#_قلوب حائرة،الجزء الثاني، بقلمي روز آمين
هذه الروايه مسجلة حصرياً بإسمي روز آمين
وممنوع نقلها لأية مدونة أو موقع أو صفحات أخري ومن يفعل ذلك قد يعرض حالة للمسائلة القانونية
__________________________
ليت لنا الحق في إعادة مؤشر عقرب الساعة إلي الخلف والرجوع بالزمن إلي ماضينا
لكنا نأينا بأنفُسنا وتجنبنا كوارث حَلت بنا وما كُنا نسعي للوصول لنتائجها الموجعة لحاضرنا
بقلمي روز آمين
إلحقني يا بابي،تعالي بسُرعة…كلمات يملؤها الرُعب والألم نطقتها الفتاة من بين شهقاتها المتواصلة وصوتها المبحوح دلالةً علي بكائها لفترة طويلة
كادت أنفاسهِ أن تنقطع وشعر بروحهِ تنسحب من جسدهِ رويدا وهتف بصياحٍ أرعب تلك المجاورة له:
-إيه اللي حصل،إنطقي يا بنتي
مامي خرجت من الساعة ثمانية المغرب وما رجعتش لحد الوقت…كلمات نطقتها بدموع حارة وقلبٍ يرتعبُ خوفاً واسترسلت بشعوراً هائلاً باليأس والعجز وصل لأبيها من خلال نبرة صوتها الذي يملؤهُ الإحباط:
-وعماله أرن عليها وفونها مقفول
شعر بأرضهِ تهتز من تحته وتتزلزل وتحدث مستفسراً:
-خرجت فين،وفين إيهاب والرجالة؟!
شهقة عالية خرجت من الصغيرة وتحدثت بمرارة الندم:
-مامي خرجت من ورا إيهاب ورجالته يا بابي
إزااااااي…كلمة نطقها بجنون إرتعبت علي أثرها مليكة ووضعت كفها فوق فمها وهُنا إستشعرت أن هناك كارثة كُبري حدثت،أما الفتاة فارتعبت من صوت أبيها ونبراتهُ الغاضبة وتحدثت بنبرة مرتجفة:
-هحكي لك علي كُل حاجة لما تيجي،بس أرجوك تعالي حالاً وشوف مامي فين،إلحقها قبل ما يحصل لها حاجة يا بابي
واسترسلت بنبرة مزقت بها قلب أبيها:
-تعالي يا بابي،أنا خايفة قوي وأنا لوحدي
هرول علي خزانة الملابس وفتحها بقوة كادت أن تخلع إحدي ضلفهُ وتحدث بنبرة مُطمأنة:
-ما تخافيش يا حبيبتي،أنا هكلم إيهاب يدخل لك حالاً ومش هيسيبك،وأنا طالع علي المطار حالاً وفي أقرب وقت هكون عندك
أغلق معها وسألته مليكة بنبرة هلعة:
-إيه اللي حصل يا ياسين؟
اللي حصل إن الهانم المستهترة اللي أنا متجوزها خرجت من ورا الحرس ولحد الوقت ما رجعتش لبنتها…كلمات نطقها بعيناى بها ناراً لو خرجت لأشعلت المكان بأكمله،ضغط علي نقش إسم إيهاب وفعل خاصية السماعة الخارجية ثم ألقي بالهاتف فوق الفراش وتابع إرتداء ملابسهُ بهرولة تحت إرتعاب تلك المذبهلة وعقلها الذي لا يُدرك ما استمعهُ للتو
إستمع إلي صوت إيهاب الناعس وهو يُجيب قائلاً:
-صباح الخير يا ياسين باشا
باشا إيه يا حبيبي،ده انتَ اللي باشا يَلاَ…جُملة ساخرة نطقها بنبرة حادة بعدما هرول إلي الهاتف وألتقطهُ وهو يرتدي بنطالهُ ويتأرجح بوقوفهُ ثم استرسل موبخاً إياه:
-صح النوم يا بيه،حضرتك نايم نومة أهل الكهف ومراتي برة البيت ومارجعتش لحد الوقت؟
فُزع إيهاب وهب واقفاً وبات يتحرك داخل الغُرفة بتخبُط ثم هتف بنبرة هلعة:
-الهانم والدكتورة مخرجوش من البيت النهاردة جنابك
طب إتلهي وادخل حالاً للبنت علشان مرعوبة،وخلي كامل بيه يراجع الكاميرات حالاً ويشوف الهانم إستغفلتكم إزاي وخرجت…نطقها متهكماً واستطرد أمراً:
-خليه يشوفها ركبت إيه ويجيب لي رقم العربية وكل التفاصيل اللي هحتاجها ويبعتها لي واتس،وأنا هعمل إتصالاتي وأنا في الطيارة
واسترسل مهدداً إياه بتوعُد حادّ:
-وإدعي لربنا إنت والمغفلين اللي عندك إن الهانم تبقي بخير،وإلا قسماً بالله يا إيهاب لو حصل لها حاجة،لأنفيكم من علي وش الأرض
أغلق معهُ دون إعطائهُ حق الرد وكل هذا يحدث تحت عيناي تلك التي أوشكت علي إزهاق روحها جراء شدة رُعبها مما تستمع،إتصل بأحد رجالة الذي أجاب في التو وتحدث إليه قائلاً:
-شوف لي أي طيارة طالعة لألمانيا حالاً يا آدم،ولو ملقتش جهز لي طيارة خاصة وانا هكلم رئيس الجهاز وأستأذنه
تحدث أدم وهو يبحث بمؤشرهُ علي جهاز الحاسوب المتنقل يتفقد مواعيد الطائرات المتجهة إلي ألمانيا:
-فيه طيارة طالعة بعد ساعتين من مطار القاهرة وفيها تلات أماكن خاليين،بس لازم حضرتك تتحرك حالاً بطيارة خاصة علشان تلحق ميعاد طيارة ألمانيا
واسترسل بإبانة:
-هحجز لحضرتك تذكرة حالاً
تمام يا أدم،وأنا هتحرك بعربيتي حالاً للمطار الخاص بالجهاز،وهكلم الرجالة حالاً يجهزوا لي الطيارة اللي هتنقلني للقاهرة…قال كلماتهُ وحمل أشيائهُ وبدأ بوضعها داخل جيب معطفهِ فتحدثت تلك المُلتاعة بنبرة هلعة:
-إتصل بطارق يروح معاك يا ياسين
أجابها وهو يهرول إلي خزانة الأحذية ويلتقط أحدهما بإهمال ليرتديه:
-مش هينفع يا مليكة،أنا لسة معرفش إيه اللي حصل،أنا هتصل بسيلا في العربية أفهم منها اللي حصل ولما الفجر يأذن هبقي أتصل بالباشا وأبلغه
واستطرد بلهجة حادة وهو يتأهب للخروج:
-مفيش خروج من البيت لا ليكي ولا للاولاد ولا حتي عمتي
أومأت بطاعة واسترسل هو بتمني:
-إدعي إن ربنا يسترها وليالي تبقي كويسة
إن شاء الله هتبقي كويسة،خلي عندك أمل في ربنا…قالتها بطمأنة رغم رعبها فأومأ لها وتحرك سريعاً دون حديث،تنفست بعد خروجهُ وامسكت أسفل بطنها بتألم ظهر فوق ملامحها،تحركت إلي التخت وجلست عليه وتحدثت بصوتٍ مسموع:
-أسترها يارب
خرج بهدوء دون إحداث ضجة كي لا يُزعج أحد واستقل سيارتهُ ثم أمسك هاتفهُ وضغط علي رقم كارم الذي رد بصوتٍ متحشرج بفضل نومهِ:
-خير يا باشا؟
مش خير أبداً يا كارم،بنتي بلغتني إن مراتي خرجت من البيت الساعة ثمانية المغرب وما رجعتش لحد الوقت…قالها بجدية واسترسل بتوصية:
-إسمعني كويس يا كارم،أنا حاسس إن دي خطة لإلهائنا عن لمار والصفقة اللي هتوصل للمينا النهاردة،عينك ما تغيبش لحظة واحدة عنها،وعُمر يا كارم،خلي الرجالة يركزوا قوي في حمايته
ما تقلقش جنابك،سافر وتابع موضوع الهانم،ولمار والشركة وكل ما يخصها هيكونوا تحت السيطرة…قالها بنبرة جادة واسترسل:
-طمني علي الهانم أول ما توصل لحاجة
أردف بتعجُل:
– تمام يا كارم،سلام
أغلق معهُ وهاتف صغيرته التي نزلت إلي بهو المنزل بعدما هاتفها إيهاب وقصت لهُ ما حدث وبدأ بفحص الكاميرات ومراجعتها هو ورجاله
أجابت علي والدها بصوتها الباكي والذي مازال مُرتعباً:
-أيوة يا بابي
أردف علي عُجالة مُتحدثاً:
-إسمعيني كويس يا سيلا،أنا فاضل لي ساعتين علي ميعاد الطيارة،عاوزك تحكي لي كُل اللي حصل بالتفصيل المُمل
واسترسل بتأكيد:
-سمعاني يا سيلا،كُل حاجة مهما كانت غلط
هزت رأسها متفهمة مقصدهُ وتحدثت بإنهيار:
-حاضر يا بابي
فلاااااش باك
عودة إلي ما قبل ثلاثة أيام
كانت تجلس فوق مقعدها المتواجد ببهو منزلها واضعة أمامها ذاك الحاسوب المتنقل تنظر إلي تلك الخديجة التي تعرفت عليها مُنذُ أكثر من ثلاثة أسابيع،حيثُ كانت خديجة تجلس بصحبة بعض النساء واللواتي يبدين من هيأتهُن انهُن تنتمن إلي الطبقة المخملية،هتفت تلك المرأة المجاورة لخديجة مُمسكة بيدها كأساً من مشروب بارد وتحدثت ساخرة:
-هتفضلي كتير تحضري معانا سهراتنا عن طريق الفيديو كول يا لي لي؟!
واسترسلت أخري متهكمة:
-سبيها يا بنتي لجوزها يذنبها ولا يقطع عنها النت خالص، وساعتها لا هيبقي فيه مشاركة حقيقية ولا حتي إفتراضية
شعرت بالخجل يعتريها من سخرية بعضهُن وإطلاق الأخريات الضحكات الساخرة،فهتفت بإندفاع دون أدني تفكير فيما ستتعرض له من عقاب علي يد ياسين نتيجة خطوتها الغير محسوبة تلك:
-طب إيه رأيكم إني هحضر معاكم السهرة الجاية
بتتكلمي جد يا لي لي؟…سؤال وجهتهُ تلك الخديجة إلي ليالي بلهفة ظهرت فوق ملامحها،أجابتها تلك الرعناء بقامة مرتفعة وغرور:
-ليالي العشري عمرها ما قالت كلمة هي مش قدها يا ديچا
إنتهت الفتاة من مُذَاكرة دروسها وتحركت إلي الأسفل عبر الدرج لتجلس بصُحبة والدتها وتتأنس بالحديث معها،أصابها الذهول وإتسعت عيناها حين إستمعت إلي الهراء التي قالته والدتها ووعدها لهولاء النسوةِ التافهات،واكثر ما جعل داخلها يثور هو حديث تلك السيدة عندما تحدثت وهي تُشير إليها بسماجة:
-هاي سيلا،إنتِ كمان معزومة مع مامي وهنعمل لك أحلا إستقبال علي شرفك،كمان هنجيب ولادنا اللي من سِنك علشان تتعرفوا علي بعض وتكوِنوا دايرة صداقة زينا
إبتسمت بزيف وأردفت بتملُص:
-ميرسي لحضرتك،بس الحقيقة مش هينفع خالص لأن عندي ضغط في المذاكرة الفترة دي
جري إيه يا سيلا،إنتِ مش عاوزة تتعرفي علي أولادنا ولا إيه…جُملة نطقتها خديجة باستياء واسترسلت بايضاح:
-ولا تكوني فاكرة إن ولادنا مش قد المقام؟
واستطردت بكبرباء:
-علي فكرة إبن سالي متعين في السلك الدبلوماسي وبكرة يبقي سفير قد الدنيا،وبنتي بتدرس إدارة أعمال هنا في ألمانيا
قطعت تلك البلهاء حديثها وهتفت باعتذار:
-سيلا أكيد ما تقصدش تقلل من أولادكم يا ديچا،هي اصلها لسة راجعة من الأجازة وعاوزة تعوض اللي فاتها علشان تخرج بتقدير،
واستطردت بتأكيد:
-وعلشان ماتزعليش سيلا جاية معايا،حددي إنتِ بس الميعاد وهتلاقينا جاهزين في الوقت اللي هتحددوه
إنفرجت أسارير السيدة وحددت لها الميعاد بعد ثلاثة أيام من الآن تحت إغتباط جميعهُن بانضمام تلك الثرية إليهُن،صاحت بها الفتاة بعدما أغلقت ليالي الإتصال وهتفت بعيناي غير مستوعبتان:
-إيه اللي حضرتك عملتيه ده يا ماما؟
واسترسلت باعتراض:
-إزاي توعدي الست إننا هنروح لها وإنتِ عارفة كويس إن بابي عُمره ما هيوافق؟
حضرتك كدة بتتحدي بابي وبتستفزيه…جُملة نطقتها الفتاة بامتعاض مما جعل تلك الخَرقاء تتحدث بارتياح وهي تضع ساقاً فوق الأخرى:
-ومين قال لك إن بابي هيعرف،إحنا هنخرج من وراه
ودي هتعمليها إزاي في وجود إيهاب ورجالته؟ سؤال ساخر وجهتهُ أيسل لوالدتها التي تحدثت بحيرة ظهرت فوق ملامحها:
-سبيني أفكر وبعدين هبلغك هنعملها إزاي
طب يكون في عِلمك يا مامي،أنا مش هروح معاكِ لأي مكان وخصوصاً من غير عِلم بابي…هكذا تحدثت الفتاة بحكمة واسترسلت ناصحة لتلك المُغيبة:
-وياريت حضرتك تشيلي الفكرة كلها من دماغك لأن لو بابي عِرف مش هيُسكت وهيخرب الدُنيا
واستطردت بتذكير:
-واظن حضرتك مش ناقصك مشاكل معاه
علي فكرة يا سيلا،أنا اللي مامتك مش العكس،ياريت توفري نصايحك دي لنفسك وتبطلي إسلوبك المستفز اللي ورثتيه من بباكي…هكذا نطقت بحِدة واستطردت بنبرة ساخطة:
-أنا مش هضيع شبابي جوة سجن ياسين المغربي علشان شوية أوهام مش موجودة غير في دماغه
هتفت الفتاة بنبرة جادة:
-سوري يا مامي،بس لو حضرتك عملتي كدة أنا مضطرة أقول لبابي
بنبره تهديديه هتفت ليالي قائلة:
-لو عملتي كدة يا سيلا يبقي بتقطعي كل الخيوط اللي ما بينا كأم وبنتها
واسترسلت بنبرة متألمة تحمل الكثير من الخزلان مما أربك الفتاة:
-لان ساعتها بس هحس إني مليش أي قيمة عندك،وإن كل اللي يهمك هو أبوكِ وتنفيذ أوامره وبس
تشتت ذهن الفتاة بعد حديث والدتها التي قالته وهبت واقفة لتنسحب إلي الأعلي ودموع الخزلان تتكون داخل مقلتيها،تنهدت بأسي ثم ألقت بحالها فوق الأريكة بإهمال
❈-❈-❈
أما ليالي التي صعدت إلي غُرفتها واليأس يُسيطر عليها،تشعر وكأنها اصبحت دُمية بيد ياسين المغربي يُحركها ويتحكم بها كيفما يشاء،يضعها بالمكان الذي يُريد ويسجنها داخله ويفرج عنها وقتما يشاء،هكذا هاتفها عقلها المُتمرد والثائر علي الوضع الراهن
أمسكت هاتفها بشراسة وطلبت الرقم الخاص التي كانت قد أبلغتها به تلك الشيطانة مُسبقاً بعيداً عن الرقم المُسجل بإسمها لتتحدث معها بأريحية بعيداً عن تجسُس ياسين عليها،كانت تجلس بمكتبها الخاص بالشركة التي تعمل بها بصُحبة عُمر والتي مازالت بمنصبها ولم تتركها،إبتسمت بجانب فمها عندما رأت نقش إسم تلك البلهاء وأجابت علي الفور:
-لي لي،إزيك
أنا مش كويسة يا لامي ومحتاجة مساعدتك…هكذا هتفت بإندفاع ونبرة مستاءة
سألتها تلك الخبيثة:
-ليه بس بتقولي كدة،إحكي لي إيه اللي مضايقك؟
بدأت تقص عليها ما حدث واستطردت بنبرة حائرة:
-وللأسف،مش هينفع أعتذر لهم لان شكلي هيبقى وحش قوي قدامهم
واسترسلت باعتراض ساخط:
-وازاي بعد ما وعدتهم أرجع أقول لهم لا معلش سامحوني،أصل أنا واحدة تافهة ورجعت في كلامي علشان البيه جوزي حابسني بين أربع حيطان وببعاملني معاملة الجوارى
تحدثت لمار بنبرة هادئة:
-ممكن تهدي علشان نعرف نفكر ونشوف هنحل الموضوع ده إزاي،
واسترسلت بطمأنة:
-أنا مش عوزاكي تقلقي،الموضوع بسيط وحله عندي،سيبيني بس أخلص الشغل اللي في إيدي ونص ساعة بالظبط هتحرك من الشركة واكلمك من العربية
سألتها متعجبة:
-شركة إيه اللي إنتِ فيها لحد الوقت،دي الساعة عندك داخلة علي 11
تنهدت وتحدثت بنبرة بائسة مُفتعلة:
-ما هي دي ضريبة إنك تشتغلي في القطاع الخاص،فلوس كويسة أه،بس بيستغلوكي أسوء إستغلال
هتفت ليالي بعدم إكتراث:
-أوك يا لمار،خلصي بسرعة وكلميني
تحدثت لمار بإشادة:
-كويس إنك كلمتيني من رقمك الجديد علي الرقم ده،علشان زي ما قُلت لك قبل كدة،إن ممكن جداً يكون ياسين مراقب تليفونك بحجة نغمة الحماية اللي طالع لنا فيها جديد
سألتها باستفسار:
-طب أنا وجايز جداً تكوني صح ويكون فعلاً مراقبني وعلشان كدة جبت الرقم ده وبكلمك وبكلم منه أصحابي،لكن إنتٌ هيراقبك ليه مش فاهمة؟
زيادة تأمين للعيلة يا لي لي،هو أنتِ تايهة عن جوزك وحِرصه الشديد ولا إيه؟…هكذا أجابتها فاقتنعت تلك الخرقاء وتحدثت بتأكيد:
-عندك حق يا لامي
واسترسلت بإنهاء:
-أسيبك تخلصي شُغلك علشان تفضي لي،باي باي
أغلقت معها وهرولت إلي فناء الشركة ثم تحدثت إلي عزيز المسؤل عن مهمتها وقصت لهُ ما حدث فأردف قائلاً بحبور:
-حلو أوي،الخطة ماشية زي ما رسمنا لها بالظبط،أنا هقول لك تقولي لها إيه وهي أكيد هتكلم خديجة وتطلب منها المساعدة
أردفت لمار بارتياب:
-عزيز،إنتوا هتعملوا إيه معاها هي والبنت؟
ما تسأليش عن شئ ما يخصكيش،إنتِ تنفذي اللي يتقال لك من غير نقاش،غير كدة مش مسموح لك،مفهوم يا لمار…كلمات نطقها بحدة وحزم إبتلعت علي أثرها لُعابها وأردفت بطاعة عمياء:
-مفهوم يا عزيز
هتف باستحسان ساخر:
-شاطرة،والوقت ياريت تركزي كويس قوي في اللي هقوله وتنقليهولها بالحرف الواحد
بعد مرور حوالي النصف ساعة،أردفت مستفسرة باستغراب:
-معقولة هو ده الحل اللي عندك يا لمار؟
واسترسلت باستنكار:
-ده لو الموضوع فشل وإيهاب كشف الخطة مش بعيد ياسين يطلقني فيها
عقبت لمار بتهاون:
-ماتبقيش جبانة قوي كدة،الموضوع بسيط وهيخلص بمنتهي السهولة
هتفت ليالي بنبرة ساخرة:
-وتفتكري الفيلم الخيبان ده هيدخل علي إيهاب ورجالته؟
ضحكت لمار وتحدثت بإيضاح:
-ما إنتِ هتحبُكي الموضوع كويس علشان يعدي عليهم،وكمان لازم الشغالة تبقي معاكِ علشان عليها دور كبير في نجاح خروجكم من البيت وكمان رجوعكم
ودي كمان هعملها إزاي؟هكذا سألتها فتحدثت لمار:
-إذا كان علي الشغالة فمافيش أسهل من إقناعها،شغلي دماغك شوية يا لي لي،الفلوس بتعمل المعجزات
أومأت ليالي بتفهُم ثم أردفت بتساؤل أخر مما جعل تلك اللمار تسب ثرثرتها وجُبنها بسريرتها:
-طب وتفتكري خديجة هتوافق تساعدني؟
واستطردت بتردُد:
-وبعدين شكلي هيكون إيه قدامها وأنا بطلب منها طلب زي ده؟
أجابتها بتملُل:
-شكلك إيه بس يا لي لي،إنتوا ستات زي بعض وأكيد هي هتفهمك،مش إنتِ بتقولي إنها سِت كويسة وبتحبك؟
هزت رأسها برفض وتحدثت بتراجع:
-لا يا لمار،أنا بصراحة خايفة وهكنسل الموضوع كله،ياسين لو عرف مش هيعديها لي
أردفت بتعجل:
-تكنسلي إيه بس يا لي لي،بطلي خوفك الزيادة ده وعيشي حياتك زي الناس الطبيعية
واسترسلت بفتنة لتحفيزها:
-ولا هو الخروج ومتعة الحياة حلال علي مليكة وحرام عليكي،مش كفاية إنه سايبك متغربة ببنتك وهو مشهيص نفسه مع مراته ولا علي باله،ده كل يوم والتاني سهران بيها في مكان شكل
وصلت لمبتغاها بتلك الكلمات التحريضية فاشتعل داخل تلك الإمعة واغلقت معها بعدما إقتنعت وأنتوت تنفيذ خطة تلك الشيطانة
بعد قليل كانت تتحدث عبر الهاتف إلي تلك الخديجة متسائلة بترقُب شديد:
-ها يا ديچا،قولتي إيه،هتساعديني؟
إبتسمت السيدة بسخرية ثم تحدثت بنبرة مرتبكة أجادت صنعها:
-مع إني مش بحب أدخل نفسي في حوارات،لكن علشان خاطرك أنا موافقة،وعندي كمان اللي هيساعدك في تنفيذ خطتك بمنتهي الذكاء والبراعة،صديق بس شاطر جداً في السواقة وبيعشق المغامرات
واسترسلت بإلحاح:
-بس لازم تجيبي سيلا معاكِ زي ما اتفقنا،بنتي حابة تتعرف عليها جداً
واسترسلت بترغيب لاغرائها:
-لازم البنت تندمج مع وَسَط شبهها وناس راقية من مستواها
أومأت بموافقة ووعدتها بحضورها وأيسل
داخل حُجرة تلك السيدة،أغلقت الهاتف وتحدثت إلي ذاك الذي يجاورها الجلوس بحبور:
-جهز نفسك،عندك توصيلة هتاخد لك فيها قرشين حلوين
أردف ذاك الرجل قائلاً بارتياب:
-مش عارف ليه مش مطمن للموضوع ده يا ناهد،حاسس إنه ممكن ييجي لك من وراه مشاكل إنتِ في غني عنها
رفعت منكبيها بلامبالاة وتحدثت ببرود:
-وأنا مالي بالمشاكل يا علاء،أنا قدام القانون في السليم،دي واحدة طلبت مني خدمة علشان تقدر تخرج من سجنها وتشوف الدنيا وأنا ساعدتها علي كدة مش أكتر
واسترسلت بإبانة:
-وبعدين أنا مأمنة نفسي كويس،بمجرد ما هوصلها الأوتيل هي وبنتها وتدخل الجناح هاخد باقي فلوسي وطيران علي فرنسا،أنا حاجزة تذكرتي ومرتبة أموري كلها،وإنت كمان رتب دنيتك هنا وإبقي حصلني علي هناك،
واسترسلت بدلال:
-ده لو تحب طبعاً
تساءل رفيقها بنبرة تشكيكية متغاضياً عن دلالها:
-طب إفرضي جوزها بحث في الموضوع وعرف إنك ساعدتيها وقدر يوصل لك،هيبقي إيه موقفك وقتها؟
أجابتهُ بلامبالاة:
-وجوزها هيبحث ليه،هما يعني هياذوهم؟
دول كل اللي هيعملوه إنهم هياخدوا لها كام صورة هي وبنتها وهما داخلين الأوتيل ويبتزوا جوزها بالصور وخِلص الموضوع
واسترسلت بتهاون:
-من الآخر كدة الموضوع تافه ومش محتاج قلقك ده كله
طب ولما هو موضوع تافه زي ما بتقولي كدة،يدوكي مليون دولار بتاع إيه؟سؤال حكيم أطلقهُ ذاك الرجل فتحدثت هي بايضاح:
-ما أنا قُلت لك إن جوز الست منصبه كبير في مصر والناس دي محتاجين يبتزوه علشان يخلص لهم شغل
مال علي الطاولة وتناول زجاجة مشروب وافرغ من محتواها داخل الكأس وتناولة ليتجرعهُ علي دُفعةٍ واحدة ثم سألها مستفسراً:
-إنتِ وصلتي للناس دي إزاي يا ناهد؟
أجابتهُ وهي تُقرب كأسها إليه ليُفرغ لها من الزجاجة:
-وحياتك هما اللي وصلوا لي،كنت سهرانة في بار من حوالي تلات شهور،ولقيت واحد جه قعد قدامي وبدون مقدمات قالي إيه رأيك تاخدي مليون دولار مقابل مهمة سهلة أوي وكل مصاريفك لحد المهمة ما تتم علينا وخارج الحساب،وهو اللي دلني علي شِلة الستات المرفهة اللي دخلت بيهم علي اللي إسمها ليالي،
سألها باستفسار:
-والستات ما يعرفوش عنك حاجة طبعاً؟
أجابتهُ بإبانة:
-طبعاً،كل اللي يعرفوه عني إني إسمي خديجة الراوي،وبعدين الفلوس الكتير اللي كنت بصرفها والحفلات اللي كنت بعملها لهم خلتهم يثقوا فيا في مدة قصيرة جداً،لدرجة إني كتير كنت ببات عند بعضهم في بيوتهم
ده اللي راسم الخطة دي الشيطان يتعلم منه…قالها بإعجاب فأطلقت تلك المُنحلة ضحكة عالية واكملا سهرتهما
❈-❈-❈
في اليوم المشؤوم
دقت الساعة لتعلن عن وصولها إلي الثامنة مساءاً
نزلت ليالي من الأعلي بكامل أناقتها وبرغم إصرارها العجيب علي الخروج إلا أن الإرتباك كان ظاهراً عليها وبشدة وكأن الشيطان يقودها إلي الهلاك عنوةً عنها،وجدت أيسل تنتظرها بأسفل الدرج والقلق يسيطر علي كل ذرة بجسدها،هتفت ليالي متسائلة بنبرة لائمة:
-لسة بردوا مصممة علي رأيك يا سيلا؟
من فضلك يا مامي بلاش تخرجي،أرجوكِ…كلمات نطقتها الصغيرة بعيناي متوسلة قابلتها ليالي بتملُل قائلة:
-تاني يا سيلا،هتعيدي كلامك ده تاني حتي بعد ما جهزت نفسي
يا مامي أنا خايفة عليكي…قالتها بضعف واكملت بارتياب:
-تعرفيهم منين الناس دي علشان تأمني لهم بالشكل ده وتخرجي تسهري معاهم من غير الحراسة؟
هتفت بتأفف:
-سيلا،أنا حقيقي زهقت من كُتر ما سمعت منك الكلام ده،إنتِ ما زهقتيش؟
هتفت الصغيرة بعيناي يملؤها الخوف:
-يا مامي لية مش قادرة تفهمي إني خايفة عليكي
تحدثت بتمني:
-طب ما تيجي معايا،علي الأقل ننبسط مع بعض ونغير روتين الحياة بدل الملل ده
ريحي نفسك يا مامي،أنا لا يُمكن أعمل حاجة من غير ما أخد فيها إذن بابي…هكذا نطقت الصغيرة،فتنهدت ليالي وتحدثت:
-ديچا هتزعل جداً،دي لسة مكلماني وأنا بلبس فوق وأكدت عليا حضورك علشان تتعرفي علي بنتها وأنا أكدت لها إنك جاية معايا
إستمعت إلي رنين هاتفها فتحدثت:
-دي خديجة،أكيد العربية قربت
ردت عليها فأخبرتها باقتراب السيارة وبأن تستعد،أغلقت معها واستدعت العاملة قائلة:
-هيا هيلن،فلنبدأ بخطتنا الآن،أسرعي وحاولي فُكاك صامولة خرطوم الغاز الموصولة بالموقد
وأشارت إلي غرفة جانبية:
-أنا سأتواري خلف هذا الباب وأنتِ أخرجي إلي حارس البوابة الخلفية واستدعيه بذُعر وأخبريهِ بأن هُناك مُشكلةٍ ما وبأنكِ لا تستطيعين السيطرة علي رائحة الغاز المتسرب
أومات لها العاملة وتحدثت أيسل وهي تقترب من والدتها وتحتضنها:
-خلي بالك من نفسك يا مامي،وماتتأخريش علشان مش هنام غير لما تيجي
أجابتها سريعاً وهي تضع قُبلة فوق وجنتها:
-مش هتأخر يا قلبي،علي الساعة 12هكون هنا
واسترسلت بعيناي حانية وهي تتحسس وجنتها الناعمة وكأنها تودعها:
-خلي بالك من نفسك يا سيلا
وإنتِ كمان يا مامي…هكذا نطقت الصغيرة بتوصية وعيناي متألمة
بعد قليل دخل حارس البوابة الخلفية للحديقة من الباب ومنهُ إلي المطبخ بعدما ألقي التحية علي أيسل الواقفة بارتباك فسرهُ الحارس أنه جراء تسريب الغاز،تحركت ليالي وهي تتسحب علي أطراف أقدامها وألقت قُبلة في الهواء لإبنتها وخرجت سريعاً بعدما ضغطت علي رقم السائق التي بعثتهُ لها خديجة فتحرك الرجل ووقف أمام البوابة مباشرةً واستقت ليالي السيارة التي إنطلقت بسرعة الصاروخ وبحرفية
خرج الحارس من المطبخ وتحدث إلي أيسل باحترام:
-ما تقلقيش يا دكتورة،دي الصامولة اللي في نهاية الخرطوم كانت مفكوكة وأنا ربطها كويس
إستمع الجميع إلي رنين جرس الباب فذهبت هيلن وفتحت الباب،دخل إيهاب متسائلاً باستفسار:
-فيه إيه يا دكتورة؟
إيه القلق اللي في الڤيلا ده؟
ثم نظر إلي حسين وتحدثت بصرامة:
-وإنتَ سايب مكان حراستك وقاعد هنا بتعمل إيه؟
أجابته أيسل بارتياب:
-إحنا اللي ندهنا له يا إيهاب،ماسورة الغاز كانت بتسرب وأنا قلت لهيلن تخليه ييجي يشوف فين المشكلة
هتف إيهاب وهو ينظر إلي حسين:
-طب اتفضل يا أستاذ علي البوابة وتاني مرة ما تسيبش مكانك لوحدة،مصطفي سمع صوت عربية من شوية قدام البوابة
أومأ الشاب قائلاً:
-طالع حالاً
خرج الشاب وتسائل إيهاب مستفسراً:
-الهانم فين يا دكتورة؟
إبتلعت لُعابها وتحدثت بارتباك ظهر عليها:
-مامي فوق بتاخد شاور
إنتِ كويسة؟هكذا سألها فأومأت قائلة:
-إتخضيت بس شوية من ريحة الغاز
أومأ لها وتحدث وهو ينسحب إلي الخارج:
-تمام،ياريت تقفلوا البيبان كويس،تصبحي علي خير
وإنتَ من أهله يا إيهاب…قالتها بتيهة وتحركت خلف إيهاب وقامت بغلق الابواب جيداً بعد خروجهُ وجرت إلي الاعلي وهاتفت والدتها التي تحدثت من داخل السيارة واخبرتها أنها بخير
بعد قليل توقفت بها السيارة أمام أحد الفنادق الفاخرة ترجلت من السيارة وخطت للداخل،وجدت تلك الخديجة بانتظارها داخل رواق الفندق،إستقبلتها وصعدا بالمصعد الكهربائي وسألتها خديجة بنبرة حادة:
-ما جبتيش البنت معاكِ ليه؟
ابتسمت لها تلك البلهاء وتحدثت بلامبالاة:
-فضلت أقنع فيها لأخر لحظة لكن رفضت
تأففت تلك المرأة وتحدثت وهي تهز رأسها بضيق خشيةً من أن يمتنع الرجل عن تسليمها المبلغ كاملاً لعدم سير الإتفاق كما كان متفق عليه:
-مكانش لازم تسيبي البنت لوحدها أبداً
يعني هجيبها معايا غصب عنها يا ديچا… قالتها بتأفف ثم تساءلت مُستفسرة:
-هو إنتوا ليه عاملين السهرة في أوتيل ومش عاملينها في بيت حد منكم زي كل مرة؟
تغيير…قالتها بلامبالاة وبعدها توقف المصعد وتحركتا في طريقيهما إلي ال Suite التي فتحت بابهُ الموصد بالبطاقة المتواجدة بيدها ثم دخلت وتحدثت وهي تُشير إلي تلك الليالي:
-إدخلي يا لي لي
دخلت تتلفت حولها وتحدثت باستغراب:
-هو مفيش حد وصل من البنات غيرنا ولا إيه؟!
أجابتها بنبرة زائفة وذلك بعدما هاتفتهم وقامت بإلغاء الميعاد والإعتذار منهن وتحججت بتعبها:
-زمانهم علي وصول خلاص
واسترسلت وهي تلتقط إحدي زجاجات العصير وتُفرغ من محتواها داخل الكؤوس:
-تعالي نشرب عصير تفاح علي ما يوصلم
نظرت ليالي إلي التجهيزات بتمعُن،وجدت الكثير من زجاجات العصائر المتنوعة لتناسب جميع الأذواق،وأنواع كثيرة من المقرمشات والمكسرات وسلة بها الكثير من فاكهة الموسم المتنوعة،تناولت منها كأس العصير وبدأت بالإرتشاف منه،وما أن وصلت إلي شُرب نصفهُ حتي شعرت بالدوار وأمسكت رأسها وتحدثت بعدما شعرت بالخوف يتسللُ داخلها للحظة:
-هو فيه إيه،أنا إيه اللي بيحصل لي
واسترسلت بعدم إتزان وهي تنظر لصورة تلك الواقفة تراقب بشدة حركتها:
-إنتِ عملتي فيا إيه؟سيلا
نطقت إسم صغيرتها بارتعاب فأسندتها تلك المخادعة وساعدتها علي الوصول لأقرب مقعد وما أن جلست عليه تلك المسكينة حتي شعرت وكأن خيمةٍ سوداء تقتحمُ عيناها وتهاجمها بكُل قساوة،حاولت المقاومة لكنها فشلت فتنهدت بألم ثم استسلمت وخرت فاقدة الوعي جراء تأثير الحبوب المنومة الموضوعة داخل المشروب
أمسكت المرأة هاتفها وتحدثت إلي أحدهم قائلة بارتباك:
-يلا تعالي
وما هي إلا دقائق وكان الباب يقرع ودخل منه رجلان كُلٍ منهما يحمل حقيبة بيده حيثُ كان يسكنان الجناح المجاور وينتظران لإكمال الخطة،وتحدث أحدهما بنبرة حادة بعدما أغلق الباب برفق:
-فين البنت؟
إعتذرت في آخر لحظة…هكذا أجابته فنهرها بنبرة غاضبة:
-بس ده مكانش إتفاقنا،إحنا كُنا عاوزين البنت تيجي لأن وجودها أهم عندنا من حضور أمها
هتفت باعتراض غاضب:
-أنا عملت كُل اللي طلبته مني ومش مسؤلة عن النتيجة.
ناولها إحدي الحقائب وتحدث باحتدام علي عُجالة:
-خدي فلوسك،ولو إنك ما تستحقيهاش،ومن هنا علي المطار حالاً،وياريت تلزمي المكان اللي هتقعدي فيه لحد الأمور ما تهدي
للحظة شعرت بتأنيب الضمير وهي تنظر إلي تلك المستلقية كالأموات فوق المقعد وتساءلت بنبرة توحي إلي شعورها باللوم لحالها:
-إنتوا هتعملوا فيها إيه؟
وإنتِ مالك،إنتِ مش خدتي فلوسك،يلا علي برة وزي ما قولت لك قبل كدة،لو حد وصلك وجبتي سيرتنا،ماتلوميش غير نفسك علي اللي هيجرا لك مننا،مفهوم…قالها بحِدة وعيناي ساخطة
إبتلعت لُعابها وألتقطت الحقيبة منه وهرولت إلي الخارج في حين تحدث الرجل الآخر بعجالة:
-يلا بسرعة قبل ما حد ياخد باله،وخد تليفونها وافصله الأول
إنتهاء الفلاش باااااك
عودة إلي الحاضر
كانت تقص علي والدها ما حدث من خلال الهاتف،وانتهت بالسرد عند نقطة خروج والدتها من المنزل ومحادثاتها بعدما رحلت بالسيارة ومن بعدها أُغلق هاتفها إلي الآن
كانت تتحدث بشهقاتٍ عالية تُدمي القلوب،هَمس كامل بجانب أذن إيهاب بنبرة مستاءة بعدما أستمع إلي ما حدث:
-مستقبلنا المهني هيضيع وسمعتنا هتبقي في الارض بسبب إستهتار ست غير مسؤلة
رمقهُ إيهاب وتحدث:
-وطي صوتك للبنت تسمعك
هتفرق إذا سمعت ولا لا،كدة كدة ياسين المغربي هينفينا ورا الشمس وهيضيع مستقبلنا،أصبر لما ييجي وهتشوف بنفسك…كلمات محبطة نطقها كامل بنبرة بائسة
بالنسبة لذاك الذي يستمع إلي بكاء صغيرتهُ وضعفها وهي تقص عليه ما حدث بانهيارٍ تام،شعر بضعفهِ وقلة حيلتهُ حيال إبنته ودموعها التي تنزل علي قلبهِ كسوطٍ تجلدهُ بمنتهي القساوة،وايضاً زوجتهُ التي لا يعلم إلي أين أستقرت الآن،وهل مازالت بخير أم أن أصابها مكروهٍ لا سمح الله
بصعوبة أخرج صوتهُ وتحدث قائلاً بنبرة حنون:
-إهدي يا قلبي وأنا جاي لك علي طول
واسترسل بهدوء:
-إديني كامل
أطاعته وناولت الهاتف الى ذاك الكامل الذي تناوله وتحدث بنبرة خَجلة لشعورهُ بالتقصير:
-أوامر جنابك يا باشا
هتف ياسين متسائلاً بنبرة جادة:
-فرغت الكاميرات وجبت لي بيانات العربية اللي أخذت الهانم؟
أجابه بنبرة عملية:
-فرغتها بناءاً علي أوامر معالك وكُل البيانات جاهزة يا باشا
عقب بعُجالة:
-طب إبعتها لي حالاً على الواتس وأنا هتصرف يا كامل
بالفعل أغلق معهُ وبعث له بجميع المعلومات التي حصل عليها من خلال تفريغه لكاميرات الباب الخلفي وحولها ياسين لرجال الجهاز المتواجدون بالفعل بدولة ألمانيا يتابعون عملهم المكلفون به من قِبل الجهاز كحال كل دول العالم،وبدأوا بالبحث بطرقهم الخاصة
❈-❈-❈
داخل منزل رائف،وفي تمام الساعة الخامسة فجراً،نزلت مليكة إلي الأسفل حيثُ لم يعُد فيها الإنتظار أكثرُ بعد ويرجع ذلك لشدة رُعبها،وقفت أمام باب الحُجرة الخاصة بثريا ودقت بابها،إستمعت إلي صوتها وهي تسمح للطارق بالدخول،فتحت الباب وجدت تلك الخلوقة تجلس فوق سجادة الصلاة مُمسكة بمسبحتها تستغفر وتدعوا الله أن يحفظ أحبتها،قطبت جبينها وتحدثت بارتياب:
-خير يا بنتي؟
تقدمت مليكة بإرهاق ظهر بَيِنّ فوق ملامحها وجلست فوق المقعد المقابل للسجادة فعلمت ثُريا حينها أن هُناك أمراً جلل قد حدث،فتحدثت مليكة بأنفاسٍ متقطعة من شدة إرتيابها:
-فيه حاجة حصلت وحضرتك لازم تعرفيها
إتسعت عيناي ثُريا وتسائلت بارتعاب:
-حد من الولاد جرا له حاجة؟
الولاد بخير إطمني…هكذا طمأنتها وبدأت تُسرد عليها ما حدث لتحمل معها ذاك العبئ الثقيل،تحدثت ثُريا بنبرة قلقة للغاية:
-جيب العواقب سليمة يارب،هتكون راحت فين المجنونة دي في الوقت المتأخر ده؟
رفعت منكبيها لأعلي في إشارة بعدم معرفتها فسألتها مستفسرة من جديد:
-طب كلمتي ياسين تاني؟
اجابتها بإبانة:
-كلمته من ربع ساعة وتليفونه كان مشغول،وبعدها بعت لي رسالة علي الواتس من رقمه التاني قال لي إنه بيكلم أيسل وبيفهم منها اللي حصل
نطقت بحكمة وتعقُل:
-سيادة اللوا لازم يعرف علشان يلحق يتصرف ويعمل إتصالاته،مهما كان هو منصبه كان أعلي من ياسين وليه معارف مهمين في البلد وأكيد هيقدروا يساعدوا ويعرفوا مكان ليالي
أومات لها فاسترسلت بتوصية:
-إتصلي بيه الوقت وبلغيه،زمانه صاحي لصلاة الفجر
حاضر يا يا ماما…هكذا اطاعتها ورفعت هاتفها التي كانت تمسكه بيدها وطلبت رقم والد زوجها الذي كان يعود إلي تخته من جديد بعدما أدي صلاة الفجر وسبح لله العظيم،رد بعجالة بعدما شاهد إسم مليكة،فقصت لهُ ما حدث تحت هلعهُ وتحدث سريعاً بعدما إستمع إلي مكالمة علي خاصية الإنتظار:
-خليكي معايا يا مليكة علشان ياسين بيرن عليا
ضغط الزر المسؤل عن تحويل المكالمة ونطق بقلبٍ مرتعب:
-إيه اللي مليكة حكتهُ لي ده يا ياسين،ليالي فين وإيه اللي حصل لها،وأيسل مع مين الوقت؟
واسترسل مؤنباً إياه بصياحٍ حادّ:
-وإزاي أصلاً تخرج من البيت لوحدك في وقت زي ده من غير ما تبلغني واكون معاك خطوة بخطوة؟
تنهد بألم لعدم إجابات لديه لكل تلك الأسئلة التي طرحها عليه ذاك المُرتعِب،شعر والدهُ بتخبُط روحهُ فتحدث متسائلاً إياه بهدوء:
-إنتَ فين يا ياسين؟
عقب بصوتٍ إنهزامي:
-قاعد في مطار القاهرة مستني ميعاد الطيارة
واسترسل شارحاً بصوتٍ يتمزق ألماً:
-وحقك عليا بس أنا ما حبتش أقلقك،قُلت أستني لما تصحي لصلاة الفجر وابلغ جنابك
تفهم موقفهُ ثم سأله بجدية:
-كلمت رئيس الجهاز وحكيت له؟
عقب بإبانة:
-ما أنا بتصل بحضرتك علشان كدة،أنا هحكي لك اللي سيلا قالتهُ لي وسعادتك بلغهُ بيه
وافقه الرأى وبدأ ياسين بإخبارهُ بما أبلغتهُ بهِ صغيرتهُ،أما مليكة فقطعت الإتصال وأردفت بايضاح موجهةً حديثها إلي تلك التي تنظر لها بترقُب:
-شكله هيطول في الكلام مع ياسين،أكيد بيحكي له اللي حصل
هتفت ثريا بملامح وجه مشوشة:
-ربنا يستر،ليه كدة بس يا ليالي،ليه يا بنتي تعملي كدة في نفسك وفينا
إنتفض قلب مليكة ورُغماً عنها نزلت دموعها رغم محاربتها لشعور البكاء الذي يراودها بقوة إلا أنها لم تنصاع لرغبتها وهرولت تجري فوق وجنتيها عندما هاجمتها فكرة أن يكون حدث مكروهاً لها
تنهدت ثُريا بأسي وتحدثت إلي تلك الباكية:
-صلي علي النبي كدة وإمسحي دموعك وإدعي لها،إن شاء الله هتبقي كويسة
هزت رأسها عدة مرات وأردفت بصوتٍ مُختنق بفضل الدموع:
-يارب يا ماما،إدعي لها ترجع علشان ولادها
مر الوقت ببطئٍ شديد علي جميع من يعلمون بما حدث،الكُل يتأذي وينتظر بقلوبٍ مُلْتاعة من شدة الترقب والقلق،يناجون الله بأن يتلطفُ بهم وتعود تلك المتمردة سالمة،وصلت الساعة إلي الثامنة صباحاً،وكانت مليكة تجلس بصحبة ثُريا بالبهو ينتظرون بقلوبٍ تحترقُ مكالمة من ياسين لتطمأن قلوبهم بها
بناءاً علي أوامر ياسين هاتفت مدرسة طفلاها واعتذرت عن حضورهما اليوم وايضاً فعل عز هذا مع أطفال المنزل بأكمله
تحدثت ثريا إلي مليكة:
-هو كل ده ياسين لسة ما وصلش؟
أجابتها بأرق ظهر عليها:
-فاضل حوالي ساعة ويوصل المطار،أول ما يوصل هيفتح تليفونه وهنعرف
قالت كلماتها وهبت واقفة وتحدثت بانزعاج:
-أنا هروح أشوف عمو عز،أكيد عرف حاجة من مصادره يطمنا بيها
شعرت بوخزة لأجل إبن عمها،كَمّ كانت تود الذهاب إليه للوقوف بجانبهِ وللتخفيف من حِدة ألمه والارتياب علي زوجة إبنه وكل غواليه،لكنها لن تفعلها بالتأكيد لعِدة أسباب،واهمهم عدم فتح ذاك الباب التي أغلقته بوجه تلك المنال،تنهدت بألم فتحدثت مليكة وهي تُشير إلي تلك الغُرفة الجانبية حيث جعلت مني تحمل الصغير وتُجلبهُ ليغفو بالقريب منهما:
-إبقي خلي مُنى تبص علي عز ليصحي يا ماما،وأنا مش هتأخر
قالت كلماتها وانسحبت إلي منزل والد زوجها،قابلت لمار في الحديقة حيث كانت تتجه إلي الجراچ لتستقل سيارتها وتذهب بصُحبة وليد لإستقبال أول شُحنة تحمل ما سعت المنظمة إلي تحقيقهُ مُنذ دخول تلك اللمار لهذا المنزل
تحدثت بترقُب إلي ملامح مليكة التي بدا عليها القلق والتوتر والأرق أيضاً:
-إنتِ مش رايحة الشركة النهاردة ولا إيه يا مليكة؟
أجابتها بنبرة حريصة بناءاً علي تعليمات ياسين السابقة:
-كنت هروح لكن لقيت نفسي تعبانة،فقُلت أقعد أرتاح
أردفت بتساؤل خبث للإستعلام عن سبب مجيأها فهي تعلم أن ياسين علم بأمر خروج زوجته وبالتالي فلابد بأن تلك الخبيثة تعلم أيضاً:
-لو داخلة لطارق فهو لسة متحرك علي الشركة من شوية
بهدوء أجابتها:
-أنا داخلة لعمو،بعد إذنك
نطقت كلماتها وانصرفت من أمامها مما جعل القلق ينهش بقلب تلك اللمار التي إستقلت سيارتها وتحركت تحت المراقبة الدقيقة لأتباع كارم لها،حاولت الإتصال علي عزيز لتستفهم منه عما حدث وتسبب في حالة من القلق داخل المنزل شعرت بها،لكنه لم يجب مما جعل الرُعب يتسلل لداخلُها
دخلت مليكة وجدت منال تجلس ببهو المنزل بملامح وجه غير ساكنة وكأن قلبها يشعر بشئٍ ما،سألتها عن عز وأبلغتها أنها تريدهُ في أمرٍ هام فوجهتها إلي مكوثهُ في المكتب مُنذٌ السادسةٍ صباحاً وسألتها عن ما إذا كان يوجد أمر يجب عليها معرفتهُ بخصوص مجيأها وجلوس عز داخل مكتبهُ وتناولهُ للقهوة المُرة ورفضهِ لتناول الطعام وأيضاً قرارهُ المُفاجئ بعدم ذهاب أطفال المنزل إلي دوامهم المدرسي،فادعت مليكة بعدم معرفتها بشئ وأن الأمور تبدو طبيعية برغم القلق الذي بدا علي ملامحها ولم تستطع تخبأته
ودخلت إلي عز وأحكمت غلق الباب خلفها ثم سألته بنبرة يُغلفها الهلع التي لم تستطع التحكم به:
-في جديد يا عمو؟
بيأسٍ شديد هز رأسهُ نافياً وتحدث بنبرة إنهزامية:
-لسة يا بنتي،ياسين بعت بيانات العربية للرجالة عندنا وهما شغالين وإن شاء الله يقدروا يوصلوا لمكانها
إن شآء الله يا عمو،إن شآء الله…كلمات نطقتها قبل أن تهجم تلك المنال مقتحمةَ عليهما الغرفة بعدما شعرت بالريبة تتسللُ لقلبها وهتفت متسائلة بعيناي ينهشهُما القلق:
-هو فيه إيه؟
إنتوا مخبيين عليا حاجة؟
وليه منعت الولاد يروحوا المدرسة النهاردة؟
ثم نظرت إلي عز واستعطفتهُ عيناها:
-شيرين حصل لها حاجة يا عز؟
أغمض عيناه بألم ظهر علي ملامح وجههُ مما جعل منال تتسائل صارخة:
-بنتي فيها إيه؟،رد عليا يا عِز
بنتك بخير…كلمة نطقها بصوتٍ مُنكسر مما دب الرعب داخلها أكثر وجعلها تترنح بوقفتها،هبت مليكة واقفة واسندتها وتحدثت وهي تُقربها من المقعد:
-إقعدي يا طنط وحاولي تتماسكى
نظرت لها وهي تجلس وسألتها بعيناي مترجية:
-طب قولي لي إنتِ إيه اللي حصل يا مليكة
ليالي خرجت من ورا الحرس إمبارح المغرب ومارجعتش لحد الوقت يا منال…كلمات قالها بصرامة جعلت تلك الجالسة تدب فوق صدرها وتصيح متسائلة بذهول:
-يادي المصيبة،ما رجعتش لحد الوقت إزاي؟
واسترسلت مستفهمة:
-وياسين فين؟
أجابتها مليكة بإبانة:
-ياسين سافر لها بعد ما أيسل إتصلت بيه الساعة تلاتة الفجر
جحظت عيناها وهتفت بحِدة غاضبة:
-تلاتة الفجر!الدنيا مقلوبة من تلاتة الفجر وأنا نايمة علي وداني ومحدش يقول لي؟
واسترسلت لائمة:
-إنتوا ناسيين إن ليالي دي تبقي بنت أخويا ولا إيه؟
طب وسيلا،مين موجود معاها هناك؟
هتف محذراً بعيناي تطلق شزراً:
-إهدي ووطي صوتك علشان ما حدش من أهل البيت يحس،إحنا لحد الأن مش عارفين أي تفاصيل عن اللي حصل ومش عاوزين شوشرة
واسترسل وهو يُشير أليها بهدوء:
-كُل المطلوب منك الهدوء والحذر من الكُل،وخصوصاً اللي إسمها لمار
لمار…كلمة نطقتها بتيهة فاسترسل هو تحذيراتهُ:
-أنا نبهت علي الحرس إن مفيش حد يخرج من البيت نهائي،وإنتِ إخرجي وتابعي البيت وحاولي علي قد ما تقدري إنك ما تظهريش حاجة قدام أي حد،لغاية مانقدر نوصل لمكان ليالي
❈-❈-❈
وصل ياسين إلي المطار ومنهُ إلي المنزل كي يطمئن علي إبنته ويُطمئِن هلعها،وما أن ظهر من البوابة الداخلية حتي قفزت تلك الباكية وهرولت إليه لتُلقي بحالها داخل أحضان والدها علهُ يُزيل ما أصابها من فزعٍ،تحدثت وهي تقبض بقوة علي ملابسهُ وتُدخل حالها داخل صدرهُ بشدة وكأنها تختبئ داخل أحضانهُ مما ينتظرها:
-رجع لي مامي يا بابي،أنا خايفة عليها قوي
بقلبٍ يتمزق جراء بكائها تارة وجراء شعورهُ بالعجز حيال ما يحدث تارةً أخري أجابها وهو يشدد من إحتوائهُ لجسدها المنتفض داخل أحضانهُ الحانية:
-ما تخافيش يا قلبي،مامي هترجع وهتبقي كويسة،وده وعدي ليكي
بجد يا بابي…جُملة مُتلهفة نطقتها الفتاة
أومأ لها وتحدث ليُطمئن روعها رغم ما بداخلهِ من شعور بالخزي والرُعب من القادم:
-بجد يا حبيبتي
نطقت بنبرة متلهفة وكأنها تذكرت أمراً ما:
-بابي،اللي ورا موضوع مامي هو نواف العبدالله
ضيق عيناه بتفكُر ثم نطق بتأكيدا:
-الموضوع شكله أكبر من تفكير شاب تافه زي نواف يا سيلا
يا بابي أنا متأكدة،هو هددني وقال لي إنه هيخليني أندم وارجع له زاحفة…هكذا صاحت بتوضيح وعينان تترجياه بأن يأخذ حديثها علي محمل الجد
إشتعلت النار بداخل عيناه وسألها بنبرة حادة:
-قال لك إمتي الكلام ده؟
واسترسل مستفهماً:
-قبل ما أقابل سفير بلده؟
نطقت نافية:
-لا يا بابي،ده قبل ما أنزل أجازة العيد علي طول
وما قلتليش ليه؟…هكذا سألها فأجابت بدموع خجِلة:
-مامي حذرتني من إني أبلغك علشان مش تزعل مني
رفع كفاه وأمسك بهما شعر رأسهُ وأرجعهُ للخلف بقوة كادت أن تقتلعهُ من جذورهُ وقام بغلق عيناه وبات يدور حول حالهِ ثم تحدث وهو يجز علي أسنانهِ بطريقة تعبر عن مدي النار المشتعلة داخلهُ من تصرفات تلك البلهاء:
-ليه كدة يا سيلا ليييييييه
إنكمشت الفتاة علي حالها وتحدثت بدموعها المنهمرة وهي تضع كفاها علي فمها:
-أنا أسفة يا بابي،أنا أسفة
نظر لها وهز رأسهُ بأسي وبعجالة أمسك هاتفهُ وتحدث إلي السفير المصري وقص له ما حدث ثم هتف بنبرة غاضبة:
-قسماً برب العزة يا أفندم لو الولد ده طلع ليه يد في خطف مراتي ما هعمل إعتبارات لأي أعراف دولية ولا حتي لعلاقات أخوية بين الأشقاء
هتف السفير علي عُجالة في دعوة منه للتروي:
-إهدي يا سيادة العميد وانا هتابع الموضوع وهرد عليك حالاً
واسترسل برجاء:
-بس أرجوك تحاول تتمالك أعصابك لحد ما أتواصل مع الاخ السفير
وافقهُ ياسين وتحدث بالفعل السفير إلي سفير البلد الشقيق الذي هاتف نواف علي الفور وأجابهُ الفتي بنبرة صادقة:
-إيش هذا الكلام اللي قاعد تقوله يا حضرة السفير،الله يشهد إني ما لي أي علاقة باللي حصل لأم أيسل
واسترسل نافياً:
-أنا ماني بهذا الغباء كيف أورط نفسي بمصيبة مثل هاذي
أكيد يا نواف مالك علاقة يا ولدي؟… سؤال طرحهُ السفير ليتأكد قبل أن يُبلغ نظيرهُ المصري بنتيجة المحادثة فأجاب نواف بصدقٍ وتأكيد:
-وراس أبوي مالي علاقة
واسترسل صادقاً:
-ولو سيادة العميد يرضى أقف وياه واساعده بالفلوس لحتي يلقى زوجته ما رح أتأخر
هتف السفير محذراً إياه بنبرة صارمة:
-لا تساعد ولا شي، الموضوع شكله كبير وخلينا بعيد أحسن،إياك تدخل أو تتكلم مع أحد في هذا الموضوع يا نواف
واسترسل مؤكداً عليه:
-كلامي واضح يا نواف؟
واضح يا حضرة السفير،واضح…هكذا أجاب وأغلق بعدها وتحدث لحاله بسُخطٍ:
-شو هالمصايب اللي بتتحدف علي الواحد من وش الصبح يا ربي،قال خطف وما أدري شو،ما كان ناقصني غير مشاكل أمها لأيسل كمان، يارب صبرني
اغلق معه السفير وهاتف نظيرهُ المصري الذي أبلغ ياسين بكل ما جري واكد له عدم تورط المدعو نواف العبدالله بالموضوع
❈-❈-❈
داخل ميناء الأسكندرية التجاري،تقف لمار بجانب وليد في إنتظار إنتهاء الأوراق الخاصة بتخليص الشُحنة التي إنتظرتها جماعتها منذُ الكثير،وقد قامت بتقديم الكثير من الأموال إلي بعض الموظفين معدومي الضمير ليقوموا بتسهيل الإجراءات وعدم تفتيش الشحنة،تحدث وليد بنبرة جشعة كي يجعلها تطمأن له:
-الشُحنة المرة دي كبيرة مش زي كُل مرة،وبيتهيئ لي إنك لازم تفكيها عليا شوية وتزودي لي العمولة
بإبتسامة زائفة أجابتهُ:
-من غير ما تقول يا وليد،أنا اللي يشتغل معايا يشوف الهنا كله
واسترسلت بتذكير:
-وأظن إنتَ شفت عمولتك من الشُحنة اللي فاتت كانت قد إيه
أومأ لها وتحدث ليُطمئنها:
-الحقيقة شفت يا لمار،وفعلاً إنتِ وفيتي بوعدك ليا
تحدثت بنبرة ظهر عليها التردُد:
-بس أنا طالبة منك خدمة صُغيرة وفي المقابل هتاخد مبلغ لما تسمع الرقم بتاعه هتنذهل
إبتلع لُعابهُ وانتظر متلهفاً ليتأكد من صحة حديث ياسين،حيثُ أبلغهُ قبل يومان بأنها ستأتي إليه وتطلب مساعدتهُ،فتحدثت هي:
-عوزاك تتفاهم مع حارس مخازن الشركة بإنه يسهل لرجالتي الدخول
ضيق عيناه فتحدثت سريعاً كي لا تدع لعقلهِ بأن يتفكر:
-بصراحة كدة يا وليد شُحنة الأجهزة دي نادرة وأصلية مية في المية،وأنا بصراحة فيه عندي شُحنة بنفس المواصفات بس مش بنفس الجودة،وفرق السعر ببنهم رهيب
واسترسلت بايضاح زائف:
-أنا محتاجة مساعدتك في إنك تقنع الحارس يخلي الرجالة يدخلوا النهاردة بالليل ويبدلوا كراتين الشُحنة اللي جوة المخزن بالشُخنة اللي هتكون محملة في العربيات
وهدي له مية ألف جنية…هكذا نطقت
مية ألف للحارس؟ هكذا سألها بعيناي متسعة فأجابته لتشجيعهُ علي القبول لعلمها عشقهُ الشديد وجشعهُ تجاه المال:
-طبعاً يا وليد،ده أنا وإنتِ هنكسب مش أقل من عشرة مليون من ورا الموضوع ده
عشرة مليوووون…هكذا تحدث بذهول فتحدثت هي لتزيد من طمعهِ:
-ليك منهم خمسة يا وليد لو قدرت تقنع الحارس
إعتبريه إقتنع خلاص والشُحنة إتبدلت…جُملة نطقها بتأكيد فابتسمت بحبور وتنفست بانتصار،وجاء الموظف المسؤول وسلمها الأوراق المختومة وبدأت المعدات بتحميل الشُحنة إلي السيارات الخاصة إستعداداً للخروج من الميناء
❈-❈-❈
داخل مكتب عز،كانت مليكة ومنال مازالاتا تجلستان أمام سيادة اللواء عز المغربي في إنتظار أية خبر يُطمأن قلبيهما علي تلك الغائبة،إستمعت منال إلي رنين هاتفها فنظرت بشاشتهِ وتحدثت إلي عز بتعجب:
-دي قسمت اللي بتتصل،غريبة قوي إنها تتصل بيا في وقت زي ده
أردف عز قائلاً بنبرة جادة:
-ردي عليها شوفيها عاوزة إيه،بس إوعي تجيب لها سيرة اختفاء ليالي
حاضر…هكذا أجابته واجابت علي تلك القسمت قائلة بنبرة جاهدت في إخراجها هادئة:
-صباح الخير يا قسمت
تحدثت قسمت باستفهام:
-صباح النور يا منال،بكلم ليالي تليفونها مقفول وأيسل ما بتردش عليا،هو فيه حاجة؟
تنهدت بألم وتحدثت بنبرة حاولت جاهدت في إخراجها هادئة:
-ده ياسين عندهم من الفجر وتلاقي ليالي نايمة جنبه وعلشان كدة قافلة تليفونها،وأيسل أكيد في محاضراتها وطبيعي ما تردش
أردفت بتفهُم:
-أه،طب تمام هبقي اكلمهم بعدين،أنا أصلي كنت محتاجة ليالي ضروري في موضوع مهم،بس مش مشكلة أستناها لما تصحي براحتها
أغلقت معها وتحدثت مليكة بتوجس:
-إتصل بياسين وشوف لو وصل لحاجة يا عمو
ياسين لو وصل لحاجة مش هيستني لما أنا اتصل بيه يا مليكة…هكذا أجابها فتنهدت كلٍ منهما ووضع عز كفاه فوق رأسهُ منتظراً الخبر الذي يفرج همهم
أما بألمانيا
كان يجوب البهو وهو يتحرك ذهاباً وإياباً بتوتر ظاهراً فوق ملامحهُ مُمسكاً طيلة الوقت بالهاتف يتابع الأخبار مع رجال الجهاز المتواجدون بدولة ألمانيا وألذي أبلغهم ياسين بمشكلة زوجتهُ وتابعوا البحث بطرقهم الخاصة
إستمع إلي جرس هاتفهُ فنظر به وتعجب عندما رأي نقش إسم رئيس الجهار بذاته،علم حينها أن الأسوء قادم لا محال،أخذ نفساً عميقاً وزفره بهدوء في محاولة منه لضبط النفس وتحدث بنبرة جادة:
-أؤمرني جنابك
بنبرة جادة تحدث الرئيس:
-الرجالة قدرت تحدد مكان مراتك يا ياسين،إطلع حالاً هتلاقي رجالتنا مستنيينك في العربية واتحرك معاهم علي الاوتيل اللي العربية وقفت فيه
واسترسل شارحاً بنبرة جادة:
-إحنا لسة ما نعرفش أي تفاصيل،كل اللي قدرنا نتوصل له هي إن العربية وقفت قدام الاوتيل ومراتك دخلت جوة ومن وقتها ما خرجتش
واستطرد بنُصحٍ:
-بس أياً كان اللي هتشوفه هناك إوعي تتهور أو تتصرف لوحدك من غير ما ترجع لي،مفهوم يا ياسين؟
أوامر سعادتك يا باشا…نطقها وأنطلق مهرولاً إلي الخارج تحت صياح أيسل التي كانت تريد الذهاب بصحبتهُ للإطمئنان علي والدتها فمنعها ياسين واوصي إيهاب ورجالهُ بتأمينها جيداً حتي يعود بزوجته
إنطلقت السيارة بسرعة الصاروخ وتوقفت أمام المبني تزامناً مع وجود زحام شديد أمام الأوتيل وبعض سيارات الشرطة التي تصطف وتحاوط المكان
تحرك نحو الباب بصحبة أحد الرجال فمنعهم أحد رجال الشرطة الذي تحدث بحزمٍ بلغتهُ الأم:
-غير مسموح بالدخول أيها السادة
هتف ياسين بارتياب:
-زوجتي بالداخل،وعلي الأرجح أنتم هنا لمشكلة تخصها
نظر لهُ الرجل وتحدث شرطياً آخر كان يأتي من الداخل:
-هل زوجتك بعينها هي تلك الشقراء التي ترتدي حجاباً؟
نعم نعم هي بالطبع…نطقها بعُجاله فتحدث الضابط إلي الشُرطي:
-دعه يدخل ولا تسمح لأحد أخر بالدخول
ونظر إلي ياسين قائلاً:
-الطابق العاشر حُجرة رقم 359
علي عُجالة ركض إلي الداخل وقفز داخل المصعد الكهربائى وكانهُ يسابق الزمن،وتحرك في طريقهُ للأعلي وهو يدعو الله أن يخلف ظنهُ ولا يتحقق ما خطر ببالهِ لأنهُ لن يتحملُ بعد
توقف المصعد وهرول منه وجد تجمع كبير من الأشخاص يقفون أمام مدخل الحُجرة المذكورة فركض حتي وصل وبات يُبعد الجميع بيداه ليفسح المجال لحالهُ وكأنهُ يسبحُ ضد التيار، وأستمر هكذا حتي وجد حالهُ بالداخل،توقف بمكانهِ وكأن ساقاهُ تسمرت بأرضيهما،إتسعت عيناه بذهول وقام بوضع كفاه فوق رأسهْ وبات يهزها يميناً ويساراً والذهول وعدم التصديق والتقبُل هم سيد موقفهُ الذي لا يُحسد عليه
تري ما الذي شاهدهُ ياسين جعلهُ يصل لحالة الذهول تلك
التعليقات