التخطي إلى المحتوى

َقضاء و نصيب
الجزء الثاني من ” أحببناها مـريـمـيـه” ♥
بقلمـ : دنـيا آلـ شملول ♥
الحلقه الرابعه ♥

استجمعت شهد شجاعتها وتحدثت .. ولكن خرج صوتها مرتجف قليلا : كل دول .. حبيته عشان كل دول .. انا محبتكش اصلا .. انا كنت عيله وطايشه وهبله .. فهمت الحب غلط وحياتي كانت غلط في غلط .. بس ربنا رزقني باللي فوقتني وخدت بإيدي .. عشان في الآخر اقع في طريق مروان اللي خد بإيدي عشان يكمل معايا للآخر .. اه حبيته عشان تضحيته .. مفيش بني آدم يعمل كده .. حتي اني أشك ان جود نفسه كان ممكن يتخلي عن مريم عشانه .. حبيت حبه لمريم عشان فضل قافل علي قلبه لحد ما ربنا يريد ويطلبها من اهلها .. وصدمة عمره انها تطلع حبيبة اخوه واخوه كمان حبيبها ومع ذلك قام وغني ورقص في فرحهم وكان شايل تلت اربع اشغال الفرح لوحده .. كانت سعادته لأخوه باينه في عنيه .. كان بيحضنه بكل حب الدنيا .. مكنش اناني ومفكرش في نفسه وتعبه ووجعه من انه يشوف البني ادمه اللي حبها في حضن واحد تاني .. لا ومين ؟.. اخوه !.. ومع ذلك اتنازل .. عشان اي ؟.. عشان جود يستاهل .. عشان جود ضحي بحياته عشان يكبر اخوه .. عشان جود كانله الاب والام والصاحب .. اه حبيته عشان شكله .. مروان شكلا وقلبًا يتعشق مش بس يتحب .. كفايه ابتسامته بس .. بتطيب القلب والروح .. كفايه صوته في حياتي .. بيحسسني بالأمان .. اه حبيته وانا عارفه ان قلبه مع غيري بس أصريت اني اشغل قلبه واناا عارفه وواثقه انه مش هيحبني زيها .. بس يوم ما هيخيروه بيني وبينها هيختارني انا .. عشان هو راجل بجد .. حبيته وهو اول واخر حب في حياتي .. ولا يمكن هييجي بعده .. وبفضل الله اكتشفت ان مكنش فيه قبله .. وانك كنت مجرد نزوه في حياتي .. وقت مش أكتر .. لا لا .. انت كنت سيئه والحمد لله خلصت منها .

انهت شهد كلماتها وهي تلتقط انفاسها بسرعه وكأنها كانت تركض .. تاركه ذاك الذي يقف مستندًا الي الخزانه يعتصر يديه من شدة قبضته .. وعينيه التي تضخ شرًا .. حتي خرج صوته أخيرًا : وانا هخليكي تتحسري علي الحب ده .. انتي .. وهو .

انتفضت شهد وهي تنظر في اثره برعب .. لقد غادر الغرفه وصفق الباب خلفه .. وازداد زعرها وهي تستمع لصوت المفتاح يدور بالباب .

وقفت بهدوء وأخذت تدور في الغرفه تبحث عن مخرج .. النافذة موصده بأحد الأقفال .. ماذا ستفعل .. استمعت لصوت سياره فعلمت انه غادر المكان ..

نظرت في ساعة يدها لتجدها تشير الي الرابعه والنصف .. لكن هل هو توقيت مسائي أم صباحي ؟ .. تنهدت بتعب وهي تضع يدها علي معدتها وأخذت تبحث عن اي شئ يمكنه مساعدتها في فتح النافذه او الباب .. وبعد ساعه تقريبًا من البحث مدت يدها الي خصلاتها وقد تذكرت أمر تلك الـ ( بِنسَة ) الرفيعه .. كيف غفلت عنها .. تحركت تجاه النافذة وظلت تعبث بالقفل حتي تمكنت أخيرًا من فتحه .. اخذت شهيقًا طويلًا وهي تتمتم بالشهاده .. ومن ثم فتحت النافذه ببطء لتري الفراغ من حولها .. اقرب المنازل اليها يبعد عن مد بصرها بحوالي مئتي متر تقريبا .. هذا وان كانت منازل من الاساس .. نظرت للأرض التي تبعد عن نظرها حوالي مترين لا أكثر .. فالمنزل أرضي وليس أدوارًا .. استجمعت قوتها وشجاعتها لتقفز بهدوء وحذر عن النافذه .. وركضت لتعبر الطريق .. ولكن أجفلها صوت اصطكاك اطارات احدي السيارات بالأسفلت .. لتنظر خلفها وتجد عمر يركض تجاهها .. أخذت تركض بسرعه ولكن ليس سوي بضع أمتار .. فمعدتها بدأت في إيلامها والدوار تمكن منها .. لم تستطع التحمل فسقطت فاقده للوعي من جديد ..

فتحت عينيها ببطء لتجد نفسها داخل الغرفة نفسها التي تركتها هاربه منذ قليل .. لقد وقعت بين يديه مجددًا .. تنهدت بتعب ليجفلها فتحه للباب بعنف ..

شهد بخوف : ااا .. اي ؟

عمر وهو يمسكها من ذراعيها ويهزها بعنف : بتهربي مني ؟.. بتهربي مني ها ؟

شهد بدموع : سيبني .. سيبني ملكش دعوه بيا سيبني .

كان علي وشك ان يتحدث ولكن طرقات عاليه متتاليه علي باب المنزل أجفلت كلاهما .. لتتبين له الاصوات علي الفور .. انها الشرطه .. كان علي وشك الهروب لكن كان الضابط اسرع منه حيث تم كسر الباب ودلف وأشهر السلاح تجاه عمر الذي نظر لشهد بحقد وغل كبير .. تم القبض عليه وقبل خروجه من المنزل كان مروان يدلف ركضًا .. وتواجه هو وعمر ليقترب مروان بغل ولكمه لكمه قويه جعلت الدماء تسيل من جانب انفه وفمه .. ولكن ابعده الظابط وهو يتحدث بهدوء : خلاص يا مراون .. شوف مراتك ادخل .

ركض مروان الي غرفتها ليجدها تضم قدميها الي صدرها وترتجف .. ركض اليها وانتشلها لأحضانه لتتشبث به بقوه وعلت شهقاتها حتي خارت قواها وفقدت الوعي ليحملها مروان سريعًا ويذهب بها الي المستشفي .

افاقت بعد بعض الوقت لتجده بجانبها يمسك بيدها وابتسامه ترتسم علي ثغره : حمد الله علي سلامتك .

شهد وهي تضع يدها علي معدتها بسرعه فأمسك مروان بيدها متمتمًا : متقلقيش كله تمام .. مبروك يا شهد .

ابتسمت بهدوء وهي تمسد معدتها بيدها ومن ثم أخذت شهيقًا طويلًا وذهبت في سبات عميق بعدما شعرت بالراحه والأمان لوجوده بجانبها الآن ..

افاقت من ذكرياتها الأليمه علي يد مروان التي تمحي عبراتها عن وجنتها بهدوء .

انتبهت شهد سريعًا وابتسمت بارتباك ..

مروان : مالك ؟.. اي مزعلك ؟.. لي الدموع دي ؟

شهد بشهقه : افتكرت حاجات قديمه .. المكان فكرني بيها .

مروان وهو يضمها اليه : متخافيش يا شهد .. انا جنبك .

شهد بهدوء : هو .. هو اي اللي عرف وقتها الشرطه بمكاني ؟

مروان بتنهيده : شافك واحد كان معدي بعربيته وانتي بتجري ووقف بالعربيه علي بعد مناسب لنظره انه يشوفك وانتي بتهربي من عمر وبعدها فقدتي الوعي وهو شالك دخلك البيت .. وقتها بلغ .. وفعلا اتأكدوا من وجودك هناك .. وقتها انا كنت مقدم بلاغ بخطفك واتأكدوا من كده عشان البيت كان مفتوح وكام دليل كده .. وكلمني الضابط وقالي انهم لقيوكي .

شهد بتنهيده : الحمد لله .

قبل مروان جبينها بهدوء متمتمًا : الحمد لله .. يلا بقا نستعد عشان نكمل الرحله .

اماءت عدة مرات بابتسامه ليعود الجميع الي اماكنهم وانطلقوا مجددًا في رحلتهم ..

وقد كانت مريم تجلس في السياره ناظره للسماء تتأمل احلال الضوء محل الظلام .. ولا تعلم لما ينبض قلبها هكذا .. تشعر بمشاعر غريبه ولا تعلم لها تفسيرًا .. كأن قلبها يود لو يسبقها لتلك المدينه .. وكذلك وليد الذي يقلب في صور جود علي هاتف والدته ويبتسم حينما يري والده مبتسمًا .. ويضم حاجبيه حينما يراه عاقدًا حاجبيه ..

نظرت له مريم بهدوء لتبتسم بحب لحركات صغيرها ومحاولاته كي يُقلد والده .. ضمت ابنها الي صدرها بقوه ليتمتم بهدوء : ماما احنا هنشوف بابا تاني امته ؟

اعتصر قلبها ألمًا من جملته .. ولكن ما جعل الألم يزداد هو ردها حينما قالت بهدوء : قريب حبيبي .

نظر لها اسلام من المرآه ليراها ترمش عدة مرات تُقلب ما تفوهت به داخل عقلها .. وسرعان ما تحدثت لابنها بهدوء وتوتر : حبيب ماما يلا تعالي نام شويه .

وبالفعل ذهب في سبات عميق بعد بعض الوقت كما جافاها سلطان النوم هي الأخري .

وقف أمام باب غرفته ورفع ذراعيه خلف رأسه وأخذ يتثاءب ويحرك جسده لليمين واليسار ليستمع لطرقعه مفاصله إثر حركاته ومن ثم ركض قليلًا في حديقة المنزل ومن ثم عاد ليجد السيده رحمة قد أعدت سفرة الافطار في الحديقه كما اعتادو كل صباح .

جلس بنشاط وابتسامه واسعه علي غير العاده متمتمًا : صباح الجمال يا ست الكل .

رحمه بابتسامه : صباح الورد يا بني .. اي الابتسامه الجميله دي .

تحدث بهدوء : اكشر يعني ؟.. ولا انتي متعوده متاخديش ابتسامة الصباح غير من حوده .

اتاه صوت محمود من الخلف متمتمًا : هي بتاخدها قبل ما تنزل متقلقش .

رحمه بابتسامه : ربنا ما يحرمني من ابتسامتكوا ابدا .. يلا الفطار جاهز .. بسم الله .

بدأوا في تناول الفطور في جو مبهج .. ومن ثم غادرا للكافيه .. وقد اخبرتهم رحمه انها ستلحق بهما عند المغرب ..

دلف لعمله كعادته ولكن اليوم بنشاط اكبر وبهجه اكبر .. يمزح مع هذا ويضحك مع ذاك .. حتي شارف المغرب علي الدخول .

محمود بابتسامه : عبدالله خلي بالك .. لحسن رحمه تيجي وتقعد ع البحر وتنسانا وتنسي نفسها .

ضحك بخفه متمتمًا : عيني ع الباب متقلقش .. خلص بس يا حج عشان لما تيجي تتحركوا علي طول .

محمود : خلاص اهو .

لم يمر الكثير من الوقت حتي دلفت السيده رحمه من باب الكافيه .. فاتجه اليها ركضًا بابتسامه واسعه : قمر هل ع الكافيه ياناس .

ضربته علي كتفه بخفه متمتمه : بطل بكش بقا .

تحدث محمود من خلفهم : طب والله عنده حق .. انتي مش واخده بالك المكان منور ازاي من وقت ما دخلتي ؟.. طب ما خدتيش بالك ان انا جاي علي مصدر الضوء ؟

ضحكت رحمه بخجل وهي تتمتم : انتوا مالكوا كده .. هتستلموني ورا بعض ولا اي ؟!

تحمحم بهدوء متمتمًا : يلا ياعم محمود خد رحمتك واتحركوا لحسن الانظار متعلقه هنا .

احاطها محمود بذراعه متمتمًا : وقت سعيد ياعبد الله .

ابتسم بتهكم مصطنع : وقت سعيد ليا انا برضو ؟!..

محمود بابتسامه : قلبك كبير .

ضحك بخفه ليذهب محمود ورحمته .. بينما تابع هو عمله بالمكان ببهجة وفرحة غريبه لا يعلم مصدرها .. لكن قلبه سعيد علي أي حال .

وصلوا مع الشروق .. ودلفوا للمنزل خائري القوي .. وذهب كل لغرفته ليستلقي بتعب الي فراشه .. ولم يستفيقوا الا بعد الظهر علي صوت ضربات عاليه تأتي من الصاله ..

خرج معاذ ومروان بسرعه كلٌ من غرفته ليجدوا اسلام واقفًا في منتصف الصاله وبيده صينيه ألومونيا وملعقة خشبيه ويضرب علي الصينيه بتنغم وهو يعبث بحاجبيه لهما .

مروان وهو يكز علي اسنانه بغيظ : انت يا متخلف انت بتعمل اي ؟

اسلام بضحكه : بصحيكوا .. اه اه بصحيكوا ترارارا .. اه اه بصحيكووو .

ركض حينما وجد مروان يركض تجاهه .. في حين امسكه معاذ من الناحيه المعاكسه وتقدم مروان وبقيا يضربانه بمزاح وهو يضحك متمتمًا : خلاص خلاص توبه خلااص .

كانت الاطفال تتابعهم ويضحكون ويصفقون بمرح في حين اقتربت اروي وبيدها مسدس مياه خاص بأحد الأطفال وبدأت توجهه الي مروان ومعاذ وهي تطلق رزاز المياه لينال كل منهما نصيبه من المياه .. اجفلتهما المياه وابتعدا سريعًا .. ليقع اسلام ارضًا وهو يضحك .. بينما تمتمت هي : ابعدوا عن جوزي .. ملكوش دعوه بيه .

ضحكت مريم هي الاخري لينظر لها اسلام بسخط : مطلعتش من ناس .

مريم بابتسامه : انا اصلا فرحانه فيك .

اسلام بغيظ : بقا كده .. طب تعالي .

ركضت هي للغرفه وركض خلفها في حين دلف الرجال لغرفهم كي يتجهزوا للصلاه .

القي بها الي الفراش وبدأ بدغدغتها تحت ضحكاتها وتلويها .. فأقبل وليد وأريج بمسدسات مياه وبدأوا في الرش علي اسلام الذي ركض خلفهم .. وبقيت ضحكاتهم تعلُ في المنزل .. في حين تنهدت مريم بارتياح غريب .. ولكن عيونها تود لو تدمع ..

جميع مشاعرها متضاربه .. منذ ان خرجت قاصده الاسكندريه وجميع مشاعرها متضاربه ..

ذهب الرجال للصلاه واعدت الفتيات الطعام حتي عاد الرجال وبدأوا في تناوله بهدوء ..

مروان : هنروح الملاهي الأول نفرح العيال وبعد كده هنروح كافيه قريب من هنا .. نقعدلنا شويه كده في هدوء ونرجع .. وبكره نبدأ بتنفيذ مخطط الرحله بأمر الله .

شهد : طب اي هو بقا مخططكوا ؟

اسلام : لا لو سمحتوا .. دي مفاجأه .. ولو اكتشفت ان في واحد منكوا فتش المفاجأه هفرمه ..

ثم وجه نظره لوليد متمتمًا : سامع يا وليد باشا .

اشار وليد علي فمه علامة انه لن يتحدث .

لينظر له مالك بضيق .. فوليد جلس مع الرجال ليلة امس ولم يسمح مروان بجلوس غيره معهم .. والان اسلام يتحدث اليه الا يخبر احدا عن مخطط الرحله .. لماذا يعلم وليد بمخطط الرحله وهو لا ؟.. ولماذا يجلس وليد مع الرجال وهو لا ؟.. ولماذا يجلس وليد مع اريج في نفس السياره وهو لا ؟.. ترك طعامه وغادر للغرفه دون ان يتحدث .. فتحركت شهد خلفه لتري ما به ..

دلفت بهدوء لتجده يجلس الي الفراش بتذمر ..

جلست بجانيه في هدوء وتمتمت وهي تحاوط كتفيه : مالَك يا لوكا حبيبي ؟.. ليه مكملتش اكل ؟.. وليه قمت كده فجأه ؟

مالك بغيظ : اشمعنا وليد عارف هنروح فين ؟.. اشمعنا وليد قاعد مع بابا وعمو اسلام وخالو معاذ ؟.. اشمعنا هو يركب مع ريجو وانا لا ؟.. اشمعنا هو كبير وانا لا ؟

صُدمت شهد من موقف ابنها وانقبض قلبها لما قد يحمله صغير مثله من ضغينه في قلبه تجاه ابن عمه .

شهد بهدوء وحكمه : لوكا حبيبي .. وليد لازم يتعامل علي انه واحد كبير عشان هو الراجل لمامته دلوقتي .. يعني انت حبيبي لما تكبر هيكون بابا جنبك وهيقولك ده صح وده غلط ولما تكبر هيخليك تقعد معاهم في قعدة الرجاله كمان عشان هتكون كبير .. بس وليد كبر بسرعه عشان باباه عند ربنا .. ولازم عمه مروان وخاله اسلام ياخدو بالهم منه ويعلموه يشيل مسئوليه عشان يخلي باله من مامته .. فهمت حبيبي ؟

مالك بابتسامه : يعني هما بيساعدوه عشان هو معندوش بابا ؟

اماءت شهد بابتسامه وهي تحتضن ابنها بحب دون ان تلاحظ ابتسامه غريبه ظهرت علي وجه طفل لم يبلغ من العمر سوي اربع سنوات وبضعة اشهر .. ولا تعلم أن ما أخبرته به ليكون رؤوفا مع وليد سينقلب ضد وليد نفسه .. بل سيكون سكينًا باردًا سيحاول مالك ان يغرسها بقلب وليد .

تجهز الجميع بعد فتره لاداء صلاة العصر ومن ثم تأهبوا للذهاب الي الملاهي لتمرح الأطفال .. وبعد ان دلفوا للعديد من الالعاب وشراء المثلجات .. تحرك بهم مروان لحديقه هادئه بعض الشئ ليُنهي الاطفال تناول مثلجاتهم .. وبينما هم جالسون .. أتي وليد من حلقة الأطفال وكأنه يحبس دموعه .. لكنه جلس بجانب مريم في صمت تام ..

مريم بقلق : ليدو حبيبي جيت ليه ؟.. ليه مش قاعد مع اخواتك ؟

نظر لها وليد كأنه يلومها .. لكنها لم تفهم علام يلومها ؟؟

احاطته بهدوء متمتمه : مالك يا وليد ؟.. حد زعلك ؟

نفي بهدوء .. ليقاطعهما صوت مروان متمتمًا : كده العيال كلها شويه وهتتسطل تاني .

اسلام : انا عامل حسابي وجايب بطاطين والله عشان خفت القعده تعجبنا والعيال يرخموا ويناموا .. فنكومهم في العربيه ونغطيهم ونقعد علي راحتنا .

مروان بضحكه : انا مبسوط اني طالع رحله زي دي معاك اصلا .. بحب دماغك اللي شغاله .. بس ياريت متشغلهاش عشان تصحينا تاني .

ضحك الجميع واستعدوا للذهاب .. لكن تفاجأت مريم حينما صرخ وليد بوجه أريج حينما اتت اليه : امشي مش عايزك .

دمعت عينا أريج وبدأت تشهق بصمت .. فاقتربت مريم من وليد وتمتمت : انت بتزعق لبنت خالك ليه ها ؟.. يلا اعتذر .

اروي : مريم دول اطفال .

مريم : ولو اطفال يتعلم الادب وميزعقش فيها .. يلا اعتذر .

اقتربت اريج من وليد واحتضنته بهدوء وهي تتمتم موجهه حديثها لمريم : مش تزعلي ليدو .

مريم وهي ترمش عدة مرات ومن ثم ضربت كفيها معا : شوف البت .. وانا اللي جايه اجبلك حقك !

ضحكت اروي عليها وهي تتمتم : تستاهلي .. قلتلك دول اطفال .. اديها احرجتك اهو .

تحركوا جميعا تجاه السيارات وركبت مريم ومعها اريج ووليد في الخلف .. اقتربت اريج من وليد وتمتمت بصوت خفيض : مش تزعل ماشي .

ابتسم لها وليد بهدوء قبل ان يومئ بخفه وبدآ في الاندماج والضحك معًا من جديد .. لتتنهد مريم بهدوء .

وصلوا حيث المكان الذي اختاره مروان ليقضوا به بعض الوقت .. كان كافيه هادئ .. ومظهره يبث الراحه في النفس .. به مقاعد من الداخل ومن الخارج .. والفاصل فقط ذاك الجدار الزجاجي .. والأضواء هادئه للغايه .. والوان المكان تبث السلام في النفس ..

منذ ان وضعت مريم قدمها بداخل هذا الكافيه وضربات قلبها تتزايد .. وبدأ التوتر يتسرب اليها حتي لاحظها اسلام فاقترب منها وامسك بيدها متمتمًا بهدوء : مريم انتي تعبانه ؟

نظرت له مريم بتيه ومن دون شعور اغرقت دموعها وجنتها بصمت .. ضمها اسلام بقوه وهو يتمتم : مالك حبيبتي طيب في اي ؟.. طب يلا هنروح يلا .

نفت مريم وهي تتشبث بثيابه وتتمتم من بين شهقاتها : لا لا انا .. انا كويسه… بس مش عارفه .. حاسه اني .. حاسه ان في حاجه هنا شداني… قلبي بيدق جامد اوي .

اسلام عاقدا حاجبيه بعدم فهم : طب يعني انتي مرتاحه هنا ولا نمشي وترتاحي في البيت ؟

مريم بابتسامه : لا هندخل .

وتحركت مريم ممسكه بيد وليد ودلفوا جميعًا للداخل .. وكل دقيقة وأخري تجول عينا مريم بالمكان .. كأنها تبحث عن شئ فقدته هنا .. لا تعلم سببًا لحالتها تلك .. لكن تلك الاتقباضه بقلبها لا تخص سوي شخصًا واحدًا فقط .. تبحث عنه بعينيه وتشعر به يناديها ..

قاطع شرودها بالمكان صوت وليد : ماما هروح مع طنط اروي واريج الحمام .

اماءت مريم بهدوء ليتحرك وليد خلف اروي واريج ..

اسلام بابتسامه : شفت الواد .. بيتكلم كأنه كبير ازاي .. قال هروح معاكي ياطنط انتي وريجو عشان لازم يكون معاكوا راجل .

مروان وهو يضربه علي كتفه : اعترف انه جدع زي ابوه .

اسلام بابتسامه : هو هيطلع جود تاني اصلا .

بينما هذا الذي يتابع حديث والده واسلام والغل يملأ قلبه تجاه وليد .. قام بهدوء واتجه لشهد وتمتم : ماما انا هروح مع وليد .

اماءت شهد بابتسامه ظنًا منها انها اقنعته بوجوب حبه لوليد .. ليتحرك مالك خلفهم ..

بينما كانت مريم شارده في مكان واحد فقط غير مدركه بكل ما يتحدثون عنه .. تنظر فقط لهذا البحر المتلاطمة امواجه .. لا تفكر سوي بذاك الشعور الذي يخالج خلايا قلبها ..

بينما علي الجهة الاخري ..

دلفت اروي مع اريج الي دورة المياه وتركت وليد امام الباب بانتظارهم .. وبعد بعض الوقت .. خرجت ليصدمها قول مالك الذي اتي خلفهم تقريبًا وهو يتمتم بغل لوليد : مش هتكون راجل برضو عشان ابوك مات ومش هيكون جنبك .. هما بيخلوك معاهم اصلا عشان يخلوك كبير بس ويخلوك تنسي ابوك الميت .

صُدمت اروي من حديث الصغير ودموع وليد التي تنساب بحرقه علي وجنته ليتآكل قلبها حزنًا من أجله .. ولم تنتبه لأريج التي خرجت وركضت تجاه وليد .. وما ان رأت دموعه حتي نظرت تجاه مالك بحقد غريب وقامت بصفعه وهي تتحدث : انت وحش .. عشان بتخلي ليدو يعيط كتير .

ركضت اروي تجاههم قبل ان يتأزم الأمر .. ولكن وليد ركض من امامهم لتمسك اروي بيد اريج ومالك وتركض خلف وليد الذي اصطدم بأحدهم ..

توقف وليد وهو لا يكاد يري بسبب دموعه ليرفعه ذاك الغريب عن الارض متمتمًا : مالك يا حبيبي بتعيط ليه ؟

رفع وليد نظره اليه لتصطدم الأعين .. ويشعر الغريب بكهرباء تسري في عروقه .. وهو ينظر لعيني الصغير .. بينما لُجم لسان وليد وتوقفت دموعه عن الانهمار .. وكتم انفاسه .. وتمتم ببراءه : بـ بابا !

بمجرد سماعه للكلمه شعر بصداع يكاد يفتك مؤخرة رأسه وانتفض جسده كأن أحدهم قام بصعقه فجأه .. لكن قطع تلك الشحنات المتضاربه من المشاعر وصول اروي اليهما وهي تتمتم : وليد .

ثم نظرت للغريب متمتمه : انا اسفـ …

ابتلعت باقي حروفها وهي تنظر لمن يحمل وليد .. ازدردت ريقها بحلق جاف .. وشحب وجهها فورًا وهي تتمتم بعدم تصديق وصوتها لم يتجاوز شفتيها : جـ جود ؟

عقد بين حاجبيه قبل ان يضع الطفل ارضًا وهو يتمتم : خلي بالك منه .. عشان ميخرجش بره لانه ممكن يتوه .

القي جملته وبعثر شعر الصغير بيده مبتسما بهدوء ثم غادر تاركًا اروي تحاول ان تتدارك نفسها وهي تكاد لا تصدق .. جود ؟.. لا ليس هو ؟.. ان كان هو كان ليعرفها .. او ليعرف ابنه علي الاقل !

قاطع تخبطاتها وليد الذي يجذبها من ملابسها متمتمًا : طنط اروي مش ده بابـ ..

قاطعته اروي وهي تنزل لمستواه قائله بهدوء : وليد حبيبي .. تعالي نتفق اتفاق . ماشي ؟

اماء وليد لتتابع هي وهي تقربه منها وتتحدث بصوت خفيض : متقولش لماما حاجه عن الراجل اللي خبطت فيه ده ماشي ؟

وليد ببراءه : بس ده … ده بابا .

اروي بقلب مفتور : لا لا حبيبي .. ده مش بابا .. ده واحد شبه بابا بس .. وانا كمان في واحده شبهي بس موجوده في مكان تاني غير ده .. واريج برضو وخالو اسلام وكمان ماما .. فـ ده حبيبي مش بابا .. ده واحد شبهه .. ومتقلش لماما عشان ماما تعبانه .. اتفقنا ؟

وليد وهو ينكس رأسه بحزن : حاضر اتفقنا .

احتضنته اروي بألم وتيه .. ثم اخذت ثلاثتهم وذهبت حيث يجلس الجميع .. ومن ثم اقتربت من اسلام بهدوء وتمتمت في أذنه : عيزاك ضروري لوحدنا .

اسلام باستغراب : في اي ؟.. حصل حاجه ؟

اروي : يلا بس بسرعه .

تحرك اسلام بعدما اخبر مروان ومعاذ بأنه لن يتأخر .. واخذته اروي وخرجا من الكافيه وظلت تسير حتي ابتعدت عن انظار الجالسين علي الطاوله .

اسلام : اروي في اي ؟.. ورايحين فين كده ؟

وقفت اروي ونظرت له بتردد وهي تتمتم : اسلام في حاجه حصلت .. و .. ومش عارفه اذا حقيقي ولا لا .

اسلام : قولي يا اروي .. سيِّبتي رُكبي .

اروي : حصلت مشكله بين مالك ووليد .. وليد جري وخبط في واحد والراجل شاله لما لقاه بيعيط .. وانا عما وصلتلهم والراجل ده لفِّلي وشفته كان .. كان ..

اسلام : كان اي ؟.. ووليد كان بيعيط ليه ؟ ولي يجري منك ؟

اروي وقد سقطت دموعها : كان جود .

نظر لها اسلام بعدم فهم : جود مين ؟

اروي وهي تمسح عينيها : عارفه انه موضوع ميتصدقش .. انا اصلا مش مصدقه .. بس وليد قالي ده بابا .. وانا قلتله هو شبهه .. هو اصلا اكيد شبهه .. مستحيل يكون جود .. لا هو واحد شبه جود .. مش هو خالص .. اكيد مش هو .

اسلام وهو يمسك كتفيها كي تهدأ : اروي حبيبتي اهدي .. فهميني اي اللي حصل بالظبط .. وجود مين اللي بتتكلمي عنه ؟

ابتلعت اروي ريقها ثم اخبرته بكل ما حدث .. مما جعل اسلام يعقد حاجبيه بحيره وأيضًا بخوف .

اسلام بهدوء : طب اهدي خلاص … هو فعلا اكيد شبهه .. وموضوع مالك ووليد لازم نحله في اسرع وقت .. اهدي تمام .. ومريم مش لازم ابدا تعرف حاجه عن اللي حصل ده .

اروي : متقلقش انا فهمت وليد وهو مش هيتكلم .

اماء اسلام وعاد بها حيث الجميع .. وجلس ناظرًا تجاه مريم التي تسبح في عالم آخر مع تلك الأمواج .. ومن ثم حول نظره لوليد الذي يميل برأسه الي كتفه كل فنية واخري يستنشقه .. فتحدث له بهدوء : ليدو حبيبي تيجي نتمشي شويه بره ؟

لم ينتبه له وليد ولم يسمعه .. فتحدث مالك مفجرًا تلك القنبله التي لم تكن اروي او اسلام علي استعداد ابدا لمواجهتها .. ولم يتخيل اي منهما ان طفل بعمره قد ينتبه لتفاصيل كهذه : هو سرحان اصلا عشان خبط في ابوه .. وابوه سابه ومشي .

التفتت جميع الاعين له حتي مريم .. التي انتفض قلبها مع حروف مالك .. نظرت مريم تجاه وليد الذي ينظر لها بخوف وتوتر وعيونه تمتلئ بالدموع ووجهه أصبح أحمر تمامًا .

مروان بحده لمالك : اي اللي بتقوله ده ؟

مالك : والله هو شاف ابوه لما كان بيجري وخبط فيه .. وطنط اروي قالتله متقولش لماما .

تحولت اعين الجميع لأروي التي تخشبت في مكانها وعينيها معلقه علي مريم التي تنظر تجاهها بأمل بألم بخوف بترجي بدموع بابتسامه .. الف شعور وشعور قرأتهم اروي في تعابير مريم في هذه اللحظه ..

الكلام اللي قالته شهد لمالك كان مناسب ؟.. ولا كان في كلام أنسب

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *