الفصل الرابع عشر
ذلك هو قدري
أمسكت بمقبض الباب وفتحته لتقف تنظر بذهول للواقف امامها يحمل باقة من الزهور بين كفيه ينظر لها بوجه بشوش وعيناه تلمعان ببريق لا تعرف ما سببه ظلت تطالعه كالبلهاء لا تعرف ماذا تفعل هل تدعوه للدخول ام تسأله لما هو هنا واقفا امامها كالمهرج بتلك الابتسامة الواسعة علي وجهه ..
شحب وجهها بشده وهي تطالعه بتمعن فما ان انتبهت لمن معه اذدردت ريقها بتوتر وهي تتنحي جانبا لتسمح لهما بالمرور خطئ مالك ووالده عدة خطوات للداخل بينما هي ظلت واقفة في محلها متشبثة بالباب وقف والده يطالعها بإبتسامة حانيه علي وجهه وهو يتفحصها من راسها حتي اخمص قدميها لم يفق إلا عندما لكزه مالك في كتفه بخفه ليتشدق مالك ساخرا يهمس بجانب اذن والده قائلا
(( ابي لقد اتينا لطلب يدها من اجلي وليس من اجلك فابعد ناظريك من علي فتاتي .))
ثم رفع نظره لها واكمل حديثه بجديه قائلا
(( وانتي ألن تذهبي أمامنا لتنبهي اهل المنزل ))
ما ان انهي جملته وجد فارس يخرج من غرفته بوجه مجهد اقترب فارس منهم وابتسم لهما بتشنج وهو يرمق ملاك بنظرات غاضبه لوقوفها امامهم بتلك الملابس البيتيه الخفيفة التي ترتديها تنحنحت ملاك ودلفت للداخل لتخبر اخواتها ليغادروا المجلس وبقي معتز ووالدتهم فقط بينما رحب بهم فارس ودعاهم للدخول وخطئ امامهم للداخل حيث والدته ومعتز بعد الترحيب بهم تحدث والد مالك يقول بصوت رزين وهادئ
(( لقد اتينا اليوم لطلب يد ملاك لولدي مالك .))
اتسعت اعينهم جميعا ومشاعر جميلة تتسارع داخلهم لترسم علي وجوههم إبتسامة سعيده لتتحدث والدته بنبرة فرحه قائله
(( كم يسعدنا ذلك الارتباط ولكن اعطنا بضعه ايام لنسأل العروس وننظر في الامر .))
تنحنح مالك بحرج قبل ان يقول
(( خذوا كل الوقت الذي تريدونه ولكن اتمنئ ان اجد قبولا لطلبي عندكم .))
ثم وقف يبتسم لهم بإمتنان يستعد للمغادرة ووالده يتبعه ليوصلهم فارس للخارج فما ان اغلق الباب خلفهم ذهب حيث والدته وجلس بجوارها ممسكا بكفها وهو يسألها
(( ما هو رايك يا امي فمالك شابا خلوقا فهو من
ساعد ملاك من قبل لتخرج من ازمتها .))
اجابته والدته وهي ترفع راسها تطمئنه قائله
(( لا انكر بأنني اري فيه زوجا صالحا لملاك ولكن لنسألها اولا .))
همهم معتز بشئ ولكنهم لم يفهموا ما يريده ليحاول فارس معه الي ان فهم بانه يريد منه ان يساعده ليجلس علي مقعده ويعود لغرفته ساعده فارس واجلسه علي المقعد المتحرك واوصله لغرفته وساعده ليستلقي علي الفراش ثم دثره جيدا وغادر الغرفة مغلقا بابها خلفه .
توجه فارس لغرفة ملاك ووقف يطرق علي الباب إلي ان اذنت له دخل الغرفة واقترب منها يجلس بجوارها علي طرف الفراش فتحدث يخبرها بسبب زيارة مالك لمنزلهم لتتحرج ملاك وتخفض بصرها وتتورد وجنتيها واخذت تدعك في كفيها بتحرج وحياء ليسحبها فارس ويحتضنها بقوه وهو يقول بتأكيد
(( فكري جيدا واستخيري ثم اخبريني بقرارك .))
مال يطبع قبلة علي جبينها ووقف يطالع حيائها بإبتسامة هادئه ارتسمت تلقائيا علي ثغره ثم قرر المغادرة وعدم احراجها اكثر من ذلك فما ان التفت ليغادر وجد مي تقف بقرب الباب تنظر له ببؤس وغمغمت تقول بفتور
(( لما لا تعاملني نصف المعاملة التي تعامل بها ملاك الست اختك ايضا .))
اقترب منها فارس والدهشة تتملكه ثم سألها
(( هل تغارين من معاملتي لملاك ))
هزت راسها نفيا ثم قالت بصوت ينز مرارة
(( بالطبع لا اغار من ملاك ولكني اتمنئ ان احظئ بإهتمامك كما تهتم بملاك ))
احتضنها فارس فهو يعترف بان العمل أخذه من
اخواته وانه اهملهم في الايام الماضيه ولكن ما الذي بيده ليفعله فالعمل يأخذ كل وقته فهو يخرج في الصباح الباكر ويعود مساءا ليجد الجميع نياما ويتكرر ذلك كل يوم فلم يراهم او يجتمع معهم إلا وقت تناول وجبة الافطار ..
ما ان تركها فارس وغادر لغرفته تساقطت دمعاتها
لمحتها ملاك فوقفت وذهبت إليها وهي تحتضن كتفها وتسألها بمرح قائله
(( لما تبكي فأنا لم اغادر بعد ))
حدجتها مي بغضب وهي تحاول ابعادها عنها وقالت بحزن لمع في عينيها
(( سأكون اسعد شخص في المنزل عندما تتزوجين وتتركيني لانني سانعم بغرفتك بمفردي .))
عقدت ملاك حاجبيها بغضب ثم لكزتها في كتفها وتحركت تخطؤ بإتجاه فراشها بينما وقفت مي تطالعها بإبتسامة حزينه وهي تتمني ان تجد ملاك بعضا من سعادتها المهدوره مع ذلك الضابط فعلي ما يبدو بأنه يحمل لها مشاعر حب .
في طريق عودتهم للمنزل ضغط مالك علي اسنانه بقوه وهو يتذكر نظرات والده لملاك فكور قبضته متمسكا بعجلة القياده بقوه فتنحنح يجلي صوته وحاول رسم البرود واللامبالاه علي وجهه ليقول
(( لما كنت تناظر ملاك بتلك الابتسامة لا اعرف ما
الذي اقوله ولكن اذا ما كان راي أي شخص ابتسامتك كان سيعتقد بأنك العريس وليس انا لقد كنت تناظرها بنظرات اعجاب خالص .))
اطلق والده تنهيدة بائسه ثم قال
(( انها تذكرني بشخص ما عزيزا علي قلبي لم اراه منذ فترة طويلة جدا .))
ضيق مالك عينيه متسائلا
(( ومن ياتري هذا الشخص .))
اكمل والده حديثه وهو علي نفس هيئته قائلا
(( تذكرني بعمتك التي فقدتها في ريعان شبابها فملاك تشبهها كثيرا واكثر شئ قد يجعلك تعتقد بانها هي بعيدا عن ملامحها تلك اللمعة الموجودة في عينيها ما ان تبتسم تجعلك لا تعرف هل هي لمعة حزن ام سعادة .))
اكتفي مالك بإيماءه خفيفة من راسه واخذ يكمل طريق عودته للمنزل فلا يريد ان يتحدث في الامر اكثر من ذلك ويذكر والده بتلك الحادثة التي حدثت لعمته لطلما والده حدثه عنها ولكنه لم يري لها أيه صور فلقد اخبره والده بأنها ماتت بسبب الحب فما ان احبت حتي وفتها المنيه ..
أوقف السيارة امام المنزل وترجل هو ووالده للداخل فقابلته والدته وعلامات الغضب والاستياء مرتسمه علي محياها فأقترب منها مالك ولثم جبينها ثم اتجه يجلس علي الاريكة بينما والده انسحب بهدوء لداخل غرفة مكتبه لتقول والدته بنبرة جافه
(( فعلت ما اردت وقصرت كلمتي وذهبت لتطلب يد الفتاة التي رفضتها يا لك من ولد عاق تعصي والدتك من اجل فتاة لا تليق بك ولا بإسم عائلتك أسمعني جيدا يا مالك لن ارضي عنك ولا عن تلك الزيجة ما دمت حيه .))
وقف مالك من جلسته خطئ بإتجاهها يلثم جبينها ثم كفها وهو يقول بصوت مجهد ومتعب
(( ولكن تلك الفتاة هي كل ما اريده فأنا لم اتزوج غيرها لما تعانديني وتقفي في وجه سعادتي لما لا تدعميني في قراري كوالدي ارجوك يا امي فانا سأتزوج ملاك في كلتا الحالتين سوا وافقتي ام لا ولكن موافقتك ستسعدني وتكمل فرحتي .))
حدجته بغضب ونفضته بعيدا عنها والتفتت مغادرة تضرب الارض بصوت حذاءها بإستياء فأستقام مالك يزفر انفاسه بتعب وحزن علي ما يحدث معه ففرحته ناقصة برفض والدته للفتاة التي يتمناها ..
كانت نورين نائمة علي الفراش تتذكر حديث كريم لها فتبكي وتنتحب تضع كفها علي فاهها تحاول كتم صوت شهقاتها حتي لا تستمع إليها تؤامها فكم صعبا عليها رؤيته والتعامل معه وكأنه لا يعنيها تثاقلت جفنيها واطلقت العنان لنفسها لتجتمع معه في احلامها كما تريد في الواقع وتمنع نفسها عنه بشق الانفس وجدته مقبلا عليها يركض حتي وقف امامها وهو يلتقط انفاسه بصوت مرتفع ينظر لها بعشق جارف يبثها حبه ببضع كلمات حارقه وهي كما هي تستمع له فقط لما لا تستطيع ان تطلق العنان لنفسها وتتشدق بما تريد قوله ويمنعها تفكيرها في اخواتها من التفوه بما يعتلج قلبها فما ان قررت اخراج الكلمات من بين شفاهها استيقظت من النوم فزعة علي من يهزها بقوه لتصحو نظرت لنور بفزع واثار دموعها مازالت علي وجنتيها لتقول نور بحيره
(( لما تبكين لقد كان صوت بكائك عاليا لدرجه انني شكيت بأنك مستيقظه .))
خرج صوت نورين مجيبه بالهمس الضائع
(( لا شئ لقد كان حلما بشعا ))
تابعتها نور وظلت تتمعن في تعابير وجهها الفزعة والمتألمه وكأنها كانت تجلد بداخل حلمها لا تعرف بان نورين مجلدة القلب .
تسألت نور بتوجس قائله
(( هل حقا كل ما في الامر مجرد حلما ام انكي مازلتي تضعين حديث هؤلاء الفتيات في راسك ))
استقوت نبرة صوت نورين وعيناها تومضان بدموع لكنها منعت نفسها وابت ان تجعلها تتساقط
(( نعم كان مجرد حلما كما قلت لكي وهؤلاء الفتيات سأعرف كيف اوقفهن عند حدهن وسأشتكي عليهم بسبب ما يرمونني به فليس هناك اي شيء بيني وبين كريم وانتي تعرفين لما اعطاني جاكيته فلقد اخبرتك كل شيء فمراد ذلك الشاب الخبيث تعمد سكب العصير علي ملابسي لا اعرف لما لكنه تعمد ذلك .))
ظهر الاستياء علي وجه نور بسبب ما يحدث مع تؤامها لتقول بهدوء
(( لا تقلقي من شئ فأنا معكي هيا نامي الان ولنري ما يخفيه الغد من اجلنا. ))
استلقت نورين علي الفراش والتفتت للناحية الاخري تبعد وجهها عن تؤامها فصدرت شهقة من نورين لم تكن شهقة بقدر ما كانت صرخة مكتومة بعذاب خوفا من القادم ..
في تلك الليلة العصيبه لم يستطع معتز النوم فلقد جافاه النوم وظل حتي الصباح يجلد ذاته ويعذبها يتذكر خائنته من سلمها روحه قبل قلبه لتذبحه بسكين بارد دون أي مراعاة لما فعله من اجلها يتمني من قلبه ان يأتي اليوم الذي يتشفي فيها فهو لم يقدر الجوهرة الثمينة التي كانت حوله بسببها فلقد اكتشف مؤخرا بأن اخواته هم ما تركه والده له هم ورثه هم امانته لكنه لم يحفظ الامانه بسببها هي ففارس اثبت بأنه رجل ويستطيع حمل الجميع فوق كتفه دون ان ينخ او يشتكي عكسه هو فلما القدر مؤلما هكذا فهمس بداخله عندما استيقظت من غيبوبتي اجد بأنني لا استطيع المساعدة بأي شئ فأنا لم اعد قادرا علي مساعدة نفسي بنفسي لتتساقط دمعة حارقه من طرف عينيه وهو يحسبن كثيرا علي غاده وما طاله هو وعائلته بسببها ..
في صباح يوم جديد يأتي لينير حياة البعض ويعتم حياة الاخر وصلت مي لمقر الشركة التي تعمل بها فما ان توقفت سيارة الاجري ترجلت منها ووقفت تدفع للسائق اجرته وما ان استدارات وجدت منير يقف في وجهها يرمقها بنظرات مبهمه لترفع حاجبا وهي تساله
(( ماذا تريد ))
نظر لها بغيظ يتجلي في ملامحه فلاول مره يجد فتاة ترفضه وتتعامل معه بتلك الطريقه ليقول
(( اريدك ان تعطيني فرصة للتعرف عليكي عن قرب ))
اقترب منها وامسك خصلة من شعرها يشتمها وهو يرمقها بنظرات إعجاب شهقت مي بصدمة ورفعت كفها تصفعه بقوه وقالت محذره
(( اياك ان تقترب مني مجددا ))
ثم تحركت مغادره بينما وقف منير يمسد بكفه مكان صفعتها ينظر إليها والشرار يتطاير من عينيه فقرر الذهاب الان القصاص منها فوقت لاحق فما ان التفت ليخطؤ خطواته نحو سيارته وجد من ينادي إسمه بغضب عارم فما ان استدار ينظر إليه حتي تلقي ضربة قويه في منتصف وجهه رفع منير بصره ينظر لسليم الواقف امامه بملامح خطره ووتيرة انفاسه المتصاعده ووجه محتقن يكسيه اللون الاحمر من شدة الغضب اراد سليم ان يفتك به ويلقنه درسا لن ينساه ولكن امن الشركة حال بينهما فلقد كان واقفا ينظر للخارج من النافذة الزجاجيه في غرفة مكتبه فما ان راي منير واقتربه الشديد من مي ثم تجاوزه معها اشتعلت النيران بقلبه واطلق العنان لقدمه فلم يستطع الوقوف والمشاهدة اكثر من ذلك
ضربت مي كفها بجبينها بيأس وهي تراقب ما يحدث ثم قالت وهي تتميز غيظا
(( رباه سيفضحني في الشركه ))
وجدته يقترب منها فأمسك بمعصمها يجرها خلفه لداخل الشركه كانت تتحاشي النظر إليه خائفة من هيئته ففتح باب المصعد ودفعها بداخله ارادت ان تتحدث وتوقفه عند حده ولكنها تخشاه فلاول مرة تري منه ذلك الوجه المخيف ولذلك قررت ان تصمت …
اعملوا متابعة عشان يوصلكم كل جديد وتصويت للفصل
ما ان خرجت من المصعد سحبها سليم من معصمها واخذ يخطؤ ناحية غرفة مكتبه ففتح الباب بعنف ودخل ليدفعها قليلا عنه واغلق الباب خلفه بينما وقفت هي تمسد معصمها جراء امساكه لها بقسوه تابعها هو وقد اظلمت عينا سليم بينما يقول بصوت خطير
(( هل اعجبك ما حدث لقد سألتك من قبل عن ما يريده منير منكي فانا اعلم كيف يفكر هو وما يحاول الوصول إليه فانا اعرف نواياه .))
اتسعت عينا مي بإستنكار
(( وهل انا السبب فيما حدث لقد فضحتني في الشركة وسأكون موضع حديث الجميع فالمدير وصديقه الصدوق يتشاجران من اجل موظفة جديده ليري من فيهما سيستطيع الحصول عليها قبل الاخر فهل اعجبك انت ما فعلته لما تدخلت فانا لم اطلب مساعدتك .))
اجابها سليم بإستياء بالغ
(( هل كان من المفترض ان انتظرك لتطلبي مساعدتي لقد تطاول معك واقترب منك بطريقة مستفزه فكيف تريدين مني ان اقف واتفرج فقط .))
انفعلت مي وتحدثت بصرامه قائله
(( وما دخلك انت اذا كان تطاول او تجاوز حده معي من انت لتعترض علي ذلك هل انت ولي امري حتي لا يعجبك الامر .))
اقترب منها سليم يريد صفعها ولكنه تماسك وكور قبضتيه بقوه بجانبه حتي ابيضت انامله ظل يناظرها للحظات صامتا بملامح خالية من التعبير ثم قال بصوت غاضب
(( لا اريد ان استمع مجددا لمثل هذا الحديث الذي تفوهتي به منذ قليل والا سأصفعك علي وجهك حتي لا يستطيع احدا التعرف علي ملامحك ))
ازدردت مي ريقها بخوف ولكنها حاولت ان تظهر شجاعه فقست ملامحها وهي تقول
(( بأي حق ستفعل ذلك ))
لم يجيب سليم وبدا شارد الذهن ثم قال بصوت صارم جاف
(( لا احب هذا النوع من الاستفزاز اعملي بأنني ساتعمل معكي منذ اليوم بطريقة اخري وسأعطي لنفسي كل الحق في معرفه كل شئ عنك فكوني حريصة علي عدم اغضابي .))
اشتعلت مقلتيها ولكنها لم تجيبه بشئ فاخذ صدرها يعلو ويهبط بإحتدام فتحركت لتخرج من الغرفه وقد بدات تشعر بالاختناق يلفها والخيبة تعتمل بروحها والالم يسكن قلبها فلقد كانت تنتظر منه ردا اخر علي سؤالها..
ما ان خرجت زفر سليم بغضب وتنهد وهو يجلس علي مقعده الوثير يرجع ظهره للخلف يستند علي ظهر مقعده وهو يتذكر ما راه وتجاوز منير معها وامساكه لخصلات شعرها وغضبه الشديد من حديثها معه فكم اراد ان يجيبها علي سؤالها ويخبرها بأي حق سيفعل ذلك ولكن غضبه منها لم يسمح له ان يبثها مشاعره ويلقي عليها كلمات العشاق .
وقف فارس متحاملا علي الالم الذي يشعر به فمد يده يخرج هاتفه من جيب بنطاله ليقرأ محتوي تلك الرسالة التي ارسلتها إليه زينه تعلمه عن مكان المنزل زفر بإستياء فكم كان مجهدا من العمل لساعات اضافيه فلم يتبقي علي عقد قرانه الكثير سيحاول اليوم ان يستأذن لساعتين قبل انتهاء الدوام ليذهب للمنزل مبكرا عن موعده ليصطحب ليال للخارج ويجلب لها ما اتفق مع والده علي جلبه ..
وليترك العمل في منزل زينه لوقت لاحق بعدما ينتهي من زفافه فاخذ يكمل عمله وهو يفكر بأنه عليه اقتراض المال من صاحب العمل فهو يحتاج للمال تلك الفتره من اجل الزفاف ومن اجل معتز فلقد اخبره الطبيب بأنه يستجيب للعلاج الطبيعي ولو استمر عليه لفترة وذهب بإنتظام للمركز ستكون النتيجة مرضيه ..
كانت في المطبخ تعد الطعام ووالدتها تجلس علي الطاوله وتساعدها لتسألها زينب قائله
(( هل قررتي بخصوص مشروع خطوبتك من الضابط ))
تحرجت ملاك واحمرت وجنتيها لتبتسم والدتها إبتسامة رقيقه وهي تقول
(( اشعر بان هناك خيرا قادما من اجلك حبيبتي فلقد رايت مناما ادعوا الله ان يجعله من حظك ونصيبك ))
صمتت قليلا ثم سألتها بإهتمام وكأنها تذكرت شيئا
(( الم تستخيري بعد . ))
اجابتها ملاك ببشاشه
(( لا ليس بعد ))
ابتسمت زينب بخفوت اشرق وجهها متحاملة علي ما تشعر به من الآم في داخلها كلما تتذكر حال معتز وما يفعله فارس والحمل الثقيل الذي يحمله فظلت تدعوا لهم جميعا وهي تتمني ان تكون ساعة استجاب وينعم ابنائها بالفرح والسعادة منذ اليوم ..
في المدرسة الثانوية كانت نورين تجلس هي وتؤامها في وقت الراحة يتابعون نظرات الفتيات الذي يرمقونها بنظرة مشمئزه وهم يفكرون بأنها تريد ان توقع بمعلمها ليستمعوا لفتاة وهي تتحدث مع الاخري وتخبرها بملأ صوتها بان نورين تعشق المعلم ما ان استمعت نور لحديثها لم تستطيع الجلوس والتغاضي عن ما تقوله تلك الفتاة في حق اختها فأتجهت إليها كالاعصار وامسكتها من خصلات شعرها بقوه لتتأوه بشده وهي تحاول افلات قبضة نور عن خصلاتها ولكنها لم تستطيع لم يحاول احدا التدخل فالجميع يعلم مصير من يتشاجر في المدرسة اما استدعاء لولي الامر او الفصل وفي كلتا الحالتين تتأثر سمعة الطالب في النهايه.
كانت واقفة في غرفة المديره هي ونورين المذعوره التي لا تكف عن البكاء وتلك الفتاة التي تشاجرت معها نور فكان شعرها مشعث واثار دموعها علي وجنتيها ليستمعوا لصوت المديرة الصارم تسألهم
(( لما تتشاجران وتفعلان في المدرسة ما يفعلنه ابناء الشوارع .))
اجابتها نور بثقه قائله
(( ساشرح لكي ما حدث وسبب تطاولي عليها ولكن ارجوا منكي ان تسمعيني للنهايه ثم تحكمي بما تريدينه .))
اومأت لها المديره لتكمل حديثها فأخبرتها نور بكل شئ منذ ان سكب ذلك الطالب العصير علي نورين ومساعدة كريم لها حتي تشاجرها مع تلك الفتاة بسبب ما ترمي به نورين بالباطل ..
تحدث المديره بنبرة حازمه
(( ما اسم ذلك الطالب سأطلبه ليحضر وايضا سانادي كريم لافهم ما الامر .))
اخبرتها نور باسم ذلك الطالب ليحضر وسالته عما حدث ليخبرها بكل شئ وانه لم يكن يقصد ما حدث فطلبت منه الخروج من الغرفة كل ذلك تحت انظار كريم الخائف علي نورين من الفضيحة في وسط زملائها فهو لم يقصد ان يحدث كل ذلك فهو يشعر بها في كل كيانه ففي ذلك اليوم كان يحاول مساعدتها ليس الا وجهت المديره حديثها لتلك الفتاة قائلة بنفس النبرة الحازمه
(( لقد استمعتي لما قاله زميلكم فلما تطلقين الاشاعات علي زميلتك اذا كان هناك شئ شخصي فمكانه ليس هنا في حدود مدرستي .))
صمتت قليلا ثم اكملت حديثها قائله
(( اعتذري من زميلتك وعقابا لكي سيتم فصلك لثلاث ايام من المدرسه لتكوني عبرة لغيرك ))
فعلت تلك الفتاة كما طلبت منها المديره فخرجت نور ونورين معا من الغرفه بعدما سمحت لهم المديره بذلك فما ان خرج الجميع تنهدت المديره ببؤس وهي تقول
(( كريم كن حريصا اكثر من ذلك فالفتيات في سن مراهقة وسيفهمون اي تصرف منك بطريقة خاطئه .))
وقف كريم من مقعده ووضع كفيه بداخل بنطاله ثم اومأ له وتحرك مغادرا والحسرة تقتله فما حدث سيبعد بينه وبين نورين الاف الاميال خرج من غرفة مكتب المديره واخذ يخطؤ ناحية مكتبه ليجدها واقفة تبكي وتؤامها تحاول تهدئتها كم اراد ان يتحدث معها ويخفف عنها ولكنه لم يستطيع فعل ذلك فاشاح بنظره بعيدا عنها واكمل طريقه حيث غرفة مكتبه ..
وصل فارس لمنزل ليال ووقف يطرق علي الباب بطرقات هادئه وجدها هي من فتحت الباب تقف امامه في كامل هيئتها وحسنها تنظر إليه بلهفة تجلي الضجر علي وجهه ثم تحدث بإمتعاض قائلا
(( اين والدك لاخبره باننا سنخرج معا لقد حدثته علي الهاتف وطلبت منه اذنا وقد سمح لنا ولكن لاراه اولا قبل ان نذهب .))
اجابته ببساطة قائله
(( لقد خرج ولم يعود بعد واخبرني بانك لو اتيت قبل ان يأتي اذهب معك لانه لا يعرف متي سيعود .))
اومأ لها واشار اليها بكفه ليذهبوا تنهدت ليال وابتسامة جانبية مريره ترتسم علي وجهها وتحركت تخطؤ معه اول خطواتها نحو بداية جديده لا تعرف اذا ما كانت موافقتها علي الزواج منه صحيحة ام لا ..
انتهي فارس من شراء محبسا ليال واخدها وذهب لمطعم بسيط جلست ليال علي مقعدها تنظر له وهو يتحاشي النظر إليها يشغل نفسه عنها بأي شئ وكأنها غير موجودة معه علي نفس الطاوله قطب حاجبيه عند صدوح صوتها الغاضب وهي تقول بإستياء
(( لما تعاملني بتلك الطريقه وكأنني غير مرئيه .))
امتعضت ملامح فارس مما تقوله فأطبق علي شفتيه يكتم دواخله وفقط عيناه من تنطق بالالم المبرح الذي يشعر به فكم هو محرجا منها لانه لا يستطيع ان يجلب لها كل ما تريده مثلها مثل اي فتاة تحضر لعرسها فمسؤلياته كثيره وقد زاده شخصا اخر ليكون مسؤلا عنه ومتكفلا به .
زفر فارس انفاسه بقوه ثم قال
(( ليال انا اعتذر منك فأنا لم اكن اقصد بأن اوصل لك ذلك الشعور ولكنني محرجا منكي لانني لم استطع ان اجلب لك كل ما تتمنيه .))
مدت كفها تربط علي كفه الموضوعة علي الطاوله تبادل النظرات بينها وبين كفها الموضوعه علي كفه فشعرت بالاحراج من فعلتها لتسحب كفها سريعا وهي تقول لتداري احراجها
(( تأكد بأنني لا اريد شيئا حتي ذلك المحبس لو لم يكن رمزا لارتباطنا لم اكن لاوافقك علي ان تجلبه فتلك الاشياء لا تعنيني .))
تنهد فارس بثقل وهو يقول
(( فليعينني الله علي ان اكون نعم الزوج لكي .))
اكتست وجنتيها بذلك اللون الاحمر القاني من فرط الخجل وابتسامة صغيرة لونت شفتيها فعندما ادركت قصده احسن راسها خجلا من اثر حديثه عليها فهي حتي الان ما زالت لا تصدق بانها ستكون زوجته في يوم من الايام وتحمل اسمه فلطلما تمنته زوجا لها ودعت كثيرا الا تتزوج احدا غيره ما ان راي هيأتها تلك ابتسم ابتسامة هادئه وهو يفكر كم تشبه ملاك في حيائها واخلاقها ..
صدح رنين هاتفه عاليا فأخرج هاتفه من جيب معطفه ولفت الدهشه وهو يطالع الاسم الذي يعلو شاشة هاتفه ..
كان مالك في عمله لديه وردية ليليه ممسكا بهاتفه ينظر إليه من ثانية لاخري فكل ثانية تمر عليه وكأنها ساعة كامله فكم سيكون عليه ان ينتظر حتي يتصل به احد عائلتها ليخبره بقرارها وقف مالك ينظر من النافذه التي تحيطها اسياخ الحديد للسماء الصافيه ، تخصر مالك وهو يزفر انفاسه بقوه يفكر هل هناك احتمال لرفض ملاك فعائلتها لم يري منهم غير انهم مرحبين بالامر ولكن يبقي رايها هي فقرر بانه سينتظر للغد وان لم يحدثه احدا ليخبره بقرارهم سيحدثهم هو يعلم بأنه لا يصح ذلك ولكنه لم يستطيع الانتظار اكثر يريد الارتباط بها في اقرب فرصة فوالدته تضغط عليه بشكل نفسي مزعج فلم تعد تتحدث معه وقد قالتها له صريحة لن اتحدث معك الا اذا تخليت عن فكرة ارتباطك بتلك الفتاة التي لا تليق بضابط مثلك لذلك هو يريد انهاء الامر في اقرب وقت ليضعها امام الامر الواقع فهي ستمل منه وتتعامل معه وكأن شيئا لم يكن …
التعليقات