابقى رجعيها ها متعمليش زي المرة اللي فاتت مش كل مرة هشتري أنا ساعة جديد
تذكرت رهف أنها حتى الآن لم تعيد له ساعته التي أعطاها لها حين ضرب جمال في المرة الأولى فقالت ببراءة :
– والله نسيت يا اتش بجد انا آسفة
فابتسم لها هشام وهو يلكم جمال الذي كان يهم بضربه لكن هشام تفادى الضربه برشاقة لكمه لكمة قوية اطاحت به من جديد فقال جمال بلهجته الكريهة :
– راجل غريب يجيلك البيت في الوقت ده وبتدلعيه تقوليله يا اتش كمان فينه عمك يجي يشوف الانحلال اللي بنت اخوه المحترمة بقت فيه
امسك به هشام من ياقته وهو يقول له :
– انت كلب ازاي تتكلم عنها كده رهف محترمة غصب عنك وانا لو شفتك هنا تاني مش هرحمك
صرخت رهف قائلة :
– سيبك منه دلوقتي يا هشام والحق داليا
امسكه هشام من ياقته والقى به خارج المنزل ونادي على البواب قائلا:
– عم بيومي استلم الكلب ده كان بيسرق بيت رهف هانم
وسلمه للقسم
أخذه البواب وانهال عليه بالضرب هو وكل من كان بالشارع وأخذوه إلى القسم
هرع هشام نحو داليا التي كانت فاقدة الوعي ورأسها ينزف فكتم الدماء وربط رأسها وأسرع يحملها ويتوجه بها نحو السيارة ليذهب بها إلى المستشفى وتبعته رهف وقد فقدت أعصابها وأصبحت تبكي ويرتعد جسدها في عنف
اتصل هشام بصديقه مؤمن حتى يلحق بهم إلى المستشفى فقد كان بحاجة لمساعدة
*******************************************
في المستشفى جلست رهف على السلم المقابل لغرفة داليا وأخذت تبكي في انهيار وهي تكتم فمها حتى لايسمعها أحد
خرج هشام من غرفة داليا وترك مؤمن مع الطبيب وبحث عليها بعينيه حتى وجدها فجلس بجانبها
وقال بصوت حنون :
– ارحمي نفسك يا رهف انتي مش ناقصة وداليا هتبقى كويسة الدكتور طمنا عليها
قالت بصوت خرج واهنا :
– انا السبب يا هشام أنا السبب هي كانت بتدافع عني والحيوان ده زقها
– لا انتي مش السبب ولا حاجة وبعدين انتي ذنبك ايه هو انتي اللي زقتيها
– أنا بقيت لعنة على كل اللي حواليا
– إزاي تقولي كده
– دي حقيقة أنت مثلا ذنبك ايه كل يوم والتاني تدخل خناقة ملكش فيها
– انتي بتسمي دي خناقة يا بنتي ده يعتبر أقل تمرين كارتيه اتمرنته في حياتي ده جمال ده طلع هوا شفتي طيرتهولك ازاي
ضحكت رهف رغما عنها وهي تقول :
– ايوة
تأمل هشام ضحكتها الجذابة للحظات وكأنه غاب عن الوعي لكن سرعان ما جمع شتاته فذوى ما بين حاجبيه وكأنه استغرب نفسه وهو يقول ببساطة :
– ايوة كده اضحكي ونفضي الكلام الغريب ده من دماغك احنا بنيجي الدنيا لبعض أسباب يعني احنا متقبلناش صدفة
نظرت له رهف بدهشة وتذكر المرآه فقد رأته فيها قبل أن تقابله بالفعل لقاءهم ليس صدفة ولكن لماذا ؟
هل ليحميها ؟ربما لكن هناك شعور بداخلها يخبرها بأن الأمر أكثر من ذلك بكثير
كثير جدا
********************************************
في غرفة داليا وقف مؤمن مع الطبيب وهو يحاول إفاقتها وبالفعل نجح في ذلك
فتحت داليا عينيها بصعوبة فوجدت شخص غريب وهي تقول بصوت واهن :
– هو حصل ايه انا فين ؟ انت خاطفني ولا ايه
ضحك الطبيب ورد قائلا يمازحها:
– يعني أنا أنقذك تقومي تجبيلي مصيبة يا ستي انت في المستشفى جيتي بإغماء و بفتح في دماغك بس الحمد لله كان بسيط وانا الدكتور مش خاطفك ولا حاجة
قالت داليا بصوت واهن في سخرية :
– ماشي يا سيدي شكرا
نظر الطبيب لمؤمن بذهول فقال الاخير :
– معلش هو كده مجدي دايما قليل الذوق
سمعت صوته فخفق قلبها فلا أحد يناديها بهذا الاسم سوا نظرت لمصدر الصوت فوجدته فقالت بغضب غير مبرر:
– انت بتعمل ايه هنا يكونش انت اللي فتحت دماغي
– يخربيتك هتلبسيني مصيبة انا كمان مش كفاية الدكتور
ضحك الدكتور واستأذن منهما وانصرف بعدما اطمئن على حالتها قائلا:
– كده كل شيء تمام هنحتاج بس انها تقضي اللية قي المستشفى عشان نطمن أن كل شيء تمام بعد كده تقدر تروح بس لازم حد يفضل معاها ويتابعها طول الليل
خرج الطبيب فقالت داليا بجدية :
– لا أنا مش هينفع ابات هنا مش عايزة ماما تعرف حاجة دي ممكن تموت من القلق عليا
طمأنها مؤمن قائلا :
– اطمني رهف ظبطت كل حاجة، هو مين عمل فيكي كده؟
تذكرت داليا كل ما حدث فقالت:
– الحيوان اللي رهف كانت متجوزاه هجم علينا هو اللي زقني

ضحك مؤمن وقال ساخرا:
– وعملالي فيها كوماندا وشبح وبتاع وفي الاخر كنت هتروهي في حتة زقة ده انت طلعت توتو خالص ياض يا مجدي
قالت داليا بغيظ :
– هو ايه اللي مجدي مجدي هو انت شايفني بشنب ولا ايه
ضحك مؤمن وهو يقول مشاكسا :
– تصدقي الشنب هيكون لايق عليكي اووي
غضبت داليا وقالت بانفعال:
– اطلع برة من فضلك ونادي رهف أصلا مش عارفة سايبينك معايا ليه
نظر مؤمن في عينيها فتوترت داليا وشعرت وكأنه اخترق قلبها بنظراته فزاد غضبها واشاحت بوجهها عنه فقال هو بجدية زادته جاذبية :
– أنا شايفك أجمل ليدي ممكن حد يقابلها
ثم عاد لمزاحه قائلا :
– بقولك يا مجدي بس تمويه
ابتسمت داليا رغما عنها فقال لها مغازلا :
– خدت بالي انا علفكرة من البسمة دي، دي ليا انا مش كده
قالت داليا بجدية لتغير مجرى الحديث :
– فين رهف انا قلقانة عليها
-صحيح هو ايه اللي جاب طليقها البيت عندها هما مش انفصلوا واحنا كلنا احتفالنا بالمناسبة دي
– ايوة بس هو إنسان حقير مش عايز يسيبها في حالها
– طيب هو ايه اصلا سبب طلاقهم
– الخيانة الواطي خانها، خانها في بيتها وهي شافتهم
قلب مؤمن شفتيه في لامبالاة:
-ده كده غبي مش واطي ماهو بردو مينفعش يخونها في بيتها ماهي كده أكيد هتقفشه
– تقصد ايه يعني هي المشكلة في بيخونها فين ولا انه بيخونها أصلا
– مش دي الفكرة اللي انا اعرفه ان جوزها غني جدا
وهي بطلاقها منه خسرت ما كسبتش كفاية انها سابت الفيلا الفخمة عشان ترجع لبيت جدتها القديم يعني خسرت حياة متكاملة الرفاهية
– لكن كسبت نفسها
– لا ده اي كلام بنضحك بيه على نفسنا
اندهشت داليا من طريقة تفكيره لكنها ليست بحالة تسمح لها بالنقاش والمجادلة فقد قاومها النوم
أخذ مؤمن يتأمل جمالها النائم
قاطع شروده دخول هشام ورهف التي قالت في قلق:
– هي لسه غايبة عن الوعي
رد مؤمن وهو يقول مطمئنا:
– لا فاقت وبقت زي الفل هي نايمة دلوقتي
ثم اتبع قائلا بصوت غير مسموع:
– زي الملايكة
********************************************
مرت عدة أيام وحان موعد عودة سارة كان هشام بانتظارها في المطار لكنه تفاجأة بها اقلبت عليه بصحبة هذا الشخص فشعر بنيران الغيرة تحرق قلبه
أقبلت سارة عليه وقالت بمرح:
– اتش وحشتني اوي عايزة اعرفك على طارق

نظر هشام لطارق بتمعن فقد كان يبدو غريبا بالنسبة له بمظهره البوهيمي وشعره الاشعس
سلم عليه طارق فرد هشام السلام بإماءة خفيفة برأسه
قال هشام موجها حديثه لسارة :
– يالا بينا يا سارة عشان نروح مشوارنا
– ماشي يا هشام
ثن وجهت كلامها لطارق قائلة:
– بقولك ايه يا طارق ما تيجي معانا هشام هيوديني ازور جارته نخلص وبعدين نطلع احنا على مشوارنا
اعترض هشام قائلا بغضب مكتوم:
– يجي فين ومشوار ايه اللي هتروحوه
ردت سارة قائلة ببساطة:
– اصل طارق هيشتغل معايا في الجيم هيدي دروس تأمل وهيدرب يوجا
شعر هشام بغليان في رأسه وود لو حطم رأسهما لكنه تمالك نفسه وقبل أن يعترض هشام قالت سارة:
– يالا يا جماعة كده هنتأخر وبعدين ورانا يوم طويل
قالتها واسرعت تركب السيارة هتبعها هشام في استسلام وطارق في لا مبالاة
********************************************
استقبلتهم رهف بترحاب فسألها هشام عن داليا فأخبرته أنها أصبحت بخير وذهبت لبيتها وسوف تعود في الغد
قالت سارة :
– بيتك حلو اوي يا رهف
– شكرا يا سارة كنت عايزة اتعرف عليكي جدا من كلام أستاذ هشام عنك ربنا يخليكم لبعض أستاذ هشام ونعم الجيرة والله يعني جواه خير كبير لكل اللي حواليه وطلع كمان ذوقه حلو
– شكرا يا رهف انتي كان طلعتي جميلة قوي وانا كده بقى هغير على هشام
تدخل طارق قائلا :
– فعلا جميلة جمال نادر مش موجود
تمنى هشام لو هشم رأس ذلك الطارق وكسر عظامه لكنه كظم غيظه
اتبع طارق قائلا:
– بس جمالك حزين عيونك فيها
لم يستطع هشام منع نفسه فقال غاضبا:
– ايه هتقولها عنيكي فيها حزن جملة مستهلكة قوي
نظرت له سارة نظرة ثاقبة وقالت بلهجة ذات معنى :
_ وانت زعلان ليه يا هشام ما يقولها اللي هو عاوزه أنت مالك
قال هشام بغضب عارم :
– لكن رهف مش بتحب كده
نظرت له سارة وقد أشعلت الغيرة نيران قلبها فحبيبها بات يهتم لأمر إمرأة أخرى ويعرف ما تحب وما تكره
ابتلعت غيرتها وعدلت شعرها حتى تداري مشاعرها
قال طارق بتوضيح:
– أنا آسف طبعا لو قولت حاجة ضايقتك يا رهف بس أنا كنت أقصد أن الحزن ده سببه إنك محتاجة تشتغلى على شاكرات القلب
ابتسم رهف برسميه وقالت :
– ايوة بس أنا مش مؤمنة بعلم الطاقة
نظر لها هشام بإعجاب ولمعت عينيه وتمنى في قرارة نفسه لو أن هذا رأي سارة
شهقت سارة واتسعت عينا طارق وكأنها وجهت له إهانة
فتابعت قائلة :
– مع احترامي ليكم طبعا لكن انا لا ليا في اليوجا ولا علوم الطاقة دي مش لأني جاهلة بيهم لكن لأني عارفة أصلهم وعارفة انهم ضد عقيدتي وديني
قالت سارة باستخفاف:
– ليه حد قالك إننا كفار
ردت رهف بهدوء :
_ بس أنا مقولتش كده أنا مش من حقي احكم على حد لكن ده رأيي في الموضوع ده
سألها طارق في فضول:
– ممكن افهم اليوجا ضد الدين في ايه
ردت رهف موضحة :
– لو راجعت تاريخ اليوجا هتعرف أنها في الأساس صلاة وثنية ومتقوليش إنها رياضة لان في أنواع رياضة كتير قوي ممكن الإنسان يمارسها
قالت سارة :
– ايوة بس اليوجا رياضة بتشتغل على الروح والعقل
ردت رهف قائلة:
– وطبعا هتقوليلي اليوجا بتخليكي تشعلى مسارات الطاقة وتقدري تتحكمي في كل حاجة حواليكي اللي بتسموه عندكم قانون الجذب
اندهشت سارة من معلومات رهف وردت قائلة:
– ما انتي شاطرة اهو بالظبط كده هو ده اللي اليوجا هتوصلك ليه وتقدري تجذبي بنفسك النجاح والحب والوفرة ومش بس كده انتي تقدري توصلي لمرحلة النيرفانا
ردت رهف قائلة :
– هو ده بالظبط اللي الهندوس مؤمنين بيه وهو أن الإنسان يقدر يتحكم في كل حاجة في حياته وروحه تتحد مع الإله ومن خلال كده نقدر نحرك الكون كله لمصلحتنا بالله عليكي مش كل ده ضد مباديء دينا وضد عقيدتنا لان الاتحاد اللي بتقولوا عليه ده بينقلك من حدود المخلوق لحدود الخالق، كل ده كوم والحجات اللي بتستخدموها في وهم نفسكم بمعرفة الغيب ده كوم تاني زي البندول الطاقة والتاروت لأنها حرام شرعا ودار الافتاء قالت إن الحجات دي دجل وشعوذة والخبرا فيهم عرافين ودجالين والرسول الكريم عليه افضل الصلاة والسلام من أتى عرافا فسأله عن شيء فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوما
وف حديث تاني عن أبي هريرة  عن النبي ﷺ قال: من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ.
قال طارق معترضا :
– بس اليوجا رياضة سامية
ردت رهف قائلة :
– اليوجا في الأصل صلاة هندية بوذية وما هي إلا إلحاد تام بكل الرسالات السماوية وإيمان بالوثنية الهندوسية اللي بتؤمن إن الطاقة هي الله اللي حضرتك عايز تتحد معاه، انت بقى عندك إله واحد هتتحد معاه ازاي
رد طارق قائلا:
– بس أنا مبتحدش ولا حاجة
سألته رهف قائلة :
– ازاي بقى وهي اليوجا أصلا معمولة عشان الاتحاد لأنها صلاة بتاعة ناس بتقول انها مش متأكده إن ليها خالق وانت بقى بتصليها زيهم واللي اكتر من كده انك لو رجعت لتاريخ اليوجا هتلاقي الهندوس واخدينها في الأصل من سحرة الشامانات يعني هي في الأصل ممارسة سحرية بتلغي الوعي عشان الإنسان يبقى لعبة في إيد الشيطان ولو رحت درستها في الهند ووصلت لمراحل الخبرة الكبيرة هيدوك شهادة اسمها سانياسا
ودي بقى شهادة رسمية بأنك كفرت بكل معتقداتك السابقة وبقيت مؤمن إيمان كامل بمباديء اليوجا الهندوسية يعني شهادة رسمية بالالحاد
نظر هشام لرهف بانبهار وعلت وجهه ابتسامة إعجاب لاحظتها سارة التي قالت في غضب :
– يالا يا طارق مفيش فايدة قوم بينا نروح مشوارنا بدل ما نتحول لكفار اخر القاعدة
شعرت رهف بالاحراج فقالت :
– انا أكيد مقصدتش كده يا سارة
ردت سارة قائلة :
– ايا كان ده رأيك وانتي حرة على العموم فرصة سعيدة يا رهف اكيد هنتقابل تاني
ودعت رهف سارة وطارق ثم قالت لهشام بحرج:
– أنا اسفة يا اتش واضح اني ذوتها حبتين
قال هشام في سعادة بالغة :
– زودتيها ايه بس ينصر دينك ده انتي عملتي كل اللي كان نفسي فيه بس قوليلي جبتي المعلومات دي كلها منين
ردت رهف قائلة :
– يعني لما انت كلمتني عن سارة وجنانها بموضوع الطاقة ده افتكرت انك مزودها شوية فقريت شوية عن الموضوع
– انتي هايلة بجد بس تعالي هنا ايه موضوع استاذ هشام اللي قعدتي تقوليه قدامهم ده
-اومال اقولك يا اتش قدام خاطبتك عايزها تدبحني
– وهي دي بتحس وحده غيرها كانت ولعت الدنيا لكن دي تلاجة ولا بتحس
– لا بالعكس حسيت انها غيرانة عليك جدا بس في ناس كده مش بتبين
– سيبك منها وقوليلي انتي قولتي لداليا فعلا أنها تتنازل عن المحضر اللي عملته لجمال
– اه يا اتش مش عايزة الموضوع يكبر وبعدين مهما كان العشرة متهونش الا على ولاد الحرام حتى لو هو حقير وعشرتي هانت عليه لكن أنا مش زيه
-لكن ده غلط يا رهف لازم تعملي محضر عدم تعرض عشان ميتعؤضلكيش تاني
– عندك حق
قالتها وهي تعلم ان ذلك لن يوقف جمال وان القادم أسوأ بكثير 

الحادي عشر من هنا

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *