التخطي إلى المحتوى

رواية قضاء ونصيب احببناها مريميه الجزء الثاني الفصل الخامس 5 بقلم دنيا آل شملول

قضاء و نصيب ♥
الجزء الثاني من ” أحببناها مـريـمـيـه” ♥
بقلمـ : دنـيا آلـ شملول ♥
الحلقه الخامسه ♥
جلس ناظرًا تجاه مريم التي تسبح في عالم آخر مع تلك الأمواج .. ومن ثم حول نظره لوليد الذي يرفع يده كل فنية واخري يشتمها .. فتحدث له بهدوء : ليدو حبيبي تيجي نتمشي شويه بره ؟
لم ينتبه له وليد ولم يسمعه .. فتحدث مالك مفجرًا تلك القنبله التي لم تكن اروي او اسلام علي استعداد ابدا لمواجهتها .. ولم يتخيل اي منهما ان طفل بعمره قد ينتبه لتفاصيل كهذه : هو سرحان اصلا عشان خبط في ابوه .
التفتت جميع الاعين له حتي مريم .. التي انتفض قلبها مع حروف مالك .. نظرت مريم تجاه وليد الذي ينظر لها بخوف وتوتر وعيونه تمتلئ بالدموع ووجهه أصبح أحمر تمامًا .
مروان بحده لمالك : اي اللي بتقوله ده ؟
مالك : والله هو شاف ابوه لما كان بيجري وخبط فيه .. وطنط اروي قالتله متقولش لماما .
تحولت اعين الجميع لأروي التي تخشبت في مكانها وعينيها معلقه علي مريم التي تنظر تجاهها بأمل بالم بخوف بترجي بدموع بابتسامه .. الف شعور وشعور قرأتهم اروي في تعابير مريم في هذه اللحظه ..
جذب مروان مالك بحده وأوقفه امامه وتحدث له بصوت عالي : انت اي اللي بتقوله ده ها ؟
كاد ان يرفع يده ليصفع مالك إلا أن يد اسلام كانت الأسرع حينما أمسك بـ يد مروان قبل ان تنزل فوق وجنة مالك الذي يغطي وجهه بكفيه الصغيرين ودموعه تنساب علي وجنتيه ..
اسلام : معاذ خدهم كلهم واقعد في مكان تاني من فضلك .. مش عايز غير مريم واروي ومروان .
اماء معاذ سريعًا وتحرك الجميع تجاه طاوله اخري .. وحينما اقتربت رقيه لتحمل وليد .. رفضت مريم بشده وامسكت بيد وليد وهي تتمتم : شفت مين يا وليد ها ؟.. بابا صح ؟؟.. شوفت بابا يا ليدو صح ؟.. حبيبي متخفش قولي محدش هيكلمك .. قولي شوفته .. وليد انطق .
قالت اخر كلماتها بصوت عالي نسبيًا وهي تهز وليد من كتفيه مما جعل وليد يبكي .. فتحرك اسلام وجذب وليد من يدها واعطاه لرقيه التي ذهبت به سريعًا من المكان .. والتفت اسلام لمريم فوجدها ترمش بسرعه ووجها قد شحب وترتجف .. اقترب اسلام سريعًا واخذها بين احضانه لتشهق باكيه وتدفن وجهها في صدره لتصرخ بحريه دون ان يخرج صوتها .. شعر اسلام بنظرات الجميع مسلطه عليهم .. فقام بجذب مريم وتحركت معه اروي وتبعهم مروان ..
اخذها اسلام لمكان بعيد علي الشاطئ وخالي تقريبا وقد كانت لا تزال في احضانه ليتمتم بهدوء وحنان : صرخي ياقلب اخوكي .. صرخي وعيطي .
دفنت مريم وجهها في صدره اكثر وبدأت في الصراخ من اعماقها .. صرخت بكل الألم الذي تحمله منذ عامين واكثر .. بكت بكل الدموع التي ابقت عليها حبيسة جفنيها .. ضغطت نفسها في صدره وشددت من احتضانها اياه وتشبثت بقوه في ثيابه .. جلس بها اسلام أرضًا لبعض الوقت وبقيت هي علي حالتها تلك حتي استنفذت جميع قواها .. لم يعد يتبقي لديها اي قوي اخري .. ارتخت اعصابها .. جف حلقها .. انتظمت انفاسها .. وذهبت في سبات عميق .
اسلام بهدوء : اروي قولي لمروان يجيب بطانيه م العربيه بسرعه .
ركضت اروي تجاه مروان الجالس علي بُعد منهم يستمع لصراخها وبكائها .. يستمع لضعفها وقلة حيلتها .. ويبكي بقوه .. ولا يعلم أ يبكي لرحيل أخيه الذي لم يكن أخ فقط .. بل كان الاب والام والاخ والصديق .. ام يبكي لألمها هي وقوتها التي تُظهرها طوال الوقت رغم هشاشة قلبها .. أم يبكي لتراهات، طفله الذي تفوه بما لا يجب عليه ان يقول .. وجعل جروحهم جميعًا تنبثق علي مصراعيها بهذا الشكل ؟.. ام يبكي لأجل كل هذا ؟
اجفله صوت اروي .. فمسح وجهه سريعًا ووقف ليري ماذا تريد .
اروي بهدوء وصوت مبحوح : مريم نامت واسلام عايز بطانيه من اللي في العربيه .
اماء مروان وتحرك خطوتين ومن ثم التفت اليها متمتمًا : مدام اروي .. اي اللي حصل ؟.. و لي اللي قاله مالك ده ؟
ازدردت اروي ريقها بتوتر ولكنها تمتمت بهدوء : لما ترجع عشان مريم نايمه في الهوا .
اماء مروان بتفهم وتحرك سريعًا الي السياره .
🖊سبحان الله 🖊 الحمد لله 🖊 لا اله الا الله 🖊 الله اكبر 🖊
خرج من الكافيه متوجهًا الي الشاطئ .. ولكن هناك شئ ما غريب قد حدث .. ما هذه المشاعر التي غزت جسده ودماؤه حينما حمل ذاك الصغير ؟.. ولم شحب وجه تلك الفتاه حينما رأته ؟.. ولماذا توقف الصغير عن البكاء حينما نظر له بعينيه ؟.. لماذا هذا الصداع الذي داهمه فجأه ؟.. لماذا يشعر أنه رأي هذا الطفل من قبل .
أخرجه رنين هاتفه من دوامة أفكاره وشروده الذي دام لساعة تقريبًا .. ابتسم وهو يري اسم الحج محمود امامه فأجاب بهدوء : شكلك كده عملتها وروحت .
محمود بضحكه : ياض لم نفسك شويه واعقل .. لا يا سيدي مروحتش .. انا ورحمه جايين اهو .. بس جهزلنا مكان كده عشان انا موصي علي عشا لينا احنا التلاته .. وياريت يكون ع البحر .
تحدث بضحكه : طب وانا لازمتي اي في عشوه ع البحر يا عم محمود .. ياراجل استغل الوقت .. انت بترشق اي حد في اي حته واي وقت ليه ؟
ضحك محمود علي كلماته واعطي الهاتف لرحمه التي تحدثت بحزم : هنتعشي احنا التلاته علي البحر يا بيه في جو أُسري صغنون .
جود بابتسامه : حاضر يا ست الكل .. هتيجوا تلاقوا الدنيا تمام .
رحمه : منتحرمش منك يا حبيبي .. الراجل بتاع الدليفري زمانه علي وصول .. محمود اداله رقمك .. ولما يوصل المكان هيتصل بيك .
تحدث بهدوء وعينيه معلقه علي هؤلاء الأربعه الواقفين علي بُعد منه : تمام .. توصلوا بالسلامه .
اغلق معهم وركز نظره هناك .. ليري فتاه يُمسك بها شاب وكأنه يخشي ان تسقط وتركض خلفه فتاة اخري واضعه يديها علي فمها متألمه لما يحدث للفتاة الأولي .. بينما تركهم ذاك الشاب ووقف علي بعد منهم .. ثبت نظره علي تلك الفتاه بين احضان هذا الشاب وكيف تتشبث به ..
نظر حوله وقد قرر ان يري ما الأمر .. رغم انه لا يعنيه ولكن ربما استطاع المساعده ان تطلب الامر ..
ذهب الي هناك من الجهه المعاكسه .. ووقف علي بُعد مناسب منهم خلف احدي الأعمده الموجوده بالمكان .. ليستمع لصراخ تلك الفتاه .. انها تصرخ بألم دفين .. صراخها مزق أعماق قلبه .. كأن أحدهم يضربه تجاه قلبه بقوه .. يا إلهِ ماذا حدث معها ليصل هذا الألم بداخلها الي هذا الحد .. لقد كانت تصرخ بألم حقيقي .. نظر تجاههم ليري يديها المتشبثه في ثياب الشاب والتي تكاد تُمزَّق تحت قبضتيها من شدتهما .. ارتعشت شفتيه وشعر بغصة .. آلمه قلبه كثيرًا وكاد أن يبكي .. لولا اهتزاز هاتفه بجيبه .. فنظر به ليري رقمًا غير مسجل .. فعلم علي الفور انه موصل الدليفري .. القي نظره اخيره علي الشاب الذي يعطيه ظهره والفتاه التي لا يري منها سوي قبضتيها الممسكه بثياب الشاب .. وقد لاحظ ارتخائهما .. فعلم ان قواها قد خارت .. قرر الذهاب .. وان عاد ووجدهم فسوف يجلب احدي البطاطين بالمكان هنا ويُعطيها للشاب .. وان استطاع مساعدتهم في شئ فلن يتأخر .. وبالفعل ذهب ليأخذ الطلبيه .. وفي طريق عودته رأي ذلك الشاب الذي كان مع الشاب والفتاتان عند الشاطئ وهو يركض تجاه السياره .. وجده قد اخرج بطانيه .. ومن ثم اغلق السياره واستدار مغادرًا .. تزامنًا مع صوت الحج محمود الذي صدح قائلا : جينا في الوقت المناسب .. مش هيلحق الاكل يبرد .
تحدث بضحكه : ظابطينها بالدقيقه .
ضحك ثلاثتهم واستدار ليدلف مع محمود ورحمه .. لكنه وقف فجأه وهو يري هذا الشاب ينظر تجاهه بعينان واسعتان مصدومتان .
عقد بين حاجبيه ونظر لمحمود ورحمه اللذان نظرا له ولبعضهما .. ومن ثم تحدث محمود لمروان بهدوء : في حاجه يا بني ؟
لم تحِد عينا مروان عن الواقف امامه وانسابت الدموع علي وجنتيه في صمت ووقعت البطانيه من يده .. وأخذ يقترب بهدوء وحذر ..
عاد خطوتين للخلف ليركض مروان تجاهه وينتشله الي احضانه وهو يقبل كل إنش في رأسه متمتمًا من بين دموعه : جود ؟.. لا لا مش مصدق نفسي ؟.. جود ده انت ؟.. انت ازاي ؟.. جود رد عليا ؟.. ليه ؟.. ليه عملت كده ؟..
أخذ يبكي ويضحك وهو يضمه اليه أكثر ويمسك بخصلاته مره وبملابسه مره .. يقبل كتفه ورأسه .. يبتعد ويُمسك بوجهع بين يديه ومن ثم ينتشله مجددًا لأحضانه ..
بقي علي حاله وجود لا يشعر بشئ فقط الجمود بسبب الصدمه والكهرباء التي تسري في عروقه من قُرب مروان منه .. وعاد الصداع يداهمه بشده .. فوقعت الحقائب من يده ليُبعد مروان عنه بهدوء وتمتم بصوت خرج مبحوحًا بسبب تأثره : انت بتتكلم عن مين ؟.. انت مين ؟
نظر له مروان في صدمه وتمتم بارتجاف وهو يمد يده يضعها علي وجنة أخيه : جود .. انت .. انت بتسألني انا مين ؟
اقترب الحج محمود منهما ووضع يده علي كتف مروان وتمتم بهدوء : انت مين يا بني ؟.. وجود مين اللي بتتكلم عنه ؟.. ده عبد الله ابني .
التفت مروان تجاه جود ونظر به بتفحص وهو يرمش سريعًا ويحرك رأسه للجانبين بعدم تصديق : ابـ .. ابنك ازاي ؟.. د .. ده جود .. ا اخويا .
ازدرد جود ريقه بحلق جاف ليقترب مروان منه ومن ثم أدار رأس جود للجانب ليري تلك الشامة الكبيره التي بجانب أذنه اليسري .. وتمتم مجددًا : ده جود اخويا .
ومن ثم أنزل التيشرت الذي يرتديه جود عن كتفه الأيمن للتبين تلك الشامة الأخري ليعود متمتمًا من جديد : ده جود اخويا .
ثم عاد واقترب منه وقام بجذب وجنته اليسري للأسفل لتتبين له مكان تلك العمليه التي تركت أثرًا لكيس دهني في جفن عينه وتابع من جديد وعيناه لا تتوقف عن ذرف الدموع : ده جوووود اخويااا .. مش ابنك .. ده اخويا .
كانت رحمه تبكي وهي تري هذا المشهد وجود يقف متخشبًا .. هذه الملامح .. هذا الحضن الدافئ .. هذا الصوت .. هذه اللهفه .. انه لا يبدو غريبًا عنه ..
مروان وهو يمسك بيد جود برجاء : جود اي حصلك ؟؟.. اتكلم .
محمود بهدوء وتأثر : اهدي يابني .. وتعالي ندخل جوا عشان نعرف نتفاهم .
نظر مروان تجاه جود مجددا ومن ثم جذبه لأحضانه من جديد وشدد عليه بقوه واخذ يشهق متمتمًا ببحه : ليه كده ؟.. سنتين ؟.. ليه كده ؟.. اي حصل ؟؟.. ارجوك اتكلم .. مبقتش قادر .. ارجوك اتكلم .
اقترب محمود بهدوء وتمتم : اسمعني يا بني .. الموضوع كبير .. ومحتاج قعده .
مروان وهو يومئ عدة مرات ومن ثم تذكر أمر وليد فتحدث سريعًا : يعني وليد بجد شافك هو واروي .. انت شوفت ابنك؟
انتفض جسد جود إثر كلمته ونظر له بتيه ليتحدث محمود مجددًا : تعالوا يابني هندخل جوه ونتكلم بهدوء .. متنفعش وقفتنا دي .
تحدث جود اخيرا ببحه : الـ البطانيه .. والبنت اللي كانت بتعيط .. وَدِّي البطانيه الاول .
نظر له مروان وقد تبين له شئ لم يفهمه من البدايه .. الا وهو فقدان الذاكره .. جود فاقد للذاكره .. لقد تحدث عن مريم كفتاه لا يعرفها .. كما انه لم يتعرف علي ابنه وكذلك اخيه ..
محمود مقاطعًا شروده : انت معاك حد يا بني ؟
مروان بانتباه وصوت تائه : اي ؟.. اه .. مـ معايا العيله .. العيله كلها معايا .
محمود بهدوء وراحه لما استشعره من راحه تجاه مروان : طب روح يابني ليهم وطمنهم عليك الاول وتعالي .. بس ياريت تكون لوحدك .
مروان بسرعه : لا انا مش هتحرك خطوه من غير اخويا .
تنهد محمود بهدوء وتحدث لرحمه : رحمتي خدي عبد الله وروحي معاه للمكان اللي جهزهولنا .. وانا هروح مع اا ..
ادار رأسه لمروان في تساؤل : اسمك اي يابني ؟
مروان بسرعه : مروان .. اسمي مروان .
عاد محمود بحديثه الي رحمه : وانا هروح مع مروان لغاية اهله واستناه ونيجيلكم .
اماءت رحمه وهي تقترب من جود لتمسك بذراعه بينما يقف هو في دوامة عدم الفهم والتيه .. اسم مروان ، اسم وليد ، حضن مروان ، رائحة وليد ، كهرباء جسده ، صداعه الفتَّاك .. ماذا يحدث !!
تحرك مع رحمه باستسلام تام وعينيه معلقه علي مروان الذي لم تكد عيونه تجف حتي تعود من جديد وتسكب الدموع في صمت وهو يتابع خطوات جود المبتعده عن مرمي نظراته .
تحرك محمود واخذ البطانيه عن الارض وتحرك مع مروان الذي ينظر في أثر جود وكأنه مغيب تمامًا .. لا يصدق انه رآه .. لا يصدق انه كان بين أحضانه .. لا يصدق انه سمع صوته مجددًا .. لا يصدق .. لكن ان كان حلمًا فهو لا يود الاستيقاظ منه ايضًا ..
انتبه علي يد محمود الذي تحدث بهدوء وحنان : يلا يابني عشان ميقلقوش عليك .
مروان وهو يتحرك معه بتيه : هو .. هو كان بين ايديا دلوقتي صح ؟.. سمعت صوته وسمعت ضحكته .. حسيت بحضنه .. هو مكنش حلم والله .
محمود بألم لأجله : اهدي يابني .. اخوك مش حلم اخوك حقيقه .. يلا بس نطمن العيله اللي معاك ونرجعله عشان هو كمان حالته هتكون اسوء بكتير من حالتك دلوقتي .
مروان : هو .. هو مش فاكرني .. لا لا هو .. هو اصلا مش عارفني .
محمود وهو يربت علي كتفه : اخوك فاقد الذاكره من اكتر من سنتين يابني .
نظر له مروان ويده ترتجف : ليه ؟.. اي حصله ؟.. و .. وازاي جه هنا ؟.. ومين عبدالله ؟
محمود بهدوء : احنا محتاجين الاجابات دي من اهله يابني .. انتوا اللي المفروض عارفين اي حصله .. لكن عبدالله ده انا ناديته بيه انا ورحمه مراتي عشان هو مش فاكر اسمه .
مروان : جود .. جود احنا .. احنا استلمنا جثته متفحمه في المصنع .. جود انا بروحله قبره كل يوم من سنتين اقراله الفاتحه .. لا لا هو .. هو اللي في القبر مش جود .. بس مين ؟.. طب .. طب جود جه هنا ازاي ؟
محمود بهدوء : عيلتك فين طيب نديهم البطانيه دي وتبلغهم انك هتتأخر شويه وتيجي معايا عشان نتفاهم ونفهم اللي حصل .
