رواية الهجينة الجزء الثاني للكاتبة ماهي أحمد الفصل السادس والثلاثون
استطاعت « شمس» أخيراً أقناع كلٍ منهما بالتعاون مع الأخر،
فكان هذا ما يشغل تفكيرها وبالها أغلقت الباب لتجد من ينتظرها بغرفتها قائله:
نفذتي المطلوب منك ياشمس
أشارت برأسها بالموافقه يصاحبها ابتسامه رضا:
نعم، فلقد نفذت ما أمرتِ بهِ يا«خاله حكيمه»
كنت عارفه وواثقه فيكي يابتي أنك الوحيده اللي هتقدرى تقربيهم من بعض مش قولتلك ياعلي.
يظهر الطبيب على من خلف «شمس» مباشرةً قائلاً:
ازاي قدرتي تقنعيهم ياشمس، قولتي أيه لياسين عشان يوافق يبقى مع عمار
ابتلعت ريقها بصعوبه وهي تنظر لهُ فأخذ يطالعها بنظرات تدل على الأتهام فأجابته مسرعه:
أنا لم أخبره بشيئاً سوا المطلوب لا أكثر
انتي عارفه الاتنين وافقوا ليه؟ انتي عارفه الاتنين يقربوا لبعض أيه؟ انتي عارفه انك هتبقي السبب في أنك تفرقي بين أب وابنه.
شعرت «شمس» بالألم يختزل روحها حاولت الهروب وتفادي النظر الى عينيه قائله بهدوء:
نعم أعلم
ظهرت« ميرا» أمامها فجأه في أقل من الثانيه:
طيب وبعدين هتعملي أيه لما كل واحد فيهم يعرف انهم أب وأبنه موقفك هيبقى أيه؟
انكمش حاجبها باستغراب تطالع «الخاله حكيمه» وتسائلت بغضب:
ما هذا، كيف لها ان تعلم شيئاً كهذا؟
سمعتنا بالغلط يابتي لما كنت بتكلم انا وعلى سوا.
طالعتها« ميرا» بهدوء:
ماتخافيش ياشمس انا مش هقول لحد انا لو كنت عايزه اقول كنت قولت من وقت ما سمعتهم
ضغطت «الخاله» على اسنانها بغضب:
ماينفعش حد منهم يعرف قبل المعركه ياسين هيسيبنا لو عرف، أنا بفضل ادعي المولى عز وجل انه مايفتكرش شىء دلوقتي
بترت شمس حديثها ثم هتفت:
ولكنه بدأ بتذكر بعض الأشياء بالفعل
انكمش حاجب الطبيب «علي» سائلاً:
افتكر ايه؟
بدأ بتذكر أنه الالفا الأصلي وبدأ لون عينيه يعود كما كان للون الطبيعي اللون الأحمر الداكن بدأ باسترجاع قوته الحقيقيه من الواضح أن تأثير الضبع بدأ يزول من عليه
قاطعتها الخاله مستنكره:
لااا. لسه مافتكرش طول ما هو مش بيناديني ب «يماا» يبقى لسه مافتكرش ده مكانش بيقولي غيرها.
مش مهم كلمه «يما» ياخاله اللي كان بيناديكي بيها انا عارف ان الكلمه دي وحشاكي منه وانك بتحسي مع ياسين انه ابنك اللي مخلفتوش بس قوته بترجعله والظاهر انه قريب اوي هيفتكر أن عمار ابنه عشان كده احنا لازم نواجه العربي في أسرع وقت وقبل ما نواجهه نسمع رد شمس الأول
كرر الطبيب «علي» سؤاله من جديد
هتعملي ايه لما ياسين وعمار يعرفوا حقيقتهم وانهم اب وابنه ياشمس.
انهى الطبيب «علي» جملته مع أصراره الزائد بمعرفه ما يجول بخاطر «شمس»
شعرت «شمس» بتوجيه الأتهام إليها من قبل الطبيب فقد رأت نظرات الأتهام في عينيه لتبوح لهُ بمشاعرها وهي في حاله من الضجر:
هل تعتقد ولو للحظه واحده أنني سعيده بما يحدث معي لا أحد هنا يفكر بي وما الذي أشعر بهِ، لا أحد هنا يفهم ما الذي أعيشه، أني اختنق، لا استطيع التنفس، روحي تتألم،.
تحدثت ودموعها تأبي النزول تضرب بيدها على فؤادها بقوه:
نظرات الحب التي أراها في أعين كل منهما لي تؤلمني فأي فتاه تتمنى ولو ربع مقدار هذا الحب وأنا مثلى مثل اي فتاه ولكني لست سعيده فأنا اتألم كنت أريد عيش هذه المشاعر ولكن ليس هكذا فعندما أخبرتني الخاله بمدى قربهما من بعضهما ذهلت وعلمت أن ليس لي حق ولا مكان بينهما بعد الان ولهذا أتخذت قراري
نزلت دموعها على وجنتيها فقامت بمسح دموعها سريعاً.
عند انتهاء هذه المعركه سأختفي من حياتهما للأبد
قالت جملتها تاركه اياهم خلفها دون أن تتردد ولو للحظه واحده فكان قرارها حاسماً في هذه اللحظه.
كانت تصعد الدرج للوصول الى الطابق الثاني فيأتي هو خلفها مسرعاً ينادي عليها ولكن لم تستجب لهُ لتكمل صعودها، يسرع «يزن» بخطوته ليصبح أمامها ليوقفها عن التحرك يضع يده على جدار الدرج ليمنعها من الصعود قائلاً:
أنا نفسي أعرف أنا مالي شمس وعمار متخانقين تدخلينا احنا في حواراتهم ليه؟
تحني ظهرها لكي تعبر من تحت ذراعه محاوله التملص منه، ينزل بذراعه الى الاسفل حتى لا تستطيع العبور لتشعر بالضجر من فعلته قائله:
سيبني أمشي يايزن
يطالعها بتحدي وهو يضغط على كلمته التاليه:
لاء
تنهدت بغضب وتأففت قائله:
خلاص خلينا واقفين كده على السلم مش عايزه اطلع اقولك وادي قاعده
جلست «ساره» على الدرج ليجلس هو بجانبها مبتسماً ينظر بجانبه ليزيحها قليلاً:.
وسعي انتي واخده السلم كله، انتي تخنتي كده أمتى؟
تنظر هي لجسدها بهلع:
أنا، أنا ماتخنتش اصلاً
فابتسم هو ابتسامه زادت من حسنه:
مالك اتخضيتي كده ليه؟
حتى لو تخنتي وبقيتي بطايه محشيه فريك هتفضلي في عيني أجمل شريك
وضعت يدها على وجنتيها تحاول جاهده ألا تبتسم ليضرب هو كتفه بكتفها بحنيه متبسماً ضغطت على شفتاها باسنانها قائله: بس برضوا مش هتصالح بسهوله كده انا عايزه اعرف انتوا بتعملوا كده ليه انت وعمار بجد.
ابتسم وهو يطالعها لتبادله النظرات قائلاً:
تعرفي انك زي القمر النهارده
أحمرت وجنتيها خجلاً فنظرت بجوارها ممسكه بخصلات شعرها وأخذت تطالعه من جديد
المفروض بقى بكلامك ده انسى ومانت
بتر كلماتها قائلاً:
بس تسريحه شعرك تحسي انها مختلفه غيرتي فيها ايه
اتسعت عيناها وملأت البسمه وجهها:
بجد عجبتك انا قولت مش هتاخد بالك اصلاً
غمز لها بعينيه:
ماقدرش ماخدش بالي ده انا حافظ تفاصيلك.
ممممم تمام يعني نكنسل النكد النهارده يايزن
تنهد هو بفرحه:
ياريت
ماشي كنسل النكد االنهارده
قالت جملتها وهي تنظر له بابتسامه جعلتها أجمل مما تبدو عليه ليهتف هو:
انتي مش ملاحظه أن بقالنا 18 ساعه و30 دقيقه و 15 ثانيه ضاعوا من عمرنا وانتي مابتكلمنيش وزعلانه مني
سألته ضاحكه بشقاوه:
ياسلام وانت مش قادر على بعدي بقى وبتعد الساعات ما انت سايبني اصلاً من وقتها وماجيتش تكلمني.
ابتلع ريقه وهو يفرك بجبينه بأصبعه يحاول إلا تلتقي نظراتهم:
لا ما انتِ مش فاهمه أنا قولت اصالحك في مصر أحسن يمكن الحر يسيحلك دماغك ويشيلك الافكار الهبله اللي في دماغك دي
نظرت له بعينان جاحظتين:
انا افكاري هبله يايزن
ضيق عينيه هو يغمز لها بالأخرى:
جداً
وطالما انا هبله قاعد مع واحده هبله ليه؟
عشان الهبله مابيقعش في حبها الا الاهبل زيها
ضحكت بصوت مرتفع قائله:
هدف جميل ولكن في مرمانا.
طيب بمناسبه الهدف تيجي نحط الأكل هدف قدمنا جعان جداً ومكلتش بقالي كتير
وضعت يدها على معدتها دليل على شده جوعها: انا كمان جعانه أوي
قال هو مسرعاً:
طيب نطلب ايه؟
اطلب ايدي
قالت جملتها وهي تغمز له بطرف عينيها وتبتسم بشقاوه
ابتسم هو واضعاً يده على رأسها يضمها الى صدره بكل حنان قائلاً
هيحصل وقريب أوي.
عاد «عز وشريف» الى الفيلا الخاصه بهما بعدما قاما بأيصال «غرام» وشقيقتها الصغيره الى المنزل وتأكدا انهما الأن بأمان دخل «عز» الى غرفه مكتبه وجلس على مقعده المحبب لقلبه ولكنه في هذه اللحظه شعر بعدم الارتياح فقد نحتت ملامحه مزيجاً من القلق والعصبيه على وجهُ، نعم هو لا يتحدث ويفضل عدم البوح عما بداخله ولكن مابداخل صدره يظهر على ملامح وجهُ رغماً عنه، كانت مشاعر عز ماهى الا عباره عن بحر ثائر تتلاحقه امواج لتتحطم فوق الصخور وعندما اعياه التفكير وانهكه التعب غفى فوق مقعده بضع لحظات مرت عليه كأنها سنين، مما جعل شقيقه الأصغر «شريف» سائلاً:.
هتفضل مخبي عني اللي جواك كتير ياعز
فاق من شروده يطالعه يحاول جاهداً الهروب من سؤاله:
شريف أنا تعبان ومحتاج ارتاح خلينا نأجل اي كلام لبكره
قام من على مقعده واستقام بعدما ربت برويه على كتف «شريف» بهدوء قائلاً:
انا عارف ان جواك ألف سؤال محتاج أجابه بس سيبني افكر الأول في هدوء علشان أعرف هتصرف أزاي وخليك واثق فيا ياشريف ينفع.
أخذ يطالعه باهتمام زائد وعلم من نظراته التي بان عليها الجديه أنه مهما حاول لن يتحدث معه بشىء الأن، أشار برأسه بالموافقه:
تمام ياعز أنا هسيبك على راحتك واللي تشوفه اكيد
استدار عز تاركاً شريف خلفه ينظر له وهو يبتعد عنه ويصعد الدرج وقف فجأه ليسأل:
هو فين عم حسين؟
أديته اجازه هو ومحمود ورجعوا البلد بما أننا كنا مسافرين هيقعدوا يعملوا ايه هنا لوحدهم.
هز «عز» رأسه بالموافقه وأكمل طريقه دخل الى غرفته الخاصه بهِ هو و«غرام» ينظر الى صوره عرسهما الموجوده أعلى الكومود ينظر لها ويسرح بملامحها اللطيفه يضم صورتهما التي تجمعهما معاً الى صدره ليلقي بجسده على الفراش ليعطى عقله هدنه من التفكير المستمر.
في تلك الاثناء كان القمر يستعد للرحيل مودعاً اليوم بأنتهائه تارك مكانه بالسماء ليشع النور مجدداً معلناً انتهاء دوره في هذا اليوم، لتأتي الشمس لتضىء محله وتعلن عن قدوم النهار.
في تلك اللحظه تحديداً، كانت الصدمه مازالت تعتلي وجهُ عندما سمع من« ساره» وبالصدفه العابره عن ديانه« مارال» لم يكن يستوعب لماذا أخفت أمر ديانتها عنه ابتلع ريقه وقد أنهكه التفكير ليجدها تخرج من باب المزرعه بهدوء متوجهه الى الخارج أغلبه فضوله وخرج خلفها ليجدها تجلس على الساقيه شارده الذهن التقطت رائحته دون أن تراه، نعم فقد استطاعت تمييز رائحته، فلا يوجد شى بالدنيا يجعل المرء يشعر بشخص اخر غير ان يُكن له مشاعر خاصه أما كره او ان يكون حب، نظرت خلفها مسرعه لتجده أمامها ابتسمت بلطف شديد قائله:.
لحظه الشيوق هنا تحفه يابيدقوس
لم يكن ينظر الى الشروق ولكن كان يصب كل تركيزه عليها حتى نطقت سائله:
كنت فين، انا كنت لسه بدوى عليك
انكمش حاجبه باستغراب، نظرت أمامها لتطالع الماء قليلاً:
واقف عندك ليه؟ ماتيجي تقعد جنبي القاعده هنا حلوه اوي
جلس بجوارها وهو ينظر أمامه دون كلام فكان بداخله صراع بين السؤال وعدمه قطعت هي شروده قائله:
مابتتكلمش ليه حساك متغيي النهايده مش زي كل يوم
انت كويس؟
هل تسأله حقاً؟، سؤال ليس له أجابه. فهو نفسه لا يعلم أذا كان بخير أم لا. قرر وأخيراً سؤالها والبوح عما بداخله:
قيل بالأمس ان المواجهه باب للحقيقه، وانا اريد معرفة الحقيقه منك
استطاع أن يجذب انتباهها أكثر بكلماته فنظرت له باهتمام زائد بالرغم من أنها شعرت بما يريد قوله فقلبها أخبرها من نظرات عينيه صدق من قال أن النظرات تبوح بما داخلنا، وعلى الرغم من معرفتها بالذي يدور بداخل رأسه إلا أنها سالته عن قصد:.
تقصد ايه يابيدقوس
أأنتِ حقاً نصرانيه؟
كانت تشعر وكأن سؤاله أخترق قلبها قبل أن يخترق اذنها اغلقت عينيها لثواني معدوده وحاولت التئام روحها قائله:
هتفيق معاك
رد مسرعاً:
ويحك يافتاه، فبدون شك ستفرق معي
وأيه اللي هيفيق معاك بقى، احنا صحاب، ولا أنتَ مابتصاحبش مسيحين
رد هاتفاً:
معاذ الله، لكم دينكم ولي دين، ولكن لماذا أخفيتي عني حقيقتك
انا مخبيتهاش أنت اللي مسألتش.
كاد الضيق يظهر بنبره صوته ولكنه حاول جاهداً الا يتعصب عليها قائلاً:.
انا لم اسأل ايضاً على أشياء كثيره ولكنكِ أخبرتني بها، مثل أخيك المتعجرف، وأمك التي كانت تنعتك بالبايره، مثل ماتحبين وماتكرهين، كل هذا أخبرتني بهِ بمفردك دون سؤالي لكِ، لقد تعمدتي بعدم أخباري من بادىء الأمر، حتى الأن انتِ لم تخبريني فقد علمت بمفردي كنت أتمنى أن أعلم منكِ على الأقل، لقد أنهك التفكير عقلي هو سؤال واحد اريد أجابته بحق. لماذا لم تخبريني يامارال؟
نظرت للأرضيه وهي تحاول تجمع الكلمات لكي تكون جمله مفيده:
كنت خايفه يابيدقوس، كنت خايفه
من ماذا؟ ان تكوني نصرانيه ليس بذنب تخافين منه
نطقت مسرعه دون تردد وكان بنبرتها شيئاً من العصبيه.
انا عميي ما افكي او ييجي على بالي اني اكون مسيحيه ده ذنب بالعكس ده فخى ليا اني اكون مسيحيه، انا من الناس اللي متمسكه جداً بديني ومقتنعه تمام الاقتناع ان المسيحيه هي اللي على حق بتشيف بديني في كل حته وعميي ماخوفت اقول اني مسيحيه لحد إلا معاك
تنهد بربروس ليستعيد بعض من ذلك الثبات المفقود وهو يقول بنبره ثابته:
ولماذا أنا بالذات؟
استدارت وأعطته ظهرها محاوله الهروب من نظراته لها:
مابقاش مهم خلاص انك تعيف،.
رد بأصرار:
ولكنه مهم بالنسبه لي
قالت كلماتها بنفاذ صبر:
يعني عايز تعيف
بالتأكيد
قال كلمته وهو يصمم على المعرفه، اخذت تطالعه بعينيه وتبادلوا النظرات لثواني فقالت بهدوء وهي تنظر إليه مع ارتفاع نبضات قلبها نبضه تلو الأخرى ليسمعها هو قائله:
كنت اظُنك صاحبي وفجأه دخلت الراء والتاء بين الصاد والحاء
قالت كلماتها وهي لا تصدق ما قالته للتو وضعت يدها على فمها لم تكن تستوعب بما اعترفت بهِ، أردفت بكلمات متقطعه:.
أنا، أنا لازم امشي
نظر لها بحب يحاول تهدئتها قليلاً فقد أفزعها ما أخبرته بهِ منذ لحظات اقترب منها خطوه فابتعدت عنه:
انا ماقصدش اللي قولته انا مش عايفه قولت كده ازاي
ابتسم وهو يراها تبتعد عنه وأخذ يتردد في أذنه ما اخبرتهُ بهِ منذ قليل:
كنت اظُنك صاحبي وفجأه دخلت الراء والتاء بين الصاد والحاء
لم يكن يصدق أنها تتكلم بطريقته، وتكن المشاعر له ُ.
كانت تتمنى ولو أن كل ما حدث يصبح حلم، حلم ُ مزعج تدعي ربها وهي تحاول ان تفتح عينيها بأن يصبح كل هذا مجرد حُلم لا أكثر استيقظت ولم تجد سوا الظلام، تشعر بضوء الصباح من حولها ولكنها لا تراه وهنا أدركت الحقيقه، الحقيقه المُره التي جعلت جسدها ينتفض، لتجد «حسام» أمامها من جديد نطق ببرود باسماً ابتسامه ظهرت بها نواياه الخبيثه ضاغطاً على كلماته التاليه:.
صباح الخير يامدام هدير، يابنت عمي، أتمنى ان اقامتك معانا تكون مريحاكي، أيه كل ده نوم
هو داغر مكانش بيخليكي تنامي وانتي معاه ولا ايه
هرولت « هدير» سريعاً الى الخلف وكأن الموت يأتي خلفها ليقف هو أمامها في لمح البصر قائلاً:
أيه شوفتي عفريت ده انا حتى وسيم حد الجحيم
حاولت التظاهر أمامه بالقوه وبداخلها يملؤها الضعف:
عاوز مني أيه ياحسام
أستدار دون أن ينظر لها وتابع حديثه:.
عايز مني ايه؟ قولي مش عايز ايه؟ عشان لو فضلت اقول اللي عايزه منك مش هخلص، بس تعالي نبدأ اللي عايزه منك واحده واحده
نظر لها وجلس القرفصاء ليجلس بمستوى جلستها.
عايزك تشوفيني وانا بقتل داغر قدامك، عايزك تتمني الموت الف مره وماتلاقيهوش، عايزك تشوفي أبنك وهو بيتولد على ايدي وبقطعه حتت قدامك، عايز اشوف الحسره في عنيكي، مش عايزك تشوفي يوم حلو في حياتك، عايزك تكرهي قرب الناس منك عشان قربهم منك معناها موتهم حواليكي، عايزك تعيشي وحيده وماتلاقيش حد جنبك، عايز حياتك تدمر زي ما دمرتيني، ها عايزه تعرفي انا عايز منك ايه تاني ولا كفايه كده.
نظرت له وقد دب الرعب بقلبها مما قاله:
ليه ده كله مش كفايه اللي عملته في أمي وابويا، مش كفايه اللي حصل
نظر له صارخاً بكلماته:
مش كفايه، اللي عملته ولسه هعمله لسه مطفاش النار اللي جوايا منك انتي فضلتي تعشميني بيكي سنين طويله بنيت أحلام وحياه على عشمك ليا
بترت كلماته لتقاطعه هي:
محصلش، محصلش ياحسام انا عمري ماحبيتك في يوم، أنتَ اللي كنت دايماً بتفرض نفسك عليا انا عمري ما اديتك ريق حلو عمري ماوعدتك بحاجه.
بتر هو جملتها والصراخ يعتلي نبرة صوته:
بس عمي وعدني وعدني بيكي هو وامك طول عمرهم واحنا صغيرين يقولولي هدير ليك، هدير ملكك، هدير مراتك
هما اللي قالوا ياحسام مش انا وانت صدقتهم لكن انا لاء ماحبيتكش
وليه، ليه ماحبتنيش ياهدير فيا أيه مايتحبش، انا بعت كل حاجه عشانك انا مكنتش شايف غيرك انا وصلت للي انا فيه ده بسببك
جلس امامها يمرر اصابعه بين خصلات شعرها برفق ومزج نبرة صوته بالحنان:.
كان نفسي تحبيني يابنت عمي زي ما حبيتك، كان نفسي اسمع منك كلمه حلوه في يوم، في ايه داغر أحسن مني عشان تفضلي عليا الأعمى ده ليه؟ عشان قوي
تحول عيناه الى اللون الأسود لينظر لها بخبث:
شايفه، شايفه انا. انا كمان بقيت قوي ياهدير مابقيتش حسام الضعيف بتاع زمان دلوقتي بقيت اقدر احميكي من العالم كله بس انتت ِتبقي معايا وجنبي عارفه لو بقيتي جنبي وعارفه لو بقيتي معايا هنعيش ازاي.
توقف البكاء في حلقها فلم تقدر على أخراجه:
مش عايزه أعرف ياحسام، مش عايزه، انا ست دلوقتي متجوزه وحامل انا مش هدير بنت عمك بتاعت زمان افهم بقى
نظر لها وأخذ يطالعها بكل هدوء والابتسامه تملىء وجهُ:
بس انتِ كلها النهارده أو بكره بالكتير وتبقي أرمله وهتبقي ليا مش هتلاقي حضن غيري يحتويكي وماتقلقيش هخليكي تاخدي وقتك في الحزن خالص على جوزك وابوكي وامك ما انا برضوا راجل بعرف في الاصول مش هتجوزك على طول.
نظرت له وهي تمقته فهي تكرهه من أعماق قلبها وجدت لسانها ينطق ما بداخل فؤادها:
انا بكرهك
انمحت الابتسامه من ملامحه ببطىء وارتفع صوت تنفسه والغضب ملأ عينيه ليصفعها على وجنتيها بقوه، وضعت كف يديها على وجنتها بألم تحاول التماسك أمامه،
اخفض اصبعه ليزيح دمائها المنسدله من فمها وهو يخبرها بحب:
بس أنا بقى بحبك وماتقلقيش خالص انا هعرف ازاي اخليكي تحبيني.
ادار ظهره وفي اقل من اللحظه أختفى، شعرت بالألم في أحشائها تحس بشيء غريب يحدث لها لا تعرف ما هو.
كان القلق ينهش بقلبه سأل « رعد» للمره التي لا يعلم عددها
رعد هدير اتصلت
الساعه لسه مجاتش سبعه الصبح ياداغر اكيد نايمه دي واحده على وش ولاده وأكيد تعبانه ونامت
اخذ يتحرك بالغرفه هنا وهناك:
لا لا لاء، انا قلبي مش مطمن اكيد حصل حاجه هدير مش هتنام الا على الأقل تتصل بيا من عند باباها، انا مش عارف فضلت مستني ازاي مكانش ينفع اسمع كلامك انت وميرا اتصلي ب «عز» حالآ.
تنهد بعمق يحاول أقناعه:
اكيد نايم دلوقتي ياداغر الساعه لسه مجاتش سبعه
صرخ بهِ وأصبحت حالته لا تطاق:
أسمع اللي بقولك عليه، أن شالله حتى لو الفجر كلمه بقولك:
هز «رعد» رأسه بالموافقه فقد علم من نبرة صوته انه لن يرجع عن قراره حاول الاتصال بهِ مراراً وجد الهاتف مغلق
تليفونه مقفول ياداغر
مش قولتلك في حاجه، توديني حالاً عند هدير بسرعه
طيب استناني هحاول اطلع عربيه من جراچ المزرعه وجايلك حالاً.
وانا هستناك هناك
انهى جملته واختفى من أمامه بلمح البصر
هبط «رعد» الدرج ليجد «ميرا» امامه وتجده مسرعاً بخطوته لتقوم بسؤاله قائله:
رايح فين بسرعه كده
تحدث بأنفعال غاضب:
هدير لسه ماتصلتش بداغر من امبارح بالليل وبنتصل ب عز فونه مقفول وانتي عارفه داغر مش قادر يتحمل وخايف عليها جداً
هي بصراحه حاجه تقلق استنى انا هاجي معاكم
لالا خليكي انتي مالوش لزوم، انا اول ما اروح هناك هطمنك.
قبضت بكف يدها على معصم يده:
متأكد، أوعى تنسى تطمني
لا لا ماتقلقيش
هبط «رعد» الدرج مكملاً لطريقه ليأتي بالسياره ليجدها فارغه من البنزين ليتأفف بزهق:
يادي النيله وبعدين بقى
يسمع هاتفه المحمول وهو يرن اخرج الهاتف من جيبه الخلفي ليرى من المتصل فيجده عز يقوم بالرد عليه مسرعاً:
الو ايوه ياعز
اخبره رعد بما حدث الآن امسك داغر الهاتف من يده مسرعاً
هدير مش بخير ياعز، انا متأكد انا قلبي واجعني عليها.
تعلالي حالا عشان نروحلها سوا ماتروحش لوحدك انا مش هفضل مستني تليفونك
بسرعه ياعز ماتتأخرش انا هستناك على الطريق
كانت هذه كلماته بعد ان أنهى داغر الاتصال ثم اردف:
عز في الطريق انا هستناه على الشارع خليك انت هنا طالما العربيه مافيهاش بنزين
وايه المشكله لما أجي معاك
انا عز معايا خليك انت هنا عشان غدير ولو حصل حاجه اوبقى كلمني على تليفون عز.
أسرع« عز» بالنزول من على الدرج وهو يرتدي الستره السوداء الخاصه به منادياً على شريف
شريف، شريف
لم يتلقى رد ولم يستطع ايجاده بالفيلا، قام بالاتصال بهِ ولكن دون جدوى صعد الى سيارته بعدما اغلق الباب خلفه متجهاً الى داغر بأسرع ما يمكن.
هبطت «غرام» من المبنى الخاص بها متجهه الى عملها لتأخذ أجازه مفتوحه لتجد «شريف» بأنتظارها ترجل من سيارته مسرعاً فور رؤيته لها، أسرعت «غرام» بخطاها فور رؤيته، قبض بكفه على معصم يدها يأمرها بالوقوف
اقفي ياغرام انا مستنيكي من الصبح
عايز أيه ياشريف
عايز أتكلم معاكي، عايز اعرف ايه اللي بيحصل
وده بقي على أساس انك مش عارف؟
وهعرف منين وانتي مابتقوليش ولا انتي ولا عز بتقولولي على حاجه
جذبت يدها من يده بقوه ونظرت له نظره مليئه بالاحتقار، اخذ يطالعها من جديد ينظر الى نظرتها له بتمعن حتى أردف:
نظرتك دي وكلامك معايا، كل حاجه متغيره مش انتي غرام خالص اللي سيبتها يوم فرحها وكانت مبسوطه ايه اللي اتغير ياغرام قوليلي انا عارف ان انا السبب في خلافك انتي وعز بس مش عارف ليه محتاج حد ينطق منكم حد يحكيلي اللؤ بيحصل.
أجبرها على التطلع له وهو يسترسل بدموع لامعه بعينيه:
أيه اللي مخبيين أي عني انتي وعز مخلي حياتكم جحيم بالشكل ده
أخبرته وعينيها لا تفارق الأرض:
أنت السبب في كل اللي بيحصلنا، انت كذاب وغشاش، واناني، كذبت عليا لما قولتلي أنك مالمستنيش، قولتلي اني عذراء وان كل ده كان لعبه من جابر المنفلوطي وانك ياحرام مالكش أي ذنب
اخذت تطالعه وانسدلت احدى دمعاتها على خديها:.
المشكله أني صدقتك، وروحت زي الهبله اكشف عند الدكتوره بتاعت المستشفي اللي بشتغل فيها وطبعاً انت كنت متفق معاها انها تقولي اني عذراء ومحدش لمسني عشان الدنيا تمشي واحط جزمه في بوقي واسكت واتجوز اخوك والدنيا تمشي مش صح ياشريف، عملت كل ده ليه؟ أنت حتى مادتنيش الحق أني ارفضّ او اوافق اني افضل معاكم، للمره التانيه بتخدعني، وانا بقيت زي العبيطه مصدقاك، انا كل اللي قاهر قلبي اني وثقت فيك وكنت عايزه اعمل مفاجئه لعز انه هو اول واحد في حياتي واكتشف اني مش عذراء يوم فرحي.
المشكله انك عارف كل ده وعامل فيها عبيط ياحرام مش فاهم
بتر حديثها قائلاً:
عشان فعلاً مكنتش فاهم، انا معرفش، معرفش اي حاجه من اللي انتِ بتقوليها ورحمه امي تاني وغلاوة عز عندي ما كنت اعرف أي حاجه من اللي قولتهالي دلوقتي
بترت كلماته صارخه برعشه في صوتها:
انا مش هصدقك تاني لو حلفتلي على المايه تجمد ماهصدقك مره تانيه خلاص خلصت ياشريف كل حاجه خلصت خلاص
استدارت لكي تستعد للرحيل فأوقفها هو قائلاً:
غرام استني.
اعطته ظهرها دون النظر اليه:
مش عايزه اشوف وشك تاني انت فاهم
اخذت تخطو لترحل عنه فتنهد هو بعمق ضاغطاً على اسنانه ثم أمسك بها من معصم يدها يجذبها بداخل السياره قائلاً:
اركبي
حاولت فك قبضه يده قائله وهي تنظر له باستغراب:
انت اتجننت ياشريف انت بتعمل ايه؟
اركبي وانتي تعرفي انا هعمل ايه؟
أنهى جملته بعدما أغلق الباب الأمامي يأخذها بالقوه معه ثم قاد السياره مسرعاً متجهاً بطريقه.
كانت «ولاء» تقف بالنافذه الخاصه بها تنظر لما حدث بينهما وترى السياره مبتعده عنها.
الأن هو وقت الصباح وقد خيم الصمت على الأجواء، وارتفع صوت تضارب الشجر أمرت « الخاله حكيمه» باحضار طاوله الافطار من «زهره» قائله:
حضرلنا الفطار يازُهره انتِ والبنات
يدخل « يزن وساره» الى الردهه ممسكين بأكياس ممتلئه بالخضروات والفول وبعضاً من الجبن يضعهم على الطاوله التي أمامه وهو يردف:
احنا فتحنا التلاجه لقيناها متشفره روحت انا وساره اشترينا فطار.
ركضت غدير مسرعه الى الطاوله تفتح الأكياس لتضربها ميرا على ظهر يديها بخفه:
استني لما نغسل الأكل الأول
أيوه بس انا جعانه اوي
قالت «غدير» جملتها وهي تضع يدها على معدتها دليل على جوعها
لتنطق ميرا بحنق:
برضوا مافيش اكل الا لما يتغسل الأول
أخذت زُهره الأكياس من على الطاوله قائله:
انا هحضر الفطار
دخلت الى المطبخ تخرج ما بالأكياس لتبدأ بتحضير الفطار لتجده هو خلفها بلمح البصر:
مش عايزه مساعده.
انتفض جسدها مفزوعه من سرعته اخذت نفس بعمق وهي تنظر له بحنق:
علي خضتني بجد، مره واحده لاقيتك هنا مكانش في حد ورايا
انا اسف مكنتش اقصد اخضك، لاقيتك دخلتي لوحدك قولت احضر معاكي الفطار عشان ماتتعبيش
ابتسمت له ابتسامه بسيطه وهي تضع الزيت بطبق الفول:
اتعب من تحضير شويه فول على شويه جبن ما انت معذور ماشوفتش في البلد كنت بعمل أيه
اخرج الخيار والجرجير من الاكياس ووضعهم بطبق، سائلاً بلطف.
لا معرفش قوليلي كنتي بتعملي ايه؟
ردت قائله:
يوه، ده انا كنت بصحى قبل ما الفجر يأذن احلب الجاموسه وانضف من تحتها واعلف في البهايم وانضف بقيت الزريبه واخد لبن الجاموسه واحطه في المنشه
استغرب« علي» من ذلك الاسم « المنشه» فقال مستفسراً وهو يمد يده بقطعه من الخيار في فمها:
منشه!
تبتلع هي قطعه الخيار مسترسله حديثها:.
اه منشه انت مش صعيدي ولا ايه، منشه دي عباره عن خوص متربط ببعضه نحط عليه اللبن ونفضل نبث فيها لحد ما تعمل جبنه قريش ده كان بياخد مجهود كبير ده غير شغل الدار كله
استدارت لكي تلتقط الطبق بكف يدها لتجده بمكان ما عالي لتقف على اطراف قدمها ولكن دون جدوى، يقف هو خلفها ويمد يده ممسكاً بالطبق ويعطيها أياه تستدير هي لتجده خلفها ليلتصق جسدها بجسده تعالت نبضات قلبها وهي تطالعه وتأخد منه الطبق قائله:
متشكره أوي.
انا اللي بشكر ربنا أنه خلقك
قال جملته ومازال ينظر لها فكانت هذه اللحظات بينهما لا تقدر بثمن ليأتي «ياسين» ويقطع تلك اللحظه بينهما قائلاً:
طيب نجيب اتنين لمون متلج في الحر ده عشان يطري ولا نعمل ايه؟
ابتعدت «زهره» على الفور ممسكه بالأطباق قائله:
انا خلاص خلصت اهوه انا هاروح احط الاكل على السفره
ينظر «ياسين» الى الاطباق الممسكه بها ليجد بها فول وبعض الجبن ليهتف قائلاً:.
اي ده فول انا عايز واحد تشيكن فراخ
تذهب «زهره» ويراها الطبيب على تبتعد عنه ينظر ل«ياسين» وهو يضغط على اسنانه
كده كسفتها
اللاه. وانا أعملك ايه وبعدين حد يحب حد الساعه تسعه الصبح طب خليها عشره كنا قولنا ماشي
اشتعل الغضب بعينيه وهو يقول:
هو الحب بالمواعيد انتَ كمان
انا مش عارف بتحب ايه في الوليه دي
نظر له« علي» نظره توعد:
ياسين كله الا زهره مابحبش حد يتكلم عنها وحش.
ابتسم ابتسامه رضا وهو يطالعه:
بتحبها قد أيه؟
قد ما انت بتحب بنتها
يبقى بتعشقها ياخويا مش بتحبها
أشار برأسه بالموافقه:
ايوه حاجه زي كده، مستني لما المعركه تخلص وهتقدملها مش هسيبها غير على قبرها
اشار له بعينيه وهو ينظر الى شمس الواقفه امامهم تحضر السفره مع والدتها
علي كنت عايز اطلب منك طلب
اؤمرني ياخويا
لو جرالي حاجه شمس امانه في رقبتك، زفها على عمار انا عارف انها بتحبه ومش هتحب غيره في يوم.
رفع حاجبه الأيسر يضم شفتيه:
انا خلاص استسلمت ياعلي الحب مش بالعافيه
قبض حاجبه باستغراب
مين بيقول كده ياسين الضبع
هز رأسه يساراً ويميناً بالرفض:
لاء، ياسين الصاوي
تغير نبرة صوته على الفور:
بس مش معنى كده اني هوافق ياخدها مني وانا حي، ياخدها وانا ميت أه
بتر«علي» كلمته قائلاً:
بعد الشر عنك ياخويا
الموت عمره ما كان شر انا الشر ياعلي مش الموت
انت اتغيرت أوي ياياسين.
اشار له بعينيه على تلك الواقفه من بعيد:
شمس غيرتني يا علي، مافيش غيرها غيرني
مش هتيجوا تاكلوا بقى ولا هتفضلوا واقفين كده بعيد
بترت كلامهما «الخاله حكيمه» قائله جملتها ليرد« علي» هاتفاً:
جايين اهوه ياخاله.
جلست الخاله حكيمه تتوسط السفره وبجوارها غدير، جلس رعد وميرا وامامهم ساره ويزن ليأتي بربروس يجلس بجانب ياسين ويجلس أمامهم شمس وعمار يفتح دكتور على المقعد لزهره لتجلس عليه ويجلس هو بجوارها تنظر له بأمتنان على ما فعله
يجلس الجميع باستثناء مارال على الطاوله، نظر بربروس لعمار سائلاً اياه
أين شقيقتك؟
يميل برأسه ليخبره هامساً بأذنه:
حاولت انزلها عشان تفطر معانا بس مارديتش
سمعت ساره ما قاله عمار لتقف معترضه.
ازاي يعني مارضيتش كلنا متجمعين لازم تبقي معانا دي ما اكلتش حاجه من الصبح انا هطلع اجيبها
وقفت ميرا قائله:
استني ياساره هطلع اجيبها معاكي
نطق على قائلاً:
كده ناقص الغريب هو فين؟
سيب الغريب ياعلي هو مشغول دلوقت
مشغول بأيه ياخاله
قالها عمار بقلق فأجابته الخاله بتشدد:
هتعرف بعدين ياعمار
أتت مارال مع ساره وميرا وجلست أمام بربروس لتهتف الخاله قائله:
مش عايزه تاكلي ليه يابتي؟
ابداً ياخاله ماليش نفس.
طيب اقعدي عشان نتجمع على الأقل كلنا على سفره واحده، كله يسمي الله الأول قبل ما ياكل
سم الجميع الله ماعادا عمار ومارال لتميل شمس برأسها على اذنه قائله:
قل بسم الله ياعمار
هز رأسه بالموافقه يصاحبها ابتسامه بسيطه:
بسم الله الرحمن الرحيم
لتصلب مارال على الطعام وتنطق قائله:
بسم الأب والأبن واليوح القدس أله واحد أمين
هتفت بجملتها وهي تطالع بربروس وتبادلوا النظرات قليلاً ليبدأ الجميع بتناول طعامه.
عم الصمت على الأجواء لتأتي رساله على الهاتف الخاص ب«رعد» على الواتساب:
يقرأها ويبتسم ثم يعود لأستكمال طعامه لتسأله ميرا قائله:
الرساله دي من داغر
يهز رأسه بالنفي:
لاء، دي من واحد صحبي بيسألني فيها عايز حاجه حلوه تكون من خمس حروف بيلعبوا لعبه على الجروب
ياسين طبعا، حلو ومن خمس حروف
رد «ياسين» بجملته هذه مسرعاً دون تردد لينظر له «عمار» قائلاً:.
ومين من الناس اللي قالك انك حاجه حلوه
نظر له بكل برود وعدم مبالاه:
مابستناش الناس تقولهالي، اصل انا الناس
قاطعت الخاله حديثهم وهي تضرب بيديها على الطاوله بغضب:
ياسين، عمار عايزاكم جوه بعد ما تاكلوا
وقفت واستقامت واعطتهم ظهرها دون النظر إليهم:
وانت يايزن انت ورعد وعلى وطبعاً بربروس مستنياك معاهم
دخلت الخاله الى غرفتها لينظر كل منهم للأخر لتنطق الطفله بسخريه:.
ماتعرفوش تقعدوا ساكتين أبداً على الأكل زي مخاليق ربنا
أسكتي انتي يازبله
كانت هذه كلمه ياسين لها «زبله» فكان يناديها بهذا الاسم باستمرار، نظرت شمس بجوارها لبربروس قائله:
اريد استشارتك بشىء ما يابربروس
وضع قطع من الجبن بفمه وهو يقول
بالتأكيد، تفضلي
اذا كان هناك شخص يعيش على أنه مسيحي ولكنه بالأصل مسلم ولكن لا يعلم فما هي ديانته الأصليه
مسلم بالطبع
كانت اجابته سريعه لم يتخذ حتى وقت للتفكير.
تنهدت شمس قائله:
متأكد
نعم متأكد ولكنه مسلم مع ايقاف التنفيذ معنى أنه لا يعلم بديانته الحقيقيه اذن فهو لا يصلي ولا يصوم ولا يزكي ولايؤدي فرائضه فبالتالي مسلم أسماً وليس فعلاً
استغرب يزن من هذا الحديث انقبض حاجبه قائلاً:
انا مش فاهم حاجه انت ناوي تأسلم ياعمار
ردت مارال مسرعه:.
هو مش مسيحي عشان يأسلم من الاول يايزن، انا دلوقتي بس فهمت ليه امي سمتك عماي وليه مش بتاخدك معانا الكنيسه وليه أمي اسلمت. دلوقتي بس فهمت انها اسلمت عشانك ياعماي
رفع بربروس يده بمرح:
حسناً فلننطق كلنا الشهاده ولتبدأ حياتك من جديد ياعمار
يبتسم كل من عمار وشمس لبعضهما البعض لتنادي عليهما الخاله من الداخل ليقفوا مسرعين جميعاً:.
يقف الجميع امامها تطلب منهم الجلوس وتخبر زهره لتحضر لهم كاسات من الشاي، ينظر لها الجميع بأنتباه
طبعاً كلكم بتسألوا انا جمعتكم هنا ليه؟
رد ياسين بثقه:
لا انا عارف
اخذ عمار يطالعه بتحدي:
وطالما عارف ما تقول
لاء، ماليش نفس بحب اوفر صوتي
أخذت الخاله حكيمه تطالعهما بزهق:
خلاص خلصتوا
اشار الاثنان برأسهما بالموافقه فاسترسلت حديثها:.
في اللحظه اللي انتوا بتتناقروا فيها وواقفين لبعض على الواحده العربي بيجهز جيش قوي بيسقيه بدمه.
خرج حسام من غرفه هدير لينتظره العربي بالخارج قائلاً:
كل حاجه جهزت مش ناقص غير شمس والسلسله وبس موتها هينهي كل شىء
ابتسم ابتسامه خبيثه:
ماتقلقش هتيجي، طول ما هدير هنا داغر هيعمل اي حاجه عشان ينقذها وهيقدملنا شمس على طبق من فضه
جذب العربي حسام من يده الى المعمل:
شايف الجيش ده، شايف المستذئبين دول كلهم انا رويتهم بدمى
اخذ حسام يطالع كم المستذئبين فهناك عدد لا حسر له منهم.
استغرب بربروس وانقبض حاجبه
ولكننا قلائل على هذا العدد
ردت الخاله مسرعه
احنا اه قليلين بس بيهم كلهم، هما قش ورق مش اكتر احنا اقوى منهم وبوجود ناس معينه معانا هنكسبهم بس بشرط
سأل عمار الخاله: ايه هو الشرط ده ياخاله
رد ياسين مسرعاً:
ان شمس ماتموتش
التفتت الانظار اليه فاستغرب هو مما قاله للتو فقال بكلمات متقطعه
انا، انا مش عارف انا عرفت ازاي بس حسيت ان حد بيقول الجمله دي في دماغي.
صح ياسين بيتكلم صح عشان العربي يبقى اقوى شخص على الارض وتكمل فك اللعنه لازم شمس تموت وده اللي لا يمكن نسمح بي كلنا
أنهت الخاله جملتها وهي تنظر لهم لينطق يزن قائلاً:.
ايوه بس تعالوا نفكر سوا لما نيجي نروح للعربي هو اكيد مش هيبقى لوحده هو وحسام واكيد هيستخدم الجيش اللي عمله لخدمته حتى لو كانوا المستذئبين دول ضعاف عشان نوصل للعربي لازم نحارب كل دوول وكمان ماتنسوش انه عايز يجيب العبقري اللي بتقوله عليه ده اذا مكانش قدر يجيبه
لا ماتقلقش مش هيقدر يجيبه من غير السلسله والسلسله مع الخاله في رقبتها
انهى على جملته وهو متأكد مما يقوله.
الخاله اكيد عارفه ان بموتي كل شىء هيموت معايا مع اني انا لو موت كل شىء هيرجع زي ما كان وهترجع هي عجوزه بتموت على سريرها وكل واحد منهم معاه موهبه هاتروح منه وأي حد اتحول بعد اللعنه هيموت عشان كده ياحسام انا ماينفعش اموت مهما حصل انا لازم ابقى اقوى وبعد كده هموتهم واحد واحد براحتي.
دب الرعب بقلب« رعد» عند سماع ما قيل للتو
تقصدي ايه يعني لو العربي مات ميرا كمان هتموت
مش عايزاك تقلق يارعد انا عامله حسابي لميرا مش هخليها تموت عشان هخليها تلبس السلسله وطول ما هي لابسه السلسله هتبقى في امان
تنهد «رعد» بعدما تغلغلت الطمأنينه الى قلبه
شرد يزن بتفكيره قليلاً:.
برضوا احنا ناسيين الرصاص مابيأثرش فيكم وبتقدروا تقوموا منوا وجرحكم يلم وبكده انا ورعد وعز مش هيبقى لينا لازمه وهنعرض حياتنا للخطر بدون اي داعي لكن لو قدرنا نوفر السم اللي اخترعوا الغريب اللي اتحقن بي على ونملى مسدساتنا بي على هيئه حقن كده هنقدر نموت كم كبير من المستذئبين
رفعت الخاله حاجبها الايسر:
ودى برضوا حاجه تفوتني نادي على الغريب ياعلي.
جاء الغريب ومعه كميه من السم بيده يتكلم كعادته بكلماته المتقطعه
انا. انا جه. جهزت. كل. كل شىء
رفع «ياسين» كف يده وأشار للغريب
كفايه انت كده ياغريب عرفنا انت تقصد ايه؟
عادت الخاله تسترسل حديثها من جديد:
السم موجود وكل شىء جاهز ومن بكره الصبح هاخد شمس لمكان مايعرفهوش بني ادام علشان تبقى في أمان ونخلص من العربي
سيبولي انا حسام.
جائت هذه الكلمات من الخلف لينظر الجميع ليجدوا داغر ومعه عز ينظر اليهم بكل يأس
مش هينفع تاخدوا شمس، شمس لازم نسلمها للعربي
استغرب الجميع مما يقوله داغر لتطلب منهم الخاله بهدوء الخروج جميعاً ليتركوهما بمفردهما قليلاً.
يخرج الجميع بالفعل ويبدأ الغريب بالأنسحاب فيسمع ياسين صوت شيئاً ما يهتز بجيبه يضع يده على جيبه ليطفئه مسرعاً ويظهر الأرتباك على ملامحه يشعر عمار بشىء ما غير طبيعي ليتحرك خلفخ دون أن يراه ليذهب خلفه بهدوء ليجد ياسين يقف أمام نافذه الغرفه الخاصه بالغريب يضع اصبعه على فمه حتى لا يصدر اي صوت ليسمع كل منهما الاخر الغريب وهو يتحدث بالهاتف قائلاً
ايوه. ايوه ياعربي بيه كل. كل شىء ماشي تمام.
انا هحطلهم السم في الاكل كلهم ما. ماعادا شمس زي. زي ما اتفقنا ولو. لو ماقدرتش خطه هدير شغاله داغر قال انه. انه هيسلمك شمس
ينظر كلاً من عمار وياسين بعضهما البعض والصدمه تعتلي ملامحهم فيضغط ياسين على شفتيه بحده قائلاً
ده انا هخرب بيته.
التعليقات