التخطي إلى المحتوى

رواية الهجينة الجزء الثاني للكاتبة ماهي أحمد الفصل الخامس والأربعون

كان هذا شعور يزن عندما أخبره طبيب الأشعه بما وجده، لم يستوعب عقله ما أخبرهُ بهِ للتو، خانته قدمه فحاول التحامل عليها حتى يصل الى اقرب مقعد يجده أمامه شكر قدمه على تحمل السير في حالته هذه حتى وصل أخيرًا الى أقرب مقعد التقطته عيناه جلس والقى بثقل جسده عليه فهو الأن يشعر بثقل العالم يحمله فوق كتفيه ردد كلمه واحده، كلمه واحده بشفه مرتعشه
كانسر.

شعر بثقل بلسانه عند نطقها. نعم هي كلمه واحده ولكن سيأتي من خلفها العديد والعديد من الكلمات والجمل الأخرى.

أن لليل رهبه ورهبته شديده وهي للمره الاولى تجاوره في سيارته بمنتصف الليل، التوتر يسود بينهما ويكتسح الصمت الأجواء بجداره وكأن حرب طاحنه نشبت بداخل رأس كلاهما الأن بقيت هي تنظر أمامها تفرك بأصابعها فاختلس هو النظر اليها اختلس نظره سريعه ثم عاد ينظر بجواره من جديد رأى مدى توترها من خلال هذه النظره فقطع الصمت عندما ضغط على زر تشغيل الراديو فكان مبرمج على قناه fm للأغاني لتندلع موسيقى أحدى الأغنيات كان يريد أن يكسر حاجز الصمت حتى لو بأغنيه لا يهم ما هي الأغنيه التي سيسمعها الأن فكل همه هو نزع التوتر الذي يسود الأجواء، لم يركز كلاهما في بادىء الأمر بكلمات الأغنيه وهي تقول: جزء كان تعبان وخف، وجزء لسه للأسف، كان زمان عفريت دفنته بعد فتره رجعلي ألف.

بدأ كلاهما في التركيز على كلمات الأغنيه التي لم ينتبهوا لها منذ بدايتها ولكن سمعت أذانهم الأن: مش ياماضي لسه سايبك ايه بقى تاني اللي جايبك؟

هنا طالع أحدهم الأخر وكأن كل منهما يسأل الأخر نفس السؤال تتحدث عيونهم ما لا يستطيع لسانهم أن يتفوه بهِ فتداهمهما كلمات الأغنيه من جديد: تاني، تاني ارجع ياماضي تاني يلا فكرني أن انا لسه واقف مكاني. عادي. عادي اصل اتعودت عادي هات بقى اخرك ما هو يا أنا يا أنتَ الليله دي.

جمل بسيطه جعلت كل منهما يتذكر ما يحاول نسيانه منذ سنين مضت يحاول كل منهما المضي قدماً فأعادتهم كلمات بسيطه ليشق القلب الحنين فأتمت الاغنيه بكلماتها: مش قفلنا الصفحه ديا. واتفقنا خلاص ياوحش
هنا ضغط ياسين سريعاً على زر الإغلاق قبل أن تتكرر كلمات الأغنيه ابتسم بسخريه مريره يشير برأسه لها وهو يقول: مين الوحش؟
كان يقصد بقوله أسم المطرب الذي أدى الأغنيه أجابته شمس بنظرات متردده: ده حمزه نمره.

هتف متسائلاً بعدم فهم: مين؟
فأجابت هي بابتسامه بسيطه وكأن من تتحدث عنه على معرفه بهِ: ده حمزه نمره مطرب حلو اوي اغانيه كلها ليها معنى وبتطرب القلب قبل السمع كمان
باين عليكي بتحبيه اوي
قال ياسين هذا باهتمام فأجابته هي بتلقائيه:
اه بحبه جداً، من الأغاني بتاعته، انا محمله الأغاني بتاعته كلها على موبايلي وتقريباً مابسمعش غيره
فعاد هو لتكرار سؤاله من جديد:
للدرجه دي؟
واكتر كمان، أصله حلو أوي.

قبض ياسين حاجبه من كثره أعجابها بهِ فبررت لهُ وكأنها تدفع الجرم عن نفسها: أقصد أغانيه حلوه أوي بحب اسمعها قد ما أنتَ بتحب عربيتك الشيفروليه دي
بان على وجهُ وكأنهُ تذكر شيئاً فقال بابتسامه: العربيه دي شيفروليه شيفيل معايا من السبعينات وبحبها اوي زي ما أنتِ بتحبي نمره حمزه
تحدثت شمس معترضه على كلامه وهي تحرك كف يدها على وجهها تحاول الحصول على بعض الهواء: أسمه حمزه نمره وانا بحب أغانيه مابحبهوش هو.

طب ومالك اتعصبتي كده ليه تحبي افتحلك الشباك
وعلى الرغم من نسمات الهواء البارده أجابته ومازالت تنظر أمامها تتجنب النظر اليه:
اه ياريت الجو حر هنا
ضغط على الزر الاوتوماتيك الخاص بالنافذه المجاوره لها فانفتحت النافذه على الفور كان الهواء منعش هنا فلامس خصلات شعرها، استطاعت الان أخذ نفس عميق ترددت كثيراً قبل أن تسأله سؤالها فبدأ هو بما يشغل بالها:
شمس أنا عارف ايه اللي عايزه تقوليه.

فشجعها كلامه ونطقت بما يدور بداخل رأسها:
ياسين أنت مكنتش طبيعي النهارده بجد عايزه اعرف أيه اللي حصل الصبح ياياسين
هز رأسه نافياً فقوله في هذه النقطه كان شديد الصدق:
هتصدقيني لو عدت نفس كلامي ليكي و قولتلك مش عارف
صمتت تحاول ابعاد ما بدر الى ذهنها بأن حديثه به نبره من الصدق ولكن في النهايه قالت:
يعني ايه مش عارف، ياسين أنتَ كنت هتمو تني
فأنفت ماقالته للتو قبل حتى أن يجاوبها:
لاء مش أنتَ اللي كنت هتمو تني.

سألها محاولاً سلب كل ما لديها من معلومات:
تقصدي ايه ياشمس
قال جلمته باستهجان وكأن الدماء تجمدت بعروقه فقد شعر بأنها على وشك معرفه الحقيقه فكرر سؤاله بنبره تحذيريه وعيون ثاقبه هذه المره:
بقولك تقصدي ايه ياشمس بكلمه مش أنا اللي كنت همو تك
شعرت بالذعر الأن من نبرته التي تحولت فجأه وكأنه يعيش بصراع داخلي وتحدثت خوفاً وأختارت أن تصمت وأجابت بما هو بعيداً عما بداخلها:.

لا مافيش حاجه انا هدخل المستشفى اشوف ساره عملت ايه
لم تتردد بل نزلت سريعاً كمن تم اطلاق سراحه فهبط هو من سيارته وقبل أن يغمض لها رمش كان يقف أمامها يتحدث مجدداً بسؤال اخر:
بتهربي مني ليه؟ للدرجه دي أنا بخوف
عادت نبرته الحنونه من جديد، عادت نظرته اليهِ فدافع عن نفسه مبرراً قبل أن تنطق هي:
ليكي حق تخافي مني بعد اللي حصل الصبح، أنا حتى مش لاقي اجابه للي حصل، عشان مش عارف ايه اللي حصل.

صمت لثواني يطالعها فأكمل حديثه:
مش مستني منك أنك تصدقيني عشان دي حاجه ماتتصدقش بس هحاول ابعد عنك على قد ما اقدر عشان مأذكيش في يوم ياشمس
كان يتحدث بصدق نابع من قلبه ويظهر صدقه من نظرات عينيه السوداء كسواد الليل القاتم انهى حديثه بعدما استدار يعطيها ظهره مستعداً للمغادره، فابتسمت هي ابتسامه حانيه واوقفته كلمتها التاليه:
مصدقاك.

ظهرت بسمه حانيه على وجهُ واستدار لها عاد يطالعها من جديد فكررت هي كلماتها بعيون هاربه:
مصدقاك ياياسين، مش عارفه ليه ولا ازاي بس حاسه اني مصدقاك
لم يكذب شعورها، فقد شعر بصدق كلامها هناك قبضه تحاوط كفها الصغير الان مالت بعينها تنظر لكفه الأسر ليدها، ربما أتى الأمان من الشخص الذي يجب أن تأخذ الحذر منه فقال وقد استحوذ على اهتمامها:
وانا هحاول ابقى صادق معاكي على قد ما اقدر ياشمس.

لم تدر بأي شىء حولها فكفه يلمس كفها الأن شعور بالدفء يتوغلها شعرت بالأرتباك فسحبت كف يدها من يده تقول بعيون هاربه:
نسيت اباركلك على خطوبتك من مشيره
تنهد بعمق بعدما اعطاها ابتسامه حانيه وقبل أن يخبرها برده انهى حديثهما وصول يزن وساره فسأله هو:
مارنتش عليا ليه كنت وقفت بالعربيه قدام المستشفى
استدار لهُ يزن بعدما استعاد أتزانه الهارب منه محاولاً التحدث بثبات:.

أولاً مش معايا رقمك، ثانيا ً لاقيتها زي الفل مافيهاش حاجه بس حبت تدلع علينا شويه
اتجهت شمس ناحيه ساره مستفسره عما وجدوا بالأشعه:
قوليلي ياساره الاشعه طلع فيها ايه؟
طيب مش نركب الأول بعد كده نطمن براحتنا
كانت هذه جمله يزن فدعمت ساره كلامه:
ايوه تعالوا نركب الاول ونتكلم واحنا مروحين، انا حاسه دلوقتي اني بقيت احسن.

شعر ياسين بخطبٍ ما بسبب هروب عيني يزن كلما حاول النظر اليه ولكنه استجاب لطلبه وصعد بالسياره وبجواره شمس وجلس كلاً من يزن وساره بالخلف وقبل أن تشق السياره طريقها نظر ياسين الى ذاك الجالس بالخلف في المرآه الأماميه يطالعه من جديد فوجد يزن نظرات ياسين مصوبه ناحيته فوجه عينيه نحو ساره فسألها مجدداً:
حاسه بأيه دلوقتي ياساره.

يادي النيله يايزن دي المره العشرين اللي تسالني فيها من ساعه ما خرجت من اوضه الاشعه والله يابني كويسه دي مجرد دوخه بتجيلي من وقت للتاني وبكره نروح للدكتور نوريله الاشعه وهيطلع مافيهاش حاجه ماتقلقش اوي كده
عاد ياسين يطالع يزن بالمرآه من جديد فابتسم يزن ابتسامه بسيطه ربما يمحي بهذه الأبتسامه أثار التوتر الظاهره على ملامح وجهُ وطلب من ياسين قائلاً وهو يخرج هاتفه من جيبه:
قولي ياياسين رقمك كام.

أخبره ياسين بالتالي:
01000000111 تقدر تحفظه ده سهل جداً
ضحكت ساره وهي تخبره:
ده ست اصفار يعني زيرو مليون تلات وحايد رقم مميز زي صحبه
امالت برأسها بأتجاه شمس:
صح ياشمس
اشارت برأسها بنبره متقطعه تملؤها التوتر:
اه. اه طبعا رقم مميز
دون يزن رقمه على هاتفه ولم تستطع شمس منع نفسها من سؤالها فأدارت وجهها للخلف سائله:
يعني الأشعه لسه ماطلعتش
فأجابتها وهي تشير رأسها بالنفي:
لا لسه.

أطبق الصمت على الجميع ينظرون الى الطريق أمامهم أما عن ياسين فقد كان يشق طريقه مسرعاً شعر ولو انه تأخر للحظه واحده فسينفجر ما بداخل يزن بالرغم من محاولات يزن المستميته على استعادة اتزانه من جديد دون ملاحظه أحداً منهم ما بداخله.

اطبق الصمت على منزل الصاوي الجميع ينتظر بهدوء عودة ساره للأطمئنان عليها في الغرفه الخاصه بالضيوف تتوسطهم الخاله قائله:
ادخلوا انتوا ياولاد باين عليهم هيتأخروا
طالع الجميع بعضهم البعض نظرات قصيره فكانت مشيره لا تستطيع النوم وهي تعلم أنه معها في هذه اللحظه فالقلق ينهش عقلها الأن كادت أن تنطق للأعتراض على طلب الخاله فسبقتها زُهره وهي تخبرها بطريقه هجوميه:.

لاء طبعاً أنتِ بتقولي أيه ياخاله، ازاي انام وانا عارفه ان بنتي بره لحد دلوقتي
تنفست مشيره بارتياح لأعتراض زهره فهي لا تستطيع ان تعترض كلمه الخاله فطالعتها الخاله ترمقها بنظرات ثاقبه:
وهي يعني مع حد غريب يازُهره دي مع ولدي ومع يزن يعني مافيش خوف عليها ولا أنتِ بقى نيتك وضميرك في حاجه تانيه
ولا حاجه تانيه ولا تالته ياخاله كل الحكايه اني مش هعرف انام الا لما اطمن ان بنتي رجعتلي.

لم تجد زهره أجابه افضل من هذه للهرب فرمقتها الخاله بعدم تصديق فأكملت بارتباك:
صدقيني ياخاله انا بس قلقانه عليها هي وساره ومش هيجيلي نوم الا لما يوصلوا
لم تَصدق فيما قالت هذه ليست الحقيقه، ابعدت عينيها عنها حتى لا تكشف كذبتها فأنقذت مشيره الموقف:
انا كمان مش جايلي نوم، تعالي يازهره نقعد بره شويه نستناهم لحد مايوصلوا
وافقتها زهره على طلبها فطالعتها الخاله وهي تبتعد عنها ثم اشارت للطبيب بعينيها سائله:.

مال زهره ياعلي حساها متغيره من وقت رجوع ياسين
كان يجلس الطبيب مقابل الخاله فقام واستقام يجلس بالمقعد المجاور لها تنهد بعمق بملامح يبدو عليها الحزن:
زهره اتغيرت أوي ياأمي
شعرت الخاله بحزنه من نبرته الحزينه فأشارت للجميع بعينيها تحثهم على الخروج فأصبحوا يجلسون داخل الغرفه بمفردهما الأن:
مالك ياضنايا فضفض لامك ياعلي، أنتَ ما بتحكيش وأنا مابرضاش اسأل طول ما أنتَ مابتتكلمش.

مش عارف ياأمي، كل ما بتكبر كل ما بتتغير مابقيتش زهره بتاعت زمان
نبرة الحزن كانت ظاهره جلياً في حديثه مما جعلها تسأله:
قصدك بتتغير في الشكل
وقف مقابلها واضعاً يده بجيبه يتنهد بيأس:
شكل ايه يا أمي اللي بتتكلمي عنه زهره مهما كبرت ومهما اتنحتت معالم الزمن على ملامحها هتفضل بنتي الصغيره اللي عمري ما حبيت ولا هحب غيرها في يوم
طالعته الخاله بأستغراب وصوبت عينيها عليه سائله:.

طب ما تحكيلي ياولدي اتغيرت معاك في ايه
صمت الطبيب فهو لم يعتاد على الشكوى من زوجته منذ زواجه منها قط فتنهدت الخاله وقامت خلفه ثم ربتت على كتف أبنها قائله برفق:
أنا عارفه أنك مابتحبش تحكي ياعلي وخصوصا شيء يخص زهره انا حاسه بيك ياولدي أنتَ اتعبيت وروحك وصلت لمناخيرك واعرف انك يوم ما تحب تحكي هتلاقيني مستنياك.

اشار الطبيب برأسه على الموافقه فهو الأن لا يحتاج سوى ان تضمه الى صدرها ففتحت الخاله ذراعيها تستقبله بحب حتى يشعر بالأمان.

منتصف الليل لهُ رونقه الخاص ربما هدوئه. ونسماته التي تحمل لفحات البروده بعد يوم طويل من الحراره العاليه فهما الأن في أواخر شهر اغسطس تجلس على الدرج أمام منزل
ال صاوي ها هي تنظر للسماء الأن كل شىء في هذا الوقت يدعوك للتنهد بعمق فالسماء تبدو بكامل رونقها تترصع بها النجوم كاللؤلؤ المنسور والهواء المترقرق يذيبك بهِ حباً، تسرح بخيالها البعيد حتى سمعت صوت يأتي من خلفها
يخبرها بهدوء:.

ما أجمل هدوء تلك الليله بقريه ال صاوي أليس كذلك
أستدارت بجسدها تنظر اليه بعيون واسعه وابتسامه حانيه:.

فعلا يابيدقوس الليل هنا يجنن قريه الصاوي دي انا ماشوفتش أجمل منها في يوم الخاله اتفننت أنها تبقى زي ما هي عايزه وأكنها قطعه من الجنه، جوه القييه شىء وبيه القييه شىء تاني خالص، لديجه أنها منعت الناس يستخدموا العيبيات جوه القييه عشان الهوا مايتلوثش، الخضاي في كل شبي فيها زهوي عباد الشمس ماليا القييه مجرد ما ببصلها بحس بياحه ونفسيتي بتيتاح.

جلس بربروس على نفس درجه الدرج التي تجلس عليها وترك مسافه بينهما يصحح لها ما تعتقده:
ولكن ليست الخاله هي من صممت كل ذلك
طالعته بحيره فأكمل هو ما بدأ بهِ:.

نعم لا تتفاجئي هكذا فقد أخبرني الطبيب بأن كل هذا كان حُلم ياسين، قبل أن ينضم للضبع قديماً، كان يبني البيوت بيتاً بيت على هذا الشكل، يفلح الأرض بزهور عباد الشمس، صنع غيه الحمام من الطين بيديه حتى يملأ القريه بالطيور، جعل للقريه بوابه خاصه بها وكانت أول قريه يكن لها بوابتها الخاصه، كان يريد صنع حياه خاصه بهِ وقد أفلح بذلك فأصبحت قريه ال صاوي ليست كأي قريه رأيتها من قبل ولكن كل ذلك قد هدم بوصول المهدي والخاله استقبلهم والد ياسين بكل حب فكانوا فقط يريدوا أن يعيشوا بسلام انبهرت الخاله بجمال القريه ورونقها ومن حكمه المهدي اصبحت القريه افضل ولكن لم يدم ذلك طويلاً بعدما تبعه الضبع والعربي وبالتأكيد أنتِ تعلمي ما الذي حدث بعد ذلك ولكن بعد أن ربحنا المعركه حرصت الخاله أن تعيد كل شىء كما كان من جديد ونجحت بالفعل إلا بشىء واحد وهو أعاده ياسين كما كان من قبل.

قالت وقد بانت علامات الأندهاش على ملامحها:
معقوله ياسين يفكي بالشكل ده، ده انا اول ما شوفته كنت بتيعب منه ده عكسك خالص اصلاً ساعات بفكي انتوا ازاي اصحاب بالشكل ده وتفكييكم غيي بعض خالص
اخذ نفس قبل أن يتحدث بنبره منخفضه بان فيها اثر ما سيقوله:
لأني علمت من اللحظه الأولى التي رأيته بها أن ما بداخله عكس ما يظهره، مثلك أنتِ يامارال.

قالت باستغراب وهي تطالع المكان بتأمل أفسده كلامه الذي أشعل توترها وهي تشير على نفسها بأصبعها:
أنا، أنا ببين عكس اللي جوايا يابيدقوس
هز رأسه بالأيجاب فأكمل:
نعم، أنتِ فلا تحاولي التهرب من الحقيقه الأ يكفيكي تهرباً
نبره الحزن كانت ظاهره جلياً في حديثه مما جعله يسألها بابتسامه حزينه:
الى متى الهرب يامارال، فأنا أريدك بالحلال
طالعته بارتباك وقد ابعدت عينيها عنه وهي ترد عليه:
بيبيوس أنا مابهيبش منك.

كاذبه هي. لم تصدق فيما قالت فأجابها هو بما لا تريد ان تسمعه:.

يؤسفني شعور أن أخبرك بأنك كاذبه لم تتفوهي بالصدق بكلماتك الأخيره، أنتِ تهربين يامارال ولكن ليس مني بل من نفسك تعيشين صراع داخلي بين حبك لي وحبك لدينك وهذا يرهقك على الرغم من أنكِ قادره أن تجمعينا سوياً لينغلق علينا باب واحد في يوم من الأيام، لقد حاولت معك كثيراً طوال السنوات الماضيه ولم أيأس يوماً ولكن الى متى تركت اصدقائي تركت حياه قريه ال صاوي حتى أكون بجوارك، حتى أستطيع النظر اليك واشعر بقربك حتى لو من بعيد، لقد تنازلت عن الكثير والكثير من أجلك، ولكنك لا تبالي.

عند كلامه هذا تحديداً انصتت لهُ وبدا الاهتمام على وجهها تسأله بما تريد أن تسمعه:
وايه كمان يابيبوس كمل قول كل اللي جواك
صمت لثواني يطالع عيناها التي ترقرقت بالدموع فأكمل حديثه يفيض ما بداخله فتحدث بصدق يظهر بنبرة صوته:.

اعلم ان ربي نهاني عن التقرب من النساء دون محرمها وان اذا اردتها ذهبت لوليها لاخطبها منه لكنك من اهل الكتاب كيف اذهب إلى اهلك وأنتِ ترفضينني. ابكي عندما اضع امر الله جانباً ولا انقاد له لكي ارضيكي واتذكر قول الله:
(ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشدُ حبا لله)
وأعلم أني يجب أن أغض بصري مصدق قوله تعالي:
(قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم)
وانه يجب أن املك بصري عنك.

حاول التحكم في انفعاله والحديث بهدوء جاهد ليصل له:
لكني وان ملكت بصري فلا املك قلبي يامارال
وهذا ما يهون على ان الله لا يؤاخذنا بما لا نملك عليه قدره ولا سلطان
لقد تخليت عن الكثير لأجلك وأعلم اني لن افلح لكن حبك اعياني واذهب عقلي انني ادعوا الله ان لم توافقى على زواجنا أن يرد الله لي قلبي ويذهبك عني
اصابت كلماته حقاً فوقف امامها يعطيها ظهره مصارحاً بما لديه من صدق:.

أذاً القرار بين يديكِ الأن، فقد أهُلكَ القلب حبك
كاد أن يتركها ويرحل فعلقت بابتسامه حزينه وهي تزيح دموعها التي كثرت على وجنتيها فقالت بمشاعر صادقه:
أنتَ فاكي انك أنتَ لوحدك بس اللي ضحيت يابيدقوس فاكي انك أنتَ بس اللي بتتعذب
منعته كلماتها من الرحيل فاستدار بجسده يطالعها يعطيها مساحه للتحدث هي الأخرى بما يكمن داخل قلبها:.

أنا كمان بتعذب زيك ويمكن أكتي كمان، طب مسألتش نفسك أنا ليه ماتجوزتش لحد دلوقتي، ليه بقيت يافضه فكية الجواز من أساسه بعد ما كنت هموت واتجوز، ليه ياضيه بكييمه اليقاصه وغييها من اهل الحايه يقولوا عليا العانس
سألها مسرعاً وقد لانت نبرته بعض الشىء عندما رأى دموعها السائله على وجنتيها بغزاره:
لماذا يامارال
ردت بوجع ونبره متحسره:.

عشان أنتَ عايف أني بحبك، مش قاديه اشوف حد غييك جنبي، جسمي يافض ان واحد غييك يلمسني، انا عايفه ان الدين عندنا بيسمح بجوازنا من بعض وأن احنا نحل ليكم زي ما أنتوا تحلوا لينا، بس لما سألت في الكنيسه يد وقالي اني اتجوز من مسيحي من ديني هو أولى بيا، هيعني على ديني أكتي، هنطيع ربنا صح، مش هيقلبني على ديني في يوم أما المسلم هيأثى عليا في ديني وهيبعدني عن دين المسيحيه في يوم ومع عشيتنا سوا هتخليني اعتنق دين الاسلام وهو ده اللي انا متأكده انه هيحصل انا بتأثى بيك وانا بعيد عنك اومال لو كنت جنبك بشوفك بتصلي وتصوم واسمع صوتك العذب كل يوم وانت بتقيا القيأن في صلاتك بالقيب مني طبيعي يابيبيوس هتأثي بيك وهعتنق الاسلام، مش عشان انا مقتنعه بي لاء عشان اتأثيت بيك مش أكتى.

برر لها بضيق:
ولكني لن اغصبك على الاسلام قط
كان هذا رده الذي جعلها تنفعل وتدعم عبارته الذي قالها تواً:
عايفه. ومش عايفه وبس بالعكس أنا متأكده أنك مش هتغصبني على حاجه أنا مش عايزاها في يوم بيبيوس افهم انا امي اسلمت عشان خاطي عماي مش عشان هي مقتنعه بالاسلام وانا مش عايزه اكون زيها
صمتت لثواني قليله تحدق بعينين تترقرق بالدموع:.

علي الأقل اقنعني ايه اللي يخليني اسيب كل ده ورايا، واقتنع بدين غير ديني في يوم غير حبي ليك
رد عليها بربروس بنظرات حانيه وهو يصب عليها كامل نظره:
حسناً. هل تحبين عيسى عليه السلام؟
فأجابت دون تفكير:
اكيد طبعًا بحبه وبصلي عشانه
نظرت لبربروس وقد اعطاها ابتسامه واسعه سائلاً أياها:
حسنا هل تصدقينه في كل ما يقول او قيل انه قال
اكيد بصدق كل كلمه بيقولها دي مش محتاجه نقاش.

فلقد قال الله في القرءان على لسان عيسي عليه السلام بسم الله الرحمن الرحيم:
(وإذ قال عيسي بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسولٍ يأتي من بعدي أسمهُ أحمد)
رفعت كتفيها ببساطه وكأنها اكتسبت نقطه بقوله وهي ترد على حديثه بهدوء:
ناقدت نفسك قولت اسمه احمد ويسولكم اسمه محمد
هز رأسه بالأيجاب وعلق يكمل لها باقي العباره:.

أسمه أحمد ومحمد ومحمود والمصطفي وابو القاسم كنيته
تنهدت بعمق ومسحت على وجهها بتعب وقد تلاشت نظرات الانتصار بعينيها بعدما علمت اسماء الرسول عليه السلام كامله بدأ التوتر على وجهها فأكمل بربروس ما بدأه:
أتؤمنين بالمثل الذي يقول المركبه الذي لها أكثر من قبطان سوف تغرق
علقت بابتسامه منكسره:
اكيد زي مابيقولوا كده المركب اللي فيها ييسيين بتغيق
رد على هذا مسرعاً وقد دعم كلامها:.

جميل فهذه سفينه فما بالك بالكون إن قاده أكثر من واحد فماذا يحدث
تقصد أيه؟
ردت على جملته بسؤال فأجابها بصدر رحب:.

أقصد أنه لو كان هناك أكثر من إله كما تدعون عندكم الأب والأبن والروح القدس وأن عيسي نصفه اله ونصفه بشر لغرق الكون لتعدد الإله وإن ارتدي ان تقولي حسنا لا نقول ان عيسي اله بل هوا ابن الله فسأقول لكي وما حاجه الإله لابن فلو احتاج الاله الى شئ فهذه صفة نقص أنه يحتاج وحاشي مكون الكون ان يكون فيه نقص بل هو اكمل الكاملين له الكمال وحده
ردت وقد ظهر على ملامحها بوادر الاقتناع:.

كل كلمه بتخيج من شفايفك بثقه للديجه دي واثق من اللي بتقوله
الله علمني واعلمي ان كل شئ هنا يوصلكي لله
ازاي
الله يقول في القرءان الكريم: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)
بمعني اننا اذا تأملنا حتى انفسنا علمنا انه لا يمكن ان يصنع هذا كله إلا إله واحد متنزه عن النقص والاحتياج لولد او زوجه او صاحبه
بسم الله الرحمن الرحيم:
(قل هوا الله أحد(1)الله الصمد(2)لم يلد ولم يولد(3) ولم يكن له كفوا أحد).

شعرت بهذه اللحظه أنه كاد ان يهزمها او يقنعها أيهما اقرب فتحدثت هي أيضاً بدليل من الأنجيل:
وَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ اللهِ قَدْ جَاءَ إِلَى الأَرْضِ وَأَنَارَ أَذْهَانَنَا لِنَعْرِفَ الإِلهَ الْحَقَّ. وَنَحْنُ الآنَ نَحْيَا فِيهِ، لأَنَّنَا فِي ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. هَذَا هُوَ الإِلهُ الْحَقُّ، وَالْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ.
رد على هذا بدليل من كلامها:.

سبق وقد أخبرتك أن الله واحد وبشهادتك انتي ان السفينه التي لها اكثر من قبطان تغرق
انت عايز تقنعني بالأسلام بمجيد مثال يابيدقوس
قالت كلماتها باستهتار فكان حديثه موجهاً لها بعدما أغمض عينه بشده محاولاً بكل جهده أن لا ينفعل ويظل على ثباته وهو يقول:
قال الله على لسانه عيسي.
فأوقفته هي باستنكار:
لاء ثواني معلش يعني ايه قال الله على لسان عيسي.

معناه ان عيسي قال هذا الكلام فهذا على لسانه ولكن الله ذكر كلامه في القرءان فالله نطق بهذا الكلام الذي تكلم به عيسي فمن باب الامانه ان نقول قال الله على لسان عيسي
احتفظت مارال بكامل هدوئها وهي تسأله:
طب وعيسى قال نفس اللي قاله القرأن
لا هذا نفس ما قاله عيسي لكن باللغة العربيه لأن عيسي لم يكن من العرب اصلا
رد هو بنفس هدوئها فاكملت تسأله:
طيب وربنا قال ايه على لسان عيسى.

قال الايات التاليه بصوته العذب، صوته الذي يشرح القلوب مما دب القشعريره بقلبها وارتعش كامل جسده من جمال صوته وعذوبته عندما سمعت الايات التاليه:.

إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.

أنهى بربروس تلاوته وتوقف صوته الذي يشرح القلوب ينظر ل مارال تلك الواقفه أمامه ليجد بسمه تلقائيه على شفتاها تنظر لهُ برضا فطالعها هو وقد احتضنت عيناها عيناه فتحدث بما يريد سماعه:
ادعو الله من كل قلبي أن يحثك حديثنا الصغير هذا وينور قلبك للأسلام
أنمحت البسمه من على وجهها ببطىء شديد ثم فاقت من نظراتها المهتمه بهِ واجابت بعيداً عن سؤاله:.

بيبيوس انا عايزه امشي، انا اصلاً هيجع بكيه مش هقدي اتأخي عن ماما اكتي من كده
أنكمش حاجبه بضيق يراها تبتعد عنه وتدخل داخل المنزل فصك على أسنانه بعدما احتدت نظراته لها يهمس لنفسه قائلاً
لا فائده
ابتعدت عنه مارال بعدما صعدت على الدرج وعند وصولها على باب المنزل الكبير استدارت تطالعه فابتسم هو وقال يهمس لنفسه وهو يطالعها بنظرات ثابته
طبيبه أنتِ والطاء حاء، لكن لسوء حظي حلوه أنتِ وقبل الهاء فاء.

هذه الأمسيه ليست لطيفه بالنسبه للبعض فهناك من يحاول ان يبرر ما كاد أن يرتكبه من جرم شنيع، كاد أن يوقع العائله بأكملها في مأزق لا يعلمون كيفيه الخروج منه فطرق الباب يتحدث بهمس:
افتحي ياغدير الباب، انا بحاول اتكلم معاكي من وقتها وانتِ مش مدياني فرصه من ساعه ما سيبنا الظابط فريد
سمع صوتها من داخل الغرفه بنبره عاليه:
امشي ياحسان دلوقتي انا مش عايزه اتكلم معاك
فحثها على أن تخفض من نبرة صوتها قليلاً:.

طب ممكن توطي صوتك على الأقل أنتِ عارفه الخاله بتسمع دبة النمله
فتحت باب عرفتها الخاصه بها هي وشمس تقف على اعتابه تتأفف بضيق قائله:
عايز ايه ياحسان هتقول ايه، أنتَ عارف انا لو مكنتش سمعتك قبل ما تقول حاجه للي اسمه فريد ده كان هيحصل ايه
فوضع كف يده على شفتيها بعيون راجيه يتوسل لها أن تخفض من نبرة صوتها قليلاً:
أنتِ يعني عايزه تعرفي الخاله. أنتِ عايزاها تشرب من دمي
فقالت له بنظره متشفيه:.

والله لو شربت من دمك يبقى تستاهل
ومين قالك اني كنت هقولوا حاجه أصلاً ياغدير هو انا لحقت افتح بوقي
جذبته غدير من سترته وهي تكرر خلفه باستنكار:
ملحقتش تفتح بوقك! عشان لحقتك قبل ما تفتحه لكن لو مكنتش لحقتك كنت زمانك كريت كل شىء وودتنا في داهيه
ضيق حاجبه باستغراب يكرر كلمتها بسخريه:
كريت! أنتِ متأكده أنك كنتي عايشه في المانيا ده انا عمري ما طلعت من البلد وماعرفش الكلمه دي
حاول التملص منها فعلقت هي بغيظ:.

اه. اهرب. اهرب وغلوش على الموضوع
طالعها حسان وتحولت نبرته الى أخرى جاده وكأنه سيخبرها عن سر خطير:
لا بجد انا مكنتش هقوله كنت هخترعله أي حاجه ياغدير انا ممكن الكل شايفني هنا العيل الصغير اللي ماينفعش حد يعتمد عليه بس انا لا يمكن اخون الأيد اللي اتمدتلي في يوم، ولولا الخاله بعد اهلي ما ماتوا وانها اعتنت بيا مكنتش عارف هبقى فين دلوقت صدقيني ياغدير انا مش وحش اوي كده عشان ارد الجميل بالأذيه.

تابعت هي تأكد على كلامه:
انا عارفه انك جدع ومش قليل الأصل وبعدين احنا متربيين سوا وياما لعبنا سوا واتكلمنا سوا
فرد هو بسخريه:
ايه كميه سوا دي
فضربته هي بخفه على كتفه:
تصدق انا غلطانه
فابتسم وهو يخبرها:
طيب ماتناميش بقى واستني شمس عشان نقعد مع بعض زي زمان كلنا شويه سوا
فأشارت بأصبعها بحركه دائريه:
تاني سوا.

تجلس بهدوء واضح على ملامحها ولكن بداخلها بركان ثائر تتمنى بأشعال النار بمن حولها والسؤال المسيطر على عقلها الأن:
ياترى حصل ما بينهم اي دلوقت، ياترى هيرجع يحن ليها من جديد بعد السنين دي كلها، ياترى شخصيه عمار ظهرتلها وهو معاها.

انخرطت بداخل ذكرى حدثت بينهما في الماضي هو الأن يجلس على الشازلونج الخاص بعيادتها مغمض العينين يحاول جاهداً أن لا يتفوه بشىء بخصوص شمس ولكنها أجبرته على التكلم بطريقتها فسألته سؤال حاول كثيراً بأخفاء اجابته:
هتفضل تحب شمس لحد أمتى ياياسين؟
صمت لثواني فحثته هي على الأجابه تعتقد بأنها استطاعت اخيراً ان تنومه مغناطيسياً فرد باسماً على سؤالها بسخريه:
لما تعرفي والجاموسه بتولد الطور بيحزأ ليه.

فتح عينيه بعدما غمز لها بطرف عينيه يقف مستقيماً يتوجه بأتجاه المبرد يأخذ منه مشروبه المفضل وقبل ان يرتشف منه أشار بكف يده أولاً:
اجيبلك واحده
تنهدت قائله بيأس:
لا شكراً. مش عايزه
فجلس هو على المقعد المقابل لها وارتشف نصف الزجاجه مره واحده يقول لها سائلاً:
مش ناويه تطلعي شمس من دماغك بقى. كان يوم مش باينله ملامح لما حاكيتلك عنها وعرفتك سري انا وعمار
أفاقتها كلمات تلك الجالسه بجوارها على الأرجوحه:.

روحتي فين يامشيره من ساعه ما قعدنا وانتِ سرحانه خالص
أفاقت من ذكرياتها تخبرها بتردد:
لا أبدا مافيش هاروح فين يعني يازهره، بس قوليلي أنتِ ليه بتخافي على شمس اوي كده
فصمتت ثواني ثم تابعت:
دي بنتي ولازم اخاف عليها وخصوصا لو مع ياسين
نجحت زهره في كسب اهتمامها:
ليه هو ياسين ماله؟
هزت زهره كتفيها ببراءه:
مالوش بس غدار شويتين اوبقي خللي بالك منه ياسين مش سهل وانتِ باين عليكي طيبه.

هما الأن على اعتاب القريه يقف بسيارته امام البوابه في هذه اللحظه سمع رنين هاتفه الملقي امامه نظرت شمس الى الهاتف دون ان تلمسه فوجدت أسم الخاله فهتفت قائله باستغراب:
أنتَ مسميها على تليفونك المزه كوكي
فقبض على الهاتف بكف يده يفتح الأتصال ويضعه على أذنه مبتسماً قائلاً:
اصلها كانت مزه بصراحه
انتظر حتى اكملت والدته اسئلتها ونطق:
لا مش أنتِ المزه. أنتِ كنتى المزه يا امي.

استمع الى والدته وهو يستدار لها ليطمئنها:
اطمني يا امي هما بخير انا خلاص عند البوابه داخل عليكي
هز رأسه وهو يحاول انهاء المكالمه:
تمام لما اوصل نبقى نتكلم
توقفت السياره امام منزل الصاوي وقد خيم الصمت على الاجواء تستطيع سماع صوت اوراق الشجر عندما يحركها الهواء لتشعر بأن كل شىء صامت هنا. فجأه ظهرت زهره من العدم تفتح باب السياره الخاص بأبنتها تجذبها من ذراعها وهي داخل السياره.

الفجر أذن وانتوا لسه ماجيتوش مكانش ليكي لازمه خالص أنك تروحي
كان ياسين قد نزل من سيارته يستمع لحديث زهره وهو يحرك أصابعه بين خصلات شعره للخلف بتعب حقيقي:
هو أنتِ لسه صاحيه ياوليه مانمتيش ليه؟
نظرت لهُ باشمئزاز وهي تجذب ابنتها خلفها:
اصل مستنيه الأذن منك عشان انام ياسي ياسين
انكمش حاجبي شمس دلاله لعدم فهمها:
ماما في ايه؟
أنتِ تسكتي خالص وتيجي ورايا أنتِ فاهمه.

اشارت زهره برأسها ل ساره وأنتِ كمان كفايه كده ياساره يلا عشان ترتاحي
رحلوا معها تحت أنظار الجميع فطالع ياسين يزن بعيون ثاقبه فهرب نظر بنظراته قائلاّ:
أنا هطلع ياياسين كان يوم متعب أوي النهارده
أشار ياسين برأسه بالموافقه يراهُ يبتعد عنه فأتت مشيره من خلفه تحاول ان تستجمع كلماتها:
ياسين انا ماجاليش نوم الا لما تيجي عشان كنت عايزه اقولك فبتر هو كلماتها بضجر:.

معلش يامشيره مش وقته دلوقتي اوبقى قوليلي اللي انتِ عايزه تقوليه وقت تاني انا لازم امشي
سألته مسرعه وهي تراه يبتعد أمام ناظريها:
أنت رايح فين دلوقت؟
لم تتلقى منه أي رد ولم يهتم هو بالرد عليها، فأسرع الى قبر عمار ينظر هنا وهناك يلتفت بكل مكان وقعت عيناه على اللوح الرخامي المدون عليه أسمه قرأه بصوت مسموع
عمار بن يزيد الصاوي ثم نادى عل اسمه بصوت مسموع وهو يلتفت يساراً ويميناً.

عمار، أنتَ فين، أنا عارف اني هلاقيك هنا
كان الظلام يسود الاجواء لا تستطيع أن ترى كف يدك فقط ضوء القمر البسيط، من حولك الموتى بكل مكان فظهر لهُ من العدم بعينين تغير لونهما الى اللون الأحمر القاتم تستطيع ان تراهم يضيؤن بهذه العتمه كان يتحرك بسرعه كبيره حوله حتى وقف امامه قائلاً ببرود:
عايز مني حاجه يابابا
قال سرد ما يدور في خاطره:
أنت كنت ممكن تقتلها النهارده
قال عمار بأنفعال وهو يشير برأسه:.

أنت خفت عليها
حرك ياسين رأسه موافقاً وتبع ذلك بقوله:
أكيد خوفت عليها هي مالهاش ذنب عشان تمو ت
قال عمار مبتسماً بظفر:
يبقى انا كنت صح، انا كنت عارف انك ضعيف بيها وهتنساني اول ما تشوفها
نفى ياسين ماقاله عمار:
ماحصلش ولا هيحصل اني هنساك في يوم بس بلاش موت ياعمار بلاش تقتلها لو على اني ارجع وابعد من هنا انا عايز ابعد وانت اللي مش راضي
قال وهو يصرخ بأعلى صوته:
عشان يزن اي حاجه في الدنيا تهون عشان يزن.

اخفض نبرة صوته قليلاً وهو يقول:
يزن بيفتكرني بيك قربك منه بيحسسه بوجودي معاه
وانا لا يمكن اكسره في يوم واخليك ترجع من غير ما تحضر فرحه
فوقف ياسين ولأول مره متحدياً عمار:
لو حاولت تأذيها مره تانيه هسيبه وامشي انتَ فاهم، انا مش جاي عشان اقتل حد
احتدت نظرة عمار لياسين وهو يطالعه وكأنه استحوذ على عقله بالكامل فوضع ياسين يده على جبينه من شدة الألم يقول بعدما تجمد الدم بعروقه:
اطلع من دماغي.

هنا أمره عمار ومن الواضح انه يسيطر عليه بالكامل:
أركع
اطبق عينيه بشده من كثرة الألم يحاول ان يرفض طلبه هذه المره
لاء
فكرر طلبه مجدداً ببرود تام وهو على يقين بأنه سيستجيب لطلبه:
هتركع وهتموتها وبعدها هتموت نفسك أنت فاهم يابابا
أشار ياسين براسه بالموافقه
لحظه استسلام تام فقد سيطر على عقله بالكامل واصبح مريض بهِ يحاول ياسين التخلص من مرضه كغريق يبحث عن قشايه للنجاه فهل من منقذ له.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *