التخطي إلى المحتوى

رواية الهجينة الجزء الثاني للكاتبة ماهي أحمد الفصل السادس والأربعون

شعور العجز مقيت، فهو الأن عاجز أمام رغباته،
رغبات عمار التي تزداد سوءٍ يوماً تلو الأخر يتردد الى ذهنه اخر كلماته وهو يؤمره بقت لها، ما عادا يعنيه نفسه بشىء فهو مستعد بالتضحيه بنفسه طالما عمار رغب بذلك ولكن شمس ما ذنبها. هل حقاً تستحق الم وت!
وجد نفسه ينخرط بذكرى داخل عقله وتلك الرجفه التي اصابتها عندما حاوط كفه كفها الصغير يحتضن عينه عينيه بصدق.

فاق من تلك الذكرى التي حدثت بينهما منذ ساعات قليله فوقف يتحداه مجدداً للمره الثانيه يطالع عينيه بتحدي: مش هق تلها ياعمار.

هُناك حزن يرغمك على الكلام وهناك حزن يرغمك على البكاء ولكن أشد أنواع الحزن هو ما يرغمك على الصمت، عدم البوح بما داخلك، ألم داخل صدرك، وحمل يثقل كاهلك هو الأن يجلس بداخل غرفه مظلمه، تناسبه وتناسب حالته تماماً، يتقلب على فراشه يساراً ويميناً يجاهد لأخذ حقه من النوم محاولات عده قام بها يزن لأرغام نفسه على النوم حتى تهدأ تلك العاصفه بداخل رأسه الأن ولكن محاولاته بائت بالفشل فما علمه منذ قليل لم يكن بالهين، محاولة تهدئه نفسه والتصرف بحكمه لم تجدي نفعاً، حاول التنفس وكأن أحدهم سرق أنفاسه فخرج من غرفته يبحث عن ياسين ظناً منه بأن ربما لديهِ الحل قام بمهاتفته ولكن دون أجابه لم يمنعه ذلك من البحث عنه ظل يسير هنا وهناك لا يعلم الى أين ستأخذه قدماه كل مايريده هو التقاط بعض من أنفاسه الهاربه وايجاده لا يعلم كيف قادته قدماه أمام مقبرته، مقبرة نصفه الأخر ورفيق دربه، وجد ياسين يقف هناك أمام المقبره يتحدث الى الفراغ أمامه قائلاً بضجر بنبره تحمل من الغض ب ما يكفي: قولتلك مش هق تلها.

قال جملته بصوتٍ مزعج. نبره خشنه. لم يستطع يزن تمييز ما قاله فأنكمش حاحبه بريبه مما يحدث وعاد خطوه للخلف فانزلقت أحدى قدميه بصخره استدار ياسين بجسده يطالعه وهو يعود للخلف ووجهُ مقابل لهُ يوجه له حديثه: أنتَ كنت بتكلم مين ياياسين.
رأى ياسين الذعر على ملامح وجهُ، حاول أن يطمئنهُ محارباً خوفه الذي وصل ذروته استدار ينظر أمامه من جديد فلم يجد عمار تنفس بعمق وهو يستنكر ما قاله يزن للتو: تقصد ايه؟

رفع ذراعه للأعلى وهو يشير بأصبعه على اللوح الرخامي: أنتَ كُنت لسه حالاً بتبص للوح الرخامي اللي مكتوب عليه اسم عمار وكأنك بتكلمه، وقولت جمله ماقدرتش اميزها. قولت مش هقولها. او. مش عارف ماقدرتش اسمعها كويس
تطلع ل يزن وغزت ابتسامه ظهرت على فمه محاولاً بها أخفاء حقيقه ما سرده يزن للتو: من ساعه ما جيت هنا وانا بحب اجي اتكلم مع عمار في اي حاجه بحس انه موجود معايا.

حاول ياسين تغيير مجرى الحديث بسؤاله التالي: لكن أنتَ بقى أيه اللي جايبك هنا في وقت زي ده
وجه لهُ سؤاله وكأنه ينتظر فقط أن يسأله أحد ليفيض بما بداخله: أنا كمان بعمل كده لما بكون مخنوق مابلاقيش غيره اتكلم معاه، بلاقي رجلي بتجيبني هنا لوحدها وكأنها عارفه طريقها انا المفروض كنت بدور عليك جيت هنا ازاي مش عارف.

حاوطه ياسين بنظراته قبل أن يحادثه: أنا كنت حاسس أن في حاجه من وقت ما خرجنا من المستشفى، كنت حاسس بيك
فقال يزن دون تردد وهو يبتلع ريقه بنبره يملؤها التوتر: عارف، عشان كده لاجئتلك، وعارف ان عندك الحل
انكمش حاجب ياسين يطالعه باستغراب فجلس يزن بجانب اللوح الرخامي يتكأ بظهره عليه يرفع نظره يطالعه بنظره راجيه: هتساعدني ياياسين
أكد ياسين على كلمته دون تردد: أكيد لو اقدر اساعدك مش هتأخر يايزن.

قال سؤاله وهو يجلس بجواره: الأشعه طلع فيها أيه يايزن؟
كان هذا سؤال ياسين فجاوبه يزن بشفه مرتعشه لا يقدر على نطقها: كانسر
ظهر على وجه ياسين الذهول فتابع يزن حديثه: في المرحله التانيه، ساره ماينفعش يجرالها حاجه ياياسين انا فتحت عيني على الدنيا دي لاقيتها هي وعمار قدامي، ماعرفتليش لا أب ولا أم هي وعمار كانوا كل اهلي وبعد عمار هي اللي سندتني عشان اقدر اقوم على رجليا من جديد واكمل.

حرك كتفيه يسأل بعينين اوشك الحزن على قتلهما: أنتَ مش هتسمح أنها تم وت صح ياياسين
علم ياسين مقصده فأطبق الصمت. استقام يزن واقفاً أمامه يسأل بجسد يرتجف كل أنش بهِ وعينان دخلا في ملحمه عظيمه من الدموع: أنتَ مابتردش عليا ليه؟

أجابه ياسين وهو يقف أمامه لمعت عينيه بلمعه حزينه وهو يجاوبه: علشان لو أنتَ مفكر أن بعد اللعنه في أيدي شىء أعمله تبقى غلطان بعد اللعنه ماتجددت كل واحد عنده موهبه راحت منه ولو تقصد أنى أحولها فده ممكن. بس هتم وت اللعنه معموله عشان كده يا يزن عشان مانتكاثرش واللي نحوله هيبقى ضعيف شهر والتاني وهيم وت اي حد اتحول بعد اللعنه بيمو ت وأنتَ عارف كده كويس
نزلت دموع يزن فحاول ياسين الاقتراب منه ناطقاً:.

أنا لو في أيدي شىء مش هستناك حتى تطلب أنا نفسي مابقيتش زي الأول بقيت ضعيف اللعنه كل يوم بيعدي بتنهش في قوتنا أه مش بيبان على شكلنا بس احنا بنضعف وهييجي علينا يوم هنكبر
ونم وت مهما مرت من سنين
فنطق يزن مستفسراً بعدم فهم:
يعني ايه. يعني أنتَ هتسيبها تم وت زي ما سيبت عمار يم وت.

أطلق كلماته كالسهم، فبعض الكلمات كالقبور لا يشعر صاحبها كم انها مم يته ولكنها تترك اثر بقلب المستمع طالعه يزن بجديه أكثر وهو يسترسل حديثه:
أيوه، مستغرب ليه؟ وكأنك مش عارف أنك السبب في م وته لو مكنتش سيبته يواجه العربي لوحده كان زمانه عايش وسطنا، لو كنت حطيت أيدك في أيده من الأول ومكنتش بتتخانق معاه على شمس كنتوا هتبقوا ايد واحده.

ظهر عمار من جديد يقف خلف يزن يبتسم ابتسامه داعمه لما يقوله يزن فنطق بقهر وهو يقف أمامه:
أنا اتقهرت منك وقلبي أتشرخ لما شوفتك سيبته ومشيت وهو لسه سايح في د مه، مشيت وبعدت عنه. طول عمرك بعيد في حياته وحتى في مو ته ماهانش عليك تفضل جنبه وتد فنه مادورتش على حل أنه يفضل عايش سيبته واختفيت وهو قلبه بره جسمه
طالع ياسين ذاك الفراغ خلف يزن فأشار عمار برأسه لهُ يميناً ويساراً ينفي ما قاله يزن للتو:.

لاء ماتصدقهوش أنا عايش ماموتش ياياسين.
لاحظ يزن شرود ياسين وكأنه يطالع أحداً خلفه استدار بجسده ليرى من خلفه فلم يجد سوى الفراغ وراءه فنظر لياسين مجدداً
أنتَ حتى مش مهتم باللي بقولهولك انا حاسس اني لوحدي وبكلم نفسي، أنا أيه اللي خلاني افكر للحظه انك ممكن تقف جنبي وتساعدني أنتَ عمرك ما كنت ولا هتبقى زي عمار
استدار بجسده يستعد للمغادره يمسح وجنتيه بكف يده من دموعه المنهمره فأوقفته كلمات ياسين التاليه:.

ساره مش هتم وت، مش هتبقى لوحدك، عشان انا مش هسيبك في يوم يايزن هنجرب دكتور واتنين وتلاته هنسافر تتعالج بره لو مافيش امل هنا ماتفقدش أملك في الله أنا عارف ان الكلام اللي بقولهولك ده أنا أخر واحد تسمعه مني، بس لو أنتَ ضعفت ساره هتضعف بيك ومش هتكمل بس وجودي جنبك هيقويك، انا مابيأسش انا ممكن ماكونش زي عمار، بس هعمل كل جهدي عشان أرجع اشوف البسمه على وشك من جديد أنتَ وساره ولو مافيش أمل من شفائها هحاول مع أمي عشانها حتى لو المحاوله هتيجب على حسابي. بس مش عايزك تيأس أنتَ لسه في الأول والمشوار قدامنا طويل.

كلماته مشابهه لكلمات عمار بالماضي فكلما كان يقع بمشكله يلتجأ اليهِ كالعاده ويوعده عمار بأنه سيظل بجواره حتى يخرج من ذلك المأزق، صدق كلماته فكانت كل كلمه يقولها كان يقولها بنبره صادقه وبنظرات تبعث الطمانينه بقلب المتلقي كسا أعين يزن بريق نادم على ما قاله ارتمى بأحضان ياسين يبكي يريد ان يفيض بكل همه داخل ضلوعه ورحب ياسين بذلك.

ما اجمل الوصول لغرفتك الخاصه بعد يوم متعب فتحت شمس غرفتها لتجد كلاً من حسان وغدير ينتظرونها بالداخل يجلسون بالشرفه يضعون أمامهم أطباق بها حبات اللب وبعض من المكسرات أشارت غدير بكف يدها على المقعد المجاور لها وهي تمضغ اللب بأسنانها
غدير: تعالي مستنيينك
انتزعت شمس سترتها والقتها على الفراش بملل وهي تقول:
لا لا. مش وقته النهارده خالص انا تعبانه اوي وهمو ت وانام نبقى نقعد مع بعض وقت تاني.

وضع حسان الحامل الذي وضع عليه اكواب العصير وهو يقول بتحذير:
خللي بالك انا عندي امتحانات الأيام اللي جايه ولو مقعدناش مع بعض دلوقتي، مش هنقعد تاني اقلها اسبوعين
وافقت شمس بعد الضغط عليها من الأثنين وأتخذت مقعدها في الشرفه بجانب غدير سائله:
ومن أمتى ياحسان بتهتم بامتحاناتك اوي كده، لاء وكمان عارف معاد الامتحان ده في تطور كبير
ضحكت غدير ورمقت حسان بتشفي:.

اصل ياسين حذره لو مانجحش في الملحقين هيشرب من د مه وأنتِ عارفه ياسين يعملها بجد
انكمشت ملامح شمس تتصنع الصدمه وهي تقول لحسان بعتاب:
يعني هو لازم حد يهددك عشان تذاكر ماينفعش تذاكر لوحدك أبداً وتنجح لنفسك مش عشان حد
سمعوا طرق الباب فكانت الطارقه هي ساره فتحت باب الغرفه لتجدهم يجلسون بالشرفه وتبعتها مارال لم تجد مقاعد شاغره فوضعت الوساده على الأرضيه وجلسوا هما الأثنان عليها فبدأت ساره الحديث:.

سمعنا صوتكم من البلكونه عرفنا انكم صاحيين مانمتوش
التقطت شمس بعض من حبات اللب والمكسرات تضعها بكف ساره وهي تقول:
دخلت لاقيتهم مجهزين القاعده زي زمان
خيي ماعملتوا انا اصلاً مكانش جايلي نوم النهايده حاولت انام معيفتش
كان هذا رد مارال وتابعه قول ساره:
انا بقى ببص من الشباك لاقيت يزن نزل من اوضته وماجاش لحد دلوقتي وبتصل بي مابيردش قلقانه عليه اوي
اخبرها حسان ببساطه شديده دعمتها ابتسامه:.

ماتقلقيش انا شوفت ياسين وهو ماشي ويزن بعدها مشي وراه اكيد هما مع بعض دلوقتي وطالما مع ياسين فامتقلقيش عليه
فردت غدير مسرعه:
بما اننا جيبنا سيره ياسين بصوا لاقيت ايه على الفيس وانا بقلب من يومين
فردت مارال والفضول يسبقها:
لاقيتي ايه ياذبله؟
أكونت ياسين بصوا كاتب ايه على البيو بتاعه
أخرجت هاتفها وانحنى الجميع يصوبون نظراتهم تجاه شاشه هاتفها فأكملت هي حديثها قائله:
ياترى والجاموسه بتولد الطور بيحزأ ليه.

ضحك الجميع بعدم فهم على جملته مستفسرين ما معنى هذه الجمله الغريبه باستثنائها هي فهي الوحيده التي تعلم معناها جيداً فهي ليست مجرد جمله عاديه بالنسبه لهُ تنهدت شمس وهي تتذكر سنين مضت من عمرها ولكنها تركت أثر كبير فيها:.

كانت قد بلغت عامها الخامس عشر اليوم هو يوم ميلادها، ومثل كل عام لا يسمح بمرور يومها المميز كيوم عادي نزل الى القبو بعدما وضع قرص المنوم بداخل شراب خليله المربيه بعدما تأكد بأنها قد استغرقت بالنوم فمد لها كف يده وهو يحاول أن لا يصدر أي صوت حتى لا يسمعه الضبع فاخبرها هامساً:.

انا عارف انك ماطلعتيش من هنا وماتعرفيش في ايه بره ولا شوفتي السما قبل كده ولا شميتي هوا نضيف انا هخرجك بره اعتبري خروجك ده هديه عيد ميلادك زي كل سنه بس اوعي تعملي صوت الضبع لو حس اني خرجتك هيق لنا احنا الاتنين سوا هو اه عجوز بس جبار
قالها ببسمه حانيه فأشارت برأسها بالموافقه فهي تتوق للخروج منذ سنين
عادت الى الواقع عندما نطقت غدير بصوت مرتفع:.

طلع عيني لحد ما قبل طلب الصداقه وأصلاً كان قافل الأكونت بتاعه بس لما قبله وقلبت في الصور لاقيت صوروا كلها لوحده
كانت تقلب الشاشه على جميع صوروا فأوقفها حسان على صوره وهو يمسك بذئب ابيض بين يديه يحني ركبتيه وينظر له بابتسامه ساحره فقالت ساره بعدم تصديق:
الذئب ده شبه شيزار أوي
وجهت حديثها الى مارال: فكراه يامارال
اكيد فكياه ده شبه بتاع داغي
فنفت غدير ماقالاه للتو:
هو شبه بس مش هو شيزار مميز عن الذئب ده.

فسأل حسان سؤاله:
بس مش غريبه كل الصور الجامده دي ومش معاه ولا صوره لي هو ومشيره
فطالعته غدير قائله: لاء استني لي صوره هو والعقربه مشيره دي بس هي عملاله منشن فيها عشان كده ظاهره عنده
بحثت غدير عن الصوره حتى وجدتها:
اهيه
اتى صوت مارال تخبرها بعدم فهم:
هو ماله بعيد عنها في الصويه كده ليه؟ معقول دوول اتنين المفيوض بيحبوا بعض وهيتجوزوا
مسحت ساره على خصلاتها مردفه بضحك:.

اقطع دراعي لو ما كان هيتجوزها تخليص حق مش لايقين على بعض خالص
كانت شمس تستمع لما يقولون دون ان تتدخل في حديثهما فسألها حسان قائلاً:
وأنتِ ايه رأيك ياشمس هو فعلاً واخدها تخليص حق
فأجابت بعيون زائغه تأكد ما ستقوله:
ياسين اللي اعرفه مابيعملش حاجه غصب عنه
امسكت ساره بالهاتف بلهفه تشاهد صور اخرى لهُ:
اوبا، الصوره دي جامده اوي وهو حاطط البيزونت عليه تحفه
فوافقها حسان قائلاً:
والعربيه اللي ساند عليها رهيبه.

فأكملت غدير حديثهما:
ما دي عربيته شوفته قبل كده صدفه وهو سايقها ومشيره جنبه
ارتفع حاجبي مارال بتفكير وهي تسأل:
بس انا بيضوا همو ت واعيف هي الجاموسه لما بتولد الطوي بيحزأ ليه؟ ماتعيفيش انتي ياشمس.

انخرطت للمره الثانيه بنفس الذكرى كل شىء يتجسد أمامها الأن، تستطيع الأن أن ترى نفسها وهي تقف بجواره بمنتصف القريه بعدما حرص هو على الخروج ليلاً لعدم استطاعتها الرؤيه عندما تكون الشمس بمنتصف السماء فوجدت شمس أمامها جاموسه وبجانبها طور تقدمت نحوهم تاركه ياسين خلفها تنظر لهما بانبهار فهذه هي المره الأولى التي ترى بها شيئ كهذا طالعت ياسين وكانت نظراتها مليئه بالتساؤل فأجابها دون أن تنطق:.

اللي بقرنين ده اسمه طور اما اللي جنبه دي اسمها جاموسه
كانت تسير على أطرافها الأربعه فلاحظت معاناه الجاموسه فنظر ياسين الى الجاموسه بترقب:
دي باين عليها بتولد بس عارفه المشكله في ايه انا عارف انها بتولد بس مش فاهم الطور ده بيحزأ جنبها ليه؟
ارتسمت الأبتسامه على ملامحها عند تذكر هذه الذكرى البسيطه ففاقت من شرودها على صوت زهره وهي تجذبها من مرفقها بعنف داخل غرفتها
كل ده يابت المهدي مع ياسين بتعملوا أيه؟

قالت جملتها بضجر فردت ساره مدافعه عنها:
مع ياسين ايه ياطنط زهره شمس كانت معايا ماسبتنيش لحظه من وقت ما مشينا من هنا حتى لما دخلت أعمل اشعه ياسين استناني بره هو ويزن وشمس دخلت معايا
ضربت ساره مرفق شمس وأشارت لها برأسها حتى تدعم كلامها فجذبت شمس مرفقها من كف زهره تنفي ما قالته ساره للتو:.

أنا مش عايزه أكذب عليكي ياأمي، انا ممكن اقول ايوه انا ماسيبتهاش وأنتِ هتصدقي وهتطلعي من هنا مرضيه وراضيه وابقى كذبت عليكي وانا مش عايزه اكذب عليكي، انا فضلت مع ياسين بره شويه وساره بتعمل الأشعه ويزن هو اللي دخل معاها مش انا
بدى الأحراج ملياً على وجه ساره فقالت ببسمه مصطنعه تداري بها كذبتها:
أنا كنت بحاول اهدي النفوس يازهورتي
صكت زهره على أسنانها تطالع ابنتها بحذر فأكملت شمس حديثها:.

ياماما، ياماما انا مابقيتش العيله الصغيره بتاعت زمان خلاص
فردت زهره مسرعه: وأنتِ مهما كبرتي مش هتكبري على أمك ياشمس
قالت بعيون راجيه وهي تمسد على شعر ابنتها برفق:
أنتِ ليه مش قادره تفهمي، أنا مش عايزاكي تشوفي اللي أنا شوفته، عايزاكي تعيشي عيشه احسن مني ألف مره
فابتسمت ساره وارتفع صوتها قائله:
أيوه بقى يا زهور حني على البت ووريها حنانك
دخلت غدير من الشرفه يتبعها حسان قائلاً:.

انا كنت فاكر هيبقى في د م النهارده
فابتسمت زهره وهي تضمه الى صدرها بحنان:
ربنا يبعد عننا الد م يابني
اخذت تطالع كلاً من شمس وحسان تضمهم الى صدرها أكثر:
أنتوا عيالي اللي طلعت بيكم من الدنيا وماليش غيركم وعمري ما هحب ولا هخاف على حد زيكم في يوم
فطالعت غدير بعيون لامعه متحدثه بنبره هادئه
حتى غدير ربتها معاكم ووسطيكم لما كانت بتيجي هنا كل اجازه. ربي العالم انا بخاف عليكم قد ايه وياخوفي من اللي جاي ياولادي.

الملهى الليلي هو مكانه المفضل جلس بهِ يتجرع كأس تلو الأخر وقبل أن يتجرع ما بيده يطلب من النادل ان يصب له المزيد. الضجيج يعم المكان مما جعل فريد يقول بنبره عاليه للواقف أمام الحانه:
صبلي كاس تاني
منعه صديقه وهو يشير بأصبعه للنادل بالرفض:
كفايه كده يافريد أنتَ بتشرب بهبل
وضع الكأس على البار بقوه يضغط عليه بكف يده بعنف:.

الواد اللي اسمه حسان ده كان خلاص هيقولس على كل حاجه بس لولا ما مقصوفه الرقبه اللي اسمها غدير دي جت وندهت عليه مش عارف ظهرت من انهي داهيه دي كمان
فنظر له سائلاً:
الموضوع ده للدرجه دي شاغلك يافريد باشا.

طبعاً شاغلني انا مش قادر اطلعها من دماغي مافيش واحده رفضتني قبل كده وفي نفس الوقت مافيش حد راضي يصدقني ياخالد، كل لما اقول اني شوفت ناس ميته اتحولت لذئاب و اللي اسمه ياسين ده عنيه بتتحول للون الاحمر محدش بيصدقني بيفتكروني مجنون، مش عارف اثبت ازاي اني بتكلم بجد وان اللي شوفته ده مش تخاريف، بذمتك أنتَ نفسك لما حاكيتلك صدقتني
هز رأسه قائلاً برضا:
طبعاً صدقتك.

لم يكد أن يصدق ما قاله فابتسم بسخريه وهو يتجرع كأس أخر:
أنتَ بتقول كده بس عشان خايف لا احطك في دماغي
وضح لهُ خالد ما عنده ناطقاً:
وحياتك عندي أبداً، أنا فعلاً مصدق كل كلمه قولتها، انا مؤمن جداً بالخوارق وبعدين أنا سمعت عن قريه الصاوي دي زمان واللي بيحصل فيها احنا بس محتاجين نثبت كلامك مش أكتر
ابتلع ريقه يطالعه بعدما نجح بجذب اهتمامه:
وهنثبت كلامي ازاي ياخالد
كان هذا سؤاله فصمت لثواني قائلاً:.

أنتَ مش بتقول أنك لما نرفزت اللي اسمه ياسين ده عينيه اتحولت للون الاحمر
أيوه حصل
استدار له هاتفاً:
طيب وتفتكر ايه اللي يخليه يتنرفز اكتر ويطلع اسوء ما فيه
هز فريد رأسه وهو يقول:
شمس، لما بتيجي سيرتها بسوء او لو حصلها حاجه مثلاً
ضرب خالد كف يده بكفه الأخر:
شمس دي اللي أنتَ بتحكيلي عنها
ايوه هي
يبقى اتحلت ياباشا
طالعه باستغراب فقطع خالد نظراته قائلاً:.

اقصد يعني لو شمس دي في مره وهي معاه وحد يخطفها او يأذيها على خفيف او يحصل معاها اي شىء وقتها مش هيقدر يتحكم في نفسه ولو كلامك صح هيغير لون عنيه زي ما عمل معاك وهنا بقى نبقى عاملينله كمين ومصورينه ونبلغ سياده الوالد ان في كائن خطر على البشريه وسطنا واكيد الحكومه هتتصرف بس اهم شىء نكون عاملينله كمين والفيديو يتصور صح احنا بس محتاجين نخططلها وشويه مصاريف كده لزوم الرجاله اللي هنجيبها تقوم بالليله.

ابتسم فريد ابتسامه رضا مما قاله صديقه وهو يتجرع كأساً أخر يشير برأسه موافقاً
لو اللي في بالي حصل وقدرنا فعلاً نصوره حلاوتك هتبقى كبيره أوي.

حل الصمت واتخذت النظرات محلها لتصبح هي المسيطره الوحيده كان يجلس أمام البحيره هو وعمار بعدما اعاد يزن الى المنزل فقطع عمار الصمت بينهما بقوله:
شكراً
رد عليه ياسين وقد ابتسم بمكر:
علي أيه؟
رد عمار على السؤال بأجابه غيرها مردفاً بابتسامه:
أخلص، أنتَ عارف
تحدث ياسين ناهياً الحديث:
اه عارف تقصد عشان يزن يعني
كرر عمار مردد خلفه بسخريه:.

اه عشان يزن يعني. يزن مش مجرد صاحب بالنسبالي ياياسين، وزي ماقالك هو مكانش لي غيري في الدنيا وعايزك يبقى مالوش غيرك من بعدي
شرد ياسين لثواني فعلم عمار سبب شروده:
انا عارف أنتَ بتفكر في ايه دلوقتي
ضحك على قوله وهو يمد كفه يفتح مشروبه المحبب إليهِ:
انا عارف أنك عارف عشان كده مش هسألك السؤال اللي دايماً بسألهولك ومابتردش عليه
فقال الأثنان بنفس واحد ما يردده ياسين دائماً:.

وانا مش هسألك ياعمار أنتَ ليه مش عايز تقولهم أنك عايش عشان عارف أنك مش هتجاوب غير بكلام مالوش لازمه
ضحك الأثنان سوياً عندما انتهوا من جملتهم فمد ياسين كف يده لعمار بمشروبه فرفض عمار على الفور:
مابحبهوش ما أنتَ عارف
فأصر ياسين هذه المره:
طيب جربه على الأقل
القى ياسين بمشروب الشيري كولا الى يد عمار فوقع على الأرض فطالعه ياسين بضجر:
طيب على الأقل أمسكه وادهوني كده وقع كله في الأرض.

رفع عمار كتفيه للأعلى بابتسامه بسيطه:
عشان قولتلك من الأول مابحبهوش مش ذنبي يسطا
فأردف ياسين:
يسطا! مكانيكي اللي خلفوك انا
علت جلستهم ضحكاتهم وهم يشاهدون شروق الشمس فتمنى ياسين قائلاً:
نفسي تبقى راضي عني كده على طول ياعمار
علق عمار على حديثه هاتفاً:
طول ما أنتَ واقف جنب يزن أنا هبقى راضي عنك على طول وبخصوص شمس انا عارف اني زودتها حبتين بس انت عارف انا كنت بقسى عليك ليه؟

طلع شمس ما بينا ياعمار، بلاش تحطها في دماغك
كان هذا رجاء ياسين فتابع عمار بقوله:
انا خايف أنتَ اللي تحطها في دماغك، أنتَ مش فاهم ياياسين اليوم اللي شمس هتقرب منك فيه هختفي من حياتك فيه يا أنا يا هي مالهاش اختيار تالت
وليه؟
سأله بعدم فهم فجاوب بضجر:
يوه هنعيده تاني
رفض ياسين هذا وقال باعتذار:.

لاء مش هنعيده تاني أنا اسف بس ماتضايقش انا ماحبش اشوفك مضايق بس على الأقل مش كل خطوه تحاسبني عليها معاها طالما هفضل جنب يزن خطوه بخطوه اكيد هي مش هتسيب ساره فاهمني ياعمار
أشار عمار رأسه بالموافقه مع نبره تحذيريه:
بس خللي بالك منها وانا مش هدخل الا لو حسيت اني لازم ادخل
وافق الأثنان على ما اتفقوا عليه للتو يطالعون البحيره أمامهما فساد الصمت لثواني ثم أردف عمار قائلاً:
أنا بحبك ياياسين
طالعه ياسين بمرح:.

قول بابا يابن البوبي
فكرر عمار من خلفه وضحكاته تظهر بنبره صوته:
يابن البوبي.

حلت الظهيره وحلت معها أشعه الشمس الحارقه محاوله النوم تجعل النوم يهرب من بين جفونك فتحت باب غرفتها سائله أول من رأته عيناها:
دكتور على ماشوفتش ياسين
ابتسم الطبيب وهو يجيب على سؤالها:
لاء ماشوفتهوش من امبارح بس ماتقلقيش زمانه جاي
حاولت الاعتراض قائله بعدما وجدت شمس تمر من أمامها فارتفعت نبرة صوتها:.

مقلقش ازاي بس، دي اول مره ياسين يسيبني الفتره دي كلها لوحدي اصل أنتَ ماتعرفش طول المده اللي ياسين كان غايب عنكم فيها مكانش بيسيبني فيها ازاي عشان كده تلاقيني مش متعوده على بعاده مش أكتر
كانت تسرد بما لديها وهي متعمده ارتفاع نبرة صوتها فاستغرب الطبيب ينظر خلفه فوجد شمس تمر بجانبه تتجه الى الخارج قائله:
دكتور على كنت عايزه اسألك عن شىء لو ينفع
استأذن الطبيب من مشيره بقول:
بعد اذنك.

سار بجوارها بالخارج فلم تستطع منع نفسها فبدأت بالاستفسار عن بعض الاسئله البسيطه
انا عارفه انك مش دكتور نفسي بس كنت عايزه اسألك كام سؤال ممكن تكون عارف اجابتهم:
فأجاب بكل سرور:
أكيد أسألي ياشمس
انا بحثت طول الليل عن المرض النفسي وازاي الواحد يقدر يعيش وحد تاني ميت عايش جواه بس مالقيتش اجابه تفيدني
فسألها هو مستفسراً:
مش فاهم وضحي اكتر
يعني ينفع اني اكون عايشه بشخصيتين.

فهمتك ياشمس، اكيد ماينفعش وعشان كده بنسمي الشخص اللي بيعيش بشخصيتين مريض نفسي وبنخصص المرض ده بأسم اضطراب تعدد الشخصيات الانسان بيعيش بشخصيتين مختلفين تماماً عن بعض وممكن شخصيه فيهم تأثر على التانيه وخصوصا لو كانت شخصيه منهم شريره، الشخصيه الشريره بتبقى هي الأقوى والمريض وقتها مابيبقاش حاسس ولا فاكر الشخصيه التانيه عملت ايه؟
انخرطت بذاكرتها وياسين محاولا التبرير لها:.

أنا عارف انك مش هتصدقيني بس انا مش عارف أنا عملت كده ازاي
فعادت للواقع تستكمل ما بدات به:
طيب لو كان عارف وحاسس بالشخصيه التانيه
فأجاب سؤالها بسؤال اخر:
أنتِ متأكده أنه عارف أن في شخصيه تانيه معاه
حاولت التذكر اخر ما قاله لها ياسين:
اوعدك اني هحاوعد عنك عشان ما أذكيش
فأجابت بيقين: أيوه متأكده عارف ان الشخصيه التانيه كمان مؤذيه.

بصي انا ماليش اوي في المرض النفسي بس قرأت عنه شويه لو الشخص ده عارف ان في شخصيه تانيه معاه وبيكلمها مثلاً ده مايبقاش انفصام ده يبقى مرض اسمه جنون الأرتياب وده اخطر من الانفصام بكتير لأن المريض بيشوف وبيتكلم مع الشخصيه الخياليه دي في دماغه وهو مقتنع انه عايش وبيتعايش وبيسمع كلامه في كل حرف بيقولوه ولو الشخصيه اللي ظهرتله وعقله كونها بأنها شخصيه شريره ممكن تسيطر على عقله وتخليه يعمل اشياء هو مقتنع بيها وممكن الشخصيه دي تبقي شخصيه طيبه تعينه على حياته برضوا على حسب الشخصيه بصي انا مش فاهم اوي بس أنتِ بتسألي ليه؟

ابداً دي مجرد اسئله
هكذا قالت شمس وهي تقول بتوتر:
اصل كان في واحده صحبتي بتحس بحاجات غريبه زي اللي قولتهالك كده مع خطيبها
فاخرج هاتفه من جيبه يستخرج رقم هاتف طبيب نفسي على معرفه وطيده بهِ:
بصي خللي صاحبتك تاخد الرقم ده وتتصل بدكتور سمير دكتور شاطر جداً برشحه وبقوه هو هبجاوبها على كل اسألتها خليها تروحله موجود في اسيوط وسط البلد.

ابتسمت بامتنان تشكره على مساعدته لها تاركه اياه وخلفه من يستمع لحديثهما سوياً كانت مشيره هي من تستمع لهم فاشتعلت النيران بداخلها تضغط على اسنانها بقوه فأمسكت بهاتفها تحادث شخص ما بالهاتف:
أيوه ياسامح مش قولتلك البت دي مش هتسيبه الا لما تعالجه
صمتت تسمع ما يقال لها عبر الهاتف قائله:.

أنت مجنون اكيد ماقولتش لكمال اخويا حاجه كل اللي قولتهوله اني خايفه على اللي اسمها شمس دي من ياسين عشان كده عايزاه يرجع معايا ما انت عارف كمال اخويا
ظلت تقضم أظافرها تم زفرت:
ياسين لو اتعالج هيبعد عني وعمره ما هيرجع معايا وده اللي لا يمكن اسمح بي أبداً.

برضوا مش هتقولي هانروح على فين يايزن؟
كان هذا سؤال ساره بعدما جذبها يزن من مرفقها بلطف يحثها على الصعود داخل السياره ينتظرهما ياسين بالخارج
مافيش هانروح فين يعني تعالي ننزل اسيوط نخرج شويه وكمان في دكتور حجزتلك عنده كويس اوي عشان هنعرض عليه الأشعه
ردت عليه ساره بانفعال:
يزن أنتَ بقيت موسوس أوي على فكره انا بقيت كويسه اوي دي مجرد دوخه مش أكتر
فرد ياسين مردفاً وهو يقف أمام سيارته:.

طب وأيه وجه اعتراض سيادتك اركبي انا كده كده رايح أسيوط اجيب شويه حاجات من هناك
فاشترطت عليهم شرط صغير قبل أن تصعد الى السياره:
فطالعها الأثنان يسبقهما الفضول فقبضت بكف يدها على مرفق شمس تجذبها اليها قائله:
طالما هانروح اسيوط شمس تيجي معانا
فردت شمس سائله:
انتوا رايحين أسيوط؟
كانت الاجابه بنعم فوجدتها فرصه للذهاب الى الدكتور النفسي فصعدت الى السياره قائله:
مستنيين ايه يلا انا جاهزه.

انطلقت السياره تشق طريقها ولكن هناك من يراقبهم عن كثب مبتسماً حينما تجمع الأثنان سوياً على الطريق فلم يجد فريد فرصه كهذه حتى يثبت ما كان يكذبه عقله منذ سنين فهل سينجح لما يخطط له ُ.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *