الو، مين معى؟ رد المتصل بصوت مختلف ولهجة مختلفة: دار عزمى عزيز عساف العويسي، ياباشا.
استغرب عزمى وقال: نعم، مين معايا؟
قال المتصل: حضرتك، أنا سوليم من كفر العمدة، من حدا أخوك عادل.
رد سوليم: أنا آسف يا باشا، بس أخوك عمل حادثة ونقلوه على المستشفى.
انفزع عزمى وبشهقة وصوت مرتفع: انت بتقول إيه؟ متي حصل الكلام دا؟
رد سوليم: من ساعة كده، وقلت إنك لازم تعرف.
نزلت من عزمى لدموع، وهما بخير. رد سوليم: مش عارف يا باشا، أنا لما عرفت جبت رقمك ودقيت عليك، دي الأصول، أنت أخوه.
رد عزمى: شكراً جداً، أنا جاي، مسافة السكة، كل اللي في القصر يصحى على صوته العالي.
كان لسه الشاب راجع، تفاجأ أن أبوه صحي وكان منتظر، أن يسمع التوابيخ، ففكر في لحظة لبس روب فوق هدومه وراح.
رد على أبوه: ظهور خير يا بابا، مالك؟
عزمى بقلق شديد: جهز نفسك، أنت جاي معايا، عمك عمل حادثة وأنا منهار ومش هقدر أسوق.
سمعت عليا الخبر وقالت: لا حول ولا قوة إلا بالله، خير إن شاء الله.
طلبت عتاب: أجي معاكم.
رفض عمر: لا، خليكي أنتي يا عتاب، مش عارفين الوضع هناك إيه.
رد عزمى بحزن: أتمنى يكون خير، عمك في المستشفى.
استغل عمر الفرصة ليكون قريب من أبيه: “
هنا النص بعد تصحيحه:
رفض عمر الفرصة ليكون قريب من أبيه: “لا، خليكي أنتي يا عتاب، مش عارفين الوضع هناك إيه؟”
كانت عتاب هتعترض، لكن قطع عزمى كلامها وقال: “اسمعي كلام أخوك. أنا لازم أروح، مش عارف وضعه إزاي وبنته ومراته لوحدهم.” (ويشاور ل عمر بيده) “يالا يا ابنى، هنتاخر.”
هز عمر برأسه: “ثوانى يا بابا.”
كانت عتاب تشعر بضيق: “هو دايما عمر معه، هو ليه دايما مخلي إيدِه اليمين، وأنا لا، رغم إن أنا أشطر منه….”
استغربت عليا ونظرت لبنتها بنظرة عتاب على غيرتها: “أنا فعلا اليوم دا فهمت إزاي غلط غلطة عمرى إنى سميتك عتاب لأنك كثيرة الشكوى والعتاب مثل اسمك.”
ردت عتاب بحزن: “أكيد تسمنى إيه؟ اسم من غير ما تهتمي؟ أم الوريث الولد تختاري ليه اسم حلو، وأما أنا لا.”
قالت عليا وتضمها إلى حضنها: “ليه بتقولي كدة؟ وأنتي عارفة إنك كمان غالية، لكن أنتي عارفة دايما آخر العنقود بيكون سكر معقود، أما الكبير يتركه على الرف.”
أتعجبت عليا زعل بنتها من غير مبرر: “ليه كل الدواشة دي علشان رفض ياخدك معاه يا هبلة؟ هو مش بيعرف يعتمد عليه زيك، وهو واخد سواق؛ أما أنتي كل الشغل عليكي، يبقي مين اللي مميز بقا؟ ربنا يهديك….”
انبسطت عتاب من رد أمها، قالت: “طب أنا هاعديها، بس على شرط إيه؟ سر حرف العين في عيلتنا، أسامينا كلنا بحرف العين حتى عمي اسمه عادل ومراته اسمها عزيزة وبنتهم اسمها عيون، لكن هي مشهورة بوعد صح….”
ابتسمت عليا: “صح، وقتها حصل غلط في السجل وانكتبت وعد بدل عيون، لكن من صغرها بينادو ليها عيون، لحد ما كبرت وجدك مات، ف فضلت ب اسم وعد.”
استغربت عتاب: “عجيبة! طب ليه جدى كان مصمم إن الكل يكون بحرف العين؟ وليه عمي كان خايف يقوله الحقيقة وكدب عليه لحد ما مات.”
هربت عليا من سؤاله: “ولا حكاية ولا رواية، ربنا بيكتب أسامينا في السماء قبل ما نتولد، محدش بيختار اسمه.”
ردت عتاب: “ونعم بالله، بس في سر ولازم أعرفه…..”
في المستشفى، تجلس فتاة حزينة على الأرض، لا تهتم بوجعها أو الألم فيها، وتتذكر كانت راجعة مع أهلها وهي سعيدة بعد أن أخبرتهم بتفوقها في آخر سنة في الجامعة بتقدير امتياز.
اتفقوا معها أن يحتفلوا سويًا في مطعم خارج البلد، لان بلدهم صغيرة. وبالفعل، تمت سهرتهم، وهي رجعت، جاءت سيارة نقل صدمت سيارتهم، وفى لحظة اسودت الدنيا، وتم نقل الجميع إلى المستشفى وهي مصدومة.
كانت جالسة وأنظارها اتجاه غرفة والدها ووالدتها، فإذا رحلوا لم يتبقى لها أحد في ذلك العالم سوى ربها. أخذت الأفكار تدور في رأسها، وعيناها مليئتان بالدموع… وهى في انتظار خروجهم.
في الطريق، كان عزمى متجهًا للقرية وهو متوتر: “بسرعة يا ابنى، عايز الحق عمك قبل لا… أنا بقول إن شاء الله يكون بخير.” استمر ساعة والطريق فاضي، وصل واتصل بسويلم، وهو المزارع الشريك مع عادل. ركب معهم ووصف لهم المكان وتوجهوا إليه.
ودخل عمها بسرعة البرق ووصل لها بذعر بعد أن علم بتلك الحادثة المخيفة. سأل عنهم وأتجه نحوهم وجد وعد جالسة على الأرض منهارة. أقترب منها ومسك يدها، وهي جالسة على أرض المستشفى، وأوقفها من على الأرض وضمها إلى حضنه:
“أي اللي حصل يا بنتي؟ والحادثة دي أيه اللي حصل فيها؟” نظرت له وعد بشهقة وعيونها مليئة بالدموع:
“بابا وماما بين الحياة والموت يا عمو.”
ثم أغمي عليها. يصرخ عزمى بطلب أي دكتور: “حد يجي فورًا!” حملوها على الغرفة ومع الفحص اكتشفوا أنها تعاني من كسر في عضلات الصدر نتيجة الحادثة وذهبت لإجراء عملية.
وبعد ساعات من انتظار عمر وعزمى، يخرج الطبيب وقال:
“الزوجة توفيت والزوج بيصارع الموت وبيسال عن أخوه.”
“أنا أخوه، دخلني اشوفه لو ينفع.”
“دا طلبه الأخير ومش ينفع، أمنعك، لكن بلاش اجهاده في الحديث، محدش عارف ربنا كاتب أي.”
“نعم بالله، ويلبس ملابس التعقيم الخاصة بالعناية المركزة ويدخل عند شقيقه ويمسك يده. كان عادل بين الأسلاك ويرفع جهاز التنفس ويتكلم:
“أنت جيت يا عزمى، الحمد الله إنك مش اتاخرت عليا.”
طلب عزمى بحزن:
“أوعى تتكلم وهتكون بخير يا اخويا.”
“الميعاد جيه خلاص، وفى سر لازما تعرفوه.”
“سر إيه؟ اهدى علشان خاطرى.”
“مش قبل ما توعدني إن بنتي تكون أمانة في رقبتك يا اخويا.”
“متقولش كدة والله، هتكون كويس وهتجوزها وتشيل عيالها كمان.”
“لا خلاص، مراتي طلعت فوق وبتنادى عليا. خلي بالك من بنتي.. اعتبرها زى بنتك، هي أمانة في رقبتك.. أوعى تخلي المكتوب يحصل.”
ساله عزمى باستفهام:
“مكتوب إيه نتابع؟”
التعليقات