اماء مروان سريعًا ومن ثم نظر حوله يحاول تذكر اين هم .. حتي لمحهم من بعيد فتذكر امر مريم واسلام ..
مروان بسرعه : مـ مريم مراته نايمه هناك اهي .
محمود : مرات مين ؟.. مرات اخوك ؟
اماء مروان وهو يتمتم : دي دي .. دي كانت بتصرخ من شويه بس .. كانت بتصرخ بوجع عشانه .. نامت من كتر العياط والصريخ عشان .. عشان ابني قال ان وليد شاف ابوه .
محمود بعدم فهم : وليد مين ؟
مروان بتنهيده : ابن جود .
محمود : جود متجوز وعنده ابن .. ماشاء الله .. طب يابني روح لمراته وجيبها .. في غرف هنا .. هتنام في واحده منهم مينفعش تفضل كده .
اماء مروان سريعًا وركض تجاه اسلام الذي تحدث بسخط وصوت خفيض : كنت فين يابني ادم ؟.. كل ده بتجيب بطانيه .
مروان : قـ قوم .. قوم شيلها ونيمها في غرفه من اللي هنا .
نظر اسلام خلف مروان ليجد محمود يتحدث بهدوء : هاتها يابني وتعالي هوريك مكان الغرف .
وبالفعل حملها اسلام وذهب بها لاحدي الغرف ووضعها مربتًا علي رأسها بحنان ومن ثم اخبر أروي انه سيذهب ويحضر اريج ووليد اليها ..
خرج لمروان الذي لا يزال ينتظره مع محمود ..
مروان : اسلام في حاجه مهمه لازم نتكلم فيها .. بس الاول تعالي نجيب العيال في اوضتين تانيين .
اسلام وهو ينظر لمحمود : هو .. هو في اي ؟
محمود بابتسامه ودوده وهو يمد يده ليصافح اسلام : انا الحج محمود يابني .. صاحب المكان .
اماء اسلام بهدوء متمتمًا : اهلا وسهلا يا حج .. متشكر علي وقفتك دي .
محمود : مفيش الكلام ده يابني .. يلا هاتوا باقي العيله في الاوضتين اللي جنب اختك هنا .
وبالفعل تحركوا وطلب مروان من معاذ بأن يهتم بهم ويحادثه ان حدث اي شئ .. وأخذ اسلام وتحرك مع محمود حيث تجلس رحمه محاوله تهدئة جود الذي تتحرك قدمه تباعًا في توتر وترقب وخوف ..
رحمه بابتسامه : جم اهم يا حبيبي .
وقف جود سريعًا والتفت لهما لتتيبس قدما اسلام أرضًا وهو ينظر لجود بعيون متسعه ولا يكاد يصدق .. خرج صوته متأتأً : جـ جود ؟!!.. انت مستحيل تكون شبهه اوي كده .
مروان بهدوء وابتسامة ارتياح : ده جود يا اسلام .
اخذ اسم اسلام يتردد في عقل جود .. وهو يقف ناظرًا تجاههما بنظرات غائمه تائهه .. ان كان هذا اخاه وقد استشعر حبه بهذا الشكل .. اذا هو يمتلك عائله تحبه ولم تفعل به هذا .. من إذًا فعل به ما فعل ؟.. واين كانوا هم طوال هذين العامين ؟؟
قاطع شروده وافكاره اقتراب اسلام منه .. انتشله سريعًا محتضنًا اياه وأخذ يربت علي ظهره بحب واضح وهو يتمتم بعدم تصديق : لي ؟؟.. لي بعدت كل الوقت ده ؟.. مريم بتموت .. ازاي قدرت تبعد كل الفتره دي ؟.. و .. وبعدين مين .. مين اللي احنا بنـ ..
قاطعه محمود بهدوء : خلونا نتكلم .
جلس الجميع وجود نظره معلق بالفراغ .. وأنظار اسلام ومروان عليه ..
تحدث محمود بهدوء : اتكلم انا يا عبدالله ؟
اسلام عاقدًا حاجبيه : عبدالله مين ؟.. ده جود .
محمود بابتسامه : معلش بقا يابني سنتين بناديه واقوله ياعبدالله .. عما اتعود بس علي اسمه .
اسلام : هو في اي ؟.. جود !! .. ما حد يتكلم اي اللي بيحصل ؟!!… انت عايش بإسم غير اسمك .. وطول السنتين حي ترزق .. وسايب اهلك ومراتك وابنك .. مراتك بتموت الف مره في اليوم .. وآخرهم من ساعه كانت ماسكه فيا بتصرخ بعلو الصوت .. بتخرج حزنها وألمها من بُعدك عنها .. بتصرخ من غلبها وتعبها .. وانت عايش مش ميت .. دي مرضيتش ولا مره تروح القبر اللي فيه جثه المفروض انها جثتك .. لما بييجي اسمك مبترضاش تقول الله يرحمه واما اسألها تقول مش حاسه ان المفروض اقول كده .. جود عايش في قلبي وهيفضل لباقي عمري .. اختي الوحيده اللي حاسه انك موجود .. وطلعت فعلا موجود .. وهي الوحيده اللي عماله تتعذب وقلبها يتكوي بالنار .. قولي بتعمل اي ها ؟
كان جود منتبها تمامًا لكل حرف ينطق به اسلام ويتذكر تلك الفتاه التي رآها منذ وقت قليل وهي تصرخ بين أحضان أخيها .. انها .. انها زوجته .. هل هو ميت بالنسبه لهم ؟.. لمن تكون تلك الجثه هناك ؟.. كيف صدقوا خبر وفاته ؟.. هل يحيي هو طوال تلك الفتره بعيدًا بظنه أنه ربما هم من فعلوا به هذا .. وبعد كل هذا الوقت يتبين له انهم يظنونه ميت ؟!!.. ما الذي يحدث !
اسلام بعصبيه : رد يا جود .. فهمني عملت كده ليه ؟.
تحرك جود بعصبيه هو الآخر وصرخ به : انتوا متعذبتوش لوحدكوا .. ماشي انا غلطت اني مدورتش عليكوا .. بس كنت فاكر ان اهلي هما اللي عملوا فيا كده .. انا واحد مش عارف اي حاجه عن حياته .. مش عارف اسمه .. مش عارف عمره .. مش عارف حد .. ولما فتحت عيني مشفتش غير الحج محمود ورحمته .. معرفش حاجه من اللي بتقولوا عليها .. معرفش مين مريم .. معرفش مين وليد .. معرفكش يامروان ولا انت يا اسلام .. حسيت بيكوا وحسيت بقربنا من بعض بس معرفكوش .. انا عشت سنتين مبعملش اكتر من اني اتأمل السما واقول يارب اجمعني بيهم لو لينا خير في بعض ولو اللي فرقني عنهم حد غيرهم .. ويارب اعيش باقي عمري بذاكره فاضيه تمامًا لو هما اللي عملوا فيا كده عشان مش عايز اكرههم .. انتوا متعذبتوش لوحدكوا .. انا كمان كنت بتعذب الف مره وانا مش فاهم حاجه م اللي انا فيها .. فتحت عيني لقيتني في مستشفي ودكتور بيقولي حمد الله علي سلامتك وبيختبر نظري وصوتي وحركاتي ويسألني عارف اسمك ولا لا .. وصدمتي في نفسي اني فعلا مش عارف اسمي .. سمعته بيقولهم اني فقدت الذاكره بسبب اللي اتعرضتله .. واللي انا اصلا معرفش اي هو اللي اتعرضتله .. واحد مجبس رجله ودراعه وشاش علي دماغه ولزق طبي متبعتر في وشه .. ومعرفش اي علي صدره .. مش عارف ومكنتش عايز اعرف عشان خايف يكونوا اهلي اللي عملوا كده لأي سبب .. مكنتش عايز اعرف عشان مش عايز اكرههم .. عايز تعرف اي تاني ها .
كان مروان يبكي في صمت بينما ينظر له اسلام في صدمه .. تحرك مروان بدون تردد واقترب بسرعه وجذبه لأحضانه لينتبه جود انه كان يتحدث كل هذا ببكاء دون ان يشعر .. فترك العنان لشهقاته ودموعه .. وقام بمحاوطه مروان وبكي بقهرة عامين من الحيره والضياع .. عامين من الألم والدموع المكتومه .. الآن فقط تحررت .. تذكر مريم وصراخها .. تذكر قبضتيها التي كانت تحكم بها علي ملابس اسلام .. تذكر شعوره وقتها حينما آلمه قلبه لأجلها ..
ابتعد بعد بعض الوقت وهو يتمتم في تردد : عايز .. عايز اشوفها .
اماء اسلام الذي فهم مقصده سريعًا وتحرك هو وجود .. بينما بقي مروان مع محمود يربطون الخيوط ببعضها ليصلوا لمن تسبب بهذا كله .
محمود : طب انت مش شاكك في حد معين يا مروان ؟
مروان بحيره : مش عارف .. جود اللي كان ماسك الشركه وطول الوقت يطلب مني امسكها معاه وانا كنت برفض .. صدقني مش عارف .. بس في الحياه العامه احنا ملناش غير بعض .. كلنا اسره واحده انا وهو ومريم وشهد واسلام واروي ومعاذ ورقيه .. مكنش لينا غير بعض .. مبنقعدش غير مع بعض .. مننا فينا .. عشان كده الموضوع ده من ناحية الشركه وده الأكيد .. بس مين برضو معرفش .. عشان مكنتش معاه .. ودلوقتي من شغلي فيها سنتين انا واسلام ملفتش انتباهنا اي شئ غريب .. حتي بالعكس الكل كان بيحب جود .
محمود بتنهيده : مفيش غير حل واحد يابني .
مروان بسرعه : اي هو ؟
محمود بهدوء : جود يرجع بلده وشغله .
مروان بخوف : بس .. بس هيحاولوا يأذوه تاني .
محمود بثقه : وده المطلوب .
مروان : نعم !!.. حضرتك بتقول اي ؟!!
محمود : اللي أذوا جود عارفين انه لسا عايش .. وخصوصا انهم ادوكم جثه ودفنتوها .. الجثه دي كانت وهم ليكوا انتوا .. لكن هما قلقانين .. لكن لما جود اختفي لسنتين كاملين دلوقتي بدأوا يهدوا .. لانهم كده عندهم ظن انه فعلا مات .. بص يابني .. انا هقولك اللي حصل ..
انا كنت في القاهره من سنتين انا ومراتي بناخد عزا ابن عمها .. وبعدين حصلت مشاده بيني وبين عمها .. وقتها انا اخدتها ومشينا .. وبعد ما اتحركنا اكتشفت اني نسيت رخصي وبطاقتي عندهم .. وكرامتي مسمحتليش ارجعلهم تاني .. فقلت يولعوا هعمل بدل فاقد واخرجهم تاني .. وطبعا خفت يكون في كمين او حاجه ع الطريق .. رحت ماشي صحراوي وسلمت الامر لله وقلت زي ما تيجي تيجي .
كنا علي الطريق الصحراوي والعربيه عطلت وكان لسا يدوب الفجر والنهار بدأ بيشقشق .. اضطريت اقف واتصلت بناس معارفي هنا وقالوا مسافة الطريق ويجولنا وده كان بعد عناء طويل بسبب الشبكه .. المهم .. وقتها كانت المسافه بين المكان اللي انا فيه ودخولي اسكندريه حوالي ساعتين .. قعدت جنب مراتي في العربيه ولما النهار فرد طوله نزلت انا وهي قلنا نفرد جسمنا من تخشيبة القعده .. رحمه قالت اقفل العربيه وتعالي نتمشي .. أيِّدت رأيها وخدت بإيدها ومشينا شويه .. فجأه لقيت رحمه صرخت وهي بتبص علي واحد متبهدل تراب ومتبهدل سواد كإنه كان في حريق .. قربنا منه كان غرقان في دمه .. ودماغه الدم متجلط عليها من ورا وجسمه باين فيه حروق .. وهدومه مقطعه .. قربت منه وقست نبضه كان ضعيف بشكل يخلي اللي ميركزش كويس هيقول انه ميت .. وبسرعه ساعدتني رحمه وشلناه لحد العربيه وحطيته ورا .. ومفيش ربع ساعه وكانوا الجماعه وصلوا .. وخدته فورا بعربيتهم ع المستشفي .. وهما صلحوا عربيتي وجابوها وجم .. فضل في المستشفي تلت ايام عما قدر يفوق .. وعرفنا انه فقد الذاكره .. وفضلنا جنبه اسبوع كامل في المستشفي لحد ما استرد صحته .. وجبناه بيتنا وعاش معانا طول السنتين دول .. وكل خوفه ان اهله يكونوا هما اللي عملوا فيه كده ..
كده الموضوع بفعل فاعل .. وجود لو رجع بقوه .. اللي عملوا فيه كده هيتوتروا وهيبانوا .. ومهما الحقيقه اتردمت يابني مصير اليوم اللي تتكشف فيه ييجي .
مروان بتيه وعيناه لم تجف عن دموعه لتخيله ما عاناه اخاه .. وبعد تنهيده طويله : هنعمل كل حاجه عشان افرم ولاد الكلب دول .. مش هرحمهم .. مش هرحمهم .
🖊سبحان الله 🖊 الحمد لله 🖊 لا اله الا الله 🖊 الله اكبر 🖊
كانت تجلس بجانبها تمسد شعرها بحنان بعدما قامت بنزع الخمار عنها .. وتتألم بداخلها لما تُعانيه رفيقة دربها .. حولت نظرها تجاه وليد الذي ينام في سلام ولكن بحاجبين مُعقدين .. كأنه يتألم هو الآخر ..
اتاها صوت أريج الناعس : ماما عاوزه انام .
حملتها اروي ودثرتها في المقعد بهدوء بجانب وليد وقبلتها في وجنتها متمتمه : ان شاء الله الصبح انتي مديونه باعتذار لمالك عشان ضربتيه بالقلم .. وكده عيب ياحبيبتي عشان مالك اكبر منك .
اريج بحزن : هو بيزعل ليدو .. قبل ما نسافر قاله مش تقعد معانا عشان انت ابوك مش معانا واحنا ابوهاتنا بس اللي معانا .. وخلي وليد مشي زعلان .. وخلاه عيط عند الحمام .. مالك وحش ومش بيحب ليدو .. وانا بحب ليدو ومش بحب مالك .
اروي بهدوء وألم : بكره هخلي مالك يعتذر من ليدو .. ولو اعتذر انتي كمان تعتذري عشان ضربتيه .. اتفقنا ؟
اماءت أريج بهدوء لتقبلها أروي متمتمه : يلا حبيبتي نامي .
وبالفعل تركتها تنام في هدوء لتتنهد أروي بتعب لكل ما حدث .. وما يحدث .. كيف لصغير بعمر مالك ان يحمل بقلبه حقد لطفل مثله كوليد .. أليس من المفترض ان الأطفال بريئه من الداخل والخارج ؟.. لما يحقد مالك علي وليد هكذا ؟!!.. تشعر ان المستقبل بينهم غير مبشر ابدًا .. فمن كبُر علي ضغينه بقلبه لأحدهم ستكبر معه ضغينته وحقده .. يجب أن يعالجوا قلوب الاطفال من الآن حتي لا يخسرونهم غدًا .. تنهدت بهدوء مجددا وقد اتخذت قرارها كي تتحدث مع شهد ومروان في هدوء عن هذا الأمر .
قاطع تفكيرها طرقات علي الباب .. فتحركت بسرعه متمتمه : مين ؟
اتاها صوت اسلام : انا يا اروي .. ومعايا جود .
فتحت اروي الباب سريعًا لتقابلها ابتسامة اسلام المهتزه وهو يتمتم : جود عايز يشوف مريم ووليد .
اماءت أروي وتحركت سريعًا تجاه اريج وحملتها لتخرج بها مع اسلام .. وتقابلت عينيها مع جود عند الباب لتتحدث بابتسامه مشرقه : حمد الله علي سلامتك .
اماء جود بابتسامه هادئه متوتره وقد تعلق نظره بتلك الطفله بين يديها .. فاقترب اسلام وحملها من يد اروي وذهب تجاه جود متمتمًا : اريج .. بنتي .. وشكلها هتكون صيدة ابنك المحترم .
جود بعدم فهم : يعني اي ؟
اسلام : المحترم ابنك باصص لبنتي وبيدلعها ريجو .. وبنتي المحترمه بتدلعه تقوله ليدو .. بص يا جود يا خويا … ادخل لمراتك وسيبني في قهرتي .
ضحك جود وقد شعر بالألفه حقًا .. الأمان الذي افتقده .. شعر بهم وبدفئهم ..
اقترب برأسه من أريج وقبلها في وجنتها بهدوء وهو يتمتم : جميله اوي ربنا يباركلك فيها .
ابتسم اسلام ثم اشار برأسه الي الغرفه كي يدلف جود .. ومن ثم تحرك اسلام الي الغرفه المجاوره .
بينما دلف هو للغرفه .. وقلبه يضرب بعنف .. وافكاره مشتته .. وصل حيث فراشها فتأملها بهدوء .. خصلاتها .. عينيها المغمضتين والمتورمتين والتي لاتزال تحوي أثر بكاء .. أنفها الأحمر .. شفتيها الجافه .. بشرتها الشاحبه .. جسدها الضعيف والنحيل ..
هل كانت تحبه الي هذا الحد الذي يجعلها تموت وهي علي قيد الحياه ؟..
اقترب بيده في تردد .. يتلمس وجنتها بهدوء ..
قشعريرة دبَّت في أوصاله .. مشاعر عنيفه اجتاحت كيانه ..
بقيت أنامله تتحرك فوق بشرتها صعودًا وهبوطًا وقلبه يضرب بعنف ..
حتي تحركت هي متململه في انزعاج وفتحت عينيها ببطء مع ضربات قلبها الثائره التي تنبؤها بأن جزءًا منها بجانبها الآن .. حولت رأسها ببطء لليسار .. لتقع عينيها عليه ..
🖊سبحان الله 🖊 الحمد لله 🖊 لا اله الا الله 🖊 الله اكبر 🖊
يتبع ..
السادس من هنا

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *