رواية الهجينة الجزء الثاني للكاتبة ماهي أحمد الفصل الثاني والخمسون
كم ق براً سأحتاج لأدفن كل ما م ات بداخلي!
إن الأبشع من الشعور السىء هو محاوله كتمان ماتشعر بهِ ربما تعتاد الروح على اعطاء الحنان بالرغم من فقده، فأسوء شعور يمر على المرء أظهار عكس ما بداخله شعور مم يت، مم يت الى حد لا حد لهُ.
كما المعروف نتائج حماقاتك تتحملها وحدك ولكن في قاموس ياسين حماقات الأقرب لقلبه يتحملها هو، كحماقات شمس التي تزداد سوءاً يوم تلو الأخر. هكذا الوضع مازالت تستند برأسها على صدره يمسح بأصابعه على خصلاتها بهدوء تشعر بالسكينه والأطمئنان نطق ياسين بما شعرت وكأنها تسمعه للمره الأولى: مرتاحه انتِ كده ها.
أنتهى شرودها ترفع رأسها من على فؤاده فثبت هو رأسها بكف يده على صدره قائلاً بمشاكسه: رايحه فين ده انا ماصدقت.
أنهى كلماته وتركته تركت عينيه متعلقه بها بعدما أجبرت شفتاها على الأبتسام، تترجل من السياره تابع أثرها بعينيه حتى وقفت تسند بظهرها على مقدمتها ضغط على زر تشغيل الكشافات ودون قصد فتح المذياع لم يغلقه بل تركه ورحل خلفها وقف أمامها يتأمل ملامحها الباهته اقترب منها وأمسكها من خصرها ثم رفعها وأجلسها على سطح مقدمه السياره تفاجأت شمس مما فعله حاولت النزول ولكنه طالعها بنظراته لديه القدره دائماً على سلبها منها بنظراته البريئه لها، حاولت الهروب بعينيها بالنظر ارضاً حاولت كتم شهقاتها مد يده ليلتقط ذقنها رافعاً رأسها لأعلى يطالعها بعيونه السوداء كسواد الليل يحاوط كفه كفها بحنان: مافيش سبب في الدنيا يستاهل ان دموعك تنزل عشانه.
ثم أشار على نفسه متابعاً: وطول ما الروح جوه الجسد لسه ماخرجتش اعرفي ان كل حاجه هتبقى تمام
قال كلماته عل يبث بها بعض القوه وحاوطها بعيناه شعرت وكأنها تغرق داخله استرسل حديثه بقول: اعرفي اني هفضل معاكي دايماً وجنبك، وعايزك تعرفي ان ابن الصاوي بيحس بيكي ياشمس
لمعت عيناه ببريق مختلف وهو يخبرها الأتي: تعرفي ان امي الله يرحمها.
كمشت حاجبيها باستغراب على تغيير مجرى الحديث هكذا فجأه فهز رأسه بالأيجاب يتابع قوله: اه ما تستغربيش ما انا برضوا اتولدت من ام زيكم مش زرع شي طاني.
فابتسمت من بين دموعها بعدما جذب انتباهها فهذه هي المره الأولى التي يتحدث بها عن والدته الحقيقيه فأكمل هو يخبرها بعدما رأى بعينيها تطلب المزيد: كانت بتقولي الضحكه الصافيه اللي بتطلع من جوه القلب وانتَ في عز غ ضبك دوا لقلوب نهشها الوجع، اضحك ياياسين أضحك في وش الوجع يمكن الوجع يختشي على دمه ويسيبنا في حالنا ويمشي.
تابع بابتسامه مصاحبه لقوله: الظاهر كان عندها حق ياشمس لما سمعت كلامها طلع الوجع بيختشي من الضحكه اللي بتطلع من القلب بجد لمجرد انك مع ناس بترتاح معاهم وبتطمنلهم من وقتها وانا سمعت كلامها وبحاول اضحك في عز وجعي
تابع كلامه بتأثر: وانا عارف انك موجوعه، وعارف انه هييجي اليوم اللى هكون فيه اول واحد تشتكيله وجعك وترمي عليه حمولك وهبقى السبب في ضحكتك في عز وجعك بس كله مع الوقت.
استدار يعطيها ظهره يطالع الفراغ أمامه: اللي انا معنديش اكتر منه وانتِ تستاهلي
طالعها مره أخرى يخبرها بصدق نابع من عينيه: تستاهلي استنى عشانك طول الوقت من غير حساب
فاختتم هو بنبره أذابتها كلياً بما قاله سابقاً: أضحكي ياشمس. عشان ضحكتك بتنور دنيتي
قالها بابتسامه وتوجه للدخول بداخل السياره فنطقت هي بما اوقفه: كنت مرعوبه.
ظهرت ابتسامه جانبيه على شفاه فاستدار بصمت لتسرد لهُ مايريد سماعه: بالرغم أني مكنتش برد على اتصالاتك بس قلبي كان متعلق بدعا واحد بس وهو أنك تبقى جنبي ومعايا وبالرغم أنك كنت بعيد بس احساسي مخيبش انك هتيجي وتنجدني من اللي كنت فيه
أقترب منها فطالعته بحزن ظهر في عينيها حين تذكرت ما فعله بها فريد منذ ساعات مضت: اول ما هجم عليا حسيت ان الدنيا ضلمت حسيت أني مش قادره اخد نفسي، احساس وحش اوي ياياسين.
احتضن عينيها بنظرات اسفه يعتذر لها على ذنب لم يرتكبه فأكملت بنبره مرتعشه: لما لمس جسمي كنت حاسه ان في جبل واتحط فوقيا
مطت شفتيها وابتلعت غصه مريره في حلقها قبل ان تسترسل:.
حسيت ان نفسي بيتسرق والدنيا ضلمت، حسيت ان رجعت تانى أيام القبو وانا محبوسه بين اربع حيطان بس المره دي اتحبست بين أحضانه ومش عارفه اخرج، كنت هستسلم. كنت هستسلم من كتر الوجع اللي كنت حساه بس قبل ما تفتح الباب حسيت بيك وحسيت بقربك مني في المكان حسيت ان الدنيا نورت بقربك مني.
لمعت عيناه بدموع وقفت على حافه رموشه تنذر بنزولها تأثراً بحالتها مسح دموعها يعيد خصلاتها الجانبيه خلف أذنها ثم أحاط وجهها بين كفيه يطمأنها بقوله المصاحب لبسمته:
هووووووش كله مشي. كله راح ياشمس مافيش حاجه وحشه هتحصلك تاني
قبل رأسها وهو يعتذر محملاً نفسه ذنب ما حدث:
الغلط من عندي لو مكنتش سافرت وسيبتك مكانش حصل كل ده، بس ده مش هيتكرر تاني خلاص.
احتضنها وكأنه يثبت لها بأنه هنا جوارها دائماً وأبداً تشبثت بهِ أكثر فشعور الأمان الذي تشعر بهِ الأن لا يضاهي اي شعور شعرت بهِ من قبل فبادرت بقول ماتشعر بهِ سانده رأسها على فؤاده:
حاسه اني عاجزه مش قادره افكر ولا اتكلم حاسه اني محتاجه عكاز اتعكز عليه من كتر ضعفي
لم يستطع منع نفسه وأبعدها عنه ببطىء حين طالعها بعينيه الصافيتين بنقاء صادق نابع منهما:
يبقي خدي قلبي اتعكزي عليه
فكرر طلبه برجاء:.
اتعكزي على قلبي يمكن ترتاحي ياشمس
قال لها هذا فشعرت بخفقان قلبها تنبض بالأطمئنان فقط لأنها بجواره مسح دموعها فأخبرها بقوله المصاحب لبسمته:
اضحكي بقى. عشاني
حاولت الأبتسام فالتقطت أذناه في الخلفيه كلمات الأغنيه في المذياع وهي تقول:
تهب يارياح الحياه دايماً بما لا أشتهي واللي السنين مقدماه غير اللي قولت نفسي فيه يلاقي قلبي فين دواه واللي أذاه اقرب ما لي ده جرح بيعلم.
تركها يتجه الى السياره تتبع هي أثره بعينيها فوجدته يرفع صوت المذياع قليلاً ينظر اليها سائلاً:
مش ده صوت نمره حمزه اللي أنتِ بتحبيه
ضَ ربت بكف يدها على جبينها فاقترب منها هو بخطواته فأجابته قائله:
حمزه نمره ياياسين احفظه بقى
فوضع يده على خصرها يقربها منه أكثر انكمش حاجبها سائله وقبل ان تنطق فأكمل هو بقول:
هحفظه عشانك. تسمحيلي بقى بالرقصه دي.
ابتسمت باستغراب فقبض بلين بكف يده على كفها يلفها مره في الثانيه على انغام الأغنيه وهي تقول:
ركز ياقلبي فاللي جاي والف شكر للي باع ماصانش حتى بق شاي سلام ياتلتوميه وداع واللي لقانا مايسعوش في خانه الوداع تساع مشاعرنا مش لعبه
لفها بكف يده وعادت شمس الى احضانه من جديد بعدما لفها عده مرات تخبره بابتسامه:
بس دي اغنيه حزينه ماينفعش نرقص عليها.
انكمش حاجبه باستغراب يتمايل بها يساراً ويميناً يردد كلماتها ومازالت كلمات الأغنيه في الخلف:
حزينه! غريبه اومال انا مش شايفها حزينه ليه؟
فأجاب على نفسه يقصدها بكلماته:
ممكن عشان انا مش عايز اشوفها حزينه
فابتسمت ابتسامه عريضه بعدما فهمت قصده ابتسامه نابعه من قلبها بصدق اقتربت منه تطالع عينيه الصافيتان وبدأت بقول:
أنا كمان مابقيتش شايفه الأغنيه حزينه.
فداهمتهما منتصف الأغنيه من جديد بموسيقى عذبه راقصها هو واضعاّ كف يدها على فؤاده واستجابت هي لهُ يتمايلون على أنغام الموسيقى
يسمع صوت ضحكاتها من بين شفتيها ابتسامه نابعه من قلبها بصدق وهو كان السبب بها
اسندت برأسها على صدره وأخذ هو يربت على خصلاتها بلطف سكنت تماماً بداخل أحضانه وهي تتعجب من جمعه للنقيضين قبل قليل كانت تشعر ان خوفها كله هو السبب فيه والأن أمانها كله معه.
بينما هو يفكر وهي بداخل أحضانه في القادم.
تلاحقت الأنفاس في صوره غير منتظمه، انفاس أنهكها التعب، تقف ساره الأن على اعتاب منزل خالها فهو كل ما تبقى من عائله والدتها دق يزن الباب بدقات متتاليه ولكن دون رد فطلب بألحاح:
مش قولتلك ياساره مافيش حد جوه تعالي معايا نرجع شقتي
اعترضت ساره بعدما أسندت ظهرها على الحائط والتعب بدى على وجهها جلياً:
لاء كفايه عليك أنتَ كده يايزن أنتَ معايا من الصبح ومانمتش من امبارح انا هرجع عند خالي.
اشار الى حالها الذي يرثى لهُ:
مين قالك اني تعبان بس. خليكي في نفسك ياساره أنتِ شايفه حالتك عامله ازاي وبعدين مافيش حد جوه
وما انتهى من قوله حتى سمع خطوات احدهم يقترب من الباب فابتسمت ساره قائله:
شوفت اكيد كانوا نايمين هيفتحوا دلوقتي
ومامرت إلا ثواني ففتحت ابنه خالها الطفله التي لم تتجاوز السابعه من عمرها تبسمت ساره تستعد للدخول بقول:
أنتِ اللى صاحيه ياخديجه اومال فين خالي ومرات خالي.
أتت من خلفها زوجه خالها التي صدمتها بقول:
خالك مش موجود ياحبيبتي او بصراحه كده موجود بس مالهوش وجود
فأتى خالها من الخلف يبتلع ريقه بعدما كسا الخجل ملامحه من ابنه شقيقته الواقفه على اعتاب منزله فبادرت ساره بسؤالها الناتج عن عدم فهم:
تقصد ايه طنط بالكلام ده ياخالي
لم يقدر على النظر اليها بل وضع عيونه بالأرضيه فأجابت زوجه خالها بدلاً عنه:.
يعني ياحبيبتي القرشين اللي كنتي بتدهوملنا عشان نقعدك معانا بيهم خلاص، خلصوا، بح. كفايه طول العشر سنين اللي فاتوا دول شلناكي وخدمناكي فيهم وخلصتي جامعتك وكمان اتخطبتي يبقى كفايه علينا لحد كده أنتِ دلوقتي واحده مريضه وعايزه حد يشيلك ويشيل مرضك وأنا مافييش صحه لكل ده.
كان عقلها عاجز عن الأستيعاب لم تصدق ما تفوهت به تلك المرأه الواقفه امامها الأن، بهتت تقاسيمها وهي تسمعها اضافت كلماتها عليها المزيد من الأرهاق وزاد عليها التعب بشكل كبير بعد أن قضت يوماً حافل بالمشفى حاولت ساره
ان تجمع كلماتها ولكن تفاجأت بفعله يزن بعدما بصق على خالها وانخرط بغض به:.
أخص على اللي سماك راجل أنتَ راجل أنتَ بعد كل اللي ساره ادتهولك من ورث امها ووقفت جنبكوا طول السنين اللي فاتت دي تعمل فيها كده دي صرفت كل فلوسها عليكم وعلى جوازه بنتك
ليست كلمات بل صفعات متتاليه لم تطق زوجه خالها سماع كلماته فأردفت بغضب:
زي ما هي ادتنا احنا ادناها كنا بالنسبالها العيله والأمان وبقت وسطنا طول العشر سنين اللي فاتوا يعني خدمه قصاد خدمه لكن بقى مرض ونطبطب ونسهر وندلع لاء كفايه لحد كده.
طالع زوجه خالها باشمئزاز واضح بعينيه:
اقسم بالله لو ماكنتي ست لكنت عرفت شغلي معاكي وساره اللي مش عايزاها دلوقتي وبتطرديها من بيتك عشان المرض عرف طريقها بكره اجيبك تبوسي جزمتها عشان بس تنولي رضاها وحياه قهرتها قريب اوي اندمك على كل كلمه قولتيها في يوم. يلا ياساره
استدار ليتابع سيره متحكماً بذراع ساره التي بدت معترضه بقول:
استنى يايزن.
اقتربت ساره من خالها بعيون دامعه لتجده يرفع نظارته يمسح بسبابته دموعه فابتسمت من بين دموعها وهي تقول:
بلاش تبكي ياخالو انا عارفه ان مافيش بأيدك حاجه ماتزعلش من يزن هو مش قصده
هنا تحدث يزن يربت على كتفها اثناء قوله:
يلا ياساره مالهوش لازمه الكلام ده ئلته احسن
طالعها فوجد توازنها شبه يختل، أدرك ان حالتها ليست الأفضل فدقق التركيز يسألها:
أنتِ كويسه.
أشارت برأسها بالايجاب فقرر هو أن ياخذها معه الى المنزل يكرر عليها سؤاله اثناء قيادته للسياره:
ساره لو حاسه بأي حاجه قوليلي اوديكي المستشفى حالاً
هزت رأسها نافيه فأكمل بها الى حيث منزله، فتح باب منزله فرأى ترنحها تقبض بكف يدها على رأسها اسرع هو لمساعدتها فتح الباب بمفتاحه ودخل بها تتكىء عليه حتى تمددت على الفراش فأسرع بقول:
هجبلك الدوا حالاً.
تقدم خطوات قليله للأمام ثم استدار يطالعها فتابع قوله عل يبث لقلبها الطمأنينه:
كل اللي بيحصل ده طبيعي الدكتور قال ان بعد الجلسه هتحسي بتعب ودوخه وترجيع
وقبل ان ينتهى من حديثه حتى وجدها تخفض رأسها لطرف الفراش تشعر بالغثيان هرول ناحيتها يضم كف يداه الأثنان ببعضهما يستقبل غثيانها بين يديه لم يشمئز من غثيانها القابع بين كفيه
حاولت منع نفسها بصعوبه من البكاء ولكنها لم تفلح بكت تطالعه بعيون دامعه:.
أنا أسفه مكانش قصدي ماعرفتش امسك نفسي مره واحده لاقيت نفسي بستفر
فبتر هو حديثها يمسح يده بالمنشفه بجواره:
ساره أنتِ بتقولي أيه؟
لم يتحمل عبراتها المتتاليه من عينيها فجلس بالجهه المقابله لها على طرف الفراش يتابع حديثه سائلاً:
ساره أنتِ مكسوفه مني؟
هربت بعيونها تطالع الفوضى التي احدثتها على الفراش رفع ذقنها حتى لا تهرب عيونها عنه:
بتخبي عيونك مني ليه؟
طالعته بثبات تخبره بما تشعر:.
خايفه لا تقرف مني، هتفضل لحد امتى تضيع عمرك عشاني
رد دون تردد:
العمر كله
فكرر يؤكد على كلماته سابقاً:
العمر كله ياساره، تحت رجلك عمري كله ولو طولت اعيش عمرين على عمري بس لخدمتك هعيشه وانا راضي.
كل اقواله في هذه الليله تأسرها كلماته الحانيه بأمان مست قلبها اقترب منها فتاهت في عينيه وقبل ان تنطق بما تريده شعرت بالغثيان مره أخرى هرولت على دوره المياه تقف امام الصنبور حانيه رأسها حتى لا تحدث فوضى من جديد هرول هو خلفها يمسح على رأسها يعيد خصلات شعرها للوراء بحنان وبعد أن انتهت استدارت له تمسح فمها بظهر يدها سائله:
هو أنتَ بتحبني أوي كده ليه؟
اقترب منها اكثر يخبرها وهو يراقب تفاصيل وجهها وكأنه يحفظها:
عشان أنتِ قاسيه أوي على نفسك فلو كنتِ مابتحبيش نفسك أنا هحبهالك
لمعت عيناها ببريق مختلف فنطق بما يطمئنها:
أنا رافض أني اقبل أنك تكوني خايفه
عادت البسمه لها من جديد من بين دموعها وقالت بامتنان حقيقي لهذه المشاعر:
انا مش خايفه من المرض انا خايفه مابقاش معاك.
أنهت جملتها فدمعت عيناه ضمها الى فؤاده بقوه لمساته الحانيه بأمان مست قلبها حاوطته بذراعها هي الأخرى تغلل شعور الأمان الى قلبها سكن كل شىء حولهما وغمرها موجه من الدفء بين احضانه
–
لم تهدأ زهره منذ الساعه التي علمت بها بعدم وجود أبنتها داخل المنزل طلبت الطبيب بعدما بحثت عنها بكل مكان بالقريه تجلس الخاله بتوتر بجوارها بعدما شعرت
بالخ وف والق لق بسبب عدم تواجدها تلقى الطبيب اتصالها يهتف بضجر:.
عايزه ايه يازهره؟
الحقني ياعلي
خرجت كلماتها منها بشهقه مكتومه اتلفت اعصابه مما جعله يسأل بلهفه:
في ايه يازهره مال صوتك؟
هتفت بقهر مرارته في حلقها كالعلقم:
شمس، شمس مش موجوده في اوضتها من المغرب دورت عليها في كل مكان في القريه حتى عم نصير روحتله مالقيتهاش بتصل بيها تليفونها مقفول
قطب الطبيب حاجبيه بتساؤل:
أنتِ مش عارفه أنها في القاهره؟
استكملت هي بحزن وتوالت بالأسئله على الطبيب:.
لاء معرفش اوعى يكون ياسين غصبها انها تنزل معاه على مصر
تنهد بعدم رضا:
يادي ياسين اللي واكل دماغك بنتك مش صغيره ياسين نفسه مايعرفش انها في القاهره واستغرب زيك بالظبط هو عرف طريقها ورحلها بحاول اكلمه بس ما بيردش هو كمان انا قلقان ومش فاهم في ايه
لم تصدق فكل أنش يخبرها بالعكس لذلك هتفت بعتاب:
وهو اللي مفهمك كده وانتَ طبعاً زي الأهبل صدقته
سقط حديثها كدلو ماء بارد على مسامعه فردد كلماتها بعدم تصديق:
اهبل!
فأهملت قوله وعادت تحذره من جديد بضيق:
بنتي ترجعلي في أقرب وقت وأنتَ اللي هترجعهالي ياعلي انا مش هكلم ياسين أنتَ أولى بي مني
أغلقت زهره الهاتف من دون حتى القاء السلام تعلم أنها بدايه النهايه بينها وبين الطبيب ولكن لم تكترث للأمر فكل ما يهمها الأن هو ابعاد ابنتها عن ياسين سأمت الخاله من حماقاتها المستمره سندت بيدها على عكازها تحذرها من جديد:.
اللي بتعمليه ده مش في مصلحتك يازهره، أنتِ كده بتخسري على واللي يخسر ولدي يخسرني
بقت صامته امامها ولم تتكفل عناء الرد اكملت الخاله امام صمتها:.
طول عمري معتبراكي زي بتي وقريبه مني رغم أني كنت بحب المهدي وكبرت معاه لسنين بس لما شافك وافتكر فيكي مهجه مراته الاولانيه معترضتش على جوازكم وقربت منك اكتر وخصوصاً لما م ات واتغ در بي كنت بشوفوا في ملامحك أنتِ وشمس بحس بوجوده طول ما أنتوا موجودين حواليا، ساعدتك كتير ومعنديش مانع اساعدك أكتر ولما ولدي طلبك وحبك وافقت ورحبت عشان تفضلي أنتِ وشمس في حضني بس أنتِ مش هتيجي أغلى من ولادي يازهره ياسين وعلى دول ولادي اللي حجري اتملى بيهم من بعد دنيا فاضيه ومش هسمح اشوفك بدمري على قدامي واسكت.
سألت زهره بنفاذ صبر:
عايزه تقولي ايه ياخاله؟
طالبت الخاله بتبرير فوري لما تفوهت بهِ زهره للطبيب ابدت زهره انفعالها وهتفت بضجر:
زي ما أنتِ خايفه على ولادك اللي مش من صلبك أنا كمان خايفه على بنتي اللي من لحمي واللي هييجي عليها ويقرب منها هاكله بسناني
تابعت بقلب أم خائفه على طفلها:.
ياسين مايصلحلهاش ياخاله ومش هسمح ابداً انه يلمس شعره منها في يوم ولا تكون حلاله أنا أم وعارفه مصلحه بنتي كويس هي لسه صغيره وفي غشاوه على عنيها من اللحظه دي انا هاخد حسان وارجع بيتنا القديم عشان اعرف احافظ على بتي فيه
قالتها وقد داهمتها الدموع وتجمعت في مقلتيها:
ماتزعليش مني ياخاله بصيلى بعيون أم خايفه على ضناها الضنا اللي أغلى من كل شىء وده ياسين اللي مهما اتغير هيفضل برضوا ياسين.
غادرت زهره المكان وتتبعت الخاله اثرها بعينيها تغلق الباب خلفها أدارت وجهها بصمت تجلس على المقعد والدهشه تملؤها وتردد بذهنها سؤال لم يسمعه أحد الا هي:
معقول يازهره ترمي حب على ورا ضهرك بطريقتك دي بكره تندمي في وقت ماينفعش في الندم عليه.
مازال يقبض على هاتفه بكف يده لم يستوعب ما بدرَ منها منذ لحظات أتى بربروس من خلفه قائلاّ:
عمت مساءً ياأخي
رد متهكماً:
بربروس مش فايقلك
علم بحدوث شىء ما بسبب الضيق في نبرته فسأل بجديه:
ألم تعلم عن ياسين وشمس شيئاً بعد
تنهد بضجر وهو يمسح على وجهه ثم قال اثناء جهاده ليلزم الهدوء:
لاء لسه ماردش
قطب حاجبيه يجلس بالمقعد المقابل له ُ سائلاً:
ماذا بكَ ياصديقي أحدث لهم خطباً ما.
جاهد لكي لا يتفوه بشىء بعدما أجبر شفتيه على الأبتسام نافياً لسؤاله:
لا ابداً مافيش حاجه أنا بس
قطع حديثه دقات الباب المتتاليه فأسرع بربروس بفتحه ليجد أول شخص تمنى أن يراه
وجد مارال أمامه ابتسم ابتسامه حانيه لرؤيتها وانمحت ابتسامته سريعاً عندما رأى الضجر يطغى على ملامحها تراجع ليعطيها فرصه للدخول ولم تنتظر هي بل دفعته للخلف مما جعله سائلاً بهدوء لكي يمتص غ ضبها:
ما بكِ يابلوتي والباء حاء.
أثار غيظتها بهدوئه مما جعلها ترد بطريقته:
بعمل عمل خيي ومابلاقيش مقابل قصاده
فجادلها ساخراّ:
ذكريني بعمل خيري واحد اقدمتي عليهِ بحياتك
حبيتك
جمدته اجابتها جاهد لألتزام الهدوء فنطقت بعينين لامعه:
أيه اللي أنتَ هببته ده يابيدقوس ييضيك كده اهوه اخويا هيتنيل يجوزني ل كي كي هو مش احنا كنا متفقين بلاش ياسين يتكلم خالص ونسيب دكتوي على هو اللي يتكلم
استدار الطبيب يطالعها بابتسامه بسيطه:
اهدي بس يامارال.
اشار لها بعينيه يحثها على الجلوس فقابلت طلبه بالرفض:
ماينفعش انا سايبه ماما لوحدها واخويا ممكن ييجي في اي لحظه
وجهت حديثها ل بربروس بعتاب:
أنتَ مقديتنيش يابيدقوس
فأكملت بنحيب:
ده حتى الويد اللي أنت جايبه بيحتاج تقديي
طالعها هو بعدم فهم:
ولكنك لستِ ورده يامارال
رد لها ما شعر به منذ ثواني فوجهت حديثها للطبيب:
شايف، شايف يادكتوي على بيقول ايه قول بقى انك مش عايز اصلاً الجوازه دي وانا هايوح اتجوز كى كي.
تلاعب مارال بالكلمات واضح بالنسبه لهُ فأخذ يستغفر ربه هامساً وهو يقول بنفاذ، صبر:
أهذا اعتقادك فلا والله وبعقد الهاء لن أتركك لهذا المدعو المثير للسخريه والاشمئزاز وما هذا الأسم اللع ين هل انتهت الأسماء من على وجه الأرض
اردفت بغ َضب:
اللعين ده لو ماتصيفتش بسيعه يابيدقوس هيبقى جوزي واخويا هيصمم نعمل اكليل كامل في اسيع وقت.
أخبرته بدموع تتلألأ بعينيها ملامحها البريئه اقرب من الوتين للقلب طالعها هو يخبرها بصدق نابع من قلبه:
اتعلمين بأنك حبراً ضممته من دون راء الى قلمي والميم باء، أرعونه أنتِ خرقاء فوالله وبعقد الهاء، لن أتركك لغيري، حتى لو أخاكي شاء فقد أصبحتِ لي قمر والميم دال ولا يستطيع أحداً الهروب منه الا الجبان
لانت تقاسيمها تطالعه بحب يطالعهما الطبيب ببسمه مشفقه على جنونهم يقول بداخله:
مجانين والله.
أتي الفجر وانتشر ذلك الضوء الذي يبعث الراحه في النفوس نسمات منعشه تعم الأجواء خصيصاً بتوقيت الفجر من يراهُ أثناءالذهاب يقود بسرعه جنونيه وكأن الموت يهرول خلفه يقود بلا اي ذره تعقل لا يراهُ الأن وهو يعود مطمئناً فقط لأنها بجواره توقف ياسين بالسياره أمام مقهى الفيشاوي ذاك المقهى الذي طالما كان يتردد عليه قبل معرفته بالضبع أمرها بالنزول فترجلت من السياره بتردد سائله:
أحنا بنعمل ايه هنا؟
قبضت بكف يدها على حقيبتها وبداخلها مذكراته فأجابها بما تود سماعه:
طالما عدينا على الشارع ده فحبيت اعرفك على القهوه اللي عيشت فيها أجمل ايام حياتي
سألها بهدوء وتوسلت عينيه للقبول:
ايه رأيك تحبي نقعد فيها شويه.
وأمام نظراته بعيناه الصافيتان تلك لم تستطع الرفض أشارت برأسها بالموافقه وتحركت معه طواعيه حاوط كف يدها لكي يعبر بها الطريق نزلت عيناها الى كف يدهُ المتشبث بكفها تبتسم ابتسامه حانيه بأمان فأشار لها بيده للجلوس على أحدى الطاولات يخبرها بحنين نابع من قلبه لهذا المكان:
تعرفي المكان ده لي عندي ذكريات كتيره أوي.
فانصتت لهُ باهتمام سندت وجهها بكفها تتذكر ما دونه بالمفكره الخاصه بهِ عن هذه القهوه كم مره حثها فضولها وأتت الى هنا بمفردها لمعرفه ما تبقى من القصه، ما الشىء الناقص الذي لم يدونه اسئله كثيره وضحت بعينيها فأرضى هو أسألتها بقول:
القهوه دي احسن حاجه فيها انها مابتتغيرش تخيلي ان بقالها اكتر من 120 سنه جه فيها شعراء وادباء كتير اوي.
استكمل حديثه يدور بعينيه وهو يطالع كل أنش بالقهوه، يدرس ما طرأ عليها من تغيير أيضاً فابتسم ابتسامه حانيه عند رؤيته للصور الفوتوغرافيه بالأبيض والأسود الموجوده بالحائط فأشار لها بسبابته بلهفه مراهق يشتاق لذكرياته:
شايفه. شايفه الصور دي. دي صوره محمود درويش أكتر شاعر كنت ومازالت بحبه وحافظ كل اشعاره كان بييجي هنا كل ما ينزل مصر ويقعد مع نجيب محفوظ هو اصلاً فلسطيني عرفاه
فأشارت برأسها بالأيجاب قائله:.
أه طبعاً عرفاه
فاستكمل حديثه ببريق يلمع بعينيه:
مكانش لي ساعه معينه بييجي فيها وكنت بفضل استناه هنا بالساعات على طرابيزتي من كتر ما كنت باجي هنا كان ليا طرابيزه معينه هي اللي بقعد عليها ومن كتر ما صاحب القهوه عرفني وعارف قد ايه انا كنت بحب محمود درويش خلى الطرابيزه دي ليا وعشاني وخلاني أكتب عليها أسمي بالطباشير وكنت كل ما أجي هنا امشي على خطوط اسمي بالطباشير لحد ما أسمي أطبع على خشبها.
لمحت عينيه اللامعتين بسعاده فهتفت سائله:
للدرجه دي كنت بتحبه
ابتسم وقد وصلت الى سبب ابتسامته:
كنت بعشق حروف قلمه وكلامه
وقفت أمام الصور الفوتغرافيه تشير بأصبعها عليه:
أنتَ اللي هناك ده.
كانت صوره بداخلها الشاعر محمود درويش يجلس بالمنتصف واضعاً قدم فوق الأخرى ومن خلفه شباب المقهى يرتدون البذلات يظهر بينهم ياسين والطبيب بالطبع كان مازال شاباً لم يتعدى العشرينات من عمره كانت ملامحه أصغر مما تبدو عليه اليوم فسألها بدهشه بوجه ضاحك غامزاّ لها:
لاء لعيبه، عرفتيني ازاي
وقبل أن تنطق بالأجابه وجدت من يتكلم من خلفهما والرعشه تمتلك صوته يتعكز على عكازه بمعاناه يخبره:
أنا ذات نفسي عرفتك.
استدار الأثنان ليجدا رجلاً مسن يتجاوز التسعين من عمره قائلاّ بجديه تمتلك الدهشه ملامحه:
ياسين الصاوي مش كده بس ازاي وانتَ لسه شباب ماتغيرتش
طالع كلاً من ياسين وشمس بعضهما بحيره:
أنتَ مش عارفني انا محمد العيل الصغير اللي كنت بتاخدني على رجلك لما مالقاش مكان لما محمود درويش ييجي في القهوه ونسمع أنا وأنتَ الشعر بتاعه جدي هو اللي كان صاحب القهوه دي وقتها
حاول ألا يتفوه بشىء يندم عليه لاحقاً.
تنهد قبل أن يقول بعينين برعا في تحويل الكذب للصدق:
ايوه. ايوه افتكرت محمد العيل الصغير اللي كان بيحب كنت بتقعد على رجلي
اشار الرجل برأسه بحماس بالموافقه:
ايوه
وكنت بتلبس دايماً شورت كحلي وكان نفسك تطلع دكتور
ابتسم الرجل ابتسامه عريضه يحاول أن يفرض جسده من كثره انحناءه:
أيوه
ولما كان محمود درويش بيتأخر كنت بتحب تسمع الشعر بتاعي
ارتفعت أمال المسن كثيراً ناطقاّ بالأستجابه فهز.
ياسين رأسه بالرفض مخيباً أمال الرجل في لحظه وهو يقول:
لا مش انا ده جدي
لم يصدق فكل شىء سمعه والشبه يخبره بالعكس لذلك أقترب منه وسأله من جديد:
أنتَ متأكد يابني ان ياسين الصاوي ده يبقى جدك
اضاف ياسين وقد زرع الألم في عينيه بالأجبار يتصنع الكذب ببراعه:
ايوه للأسف جدي ومات من عشر الاف سنه ادعيله بالرحمه ياحج وانا طالع نسخه منه اصل امي كانت بتحبه ابوها بقى ولازم تحبه
أصل انا سمعت
فبتر حديثه قبل ان يكمل:.
ايه اللي أنتَ سمعته؟ اوعى تصدق اي كلمه من اللي قولتهالها ده انا بسرح بيها مش اكتر وهي هبله وبتصدق انا جدي كان بيحب يحكيلي كل حاجه كانت بتحصل معاه في قهوه الفيشاوي وحكالي عنك كمان
طالعته شمس بنظره معاتبه فأشار لها يرفع حاجبيه مع ابتسامته الساحره فوافقته وهي تقول:
علي فكره بقى انا عارفه انك بتسرح بيا هو برضوا ياحج في واحد يبقى عايش اكتر من تسعين سنه ولسه شباب كده
اقتنع العجوز بحديثهما فابتسم وهو يردد:.
الطرابيزه اللي كان جدك ياسين بيقعد عليها لسه موجوده هي وطرابيزه محمود درويش اصل كنت بحب شعر جدك اوي زيه زي محمود درويش عشان كده احتفظت بالطرابزتين دوول بس هي في المخزن هبعت الولد يجييها.
لم يكد يصدق ياسين ما قاله وما مرت سوى ثواني حتى اتى بها الشاب من المخزن جلس ياسين عليها يمرر أصبعه على خطوط اسمه تجلس شمس بجواره على مقعدها يطلب مشروبه المفضل أما عنها فقد طلبت كوباً من القهوه اخرجت هاتفها من حقيبتها لتلتقط صوره للطاوله التي تحمل اسمه فسألها باستفسار عن سبب أخراجها لهاتفها فتحت كاميرا الهاتف وهي تقول:
هاخد صوره للطرابيزه وهي عليها اسمك.
فبحث بعينيه قبل ان تلتقط الصوره ليجد قطعه من الطبشور ملقاه بالأرضيه اسرع بالتقاطها يدون أسمها بجانب اسمه شمس يشير لها بعينيه قائلاً:
دلوقتي تقدري تصوري براحتك.
ابتسمت بعدما التقطت الصوره تضع كوب القهوه على الطاوله بعدما ارتشفت منه قائله:
معقول كنت بتقول شعر زمان
هز رأسه بغرور يصوب عينيه أتجاهها
احمدي ربنا بقى أنك قاعده معايا
هربت بعينيها منه واتسعت ابتسامتها:
ايه الغرور ده كله كان في ناس بتقول عليك مغرور وانا كنت بكذبهم
فنطق مؤكداً:
لا أنا مغرور فعلاً هما ماكذبوش
فطالبته بنبره لم يستطع الرفض بعدها:
طب ماتقولي حاجه من اللي كنت بتقولها زمان يامغرور.
علق بنبره استنبطت السخريه منها:
حاجه من اللي كنت بقولها زمان
لمع الاصرار في عينيها سائله برجاء:
ياسين بتكلم جد
اقترب منها أكثر جاذباً مقعده نحوها حتى اصبح وجهها على مقربه من وجهه عيناه لا تتركها وهو يقول بنبرته المؤثره:
وجهها لا ينتمي لهذا الزمان خليط من قرون عديده نادر وفاتن، عتيق جداً كتحفه نادره
فأنهى جملته يهيم بعيونها التي لطالما أحبها:
فهي نعمتي المختلفه عن كل النعم.
نظراته لها كيف له بنظراته الساحره قادراً على سلب روحها سيهزمها فؤادها الأن كيف لا وهو ينظر اليها هكذا يمارس نظراته الساحره عليها تغيرت نظراتها لهُ لم تعد تطالعه باشمئزاز عكس السابق بداخلها بريق مختلف فأدار كفه الحديث بعدما قلق من نظراتها واصبح حديثه جاد الأن حول وضعهما ونطق بما لم يخطر ببالها:
اوعي تحبيني ياشمس، اوعي تفكري او ييجي في يوم في بالك انك تحبيني.
عند هذه النقطه تحديداً شعرت بالضياع نطق وهو يمسح على عنقه بتعب:
اليوم اللي هتحبيني فيه اعرفي اني هختفي فيه من حياتك، الحاجه الوحيده اللي مقرباني منك ومخلياني معاكي هو أني متأكد أنك عمرك ما هتخافي عليا ولا تحبيني في يوم عشان كده بقرب وانا مطمن ان مهما اعمل هتصديني زي ما كنتي بتصديني زمان
فأكمل بما جعلها تفاجأت من سؤاله:
البحر هيعمل ايه لو وقع في حب السفينه؟
سؤال عارفه اجابته كويس ياشمس.
القى بسؤاله على مسامعها واعطاها ظهره راحلاً يغادر المقهى تتبع هي اثره بعينيها بذهول تام تعلم اجابه سؤاله جيداً فالبحر سيغرق السفينه ولن يستطع احداً منهم النجاه رفعها حد السماء وعلى دون غره اوقع بها على ارضيه بارده، أحمق من ظن أنه يعرف ياسين حقاً.
الحريق في عينيه لا يساوي اي حريق
وكأن مقابلته مع ابو المعاطي وبدر تمكنت ولو قليل من أخماد ثورثه العارمه صعد فريد سلالم الفيلا يصفر ببال هادىء عكس تماماً النار المشتعله بداخله فأوقفه والده بحزم وهو يقول:
فريد كنت فين لحد دلوقت
تأفف بانزعاج بعدما استدار يطالع والده بعدم اهتمام:
أنت عارف كويس انا كنت فين اوعى تفتكر اني مش عارف بالناس اللي بتراقبني كل دقيقه ويصورولك انا فين وكنت مع مين.
ابتسم والده قبل أن يجيب بسخريه:
لاء شاطر وعشان كده جيبت شمس دي الكباريه عشان تعرفني انك مش ساكت افرض كان اللي اسمه ياسين كان قت لك فيها
مايهمنيش
كلمه واحده قالها ببطىء يدرك معناها جيداً يسترسل حديثه:
ممكن لو قت لني وقتها تتحرك وتعمل حاجه
وتق له
ومين قالك اني مش هعمل انا بس مستني
بتر حديثه بصرخه عاليه:.
وانا مش قادر استنى، مش قادر استنى لما حضرتك تقعد على الكرسي وانت مطمن مش قادر حاسس بنار تحت جلدي كلامه وسخريته مني مابتخرجش من وداني عايزه يدوق اللي دوقته
واغت صابك ليها هو الحل:
أجاب بنبره هادئه بعض الشىء يشير برأسه بالأجابه:
اه، هو الحل اللي هيخليه ماينامش
أنتَ اتجننت
استدار يعطيه ظهره يصعد على الدرج متوجهاّ الى غرفته فصاح والده بقول:
اقف يافريد أنا بكلمك.
اهمل قول والده وأكمل طريقه وكأنه لم يكن دخل غرفته يلقى بجسده على الفراش يطالع السقف بعينيه ينظر الى صوره شمس فهو يضع صورتها بالكامل على السقف لتصبح أول شىء يراه عينيه عند استيقاظه واخر شىء يراها قبل نومه.
نحيب يشعل القريه النيران تأكل الأراضي والزرع أصبح رماد يهرول اهل القريه بكل مكان ومعهم غدير وحسان الكل يساعد الاخر يد بيد ولكن النيران تطول الجميع بلا استثنا ظنوا انهم سيعيشوا بسلام بعد سنين من التعب ولكن كان هناك من له رأي اخر انه فريد.
التعليقات