رواية عذرا لكبريائي للكاتبة أنستازيا الفصل السادس عشر
نظرت إليه بحذر بينما كان يمسك السترة في يده اليسرى التي يثبتها على كتفه الأيسر ونظر إلى ثم بعثر شعره متمتما بطريقته تلك: هذا مزعج! أشعر بالصداع.
قالها ثم رمى السترة على فالتقطتها بإنزعاج شديد وراقبت تحركاته لأراه يمشي مترنحا والتقط انفي رائحة ما بدت لاذعة ولكنني انتفضت عندما استدار لي وقال مبتسما بسخرية: ماذا؟ هل أنت خائفة؟ لماذا تبدين قلقة؟!
ابتلعت ريقي وعندما تقدم نحوي بخطوات غير متزنة قلت بدهشة واستيعاب: هل انت ثمل؟!
ارتفع حاجبيه وتنهد بملل: ثمل؟! إنها زجاجة ونصف فقط.
ز. زجاجة ونصف! و. ويقول فقط؟
ب. بحق الإله!
نظر نحوي بنظرات مريبة فاحتضنت السترة بحذر فتمتم: ما الأمر؟
م. م ما الذي تقصده بما الأمر؟!
ظل ينظر إلى حتى أمسك برأسه وبدى متألما فرصيت على شفتي بتوتر وارتباك وقلت بحذ: عليك ان تستعيد وعيك! يجب ان تغسل وجهك و.
ولكنني توقفت عن الحديث عندما همس: اخبري فمك المزعج ألا يتحرك.
قالها بإنزعاج فنظرت للأرض بريبة.
لماذا هو ثمل!
هل.
كان. مع تلك المرأة حتى وقت متأخر! ظننتها قد رحلت!
مجرد التفكير بالأمر جعلني اشعر بالضيق الشديد وانظر للفراغ بحزن.
لا يمكنني تخيل ذلك!
تنهدت وجلست على طرف السرير قائلة: عليك ان تغسل وجهك، ان بقيت ثملا لفترة طويلة فسوف تصاب بالصداع الشديد عندما تستيقظ، وقد تفقد شهيتك ليس وكأنني أبالي ولكن الأمر سيكون مصدرا للإزعاج وحسب!
عندما لم اتلقى منه ردا رفعت وجهي نحوه فوجدته يقف وينظر إلى بصمت.
صحيح بأن الغرفة كانت مظلمة ولكن.
يمكنني ان أرى تعبيرات وجهه قليلا، كل ما استطعت لمحه هو بريق عينيه التي لمعت بهدوء!
تقدم بخطوات بطيئة نحوي فرمقته بحذر شديد.
وعندما استمر في الاقتراب قلت بحزم متلعثم: م. ماذا! أنت ثمل أيها الأحمق، لا تقترب مني.
ولكنه تجاهلني حتى أردت الوقوف والابتعاد ولكنني تفاجأت به يجثي على الأرض أمامي ليعانقني وأنا ما أزال جالسة على طرف السرير!
م. ماذا!
ابتلعت ريقي بينما عيناي كانتا متسعتان بشدة.
لا يمكنني وصف شعوري في هذا اللحظة، صحيح بأنه ثمل.
ولكن. لا يمكنني التفكير في هذا بل كان ما أفكر به. هو أنه يعانقني!
مع ذلك عجزت عن إخفاء توتري وانا اقول: م. ما الأمر؟ ماذا تريد! عليك ان تغسل وجهك حالا. لا يجب أن.
داعبي شعري.
ارتفع حاجباي مرددة ما قاله في عقلي!
أداعب شعره؟
وهل هذا هو الوقت المناسب!
كيف يجرؤ على طلب ذلك مني؟ ليس وكأنني سأتجاهل تلك المكالمة التي سمعتها.
هذا الخائن تجرأ وقضى الوقت مع تلك الحقيرة!، لن أسامحه. لا يجب أن أكون ضعيفة.
ماذا لو لم يكن ثملاً ويدعي أنه كذلك! ربما. يريد أن تبذر مني ردة فعل يستغلها فوراً اليس كذلك؟
لا يا شارلوت لا تكوني ساذجة حمقاء وتستسلمي لمشاعرك.
حسنا مع أن هذا ما يقوله عقلي ولكن. لقلبي رأي آخر تماماً!
رفعت يداي بتوتر وقلق لتستقرا على رأسه، وعندما لامست أناملي شعره بدأت اداعبه بصمت وحيرة مرتابة بشدة.
ما الذي دعاه ليثمل؟ إلى متى ظلت هناك معه؟
بللت شفتاي بإرتباك وهمست بتردد: لم تخبرني بعد لما أنت ثمل؟
ولكنه لم يجبني. استمريت في مداعبة شعره وأنا في حيرة من أمري، عاجزة عن فهم تصرفه الغريب هذا!
هذا ظلم، كنت قد قررت قبل ساعات فقط أن اصده، وأن أتجاهله.
ولكن! هذا ليس عدلاً.
لماذا؟ لماذا كلما قررت أن أبني حاجزا يقوم بهدمه بكل بساطة.
أنتِ من بين الجميع. عليك أن تبقي بجانبي.!
اتسعت عيناي انصت إليه ليضيف بنبرة خافتة: يجب أن تكوني أفضل منهم. لأنك أفضل منهم!
هاه! ما الذي يهذي به الآن؟!
أعقب بصوت ضعيف: كوني سيئا لا يمنحك الحق في الإبتعاد عني. كان على إجبارك على هذا الزواج لأضمن بقائك معي.
واصلت التحديق إليه بعين متسعة وقد توقفت يداي عن مداعبة شعره!
همست بعدم تصديق: ما الذي تقوله فجأة بحق الإله!
شارلوت أنا وأنتِ متشابهان. أخبرتك أن كلانا وُجد في عالم ليس لنا. ولكنك أخبرتني بأننا سنكون معاً. في النهاية انظري إليك. بدى وكأنك نكثتِ بوعدك. بل أنكِ قد نسيتني تماماً، لم أتوقع منكِ تجاهلي هكذا.
هاه!؟ من نكث بوعد مثل هذا؟ انا؟! ما هذا السخف؟
أكمل متمتما بغير اتزان: ألم نتفق على ان نخلق عالما مناسبا لكلانا؟
كنت أستمع إليه بدهشة وريبة حتى همس: شارلوت. أنا أدرك بأنك لا تستطيعين التخلي عن وجودي في حياتك!
رفع رأسه قليلا ينظر إلى عن قرب لا يفصلنا سوى مسافة قصيرة!
كنت أحدق به بوجه متورد غير مصدق.
هذا المجنون ما كل هذا الهراء الذي يقوله الآن لست أفهم شيئاً؟!
لا يمكنه أن يكون نرجسياً حتى وهو ثمل، إنه غير معقول إطلاقا.
أجفلت بعدم استيعاب حين ابتعد فجأة وهو يضحك بخفوت!
حاول الوقوف ولكنه ترنح وعاد ليجثي على ركبته مجددا فحاول النهوض مجدداً ليقف بعدم اتزان واتجه لمكان الإنارة ليضيء الغرفة.
قطبت حاجباي وأنا أنظر إليه بترقب واستغراب ولكنني سرعان ما شهقت بإرتباك وقلق: ما. ما الذي تفعله!
قلتها وأنا أراه يفتح أزرار قميصه وينزعه ليرميه على فانزعجت قائلة بإقتضاب وانا ابعد القميص عن وجهي: م. ما الذي تظن نفسك ف.
ظل يقف وصدره عاريا فهمست بلا حيلة: يا الهي.
إنني أرى تورد وجهه بسبب حماقته وتهوره في شرب تلك الجرعة الكبيرة. بل عيناه بالكاد يفتحهما!
ابتسم وقال بثقة: ماذا؟ إنني أقف دون ذلك القميص! هل أبدو جذاباً؟
ثم ترنح قليلا وتساءل بإستغراب: لماذا لست خائفة؟
رمقته ببلاهة حتى تنهدت بعمق شديد: ليتك تنظر إلى نفسك لتعلم لماذا لست خائفة تحديداً. وكأنك قاصر ثمل هارب من الشرطة.
قاصر! أتقولين. قاصر لرجل أعمال يدير شركة ضخمة؟ أتريدين أن أقوم بطردك من منصبك حالا!
ارتفع حاجباي مرددة: منصبي!
ثم ضحكت بخفوت رغما عني مضيفة: أوه لا. أرجوك! لا يمكنني إيجاد وظيفة بهذه البساطة!
هو ليس ثملا وحسب! بل يكاد يكون قد نسي عقله في مكان آخر.
تعلمي أداب الحديث مع مديرك إذاً، أيتها الصغيرة الوقحة!
ثم بدى وكأنه لم يعد يستطيع الوقوف أكثر فاتجه نحوي فرمقته بإستغراب حتى تفاجأت به يلقي بجسده على السرير مستلق على بطنه بقوة مما جعل جسدي يهتز قليلاً لإرتداد مرتبة السرير.
زفرت بإستياء: أنت بالفعل. متسلط. حتى وأنت ثمل مازلت نرجسيا.
لمعت عينيه العسليتان بالنعاس الشديد وهو يهمس: سأطردك حتماً.
ثم أغمض عينيه ببطء وعاود يفتحها مجددا متمتما بصوت خافت جداً: هل سنستمر دائما في الجدال والشجار؟ أنتِ تستهلكين طاقتي.
ابتلعت ريقي ونظرت إليه للحظات حتى بدأ يغمض عينيه مجددا وأنفاسه منتظمة.
لقد نام! ب. بهذه السرعة؟! زميت شفتي أحملق فيه بعدم استيعاب لكل ما ثرثر به للتو.
من يرى وجهه المسالم أثناء النوم لن يصدق انه ذلك الشيطان نفسه.
كانت اهدابه الطويلة تضيف لعينيه جمالا، بينما بشرته الصافية تبدو شاحبة قليلا فلم أمنع نفسي من التحديق فيه.
تفوه للتو بامور غريبة جداً. لم أفهم ما يشير إليه بأقواله الغامضة! وكأنه يحلم أحلام يقظة ولا يعي ما يقوله! لا يمكنني أن أنكر أن جمله تلك أسعدتني! ولكنها في الآن نفسه تزعجني لما تسببه لي من تشتت وتوتر.
ما الذي يقصده، بل ما الذي كان يحاول قوله؟
أخفضت نظري قليلا ثم القيت عليه نظرة سريعة ولكن.
سرعان ما تسمرت عيناي عليه مجدداً!
م. م.!
اتسعت عيناي وانا اعتدل واضعة القميص والسترة التي أمسك بها بعيدا واجلس بجانبه أنظر إليه بعدم تصديق.
ما هذا؟! يوجد ندوب واضحة على ظهره!
تبدو قديمة جدا ولكن. يمكنني أن أعرف ببساطة أن ألمها دام طويلاً!
قطبت حاجباي واقتربت أكثر أمد يداي ببطء وقلق.
مررت أناملي على إحداها وقد كانت ندبة موجودة في أعلى منتصف ظهره هامسة: يا الهي!
من فعل ذلك؟! بل لماذا!
ازدردت ريقي بتوتر وخفق قلبي بإستياء! فقط لو تستيقظ الآن يا كريس.
وتجب على سؤالي! من فعل أمرا كهذا!
أعتقد بأن الشخص الذي تسبب بهذه الجروح القديمة استخدم اداة ذات سمك متين لتترك أثراً كهذا.
تركها لهذا الأثر الواضح دليل على أنها ظلت تؤلمه لفترة طويلة، من بحق الإله قد يفعل أمرا مثل هذا؟
قلبي يؤلمني كثيراً وأشعر بغصة قوية لمجرد التفكير أنه قد تعرض لتعذيب مماثل!
زميت شفتاي بقوة وهمست بضيق: أنت لن تخبرني بأي شيء. أنت لن تبوح لي بأي أمر قد يقلقك، يزعجك، يغيضك أو أمرا قديم يطاردك.
هل على أن أسأله غدا بشأن هذه الندبات؟ أم. أم أنني لا يجب أن. أزعجه بأسئلتي؟
لا يجب ان اكون مثيرة للسخرية من الواضح انه سيتصرف وكأنه لم يسمع شيئاً. أو ربما سيغضب حين يعود إلى وعيه ويدرك أنني رأيت هذه الندوب!
تنهدت بأسى واعتدلت لأحاول تحريكه بصعوبة.
كنت أدفعه قليلا حتى ينام بشكل معتدل، فلقد القى بجسده على عرض السرير.
ولكن عندما شعرت بصعوبة في دفعه استسلمت وحسب.
فهو لم يتحرك ولو إنش واحد.
وضعت الوسادة أسفل رأسه بعد ان دفعته ليسلتقي على ظهره ثم رفعت الغطاء على جسده.
وأسرعت لأغلق الإنارة وعدت لأستلق بجانبه.
حدقت به لفترة طويلة مفكرة في كلماته، مازلت لا أفهم، ما الذي كان يقصده؟
أتكون مجرد كلمات كان يهذي بها دون وعي يا تُرى!
نظرت للسقف بشرود، مفكرة بالمشاعر التي اجتاحتني حينها، لا يمكنني وصفها.
لا يمكنني.
كل ما أعرفه بأن خفقات قلبي قد تجاوزت الألف في الثانية الواحدة.
بعدها حاولت التوقف عن التفكير وألا أتعب نفسي أكثر.
نظرت إليه بشرود.
وهنا. تحركت يدي بشكل تلقائي لأمررها على وجنته!
كيف لي. أن أتوقف عن حبه بعد كل شيء؟
لماذا ينتابني شعور. كما لو كان الشخص المستلقي أمامي. مجرد طفل كبير!
نعم. طفل كبير مشتت لجأ لإطباق جفنيه هربا من شيء ما!
عندما تحرك قليلا وهو يهذي بكلام غير مفهوم انتفضت واسرعت أبعد يدي بتوتر وخجل.
ليتضح انه لا زال يهددني بطردي من العمل!
لأتنهد بعمق و أواصل تحديقي فيه. لا فائدة، ظننت أنه من السهل التوقف عن حبه.
ولكن اتضح أن الأمر شبه مستحيل. كريس القى على بتعويذة جعلتني أسيرة ولا أدري متى سأتحرر منها.
في الصباح
حركت جفني بتثاقل وأنا اسمع ضجة بصوت خافت! عندما فتحت عيناي تفاجأت بيدي التي كانت تحيط بكريس فأسرعت أنتزعها كما لو كنت قد أصبت بالتماس كهربائي.
استوعبت أمر الضجة مجددا وتسائلت في نفسي عن سببها! تبدو قادمة من الجناح المجاور!
تعالت الجلبة أكثر فأكثر حتى أصبح الصوت قريبا، رأيت كريس يعتدل على السرير بوجه ناعس منزعج وهو يبعثر شعره.
وتمتم بإمتعاض وهو يمسك رأسه: ما هذه الضوضاء!
هذا الخائن ذو النوم الثقيل استيقظ لدى سماعه هذه الضجة! أي معجزة هذه؟
نفيت برأسي بعدم فهم ونعاس: لا أدري!
وقفتُ ونظرت للساعة لأرى العقارب تشير الى التاسعة مما أدهشني، كريس لم يذهب للعمل بعد والأهم من هذا لماذا لم يوقظنا أحد لوقت الإفطار كالعادة عند السابعة!
الإزعاج متواصل، الصوت يبدو أقرب في كل مرة، هل هناك من يتشاجر؟!
بعثر كريس شعره بغضب وهو يتجه للحمام، لقد ذهب ليغسل وجهه بينما وقفتُ بتوتر أحاول الإنصات إلى الأصوات القادمة من خارج الغرفة، وعندما خرج حاولت ألا أنظر إليه وأنا أتجه فورا للحمام.
دقائق و خرجت ورأيته قد غير ملابسه مسبقا وهمس بضجر: تباً.
اتجه للباب بنفاذ صبر ولكنه توقف عندما فٌتح أمامه بقوة دون سابق إنذار وعلى مصراعيه فشهقت بخوف كردة فعل تلقائية.
بدى وكأن إعصارا قد اجتاح الغرفة بدخول الجميع إليها! نعم. الجميع يقف أمام الباب!
كلوديا، جوش، ستيف، أولين و. امرأة لا أعرفها كانت أول من دخل بإندفاع!
سيطر على هاجس حذر وقلق حين بدى بأنني مكروهة جدا في عينيها، كانت تحدق إلى بنظرات مخيفة وغاضبة ودون أن أعي تقدمت إلى بافتراس لتمسك بشعري بعنف وهي تصرخ بغضب: هذه هي إذاَ! أيتها الحقيرة الوضيعة كيف تجرؤين؟!
صرخت بألم، ولم أكد أرفع يدي لأبعدها حتى تفاجأت بيد كريس التي أبعدتها عني، حدقت إلى تتفرس في ملامح وجهي مشيرة إلى الباب: أخرجي حالاً! أيتها ال.
ولكن نبرة كلوديا الساخطة قاطعتها: أتركيها وشأنها لا ذنب لها في شيء.
أضافت بإزدراء وهي تحاول الإقتراب منها بينما ستيف يمنعها: أنتِ من عليها الخروج من هنا، وتوقفي عن اقتحام الغرف واحدة تلو الأخرى بهذه الوقاحة!
ثم حاولت إبعاد ستيف الذي قال مهدئا ويداه تمنعانها من الإقتراب من تلك المرأة: رويدك يا أمي تمالكِ نفسك قليلاً!
تلك المرأة قد تجاهلتها تماما وقالت محدقة إلى كريس: أطردها حالا!
ولكنه همس بجفاء شديد يجوبه استنكار: بأي حق ترينني وجهك؟!
ابتسمتْ له بإستخفاف واقتربت منه لترفع يدها وتمررها على وجنته هامسة بلطف ساخر: أنت تحاول جاهدا تمالك نفسك يا كريس هل وجودي أمر مفاجئ إلى هذه الدرجة.
ابعد يدها بقوة بإشمئزاز: لا تلمسيني بيدك! من سمح لكِ بالدخول! ما الذي تفعلينه هنا بحق الجحيم؟!
لوت شفتها بغيض ثم وجهت نظرها إلى وتمتم متكتفة بجفاء: لم أكن أعلم بأنك وغد إلى هذه الدرجة، لماذا أقدمت على الزواج بهذه السرعة، هل هناك ما تخشاه!؟
أضافت مقتربة مني بعين حادة: أنتِ أيتها اللقيطة كم دفع لكِ للزواج بك.
اتسعت عيناي بذهول فتدخلت أولين بغضب: يكفي وقاحة! اخرجي حالاً وإلا اخرجناك بالقوة! ما دافعك من العودة فجأة؟ هل تذكرت واجبك الآن فقط أو أنك هنا لأسباب مادية!
ما الذي يحدث؟ لست أفهم أي شيء! من هذه المرأة ولماذا هي غاضبة لتثير كل هذه الزوبعة!
أجفلتُ بشدة وأنا أرى يدها التي امتدت نحو شعري مجددا لتقول بنبرة عالية غاضبة: لست هنا لأجل واجبات وما شابه، ولكنني أرفض ما يحدث هنا. بأي حق تتزوجين به بحق السماء!
تأوهت محاولة ابعاد يدها عن شعري الذي انسدل على ظهري بسبب إمساكها به بعنف، امتدت يد كريس مجدداً ليبعد يدها ويجذبني بقوة لأقف خلفه ويقول بحزم: اخرجي قبل أن أنفجر في وجهك، وجودك يصيبني بالغثيان! ألا تشعرين بثقل تواجدك هنا أم انكِ لا زلت تتحركين بلا كرامة! لا تجبريني على استخدام القوة معك لأنني لا أريد تلويث يداي وإهدار وقتي معك.
تقدمت أولين لتمسك بيدي وتجذبني نحوها واضعة يدها على كتفي والأخرى تمررها على رأسي الذي بات يؤلمني لقوة شدها لشعري! لا زلت أقف بعدم استيعاب حتى الآن!
رمَقَتهُ بكره وهمست ترص على أسنانها: عليك ان تطردها حالا يا كريس، أطردها وإلا قتلتها، تبا لكِ أخرجي من هنا بسرعة أيتها اللعينة! لماذا تزوجتِه! لماذا؟!
ما زلت أسأل. ما الذي يحدث؟!
كنت أحدق بها بعدم فهم وريبة، أما كريس فرمقها بإشمئزاز وهمس: حتماً سأتقيأ.
أضاف بغضب موجها حديثه للجميع: من سمح لها بالدخول!
ثم أطلق زفرة وتحرك ليسند ظهره على الحائط وأردف يغمض عينيه محاولا تمالك نفسه: لا مكان للقذارة بيننا.
ابتسمت المرأة بسخرية: قذارة؟ وماذا تكون تلك الفاسقة الصغيرة؟
ف. فاسقة! هل قالت عني. ف.
صرخت كلوديا بغضب: إخرسي.
أما جوش فاقترب بجدية: لا حق لك بقول الفاظ كهذه هنا ولشارلوت، ربما كان عليك التعلم من أخطائك السابقة ولكن يبدو أنه لا فائدة حتى الآن، لا أحد يرغب في تواجدك لذا عودي من حيث أتيتِ ولا تجبرينا على اللجوء لحيَل لن تحتمليها.
انفجرت المرأة ضاحكة وقالت بسخرية وتهكم: يا الهي، مازلت لئيم كما أنت يا كريس، هل هؤلاء جيشك ودفاعك الآن؟ غريب!
انفرجت زاوية فم كريس بإستخفاف فادهشني ذلك، كان ينظر إليها بنظرات ساخرة هازئة ومقيمة حتى تمتم ضاحكاً: ماذا عن حارسك المعتوه ضعيف الشخصية؟
انفصلتُ عنه.
بل هجرك على الأغلب، لابد وأنه اشمئز منك وضاق ذرعا عندما اكتشف انك تعبدين المال وتتنفسينه! ياللمسكين أراهن على انه خاض أسوأ شهر عسل قد يشهده المرء.
أضاف بملل: هل نفذت الأموال منك وعدت لأجل إذلال نفسك؟ لن تأتي بنتيجة ولو جثيت على ركبتيك كما تعلمين.
صرخت منفعلة: كيف تجرؤ!
تعرفين كيف دخلت للمنزل ومن الأفضل أن تخرجي بالطريقة نفسها.
زمت شفتيها بحنق واضح ثم نظرت إلى فانتفضت مجفلة، فابتسمت لتقول: هذه هي الزوجة اللطيفة إذاً! وهل نالت دور الأم المثالية يا ترى؟ أرجوك أخبرني حتى تستلم شهادة تقدير مناسبة، غريب أمرك هل بدأت تلتفت للأطفال يا كريس؟ وهل تجيد الإهتمام بجيمي أم أنها هنا لإستلام راتب شهري يا تُرى؟
اقترب منها فنظر الجميع بترقب، وقف أمامها فنظرت هي بدورها إليه بارتباك وقد طرفت بعينها بتوتور واضح حتى قال بتحذير هادئ: أنا بالكاد أحتمل وجودك في غرفتي، وبالكاد أنظر إلى وجهك، طلبت منك للتو أن تخرجي، وانصحك بألا تحاولي استفزازي فلو بقيتِ أكثر ثقي بأنكِ ستندمين على اللحظة التي خطت بها قدميك إلى الحي.
نظرت إليها كلوديا بانتصار فبادَلَتها النظرات بحقد وعاودت تنظر لكريس متسائلة بحدة: هل نسيت ما بيننا؟
ارتفع حاجبيه ونظر نحو أولين والباقيين متسائلا بإستنكار: ما بيننا؟ هلا ذكرني أحدكم رجاءا؟
توقف عن هذا أنت تعلم ما بيننا جيدا!
آه! أتقصدين جيمي الذي تخليتِ عنه؟ دعيه وشأنه أؤكد لكِ بكل أسف بأنه لا أثر لكِ في حياته.
ج. جيمي؟ هل هذه هي كلارا؟!
قالها بنبرة مخيفة وهو يحدق بها، فاغتاضت بكره وهي ترمقني بإزدراء: هل ما تفعله بسببها؟
أبداً.
هل تحبها!
إطلاقاً.
آلمني ذلك وجعلني أحدق به بدهشة وضيق شديد!، غلفني الشعور بالإهانة والإحراج وتمنيت لو أختفي من أمامهم تماما. وقعت كلماته على عاتفي بوزن ثقيل جدا وجعلتني أخفض رأسي أتحاشى النظرات الموجهة نحوي من قبل الجميع.
يقولها بكل بساطة. دون تفكير، ودون تردد أمام عائلته!
وأنا التي كنت أعتقد بأنني نظرت بالأمس إلى نور خافت.
بصيص أمل جعلني أتمسك به أكثر!
أي إهانة هذه؟ أي قسوة هذه! كيف يمكنني الوقوف هكذا بعد كلمته؟ كيف من المفترض أن أتصرف!
لماذا تزوجتها إذاً؟
قالتها وقد انبسطت ملامح وجهها وعلت شفتيها ابتسامة راحة
لا شأن لكِ.
تمتمت كلوديا بدهشة وهي تقترب: لحظة واحدة! ما الذي تقوله يا كريس، لا تحب. شارلوت؟
أضافت بعدم تصديق: ما ذنب المسكينة فيما يحدث بينكما؟
تمتم كريس ببرود: إنها أمور تخصني وحدي.
هل جننت!
قالتها بنفاذ صبر بينما نظر إلى بطرف عينه فلم أستطع إخفاء الضيق والإستياء بداخلي!
لا أستطيع. لا يمكنني إحتمال هذا أكثر.
لا يمكن أن يكون إنسانا! لقد تأكدت الآن تماما بأنني لا أعنى له أي شيء. ربما كان هناك جزء ساذج في داخلي يحاول إقناعي مؤخرا بأن كريس ربما ينظر إلى بطريقة مختلفة عما يبدو عليه في الواقع ولكنني كنت مخطئة.
لا شيء. أنا بالفعل لا شيء بالنسبة له، هو حتى لم يراعي مشاعري أمامهم. أشعر بالإحراج الشديد!
بالرغم من شعوري بجفاف حلقي ولكنني وجدت نفسي أقول بصوت حاد ومرتجف رغماً عني: هذا صحيح! كما قال للتو إنها أمور خاصة.
تدخل جوش بحيرة وحزم: ما الذي يحدث هنا؟
ظهرت تقطيبة انزعاج بين عاجبا كلوديا التي وضعت إحدى يديها على خصرها بنفاذ صبر وإستنكار: عجباً يا كريس. لا تخبرني بأنك أقحمتها في مشاكلك الخاصة! أخبرنا ما الذي يحدث؟
زفر كريس بغضب وتمتم: عمتي هذا ليس موضوعنا، ليخرج أحدكم هذه اللعينة لم أعد أستطع تمالك أعصابي!
قالها وعيناه العسليتان تلمعان ببريق ازدراء وتوجه عتب ولوم واضح نحو كلارا.
ولكنني كنت منشغلة أشعر بألم شديد لا زال يسيطر على قلبي وجعلني أقف وعيناي لا تحدق سوى إليه. لقد حطمني تماماً، لن أنسى نظرات الجميع المتفاجئة للتو. كريس أقسى مما تصورت!
تحركت عيناي نحو تلك المرأة.
هذه هي كلارا إذاً. لا أدري لماذا تصورتها امرأة مختلفة قليلا، في الواقع ملامحها جميلة وجذابة بالرغم من التغطرس والحدة التي تربعت على ملامحها ذات العينان الزرقاوان والبشرة البيضاء الصافية.
مررت يدها في شعرها الأسود القصير وقالت بصوت قوي: لن أرحل دون جيمي!
أردفت: إما نعود لبعضنا كما كنا أو أخذ جيمي معي.
ابتسم ببرود: نعود؟
أضاف بسخرية ممتعضة: هذه المرة أتيتِ تاركة عقلك الفارغ في مكان آخر، لا فكرة لديك عن أي صنف تكونين من بين البشر صحيح؟ لو كان الأمر بيدي لأعطيت حثالة المجتمع رتبة أرقى منك.!، ألا تدركين أنكِ مجرد لاهثة خلف المال ذات دوافع رخيصة أو أن لك نظرة أخرى في تقييم أفعالك؟
ضربت كلارا قدمها بالأرض بسخط: أنا والدته!
وأنا أباه.
لي كامل الحق في رعايته.
أين كان هذا الحق عندما كان لا يزال رضيعا؟ أين كانت هذه الكلمات عندما تخليتِ عنه وهو في أمس الحاجة إليكِ! لقد كان طفلاً رضيعا لا يبكي سوى رغبة في الرضاعة والنوم ولكنك حرمته من أبسط حقوقه وتركته لترحلي بحقيبة من المال وعندما استنفذت الأموال لجأتِ للزواج وها أنتِ ذا تعودين متمنية استنشاق رائحة النقود مجدداً.
أردف بسخط ارتعدت له فرائصنا جميعنا: هل تعلمين الكم الهائل من الأكاذيب التي كنت أختلقها كلما سألني عنكِ؟ لجأتُ لحيل كثيرة ليكف عن سؤالي عن المرأة التي فضلت المال عليه. ظل يقارن نفسه بالأطفال الآخرين وبات يستنكر افتقاره للأم التي حظي بها كل من حوله. لقد بكى مرات عديدة في المناسبات التي توجبت حظورك ولكنك كنتِ مشغولة في عد المال، صرخ ليلا عندما أصيب بالمرض ولم تكوني متواجدة لتسهري إلى جانبه ويتعافى، لم تكوني إلى جانبه في أول يوم له في الدراسة، لم تكون متواجدة عندما كان بحاجتك في المناسبات السعيدة. ولا زلت تتجرأين على المطالبة برعايته! هل أنتِ مجنونة؟ أتعتقدين بأنني سأتنازل عنه حقاً! هل ظننتِ للحظة بأنني سأفرط فيه؟!
عقدت حاجباي وارتجفت شفتاي بتأثر ولاسيما عندما أضاف هامساً بحقد: لا وجود لكِ في ذاكرته، لا يعلم عنكِ شيئا ولن أسمح لكِ بإختراق عالمه. لن تتنفسي الهواء الذي يتنفسه أبداً.
تمنيت لو كانت قد تأثرت بكلماته التي فجرها للتو ولكنني ذُهلت بها تتجه إلى السرير وتجلس على طرفة متمتمة: وما الذي سيخيفني؟ ما الذي يمنعني من رؤيته وأخذه!
تعلمين السبب بلا شك.
ربما نسيته.
وربما لا تريدين تذكره.
احتدت عيناها ولمعت بشيء من القهر وهي تتكتف واضعة قدما على الأخرى ببرود: أنت تعقد الأمور كثيراً.
تدخل ستيف بتردد: لماذا لا نتجه إلى غرفة الجلوس ونتحاور بهذا الموضوع لننهيه تماماً!
أجاب كريس بحزم: لن أتحرك من هنا خطوة واحدة، ولا يوجد موضوع لننهيه، كل شيء منتهي ولا يوجد ما أهدر وقتي فيه.
اتجهت كلوديا إلى الأريكة لتجلس عليها بحزم بينما أغلق ستيف الباب واستند عليه متنهداً، حينها قال جوش واقفا بهدوء: ما الذي تريدينه الآن لتغادري نهائيا بلا عودة؟ جيمي لن يذهب معك كما تعلمين لذا استسلمي وحسب.
علقت كلوديا بإشمئزاز: لا تتعب نفسك يا جوش، من قال بأنها تفكر بجيمي أصلاً.
أردفت تنظر إلى كلارا بإحتقار: من الواضاح انها تحاول فرض نفسها على كريس وتركت جيمي من آخر إهتماماتها.
أخرجت كلارا زفيرا متململا وقالت ضاحكة: أفرض نفسي؟ لا تضحكيني.
تساءل ستيف بملل: أخبريني أيتها العجوزة الشمطاء لماذا انفصلتِ عن زوجك! لم أسمع يوما بزوجة تنفصل عن زوجها أثناء قضاء شهر العسل. صدقا لا زلت عاجز عن استيعاب هذه النقطة!
أخذ الغضب مجراه على وجهها بوضوح وقالت بتهكم وهي تحاول تمالك نفسها: اصمت أيها الطفل الأحمق ولا تتدخل. حين يتحدث الكبار فحري بك ان تطبق فمك.
لا عجب في أنه انفصل عنك بالفعل!
قلت لك أصمت.
هل يئس منك قبل أن تبدئا حياة جديدة معا؟ هذا مؤسف أردت مواساتك ولكنني لا أستطيع.
صاحت بحزم: توقف عن هذا حالا، انفصل عني او انفصلت عنه هذا لا يهم كل ما أريده هو أخذ جيمي معي وحسب.
تدخل جوش نافيا برأسه: انسي الأمر.
ومن التي ستعتني به، هذه الطفلة بجانبك؟
شارلوت لم تقصر مع جيمي منذ ان دخلت المنزل ومنذ زواجها، انها تهتم به وترعاه وقد تعلق بها بشدة، إنه يناديها بأمي ولا يصبر عنها، بل وأنها تكرس الكثير من وقتها لأجل اللعب معه وتوفير وقت مسلي لأجله لذا لا تفكري بمقارنة نفسك بها.
تفاجأنا بها تصفق بيدها بسخرية بإستخفاف فقال ستيف بملل: لا زلت تفتقرين إلى اللباقة كما أنتِ!
تجاهلته وهي تنظر لي ببرود: ماذا؟ هل أكل القط لسانك؟ إنها لا تتحدث هل على مخاطبتها بلغة الإشارة؟ لم أسمع صوتها حتى الآن!
رمقتها بإنزعاج وحدة لأتمتم مرتبة شعري بهدوء ورزانة: قيل لا تُجادل الأحمق فقد يخطئ الناس بينكما.
اتسعت عينيها الزرقاوين ولمعتا ببريق حاد وقد وقفت بعدم تصديق: كيف تجرئين؟! أنت سليطة اللسان بالفعل!
زفر ستيف: انظروا من يتحدث!
اعتدلت كلوديا في جلستها ووضعت وسادة الأريكة في حجرها متمتمة بيأس: لا فائدة. إنها حقا تعيش بلا كرامة.
رمقتها كلارا بطرف عينيها متسائلة بجمود: من تتحدث هنا؟ عمته التي كانت أول من أجبره على الزواج مني؟
اتضح الغضب في ملامح كلوديا فجأة: توقفي عن هذا حالا تعلمين بأنني أجبرته لأجل جيمي فقط، وإن كانت ذاكرتك الملوثة ضعيفة إلى هذه الدرجة فدعيني أذكرك بأنني أخبرته أن يتخلص منك بعد أن يبلغ جيمي سن مناسب ليستطيع رعايته بنفسه.
هذا ليس موضوعنا. إن كنت يا كريس لا تحب القطة الأليفة فلماذا تزوجتها؟ لا تخبرني أرجوك لأجل رعاية جيمي! لا يوجد من ستتنازل لرعاية طفل امرأة أخرى دون مقابل.
مرر يده على عنقه وهو يأخذ شهيقا عميقاً: لنكن صريحين مع بعضنا، كم المبلغ الذي يجول في خاطرك؟
بصراحة تجاهلت حوارهم وتركت العنان لعيناي الغارقتان بالحملقة في كريس الذي يتجادل معها بأعصاب تالفة، الجرح الذي تركه في قلبي الآن لا يتوقف عن النزيف.
لماذا لم أتوقع سماع هذه الكلمات منه أمامهم؟
بسبب ما حدث بالأمس؟ ولكنه لم يكن في وعيه. لا بد وأنه كان يهذي بحديث فارغ وحسب. الخطأ يقع على حماقتي عندما فكرت بأنه.
بأنه ماذا؟ رفض عقلي تكوين أي كلمة أخرى وحينها سيطرت على نفسي.
لا بأس، على أن أتصرف بعد كل شيء لأجل جيمي على الأقل. لقد مر وقت طويل وانا لا أزال صامتة. سأضطر الآن للكذب ولكن لا يمكن لأحد لومي. مشاعري هذه ستجرني الآن للدفاع عنه والوقوف في صفه.
أغمضت عيناي بهدوء، بينما أذناي تنصتان إلى الأصوات التي ارتفعت أكثر ونبرة كلارا التي باتت حانقة، حتى فتحت عيناي ورسمت ابتسامة ثقة وتحركت لأقف بجانب كريس احتضن ذراعه وأقول برأس مرفوع: أعتقد بأنكِ ثرثرتِ كثيراً والجميع استهلك طاقته في محاولة إغلاق فمك. هذا مؤسف ولكنها الحقيقة. جيمي متعلق بي وكذلك أنا، علاقتنا قوية وتوطدت بفترة وجيزة واتفقت مع كريس على تعويض جيمي عن كل ما يفتقر إليه.
نظر كريس إلى بصمت فأكملت بثبات وعيناي ترصدان تحركاتها الغير مصدقة: في البداية عُرض على الزواج من أجل جيمي فترددت كثيراً ولكن كريس أتاح الفرصة لي لأتعرف عليه وعلى ابنه وبذلك قبلت بشرط أن أحتفظ بكل خصوصياتي وأن أركز على عملي ودراستي. لماذا أنا؟ الأمر بسيط ولا داعي للتفكير. ربما وجد بي ما يحتاجه جيمي الذي افتقر لأم تعتني به وتتقرب إليه. نحن متفقان على كل شيء ومع هذا لا يوجد مشاعر خاصة بيننا كما تعتقدين. لأكن أكثر دقة فنحن نتعامل معاً كصديقان وحسب مع الإحتفاظ بحدود هذه الصداقة حتى نقرر بأنفسنا ما سنتخذ من قرار في وقت لاحق.
عقدت حاجبيها بعدم استيعاب وهمست بتساؤل: ما الذي تقولينه!
كما سمعتِ. لسنا مهتمان بالتفكير في أمور كالحب أو ما شابه، كريس لديه عمله وإهتماماته وأنا لدي وظيفتي ودراستي وأعمل جاهدة عليهما ولكن يجمعنا علاقة تبادل مصلحة وحسب وهذا من حقنا ولا أحد قادر على الإعتراض.
انهيت جملتي واستمريت في النظر إليها بكل ثقة تحت ضغط النظرات المتمعنة من الجميع.
أريد ان تنطلي هذه الحيلة عليها لتتركه وشأنه.
وجدت نفسي أبعد ذراعي عن كريس وأقول بملل: قانونياً يا عزيزتي ليس لكِ الحق في رعاية جيمي لأنك من تخليتِ عنه منذ البداية وهذا يسقط حقوقك تجاهه، القانون يراك كإمرة مهملة لا تستحق كونها أماً وغير مؤهلة لرعايته. لا سيما وان لعابك قد يسيل للمال إن وُضع كخيار بديل لجيمي.
اتسعت عينيها الزرقاوان واقتربت نحوي بخطى واسعة لترفع يدها محاولة صفعي ولكنني رفعت يدي لأمنعها وقلت بحزم: لا تجرؤي. إياك وتخطي حدودك معي، ولنعد لموضوعنا.
قلتها وانا ادفع يدها فظلت تنظر إلى بوجه مذهول غير مصدق وقد فغرت فاهها.
تحركتُ بدوري نحو الأريكة التي تجلس عليها كلوديا وجلست متمتمة ببرود: امرأة مثلك لا يجب ان تتحدث بكل وقاحة وتتظاهر بالعودة لأجل جيمي. من الواضح انك عدتِ لأجل المال نظرا لسجلك الحافل بالإنجازات الباهرة التي حققتها.
ظلت تقف محملقة بي ولوت شفتها بإزدراء: عن أي انجازات تتحدثين.
اسندت مرفقي على مسند الأريكة وابتسمت بخبث: أنتِ تفتحين باب صدِء جداً. أتحدث بالطبع عن نجاحك السابق في اكتناز أموال تعود إلى شركة السيد ماكس والعائلة التي قمتِ بخيانتها.
م. ما الذي تتحدثين عنه!
قالتها متراجعة خطوة للوراء بينما ضاقت عينا كريس مرددا: أموال الشركة! ما الذي تشيرين إليه؟!
طرح سؤاله على في اللحظة التي اتسعت عينا السيدة أولين لتقترب وتقف في منتصف الغرفة بحيرة واستنكار شديد: شارلوت. هل تتحدثين عن موضوع الإختلاس؟!
أومأت برأسي: وماذا غير ذلك سيدة أولين؟ لقد كان لها الدور الأكبر في وقوع هذه الحادثة وهي أكثر من يعلم بهذا. يمكنكِ سؤالها.
نظرت كلارا للأرض لثوان ثم نحوي وقالت ممررة يدها في شعرها القصير: لا أفهم ما تثرثرين بشأنه، ولكنني أرى أنك تراوغين الموضوع الذي كنا نتناقش بشأنه للتو وتأخذين منعطفات كثيرة محاولة ج.
إطلاقاً! أنا أسير في الطريق المستقيم للنقاش السابق. تظاهرتِ بعودتك لأجل جيمي ولكن الجميع قد اتفق وأشار بنظرات الإستحسان مؤيدا ما وُجه إليكِ من اتهام بعودتك من أجل المال فقط، والذي قد يكون هو المال ذاته الذي حصلتِ عليه من الشركة.
أضفتُ بسخرية: لذا لا داعِ لإرتداء قناع البلاهة.
علقت كلوديا بعدم فهم: شارلوت. وضحي أكثر!
تنهدتُ بلا حيلة: القضية التي حدثت في الشركة وسُجن بسببها إحد الموظفين كان قد تم التخطيط لها من قبلها هي ولكنها نفدت بجلدها وخرجت من الموضوع بكل بساطة وانسيابية.
بعد جملتي هذه تركزت الأعين على وتفاجأت بنظرات الدهشة والذهول منهم!
ابتعد كريس عن الحائط واستقرت يداه بجانبه ليهمس: ما الذي تعرفينه عن هذا الأمر تحديداً!
مهلاً.!
لحظة واحدة هناك خلل ما.
لقد. ارتكبت خطأً فادحاً! لقد ورطتُ نفسي وتهورت كثيراً!
كيف نسيت بحق الإله أن السيد ماكس أوصاني بالإحتفاظ بالأمر سراً! سحقا ما الذي على فعله؟ كيف لي أن أتدارك المشكلة الآن!
ارتجفت شفتاي دون شعور وانا احدق إلى كريس الذي يترقب إجابة على سؤاله ووجدت نفسي أتمتم متمالكة نفسي: لقد كنت أقصد. بأنها.
ولكنني تلعثمت قليلا وحاولت تجميع الكلمات، كان الإحتفاظ به سراً ولكنني. ولكنني أخفقت! يا الهي! سيحزن السيد ماكس بلا شك! ستحبطه فعلتي كثيراً! أريد أن اتصرف ولكنني توترت ولا أدري ما على قوله حتى! وكأن الكلمات تتبخر ما ان تصل إلى جوف حلقي.!
أنقذني صوت أولين التي قالت بهدوء: شارلوت محقة.
توجهت الأنظار نحوها لتطلق تنهيدة خرجت من أعماقها وتمتمت بلا حيلة: كان يجب أن يبقى الأمر سراً عن الجميع ولكن لا بأس طالما وصلنا إلى هنا.
اتسعت عيناي بدهشة وفكرت بأنها تعلم الحقيقة!
تأييدها للأمر يعني أنها على علم بما حدث قبل سنوات أيضاً!
عقد كريس حاجبيه ولمعت عيناه العسليتان بالحذر والشك: أنا أنصت سيدة أولين!
نظرتْ إليه أولين لثوان ثم قالت: سأختصر الأمر. ما قالته شارلوت للتو صحيح، القضية التي حدثت وسُجن بسببها أحد الموظفين كانت نتيجة لتحريض كلارا له على الإختلاس. مع أنها مجرد افتراضات لا دليل قاطع لها وبالرغم من رفض الموظف للإعتراف بأي شيء ولكن ماكس يدرك جيداً بأنها كانت المحرك الأساسي والوحيد لكل ما حدث، واختفاؤها بعد الحادثة كان بعد أخذها نصيب ضخم من هذه الأموال المسروقة ولكن ماكس فضل الصمت عن الموضوع وترك الأحداث تسير بطريقتها.
أصدرت كلوديا شهقة ذهول كذلك جوش الذي لم يطرف له جفن وهو يقول: الموظف قام الإختلاس بعد ان حرضته هي! ولماذا قد يُخفي ماكس أمراً كهذا بحق الإله؟
تدخلت كلارا بغضب: لن أصمت وأنا أسمع هذا الهراء وكل هذه الإتهامات الفارغة! لا دليل لديكم ولا يحق لكم التحدث هكذا!
أردفت بحزم: ما حدث كان جريمة اقترفها مدير الحسابات الذي ترك الشركة بعد الحادثة فوراً وهرب لذا لن أسمح بإلقاء اللوم علي.
مدير الحسابات. إنها تقصد إيثان الذي تورط في هذه القضية ظُلماً!
رصيت على أسناني محاولة قمع غضبي ولكنني فشلت وانا اقف مزمجرة بحدة: إيثان ليس بمجرم إياك والتحدث عنه هكذا!
ضاقت عينيها: إيثان؟!
تجاهلتها لأكمل بغيض: لقد كان محل شبهة لأنه أدار ذلك القِسم في تلك الفترة ووقع ضحية لشر أعمالكِ أنتِ لذا كفاك وقاحة وإلقاء التهم عليه! لقد أحبَ تلك الوظيفة كثيرا وبدى سعيداً جداً ولم نستوعب تركه المفاجئ لها. أنتِ السبب في هذا! أخي ليس مجرما لقد كان يتحدث عن وظيفته بسرور وفخر ولن يرتكب جريمة كهذه أبداً.
شحب وجهها للحظة مرددة: أخاكِ.!
تدخل جوش بدهشة: المدير السابق إيثان. يكون شقيقكِ يا شارلوت؟!
أطبقتُ فمي بقوة وغضب مطرقة برأسي وانا التقط انفاسي المتلاحقة لأسمع كلوديا تقول بإستيعاب: صحيح! تذكرت الآن. لقد كان إسمه إيثان بالفعل! إنه شاب مجتهد في عمله كما أذكر وحصل على الترقية في فترة وجيزة واستحقها! إنها أسرار تم الحفاظ عليها في ادارة الشركة بين ماكس وكريس ومن تورط في القضية ولكن. أعلم بأن إيثان ترك العمل فوراً بعد تلك القضية، بل أنه تورط فيها وتعرض لمساءلة قانونية بالفعل.
عقدت أولين حاجبيها هامسة: أخاكِ يا شارلوت!؟ غير معقول.
علقت كلارا بسخرية: لا عجب في أنني شعرت بأن وجهكِ مألوفاً إلى حدِ ما.
تدخل كريس بنبرة غريبة وعينان تتمعنان النظر إلى أولين: ما الذي قصدتهِ بأن ماكس أراد أن يحتفظ بالأمر سراً! لا تخبريني بأنه سمح لهذه اللعينة بالخروج من الموضوع بكل سلاسة! لا أريد أن أسمع إجابة نعم!
قال جملته الأخيرة وهو يبدو غير مصدقاً فاستاءت أولين وقالت بتردد: لقد اضطررتُ لتوضيح الأمر ولكنني لا أستطيع أن أبوح اكثر وأخبرك بأسباب ماكس يا كريس. لقد عاهدته ولن أخلف بوعدي.
أردفت مقتربة من كريس: لقد كان مدير الحسابات المدعو إيثان مظلوما في هذه القضية فأخرجه ماكس من الموضوع وساعده كثيراً ليبعد عنه التهمة ونجح في ذلك، الموظف الذي اختلس الأمول لا يزال في السجن كما تعلم ولكنه أراد لكلارا أن لا.
قاطعها بهدوء غريب: أن لا تتورط؟ أن يبقى اسمها بعيدا؟ أن ماذا بحق الجحيم!
ثم نظر لكلارا بعين ضيقة واقترب إليها فبدى الحذر على وجهها: م. ماذا؟!
وقف امامها مباشرة وأمسك بياقة قميصها وتساءل بجفاء: هل أنتِ من حرض الموظف على الإختلاس؟
هدأه ستيف: مهلا يا كريس دعها ولا تتهور!
ولكنه تجاهله لتقول كلارا بصوت متقطع: لم أفعل. لماذا لا تسأل ماكس بنفسك؟
أسأل ماكس الذي تستر على فعلتك؟ هل هذا من تريدينني سؤاله عن ما أريد معرفته حقاً؟ أخبريني بسرعة وإلا اتبعت أسلوباً آخراً ستندمين عليه!
احتدت عيناها الزرقاوان للحظة قبل أن تشيح بوجهها مجيبة: المجرم الذي تم سجنه لم يتفوه بإسمي، لو كنتُ من حرضه بالفعل لأعترف لرجال الشرطة بالأمر و.
الكذب واضح في نبرتك.
لست أكذب! ذلك الموظف من قرر بنفسه التلاعب بالتقرير الذي كان من المفترض أن يُسلم إلى المدير المالي حول المستندات، ذلك المدعو إيثان أشرف بنفسه على هذه التقارير فما شأني أنا بحق الإله؟ إنه مدير الحسابات ومن الطبيعي ان يقوم بتحليل هذه البيانات بنفسه.
يوجد ثغرة في حديثك، لماذا قد يكون الموظف قادراً على التلاعب بالتقرير إن كان إيثان سيقوم بالإشراف عليه بنفسه؟ كيف سيتورط حينها؟
طرفت بعينها بدهشة ثم أسرعت تقول: و. وما أدراني أنا!
تدخل جوش بحزم: إيثان كان بالفعل مديرا للحسابات آنذاك، كانت مهنته تقتضي الإشراف وتحليل التقارير قبل تسليمها إلى المدير المالي، ألا يعني هذا ان التلاعب قد حدث بعد انتهاؤه من مهمته بشكل صحيح وبعدها حدث الإختلاس بتغيير البيانات بطريقة ما؟
عقدتُ حاجباي واطرقت رأسي بتفكير وعدم فهم لتؤيده كلوديا: بلا شك، لن يفلح ما لم يفعلها بعد إشراف إيثان عليها، هذا يعني أنه ترك الأمور تسير كما ينبغي ثم حصل على التقارير التي انتهى إيثان منها وتلاعب بها بعد ذلك قبل ان يستلمها المدير المالي فوراً ويعتمدها للإدارة العليا، أي أن ماكس سيستلمها دون أن يكلف نفسه عناء التحليل بعد انتهاء كِلا المديرَين من دراستها وبذلك سيتم اعتمادها!
تساءل كريس وهو لا يزال ممسكاً بياقة قميصها بحزم: الأهم من هذا. لم تكوني منذ البداية جزءً من القضية فكيف لكِ أن تعلمي بأنه يوجد تلاعب في التقارير المالية؟
فغرت فاههها للحظة وهي تنظر إليه بعدم استيعاب حتى اتسعت عيناها وهمست: و. وكيف لن أعلم بهذا!
بل لماذا ستعلمين؟ تفاصيل القضية لم تخرج من بيننا، لا أحد يعلم بهذه التفاصيل سواي انا وماكس وإيثان وحسب. كما لا يوجد أي علاقة تربطك بالموظف الذي سُجن. بما تفسرين هذا؟
بدى وكأن سؤاله قد ألجمها فغضبت كلوديا: أجيبي! فسري لنا كيفية معرفتك لهذه التفاصيل!
حاولت كلارا إبعاد يد كريس بصعوبة: اتركني! لقد سمحت لكم بالثرثرة وتوجيه كل هذه الإتهامات ولكنكم تجاوزتم حدودكم كثيراً! لقد كنتُ زوجتك حينها فلماذا لن أعلم بأمور كهذه!
أنتِ مراوغة جيدة.
قالها ونظر لجوش مضيفاَ: جوش رافقني لزيارة مركز الشرطة، على لقاء ذلك الموظف حالاً.
أردف بإشمئزاز وهو يعاود النظر لكلارا: يمكنكِ الدفاع عن نفسك هناك، ولكنك سترافقينني لأرى بنفسي أي نوع من اللقاءات سيجمعك بذلك السجين.
صرخت كلارا بدهشة: هل جننت! بأي حق تأخذني إلى مركز الشرطة! ما دليلك على أنني من حرضته؟! سأقاضيك يا كريس أقسم بأنك ستندم لو أجبرتني على دخول المركز بالإكراه!
اطبقي فمكِ واتركي التهديدات الفارغة.
ولكنها حاولت التملص منه فتنهد ستيف واقترب ليمسك بذراعها وكذلك جوش الذي قال بحزم: سنسبقك يا كريس ريثما تقوم بتغيير ملابسك.
وقفت كلوديا فوراً: أنا ذاهبة معكم.
ولكن جوش نفي بهدوء: لا بأس يا كلوديا لا داعي لهذا، سأذهب أنا وكريس فقط، سيساعدني ستيف فقط في أخذها إلى السيارة.
ترددت كلوديا ولكنها لم تعلق فصرخت كلارا بسخط: هذا كثير جداً!
حاولت ابعاد يد ستيف عنها بصعوبة فتقدم جوش ليمسك ذراعها ويخرجها برفقته وسمعت صرخاتها المتوعدة!
جلست على الأريكة بقدم مرتجفة بينما زفرت أولين بيأس شديد هامسة: من كان يدري بأن هذا سيحدث عاجلا أم آجلاً.
وقفت كلوديا وهمست بغيض: تلك اللعينة المخادعة. كريس عليك ان تخبرني بما سيحدث إياكم وإخفاء الأمر عني!
لم يجب كريس وإنما ظل يحدق إلى فاستوعبت صمت الجميع ورفعت رأسي لأراه ينظر إلي!
حينها قالت أولين لكلوديا بهدوء: لنخرج.
أيدتها كلوديا وهي تلقي علينا نظرة أخيرة وتسير متذمرة بشأن ما حدث للتو مع كلارا وأغلقت الباب خلفها.
بقيت مع كريس في الغرفة وحدي فقلت فوراً بلا حيلة: أرجوك لا تسألني عن أي شيء أشعر بأنه لا طاقة لي.
لم يعلق وإنما اتجه لخزانة الملابس ليخرج ملابساً له ليضعها على السرير بينما لا أزال جالسة على الأريكة أفكر بما اقترفته من خطأ للتو وكيف ستكون ردة فعل السيد ماكس لو علم بالأمر!
هل على زيارته والإعتذار له؟ أو ربما لا يجب أن اتعبه بهذه المشاكل، هل على إذا سؤال السيدة أولين التي حافظت على هذا العهد أيضا حتى أفسدتُ الأمر؟! يا الهي أنجدني لا أعلم ما على فعله!
كنت أريد الوقوف في صف كريس والتخلص من إزعاج كلارا ولكنني تهورت كثيرا ولم أفكر بالكلمات التي خرجت مندفعة من فمي! بل وأنني قلتها بكل ثقة وثبات! أنا حقاً م.
بتر حبل أفكاري صوته البارد: شكراً جزيلا لكِ الجميع يعلم الآن بأن زواجنا مجرد حيلة حمقاء.
رفعت رأسي نحوه لأراه يقف ممسكاً بمنشفته ليضعها على كتفه فوقفت بعدم تصديق مرددة: الشكر يعود إلى أنا؟ من الذي أجاب كلارا بالنفي بحق السماء عندما سألت ما ان كنت تحبني أو لا! بل وأنك أجبت بكل بساطة أمام الجميع ب إطلاقا ولم تفكر ولو قليلا بمدى إحراجي أمامهم! هل أنا المُلامة الآن؟!
هذا يختلف عما قلتهِ بنفسك والقصة التي اختلقتها أمامهم! لم يكن هناك أي داع لما فعلته!
ولماذا فعلتُ هذا برأيك!
تساءلت بغضب فأجابني بغضب مماثل: هيا أكملي وقولي بأنكِ فعلت هذا لتتداركي الأمر وتوقفي تلك اللعينة عند حدها! من سمح لك بهذا بحق الإله!
اتسعت عيناي وابتعدت عن الأريكة متقدمة نحوه بإنفعال: هكذا إذاً! الخطأ يقع على أنا؟! بالطبع أنا المخطأة فأنت الشاب النبيل الذي لا يخطئ بأي شيء وأنت المحق دائماً وانت من تفعل الصواب بينما أي فعل قد يبذر مني فهو إما حماقة أو تهوراً! ولكنني لن ألومك فأنا بالفعل حمقاء عندما نويت الوقوف في صفك أمامها بعد إحراجك لي ومحاولتي لتغطية جملتك التافهة تلك! إلى أي مدى أنت وغد ناكر للجميل يا كريس؟! بل وأنك الآن تتهرب بكل جرأة عن موضوع إيثان الذي ظلمتَهُ في ما حدث وكأن شيئاً لم يكن.!
فاجئتني كثيراً. يبدو أنك كنتِ تعلمين أكثر مما ظننت.
أكمل بصوت حاول جعله هادئاً: في النهاية قضية الإختلاس أمر قديم لم أكن التفت إليه كثيرا بقدر إهتمامي بكل حرف تفوه به شقيقك وسمعته بنفسي.
أنتَ جبان.
قلتها بحزم فركزت عيناه على ملامحي بنظرات استنكار شديد وعدم رضى وقبل أن يقول شيئا بادرت أهمس بحقد: أنتَ حقاً أجبن شخص عرفته في حياتي! وجدتَ ما وقع للتو وسيلة للهروب من لومك الخاطئ لإيثان وها أنت ذا تقوم بإستغلال الموقف لصالحك من خلال بناء سد قد بنيتَهُ باستغلال فعل بذر مني بنية مساعدتك، لم تعترف بخطأك بل لا زلت تقف بكل برود وتبلد وكأن أخي لم يعاني من ظلمك له!
لم يعلق وإنما ظل يتابعني بنظراته وأنا أتحرك نحو النافذة مردفة: أتعلم أمراً؟ يوجد نوعين من الأشخاص في هذا العالم عندما يدركون أنهم في النهاية على خطأ. الاول يسرع في قلب المسألة لصالحه تسويغاً لما اقترفه باحثا عن خيوط يحيكها لينسج مسلكاً له، والآخر يطرح بهذا الخطأ على ظهر غيره ليبعد التهمة عن نفسه وينفد بجلده. وأنتَ جمعت الإثنان معاً بل وأسوأ منهما. أنا حقا عاجزة عن إخفاء رغبتي في الإعتراف حالاً بأنني أمقتك وبشدة يا كريس! ربما تهورت باختلاق تلك القصة السخيفة أمام الجميع ولكنني على عكسك تماماً كما ترى. لم أكن أنوي سوى الوقوف أمام كلارا وانتزاعك من مطالبها الأنانية.
نظرت من خلال النافذة بحرقة اشعلت بي ناراً بل وانذرتني منادية بإسمي بكل تحذير بأن دموعاً قد تتسلل إلى مجرى أغلقته منذ تعرفي على كريس.
حاولت جاهدة تمالك نفسي وأنا أكمل بهدوء: على الأقل أنا لم أكن أكذب عندما قلت بأنني تعلقت بجيمي. لأنني بالفعل لا أشعر بأنني مرغمة على البقاء معه،! أنا اتسلى بكل دقيقة أقضيها معه. بل وأنني وعدته بأنك ستكون أقرب إليه، وعدته بأنك ستقضي الكثير من الأوقات السعيدة معه.
عندما وقعت جملتي الأخيرة على مسامعه أشاح بوجهه بعيداً بوجه بلا تعبير فاسترسلت والهواء القادم من النافذة يداعب شعري المنسدل: هذا يكفي. كريس لقد حدث الكثير، لقد احتملت أفعالك وكلماتك الجارحة، ولكنني لن أقف مكتوفة الأيدي دائماً. أنا أيضا كما ترى أحب عائلتي وضقت ذرعا من سماعك لا تكف عن إهانتهم بكل الطرق. هل تعلم كم كنت مضطرة للكذب على سام عند لقائي به؟ لم أكن يوما مرغمة على تزييف الحقائق بهذا القدر! ومع من؟ مع أقرب شخص إلي!
ظل صامتاً مشيحا بوجهه فارتخت ملامحي بأسى دون شعور مني وبعدم قدرة على كبح هذا الإستياء أكثر.
لأجد نفسي أهمس بشرود: دعني أسألك. هل تدرك ما تحدثت بشأنه في الأمس؟ ألا تتذكر ما قلته لي وما ثرثرت به؟ لأول مرة ظننت بأنك.
هذا يكفي.
قالها ليقطع كلماتي بنبرة جافة، أنزل المنشفة من فوق كتفه وأمسك بها بقوة حتى ابيضت يده وقال بصوت منخفض: لم يعد هناك أي داعِ لبقائك هنا أكثر.
وقعت كلماته على كالصاعقة التي أجبرت جسدي على الإرتجاف وانا أنظر إليه بعدم تصديق وقد ألجمتني الدهشة!
ولكنه استدار لأواجه ظهره وأكمل بنبرته الهادئة: لم يكن هناك أي ثمار قد تُجنى بعد معرفة الجميع بحقيقة زواجنا. تواجدك منذ البداية كان خطأَ فادحاً، لم يعد عليك البقاء أكثر، أشعر مؤخراً بأن أسوأ قرار قد اتخذته هو الزواج بك وجلبك إلى هنا. إنها الحقيقة يا شارلوت وجودك بات صعباً أكثر فأكثر لذا لنقف عند هذا الحد، ربما كان على رسم خطة متقنة قبل التهور واحضارك. أكره إتقانك الشديد لدور اللطيفة الحكيمة وبات الوضع صعب الإحتمال. ربما الإنتقام عن طريقك لم يكن مناسباً منذ البداية فأنتِ في الواقع تظهرينني أمام الجميع بصورة شخص مهزوم، بل وكُسر إطار هذه الصورة نظراً لتوسعها أمامهم. ، حتى لو اتضح أن إيثان تورط في أمر لا يعنيه فهذا لن يعميني عن حقيقة كونك ابنة ستيفاني، وأنا لن أسامحها طالما حييت. فلترحلي.
ظل صوته يتردد في عقلي كما لو كان دخيلاً شرسا بل و خلقت جملته صدى بات يغوص أكثر في أعماقي ليمزق شيئا في داخلي جعلني أرفع يدي نحو صدري أحاول التخفيف عن ألم اعتراني بيد حانية ولكن دون جدوى.
بلا شك قد تم تحطيمي الآن بقسوة. بل تم طردي بطريقة مباشرة.
ليس من منزله وإنما من حياته وعالمه الذي كنت قد قررت مؤخراً فقط بطرق بابه والدخول لإستكشافه سامحة لمشاعري بإرشادي فيه.
هذه قسوة. إنه لؤم. هذا كثير جداً!
حينها كرهت نفسي التي وقعت في حبه وهي تعلم أنها تقف على طرف حافة تعتلي ساحة مظلمة وها ذا أنا أقع فيها ولا أدري ما الخطوة التالية!
ارتجفت أناملي قبل أن أطوقها بقوة في قبضة يدي وقد امتلأت نفسي المحطمة بنشوة الكبرياء، ورفعت رأسي لأرسم على ثغري ابتسامة ثقة مزيفة تكاد تسخر مني وتبوح للعالم كم عملت جاهدة لرشوتها وإجبارها على الظهور في هذه اللحظة، بل تلك الإبتسامة القاسية والتي لم تكن سوى قناع مزق ملامح وجهي، من الصعب وصف ما أمر به. ولكن هذه الإبتسامة ليست سوى ردة فعل قاسية لنفسي بغرض حماية كبريائي وحسب، نظرت إليه لأقول أخيراً: أنت محق. لأول مرة أتفق معك! رحيلي منذ البداية كان ضروري، لا بأس في فهمك للأمر حتى لو كنتَ متأخراً. تذكر بأنني أخبرتك مسبقاً بأن هذا الزواج خاطئ ولن يجلب سوى المتاعب.
ثم رفعت كلتا يداي وارحتهما متنهدة اتظاهر جاهدة بالإسترخاء: وأخيراً يمكنني الخروج من هذا الجحيم! أنا شاكرة لعودتك إلى رشدك أخيراً. بالمناسبة يمكنك الثأر من عائلتي ولكنها ستكون طريقة عادلة الآن فأنا بينهم ومعهم وسأكون مطمئنة.
ظل ظهره مواجهاً لي لأعجز عن رؤية ملامحه، لم يعلق ولم يتحدث فقلتُ ساخرة أطمس حرقتي: كل ما أريده الآن هو تفرغ السيد مايكل ليقلني إلى المنزل وحسب.
لو كنت أقول كل هذه الأكاذيب في مكان خالِ تماما لتعالى صدى صوتي في المكان مرددا ب إنها كاذبة
انهيت جملتي ليخيم الصمت على الغرفة تماماً.
انتظرته ان يتحدث. حتى لو غضب او صرخ ساخطاً ليقول لي بكل عناد وتسلط بأنه قد غير رأيه! فلا فكرة لديه كم سيحرر هذا ما بداخلي من رغبة في تكذيب طلبه مني للرحيل! ولكن الواقع المرير كسر هذه التخيلات الساذجة عندما تحركت قدماه للقسم الآخر من الغرفة فخرج صوتي الذي نال شرف إتقانه التمثيل لآخر لحظة: حاول التقرب إلى جيمي على الأقل. لنفترض أنها نصيحة أخيرة أقدمها إليك.
الحقيقة أن جملتي كانت محاولة أخيرة لتسريب ولو كلمة واحدة لينطق بها بدلا من تركي أعاني من صمته ولكنه اختفى عن ناظري عندما أغلق باب الحمام وحينها تفاجأتُ بقدماي اللتان اعتذرتا وخذلتني لأجثي على ركبتاي وتناثر شعري حولي لاهثة بأنفاس مرتجفة.
حقيقة أنني قد أرحل وأبتعد عنه. أشبه بأمر عجزت عن التفكير به أو مجرد تخيله!
ألهذه الدرجة لا أعني له شيئاً! هو لم يكلف نفسه عناء النظر إلي! ما هذا! هل هذا هو حظي على هذه الأرض! لماذا لم تتمدد هذه الأرض قليلا منذ البداية لتبعدني عنه! أو لماذا لم تنشق وتبتلعني قبل أن أقع في حبه!
أنا أسمع خفقات قلبي التي تقرع طبول الإيقاع الحزين الراغب بالفضفضة ولكنني خذلتها عندما وقفت أجر قدماي بصعوبة لأخرج من الغرفة كالمغيبة باحثة عن إحدى الخادمات التي وجدتها وطلبت منها جلب حقيبة متوسطة الحجم لي.
وعندما أتت بها أسرعت في لمح البصر أضع فيها ملابسي التي لم تكن كثيرة، فهي معدودة وقد جلبتها معي من تلك الشقة التي بدأ فيها كل شيء.
نعم، تلك الشقة التي كانت سببا في بداية اللعنة! المكان الذي لم أعتقد بأنه سيكون سبباً في جعلي أسيرة لعينا كريس التي أوقعتني في الفخ وجعلتني سجينة لمشاعري نحوه.
كنت أجر الحقيبة عندما وصلت إلى نهاية الجناح ورأيت كلوديا التي صعدت الدرج بملامح غارقة في بحر أفكارها وعندما انتبهت لي قالت بغيض: لا يمكنني التوقف عن التفكير عما ستقوله تلك الشمطاء وعن أنواع المبررات التي ستختلقها، رأسي يكاد ينفجر ومزاجي قد تعكر تماما، لما لا تحتسين معي كوبا من الق.
ولكنها بترت كلماتها عندما وقعت عينيها على الحقيبة في يدي وتساءلت بحيرة: ما هذه؟
أخذت شهيقا قبل أن أجيبها مبتسمة بهدوء: سأغادر. من الجيد أنني رأيتك لأودعك.
هاه!
قالتها بعدم استيعاب حتى أدركت وصعدت الدرجات الأخيرة بسرعة لتقف بمحاذاتي بعدم تصديق: هل أنتِ جادة! هل تشاجرتما؟ هل هذا بسبب ما قاله كريس! أرجوك يا شارلوت تأني قليلا وتجاهليه! لقد كان غاضبا ولم يرغب في جعل كلارا تبدو وكأنها تستجوبه ل.
اطمئني سيدة كلوديا لم نتشاجر. إنها رغبتي ورغبة كريس نحن متفاهمان حول الموضوع.
قلتها مختصرة الأمر ونزلت بضعة درجات ولكنها اسرعت تنزل الدرج بجانبي لتعترض بتوجس: ما الذي تقولينه بحق السماء يا شارلوت! ما الذي تفاهمتا حوله؟ مغادرتك! لا يمكنك أن تكوني جادة! بهذه البساطة؟!
ابتسمت لها ولم أعلق فأضافت بعدم رضى: انت جزء من العائلة لا يمكنك الرحيل ببساطة.
وضعت الحقيبة في اليد الأخرى عندما شعرت بالتعب وإنهاك يدي وقلت: ممتنة لكلماتك اللطيفة ولكن هذا ما تؤول إليه الأمور. أنا حقا سعيدة لأسمع رغبتك في بقائي ولكن على المغادرة.
وصلنا إلى نهاية الدرج وحينها رأيت ستيف الذي عاد من باب المدخل وقال محدقا إلى هاتفه بصوت عال: أمي، أرسل أبي رسالة يوضح فيها ضرورة إسراع كريس، ما الذي يؤخره؟
قالها واضعا يده اليمنى على خصره بضجر ولكنه رفع رأسه منتبها لنا ووقعت عيناه على الحقيبة التي اسحبها فظهرت الحيرة والاستغراب على ملامحه.
ظلت كلوديا تمشي بجانبي لتقول بنبرة جادة وهي تطالبني بالتوقف: شارلوت انتظري لنتفاهم! لا يمكنك المغادرة هكذا.
عندما سمع ستيف هذه الجملة من والدته اتسعت عيناه البندقيتان فالقيت عليه ابتسامة هادئة خاطفة ليبادلني ردة فعل لم تكن سوى إشاحة وجهه بسرعة والإستغراب لا يزال متربعا على وجهه.
عندما وصلت إلى منتصف الردهة حزمت كلوديا الأمر وهي تنادي بإسمي بصوت حازم جداً فوقفت رغما عني أنظر إليها وسبقتها القول: لم يعد هناك ما أفعله يا كلوديا، سعادتي تفوق تخيلاتك لمجرد رغبتك ببقائي ولكنني لا أستطيع! أنا حقا غير قادرة على الإستمرار مع كريس. كان كل شيء تهوراً مني ومنه منذ البداية ولم يتأخر الوقت على إجراء هذه التعديلات.
لمعت عيناها بالدموع المعترضة فأخرسني ما أراه بدهشة!
أن تذرف عيناها الدموع لأجلي أنا لهو أمر لم أضعه في الحسبان! بل أنني للحظة كدت أرخي يدي لأترك الحقيبة واقفز في أحضانها لأنفجر باكية أنا أيضا، ولكنني تعقلت في أقل من ثانية وابتسمت بلطف مقتربة منها: لقد قضيت معكم أوقات رائعة ومسلية، لم أندم على أي لحظة قضيتها في هذا المنزل. تعلقت بجيمي كثيراً ومن حسن الحظ أنني لم التقي به إلى الآن فلا أعلم كيف قد تكون ردة فعلي لا سيما وأنني عازمة على الرحيل، كنت أتوق أيضا لرؤية السيد ماكس يعود إلى المنزل سالما. أبلغيه تحياتي رجاءً.
اتبعت جملتي وانا اربت على كتفها بلطف واتحرك لأتجاوز ستيف الذي ظهرت تقطيبة بين حاجبيه وهذه المرة لم يشيح بوجهه بعيداً وإنما حرك فاهه وبدى وكأنه على وشك قول شيء ما إلا أنه تراجع وأطبق فمه بسرعة يلاحقني بعيناه وانا اضع يدي على قبضة الباب لأبتسم: سأكون شاكرة لو أبلغتما السيدة أولين كذلك بسلامي. اعتذرا لجيمي على مغادرتي فجأة فسيكون توديعه صعبا بلا شك.
فتحت الباب لتتبعني كلوديا وهي مصرة على محاولة إقناعي وانا اكتفي بإجابات نفي مختصرة حتى عندما اتجهت للحديقة الخلفية نحو موقف السيارات لأطلب من السيد مايكل أن يوصلني لمدينتي.
تناول الحقيبة مني تحت دهشة واستغراب شديد بينما دخلت السيارة لأجلس على المقعد الخلفي وكلوديا واقفة محدقة إلى بعين مستاءة وقد توقفت عن إلحاحها.
ابتسمتُ لها ابتسامة سريعة وانا اغلق الباب وانزلت زجاج النافذة لأقول: إلى اللقاء.
إلا ان مناداة شخص ب أمي قد جعلني اتسمر في مكاني ولاسيما وأنه صوت مستنكر اتضح أنه كان قبل ثوان فقط بتملكه المرح حتى دخل في حيرة من أمره.
يا الهي! هذا ما تمنيت ألا يحدث. إنه جيمي!
عضيت على شفتي بتوتر وانا أتظاهر بأنني لم أسمع شيئاً.
ربما سيكون جيمي سببا في انفجار كل ما عملت جاهدة لقمعه في داخلي قبل لحظات وطوال هذه الفترة لذا عليه ان يبقى بعيداً فأنا لن أضمن قدرتي على التظاهر أكثر.
ولكن الأحداث لا تسير كما أريد والسفينة التي أقف على متنها لم ترسو مع إتجاه الرياح، فلقد رأيته يقف بجانب السيارة باستغراب وخلفه ستيف الذي ينظر إليه بإحباط واضح وهو يضع يده على رأسه الصغيرة مداعبا شعره.
إلى أين أنتِ ذاهبة يا أمي؟
تساءل مبتسماً فصعبت ابتسامته هذه على ما كدت أخرجهه من فاهي من أكاذيب وتبريرات.
لقد تعلقت به بسرعة ولا يمكنني تركه وكأن شيئا لم يكن. لم أكن أتظاهر طوال هذه الفترة مع جيمي وإنما كنت أقدر معه كل لحظة. بدى بالفعل وكأنه وجد أخيراً أكثر ما يفتقر إليه وتشبث بي بقوة، كنتُ أسمع همساته وهو نائم لينادي بأمي وأبي في صوت ضعيف وكنت أكمل نومي شاعرة بأنني سأكون يوماً سبباً في تحطم جيمي أو خذلانه وقد أتى هذا اليوم للأسف!
كريس كان واضحا وطلب مني الإبتعاد بكل صراحة وأعطى كل حرف حقه مشددا على كلماته وهو يقول فلترحلي . وأنا احترمت حق كل حرف ولن أسمح له بإهانة كبريائي أكثر ولو بمقدار ظئيل. ولهذا على المغادرة دون تفكير.
وجدتُ نفسي أبتسم بهدوء: جيمي عزيزي. ابتعد عن الباب قليلا لأنزل.
أومأ مبتعدا للخلف وكذلك ستيف فترجلت من السيارة لأنحني بمستوى طوله وأقابل وجهه وأضفت بلطف: أتذكر يا جيمي عندما اتفقنا في البداية ان مدة وجودي هنا ستكون مؤقتة؟
عقد جاجبيه باستغراب: نعم؟!
ها قد حان الوقت يا عزيزتي لأرحل، لقد أمضينا أوقاتاً جميلة معاً، لعبنا كثيراً وحظينا بالتسالي والأحاديث الممتعة وقصينا الكثير من القصص القصيرة ليلاً. عليك أن تحتفظ بكل هذه اللحظات هنا.
قلتها مشيرة إلى رأسه بمرح فلمعت عيناه العسليتان الواسعتان بدون استيعاب: في رأسي؟ لماذا! أنا سأنسى بالتأكيد يا أمي. ولكننا لازلنا سنقضي باقي الأوقات معاً فلماذا على ان أحتفظ بها فقط؟ ألن نكررها!
قال كلمته الأخيرة وفي نبرته الطفولية حذر شديد وخوف واضح مما جعلني أخفض نظري قليلا باحثة بعيناي في الفراغ وأقلِبُها وكأنني أرى فيه كتاباً بعنوان كيف تنفد بجلدك من براءة طفل مرتقب.
رفعت عيناي الخضراوان للسماء لأقل من لحظة قبل أن أعاود النظر إليه مجدداً، تحركت يد ستيف مداعبة شعر جيمي وهو يتنهد بهدوء، أما كلوديا فظلت غمامة سوداء تحيط بها وتظللها لتترك حولها هالة من الإستياء الواضح ولكنها بدت وكأنها على انتظار أمل أن أخبر جيمي بعدولي عن قراري.
وأخيرا عزمت أمري وتركت لعقلي حرية التصرف وأنا أحذر قلبي من التدخل أو المقاطعة لأفتح فاهي وقد كنت على وشك إنهاء الأمر والوقوف لأغادر قبل ان ينجح الضعف في إرسال جيوشه إلى ليأسرني ويأخذني للإستسلام أمام جيمي ولكنه سبقني القول: أنتِ لن تتخلي عني صحيح؟
جف حلقي حتى بات كأرض جدباء بعد أن كان للتو مستعداً لبضعة جمل مختصرة! كيف لا وجملته محاطة بصوت مهزوز! يا الهي. الأمر بات أصعب بكثير.
رفع يده الصغيرة ليضعها على وجنتي: أمي. هل تريدين الذهاب؟
همست كلوديا بإسمي في هذه اللحظة وكأنها تطلب مني التعقل وتهوين هذه الفكرة والتخلص منها في رأسي.
تفاجأت بلمعة قد ظهرت فجأة في عيناه نتيجة لتحجر الدموع في مقلتيه وسرعان ما شهق ببكاء: كنتُ اعلم بأنكِ سترحلين عني. أعلم بأنني لن أحصل على أم تبقى معي للأبد كأصدقائي. ولكنني أخبرتهم بأنكِ ستتواجدين في حفل نهاية الأسبوع وسترافقينني إلى الرحلة وسأصحبك إليهم لأثبت لهم بأنني لا أكذب ولكنهم أخبروني بألا أجبر امرأة على البقاء معي وألا أستمر في الكذب.
تلى جملته شهقات متعالية وهي يبكي واضعا كلتا يديه المتكورتان على عينه فاتحا فاهه الذي أطلق العنان له أكثر في تفجير الكلمات: لماذا عليكِ أن ترحلي.
عقدت حاجباي بحزن وأيقنت بأن شلال الدموع يتأهب في وضع الإستعداد للجريان في أي لحظة لانهزاما أمام هذا التيار القوي من مشاعره المتخبطة!
لم أجد سوى ان أجذبه لأعانقه ممررة إحدى يداي على ظهره والأخرى على رأسه مهدئة: لا تبكِ. هذا يكفي يا عزيزي كف عن البكاء.
أغمضت عيناي بقوة مستاءة من نفسي، فأنا أرفض أن أكذب عليه وأرفض أيضا أن أخلق سعادة مؤقتة بكمية زائفة من قائمة وعود لن أفي بها وهذا ما جعلني التزم الصمت حتى لفت انتباه مسامعي صوت خطوات تقترب.
فتحت عيناي اللتان ندمتا على ذلك عندما رأيته يقترب نحونا وقد وقعت عيناه على وعلى جيمي الذي لا زال يبكي.
نظر إليه ستيف وتمتم بعدم رضى: هل حقا لا بأس بهذا! إنه يبكي ولن يتوقف كما تعلم.
بادله النظرات بهدوء واتجه بكل بساطة إلى سيارته السوداء ليقوم بتشغيل المحرك ثم عاود الترجل منها زافراً بضجر: جيمي. كف عن البكاء وادخل إلى المنزل.
صرخ جيمي ببكاء دون ان يبتعد عني: لا أريد. سأذهب مع أمي. أبي أقنعها أن تبقى معنا أرجوك.
تحاشيت اختلاس نظرة له وفضلتُ ألا أفعل، لا أريد رؤيته ولا يجب أن أراه فأنا بالكاد أحافظ على رباطة جأشي أمامهم. ففي هذه اللحظة لم يكن الإستياء ما يجتاحني وإنما رغبة عارمة في تحطيم جمجمته والإنتقام لنفسي المحطمة.
تمتم بهدوء: ستيف أنا على عجلة من أمري. خذه إلى الداخل من فضلك.
أومأ ستيف واقترب من جيمي الذي ما أن سمع ذلك حتى تعالى صوت بكائه أكثر متشبثا بي مما جعل ردة فعلي تكون بالمثل تماماً! تشبثت به أنا أيضا دون أن أشعر مغمضة عيناي محاولة أن أهدء توتري.
لن أبالغ لو قلت أنني في هذه اللحظة شعرت بأمومة قوية لا أدري متى اكتسبتها! بل أنني نسيت أن جيمي ليس ابني في الحقيقة! اقسم بأنني كدت أصرخ مجارية للوضع وكأننا في مشهد يصور محاولة انتزاعهم مني ابني بالقوة! أدهشني هذا الشعور وهو ما أجبرني على ابعاد جيمي عني برفق محدقة إلى وجهه الباكي والمتورد بعدم استيعاب، بل أن خط رفيع لامع قد سال من أنفه لشدة صراخه وبكائه وقد أمسكه ستيف ليرفعه بين يديه مهدئاً فحاول إبعاده عنه بيديه الصغيرتين ثم مدها نحوي وكأنه يطالبني باستعادته!
استقمت واقفة وأنا منزعجة من شعوري بوجود ثقل غريب يتربع على صدري ويمنعه من التنفس، بل وشعرت بغصة شديدة في حنجرتي لتسبب لي ألما وصعوبة في ازدراد ريقي. وكأنه قد تم انتزاعه مني بالفعل! أيقنت بأن مشاعر الأمومة لا يشترط أن تكون لطفل تحمله المرأة في أحشائها أو تلده! والدليل على ذلك هو رغبتي في مشاركة جيمي في البكاء أنا أيضاً.
نجح في التملص من ستيف وعاود يتعلق بساقي فما كان من كريس إلا الإقتراب ليحمله بنفسه هذه المرة قائلا بهدوء: يكفي. هيا عد للداخل ستقضي آنا الوقت معك في اللعب و.
لا أريد.
قالها مقاطعاً بصراخ فزفر كريس زفرة سريعة غاضبة وهمس متمالكاً نفسه: سأدخلك بنفسي إذاً. كف عن الصراخ ستقتلع أذناي!
تدخلت كلوديا بأسى وهي تمرر يدها على ظهر جيمي: كريس لا تقسو عليه يكفي أنه يبكي! هيا يا عزيزي جيمي توقف عن البكاء سنقضي جميعنا وقتنا معك الليلة وغدا وما يليه من أيام وسنذهب للتنزه والملاهي، ما رأيك؟
كان جوابه هو الإستمرار في البكاء وعيناه العسليتان المتوردتان تحدقان إلى فما كان مني سوى أن أسرع لدخول السيارة وأغلق الباب وكأنني هاربة من إعصار على وشك انتزاع الكلمات المكتومة في جوفي.
كان لا يزال الصوت واضحا لكريس الذي يحاول تهدأته وكذلك ستيف ووالدته.
قلتُ بنبرة هادئة مرتجفة: هيا سيد مايكل.
أومأ دون أي كلمة وحرك السيارة بالفعل ليزداد صراخ جيمي الذي سمعته يقول: أمي. لا ترحلي!
تظاهرت بأن لي أذنان لا تسمعان وأخفضت نظري أدفنه بين طيات جزئيات الهواء ببراعة ليتحرك مايكل أخيراً ليصنع في داخلي شعور الهرب من جريمة قد ارتكبتها وهربت منها للتو.
ثوان فقط وكان قد أخرج السيارة من موقف السيارات لنسير عابرين الحديقة الخلفية إلى الأمامية وحينها التفتُ بجسدي لأنظر من خلال الزجاج الخلفي للسيارة وأتفاجئ بجيمي الذي نجح في التملص من يد كريس ويركض خلف السيارة وبدى وكأنه يتفوه بكلمات راجية فارتفعت يدي إلى فمي محاولة منع نفسي من طلب التوقف عن إكمال السير من مايكل.
لم يكمل سوى خطوات سريعة من الركض انتهت بحمل كريس له مجدداً وهو يستدير للوراء.
عاودت أجلس باعتدال انظر من خلال النافذة للأشجار الكثيفة والبساط الأخضر الأملس والذي اختلطت به ألوان الزهور المنوعة والمختلفة في أشكالها وأطوالها تاركة خلفي مشاعري نحو كائن لم يكترث أو يهتم لمهية بي. هذا ما ظننته، بأنني سأنجح فورا وأن الأمر سهل،! ولكن هذه المشاعر اللئيمة جلست بجانبي على المقعد ونظرت إلى بانكسار هامسة لي بيأس: لم تأخذيني معك. بل تركتني أسيرة له!
رصيت على أسناني بقوة وأغمضت عيناي وحينها أتى سؤال مايكل الذي سبق وان خرج من بوابة المنزل: ما هو العنوان يا ابنتي؟
أخبرته بالعنوان في المدينة المجاورة ثم أعقبت إجابتي بصمت وشرود قد أغوى عيناي اللتان تحدقان من خلال النافذة.
لآخر لحظة لم يتحرك لسانه ليتسلط أو يأمرني بالبقاء ولكنه على العكس قد تصرف وكأن رحيلي لا يعني أي شيء ولم يمنعني! اللعنة على عندما وقعت في حبه. ولكنني أدرك ضرورة نسيانه ومحوه من عقلي ولو فشلت فلن أتردد في ضرب رأسي بالحائط حتى يتبخر من ذاكرتي كقطرات ماء تبخرت بجهد قد بذله اللهب ثم اعتلت السحب لتتساقط بحُلة جديدة وتسقط مع قطرات الغيث متحررة مما كانت عليه.
سأنساه. أنا قادرة على ذلك، أعلم جيداً بأنني قادرة. للحفاظ على كبريائي وثقتي وللإعتذار من نفسي. كان كل شيء خطأً منذ البداية ويجب تصحيح مسار الأحداث.
أغمضت عيناي وانا اسند رأسي على النافذة مستجيبة لعقلي الذي طلب مني أخذ قسطا من الراحة.
كنت قد نمت بالفعل دون ان أشعر حتى سمعت همسات هادئة: آنسة شارلوت! استيقظي يا ابنتي.
فتحت عيناي ببطء لأدرس المكان قليلا لاستوعب أن ما حدث لم يكن حلماً كما تمنيت قبل أن أغفو! مازلت في السيارة! اسرعت اعتدل وأنا ابعد شعري عن وجهي متمتمة: يبدو أنه من السهل أن أغفو! هذا ما يحدث دائما.
ابتسم بلطف: لقد وصلنا بسرعة لأنني سلكت طريق مختلفة.
شكرا جزيلا لك سيد مايكل.
لا داعي لهذا يا ابنتي.
أضاف ينظر للأمام: إننا في الحي ولكنني لا أعلم أين المنزل تحديدا.
نظرت للمكان من حولي بتمعن لأرى المكان الذي لطالما مشيت فيه وعبرت من خلاله ذهابا وإيابا، على طرفي اليسار يوجد منازل مألوفة للجيران في بداية الحي وحينها ابتسمت دون شعور قائلة: ح. حسنا إذاَ، اتجه للأمام وأكمل طريقك ثم انعطف يسارا!
امال برأسه وقاد السيارة حتى سلك الطريق وانعطف يسارا لتلمح عيناي ذلك المنزل المتواضع الدافئ بلونيه الأبيض والبني الداكن وبجانبه مباشرة جراش السيارة المغلق والذي وبلا شك سيكون خاليا من سيارة أبي وإيثان، اشرت للمنزل فوقف أمامه، نظرت من خلف النافذة بشرود أحدق بالبقعة التي اشتقت إليها كثيرا! أشعر بأن روحي المنتزعة قد عادت متلهفة إلى الأجواء الدافئة والمرحة فيه!
أطلقت زفرة ارتياح وقبل أن أفتح الباب تمتم السيد مايكل بلطف: آنسة شارلوت.
نظرت إليه بحيرة، فأكمل مبتسماً بإستياء: من الواضح أن مشكلة ما حدثت مع السيد كريس لتغادري هكذا.
أخفضت عيناي قليلا بإمتعاض مستاءة من إفساده لمزاجي الذي ما لبث أن تعكر فورا عندما ذكر اسمه! ولكنني في النهاية أجبته: نوعاً ما. لا تقلق سيد مايكل.
تنهد ونظر نحوي من خلال المرآة الأمامية لثوان ثم قال: أنا أعمل لدى عائلة السيد إفليك منذ زمن بعيد، كان كريس ما يزال طفلاً ذو الأربعة أعوام حينها.
نظرت إليه لأنصت إلى ما يقوله فأكمل: اتعلمين يا ابنتي. لا أدري ما حدث بينكما أو سبب مغادرتك ولكنني أقدر جيداً مدى صعوبة مراس السيد كريس وتقلبات مزاجه، لقد رأيت بعيناي أمور كثيرة يا ابنتي وأنا أوصله للمدرسة، شهدت بعض المواقف التي مر بها والتي ظل أثرها حتى يومنا هذا، لا أذكر عدد المرات التي كنت أقوم بأخذه من المدرسة حين يتصل بي وهو في حالة يرثى لها ويطلب مني أن أعده بعدم إخبار أحد متهربا من المدرسة خفية، يا ابنتي كريس ليس سيئاً مهما كان ما يقوم به. إنه فقط شاب نشأ بطريقة. صعبة تنقصها أمور كثيرة! هو بحاجة لأمور معينة. بحاجة لأشياء أرادها منذ صغره وحسب.
قطبت حاجباي باستغراب فابتسم بلطف: أنا واثق بأنك ستدركين ما أقوله يوما ما. قريبا جداً. وأراهنك على أن هذا الخلاف لن يدوم طويلاً.
بللت شفتاي بإرتباك ونظرت إليه بتردد: لماذا تخبرني بهذا الآن سيد مايكل؟
لأنني أعلم بأن السيد كريس كان بإمكانه أن يكون شخص أفضل بكثير لولا العقبات التي واجهته، وأعلم بأنه في قرارة نفسه لا يحب ما هو عليه. وأعلم أنه يخفي في نفسه ذلك الطفل الذي لا زال نائما بداخله بطريقة ما.
حدقت به بإهتمام وعيناي تلمعان برغبة في الأنصات أكثر، فانا بين رغبة في السؤال أكثر وفي الصراخ بغضب لأمنعه من ذكر اسمه أمامي مجدداً.
ولكنني أدركت أن الخيار الأول خاطئ تماما، فلقد قررت بكل وضوح بأنني سأنساه ولا يجب أن أسأل عن شيء يخصه فهذا لا يهمني. أو لن يهمني لاحقاً. أول خطوة لنسيانه بنجاح هي تجاهل كل ما يتعلق به وهذا ما سأتخذه الآن.
زميت شفتاي وأومأت لنفسي بأنه القرار الصائب حتى ابتسمت هامسة: شكرا لإخباري سيد مايكل، على أن أنزل.
ثم فتحت الباب فقال السيد مايكل: سأحمل الحقيبة عنك.
أسرعت أقول باندفاع: لا داعي لهذا، ليست ثقيلة لا تقلق.
عارض قليلا حتى اقنعته، فعاد ليركب السيارة ينظر إلى من النافذة مبتسما: اعتني بنفسك جيدا.
وأنتَ أيضا، لا ترهق نفسك كثيرا.
سأفعل.
ثم رمقني بلطف وقال: لقد كان وجودك في المنزل ممتعا.
ش. شكرا جزيلا! أنت أيضا رجل لطيف جدا.
أمال برأسه مبتسما فاستدرت بدوري ممسكة بالحقيبة وأنا الوح له بهدوء حتى تخطيت سياج المنزل الذي كان طوله يصل إلى منتصف جسدي، فتحت بابه ودخلت وأنا أنظر يميني إلى صغار وأطفال الحي الذين يلعبون معا كرة السلة في الساحة المجاورة أمام المنزل الصغير الذي يعاني دائما من إزعاهجم، حدقت إليهم بشرود وفكرت كم افتقدت صراخ الأطفال والضوضاء التي يسببونها! حتى هذا الإزعاج كنت بحاجة إليه لتحسين نفسيتي قليلاً!
ابتسمتُ مشيحة بوجهي ثم سرعان ما عاودت النظر إليهم عندما لفت انتباهي أحد الجيران الذي خرج منزعجا متذمرا على افسادهم لعشبه بالكرة وهو يتوعد بإخبار أبائهم فما كان منهم سوى الرد عليه بأنهم يحاولون عدم الخروج من حدود ساحة اللعب.
ضحكت بخفوت ولا سيما عندما مرر أحدهم الكرة بقوة لتصل إلى قدماي فأسرعت أركلها بقوة لتعود إليهم.
أشاروا بالشكر وأكملوا اللعب فأخذت شهيقا عميقا اخذت معه الرغبة الحقيقية في التجدد.
تقدمت نحو الدرجات الثلاثة للمنزل ورفعت يدي لأطرق جرس المنزل بطريقة متواصلة وكذلك الباب مصدرة صوتا مستفزاً، لحظات حتى سمعت صوت سام الذي يصرخ بغضب: من يطرق الباب بهذه الطريقة!
عندما سمعت نبرته الغاضبة تماديت أكثر في الطرق ليصبح صوته أقرب وهو يهدد: سأوسعك ضرباً أياً تكن يا من تطرق الباب بهذه الطريقة.
فتح الباب مستندا عليه وهو مستعد للشجار وقد شمر عن قميصه إلى رسغه ولكنني سرعان ما صرخت بوجهه لأفزعه فاتسعت عيناه: شارلوت!
التعليقات