التخطي إلى المحتوى

وعد النمر الفصل الثاني

في التوقيت ده، جدى سألها: يعنى لازمنا نحكم على كل بنت أو ولد يتسمى بالحرف دا؟ واللي مش ينفذ ليه عقاب؟ قالت العرافة: حصن ولادكم من العيون. واحفادكم، واحد وراء التانى.

فلاش باك، اتنهد عزيز: كيف نحصنهم يا ستنى؟ وازى؟

ردت العرافة: ياسيدى عزيز العويسي، العين تفك الحجر. حصن ولدك واحفادك بالعين.

تكلّم عزيز بعد تفكير: هنقول دا وصية أجدادنا. واللي يخالف الوصية، ملهوش نصيب أو ورث. باك، ومن وقتها كل حد يرفض أو يخرج عن الوصية، بيخرج من البلد وبيخسر كل ورثه. في دى اى ولد أو بنت تتولد، لازم نختار ليهم حرف العين، ولما بيكبروا يتزوج زوج أو زوجة بحرف العين. واللي خالف دى، جاءت ليه مصيبة في حياته، وكمان خسر ورثه.

انصدم عزمى بزهول من اللى بيسمعه: دا جهل يا خوى! طب ما أنت اهوه بحرف العين؟ هل انقذك اسمك من الحادثة؟

اتكلم عادل وقال: اسمع كلامى للآخر يا خوى. خليك على نفس الوعد. أنا للأسف، خالفت الوعد بالغلط، وأنى في الصحة. وأنى بعمل الشهادة لبنتى الموظفة، سمعت غلط واختارت اسم تانى لبنتى. أنا كنت اسمها عيون، لكن قالت لي وهى مستغربت. أي الاسم العجيب دا؟ وفي الوقت دا، قابلت واحد صديقى ومراته ومعه بنتهم. كان جى يعمل شهادة لبنته، هو كمان سلم ورقة. وسألته الموظفة، قال اسم وعد. فعكست الموظفة الاسماء، وكتبت اسم بنتى في الشهادة ب وعد. وهو اسم بنته، عيون. وبعد يومين، اكتشفت الكارثة. ووقتها، مراتى قالت: يبقى ربنا كتب اسمها كدة، ومش هنغيره. واتفقنا قدام أبى. كل ينادى عليها عيون. وكل عارفها، اسمها بعيون. لكن بعد موت أبى ودخولها المدرسة، الكل أصبح ينادى عليها وعد. دلوقتى، أنا بتعاقب. لأن اللعنة لحقتنى. وهتلحق بنتى. غير اسم بنتى في الشهادة ل عيون أو أي اسم بحرف العين. لأحسن تنصاب

صرخ عزمى بدموع: أخويا بلاش تسيبنى! أرجوك، اخويا!

باللعنة، يا اخويا. وأنا كتبت مكتوب عند محامى. بعد ما بعت كل الفديين والمزراعة، سبت البيت بس. وكل الفلوس في البنك. خالى بنتى شريكاً معاك وجوزها. وتكون عينك على عيون. ويتشاهد، والروح تطلع.

ويقعد جانبه يقرأ القرآن وهو يبكي، مش تقلق علي وعد، حاضر، وهغير اسمها، لكن صدقني، دا تخاريف وجهل من زمان.

وللاسف، لو كنت أعرف إنها دي الحكاية، عمر ما كنت سمعت كلامي أبيك وسميت أولادي بحرف العين. افتكرتها ووصية من الأجداد، زي ما قال لي، مش حبيت أزعله.

وما بين نفسه أو إيه يا عزمى ؟ ما أنت فعلا وقعت في حب عليا من غير ما تكون عارف السر وأتجوزتها؟ يبقي فعلا مكتوب علينا كده. الحل إن وعد تتجوز عمر ونغير اسمها.

وانتقدت نفسه أنت متعلم يا عزمي، وابوي عزيز وقبله العيوسي كلهم مشيوا علي عقيد وجهل والاعتقادات بالدجل. خلاهم يصدقوا الكلام ده. من أمتي الاسماء أو اختيار حرف بيكون هو اللي يتحكم في حياتنا ومصيرنا؟

عتاب: أنتي ليه ضعيفة وبتهربي. من أي لازم تكون قوية تتماسكي للحياة. مين ضامن يعيش طول العمر؟ اهلك عملوا اللي عليهم. علموكى وكبريتك وبقيتي عروسة عاوزة تروحي عندهم وتستلمي للموت.

عمر: أي الكلام الفارغ دي؟ في حد يتكلم مع مريضة كده شايفة حتى هي دمعت. يالا اخرجي.

عتاب: أنت عارف إنني شخصية جادة ومش لي في المشاعر. أبيك منهار وأمك حزينة علشانها هي مش بتقتل نفسها بس، هي بتقتل أهلي كمان.

عمر: سلام يا اختي. والله ما عارف طالعة ل مين يا وعد؟ واللي تحبي أناديك ب الاسم اللي جدك اختاره ليك؟ معليش اختي. قلبها جامد مش كانت كدها وهي صغيرة. لكن انجرحت وهي في الثانوي.

بدأت وعد تفوق وتفتح عيونها وتسمع كلمات عمر.

جرى عمر ليبلغ عزمي أن بنت أخوه فاقت، ودخل الطبيب واطمأن عليها. وفعلًا بعد ساعات كانت فاقت. شكرًا، عزمي. ربنا، الحمد الله. نشكر ربنا. بس أي اللي حصل، يا ابنى؟ ضحك عمر وقال: واضح، عتاب بنتك الساحرة هي السبب في رجوعها.

تضحك وعد وبدأت بالسعال عليه. وصف عمر لاخته رد عزمي: حمد الله على السلامة، يا بنتي. نزلت دموع من وعد وهي تسأل: هو بابا وماما دفنوا؟ أتنهد عزمي: آه، يا بنتي، من شهر طلبت.

ردت وعد: طب أنا عاوزة أزورهم. رد عزمي: حاضر، بس تتعافي ونسافر لهم.

انصدمت وعد بمفاجأة: نسافر، ازي؟ مش أنا في مستشفى العامة؟ ضحك عمر بابتسامة تسحر: مستشفى عامة، أي يا بنتي. دا كانوا دفونك من يوميها مع أهلك وأنتى على قيد الحياة.

اتعصب عزمي على عمر: كفاية الهزار والتقيل دا. روح يالا، بلغ أمك إننا راجعين بالليل عشان ما تجيش.

مازال عمر بنفس الابتسامة: طب أبلغ العيون الشريرة ولا بلاش؟ ضحكت وعد وسالتها: مين العيون الشريرة دي؟

سرح عمر في ضحكتها وهي تعض شفايفها وقال: قمر، يا ناس. ويرد ويقلد صوت الكرتون: دي الساحرة اللي أنتِ بسبها رجعتى لينا تاني. خالي بالك، المرة الجاية، ممكن تسخطك قرد أو عصفورة.

ضحكت وعد بنفس الضحكة على طريقة وصفه وسالتها: طيب لو عصفورة، مفيش مشكلة. أم قرد، حرام حالي يوقف. كان عزمي سعيد لما شاف ضحكتها لأول مرة. أعرف قيمة تهريجك، يا ابن **. لما شفت الضحكة في عيون وعد.

اتكلم عمر بثقة وغرور: أكيد أنا متمكن. ضحك الأب ووعد، وفعلًا رجعوا إلى البيت. والكل رحب بيها.

عتاب بملامح جامدة: حمد الله على السلامة. ردت وعد: الله يسلمك.

يقترب عمر من ودينها ويهمس: هي دي عتاب اختي، أقصد الساحرة. وغمزة ل وعد بعينيه. ابتسمت وعد تفهم يقصد أي.

أذيك يا أستاذة عتاب؟ شكراً جدًا. ردت عتاب بجمود: الله يسلمك، وأنا معملتش حاجة. مع السلامة.

علشان حتاخر، سالتها عاليا: أفطري الأولى، يا عتاب؟ كانت عتاب تشرب فنجان قهوة.

مليش نفس، يا أمي. سلام. أكد عزمي عليها: اعملي اللي قلت ليك عليه. أوعى تنسي، يا عتاب.

كانت عتاب رفضًا وبتهرب لهذا السبب وقرارت تحرج أبوها: مش لم تشوف هي اتقرار أي؟ يا بابا?

في مكان آخر، يجلس شاب داخل عربية ماركة كل زجاجها بلون الأسود. تاتي فتاة مع صاحبتها وتضع حاجاتها الخاصة على العربية وبعصبية.

تتذكر الندوة التي كانت فيها من دقايق، كان الدكتور يتحدث عن النفوس والحقد بين الطبقات. اعترضت أماني: “لولي الطبقة البسيطة، مكنش هيكون في طبقة مخمليه ومرتفعة، لكن نفوس الطبقات العالية هي اللي مريضة، مش المتوسطة.”

رد الدكتور: “لكن أكيد أغلبكم نفسهم يكون ابن الطبقات العالية أو على الأقل يوزعوا شوي من فلوسهم ويعطي للفقير علشان تتساوي.”

قالت أماني بعصبية: “اللي بيطلع حاجة بتكون صدقة وزكاة مفروضة عليه، لكن حضرتك بالطريقة دي بتحرض الشباب أنهم يطلبوا من أصحابهم ذوي الطبقات المرتفعة، أنهم يساوهم في كل حاجة.”

رد الدكتور: “أنتي مين؟ أصدقائك هنا؟”

ردت أماني: “كذا بنت ومع بعض ٤ سنين الجامعة وكمان جينا مع بعض هنا.”

سأل الدكتور: “اسمك إيه؟ وظيفة والدك إيه؟”

ردت شهد: “اسمي شهد، أبي مقدمه.”

الثانية: “اسمي… وأبي دكتور.”

الثالثة: “اسمي… وأبي مدير عام.”

قالت أماني: “اسمي أماني، وأبي كان بيشتغل سواق في هيئة الشرطة.”

ابتسم الدكتور: “شوفتي باقي نظري اتحققت إزاي؟ عقلك الباطن اختار إنك تعالي من نفسك وتصاحبي علي بنات مستويات أعلي رغم أبيك مجرد سائق.”

ردت أماني بعصبية: “لا طبعا، أنا لم أدخل الجامعة عمرى ما كان تفكير كدا.”

رد الدكتور بتفهم لكن مصمم يثبت وجهة نظره: “لكن والدك كان طموحه تكون أحسن منه، علشان كدا قربك من بنت المقدمة. عقله الباطن قال قربه يعليك وممكن ربنا يرزقك بواحد من الرتب اللي بيشتغلوا تحت إيد المقدم.”

اتعصبت أماني ووجه ظهر على الحزن وكانت والدموع تهدد النزول: “مش هسمح ليك تفترض افتراض غير صحيح، وابوى الله يرحمه مات، وهو بينقذ المقدمة. لو زى ما تقول كان قال يالا نفسي وساب صاحب الشغل، مادم ملهوش مصلحة وحياته أولى.”

كان الدكتور فرحان باستفزازها بالنقاش، بيثبت وجه نظره للباقي: “هو عمل كدا علشان عقله الباطن طلب منه كدا، علشان يكون مميز عنده، فيزود رتبه ويرفعه. لكن وقتها عقله وقف من التفكير، ومقدرش أنه يحمى نفسه. كل اللي في خياله أنه يعلا فقط.”

في اللحظة دي، أماني لم تستطع علي سيطرة دموعها وبدات تنزل. قررت تنسحب من الندوة، لكن ترد الاستفزاز ليه وتوجه له كلام: “انت مريض وفاكر كل الناس وصلية. رغم انت اللي بتاجر بعقول الطبقة الوسطا والعالي، بأنهم يحضروا الكرس بتاعك ويدفعوا فلوس علشان حتة ورقة ممضي منك، لكن بعد ما تغسل عقولهم وتطلع، ابشع ما فيهم. وتطلع الكل بيدور علي مصلحته، رغم أن دا مش صحيح، وانت أكتر واحد مستغل وبتستغل الفرصة وتخرج وهى منهارة.”

ترجع وهى متعصبة. كانت شهد طول الوقت بتهدى فيها: “نفسي افهم انتى ليه زعلانة، بتعيط دلوقتي مش اخد حقك منه.”

ردت أماني وهى بتبكى وعلي اعصابها: “انتى لسه بتسالي احرجنى قدام المدرج كله. أنا كنت نفسى اضربه.”

شهد تمسك وجهها وتمسح عيونها: “انتى السبب. أي خالكى تقومى وتناقشيه من الأساس؟”

أماني بعصبية تبعد عنها: “علشان مش ينفع يلعب علي عقولنا ويفهمنا إن الحياء وردى علشان هو أكيد من الطبقة الفوق. لو كان من الطبقة التعبانه الشقيان كان فهم، لكن هو بيتاجر بالعلم.”

شهد مستمرة تهدى فيها وكلامها بيزود استفزازه أكتر: “ابوس ايدك يا أمانى. بلاش دموع. هى ندوة وخلصت وبلاش نكمل في كرسي التنمية البشرية دا. كنت ظبطك قبل ما تخرجى. شوفي وشك اتلخبط ازى. أمسحي الكحل اللي سايح دا، وكمان الروج اللي مشلفط. شك…”.

أماني تطلع غليها وعصبيتها علي شهد: “هو انتى معايا واللي معه وكمان ما أنا قلت ليك. مليش في جو الميكب والنظام دا. أصيرت تحطى ليا قبل ما نخرج من البيت. واهوه جات علي دماغي.”

شهد بتعجب منها وتصفق يد علي يد بإعجاب: “في بنت تكره الميكب وكمان انتى حطاه خفيفة جدا علي أساس مش ظاهر. لكن فضلت تشهق وتعيط وتمسح من هنا لهناك.”

أماني تبحث في حقيبتها علي مرايا عشان تشوفي ما توصفه شهد، ولكن من سوء الحظ لم تجد. تنظر الي السيارة وتمسك المنديل وتبدأ تمسح آثار الميكب وهى لا ترى وجها مظبوط وهى تقول: “حتى حظى الهباب. نسيت المريا، وكملت حديثها وهو اللي غلطان على فكره غلط في أبويا الله يرحمه وقال أنه معرفش يربنى علي حسب هو متربي اوى سيده.”

وفجأة فتح زجاج العربية

تتبع

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *