رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل السادس
هذا كثير جدا! لا يمكنني تجاهل ما يفعله هذا الأحمق!
اقتربت منهما بخطى واسعة وقلت بحزم بعد ان وقفت بجانب جيمي عند الأريكة: لقد تجاوزت حدودك!
رفع عيناه العسليتان نحوي بحدة لثوان فقط وهو يلقي بنظرة متوعدة قبل ان يبتسم فجأة بمرح ويقف متجها إلى ليضع ذراعه على كتفي ويقول بلطف: عزيزتي شارلوت بما أنك هنا ومتفرغة الآن، ما رأيك بتمضية الوقت مع جيمي؟
قطبت جبيني: هاه!
أضفت بإندفاع: لا تغير الموضوع! لماذا ترفض الإستماع إليه و.
هناك بعض الأمور التي ينبغي على انجازها لذا ستكون فرصة أخرى جيدة ليكتشف كلٌ منكما الآخر، اليس كذلك؟
قالها وهو يشدد على كلماته ويقربني إليه أكثر لأصطدم بصدره، هاه! يا الهي. يتظاهر بأنه الملاك اللطيف الآن وكأنه لم يكن يخاطب ابنه بتلك النبرة الحادة وليس وكأنه الشخص ذاته الذي مزق ورقتي!
اعلم بانه لا يريد لابنه ان يراه يجادلني او يتشاجر معي ولكن لا داع ليرتدي هذا القناع المزيف ويخفي الشيطان الماكر بداخله!
زفرت بإستهزاء: أوه حقا؟ ولما لا تكون فرصة جيدة لتجلس مع ابنك قليلا بدلا من النظر إلى ذلك المغلف طوال الوقت؟
ابتسم وقد ابعدني ممسكاً بكتفاي وحدق إلى مباشرة ليقول: بما أنني مشغول الآن فلن أقلق لجلوسك معه، لدي بعض الأمور التي على إنهاؤها ولكنني سأحاول ألا أتأخر.
نظرت إليه بعدم فهم حتى اقترب وقبل جبيني بلطف ونظر لجيمي ليقول: كن مطيعاً ريثما أعود.
أومأ جيمي بهدوء وعيناه لا تزال تلمعان ببريق الإستياء: حسناً.
ابعد يديه عن كتفي ورمقني بنظرة أخيرة أجزم بأن عيناه قد لمعتا فيها ببريق ماكر وكأنه يخبرني بأنه لا مهرب الآن!
هذا الشيطان يجيد التنكر جيداً.
حسناً. كل ما يريده أن لا أتجادل معه امام جيمي، حتى لا أفسد خطته في موافقتي على الزواج منه وأكون اماً لجيمي كهدف أول. ولأدفع الثمن كهدف ثاني!
لاحقته بعيناي وهو يقوم بجمع الأوراق على عجلة ويضعها في المغلف ثم اخذ هاتفه وخرج من الشقة بسرعة!
هاه؟ لابد وانه يمزح! لماذا غادر بحق الإله وترك طفله هنا هل حقا لديه ما هو أهم من ابنه؟ لا يمكنه ان يكون جاداً! ولماذا يطلب مني ذلك بكل بساطة وكأنني سأوافق؟
المشكلة انني لا استطيع الرفض لأنني لن اترك جيمي وحده بكل تأكيد. انه يستمر في استفزازي بأفعاله.
انتبهت لجيمي الذي طرف بعينه وهو ينظر إلى بترقب ثم تمتم وهو ينظر للكيس في يده: لا بأس آنسة شارلوت أعلم بأن ابي يجبرك على البقاء معي.
اتسعت عيناي واسرعت اتدارك الأمر لأتجه نحوهه بتوتر، جلست بجانبه على الأريكة مبتسمة: لماذا تقول هذا؟
هذا ما يفعله أبي دائما، يطلب من السيدة أولين رعايتي، إن كانت مشغولة تقوم آنا برعايتي.
لويت شفتاي بإستياء: جيمي. لا تفكر بهذه الطريقة!
حينها حاولت جاهدة التماس عذر لأبيه ولم أجد سوى ان استرسل مواسية: لا بد وأنه مشغول ولا يريدك ان تشعر بالوحدة، لا تقلق إنه.
إنه لا يحب الجلوس معي، ولا يريد سماعي، ودائما ما يتناول الطعام معي بصمت. على عكس شارلي الذي دائما ما يتحدث عن والديه.
كان يتحدث بصوت مغتاض مستاء فشعرت بانقباض قلبي عليه ورفعت يدي لأداعب شعره: رويدك يا جيمي لا تتسرع في الحكم على أبيك أنا واثقة بأنه مشغول ولا يقصد ازعاجك بهذه الطريقة، ب. بما أننا نجلس هنا وحدنا ما رأيك أن نخرج معاً قليلاً؟ لنتمشى في المنطقة ونتحدث ونلهو!
رفع رأسه نحوي بحيرة ولمعت عيناه بالاستنكار: حقا؟ هل ستخرجين معي؟ ألا تفعلين هذا لأن أبي طلب منكِ البقاء معي فقط؟
أملت برأسي مبتسمة: إياك وأن تفكر بهذه الطريقة أبداً، أنا من عرضت عليك الخروج الآن اليس كذلك؟! ولكن أخبرني قبل ذلك ما الذي قمت بشرائه لوالدك؟
شعر بالحماس فجأة واسرع يرفع الكيس ويدخل يده ليخرج منه مفكرة صغيرة سوداء مستطيلة الشكل بسلك دائري ومن الواضح انها مصنوعة من الكرتون المقوى لتكون اسهل واكثر راحة في الاستخدام، ارتفع حاجباي مبتسمة باستغراب: مفكرة؟!
أومأ برأسه: لقد كان أبي يبحث عن مفكرته قبل فترة، اشتريت له واحدة اخرى بدلا من التي اضاعها، غضب على الجميع لأن شخص ما قد اضاعها بالخطأ، ما رأيك هل تعتقدين بأنها ستعجبه؟
ضحكت بخفوت واضعة يدي على كتفه: أنت مراعِ جدا يا جيمي، بكل تأكيد ستنال اعجابه! يكفي انها منك خصيصاً.
ابتسم بسعادة وسرور واسرع يدخلها للكيس الصغير وحرك قدميه في الهواء والبعيدة عن الأرض ليقول: اشتريت الكثير لشارلي وستيف وآنا.
ظل يتحدث بحماس عن مشترياته بينما افكر باستياء صادق حول موضوع هذا الطفل اللطيف وذلك الوغد فأنا حقا لا أفهم كيف يجرؤ على طلب الزواج لأكون اما لجيمي بينما لا يهتم به أساساَ!
ربما. هذا هو الجواب ذاته! لأنه لا يهتم به. فأرادني أما له. ولكن لماذا انا تحديداً؟
لما انا من عليها ان تدفع ثمن امر غامض؟ لا اجابة حتى الآن. انا حتى بت احتار بشأن شخصيته المتقلبة المريبة.
ما هو لون كريس الحقيقي؟ أهو ذلك المرح منذ البداية؟ ام الذي غضب فجأة وانفعل أمامي دون سابق انذار؟ أو ذلك الشاب الذي تلمع عيناه ببريق لطيف هادئ؟
ام يا ترى يكون ذلك الجامد الذي يتحدث بنبرة جافة ويحدق إلى بعين حاقدة متوعدة!
لم اعد استطيع التفريق ايهم لونه الحقيقي. لأنني بسبب حيرتي لا اعلم كيف لي ان اتصرف معه! ولكنني بدأت أصل إلى استنتاج أقوى. كريس مجنون هارب من مصحة للأمراض العقلية. هذه فرضية لا تقبل التشكيك. ولو لم يكن جيمي نسخة مصغرة منه لقلت فوراً بأنه طفل مختطف استخدمه كحجة وحسب.
في النهاية تجاهلت أفكاري وخيالي الصخب واسرعت لأغير ملابسي، خرجت بالفعل مع جيمي لنتجول في المنطقة، ذهبنا لشراء المثلجات واللعب في المتنزه القريب، ولنتمشى بقرب الأسواق ولكنني لم أجرؤ على شراء شيء آخر فانا بالكاد اقتصد في أموالي المحدودة، وتوقفنا كذلك في طريقنا لمشاهدة احد العروض الموسيقية التي يقوم بها مجموعة شبان على الرصيف.
أمضينا ما يقارب الثلاثة ساعات وها نحن ذا نعود أدراجنا للمنزل.
كنت أركض خلفه أضحك بحماس وأشعر في الوقت آنه بالتعب بسبب برودة الجو الذي اخترق عظامي: ليس وكأنني لا أستطيع اللحاق بك، انتظر لتكون المنافسة عادلة.
استدار ينظر إلى بثقة: حسنا إذا.
توقف بجانبي ونظر كلانا إلى الشقة التي لا تبعد عنا سوى أمتار قليلة ثم قمت بعد تنازلي وركضنا بمرح.
كنت قد وصلت قبله وفتحت الباب فوراً لأدخل قائلة بحماس: لقد فزت!
وصل أخيراً وقال ضاحكاً معترضاً: لديك ساق أطول من ساقي لا بد وأنني سأخسر آنسة شارلوت!
انفجرت ضاحكة وضربت رأسه بخفة وأغلقت الباب لندخل كلانا، جابت عيناي في الشقة ولم أجد كريس قد عاد بعد، لا أرى حذائه أيضاً.
غريب. قال بأنه لن يتأخر!
مرت ثلاثة ساعات بالفعل. متى ينوي العودة؟ نزعت معطفي ووشاحي وقمت بتعليقه بجانب الباب وتساءلت: لنتناول الغداء معاً. هل تريد مساعدتي؟
أومأ برأسه فوراً دون تفكير، وهكذا اتجهنا لنعد غداءنا في المطبخ التحضيري، لا انكر بأنني اقضي وقتا ممتعا مع جيمي منجذبة ببراءته ولطفه، انه مفعم بحماس كبير وبحيوية تجبرني على الإبتسام بصدق.
ولكنني في كل حين اشعر بالإستياء المفاجئ في كل مرة اتذكر ما يخطط له كريس!
ماذا عساي أفعل؟ صحيح بأنني لا أتظاهر بأي شيء مع جيمي، بل أنني اتصرف بكل عفوية وصدق معه، ومع ذلك لا زلت أشعر بالذنب والأسى.
أريد ان أتحدث مع كريس عاجلا بشأن أمور كثيرة! ابتداءا بإفساده لفرصة عملي ببساطة وانتهاءاً بالإتهامات التي يوجهها إلي.
أرجو ان يعود بسرعة فالكلمات تكاد تنفلت من لساني وانا على وشك اللجوء للحديث مع أي شيء تقع عيناي عليه حتى لو كان الحائط فقط للتخفيف من توتري أعصابي منذ الصباح.
حين تناولت الطعام مع جيمي، قضينا المزيد من وقت معاً بمشاهدة التلفاز. ولكننا مللنا بسرعة فجلسنا نحاول اللهو عن طريق بعض الألعاب التي قمت بتنزيلها على هاتفي وتتطلب مهارات الذكاء والتركيز لأجل قضاء وقتنا في شيء ممتع.
حتى أننا جلسنا في الشرفة قليلاً نحدق إلى الأسواق والناس والشارع ولم نكتفي بالتعليق على كل شيء.
في كل ثانية تمر على معه كنت أشعر بأنه من السهل الخوض مع جيمي في الحديث والتعمق معه كثيراً، وكأنه لا يمانع التحدث عن أي شيء بل أنه كان سعيداً عند إجابته عن أي امر.
اسندت مرفقي على الشرفة التي كانت في مقدمتها تبدو دائرية الشكل، كنت قد أغلقت باب الشرفة الزجاجي الشفاف وجلبت كرسيان من المطبخ لنجلس عليهما، جلس جيمي يحتسي كوب الحليب الساخن بالشوكولا الذي حضرته له ليمسكه بكلتا يديه الصغيرتين وانفه قد تورد بسبب الطقس، بينما وقفت أقضم تفاحة خضراء أستند على سياج الشرفة وقلت مبتسمة بإندماج: حسنا فهمت، صديقك المقرب هو شارلي إذاً، وفي الوقت آنه هو جارك. ماذا عن أصدقاؤك الآخرين؟
نفي برأسه مفكرا: الجميع لئيمون معي آنسة شارلوت، بإستثناء هنري فهو لطيف معي دائماً، ولكن لديه صديق مقرب يدعى كيفن لا يكف عن إزعاجي.
أضاف بنبرة مغتاضة: ينعتني بالمدلل في كل حين. هل أنا حقا مدلل؟
ارتفع حاجباي: ما الخطأ في كونك مدلل؟ الا يعني هذا انك تحظى بالإهتمام؟
أطرق برأسه لثوان وقال بتردد واضح: ولكن ليس هذا ما يقوله. يقول بأن أبي يبالغ في تدليلي. أخبرته أنني لا أرى أبي كثيراً ولكنه مصر على ذلك.
ما الأوقات التي ترى فيها والدك يا جيمي؟
زم شفتيه مفكرا وقد ترك الشراب الساخن أثراً بنياً حول شفتيه: موعد نومي يحين عند التاسعة، ولكن أبي في هذا الوقت لا يكون في المنزل، وعندما استيقظ في الصباح ونتناول الإفطار معاً يكون مشغولا بتجهيز أوراقه أو بالنظر لهاتفه طوال الوقت. ولو قاطعته بما يقوم فيه فمن السهل ان يغضب مني.
تنهدت بعمق مخفية استيائي وانا اسند ظهري للسياج وقلت بمرح: لا تفكر بهذه الأمور كثيراً، جميعنا نعاني من أمور مشابهة لذا لا تقلق، دعني أسألك إذاً، ماذا عن أولين؟ سمعتك تذكر اسمها مرات معدودة، يبدو انها امرأة مهمة اليس كذلك؟
ابتسم وهو يميل برأسه إيجاباً وقد امسك بالكوب بين يديه ليجيب: إنها السيدة التي قامت بتربية أبي منذ أن كان صغيراً، هذا ما أسمعه من عمتي كلوديا دائماً، إنها لطيفة معي ولكنها ليست كذلك مع الآخرون.
عقدت حاجباي بعدم فهم، فتحت فاههي لأستفسر أكثر ولكنني انتفضت لصوت إحدى السيارات التي أطلقت صفارتها بصوت عالي مما أجفلني، الشارع بات مزدحما أكثر، الجانب السلبي الوحيد في هذه لشقة هو موقعها الذي يطل على الشارع مباشرة.
عدت بعيناي نحو جيمي محاول تذكر ما أردت سؤاله عنه، ولكنني لم أستطع التذكر! مما جعلني أتساءل بلطف: هل أنهيت الحليب؟
سأنهيه الآن.
قالها وهو يرتشف منه ثم رفع الكوب وهو يميله قليلا لأراه ويثبت لي فأيقنت أنه قد بات فارغا لأبتسم مميلة بتشجيع: أحسنت.
اتضحت السعادة على وجهه لأبسط الأمور وحرك قدميه اللتان تصل لمنتصف المسافة بعيدا عن الأرض ثم قال بإنزعاج: متى سيعود أبي؟
رفعت كتفاي: لا فكرة لدي. ولكن لا تفكر بالأمر ها نحن ذا نقضي وقتا ممتعا اليس كذلك؟
بكل تأكيد. أنا حقا استمتع بوقتي معك آنسة شارلوت!
ثم طرف بعينه ببطء محدقا إلى بتفكير حتى تغيرت نظراته للحيرة والتوجس ولمعت عيناه العسلية ببريق عميق وهو يهمس بتلعثم: هل حقا ستذهبين للعيش معنا؟ هل ستبقين معي؟
اتسعت عيناي وقد أوقعت التفاحة دون قصد فأسرعت ابتسم بتوتر: يا الهي لقد اتسخت، لم تعد صالحة للأكل.
قلتها محاولة تغيير الموضوع فلم يعلق، التقطتها من الأرض وقلت مستقيمة بهدوء: لا تفكر بالغد يا جيمي. كل ما عليك فعله هو التفكير في يومك هذا، في اللحظة التي تعيشها الآن فقط. بهذه الطريقة ستشعر بالراحة.
عقد حاجبيه: لا أفكر بالغد؟
حاولت تبسييط الأمر موضحة: أقصد. عليك ان تفكر باليوم حتى لا تشغل رأسك بأشياء قد تزعجك او تلهيك. حين تستيقظ في الصباح لك حرية التفكير فيما تريده بشأن اليوم الذي تشرق فيه الشمس. هل بات الأمر أوضح بالنسبة لك؟
أومأ بصمت وأيقنت انه التقط كلماتي تلك. انها افضل اجابة قد اجيبه بها، حتى لا أضطر للكذب أو خداع طفل مثله.
بعد ذلك مر الوقت سريعا وحانت الساعة الآن إلى الثامنة والنصف.
بدأت أراه يكبت تثاؤباته بصعوبة وتذكرت فورا ما قاله كريس بشأن اعتياده على النوم عند التاسعة.
لذا طلبت منه مساعدته في الإستحمام و تفريش أسنانه وحين انتهى اتضح النعاس أكثر فأكثر على ملامحه، لا بد وان الإستحمام بالماء الساخن جعله يسترخي ويميل للنوم أكثر.
ذهبت برفقته إلى غرفة كريس واستلقى على السرير ليندس تحت الفراش، كنت قد أغلقت الإنارة الرئيسية للغرفة وأضأت الإنارة الصغيرة بجانب السرير على المنضدة، غرفة كريس بطبعها رسمية جداً! مقارنة مع شخصيته المرحة الأولى فالغرفة لا تناسبه، ولكن مقارنة مع شخصيته الحالية فهي مثالية جدا بالنسبة له، ذلك أن اللون الرمادي وبعض الألوان الداكنة قد طغت على الأثاث بإستثناء السجاد الأبيض في منتصفها، ليس هذا وحسب. هناك أمر قد لفت انتباهي.
الترتيب الشديد في الغرفة والواضح للوهلة الأولى حتى في الإنارة الخافتة! أشعر بأنه قام بترتيب أشيائه باستخدام مسطرة لقياس المسافات، ما أقصده أن مظهرها بشكل عام لا يعطي انطباعا عفويا بل رسمي وحسب.
ولكن. لم يكن بهذا الترتيب الشديد في غرفة الجلوس! طردته هذا البرغوث من رأسي ووقفت اداعب شعر جيمي بلطف وقلت: من الجيد انك التزمت بموعد نومك، سيكون والدك مسروراً.
آنسة شارلوت هل ستخرجي من الغرفة؟ لما لا تبقي قليلاً؟
نظرت إليه لثوان قبل ان ابتسم مؤيدة: لما لا.
استلقيت بجانبه واندسيت تحت الفراش كذلك، ولكنني حين استوعبت انه سرير كريس الخاص لا أدري لماذا انتابني بعض التوتر!
يبدو أن أبي لن يعود الآن. أخبرتك بأنه دائما ما يتأخر.
قالها وهو يتنهد بلا حيلة وامتعاض يجوبه ضعف نتيجة شعوره بالنعاس فقلت مستمرة في مداعبة شعره: لا تفكر في الأمر يا جيمي، ها أنت ذا تستلقي على سريرك وتعلم أن والدك سيعود بعد قليل وفي أية لحظة. أفضل بكثير من أؤلئك الأطفال اللذين فقدوا الأمل تماما ولن يعود أباءهم. الست محقة؟
نعم.
ساد الصمت طويلا حتى ظننته قد نام، فالقيت نظرة ولكنني وجدته يحدق إلى السقف بعين ناعسة حتى همس وهو يغمض عيناه: هل تعتقدين بأن أبي يحبني؟
ارتفع حاجباي: ما هذا السؤال! والدك لن يكرهك أبداً لأي سبب. إنه يحبك بلا شك!
سمعته مرة يقول للسيدة أولين بأنني لو لم أولد لكان قد رحل بعيداً والقى كل شيء خلفه.
بدى وكأنه أراد أن يكمل جملته تلك ولكنه بات يتنفس بعمق وبشكل منتظم فأيقنت أنه قد غط في النوم.
زميت شفتاي بغيض من الأفكار التي تستولي على عقله بسبب كريس وشعرت بالإستياء وانا أحدق إليه، يا الهي. كم يشبهه!
من غير المعقول ان هذا الكائن الملائكي اللطيف هو جزء من ذلك الشيطان الماكر! هناك أمر خاطئ لا يمكنني استيعاب الأمر حتى الآن.
مرت فترة تقارب النصف ساعة، فانسحبت بهدوء وحذر لئلا أيقظه، ابتعدت عن السرير ورفعت الغطاء على جسده وحين أردت الإبتعاد ضربت يدي الساعة على المنضدة فأوقعتها لتصدر صوتا مزعجا. عضيت على أسناني واسرعت انظر لجيمي بحذر.
ولكنه لم يتحرك ولو قليلاً!
زفرت براحة والتقطتها لأعيدها مكانها، وسحبت قدماي بخفة لأفتح الباب، أعتقد ان نوم جيمي ثقيل فهو لم يستشعر الصوت وينزعج إطلاقاً!
استدرت لأغلق الباب ببطء شديد محاولة ألا يصدر الباب أي صرير، وبعدها التفتُ وهنا شهقت بذعر وانا أرى تلك القامة الطويلة أمامي مباشرة.
حين انفرجت زاوية فمه لتظهر أسنانه اللؤلؤية لويت شفتي بغيض ولم أعلق وإنما تجاوزته لأبتعد عنه حتى القى بجملته: هل ستهربين؟
التقطت فوراً ما يعنيه بسؤاله واستدرت نحوه لأقول بثبات وثقة: إن كنت تعتقد بأنني سأتجاهل ما حدث اليوم فأنت مخطئ، لازلت أريد أن أفهم كل حرف عنيته لذا أرجو ألا تكون ثرثرة فارغة، ولا زلت أريد ان اصفي حساباتي معك يا كريس. أنا لست جبانة لأهرب بعيداً بعد خسارة فرصتي للعمل وتحطيم أملي الذي دام طويلاً. في الواقع هذا لا شيء.
كنت أكذب في جملتي الأخيرة، فهذا الأمر يعني لي كل شيء.
وحين ابتسم بهدوء خشيت أنه قد علم بما أخفيه من خيبة أمل شديدة، لذا أشحت بوجهي بعيدا أنظر للفراغ مترقبة ما سيقوله.
اقترب قليلا ووضع يده اليمنى في جيبه، بينما الأخرى يمسك فيها ذلك المغلف البني الذي رأيته مسبقاً.
أنتِ شفافة جداً! أكثر مما تتصورين.
رمقته بحزم فقال باستغراب: هل تريدين أن أخبرك بما أراه الآن؟
عقدت حاجباي وهمست بكره: هل تستمتع بالتلون في كل حين؟ كم شخصية تتقن وكم نبرة تتقن!
عيناك تعكسان غيض شديد، أنت محطمة تماما منذ الصباح ولكنك لا تعلمين أي طريقة هي الأفضل للتنفيس عن غضبك وحزنك. آه شارلوت. بما أنك ذكرت للتو أمر تصفية الحسابات فأنا أيضا أردت التحدث معك عزيزتي بشأن بعض الأمور المهمة.
ثم نظر للباب خلفي حيث غرفته وقال متظاهرا باللطف: من الجيد أن جيمي قد نام، يا لك من فتاة ذات قلب واسع. هل استمتعت بوقتك معه؟ ما رأيك بجيمي؟
نظرت إليه بإشمئزاز وانا اتحرك متجهة إلى الأريكة لأجلس على طرف مسندها قائلة: رأيي الوحيد أنك لا تستحقه.
لا أعلم كيف كان تعبير وجهه آنذاك فهو لم يستدر بعد، ولكنني اكملت بلا مبالاة: طفل بلطف جيمي وبراءته وحماسه لا ينبغي ان يضيع وقته هباءا على متعجرف غير مكترث مثلك.
استدار أخيراً ولم أرى في وجهه الغضب او حتى السخرية، وإنما تعبير عادي جدا وكأن ما أقوله قد خرج للفراغ!
تقدم ليجلس على الأريكة ذاتها التي استند عليها فعدلت من وضعيتي وجلست اسند مرفقي على المسند متمتمة: اختصر. لا رغبة لدي في الجلوس معك.
ضحك بخفوت: لطيفة يا شارلوت حين تحاولين جرح مشاعري.
لديك مشاعر إذاً؟! فاجأتني.
رمقني بطرف عينه مبتسما ولكنني شعرت بأنه يقول بصمت ألا أتجاوز حدودي أكثر، وبصراحة لا أدري لماذا خضعت لعيناه، إلا أنني وضعت ساقا على الأخرى ببرود وترقب.
لندخل في صلب الموضوع. يبدو أنه لديك الكثير لتقوليه لي.
كل ما لدي أسئلة أريد لها جوابا مقنعاً دون مراوغة! أهمها سبب فعلتك الدنيئة هذا الصباح! وثانيا ما قصدته بشأن دفعي للثمن! سأكون ممتنة لو أجبت على هاذان السؤالين فقط.
وضع المغلف على الطاولة أمامه ثم نظر لقارورة الماء وتناولها ليفتحها ويرتشف ثم اعادها مجددا ولكن بدى لي انه لم يدر الغطاء جيداً.
زفرت بملل فقال ممررا يده على عنقه بتعب: أخبرتك مسبقاً بدافعي. رفضك لعرضي جعلني اتخذ خطوة تجبرك على استيعاب كم انا قادر على إفساد أي شيء ترغبين فيه ببساطة، لقد حذرتك وامهلتك فرصة ولكنك تجاهلت كل تحذيراتي.
هل حقا تسميها فرصة؟ لقد بدى الأمر إجبارا وخارج عن نطاق رغبتي. حين تعرض الزواج على فجأة وبعدها تغضب وتقوم بتهديدي وتحشرني في زاوية لا مخرج منها. هل تسمي كل هذا فرصة؟
ارتفع حاجبيه بحيرة: هل فعلت كل هذا؟
احتدت عيناي بغضب فأسرع يميل برأسه مبتسما: حسنا يا شارلوت هل على أن أعيد ما قلته مسبقاً؟ عليك ان تفهمي أمر مهم جداً. أنا وأنت ضمن لعبة ذات قواعد غير عادلة، ولكن بات الأمر وبطريقة ما مختلف بعض الشيء، هذا أنني بت أمسك بزمام الأمور الآن. لن أقول بأنني غيرت القواعد ولكن أصبحت قادر على التحكم بشيء مهم.
أضاف بصوت عميق: حياتك.
قطبت جبيني بعدم فهم، يتحكم. في حياتي!
ما الذي يقوله الآن! ليس وكأنني فهمت ما قاله هذا الصباح لينتقل الآن إلى أحجية جديدة!
اخذت شهيقا عميقا قبل ان اقول: هل أصبحت فتاة مهمة إلى هذه الدرجة بالنسبة إليك حتى تهدر وقتك في التفكير بكيفية التحكم بحياتي؟ لا يسعني سوى الضحك.
إنها الحقيقة.
قالها مبتسما بهدوء فارتخت ملامحي بعدم استيعاب. ليسترسل وهو يسند وجنته على كفه: أنتِ مهمة. على الأقل هذا أمر لا يمكنني إنكاره.
لا ادري إن كان الغرض من كلماتك هذه السخرية او إزعاجي أو حتى التحدث بجدية. لست أفهمك ولا أريد ذلك. حسنا من الواضح انك لن تجيب على سؤالي يا كريس، لذا أجب على الأقل على سؤالي الآخر وأخبرني ما الذي على أن أدفع ثمنه؟
حرك رأسه نافيا بخيبة وقال بإحباط: إلى أي مدى أنت حمقاء! هل حقا لا ترين أنهما سؤال واحد وحسب!
زفر بملل ورفع قدميه على الطاولة مردفا: السبب الذي ستدفعين الثمن لأجله جعلك حبيسة لعواقب وخيمة، تمزيقي لتلك الورقة التافهة هذا الصباح ليس سوى خطوة صغيرة جداً في مشوارك لدفع الثمن. هل بات الأمر جليا الآن؟
زميت شفتاي بغضب ولم استطع تمالك نفسي فوقفت متجهة إليك ووقفت أمامه مباشرة، مديت يدي لأمسك بياقته بسخط: سأقتلك يا كريس لو تحدثت دون إهتمام عن ما عملت جاهدة لأجله طوال فترة دراستي! إياك والإستهانة بأولوياتي.
نظر إلى يدي لثوان ثم امسكها بقوة ليظل ممسكا بها فقلت بحزم وتوجس: م. ماذا!
حاولت سحب يدي بصعوبة ولكنه فاجأني وهو يجذبني إليه لألتصق بصدره! فتحت فاهيي لأعترض بشدة ولكنني اجفلت لذراعيه اللتان احاطتا بي.
ما الذي يعتقد بأنه فاعل الآن بحق الإله! لماذا يعانقني؟!
قلت بصعوبة محاولة التملص منه: اتركني! لم ننهي حديثنا بعد! أنا الآن غاضبة جداً. ابتعد حالاً.!
سأعطيك تلميحاً صغيراً.
همس بتلك الجملة في أذني فتوقفت عن محاولة الإبتعاد وعقدت حاجباي انصت إليه ليكمل: أنا أكره عائلتك كره عميق لا يمكن وصفه يا شارلوت. مجرد التفكير بكم بشعرني بكم هائل من صداع لا يمكنني تحمله!
ي. يكره عائلتي؟! أنا!
نحن لا نعرف كريس حتى! فلماذا قد يكرهنا؟! مهلاً. كيف يعرف والداي؟! لم أسمع بإسمه يوماً. لم يتحدث عنه أبي أو أمي. ولا حتى سام أو إيثان!
دفعته بقوة لأبتعد عنه ونجحت أخيراً، نظرت إليه بحدة: كيف تعرف عائلتي؟ من أنت!
كيف أعرفهم؟ أوه بربك يا شارلوت وكيف لا أعرفهم! لديك أم وأب لطيفان غنيان عن التعريف! والدك ماركوس ليس سوى رجل جبان يجيد الهرب خلسة من مسؤولياته، ووالدتك ستيفاني امرأة رائعة محترفة في الإغواء وسرقة ما لا يحق لها لمسه.
اتسعت عيناي بذهول اردد كلماته في عقلي ببطء!
أنا الآن أشعر بالصداع الشديد جراء كلامه المليء بالإهانة هذا! هذا كثير جداً. جداً.
صرخت بغضب دون شعور: أي وقاحة هذه! كيف تتحدث عن والداي بهذه الطريقة!
رفع يده ليضع اصبعه السبابة امام فمه دلالة على ان أصمت، ثم قال: اخفضي صوتك حتى لا يستيقظ جيمي. صحيح بأن نومه ثقيل ولكن لن يسره الأمر لو أفاق على صوت صراخ والدته!
احتدت عيناي ولم اتمالك نفسي أكثر لأمسك وسادة الأريكة وارميها عليه بقوة.
ارتطمت برأسه ولكنه لم يغضب وانما ضحك بإستهزاء وقبل أن يتفوه بأي كلمة أخرى تحركت بعصبية لأمسك بالأخرى ولكن قدمي قد دفعت الطاولة بقوة فتأوهت بألم، ولكنني سرعان ما أجفلت بذعر حين شهق كريس واسرع يعتدل واقفا.
نظرت إلى ما لفت نظره إلى هذه الدرجة لأجد ان قارورة الماء قد وقعت لينسكب الماء على الطاولة، وبلل المغلف البني الذي يمسكه الآن بقلق وتوتر!
وقفت في مكاني أحدق إليه وهو يخرج الأوراق من المغلف، كانت قد تبللت بل وتمزقت إحداها جراء رطوبتها الشديدة.
همس بعدم تصديق: مستحيل، لا يمكن.
تمزقت الأخرى فرص على أسنانه بقوة وقال بغيض: كانت الموافقة القانونية! لم أقم بنسخ الأوراق بعد.
غير وجهة عيناه نحوي فانتفضت رغما عني، رمى المغلف واقترب مني ليقول ممرا يده في شعره بعصبية: هل أنت سعيدة الآن؟ واللعنة هل كان يجب ان تتمادي في حماقتك هكذا؟
لم يحدث هذا بقصد مني! ثم. ثم أنك السبب!
لمعت عيناه بالسخط فأكملت بحزم: نعم انت المخطئ! لم تحكم اغلاق القارورة! هذا ليس ذنبي.
هل هذا هو إنتقامك السريع؟
كان قد اقترب اكثر فتراجعت للوراء ولكنه امسك بذراعي يحدق إلى عن قرب وهمس بصوت كفحيح الافعى: أنت تشبهينه في كل شيء، لا عجب في ذلك. حتى في إفساد عملي ونجاحاتي!، لا يمكنني تصديق ذلك.
اضاف بحقد: تذكرينني به في كل صغيرة وكبيرة.
من الذي تشير إليه!
تساءلت بعدم فهم ولكنه ترك ذراعي وقال بإزدراء شديد ادهشني: ألا زلت تجرؤين على الحديث؟ انتهى الأمر يا شارلوت وقضي كل شيء. غدا ستذهبين معي إلى منزلي، ستخضعين للأمر شئتِ أم أبيتِ. لقد صبرت كثيراً ولا أريد أن أعكر صفو مزاجي أكثر من هذا.
اتسعت مقلتاي وفغرت فاهي: اذهب معك!؟ من أنت لتقرر؟ ليس وكأنني سأقول لك سمعا وطاعة. لن أذهب إلى أي مكان ولو أخذتني معك جثة هامدة.
اخذ شهيقا وبدى يحاول تمالك أعصابه، رفع يده يضعها على عنقه لثوان قبل ان يخرج من جيبه ورقة مطوية وقال بجفاء: لقد وصلت ورقة مشابهة إلى عائلتك. وصلت إليهم عن طريق البريد الإلتكروني وكذلك رسائل بريد المنزل.
م. ما هذه!
قلتها بخوف وقلق فاسترسل بنبرته السابقة: مكتوب أنه قد تم قبولك في العمل وستكونين تحت التدريب لثلاثة أشهر.
أصابتني الدهشة الشديدة وأُلجم لساني، عجزت حقا عن قول أي شيء أو التعليق بحرف واحد! لتتغير نظراته إلى الخبث: ستكون هذه الثلاثة أشهر كافية جدا يا شارلوت.
هل أنت مختل! قل حالا بأنك تمزح! لا يمكنك أن تكون جاداً. أرني إياها بسرعة.
قلتها وانا انتزعها من يده وأقرأها بخوف وتوتر، ليبتسم بسخرية: هيا يا شارلوت بدأت أشعر بالنعاس، استسلمي وحسب!
إنه محق! ذُكر في الورقة بأنني اجتزت المقابلة بنجاح وسأبدأ التدريب الرسمي في بداية الأسبوع، أي بعد غد!
غير معقول!
لحظة. كيف قام بختم هذه الورقة بختم رسمي من المشفى! بل وحصل على توقيع المدير ومسؤول المنطقة في وزارة الصحة.
رفعت عيناي نحوه وهمست بعدم تصديق: من تكون تحديداً! ما هي هويتك! على الأقل أخبرني بأن هذا الختم مزور!
تثاءب بنعاس مداعبا شعره بضجر فأكملت واليأس قد بدأ يستحوذني: هل هذا ما تنوي فعله؟ إجباري على الخضوع والذهاب معك؟ هل حقا أرسلت هذه الورقة إلى عائلتي!
ألم أقل هذا للتو؟ حسنا من الواضح انك لا تثقين بي. اتصلي بأحدهم واسأليهم فوراً. أراهن على أنهم يتواصلون مع الجيران والأقارب ليحملوا لهم الأنباء السارة بشأن ابنتهم الصغيرة العزيزة. لا بد وأنهم فخورين بك يا شارلوت. هل حقا تريدين تحطيم هذه السعادة وهذا الفخر العظيم وتخبرينهم بأن الأمر كله مجرد حوار سينمائي مبتذل؟ هذا قاسي جدا. لقد أخبرتني صباحا أنك عملت جاهدة لأجل هذه الوظيفة في ذلك المشفى، لذا حققتُ حلمك واحضرتُ هذه الورقة لعائلتك. لا داعي للشكر.
هل تقصد. بأنك تريد استغلال مشاعرهم وتخبرهم بأنني اجتزت المقابلة، لتقوم باللعب في اعصابي واجباري على الذهاب معك وإلا. وإلا أخبرتهم بالحقيقة؟
لا تخبريني بأنك لم تنوي إخفاء الأمر عنهم. صدقيني يا شارلوت يمكنني حظر اسمك الجميل من القبول في أي مشفى في العالم.
كريس.
نعم عزيزتي؟
الهذه الدرجة أنت حقير؟!
أشاح بوجهه بتململ بينما تسمرت في مكاني وقد زاد استحواذ اليأس على أكثر فأكثر.
اخبرهم بأنني نجحت! لو أخبرتهم بأن الأمر برمته ليس حقيقة. هل ستكون خيبة املهم أكبر بكثير؟ و. ولكن. أن يعيشوا طوال هذا الوقت في وهم!
ومع ذلك هذا الوهم أفضل من دهشتهم بشأن فعلة كريس!
يبدو انك غارقة في أفكارك. لا بأس اتصلي بأحدهم ليطمئن قلبك، حينها ستصدقين كل حرف تفوهت به. سأنتظرك في الصباح الباكر، أنا واثق بأنك ستعطيني قرارك النهائي في ذلك الوقت.
قالها وتجاوزني ليتجه إلى الغرفة ولكنه قبل ذلك وقف والقى بجملته بهدوء: أثبتي أنك لست جبانة كما زعمتي ولا تهربي من كل هذا يا شارلوت. وإلا سيخيب أملي بك كثيراً وستجبرينني على اتخاذ خطوة أسوأ في حقك. وحق عائلتك اللطيفة.
تلى جملته صوت إغلاق الباب، فوقفت وحدي في غرفة الجلوس ولا أزال أحدق إلى الأرض.
أقف حبيسة الصمت المطبق والأفكار السوداء في رأسي التي تتزاحم مع بعضها بعنف، وكانت ردة فعلي قد أدهشتني.
إذ تحركت إلى غرفتي ببطء وكأنني أسحب قدماي بصعوبة، وفوراً القيت بجسدي على السرير.
وقررت ألا أفكر بأي شيء حدث للتو.
كان القرار بناءاً على رغبتي في إبراز جانبي الضعيف لنفسي قليلا.
فلقد اندسيت تحت الفراش أبكي بصمت كلما تخيلت سعادة والداي وسام وإيثان وهم يعتقدون ان مجهودهم معي وكل ما قدموه لي خلال فترة دراستي قد أتى بنتيجته أخيراً.
ليس وكأن إخبارهم بالحقيقة سيكون سهل.
لو علموا بالحقيقة لن يتغاظوا عن واقع انني بقيت مع شاب غريب عني تحت سقف واحد طوال هذه الفترة! ولن يتغاظوا عن حقيقة أنني سمحت لكريس بالتدخل هكذا والإمساك بزمام الأمور.
ما الذي على فعله بحلول الغد!؟ ما الذي سيحدث في الصباح؟
هذا آخر سؤال قد راودني قبل ان تطبق أهدابي المبللة بالدموع على بعضها البعض لأغمض عيناي وأنام بعمق.
ما هذا؟ لماذا ينتابني شعور غريب؟
لا أشعر بالراحة!
تقلبت يمينا ويسارا ولكن هذا الشعور ظل يلازمني فتضايقت وفتحت عيناي بكسل شديد.
لقد حل الصباح.
لماذا ضوء الشمس يجتاح المكان هكذا! أتذكر جيدا بأنني أغلقت الستائر.
فتحت عيناي أكثر حتى استوعبت بسرعة ما أراه أمامي.
كان يجلس على طرف سريري واضعا قدما على الأخرى وشعره العسلي بدى وكأنه رطب قليلاً.
وقبل أن أصرخ أو أحتج لدخوله غرفتي وجدت هاتفي في يده!
كان يعبث به بكل برود وبساطة فبقيت استلقي احاول استيعاب الامر! لحظات حتى اتسعت عيناي وعقدت حاجباي: كيف تجرؤ!
قلتها بينما امد يدي لاسترده ولكنني تفاجأت به يبعده فورا بكل بساطة! حاولت مجددا بسخط: كفاك سخفا ووقاحة لا تجرؤ على لمس ممتلكاتي الخاصة.
اخشى ان ما يخصك سيخصني مستقبلاً.
امتعضت بشدة وتجاوزت الجنون الذي تفوه به وحاولت استعادة هاتفي منه الا انه قد وقف مبتعدا يواصل التحديق الى هاتفي. قفزت احاول اخذه بغضب حتى انتابني دوار اثر الحركة المفاجاة بعد استيقاظي فوراً.
همست بحقد: سحقا لك!،
اغمضت عيناي ومررت يدي على صدغي وشعري قبل ان اتوعد له في نفسي وقد أسرعت إلى الحمام لأشعر به يحدق إلي.
غسلت وجهي فوراً بقوة وبغضب شديد حتى انني بللت شعري وعنقي ولكنني لم أهتم، وأسرعت أعود للسرير متجهة إليه بحزم لأحاول انتزاع هاتفي من يده مجددا ولكنه وضعه خلف ظهره مبتسما: هذا غريب! ليس لديك الكثير من الأصدقاء. لماذا؟
اعد هاتفي حالاً.
قلتها بنبرة أمر وانا امد يدي نحوه انتظر ان يعطيني اياه وبدلا من ان يضع الهاتف في يدي، وضع يده ليمسكني ويجبرني على الجلوس بجانبه متمتما بحيرة: لماذا لا يوجد الكثير من جهات الاتصال لديك؟!
تنفست بعمق، وأغمضت عيناي لأهدئ من نفسي، اهدئي يا شارلوت. اهدئي.
أولا يقتحم الغرفة ويجلس على السرير بكل بساطة، ثم يمسك بهاتفي ويعبث به!
أنظري. لديك رسائل تهنئة من. من هذا؟ آه إنه سام! من سام؟
انتزعت الهاتف من يده بسرعة قبل ان يقرأ الرسالة او يتعمق في المحادثات وقلت بحزم: لا شأن لك.
أحد أصدقائك؟ هل أخبرته عائلتك بشأن نجاح المقابلة؟ يبدو سعيدا جداً، أرسل الكثير من الرموز والقلوب اللطيفة!
لست مضطرة لإخبارك بأي تفاصيل تخصني. أخبرني حالا لماذا دخلت إلى هنا بكل وقاحة؟
ابتسم وكأنه تذكر شيئا واسرع يخرج ورقة مطوية من جيبه ومدها نحوي: تفضلي أيتها الأميرة.
عقدت حاجباي وقلت بغيض: ماذا؟ مصيبة أخرى؟!
ضحك بخفوت: القي نظرة.
انتزعتها بقوة ونظرت إليها بتردد وفتحتها لأقرءها بصمت.
ثوان فقط حتى حدقت إليه بدهشة: عفواً؟!
رفع كتفيه بلا اكتراث فأكملت القراءة وأنا أغلي غضبا وحنقاً.
أربعة ملايين مبدئية؟ ما هذا! كل ما فهمته انه على دفع هذا المبلغ تعويضا عن خسارة صفقة بنفس القيمة ولكن بشكل مبدئي فقط، المغلف البني الذي أٌفسد في الأمس!
اتسعت عيناي: صفقة؟ ما المقصود بصفقة بحق السماء؟
تسببتِ في خسارتي لصفقة انتظرتها خمسة أشهر كاملة، قومي بتعويضي عن ما قمت بإفساده وسأغض البصر عما حدث.
أردف بشيء من الحقد: أوقعتني في ورطة. وستخرجينني منها.
ما هذا الهراء! لماذا على أن أخرجك من ورطة أنت من أوقع نفسه فيها! قلت لك بأنه ليس ذنبي. انت من فتح القارورة ولم يحكم إغلاقها وسُكب الماء لانك من أغضبتني حينها. كف عن القاء اللوم علي! ثم ليس وكأنك لا تعلم بأن ما فعلته لي كان أفظع بكثير! لقد مزقت ورقتي عن عمد وعليك ان تتحمل المسؤولية فأنت ت.
قاطعني بملل: حسنا فهمت، ربما على أن أتصل بوالديك وأطالب بحقي.
قالها وهو يخرج هاتفه متمتما: من الجيد انني أخذت الرقم من هاتفك.
م. ما الذي ينوي فعله! لا بد وأنه يمزح! إنه يكذب ويحاول استفزازي بلا شك.
وقفت بحزم وتكتفت مشيحة بوجهي بثقة: افعل ما شئت. لست خائفة منك!
أصدر زفرة ساخرة وحينها سمعت صوت رنين الإنتظار على هاتفه الذي وضعه في وضعية مكبر الصوت.
ثوان حتى اتى صوت مألوف جدا: مرحباً؟
شهقت استدير نحوه بدهشة، إنه بالفعل أبي! سحقا لهذا الوغد.
تساءل كريس بنبرة لطيفة محتارة: مرحبا، هل أنت السيد ماركوس؟
أتى صوت أبي: نعم إنه أنا. من تكون؟
أسرعت انتزع الهاتف من يده بقوة وأغلق المكالمة وصرخت بحنق: هذا كثير جدا! جدا.!
تنهد بأسى: هل رأيت؟ أنت من يقودني دائما للتصرف بهذه الطرق الملتوية!
أخبرني حالاً ما الذي تريده!
أربعة ملايين مبدئية.
حسنا فهمت، ظننت الأمر معقد! انتظر من فضلك لأرسل خادمي لإحضار الشيكات لأقوم بتوقيعها لك. بربك من تظنني؟!
ضحك بخفوت: ظريفة جدا. بالطبع يا شارلوت أعرفك كل المعرفة وأعلم أن مبلغا كهذا لن تريه مهما عشت، لذا عليك ان تنصتي جيدا إلى العرض الجديد.
أرجو ان يكون العرض حصريا ولطيفا مختلفا عن عرضك للزواج.
لديك حس دعابة جميل. لنكن جديان الآن، هل تعلمين بأنني قادر على مسائلتك قانونيا بشأن هذا المبلغ؟ أنت متسببة في الضرر لوثيقة مهمة لم أقم بنسخها بعد. يمكنني أخذ حقي منك بكل بساطة ولكنك لا تريدين بكل تأكيد توريط عائلتك في الأمر!
آه. لديك قلب طيب وواسع جداً.
ولذلك أقول لك بأنني مستعد على التنازل عن الأمر وحل هذا الموضوع وحدي، بشرط ان تكفي عن المراوغة واهدار وقتي، وتوافقي على ما اتفقنا عليه. كوني أماً لجيمي وزوجة لي لثلاثة أشهر وحسب.
إلى متى ستواصل قول هذا!
ظل يحدق إلى بعينه العسليتان حتى تنهد بنفاذ صبر وهمس: لا خيار آخر إذاً. هل حقا تريدين ان تفسدي الأجواء المرحة والجميلة على والديك باتصال واحد مني؟ لا تريدين تعكير صفو مزاجهما وهما يقضيان فترة إجازتهما خارج المدينة على إحدى الجزر السياحية. اليس كذلك؟
اخذت خطوة للوراء بشكل تلقائي محدقة إليه بخوف!
كيف علم! كيف يعلم بكل شيء؟! يا الهي. بدأت أقلق أكثر بسببه!
ولكن.
إنه الآن يمسك بخيوط التحكم من كل جهة! أولا أمر عيشي معه تحت سقف واحد وهو ما سيغضب أمي وأبي كثيراً، ثانيا ارسال تلك الرسالة اللئيمة اليهم وشعورهم بالسعادة لأجلي، ثالثا هذا المبلغ الضخم الذي سيستاء والداي منه كثيراً!
تحركت لأجلس على الكرسي الموجود مقابل السرير ونظرت إلى قدماي الحافيتان أفكر بعمق.
انا لست جبانة. لن أهرب منه خوفا منه، ولكنني لا أريد الخضوع له والإستسلام بكل بساطة!
ليس وكأنني أريد جرح كبريائي بهذه الطريقة! هذا كثير على أن أحتمله وحدي.
هو لا يريد إخباري عن سبب معرفته بي وبعائلتي وما يدفعه لكرهنا إلى هذه الدرجة.
لو قبلت الذهاب معه. فبلا شك سأكتشف الأمر.
ولكن. كيف لي أن ألقي بنفسي إلى الجحيم هكذا! فشخصية كريس باتت واضحة، إنه يستمتع كثيرا برؤيتي غاضبة، مستاءة، حزينة ومكسورة! هو لا يبالي بمشاعري ولو قليلاً.
فهل حقا سأسلم نفسي له بسهولة؟
هذا ما كنت أفكر فيه بعمق حين طُرق على الباب ليقول كريس: تفضل يا جيمي. والدتك مسيتقظة مسبقاً.
دخل جيمي ليطل علينا من طرف الباب ثم ابتسم وتقدم نحوي فوراً: صباح الخير آنسة شارلوت.
علق كريس وهو يقف مبتعدا عن سريري: الا زلت تناديها بذلك! قلت لك نادها بأمي.
حدقت إلى جيمي بضعف حاولت جاهدة إخفاؤه عن ذلك الثعلب الكريه، واجبرت نفسي على الإبتسام: صباح الخير جيمي.
تساءل بمرح واقفا امامي مباشرة: هذا رائع! سنعود جميعنا إلى المنزل اليوم. أمي ألا تشعرين بالحماس.
بالرغم من أن قوله قد أدهشني كثيرا إلا أنني تظاهرت بالهدوء حين لمحت عينان لثعلب ماكر يترقب ردة فعلي بحماس شديد.
فابتسمت وقلت بثقة: حقاً؟ نعم أشعر بالفضول بكل تأكيد يا جيمي. هل تناولت فطورك؟
كنت أتقن التظاهر الذي استهلك طاقتي فأنا أمنع نفسي من تكسير أثاث الغرفة على رأس كريس بشتى الطرق.
أجابني نافيا: لا. نحن في انتظارك لنتناول الفطور.
أملت برأسي: حسنا إذا أمهلني دقيقة وسأتبعك لنعد بعض الشطائر الخفيفة، ما رأيك؟
حسنا.
قالها فورا بسعادة فداعبت شعره بلطف: اتسمح لي بلحظة مع والدك؟
ارتفع حاجبيه باستغراب: نعم.
ثم نظر لوالده لثوان قبل ان يستدير ويخرج بخطى سريعة والابتسامة تزين ثغره.
خرج فوقفت بسرعة واتجهت للباب لأتأكد من أنه ليس مفتوحا ولو قليلا واستندت عليه انظر لكريس بهدوء شديد.
بادلني النظرات بثبات حتى قلت: أخبرني. ما الذي تريد تحقيقه خلال هذه الأشهر الثلاثة؟
أمر واحد فقط.
ألا وهو؟
وضع يديه في جيبه وأجاب بثباته المريب: سأكون راضيا لو ذرفتِ الدموع أمام عائلتك وبكيتِ في أحضانهم، أعرف أنك فتاة لا يحركها سوى كبريائها. ولذلك أود التلذذ بكسره وتحطيمه. اليس شيء غاليا عليك؟
فهمت. لم أتوقع أكثر من دافع أناني كهذا. تريد فقط رؤيتي أبكي! يا له من هدف سامي نبيل.
ابتسم بإستهزاء فأضفت: ماذا لو قبلت الذهاب معك. بشرط واحد؟
ارتخت ملامحه قليلا: أوه. هل ستبدئين الآن بوضع لائحة الشروط؟
انه مجرد شرط واحد فقط. الا تريد سماعه؟ هل الذهاب معك بعد عرض الشرط يحطم غرورك؟
أخرج يده اليسرى من جيبه وتنهد: أسرعي. إنني أنصت.
إن انقضت هذه الثلاثة أشهر دون أن أذرف دمعة واحدة بسببك يا كريس. فسوف تعتذر لي ولعائلتي أمام باب منزلنا في مدينتي، جاثيا على كلتا ركبتيك في حيّنا!
ضاقت عيناه ولمعتا بشدة، ثوان فقط حتى تقدم نحوي وأنا لا أزال استند على الباب، وقف أمامي مباشرة ليرفع ذقني بيده اليسرى.
أجبرني على التحديق إليه وقال بجفاء: أنا أعتذر لك؟ أنتِ؟! سمعت الكثير من الطرائف في حياتي. ولكن طرفة مضحكة كهذه. لم أسمع بها أبداً.
تبدوا واثقا جداً.
وتبدين أقوى مما ظننت لوضع شرط سخيف كهذا. حسنا، قبلت به، ليس وكأنني سأتراجع لأجل هذا الهراء، ولكن عليك أن تعديني يا شارلوت أنك في حين بكائك عليك ان تهمسي راجية لي بأن أذيقك بعض الراحة. أكره البكاء الصامت. لا أشعر بأنه سيكون ذو فائدة.
أشعر بأنك تواجه مشكلة في عقلك! لا أحد عاقل سيفكر بهذه الطريقة.
فليكن. سنتناول الفطور وسأمهلك نصف ساعة لتوظيب أغراضك. تذكري أنك أخبرتني بالأمس بأنك لن تهربي. لازلت أثق فيما قلته.
ابعدت يده عن ذقني وقلت وأنا أفتح الباب وأخرج: لست بحاجة إلى ثقتك.
قد أكون مجنونة لأوافق على الذهاب مع كريس ولكن حين يصل الأمر ليرغب في رؤية عائلتي تعاني لأجلي فهنا عليه ان يتوقف عن تجاوز حدوده أكثر.
تقديري لعائلتي كبير جدا ولن أسمح لأفكاره الأنانية بأن تتمادى.
ولكنني سأفي بوعدي لنفسي وساجعله يعتذر لي ولعائلتي أمام المنزل يوما ما. فلقد تفوه بالأمس بالكثير من الإهانات التي لازالت تدهشني.
لن أسامحه أبداً. هذا كان قراري النهائي.
بعد ذلك اعددت الفطور بمساعدة بسيطة من جيمي الذي كان مفعم بالحماس والحيوية. وتناولناه وكنت طيلة الوقت اتجاهل وجود كريس واتحدث مع جيمي وحسب.
بعد ان انهينا الطعام وقف كريس قائلا بأنه سيأخذ أغراض جيمي للسيارة، وفي هذا الوقت اتجهت لغرفتي لأستحم خلال دقائق معدودة فقط وارتديت ملابسي، ثم احضرت الحقيبة التي لم تكن كبيرة. ووضعت فيها ملابسي، جلست على الأرض أمام الحقيبة حتى أغلقتها أخيرا. ثم نظرت للغرفة من حولي أفكر كيف ستكون حياتي في هذه الشقة لولا وجود كريس.
كانت ستكون أفضل مما أتخيل!
افسد حياتي تماما، حطم أحلامي وطموحي وكسر سعادتي.
كل شيء بدأ حين قبلني ذلك اليوم في الزقاق المظلم.
وبمجرد تذكر هذه اللحظة استوعبت للتو أمراً.
كنت غاضبة جداً لدرجة انني نسيت ان تلك اللحظة لم تكن قبلتي الأولى.!
نعم ليست كذلك. فقبلتي الأولى قبل سنوات لا زالت ذكرى مميزة ولن أنساها أبداً.
ابتسمت بشرود بمجرد تذكر تلك اللحظات قبل أربعة سنوات وتنهدت بعمق شديد.
إلا أن هذه الإبتسامة قد تبددت حين شعرت بوجوده عند الباب، لم أكلف نفسي بالنظر إليه وإنما وقفت ببرود وأمسكت بالحقيبة متجهة للباب.
وعندما وصلت تجاهلني ببساطة وخرج من الغرفة! ي. ياللوقاحة! هو حتى لم يكلف نفسه بعناء حملها؟! سحقا.
امسكت بالحقيبة بقوة وتمنيت لو أمكنني رميها على رأسه بقوة. هذا ما كنت أفكر بشأنه وأنا أراه يغلق باب الشقة بالمفتاح ثم نزل الدرجات المعدودة. وحينها فكرت لما لا اركله بقدمي ليقع وأستمتع برؤية يتأوه؟!
بحثت بعيناي عن جيمي بحيرة وهنا كانت المفاجأة حين رأيته ينزل من سيارة سوداء تلمع بشدة، كانت سيارة ذات لوحة مميزة لا تتكون سوى من رقمين متشابهين!
التعليقات