رواية الهجينة الجزء الثاني للكاتبة ماهي أحمد الفصل السادس والخمسون
من قال أن الصمت لا صوت لهُ ولا حديث بهِ، فللصمت حروف لا تُقرأ، وصوت لا يُسمع، وحنين لا يُشعر بهِ أحد كصمت ياسين بعد أن أنتهى من صلاته أتجه الى مكان سيراهُ الأن بعين مختلفه عين لم يراهُ بها من قبل، دار نصير يبحث بعينيه في المكان عنهُ وكأنه تبخر ولم يعد لهُ وجود، اتجه ناحيه الكوخ يجلس بجوار تلك النائمه على فراشه يجلس بجوارها على طرف الفراش يمسح بيدهُ على خصلاتها ذات اللون الكستنائي قائلاً بداخله بابتسامه مؤلمه:.
شوفتك سايحه في دمك بالمنظر ده بتعصر قلبي عصر يابنت المهدي، بس اللي مطمني ومطمن قلبي أني عارف أن دمك من دم المهدي وهتشفي بسرعه يابت أبوكي، أجمدي الصعب راح واللي جاي كله هيبقى البراح
تركها ورحل جلس على المقعد الخارجي للكوخ ومضات تأتي الى عقله مما حدث لحظات اعادت لهُ ذكرياته قديماً منذ سبعه وعشرون عاماً تقريباً يسرد المهدي لهُ مخاوفه:.
زهره طلعت حامل يانصير مش عارف ازاي بس حملت وطلعت بخلف واللعنه كلها اللي عملتها، عملتها على طفلي اللي جاي، خايف عليها من قبل ما تتولد ومصيرها محتوم، محتوم بالع ذاب والوي ل، والم وت انكتبلها من قبل ما تشوف الحياه، انا ممكن أجبر زهره انها تنزل اللي في بطنها
قاطعه باستهجان بقول:
استغفر الله العظيم أنتَ بتقول ايه يامهدي.
أنا لو بيدي أعمل كده يانصير بس مش قادر، مش قادر اقت ل طفلي بأيدي وانا متلهف لشوفته في يوم اتمنى يطلع ولد علشان اللعنه ماتتفكش ويفضلوا بالضعف ملعونين
ولو طلعت بت، ايه اللي هيحصل؟
كان هذا سؤال نصير وهو يرتعش بخوف من الاجابه فتابع المهدي حديثه يقص عليهِ ما يحدث:.
المهدي والضبع مش هيسيبوها في يوم وأنا ضعفت ومش هقدر عليهم لوحدي لو جرالي شىء انا مفهم حكيمه على كل حاجه وعارف أن الضبع مش هيسيب بنتي ولا هيطمن الا لما تبقى معاه عشان كده هخللي حكيمه تسيبهاله يربيها هو عمره ما هيأذيها الا لما تتم ال 16 سنه عشان اللعنه تتفك والمقصود من ده كله انها تبقى تحت جناح ياسين وانا متأكد ان طول ما بتي قدامه وبيشوفها بتكبر يوم عن يوم تحت عنيه هتخرجه من الضلمه للنور وهتحرك الجانب الطيب اللي جواه ويرجع لعقله من جديد وهيحميها بروحه بعدين.
أتت حكيمه تتكأ على عكازها تسير بخطوات بطيئه ناحيته لم يشعر بوجودها في باديء الأمر من كثره شروده فأشارت بيدها أمام وجهُ قائله:
لسه بتسرح كتير زي زمان يانصير
فاق من شروده والصدمه تعتلي ملامح وجهُ من وجودها جواره يردد اسمها بتقطع:
حكيمه.
كل شىء أتضح أمام أعين بدر بعدما قصت لهُ غدير عنه رد بدر على حديثها بسؤاله:
عشان كده بين الزرع لما كان في رجاله عايزه تأذيكي كان بيتحرك بسرعه كبيره
اقتربت لتصبح واقفه جواره مباشرةً وبدأت الاجابه برفق:
ايوه، ياسين سرعته مش عاديه ياسين اصلاً مش عادي
استند على يد المقعد ومن كثره توتره جلس عليه بل والأحرى كاد أن يقع من هول صدمته مما علمه شعرت غدير بالقلق والخوف في عينيه مما سردته لهُ فأضافت:.
أنتَ خوفت، ولا مش مصدقني
تحرك نحوها بخطوات ثابته دون عجاله:.
طريقتك وأنتِ بتحكي تجبرني أني اصدقك، عيونك مابتحكيش الا الصدق بس أنا لو ماخفتش أبقى عبيط انا واحد عايش بين العجل اتربيت على الحياه العاديه، حياه عاديه خالص مافيهاش لا هجينه ولا مستذئبين ولا الخاله الحكيمه اللي تبقى أكبرهم سناً وحكمه في نفس الوقت، أنا واحد طول عمره عايش في الواقع واللي بتقوليه ماشفتوش بس غير في خيال الأفلام والخيال مالوش مكان بينا، وبعد اللي عرفته ده كله بتسأليني خايف!
ابقى كداب ياغدير لو ماقولتش اني مش خايف
أكملت بندم:
ياريتني ما كنت حكيتلك
تركته تتجه نحو الخارج ثم جذبها اليه من مرفقها برفق يسألها واللهفه تتضح بعينيه:
ليه بتقولي كده ياغدير؟
اقترب منها اصبح امامها تماماً وقبل أن تتحرك التقط مرفقها بلطف سائلاً:
ندمانه أنك حكتيلي
قربه منها أربكها توترت بشده ولكنها حسمت أمرها بقول:.
بصراحه ايوه، خايفه لا تكون مش قد الثقه اللي اديتهالك احساس جوايا بيقولي اطمنيله وشعور تاني بيقول افرض ماطلعش قد الثقه اللي اديتهاله
انصت لها وأعطاها كامل تركيزه تسترسل حديثها تطالع عينيه بحنان:
أنا زي ما قولتلك يابدر انا عيشت حياه صعبه وأنتَ اول حد اطمنله بره عيلتي خايفه اتصدم فيك وانا مش حمل صدمات
قالت كلماتها بصدق نابع من فؤادها يستطيع أن يرى أعجابها بهِ في عينيها دون ان تنطقه مما جعل حديثه اسهل:.
أنا عايز اقولك حاجه واحده بس شايفها في عينك لكن ماقولتهاش
هنا طالعته تنظر لعينيه فتابع هو بابتسامه رقيقه:
أنا معجب بيكي ياغدير هبقى كداب لو قولت اني وصلت معاكي لدرجه الحب بس أنا حقيقي معجب
بيكي وبكل تفاصيلك
تابع بضحكه اثرتها يكمل حديثه:
بذئابك بقى، باخوكي اللي بيسمع دبه النمله وهو مابيشوفش بمستذئبينك وبحكاياتك الغريبه، وعايز اعرف منك اذا أنتِ كمان معجبه بيا زي ما أنا معجب بيكي ولا لاء.
ارتبكت من سؤاله صوت دقات فؤادها اوشك على كشف امرها جذبت كفها من كفه برفق تنظر جوارها للخارج بقول:
المطره وقفت أنا لازم امشي بقى
تركته ورحلت بخطوات واسعه تحت نظراته المستغربه ابتسم يناديها بأسمها بقول:
غدير، استني طيب هوصلك ماتمشيش في الوقت ده لوحدك
-.
هناك لقاءات لا يمكن ان ننساها ابداً، لقاءات تخبرنا أن ما علمناه طوال العشر سنوات ما هو الا سوى خدعه وهذا لقاء مميز لأنه لقاء مع النفس، لقاء منتظر مع ذاته منذ سنين وصل ياسين أخيراً الى وجهته، يرى كل شىء بوضوح، أنه هنا داخل مقبرته يجلس على ركبتيه أمام اللوح الرخامي يمرر أصابعه على اسم عمار المطبوع أعلى اللوح يرافقه الحزن والاكتئاب يسترجع أحداث ذلك اليوم المؤلم بقول:.
بيقولوا النسيان نعمه، بس في حالتي انا نقمه عشان نسيتك خلوني انسى حته مني غصب عني وانا مكنتش عايز انساك واليوم اللي افتكرتك فيه روحت فيه ياعمار، عمري ما هنسى نظره عنيك وأنتَ بتقولي قوم، أنتَ بتعمل ايه مش قادر عليه لوحدي، لو مكنتش سيبتك مع العربي لوحدك، كنت زمانك عايش بس اقسملك ان وقتها كان غصب عني
تنهد بعمق يبتلع ريقه وكأنه كالأشواك قائلاً:.
غصب عني حسيت بألم هيفرتك دماغي، حسيت اني بم وت وكأن جسمي أنهار وقعت في الأرض مابقيتش حاسس بالدنيا واللي فيها ولاقتني بفتكرك من جديد وافتكرت أمك وهي بتقولي أنا بم وت و مش عايزه أبني يم وت معايا ياياسين فوقت لاقيتك بين أيدين العربي، مالحقتش، اقسملك مالحقتش انجدك من بين أيديه، مش مكانك، مش مكانك تكون هنا ده مكاني أنا
تابع يخرج ما بداخل صدره بأنهيار:.
أنا عشت غريب في الدنيا دي بدور على جزء ناقص مني رغم اني مكنتش عارف ايه هو ولما عرفت روحت مني، والله ياعمار كان غصب عني، صدقني، وحياه الأغلى عندك تصدقني
كداب
رفع وجهُ عالياً بجوار مقبرته، يستمع اليه وقد ظهر من العدم يكمل بقيه حديثه فتابع هو:
ايوه كداب مستغرب ليه، ماتقولش غصب عنك
قال عمار أخر ثلاث كلمات ببطىء شديد فأغمض ياسين عيونه بأحكام قائلاً:
أنتَ مش موجود، أنتَ ميت.
جلس أمامه القرفصاء بنفس مستوى جلسته يطالعه بتحدي ينطق كلماته ببطىء:
لاء أنا عايش، بس عارف عايش فين
اشار بأصبعه على جبهته:
جواك ياياسين، عايش جوه عقلك ومش هخرج منه أبداً، عشان أنتَ عايزني افضل موجود، جزء منك رافض انك تصدق اني مش موجود ومي ت
وقف وهو يكمل اثناء وقوفه:
وعشان كده هفضل جواك، وكل اللي قولته ده بلح، ولا الهوا مش حقيقي أنتَ من جواك اتمنيت اني ام وت عشان خاطرها عشان تبقى معاها.
حرب بارده تحدث الأن بينه وبين نفسه يحارب ذاته، يحارب نفسه ما بين الماضي والحاضر فقاطعه يخبره بلهفه:
ايوه أنتَ صح، أنا اتمنيتلك الم وت، بس ده قبل، قبل ما اعرف انك أبني، قبل ما اعرف انك الجزء الناقص مني اللي بدور عليه بقالي سنين وبالرغم من كده ما اذيتكش وانتَ عايش أنتَ اللي كنت بتأذيني أنا قررت قبل الحرب بيوم اني هحميك عشانها ياعمار عشان تفضل معاها ده كان اخر كلام بيني وبينك.
قاطعه عمار باستهجان وقد بان الغ ضب بنبرته:
لاء أذتني، اذتني بوجودك جنبها افتكر كويس ياياسين افتكر كويس يوم الحرب هي اختارت تقف ورا ضهر مين لما حست بالخوف من العربي كنت أنا وأنتَ قدامها
اشار بأصبعهُ عليه:.
بس هي أختارتك، أنتَ نفسك مكنتش مصدق وبصتلي بنظره مش هنساها أبداً نظره بتقول انك انتصرت عليا وانتصرت بحبها وهي نسيت كل اللي عملته عشانها وراحتلك برجليها رغم انها كانت دايماً بتبقى معايا بس نظره عنيها ليك كانت بتوضح اللي في قلبها لسانها بينطق شىء وعيونها بتقول كلام تاني
اشار برأسه بلا مبالاه بحركه دائريه وهو يكمل بسخريه:
مش مصدقك ومش هصدقك نتيجه افعالك واضحه قدامك بص، بص شوف.
أشار بسبابته على اللوح الرخامي بعن ف:
عارف ده اسم مين، ده أسمي وأنتَ السبب في اللي حصلي ومش ههدى ولا يرتاحلي بال الا ما يتحط اسمك جنب اسمي ياياسين
وضع ياسين يدهُ على رأسه بألم يقبض عينيه بقوه قائلاً بنبره قد أنهكها التعب:
كفايه، كفايه، كفايه ياعمار كفايه أنتَ م يت، ياريتك كنت حقيقه ياريتك كنت موجود
ياسين أنتَ بتكلم عمار!
القت مشيره بسؤالها من خلفه وهي تقترب منه بخطوات سريعه تضيق ما بين حاجبيها باستغراب
رفع رأسه وقد فقد اي ذرة تعقل به يطالعها بعيونه وقد تحولت الى اللون الاحمر القاتم يقبض على مرفقها بشده يطالعها بنظرات شرسه يوجهها ياسين لها تقابلهُ نظرات مشيره وقد دب الرعب بقلبها من لون عيونه المشتعله شهقت من الخوف ومراره ما رأتهُ ومشاعر كُثر فأخبرها بيقين مما يقول:
عمار مي ت.
ثم بعض الأشياء تشعر بوجودها اصبح يزهر حياتك وكأنك وجدت ما يسرك وكأن من بعد العسر يسر كوجود مارال بحياته وقد اصبحت اليسر بعد العسر، كانوا يسيرون سوياً يحددون وجهتهم الى المنزل بعدما انهى اداء فريضه الفجر ومن ثم رأت مارال وقد تلاحمت الأشعه وحل شروق الشمس بأشعته الذهبيه فطلبت منه برفق ببسمه حانيه تجذبه من مرفقه بلين:
بيدقوس تعالى نقعد هنا شويه في وسط عباد الشمس بلاش نيوح على طول الشيوق هنا يجنن.
اعترض ببادىء الأمر ولكنه وافق على مطلبها وقبل ان يتحرك للجلوس القى زميل لهُ بالمسجد السلام وهو يمر بجواره وضعت مارال الوشاح سريعاً على رأسها بحركه عفويه منها عند رؤيته فألقى بربروس السلام رداً عليهٍ وضيق ما بين حاجبيه باستغراب على فعلتها حمحمت ومن ثم نزعت وشاحها بقول:
بتبصلي كده ليه لاء ماتبصليش كده
ابتسم ابتسامه مكتومه وهو يجلس ما بين الزرع وسط الرقعه الزراعيه قائلاً:.
شكراً لكِ، اعلم جيداً لما فعلتي ذلك ولكن
لا تغيري من نفسك لأحد يامارال فيعلم ربي اني احببتك حبآ خالص لوجه الله فأنتي هديه ربي لي ووصيه رسوله
بس أنتَ مش بتغييني يابيدقوس
قالتها سريعاً دون تردد رمقها باستغراب فأكملت تقص عليهِ ماتريد:
يعني أنا غلطانه يعني لما شوفت الشيخ صاحبك ده معدي فقولت احط حاجه على شعيي عشان ماتتحيجش مني عشان بشعيي وكده
كان سيرد ولكنها وضعت اصبعها على شفاه تمنعه من الحديث وقد تابعت:.
وقبل ما تتكلم انا عايفه ومتأكده اني مابعملش شىء غلط حتى لو بشعيي لأن دي حاجه عاديه انا بس عملت كده عشانك أنتَ، عشان في ناس هنا تفكييها وحش زي ما أنتَ شايف قييه وايياف هيقولوا بص اللي بيصلي وبيقيم بينا مياته ماشيه بشعيها ازاي
ابتسم على حديثها ابتسامه امتنان وقد طالعها بكثير من الحب، كانت نظراته كالعاده دافئه ونظراتها بها من الحنين الكثير فقاطع نظراتهم قائلاً:
ولذلك انا ممتن لكِ على فعلتك هذه.
عد الجمايل بقى
ابتسم كل منهما للأخر وعادت تسأله وكأنها تذكرت شيئاً:
الا قولي صح يابيدقوس هو ليه يعني البنت المسلمه بتتحجب
رد عليها بطلب بعيداً عن السؤال:
أغلقي عينيكِ
رمقته باستغراب فأصر على طلبه:
هيا أغلقيهما
اغلقت عينيها ودار بعينيه بالمكان ثم قبض احد مرفقيه بأحكام والأخر وضع بهِ زهره صغيره ومن ثم طلب منها أن تفتح عيونها وقد قام بسؤالها الأتي:
هيا أخبريني، ماالذي يوجد بيدي اليسرى
أجابته بسهوله تامه:.
زهيه يابيبيوس
ومالونها؟
استغربت أكثر من طرحه لأسئلته ولكنها اجابته بقول:
حميا
هل تستطيعين التقرب منها واخذها
كان هذا سؤاله فأجابت هي:
طبعاً اقدي ما أنتَ فاتح ايدك ومافيش أي حاجه تمنعني اخدها
اشار بعينيه يحثها على أخذها ومن ثم أشار على كفه الاخر يكور يدهُ يقبض على ما بداخله بأحكام وبدأ بقول:
هيا قولي لي ما الذي يوجد باليد الأخرى ولونه واذا استطعتي خذيه من بين كفي
ردت وقد طفح كيلها:.
وأنا هعيف منين يابيدقوس اي اللي في ايدك ولونها هو انا عايفه هو ايه اصلاّ
اشعار بعينيه يحثها على فتح قبضه يدهُ ثم قبضت بكف يدها على كفه تحاول فك قبضته فلم تستطع فعلها أخبرته من بين اسنانها وقد استفزها الأمر:
مش قاديه افتح كف ايدك يابيدقوس بجد أنتَ محافظ عليها اوي
اشار بأصبعه يخبرها بكلمات سلسله وبسيطه مع ابتسامته الساحره:.
نعم معكِ حق فالمرأه المسلمه حجابها يحافظ عليها من كل سوء لحمايتهن وصيانتهن وأظهار عفافهن ومنع كل فاسق التعرض لهن وقد اكد الله تعالى في سوره الأحزاب
ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ.
وبالدليل فقد استطعتي رؤيه الزهره الأولى وكل شىء بها دون مجهود فقد علمتي عنها كل شىء واستطعتي ايضاً اخذها دون موانع ولكن هل علمتي ما بداخل كفي الأخر هكذا هو الحجاب فرض على المرأه المسلمه لحمايتها في المقام الأول من كل سوء فالله أعلى واعلم واذا فرض شىء فهو لمصلحه البشر
صمتت لثواني تفكر بما قاله منذ قليل، اقترب منها هامساً بأذنها:
لماذا الصمت هكذا؟
هزت كتفها تخبره ببراءه:
هقول ايه؟
تحدثي بأي حديث تحدثي بأي لغه تريدين فصمتك هذا يربك قلبي المسكين بعدما وقع بحبك
وصار معذب لسنين
تحدث بربروس ببسمه واضحه على شفاه تزيد من وسامته رأت بسمته فانفرجت تقاسيمها وهي تقول:
ضحكتك دي هتجنني، شوفت عيفت اعالج البؤس اللي كان على وشك من شويه ازاي
هز رأسه نافياً يخبرها بعيون محب صادقه:
لا، اذا اردتِ أن تعالجيني من البؤس فيجب عليكِ حذف الهمزه
ابتسمت بخجل وقد غزت الحمرا وجهها وهي تقول
بطل يابيدقوس.
ابتسم من خجلها يسترسل حديثه بوجه ضاحك
لماذا؟ ليس بعيبٍ ولا حرام، ألست بزوچك
طالعت الجوار بخجل واقتربت من أذنه هامسه تحدثه بنفس لغته:
حسناً، فوالله وبعقد الهاء عندما يغلق علينا الباب سأق تلك بق نبله لا نون لها.
ألقى ياسين كلماته على مسامعها ولكنه لم يؤثر بها، كل شىء صار بلا معنى عند رؤيتها لعيونه التي قد تحولت الى اللون الأحمر القاتم كلماته موحيه ولكنها تجاهلته وسألت بارتباك:
عيونك حمرا كده ازاي
قبض بعينيه وقد أعاد عيونه الى لونها الطبيعي وبدأ بقول:
ماردتيش عليا
ليه كذبتي عليا السنين اللي فاتت دي كلها، ليه فهمتيني أن عمار عايش ومم اتش.
لا مفر، علمت بأن الكذب سيزيد التعقيد صمتت لثواني في محاوله منها لأيجاد مخرج جذبت مرفقها من قبضه يده فقد ألمتها قبضته تحاول التبرير:
سيب أيدي، ايدي هتتكسر في ايدك حرام عليك
حرر يدها من كفه يتابع نظراتها المرتبكه، صرخ بها يحثها على القول:
أنطقي
تابعت بعينين وقد اتخذت من تمثيل الصدق وشاحاً، وحقا لقد برع تمثيلها وهي تتحدث بحزن:.
حاولت أقولك كتير ياياسين، حاولت أتكلم معاك واقولك انه مي ت من أول يوم عرفتك فيه وأنتَ مكنتش مديني فرصه حاولت أعالجك كتير بس مجرد أن فكرة أن عمار يبعد عنك كانت مستحيله، حاولت اشرحلك بس مانفعش عارف ليه؟
بدا وجهها شاحب للغايه وهي تتابع بقول اسبابها:.
علشان عمرك ما قولتلي أسباب عمرك ما دخلتني في حياتك عملت معاك كل حاجه نومتك مغناطسياً، اديتك أدويه، حاولت اعالجك حتى من غير ما تحس بس لما كان بيبعد عنك كنت بتبقى عامل زي المجنون، فاكر، فاكر لما كسرت الكوخ على اللي فيه لمجرد أني واجهتك وقولتلك بتكلم مين أنا مش شايفه حد.
نعم ماتسرده لهُ قد حدث بالفعل، حاولت علاجه ببادىء الأمر ولكنها فشلت بمحاولتها في المره الأولى وعندما نجحت حاول تركها والعوده الى دياره فبدأت بوضع حبوب المخدر بداخل مشروبه حتى يزيد تعلقه بهِ بعدما ادركت بأنه سيتركها اذا علم بحقيقه م وت عمار، تركها ورأته يتجه ناحيه اللوح الرخامي من جديد فلحقت بهِ بخطوات لم تكن متزنه أبداً فابتلعت ريقها بتوتر زاد بقوله لها:.
لما، لما دخلت عندك الكوخ اول مره شوفتك يامشيره وأنقذتك أنتِ حلفتيني بحياة عمار قولتي وحياة عمار ماتسبنيش ازاي، ازاي عرفتي أني بكلم واحد اسمه عمار مع أنك كنتِ لسه أول مره تشوفيني
التقطت انفاسها بصعوبه وبدأت بسرد ما حدث تلك الليله بقول:
انا دكتوره نفسيه، شوفتك وانتَ بتكلم نفسك ونطقت اسم عمار وقتها بصيت حوليا مالقيتش حد قدامي، بس بالرغم من كده بتكلم الفراغ عرفت حالتك من لحظه ما شوفتك وانا اهل جوزي.
هيق تلوني لو كنت مشيت وسيبتني وقتها، قولتلك وحلفتك بحياه عمار عشان انقذ حياتي من الم وت
جحظت عيناه مما يسمعه وانكمشت تقاسيمه فأكملت حديثها مسرعه:
بس، بس وحياة ربنا حاولت اعالجك حاولت ومعرفتش أو ماقدرتش بقيت احطلك الدوا في الشيري كولا ولما صوره عمار بقت تبعد عنك ومابقاش ييجي في خيالك اتجننت وكنت عايز تسيبني وترجع بلدك، او بالأصح ترجعلها
روحتي بطلتي تعالجيني لما فكرتي اني هسيبك.
ثبتت نظراتها أمام سؤاله واستدارت لهُ تجاوبه بالحقائق:
أيوه بطلت اعالجك، بطلت احطلك الدوا اللي يخليك ماتشوفش عمار تاني بس ما سألتش نفسك مره واحده ليه أنا عملت كده؟
رد عليها رد قوي أسكتها:
علشان أنتِ انانيه مابتفكريش غير في نفسك وبس
لمع بريق في مقلتيها وهي تصحح:
لاء علشان بحبك
اخبرته بما أدهشه، او أصدمه بالمعنى الحرفي، طالعها بذهول وقد أعتلت الدهشه تقاسيمه وهو يقول:
بتحبيني!
أنفجرت وقد أتى انفجارها على هيئه بكاء وصراخها بهِ:
اعمل نفسك مش فاهم ولا عارف، مع انك ذكي كفايه وعارف انا ليه جنبك السنين اللي فاتت دي كلها وبعت الكل واشتريتك
بانت على تقاسيمه الذهول بعدما التحمت الأعين وهي تسترسل:
بعد وفاة جوزي اتقدملي كتير عشان بس في يوم ابصلهم مافكرتش ماكنتش بوافق ليه؟
رد بثبات يحاول استدعائه:
عشان مش عايزه تتجوزي عايزه تفضلي حره زي ما كنتِ بتقوليلي
بان وجعها وهي تصرخ:.
مافيش ست مش عايزه تعيش في ضل راجل يحميها ياياسين، بس، بس ضل راجل هي بتحبه وبتحس بالأمان معاه، لما كنا هناك في المانيا كنت بتخاف عليا وبتحميني كان اهتمامك بيا زايد اضعاف ما بتهتم بيا هنا
ده مكانش حب يامشيره انا وانتِ صحاب، بس مابحبكيش انا كنت فاكر ان احنا صحاب
أحنا مش صحاب
قالتها على هيئه صرخه تدوي بالمكان وتحدثت دموعها بدلاً عنها تقترب منهُ قائله:.
عمرنا ما كنا صحاب، أنا كل ده مستنيه أنك تيجي تكلمني وتعترفلي بحبك ليا لما اقف جنبك واساعدك قولت اكيد هيحس بيا وهيحس باللي عملتوا عشانه قولت البنت اللي في مصر دي اكيد كان وقت وعدا مش اكتر لأنك كنت بتتجنب تجيب سيرتها ولما جيت اتجوزتها قولت اكيد عشان يحميها ما البنت دي اللي عمار كان بيحبها واللي اكدلي أني متأكده انك مادخلتش عليها ولا قربت ناحيتها في يوم كل ده وانا متحمله، متحمله عشان اسمع منك كلمه بحبك يامشيره عشر سنين وانا مستنياها منك ومستعده استنى عشره زيهم لو هتقولهالي في يوم.
ورد هو بما اوجعها:
الراجل لما بيحب مش هيستنى عشر ثواني عشان يعترف للي بيحبها مش عشر سنين يامشيره كان لازم تعرفي ده لوحدك انا لو كنت حسيت من ناحيتك بأي حاجه كنت اعترفتلك من زمان ومكنتش هسيبك لوجعك ده كله بس انا طول عمري كنت صريح معاكي، طول عمري بقولك أنك زيك زي بربروس وعلى جدعه ووفيه وبتقفي في ضهري ماكذبتش عليكي ولا اديتك امل في يوم.
اقتربت منهُ بألم، فاستدار ينظر بجانبه حتى لا تلتقي عيناه بعينيها تحدثت دموعها قبل اي شىء أدارت وجهه بكفها ببطىء لينظر لها تسأله وهي انفاسها تتعالى تطالع عينيه السوداء كسواد الليل بقول:
يعني مافيش أمل أنك تحبني في يوم؟
زاد قربها منه تنتظر الجواب تمسح بظهر يدها على وجنتيه بحب تصرح بما تعلمهُ منذ سنين مضت تقول بنبره حانيه مبطنه بالحب:.
أنا عارفه أنك مخبي عني كتير عشر سنين وأنتَ زي ما أنتَ مابتكبرش، من اول ما شوفتك وأنتَ مابتتغيرش، قوتك وأنتَ بتشيل الشنط، طريقه أكلك لما بتبقى جعان وبتحاول تداري جوعك مهما أكلت بتفضل برضوا جعان عينيك اللي اتغير لونها وقت عصبيتك حاجات كتير اوي بشوفها فيك ومابحاولش حتى أسأل عنها ولا افهمها عارف ليه عشان اللي بيحب مابيشوفش غير الحلو في اللي بيحبه وبس.
اقتربت منهُ اكثر قبضت على كفيه تضع يدهُ على خصرها تعالت انفاسه من كثرة قربها واعطته أذن بالقرب منها اقتربت من شفاهه وكانت على وشك تقبيله ولكنه عاد خطوه للوراء يبتعد عنها باشمئزاز ورد بما أشعل الغيظ في فؤادها:
لو جو الرخص ده شيفاه هينفع معايا تبقي حماره وستين حماره كمان يامشيره عشان انا غير اي حد عرفيته قبل كده، أنتِ عارفه احنا فين احنا وسط ميتين
واكمل برده الساخر:
طب احترمي حتى وجودهم لا يطلعولك.
ونجح بكلماته لأبعادها عنه يسترسل بقول:
أنتِ هنا جنب عمار اللي فضلتي سنين توهميني انه عايش بس عشان افضل جنبك ومارجعش، فاكره بطريقتك دي هبقى ملكك ومعاكي أنتِ اه نجحتي في ده لكام سنه، بس خسرتيني للأبد يامشيره بسببك انا عشت بعيد عن عيلتي سنين
تبعد عن عيلتك ولا عنها عن اللي صاحبك كان بيحبها
تقصد بقول صاحبك عمار فهي حتى الأن لا تعلم
صله القرابه بينهم وزاد وجعه بقولها:.
اللي كانت بتحب صاحبك وعشرة عمرك ودلوقتي بتحب فيك يلا ما التاني م ات والحي ابقى من الم يت هتفضل السنيوره تزعل عليه لحد امتى وماصدقت انك عرضت عليها الجواز وفي لحظه وافقت، على كده بقى المرحوم اللي احنا واقفين قدام تربته وضعه ايه معاها
بان الغل في نبرتها تتابع بحده تشير على فؤادها بأصبعها:.
بتقول عليا انا رخيصه اومال هي تبقى ايه، الرخيص في الحوار ده هي مش انا على الاقل انا مابصيتش لصاحب عمر حبيبي وعملت نفسي اني عايزه ام وت نفسي من فوق الجبل ياحرام واتصل بيك على اخر لحظه عشان تلحقني وتتجوزني دي مكيده وأنتَ وقعت فيها وشمس الحربايه عرفت تجيبك ازاي
كور كفه في محاوله بائسه منه للتماسك حتى لا يتهور أكثر من ذلك ويقوم بأيذائها يستدعي كل ذرة ثبات لديهِ بقول:.
الرخص اتخلق للي بيرمي لحمه للغريب وبيشحت الحب اللي رافضه يامشيره ماتخلقش لشمس
كلماته موحيه تضربها في مقتل ترى الاصرار في عينيه وهو يتدارك الموقف يدافع عنها بكل ما امتلك من قوه بقول:
الرخص عمره ماعرف طريق شمس،.
شمس اللي لما ببصلها بستغرب ازاي كل المعزه دي ممكن تكون جوا قلبي ليها أنتِ ممكن تكوني عارفة اني بعزها بس متعرفيش انا بعزها قد ايه انا الدنيا كلها اخدت مني كل حاجه بس رزقتني بيها مكنتش اعرف اني بعزها اوي كده غير لما لاقيت نفسي بعيط في نص الليل عشانها، عشان خايف اخسرها زي ما خسرت اللي قبلها النظره في عيونها بتساوي عندي الدنيا ومافيها عشان عيونها دول حبايبي يامشيره.
وقبل أن تقاطعه اكمل هو وقبض على مرفقها بقوه وقد احتدت نبرته بقول:
مش عايز أشوف وشك تاني أحمدي ربنا انك قابلتيني في سنين عرفت الرحمه طريق لقلبي فيها يا اما كان زمانك مدفونه حيه في قبر من دول من بكره تلمي هدومك وتمشي ولو شوفتك في طريقي مره تانيه هنزع الرحمه من قلبي بشوفتك يامشيره.
كلماته تجلدها تسمعهُ بألم وهو يدافع بقوه عن أمرأه غيرها، لا تعلم كم احبها ولن تعلم كيف يحبها. نعم يقول على الحب فقط معزه إذاً وكيف يكون أذا اعترف بحبها، وكأنه مقسوم نصفين نصف يريد الأعتراف بحبها والأخر يمنعه عن فعلها
–
هناك اعترافات تصيبنا بالعجز كذلك كانت حالته تماماً حين تواصل يزن مع الطبيب المعالج عبر تطبيق الواتساب لأجراء بعض الفحوصات فاستعلم يزن منه عن حالتها الصحيه المتدهوره بقول:.
للأسف حاله ساره في تدهور تام يااستاذ يزن من بعد ما بقت توقف العلاج ومابقيتش تاخد جرعه الكيماوي وكل شىء رجع زي الاول واكتر
تيبس للحظات يعيد قراءه ما بعثه لهُ الطبيب، لم يستطع منع سؤاله يبعث لهُ برساله نصيه اخرى:
ازاي ما بتاخدش جرعتها أنا اللي بوديها بنفسي وارجع اخودها من قدام المستشفى انا اللي بديها العلاج بأيدي كل يوم
بعد ثواني رد عليه الطبيب قائلاً:
دي حاجه تقدر تسألها هي، بس أنا متأكد من معلوماتي.
أغلق هاتفه وظل صدى كلماته يتردد في أذنه خرج من غرفته يبحث عنها بأرجاء المنزل حتى وجدها أخيراً بغرفتها تقف أمام المرآه تمشط خصلاتها بحزن تطالع اسنان المشط وما بينهُ من خصلاتها المتناثره عليهِ بشكل عشوائي وما ان سمعت صوته يناديها بالخارج حتى أخفت المشط سريعاً تلقي بخصلاتها بصندوق القمامه ردت عليهِ بصوتً عالِ نسبياً وهي تقول:
أنا هنا يايزن.
اجبر نفسه على الأبتسام أتى ومعه كوب من الماء، والدواء الخاص بها يحثها على أخذه بقول:
العلاج ياساره جيبتهولك في معاده
مدت كف يدها تشير برأسها بالموافقة بقول:
تمام هاخده
وضعت كبسوله الدواء بداخل فمها وتجرعت كوب الماء من بعده ابتسم لها يعطيها ظهره قائلاً:
انا هطلع اشوف دكتور على فين.
وما أن خرج حتى أخرجت الدواء من فمها تضعه بصندوق القمامه تابع هو ما تفعله عند وقوفه مقابل الباب وصدم عند معرفته بذلك طالعته بذهول عند رؤيته وقد رأها تلقي بدوائها بداخل الصندوق فنطق هو من بين شفتيه سؤاله بدهشه من فعلتها
طب ليه؟
–
وجودها معهُ بنفس المكان بل وجواره على نفس الأريكه أربكه جعله يخرج الكلمات بشكل متقطع من فمه وقد ابتلع ريقه بتردد وقبل أن تنطق سريعاً برر لها:.
أنا حاولت، حاولت أبعد عن ياسين وشمس زي ما أمرتي زمان بس وعزه جلال الله ياحكيمه شمس رجليها اللي جابتها ليا لوحدها ما كان ليا يد في مجيتها هنا
أعتدلت بجلستها تطالعه بنظرات محتده وقد اتكأت بكفيها على عكازها تسأله:
طب وياسين هو كمان جه هنا لوحده ولا أنتَ اللي جريته ليك
فرد عليها بصدق بما بث الذعر بداخل قلبها:.
لاء، ياسين أنا اللي حاولت معاه عشان أنفذ وصيه المهدي وكنت بحاول اعرف منه اخبار عن شمس وبالرغم من أنه كان فاقد ذاكرته والضبع كان مسيطر على عقله بس كلام المهدي طلع صح وجود شمس جنبه حرك جواه الجانب الطيب ومنع الضبع انه يخلص عليا
ومرتك قدرت تخلصها من الضبع هي كمان ولا دفعت تمن أن ياسين يبقى جنبك
قصمت جملتها الأخيره ظهره، نظر للأرضيه نادماً على فعله وكان جوابه كلمه واحده وهي:
دفعته.
بغض نفسه وبشده على فعلته منذ سنين مضت وفكرته هي بما يحاول نسيانه بقول:
أنتَ بعت المهدي زمان للضبع وهو اللي كان فاكرك
صحبه ياما قولتله ده بشر مشاعره بتحركه بلاش تأمنله على سرك يامهدي، بلاش تعرفه كل شىء بس هو كان بيدافع عنك ويقولي ده صاحبي اللي مهما حصل لا يمكن يبعني عنده يم وت روحه ومايبعنيش
بتر نصف العباره، بتر حديثها مدافعاً عن نفسه بدليل نطقته هي بلسانها قائلاً:.
أديكي قولتيها اهوه، شايفه قولتي ايه ياحكيمه، الم وت عندي أحسن من أني ابيعه ياحكيمه بس هما مكانوش هيم وتوني أنا، كانوا هيق تلوا نجاح مرتي لو مكنتش قولتلهم أن زهره حامل لو مكنتش عرفتهم مكانها كانوا قت لوها وقتها، نجاح كانت بتحبك دي كانت اقربلك من نفسك ماقدرتش اشوفهم وهما حاطين السلاح على ضهرها
نطقت وقد وصل ضيقها الى الذروه:.
وبعد ماقولتلهم ما برضوا ض ربوا عليها ن ار وفضلت مش لوله طول حياتها يعني عاشت عيشه المي تين يانصير
انتفض واقفاً من مكانه يسرد لها الحقائق:.
اللي حصل خلاص حصل ضعفت وقولت خوف على اللي مني مش عليا سيبت بيتي وحياتي وفضلت عايش في الكوخ ده سنين ياحكيمه عشان ماتعرفليش طريق قلبك اسود مابيسامحش مع أنك لو فكرتي فيها ولو شويه، هتعرفي ان كل ده قدر ومكتوب وكل اللي حصل كان لازم يحصل قولت على مكان المهدي او ماقولتش كان هيحصل المهدي كان عارف ده كويس علشان كده وصاني اني اقرب من ياسين وعرفت ازاي ابقى الركن الهادي اللي بيقوله كل مشاكله حتى والضبع كان مأثر عليه، كنت بعرف اخبار شمس منه وحننه عليها كتير أنتِ بنفسك ماعرفتيش تعملي ده أنا بس ياحكيمه اللي قدرت اعمله.
كان هذا جوابه ومبرره لها ولكن كانت هي الأسرع تقف أمامه ناطقه بقول:.
ومين قالك أني مش عارفه مكانك من سنين وعارفه كل اللي بتعمله عشان تقرب شمس من ياسين من وقت ما اديت دفتر ياسين لشمس وانا عرفت نيتك حبيت تقربهم من بعض وتعرفها حياته قبل ما تتولد كانت عامله ازاي حتى وهو مش موجود، ده غير اللي أنتَ كتبته بخط يدك عن ياسين وياسين ماكتبهوش عرفتها كل شىء عنه من غير مجهود حركتك عجبتني وعرفت أنك لسه ذكي زي زمان يانصير
وفي خضم هذه المواجهه الشرسه خرجت.
شمس من الكوخ تستند بكفيها على جدرانه الرؤيه أمامها مشوشه بالكاد تستطيع سماعهم نطقت كلماتها من بين شفاهه بصعوبه تحاول اخراج الكلمات بقول:
انتوا بتقولوا ايه؟
انتبها وتوقفا حين قالت جملتها طالعها الأثنان في أنٍ واحد وقد اعتلت الدهشه وجوههم نطقت الخاله من بين شفاهه بعدم تصديق:
شمس.
التقطت انفاسها بصعوبه تلتقطها بين ذراعيها، وقد اعتلت الدهشه ملامحها عند رؤيتها هكذا استفسرت بعينيها قبل لسانها عما حدث فنطق نصير بما طمئنها ولو قليلاً:
ماتقلقيش ياسين شال الرصاصه وهتشفى بسرعه دي بيجري في جسمها د م المهدي
اسندتها تعيدها الى فراشها مره أخرى تغوص بنومها من جديد جلست جوارها تمسح بأصابعها على شعرها بحنان تسأله عما حدث بذعر واضح بمقلتيها أجابها ومعلوماته تكاد شبه معدومه قائلاً:.
معرفش حاجه ياحكيمه كل اللي اعرفه ان ياسين جابها امبارح بالليل مض روبه بالن ار، جابها وعالجها وقبل ما اتلفت مكانش موجود، بس اللي متأكد منه انه هيرجعلها من جديد
تبادلوا النظرات، هل قال مض روبه بالن ار من تجرأ على فعلها وخصوصاً داخل قريتهم لم تكن سوى نظرات مصدومه لا يصاحبها الا الاندهاش
صمتت لثواني تغلى الدماء بعروقها تفكر لثواني ووجدت شفاهه تنطق ما يدور بداخل عقلها:.
أكيد فريد الكلب اللي عملها مافيش غيره
–
الوضع متأزم للغايه هي على وشك الموت، ما زال يقف أمام غرفتها بثبات يحاول تدارك الموقف الذي اقدمت على فعله بعد القائها بالدواء في صندوق النفايات رأى الذعر في مقلتيها عند رؤيته وقد كرر سؤاله وهو يسير ناحيتها بقول:
بتعملي كده ليه انطقي ياساره
قبض بكفيه على ذراعها بأحكام وهو يكمل بوجه مكفهر:.
مغفلاني وانا فاكر أنك بتاخدي علاجك وبتحضري جلساتك، بتاخديني على قد عقلي وبتوافقيني وانا بقولك نروح نعمل التحاليل، أنتِ عايزه ايه، عايزه تحرميني منك ليه؟
تجمعت الدموع في مقلتيها وهي ترجوه:
كفايه يايزن، أنتَ مش فاهم حاجه
حررت ذراعيها من كفه تراجعت للخلف تجلس على طرف الفراش تحت نظراته المستفسره تكمل وعبراتها الساخنه تتسارع على وجنتيها:.
مش فاهم يعني ايه شعرك يقع والألم مابيخفش، مش فاهم يعني أيه لما شعور بنت تتحول من بنت لراجل زيي زيك
قبضت بكف يدها على أطراف شعرها فأصبحت كميه كبيره من خصلاتها بباطن كفها تسرد له عن مخاوفها بقول:
بص، شوف شعري بيقع بقيت اخاف اسرحه وابقى قرعه
اتجهت ناحيه الخزانه بخطوات واسعه تخرج قطعه قطنيه تمسح ملامحها بعنف:
حواجبي دي انا اللي برسمها كل يوم قبل ما اصحى عشان خلاص شعر حواجبي وقع.
التقطت رموشها الصناعيه على اعلى جفنها تلقيها بوجهه صارخه بقهر على حالها:
شايف حتى رموشي مابقيتش موجوده، ده غير الوجع طول الليل ببقى بكتم نفسي كل يوم واعض في المخده عشان ماتسمعليش صوت وانا بتألم وتيجي في يوم تزهق مني وتسيبني
جلست على المقعد المقابل تواجه يزن بنظراتها وهي تؤكد:.
أنا كده كده مي ته يايزن وخصوصاً اني وصلت للمرحله الرابعه يبقى ليه أعيش الأيام اللي فضلالي وسط الحقن والمستشفيات والعلاج ليه اسيبلك ذكرى وحشه كل ما تفتكرني لما ممكن اسيبلك ذكريات جميله نعيشها سوا
دبت القشعريره في جسده ودافع مسرعاً عن حقه الذي تسلبه منه عنوه اتجه ناحيتها يجلس القرفصاء يحاوط كفيها برفق وقد طالعها بقول:.
أنتِ حقي، ليه عايزه تاخدي مني حقي ياساره، لما تكملي علاج هيبقى في امل انك تخفي في يوم لكن لما توقفي
بترت جملته تجذب كفها من يده بعدما وقفت تبتعد عنه:
والله ما هيحصل يايزن افهم بقى انا كده
كده مي ته مافيش حد وصل للمرحله الرابعه وكمل وعاش، أنا موقفتش علاج غير لما عملت تحاليل وعرفت ان حالتي بتسوء مابتتحسنش لو كنت اكتشفت المرض بدري كان هيبقى في امل لكن خلاص، خلاص يايزن كل حاجه بتروح.
احتضنها وبشده تمسك بها لا يتركها وقد نطق بكلمه واحده:
ماتسبنيش
تمسكت بهِ وقد ابتل قميصه بدموعها، حاوطته بذراعيها وكأنها تخشى ضياعه منها وقد نطقت بقول:
أنا مش عايزه اسيبك، بس غصب عني لازم اسيبك
توقفت الأرض الأن بكلماتها، هذه اللحظه وهذه الكلمه يشعر وكأن جسده ستفارقه الحياه اذا فارقته هي.
كان الصمت ثالثهما أثناء عوده غدير وبدر الى المنزل بعدما رفضت ركوب الدراجه من خلفه رفع طاقيه چاكيته على رأسه قائلاً بمزاح:
هتفضلي ساكته كده كتير
توقفت عن السير تطالعه وقد اختلطت الحده بنبرتها:
هقول ايه؟
لاحظ الحده بصوتها هذه المره كمش حاجبيه مستفسراً:
مالك ياغدير من ساعه ما طلعنا من المحل وأنتِ متغيره، كل ده عشان قولتيلي، وطالما خايفه اوي كده قولتيلي ليه
معرفش.
اجابتهُ ودموعها تحرق وجنتيها من كثرة الندم فجاهدت تخبره بصوت مبحوح:
كنت عايزه احكي لحد ومش عارفه حاكيتلك ليه، لو اي حد عرف الكلام ده بره العيله هتبقى مصيبه، عيلتي اللي عيشت سنين بحلم بيها هتدمر، ياسين مش وحش يابدر، ياسين ده احلى حاجه في كل الحاجات، أنتَ ماتعرفش هو ضحى بأيه وبيعمل ايه علشانا، انا بس حسيت اني وحيده معنديش حد احكيله انا راهنت نفسي انك هتطلع كويس وحاكيتلك وخايفه أخسر الرهان يابدر.
لانت تقاسيمه يمسح دموعها من على وجنتيها برفق يخبرها ما يطمئنها بقول:
مش عارف وعدي ليكي هيبقى كافي ولا لاء، بس اوعدك ياغدير أنك هتكسبي الرهان
بان الصدق من خلال نبرته، حديثه طمئنها ولو قليلاً وبدأ يسرد لها ما بداخله أيضاً:
تعرفي أني عمري ما جربت شعور العيله أبداً
اكملت سيرها وقد اكمل هو يسير بجوارها:.
أنا اصلاً ماليش حد في الدنيا غير خالتي اللي ربتني بعد امي وابويا ما اطلقوا وكل واحد اتجوز ومابقاش عايز يربيني خدتني هي وربتني عشان مابتخلفش
اتسعت عينيها قائله:
خالتك!
بصي هي مش خالتي اوي يعني بس انا بقولها خالتي، ماليش غيرها هي اصلاً كانت جارة امي وكان كل ما جوز امي يديني علقه على اتفه الأسباب، تجري تخبيني عندها وطبعا تسيبني عندها باليومين تلاته ولا تسأل لحد ما في مره لاقيتهم سافروا من غير حتى ما اعرف وقطعت كل صلتها بيا ومن يومها وانا عايش مع خالتي وهي اللي ربتني لحد ما تعبت ومابقيتش قادره تخدم نفسها بس انا اللي بخدمها دلوقتي وعمري ما هنسى جميلها في يوم ربتني وعلمتني وعاملتني على أني ابنها واكتر.
تنهدت بألم وهي تقول:
الأم اللي تربي مش اللي تخلف وترمي يابدر
خرجت منه تنهيده حاره يشير برأسه موافقاً ينظر أمامه فسألته مستفسره:
سكت ليه
اصطنع نبره شبه باكيه:
خايف، خايف تطلعي اسرار العيله بره وتقولي لحد هتبقى مصيبه أنتِ ماتعرفيش خالتي دي طيبه ازاي خالتي دي أحلى حاجه في كل الحاجات
علمت أنه يقلد نبرتها ساخراً ابتسمت بضحكه واسعه تضربه على كتفه بخفه:
والله، بقى أنا بعمل كده.
أشار برأسه بالموافقه وقد بانت الضحكات بكلماته قائلاً:
بصراحه أه، اوي
ضحك الأثنان معاً ودون أن يشعروا وجدوا أنفسهم على أعتاب المنزل أشارت بأصبعها على المنزل بقول:
الظاهر كده ان احنا وصلنا
نظر بدر حوله متأملاً المكان:
اي ده هو احنا وصلنا بسرعه ولا البيت اللي قرب
وقبل ان ترد فقد ظهر حسان من العدم يقف أمامهم يرد بنبره حاده:
كنتِ فين ياغدير
حمحم بدر في محاوله منه اعطاء بعض الهدوء:
هي بس كانت عجلتها بايظه ف.
بتر حديثه بغلظه:
أنا مسألتكش أنتَ أنا سألتها هي
تهكمت تقاسيمها تجاوبه:
في أيه ياحسان بتتكلم كده ليه محسسني اني عامله عمله ليه؟
اعاد كلماتها ساخراً:
محسسك!
يعني لما تفضلي بره طول الليل واستغليتي أن البيت والع والدنيا شايطه ومحدش هيسأل عنك وتقعدي بره طول الليل ده يبقى اسمه ياهانم يامحترمه وراجعه مع واحد غريب مانعرفهوش.
علا صوته فأصبح الجميع يطالعه مزامنهً مع عوده بربروس ومارال فقد سمعوا الصوت من بعيد أتى بربروس مهرولاً:
ماذا حدث؟
صمت الجميع عن الكلام دون حسان الذي نطق بنبره حاده قائلاً:
تعالى يابربروس تعالى شوف الهانم كانت فين
صاحت غدير تنقذ نفسها قائله:
انا معملتش حاجه غلط
لاء عملتي
أصر حسان وبشده على حديثه وتابع بقول:.
لما ماتبقيش طول الليل جوه البيت وترجعي مع واحد غريب الصبح تبقى عملتي، اللي بتعمل كده في القريه بنسميها
سبها بعبارات نابيه مما جعل مارال تتصدى لهُ وتقف أمامه بحده:
أخيس ياحسان قطع لسانك ماتقولش عليها كده
تدخل بدر ليحجم الموقف:
غدير عمرها ما كانت كده هي بس كانت مخنوقه و.
قبل أن يكمل اشار لهُ بربروس بكف يدهُ حتى يكف عن الحديث قائلاً:.
نعلم جيداً بنات عائلتنا فمن صفاتهم الاحترام لا داعي بأن يدخل غريب بيننا ليعلمنا من هم بناتنا
طالع حسان بنظره حاده نظره جعلته ينظر للأرض بندم:
وما قاله حسان عن ابنتنا ما هو الا تراهات ناتجه عن قلقه فقط.
أشار برأسه ل مارال يحثها على أخذ غدير للداخل وافقت تمد كف يدها لها وما ان مدت كفها حتى استجابت لها غدير تطالع بدر بعيون دامعه يراها تبتعد عنه تحت ناظريه وما ان دلفت داخل المنزل حتى حث بربروس بدر على الرحيل وتوعد ل حسان على فعلته منذ قليل، رحل الجميع وقبل أن يلدف الى المنزل وجد الطبيب يصعد الى سيارته حثه على النزول بقول:
أيها الطبيب أين أنتَ من ليله البارحه؟
معلش يابربروس سيبني دلوقتي.
قالها بلهجه طغت عليها اللامبالاه يعلم جيداً ما بداخله فنظر بربروس الى الساعه بمعصم يده وقد دقت التاسعه صعد جواره داخل سيارته وبدأ بقول:
أنها التاسعه صباحاً وقد تذكرت شيئاً اريد منك أن توصلني الى مكان ما
وضع الطبيب المفتاح بالسياره وحركها وهو يسأل:
عايز تروح فين يابربروس
أجابه بربروس بما لديه:
الى المكان الذي تقصده، فقد تذكرت أن لدي موعد هناك
بس أنا مش عايز حد معايا يابربروس أرجوك تسيبني في حالي.
قالها الطبيب بحده لم يقابلها بربروس الا بكل هدوء يجلس بأريحيه على مقعده وبدأ بقول:
حسناً، الى اين تريدنا أن نذهب
أدرك الطبيب مراوغه بربروس ضغط على دواسه البنزين يتحرك بالسياره وهو يردف بحنق:
أنا عارف اني مش هعرف أخلص منك
-.
حلت الظهيره ولم يأت منها الا ضوء خافت جاء على استحياء أتجه ياسين ناحيه الكوخ يطالعها بهدوء من بعيد يستند بظهره على الباب، يطالع سكينتها متمنياً بألا يصيبها اي مكروه فشعور بأنك ستفقد من تحب يدفعك للجنون يتحدث بعيونه ما لم ينطقه لسانه:.
لو جرالك حاجه في يوم العيشه في بُعدك هتصبح مره والدنيا هتفضى من الونس على واحد عاش سنين محروم منه، ومحسش بي الا بوجودك جنبه، أنا الغريب في دنيا نابذه وجودي جواها، متقيد بيها ومعاها وكأنك حريتي اللى فضلت سنين أتمناها
كلمات يرددها بينه وبين نفسه فأتى عم نصير من خلفه بعدما رحلت حكيمه وهي تحذره من الا يعلم أحد بقدومها يمد يدهُ بكوب من الشاي الدافىء يعطيه لهُ يقطع شروده سائلاً:
بتحبها يابن الصاوي.
سؤاله اربكه، شعر بأنسحاب الأنفاس من سؤاله أعطاهُ ظهره يجلس على الأريكه الخشبيه أمام الكوخ قائلاً بكلمات متقطعه نافياً سؤاله:
عارف لما تبقى أكتر حاجه انت عايزها هي أكتر حاجه ماتنفعلكش، اللي بتتمناه يبقى جنبك هو الوحيد اللي لازم تبعده عنك
أتى يجلس بجواره ومازال ممسك بكوب الشاي بيدهُ يعيد عليه سؤاله:
مش ده رد سؤالي اللي مستنيه ياياسين
لاحت على شفتيه ابتسامه ساخره وتحدث نافياً:.
شمس عمرها ما انكتبت ليا في يوم
وده أنتَ اللي قررته بنفسك
أغمض عينيه بتعب فأعطاهُ عم نصير كوب الشاي الساخن ومد يدهُ يستقبلهُ منه وقال بوجه بشوش يتابع حديثه:
طب بلاش بتحبها، على الأقل بتحس ناحيتها بأيه؟
وقبل أن يجيبه اقترح عليه أن يجيبه كما يفعل سابقاً بطريقته الشاعريه بحديثه الفصحى كما كان يحب منذ سنين مضت وهو يدون كل شىء بداخل مفكرته، حتى يخرج ما بقلبه، صمت قليلاً ينظر أمامه وقد كان يحاول تجميع الكلمات قال وعيونه تدور في أرجاء المكان يشرد بما شعر بهِ:
أشعر وكأن العالم مُظلم ووحدها من تضىء عتمته، وكأنها الجار والجوار والدار والديار لا شبيه لها ولا مثيل ولا بديل.
أجابه بغموض لم يروي ظمأ اسألته فنطق يؤكد عليه:
يبقى بتحبها ياياسين
صرح ينكر جملته سريعاً:
ماتكبرش الموضوع مش للدرجه دي
أكمل حديثه يغير مجراه وتابع نصير ردة فعله وهو يرى الغضب الذي كاد أن يلتهم وجهه:
أنا طلعت مغفل كبير أوي ياعم نصير، كنت فاكر نفسي شديد ومحدش يقدر يضحك عليا، لاء وكمان كنت فاكر أني اقدر أحمي اللي مني وطول ما هما جنبي هيبقوا في أمان، عمار طلع.
مي ت مش عايش وكمان لما م ات، م ات قدام عنيا وشمس اضربت بالن ار وهي في حضني ومش هتطلع من حد غيره، مش هتطلع غير من فريد
وهتتصرف ازاي ياياسين؟
وجه عم نصير سؤاله له وقبل أن ينطق أتت زهره تهرول وقد انتشر الخبر سريعاً بين اهل القريه الكل علم بخبر أطلاق ال نار على شمس في المساء بعدما رأهُ احد الماره يهرول بها بين طرقات القريه تنسدل دمائها منها متجه ناحيه الكوخ أتت زهره تهرول ناحيتهم ظنت أن ابنتها قد فارقت الحياه مجرد تخيل هذا جعل جنونها ينشط فتحدثت بصوت نال منهُ الفزع وعيون مستنجده قد نال منها الذعر تقبض عليه من تلابيبه:.
بنتي، بنتي فين ياياسين حصلها ايه انطق
أغمض عينيه بتعب وفتحهما تلقي على مسامعه البقيه:.
شوفت، شوفت أنا كنت خايفه بتي تبقى معاك ليه، عشان مافيش خير بييجي من وراك ياياسين مهما حصل، أنتَ اللي مكنتش فاهم ده، حرقتلي بيتي وطلقتني من جوزي وأنتَ السبب في أذيه بنتي، انا كنت كل همي في الدنيا أنها تتجوز واحد سوي تعيش معاه أيامها في أمان واحد ماتخافش معاه من بكره واهو قبل ما ييجي بكره يابن الصاوي كانت مض روبه بال نار، هو ده اللي أنتَ عايزه، أنتَ كده بتحميها، أنتَ مابتعملش حاجه غير أنك تد مر اللي حواليك ايه اللي جابك بس، ايه اللي رجعك ما أنتَ كنت بعيد وقولنا خلصنا منك عشر سنين عشناهم من غيرك كنا عايشين في أمان ومن وقت ما رجعت ماشوفناش غير وجع القلب وعدم الأمان روح منك لله.
انهارت، لم تقدر قدميها على حملها أكثر من هذا استشعر رعشات جسدها، خانتها قدماها وقد خرت على الأرضيه ومازالت ممسكه بتلابيبه جلس معها وفعل عكس المتوقع، فعل ما ادهشها تحدث معها هذه المره ووضع استفزازه لها جانباً، ربت على كفيها بحنان يحدثها بعينين صادقه وقلب مكسور:
أول مره اوافقك على كل كلمه قولتيها يازهره.
حركت زهره رأسها بغير تصديق وعادت تنظر لهُ من جديد ساعدها على الوقوف وقد جلسا سوياً على المقعد الخشبي وضع كفه اسفل وجنته وهو يقول بهدوء واستسلام، لم تعهده منه من قبل
يتابع قوله برفق:
ماتستغربيش يازهره أنتِ فعلاً عندك حق في كل كلمه قولتيها أنا دلوقتي بس فهمت ان طول ما شمس جنبي هتشوف الأذيه الوان
الصدق ينطق في حديثه وفي مقلتيه وهو يدافع عن نفسه:.
بس مش هتبقى الأذيه مني، هتبقى من اللي حواليا عشان أنا جنبها حاجه مكنتش فاهمها وفهمتها دلوقت حاولتي تنبهيني قد أيه أنا مؤذي بس مكنتش فاهم كنت فاهم أن اللي زيي ينفع يتغير ويقدر يعيش في أمان زي بقيت الخلق
برزت ابتسامه على ثغره يحاول بها أخفاء الألم الذي ينزف من كلماته:.
أه انا حرقت بيتك وعارف ان مكانش ينفع أعمل كده بس وقتها مكنتش بفكر، مكنتش عايز حاجه تبعدني عنها كنت خايف لا تبعد وتتأذي محطيتش في بالي ولو لحظه ان انا السبب في أذاها، اطمني شمس لحد دلوقتي بخير وانا همشي واسيبها يازهره، بس مش قبل ما ابعد عنها اللي ممكن يأذيها واطمن قلبي عليها
عند هذه النقطه تحديداً انفجرت في البكاء، تعالت شهقاتها وأصبحت تسرق الأنفاس بصعوبه من بين شهقاتها تحدثت تبرر لهُ:.
ياسين انا مش وحشه، بس أنا شفت الوحش اللي جواك، محدش فيكم باصصلي بعين أم خايفه على ضناها واللي هي حته منها، انا اتحرمت من شمس 16 سنه وانتَ كنت بالنسبالي الوحش اللي حارمني منها كنت بنام واقوم وانا كرهاك، عارفه، عارفه ان كل اللي حصلك كان غصب عنك بس أنتَ مش ابني مش حته مني عشان احس بيك لكن هي لاء، هي اللي طلعت بيها من الدنيا وكل اللي بتمناه انها تعيش في امان اللي باقي من عمرها واديك شوفت واعترفت بنفسك انها كل ما هتكون معاك كل ما الأذى هيجري وراها بالمشوار.
تحدثت معه باستفاضه وتفهم هو مشاعرها وافقها على كل شىء وأتى الى النقطه الأصعب ولكنه كان بارعاً في التعبير:
شمس تستحق ترتاح والدنيا تبقى ليها براح حتى لو أنا مش فيها ولا استحق براح الدنيا معاها، شمس تستحق كل حاجه حلوه في الحياه هي أصلاً بالحياه ومافيها
صدق نبرته أذهلها، وحتى حاول أخراجها من نوبه بكائها الزائده بقول:
خلاص بقى، ده أنتِ نكديه بزياده لي حق على يطلقك.
انكمشت تقاسيمها وزادت شهقاتها التي هتفت من بينها وتعالت نبرتها بغ ضب:
ما أنتَ السبب أنتَ برضوا سبب طلاقي ياللي منك لله
حول عينيه للون الأحمر وتهكمت تقاسيمه وقد بان على ملامحه الجديه:
صوتك مايعلاش يازهره ولا عشان قعدتك جنبي وطبطبت عليكي بكلمتين هتاخدي عليا.
دب الذعر بقلبها ابتعدت عنه متجه الى طرف المقعد ابتسم عم نصير من فعلته ضاق نفسها فهي الأن بمفردها معهُ، ابتسم يشير لها بيدهُ مازحاً بعدما أعاد عينيه الى لونها الطبيعي:
والله يازهره أنتِ غلبانه بجد، وماطلعتيش حيه ولا حاجه تعالي، تعالي، أنا بهزر معاكي في برضوا حد يأذي حماته
نفت كلمته وبشده:
ماتقولش حماتي
انصاع لأمرها يخبرها:
اللي تشوفيه يازهره حلو كده
صدرت عن زهره تنهيده متعبه ثم اخبرته:.
حلو، بس عايزاك توعدني انك فعلاً هتبعد عنها وتطلقها
صمت للحظه وألقت عليه نظره وقد خيم على عينيه الحزن وجدته يطالعها بعينين وقد لمعوا ببريق ممزوج من الحزن وبالرغم من ذلك يجبر شفتيه على الأبتسام:
هوعدك بس مش قبل ماتفردي وشك ده الأول
كانت نبرته هنا جاده عكس نبرته المازحه مسترسلاً:.
وزي ما قولتلك هبعد لما اطمن عليها وابعد اللي عايزين يأذوها عنها بس لحد ما ده يحصل، انا هفضل جنبها ومش عايز منك اي اعتراض اني ابقى قريب منها واللي اقولك عليه تنفذيه يعني وقت ما اقولك خليها معايا هتفضل معايا
أيوه بس
قالتها معترضه فبتر حديثها بعدما علم مقصدها:
مش هلمسها، ولا هقربلها شمس عمرها ما كانت ليا في يوم يازهره اطمني دي حاجه أنا عارفها ومأمن بيها كويس
أشار برأسه يحثها على النهوض:.
يلا، ادخلي لبنتك واطمني عليها هي قريب هتبقى بخير
-.
كانت في الحقيقه تبكي وكأنها المره الأخيره تفرغ كل ما لديها من الدموع، شعرت مشيره بكل ما هو قا تل كلامه مزقها فعل كل هذا فقط حينما علم بأنها جارته بأن عمار ما زال حياً يرزق ابعدها عن حياته للأبد وأه كل الأه لو علم بأنها تدس لهُ الدواء بداخل مشروبه حتى يظل على عماه أخذت تحدث نفسها ماذا لو علم بأنها هي من تسبب بأطلاق الن ار على شمس ماذا سيفعل حينها كل هذا نفضته عن تفكيرها كل شىء مباح لديها فقط ليظل بجوارها عادت الى المنزل بعدما وعدته بأنها تريد الراحه ولو قليلاً وستغادر بعدما تلملم اشيائها المتبقيه من بيت ال صاوي وهي تعرف تمام المعرفه أنهم سيكتشفون مق تل شمس قريباً ومن ثم ستبقى بجواره لمواساته كما تفعل كل مره توقفت لدقائق تفكر لم تسمع نحيب احدهم، لم يتحدث هو عن مق تل شمس وكل ما يشغل باله فقط هو عمار تحرك حسان امامها فاستوقفته مسرعه تسأله بلهفه:.
الا قولي ياحسان هي فين شمس
كمش حاجبيه باستغراب ثم ارضت هي فضوله بقول:
اقصد يعني مافيش حد في البيت هو انتوا فين
بان عليه القلق بقول:
أنتِ ماسمعتيش، أختي شمس انض ربت
بالن ار كل اللي في البيت مش موجودين كلهم راحوا عند كوخ عم نصير
يعني عايشه مام اتتش
كانت ترغب وبشده في مو تها رمقها حسان وبشده وهو يعترض على ما يقول بقوله:.
بعد الشر ان شالله اللي يكرهها، جت سليمه بس عم ياسين هيعرف يجيب اللي عملها ان شالله لو كان في جحر نمله
شلت الصدمه مشيره الأن ماهذا الذي تسمعه اشتعلت عيناها ودت لو قت لته ولكنها تصنعت الشفقه ببراعه وهي تقول:
أنا ماقصدش بعد الشر عليها طبعاً أنا بس كنت عايزه اطمن عليها
أشار بكف يدهُ للخارج:
أنا كنت بجيبلها هدوم ورايحلها دلوقت لو حابه تيجي معايا استناكي
هتفت مسرعه:.
لا، لاء هاروحلها وقت تاني أنا هدخل اوضتي عشان ارتاح
جاء رده جافاً:
عن أذنك ياطنط
استدار ليغادر من هنا ترمقه بعيونها التي لو كانت سهاماً لأصابته وخر حسان أرضاً سريعاً الأن تمتمت بداخلها بقول:
طنط لما تلهفك.
دلفت الى غرفتها صافعها الباب خلفها بعدما أدركت أن ما خططت لهُ اصبح بلا فائده ركلت الطاوله التي امامها بقدميها بقوه مسحت دموعها بعنف تحاول كتم صرختها ولكنها فشلت وما أن وجدت زجاجه من المياه أمامها حتى ألقت بها بعرض الحائط، تحولت الزجاجه الى قطع ألتقطت أحداها لكي تجرح يدها بعنف حتى تهدأ فهذه هي وسيلتها الوحيده للهدوء عبر جرح ذراعيها تتلذذ بالألم الخارج منها وما تجهله بأن الخاله مازالت بداخل المنزل تضعها تحت أعينها دون ان تراها وأن الألم الحقيقي قادم لا محاله.
أخيراً وقف الطبيب بسيارته أمام بيت مهجور
بيت قديم من الطين متهالك هبط من سيارته يقف أمامه يتأمله تبعه بربروس يقف من خلفه فقطع صمت الطبيب بسؤاله يربت على كتفه بابتسامه:
هل هذا بيتك القديم
هز الطبيب رأسه وقد لمعت الدموع بعينيه وهو يقول:
كان بيتي انا وياسين
جلس على الطوب اللبني بهدوء يسرد لهُ ما كان يحدث منذ زمن:.
لما كنا صغيرين والدي كان دايماً شايف ياسين مستهتر مابيشيلش مسؤوليه كان كل ما يقعدو في قعده معاه وهو بيحل مشاكل اهل القريه ياسين كان بيزهق ويسيبهم ويطلع فوق السطوح جنب غيه الحمام، الحمام أول ما يشوفوا كان بيتلم حواليه ويمسك دفتره اللي مكانش بيسيبه ويكتب قد أيه ان نفسه يكبر عشان يبعد عن القريه ويعيش حر زي الحمام اللي بيربيه، أبويا لما كان يبص ما يلاقهوش جنبه كان بيعرف مكانه اكيد جنب غيه الحمام يطلع ويدور في الضرب ويديله كل قلم وقلم كان لسه صغير مايكملش العشر سنين، وانا كانت صحتى على قدي ابويا كان عارف أني هم وت زمان مكانوش يعرفوا حاجه اسمها كان سر كان عارف ان صحتي على قدي وبس، ماقدرش امسك قريه بحالها مع أني كنت بحب اقعد معاه اوي بس هو مكانش بيرضى، كنت بصلب طولي بالعافيه واطلع السلم عشان ادافع عنه ومخلهوش يضربه واقف في النص ما بينه وما بين أبويا وابويا مراعاه لصحتي التعبانه كان بيوقف ضر ب في ياسين اول ما يشوفني وينزل ويسيبه.
لمع بريق في عينيه وهو يتابع من جديد:
كنت وقتها باخده في حضني ويفضل يبكي جواه ويقولي انا مش عايز أبقى كبير القريه، مش عايز أبقى مسؤول عن حد
كان حديثه هذه المره غير المرات السابقه، حرك داخله أشياء ساكنه دفعته للأنهيار وهو يقول:.
ولاقيته بيقولي اللي خلاني ابقى مسؤول عنه سنين طويله، لاقيته بيقولي ياريتك كنت أنتَ أبويا بداله، أخدته في حضني وانا بعيط ووعدته أني مش هخللي حد يمد ايده عليه بعد كده وجينا أخر القريه انا وهو وبقينا نعمل البيت ده من الطين حته حته و طوبه طوبه قعدنا فيه شهور نبنيه بس كنا مبسوطين وانا لما كنت بتعب كان بيكمل هو بدالي ولما كنا بنحب نهرب من القريه ومسؤوليتها كنا نيجي هنا ونفضل سوا ولما ظهر المهدي وحكيمه اشفقت عليا لأني خلاص جبت أخري وفي أيامي الأخيره حولتني وانقذتني من المو ت وحاكيتله اللي حصل قالي ماتسبنيش وانا كمان ماكنتش عايز اسيبه وطلبت من المهدي يحولوا زيي وبقينا من ساعتها سوا بس مكنتش اتخيل في يوم من الأيام اني أنكث بالوعد اللي وعدتهوله وانا اللي اضربه بدل ابويا، مش فاهم عملت كده ازاي، لأول مره ماقدرش أتحمل استفزازه ليا، لأول مره اندفع في شعوري يابربروس وماتحكمش في نفسي قصاده، خايف لا مايسامحنيش ويبعد عني وانا ماصدقت رجع يبقى جنبي من جديد ياسين مش اخويا الصغير وبس، ياسين ابني اللي مخلفتوش وصاحب العمر ورفيق السنين الكتير اللي عيشتها.
تابع من بين دموعه:
محتاج أخده في حضني زي زمان وعارف أن هو كمان محتاج الحضن ده وخايف لا الأوان يكون فات
ربت بربروس على كتفه مهوناً:
هون عليك يا أخي من خبرتي لسنين طوال فقد علمت بأن مصارين البطن تتعارك ولكنهم يظلوا مصارين في بطن واحده مهما تشاجروا سيعودون من جديد سوياً، فقط انها الايام ستداوي الجروح
–.
يوم جديد والأيام تتوالى على ركودها متدثره بفراش عم نصير حالتها بدأت بالاستقرار التام تأتي لها والدتها طوال النهار وترحل بالمساء وهذا بعدما طلب ياسين من والدتها استكمال علاجها هنا تحت أنظاره حتى لا يلتقي بالطبيب على داخل منزل الصاوي هو الأن وفي هذه اللحظه هنا حيث الكوخ البسيط الوقت يمضي كسرعه البرق وككل ليله يسهر بجانبها، يسهر على راحتها بعدما غادره عم نصير واخبره بأنه سيقضي الليله لدى قريب لهُ فأصبحوا بمفردهما سوياً وكالعاده أشعل النيران بالأخشاب التي بالخارج في ليله شديدة البروده كهذه لعله ينعم ببعض الدفىء، كل ليله يتمنى ان تستعيد عافيتها تعود لمحادثته من جديد وغالباً الشىء الذي نرغب بهِ بشده نجده يحدث بعد قليل عندما شعر بوجودها تقف خلفه دون أصدار اي صوت أغلق عيونه يستشعر وجودها يشتم رائحتها التي لطالما ميزها اقتربت منه تقف أمامه لتجد هيئته التي نمت على أنه ليس بخير حين رمقته تصرح بصدق معاناته نطقت وقد بدا على وجهها الأهتمام:.
ياسين أنتَ كويس
مجرد نطقها بإسمه يصيب قلبه بأضطراب، ابتسم على سماع صوتها من جديد رمقها بنظره مشتاق يشتاق الى روحه التي كادت ان تسلب منه لاحت على شفتيه ابتسامه ساخره وقال:
أنتِ بتسأليني أنا السؤال ده المفروض أنا اللي اسألهولك أنتِ اللي اتضر بتي بالن ار ياشمس وبقالك أكتر من تلات ايام نايمه ومش حاسه باللي حواليكي
شعرت بعدم الأتزان فحاوط كف يدها سريعاً يساعدها على الوقوف قائلاً:.
تعالي ارتاحي على السرير الجو هنا برد عليكي
أخبرته راجيه:
لا عشان خاطري انا زهقت من جوه عايزه اشم شويه هوا
انصاع لطلبها يساعدها على الجلوس أمام الن ار، دار بعينيه يبحث عن المزيد من الأخشاب بالجوار ومن ثم وضعهم بداخلها وقد أحضر غطاء من الداخل يحاوطها بهِ يضعه على كتفيها من الخلف قائلاً:
خللي الشال ده على كتفك عشان يدفيكي.
وضعت يدها تعدل من وضعيه الشال الذي وضعه هو بفوضاويه على جسدها فلامس كفها كفه رفعت شمس رأسها فتقابلت عينها بعينه ارتبكت من نظراته الثابته واستدارت تنظر جوارها فحمحم يخبرها وهو يجلس بجوارها:
أعملك معايا شاي
أتى بالبراد الموضوع بجواره يضعه على النار المشتعل أمامهم طالعته بذهول، عن اي شاي يتحدث فهي تعلم جيداً بأنه لا يحب الشاي فهم هو تعابير وجهها فابتسم بقول:.
أنا عارف أنك زمانك بتقولي أني مابحبش الشاي وازاي بشربوا دلوقتي بس اللي يقعد بقى مع عمك نصير لازم يحبوا غصب عنه مع أنه بيعملوا وحش اوي بس أتعودت عليه
تعالت ضحكاتها فابتسم هو على ضحكتها يمد كفه بكوب الشاي بعدما سكبه لها تناولت الكوب تقول وسط ضحكتها:
المشكله انه بيجبرك أنك تشرب الشاي بتاعه عافيه اصلاً ومهما تقنعه أنه بيعمله وحش مابيصدقش
وذكرتهُ هي بحدث مر عليه أكثر من اثنى عشر عاماً تسرده بقول:.
فاكر لما دخلت عليا القبو وخليله كانت بتشرب كوبايه الشاي واول ما شافتك خافت واترعشت وبقت تغمي عنيها على طول بالقماشه وفضلت ماسكه كوبايه الشاي مارمتهاش، وقتها نزلت علينا بخطواتك البطيئه وبنظرتك الشريره دي ومع أنها معملتش حاجه روحت باصصلها كده وكسرت كوبايه الشاي من ايدها
ابتسم بألم يرتشف رشفه من كوبه يبتسم على ذكرياته وهو يقول:.
المشكله مش في كده المشكله أنها معملتش حاجه ومش لاقيلها أي غلطه روحت مزعق فيها وقولتلها وأنتِ كمان بتشربي شاي
انكمش ما بين حاجبيه يكمل:
مش فاهم ماتشرب شاي كنت بزعقلها ليه أنا، غلطت في ايه عشان ابهدلها البهدله دي كلها وابهدلك أنتِ كمان معايا
أنمحت الأبتسامه من على وجهه ببطىء وتهكمت تقاسيمه يشعر بالذنب نادماً على ما فعله:.
كنت حارمها من كل حاجه من اولادها وبيتها وجوزها ومن جبروتي بعد ما فضلت 16 سنه تربي فيكي وماتشوفش الشمس في يوم أقت لها بد م بارد ولا أكنها بني أدمه وليها حياه، ده انا كنت جبار
اعتدلت بجلستها كي تقترب منه طالعته بهدوء قبل أن تقول بابتسامه حزينه ونبره حنونه:
ياسين أنتَ مكنتش في وعيك وأنتَ بتعمل كده كل ده كان غصب عنك كل ما تفتكر حاجه زي كده.
قول لنفسك أن مش أنتَ السبب وأن اللي حصل ده أنتَ كنت مجبر عليه مش بأرادتك
ثم لانت نظراتها ورأى فيها خوفاً حقيقياً عليه تحاول الأ تشعره بالذنب:
وبعدين أنا كنت بفرح أوي لما بتزعقلها بس برضوا كنت بخاف عشان بعد ما كنت بتمشي بطلعهم عليا، طب على الأقل أنتَ مكنتش في وعيك لكن هي كانت بكامل عقلها وهي بتعامل طفله ماتكملش السنتين بمنتهى القسوه
لمعت العبرات في مقلتيها وهي تحكي له:.
طبعاً مش فاكره كتير بس فاكره كويس أوي لما كانت بترميلي الأكل في الأرض عشان أوطي اكل منه مكانتش بترضى تخليني أستخدم أيدي، كانت بتسيبني عطشانه بالأيام حتى الكلام مكانتش عايزاني انطقه مفكرتش ولو للحظه تاخدني في حضنها زي اولادها وخصوصاً ان هي اللي مربياني لما كرهتها وكنت بكره حتى اسمع نفسها على الأقل في ايام رغم أن الضبع كان مسيطر عليك كنت بتبقى حنين عليا فيها، ولما كنت بتلاقي شفايفي زي الحجر رغم قس وتك كنت بتديني بوق المايه اه بعدين بترجع تطلعه عليا تاني بس على الاقل كان بيحصل.
كل شىء يؤلمها وبان هذا في سؤالها بوجع طغى في عينيها:
تفتكر أنا عملت أيه عشان يحصل معايا كل ده ولحد دلوقتي لسه بيحصل، لسه بعاني
فرت دموعها تشعر بسخونتها على وجنتيها أثناء تنهدها بعمق:.
أنتَ ماتعرفش أنا عشت أزاي طول العشر سنين اللي فاتوا، ماتعرفش حسيت بأيه بعد م وت عمار ياياسين وكمان بعد ما مشيت وسيبتني كنت وحيده فضلت سنتين مكنتش بعمل فيهم اي شىء في حياتي غير أني قاعده جنب قبره بفكر في الف سؤال لو كان لسه عايش كان ايه اللي هيحصل في حياتي دلوقت، طب ليه مات، ليه مش موجود لحد
صمتت لثواني يتابعها بنظراته المستفسره فأكملت وقد حاربت ترددها:.
لحد مامذاكراتك وقعت معايا بالصدفه رجلي خدتني ليها من غير ما احس
لمحت التوتر الذي ظهر على وجه ياسين وهو يرد:
مذكراتي!
ردت تؤكد على ما قاله:
أيوه مذكراتك، هي دايماً معايا في الشنطه مابشلهاش أبداً منها لو كنت فتحت شنطتي كنت لاقيتها فيها
بدا على وجهه الأنزعاج فأضافت تبرر:.
أنا عارفه كويس أن اللي عملته ده غلط وان مكانش ينفع ابداً اني اقرا حاجه شخصيه ليك كده ولا أعرف عنك كل اللي عرفته بس هتصدقني أو لاء بس مذكراتك واللي قرأته جواها أنقذني من الوحده وخلاني أتجه للتعليم كان عندي فضول شديد اعرف ايه اللي مكتوب جواها
رد بهدوء جاهد ليستدعاه: وعرفتي!
وردت بسؤال أخر: اتضايقت؟
اختار الكذب وقال: لا ماضايقتش بس كنت عايز اعرف عرفتي ايه؟
ابتلعت غصه مريره في حلقها قبل أن تضيف:.
أن حياتي زي ما كانت صعبه حياتك كانت أصعب
وان الحج يزيد باباك كان دايماً بيعاملك بقسوه وأنك ماشفتش حلو الدنيا غير من مامتك واختارت انك تعيش مع دكتور على وانك تعيش مي ت على أنك تم وت عايش مش ده كلامك اللي كاتبه في مذكراتك، طول عمرك كان في غيرك بيتحكم في حياتك الاول باباك ولما يادوبك طلعت من تحت جناحه اتحطيت تحت جناح الضبع.
رأت شمس الدموع في عينيه ولم يخفها ياسين بل طالعها معاتباً على النبش بماضيه ونظراته تطالبها بأن تكف عن الحديث ولكنها ختمت وكأنها لم تر هذه الدموع:
ألظاهر ان احنا طلعنا شبه بعض أوي ياياسين كل واحد فينا ضحيه لغيره
شريط طويل يعرض أمامه الأن أمتزجت الذكريات بعقله بنبرته وهي تخبره
ده غير كمان البنت اللي حبيتها زمان و.
مش جعانه؟
القى بسؤاله للهروب من مجرى الحديث او الهروب من نفسه طالعته بابتسامه وعلمت قصده وقررت ألا تضغط عليه وجارته بحديثه بقول:
بصراحه اه جعانه اوي بس مش عايزه اكل اي اكل عايزه اكل حاجه معينه
قبض حاجبيه بتساؤل فأشارت بعينيها خلفه استدار للخلف على البقعه الزراعيه وعاد يطالعها من جديد ببسمه حانيه يشير بعينيه بمعنى لكِ ما تريدين
-.
في بعض الأوقات من المفترض أن تنفذ تهديدك حتى لا تشمت من هددته بك ولكن بحاله كحالتها لم تعد تفكر بشىء سوى محادثته حتى لو لدقائق
ظلت تنتظر الطبيب كالعاده أمام منزل ال صاوي ولكنه يتهرب منها ويوصد باب غرفته عليه ولكنها استطاعت ان توقفه هذه المره قبل ان يوصد باب غرفته عليه بقول:
علي أرجوك ماتمشيش وتقفل الباب في وشي زي كل مره
وقف أمامها يطالعها ورد بابتسامه كادت ان تقتلها قائلاً:.
أي ده زهره أنتِ هنا غريبه مكنتش واخد بالي منك
علي بلاش كذب، أنتَ شايفني وبتشوفني كل يوم
استدار الطبيب يطالعها ورأى غض بها في عينيها وخاصهً وهي تتابع:
أنت من ساعه اللي حصل ما بقيتش حتى تبص في وشي خلاص نسيتني ياعلي، نسيت زهرتك
لانت تقاسيمها بعض الشىء تقترب منه:
أنا زهره ياعلي اللي لما كنت بقولك سيبني في حالي كنت بتقولي انا حالك ومكنتش بتسيبني مهما حصل
رد الطبيب وهو يمسح على عنقه بتعب يتخطاها بقول:.
أديكي بتقوليها بلسانك يازهره، كنت حطي بقى تحت كلمه كنت دي ألف خط وخط قبل ما تقوليلي اني مش راجل قبل ما تعرفيني أنك بتبقي نايمه جنبي وخايفه لا اشتهي د مك، قبل ما اعرف انك على استعداد انك تسبيني وتبعدي وتعيشي بعيد عني
أشار برأسه مستفسراً:
أيه اللي مخليكي قاعده في بيت الصاوي لحد دلوقتي مش ده البيت اللي كنتي كار هه تقعدي فيه احلو دلوقتي وبقى عليه سكر
حاولت التبرير وقبل ان تنطق بتر عبارتها بقول:.
ماتقوليش ان عشان بيتك اتحرق بيت أخوكي أبو حسان لسه موجود
تنهدت زهره الدموع تلمع بعينيها:
عمرك ما كنت قاسي عليا اوي كده ياعلي
رد عليها بما وجعها وجعل الدموع تنهمر من عينيها بغزاره:
علي اللي كنتي تعرفيه أنتِ خسرتيه خلاص ومهما عملتي مش هتعرفي تكسبيه تاني يابنت الناس
القى بكلماته عليها كالسهام التي نخرت بفؤادها رأته يبتعد عنها ومع رحيله سلب أنفاسها منها
–
كانت تسير وهي تنظر للسماء وقد زينتها النجوم.
والقمر بالمنتصف كلوحه بديعه تسر النظر وتطرب القلب قاطع شرودها بقول:
مش قولتلك بلاش نتمشى أنتِ تعبانه ياشمس
كان هذا قوله ممسك بكوز الذره بعد ان قام بطهيه على نار هادئه يتسايرون بالطريق بجوار الرقع الزراعيه الليل قاتم بالمكان ولا يوجد سوى عامود اناره واحد يضفي اضاءه خفيفه قضمت قضمه واحده من كوز الذره وبدأت بقول:
لاء انا بقيت احسن دلوقت وبجد كنت محتاجه اتمشى شويه.
وقفت أمامه بعيون سائله سؤال يلح عليها من اول جلستهم لاحظ هو اقتضابها وقام بأرضاء فضولها بقول:
أنتٌ مستغربه أني لحد دلوقتي ماجيبتش سيرة عن اللي حصلك وشيفاني هادي صح
التحمت عيناهم وهو يلقي على مسامعها رده:
علشان عارف هتقولي ايه ياشمس
تخطاها يتابع سيره فحاولت توسيع خطواتها للحاق بهِ تخبره بصوت عالٍ نسبياً:
اقف ياياسين أنا مش قادره امد ممكن تقف عشان خاطري.
لأجل خاطرها، لأجل خاطرها فقط يفعل المستحيل وقف يعطيها ظهره يلبي طلبها ووقفت هي خلفه بعيون راجيه تتابع حديثها بقول:
انا مش عارفه مين عمل كده
بتر حديثها بحده:
بس أنا بقى عارف
تابعت وكأنها لم تسمعه:
ومش عايزه اعرف، مش عايزه اعرف مين اللي عملها ياياسين أنا عارفه مين اللي في بالك بس ده بالذات لازم نبعد عنه
تقصد بقولها فريد، اضاف وقد تبعت الحده نبرته:.
أهوه ده بالذات اللي مش هسيبه لو سيبته اكتر من كده هيق تلكوا واحد ورا التاني
استعد لرحيل فتابعت بقولها الذي أثره:
أنا بخاف عليك
أغمض عيناه من قولها لطالما تمنى سماع هذه الكلمات منها واليوم أخيراً قد اخبرته بها تقدمت تقف أمامه نزلت دموعها وهي تطلب منه برجاء:.
أيوه بقيت بخاف عليك ولو وقفنا قدامه ابواب جهنم هتتفتح في وشنا، اوعدني ان احنا نعيش في امان انا تعبت ياياسين وعايزه اعيش حياه طبيعيه زي اي بنت في سني، فريد لو اكتشف حقيقتنا الدنيا كلها هتتقلب علينا والسر اللي فضلنا مخبيينه سنين هيتكشف وهنبقي مطاردين من كل الناس وانا مش عايزه كده، مش عايزالك انتَ بالذات كده.
اوعدني ياياسين، اوعدني انك هتبعد عنه ده تعبان حي بلاش تقرب منه في كل خطوه بينصب فخ وفي كل فخ بؤره بيتمنى أنك تقع فيها ولو وقعت فيها هضيع مني
تنهدت تخبره بما داخل قلبها:
وانا مش عايزاك تضيع مني، اوعدني ياياسين، اوعدني انك هتنسى الموضوع ده خالص ولا اكنه حصل.
ختمت حديثها وضمها الى صدره فدبت القشعريره بجسدها شعرت بالأمان تشعر بكفه يربت عليها تتغلل اصابعه بين خصلاتها الطويله بحنان زادت دقات قلبها وشعر هو بأضطرابه تنطق من بين دموعها:
عشان خاطري اوعدني
ابعدها عن حضنه برويه يطالعها بعيونه الصافيه كصفاء الليل القاتم يمسح بيده دموعها قائلاً:
اوعدك اني هحاول عشانك هحاول انسى عشانك ياشمس
مازالت عباراتها تتوالى على خديها برزت ابتسامه على ثغره يمسح دموعها بقول:.
خلاص بقى كفايه دموع، مابحبش اشوف الدموع نازله من حد عزيز على قلبي وبالذات لو من عيونك علشان انتِ عارفه ان
طالعها لثوان ثم ابتسم يطالعها بعينين محب صادقه:
عيونك حبايبي ياشمس.
أن شعور الأختناق مميت، كانت غدير غارقه بنومها تشعر بوجود شخص ما بغرفتها يقترب رويداً رويداً هنا وباالرغم من بروده الطقس استيقظت غدير لاهثه والعرق يغطي وجهها شهقت عند رؤيه ياسين فهو لم يعتاد على دخول غرفتها هكذا ابتلعت ريقها وقبل أن تنطق سألها هو بنبره حاده:
عملتي أيه ياغدير، انطقي، قولتيله
اقتربت منه بجسد دبت به القشعريره من نبرته ولاكن لانت تقاسيمها حين أقتربت منه تخبره بابتسامه:.
حصل حاكيت لبدر على كل حاجه زي ما اتفقنا بالظبط
ابتسم بسمه ماكره يثنى عليها ما فعلته:
برافو عليكي
ابتسمت بغرور تغمز لهُ بطرف عينيها مازحه:
عيب عليك ده أنا تلميذه ياسين الصاوي
-.
الايام متواصله تحسنت فيها حاله شمس كثيراً وهذا سمح ل ياسين بالذهاب الى القاهره، ذهب لغرض واحد فقط وهو مقابله فريد قرر مقابلته ورمى بطلب شمس عرض الحائط وبالرغم من وعده لها الا انه لم يستطع تنفيده ذهب، ذهب يتوعد لهُ، يتوعد بأنه سيقلب حياته رأساً على عقب وكل أعتقاده أن ما حدث لشمس كان هو السبب فيه، هو الأن هنا بغرفته تسري رعشه بكف يدهُ يقف أمامه يتواجهان وجهاً لوجه بتحدي ومع عقاب والدهُ لهُ بعدم تركه لغرفته وخاصهً أثناء تلك الأيام ظل فريد داخل غرفته مجبوراً ابتلع غصه مريره بحلقه فوجه ياسين لا يبشر بالخير أبداً وكأنه تحول وعاد الى اسوء أيامه من قبل وخاصهً بعدما حول عيناه الى اللون الأحمر القاتم عاد فريد خطوات للخلف ببطىء لم تعد تتحمله قدمه من شده خوفه بلل سرواله من شدة رعبه انه هنا معه وبغرفته حاول فريد التكلم من بين شفتيه بتقطع بقول:.
أنتَ، أنتَ عايز ايه
صمت دون اجابه ولكن عينيه كانت تنطق بنواياه هرول فريد بقدم مرتعشه يحاول الخروج من الغرفه وقبل أن يلمس المقبض الخاص بالباب كان ياسين هو الأسرع وقد أغلق الباب بأحكام يقترب منه ببطىء ويصك على أسنانه وما قال سوى كلمه واحده كلمه واحده كانت تفي بكل ما يريده وهي:
عايزك.
يلزمها اعتذار منه على غيابه لمده يومين، يومين لم تعرف بهما شىءٍ عنه جلست على المقعد امام الكوخ كالعاده بأنتظاره، الطقس اليوم أدفىء عن البقيه جلست زهره بجوارها تحثها على المغادره بهدوء:
مش يلا بقى ياشمس قعدتك عند عم نصير طولت أنتِ بقيتي كويسه دلوقتي
لم تكف عيناها عن التدوير بكل مكان عنه فأخبرتها متحججه:
اصل انا لسه مش قادره أمشي ياماما
اخبرتها سريعاً:.
ماتمشيش هجيبلك عربيه لحد هنا ترجعنا بيتنا انا فرشت بيت خالك القديم
تنهدت بتعب وقد نفذت حجتها:
طيب ياماما اللي تشوفيه.
كان القلق ينهش قلبها من كثره قلقها عليه حاولت مهاتفته للمره التي سئمت من عدها ولكنه دائماً مغلق دلفت الى الكوخ توضب حقائبها وقبل ان ترحل طلبت من والدتها الذهاب اولاً الى منزل الصاوي لأحضار بقيه أغراضها وعند وصولها وجدت حشد كبير يقف أمام المنزل من ظباط وعساكر وأهل القريه يحاوطون المنزل حاولت المرور بين الحشد وبعد معاناه قد دلفت الى المنزل ترى الضابط أحمد يضع الحديد بيد ياسين.
يأخذه جاذباً أياه خلفه الفضول كاد ينهش بها تستفسر بعينيها قبل لسانها بقول:
وخدينوا ورايحين بي على فين ياحضره ظابط هو عمل ايه
جاوبها بأليه يسير بهِ الى السياره الحديديه:
متهم بقضيه قت ل فريد الدمنهوري
هوى قلبها أرضاً استسلامه لهم دون مقاومه يطالعها والضابط يجذبه من خلفه ومن بين صوت الحشد الكثير استطاعت سماعه من بينهم يخبرها بعينين بان بهم الصدق يحرك شفتيه نافياً:
ماقت لتهوش.
من جديد هناك جرح يتوسط القلب وكأن حياته ناقمه عليه وعلى راحته، كلما حاول الوصول الى بر الأمان تجرفه الموجه الى الغريق مهما كان استسلم، استلسم بعيون هاويه وكأنه سئم التجديف بقارب لن يصل ابداً.
التعليقات